التوائم
أصل الكلمة تأم، والتوأم المولود مع غيره في بطن واحد. والأصل، بحسب قوانين علم الحيوان، أن تحمل إناث الحيوانات اللبون، والإنسان منها، عدداً من الأجنة يساوي نصف عدد أثدائها، ومن المفروض لذلك أن تحمل إناث الإنسان جنيناً واحداً في كل حمل، ولكن يحدث أحياناً أن تحمل بجنينين في بطن واحد، ويسمى الحمل عندها توأمياً أو ثنائياً، ونسبة حدوث هذه الحمول لا تتعدى 10 إلى 11 في كل ألف حمل، وأندر من ذلك أن تحمل المرأة بثلاثة توائم أو أربعة أو خمسة. ويسمى الحمل عندها ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً.
ينجم الحمل التوأمي الثنائي عن انقسام الكتلة المضغية في البيضة الملقحة قسمين، ينمو كل منها مشكلاً مضغة مستقلة ثم جنيناً مستقلاً، في حين تبقى الكتلة المغذية واحدة وتتطور لتكون المشيمة، وهذا النوع من الحمول الثنائية يسمى الحمل التوأمي الحقيقي أو «وحيد المح»، ويكون الجنينان فيه متماثلين جنساً ومتشابهين شكلاً، وللاثنين مشيمة واحدة فحسب، وقد ينجم الحمل الثنائي عن تلقح بيضتين بنطفتين في مناسبة تناسلية واحدة أو في مناسبتين مختلفتين، ومع أن المرأة تُنضج بيضة واحدة في كل شهر فقد يحدث أن تُنضج بيضتين في الشهر نفسه من جريبين مختلفين أو من جريب واحد، وتتلقح البيضتان فيحدث الحمل الثنائي «ثنائي المح»، ويكون لكل من الجنينين في هذه الحالة مشيمة مستقلة، وقد يكون الجنينان متشابهين أو غير متشابهين، وقد يكونان من جنس واحد أو جنسين مختلفين. أما الحمول المتعددة الثلاثية فتنجم عن انقسام الكتلة المضغية ثلاث مضغ تكوّن كل منها جنيناً مستقلاً أو عن تلقح ثلاث بيوض بثلاث نطف أو عن تلقح بيضتين بنطفتين تنمو إحدى البيضتين الملقحتين نمواً مستقلاً في حين تنقسم مضغة البيضة الملقحة الثانية قسمين ينشأ من كل منهما جنين مستقل. وهكذا الأمر في الحمول المتعددة الرباعية فما فوق.
وهناك عوامل مؤهبة لحدوث الحمول المتعددة منها الوراثة والعرق وعدد الولادات وبعض التسممات والأخماج المزمنة واستعمال بعض الأدوية ولاسيما المستعملة لتحريض الإباضة. وتشاهد الحمول المتعددة في الحمول في الزجاج (طفل الأنبوب)، إذ تستعمل مقادير كبيرة من الأدوية المحرضة للإباضة، وينضج في المريضة عدد كبير من الأجربة والبيوض قد يزيد على العشر يلقح الجيد منها، ويعاد للرحم أكثر من بيضة ملقحة واحدة عادة بغية ضمان استمرار الحمل لبعضها على الأقل.
تعد الحمول المتعددة حمولاً عالية الخطورة بالنسبة للحامل والأجنة في كل مراحل الحمل والولادة وعواقب الولادة. فأعراض الحمل الودية تكون عادة أشد، ولما كان حجم الرحم أكبر مما هو في الحمل المفرد كانت أعراض ضغط الأحشاء والأعضاء المجاورة أكبر، وتزداد لذلك الاضطرابات الهضمية والبولية والقلبية والوعائية والرئوية، وتتعرض الحامل لفقر الدمولحدوث أعراض الانسمام الحملي ومضاعفاته كارتفاع الضغط الشرياني والوذمات والبيلة البروتينية والإرجاج، ويتعرض الحمل في بدئه للإسقاط ومشكلاته في الحامل، ونادراً ما يبلغ الحمل تمامه فيحدث الخداج بولادة أجنة ناقصة النمو قد لا تكون قابلة للحياة أو تحتاج لعناية خاصة مدّة طويلة، وتتعرض الأجنة في بعض الحمول للموت داخل الرحم، وقد يكون بعض الأجنة مشوهاً، ويبلغ التشوه أقصاه في الحمول المتعددة الحقيقية بالتوائم الملتصقة أي التوائم السيامية التي يلتصق فيها الجنينان برأسيهما أو صدريهما أو بطنيهما أو مقعديهما، وقد تكون بعض الأعضاء المهمة مشتركة في الجنينين كالقلب والدماغ والكبد .
ولا تكون مجيئات الأجنة وأوضاعها طبيعية في الرحم مما يعرض لعسرة الولادة ومشكلاتها في الوالدة والمواليد، وقد يحيج استخراج الأجنة لمداخلات ولادية حتى القيصرية، والأجنة المولودة حتى في تمام الحمل غالباً ما تكون أقل حجماً ووزناً من الأجنة المفردة مما يحوج لعناية خاصة بها بعد الولادة. وتتعرض الوالدة في أثناء المخاض للتعب وعطالة الرحم مما يؤدي للمداخلات الولادية، وإذا استمرت العطالة بعد الولادة حدث النزف الرحمي الشديد الذي يعرض حياة الوالدة للخطر أو لإصابتها بفقر الدم أو بالخمج.
وترتفع نسبة كل ما ذكر من مضاعفات والدية وجنينية باطراد مع زيادة عدد الأجنة في الحمول الثلاثية والرباعية والخماسية، كما ترتفع نسبة المضاعفات حين وجود سبب آخر في الحمل عدا الحمل التوأمي.
تشخص الحمول التوأمية بالفحص السريري وتشخص باكراً وتراقب بالفحص بالصدى.
وتنصح الحامل حملاً متعدداً بالراحة ومراقبة الحمل باستمرار والولادة في المستشفى لتجنب الأخطار التي تتعرض لها هي أو وليدها، وللعناية بالمواليد بعد ذلك.
صلاح شيخة