صفحة 64 من 146 الأولىالأولى ... 14546263 64656674114 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 631 إلى 640 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 64

الزوار من محركات البحث: 64848 المشاهدات : 322268 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #631
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 7 ساعات
    مقالات المدونة: 19
    سرطان الثدي

    تعد أورام الثدي breast cancer من أكثر الأورام حدوثاً عند الإنسان، وتصاب المرأة بالأورام الخبيثة للثدي بنسبة تفوق إصابة الرجل بكثير. وتأتي الإصابة بأورام الثدي الخبيثة (السرطانات) بالمرتبة الثانية بعد اللمفومات lymphomas عند النساء. وتقدر نسبة حدوث هذا النوع من السرطان بنحو 1/11 في الدول الغربية.
    ويبقى سرطان الثدي السبب الأول في وفيات النساء ممن هن في سن الكهولة والشيخوخة المبكرة.
    يتألف الثدي من نسيج غدي ونسيج ضام وتتخلله بعض الألياف العضلية الملساء، وأكثر النسج إصابة هو النسيج الغدي. وقد تكون الإصابة داخل الأقنية اللبنية intraductal أو خارجهاlobular.
    ويصاب الثدي أيضاً بالأورام الحميدة ومن أهمها الأورام الغدية الليفية (غدوم ليفي) fibro adenoma والتي تبقى سليمة تماماً، وهناك أنواع أخرى من الأورام السليمة والتي قد تكون مؤهبة لحدوث سرطان فيما بعد ومن أهم هذه الأخيرة فرط التنسج اللانموذجي داخل الأقنية atypical ductal hyperplasia أو خارجها ضمن الفصيصات atypical lobular hyperplasia.
    الأسباب المؤهبة لحدوث سرطان الثدي متعددة، وللاستعداد العائلي دور بارز في احتمال حدوث أورام الثدي الخبيثة، والمعروف حالياً أن هذا الاستعداد يأتي من جهة الأم والأخوات والخالات. وهذا ما يحتم ضرورة الفحص في المحيط العائلي لمن حدث لديهن إصابات بسرطان الثدي.
    قد يكون التعرض لهرمون الاستروجين estrogen أثر في زيادة حدوث سرطان الثدي، وهذا ما يدعو للانتباه عند اللواتي يتناولن موانع الحمل الهرمونية ولزمن طويل في أثناء فترة النشاط التناسلي. ولقد طرحت أمور أخرى لها دخل في هذا الموضوع منها: حدوث الطمث بسن مبكرة لدى الفتيات، وعدم الإنجاب أو التأخر به، وانقطاع الطمث المتأخر.
    كما ويعد تدخين النساء من العوامل المؤهبة لحدوث أورام الثدي الخبيثة، وكذلك دُرس موضوع البدانة لدى السيدات وازدياد نسبة تعرض البدينات منهن لسرطان الثدي.
    الفحص السريري والفحوص المتممة
    الشكل (1) صورة بالرنيين المغناطيسي لثدي مصاب بورم
    يعد الفحص السريري وتصوير الثدي من الأمور المهمة جداً في كشف الإصابات بأورام الثدي في بدء تشكلها، وبالتالي إمكانية إجراء معالجة جذرية بقصد الشفاء التام.
    والفحص السريري إما أن يكون ذاتياً وهو الذي تقوم به المرأة لأنها الأقدر على حفظ جغرافية ثدييها ومعرفتهما وبالتالي اكتشاف أي تغيير يطرأ عليهما وذلك من خلال الجس اليدوي للثديين.
    وأما الفحص السريري الدوري لدى الطبيب المتخصص وخاصة لمن تجاوزن سن الأربعين أو ممن لديهن قصة عائلية للإصابة بسرطان الثدي من جهة الأم أو الأخوات فإنه يساعد كثيراً في اكتشاف آفات صغيرة قد يصعب على المرأة تحرّيها بمفردها أحياناً، أو حتى تحري آفات غير مجسوسة إطلاقاً وذلك بوساطة الفحوص التشخيصية المتممة: وهي التصوير الشعاعي للثدي mammography، والأمواج فوق الصوتية ultrasound والرنين المغنطيسي M.R.I.
    وللفحص الأخير (M.R.I) (الشكل ـ 1) دور بارز في اكتشاف الانتشارات الورمية داخل الأقنية على نحو أدق من الطرق الأخرى وهذا الأمر له أهمية بالغة في التخفيف من النكس في العلاجات الجراحية المحافظة على الثدي.
    الشكل (2) صورة شعاعية تظهر التكلسات الدقيقة في الثدي
    أما تصوير الثدي الشعاعي فعن طريقه يتم كشف التكلّسات الدقيقة التي قد تكون مشعراً لوجود سرطان في الثدي حتى قبل تشكل كتلة صريحة مجسوسة.(الشكل ـ 2).
    وينصح اليوم بإجراء الفحص الدوري الطبي مرة كل عام حتى سن الأربعين ثم إجراء تصوير الثدي المتكرر (الروتيني) بين سن الأربعين والخمسين كل عامين وبعد سن الخمسين مرة كل عام.
    لا يتم التمييز بين الأورامالسليمة والخبيثة إلا بمساعدة هذه الفحوص التشخيصية المتممة للفحص السريري. أما الجواب الفصل فلا يكون إلا بإجراء دراسة نسيجية أو خلوية عن طريق الخزعة التي يمكن أن تتم بالإبرة الدقيقة fine needle aspiration (F.N.A) أو بفحص كامل الكتلة المستأصلة وهو الأفضلexcisional biopsy.
    العلاج
    هناك أنواع مختلفة من العلاجات تتضافر جميعها في سبيل استئصال الورم البدئي ومنع النكس في المستقبل وهذه العلاجات هي:
    ـ الجراحة surgery: وتكون إما باستئصال الورم فقط (بضع الورم) tumorectomy أو جزء من الثدي quadrantectomy أو الثدي كاملاً mastectomy وهذا ما يحدده حجم الورم والمرحلة التي وصل إليها عند اكتشافه. وفي غالب الأحوال يتم في نفس الوقت استئصال العقد اللمفية للإبط الموافق لجهة الثدي المصاب.
    ـ المعالجة الكيميائية chemotherapy: تكون غالباً متممة للجراحة وهناك حالياً دراسات حديثة تثبت أهمية البدء بالمعالجة الكيميائية قبل العمل الجراحي.
    ـ المعالجة الهرمونية hormonotherapy: وتحدد ضرورتها الفحوص المخبرية المجراة على نموذج من الورم نفسه ووجود مستقبلات هرمونية استروجينية وبروجسترونية estrogen and progesterone receptors.
    ـ المعالجة الشعاعية radiotherapy: ولها أثر كبير في منع حدوث النكس الورمي الموضعي بعد استئصال الثدي وتعطى في جميع الحالات التي يجري فيها جراحة محافظة للثدي أي استئصال الورم فقط أو استئصال جزء من الثدي.
    الإنذار
    إن حجم الورم البدئي عند اكتشافه وإصابة العقد اللمفية هما المحددان الرئيسان من الناحية السريرية بالنسبة للإنذار في سرطان الثدي.
    ومن الناحية المخبرية فإن المستقبلات الهرمونية، تأتي عواملَ إضافية مهمة في تحديد الإنذار نسبة للحياة المتوقعة بشكل عام، والمدة الزمنية مع نكس ورمي أو بدونه.
    وبرز في الأعوام الأخيرة دور ما يسمى بالجينات (بالمورثات) المولدة للسرطان oncogene في تحديد الإنذار ومن هذه الجينات HER-2/neu. وكلما كانت فعالية هذه المورثات أقوى، كان احتمال وجود الانتقالات الإبطية أكبر وبالتالي يكون الإنذار أسوأ.
    معن المالكي

  2. #632
    سـرطان الجلد

    سرطانات الجلد skin carcinomas كثيرة جداً، إذ من الممكن نشوء ورم متميز حميد أو خبيث من كل خلية من خلايا الجلد.
    ازدادت سرطانات الجلد الخبيثة في العقود الثلاثة الأخيرة من جرّاء عبث الإنسان بالبيئة، ذلك العبث الذي سيكون في النهاية وبالاً عليه.
    هنالك مفاهيم عديدة ترى أن الغلاف الجوي هو امتداد للمحيط الحيوي الذي توجد عليه الحياة، لذا فإن التغير الذي بدأ يطرأ على الغلاف الجوي في الوقت الحاضر، والذي حدث نتيجة التناقص التدريجي لطبقة الأوزون في الجزء العلوي، والدارئ لنفوذ الإشعاعات ما فوق البنفسجية، وخاصة B منها، ولغيرها من الإشعاعات الشمسية الضارة للأحياء، أدى لإحداث تغيرات في المادة الوراثية (تحطم الدنا DNA في نوى الخلايا) وما تنتج منه من تخريبات غير قابلة للرجوع، في كل من الخلايا المتقرنة والميلانية melano-squamous لبشرة الجلد، واللتين تسبب أذيتهما حدوث سرطانات جلدية. أما سبب تناقص طبقة الأوزون فيرجع لهجرة غاز كلوروفلور وكاربون chlorofluorocarbon، المستخدم في التبريد، من سطح الأرض إلى طبقات الجو العليا، لأن تفاعله مع الأزون، المتواجد في أعالي الغلاف الجوي، يسبب تحطيم الأوزون وخرابه.
    ومما يجدر ذكره بهذا الصدد أن نشوء السرطانات الجلدية، يزداد مع تقدم السن من جراء التغيرات التي تطرأ على الجلد والناجمة عن تناقص عدد الخلايا الميلانية من جهة، وتناقص خلايا لنغرهانس Langerhans، التي توجد بين الخلايا المتقرنة ولها دور في المناعة، من جهة أخرى. علماً بأن نشوء السرطانات الجلدية الناجم عن الأشعة ما فوق البنفسجية يعزى إلى نفاذ تلك الخلايا.
    أهم العوامل المؤهبة لسرطانات الجلد
    ـ العوامل الوراثية: يبدي الأشخاص ذوو الجلد الفاتح غير المضرج كثيراً بمادة الميلانين melanin، التي تفرزها الخلايا الميلانية المنبثة بين الخلايا القاعدية للبشرة، وتضفي على الجلد سماره، تحسساً من ضوء الشمس وبالتالي ميلاً لنشوء السرطانات، وغالباً ما يتميز أولئك الأفراد بشعرهم الأحمر أو الأشقر، وبعيونهم الزرقاء.
    ـ الإشعاع: تعد كمية التعرض للأشعة فوق البنفسجية في أثناء الحياة أهم عامل يأتي بعد العامل الوراثي في إحداث سرطانات الجلد، ومما يسبب كثرة حدوث تلك السرطانات عند سكان أستراليا المتصفة بشدة شمسها وارتفاع حرارتها. كما وأن أكثر من 90% من مجمل سرطانات الجلد تتوضع على الأجزاء المكشوفة من البدن والمعرضة للشمس ومن الأمثلة الأخرى للإشعاع أذية الجلد عقب المداواة بالأشعة السينية (أشعة X).
    ـ التبدلات الجلدية التنكسية والالتهابية المزمنة: تعد أذية الجلد المزمنة تميم عامل cofactor مهم في تطور سرطانات الجلد الحرشفية الوسفية squamous cell carcinoma. وغالباً ما تحدث تلك السرطانة على جلد مصاب بأذية مزمنة، فقد تظهر على القرحات ulcersالمزمنة، والنواسير fistula الداعمة، والندبات cicatrix الناجمة عن الحروق، والذأب الشائع lupus vulgaris(سل الجلد). كما قد تظهر على آفات جلدية مزمنة كظهورها في المناطق المصابة بالحزاز المسطح التآكلي lichen planus، الذي يتوضع على الأغشية المخاطية للفم، والمناطق المصابة بالحزاز التصلبي الضموري الذي يتوضع على الأعضاء التناسلية.
    ـ المسرطنات الكيمياوية: غالباً ما يؤهب التعرض الخارجي المنشأ المستمر لمسرطنات كيمياوية، لحدوث سرطانة جلد حرشفية وسفية squamous. ومن أهم المسرطنات الكيمياوية القطران الذي يؤدي في كثير من الأحيان للتسرطن عند العمال الذين يشتغلون في صناعته، وعند المدخنين من جرَّاء قطران التبغ المتخلف عن التدخين، ومادة الإسفلت أو القار التي كثيراً ما تؤدي للتسرطن عند العمال الذين يفرشون الطرقات، ومادة الزرنيخ الذي قد يؤدي للتسرطن أيضاً من جرَّاء تناوله، علماً بأن تلك المادة موجودة في مياه بعض الآبار المحتوية عليه، كما أنها موجودة في بعض أنواع الخمور وذلك من جرَّاء رش كروم العنب بمبيدات الحشرات المحتوية على الزرنيخ. كما وتكثر السرطانات الجلدية لدى العاملين باستخراج الزرنيخ أو لدى عمال الدباغة من جرَّاء التماس المزمن به.
    ورم حبيبي مقيح
    ـ التثبط المناعي: كثيراً ما يظهر عند متلقي الطعوم الكلوية أو القلبية زيادة في حدوث الأورام الخبيثة بما فيها سرطانات الجلد، كما ويلاحظ الشيء نفسه عند المثبط مناعياً كما هو الحال عند المصابين بعوز المناعة المكتسب (الإيدز).
    ـ الأخماج الفيروسية: تترافق الإصابة بالفيروسات الحليمومية البشرية papillomatous نمط 16، والتي تؤدي لإحداث بعض الأنماط من الثآليل warts وخاصة لدى توضعها على الأعضاء التناسلية للنساء، مع زيادة خطر التسرطن.
    وليست الأورام المتعددة والمختلفة التي تشاهد على الجلد جميعها بسرطانية، وإنما هنالك أورام حميدة كثيرة جداً تنشأ من خلايا الجلد.
    أهم الأورام الحميدة التي تصادف على الجلد
    ـ الورم الشائكي المتقرن keratoacanthoima: هو ورم سليم السير خبيث المظهر يشبه السرطانة الحرشفية الوسفية، وقد يصعب أحياناً تفريقه عنها، مما دعى لتسميته بالسرطانة الكاذبة أو السرطانة المجهضة.
    يتميز هذا الورم بصفته التشريحية المرضية وملامحه السريرية، وبسرعة تشكله، وسيره، ويتظاهر بشكل عقدة مرتفعة عن سطح الجلد، محددة ومقببة، وذات تقران keratosis مركزي يشبه العش أو فوهة البركان، كما أنه غالباً ما يتوضع على الأماكن المعرضة للشمس عند مرضى في منتصف العمر، وقد يكون وحيداً أو متعدداً. يتراجع هذا الورم خلال بضعة أشهر ولكن من المستحسن معالجته جراحياً.
    تقرنات سافعة مع تحول لسرطانة حرشفية
    وسفية الخلايا
    ـ الورم الليفي الجلدي dermatofibroma: ويدعى بالورم القاسي أيضاً، ويبدو بشكل عقيدة كروية صغيرة، قاسية، غير مؤلمة مرتفعة قليلاً عن سطح الجلد، لونه رمادي، ولا يزيد قده عادة على 3سم. وقد يكون وحيداً أو متعدداً. كما ويغلب مشاهدته على الأطراف. أما معالجته فتقوم على الاستئصال الجراحي. وإضافة إلى هذا الورم العقيدي القاسي، هنالك أورام وتنشوءات ليفية رخوة تدعى بالطغوت الجلدية skin tags أو الزوائد الجلدية، وتبدو بشكل أورام صغيرة خيطية رخوة، بلون الجلد، كما وقد تكون مطوية عليه، يراوح طولها ما بين 3 إلى 5مم وتكثر مشاهدتها في ناحية العنق وتحت الإبط عند البدينين، تعالج تلك التنشوءات الليفية الرخوة بقطع ذنبها بالتخثير الكهربائي.
    ـ الورم الحبيبي المقيح granuloma pyogenicum: هو ورم مائي وعائي شائع ومكتسب، يتشكل عادة عقب وخز أو رضح، لذا تكثر مشاهدته على المناطق المكشوفة من البدن، كأصابع اليدين والقدمين والساعدين والشفتين والوجه.
    وهو ورم كروي عادة، ذو لون بنفسجي، سريع التشكل، ينزف بسهولة عقب رضح خفيف، أما قده فقد يصل إلى حجم الكرزة. ينكس هذا الورم بسرعة إذا ما قطع، أما معالجته فتقوم على تخثيره كهربائياً.
    ـ الورم الكبي glomus tumor: هو ورم حميد يشتق من المفاغرات الشريانية الوريدية، ويكون مفرداً أو متعدداً، ويبدو كعقدة صغيرة قاسية نسبياً وبلون أحمر مزرق أو أزرق بنفسجي يصل قطرها حتى 5 مم، وأكثر الأماكن التي يشاهد عليها هذا الورم، الأباخس (أصابع القدمين)، وأصابع اليدين وخاصة تحت الأظفار، لكنه قد ينمو على الأغشية المخاطية أو على أي منطقة من مناطق الجسم الأخرى. يتصف هذا الورم بألمه الذي يكون انتيابياً paroxysmal. أما أفضل طريقة لمعالجته فتقوم على استئصاله جراحياً بشكل كامل، ذلك الاستئصال الذي يؤدي إلى التخلص مباشرة من الألم.
    سرطانة خلية قاعدية مصطبغة ومقرحة جزئياً
    وهناك حالات ذات (أمراض جلدية) تنتهي بالتسرطن إن لم تعالج وهي: التقران السافع (الضوئي) actinic keratosis ويدعى بالتقران الشمسي أيضاً وهو من ضمن الحالات التنكسية المزمنة. تحدث هذه التقرنات السافعة لدى الكبار ذوي الجلود الفاتحة، حين تعرضهم لفترة زمنية طويلة للشمس، وتتوضع على الأماكن المكشوفة من الجلد، وتتظاهر ببقع حمراء خشنة، يتخللها توسع وعائي شعري، إضافة لوجود تقرنات بنية قاسية تغطي بعض أجزء تلك البقع، وهذه الآفة عالمية الانتشار، وغالباً ما تترافق مع علامات لأذيات ضيائية أخرى مثل المران العقيدي الكيسيfibroelastosis الذي يتصف بوجود زؤان comedo وتجاعيد في منطقة الوجنتين والصدغين، هذا وغالباً ما تتطور هذه التقرنات إذا لم تعالج إلى سرطانة حرشفية وسفية.
    أما معالجتها فتقوم على كي تلك الاندفاعات بغاز الآزوت السائل أو تخثيرها كهربائياً كما يمكن معالجتها ببعض المراهم الحديثة المثبطة للمناعة أو المثبطة للتكاثر الخلوي.
    أهم سرطانات الجلد
    1ـ السرطانة القاعدية الخلايا basal cell carcinoma: ومن مرادفاتها الورم القاعدي basaloma. ولا تعد هذه السرطانة شديدة الخباثة لعدم إحداثها انتقالات سرطانية بعيدة لكنها تتصف بغزوها الموضعي البطيء وتخريبها للنسج التي تنمو عليها. وهي أكثر الأورام الجلدية السرطانية مصادفة، لا تصيب الأغشية المخاطية. كما ويندر مشاهدتها عند العرق الأسود. غالباً ما تبدأ هذه السرطانة بالظهور بعد العقد السادس من العمر، وأكثر ما تشاهد على المناطق المعرضة للضياء وخاصة الأجزاء العلوية من الوجه.

    سرطانة حرشفيو وسفية الخلايا
    لهذه السرطانة أشكال سريرية متعددة منها العميق الذي غالباً ما يكون صغيراً ومتقرحاً ومنها السطحي الذي غالباً ما يكون متعدداً، ونادراً ما يتقرح. ومنها الشكل المصطبغ والمصمت والكيسي والشكل القشيعي.
    يكون مآل هذه السرطانة جيداً إذا ما عولجت باكراً، لكن مآل السرطانة المهملة، التي قد تغزو النسج العميقة كالعضلات والغضاريف والعظام، محتفظ به.
    يتوقف علاج هذه السرطانة على درجة انتشارها وعمر المريض وتتم المعالجة حالياً بإحدى المعالجات التالية: استئصال جراحي واسع أو تخثير كهربائي أو معالجة بأشعة X أو بالبرودة.
    2ـ السرطانة الحرشفية الوسفية squamous cell carcinoma: ومن مرادفاتها أيضاً السرطانة شوكية الخلايا. وهي أكثر خبثاً وأسرع سيراً من السرطانة قاعدية الخلايا. وعلى عكس السرطانة قاعدية الخلايا فإن هذه السرطانة تسبب انتقالات بعيدة عن طريق الجهاز اللمفي والدموي، كما وتختلف عن السرطانة القاعدية أيضاً بإصابتها للأغشية المخاطية. غالباً ما تحدث هذه السرطانة عند كبار السن وتتوضع في معظم الأحيان على الأماكن المعرضة للشمس.
    تبدأ هذه السرطانة في كثير من الإصابات على هيئة فرط تقرن ثؤلولي الشكل صغير وترتفع قليلاً ثم تترقى بسرعة، ويحدث نخر تقرحي فيه، علماً بأن هذه السرطانة لا تعف عن الأنسجة الرخوة، والغضاريف والعظام هذا وغالباً ما تنشأ، إضافة لنشوئها على جلد سليم، على جلد مصاب بأذية جلدية تنكسية والتهابية مزمنة.
    يعتمد مآلها على توضع الورم وحجمه ودرجة تمايزه، هذا ويكون سيئاً نسبياً في كل من سرطان اللسان والفرج، وفي الأورامالكبيرة.
    ميلانوم خبيث عقيدي على وحمة وحمية مصطبغة
    المعالجة: جراحية، مع هامش أمان مناسب من النسيج السليم، ويجب أن تجرى بسرعة، كما يمكن تطبيق المعالجة الشعاعية أيضاً حينما لا يمكن إجراء العمل الجراحي، ويمكن بالنسبة للأورام التي لم يتمكن من استئصالها كاملة أن تعالج مجموعياً بالأدوية الموقفة لنمو الخلايا.
    3ـ الميلانوما الخبيثة malignant melanoma: وهي من أخبث الأورام التي تصيب الجلد والأغشية المخاطية. يظهر هذا الورم الخبيث في مختلف الأعمار، لكنه نادراً ما يشاهد قبل البلوغ، ولا يتميز سلوك هذا الورم بالغزو الموضعي فحسب، بل يتميز بميله الباكر لإحداث نقائل عن طريق الأوعية اللمفية أو الدموية.
    ينشأ هذا الورم على حساب الخلايا الميلانية، المفرزة للصباغ الذي يضفي على الجلد سمرته، تلك الخلايا المنتشرة بين طبقة الخلايا القاعدية لأسفل البشرة، كما وأنه قد ينشأ على حساب خلايا وحمية أخرى شبيه بالخلايا الميلانية، تلك الخلايا الوحمية التي هي ليست من مكونات الجلد السوي لكنها تشاهد في جلود معظم الأفراد، متوضعة بشكل عشش في الوحمات الصباغية التي يتراوح سطحها بين سطح حبة العدسة حتى سطح كامل الجذع (وحمة لباس الحمام).
    ميلانوم الشامة الخبيثة أو الورم الميلاني النمشي الخبيث
    يصيب الورم الميلاني الخبيث العرق الأبيض، ونادراً العرق الأسود. ولم يتأكد دور العوامل الوراثية في حدوثه لكن هناك حالات أسرية (1% إلى 7% من جميع مرضى الميلانوما الخبيثة). ينطلق هذا الورم الميلاني إما من خلايا ميلانية بشروية (نحو 10% إلى 25%) أو أنه ينطلق من خلايا وحمية (20% إلى 50%) وهي إما ولادية أو مكتسبة، وتظهر بعد فترة من الولادة ولاسيما وحمة مختلة التنسج dysplastic nevusوالتي قد يكون للعامل الوراثي دور في نشوئها. تتركز الأهمية العظمى لهذه الوحمات على نفي تحولها للخباثة لذا فإن للتثقيف الصحي لأفراد المجتمع دور في الوقاية من عقابيلها.
    يأخذ الورم الميلاني الخبيث تظاهرات سريرية عديدة أهمها: الورم الميلاني النمشي الخبيث، والورم الميلاني السطحي المنتشر، والورم الميلاني العقيدي، والورم الميلاني النمشي الطرفي، والورم الميلاني الخبيث عديم الميلانين.
    يتصف سير الميلانوم الخبيث بانتقالاته الباكرة عن طريق الأوعية اللمفية أو الدموية، فتتوضع على الرئة والكبد والدماغ.
    يعد الكشف والعلاج المبكران للميلانوما الخبيثة من الأمور المهمة للمريض لاتقاء عواقبه، لذا على المريض استشارة الطبيب عند ملاحظته نشوء بقعة سمراء أو سوداء على الجلد، كما يجب استشارته إذا ما طرأت تبدلات على شامته أو وحمته الصباغية.
    تعد الجراحة الإجراء الواجب القيام به في حالات الميلانوما الخبيثة كما يجب أن تكون باكرة ما أمكن. وقد أهمل العلاج المقتصر على التشعيع بأشعة X (أشعة رونتجن). وهناك من يطبق معالجات كيمياوية ومناعية موقفة للتكاثر الخلوي إضافة لمعالجات أخرى متنوعة.
    وتعد متابعة المرضى المعالجين دورياً وبفترات متزايدة أمراً مهماً للكشف عن النكس أو النقائل ويجب أن تستمر مدة خمس سنوات.
    ولما كان ضوء الشمس من العوامل المهمة في نشوء السرطانات الجلدية، يجب تجنب التعرض غير الضروري للشمس، واستخدام واقيات الشمس المناسبة وارتداء القبعات والأغطية الملائمة.
    عبد الرحمن القادري

  3. #633
    سرطان القولون

    تحدث أورام القولون cancer of the colon الخبيثة عند الإنسان غالباً في الأعمار المتقدمة نسبياً، وتصيب الرجال والنساء على حد سواء وبنسبة تكاد تكون متساوية. ويعد سرطان القولون من الأورام الشائعة، ويأتي بصورة عامة بالمرتبة الثانية في العالم الغربي من بين بقية أنواع السرطانات، وإن كانت نسبة حدوثه بتناقص ضئيل وذلك بسبب الكشف المبكر عن الآفات المؤهبة لتشكله، وعلى الرغم من ذلك تبقى الأورام الخبيثة للقولون السبب الثاني للوفيات من بين بقية الأورام التي تصيب الإنسان عموماً.
    يقسم القولون إلى ثلاثة أقسام تشريحية: القولون الأيمن أو الصاعد، والقولون المعترض، والقولون الأيسر أو النازل، ومن الممكن أن يصاب أي جزء من هذه الأجزاء بالسرطان، وقد تختلف الأعراض التي يشكو منها المصاب بسرطان القولون حسب توضعها:
    ففي سرطان القولون الأيمن: قد يشكو المريض من ألم في المنطقة السفلية اليمنى من البطن أو ما يعرف بالحفرة الحرقفية اليمنى (وهو مكان توضع الألم الناجم عن التهاب الزائدة الدودية)، وقد يكون الألم أحياناً فوق السرة، كما يصاب المريض بوهن وتعب بسبب حدوث فقر دم مزمن ناجم عن نزف الدم الخفي occult blood من دون أن يرى دماً صريحاً في برازه. وكل حالة فقر دم تكتشف عن طريق المصادفة عند شخص تجاوز الأربعين تستدعي التفكير بوجود ورم في القولون الأيمن وخاصة في منطقة الأعور.
    أما في سرطان القولون الأيسر: فإن الألم يحدث غالباً تحت منطقة السرة، وقد يصاب المريض باسهالات غير مفسرة، وربما تناوبت أحياناً مع الإمساك على نحو تلقائي ومن دون تناول المسهلات.
    إن رؤية الدم مع البراز هي علامة مهمة جداً في سرطان القولون الأيسر وخاصة للقسم السفلي منه.
    وأما الأعراض في سرطان القولون المعترض: فقد تكون مبهمة بعض الشيء، والألم غير محدد المكان مما يؤخر أحياناً تشخيص الورم.
    وبصورة عامة فإن أي تغيير في عادات التغوط عند إنسان تجاوز سن الأربعين يستدعي إجراء التحريات الطبية ومراجعة الطبيب، كما يجب ألا تعلل رؤية الدم في أثناء التغوط وخاصة الدم الممزوج مع البراز، على أنه ناجم عن بواسير نازفة أو شقوق شرجية، أو أن يعالج مدة طويلة على أنه إصابة بالزحار dysentery، ما لم يتم نفي الآفات الأخرى الأكثر خطورة وأهمية مثل سرطان القولون.
    طرق كشف سرطان القولون
    عندما يراجع المريض لعرض من الأعراض السابقة يجري الطبيب له فحوصاً تتدرج من المس الشرجي، إلى تحري الدمالخفي بالبراز، إلى تصوير القولون الظليل، وتنظير القولون بالمنظار الليفي المرن colonoscopy. ويعد تنظير القولون الفحص الأساسي المعتمد عليه اليوم في تشخيص سرطان القولون، كما يعتمد لإجراء التقصي الشامل الوقائي screening لمن هم فوق سن الخمسين من العمر، ونسبة نجاحه مرتفعة تصل اليوم إلى 97%.
    أما التصوير الطبقي المحوري C.T.Scan فيعد من الفحوص المتممة الضرورية جداً في حال الإصابة بسرطان القولون، ومؤخراً أصبح لهذا الفحص دور في إجراء ما يسمى التنظير عن طريق التصوير (وهو ما يعرف بالتنظير الافتراضي virtual colonoscopy).
    الآفات المؤهبة لحدوث سرطان القولون
    سرطان القولون هو غالباً من النوع الغدي adenocarcinoma، أي على حساب الغدد الموجودة في الطبقة المخاطية (الداخلية) لجدار القولون، ولذلك فإن أي خلل قد يطرأ على هذه الطبقة يمكن أن يكون له دور في تشكل الورم الخبيث.
    ومن هذه الآفات:
    ـ المرجلات الغدية adenomatous polyps الكبيرة والتي يزيد حجمها على 10مم.
    ـ الورم الغدي الزغابي villous adenoma، والورم الغدي الزغابي المفرط الإفراز hypersecretive adenoma.
    ـ داء المرجلات العائلي familial polyposis.
    ـ التهاب القولون القرحي ulcerative colitis.
    ولمعرفة هذه الآفات واكتشافها لدى المريض دور كبير في الوقاية من الوصول إلى الحالة السرطانية وذلك عن طريق علاجها ومراقبة شفائها.
    العلاج
    ـ العلاج الجراحي surgical therapy: يعد الاستئصال الجراحي للورم مع هامش أمان من النسيج السليم حوله الإجراء الأساسي في معالجة أورام القولون الخبيثة. وهذا يكون بقصد الشفاء غالباً وذلك في المراحل المبكرة والمتوسطة من تطور الورم، وبما أن إصابة العقد اللمفية المحيطة بالورم شائع في سرطان القولون، لذلك يجرى في الوقت نفسه استئصال هذه العقد بغية إزالتها ومعرفة الإنذار المستقبلي.
    يستطب إجراء الاستئصال الجراحي للورم في كل الحالات التي تسمح بذلك حتى ولو كان هناك نقائل metastases ورمية لأماكن بعيدة، وذلك لتفادي حدوث المضاعفات مثل الانسداد المعوي، والانثقاب أو النزف.
    ـ المعالجة الكيميائية chemotherapy: تطورت المعالجة الكيميائية لسرطان القولون تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، وأصبحت أكثر فعالية على منطقة الورم البدئي في القولون، وكذلك على النقائل الورمية، وخاصة الكبدية منها، وتسمى بالمعالجة الرديفة أو المساعدة adjuvant therapy لأنها غالباً ما تتمم عمل الجراحة، وهي ضرورية جداً لدى معظم المرضى وذلك لرفع نسبة الشفاء وتفادي النكس على المدى البعيد.
    ـ المعالجة الشعاعية radiotherapy: ليس للمعالجة عن طريق الأشعة دور في سرطان القولون بالذات، وإنما لها شأن هام في معالجة أورام المستقيم وهو الجزء الذي يلي منطقة السين من القولون النازل والذي ينتهي بالشرج.
    الإنذار prognosis
    يعد سرطان القولون من الأورام الجيدة الإنذار نسبياً، ويتعلق هذا الإنذار بالمرحلة النسيجية التي وصل إليها الورم حين استئصاله وتقسم إلى III, II, I. وتصل نسبة الشفاء إلى 90% في المرحلة I وتهبط إلى نحو 60% في المرحلة III.
    كذلك فإن لوجود نقائل ورمية في العقد اللمفية المجاورة للورم، أو ظهور نقائل كبدية أو حشوية أخرى بعيدة، دوراً كبيراً في تحديد هذا الإنذار نحو الأسوأ أو الأفضل.
    الوقاية والمراقبة
    تكون الوقاية من سرطان القولون عن طريق إجراء التنظير الدوري لمن تجاوزوا سن الخمسين وذلك مرة كل خمس سنوات بغية معالجة المرجلات واستئصالها حين وجودها.
    وقد تبين مؤخراً أن استعمال مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAI (ومن بينها الأسبرين) يقي من الإصابة بسرطان القولون عند الأشخاص الذين يعانون من داء المرجلات العائلي، وهو المرض المؤهب لهذا الورم.
    أما مراقبة المرضى المجرى لهم عمليات استئصال أورام قولونية فتتم دورياً في العام الأول والثالث والخامس بعد الاستئصال، وكذلك عن طريق إجراء عيار للواسمات السرطانية tumor markers كل ستة أشهر في العامين الأولين. ومن أهم هذه الواسمات مولد الضد السرطاني الجنيني الذي يعرف بالـ C.E.A.
    العوامل الوراثية في سرطان القولون
    تتم معرفة دور الوراثة الجزيئية molecular genetics المسؤولة عن سرطان القولون يوماً بعد يوم. فهناك جينات (مورثات) قاهرة مميزة مسؤولة عن حدوث الأورام في السرطان القولوني العائلي، أي وجود استعداد ضمن أفراد العائلة الواحدة لإصابة أكثر من شخص بهذا الورم. وهناك جينات مقهورة تصاب بطفرات mutations تؤدي إلى حدوث الأورام الغدية المتعددة، ومن ثم تحولها إلى سرطان قولون. ولحدوث هذه الطفرات أهمية سريرية بالغة في إجراء المسح الاستقصائي الشامل لسرطان القولون عن طريق البحث عن الدنا DNA الموجود بالبراز، والذي يحوي هذه الطفرات، ومن ثم تشديد مراقبة هؤلاء الأشخاص عن طريق إجراء تنظير للقولون دورياً.
    معن المالكي

  4. #634
    سرطان الكبد

    الكبد liver هو أكبر الأعضاء في جسم الإنسان، وله وظائف فيزيولوجية مهمة، ولاسيما ما تعلق منها بصنع الصفراء bileالتي تحتوي على أملاح ضرورية لاستقلاب metabolism الدسم، وكذلك تحويل قسم من سكر الدم (الغلوكوز) إلى غليكوجينglycogen يُخزَّن فيه مصدراً للطاقة. وهو مخزن للفيتامينات A,B,D,E,K ويُصنع فيه عدد من البروتينات المهمة، وكذلك مكونات أخرى مثل الفيبرينوجين fibrinogen والبروثرومبين prothrombin والكوليسترول cholesterol. كما له دور مهم في تنقية الدم من نواتج الاستقلاب الضارة. ويتميز الكبد من بقية الأعضاء بقدرته على إعادة التشكل المنتظم controlled regeneration بعد تعرضه لأذية سامة، أو بعد استئصال جزء منه جراحياً.
    والأورام الكبدية نوعان: أحدهما حميد benign، والثاني خبيث malignant مُسرطِن. وتنشأ أكثر الأورام الكبدية على حساب الخلايا الكبدية hepatocytes، أو الأقنية الصفراوية bile ducts. ويشكل سرطان الخلايا الكبدية hepatocellular carcinoma (HCC) 80إلى 90% من سرطانات الكبد البدئية primary liver cancer، وهو خامس السرطانات شيوعاً في العالم، ويسبب أكثر من مليون وفاة سنوياً، يليه سرطان الأقنية الصفراوية cholangiocarcinoma 5 إلى 10%، وأحدها ورم كلاتسكن Klatskin tumor الذي يحدث عند التقاء القناة الصفراوية بالكبد، ويندر حدوث أغران (ساركومات) الأوعية الدموية angiosarcomas واللمفومات البدئية primary lymphomas (من الخلايا المناعية في الكبد). أما الورم الأرومي الكبدي hepatoblastoma فهو أكثر سرطانات الكبد البدئية مشاهدة عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات.
    تختلف نسبة الإصابة حسب الموقع الجغرافي، وأكثر ما تُشاهد في بلدان أفريقيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا (20 إلى 80 حالة لكل 100 ألف نسمة)، في حين تحدث بنسب أقل في أوربا الشمالية وأمريكا الشمالية وأستراليا (5 حالات لكل 100 ألف نسمة). وبرغم كون سرطان الخلية الكبدية قليل الانتشار في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الإصابة به تتزايد، وخاصة مع تزايد الأخماج بالتهاب الكبد C. ويُشخص نحو مليون حالة جديدة منه في العالم سنوياً.
    الأسباب المؤهبة
    سرطان الكبد في كبد متشمع
    هنالك عدد من الأسباب المؤهبة للإصابة بسرطان الكبد، من أهمها:
    ـ تشمع الكبد liver cirrhosis الناجم عن التهابات الكبد الفيروسية أو بسبب الإفراط في تناول المشروبات الكحولية، وهو من أهم العوامل في إحداث سرطان الخلايا الكبدية.
    ـ يُعد التهاب الكبد المزمن الفيروسي من النمط (B) hepatitis B من أقوى العوامل المؤهبة للإصابة بسرطان الكبد.
    ـ الأفلاتوكسين aflatoxin (من مشتقات فطر الرشاشيات الصفراء aspergillus flavus، المسرطن القوي في حيوانات التجارب)، وهو من العوامل المؤهبة لحدوث سرطان الخلايا الكبدية البدئية في البلدان التي يحوي غذاؤها نسبة كبيرة من هذا المركب.
    ـ يؤدي كلورالفينيل vinyl chloride (المستعمل في الصناعات البلاستيكية) إلى الإصابة بالغرن الوعائي الكبدي.
    ـ هنالك عوامل مؤهبة أخرى، منها كون الفرد ذكراً، وعوز الأنزيم المضاد للتربسين نمط ألفا1 aα1-antitrypsin deficiency، وطفرات الجين P53. كما يشاهد سرطان الكبد في حالة الصباغ الدموي (فرط الحديد) hemochromatosis غير المعالج.
    الأعراض والعلامات
    تعتمد الأعراض بصورة رئيسة على حجم الورم، ولا توجد عادة أعراض في حالة الأورام الصغيرة جداً.
    أكثر الأعراض شيوعاً، وغالباً ما يكون أولها، هو الألم في المراق الأيمن من البطن، سببه تمطط محفظة الكبد الغنية بالتعصيب، أو ألم في الكتف الأيمن سببه التخريش العصبي للحجاب الحاجز، مما يسبب ألماً منتشراً، وانتفاخ البطن. ويحدث نقص الوزن في نحو 25% من الحالات. وينجم اليرقان jaundice عن انسداد القنوات الصفراوية، أما الإقياءات الدموية فهي من الأعراض الأقل شيوعاً.
    يشك الطبيب باحتمال كون المريض مصاباً بسرطان الكبد في حال كونه مصاباً بتشمع كبدي، مع حدوث آلام بطنية علوية غير مفسرة، ووهن سببه ارتفاع مستوى الأمونيا في الدم ناجم عن قصور الكبد عن إزالة نواتج الاستقلاب السامة من الجسم، وترفع حروري، ويلاحظ الحبن ascites في نحو 50% من الحالات. وتتعلق الموجودات السريرية المشاهدة بالفحص بمرحلة كشف الورم. وتشاهد ضخامة الكبد hepatomegaly في نحو 90% من المرضى. كما تُشاهد العلامات المترافقة مع تشمع الكبد لدى كثير منهم، وتشمل الحثل العضلي dystrophia وتوسع الأوعية الدموية في جدار البطن، إضافة إلى علامات فرط ضغط الدم البابي (فرط توتر الوريد البابي) portal hypertension المشاهد في مرضى تشمع الكبد المزمن.
    وبوجه عام فإن تعدد البؤر الورمية داخل الكبد، وزيادة حجم الورم عن 5 سم، وخثرة الوريد البابي، والنقائل الورمية البعيدة هي من العوامل المترافقة بسوء الإنذار بأورام الكبد البدئية.
    الاستقصاءات
    سرطان خلية كبدية في فص كبدي أيمن كما يظهر
    بالتصوير بالرنين المغنطيسي
    يجب العمل على تشخيص سرطان الكبد في أسرع وقت ممكن، وهنالك عدة استقصاءات يمكن استخدامها، وهي:
    ـ الاستقصاءات السريرية: يجب إجراء فحص سريري دقيق للمريض، لتحري معرفة مرحلة الورم السريرية clinical stage، وللتأكد من عدم وجود آفات جهازية مرافقة.
    ـ الاستقصاءات المخبرية: إضافة إلى الفحوص الدموية المنوالية، كإجراء تعداد عام للكريات والصيغة الدموية وشوارد الدم، يجب إجراء اختبارات لوظائف الكبدliver functions، وتتضمن عيار الفوسفاتاز القلوية alkaline phosphatase، والبيلروبين bilirubin، وخمائر الأمينوترانسفيراز aminotransferases ونازعة هيدروجين اللاكتات (ديهيدروجيناز اللاكتات) lactate dehydrogenase التي ترتفع في حال وجود أذية خلايا كبدية. وإضافة إلى هذه الفحوص التقليدية، يجب معايرة مستوى الألبومين وزمن البروثرومبين، فهما يدلان على قدرة الكبد على صنع البروتينات وعوامل التخثر الضرورية. كما يجب معايرة أضداد الفيروسين B وC، والمستضد السطحي للفيروس B عند المريض بسرطان الكبد البدئي أو في حال وجود قصة سابقة لالتهاب كبد خمجي.
    ـ الواسمات الورمية tumor markers: يمكن للخلايا الورمية أن تصنع بروتينات سكرية glycoproteins وتفرزها، وهذه ذات أهمية سريرية كبيرة في الكشف عن الأورام ومراقبة تطورها بعد العلاج. وفي سرطانات الكبد البدئية يعد البروتين ألفا فيتوبروتين (AFP) alfa-fetoprotein أهم هذه الواسمات، والعيار الطبيعي له هو 1 إلى 10 نانوغرام/مل، ويرتفع في حالات سرطان الكبد البدئي. يمتلك هذا الاختبار حساسية sensitivity بحدود 68% ونوعية specificity بحدود 20% لكشف سرطانات الخلايا الكبدية صغيرة الحجم ( أقل من 3 سم). ويُعد استخدام هذا الواسم، إضافة للفحص بالأمواج فوق الصوتية ultrasound، الاختبارين الأكثر استعمالاً في مراقبة المرضى الأكثر تأهباً للإصابة بسرطان الخلايا الكبدية مثل مرضى التشمع والتهابات الكبد الفيروسية المزمنة. يعد ارتفاع هذا الواسم لأكثر من 500 نانوغرام/مل مشخصاً لسرطان الخلايا الكبدي، كما يُستعمل لمراقبة استجابة المريض للعلاج إذ ينخفض مستواه بعد العلاج الناحج، ويزداد في حال النكس.
    من الاستقصاءات الأخرى المستخدمة عيار الواسم (PIVKA-11)، وهو من البروثرومبينات الشاذة abnormal prothrombin، وعادة ما يكون مرتفعاً في سرطانات الخلايا الكبدية، حينما يكون الألفا فيتوبروتين طبيعياً.
    ـ الاستقصاءات الشعاعية: تُعد الاستقصاءات الشعاعية radiological أكثر الاستقصاءات نوعية في تحديد التشخيص ومرحلة الورم، ومن أهمها:
    أ ـ المسح (التفريس) بالنظائر المشعة nuclear scan: ويعتمد على كون الكبد يمتلك خلايا كوبفر Kupffer’s cells القادرة على قنص النظير المشع تكنيسيوم 99TCm، في حين لا تحتوي الأورام على هذه الخلايا فتظهر كبقع فارغة في الصورة بعد إعطاء هذا النظير. وقد تضاءل استخدام مثل هذه الدراسة الشعاعية مع انتشار استخدام التصوير الطبقي المحوري (CAT scan) computerized axial tomography.
    ب ـ الأمواج فوق الصوتية ultrasound scan: يُعد هذا الفحص من أهم الاختبارات لسهولة إجرائه، وانخفاض تكلفته، وكونه غير راضٍّ للمريض، وانتشاره على نطاق واسع. ويفيد الجراح في تحديد الورم وعلاقته التشريحية مع النسج المجاورة، وخاصة الأوعية داخل الكبد. ويمكن لهذا الاختبار أن يزيد الحساسية لكشف الأورام التي يزيد قطرها على 1سم إلى نحو 95%.
    ج ـ التصوير الطبقي المحوري: عند البدء باستخدام هذا الاستقصاء في الثمانينيات من القرن العشرين، كانت النتائج تتصف بالحساسية القليلة، إلا أنه مع تطور علم التصوير الطبقي المحوري وُجد أن حقن مواد ظليلة عبر الوريد زاد حساسية الاستقصاء، لكونه أوضح تباين الكثافة الشعاعية بين نسيج الكبد الطبيعي والنسيج الورمي على نحو أفضل. وقد بينت أبحاث حديثة إمكانية تحري أورام صغيرة 1 إلى 2 سم بكفاءة عالية باستخدام هذه الطريقة.
    د ـ وفي التسعينيات من القرن الماضي تطورت أجهزة تصوير طبقي حديثة تدعى الأجهزة الحلزونيةhelical scan، وكانت ذات دقة أكبر في كشف الأورام الصغيرة في الكبد (أقل من 2سم).
    يمكن إجراء التصوير الطبقي بعد حقن مادة ظليلة داخل الشريان الكبدي. وعلى الرغم من كون هذه الوسيلة راضَّةinvasive، إلا أنها من الإجراءات المتبعة قبل القيام بالتداخل الجراحي على الأورام القابلة للاستئصال. المادة الظليلة المستخدمة هي الليبيودول lipiodol التي تمتاز بأنها تُقتنص فقط من قبل الأورام، لا من نسيج الكبد الطبيعي أو المتشمِّع.
    هـ ـ الرنين المغناطيسي: انتشر استخدام الرنين المغناطيسي(MRI) magnetic resonance imaging لدراسة آفات الكبد، ويمتاز عن التصوير الطبقي المحوري بأنه قادر على تحديد آفات الكبد من دون الحاجة إلى حقن مواد ظليلة، كما أنه يمتاز بدقة عالية في تشخيص أورام الكبد السليمة وتفريقها عن الأورام الخبيثة.
    ـ تنظير البطن الاستقصائي diagnostic laparoscopy: يجرى ذلك بفحص جوف البطن بمنظار تحت التخدير العام. ويفيد في كشف النقائل الورمية الصغيرة الحجم التي لم تكتشفها الطرائق التشخيصية الأخرى، ومن ثم في إجراء تحديد دقيق لمرحلة الورم قبل تحديد العلاج المناسب.
    ـ الخزعة biopsy: على الرغم من أن الخزعة لا تجرى دوماً حين دراسة سرطان الخلايا الكبدية، إلا أنها قد تفيد في تحديد بعض الأنواع الباثولوجية الخاصة بسرطان الكبد البدئي المعروفة بامتلاكها إنذاراً أفضل، ونجاحاً أكبر بوساطة العلاج الجراحي.
    يمكن إجراء الخزعة إما بأخذ رشافة خلوية بالإبرة الدقيقة fine needle aspirate من الكبد، أو أخذ خزعة للدراسة النسيجية باستخدام الإبرة القاطعة.core needle
    النقائل metastases
    نادراً ما يسبب سرطان الكبد البدئي نقائل بعيدة، لكنه يمكن أن ينتشر إلى الرئتين وجوف الصفاق (البريتوان) والعظام وقد يصل إلى الدماغ.
    العلاج
    يعتمد العلاج على حالة الوظيفة الكبدية والتوضع التشريحي للورم، وعلى وجود أمراض مرافقة. وإن التقويم المرحلي للورمstaging أمر فائق الأهمية، لتحديد الإنذار واختيار العلاج المناسب. ومن العلاجات المتبعة في سرطان الخلايا الكبدية:
    أ ـ القطع الجراحي surgical resection: وهو الإجراء الأكثر نجاحاً في حالة الأورام الباكرة حيث يُستأصل الفص الذي يحتوي الورم أو جزء من الورم مع هامش أمان يعادل 1سم. وقد أثبتت الدراسات أن معدلات البُقياsurvival rates قد تصل إلى 50% بعد الاستئصال الكامل للورم. ومما يؤسف له عدم إمكان إجراء العمل الجراحي لكثير من المرضى نظراً لأن كشف الورم يكون متأخراً في أحيان كثيرة، ولترافقه مع قصور كبدي ناجم عن وجود آفة كبدية كالتشمع.
    ب ـ اجتثاث الورم جراحياً بالتبريد أو الحرارة surgical cryotherapy and radio frequency ablation: وتعتمدان على إدخال مسابر خاصة، في أثناء العمل الجراحي، في النسيج الورمي وتعريضه للتجميد باستخدام الآزوت السائل (-196 ْم)liquid nitrogen ، أو حرارة عالية تصل إلى 50 ْم. أظهرت الدراسات أن العلاج بالحرارة يترافق بإمراضية أقل من تلك المشاهدة بالتبريد، ويُعتقد أن استخدام أي منهما قد يفيد كعلاج متمم للطرق الأخرى.
    ج ـ حقن الكحول ethanol injection: تتزايد أهمية هذه الطريقة اليوم، وتعتمد على حقن الكحول المطلق داخل الورم بتوجيه شعاعي، فيسبب الكحول تجفافاً خلوياً، ومن ثم قتل الخلايا الورمية. وهي تُستخدم في حالة الأورام الصغيرة الحجم عند المرضى المصابين بقصور الوظيفة الكبدية. وقد أثبتت بعض الدراسات نتائج مشجعة ومعدل بُقيا قد يبلغ 50% بعد ثلاث سنوات.
    د ـ الانصمام الكيمياوي الشرياني عبر القثطرة (TACE) transcatheter arterial chemoembolization: تعتمد على إدخال قثطرة بشكل انتقائي في الشريان المغذي للورم وحقن مركب كيمياوي سام للخلايا cytotoxic agent مثل الدوكسوروبيسين doxorubicin أو السيسبلاتين cisplatin. تستخدم هذه الوسيلة علاجاً ملطفاً palliative، وخاصة كمحاولة للسيطرة على نمو الورم في المدة التي ينتظر فيها المريض إجراء زرع الكبد.
    هـ ـ العلاج الشعاعي radiotherapy: ليس للعلاج الشعاعي دور كبير في معالجة سرطان الخلايا الكبدية، وهنالك دراسات حديثة لتقصي نتائج حقن مواد مشعة مثل اللوبيودول الموسوم باليود131 (I131 lopiodol) عبر الشريان الكبدي إلى الورم، لكنها ما زالت قليلة.
    و ـ زرع الكبد hepatic transplantation: تُعد هذه الطريقة مثالية لكونها توفر استبدال كبد سليم بآخر مصاب، وهي طريقة ممتازة إذا لم يكن الورم قد انتشر خارج الكبد. لكن صعوبة إيجاد المُعطي المناسب donor والتطور السريع للورم عند المريض في مدة انتظاره للحصول على الكبد المناسب ينقصان فرصة استخدامها.
    ز ـ العلاج الجيني gene therapy: أدى اكتشاف وجود خلل جيني في خلايا سرطان الخلايا الكبدية، غالباً على شكل طفرة الجين P53، إلى دراسة إمكانات الاستفادة من التطورات الحديثة في مجال البيولوجيا الجزيئية molecular biology وتطبيقاتها في العلاج الجيني بإدخال الجين P53 السليم داخل الخلايا الورمية بغية التحكم بهذا المرض.
    الوقاية
    يمكن إنقاص احتمال الإصابة بسرطان الكبد باتباع الطرائق التي تنقص العوامل المؤهبة أو تزيلها. مثلاً، يمكن استخدام التلقيح ضد فيروس التهاب الكبد B، واتخاذ الإجراءات الوقائية ضد التماس مع دم المصاب به، كما يمكن أيضاً الوقاية من التهاب الكبد C بتحاشي التماس المباشر مع دم المصاب. ويجب الامتناع عن تناول الكحول، أو الحد منه. وعدم استخدام الستيروئيدات البنائية anabolic steroids بدون إشراف طبي. كما يجب الامتناع عن التعرض إلى المواد الكيمياوية المؤهبة للإصابة.
    عرفان العوا

  5. #635
    سرطان المثانة

    المثانة عضو ليفي مخاطي تتوضع في الحوض، سعتها نحو 400سم3 وظيفتها اختزان البول المفرز من الكليتين تمهيداً لاطراحه في أوقات تتناسب مع نمط حياة الإنسان.
    يتألف جدار المثانة من:
    ـ طبقة مخاطية مؤلفة من ثلاث إلى أربع طبقات من الخلايا تسمى البشرة البولية urothelium أو الخلايا الوسيطةtransitional cells ترتكز على غشاء قاعدي basal membrane لا تحوي غدداً أو أوعية لمفية أو دموية ولا تمتص شيئاً من مكونات البول.
    ـ طبقة تحت مخاطية submucosa ضامة مرنة تحوي قليلاً من الأوعية اللمفية.
    ـ طبقة عضلية سميكة تفرغ المثانة حين تقلصها.
    ـ طبقة مصلية مؤلفة من نسيج ضام وأوعية دموية ولمفية.
    يلاحظ في الدراسة النسيجية لجدار المثانة ازدياد حجم الأوعية اللمفية والدموية في طبقاتها المختلفة وعددها كلما كان الاتجاه من الطبقة تحت المخاطية نحو الطبقة المصلية.
    يطلق تعبير الإصابة بسرطان المثانة على حدوث تنشؤ ورمي فيها يبدأ غالباً في طبقتها البشروية، ولما كانت هذه الإصابات مختلفة اختلافاً كبيراً في شكلها وسيرها ودرجة خبثها، فقد اعتمد اسم أورام المثانة بدلاً من سرطان المثانة للتعبير عن مجموع ما يشاهد من الأورام في هذا العضو.
    تأتي أورام المثانة من حيث وفرة الحدوث الدرجة الثانية بعد الأورام الموثية prostate cancers في أورام الجهاز البولي التناسلي، وبالدرجة الرابعة في الأورام التي تصيب الذكور بصورة عامة. ويحدث 70% منها في الذكور و30% في الإناث، وأكثر ما تصيب من تجاوز الخمسين من العمر. وبازدياد عمر المصاب تصبح الأورام أشد خبثاً من حيث شكلها وتطورها.
    الإمراض pathogenesis
    يمكن أن تنشأ الخلايا الورمية في المثانة بدءاً من خلايا بشروية طبيعية أو مصابة بفرط التنسج hyperplasia أو بتبدلات استحالية خلوية تراوح بين الثدن أو خلل التنسج dysplasia وبين الحؤول metaplasia.
    والعوامل المحرضة لهذا التبدل الخلوي في أورام المثانة هي:
    ـ التدخين: ويأتي في رأس هذه العوامل، وهو مسؤول عن حدوث الورم بنسبة 50% عند الذكور و30% عند الإناث، وعلاقة الإحداث هذه هي علاقة كمية أي تابعة لمقدار التدخين ومدته.
    ـ العوامل المهنية: منها تعرض المصاب في أثناء العمل إلى: المواد الكيمياوية والمشتقات البترولية ومشتقات الجلد والمطاط ومواد الطباعة والأصبغة.
    ـ لوحظ أن المرضى الذين عولجوا من الأورام بمادة الـ cyclophosphomide هم عرضة للإصابة بأورام المثانة.
    ـ كما لوحظ كثرة حدوث الأورام المثانية عند من تعرضوا لرضوض البشرة البولية على نحو مزمن، سواء كان الرضفيزيائياً أو مرضياً مزمناً مثل الإصابة بحصيات المثانة المتكررة أو التهاباتها المزمنة وكذلك المثانات العصبية المزمنة.
    ـ دور الوراثة: لقد ثبت هذا الدور إحصائياً من دراسة سوابق المصابين العائلية المباشرة ووجود التغيرات الجينية عند المصابين بأورام المثانة، وخاصة الشديدة الخبث.
    المرضيات pathology
    تنمو 80% من أورام المثانة على قاعدة المثانة، وكثيراً ما تصيب منطقة الصماخ الحالبي أو الصماخين أحياناً مما يسبب استسقاء (موه) hydrops الحالب والكلية والتهاب الحويضة والكلية pyelonephritis.
    تتقرح الأورام نتيجة نموها السريع وعدم كفاية توعيتها الدموية مما يؤدي إلى النزف وتصاب السطوح المتقرحة للأورام بخمج ثانوي ينتج عنه بيلة قيحية.
    لعله من الأفضل اعتبار كل أورام المثانة خبيثة من حيث المبدأ، وإن اختلف بعضها عن بعض بدرجة الخبث، فهذه الأورامحتى ما ظهر للعين منها سليم المظهر (مهدب وصغير القاعدة) يميل غالباً إلى النكس بعد الاستئصال، وهذا من صفات الخبث، لأن الأورام السليمة لا تنكس بعد استئصالها.
    وجدير بالملاحظة أن نكس هذه الأورام غير محصور في أماكن نموها الأصلية، بل قد يحدث في أرجاء مختلفة من المثانة، مما يدل على قابلية الغشاء المخاطي للتسرطن عند المصاب، في أماكن متفرقة، ويشير هذا إلى وجود بؤر عدة من الخلايا السرطانية المتوضعة في بشرة المثانة carcinoma in situ، وهذه تؤلف بؤراً أولية لسرطان هاجع قد ينمو في المستقبل.
    تصنيف الأورام المثانية
    تصنف الأورام المثانية إلى: الأورام البدئية primary tumors وتنمو على حساب جدار المثانة، وخاصة الطبقة البشروية، وتشكل 95% من الأورام، والأورام الثانوية secondary tumors وتأتي من أعضاء أخرى وتنتشر في المثانة ونسبتها 5%، ومصدرها الموثة، والقولون، والمستقيم، عند الذكور أو الطرق التناسلية السفلية والثدي والقولون عند الإناث.
    تصنيف الأورام البدئية:
    1ـ التصنيف حسب المظهر العياني: تصنف الأورام المثانية بحسب منظرها العياني التنظيري إلى:
    ـ الأورام الحليمية papillary tumors: وتؤلف الغالبية العظمى من الأورام المثانية (نحو 80%)، وتبدو حمراء اللون فاتحة إلا إذا كانت متقرحة، أشكالها متعددة، فمنها ما هو كثير الأهداب وذو عنق ضيق، وهو أقل خبثاً ومنها ما هو لاطئ Sessile ذو عنق قصير وعريض وهو أشد خبثاً وأكثر ميلاً للارتشاح في جدار المثانة وتقدر نسبة مشاهدة الشكل الأخير بين 10 و25% من الأورام الحليمية.
    ـ السرطان البؤري الموضع carcinoma in situ: نادراً ما يشاهد هذا السرطان عيانياً إنما يكتشف مصادفة حين أخذ خزعة من آفة مثانية تبين وجود جذيرات من الخلايا السرطانية في البشرة المثانية، هذه الجذيرات كثيراً ما تنطلق صعوداً لتتظاهر بأورام مثانية حليمية أو هبوطاً في جدار المثانة لترتشح في هذا الجدار.
    ـ السرطان الصلب أو المسطح solid carcinoma: ويصادف بنسبة 20% من الأورام ويبدو على هيئة لوحة أو طبق قليل التبارز عن سطح المثانة قاس ومرتشح وكثيراً ما يتقرح سطحه. هذا الورم سريع الارتشاح في الجدار المثاني invasive لذا فهو فائق الخبث.
    2 ـ التصنيف حسب نوع خبث الخلايا ودرجته: تقسم الأورام المثانية حسب نوع خلاياها إلى:
    ـ الأورام الوسيطة الخلايا transitional cells: وتنشأ من البشرة البولية urothelium، وهي أكثر الأورام مشاهدة إذ تقدر نسبة حدوثها عالمياً بين 90 إلى 95% من أنواع أورام المثانة، باستثناء المناطق الموبوءة بالبلهارزيا. تقسم الأورام الوسيطة الخلايا استناداً إلى منظرها المجهري إلى درجات grades درجة أولى وثانية وثالثة ورابعة، وذلك بحسب شدة التبدلات الخبيثة في خلاياها.
    ـ الأورام الحرشفية البشرانية (الأورام الشائكة الخلايا) epidermoid squamous cells ca: وهي أندر حدوثاً من الأورام السابقة إذ تتراوح نسبة حدوثها بين 5 إلى 10% من أورام المثانة ولا ينطبق هذا الإحصاء على البلاد الموبوءة بالبلهارزيا إذ ترتفع نسبة الإصابة بهذا النوع من الأورام في هذه البلاد إلى درجة عالية قد تصل إلى 60% من الأورام المثانية.
    ـ السرطان الغدي adeno carcinoma: وهو نادر جداً.
    ـ الأورام الغرنية sarcomas: وهي نادرة جداً أيضاً، وتشاهد غالباً في الأولاد الذكور وهي سريعة الارتشاح والاستعمار لذا فإنها تسبب الوفاة بسرعة.
    ـ أورام أخرى نادرة الحدوث: منها الأورام اللمفية البدئية lymphomas والأورام الليفية العصبية وأورام العقد الودية (أورام القواتم) pheochromocytomas.
    3 ـ التصنيف حسب مرحلة امتداد الخلايا الورمية staging of the tumor: تقسم أورام المثانة من حيث امتدادها في جدارالمثانة إلى:
    أ ـ أورام سطحية superficial bladder tumors: وهي الأورام المتوضعة في البشرة البولية أو الممتدة إلى الطبقة تحت المخاطية، وتشكل نسبة 70% من أورام المثانة، ويمكن تقسيم هذه الفئة من خلال دراسة الفعالية البيولوجية لها وسيرها السريري إلى:
    ـ أورام سطحية بسيطة: وهي أورام صغيرة الحجم غالباً ما تكون مفردة، قليلاً ما تنكس بعد استئصالها متوضعة في البشرة أو ممتدة قليلاً لما تحت المخاطية.
    ـ أورام سطحية عالية الخطورة: وهي وإن كانت سطحية التوضع من الناحية النسجية وذات فعالية بيولوجية عالية وسيرها السريري غالباً ما يكون نحو الغزو والسير عمقاً في جدار المثانة لذا يجب مراقبتها بصورة حثيثة.
    ب ـ الأورام العميقة deep or invasive bladder tumors:: وهي التي تصل فيها الخلايا الورمية إلى الطبقة العضلية أو المصلية للجدار المثاني وقد تجتاز هذه الطبقة إلى محيط المثانة. وتقدر نسبة حدوث هذه الأورام بنحو 24% من أورام المثانة.
    سير الإصابة وحدوث النقائل
    بعد التحول التنشئي للخلايا البشرية يمكن أن تبقى سطحية التوضع، أو تتطور إلى خلايا غازية للجدار ثم منتقلة للطرق اللمفية والأعضاء البعيدة.
    التشخيص
    يعتمد التشخيص على:
    أ ـ الأعراض: بشكو المصاب من الأعراض الآتية مجتمعة أو منفردة:
    ـ البيلة الدموية العيانية: وهو عرض باكر للإصابة، وفي معظم الأحيان تكون البيلة الدموية انتهائية في بدء نمو الورم وتصبح شاملة متى أصبح الورم كبيراً ومتقرحاً وتترافق بطرح خثرات دموية في الغالب.
    ـ أعراض التخرش المثاني المزمنة: حرقة أثناء البول، وتعدد البيلات الليلي والنهاري، والزحير البولي، وظهور البيلة القيحية.
    ـ وجود خمج بولي مزمن لا يستجيب للمعالجة.
    ـ أعراض انسداد عنق المثانة.
    ـ طرح قطع لحمية مع البول.
    ـ آلام في الناحية الكلوية إذا سد الورم الصماخ الحالبي أو ارتشح في جدار المثانة في منطقة الصماخ الحالبي.
    ـ أعراض عامة مثل: الضعف الشديد ونقص الوزن وفاقة الدم والحمى، وتدل هذه الأعراض على درجة متقدمة من المرض، وتنتج عن انتقالاته الموضعية والعامة ومضاعفاته بخمج موضعي أو كلوي ولا تظهر إلا في مراحل المرض الأخيرة.
    ب ـ العلامات السريرية physical signs: لا تشاهد غالباً بالفحص السريري علامات سريرية مرضية.
    ج ـ العلامات الشعاعية: يجب إجراء الصورة الشعاعية البسيطة والظليلة للجهاز البولي لكل مريض يشكو من البيلة الدموية ويشك بإصابته بأورام مثانية إذ كثيراً ما يساعد ذلك على وضع التشخيص بصورة مبكرة كما تدل الموجودات في هذه الفحوص على مدى الإصابة ومرحلته،ا ومن الفحوص الشعاعية الواجبة الإجراء لتحديد ذلك بصورة خاصة التصوير الطبقي المحوري.
    د ـ التنظير البولي: ويجرى من قبل متخصص لتأكيد تشخيص الأورام وتقويمها، وأخذ خزع منها لدراستها نسيجياً، وتحديد نوع الورم ومقدار غزوه لجدار المثانة تمهيداً لوضع خطة علاجية تناسب الحالة.
    المعالجة
    تعتمد أسس المعالجة واختيار الطريقة المناسبة منها للمصابين بأورام المثانة على: التشخيص الدقيق لنوع الورم ودرجته ومدى امتداده، فكلما كان اكتشاف الإصابة باكراً كانت نتائج هذه المعالجة ناجحة بل شافية والعكس صحيح وفيمايلي لمحة موجزة عن الطرائق العلاجية المستعملة في الإصابات المختلفة:
    ـ في الأورام السطحية: يكتفى بالاستئصال التنظيري لهذه الأورام على أن يراقب المريض بعد ذلك بإجراء تنظير مثاني كل ستة أشهر للتأكد من عدم نكس الورم، أو حدوث أورام أخرى في المثانة.
    ـ في الأورام السطحية العالية الخطورة: يجب مراقبتها بحذر بإجراء تنظير مثاني بعد استئصالها كل ثلاثة أشهر، ويفضل حقن مواد كيماوية ضمن المثانة بعد عملية استئصالها التنظيري مباشرة، وإذا لوحظ نكسها السريع فيجب إجراء استئصال تام للمثانة.
    ـ في الأورام العميقة: يجب إجراء استئصال تام للمثانة مع استئصال العقد اللمفية الحوضية وتحويل البول إلى مثانة تُصنع من الأمعاء الدقيقة أو الغليظة بحسب طرق مختلفة.
    ـ المعالجة الشعاعية: وهي قليلة الفائدة في سرطانات المثانة لذا لا تستعمل إلا كمعالجة ملطفة للحالات المتقدمة جداً.
    ـ المعالجة بالأدوية الكيمياوية المعطاة بالطريق الدموي: ما زالت فوائدها محدودة ويمكن استعمالها كمعالجة داعمة بعد الجراحة إذا كانت الإصابة متقدمة.
    الوقاية prophylaxis
    يقتصر دور الوقاية على تحديد مدة العمل في المعامل التي تستعمل المواد التي ثبت دورها في إحداث أورام المثانة، وينصح العاملون فيها بإجراء تنظير مثانة دوري كل ستة أشهر، كما يجرى كشف دوري على أبوالهم بغية تحري الخلايا الورمية فيها. كما ينصح المصابون بالأورام والذين عولجوا معالجة محافظة بالاستئصال التنظيري للأورام أن يجروا تنظيراً مثانياً بعد ثلاثة أشهر من العملية ثم بعد ستة أشهر وسنة للكشف عن نكس الورم باكراً ما أمكن ليعالج قبل أن يستفحل أمره، وينصح هؤلاء بالإقلاع عن التدخين. ويجب معالجة حالات التهاب المثانة المزمن وحصياتها أو إصابتها بالبلهارزيا بصورة جدية وباكرة لأنها مؤهبة للإصابة بأورام المثانة.
    وليد النحاس

  6. #636
    سـرطان المعدة

    المعدة جزء من الجهاز الهضمي، موقعها في المنطقة العليا من البطن وتحت الأضلاع، تتصل من الأعلى بالمريء ومن الأسفل بالعَفَج. وتتألف تشريحياً من أربعة أقسام رئيسة، أولها هو الفؤاد cardia ويتوضع بعد الوصل المريئي المعدي، يليه القاعfundus ويقع إلى الأعلى وأيسر الوصل المريئي المعدي، ثم الجسم corpus، وبعده الغار antrum وهو الجزء المتبقي منها.
    يعد سرطان المعدة gastric cancer من السرطانات الشائعة في العالم، وهو ثاني السرطانات المميتة في المملكة المتحدة إذ يسبب نحو سبعة آلاف وفاة سنوياً فيها، ويصاب به نحو 24000شخص في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً. ويؤلف هذا المرض تحدياً كبيراً للأطباء والباحثين، إذ أنه على الرغم من التطور الذي تحقق في طرائق الكشف المبكر والعلاج، فإن نسب الشفاء منه ما تزال منخفضة.
    تشكل السرطانات الغدية adenocarcinomas نحو 90% من مجمل السرطانات المعدية، في حين تشكل اللمفوماتlymphomas، والسَرَطاوي (الكارسينوئيد) carcinoid، والأورام السدوية (أورام اللحمة) stromal tumors الـ 10% الباقية.
    بدأ سرطان المعدة في الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ الثلاثينات من القرن العشرين، في التناقص، فانخفض معدل الإصابة به من 40 حالة لكل 100ألف نسمة عام 1930 إلى عشر حالات لكل 100ألف نسمة عام 1990، غير أنه، ما زال واحداً من السرطانات العشرة الأولى التي تسبب الوفاة في تلك البلاد، عند الذكور والإناث على حد سواء.
    الشكل (1) معدلات الإصابة بسرطان المعدة في عدد من البلدان
    يشاهد سرطان المعدة غالباً في الأعمار المتقدمة، وتختلف نسب الإصابة به بحسب الجنس، إذ تبلغ الإصابة عند الذكور ضعف إصابة الإناث. كما تختلف نسب الإصابة والوفيات بسببه حسب التوضع الجغرافي، فتشاهد نسب عالية منها في بلدان معينة مثل التشيلي وكوستاريكا وهنغاريا والبرتغال وسنغافورة ورومانيا (الشكل ـ1). وتحدث أعلى نسب الوفيات بسببه في اليابان (50% عند الذكور، و40% عند الإناث). ويُعتقد أن السبب الرئيس لارتفاع نسب الإصابة في تلك البلاد عائد إلى مسرطنات بيئية environmental carcinogens، مصدرها الغذاء غالباً.
    كانت سرطانات منطقة الغار الأكثر مشاهدة، إلا أن هذا بدأ يتغير منذ الثمانينيات في القرن العشرين إذ بدأت سرطانات الأقسام القريبة من المعدة (الفؤاد والجسم) بالتزايد على حساب سرطانات الغار.
    الأسباب المؤهبة
    ـ الآفات قبل السرطانية في المعدة premalignant gastric lesions: تزداد خطورة تشكل سرطانات المعدة عند وجود سلائل (بوليبات) polyps داخل المعدة. وهناك أنواع من السلائل في المعدة، الأول منها هو سلائل فرط التنسُّج hyperplastic polyps، وتصادف عند 0.5 إلى 1% من السكان، وتؤلف نحو 80% من سلائل المعدة، وهي لا تملك قدرة التحول السرطاني. أما النوع الثاني من السلائل فهو السلائل الغدية adenomatous polyps، وهي قادرة على التحول الخبيث. وتُقدَّر نسبة التسرطن فيها بنحو 10 إلى 20% خاصة إذا زاد حجم السَليلة عن 2سم أو كانت هناك سلائل متعددة.
    ـ التهابات المعدة gastritis: تكثر نسبة مشاهدة التهابات المعدة الضمورية المزمنةchronic atrophic gastritis وسرطانات المعدةمع تقدم العمر. ويترافق غالباً التهاب المعدة المزمن مع تغيرات خلوية مهمة بكونها قبل سرطانية، يذكر منها الحؤول المعويintestinal metaplasia وثَدَن (خلل تنسج) الغشاء المخاطي mucosal dysplasia. وإن أكثر أنواع التهابات المعدة المزمنة ترافقاً مع احتمال التسرطن هي تلك المترافقة مع فقر الدم الوبيل pernicious anemia
    ـ أخماج الملوية البوابية helicobacter pylori infections: تزايد الاهتمام مؤخراً بالدور الذي يمكن أن تقوم به الأخماج الناجمة عن الملوية البوابية في تطور سرطان المعدة. وقد لوحظ ارتفاع نسبة الأخماج بسبب هذا الجرثوم، في أماكن تزايد نسبة سرطان المعدة، ويعتقد أنها تسبب التهاباً مزمناً في النسيج المخاطي في المعدة، وخاصة إذا كان التعرض لها مبكراً منذ مراحل الطفولة، مما يجعل مخاطية المعدة أكثر تأهباً للتغيرات البيئية المسرطنة. تترافق الأخماج المزمنة بهذا الجرثوم بزيادة نسبة سرطانات المعدة المتوضعة في جسم المعدة وغارها وليس بسرطانات الفؤاد. كما تترافق الإصابة بهذا الجرثوم مع زيادة نمط خاص من اللمفومات المعدية يدعى MALT lymphomas، ويمكن لهذه الأورام أن تتراجع وتشفى أحياناً بالقضاء على هذا الجرثوم.
    ـ عمليات جراحية سابقة في المعدة: يتزايد حدوث سرطان المعدة في القسم المتبقي بعد عمليات قطع المعدة. وقد تبين أن احتمال التسرطن يبدأ بالتزايد بعد نحو 25سنة من إجراء العمل الجراحي. وتقدر نسبة ذلك بنحو 3 إلى 10%. ومن الأسباب المؤهبة لذلك زيادة القلس الصفراوي bile reflux للجيب المعدي، ونقص حموضة المعدة، وزيادة حدوث التهاب المعدة المزمن الضموري.
    ـ عوامل وراثية: توجد أدلة على وجود توارث أُسرِي لسرطانات المعدة، ومن أكثر العائلات شهرة في هذا الصدد عائلة بونابرت فسرطان المعدة كان السبب بوفاة نابليون بونابرت وأبيه وجده وثلاث من أخواته. وهنالك أسباب وراثية لدى نحو 10% من مرضى سرطان المعدة. وقد أثبتت دراسات حديثة أهمية الجين (المورث) E-cadherin/CDH1 الموجود على الصبغي 16، والذي ينتمي البروتين الناتج عنه إلى عائلة من جزيئات مهمة في تحقيق اتصال الخلايا، ولها دور مهم في المحافظة على التمايز الخلوي والتكوين الطبيعي للأنسجة الظِهارية، وقد وجدت طفرات في هذا الجين تسبب خللاً في الالتصاق الخلوي مما يؤهب للتكاثر الخلوي الشاذ. وعُثر على عائلات ظهر فيها سرطان المعدة نتيجة طفرة في الجين. وعموماً، فإن هنالك احتمالاً كبيراً لتطور سرطان المعدة في الأفراد الممتلكين للطفرة في عمر مبكر يقدر وسطياً بنحو 38سنة. وتُدرج المراجع العلمية تسعة جينات شائعة أخرى، وثمانية جينات أقل شيوعاً أو نادرة، مرتبطة بسرطانات المعدة. ومن جهة أخرى، فقد وُجد ارتباط بين حدوث سرطان المعدة والزمرة الدموية A.
    ـ عوامل بيئية وغذائية: يعتقد أن لبعض الأغذية دوراً في إحداث سرطان المعدة، منها الأغذية الفقيرة بالحليب والبروتينات الحيوانية والفيتامينات، والغنية بالنشويات، وكذلك الأغذية الغنية بملح الطعام والمخللة pickled والأسماك المدخَّنةsmoked fish التي تُستهلك بكثرة في بعض البلدان كاليابان والبلاد الاسكاندنافية. ويُعتقد أن العامل المسرطن في الأغذية المدخَّنة هو الهدروكربونات المتعددة الحلقات polycyclic hydrocarbons. وقد زاد الاهتمام مؤخراً بدور الأمينات الآزوتيةnitrosamines الموجودة في الأغذية الغنية بالبروتينات والمواد الحافظة للغذاء food preservatives، وهي مسرطنة لمخاطية المعدةفي حيوانات التجارب.
    وهنالك عوامل أخرى قد يكون لها أدوار مسرطنة، منها التدخين، وزيادة استهلاك الكحول، وارتفاع نسبة الزنك والرصاص في مياه الشرب.
    وتأكد من جهة أخرى، دور الفواكه والخضار في الوقاية من الإصابة بسرطان المعدة، ويعود ذلك لكون معظمها غني بالفيتامين C الذي يُعد من مضادات الأكسدة antioxidants المهمة، والتي تأكد دورها في الوقاية من السرطان.
    الأعراض
    الشكل (2) نسب الأعراض السريرية في القرحة السليمة والمراحل المبكرة
    والمتقدمة لسرطان المعدة
    إن أعراض سرطان المعدةهي غالباً غير نوعية non-specific وتلتبس في أحيان كثيرة مع أعراض الآفات المعدية غير السرطانية، وخاصة القرحة المعدية السليمة benign gastric ulcer.
    يحدث الألم البطني الشرسوفي في 70% من مرضى المراحل المبكرة لسرطانات المعدة، وغالباً ما يكون مستمرا ًوغير منتشر، ولا يتحسن بتناول الأطعمة. وبسبب استجابة الألم للعلاج بمضادات الحموضة عند بعض مرضى المراحل المبكرة، فإن ذلك قد يؤخر مراجعة المريض للطبيب ظناً منه أن الآفة سليمة المنشأ. ويشكو أكثر من 70% من المرضى من أعراض مبهمة تستمر لمدة ستة أشهر وسطياً قبل مراجعة الطبيب.
    يشاهد القَهم anorexia والغثيان nausea ونقص الوزن في نسبة من مرضى المراحل المبكرة من سرطانات المعدة قد تبلغ نحو 50% (الشكل ـ2)، وتزداد مع تقدم مرحلة المرض.
    من الأعراض الأخرى المشاهدة: عسرة البلع dysphagia في أورام المعدة القريبة من الفؤاد وتشاهد عند 20% من المرضى، والنزف الهضمي العلوي upper GI bleeding عند 5% من المرضى، وانثقاب المعدة gastric perforation عند 1% منهم. ولا تشاهد غالباً علامات سريرية صريحة في المرحلة المبكرة. ويمكن جس كتلة واضحة في البطن، في المراحل المتأخرة من المرض، كما يمكن ملاحظة ضخامة كبديةhepatomegaly أو ضخامات عقد لمفية فوق الترقوة مما يشير إلى احتمال وجود انتقالات ورمية metastasis وتطور مرحلة الورم.
    الاستقصاءات
    ـ الاستقصاءات المخبرية: تجرى الفحوص المخبرية المنوالية مثل فحص الخضاب والصيغة التي يمكن أن تكشف وجود فقر دم عند المريض anemia غالباً ما تكون على نمط فقر دم بعوز الحديد. كما تجرى اختبارات وظائف الكبد التي قد تكون مضطربة في حال وجود نقائل ورمية للكبد. يمكن كشف وجود الدم الخفي في البراز عند بعض مرضى سرطان المعدة.
    يرتفع مستوى الواسم الورمي المسمى المستضد الجنيني الورمي(CEA) carcinoembryonic antigen في الدم عند 30% من مرضى المراحل المتأخرة بسرطان المعدة، وهو اختبار غير وصفي في مرضى السرطانات الباكرة.
    الصورة (1) صورة بالتصوير الطبقي المحوري تبين كتلة ورمية
    في المعدة (السهم الأسود)، وعقدة لمفية
    متضخمة مرافقة (السهم الأبيض)
    ـ الاستقصاءات الشعاعية radiography: لمدة طويلة كانت الصور الظليلة باللقمة الباريتيةbarium meal تعد الوسيلة الرئيسة لتشخيص سرطان المعدة، وقد أصبحت أكثر دقة عندما أشركت المادة الظليلة مع الهواء (التباين المضاعف) double contrast في استخدامها، مما ساعد الشعاعيين على دراسة مخاطية المعدة دراسة أدق وأوضح. ومع تطور التنظير الهضمي العلويendoscopy بدأت الصور الظليلة باللقمة الباريتية تفقد دورها استقصاءاً تشخيصياً رئيساً.
    يستخدم التصوير الطبقي المحوري CT-SCAN(الصورة ـ1) والتصوير بالأمواج فوق الصوتيةultrasound والرنين المغنطيسي MRI scan لتشخيص النقائل وتحديد مرحلة الورم.
    ـ التنطير الهضمي والخزعة: مع التطور الكبير في مجال صناعة المناظير الضوئية الليفية المرنة flexible fiberoptic endoscopes، صار من السهل إجراء فحص كامل ودقيق لمخاطية المعدة، ومشاهدة التغيرات المرضية، ومنها سرطان المعدة، مباشرة، وكذلك أخذ خزعات متعددة منها من أجل التشخيص النسيجي. ويجب أخذ 4 إلى 6 خزعات من أي آفة مشبوهة فيالمعدة لرفع دقة التشخيص.
    يساعد التنظير الهضمي أيضاً على تحديد مكان الآفة في المعدة، ويمكن باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية خلال التنظير endoscopic ultrasound دراسة مدى ارتشاح الورم في جدار المعدة، ومن ثم التفريق بين سرطانات المعدة الباكرة والمتقدمة بدقة تصل إلى نحو 80%.
    ـ تنظير البطن: يفيد تنظير البطن الاستقصائي diagnostic laparoscopy، كجزء من تقييم مرحلة الورم، في كشف النقائل الورمية الصغيرة في الصفاق peritoneum والكبد والتي يصعب كشفها بالوسائل الشعاعية الأخرى خاصة التصوير الطبقي. وبذلك يمكن تحديد مرحلة الورم بدقة أكبر، وتحديد الخطة العلاجية وقابلية الورم للعلاج الجراحي الشافي curative.
    العلاج
    ـ الجراحة: في حال عدم وجود نقائل ورمية بعيدة distant tumor spread، تُعد الجراحة حجر الأساس في العلاج الذي يهدف إلى الشفاء. ويعتمد المبدأ الجراحي على إجراء قطع جزئي أو تام للمعدة متضمناً الورم مع هامش من النسيج المعدي السليم حوله (نحو 6سم) لضمان الحصول على هامش خالٍ من الخلايا الورمية بالفحص المجهري.
    يُجرى القطع الجزئي partial gastrectomy في حالة الأورام المتوضعة بالقسم البعيد من المعدة (أورام الغار antral tumors)، والقطع التام total gastrectomy في حالة الأورام المتوضعة في الجسم والفؤاد. تُعاد استمرارية الأنبوب الهضمي بعد القطع بمفاغرةanastomosis الأمعاء الدقيقة مع الجزء المتبقي من المعدة في حال القطع الجزئي، أو المريء في حال القطع التام. ويجب أن تستأصل العقد اللمفية المحيطة بالمعدة كجزء أساسي من العلاج الجراحي.
    ـ الاستئصال الموضّع بالتنظير endoscopic local excision: تطورت هذه الوسيلة في اليابان حيث ترتفع نسبة الكشف المبكر لسرطانات المعدة، ويعود ذلك إلى انتشار برامج المسح السكاني population screening. وهي تعتمد على استئصال الأورامالصغيرة السطحية بالتنظير، إما باستخدام حلقات خاصة loops تستأصل الأورام مع المخاطية تحتها، وإما باستخدام أشعة الليزر laser. وقد أظهرت بعض الدراسات نتائج مشجعة ومعدل بقيا survival rate وصل إلى 98% بعد ثلاث سنوات من العلاج.
    ـ العلاج المتمم: بالرغم من استخدام العلاج الجراحي، فإن معدل النكس recurrence يبلغ نحو 80%، ولذا فقد ازداد الاهتمام بتطوير نظم (بروتوكولات) علاجية متممة adjuvant treatment تتبع العلاج الجراحي بهدف تحسين نتائج المعالجة ورفع نسبة البقيا، ومن أهمها:
    ـ العلاج الكيمياوي chemotherapy: لم تظهر كل الدراسات الخاصة بدور العلاج الكيمياوي بعد الجراحة في سرطاناتالمعدة نتائج مشجعة وبالتالي لا يعد هذا العلاج ناجحاً في الوقت الحاضر. ويحتمل أن تتغير هذه الصورة في المستقبل مع ظهور نتائج الدراسات الحديثة التي تبحث نتائج المشاركة الدوائية بين العديد من الأدوية الكيمياوية، بدلاً من استخدام دواء واحد، كما كان في السابق. وقد أظهرت الدراسات التي استخدمت المشاركة بين الـ 5- فلورويوراسيل 5-flurouracil، والدوكسوروبيسين doxorubicin، والمايتومايسين mitomycin C C في حالات سرطان المعدة المتقدم استجابة جزئية تقدر بنحو 33%.
    ـ العلاج الشعاعي radiotherapy: عُدَّ سرطان المعدة لمدة طويلة معنِّداً على العلاج الشعاعي radio resistant، لكن المشاهدات السريرية أظهرت أن تطبيق العلاج الشعاعي على سرطانات المعدة المتقدمة المتوضعة بمنطقة الفؤاد والمترافقة مع عسرة بلع شديدة، أدت إلى إنقاص حجم الورم ثم إلى تحسن ملحوظ بالأعراض السريرية. ومن ثم بدأ البحث في دور الأشعة في السرطانات المتقدمة، وفي محاولة تصغير حجم الورم وجعله أكثر قابلية للجراحة. وبوجه عام، لا يترافق العلاج الشعاعي بسرطان المعدة مع زيادة في معدلات البقيا.
    ـ العلاج الملطف: عندما تثبت الاستقصاءات السريرية أن سرطان المعدة أصبح في مراحل متقدمة، وأن العلاج الجراحي الشافي curative غير مجد، يمكن اللجوء إلى عدد من العلاجات التلطيفية palliative treatment التي ترمي إلى تحسين نمط الحياة عند المرضى quality of life من دون أن يكون لها أثر في تحسين معدلات البقيا.
    من هذه الوسائل، العلاجات غير الجراحية مثل استخدام أشعة الليزر عبر التنظير الهضمي لتخثير النسيج الورمي المسبب لانسدادات أعلى المعدة، ثم تحسين أعراض عسرة البلع المرافقة. ويمكن استخدام الجراحة في بعض الحالات الخاصة كوسيلة ملطفة عندما تسمح حالة المريض بذلك، منها، مثلاً، إجراء مفاغرة بين المعدة وعروة معوية في الصائم jejunumلاجتياز انسداد في مخرج المعدة بسبب ورم كبير يسد منطقة الغار.
    المسح السكاني population screening
    من المعروف أن العلاج الجراحي لسرطانات المعدة المكتشفة في وقت مبكر تترافق مع معدلات بقيا تفوق الـ 90%. ومن هذا المنطلق طورت بعض البلدان التي تزداد في سكانها سرطانات المعدة، وخاصة اليابان والتشيلي وفنزويلا، برامج دقيقة لإجراء مسح دوري للسكان غير العرضيين non-symptomatic بغية كشف سرطان المعدة في مراحل مبكرة.
    تختلف الوسائل المتبعة لإجراء ذلك من بلد لآخر، ففي اليابان، مثلاً، يجري التصوير الظليل باللقمة الباريتية لنحو خمسة ملايين مواطن ياباني كل عام، وذلك باستخدام وحدات شعاعية متنقلة mobile screening units. وبعد انقضاء 25 سنة على بدء البرنامج، تناقصت نسبة الوفيات الناجمة عن سرطانات المعدة من 50 إلى 33% من مجمل الوفيات السرطانية عند الذكور، ومن 40 إلى 28% عند الإناث. كما تحسنت معدلات البقيا لأكثر من 50% بعد خمس سنوات من العلاج.
    أما في البلدان التي لاترتفع إصابة سكانها بسرطان المعدة، فإن المسح يجرى على المجموعات السكانية العالية الخطورة أمثال مرضى السَلائل (البوليبات) المَعدية، والتهابات المعدة الضمورية atrophic gastritis، أو المرضى الذين وجدت عندهم حالات ثَدَنdysplasia في خزعات أخذت من المعدة عند تقييمهم لأسباب أخرى كالقرحات المعدية السليمة. ويستخدم التنظير الهضمي عادة وسيلة لإجراء الفحص في تلك البلدان.
    وبوجه عام يجب أن يجري التنظير على أي مريض تجاوز سن الأربعين ويشكو من أعراض هضمية معدية غير معللة.
    عرفان العوادي

  7. #637
    سرطان الموثة

    تقع الموثة prostate تحت المثانة وتحيط إحاطة تامة بالقسم الأول من الإحليل، تقدر أبعادها بنحو 3 إلى 4سم عرضاً حذاء قاعدتها، أما طولها فيراوح بين 3 و 5سم وقطرها الأمامي الخلفي نحو 3سم.
    تتألف الموثة من بشرة غدية تبطن العنبات الموثية، ومن قنوات مفرغة تؤلف نحو 50 إلى70 من حجم الموثة ويتألف باقي الغدة من نسيج ليفي عضلي.
    تصاب الموثة بأورام متنوعة بعضها حميد وهو ما يسمى بالورم الغدي الموثي أو ضخامة الموثة، وينشأ من فرط تنسجhyperplasia في المنطقة حول الإحليل وبعضها خبيث هي: السرطان الغدي الموثي والورم الموثي العفلي أو الغرني sarcoma.
    يحتل سرطان الموثة، بحسب الإحصاءات الأمريكية، المرتبة الثانية للوفيات بالسرطان عند الذكور بوجه عام. وتندر مشاهدته قبل سن الـ40 من العمر وتزداد نسبة حدوثه بعد ذلك بصورة طردية مع ازدياد العمر حتى إن بعض الإحصاءات قدرت أن 25% ممن هم في الثمانينات مصابون بهذا المرض سريرياً. ولوحظ حدوث سرطان الموثة عند بعض العائلات مما يشير إلى وجود استعداد وراثي.
    يتصف هذا المرض بأن الأعراض البولية الانسدادية تظهر في مرحلة متأخرة من سيره، وبانتقاله إلى العظام (الحوض والعمود الفقري خاصة) وبتسبيبه للقصور الكلوي، نتيجة سده لعنق المثانة أو لأحد الحالبين أو لكليهما معاً. ويُسد الحالب إما بالعقد الحوضية المتضخمة المصابة بالنقائل metastases أو بسبب امتداد الورم إلى الحويصلين المنويين وضغطه على الحالبين، كما يظهر لدى المريض فقر دم في المراحل المتأخرة من المرض نتيجة تقرح الورم من جهة وتثبيطه النقي من جراء النقائل إلى نقي العظام من جهة أخرى.
    الأسباب
    أسباب سرطان الموثة غير معروفة تماماً، وذكر عنها الكثير مثل البدانة وبعض أنواع الحميات الغذائية أو نقص تناول الفيتامين E وكلها غير مؤكدة ولكن المؤكد هو العامل الجيني وعلاقة الأندروجينات androgens بتنشيط نمو السرطان الموثي وتثبيط الاستروجينات estrogens لهذا النمو، لذلك تعد معظم حالات سرطان الموثة من الأورام المعتمدة على الهرمونات الجنسيةsex hormone dependent tumors. وهذا ما اكتشفه هيغنس Huggins في الأربعينيات من القرن الماضي ونال عن ذلك جائزة نوبل.
    الإمراض والسير
    غالباً ما يشاهد السرطان الموثي مع فرط التصنع الموثي السليم، من دون أن يكون بينهما علاقة، أي إن الضخامة الموثية السليمة لا تستحيل سرطاناً، كما يشاهد السرطان في حالات قليلة ضمن الورم الغدي الموثي إذا نشأ في المنطقة الوسيطة أو المركزية للموثة، ويظهر جزيراتٍ سرطانيةٍ بالفحص المجهري للأورام الغدية المستأصلة.
    تتظاهر الآفة الباكرة في سرطان الموثة سريرياً في أثناء إجراء المس الشرجي بعقيدة صلبة على السطح الخلفي أو الخلفي الجانبي للموثة، بحجم العدسة أو بقطر يزيد على 0.5 سم وهي تستدعي الانتباه والشك في طبيعتها، وأخذ خزعة منها، لأن معالجة المرض على نحو جذري في مراحله الأولى كفيلة بشفاء المريض وخلاصه من الإصابة.
    تنمو العقيدة السرطانية إذا تركت وشأنها في جميع الاتجاهات حتى تصبح شاملة لفص موثي كامل، وفي هذه المرحلة يشعر الطبيب، لدى إجراء المس الشرجي، بصلابة حجرية شاملة لكل الفص، وإذا استمر نمو الورم انتشر موضعياً وشمل الحويصل المنوي الموافق لجهة الإصابة، وهذه تمثل مرحلة متقدمة جداً. ولا يمتد السرطان الموثي عادة نحو المستقيم، لكنه ينمو نحو الداخل حتى يصل إلى الإحليل وعنق المثانة، وقد يتقرح سطحه البارز في عنق المثانة ويسبب نزفاً. ويحدث هذا في الأدوار الأخيرة جداً ونمو السرطان نحو الإحليل يؤدي إلى انسداد لمعته وإعاقة خروج البول من المثانة.
    تنتشر الخلايا السرطانية الموثية إلى العقدة اللمفية السدادية أولاً، ثم إلى العقد اللمفية الحوضية، كما تصاب العقد الأربية والعقد فوق الترقوة اليسرى في مرحلة لاحقة أحياناً. إضافة إلى الانتقال بالطريق اللمفي يمكن للسرطان الموثي أن ينتقل بالأوردة إلى عظام الحوض ورأس الفخذ والعمود القطني والجمجمة مما يؤدي إلى انتقالات مصنَّعة للعظم غالباً وحاَّلة له أحياناً تسبب آلاماً عظمية مبرحة أو كسوراً عظمية أو متلازمات عصبية انضغاطية المنشأ (شلول). كما ينتقل المرض إلى الرئتين والكبد ونقي العظم.
    يتراجع السرطان الموثي بعد المعالجة بمضادات الأندروجين في أكثر الحالات، فيصغر حجم الغدة، ويلين قوامها، وتتراجع الأعراض البولية الانسدادية على أن هذا التراجع، على الرغم من حدوثه، فإنه قد يتوقف بعد 2 إلى 5 سنوات من سير المرض، وذلك لطغيان نشوء السلالات الورمية غير الخاضعة للمعالجة بمضادات الأندروجينات وتشكيلها معظم حجم الورم. ويعود سبب هذا التطور إلى أن سرطان الموثة يتألف من كتل خلوية غير متجانسة وظيفياً يمكن تقسيمها إلى:
    ـ خلايا معتمدة في نموها وتكاثرها على وجود الهرمون المذكر أو الأندروجينات وتشكل القسم الأعظم من الورم خاصة قبل معالجته بمضادات الأندروجينات.
    ـ خلايا حساسة للأندروجينات وتتكاثر ببطء حتى من دون وجود الأندروجينات، ولكن هذا التكاثر يزداد إذا أعطيت هذه الهرمونات.
    ـ خلايا تتكاثر بسرعة حتى في حال عدم وجود الأندروجينات، ويؤدي تكاثرها إلى تشكل حالات السرطان الموثي المعند على الأندروجينات أو المسمى refractory cancer. وتشاهد هذه الخلايا بكثرة في الحالات المعندة والمتقدمة والتي لم ينفع فيها أي علاج حتى اليوم.
    وتفيد النقاط التالية في فهم هذا المرض وتطوره وسبل تجنبه ومعالجته:
    ـ يحدث هذا المرض بدءاً من العقد الخامس من العمر، وخاصة ممن في سوابقهم العائلية إصابة به، مما يدفع بإلحاح إلى ضرورة إجراء الفحص السريري الدوري لأفراد عائلة المصاب، للبحث عن احتمال الإصابة باكراً.
    ـ يتطور هذا المرض تطوراً صامتاً بدون ظهور أعراض بولية في بدء تكونه والسبيل الوحيد لكشفه باكراً هو الفحص الدوري السريري والفحوص المخبرية .
    ـ ينجم عن التأخر في تشخيص المرض إصابة متقدمة لا يمكن إزالتها بصورة جذرية وتامة، ولا يبقى للمعالجة منها إلا المعالجة الملطفة بمضادات الأندروجينات، وهي معالجة ناجعة ولكنها مؤقتة.
    ـ تصبح الحياة في نهاية تطور المرض لا تطاق عند المصاب، إذ قد تظهر أعراض كثيرة مزعجة جداً منها: الآلام العظمية الشديدة والمعممة، والنزوف البولية والعامة، وأعراض فقر الدم والوهن، والشلول العصبية، والانسدادات البولية والأسر البولي.
    إن إمكانية معالجة المرض في هذه المرحلة متواضعة جداً وتقوم على المسكنات المركزية وإعطاء الدم وغيرها من المعالجات العرضية .
    التشريح المرضي وتصنيف غليسون Gleason
    ينشأ السرطان الموثي في المنطقة المحيطية للغدة بنسبة 70%، وفي المنقطة الوسيطة بنسبة 10 إلى 15%، وفي المنطقة المركزية بنسبة 15 إلى 20%.
    وضع غليسون Gleason هذا التصنيف في عام 1974 اعتماداً على حجم الإصابة ودرجة تمايز الخلايا السرطانية، إذ من المعلوم أنه كلما ازداد حجم الإصابة وازدادت درجتها كان الورم أشد خبثاً وأسوأ إنذاراً.
    الأعراض والتشخيص
    لا يتظاهر سرطان الموثة بأعراض في مراحله الباكرة. أما في المراحل المتأخرة فتظهر: الأعراض البولية السفلية من تعدد بيلات وعسرة تبول. والأعراض الناجمة عن الانتقالات متنوعة ومتعددة بحسب المكان. أما العلامات السريرية التي يحصل عليها الطبيب بالفحص الطبي وخاصة بالمس الشرجي فهي جس عقيدة قاسية على سطح الموثة تختلف في حجمها باختلاف مرحلة الإصابة. ولابد لتشخيص المرض في مراحله الباكرة ما أمكن من إجراء مايأتي:
    ـ عيار مقدار المستضد النوعي للموثة prostate specific antigen (P.S.A) في الدم وهو غليكوبروتين يفرز من غدة الموثةالطبيعة ولكن يزيد مقداره إذا أصيبت هذه الغدة بالسرطان لذلك يعد هذا العيار الذي اكتشف في عام 1982 من الدلائل الورمية المهمة التي يجب معايرتها سنوياً لكل من تجاوز الخمسين من العمر. يبلغ مقدار الـ P.S.A الطبيعي 2.5 لمن هم في سن الخمسين، ويزيد حتى 6.5 في العقد السابع من العمر، وإن زيادة مقداره عن هذه الحدود يعد إشارة إلى احتمال الإصابة بالسرطان الموثي.
    ـ إذا كان مقدار الـ P.S.A مرتفعاً يجرى لإثبات التشخيص دراسة بالأمواج فوق الصوتية للموثة بوساطة مسبار خاص يدخل للمستقيم عن طريق الشرج وعن طريقه ترى الآفة المشتبه بها، وتؤخذ من خلال هذا المسبار عدة خزع من المنطقة المشبوهة بالإصابة لإرسالها للفحص التشريحي المرضي الذي يؤكد التشخيص.
    بعد وضع التشخيص والتأكد، بإجراء فحوص طبية وشعاعية أخرى، من أن المرض ما زال محصوراً في غدة الموثة ولا توجد نقائل خبيثة للعقد أو للاعضاء المختلفة، يمكن شفاء المريض بإجراء العملية الجراحية الواسعة وهي استئصال الموثة الجذري الذي يشمل الموثة والحويصلين المنويين والإحليل الموثي وتفاغر المثانة مع الإحليل.
    المعالجة
    ـ المعالجة الشافية: وتجرى في مراحل المرض الأولى حينما تكون الإصابة موضعة في غدة الموثة، وتقوم إما على استئصال الموثة الجراحي الجذري، أو المعالجة الشعاعية للموثة المصابة، ونتائج هاتين الطريقتين في الشفاء عالية في هذه المرحلة، علماً أن للمعالجة الشعاعية مضاعفات قد تكون مزعجة للمريض .
    ـ المعالجة الملطفة: وتجرى إذا راجع المريض الطبيب بعد امتداد الإصابة خارج نطاق غدة الموثة، وهي معالجة غير شافية غايتها تخفيف وطأة ما يعاني منه المريض، ويأتي على رأسها المعالجة المضادة للأندروجينات، مثل استئصال الخصيتين الجراحي، أو إعطاء معالجات دوائية لها الأثر نفسه، وتتراجع الإصابة بعد هذه المعالجة، ولكن إلى أجل يراوح بين 2 إلى 5سنوات ليصبح الورم بعدها معنداً على هذه المعالجة ومستشرياً، وحينئذٍ لا ينفع في علاجه إلا المعالجات الدوائية العرضية كالمسكنات.
    أما ورم الموثة العفلي فهو نادر يصيب اليفعان وسيره سريع يؤدي إلى تكون كتلة كبيرة تحت المثانة ويعالج بالأدوية الكيمياوية أو الجراحة الواسعة إذا كشف باكراً، علماً بأن نتيجة هذه المعالجة قليلة الفائدة من حيث شفاء المريض.
    وليد النحاس

  8. #638
    السعفات الجلدية

    أطلقت السعفات tinea أو الدودة الحلقية ringworm على الأخماج الفطرية السطحية، التي تصيب البشرة وملحقات الجلد (الأظفار والأشعار).
    الأسباب مع لمحة عن الأنواع
    تنجم السعفات عن الفطور، التي لا يزال الجدل قائماً حول تصنيفها في النظام الحيوي، لأنها تنضوي عادة تحت لواء العالم النباتي، لكن هناك رأياً آخر يضمها إلى كل من المملكتين النباتية والحيوانية، ذلك أن الفطور لا تشبه النباتات لأنها لا تحوي يخضوراً chlorophyll، كما أنها لا تشبه الجراثيم لاحتوائها على نواة حقيقية وجدار خلوي فيه السيللوز أو الكيتين chitinوعلى أي حال فان لهذا التصنيف استثناءات. يعتمد تصنيف الفطور إلى أجناس وأنواع وصفوف على كل من الخواص الشكليائية والفيزيولوجية وعلى اختلاف طرق انقسامها وتطفلها. يقدر عدد الأنواع الفطرية بنحو 120.000نوعاً من بينها المفيد، كما وأن القليل منها، وعددها اثنان وخمسون، تسبب أمراضاً مختلفة للإنسان، هذا وهناك أنواع من الفطور تقتصر إصابتها على الطبقة السطحية للجلد (البشرة) وملحقاته (الأظفار والأشعار) تدعى بالفطارات السطحية أو السعفات والتي هي مدار البحث هنا. كما أن هناك بعض الفطور العميقة، إضافة إلى ذلك فإن هنالك أنواعاً من الفطور تصيب مختلف أنسجة الجسم كالرئتين والجهاز الشبكي البطاني والجملة العصبية تدعى بالفطور المجموعية أو الجهازية.
    يمكن تقسيم الفطور السطحية من الناحية الطبية إلى: الفطور الجلدية dermatophyton، والخمائر yeasts، ومن أهمها جنس المبيضات Candida التي تؤدي إلى التهاب الفم والفرج والمهبل، ولاسيما عند وجود العوامل المؤهبة لدى المصاب، والتي يأتي في طليعتها الداء السكري. وهناك العفن molds، ومنها جنس الرشاشيات Aspergillus التي تصيب مجرى السمع الظاهر.
    ومن بين أهم الفطور الجلدية في إحداث السعفات: أجناس من الشعرويةTrichophyton (كالشعروية الحمراءT.rubrumوالشعروية البنفسجية T.violaceum والشعروية الجازة T.tonsurans والشعروية الثؤلولية T.verrucosum)، والبويغاء Microsporum(كالبويغاء الادونية M.audouinii والبويغاء الكلبية M.canis البويغاء الحديدية M.ferrugineum)، والفطور البشروية Epidermophytonكالفطر البشروى الندفي E.floccosum.
    تتم العدوى بالفطور إما عن طريق التماس المباشر بين إنسان مصاب وآخر غير مصاب، أو من حيوان مصاب إلى إنسان، أو من التربة أو من الهواء، أو أنها تتم عن طريق غير مباشر وذلك عن طريق استعمال أدوات الشخص المصاب، كالأمشاط وأدوات الحلاقة والأحذية وغير ذلك. كما وأن هنالك ثمة عوامل تساعد على الإصابة بالأمراض الفطرية منها: أنواع العوز deficiency المناعية الخلقية والمكتسبة، والداء السكري، والأدوية المثبطة للمناعة، والستروئيدات القشرية، ومانعات الحمل، ومركبات التتراسكلين، والبدانة، والحوائج الكتيمة (كالأحذية المطاطية، والحفاضات البلاستكية وغيرها). ولموضع الإصابة بالسعفة دور في تسميتها مما أدى للحصول على التسميات التالية: سعفة الرأس T.capitis، وسعفة اللحية T.barbae، وسعفة الجسد T.corporis، وسعفة الإرفاغ T.inguinalis. (السعفة الاربية)، وسعفة اليد T.manus، وسعفة القدم T.pedis، وسعفة الأظفار T.unguium.
    السعفة الجازة
    ـ سعفة الرأس: خمج يصيب الأشعار المغطية للرأس والحاجبين والأهداب بوساطة أنواع من جنس الفطور الشعروية الجازة ـ البويغاء الأودونية والبويغاء الكلبية. هذا وتأخذ الإصابة بأحد الفطور السابقة أحد الأشكال السريرية التالية:
    ـ السعفة الجازة tinea tonsurans: تصيب هذه السعفة الجازة كلاً من الجلد وجريبات الأشعار، وتشاهد عند طلاب المدارس خاصة، قبل سن البلوغ لأنها تشفى بعد البلوغ شفاء تلقائياً لتغير الحموض الشحمية المتوضعة على البشرة من جراء تأثيرات الهرمونات الجنسية.
    تتراءى هذه السعفة، ذات السراية الشديدة، ببؤر واضحة الحدود تأخذ أشكالاً دائرية أو بيضوية منتظمة تكسوها وسوف رمادية على فروة الرأس.
    أما الفطور المسببة لهذه السعفة فقد تكون إما فطور الشعروية الجازة وإما البويغائية. وتتصف السعفة الناجمة عن الشعروية الجازة التي تتوضع داخل الشعرة endothrix ببقعها الصغيرة المتعددة المرصعة بأشعار مجزوزة على مستوى سطح جلد الفروة بادية بشكل نقط تدعى black dots لكن الإصابة بكل من البويغاء الأُدونية أو الكلبية (ذواتي المصدر الحيواني) فتبدوان بشكل بقعة مستديرة ذات حدود واضحة مغطاة بوسوف رمادية مبرقشة مرصعة بأشعار متقصفة سهلة الانقلاع ومجزوزة على علو 2 إلى 5مم عن مستوى سطح الجلد.
    ـ السعفة القرعية tinea favosa: عرفت السعفة القرعية منذ القديم، وكانت تؤخذ مقياساً للمشعر الحضاري، وهي واسعة الانتشار في أوربا وآسيا، إلا أنها بدأت بالتقهقر والانحسار، وأصبحت لا تشاهد إلا نادراً لارتفاع المستوى الثقافي والمادي لدى السكان، إضافة لزيادة الخدمات الطبية.
    تعرف السعفة القرعية بالقرعة favus، أما العامل المسبب لها فهو الشعروية الشونلانية trichophyton schoenleinii التي كانت تسمى قديما بعديمة الغشاء الشونلانية. هذا ويتطفل هذا الفطر، إضافة لتطفله على أشعار فروة الرأس على كل من الجلد والأظفار عند الإنسان. إن القرعة خمج مزمن وسار، أما عدواها فتنتقل من إنسان إلى آخر إما بالتماس المباشر أو عن طريق حوائج المريض. هذا ويتوضع الفطر المؤدي للقرعة عادة داخل الشعرة عند إصابتها لأشعار فروة الرأس مسبباً إتلافها وترك ندبات دائمة خالية من الأشعار ذات صفات خاصة يمكن أن يستشف منها الإصابة بالمرض حتى بعد سنين طويلة من الشفاء. كما وتتصف القرعة بأنها لا تشفى مع سن البلوغ إذ أن الإصابة بها يمكن أن تدوم مدى الحياة إذا لم تعالج. كما أن للقرعة أشكالاً سريرية متعددة أكثرها انتشاراً الشكل التريسي scutula الذي يتظاهر بشكل قشور صفراء كبريتية ذات انخماص مركزي ورائحة تشبه رائحة الفئران، تتوضع التريسات حول جريب الشعرة، كما يشاهد بجانب التريسات ندبات ضمورية لا تكون مجردة كلية من الأشعار إذ يشاهد عليها بعض الأشعار المتناثرة.
    الشهدة
    ـ الشهدة kerion: وتعرف أيضا بالشهدة المقيّحة، لأن بؤر الإصابة في هذه الشهدة تتكون من عدة خراجات صغيرة متوضعة حول كل جريب، وأهم ما يميز هذه الشهدة سريرياً وجود ظواهر التهابية واضحة ذات سير عنيف أحياناً أما الفطور المسببة لهذه الشهدة فجميعها حيوانية، منها البويغاء الكلبية، وأنواع الفطور الشعروية الحيوانية.
    تنتقل هذه الآفة للإنسان عن طريق التماس المباشر مع حيوانات كالقطط والكلاب والعجول وغيرها..أما الصورة السريرية للشهدة فمتميزة بأنها تتراءى بسطح التهابي خزبي (مرتشح) مرتفع عن سطح الجلد، ذي حدود صريحة يشبه القرص، وينجم عن إصابة العديد من الجريبات، التي تتصف بسهولة انقلاع أشعارها.
    تبقى الشهدة فترة محدودة تتراجع بعدها مخلفة ندبة وراءها، وترمي معالجة هذه الشهدة إلى تخفيف مدة التهابها، وتسريع مدة شفائها، كما ترمي إلى الإقلال من حدوث التندب.
    ـ سعفة اللحية: آفة شائعة تشاهد بخاصة عند المزارعين الذين هم على تماس مع المواشي بالشهدة، وهي خمج فطري جلدي تقيحي يصيب أجزاء الوجه المكسوة بالأشعار، يحدث هذا الخمج عند الكهول من الرجال. أما السبب الشائع لهذه الآفة الفطرية فهي الشعروية ذات المصدر الحيواني. تتم العدوى بهذه السعفة عن طريق التماس مع الحيوانات المخموجة، ويمكن أن يقتصر توضع الشعروية على السطح الخارجي لسقيبة الشعرة ectothrix. تتظاهر هذه السعفة سريرياً بمنظر يشبه الشهدة السابقة.
    سعفة الجسد
    ـ سعفة الجسد: يصاب الأطفال على نحو خاص بسعفة الجسد، وتنتقل إليهم عن طريق الحيوانات الأليفة. وتبدو بآفات حمامية وسفيه دائرية ذات حدود صريحة. تنتشر بشكل نابذ، أي أنها تتوسع من المركز إلى المحيط، وقد تشاهد بثور على محيط تلك البقع. تترافق هذه السعفة بحكة، وتتوضع على العنق، والجذع والأطراف أما أكثر العوامل المسببة لهذه السعفة فهي الشعروية الحمراء والشعروية الذقينة.
    4ـ السعفة الاربية: إن أكثر الأماكن الشائعة للخمج بالفطور الجلدية هي المنطقة الأربية عند الكهول من الرجال، لأن البيئة الحارة الرطبة في تلك الأماكن بارتداء الملابس الداخلية الضيقة من الأمور المهيئة للإصابة، كما أن بعض المهن التي تتطلب الجلوس الطويل، كما هو الحال عند سائقي السيارات، هي من العوامل المهيئة أيضاً.
    تتوضع الإصابة على القسم العلوي الإنسي من الفخذ، من جانب واحد أو من الجانبين، وبعد ذلك تنتشر إلى العانة والثلم ما بين الآليتين، ومن ثم إلى الآليتين والبطن.
    إن هذه الآفة معدية، وعدواها تتم مباشرة (عن طريق الاتصالات الجنسية) أو التلقيح الذاتي عند إصابة القدم بالفطور، تلك البؤرة التي يجب عدم إغفالها عند المصابين بهذه السعفة كما أنها تنتقل عن طريق المناشف والألبسة الداخلية الملوثة أو مقاعد المراحيض.
    تتظاهر الإصابة، في السعفة الأربية، ببقع حمامية وسفية ذات هامش محيطي مرتفع ومرصع بحويصلات صغيرة بعضها متبعثر، ثم لا تلبث هذه البقع أن يختلط بعضها ببعض، مؤلفة لويحة يأخذ مركزها بالشفاء في حين يكون محيطها فعالاً وتترافق بحكة قد تكون شديدة ومزعجة.
    ـ سعفة اليد: تصيب سعفة اليد راحة اليد أو الراحتين معاً، أما أكثر الفطور المحدثة لهذه الإصابة فهي الشعروية الذقينة، وكثيراً ما تترافق هذه السعفة بسعفة القدم.
    أما التظاهرات السريرية لهذه السعفة فتختلف بين بقع حمراء وسفيه متعددة الدوائر، ذات حدود واضحة ومرصعة بحويصلات صغيرة وبثوراً، وصورة أخرى تتراءى بجفاف واحمرار وتوسف في راحة اليدين، بشبه التقرن الجلدي الراحي.
    سعفة القدم
    ـ سعفة القدم: تعرف سعفة القدم أيضاً باسم قدم الرياضيين، وهي إصابة جلدية فطرية شائعة، ومن أكثر السعفات انتشاراً وغالباً ما تصيب الكهول من الرجال والنساء وتقدر نسبة انتشارها في أوربا وأمريكا الشمالية بنحو 50 إلى 30% كما وإن نسبة الإصابة ترتفع عند عمال المناجم لتصل إلى 70%، أما أكثر الفطور المحدثة لهذه السعفة فهي: الشعروية الحمراء، والشعروية الذقينة، والبشروية الندفية.
    سعفة القدم آفة معدية جداً ذلك لأن العامل الممرض لهذه الإصابة منتشر في كل مكان، كما تبقى أبواغه ممرضة عدة أشهر في البيئة الإنسانية، كالأحذية، والألواح الخشبية في أحواض السباحة، وسجاد الفنادق، أما العوامل المساعدة على انتشار سعفة القدم ونكسها وصعوبة شفائها فكثيرة منها: الرطوبة والحرارة داخل الحذاء، وتعرق القدمين خاصة عند المصابين بفرط تعرقهما، وعند الإصابة باضطرابات وعائية دورانية محيطية.
    تكون الإصابة بهذه السعفة عادة مفردة أي تتوضع في قدم واحدة، وقد تصبح مزدوجة، وقد تنتشر إلى المغبن وتبدأ غالباً في الفوت الرابع للقدم باحمرار مع توسف ورطوبة وتعطن واهتراء مع الحكة وانتشار رائحة غير مستحبة، ثم تنتشر الإصابة فيما بعد نحو الوجوه الاخمصية لأصابع القدم. وبعدها إلى أخمص القدم وظهره حتى تعم القدم بأكمله.
    سعفة الأظافر
    ـ سعفة الأظفار: وتدعى سعفة الأظفار بفطارات الأظفار أيضاً، وتنجم عن عدوى الأظفار من بؤرة فطرية بدئية يدوية أو قدمية أما الفطور التي تؤدي لهذه السعفة فمتعددة أكثرها شيوعاً الشعروية الحمراء.
    وتصاب أظفار أباخس (أصابع) القدمين أكثر من أظفار اليدين، إذ تتناول الإصابة بالفطور كلا من سرير الظفر، إضافة لإصابة الصفيحة الظفرية من حافتها الحرة بالقرب من الطية الجانبية، ثم تمتد لإصابة أظفار القدمين ثم اليدين، وتتظاهر ببقعة متغيرة اللون، بيضاء أو صفراء، وقد يتغير لون الظفر ليصبح ميتاً، وربما حدث انفصال بين الظفر وسريره، يبتدئ من الناحية القاصية من جراء فرط التقرن وتراكم الكسيرات المتفتتة تحت الظفر.
    أما الظروف المواتية لهذه الإصابة فهي: القصور الوريدي المزمن، والعمل في ظروف رطبة، والتماس المستمر مع صوابين قلوية، مما يسبب انفصال الطبقة المتقرنة تحت الظفر ويسهل الغزو الفطري، وهذا ما يحدث عند ربات البيوت والمنظفين وأطباء الأسنان.
    تشخيص السعفات
    يمكن تشخيص السعفات على نحو شبه مؤكد، استناداً إلى العلامات السريرية النموذجية، ويؤكد التشخيص بتعرف الفطر بأحد الطرق الثلاثة الآتية:
    ـ الفحص المجهري المباشر للفطور: ويجري بوضع نموذج مأخوذ من وسوف محيط الإصابة الفطرية، أو من الأشعار، أو فتيتات الأظفار المصابة، على صفيحة زجاجية، ثم تغطى بساترة، ويقطر على المحضر بعد ذلك قطيرات من محلول ماءات البوتاسيوم بتركيز 15% تحت حافة الساترة ثم يتم تسخين الصفيحة بلطف دون الغليان، وبعدها يفحص المحضر مباشرة تحت المجهر فإذا ما شوهد في المحضر خيوط فطرية أو أبواغ، فان ذلك يثبت بأن الآفة فطرية.
    ـ زرع الفطور: لا يمكن من خلال التحري المباشر السابق تعيين نوع الفطر، لذا فان لتعرف النوع أهميته في الوصول إلى تشخيص فطري صحيح يكون أساساً في انتقاء الدواء الفعال في المعالجة.
    ويتم الزرع في أوساط زرعية خاصة وذلك بزرع وسوف من محيط الإصابة أو من الأشعار أو من فتيتات الأظفار المصابة على تلك المزارع التي تترك مدة تمتد من 2 إلى 4أسابيع بدرجة حرارة 73ºمئوية، فإذا ما كانت الإصابة فطرية فإن الفطور تنمو على تلك المزارع.
    ـ الفحص بمصباح وود: يستخدم الفحص بمصباح وود Wood lamp الذي يطلق أشعة ما فوق البنفسجية بطول موجة 370نانو متر، لتأكيد التشخيص السريري في بعض السعفات، فيتألق الجلد أو الأشعار المصابة بالفطور في الظلام تألقاً أزرق باهتاً عند تعرضها للفحص بهذا المصباح.
    معالجة السعفات
    هنالك نوعان من المعالجات الهادفة للقضاء على المرض وعلى البؤر التي يشاهد فيها العامل الممرض.
    المعالجة الوقائية: وهي الأهم لأتها تحد من انتشار المرض، وتقوم هذه المعالجة على الإجراءات الآتية:
    ـ عزل أطفال المدارس المصابين بسعفات الرأس عن زملائهم منعاً لانتشار العدوى.
    ـ وضع رقابة شديدة على المسابح والحمامات والشواطئ لكثرة انتشار الفطور على الأرض التي غالباً ما تصيب الأقدام أما الإجراءات التي يجب اتخاذها فتقوم على استبدال أغطية مطاطية بالشباك الخشبية الموضوعة تحت الرشاشات (الدوشات)، كما تقوم على غمس الأقدام قبل الدخول والخروج من تلك الأماكن بحوض مملوء بمحلول الفورمالين. ويستحسن لرواد تلك الأماكن لبس أخفاف مطاطية.
    إضافة إلى ذلك فان الوسائل الوقائية توجب تجفيف جلد ما بين الأباخس جيداً بعد الاستحمام أو السباحة.
    ـ يمنع الأشخاص، وخاصة الأطفال، من استعمال أحذية غيرهم وجواربهم وقفازاتهم.
    ـ معالجة فرط تعرق القدمين، وخاصة في أشهر الصيف، باللجوء للغسل المتكرر، إضافة إلى مسحها ببعض المواد الدوائية التي تحد من التعرق، ويستحسن تبديل الجوارب يومياً مع العمل على ارتداء الملابس القطنية.
    - تقوم العدوى العائلية بدور كبير في انتشار السعفة الفطرية، لذا يجب وضع نظام منزلي يحدّ انتشار مرض الشخص المصاب بين العائلة إلى أفراد أسرته الآخرين، وذلك بوجوب تخصيص أمتعة وحوائج خاصة للمريض، وتعقيمها. أما الأحذية فتعقم بوضع سدادات قطنية مبللة بمحلول الفورمالين بتركيز 10%.
    - أما بالنسبة لزبائن أمكنة الحلاقة، فلا يسمح بخدمتهم إذا وجدت تغيرات مرئية على جلد الزبون أو رأسه، كما وتعقم الصداري والمناشف والفوط وأدوات الحلاقة بالغلي أو تبلل بالمحاليل المطهرة.
    عبد الرحمن القادري

  9. #639
    السكري (الداء ـ)

    الداء السكري diabetes mellitus متلازمة مرضية تتميز بفرط سكر الدم (الغلوكوز) glucose واضطراب استقلابه، ويعزى إلى نقص مطلق في إفراز الأنسولين[ر] insulin أو إلى نقص في فعاليته الحيوية، أو إلى السببين معاً.
    تصنيف الداء السكري
    يلغي التصنيف المعتمد حالياً للداء السكري التصانيف القديمة مثل: السكري الشبابي والكهلي والمعتمد على الأنسولينوغير المعتمد على الأنسولين، ويوصى بأن يصنف الداء السكري في: الداء السكري نمط 1، والداء السكري نمط 2، وداء سكري نمط خاص ناجم عن آفة أو رض معين، ولا يدخل ضمن النمطين الأولين، والداء السكري الحملي.
    الآلية الإمراضية
    1- الداء السكري نمط 1: يحدث الداء السكري نمط 1 نتيجة تعرض الشخص المتأهب وراثياً لأذية بعوامل خمجية أو سمية بيئية، فيقوم الجهاز المناعي بتخريب خلايا بيتا β cells المفرزة للأنسولين في البنكرياس (المعثكلة) خلال محاولة القضاء على العوامل المرضية الخارجية. ومن العوامل التي يؤدي التعرض لها إلى اضطراب في عمل خلايا بيتا الأخماج الفيروسية مثل النكاف[ر] mumps، والحصبة الألمانية[ر] rubella، وفيروس كوكساكي Coxsackie ب- 4، والعوامل الكيمياوية مثل الفاكور vacor، وهو سم يستعمل للقضاء على الفئران، والمركبات السيانيدية، مثل هدروجين السيانيد الموجود في بعض المركبات الكيمياوية والنباتات. ويتم تخريب خلايا بيتا بآلية المناعة الذاتية.
    2- الداء السكري نمط 2: كان هذا النمط يصنف سابقاً على أنه الداء السكري غير المعتمد على الأنسولين. يصيب هذا النمط الأشخاص الذين يبدون مقاومة للأنسولين أو نقصاً نسبياً في إفرازه، ويُصادف في 80 إلى 90% من المصابين بالداء السكري. والمصابون عادة هم من الكهول الذين تزيد أعمارهم على 40 سنة ولديهم درجات مختلفة من السمنة، ولا يحتاجون للأنسولين للبقاء على قيد الحياة، ولكن قدرتهم على إفرازه تتدهور مع مرور الزمن. وقد يحتاج هؤلاء إلى العلاج بالأنسولينللوصول إلى الضبط الجيد لمستوى سكر الدم، ولا يصاب المرضى بهذا النمط بالحماض الخلوني ketoacidosis السكري إلا نادراً، ويكون ذلك بعد خمج أو رض شديد. وما زالت طبيعة الخلل الأولي في الداء السكري نمط 2 غامضة.
    لوحظ وجود نقص في حساسية النسج للأنسولين عند معظم المرضى المصابين، بصرف النظر عن وزنهم، ويعزى ذلك إلى عدد من العوامل المتداخلة تتضمن استعداداً وراثياً غير محدد الطبيعة، تتفاقم مع تقدم العمر، ونقص النشاط الفيزيائي، والبدانة الحشوية البطنية. يضاف إلى ما سبق نقص في استجابة خلايا بيتا للتحريض بالغلوكوز، وهذا اضطراب وراثي يتفاقم على نحو تدريجي بترسب المادة النشوية الإميلويد amyloid داخل جزر لنغرهانس Langerhans مع تقدم العمر. كما أن مقاومة النسج للأنسولين، وكذلك استجابة خلايا بيتا للتحريض بالغلوكوز تزدادان سوءاً باستمرار ارتفاع سكر الدم.
    - فئات الداء السكري نمط 2: يمكن حالياً تمييز فئتين من المصابين بالداء السكري نمط 2 تتميز الواحدة من الأخرى بوجود السمنة أو غيابها.
    أ- الداء السكري نمط2 المترافق بالسمنة: تشاهد السمنة عند 60 إلى 80% من المصابين بهذا النمط من الداء السكري. ويتصف هؤلاء المرضى بوجود درجة من مقاومة الأنسولين تتناسب مع درجة البدانة الحشوية البطنية.
    إن الخلايا الشحمية المنتفخة، والعضلات والكبد المفرطة التغذية، تقاوم تأثير الأنسولين كما تقاوم توضع خزن المزيد من الغليكوجين والدسم، وكثيراً ما يلاحظ عند هؤلاء وجود فرط تصنع خلايا بيتا.
    وفي الحالات الأكثر شدة من ارتفاع سكر الدم يظهر فشل خلايا بيتا في إفراز الأنسولين، ولكن هذا الفشل قد يتراجع إذا تم ضبط مستويات السكر بالعلاج المناسب.
    ب- الداء السكري نمط 2 غير المترافق بالسمنة: يؤلف هؤلاء 20 إلى 40% من مجموع المرضى المصابين بالسكري، ويشكل الخلل في إفراز الأنسولين السبب الرئيس للإصابة.
    3 - أنماط أخرى نوعية للداء السكري:
    أ- الخلل الوراثي في خلايا بيتا: يتصف المرضى المصابون بهذا النوع بإصابتهم بخلل وراثي يؤدي إلى ظهور الداء السكري في الطفولة المتأخرة أو قبل سن الخامسة والعشرين، نتيجة خلل جزئي في إفراز الأنسولين، وهؤلاء المرضى غير معرضين للإصابة بالحماض الخلوني السكري، ويمكن ضبط السكر عندهم، في الكثير من الأحيان، من دون اللجوء للأنسولين، لذلك سمي هذا النمط بالسكري الكهلي للشبابmaturity onset diabetes of the young واختصاراً MODY. يورث هذا النمط وراثة جسمية سائدة dominant، وتعرف له حتى الآن ستة أصناف على الأقل.
    ب- الداء السكري المترافق بطفرة في جين (مورثة) الأنسولين: يشكل المصابون به نسبة ضئيلة من السكريين، وسببه خلل في الجين المسؤول عن تركيب الأنسولين مما يؤدي إلى إفراز أنسولين ضعيف الفعالية الحيوية.
    ج- خلل مستقبلات الأنسولين: وهذه حالة نادرة تنشأ عن خلل في المستقبل الموجود على سطح الخلية والمسؤول عن الارتباط بالأنسولين ونقل تأثيره إلى داخل الخلية.
    د- الداء السكري الناتج عن إصابة البنكرياس: إن أي مرض يخرب ثلثي الغدة يسبب ظهور الداء السكري، ومن هذه الأمراض التهاب البنكرياس مع الرض أو الخمج، وسرطان البنكرياس، واستئصالها، والداء الكيسي الليفي fibrocystic، والهيموكروماتوز (الصباغ الدموي).
    هـ- الداء السكري الناشئ عن الأمراض الغديّة الصمّاوية endocrine: يحدث الداء السكري بشكل مماثل للنمط2، بسبب زيادة بعض الهرمونات مثل هرمون النمو في مرض ضخامة النهايات acromegaly، وزيادة الستيروئيدات القشرية corticosteroidفي متلازمة كوشينغ Cushing، والكاتيكولامينات في ورم القواتم melanoma والثيروكسين في فرط نشاط الدرق.
    و- الداء السكري المحدث بالأدوية والمواد الكيمياوية: قد تسبب الكثير من الأدوية عدم تحمل السكر أو الداء السكري الصريح، ويتدخل بعضها كالمدرات التيازيدية، والفينيتوئين في إفراز الأنسولين من خلايا بيتا، ويحدث بعضها مثل الستيروئيدات القشرية ومانعات الحمل الفموية مقاومة للأنسولين، في حين يخرب بعض آخر مثل البنتاميدين خلايا بيتا في البنكرياس.
    ز- الداء السكري المحدث بالأخماج: تترافق بعض أخماج الفيروسات بتخريب خلايا بيتا، إذ كثيراً ما يظهر السكري عند الأطفال المصابين بالحصبة الألمانية الولادية، ولكن معظم هؤلاء لديهم الواسمات المناعية للإصابة بالسكري نمط 1. إضافة إلى ذلك اتهمت الإصابة بفيروس كوكساكي ـ ب ـ 4 والفيروسات الغدية والنكاف بإحداث السكري في بعض الحالات.
    المظاهر السريرية للداء السكري
    تتميز أنماط الداء السكري بمظاهر متماثلة، مع بعض الفروق الخاصة بكل نمط . يشكل البوال (كثرة التبول) والسهاف (شدة العطش) صفتين أساسيتين للمرض، ويترافق ذلك عادة بالضعف والتعب وتشوش الرؤية. ويتميز النمط 1 بالجوع الشديد مع نقص الوزن، والبوال الليلي عند الأطفال. قد يكون الداء السكري نمط 2 خفياً من غير أعراض واضحة.
    قد يتظاهر الداء السكري بأخماج جلدية متكررة وأخماج فطرية مهبلية عند النساء، وبالحكة الجلدية المعنِّدة. وقد يشكو الرجال من العنة كأول عرض للإصابة بالسكري. ويتم الشك بإصابة المرأة بالداء السكري حينما تلد مولوداً يزيد وزنه على 4.1 كغ أو الحامل المصابة باستسقاء السائل الأمنيوسي أو التي تعرضت لإسقاطات متكررة غير معللة.
    يمكن أن يرتفع مستوى سكر الدم إلى درجات كبيرة، عند المصابين بالسكري نمط1 وغير المعالجين، ويترافق ذلك، بسبب نقص الأنسولين، بتراكم مستقلبات metabolites الحموض الدسمة، وتظهر حالة الحماض الخلوني السكري التي تتميز بارتفاع شديد في سكر الدم مع وجود الخلون acetone في الدم، وظهور رائحته المميزة في النفس، ويمكن أن يترافق ذلك باضطراب في الوعي بدرجات مختلفة قد تصل إلى الغيبوبة.
    الموجودات المخبرية في الداء السكري
    - فحص سكر الدم: المجال الطبيعي لمستوى سكر البلازما هو 70 إلى 110 مغ/دل. إن معايرة مستوى السكر في المصل أو البلازما (المصورة) أفضل من معايرته في الدم الكامل، لأن ذلك يزيل تأثير التغير في الرسابة الدموية hematocritويعكس مستوى السكر في السائل الخلالي الذي تتعرض له مختلف خلايا الجسم.
    يزيد مستوى سكر الدم في المصل أو البلازما 10 إلى 15% عن مستواه في الدم الكامل.
    يمكن قياس مستوى سكر الدم الشعري بوساطة الأجهزة الصغيرة التي يستعملها المريض في المنزل، وهذه طريقة مقبولة ودقيقة تكفي لمراقبة سكر الدم في المنزل وفي المستشفى وفي أوقات مختلفة من اليوم.
    - معايرة الخضاب الغلوكوزي glycosylated haemoglobin: يتشكل الخضاب الغلوكوزي من ارتباط سكر الدم بالخضاب بتفاعل غير عكوس، ويشكل عادة 5 إلى 7% من الخضاب الكلي، ويعكس تركيزه مستوى سكر الدم خلال الأسابيع 8-12 السابقة. أما القيم الطبيعية عند السكريين فإنها تعكس جودة ضبط سكر الدم. وتُظهر المستويات المرتفعة (فوق 8%) سوء ضبطه خلال الأشهر الثلاثة السابقة للمعايرة.
    تشخيص الداء السكري
    - معايير التشخيص: يجب أن يوجد أحد المعايير الآتية لتشخيص الداء السكري:
    - أعراض السكري مثل العطش والبوال ونقص الوزن غير المعلل مع ارتفاع مستوى سكر البلازما عن 200مغ /دل.
    - سكر الدم الصباحي (أكثر من 126مغ/دل) بعد صيام الليل لمدة لا تقل عن 8 ساعات.
    - مستوى سكر الدم (200مغ/دل أو أكثر) في الساعة الثانية خلال اختبار تحمل السكر النظامي المعتمد على إعطاء 75غ غلوكوز عن طريق الفم.
    إن أياً من المعايير السابقة كاف للتشخيص، على أن يتم تأكيد التشخيص خلال عدة أيام.
    يُعرف اضطراب السكر الصيامي على أنه الحالة التي يكون فيها مستوى السكر أكثر من 110 وأقل من 126مغ%.
    - اختبار تحمل السكر: يعطى المرشح للاختبار 75غ غلوكوز محلولة في 300 مل ماء تشرب خلال 5 دقائق، على نحو يتم سحب الدم لمعايرة مستوى سكر الدم قبل شرب المحلول وبعد ساعتين من ذلك، ويبين الجدول (1) تفسيراً للنتائج:
    التحمل الطبيعي اضطراب تحمل السكر الداء السكري
    سكر البلازما الصباحي (مغ/دل) أقل من 110 110- 125 أكثر أويساوي 126
    سكر البلازما بعد ساعتين من شرب المحلول (مغ/دل) أقل من 140 أكثر من 140 وأقل من 200 أكثر أو يساوي 200
    الجدول (1)
    يستطب إجراء اختبار تحمل السكر إذا كان مستوى سكر الدم الصباحي أكثر من 110وأقل من 126مغ/دل، وخاصة عند الرجال المصابين بالعنة والنساء اللواتي أنجبن أطفالاً يزيد وزنهم على 4.1كغ، أو اللواتي أصبن بأخماج مهبلية فطرية متكررة. أما إذا كان مستوى سكر الدم أكثر أو يساوي 126مغ/دل لأكثر من مرة، فإن ذلك مشخص للداء السكري ولا حاجة لاختبار تحمل السكر.
    علاج الداء السكري
    - الحمية: ما زالت الحمية المناسبة تمثل حجر الأساس في علاج الداء السكري مهما كان نمطه، والحمية لا تعني الامتناع عن الطعام والجوع والمعاناة كما يفهم بعضهم، بل تعني تنظيم الغذاء على نحو متوازن يكفي حاجة الجسم ويأخذ بالحسبان الوزن والسن وطبيعة العمل. وترتكز الحمية عادة على تخفيف الدسم الحيوانية المنشأ والسكريات الحرة السريعة الامتصاص وتنظيم الوجبات. ومن المهم زيادة النشاط الفيزيائي. وينصح المريض بتغيير نمط حياته بدلاً من أن يتبع الحمية فقط.
    - العلاج الدوائي: إن الأنسولين هو الهرمون المسؤول عن إدخال سكر الدم إلى داخل الخلايا، ويعد العلاج الأساسي للمرضى المصابين بالداء السكري نمط1. وقد أصبح الأنسولين المستخلص من الحيوانات أو من جرثوم الإيشريكية القولونيةE.coli والمطابق في تركيبه للأنسولين الإنساني متوافراً ويعطى حسب تعليمات الطبيب الدقيقة، وتنظم الجرعات لتصل إلى ضبط مقبول لمستوى سكر الدم.
    تقدر كمية الأنسولين بالوحدات، وتتوافر منه أصناف عديدة أهمها النظامي أي السريع التأثير، ونصف المديد والمديد.
    - خافضات السكر الفموية: وهي أدوية تعمل على تخفيف مستوى سكر الدم بآليات مختلفة وتصنف في ثلاث فئات:
    - محرضات إفراز الأنسولين: أشهرها مركبات السلفونيليوريا والمماثلة لها، وهي تعمل على تحريض إفراز الأنسولين من خلايا بيتا بعد أن ترتبط بمستقبل خاص.
    - معدلات تأثير الأنسولين: أهمها متفورمين الذي يعمل على تخفيف مستوى سكر الدم عن طريق تخفيف اصطناعه في الكبد، وتخفيف سرعة امتصاصه من الأمعاء، وكذلك زيادة قنصه من قبل العضلات. وهو أفضل ما يعطى لمرضى الداء السكري نمط 2 البدينين، ولا يجوز إعطاؤه لمرضى الداء السكري نمط 1. ويأتي بعد المتفورمين مشتقات ثيوزوليدينديونthiozolidinedione وهي أدوية تزيد من حساسية مستقبلات الأنسولين على سطح الخلايا العضلية والشحمية، فتخفف المقاومة في حال وجودها، وتزيد من التأثير.
    - الأدوية التي تؤثر في امتصاص سكر الدم من الأمعاء: وهي أدوية تثبط الخمائر الهاضمة للسكر في بطانة الأمعاء، فتثبط امتصاص السكر، وأهمها: آكاربوز acarbose وميغليتول miglitol.
    مضاعفات الداء السكري
    قد يترافق الداء السكري بمضاعفات complications حادة أو مزمنة.
    المضاعفات الحادة: أهمها سبات coma نقص السكر، والحماض الخلّوني السكري، وسبات فرط الأسموليةhyperosmolarity.
    أ- سبات نقص السكر: يصاب المريض السكري أحياناً بهبوط شديد في سكر الدم يغلب أن يحدث بسبب جرعة زائدة من الأنسولين، أو من الأدوية الخافضة للسكر، أو بتناول العلاج من دون تناول وجبة الطعام المعتادة، أو بعد القيام بجهد غير اعتيادي. يُعد نقص السكر حالة إسعافية لابد من علاجها بسرعة.
    يعطى المريض محاليل سكرية عن طريق الفم إذا كان المريض قادراً على البلع، أما إذا كان فاقداً للوعي فيجب أن يعطى المحلول السكري عن طريق الوريد من قبل الطبيب. ولابد من استقصاء الأسباب المساعدة وعلاجها لمنع تكرر حالات هبوط سكر الدم.
    ب- الحماض الخلّوني السكري: يعد الحماض الخلّوني السكري مضاعفة حادة خطيرة للسكري، ويحصل في حالات العوز الشديد أو المطلق للأنسولين، وقد يكون أول تظاهرة للإصابة بالسكري عند الشباب.
    تتميز الحالة بارتفاع شديد في السكر مع بوال وسهاف وتعب وغثيان وقياء. وقد يحصل اضطراب في الوعي يصل إلى درجة السبات.
    يكون المريض متجففاً، وتفوح رائحة الخلّون من نَفَسه، ويتنفس تنفساً عميقاً وسريعاً، قد يُظهر ألماً شديداً في البطن مع مضض بالجس، ولابد من علاجه في المستشفى.
    المضاعفات المزمنة: وهي المضاعفات التي تنشأ مع مرور الزمن، ويسهم في سرعة ظهورها وشدتها مستوى ضبط سكرالدم وتضم:
    أ- المضاعفات العينية: وتشمل الساد[ر] cataract، واعتلال الشبكية السكري ويعد من أكثر أسباب العمى شيوعاً، ويمكن تفاديه بالعلاج الجيد للمرض.
    ب- المضاعفات العصبية: أهمها اعتلال الأعصاب السكري، وله أشكال عديدة أهمها: اعتلال الأعصاب المحيطية المتناظر، ويتميز بالألم التلقائي وحس الحرق أو البرودة الزائدة أو الحرارة أو الوخز واللسع أو فقدان الحس. وقد تصاب الأعصاب الناقلة للحس العميق فيظهر في البداية إحساس كاذب بزيادة سماكة أخمص القدم، وقد يظهر اضطراب التوازن في الحالات المتقدمة.
    ج- المضاعفات الكلوية: تكثر عند السكريين الأخماج البولية، وقد يظهر اعتلال المثانة الناشئ عن اعتلال الأعصاب وفقدان قدرة المثانة على التقلص مما يؤدي إلى استسقاء الجهاز البولي. أما اعتلال الكلية السكري فيظهر بعد سنوات من الإصابة، ويتميز بإصابة الكبب الكلوية بالتنكس والتصلب، مما يؤدي إلى فقدان الوظيفة الكلوية على نحو تدريجي، ويزيد من شدة الإصابة فرط الضغط الشرياني والعلاج الناقص للأخماج البولية والأدوية السامة للكلى.
    د- المضاعفات الوعائية: وهي من أخطر المضاعفات التي يمكن أن يصاب بها المريض بالداء السكري وتصنف في صنفين أساسين:
    - اعتلال الأوعية الدقيقة: وهو العامل الأهم في إصابة الكلية والعين والأعصاب، وضبط سكر الدم أفضل وسيلة لضمان عدم الإصابة.
    - اعتلال الأوعية الكبيرة: وهو من أهم أسباب الوفيات عند المرضى المصابين بالسكري، ويتظاهر عادة باحتشاء العضلة القلبية cardiac infarction أو بالحوادث الوعائية الدماغية أو بالموات gangrene. وتشمل العوامل المؤدية إلى الإصابة: سوء ضبط السكر، وفرط الضغط الشرياني، وارتفاع شحوم الدم، والتدخين، وأسباب أخرى مختلفة.
    - البيلة التفهة diabetes insipidus: هي حالة تتميز بزيادة كبيرة في طرح البول. إذ السبب الأساسي في البيلة التفهة هو نقص فعالية الهرمون المضاد للإدرار ADH، ويكون نقص الفعالية بسبب نقص الإفراز، وتسمى الحالة البيلة التفهة المركزية أو العصبية؛ أو بسبب نقص التأثير في الكلية وتسمى الحالة البيلة التفهة الكلوية.
    تنتج البيلة التفهة المركزية من آفة تصيب الغدة النخامية أو منطقة الوطاء hypothalamus وقد يكون الخلل عائلياً وراثياً.
    أما البيلة التفهة الكلوية فلها أسباب عديدة من أهمها التهاب الحويضة والكلية المزمن، ونقص البوتاسيوم، وفرط الكلسيوم، وفقر الدم المنجلي، وبعض الأدوية.
    غسان حمص

  10. #640
    السمنة

    السمنة obesity هي اضطراب في تركيب الجسم، تعرَََف بأنها زيادة نسبية أو مطلقة في شحم البدن، ولها عدة سمات مميزة. ولقد ازدادت البدانة شيوعاً حتى إنها تكاد تصبح وباءً يجتاح المجتمعات المختلفة، ولاسيما المتطورة منها، وقد بدأ يزداد انتشارها بين الأطفال بسرعة.
    تشخيص السمنة
    غالباً ما يؤدي وجود كميات زائدة من الشحم في الجسم إلى زيادة الوزن. وتعتمد المعايير للقول بوجود زيادة في الوزن، أو زيادة كمية الشحم، على الدراسات الإحصائية لمجموعة من الناس، والأكثر فائدة أن يرتبط ذلك وبائياً بالتأثيرات الضارة للسمنة.
    ومع أن قياس الوزن يستعمل للتعبير عن السمنة إلا أنه يجب التذكر أن السمنة هي زيادة شحم البدن. والمعيار الأكثر قبولاً هو مشعر كتلة الجسم، ويُحسب بتقسيم وزن الجسم مقدراً بالكيلو غرامات على مربع الطول مقدراً بالمتر. ويستعمل تعبير السمنة الوخيمة للإشارة إلى الأوزان التي تزيد على 150كغ لترافقها بمخاطر صحية عدة.
    التصنيف مشعر كتلة الجسم كغ/متر مربع
    نقص الوزن أقل من 18.5
    وزن طبيعي 18.5-24.9
    زيادة الوزن 25-29.9
    السمنة:
    درجة 1 30-34.9
    درجة 2 35-39.9
    درجة 3 (بدانة شديدة) أكثر من 40
    الجدول (1)
    يكون توزع الشحوم عند النساء السمينات عادة مختلفاً عنه في الرجال، وتترافق السمنة المركزية أو السمنة الحشوية البطنية بمخاطر صحية مهمة مثل اضطراب استقلاب metabolism الشحوم وزيادة خطر أمراض القلب الوعائية. أما السمنة الوركية الفخذية فأقل ترافقاً بتلك المخاطر. وتُعرَّف السمنة البطنية الحشوية ذات المخاطر العالية بأنها زيادة في محيط البطن عن 102سم عند الرجال وعن 88سم عند النساء.
    يبين الجدول (1) تصنيف السمنة بحسب مشعر كتلة الجسم.
    التأثيرات الصحية للسمنة وزيادة الوزن
    تؤكد الدراسات المختلفة ترافق زيادة الوزن والسمنة بعبء مرضي مهم، وفيما يلي أهم الحالات المرضية التي يمكن أن ترافق السمنة:
    - الداء السكري diabetes نمط2: من أهم الأخطار المترافقة بالسمنة وزيادة انتشارها الارتفاع السريع في عدد المصابين بالسكري نمط2 من الأطفال واليفعان.
    يتناسب خطر الإصابة بالداء السكري نمط 2 تناسباً طردياً مع مشعر كتلة الجسم، بالمقارنة مع الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي. ويزداد خطر الإصابة بالسكري من هذا النمط ثمانية عشر ضعفاً عند الذين يزيد مشعر الكتلة الجسمية عندهم على40 من الذين يقل عمرهم عن 55 سنة.
    - فرط الضغط الشرياني: يعد فرط الضغط الشرياني أكثر الأمراض ترافقا ًبالسمنة، وأخطار هذا المرض وأعباؤه الصحية والمادية معروفة.
    - فرط شحوم الدم hyperlipidemia واضطرابها: تترافق السمنة بفرط كولسترول الدم cholesteremia، ولكن الصلة بينهما معتدلة، أما فرط الغليسيريدات الثلاثية triglyceride ونقص الكولسترول المرتفع الكثافة HDL cholesterol فعلاقتها بالسمنة أكثر وضوحاً.
    - أمراض تصلب الشرايين القلبية والدماغية: تترافق السمنة بزيادة كبيرة في الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية coronaryوالحوادث الوعائية الدماغية.
    - أمراض المرارة والتهاب المفاصل والسرطان وحالات أخرى: تزداد نسب حدوث هذه الأمراض كلها عند البدينين.
    الأسباب والآلية المرضية
    تحدث السمنة نتيجة عوامل كثيرة: فيزيولوجية وغذائية وسلوكية اجتماعية ووراثية، والجينات (المورثات) المسؤولة عنها متعددة.
    ويمكن القول إن جوهر المشكلة هو اضطراب التوازن بين الوارد من الطاقة والمصروف منها، إذ يُخزن الفائض من الوارد الغذائي شحوماً في النسيج الشحمي، والذي يُعد أهم مستودع للطاقة في الجسم.
    يتعلق التعبير عن جينات السمنة (أي ظهورها عند الشخص المؤهب وراثياً) بعوامل أخرى غير وراثية، أهمها العوامل البيئية والعوامل المذكورة آنفاً. وإن تغيير نمط الحياة وقلة النشاط الفيزيائي العضلي ووفرة الغذاء على نحو غير مسبوق جعل السمنة مرضاً سريع الانتشار في المجتمعات الحديثة.
    يمكن للسمنة أن تكون علامة لمرض غدي آخر كقصور الدرقية hypothyroidism (نقص نشاط الغدة الدرقية)، ومتلازمة كوشينغ Cushing، والمبيض المتعدد الكيسات polycystic، وآفات الوطاء hypothalamus بسبب اضطراب مراكز تنظيم الجوع والشبع.
    علاج السمنة
    في الوقت الذي يتعذر فيه تبديل جينات الإنسان، يمكن تعديل الظروف التي تجعلها تعبر عن نفسها على نحو واضح، فعلاج السمنة يعتمد على أسس عدة منها: تغيير نمط الحياة ويشمل ذلك:
    1- زيادة النشاط الفيزيائي مثل المشي والرياضة والقيام ببعض الأعمال التي تتطلب جهداً عضلياً والإقلال من ركوب السيارة ما أمكن.
    2- تغيير نمط الغذاء اليومي.
    أ- من حيث الكم: الاكتفاء بحاجة الجسم المقدرة من قبل الطبيب، أو الاعتدال في تناول مختلف أنواع الأطعمة ولاسيما الغنية بالدسم.
    ب- من حيث النوع: الابتعاد ما أمكن عن المواد الغذائية المصنَّعة، والمعروف أنها تكون عادة عالية المحتوى من الحريرات (السعرات)، والإقلال من المواد الغذائية المستخلصة المنتقاة، لكونها غنية أيضاً بالحريرات، كالزيوت والسمن والسكر والطحين الأبيض الخفيف المحتوى من الألياف والعصائر والأطعمة المصنوعة من تلك المواد.
    ج- يقترح، من حيث تنويع موارد الطاقة، أن تؤلف الكاربوهيدرات 45 إلى 60% من وارد الطاقة، والدسم 20 إلى 35% منها، والمتبقي 10 إلى 35% للبروتين.
    يجب ألا يقل وارد الكاربوهيدرات عن 130غ في اليوم، على نحو تكفي كميته تغطية استقلاب الدماغ. كما ينصح بأن لاتؤلف السكريات الحرة المضافة للطعام أكثر من 25% من وارد الطاقة، فهناك دليل على أن الأشخاص الذين يتجاوزون ذلك لا يأخذون كميات كافية من المغذيات الأساسية لخلو السكاكر المضافة من هذه المواد.
    يؤدي فرط تناول الكاربوهيدرات إلى زيادة الوزن عن طريق منع استهلاك الدسم مصدراً للطاقة. ومن المؤكد أن زيادة الوارد من أي من الكاربوهيدرات أو الدسم أو البروتينات يمكن أن يسبب زيادة الوزن، وقد يؤدي الإخلال بالنسب المذكورة للمواد الغذائية إلى اضطرابات استقلابية.
    يفضل أن تكون الكاربوهيدرات من النوع المركب complex carbohydrates، وأن تكون الدسم من النوع النباتي غير المهدرج، ويأتي على رأسها زيت الزيتون، كما يستحسن تجنب الزيوت المهدرجة. أما الكميات الكبيرة من البروتين فهي فقيرة بالألياف والماء، وتحتوي على الكولسترول والدسم المشبعة، لكونها من أهم مركبات الخلية العضلية.
    شاعت في السنين الأخيرة طرق مختلفة لعلاج السمنة، تتضمن نظماً مختلفة للحمية وأدوية مصنوعة من نباتات مختلفة، وغالباً لا تتوافق هذه الطرق مع المعارف الطبية المثبتة، ولم تخضع الأدوية العشبية المذكورة للدراسة العلمية المنهجية المعروفة والمتبعة في دراسة الأدوية، ولذلك لا يُنصح باللجوء إليها كما لا يُنصح باللجوء إلا إلى الأطباء المختصين لعلاج السمنة.
    العلاج الجراحي للسمنة
    هناك طرق عدة معروفة، أحدثها حلقة المعدة التي تعتمد على حصر جيب صغير من المعدة بعد المري مباشرة لمنع الشخص من تناول كميات كبيرة من الطعام. وتتضمن الطرق الجراحية الأخرى قطع المعدة والمجازات المعوية، ويجب أن تكون هذه الطرق آخر ما يُلجأ إليه، وفي حالات قليلة منتقاة فقط.
    العلاج الدوائي للسمنة
    تتضمن الأدوية المتوافرة التي يمكن أن تستعمل في حالات خاصة مثبطات الشهية ومثبطات امتصاص الدسم. وجميعها إما ذات تأثيرات جانبية خطيرة وإما أن دراستها لم تؤكد سلامتها حتى اليوم، كما أنها لا تؤخذ من دون استشارة طبية.
    ولا تخلو بعض الأعشاب التي تروج لهذا الغرض من تأثيرات جانبية ضارة قد تكون خطيرة.
    غسان حمص

صفحة 64 من 146 الأولىالأولى ... 14546263 64656674114 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال