صفحة 70 من 146 الأولىالأولى ... 20606869 70717280120 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 691 إلى 700 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 70

الزوار من محركات البحث: 64845 المشاهدات : 322077 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #691
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,243 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44359
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 52 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    القلب (جراحة ـ)

    يَعُدُ معظم المؤرخين عام 1938 بداية عصر جراحة القلب الحديثة، حين ربط الجراح الأمريكي غروس Gross القناة الشريانية بنجاح، إلا أن عمليات القلب المفتوح كان عليها أن تنتظر تطوير طرق تخفيض حرارة الجسم على يد أمثال بيغلوBigelow، واستحداث جهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي على يد غيبون Gibbon. وقد أجريت أول عملية قلب مفتوح (إغلاق فتحة بين الأذينين) عام 1953، تبعتها عمليات إصلاح وعمليات تلطيف عدد من الآفات القلبية الخلقية. وأجريت أول عملية تبديل صمام عام 1961 من قبل ستار Starr، ثم أول عملية زرع قلب عام 1967 من قبل بارنارد Barnard، وأول عملية مجازة إكليلية عام 1967 من قبل فاڤالورو وايفلر Favaloro & Effler.
    مفاهيم أساسية
    ـ الشقوق الجراحية المستخدمة للوصول إلى القلب: تُجرى معظم عمليات القلب اليوم عن طريق شق عظم القص طولانياً في المنتصف، وذلك لأن هذا الشق يسمح للجراح بالوصول إلى نواحي القلب وأجوافه كافة. إلا أنه يمكن إجراء بعض العمليات القلبية (خاصة منها الملطفة) عن طريق شقوق معترضة في جدار الصدر الأيسر أو الأيمن، كما أن عدداً من الجراحين يسعون مؤخراً إلى إجراء عمليات القلب عن طريق شقوق مصغرة تسمح بإدخال أجهزة للتنظير وأدوات خاصة تستخدم على القلب مباشرة أو بوساطة جهاز الرجل الآلي Robot.
    ـ عمليات القلب المغلق والقلب المفتوح: تطلق عبارة عملية القلب المغلق على العمليات التي تصلح فيها آفة داخل القلب أو خارجه (في الأوعية الكبيرة) من دون فتح جوف من أجواف القلب. أما عمليات القلب المفتوح فهي الإجراءات الجراحية التي يُبضع فيها أحد أجواف القلب أو أوعيته الكبيرة لإصلاح الآفة بالعين المجردة، و تتم معظم عمليات القلب المفتوح اليوم بمساعدة جهاز يجمع الدم الوريدي الذي يرد إلى الأجوفين العلوي والسفلي في مستودع و يمزجه بالأكسجين (وبذلك يعمل عمل الرئتين)، ثم يدفعه إلى الشريان الأبهر (أو أحد فروعه) ليتوزع في أنحاء الجسم عن طريق الشرايين المحيطية (وبذلك يعمل عمل القلب). يدعى هذا الجهاز بجهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي heart-lung machine، وهو يخول الجراح تفريغ القلب من معظم ما يحويه من الدم ( ليتمكن من رؤية العلة وإصلاحها)، ويسمح بتبريد الدم مركزياً (لحماية الدماغ والقلب في أثناء العملية)، كما يسمح بتمديد الدم، وهو أمر مطلوب للوقاية من مضاعفات نقل كميات كبيرة من الدم في أثناء العملية.
    وتحتاج معظم عمليات القلب المفتوح إلى توقيف حركته كي يتسنى للجراح القيام بمهمته، مما يستوجب تطبيق إحدى طرق حماية العضلة القلبية لمنع إصابتها بالأذى من نقص التروية، ويستخدم اليوم لهذا الغرض شلّ العضلة القلبية في بداية العملية بزرق محلول دموي أو بلوري فيزيولوجي يحوي شاردة البوتاسيوم (إضافة أحياناً إلى المغنيزيوم)، داخل الأبهر الصاعد، وأحياناً بالاتجاه الراجع عن طريق الجيب الإكليلي.
    ـ عمليات القلب النابض: إذا لم يكن من الضروري فتح أحد أجواف القلب (كما هي الحال في عمليات الشرايينالإكليلية الكائنة على سطح القلب) يلجأ بعض الجراحين إلى إجراء العملية بشروط القلب النابض، لتلافي المضاعفات التي قد تحدث من استخدام جهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي، وقد تطورت تقنية الأجهزة الخاصة لتثبيت ناحية من نواحي القلب (بينما يُسمح لبقية العضلة القلبية بالنبضان) كي يتمكن الجراح من إجراء مفاغراته على سطح القلب بسكون نسبي.
    ـ العمليات الملطفة والعمليات النهائية: في بعض الآفات الولادية يحتاج الجراح إلى إجراء عملية ملطفة كمرحلة أولى، إما لجلب المزيد من الدم للرئتين لتحسين أكسجة الطفل العامة، أو لتضييق الشريان الرئوي منعاً من ازدياد جريان الدم في الرئتين، وتولد ارتفاع في المقاومة الرئوية، وتتبع إحدى العمليات الملطفة عملية إصلاح نهائية بعد بضع سنوات.
    عمليات القلب الجراحية
    1ـ عمليات التامور:
    ـ الاندحاس (السطام) القلبي الحاد: يحدث الاندحاس نتيجة تراكم سائل أو دم في جوف التامور بسرعة، كما يحصل بعد أذية ثاقبة للعضلة القلبية أو بعد عملية جراحية قلبية، مما يحد من قدرة القلب على دفع الدم و يعرض المريض للصدمة. ومعالجة الاندحاس الحاد تتم إسعافياً بسحب كمية من السائل عن طريق بزل التامور (من أسفل عظم القص عادة)، فإذا لم يكفِ البزل لإنقاذ المريض، أو تكرر تشكل السائل التاموري، وجب فتح الصدر وإغلاق ثقب القلب جراحياً.
    ـ الرتوج والأكياس التامورية: هي آفات ولادية نادرة تكشف عادة بالصورة الشعاعية في الجزء الأمامي من المنصف ولا تسبب أعراضاً، لكن يستوجب كشفها واستئصالها لتمييزها من الآفات الأكثر خطورة.
    ـ التهابات التامور: يسببها عادة فيروس، وقد تسببها جراثيم السل (التدرن)، ويكمن دور الجراح في بزل التامور، أو استئصال خزعة منه عن طريق شق أيسر عظم القص لتشخيص سبب الالتهاب أو إفراغ السائل التاموري، وقد تتحول الحالات الحادة إلى التهابات مزمنة حاصرة (مضيقة) تتصف بتليف وتسمك (وأحياناً تكلس) وريقتي التامور مسببة الاندحاس المزمن، الذي يحتاج عادة إلى عملية تقشير القلب من قبل الجراح.
    ـ أورام التامور: وهي نادرة، وأكثر الأورام البدئية الحميدة شيوعاً أورام الوريقة المتوسطة mesothelioma التي تُعالج بالاستئصال الجراحي. أما الأورام الخبيثة والانتقالية فغير قابلة للشفاء عادة.
    2ـ عمليات القلب الولادية: تقسم آفات القلب الولادية مدرسياً إلى آفات مزرِّقة (مسببة لزرقة الطفل) وأخرى غير مزرِّقة، ويُشخص معظمها عن طريق تخطيط صدى القلب echocardiography، وفيما يأتي أكثر هذه الآفات شيوعاً مع لمحة عن إنذار كل منها.
    أـ آفات القلب الولادية غير المزرِّقة:
    ـ القناة الشريانية السالكة: تبقى القناة الشريانية الجنينية مفتوحة في أقل من 1% من الأطفال بعد عمر السنة، فتتسبب بتحويلة من الأيسر إلى الأيمن بين الدورانين المجموعي (الجهازي) والرئوي، وتُغلق القناة أو تقطع بعملية قلب مغلق عبر شقٍ جانبيٍ أيسر للصدر، وبنتائج ممتازة.
    ـ تضيق برزخ الأبهر: يحدث هذا في نهاية القوس الأبهرية مسبباً ارتفاع الضغط الشرياني في النصف الأعلى من الجسم، وتصلح الآفة باستئصال منطقة التضيق أو تصنيع الأبهر (عملية قلب مغلق) عبر شقٍ جانبي أيسر للصدر، وبنتائج جيدة.
    ـ التضيق الصمامي الرئوي: يحصل من التحام زوايا الصمام الرئوي ولادياً، ويستطب توسيع الصمام بالقثطرة والبالون أو بالجراحة (قلب مفتوح)، إذا كان مدروج (ممال) الضغط الانقباضي عبر الصمام عالياً.
    ـ الفتحة بين الأذينين: تنتج من نقص في تشكل الحاجز الأذيني في الجنين وقد تترافق مع فَلح (شق) في الصمام التاجي، وتتسبب في تحويلة يسرى ـ يمنى، وتغلق بشروط القلب المفتوح، وبنتائج ممتازة.
    ـ الفتحة بين البطينين: وهي أكثر الآفات القلبية الولادية شيوعاً، ويصادف أكثرها في القسم الغشائي من الحاجز بين البطينين، وتسبب تحويلة يسرى ـ يمنى. وقد تنغلق الفتحات الصغيرة تلقائياً في السنوات الأولى من العمر، ولكن الفتحات الكبيرة قد ينتج منها ازدياد في المقاومة الرئوية، ويُستطب إغلاقها بشروط القلب المفتوح باستخدام رقعة من قماش صنعي، وخطورتها قليلة، ونتائجها جيدة عموماً.
    ـ القناة الأذينية - البطينية الكاملة: هي آفة غير شائعة تنتج من نقص نمو الوسادتين الشغافيتين الأمامية والخلفية، مما يسبب تشوه واتصال الصمامين التاجي والثلاثي الشرف مع نقص في الحاجز البطيني وتحويلة يسرى- يمنى، ويجرى الإصلاح الكامل في مراكز جراحة القلب المختصة بنتائج معقولة.
    ـ التضيق الأبهري الولادي.
    ـ التضيق التاجي الولادي.
    ب ـ آفات القلب الولادية المزِّرقة:
    ـ رباعية فالو: تعد أكثر الآفات المزرقة شيوعاً بعد عمر الحضانة، وتتصف بتضيق مهم في مخرج البطين الأيمن مترافق مع فتحة كبيرة بين البطينين، وتعالج بعمل جراحي بشروط القلب المفتوح، وبنتائج جيدة، وقد تحتاج بعض الحالات الصعبة إلى عملية تحويلة ملطفة من الدوران المجموعي (عادة من الشريان تحت الترقوة) إلى الشريان الرئوي كمرحلة أولى قبل إجراء عملية الإصلاح النهائية بعد بضع سنوات.
    ـ تبادل منشأ الشرايين الكبيرة: تعد هذه الآفة أكثر أسباب الوفاة شيوعاً بين الأطفال المصابين بعلة ولادية قلبية. ينشأ الشريان الأبهر فيها من البطين الأيمن في حين يتصل البطين الأيسر بالشريان الرئوي، ويتم امتزاج الدم بين نصفي القلب عادة بوساطة فتحة بين الأذينين أو فتحة بين البطينين. وقد تترافق هذه الآفة المعقدة مع أي علة قلبية أخرى، وتعالج ـ إن كان الوضع التشريحي والسريري يسمحان بذلك ـ بعملية شبه إسعافية تُجرى في الأسابيع القليلة الأولى من العمر بشروط القلب المفتوح، يُنقل فيها الأبهر والشريان الرئوي إلى موضعهما الطبيعيين بنتائج أصبحت مقبولة في المراكز ذات الخبرة. أما إذا تعذر إجراء هذه العملية، فيُلجأ إلى عملية ملطفة مناسبة في الأشهر الباكرة من العمر تتبعها عملية نهائية يختلف نوعها بحسب الوضع التشريحي لآفة الطفل، والنتائج معظمها غير مُرضي على المدى البعيد.
    ـ رتق وانسداد الصمام الثلاثي الشُرَف: لا يوجد علاج حاسم لهذه العلة، التي يمكن تلطيفها بتحويلة مجموعية ـ رئوية، أو يُلجأ في الأطفال بعد سن الرابعة إلى وصل الأذين الأيمن مع الشريان الرئوي (عملية فونتان Fontan)، والنتائج البعيدة المدى غير مضمونة، وغالباً لا تكون مرضية.
    ـ شذوذ انصباب الأوردة الرئوية التام: لهذه الآفة الخطرة غير الشائعة أنواع عدة، أكثرها شيوعاً النوع فوق القلبي الذي تصب فيه الأوردة الرئوية بالوريد الأجوف عن طريق جيب مشترك خلف القلب. ويُجرى الإصلاح بعملية مستعجلة بشروط القلب المفتوح لإيصال الدم إلى الأذين الأيسر بخطورة تقدر بنحو 10%.
    ـ الجذع الشرياني.
    ـ تشوه الصمام الثلاثي الشرف (إبشتاين Ebstein).
    3 ـ عمليات الصمامات القلبية في البالغين:
    ـ عمليات الصمام التاجي: قد يصاب الصمام التاجي بالالتهاب ثم التليف (وأحياناً التكلس) كمضاعفة للحمى الرثوية، وينتج من هذه الإصابة من الناحية الوظيفية إما تضيق فتحة الصمام، أو قصور الصمام (عدم إمكانية انغلاقه في فترة الانقباض) أو الاثنان معاً (وهو الأرجح)، مما يؤدي إلى درجات متفاوتة من قصور القلب الأيسر وارتفاع الضغط الرئوي، كما قد يؤدي إلى الرجفان الأذيني وتشكل خثرات في الأذين الأيسر، قد تنطلق منها صُمات شريانية خطرة. وتشخص هذه الآفات اليوم بتخطيط صدى القلب، ويستحسن إجراء القثطرة القلبية لدى المسنين لنفي الإصابات الإكليلية المرافقة. وبينما يمكن فتح الصمام المصاب بالتضيق الصرف ـ أحياناً ـ بالإصبع أو بأداة خاصة عن طريق شق تحت الثدي (عملية قلب مغلق)، تجرى اليوم معظم عمليات الصمام التاجي عن طريق شق عظم القص وفتح الأذين الأيسر بشروط القلب المفتوح. ويمكن إصلاح نحو نصف حالات إصابات التاجي الرثوية جراحياً، لكن النصف الآخر يتطلب تبديل الصمام الطبيعي بآخر ميكانيكي (ويتصف بمتانته وطول بقياه، لكنه يستوجب تمييع المريض طوال الحياة) أو حيواني (وهو أكثر فيزيولوجية ولا يحتاج إلى التمييع، لكنه محدود البقيا ويصاب بالتنكس والتكلس بعد مدة تقصر كلما صغر عمر المريض). وتقدر خطورة عمليات إصلاح الصمام التاجي بنحو 2% وقد لا تثبت عدداً طويلاً من السنين فيضطر الجراح إلى إعادة العملية أو تبديل الصمام. وتقدر خطورة عمليات تبديل الصمام التاجي بنحو 5%، وتشمل مضاعفاتها البعيدة المدى إصابة الصمام البديل بالتخثر والصُمّات (5ـ10% سنوياً) أو التهاب الشغاف (2ـ3% سنوياً)، مما يستدعي إعادة التبديل جراحياً.
    وقد يصاب الصمام التاجي بالقصور نتيجة توسع حلقة الصمام في حالات توسع البطين الأيسر الناتج من نقص التروية الإكليلي، أو اعتلال العضلة القلبية، كما قد يصاب بالقصور نتيجة تنكس نسيجي مجهول السبب. وفي كل هذه الحالات يمكن إصلاح الصمام جراحياً بطرق باتت معروفة وجيدة النتائج.
    ـ عمليات الصمام الأبهري: يصاب الصمام الأبهري بالتندب وربما التكلس، من بعد نوبة تلحق المصاب بالحمى الرثوية، واحتمال إصابة الصمام الأبهري بالرثية يأتي في الدرجة الثانية بعد الصمام التاجي، وينتج من هذه الإصابة عادة تضيق وقصور الصمام، مما يؤدي إلى ضخامة البطين الأيسر وقصور وظيفته. تشخص الآفة الأبهرية عادة بتخطيط صدى القلب، إلا أنه تجرى القثطرة القلبية لدى المسنين وعند الشك في إصابات إكليلية مرافقة. ويحتاج الجراح في معظم الحالات إلى تبديل الصمام المصاب بصمام ميكانيكي أو حيواني. إلا أن هناك في النسبة الصمامات الأبهرية البديلة خيارين آخرين هما: الصمام البشري المنقول من شخص متوفى حديثاً. والصمام الرئوي الذاتي الذي يمكن أن يُنقل إلى الموضع الأبهري من المريض نفسه (عملية روس Ross) في حين يُعوّض عن الصمام الرئوي بصمام بشري، وهي العملية المفضلة عند صغار السن واليافعين. وغني عن القول إن كلاً من الخيارين الأخيرين يجنبان المريض تناول التمييع الدموي، كما أن لهما فائدة خاصة في تبديل الصمام الأبهري المصاب بالتهاب الشغاف.
    وقد يصاب الصمام الأبهري بالتكلس مع تقدم السن، وقد يصاب بالتهاب الشغاف، وخاصة إذا كان مشوهاً ولادياً، وقد يصاب بالقصور في حالات الضعف النسيجي الولادي مثل حالات مارفان Marfan، وحالات أمهات دم الأبهر الصاعد. ويلجأ بعض الجراحين للحفاظ على وريقات الصمام إذا كانت سليمة بعمليات معقدة، لكن تبديل الصمام هو الخيار المطبق في أكثر المراكز الطبية.
    تقدر خطورة عملية تبديل الصمام الأبهري بـ 2ـ5% حسب حالة المريض السريرية، وتشبه مضاعفات العملية ما ذكرناه عن تبديل الصمام التاجي.
    أخيراً قد يصاب مخرج البطين الأيسر، جهة الحاجز، بين البطينين بالتضخم العضلي المجهول السبب في اليافعين والشباب. هذه الحالة يمكن علاجها دوائياً في معظم الأحوال، لكنها قد تحتاج إلى الإصلاح الجراحي باستئصال قطعة موشورية من الحاجز بين البطينين بعملية غير خطرة.
    ـ عمليات الصمام الثلاثي الشُرف: ترافق آفات الصمام الثلاثي الشرف إصابات الصمام التاجي (والأبهري) الرثوية، ولا تحدث وحدها عادة. ومعظم هذه الآفات تتصف بتوسع حلقة الصمام نتيجة توسع البطين الأيمن الثانوي للآفة التاجية، ويندر أن تكون إصابات عضوية.
    ويُصنَّع قصور الصمام الثلاثي الشرف الوظيفي بتضييق حلقة الصمام بالغرز الجراحية أو بوساطة حلقة اصطناعية. وتعد عمليات هذا الصمام عالية الخطورة نسبياً لأنها تكون عادة مرافقة لعمليات صمامية أخرى، ويكون القلب في درجات مهمة من القصور الوظيفي.
    4 ـ إصلاح العلل الإكليلية الانسدادية: يسبب التدخين وارتفاع الضغط الشرياني والسكري (إضافة إلى عوامل وراثية وثانوية أخرى) تَشَكُّل انسدادات عصيدية في واحد أو أكثر من الشرايين الإكليلية. ويتوضع الانسداد عادة على بعد مسافة قصيرة من منشأ الشريان الإكليلي الظاهر على سطح القلب، وينتج منه نقص في التروية يتظاهر بآلام خناق الصدر أو الاحتشاء القلبي أو قصور العضلة الوظيفي. وقد أصبح بالإمكان تصوير الشرايين الإكليلية الظليلي انتقائياً لتوضيح مكان الانسداد ونسبته وطوله، كما غدا ممكناً إعادة تروية العضلة القلبية، إما بتوسيع مكان التضيق بالبالون (أو بغيره من الأدوات التداخلية)، أو بإجراء عملية المجازة الأبهرية - الإكليلية (وصلة وعائية بين الشريان الأبهر والشريان الإكليلي المصاب من بعد موقع الإصابة).
    وتستطب عملية المجازة الأبهرية ـ الإكليلية اليوم لدى المصابين بخناق صدر غير مستجيب للمعالجة الدوائية -إذا لم تكن الآفة المحددة بالتصوير الظليل صالحة للتوسيع ـ بالقثطرة القلبية (إما لتعدد الإصابات أو لموضعها أو شكلها غير المناسب)، ولدى المصابين بعلة انسدادية مهمة في الشريان الإكليلي الأيسر الأصلي (ولو لم تكن هناك أعراض)، وفي المصابين بانسدادت إكليلية مهمة إضافة إلى إحدى مضاعفاتها: أم الدم البطينية أو الفتحة بين البطينين أو القصور التاجي المهم.
    وتُجرى العملية في أكثر المراكز الطبية حالياً بشروط القلب المفتوح، ولو أن بعض الجراحين أصبحوا يفضلون إجراءها بشروط القلب النابض، وخاصة عندما تترافق العلة مع قصور وظيفي في الكليتين أو الرئتين، أو عندما يكون المريض متقدماً في السن أو مصاباً باضطراب دموي، لكي يتجنبوا مضاعفات جهاز القلب - الرئة الاصطناعي في هذه الحالات. وقد أصبح ثابتاً أن المجازات الشريانية (خاصة الشريان الصدري الباطن) أفضل من مجازات الوريد الصافن وتفوقها في البقيا (تبقى المجازات الوريدية مفتوحة بنسبة تقدر بنحو 50% بعد 10سنوات مقارنة بنسبة 90% لمجازات الشريان الصدري الباطن). وتقدر خطورة العملية بـ 2 ـ 3% في الأحوال العادية، وتعد وظيفة البطين الأيسر أهم عامل في تحديد الخطورة، وفي حالات قصور وظيفة العضلة الشديد، قد يحتاج المريض لتطبيق مساعدة الدوران بوساطة الضخ البالوني عبر الأبهر إلى بضعة أيام بعد العملية.
    ومن عقابيل نقص تروية العضلة القلبية الاحتشاء القلبي؛ وحدوث قصور تاجي ناتج من توسع الحلقة، ويتم علاجه بإصلاح الصمام في أثناء العملية وتصغير الحلقة، وحصول أم دم في البطين الأيسر، يمكن معالجتها بالاستئصال مع تصنيع البطين الأيسر تجنباً لانثقابها أو انطلاق صمات خثرية منها؛ وحدوث فتحة بين البطينين ناتجة من تموّت الجزء البعيد من الحاجز بين البطينين يمكن إغلاقها بعملية اسعافية.
    5 ـ عمليات أورام القلب: الأورام الانتقالية (الثانوية) هي الأكثر شيوعاً في القلب وتنشأ من الرئة أو الثدي أو من أورام غرنية لمفية أو دموية، وتشخص عادة بعد ظهور انصباب تاموري مدمى، وهي غير قابلة للشفاء.
    أما الأورام البدئية فهي إما خبيثة (وهي نادرة وأكثرها شيوعاً الأورام الغرنية العضلية المخططة)، أو سليمة (وأكثرها شيوعاً المخاطوم، أو الورم المخاطي myxoma) الذي ينشأ من خلايا أولية في النسج تحت الشغاف. ويصادف هذا الورم مرة أو مرتين سنوياً في أي مركز فعال لجراحة القلب، ويصيب النساء أكثر من الرجال، ويتشكل في الأذين الأيسر في ثلاثة أرباع الحالات، وفي الأذين الأيمن في الربع الآخر، وقد يصادف نادراً في أحد البطينين. ويشخص هذا الورم (كبقية الأورام) بتخطيط صدى القلب، ويعالج بالاستئصال الجراحي بشروط القلب المفتوح، وبنتائج ممتازة.
    سـامي القباني

  2. #692
    القلب (زرع ـ)

    كان لُِور Lower وشَموي Shumway أول من أجريا عمليات زرع القلب في الحيوان عام 1960، استعملا لتنفيذها المجازةbypass القلبية ـ الرئوية المؤقتة، والتبريد الموضعي للحفاظ على القلب المنقول، واستُغني عن كثير من المفاغرات anastomosisالوعائية بإبقاء الجزء الخلفي من الأذينين (الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين) ومفاغرته مع أذيني القلب المغروس.
    وطبّق بارنارد Barnard هذه الطريقة أول مرة في الإنسان في 3 كانون الأول/ديسمبر عام 1967، إلا أن معظم العمليات التي تلت العملية الأولى في السنوات القليلة التالية باءت بالإخفاق لصعوبة السيطرة على ظاهرة الرفض النسيجي بالعقاقير المعروفة آنذاك، مما أدى إلى إعراض أكثر المراكز الطبية عن إجراء هذه العملية في العشر سنوات اللاحقة.
    وفي عام 1976 اكتُشِف عقار جديد كابت للمناعة اسمه سايكلوسبورين أ cyclosporine A مشتق من الفطور، وسرعان ما ثبتت فعالية هذا المحضَّر في الوقاية من الرفض النسيجي بعد عمليات غرس القلب متى أضيف إلى العقاقير التي كانت تستعمل في البداية، خاصة منها مشتقات الكورتيزون Cortisone، مما جعل عمليات غرس القلب تُستخدم من جديد، وعلى نحو متعاظم، في كثير من بلاد العالم بعد أوائل الثمانينيات.
    شروط نقل القلب
    تُجرى هذه العملية اليوم لاستطبابين أساسيين: المرحلة النهائية لمرضى نقص التروية الإكليلي (الإقفار ischemia) عندما يصاب البطين الأيسر بقصور وظيفي شديد نتيجة الاحتشاءات infarctions والتنكسات الليفية الواسعة التي لا تنفع معها العمليات الجراحية الإكليلية المعروفة؛ والمرحلة الأخيرة لمرضى اعتلال القلب الغامضidiopathic cardiomyopathy. كما تُجرى العملية في بعض المراحل النهائية للآفات الصمامية valval، وفي بعض الآفات الولادية المعقدة، وفي الحالات النادرة التي يصيب القلب فيها ورم غير قابل للاستئصال.
    ومن موانع استخدام هذه العملية تقدم سن المتلقي فوق الـ 55سنة، وإصابته بارتفاع المقاومة الرئوية فوق 6وحدات وودWood، ووجود خمج فعال أو داء سكري غير مستقر أو مرض عضوي أو نفسي صعب العلاج.
    ومن المهم أن يكون هناك توافق بين المريض المتلقي recipient والمُعطي donor من ناحية فصيلة الدم، وتصالب سلبي مناعي بين المعطي والمتلقي، وتقارب نسبي بين حجم المعطي والمتلقي ووزنهما.
    ويكون المعطي عادةً أحد المصابين بأذية دماغية أدّت إلى موت الدماغ إما من جراء حادث رضي أو ـ بنسبة أقل ـ بعد حادث وعائي دماغي، ويُفضَّل أن يكون عمره أقل من 55سنة، وذا قلب سليم، وجسم خال من الأمراض، كما يستوجب أن تطبق عليه كل الإجراءات للإبقاء على وظيفة القلب والدوران بحالة أقرب ما يمكن للحالة السوية، وأن يحصل الأطباء على سماح رسمي من ذويه الأقربين على إجراء العملية. ويمكن اليوم استئصال قلب المعطي في مستشفى بعيد عن مكان المريض المتلقي، وشحن القلب محفوظاً بمحلول فيزيولوجي مبرد إلى المستشفى التي ستجرى فيه عملية الزرع، شريطة ألا تتجاوز فترة انقطاع التروية عن القلب ساعات قليلة.
    وقد عولجت أهم المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والقانونية المتعلقة بعمليات غرس الأعضاء عندما عُدَّ موت الدماغالمثبت من قبل عدد من المتخصصين بمنزلة وفاة المعطي الرسمية التي تسمح للأطباء المعنيين بغرس بعض أعضائه التي ما تزال على قيد الحياة لمريض متلقٍ بحاجة ماسة إليها.
    لمحة عن الإجراء الجراحي
    منظر أمامي للقلب وجذوع العروق الكبيرة
    يُستأصل القلب من المريض المُعطي عبر شق في منتصف عظم القص بعد إعطاء زرقة محلول مبرد شالٍ لعضلة القلب عن طريق جذع الشريان الأبهر aorta، ويكون الاستئصال بقطع الأجوفين v. cavaوالأوردة الرئوية الأربعة ثم الشريانين الرئوي والأبهري.
    وتُجرى قثطرةcatheterisation قلب المريض المتلقي في هذه الأثناء ووصله بجهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي حسب الطريقة المعهودة في عمليات القلب المفتوح وعبر شق في منتصف عظم القص، وبعد بدء المجازة القلبية - الرئوية المؤقتة وإغلاق جذع الأبهر مؤقتاً بملقط، يُجرى قطع الأبهر والشريان الرئوي على مستوى زوايا الصمامين، كما يجرى قص الأذينتين فوق التلم sulcus الأذيني البطيني (مع الحفاظ على الجدار الخلفي من الأذينتين الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين). ويستخدم عدد متزايد من الجراحين اليوم طريق قطع الأجوفين ـ إضافة إلى ما سبق ـ لأنه يعطي نتيجة أفضل للقلب المزروع تشريحياً ووظيفياً.
    أخيراً تجرى مفاغرة بين الجزء الخلفي لقلب المتلقي وقلب المعطي (الطعم) (أي بين الأذينتين اليسريين، ثم الأذينتين اليمنيين، ثم الأجوفين إن كانا قد قطعا، ثم الأبهرين، وأخيراً الشريانين الرئويين)، قبل رفع الملقط الأبهري وإعادة الدوران الطبيعي.
    العناية بعد العملية
    شرح رسم الإجراء الجراحي _ الطريقة المدرسية لزرع القلب
    1ـ يوصل قلب المريض المتلقي بجهاز القلب الرئة الصنعي ويغلق الأبهر الصاعد بملقط
    2ـ يستأصل قلب المريض المتلقي مع ترك الجدار الخلفي للأذينتين وحافة الحجاب بين الأذينتين
    3ـ يوصل قلب المعطى ابتداء من جدار الأذينة اليسرى
    4ـ زرع القلب ينتهي بوصل جدران الأذينتين ثم الحجاب الحاجز بين الأذينتين ثم الأوعية الكبيرة
    تشبه العناية بمرضى غرس القلب ما يُنصح به بعد شتى عمليات القلب المفتوح، مع فارق الحذر الشديد من الخمج، وتحري علامات الرفض النسيجي، ومعالجة ظاهرة الرفض بمجرّد ظهورها.
    يعالج المرضى وقائياً ضد ظاهرة الرفض بنظام دوائي يشمل السايكلوسبورين أ، ومركبات الكورتيزون المديدة التي تعطى بجرعات متناقصة حتى الوصول إلى مستوى جرعات الصيانة في مدى أسبوعين إلى أربعة أسابيع بعد العملية، والعقارات المضادة لتصنيع البيورين purineمثل الأزاثايوبرينazathioprine. وتفضل معايرة مستوى السايكلوسبورين في المصورة plasma لتحديد الجرعات الداعمة لهذا الدواء بالنسبة لكل مريض لتفادي آثاره السمّية، وخاصة على الكليتين، ويضيف بعض الأطباء عقاقير أخرى مضادة للمناعة مثل غلوبيولين الأرنب المضاد لخلايا غدة التوتة thymus (ATG)، والأضداد الوحيدة النسيلة الفأرية (OKT3).
    وقد تُكشف ظاهرة الرفض النسيجي بوساطة بعض العلامات السريرية، إلا أن هذه العلامات لا تحصل عادةً إلا في مراحل الرفض المتأخرة. ومن علامات الرفض المتوسط الشدّة حصول الخبب gallop الانبساطي، والضعف العام، وعلامات قصور القلب الوظيفي. ومن العلامات التخطيطية الكهربائية نقص فولتاج الـ QRS، وظهور بعض اضطرابات النظم وتبدل محور القلب.
    وقد أصبح للخزعة القلبية دور أساسي في تشخيص ظاهرة الرفض المبكر. وتُجرى هذه العملية الصغرى بالتبنيج(بالتخدير) الموضعي عن طريق الوريد الوداجي أو تحت الترقوة، حيث يدخل خازع بهيئة قثطار إلى البطين الأيمن، ويتم بوساطته الحصول على عدد من الخزعات الشغافية العضلية. وينصح بإجراء الخزعات القلبية أسبوعياً في المراحل الأولى بعد العملية، وعند أدنى شك بحصول الرفض النسيجي، وبعد معالجة ظاهرة الرفض لمعرفة مدى استجابة المريض للعلاج.
    كما يمكن تشخيص ظاهرة الرفض بإجراء فحوصات مخبرية مناعية، ولو أن هذهِ أصبحت أقل أهمية بعد استعمال دواء السايكلوسبورين، لأنه ثبت أن هذا العلاج يُموِّه ردود الفعل المناعية المدرسية.
    ومتى شُخِّصت نوبات الرفض الحادة عولجت الحالة بمركبات الكورتيزون الوريدية، وأجريت الخزعة القلبية كل بضعة أيام لتقدير استجابة المريض للعلاج.
    الإنذار ونتائج العملية القريبة والبعيدة
    تحتل الأخماج المقام الأول في تسبيب المرض والوفاة بعد عمليات غرس القلب نظراً لضرورة معالجة مرضى هذه العمليات بكابتات المناعة، وتحدث الأخماج خاصة في الأشهر القليلة الأولى بعد العملية.
    أما السبب الثاني للوفاة الباكرة بعد عمليات الغرس فهو نوبات الرفض النسيجي الحادة التي لايمكن السيطرة عليها بالمعالجة المناعية. كما تحدث الوفاة أحياناً من قصور القلب الأيمن الحاد الناتج من ارتفاع المقاومة الرئوية.
    ومن أسباب الوفاة المتأخرة إضافة إلى الأخماج ونوبات الرفض النسيجي، إصابة القلب (الطعم) بالتصلب العصيدي في شرايينه الإكليلية، والإصابة بالأورام الخبيثة وخاصة الأورام اللمفية، والقصور الكلوي، وارتفاع الضغط الشرياني.
    وتقدر خطورة العملية في المراكز المتخصصة بـ 5ـ10%، كما تقدر نسبة البقيا بـ 85ـ90% بعد السنة الأولى من العملية و70ـ80% بعد خمس سنوات، ولا تختلف هذه عن النسب المقبولة في كثير من العمليات السرطانية.
    عمليات غرس القلب المغايرة الموضع heterotopic heart transplantation
    أجرى هذه العملية للمرة الأولى في الإنسان الجرّاح بارنارد عام 1975 بوساطة مفاغرة القلب (الطعم) لقلب مريض على جانبه الأيمن داخل الصدر، وتُجرى هذه العملية اليوم كمجازة للقلبين الأيسر والأيمن في المرضى الذين يحتاجون إلى نقل القلب، لكنهم يشكون من ارتفاع المقاومة الرئوية التي لا تسمح بالنقل المدرسي السوي الموضع orthotopic، كما تُجرى أحياناً عندما يكون حجم القلب (الطعم) أقل بكثير من حجم قلب المريض المتلقي.
    انتشار عمليات زرع القلب
    أصبحت عمليات زرع القلب اليوم، بفضل التطورات التي حصلت في حقل تشخيص معالجة ظاهرة الرفض النسيجي خاصة، من أفضل الخيارات المتوافرة للمرضى الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية من قصور العضلة القلبية، إذ تُجرى منها بضعة آلاف عملية سنوياً، وقد أُجري منها حتى عام 2005 ما يقرب من 100.000عملية حول العالم، معظمها أُنجز في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن ما يحدّ من انتشار العملية، وتوسيع تطبيقها هو عدم توافر العدد الكافي من المرضى المعطين مقارنة بعدد المرضى المصابين بالمراحل النهائية لقصور القلب، والذين يتوقع أن تزداد أعدادهم مع ازدياد توقعات الحياة في الدول الصناعية خاصة. كما يحد من انتشارها الكلفة الباهظة التي تفوق إمكانات الدول النامية.
    وتتطور اليوم الحلول الميكانيكية لمساعدة القلب القاصر أحياناً كمرحلة انتقالية قبل زرع القلب، وقد يأتي اليوم الذي يتمكن فيه الأطباء من زرع قلب ميكانيكي كامل مكان القلب المريض على نحو تقل أو تنعدم فيه الحاجة إلى عملية زرع القلب البشري.
    سـامي القباني

  3. #693
    القلب (قصورات ـ)

    قصور القلب heart failure حالة مرضية تحدث عندما لايستطيع القلب أن يضخ الدم على نحو كاف إلى أنسجة الجسم المختلفة كي تقوم بالأعمال الاستقلابية المطلوبة منها، ويحدث عادة عندما يكون هناك خلل في تقلص العضلة القلبية. ويلجأ الجسم البشري إلى آليات متعددة للمعاوضة عن قصور القلب، منها زيادة سرعة القلب وتغيير شكله (تضخم القلب أو توسعه أو كلاهما معاً، وهذا ما يدعى بإعادة التشكيل remodeling). ولكن كثيراً من آليات المعاوضة هذه تزيد العبء على القلب فيزداد ضعف قدرته على التقلص والاسترخاء، وتشتد أعراض قصور القلب سوءاً.
    إن قصور القلب هو من الاضطرابات المرضية الشائعة نسبياً، إذ تشير الإحصائيات الأمريكية إلى وجود ما يقارب خمسة ملايين شخص في الولايات المتحدة مصابين بقصور قلب، وأن أكثر من نصف مليون حالة جديدة تُشخص كل عام، وتزداد نسبة الإصابة بقصور القلب مع تقدم السن. وعلى الرغم من تراجع نسبة الإصابة بكثير من الأمراض القلبية الوعائية، بسبب التقدم العلمي، إلا أن حدوث قصور القلب وانتشاره استمرا بالازدياد وقد يكون لزيادة متوسط العمر ولتحسن نسبة البقياsurvival عند المصابين بأمراض الشرايين الإكليلية دور في ذلك.
    هناك أشكال مختلفة لقصورات القلب يمكن جمعها وفق المجموعات الآتية:
    1ـ قوس الأبهر 2ـ الشريان الرئوي 3ـ الوريد الرئوي
    4ـ الشريان الإكليلي الأيسر 5ـ البطين الأيسر
    6ـ قمة القلب 7ـ الثلم الأمامي بين البطينين
    8ـ البطين الأيمن 9ـ الوريد الأجوف السفلي
    10ـ الشريان الإكليلي الأيمن 11ـ الأذين الأيمن
    12ـ الوريد الأجوف العلوي
    منظر أمامي للقلب
    ـ قصور القلب الأيمن وقصور القلب الأيسر: وينجم الأول عن عدم قدرة البطين الأيمن على ضخ الدم الوريدي على نحو كاف إلى الدوران الرئوي، وهذا يؤدي إلى انحباس السوائل في الجسم وظهور الوذمات. أما قصور القلب الأيسر فينجم عن عدم قدرة القلب على ضخ الدمضخاً كافياً إلى الدوران الجهازي، مما يسبب انحباس السوائل في الرئتين.
    ـ قصور القلب الاحتقانيcongestive heart failure: وفيه تتراكم السوائل في الرئتين وفي أنسجة البدن لعدم قدرة القلب على ضخ تلك السوائل.
    ـ قصور القلب الأمامي forwardوقصور القلب الخلفي backward:وينجم الأول عن عجز القلب عن ضخ الدم بما يكفي لتلبية الحاجات الاستقلابية للجسم في أثناء الجهد وحتى في أثناء الراحة. أما في قصور القلب الخلفي فإن القلب لا يكون قادراً على ضخ الدمعلى نحو كافٍ إلا إذا كانت ضغوط الامتلاءfilling pressures للبطينات مرتفعة على نحو غير طبيعي.
    ـ قصور القلب الانقباضيsystolic وقصور القلب الانبساطي diastolic: وينجم الأول عن نقص قدرة العضلة القلبية على دفع الدم إلى الدوران. في حين ينجم قصور القلب الانبساطي عن اضطراب في امتلاء البطينات. وقصور القلب الانقباضي هو الشكل التقليدي والأكثر شيوعاً من قصورات القلب، إلا أن قصور القلب الانبساطي لايقل أهمية عنه وينجم عن نقص قدرة القلب على التمدد والاسترخاء كي تستوعب الدم الوارد إليه. قد يكون هذا الاضطراب عابراً كما في نقص التروية القلبية الحاد، أو دائماً كما في بعض اعتلالات العضلة القلبية cardiomyopathy. تنجم المظاهر السريرية الرئيسة في قصور القلب الانقباضي عن نقص النتاج القلبي وما يتلو ذلك من احتباس الملح والسوائل في البدن (قصور قلب أمامي)، في حين تنجم المظاهر السريرية لقصور القلب الانبساطي عن ازدياد الضغط اللازم لامتلاء البطينات وارتفاع الضغط الوريدي، مما يؤدي إلى احتقان بالرئتين وإلى احتقان جهازي (قصور قلب خلفي). يشاهد قصور القلب الانقباضي مثلاً عند مرضى احتشاء العضلة القلبية الواسع وفي الانصمام الرئويpulmonary embolism ، في حين يشاهد قصور القلب الانبساطي عند مرضى اعتلال العضلة القلبية الضخاميhypertrophic أو الحاصر restrictive. وقد أظهرت الدراسات أن انتشار قصور القلب الانبساطي أكثر مما كان يُعتقد، ويُصادف بكثرة عند النساء المسنات المصابات بارتفاع الضغط الشرياني. وكذلك فإن كلا النوعين من قصورات القلب كثيراً ما يجتمعان عند المريض الواحد، ولعل قصور القلب الناجم عن الداء الإكليلي المزمن هو مثال على تشارك هذين النوعين من قصورات القلب.
    ـ قصور القلب الحاد وقصور القلب المزمن: ويحدث الأول عندما لايكون هناك وقت كاف للقلب لاستخدام آليات المعاوضة، كما يشاهد مثلاً عند شخص طبيعي أصيب فجاءة باحتشاء عضلة قلبية واسع أو بتسرعات شديدة في القلب أو بتمزق مفاجئ بأحد الصمامات القلبية نتيجة التهاب شغاف، مما يسبب نقصاً شديداً بالنتاج القلبي مع ما يرافق ذلك من أعراض تالية لنقص ارتواء أعضاء الجسم المختلفة، كما يمكن أن يسبب احتقاناً بالجملة الوريدية خلف البطين المصاب. أما في قصور القلب المزمن فتحدث الإصابة المرضية تدريجياً، مما يتيح للقلب الزمن الكافي لاستخدام آليات المعاوضة كتفعيل الجملة العصبية الهرمونيةneurohormonal activation، مما يجعل القلب قادراً نسبياً على تحمل نقص النتاج القلبي بصعوبة أقل.
    ـ قصور القلب منخفض النتاج low output وقصور القلب عالي النتاج high output: والأول هو النوع الغالب في معظم الأمراض القلبية الوعائية كالداء الإكليلي وارتفاع الضغط الشرياني واعتلال العضلة القلبية والآفات القلبية الولادية والإصابات القلبية الصمامية. أما قصور القلب العالي النتاج فيشاهد في مجموعة من الحالات المرضية التي يكون فيها نتاج القلب مرتفعاً كما في فرط نشاط الدرق وفقر الدم. ويتميز قصور القلب المنخفض النتاج بحدوث تقبض وعائي جهازي يؤدي إلى حدوث شحوب وبرودة وأحياناً زرقة بالأطراف، في حين يتميز قصور القلب العالي النتاج بكون الأطراف دافئة ومتوهجة.
    أسباب قصورات القلب:
    ـ الداء الإكليلي: هو السبب الأكثر شيوعاً لقصور القلب، وينجم عن تصلب الشرايين الإكليلية وتضيقها وانسدادها مع ما يتلو ذلك من نقص ارتواء العضلة القلبية وافتقارها إلى الأكسجين. ومن أهم الأسباب المؤدية إلى تصلب الشرايين الإكليلية ارتفاع كولسترول الدم وارتفاع الضغط الشرياني والداء السكري والتدخين.
    ـ ارتفاع الضغط الشرياني: وهو أيضاً من الأسباب الشائعة، ويؤلف عائقاً بوجه البطين الأيسر يمنعه من تفريغ الدم على نحو مريح، مما يؤدي مع الزمن إلى ضخامة البطين الأيسر ونقص مطاوعته، ومن ثم ضعفه وظهور أعراض قصور القلب.
    ـ اعتلال العضلة القلبية: وله أسباب وأنواع مختلفة، فقد يكون وراثياً أو تالياً لالتهاب عضلة قلبية فيروسي أو بتأثير مواد سامة كالإفراط في شرب الكحول، وكثيراً ما يدعى اعتلال العضلة القلبية مجهول السبب وذلك لعدم التأكد من سبب حدوثه.
    ـ داء القلب الصمامي: وينجم عن سوء عمل واحد أو أكثر من صمامات القلب، إما بسبب ولادي أو بسبب مكتسب كالإصابة بالحمى الرثوية[ر] rheumatic fever أو بسبب تنكسي.
    ـ أمراض القلب الولادية: ويمكن أن تؤدي إلى قصور قلب بعد وقت قصير من الولادة أو أنها تبقى لاعرضية لسنوات عديدة قبل أن تتظاهر بقصور قلب.
    ـ وأخيراً هناك عوامل مهيئة لظهور أعراض قصور القلب. إذ إن المريض المصاب بقصور القلب قد يكون معاوضاً ولا عرضياً حتى إذا ما أصيب بأحد هذه العوامل تظهر لديه أعراض قصور القلب. ومن هذه العوامل: الحمية الغنية بملح الطعام، والإفراط في تناول الكحول، وتناول المخدرات مثل الكوكائين, وتناول أدوية لها تأثير مضعف لعضلة القلب، وفقر الدم، وحدوث احتشاء عضلة قلبية حاد أو خناق صدر غير مستقر، وحدوث اضطراب في نظم القلب كالرجفان الأذيني، وحدوث خمج شديد وخاصة خمج رئوي، وحدوث صمات رئوية، والتعرض لجهد فيزيائي شديد أو لأزمة عاطفية شديدة، والتعرض لطقس شديد الحرارة وعالي الرطوبة.
    أعراض قصور القلب
    أهمها وأكثرها مشاهدة:
    ـ ضيق النفس: هو العرض الرئيس في قصور القلب، وفيه يشكو المريض من صعوبة بالتنفس في أثناء الجهد ثم تزداد لتصبح في أثناء الراحة، كما يزداد ضيق النفس بالاضطجاع ويخف بالجلوس مما يضطر المريض إلى زيادة الوسادات التي ينام عليها، كما يعاني بعض المرضى نوباً من ضيق النفس الليلي، يستيقظ فيها المريض فجأة على شعور بالاختناق، ويرافق ضيق النفس عادة سعال ناجم عن الاحتقان الرئوي.
    ـ التعب: يعاني مرضى قصور القلب نقص النشاط الفيزيائي، وهو عرض شائع في قصور القلب، ويُعزى إلى نقص الأكسجين الوارد إلى أعضاء الجسم المختلفة.
    ـ وذمة الكاحلين أو الساقين: وتنجم عن قصور القلب الأيمن لعدم قدرته على ضخ الدم الوريدي إلى الرئتين، مما يسبب تراكم السوائل ضمن الأوردة ومن ثم خروجها من داخل الأوردة وتراكمها في الأنسجة، كما أن نقص ارتواء الكليتين الناجم عن نقص النتاج القلبي يسبب نقص قدرتهما على طرح السوائل من البدن مما ينجم عنه احتباسها في الأنسجة.
    ومن الأعراض الأخرى التي يمكن أن يشكو منها مريض قصور القلب: نقص الشهية ويعزى إلى تراكم السوائل في الجهاز الهضمي مع ما يرافق ذلك من شعور بالامتلاء، وزيادة الوزن بسبب تراكم السوائل، وفي الحالات المتقدمة يحدث نقص بالوزن وحالة دنف cachexia، ويزداد التبول ليلاً، ويمكن أن تشاهد أعراض عصبية مثل اضطراب الذاكرة والصداع والأرق والأحلام المزعجة.
    ويتم تشخيص قصور القلب بالاعتماد على الأعراض والعلامات السريرية، إضافة إلى إجراء استقصاءات أخرى مثل تصوير الصدر الشعاعي وتصوير القلب بالأمواج فوق الصوت وأحياناً إجراء قثطرة قلبية.
    أما معالجة قصور القلب فما زالت دون المستوى المطلوب على الرغم من التقدم العلمي الكبير، فما زالت نسبة الوفيات عند هؤلاء المرضى مرتفعة إذ يموت نحو نصفهم في مدة خمس سنوات من تشخيص المرض. ويجب أن توجه المعالجة إلى الأسباب المحدثة (كإصلاح الإصابات القلبية الصمامية والإصابات الإكليلية بالمداخلات الجراحية المناسبة) وإلى الأسباب المهيئة لظهور هذا المرض، إضافة إلى محاولة إزالة الأعراض المزعجة التي يشكو منها المريض، مثل ضيق النفس وسرعة التعب ونقص النشاط وانحباس السوائل في الجسم، ينصح هؤلاء المرضى باتباع حمية ناقصة الملح وإيقاف التدخين وتجنب شرب الكحول وإنقاص الوزن في حالة البدانة، أما الأدوية المستخدمة في علاج قصور القلب فتشمل المقويات القلبية مثل الديجوكسينdigoxin والمدرات البولية والموسعات الوعائية، وفي الحالات الشديدة يتم قبول المريض في المستشفى ويُعطى الأدوية في الوريد، وفي الحالات التي لا تستجيب لهذه العلاجات يمكن استخدام بعض الأجهزة المساعدة لتقوية العضلة القلبية، مثل مضخة البالون داخل الأبهر intraaortic balloon pump والأجهزة المساعدة للبطين الأيسر LVAD وصانع خطى للبطينين biventricular pacing وغيرها. وأخيراً كثيراً ما تخفق هذه الوسائل جميعها، فيبقى الملاذ الأخير لمرضى قصور القلب عملية زرع قلب مع ما تتضمنه هذه العملية من عقبات ومضاعفات.
    عبد الساتر رفاعي

  4. #694
    القيصرية

    تعرّف العملية القيصرية أو اختصاراً القيصرية cesarean أنها إجراء شق على البطن وشق آخر على الرحم لتوليد الجنين، ولذا فهي لا تشمل استخراج جنين موجود داخل جوف البطن إثر تمزق الرحم أو في حالة الحمل البطني.
    لمَ دعيت كذلك؟ هناك ثلاث فرضيّات: الأولى، وبحسب الرواية الأقرب إلى الأسطورة، أن يوليوس قيصر ولّد بها، وهو أمر مستبعد لأن أمه عاشت بعده سنين عدة في حين بقيت هذه العملية مميتة في كل الحالات حتى نهاية القرن السابع عشر، كما أن ولادة قيصر كانت في عام 100ق.م. والثانية تعتقد أن اسمها مشتق من قانون روماني أصدره ثاني أباطرة روما «نوما بومبيلوس» Numa Pompilius في القرن الثامن قبل الميلاد، يقضي بأن تُجرى هذه العملية على كل أم تموت في نهاية حملها لإخراج جنينها أملاً في إنقاذه إن كان حياً، وقد دعي هذا القانون بالقانون الملكي «lex regia» ثم صار يدعى «lex caesarea» ومنها اشتق اسمها الحديث. وهناك من يشكك بهذه الرواية. والفرضية الثالثة هي أن كلمة caesarean مشتقة من كلمتي caesuraوcaedere اللتين تعنيان أن يقطع أو يقصّ أو يفصل وهو الأقرب إلى الصواب. وعلى الرغم من الأساطير التي تحوّم حول هذه الطريقة غير العادية في الولادة، فلم يرد لها ذكر عند كل مؤرخي الطب القدماء، أما ما ورد من تقارير عنها حتى نهاية القرن السادس عشر فمشكوك بأمرها. وأول من ذكرها بشكل علمي وموثّق هو طبيب التوليد الفرنسي الشهير «فرانسوا موريسو»François Mauriceau في عام 1666، وكانت، كلّها أو معظمها، تنتهي بوفاة الأم. وأول من خطا بها نحو السلامة هو ماكس سينغر Max Saenger الطبيب الشاب في لايبزيغ Leipzig، بألمانيا، في عام 1882 الذي اقترح خياطة جدار الرحم، ومع ذلك بقيت الوفيات عالية بسبب الخمج، وقد أدخلت تعديلات كثيرة لزيادة سلامتها حتى غدت نسبة وفيات الأم بسببها منخفضة جداً مما زاد في كثرة اللجوء إليها بوصفها طريقة سهلة وسريعة للولادة، بالرغم من أنها ليست أسلم من الولادةالطبيعية.
    ـ استطباباتها: لماذا تجرى القيصرية؟ ويمكن تلخيص ذلك:
    ـ عسرات الولادة الناجمة عن عدم تناسب بين حجم الجنين وبين سعة الحوض الذي يفترض أن يسمح بمرور الجنين بيسر وسلامة، وهو ما لا يتحقق إذا كان الجنين عرطلاً أو كان الحوض ضيّقاً أو كانا الاثنين معاً.
    ـ شذوذات التقلّصات الرحمية: وأهمها عدم تناسقها أو اشتدادها المَرَضي، أما ضعفها فيعالج دوائياً إلا إذا نجم عن عدم التناسب.
    ـ المجيئات presentation المعيبة والأوضاع المعيبة: تتم الولادة الطبيعية والرأس متقدّم أولاً وفي وضع الانعطاف، أي ذقنه تلامس صدره، أما المجيئات والأوضاع الأخرى مثل المجيء الجبهي أو الوضع المنبسط فهي تسبب عسرة ولادة، وتقتضي إجراء القيصرية إذا تعسّرت الولادة عن الطريق الطبيعي.
    ـ الأورام التي تصيب الحوض وتحول دون نزول المجيء ومروره، مثل الورم الليفي fibroma أو الورم العظمي osteoma.
    ـ النزف في أشهر الحمل الأخيرة، مثلاً في ارتكاز المشيمة placenta الواطئ (المعيب) أو في بعض حالات انفكاك المشيمةالباكر.
    ـ بعض أمراض الأم الحامل، كارتفاع الضغط الشرياني الحملي المنشأ والداء السكري ووجود ندبات في المجيء التناسلي خشية تمزقها في أثناء الولادة، وانسدال الحبل السرّي funiculus umbilicalis (السرر) مخافة اختناق الجنين بانضغاطه وتألم الجنينبنقص الأكسجين الواصل إليه، وهناك أسباب أخرى مثل السوابق الولادية العسيرة وإخفاق تحريض المخاض والعمر المتقدّم للحامل ووجود قيصرية سابقة أو عملية سابقة على الرحم مخافة تمزق الرحم، لذا يجب التأني في وضع الاستطباب للقيصرية الأولى، لأنها ستجعل احتمال تكرارها كبيراً.
    ـ نسبة حدوثها: تتباين هذه النسبة ما بين بلد وآخر وما بين مشفى وآخر، وكانت لا تتعدى 5%، ولكنها ازدادت حتى بلغت نسباً قد تصل إلى 75% في بعض المستشفيات، والسبب هو ميل الأطباء إلى اختيارها، لأنها تنهي الولادة من دون كبير انتظار، ولأنها تقي المولّد من أن يتّهم بأنه قصر أو عرّض الأم أو الجنين إلى بعض المخاطر، وكذلك لأن بعض الحوامل تفضّلها حلاً سريعاً لا يحيجها إلى أن تحزق وتكبس. وتزايد القيصرية هو واحد من أمثلة كثيرة يفضّل فيها الإنسان الحلول الأسهل والأسرع، وإن لم تكن الأفضل على المدى البعيد.
    ـ أشكالها: تقسم إلى علوية وسفلية، والأخيرة إلى سفلية بشق طولاني أو بشق معترض، وهذا الأخير هو المفضّل. وهناك القيصرية الباترة التي يتمّ فيها استئصال الرحم بعد توليد الجنين.
    ـ مالها وما عليها: لاشك إنها الحلّ الأمثل الذي ينقذ الأم والجنين في استطباباتها الواضحة، ولكنها تبقى حلاً استثنائياً لحالات محددة، أما إساءة استعمالها وتوسيع اللجوء إليها لأنها توفر الراحة والحلّ السريع للمولّد وللأم، أو لدوافع مادية بحتة، فهو أمر سيئ يتنافى مع المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي تتسم بها مهنة الطب عموماً والتوليد خصوصاً، وهي تسبب تحديداً للنسل لأن من تحتاج إلى قيصريات متكررة غالباً لا تقبل تعرّضها لخطر العملية المتكررة، والتي تتزايد مخاطرها ومصاعبها مع تكرارها ومن ثم فهي -وطبيبها أيضاً- سرعان ما تبادر إلى طلب تعقيمها بربط البوقين. في الختام، الولادة الطبيعية هي الطريق الأفضل والأمثل والأسلم للولادة، ولكنها تتطلب جهداً ووقتاً وصبراً وأناة، أما القيصرية فهي الاستثناء وهي حلّ منقذ في حالة الحاجة الحقيقية لها، ولايجوز أن تصبح قاعدة لسهولتها أو لسرعتها أو لجدواها المادي. ومن الضروري التذكير أن لها مضاعفات ومخاطر أكثر من الولادة الطبيعية ومن بينها خطر موت الأم وإن تناقص هذا الخطر في العقود الأخيرة، للتقدم الذي أحرزه الطب، ومن جملة هذه المخاطر تلك التي قد ترافق محاولة توليد من سبق أن أُجري لها قيصرية عن الطريق الطبيعي، لهذا كثر اللجوء إلى تكرار القيصرية بعدما تجرى القيصرية الأولى، وإذا أجريت هذه القيصرية المكررة بشكل انتخابي، أي من دون انتظار بداية المخاض، فإنها قد تعرّض لتوليد جنين قبل تمام مدته ومن ثم التعرض لمخاطر الخداج. صحيح إذن أن القيصرية الأولى قد تنقذ الجنين والأم من بعض المخاطر، ولكنها بالتأكيد تخلق مصاعب جديدة تتكرر كلما تكرر الحمل لاحقاً، وربما حتى ما بعد ذلك.
    صادق فرعون

  5. #695
    الكاتيكولامين

    الكاتيكولامينات catecholamines، هي مجموعة من المركبات الكيمياوية المشتقة من الحمض الأميني تيروزين tyrosine، تعمل كهرمونات ونواقل عصبية neurotransmitters، وتشمل الأدرينالين[ر] (ويسمى أيضاً إيبينيفرينepinephrine) والنورأدرينالين (ويسمى أيضاً نورإيبينيفرين norepinephrine) والدوبامين[ر]. ويتم إفراز هذه المواد بشكل رئيس من الخلايا الكرِمة chromaffin cells الموجودة في لب الغدة الكظرية adrenal medulla، ومن الألياف ما بعد العقد postganglionic في الجملة العصبية الوديةsympathetic.
    يبدأ التركيب الحيوي للكاتيكولامين من الحمض الأميني الأساسي فينيل ألانين phenylalanine، الوارد مع الطعام، والذي يتحوّل إلى تيروزين بوساطة خميرة هيدروكسيلاز الفينيل ألانين، ويتحول التيروزين إلى دي هيدروكسي فينيل ألانين (ويعرف باسم دوبا DOPA) بوساطة خميرة هيدروكسيلاز التيروزين، ثم يتحول الدوبا إلى دوبامين بوساطة خميرة دي كاربوكسيلاز، ويتحول الدوبامين إلى نورأدرينالين بوساطة خميرة البيتا هيدروكسيلاز. ويكون النورأدرينالين هو المنتج النهائي للكاتيكولامين في المحاور العصبية الودية وفي 15% ـ20% من الخلايا الكرِمة، في 80% ـ 85% من الخلايا الكرِمة ينقلب النورأدرينالين إلى أدرينالين بوساطة تفاعل خمائري آخر.
    ويتم إطلاق الكاتيكولامين من الخلايا الكرِمة ومن المحاور العصبية بآلية التسرّب (exocytosis)، حيث تنطلق هذه المواد من أماكن تخزينها إلى جهاز الدوران. ويتم استقلاب الكاتيكولامينات في الدم عن طريق الخميرة المؤكسدة وحيدة الأمينmonoamine oxidase (MAO) وخميرة الكاتيكول الناقلة للميثيل (COMT) cathechol methyl transferase حيث يستقلب الأدرينالين والنورأدرينالين إلى حمض الفانيل مانديليك (VMA) vanillyl mandelic acid، ويستقلب الدوبامين إلى حمض الهوموفانيليك homovanillic acid. إن نصف عمر الكاتيكولامينات في جهاز الدوران قصير جداً إذ يراوح بين دقيقة واحدة ودقيقتين، ويتم التخلص منها من جهاز الدوران عن طريق القبط العصبيneural uptake، كما يطرح قسم منها على نحو مباشر عن طريق الكلية، ويطرح قسم آخر بشكل مرتبط في الأنبوب الهضمي.
    وسيتم البحث هنا في النورأدرينالين بشكل أكثر تفصيلاً من البحث في الأدرينالين والدوبامين. إن التركيب الكيمياوي للنورأدرينالين هو C8H11NO3، وتظهر تأثيراته الدينمية الدموية hemodynamic (الحركية) عن طريق ارتباطه بمستقبلات receptorsخاصة بالكاتيكولامين، وهي تقسم إلى مجموعتين رئيسيتين؛ هما ألفا وبيتا ولكل منهما مجموعات فرعية. وتتطلب التأثيرات الدينمية الدموية للنورأدرينالين وجود تراكيز عالية منه في جهاز الدوران، فبينما تتراوح المقادير الطبيعية خلال التنبيه الفيزيولوجي للجملة العصبية الودية بين 200 إلى 1000بيكوغرام/مل، فإن تأثيراته على معدل ضربات القلب وعلى الضغط الشرياني يتطلب تراكيز عالية تتجاوز 1000 إلى 2000بيكوغرام/مل. فعلى مستوى المستقبلات بيتا يعدُّ النورأدرينالين شاد قويagonist للمستقبلات بيتا1 (تأثير على قوة تقلص العضلة القلبية وسرعتها) وشاد ضعيف للمستقبلات بيتا2 (تأثير موسع وعائي)، أما على مستوى المستقبلات ألفا فيعدّ النورأدرينالين شاد فعّال للمستقبلات ألفا1 (تأثير مقبض وعائي) وللمستقبلات ألفا2 (تأثير وعائي وتأثير عصبوني neuronal). إن إعطاء النورأدرينالين عن طريق الحقن الوريدي يؤدي إلى ارتفاع حاد بالضغط الشرياني الانقباضي والانبساطي بتنبيهه للمستقبلات ألفا وبيتا، ويترافق التقبض الوعائي مع بطء قلب ارتكاسي. وبمقارنة النورأدرينالين مع الأدرينالين، يتبين أن الأخير له تأثير شاد للمستقبلات بيتا1 و بيتا2، وهو أيضاً أكثر قوة بتأثيره الشاد للمستقبلات ألفا1 وألفا2، وأن إعطاءه عن طريق الوريد يؤدي إلى ارتفاع الضغط الانقباضي وتسرع القلب وزيادة النتاج القلبي وهبوط الضغط الانبساطي والمقاومة الوعائية المحيطية.
    يؤدي اضطراب إفراز الكاتيكولامين إلى ظهور متلازمات مرضية معروفة؛ ففي ورم القواتم Pheochromocytoma، وهو ورم ينشأ على حساب الخلايا الكرِمة في لب الكظر، تظهر أعراض وعلامات وصفية لزيادة إطلاق الكاتيكولامين بشكل نوبي، وتشمل ارتفاع الضغط الشرياني وتسرع القلب والتعرق. ويعدّ ورم القواتم سبباً نادراً لارتفاع الضغط الشرياني لكنه سبب مهم، لأن اكتشافه وعلاجه باستئصال الورم قد يؤدي إلى شفاء ارتفاع الضغط الشرياني عند بعض المرضى. ويتم تشخيص ورم القواتم بمعايرة مستقلبات الكاتيكولامين في البول، وبإجراء تصوير طبقي محوري CT على مستوى الكظرين.
    يندر أن يؤدي استئصال الغدتين الكظريتين إلى حالة عوز بالكاتيكولامين عند معظم الناس. ولكن وصفت حالات وراثية من عوز خميرة الدوبامين بيتاهيدروكسيلاز، والتي يكون فيها مستوى الأدرينالين والنورأدرينالين منخفضاً بشدة في الدم وفي البول وفي السائل الدماغي الشوكي, وتتظاهر هذه المتلازمة بهبوط ضغط قيامي orthostatic hypotension شديد وبحدوث إطراق في الأجفان ptosis وباحتقان أنفي وفرط تمدد في المفاصل. ويتم تشخيص هذه المتلازمة عند مرضى هبوط الضغط القيامي الشديد بقياس نسبة النورأدرينالين إلى الدوبامين في البلازما حيث تكون أقل من 1، كما تكون فعالية خميرة الدوبامين بيتا هيدروكسيلاز في البلازما شبه معدومة.
    إن المرضى السكريين المعالجين بالأنسولين معرضون للإصابة بنوب من نقص سكر الدم، ويعاوض الجسم عادة عن ذلك بزيادة إفراز الأدرينالين والغلوكاغون glucagon من أجل زيادة سكر الدم عن طريق تحلل الغليكوجين في الكبد، إلا أن المرضى السكريين المصابين باعتلال في الجملة العصبية الذاتيةautonomic neuropathy تضطرب عندهم آلية المعاوضة هذه مما يؤدي إلى زيادة مدة نوب نقص السكر.
    وأخيراً، يعدُّ النورأدرينالين من الأدوية الأساسية في معالجة العديد من حالات الصدمة وهبوط الضغط الشديد حيث يعطى بشكل تسريب وريدي من محلوله الممدد.
    عبد الساتر رفاعي

  6. #696
    الكبد (تشريح وفيزيولوجية -)

    الكبد أكبر غدة في البدن، يتوضع في القسم العلوي الأيمن من البطن، ويشغل كامل المراق اليمنى ويمتد إلى الشرسوف والمراق اليسرى، وتحيط به محفظة تدعى محفظة غليسون Glisson. يبلغ متوسط وزن الكبد 1400غ عند النساء و1800غ عند الرجال. تُميز ثلاثة وجوه للكبد هي: الوجه العلوي (أو الأمامي العلوي)، والوجه السفلي (أو السفلي الخلفي)، والوجه الخلفي. يأخذ الوجه العلوي للكبد شكلاً محدباً منتظماً ينطبق على الوجه السفلي للحجاب الحاجز، وينقسم إلى قسمين أو فصين هما أيمن كبير وأيسر صغير يفصل بينهما الرباط المدورround ligament، والرباط المنجلي (أو الرباط المعلق) ligament falciparum الذي يرتكز على الحجاب الحاجز. يمكن تمييز تلمين على الوجه السفلي للكبد هما التلم sulcus السري الذي يتمادى مع الرباط المدور، والتلم المعترض (ويدعى أيضاً سرة الكبد أو باب الكبد porta hepatis) الذي يضم انقسام وريد الباب والشريان الكبدي والقناة الجامعة إلى فروعهما اليمنى واليسرى. يأخذ هذا الوجه شكلاً غير منتظم إذ إنه يحمل انطباعات الأعضاء المجاورة التي تقع بتماس الكبد وهي المعدة والعفج والزاوية اليمنى للقولون والكلية اليمنى والمرارة التي تتوضع في حفيرة صغيرة على سطح الكبد تدعى المسكن المراري.
    يقسم الكبد إلى فصين أيمن كبير وأيسر صغير يفصل بينهما الرباط المنجلي، يضاف اليهما فصان آخران صغيران هما الفص المذنب والفص المربع اللذان تتضح حدودهما على الوجه السفلي للكبد. إلا أن الدراسات الحديثة بينت أن الفصين المربع والمذنب يشكلان من الناحية الوظيفية جزءاً من الفص الأيسر إذ إن توعيتهما الوريدية والشريانية والصفراوية تتم عن طريق الفروع اليسرى لوريد الباب والشريان الكبدي والقناة الصفراوية. يقسم الجراحون في الوقت الحاضر الكبد إلى ثماني قطع لكل منها تروية دموية وصفراوية مستقلة مما يسهل عملهم في أثناء قيامهم بقطع جزء من الكبد.
    يتميز الكبد من باقي أعضاء البدن بأن ترويته الدموية تتم عن طريقين: طريق وريد الباب الذي يجلب نحو سبعين بالمئة من الدم الذي يدخل إلى الكبد، والشريان الكبدي الذي يجلب قرابة ثلاثين بالمئة من الدم. ينقسم وريد الباب في سرة الكبد إلى فرعين أيمن وأيسر يتفرعان بدورهما إلى فروع أصغر فأصغر تروي قطع الكبد الثمان. كما ينقسم الشريان الكبدي أيضاً في سرة الكبد إلى فرعين أيمن وأيسر يسيران بمحاذاة فروع وريد الباب حتى الشعب الانتهائية. يخرج الدم من الكبد بعد إروائه عن طريق الأوردة الكبدية وعددها ثلاث تصب كلها في الوريد الأجوف السفلي. تجمع الشعيراتُ الصفراوية الصفراءَ التي تفرزها الخلايا الكبدية، وتنضم هذه الشعيرات بعضها إلى بعض لتشكل قنيات صفراوية. تتحد هذه القنيات فيما بينها لتشكل قناتين صفراويتين يمنى ويسرى تلتقيان في سرة الكبد فتؤلفان القناة الكبدية الرئيسة. تسير هذه الأقنية الصفراوية جميعها داخل الكبد وخارجه بمحاذاة وريد الباب والشريان الكبدي وفروعهما.
    السطح الأمامي للكبد السطح الخلفي (الحشوي) للكبد


    فيزيولوجية الكبد
    للكبد دور مشارك في استتباب homeostasis الوسط الداخلي إذ إنه يتداخل في استقلاب مختلف المواد الغذائية الواردة إلى البدن أي السكريات والشحميات والبروتينات والفيتامينات، إضافة إلى المواد التي يصطنعها البدن نفسه كالهرمونات والبيليروبين وغيرها.
    يحافظ الكبد على مستوى الغلوكوز في الدم عن طريق تحويل الغلوكوز الوارد إليه من الأمعاء إلى غليكوجين glycogen وتخزينه في الكبد نفسه، وحل الغليكوجين عند الضرورة وتحويله إلى غلوكوز. كما أنه يقوم بإنشاء الغلوكوز بدءاً من الحموض الأمينية، ويشرف على كل ذلك عدد من الهرمونات ولاسيما الأنسولين والغلوكاغون glucagon وهرمون النموgrowth hormone.
    يقوم الكبد أيضاً بدور مهم في استقلاب البروتينات إنشاءً وتقويضاً. ينشئ الكبد البروتينات التي تحتاجها الخلايا الكبدية ذاتها، وينشئ في الوقت نفسه عدداً من البروتينات التي يفرزها إلى الدم وأهمها الألبومين الذي يرتبط بالعديد من المواد الموجودة في المجرى الدموي ويشكل واسطة النقل الرئيسة لها مثل البيليروبين والهرمونات والحموض الدهنية والمعادن، كما أنه يسهم إلى حد كبير في الحفاظ على الضغط الجرمي للبلازماoncotic pressure؛ ويساعد بذلك على الاحتفاظ بالسوائل ضمن الأوعية الدموية. وتعد عوامل التخثر من أهم البروتينات التي ينشئها الكبد ومنها الفيبرينوجين (العامل الأول) والبروتروبين (العامل الثاني) والعوامل الخامس والسابع والتاسع والعاشر، كما أنه ينشئ العوامل المثبطة للتخثر والحالّة للفيبرين. يعتمد إنشاء عوامل التخثر الثاني والسابع والتاسع والعاشر على وجود الفيتامين K الذي يرد إلى الكبد مع الدسم الغذائية ويؤدي نقصه (بسبب سوء التغذية أو بسبب سوء امتصاص الدسم من الأمعاء) إلى حدوث نزوف من الأماكن المختلفة للجسم.
    ينشئ الكبد أيضاً مجموعة من البروتينات التي تدعى بروتينات الطور الحاد acute phase protein وهي السيرولوبلازمين ceruloplasmin و«البروتين الارتكاسي C. C.reactive protein» والهابتوغلوبين haptoglobin والترانسفيرين trasnsferrin. يزداد إنشاء هذه البروتينات وترتفع مقاديرها في الدم في حالة الإصابة بأحد الأمراض الجهازية كالسرطان والتهاب المفاصل الرثياني والأخماج الجرثومية والحروق وتفيد في توجيه التشخيص. ومن البروتينات الأخرى التي ينشئها الكبد ويفرزها إلى الدوران ألفا-واحد-انتي تريبسين، ومعظم البروتينات الدموية ألفا وبيتا.
    تأتي معظم الحموض الدهنيةfatty acids الواردة إلى الكبد من الدسم الغذائية، أو من الأنسجة الشحمية المحيطية ويحولها الكبد إلى غليسيريدات ثلاثية triglyceride أو فوسفوليبيدات، أو أنها تتحد مع الكوليستيرول لتشكل الكوليستيرول المؤستر الذي ينطلق إلى الدم، كما يتأكسد قسم منها مطلقاً ثاني أكسيد الفحم.
    يفرز الكبد معظم الغليسيريدات الثلاثية التي ينشئها، إلا أن إفرازها يتطلب تحويلها إلى بروتينات شحمية عن طريق اتحادها مع صميمات بروتينية نوعية apoproteins ينشئها الكبد نفسه، وقد يؤدي نقص إنشاء الصميمات البروتينية إلى تراكم الغليسيريدات الثلاثية في الكبد وحدوث الكبد المدهنة الذي يحدث عند الانسمام ببعض المواد مثل رابع كلور الفحم، أو الفوسفور، أو تناول كميات زائدة من التتراسيكلين. كما أن زيادة مقادير الحموض الدهنية الواردة إلى الكبد قد يؤدي إلى حدوث الكبد المدهنة وهو ما يصادف في الداء السكري وفي الانسمام المزمن بالكحول.
    ينشئ الكبد الكوليستيرول والأنزيم المسمى lecithin cholesterol acetyltransferase (LCAT) الذي يحول الكوليستيرول إلى إستر كوليستيرول وينطلق كلاهما إلى الدم حيث يوجدان على شكل بروتينات شحمية وتضطرب مقاديرهما ارتفاعاً أو انخفاضاً في أمراض الكبد الوخيمة وفي علل الطرق الصفراوية.
    إزالة السمية
    تعد إزالة السموم من أهم الوظائف التي يقوم بها الكبد فيخلص البدن من التأثيرات الضارة لكثير من المواد داخلية المنشأ كالهرمونات والبيليروبين وغيرها، أو خارجية المنشأ كالسموم المعدنية أو العضوية وأكثرها شيوعاً المواد الدوائية واسعة الانتشار في الوقت الحاضر.
    يتخلص الكبد من المواد السامة الخارجية والداخلية مستخدماً عدداً من الإنزيمات التي ينشئها لهذه الغاية والتي تقوم بمهمتها بطريقتين: الأولى هي تغيير التركيب الكيمياوي للمادة السامة عن طريق أكسدتها أو إرجاعها أو تمتيلها methylation أو نزع جذر الأمين منها deamination مما يؤدي إلى إبطال فاعليتها السامة، ومن هذه المواد الأدوية عموماً والهرمونات وغيرها. يمكن لبعض المواد الدوائية أن تحرض الإنزيمات التي تقوم بهذا العمل أو تثبطها مما له أهمية في معالجة بعض الحالات المرضية. أما الطريقة الثانية في إزالة السمية فتقوم على تحويل المواد السامة المنحلة بالدسم إلى مواد منحلة بالماء عن طريق اقترانها conjugation بأحد الحموض العضوية أو المعدنية مثل الغليسين glycineوالطورين taurine وحمض غلوكورونيك، فتنقلب إلى مواد أقل سمية من سليفاتها إضافة إلى كونها تصبح سهلة الإطراح عن طريق البول أو الصفراء.
    زياد درويش

  7. #697
    الكبد الفيروسي (التهابات -)

    التهاب الكبد الفيروسي مرض خمجي infectious يصيب الكبد تسببه الفيروسات، أمكن تمييز خمسة أنواع منها وهي الفيروسات E وD وC وB وA، ويعتقد أن هناك فيروسات أخرى تسبب التهاب الكبد لم يتم تعرفها بعد.
    ينتشر هذا المرض في جميع أنحاء العالم إلا أنه أكثر حدوثاً في بلدان العالم الثالث حيث تتدنى مستويات التصحح (حفظ الصحة) والتصحاح.
    يسبب الخمج بأحد هذه الفيروسات التهاباً حاداً في الكبد يتظاهر بأعراض متعددة أهمها ظهور اليرقان الذي يرى واضحاً في صلبة العين، إضافة إلى أعراض عامة كالحمى المعتدلة والتوعك والوهن والقهم[ر] وبعض الأعراض الهضمية الأخرى. تتشابه أعراض التهاب الكبد الحاد الناجم عن هذه الفيروسات إلى حد كبير على نحو يتعذر تمييز بعضها من بعض إلا بالاعتماد على الفحوص المخبرية، وتختلف شدة أعراض الالتهاب الفيروسي الحاد من حالة لأخرى إلا أن الغالبية العظمى من هذه الحالات تبقى لا عرضية مما يدعو إلى عدم الانتباه لحدوثها، أو أنها تكون خفيفة الشدة ولا تترافق بحدوث اليرقان مما يؤدي إلى الخطأ في تشخيصها؛ إذ تنسب الأعراض حينئذٍ إلى علة أخرى كالنزلة الوافدة (الأنفلونزا) أو النزلات الهضمية.
    إلا أن الأعراض قد تكون شديدة جداً في بعض الحالات النادرة مما يؤدي إلى حدوث قصور حاد في وظيفة الكبد ينتهي بالوفاة. وتقدر نسبة الوفاة من التهاب الكبد الحاد بنحو واحد بالألف. يغلب أن تكون إصابة الأطفال والرضع بالمرض لا عرضية أو خفيفة الشدة، في حين تكون الأعراض واضحة وشديدة عند الكهول، لكن الغالبية العظمى من الإصابات في كلتا الحالتين تنتهي بالشفاء، ويتخلص جسم المصاب من الفيروس تماماً. لا يكشف الفحص السريري للمصاب بالتهاب الكبد الحاد وجود علامات مرضية صريحة باستثناء اليرقان الذي تختلف شدته من حالة لأخرى.
    تتراجع أعراض التهاب الكبد الفيروسي الحاد تدريجياً إلى أن تزول تماماً بعد أسابيع عدة من ظهورها، إلا أن بعض المرضى يستمرون في الشكوى من بعض الأعراض الخفيفة ولاسيما الوهن لأشهر عدة بعد الشفاء.
    لا يتمكن بعض المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي من النوع B أو C من التخلص من الفيروس الذي يستمر في التكاثر في جسم المريض على الرغم من زوال الأعراض المرضية الحادة، ويقال حينئذٍ إن المرض تحول إلى التهاب كبد فيروسي مزمن. أما التهاب الكبد الفيروسي من النوع A أو E فلا يأخذ هذا الشكل المزمن أبداً. وقد لوحظ أن التهابات الكبد B الحادة الخفيفة الشدة كالإصابات اللايرقانية أو اللاعرضية الشائعة عند الأطفال والرضع كثيراً ما تأخذ سيراً مزمناً، أما الإصابات العرضية اليرقانية التي تصادف خاصة عند الكهول فإن إزمانها قليل تراوح نسبته بين 5-10% من الحالات.
    لا يشكو المصاب بالتهاب الكبد الفيروسي المزمن من أعراض مرضية صريحة، أو أنها تكون خفيفة جداً، وتتجلى على شكل الوهن العام والآلام الهيكلية، كما أن الفحص السريري لا يكشف وجود علامات ذات بال، ويتطور المرض خلسة على مدى سنوات طويلة قد تصل إلى عشرين عاماً، وربما انتهى في نحو عشرين في المئة من الحالات بحدوث تشمع كبدي وما ينجم عنه من مضاعفات خطيرة كسرطان الخلية الكبدية والنزف الهضمي العلوي وقصور الكبد الشديد، وهذه الإصابات تكون هي السبب في حدوث الوفاة.
    الوبائيات
    - ينتقل فيروس التهاب الكبد A بالطريق البرازي الفموي بالأيدي الملوثة بالبراز أو الأطعمة والأشربة الملوثة به، أما الانتقال عن طريق الجلد بوساطة الدم فهو نادر جداً. تحدث أكثر الإصابات عند الأطفال من سن 5 إلى 14 سنة، ومما يساعد على انتشار المرض الازدحام وتدني مستوى التصحح (حفظ الصحة) والتصحاح؛ لذلك فقد تراجع انتشار التهاب الكبد A على المستوى العالمي مع ارتفاع مستوى المعيشة. يحمل الفيروس A مستضداً وحيداً ينشئ الجسم أضداداً نوعية مقابلة له، يفيد كشفها في تشخيص هذا النوع من التهابات الكبد. تمنح هذه الأضداد الشخص الذي شفي من الإصابة مناعة دائمة من الإصابة بالتهاب الكبد A في المستقبل. وقد دلت الدراسات في البلدان النامية أن 90% من الأطفال في سن العاشرة يحملون في دمائهم أضداد الفيروس A مما يدل على أنهم أصيبوا بالمرض في مرحلة سابقة من حياتهم. يحدث هذا النوع من الالتهابعلى شكل حالات فرادية أو فاشيات صغيرة في المدارس والثكنات حيث ينتقل فيها الفيروس بالتماس من شخص لآخر، كما أنه يحدث على شكل أوبئة ينتقل فيها الفيروس عن طريق الأطعمة والأشربة الملوثة.
    - ينتقل الفيروس B بوساطة الدم أو أحد مشتقاته التي تدخل الجسم عن طريق الجلد. وقد كان انتقال الخمج عن طريق نقل الدم أو أحد مشتقاته شائعاً فيما مضى إلا أنه تراجع في العقود الثلاثة الأخيرة بعد أن أصبح تحري الإصابة بالفيروس لدى المتبرعين بالدم إلزامياً في معظم البلدان وما يتلو ذلك من إتلاف عينات الدم المصابة. وما يزال انتقال الخمج شائعاً في الدول الصناعية بين المدمنين على المخدرات زرقاً، وذلك بسبب اشتراكهم في استعمال المحاقن الدوائية، كما أن الانتقال عن طريق الاتصال الجنسي أمر شائع في تلك البلدان ولاسيما بين الجنوسيين. أما في البلدان النامية فإن انتقال الخمج عبر الجلد أمر شائع في الوسط العائلي بسبب التماس الوثيق بين أفراد العائلة واشتراكهم في استعمال بعض الأدوات كفراشي الأسنان وشفرات الحلاقة والمحاقن الدوائية. كما أن انتقال الخمج من الأم إلى وليدها في مرحلة حول الولادة أمر كثير الحدوث في البلدان التي ينتشر فيها الخمج على نطاق واسع كالشرق الأقصى وإفريقيا السوداء. ويتعرض العاملون في المجال الصحي للخمج بسبب تماسهم مع دم المصابين في أثناء قيامهم بواجباتهم المهنية.
    يوجد في الفيروس B ثلاثة مستضدات هي: المستضد السطحي S والمستضد اللبي C والمستضد E وهذه كلها تحرض إنشاء أضداد نوعية لها في دم المصاب وتفيد في تشخيص الخمج ومتابعة تطوره ومراقبة نتائج المعالجة. وقد كان المستضد السطحي S (وكان يدعى المستضد الأسترالي) أول هذه المستضدات التي اكتشفت وما يزال أهم واسطة لكشف الخمج المزمن بالفيروس وأسرعها. أما الأضداد S التي تتشكل في جسم المصاب فإنها تمنحه مناعة دائمة تمنع حدوث عدوى جديدة بهذا الفيروس في المستقبل. يوجد المستضد السطحي للفيروس B في الدم بنسبة 0.1-0.5% من سكان الدول الغربية وأوربا الشمالية، وترتفع هذه النسبة عند سكان حوض البحر المتوسط فتصل إلى 5% وتبلغ 15% في بعض دول شرق آسيا (هونغ كونغ وتايوان وسنغافورة) وبعض دول إفريقيا السوداء. وتزيد هذه النسبة على ذلك فتصل إلى 30% عند بعض الفئات من المرضى وعند المدمنين على تعاطي المخدرات زرقاً. يعد الخمج المزمن بالفيروس B أحد أهم المشكلات الصحية على المستوى العالمي بسبب ارتفاع عدد المصابين الذين يقدر عددهم بنحو 350 مليون شخص، وبسبب النتائج الخطيرة التي تنجم عن هذه الإصابة.
    - الفيروس C: ينتقل الخمج بالفيروس C عن طريق الجلد ويعد نقل الدم أو مشتقاته أهم واسطة للانتقال، إلا أن أهمية هذه الطريقة في الانتقال تراجعت في العقد الأخير في البلدان التي أصبح فيها الكشف عن هذا الخمج إجبارياً عند المتبرعين بالدم. ويأتي في الدرجة الثانية من الأهمية الاشتراك في استعمال المحاقن عند المدمنين على المخدرات زرقاً، واستعمال الأدوات الطبية سيئة التعقيم، والجروح والوخزات العارضة ولاسيما تلك التي تصيب العاملين في المجال الصحي بسبب تماسهم بدم المصابين بالخمج. أما الانتقال عن طريق الاتصال الجنسي، أو من الأم إلى وليدها فهو أمر ممكن إلا أنه قليل الحدوث بالمقارنة مع ما هو قائم في الفيروس B، وكذلك هي الحال فيما يخص الانتقال من فرد لآخر في الوسط العائلي.
    قلّ أن يتظاهر الخمج بالفيروس C بأعراض مرضية حادة كاليرقان؛ لذلك يندر تشخيص التهاب الكبد الحاد بالفيروس C. يشفى نحو 15% من المصابين بالخمج ويتخلصون من الفيروس تلقائياً، أما الباقون فيأخذ الخمج لديهم الشكل المزمن الذي يتطور ببطء على مدى 20 إلى 30 عاماً. تبقى الإصابة المزمنة من دون أعراض في كثير من الحالات، أو أنها تتظاهر بأعراض مرضية خفيفة لا تلفت الانتباه إلى أن تُكشف مصادفة عند إجراء الفحوص النوعية الخاصة بها التي تجرى لدى التبرع بالدم أو في مناسبات أخرى. ينتهي قرابة 20% من الإصابات المزمنة بحدوث التشمع الكبدي بعد نحو 20 سنة من التطور. يقدر عدد المصابين بالخمج المزمن بالفيروس C في العالم بـ 250 مليوناً مما يشكل تحدياً كبيراً للسلطات الصحية ولاسيما في البلدان التي يكثر فيها انتشار الخمج مثل جمهورية مصر العربية حيث يبلغ معدل الإصابة 16% في بعض فئات المجتمع.
    تتشكل في جسم المصاب بالخمج أضداد نوعية يمكن كشفها في الدم بعد أسابيع عدة من بدء الإصابة، وتفيد في تشخيص المرض ويستمر وجودها مدة طويلة بعد مضي المرحلة الحادة.
    - الفيروس D: ينتسب الفيروس D إلى عائلة أشباه الفيروسات viroid، وهو يتألف من قسم مركزي يدعى اللب يحتوي على المستضد النوعي، ومن غلاف مؤلف من المستضد السطحي للفيروس B؛ لذلك لا يستطيع هذا الفيروس التكاثر إلا بوجود الفيروس B. ينتقل الخمج بهذا الفيروس عن طريق الجلد كما هي الحال في الفيروس B وهي شائعة بين المدمنين على المخدراتزرقاً. يبلغ معدل إصابة الحاملين المزمنين للفيروس B بهذا الخمج الإضافي واحداً بالمئة، وقد تصل النسبة إلى عشرين بالمئة في بعض بلدان البحر المتوسط. تتشكل في جسم المصاب بهذا الخمج أضداد نوعية للفيروس D تفيد في تشخيص المرض.
    - الفيروس E: يتوطن الفيروس E في كثير من البلدان النامية فيسبب فيها إصابات فرادية أو جائحات كبيرة من التهاب الكبد الحاد، إلا أنه لا يسبب التهاباً مزمناً في الكبد. ينتقل الخمج بهذا الفيروس بالطريق البرازي الفموي محمولاً على وجه الخصوص بالأشربة الملوثة بمياه المجاري العامة. تتوافر حالياً اختبارات لكشف الأضداد النوعية للفيروس وتستخدم لتشخيص الإصابة الحادة، ويمكن تأكيد التشخيص بكشف الرنا الفيروسي RNA في دم المصابين. تمنح الإصابة المريض مناعةً ضد عودة المرض، إلا أن مدة هذه المناعة ما تزال غير معروفة.
    التشخيص
    يعتمد تشخيص التهاب الكبد الفيروسي الحاد على الأعراض السريرية التي ذكرت سابقاً ولاسيما اليرقان، ويدعم هذا التشخيصَ وجود ارتفاع شديد في أنزيم أمينوترنسفيراز aminotransferase في الدم، ويؤكَّد التشخيص إذا ترافقت الأعراض المرضية الحادة بوجود الواسمات المصلية وهي المستضدات والأضداد الخاصة التي تميز بين الأنواع المختلفة للفيروسات.
    يتطلب الأمر في بعض الحالات الخاصة اللجوء إلى تحري الحمض النووي الخاص بكل نوع من هذه الفيروسات في الدم، وهو من نوع الدنا DNA في حالة التهاب الكبد بالفيروس B، أو الرنا RNA في حالة الإصابة ببقية الفيروسات.
    أما تشخيص التهاب الكبد المزمن B أو C فيعتمد اعتماداً رئيسياً على وجود الحمض النووي الخاص بكل منهما في دم المصاب، إضافة إلى الأعراض المرضية واختبارات وظيفة الكبد التي تكون مضطربة بدرجات متفاوتة.
    المعالجة
    لا علاج نوعي لالتهاب الكبد الفيروسي الحاد، ولايحتاج المريض إلى الاستشفاء إلا في الحالات الشديدة النادرة، وتتضمن خطة العلاج: الراحة في المنزل التي يجب أن تستمر حتى زوال اليرقان، وحمية كثيرة الحريرات، ومعالجة عرضية في بعض الحالات.
    تنتهي الغالبية العظمى من حالات الالتهاب الحاد بالشفاء، إلا أن نسبة قليلة من حالات التهاب الكبد B تتطور نحو الإزمان. أما في الخمج بالفيروس C فإن معظم حالات الالتهاب الحاد تأخذ شكلاً مزمناً بعد المرحلة الحادة.
    وتهدف المعالجة في التهاب الكبد الفيروسي المزمن إلى تخفيف أذية النسيج الكبدي ومنع تطور الآفة ووصولها إلى مرحلة التشمع، وما يتلوه من قصور الخلية الكبدية أو حدوث التسرطن. الدواء المستعمل لهذه الغاية في التهاب الكبد المزمن Bهو أنترفرون ألفا interferon alfa الذي يعطى حقناً مدة 4-6 أشهر. تعطي المعالجة نتيجة إيجابية في نحو40% من المرضى. ومن الأدوية المستعملة في العلاج مضاهيات النوكلوزيد nucleoside analogues التي تملك فعالية مضادة للفيروس، ومنها الدواء المسمى لاميفودين lamivudine الذي يعطى عن طريق الفم، والدواء المسمى adefovir الذي يعطى في الحالات المقاومة للعلاجات السابقة.
    يعالج التهاب الكبد المزمن C أيضاً بالأنترفرون ألفا، إلا أن نتائج المعالجة تصبح أفضل بكثير إذا أُشرك مع الدواء المسمى ريبافيرين ribavirin إذ تصل نسبة الشفاء إلى 30-65% من الحالات.
    الوقاية
    يحدث الخمج بالفيروسين A وE عن الطريق البرازي الفموي؛ لذلك فإن الوقاية تعتمد على التقيد بمبادئ حفظ الصحة على المستوى الفردي، وبتحسين مستوى التصحاح. ويتوافر في الوقت الحاضر لقاح للوقاية من التهاب الكبد A يؤخذ على شكل حقن عضلية، ويعطي مناعة فاعلة تستمر عاماً كاملاً. ينصح بإعطاء اللقاح لطلاب المدارس والجنود والعاملين في المؤسسات الصحية. ولا يوجد حالياً لقاح للوقاية من الخمج بالفيروس E، إلا أنه من المتوقع توافر ذلك في المستقبل.
    أما الخمج بالفيروسين B وC فيمكن الوقاية منهما بتجنب التّماس مع الدم وغيره من سوائل جسم المصابين. يتوافر في الوقت الحاضر لقاح للوقاية الفاعلة من التهاب الكبد B مؤلف من المستضد السطحي للفيروس الذي يهيأ حالياً عن طريق التأشيب recombination. يعطى اللقاح حقناً في عضلات العضد فيؤدي إلى ظهور الأضداد الواقية في الجسم. وقد دلت الدراسات على أنه يوفر المناعة للأطفال الملقحين في 88% من الحالات.
    إذا عرف الوقت الذي تعرض فيه الشخص للخمج وجب إعطاؤه في ساعات المصلَ الواقي الذي يحوي الغلوبولين المناعي الخاص بالتهاب الكبد B (H.B.immunoglobulin)، إضافة إلى إعطائه اللقاح الواقي. يطبق ذلك عند المولودين حديثاً من أمهات مصابات بالخمج، وعند الأشخاص الذين يتعرضون لوخزات بإبر ملوثة بدم مخموجين. أما الإصابة بالفيروس D فيمكن الوقاية منها باستعمال اللقاح الواقي من الفيروس B.
    لقد تعذر حتى اليوم تحضير لقاح يقي من التهاب الكبد C؛ لذلك تعتمد الوقاية على تجنب العدوى التي تتم عادة عن طريق الجلد. ويعد إتلاف الدم الحاوي على أضداد الفيروس C خطوة مهمة للوقاية من الخمج، يضاف إلى ذلك الاحتياطات المعتادة عند التعامل مع المصابين بالتهاب الكبد، وتجنب التّماس مع الدم أو مشتقاته ولاسيما من قبل العاملين في المجال الصحي.
    زياد درويش

  8. #698
    الكـزاز

    الكزاز tetanus مرض انسمامي حاد يتصف بتشنج عضلي معمم وفرط نشاط المنعكسات وضزز trismus (تشنج العضلات الماضغة) وتقوس الظهر. ويثير الضجيجُ والتنبيهُ الخفيفُ نوبات التشنج. وغالباً ما يحدث تشنّج في عضلات الجهاز التنفسي بما فيه المزمار. سبب هذا المرض ذيفان عصبي يفرزه جرثوم لا هوائي يدعى المطثية الكزازية clostridium tetani. تبدأ أعراض الكزاز بالظهور- في أغلب الحالات- بعد أسبوع إلى أسبوعين من تلوث جرح في البدن بالشكل المبوغ spori form للجرثوم.
    العامل الخامج
    هو المطثية الكزازية؛ وهي جرثومة لا هوائية مجبرة، عصوية الشكل، تتلوّن بالغرام gram لا محفظة لها، تشكّل بوغاً (بذيرة spore) في نهايتها مما يجعلها تأخذ شكل مضرب الطبل. توجد المطثيات في برازات أنواع حيوانية يأتي على رأسها روث البقر والخيل، ويندر أن تشاهد في البرازات البشرية. تتبوغ الجراثيم بعد طرحها، لتعيش في التربة سنوات عدة ولاسيما في الأماكن التي لا تتعرض للشمس، وتتصف بمقاومتها لعوامل عديدة. وقد توجد في غبار المنازل والمياه المالحة.
    تفرز المطثية الكزازية ذيفانين toxins عصبيين؛ هما المشنج الكزازي tetanospasmin والحال الكزازي tetanolysin.
    الحدوث
    يحدث الكزاز في جميع أنحاء العالم، ويصيب جميع الأعمار والعروق، وترجح إصابة الذكور على الإناث بنسبة 5.2 إلى 1٪، ويساوي خطر إصابة الولدان إصابات الداء في الأعمار الأخرى. يحدث الخمج للذين لم يلقّحوا، أو تلقّوا تلقيحاً جزئياً.
    تتصف المطثية الكزازية بأنها جرثوم غير مجتاح، ولا يحدث الكزاز إلا إذا انقلب البوغ إلى شكله المنتش العيوش؛ وفيه يأخذ بإفراز الذيفان. ويكون طريق دخول الأبواغ عادة جرح واخز أو جرح متهتك في أي من نواحي البدن. ويمكن أن يحدثالخمج بالكزاز بعد عملية جراحية أو حرق، أو التهاب الأذن الوسطى، أو أن يتلو خمجاً آخر أو عملية إجهاض غير عقيمة.
    أكثر ما تشاهد المطثيات الكزازية في المناطق كثيفة السكان والأقاليم الحارة الرطبة والتربة الغنية بالمواد العضوية. تبلغ نسبة الوفيات 45٪. يكثر حدوث الكزاز عند الذين يتناولون المخدرات؛ وذلك بسبب خلط الهيرويين بالكينين الذي يخفض القدرة التأكسدية في منطقة الزرق مما ينشط نمو المطثيات الكزازية.
    يحدث كزاز الوليد بسبب تلوث السرّة بالأربطة والضمادات غير العقيمة، أو بذرّ بعض المواد الملوثة عليها، كما يحدث في المناطق التي تفتقر لبرامج تمنيع الحوامل، وسوء الظروف الصحية التي تتم بها الولادة.
    تعزى أعراض الكزاز وعلاماته إلى تأثيرات الذيفان العصبي المعروف بالمشنج الكزازي، الذي ينتشر على طول الأعصاب؛ ليصل إلى الجملة العصبية المركزية متجاوزاً المشابك النخاعية. وينشأ الصمل rigidity العضلي المعمم من وصول المنبه إلى الجملة العصبية المركزية. أما الذيفان الآخر وهو الذيفان الحال الكزازي؛ فدوره في المرض ضئيل، ولعل ما يحدث من تخرب نسجي موضعي في الجرح يعزى إلى تأثيره.
    الأعراض السريرية
    تظهر أعراض الكزاز وعلاماته بعد الإصابة بجرح ملوث بأسبوع إلى أسبوعين في 80٪ من الحالات، وقد تراوح هذه الفترة التي تعرف بفترة الحضانة بين 2-65 يوماً. تشتد الأعراض، ويسوء الإنذار كلما قصرت هذه الفترة حتى إن نسبة الوفاة قد تبلغ 100٪ إن اقتصرت فترة الحضانة على يومين أو ثلاثة أيام.
    قد تبدو على المصاب في بعض الأحيان أعراض عامة، مثل الضجر والتململ وسرعة الاستثارة والصداع، ولكن الغالب أن يبدأ الداء على شكل ألم وتيبس يصيب الخدين أو البطن أو الظهر مع عسرة البلع. ومع ترقي الإصابة يحل الصمل محل التيبس. وغالباً ما يشتكي المصاب من صعوبة فتح الفم؛ ويعرف هذا بالضزز trismus، وهو أكثر تظاهرات الكزاز مشاهدة. ومع تقدم الإصابة يتعمم الصمل العضلي. ويؤدي تقلص عضلات الوجه إلى حدوث سحنة وصفية تعرف بالسحنة الساردونيةrisus sardonicus.
    تحدث تشنجات انعكاسية سببها الزيادة المفاجئة في المنبهات المحيطية التي تزيد الصلابة، وتسبب تشنجات عضلية شديدة ومتتالية قد تنتهي بتقوّس الظهر. وربما توقف التنفس بتشنج الحنجرة أو تقلص العضلات التنفسية.
    يكون وعي المريض طبيعياً في البدء، وربما ارتفعت درجة حرارته قليلاً، وعانى من تعرق شديد، واشتداد المنعكسات.
    الكزاز داء مديد يستمرّ أسابيع عدة أو أشهراً عدة مما يؤثر في مقدرة المريض على التحمل، يتعرض المصاب في أثنائها لمضاعفات، مثل الخمج الرئوي الذي ينجم عن الارتشاف، وخشكريشات eschars الاضطجاع وتجرثم الدم. ويمكن أن يؤدي التشنج العضلي إلى كسور عظمية وتمزقات عضلية.
    يصاب الوليد بالكزاز، ويعد سبباً رئيساً لوفيات الرضع في البلدان النامية. تحدث إصابة الوليد بين اليومين الثالث والعاشر بعد الولادة. وهو متعمّم الشكل، وأول علاماته صعوبة الرضاعة والبكاء الشديد. وسرعان ما يحدث الضزز، ويضطرب البلع. وقد يؤدي التنبيه إلى اتخاذ الرضيع وضعية وصفية (تقوّس الظهر وعطف الساعدين وقبض اليدين وبسط الساقين وعطف أصابع القدمين).
    الوقاية
    إن التلقيح وسيلة فعالة في الوقاية، وإن كماله - وخاصة في الإناث- يقضي على كزاز الوليد لانتقال الأضداد من الأم تامة التلقيح عبر المشيمة إلى الوليد.
    يُلقّح جميع الأطفال بلقاح الكزاز ضمن مكونات اللقاح الثلاثي (الشاهوق «السعال الديكي» والخناق والكزاز). يشمل التلقيح ثلاث جرعات في السنة الأولى من العمر. تعطى الأولى منها في نهاية الشهر الثاني، والثانية في نهاية الشهر الثالث، والثالثة في نهاية الشهر الرابع. وتعزز المناعة بإعطاء جرعة داعمة بعد سنة من الجرعة الثالثة. كما تعزز المناعة بجرعة من ضمن اللقاح الثنائي (الخناق والكزاز) عند دخول المدرسة. وينصح ابتغاء اكتمال التمنيع إعطاء جرعة من لقاح الكزاز كل عشر سنوات.
    ليس للتلقيح تأثيرات جانبية إلا فيما ندر، وتظهر خاصة بعد الجرعات الأولى. أما التأثيرات الجانبية للجرعات الداعمة فهي الوذمة والحمامى الموضعية والحمى.
    يشغل تدبير الجروح ومعالجتها مكانة مهمة في الوقاية من الكزاز، ومن غير الضروري تطبيق المناعة المنفعلة (المصل أو الغلوبولين المناعي) لامرئ تمّ تلقيحه. ويشار بإعطاء جرعة داعمة إذا مضى على آخر جرعة خمس سنوات أو عشر كما يرى بعضهم. وينصح بإعطاء جرعة داعمة إلى من تلقى جرعتين من اللقاح إذا كان الجرح صغيراً ونظيفاً، أما إذا كانت الحالة المناعية للمصاب بالجرح غير معروفة أو أنه تلّقى زرقة واحدة فقط؛ فيعطى اللقاح مع تطبيق المناعة المنفعلة بالمصل أو الغلوبولين المناعي في الوقت نفسه على أن يزرقا في مكانين مختلفين.
    يمكن تحقيق الوقاية من كزاز الوليد بتحسين برامج رعاية الأمومة، والظروف الصحية للولادة، ورفع نسبة تمنيع الإناث بالتلقيح ولاسيما الحوامل منهن. وتعطى الحامل غير الممنّعة جرعتين من اللقاح وفق ما يأتي:
    الأولى في أبكر وقت من الحمل، تتلوها الثانية، بعد أربعة أسابيع، على أن تكون قبل أسبوعين من الولادة. أما الزرقة الثالثة فتعطى بعد 6-12 شهراً أي في الحمل التالي، وتعطى زرقتان أخريان تفصلهما سنة إذا كان من المتيسر حصول المرأة عليهما.
    إن هذه الجرعات الخمس تقي الأنثى غير الممنّعة سابقاً في أثناء فترة إخصابها. أما الأنثى التي تلقت 3-4 جرعات في طفولتها؛ فتُعطى جرعتين من اللقاح في حملها الأول.
    كما يجب تلقيح الناقه من الكزاز في فترة نقاهته؛ لأن الإصابة لا تؤدي إلى وقاية تامة.
    المعالجة
    تشمل معالجة الكزاز إجراءات عامة وتمريضية، وإعطاء أدوية، والتهيؤ لاحتمال تدخل جراحي، مثل خزع الرغامى.
    يوضع المريض في غرفة هادئة معتمة، بعيدة عن الضجيج بوضعية تساعد على تصريف المفرزات التنفسية، ويتم تجنب الإجراءات التمريضية التي تنبه المريض، وتثير نوب التشنج. وتقتصر هذه الإجراءات على مراقبة العلامات الحياتية بانتظام. ويقلب المريض بتؤدة ولطف خشية حدوث خشكريشات الاضطجاع.
    يعمد إلى تنظيف الجرح، واستخراج الأجسام الغريبة منه، ويعطى البنسلين للقضاء على المطثية الكزازية الموجودة في الجرح. وقد يعمد لإعطاء صادة أخرى إن كان الجرح كبيراً. يحقن الغلوبولين المناعي دفعة واحدة بغية تعديل الذيفان الجائل في الدم ومنع تثبته على الجملة العصبية.
    يعمد إلى إرخاء العضلات بإعطاء مضادات التشنج والمهدئات؛ لأن في ذلك إنقاصاً لتأثير المنبهات، ولكن يجب ألا تؤذي مقادير هذه الأدوية وطرق إعطائها الوظيفة التنفسية. ويعد الديازيبام على رأس هذه الأدوية.
    قد تستدعي بعض الحالات- التي تظهر فيها الأعراض التنفسية بفعل إصابة العضلات التنفسية والحنجرة بالتشنج- إجراء خزع الرغامى اتقاء الإصابة بالاختناق ولتسهيل مصّ المفرزات. كما يولى اهتمام لتغذية المريض إذ يجب أن تكون وريدية في البدء، ثم تقلب إلى التغذية بالأنبوب الأنفي المعدي عندما تتحسن حالته.
    محمد ياسين

  9. #699
    الكسـور

    الكسر هو تفرق اتصال في النسيج العظمي، وتكون الكسور رضية أو جهدية، أو مرضية.
    الكسور الرضية: هي التي تحدث نتيجة رض شديد مباشر، أو غير مباشر ككسر رأس الكعبرة بعد السقوط على اليد.
    والكسور الجهدية: هي التي تحدث نتيجة رض بسيط متكرر، ككسور أمشاط القدم بعد المشي الطويل عند الجنود والممرضات.
    والكسور المرضية: وهي الكسور التي تحدث في العظام المريضة والضعيفة من تأثير المرض، كالكسور التي تحدث في العظام المصابة بورم.
    والكسور عامة، إما أن تكون مغلقة، أي لا يوجد اتصال بين منطقة الكسر والوسط الخارجي، ويكون الجلد فيها سليماً، أو مفتوحة يثقب فيها العظم الجلد، وهو ما يسمى الكسر المفتوح من الداخل إلى الخارج، ويكون عادة نظيفاً وغير ملوث، وقد يتمزق الجلد والنسج الرخوة أولاً بفعل الرض الشديد، وهذا النوع من الكسور يكون عادة متسخاً تدخل أوساخ أو أجسام غريبة من خلال الجرح.
    نماذج الكسور
    للكسور نماذج مختلفة باختلاف آلية حدوثها، وهي:
    ـ الكسر المعترض: الذي يحدث إثر رض مباشر.
    ـ الكسر المائل والحلزوني: ويحدث بآلية غير مباشرة، ينفصل فيه العظم على محوره الطولاني.
    ـ الكسر المزدوج.
    ـ الكسر المفتت.
    ـ الكسور المتشابكة التي ينكسر العظم فيها وتتداخل القطع العظمية.
    ـ الهرس الذي يحدث بفعل الضغط، فينهرس العظم، ككسر عظم العقب بعد السقوط من شاهق.
    ـ كسر الغصن النضير: وهو كسر الأطفال الذي تنكسر فيه القشرة العظمية ويبقى السمحاق متمادياً.
    ـ الكسر المزوّى: ويحدث عادة بقوة مباشرة، وتنفصل قطعة أو قطع عدة من العظم بمحاذاة وجهه المقعر.
    ـ الاقتلاع وتنقلع فيه قطعة عظمية مع الرباط أو الوتر المرتكز عليها.
    ـ المفصلي ويمر خط الكسر فيه في الغضروف المفصلي.
    ـ الكسر المشترك مع خلع.
    آلية حدوث الكسور
    ـ الآلية المباشرة: يحدث الكسر نتيجة رض مباشر على الناحية، فإذا كانت القوة معتدلة أدت إلى كسر معترض، أما إذا كانت شديدة فينجم عنها كسر زاوّى. وإذا سقط جسم ثقيل على الأصابع، أو سقط الإنسان من مكان مرتفع على القدمين فذلك يسبب كسراً مفتتاً (قطع عدة).
    ـ الآلية غير المباشرة: يكون الكسر فيها بعيداً عن مكان الرض (ككسر العظم الزورقي وكسر رأس الكعبرة اللذين يحدثان بالسقوط على اليد).
    ـ التبدل: تتبدل الكسور بأحد الأشكال الآتية: التزوّي؛ وهو انحناء العظم على محوره الطولاني، والدوران، وهو دوران القطعة العظمية المحيطية حول محورها الطولاني، وفي التبدل الجانبي تنزحل القطعة المحيطية عادة نحو الجانب. التراكب أو القصر في الكسر الحلزوني أو المائل، وفيه تنزحل القطعة المحيطية نحو المركز بفعل العضلات فيحدث القصر.
    ـ الثبات: الكسور المعترضة وكسر الغصن النضير والكسور المتشابكة ثابتة عادة. أما الكسور الحلزونية والمائلة والكسور المفتتة فهي عادة غير ثابتة، ويعود التبدل والقصر بعد ردها رداً محافظاً، ما لم تتخذ إجراءات إضافية لمنع التبدل، وإن الجر العضلي وعدم التوازن في القوى العضلية يؤدي إلى إعادة التبدل في الكسور. وتكون الكسور الاقتلاعية الحادثة بالجر العضلي غير ثابتة ومتباعدة بشكل كبير.
    إن الكسور المشتركة مع خلع مفصلي غير ثابتة في معظم الأحوال.
    الإسعاف الأولي
    من واجب الشخص الموجود في مكان الحادث توفير راحة المريض، والعمل على بقاء الطرق التنفسية نظيفة ومفتوحة، وتضميد الجروح بضماد نظيف، إضافة إلى تثبيت الطرف المكسور وانتظار سيارة الإسعاف.
    إن تمديد الطرف المصاب للمريض المكسور يخفف الألم كثيراً، وحين الشك بوجود كسر في العمود الفقري يجب عدم عطف المريض حتى لا تتبدل كسور الفقرات وتؤذي النخاع الشوكي، وعلى هذا يجب أن يوضع المريض على بطنه ووجهه متجه نحو الأسفل، فبهذا الشكل عند نقل المريض ينبسط العمود الفقري، وكذلك يجب تحاشي البسط الشديد لأنه في بعض الأحيان يزيد في تبدل كسر الفقرة.
    ولتوفير تثبيت مؤقت للطرف السفلي المكسور يربط الطرفان أحدهما بالآخر برباط، فيصبح الطرف السليم وكأنه جبيرة للطرف المصاب، أو تستعمل الجبائر الحديثة إذا كانت متوافرة.
    ويثبت الطرف العلوي بوساطة رباط حول الصدر يشمل الطرف المصاب. أما إذا كانت الإصابة في الساعد فإن تعليق الطرف بالرقبة بوساطة وشاح كافية للتثبيت، وفي حال النزف يوضع ضماد ضاغط على الجرح لمنع النزف، ونادراً ما يحتاج الأمر إلى مكربة tampon لإيقاف النزف.
    ويعطى المريض المسكنات، شريطة أن تسجل هذه الأدوية على ورقة المعلومات وترسل إلى المستشفى برفقة المريض.
    يجب معالجة الصدمة قبل إجراء أي معالجة للكسور بتعويض كمية الدم المفقودة بنقل الدم، ثم تدرس حالة الكسر، فيما إذا كان ملوثاً أو أنه مترافق بأذية وعائية أو عصبية أو إصابة حشوية.
    الفحص السريري
    لا بد من وجود قصة رض أو سقوط على الطرف. وليس من الضروري أن يكون الكسر مكان الرض بل قد يكون بعيداٌ عنه، ويجب السؤال عن آلية الرض وشدته، فحدوث كسر نتيجة رض بسيط يوجّه نحو الكسور الرضية.
    ـ العلامات الموضعية: الألم والتورم والكدمة، مع تشوه في شكل الطرف، مع وجود جرح في الناحية أو علامات لوجود كسر. وقد يكون الجلد سليماً.
    ـ الجس: ألم في الناحية، ومن الضروري جس النبض للتأكد من سلامة الأوعية وكذلك التأكد من سلامة الأعصاب. وفي أثناء الحركة تسمع فرقعة عظمية وتشاهد حركة شاذة ويجب التأكد من حركة المفصل المجاور.
    ـ التصوير الشعاعي: مهم جداً في التشخيص، وتؤخذ الصور بوضعين أمامي خلفي وجانبي على الأقل. وتصوير المفصل البعيد والقريب من الإصابة، وخاصة في الساعد والساق عند الأطفال. يستحسن تصوير الطرف السليم أيضاً للمقارنة، لأن غضاريف الاتصال قد تضلل التشخيص.
    في حال السقوط على القدمين وحدوث كسور في العقبين قد يترافق ذلك بكسر في الحوض والعمود الفقري لذا يجب إجراء تصوير لهذه المناطق.
    يُجرى التصوير مرة ثانية بعد فترة من الزمن؛ لأن بعض الكسور ككسر العظم الزورقي لا يظهر مباشرة بعد الرض؛ فإجراء صورة شعاعية بعد أسبوعين تظهر وجود كسر فيه.
    ومن المفيد جداً إجراء التصوير الطبقي المحوري CT، وخاصة في الكسور المعقدة في الحوض والمفصل الحرقفي الفخذي والعمود الفقري لتحديد الإصابة، في حين يفيد الرنين المغنطيسي MRI في إظهار أذيات النسج الرخوة (كالغضاريف بين الفقرات، والأربطة الفقرية، وأذيات النخاع الشوكي).
    معالجة الكسور البسيطة
    تتضمن أسس المعالجة في هذه الكسور الرد والتثبيت والمحافظة على الرد.
    ـ الرد: يجرى الرد عادة تحت التخدير العام، ويمكن استعمال التخدير الموضعي أحياناً. ويجرى الرد باليد، والهدف منه وضع قطع العظم بالوضع التشريحي أو قريب منه، إضافة إلى إعادة استقامة العظم إلى الحالة الطبيعية.
    ويمكن قبول بعض التبدل شريطة أن يكون هناك تماس مقبول بين قطع الكسر؛ كي لا تتأثر وظيفة الطرف، ومثال ذلك كسر الترقوة عند الأطفال. ويجب ألا تكون محاولات الرد قوية وعنيفة. ولكل كسر طريقة في الرد حسب آلية الكسر وتبدل القطع بالناحية، وفي حال تشابك القطع يجرى أولاً فك التشابك ثم الرد.
    أما في كسور العظام الطويلة، فيتم الرد عادة بالجر بالاتجاه الطولاني من دون عنف؛ كي لا تتمزق النسج الرخوة وخاصة السمحاق، ويمكن قبول التبدل الجانبي في قطع الكسر من دون التزوي فيها. أما في كسور السطوح المفصلية فيجب إعادة القطع العظمية إلى مكانها الطبيعي لتخفيف نسبة حدوث التنكس المفصلي.
    ـ التثبيت: يجري للمحافظة على الرد ولمنع حركة القطع العظمية ولتخفيف الألم. وتستعمل عادة الأجهزة الجبسية أو التمديد أو أجهزة التثبيت الخارجي أو التثبيت الداخلي.
    أـ الجبس: يوضع تحت الجبس طبقة من القطن. ويجب ألا يكون الجهاز واسعاً أو ضيقاً، وأن يثبت المفصلان أعلى الكسر وأسفله. ويراقب الطرف لمنع حدوث أي مضاعفة كضيق الجبس الذي يمنع التروية، أو ضغط الجبس على نقطة معينة تؤدي إلى خشكريشة eschar أو حدوث سحجات في الجلد.
    ب ـ التثبيت بالتمديد المستمر: يستعمل في حالات نادرة وتثبيته ضعيف.
    ج ـ التثبيت بالمثبتات الخارجية: يوجد في الأسواق نماذج كثيرة للمثبتات الخارجية تستعمل للكسور المفتوحة، والكسور المترافقة بأذية وعائية أو عصبية، والكسور المفتتة بشدة والمتحركة، والكسور غير المندملة لإجراء الضغط على سطوح الكسر، وكسور الحوض، والكسور الملتهبة، والكسور المترافقة بأذيات متعددة في الجسم.
    أما مضاعفاتها فهي: تباعد قطع الكسر بسبب تثبيتها القوي ونقص الضغط على سطوح الكسر إذا لم تراقب جيداً، والتهاب مكان دخول الأسياخ.
    د ـ التثبيت الداخلي: للتثبيت الداخلي تستعمل البراغي أو أسياخ رفيعة أو سفافيد تدخل ضمن النقي وقد يضاف إليها براغي، أو صفائح معدنية تثبت على العظم بوساطة براغي، وهذه المثبتات تصنع من معادن خاصة كالصفيح غير القابل للصدأ كالستانلستيل أو الفيتاليوم أو التيتانيوم التي لا تتفاعل مع الجسم، ومن مميزات التثبيت الداخلي أنه مثبت جيد ومتين ويستطيع المريض العودة لمنزله بعد العمل الجراحي واستقرار الحالة العامة، وبالمقابل يمكن أن يتعرض المريض إلى مضاعفة سيئة خمجية.
    استطبابات التثبيت الداخلي هي الكسور التي لا يمكن ردها إلا جراحياً، والكسور غير الثابتة، والكسور التي يتأخر اندمالها عادة، والكسور المرضية، والكسور المتعددة، وفي المرضى المتقدمين بالعمر أو لديهم إصابات متعددة لأن التثبيت الداخلي يسهل حركة المريض وتمريضه ويقلل من بقائه في الفراش مدة طويلة.
    أما مضاعفات التثبيت الداخلي فهي الالتهاب، وعدم الاندمال، وكسر المثبت الداخلي، وخاصة عند تحميل الأطراف المصابة ضغطاً كبيراً قبل أن يندمل الكسر، وإذا نزعت مواد الاستجدال باكراً يمكن أن ينكسر العظم ثانية.
    مضاعفات الكسور الباكرة
    ـ المضاعفات العظمية.
    ـ الخمج: الكسور المفتوحة عرضة لحدوث الخمج نتيجة دخول الجراثيم عبر الجرح وقد ينتقل الخمج بالدوران الدموي إلىالعظم في الكسور المغلقة، أو بعد العمليات الجراحية. وإن الالتهاب العظمي أو ما يسمى بذات العظم والنقي يؤدي إلى تموّت قطعة عظمية نتيجة انقطاع التروية الدموية عنها فتتشكل الشظية العظمية وحولها كهف في العظم ويستمر النز القيحي ما لم تستأصل الشظية العظمية أو تخرج مع القيح. والالتهاب يؤخر اندمال الكسر أو يمنعه.
    مضاعفات النسج الرخوة
    ـ الفقاعات الجلدية: تحدث بعد الرض وذمة تتوضع تحت الطبقة السطحية للجلد فتشكل الفقاعات.
    ـ الخشكريشات: إذا كان الجبس ضيقاً وانضغط الجلد بين العظم والجبس فإنه يتموت؛ لذا يجب وضع طبقة من القطن تحت الجبس للحماية.
    ـ تمزّق الألياف العضلية: يترافق تمزق الألياف العضلية مع الكسور وإذا لم تعالج بالتمارين الفاعلة فإن العضلة تلتصق على العظم أو على المحفظة المفصلية وتمنع حركة المفصل. وتحتاج هذه الحالة إلى معالجة فيزيائية مديدة.
    ـ الكسور المفصلية: تؤدي إلى انصباب دموي في المفصل فينتبج وتتحدد حركته، فيبزل المفصل لتفريغ الانصباب الدموي قبل معالجة الكسر.
    ـ إصابة الأوعية: تترافق بعض الكسور بأذية وعائية (ككسر النهاية السفلية للعضد وكسر الفخذ)، فإما أن ينقطع الشريان أو ينضغط أو يتشنج.
    ـ إصابة الأعصاب: قد ينهرس العصب أو ينضغط أو ينقطع إذا كان العصب قريباً جداً من مكان الكسر (كالعصب الكعبري في العضد والشظوي حول رأس الشظية).
    ـ إصابة الأحشاء: قد تؤذي كسور الأضلاع الرئة، وقد تمزق كسور الحوض المثانة أو الإحليل.
    المضاعفات المتأخرة
    ـ النخرة الجافة: يتموّت جزء من العظم أو العظم كله بسبب انقطاع التروية الدموية عنه، وهذه الحال شائعة في بعض الكسور ككسر رأس الفخذ وكسر العظم الزورقي في المعصم وخلع الكعبرة. فيظهر العظم المتنخر متصلباً على الصورة الشعاعية بعد مرور فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر من حدوث الكسر.
    ـ تأخر الاندمال: يتأخر اندمال الكسر عن المدة المتوقعة له مع ظهور دشبذ callus عظمي ناقص من دون تصلب حواف الكسر، ويمكن إذا استمر التثبيت أن يندمل الكسر. ومن أهم أسباب تأخر الاندمال الخمج، ونقص التروية الدموية، وعدم التثبيت الجيد.
    ـ عدم الاندمال: إذا وجدت حركة في منطقة الكسر مع ألم أو ألم خفيف في أثناء الفحص بعد مرور المدة اللازمة لاندمال الكسر، وبقاء الكسر واضحاً وحوافه متصلبة بالتصوير الشعاعي فهذا يعني أن الكسر لم يندمل.
    ـ الاندمال المعيب: في هذه الحال يندمل الكسر مع تزوّ أو تراكب، فإذا كان التشوه بسيطاً ولا يؤثر في وظيفة الطرف، يترك من دون معالجة، أما إذا كان عكس ذلك يلجأ إلى الإصلاح الجراحي.
    ـ انكماش فولكمان Volkmann: إن الأذية الشريانية أو متلازمة الحجيرات إذا لم يعالجا معالجة صحيحة وسريعة يؤديان إلى نقص التروية بالطرف وبالتالي حدوث انكماش في العضلات نتيجة تليفها، وحدوث يبوسة مفصلية وتشوه وهو ما نسميه انكماش فولكمان، وتشاهد هذه الإصابة بعد كسر فوق اللقمتين العضدية وأذية الشريان العضدي فتتليف العضلات وتقصر فتنعطف الأصابع بمحاذاة المفصل المشطي السلامي وتبقى مبسوطة بالمفاصل بين السلاميات، وفي الطرف السفلي يؤدي انكماش فولكمان إلى تليف العضلات الصغيرة بين الأمشاط وبالتالي حدوث عطف بالأصابع.
    ـ داء سوديكSudeck : يحدث بعد كسر في المعصم أو القدم، وقد يصادف عقب وثي أو حتى أذية رضية بسيطة فبعد نزع الجبيرة المثبتة للطرف نجد أن المفاصل متيبسة ومؤلمة ويأخذ الجلد شكلاً ناعماً ولامعاً وتبدو العظام بالأشعة ناقصة الكثافة ومرقطة. وإن المعالجة الفيزيائية والتمارين تعيد الوظيفة للطرف إنما ببطء شديد قد يمتد أشهراً عدة.
    وليد صدقي

  10. #700
    الكظر (غدة ـ)

    الغدة الكظرية
    غدة الكظر adrenal gland ثنائية الجانب، تتوضع فوق القطب العلوي لكل من الكليتين. تزن كل غدة نحو 6ـ10 غرامات، وتتضمن عضوين غديين متميزين، اللب medulla وهو جزء من الجهاز العصبي الودي ويفرز الكاتيكولامينات[ر]، والقشر cortex ويفرز الهرمونات القشرانية السكريةglucocorticoids، التي تسهم في تنظيم استقلاب مصادر الطاقة والاستجابة إلى الشدة stress والقشرانيات المعدنية mineralocorticoid، وإضافة إلى ذلك يقوم القشر بإفراز الأندروجينات[ر].
    نسيجياً يقسم القشر إلى ثلاث مناطق:
    ـ الطبقة الكبيبية zona glomerulosa: تقع مباشرة تالية للمحفظة، وتقوم بإفراز القشرانيات المعدنية الأساسية: الألدوسترون aldosterone.
    ـ الطبقة الحزمية zona fasciculata: تشغل هذه الطبقة الحيز الأكبر من قشر الكظر، وتقوم بإفراز القشرانيات السكرية.
    ـ الطبقة الشبكية zona reticularis: تقوم هذه الطبقة بإفراز الاندروجينات androgens.
    تعد الغدة الكظرية، على الرغم من صغر حجمها، أساسية لاستمرار الحياة، فعدم وجودها يؤدي إلى الوفاة في بضعة أيام.
    الوظيفة الأساسية للكظر هي حماية الإنسان في حالات الشدة الحادة والمزمنة. تقوم الكاتيكولامينات بالدور الأساسي في استنفار الجسم في حالة الشدة الحادة، أما في حالة الشدة المزمنة، التي تترافق مع نقص الطعام والسوائل، فهنا يكون دور الستيروئيدات القشرية السكرية والمعدنية، التي تقوم باستحداث السكر (تشكيل السكر) glyconeogenesis، لتأمين استمرار وجوده لاحتياجات الجسم ولاسيما الدماغ، وكذلك تقوم بزيادة امتصاص الصوديوم لتأمين استقرار حجم السائل خارج الخلوي.
    الهرمونات الرئيسة لقشر الكظر
    ـ الكورتيزول cortisol: يعدّ الكورتيزول الستيروئيد السكري القشري الرئيسي الذي يفرزه قشر الكظر. ويمكن لخلايا القشر الكظري تركيب الكولسترول أو أخذه من الدم، إذ تقوم بتحويل الكولسترول إلى مشتق برغنينولون pregnenolone A، الذي تشتق منه الستيروئيدات القشرية كافة.
    يبلغ النتاج اليومي من الكورتيزول نحو 20ملغ، يتم معظم هذا الإنتاج في المنطقة الحزمية. كما يتم تنظيم إطلاق الكورتيزول وتشكله بوساطة الحاثة الكظرية ACTH، التي تحث على تركيبه وإطلاقه، وكذلك تؤدي الشدات النفسية والجسدية أو نقص سكر الدم إلى زيادة إفرازه وإطلاقه.
    هناك وظيفتان أساسيتان للكورتيزول، الأولى منها تنظيم استقلاب السكريات، ومنه أتت تسمية القشرانيات السكرية. يتم هذا التنظيم من خلال التحكم في تشكل الغليكوز في الكبد، لتوفير كمية كافية من السكر ولاسيما في وقت عوز السكر. أما الوظيفة الثانية المهمة، فهي مقدرة الكورتيزول على تثبيط الاستجابة الالتهابية والتحسسية في الجسم، وهذه الخاصة تجعل من الكورتيزول ومشتقاته دواء فعالاً في معالجة كثير من الأمراض مثل الربو والعديد من أمراض المفاصل.
    ـ الألدوسترون aldosteron: يعدّ الألدوسترون الهرمون القشري المعدني الرئيسي المفرز من قشر الكظر. تقوم الطبقة الكبية من القشر بإفراز معظم الألدوسترون. ويقدر الإفراز اليومي منه بنحو 75ـ150 ميكروغرام، ويعد هذا قليلاً مقارنة مع الكورتيزول، لفعالية الألدوسترون الكبيرة.
    الوظيفة الأساسية للالدوستيرون هي تنظيم استقلاب الصوديوم. ويؤدي نقصه إلى ضياع الصوديوم في الدم والجسم، مما يسبب نقصاً في حجم السائل خارج الخلوي.
    يقوم الألدوسترون بعمله من خلال الأنابيب الكلوية، حيث يقوم بإعادة امتصاص الصوديوم، الذي يترافق مع زيادة طرح البوتاسيوم والهيدروجين في البول. تقوم جملة الرنين أنجيوتنسين renin-angiotensin بتنظيم إفراز الألدوسترون. والرنين هو خميرة تتشكل في الكلية وتطلق إلى الدم، حيث تسهم في تشكل الأنجيوتنسين، وهذه المادة هي بروتين يرفع الضغط الشرياني مباشرة ويزيد إفراز الألدوسترون وينقص طرح الصوديوم.
    فرط التصبغ في داء أديسون
    أمراض قشر الكظر
    ـ قصور قشر الكظر المعمم (داء أديسون) adrenocortical insufficiency: يحدث هذا القصور عندما يصاب نسيج الكظر بالأذى، سواءً باستئصال الكظرين جراحياً أو من خلال خمج مثل التدرن، أو بعد نزيف صاعق في الكظر، أو في خلل وراثي في التفاعلات التي تؤدي إلى تشكل الهرمون، لكن في معظم الحالات يبقى السبب غامضاً. قام الطبيب البريطاني توماس أديسون Addison بوصف هذا المرض في مقالة مشهورة عام 1835، ومن هنا جاءت التسمية، داء أديسون. يؤدي عوز الكورتيزول الناجم عن تدمير نسيج الكظر إلى نقص في الوزن وضعف وخمول ووهن وهبوط في الضغط الشرياني وعدم القدرة على الصمود للشدة. وتعدّ زيادة تصبغ الجلد علامة مهمة جداً للتشخيص. كان الداء يعدّ مميتاً بالماضي. أما اليوم فقد أصبح علاجه سهلاً بإعطاء مركبات الكورتيزول مع زيادة الملح في الطعام.
    ـ فرط تنسج الكظر الولادي congenital adrenal hyperplasia: يتسم هذا المرض بنقص في تشكل الكورتيزول، بسبب خلل خمائري وراثي، مما يسبب زيادة إفراز الحاثة القشرية ACTH، الذي يترافق مع زيادة تشكل أندروجينات الكظر. يكون الاضطراب الخمائري كبيراً في الأطفال، مما يؤدي عند الإناث إلى الاسترجال والالتباس في الأعضاء التناسلية الخارجية، مع نقص في الصوديوم في العديد من الحالات، أما في الذكور فالتظاهر الوحيد هو ضخامة القضيب مع مظاهر نقص الصوديوم بسبب نقص الألدوسترون المرافق. يكون العوز الخمائري في الكهول أقل شدة، مما يؤدي إلى تظاهرات أقل شدة من الأطفال. يكون التظاهر عند النساء على شكل شعرانية وحب شباب واضطرابات طمثية وعقم. تستخدم مركبات الكورتيزول في معالجة الحالات الشديدة، ويؤدي استخدامها إلى إنقاص الحاثة الكظرية ومنه الأندروجينات والاسترجال.
    أما مضادات الأندروجين فتكون كافية لمعالجة الحالات الخفيفة عند الكهول.
    الوجه البدري الأحمر
    في متلازمة كوشينغ
    ـ متلازمة كوشينغ Cushing’s Syndrome: قام هارفي كوشينغ، الجراح الأمريكي، بوصف هذه المتلازمة في عام 1932، وهي تنجم عن التعرض المزمن المديد لكميات زائدة من الهرمونات القشرانية السكرية من قبل أنسجة الجسم، ويعدّ استخدام مركبات القشرانيات السكرية للعلاج، من أكثر الأسباب شيوعاً لهذه المتلازمة. كما تنجم المتلازمة عن زيادة إنتاج الكظر للكورتيزول، لوجود ورم كظري سليم أو خبيث، أو بسبب زيادة في إفراز الحاثة الكظرية ACTH، التي تنجم عادة عن ورم في الغدة النخامية أو ورم بعيد عن النخامة، الذي يكون في الصدر في العديد من الحالات.
    المظاهر السريرية في متلازمة كوشينغ متعددة، وتعد البدانة ولاسيما البطنية أكثرها شيوعاً. ويكون الوجه عادة أحمرَ وبدرياً.
    يكون الجلد سهل التكدم، ويبدي البطن تشققات أرجوانية. قد تترافق هذه المتلازمة مع داء سكري وارتفاع في الضغط الشرياني. تختفي معظم هذه التظاهرات بمعالجة السبب، كإيقاف الستيروئيدات الدوائية وانتقال الورم.
    ـ فرط ألدوسترون الدم الأولي primary aldosteronism: تنجم هذه الحالة عن زيادة إفراز الألدوسترون في قشر الكظر بسبب ورم أو فرط تنسج مجهول السبب.
    تؤدي زيادة الألدوسترون إلى زيادة احتباس الصوديوم وخسارة البوتاسيوم، مما يسبب ارتفاعاً في الضغط الشرياني ونقصاً في بوتاسيوم الدم. ويعدّ نقص البوتاسيوم مسؤولاً عن الضعف العضلي والإعياء وزيادة إدرار البول.
    تكون المعالجة باستئصال الورم المسبب، أما في حالة وجود فرط تنسج فالمعالجة عادة دوائية بإعطاء المركبات المضادة للألدوسترون، مثل سبيرولكتون.
    نبيل عسـة

صفحة 70 من 146 الأولىالأولى ... 20606869 70717280120 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال