صفحة 55 من 146 الأولىالأولى ... 5455354 55565765105 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 541 إلى 550 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 55

الزوار من محركات البحث: 64848 المشاهدات : 322232 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #541
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 4 ساعات
    مقالات المدونة: 19
    التأقلم البشري

    التأقلم البشري acclimatizaion مقدرة الإنسان على التلاؤم مع التغيرات التي تحدث في بيئته، مثل تغيّر درجة حرارة المحيط والارتفاع والمناخ والبيئات. وتتصف هذه التغيرات بأنها متدرجة تثير استجابة طويلة الأمد. أمّا التغيرات الفجائية التي تثير استجابة سريعة قصيرة الأمد عن طريق الجملة العصبية والغدد الصمّاوية فلا تدخل في نطاق التأقلم.
    يستطيع الإنسان أن يقوم بتنظيم عملياته الداخلية بسرعة للمحافظة على ذاته إزاء التغيرات البيئية التي يواجهها ساعة فساعة أو يوماً فيوماً، لكن هذا التنظيم السريع أو ما ندعوه بالاستتباب محدود لا يستطيع مواجهة التغيرات البيئية الكثيرة بكفاءة وفعالية، وأبرز مثال على تنظيم العمليات الداخلية مايحدث من فرط في التهوية ـ عند ازدياد مقدار ثاني أكسيد الكربون في السائل خارج الخلوي ـ يؤدي إلى طرح ثاني أكسيد الكربون وتخفيض مقداره في السائل خارج الخلوي.
    ومع أنّ للعضوية مجموعة تلاؤمات غير محدودة فإنها قد تلجأ إلى طريقة واحدة في التلاؤم مع التغيرات ذات الأسباب المختلفة، ولنأخذ مثالاً على ذلك التأقلم لانخفاض ضغط الأكسجين القسمي في المناطق المرتفعة التي تتحسّن فيها قدرة الدمعلى نقل الأكسجين بازدياد عدد الكريات الحمر، ويتم الأمر نفسه في النفاخ الرئوي الذي ينقص فيه إمداد الرئتين بالأكسجين فيعوّض هذا النقص بازدياد عدد الكريات الحمر أيضاً.
    هذا، ولا يترك التأقلم انطباعاً دائماً على آليات الفرد الوراثية على عكس ما يشاهد في التطور evolution الذي يتجلى بانتخاب سمة وراثية.
    تأثيرات البيئة
    تتغيّر الأحوال البيئية بتغيّر الفصول من الشتاء إلى الصيف ومن الخريف إلى الربيع، ومن الرطوبة إلى الجفاف وما يؤدي ذلك من تغيّر في المناخ يُستعرض تأثيره في الحياة من خلال التأقلم مع درجة الحرارة والرطوبة والضغط والصوت والمواد الكيمياوية التي في البيئة.
    ـ التأقلم مع درجة الحرارة: إذا أُخذت بالحسبان مجموعة العناصر التي تؤثر تأثيراً عظيماً في الحالة الجوية مثل أشعة الشمس والرطوبة والرياح، فإن مايلفت النظر أن درجة الحرارة بمفردها يمكن أن تكون دليلاً أساسياً على صلاح المناخ للحياة. وما سبب ذلك إلا لأن سرعة التفاعلات التي تجري في الخلايا والنسج تتأثر بدرجة الحرارة تأثراً فعلياً وجدياً إضافة إلى تأثير درجة الحرارة الواضح في مختلف نواحي الحياة. فعندما ترتفع درجة الحرارة إلى ما فوق 30 درجة سيليزيوس، تنقص قدرة الإنسان على تبديد الحرارة لدرجة تكفي لتنظيم درجة حرارة بدنه، وذلك تبعاً لدرجة الرطوبة أيضاً، ويلجأ بدلاً من ذلك إلى التعرق الذي يعدّ وسيلة للتبريد بالتبخير مما يمكّنه من مزاولة الأعمال الشاقة بأقل قدر ممكن من الاضطراب الفيزيولوجي، بعد أيام تقدر بخمسة تنقضي في الجو الحار، ويتم ذلك بانخفاض سرعة النبض والتنفّس وتنشيط مزيد من الغدد العرقية والمحافظة بشكل معاوض على إفراغ الماء من الكلية فينقص جريان الأملاح من الكلية والغدد العرقية. هذا ويتكامل التأقلم في مدة أسبوعين.
    أما التأقلم مع البرودة «انخفاض درجة الحرارة» فيتم بأن يرفع الشخص المتأقلم معدّل استقلابه الأساسي، ويُعبّر عن ذلك في البدء بالارتجاف الذي يعد آلية وقائية ترفع معدّل الاستقلاب إلى 4-5 أضعافه. ويتم التأقلم مع البرودة ببطء إذ تستغرق عمليته مدة شهرين على الأقل.
    أمّا مايتمتع به سكان المناطق الحارة من تأقلم دائم مع الحرارة فيعود إلى تغير في العوامل التي تثير التعرق ودوران الدمفي الجلد.
    ـ التأقلم مع الرطوبة: لا ينفصل هذا الشكل من التلاؤم في الإنسان عن تلاؤمه مع درجة الحرارة. ولا يستطيع الإنسان أن يحافظ على درجة حرارته في الأجواء الرطبة إلا من خلال التعرق الغزير الذي قد يؤدي، إن كان الجو رطباً جداً، إلى إضاعة كمية من الأملاح التي في الجسم مما يقتضي تناول مقادير إضافية من الملح للتعويض عن الضائع.
    ـ التأقلم مع تغيرات الضغط: أوضح مثال على تأقلم الإنسان مع الضغط والارتفاع ما يشاهد في سكان جبال الأنديز الأصليين الذين يعيشون في مناطق يزيد ارتفاعها على 18000 قدم، فقد تكيّف هؤلاء السكان على العيش في هذه البيئة فنقص وزنهم بالنسبة إلى طولهم وزادت سعتهم الحيوية وسعة تهويتهم كما ازدادت كتلة الكريات الحمر وكتلة الغلوبين العضلي وضخامة عضلة البطين الأيمن وعضلات الأوعية الرئوية الصغيرة.
    وإن بعض الطيارين الذين يرتفعون بسرعة في الجو إلى ارتفاعات شاهقة يعانون من الانزعاج الذي لا يلبث أن يزول عند تأقلمهم مع هذه الأجواء، وذلك بعد تكرر سفرهم في الارتفاعات الشاهقة، غير أنّ توفير المقصورات المكيّفة الضغط والأكسجين قد وسّعت مقدرة الإنسان على ارتياد الأجواء المرتفعة لأن انخفاض الضغط الجوي يوجب إحاطة البدن بكامله بضغط مناسب يسمح بدوران الدم دوراناً سوياً.
    إنّ نقص ضغط الأكسجين في الارتفاعات الشاهقة يؤدي إلى تناقص أكسجة دم القادم الجديد، ولمعاوضة ذلك، يتسرع تنفسه ويزيد محتوى الأكسجين في دمه وينخفض مقدار ثاني أكسيد الكربون CO2 وتزداد قلوية الدم، ويصاب بعض الأفراد بالصداع والدوار، وتختلف مدة هذا الانزعاج وشدّته بين الأفراد. وبعد فترة زمنية، تمتد من أسبوع إلى بضعة شهور، تزول أعراض الدوار الحادة ويبدأ القادم الجديد باستعادة نشاطه.
    ويوضح التلاؤم الفيزيولوجي الذي يحدث مبكراً بقصد المعاوضة الآليات المشتركة في التأقلم، فازدياد عدد الكريات الحمريحسّن مقدرة الدم على نقل الأكسجين ويزداد الدوران الدموي وتتحسّن تروية النسج بالدم، وهذا يوضح ازدياد الاستفادة من الأكسجين على المستوى داخل الخلوي.
    ـ التأقلم مع الصوت: تستشعر الأذن تذبذبات ضغط الهواء السريعة فيما يعرف بالصوت. وينقص استمرار التعرض لهذاالصوت حساسية الأذن، وذلك لنقص عمل كثير من المستقبلات الحسية، مما يجعل أصوات الطائرات وضجيج الآلات محتملة بمرور الزمن، ويعدّ هذا التحمل نوعاً من التأقلم. وازدياد الصخب والضجيج في العالم يجعل لهذا التأقلم حدوداً تصير معها الأذيّات البدنية والاضطرابات النفسية العقلية ذات تأثير عظيم في صحة الإنسان وراحته.
    ـ التأقلم مع المواد الكيمياوية: الملح أبرز هذه المواد ذات العلاقة بتأقلم الإنسان مع المواد الكيمياوية. وتأقلم الإنسان مع الملح وثيق الصلة بتأقلمه مع الرطوبة إذ تقوم الكلى بإفراغ الملح والماء كيما تحافظ على تركيز ثابت للملح. ويلجأ الإنسان إلى استدراك الملح من طعامه وشرابه.
    ولابدّ من الإشارة إلى أن المواد التي تنتج من العمليات الصناعية واستعمالاتها المختلفة التي تتراكم في النباتات والحيوانات تنتقل إلى الإنسان عند استهلاكه للطعام، فقد حدث أن انتقل الزئبق والزرنيخ بتناول بعض أنواع الأطعمة وسبّبا الوفاة أحياناً، ويبدي الإنسان التأقلم مع هذه المواد بنقص امتصاصه إياها. وتطرح هذه المسألة تساؤلات مثيرة حول مصير تأقلم الإنسان مع مثل هذه المواد التي يبدو أنها آخذة في الازدياد، ولا تلوح في الأفق بشائر تعزز الأمل بعمل جاد للحدّ منها ولاسيما أن ما يتناوله الإنسان من طعام قد يكون ملوثاً، ولنأخذ مثالاً على ذلك بعض أنواع السمك القادرة على تحمل هذه المواد مدة طويلة مما يعد معه هذا التحمل شكلاً من التأقلم، ولكن الإنسان إذا تناولها أصيب بالتسمم الزئبقي أو الزرنيخي.
    أهمية التأقلم الحيوية
    مع أن المعارف العلمية أدّت إلى وضع مصطلحات دقيقة عن أنواع التلاؤم التي درست تحت عنوان التأقلم، فما زالت هناك تلاؤمات أخرى غامضة للتغيرات البيئية.
    يمكن على وجه العموم أن يغيّر التأقلم قابليات الاستتباب تجاه الأحوال العادية التي تتغير بتغيّر الفصول والانتقال إلى أماكن جديدة، فإن لم يستطع التأقلم فسح المجال لقيام الوظائف الفعالة بعملها في الأحوال المتغيّرة ألحق ذلك ضرراً بليغاً بالعضوية. وهكذا يسمح التأقلم للعضوية بممارسة وظائفها في مجالات الاختلافات الفصلية الكثيرة وعند الانتقال إلى بيئات جديدة.
    وهناك التأقلم الموسمي، وفيه يتهيأ الإنسان لاستقبال الموسم الجديد بإجراءات تتناول طراز حياته الذي يشمل سكنه وغذاءه ولباسه فيغيرها بحسب ما تتطلب الأحوال الموسمية فضلاً عن تلاؤمه مع درجة الحرارة في ذلك الموسم.
    وهناك أيضاً التأقلم ذو الطبيعة التوقعيّة الذي يظهر قبل حدوث التغيّر. وقد يكون توقع التغيّر المنتظر دافعاً لحدوث التحضيرات الفيزيولوجية البطيئة تجاه التغيّرات المناخية التي غالباً ما تحدث بشكل مفاجىء. ويتطلب هذا الأمر الإحساس بالوقت الذي يشير إلى التنبؤ بالتغيّر المنتظر، فطول النهار أو قصره هما الإشارة الظاهرة لذلك، إلا أنها تصطدم بالنظم الداخلي الذي يعدّ مشعراً بالتأقلم.

    محمد ياسين

  2. #542
    التجميلية ( جراحة ـ)

    الجمال صفة محببة ومطلوبة من الجنسين الإناث والذكور في جميع شعوب المعمورة.
    وقديماً لجؤوا لإصلاح التشوّه الناجم عن مكان الأنف المجدوع بوساطة الجراحة بما يسمى: السديلة الهندية Indian flap، وكانت تؤخذ من جلد المنطقة الوسطى للجبين كاملة الثخانة وبصورة عمودية وتُدار على جذمور يقع في الناحية بين الحاجبين ثم تطبق على الناحية الأنفية المجدوعة ويغلق مكان السديلة الجلدية بتحرير المنطقة تحت الجلد في جانبي الجبين وتقريبهما وإغلاقهما بصورة مباشرة.
    وعملية تصنيع الأنف في الوقت الحاضر تستند إلى الفكرة السابقة مع تطويرها، وذلك باستعمال هذه السديلة الجبينية السالفة الذكر بعد قلبها، أي نجعل سطح الجلد ينظر إلى العمق وذلك لاستعمالها كبطانة linnin للأنف، وينقل قسم من جلد الجبين محمولاً على سديلة من فروة الرأس لإيصالها للناحية الأنفية، وتستعمل كظهارة cover (غطاء خارجي) وبعد عدة أسابيع تفصل، وتعاد فروة الرأس لمكانها السابق، ويطعّم الجلد الجانبي الجبهي بطعم جلدي جزئي الثخانة.
    ويعدُّ الوجه الواجهة الكبرى للإنسان كما يعد الأنف مركز الدائرة، لذلك تستحوذان على المقدار الأكبر من اهتمام الجراحة التجميلية بالخاصة.
    وللجراحة التجميلية ثلاثة أنواع:
    ـ الجراحة التجميلية بالخاصة.
    ـ الجراحة التصنيعية.
    ـ الجراحة التعويضية.
    1ـ الجراحة التجميلية بالخاصة cosmetic surgery: هي الجراحة التي تتناول الأنسجة الرخوة الجلدية، وتهدف لتحسين المنظر العام أو التخلص من الندبات أو التشوهات الخلقية أو الرضية أو الورمية أو ما تركه حصاد السنين في الوجه خاصة والجسم عامة. وهي الجراحة الأكثر شيوعاً والأقدم استعمالاً في هذا المجال وميزتها: أنها تَذكر «الجراحة» للتركيز على ماهيتها، فتنفي الوسائل الأخرى غير الجراحية كاستعمال المساحيق ومناقيع النبات والتدليك وغيرها. وتَذكر «التجميلية» للإفادة بأن هدفها الأول هو التجميل أي اكتساب الجمال أو الاستزادة منه والتخلص من العيوب المختلفة. أمّا «الخاصة» فهي التركيز على أن الفائدة المرجوة منها هي الناحية الجمالية فقط، وتنفي الهدف التصنيعي أو التعويضي لأن الجمال هو المطلوب.
    2ـ الجراحة التصنيعية: هي الجراحة التي تستدعي استحداث أنسجة أو أعضاء جديدة، ويشير الاسم إلى عملية تركيبية جراحية ذات هدف تصنيعي، وينظر إلى الناحية التجميلية عرضاً، ويهدف إلى الحصول جراحياً على جزء من الأنسجة واستنقاذه من العطب ويُستعمل غالباً في جراحات الحوادث المشوّهة أو حالات عدم التخلّق، ومن ذلك: عملية عدم تخلّق المهبل باستعمال طعوم جزئية الثخانة لتغطية المهبل المصنّع حديثاً.
    3ـ الجراحة التعويضية: هي الجراحة التي تهدف لتعويض الأنسجة المرضوضة والمحروقة، والتعريف يشير إلى وجود ضائعات نسيجية جلدية مختلفة السعة والثخانة، والعملية تهدف إلى إيجاد بديل عن ضائع، وأفضل مثال لها معالجة الحروق بالطعوم الذاتية، والضياع يقع نتيجة رض خارجي أو ورم طارئ أو حروق، ومعالجة الحروق جزء أساسي من الجراحة التجميلية.
    والحروق تعريفاً: هي جروح واسعة ينقصها الغطاء الجلدي والهدف من إغلاقها الوصول للشفاء.
    ويستخدم لعلاج الحروق:
    ـ الطعوم الجلدية الحرة المختلفة الثخانة.
    ـ السدائل الجلدية flaps.
    الطعم الجلدي: وهو جزء من الأدمة مع البشرة والذي انفصل عن موارده الوعائية، وتُسمّى تلك المنطقة بالمنطقة المعطية، وينقل الطعم إلى مكان آخر في الجسم ويسمى الناحية الآخذة. والطعوم الجزئية الثخانة هي أكثر الطعوم شيوعاً واستعمالاً، أما الطعوم كاملة الثخانة فتتألف من البشرة وكامل الأدمة وهي تحتوي على مقادير مختلفة من الغدد العرقية والدهنية وبصلات الشعر والشعيرات الدموية، علماً أن ضياع جزء من ثخانة الجلد يمكن تعويضها من قبل الخلايا البشرية المهاجرة من بصلات الشعر والغدد العرقية ولا تحتاج لطعم. أما ضياع هذه الأنسجة جميعها فيحرم الجلد من إمكانية تجديده تلقائياً.
    مبادئ الجراحة التجميلية
    تتعلق الجراحة التجميلية في أشكالها الأساسية في:
    ـ استئصال آفات الجلد.
    ـ غلق الجروح الجلدية.
    ـ الطعوم الجلدية.
    ـ السدائل الجلدية.
    ـ التجميل بشكل Z.
    ومن المهم أن يوفق بين استئصال آفات الجلد والحصول على خط ندبي دقيق. والعوامل المؤثرة هي: عوامل أساسية وعوامل إضافية.
    ـ العوامل الأساسية:
    ـ استعمال طريقة لا رضّية.
    ـ وضع الندبة في نفس اتجاه خطوط الجلد.
    العوامل الإضافية:
    ـ اضطرابات الجلد.
    ـ الخمج.
    ـ الطريقة اللارضية: وهي التعامل مع الأنسجة بحذر ودقة ولطف وعدم أذية الجلد بطول تعرضه للهواء أو للشاش الساخن أو لاختناق الأنسجة بالربط الشديد بوساطة الخياطة، لأن الخلايا المتنخرة تصبح مزرعة للخمج أو تستبدل بالندبة، لذلك تستعمل أدوات دقيقة خاصة بهذه العمليات.
    أما الطعوم المركبة: المؤلفة من جلدين بينهما غضروف فهي المفضلة الاستعمال من جناح الأنف والأذن أو إليهما، وإذا كانت الحروق في الوجه محدودة فيمكن استعمال الجلد ما خلف الأذن كامل الثخانة، أما إذا كانت الحروق في الوجه واسعة فتغطى بطعوم جزئية الثخانة ونتائجها أقل جودة، وتعطي الوجه منظراً يشبه القناع.

    الشروط الخاصة بتلقي الطعم وإمكانية حياته:
    1ـ سطح متلقٍّ حسن التوعية.
    2ـ تماس مباشر مع الطعم (عدم تجمع مصل أو دم تحت الطعم).
    3ـ تحضير خاص للنسيج المبرعم (كمادات ومصل فيزيولوجي دافئ وصادة حيوية).
    أسباب فشل الطعوم:
    1ـ تشكل مصل أو دم أو قيح بين المتلقي (الآخذ) والطعم.
    2ـ الحركة.
    3ـ سوء توعية المكان المتلقي (الآخذ).
    4ـ عدم تثبيت الطرف.
    5ـ عدم الكشف على الطعوم بعد 24 ساعة لفتح التجمعات السائلة.
    وتختلف الطعوم حسب مصادرها إلى:
    ـ ذاتية autograft من نفس الشخص.
    ـ أسوية alloggraft من إنسان إلى إنسان آخر.
    ـ غريبة xenograft من حيوان إلى إنسان.
    وهناك الطعوم الجلدية الاصطناعية: وتتألف من خلايا جلدية حرة أو أجزاء من الجلد تؤخذ وتُزرع في وسط mediumمناسب وتحت حرارة مختارة مدّة محدّدة، وهي لا تزال تجرى عليها البحوث في المراكز الجراحية الكبيرة ولم تكتسب بعد الشروط المطلوبة.
    أما السديلة الجلدية: فهي نقل كامل الجلد مع احتفاظه بصلة جلدية وعائية أي جلد مع وعاء.
    والطعم المركب:
    1ـ جلد + غضروف + جلد.
    2ـ جلد + وعاء + عضلة + عظم.
    3ـ جلد + وعاء + عضلة + عظم + صفاق.
    وقابلية الحياة بالنسبة للطعوم الحرة تزداد طرداً مع رقة الطعم. وقابلية الانكماش بالنسبة للطعوم الحرة تزداد طرداً مع رقة الطعم. والثخانة في الجلد نسبية وتختلف بحسب العمر والجنس والمنطقة. وفي الكهول يساوي 3.5 مرة ثخانة جلد المولود حديثاً، وعودة البشرة في الناحية المعطية أسرع في الطعوم الرقيقة، وفي الطعوم كاملة الثخانة لا يتجدد مكان الناحية المعطية لعدم وجود ملحقات الجلد.
    ويقلّل من ظهور الندبات توضعها في:
    1ـ خطوط التجعدات wrinkles lines.
    2ـ خطوط المحيط contour lines.
    3ـ خطوط التعلق dependency lines.
    4ـ أن تكون مخبأة بشعر الفروة أو الحاجب.
    وإن خطوط التعبير الوجهي تزداد ظهوراً بالابتسام والتجهم والتقطيب وتدوير الشفة وغلق العيون بشدة.
    طرق الاستئصال:
    ـ استئصال الآفات الجلدية: يمكن أن تستأصل آفات الجلد بشقوق إهليلجية (بيضوية) أو قطاعية أو دائرية.
    ـ السدائل الجلدية: إن الجروح الواسعة كثيراً التي لا يمكن أن تغلق بصورة أولية يمكن غلقها بوساطة الطعوم الجلدية، وعلى أن الطعم الجلدي هو الطريقة الأبسط، ثمّة حالات يتطلب فيها الأمر إجراء سديلة جلدية لأنها أكثر أماناً لصلتها الوعائية الثابتة.
    وتعريفاً: تتألف السديلة من كامل الجلد والنسيج تحت الجلد التي نقلت من جهة من الجسم إلى جهة أخرى مع جذر وعائي.
    استطبابات السديلة الجلدية:
    1ـ إغلاق الجروح ذات السرير الوعائي الضعيف.
    2ـ تصنيع الأعضاء الوجهية (أجفان العين والشفاه والخدود).
    3ـ تأمين الطبقة الواقية فوق البوارز العظمية.
    4ـ السماح بإجراء عملية خلال السديلة على الأعضاء العميقة.
    ويجب الانتباه إلى أن الغطاء الوعائي للعظم (السمحاق) periostum وغطاء الغضروف perichondrium وغشاء الوترparatendon وغمد العصب epineurium في العظم والغضروف والوتر والعصب يجب أن تكون موجودة في المنطقة التي سيوضع فيها الطعم، وإن لم تكن موجودة فلابد من اللجوء إلى السديلة الجلدية.
    وإن الجراحة الوعائية المجهرية لنقل الأنسجة بصورة حرة قد تجاوزت كثيراً من استطبابات السدائل الجلدية، وذلك في المراكز التي يتوفر فيها استعمال المجهر الجراحي، ثمّ إن هذه السدائل الجلدية تنمو بصورة تتناسب مع نمو الجسم.
    ـ التصنيع بشكل Z: هو الطريقة التي يمكن بها اكتساب جزء من الجلد الفضفاض في إحدى حافتي الجرح وتحويله إلى مكان الجلد الضيق في الجهة المقابلة، وذلك لتحسين التروية المحلية وإمكانية الحركة.
    ـ الخياطة الجلدية: يشترط فيها استعمال الأدوات الدقيقة والناعمة.
    والخياطة أنواع:
    ـ خياطة متواصلة ضمن الأدمة إذا استعملت بخيط اصطناعي يمكن سحبه بعد أسبوع، وإذا استعملت بخيط كاتكوتcatgut أو مثيلاته المستجدة فيمكن أن تبقى في مكانها وتمتص تلقائياً.
    ـ الخياطة المتقطعة البسيطة ويستعمل بها الخيوط الاصطناعية، ويشترط أن تكون المسافة قريبة من حافة الجرح، وأن تكون الغرز متقاربة بينها لتقاوم الشد العضلي الجلدي كما في جروح الوجه.
    ـ الخياطة المرتبية matress عمودية أو شاقولية وتستعمل في الأماكن التي تحتاج إلى شد ثابت.
    المستجدات في عالم الجراحة التجميلية
    1ـ الطعوم الجلدية العضلية: لغزارة الموارد الدموية للعضلات وُجد أن استعمال الطعوم الجلدية العضلية تعطي نتائج أفضل وأكثر أماناً وخاصة في جراحات الطرف السفلي الرضية مع انكشاف عظم الظنبوب، فاستعملت العضلات التوأمية الفخذية والنعلية لتغطية هذه العظام المكسورة وعزلها عضوياً عن المحيط الخارجي خاصة في الثلثين القريبين من الساق.
    أما بالنسبة للثلث البعيد فإن العضلات المذكورة لا يمكن أن تغطي العظام المكشوفة، فانتظر العلماء حتى تقدمت الجراحة الوعائية المجهرية وتحسنت الإمكانيات التطبيقية لها فاستخدموها وأعطت نتائج حسنة.
    2ـ الجراحة الوعائية المجهرية: يؤخذ طعم جلدي مع العضلة اللصيقة به مع الوعاء الدموي المرافق (شريان ووريد)، وتنقل بصورة حرة إلى منطقة القدم أو ما حولها حيث يوجد نقص جلدي عظمي رضي واسع، ويحرر الوعاء القريب (شريان ووريد) في القدم، ثم تجري مفاغرة وعائية بين أوعية الطعم الجلدي العضلي المعطي والأوعية الآخذة في القدم، ثم يغلق الجلد المعطي مع الآخذ بصورة تجميلية، كما أمكن في الحالات الرضية لليد مع ضياع الإبهام اليدوي إجراء نقل الإبهام القدمي مكان الإبهام اليدوي المتموت مع مفاغرة الأوعية والأوتار وإغلاق الجلد والنتائج حسنة بوساطة المجهر الجراحي.
    3ـ رشف الشحم: لأن السيدات ينشدن القوام الرشيق لذلك لجأن للبحث عن واسطة للتخلص من أكداس الشحم المتوضعة في البطن والأطراف، وكان يجرى استئصال قسم من دهن البطن في أثناء عملية شد البطن، ولما شاعت استعمالات الآلات الماصة suction machine للتخلُّص من الدهن الزائد، واستعملت الزوايا الخفية لإجراء جروح صغيرة تنفذ منها أقنية الآلات الماصة، تعاونت عمليات شد البطن مع رشف الدهن، وأجريت عمليات رشف الدهن من البطن والأطراف بصورة مفردة.
    4ـ الأكياس التمديدية expanders: في حالات قلة الجلد المتوفر لتغطية الضياع الكبير لجلد فروة الرأس أو الوجه أو الأطراف ولوجود الألياف المرنة في الجلد التي تساعد على تمدد الجلد كما يحدث أثناء فترات الحمل، ابتكر العلماء نوعاً من الأكياس الخاصة المصنوعة من اللدائن التي تزرع من خلال شق صغير تحت الجلد المراد تمديده، ولهذه الأكياس أنبوب رفيع يمتد خارج الجلد له غطاء متحرك لغلقه.
    وهذه الأكياس مرنة وقابلة للتمدد وزيادة حجمها (كما هو الحال في البالونات المطاطية) وذلك بحقن كميات من السائل الفيزيولوجي ضمنها عن طريق الأنبوب بصورة تدريجية وبفاصل زمني متكرر.
    وبذلك يُحصل على مساحة إضافية من الجلد تساعد على تغطية المساحات المكشوفة.
    ويجب التأكد أثناء هذه الإجراءات من عدم حصول تشوهات في العين أو الأنف أو الفم وعدم حصول ضغوط مؤذية على الأعضاء المجاورة.
    وقد شاعت عمليات الوجه التجميلية التي منها:
    1ـ تصنيع الجفون المترهلة بفعل السن وشد الوجه المترهل: وذلك باستئصال قسم من الجلد الزائد ثم إعادة خياطته بشكل خاص.
    2ـ تصنيع الذقن الصغيرة: بالكشف عن عظم الذقن وإضافة طعم عظمي أو لدائن اصطناعية إليه ثم إعادة خياطة الجلد فوقه.
    3ـ تصنيع الأنف المحدب (سنام الجمل): بالكشف عن عظم الأنف ونشر الحدبة الزائدة ثم نشر قاعدة المنخر العظمية داخلياً من الجهتين، ويعطى الأنف المنظر اللائق، ثم تعاد خياطة الجلد، ويثبت الأنف بجبيرة جبسية لمدة أسبوع.
    عمليات الثدي التجميلية وهي:
    ـ عمليات تصغيرية: باستئصال قطاع من الثدي دون إيذاء المصدر الوعائي ثم إعادة تقريب الأقسام الباقية من الثدي.
    ـ عمليات تكبيرية: بوضع أكياس اصطناعية تزرع عن طريق الثنية تحت الثدي أو عن طريق الإبط.

    شفيق نظام

  3. #543
    تحسس الجراثيم للصادات

    تحسس الجراثيم للصادات antibiogram هي طرائق مخبرية الغاية منها تحديد حساسية، أو مقاومة جرثوم مستفرد من نماذج مرضية (دم، قيح، قشع، وغير ذلك) تجاه مختلف الصادات antibiotics المتوافرة تجارياً. ويعتمد مبدأ هذه الطرق على دراسة إمكانية نمو الجرثوم عند زرعه في أوساط ملائمة بوجود تراكيز متزايدة من الصادة المدروسة.
    لمحة عن آلية مقاومة الجراثيم للصادات
    لا تتأثر الجراثيم بالصادات على نحو متماثل من الناحية العملية. وقد طرأ منذ استخدام الصادات حتى اليوم تبدل كبير في تحسس الجراثيم لمختلف أنواع الصادات، وظهرت ذراري مقاومة، ويمكن تعريف المقاومة الجرثومية لصادة ما بأنها «تكاثر إحدى الذراري الجرثومية بوجود تركيز مرتفع لهذه الصادة في الوسط في حين لا تستطيع الذراري الأخرى من النوع ذاته ذلك».
    ويمكن الجراثيمَ أن تقاوم الصادات بعدة وسائل، وهناك عدة عوامل تتدخل في هذه المقاومة، منها ماهو مستقل عن جينات (مورثات) الجرثوم، ومنها للجينات فيه أثر أساسي. وقد تقوم بعض العوامل الخارجية بوظيفة مساعد في ظهور هذه المقاومة كاستعمال الصادات العشوائي غير المدروس. والمعلوم أن استعمال صادة ما في المعالجة سيقضي على الجراثيم الحساسة لها دون الجراثيم المقاومة مما يتيح انتشارها وتزايد نشاطها بتكرار استعمال هذه الصادة.
    وغالباً ما تُصادف الذراري المقاومة في المشافي حيث تُستعمل الصادات على أوسع نطاق وخاصة في أقسام الإنعاش والعناية المشددة، والأقسام البولية التي تُستخدم فيها طرق التقصي الحديثة (كالقثطرة والتنظير وغيرهما) فتفسح في المجال أمام دخول مثل هذه الجراثيم المقاومة مما يؤدي إلى حدوث خمج infection عند معظم المرضى وخاصة عند استخدام أجهزة وأدوات غير عقيمة.
    كما يمكن الجراثيم المقاومة التي ثبت وجودها عند البشر أن توجد في كل مكان، عند الحيوانات والنباتات وفي التربة والمياه. ويعود سبب هذا الانتشار إلى أن استخدام الصادات في المعالجة لم يقتصر على البشر بل تعداه إلى الحيوانات يضاف إلى ذلك كله استخدام الصادات في الصناعة الغذائية كمواد حافظة. وقد أدى هذا الاستخدام الواسع للصادات إلى ظهور ذراري مقاومة مماثلة لتلك التي تُصيب البشر. ومما يلاحظ أن المقاومة الجرثومية للصادات والتي تُصادف عند البشر، تتطور تطوراً موازياً للمقاومة الجرثومية التي تشاهد عند الحيوان، وتنتشر في الطبيعة، وهذا ما يدعو إلى الحد من استعمال الصاداتالواسع ولاسيما في الصناعات الغذائية أو إضافته إلى الغذاء الحيواني دون مسوغ.
    طرق دراسة تحسس الجرثوم للصادات
    لا يمكن تطبيق المعالجة بالصادات اعتماداً على طيف تأثيرها النظري لظهور ذراري جرثومية تكتسب مقاومة لها، وإنما يجب اللجوء للمخبر الجرثومي طلباً للمساعدة والتوجيه في كثير من الحالات، وحينما يستطيع المخبر استفراد الجرثوم المُسبب للخمج يمكنه أن يقدم للطبيب المعالج حساسية الجرثوم نحو مختلف الفصائل من الصادات وتعيين التركيز الأصغري المثبط لنمو الجرثوم concentration minimale inhibitrice (C.M.I) لكل صادة. وتجرى هذه الدراسة بطريقة التمديد أو بطريقة الانتشار أو بالطرق الآلية:
    1ـ طريقة التمديد dilution method: يوضع في سلسلة من الأنابيب تحتوي على مستنبت زرعي سائل (الماء الهضموني) الكمية ذاتها من مستحلب جرثومي على نحو لايبدي المستنبت أي عكر ملحوظ بالنسبة لأنبوب شاهد لم يُزرع بالجرثوم، ثم يضاف إلى هذه السلسلة من الأنابيب كمية متزايدة من الصادة المراد دراستها. تُحضن الأنابيب بعد ذلك بدرجة 37ْ مدة 24ساعة، ثم يدرس العكر الحاصل في الأنابيب ويلاحظ أن بعض الأنابيب يحدث فيها عكر نتيجة تكاثر الجرثوم، وأن أكثر الأنابيب عكراً هو الذي يحتوي على أصغر كمية من الصادة. كما يلاحظ أيضاً ازدياد نقصان العكر بازدياد تركيز الصادة حتى الوصول إلى أنبوب خال من كل عكر عياني، ويماثل الأنبوب الشاهد الذي لم يزرع فيه أي جرثوم. وهذا الأنبوب يشير إلى التركيز الأصغري من الصادة المثبط لنمو الجرثوم (C.M.I).


    تفسير النتائج: لكي يكون تأثير الصادة فعالاً عند استعمالها في المداواة، يجب أن تصل إلى البؤرة الالتهابية بتركيز أعلى أو على الأقل مماثل للتركيز الأصغري المثبط لنمو الجرثوم. واعتماداً على هذه المعلومات، على المخبر الجرثومي أن يُحدد الصادة الفعالة. ولا تُعطى عادة النتائج بتحديد المقدار الأصغري المثبط لنموالجرثوم وإنما بتحديد فعالية الصادة عليه، فيكون إما جرثوماً مقاوماً للصادة، وإما حساساً لها وإما متوسط الحساسية:
    ـ الجرثوم المقاوم للصادة resistante (R): وفيه يكون التركيز الأصغري المثبط لنمو الجرثوم (C.M.I) أكبر بكثير من التركيز الذي يمكن أن تصل فيه الصادة إلى البؤرة الالتهابية مهما كانت طريقة المعالجة، وفي هذه الحالة لا يمكن استخدام تلك الصادة في المعالجة.
    ـ الجرثوم الحساس للصادة sensible (S): ويكون التركيز الأصغري المثبط لنمو الجرثوم (C.M.I) أصغر من التركيز الذي يمكن أن تبلغه الصادة في أخلاط البدن، ولذلك يمكن استخدام هذه الصادة في المعالجة بمقاديرها المعتادة.
    ـ الجرثوم المتوسط الحساسية intermediaire (I): ويكون التركيز الأصغري المثبط لنمو الجرثوم (C.M.I) يقارب التركيز الذي يمكن أن تبلغه الصادة في أخلاط البدن، وفي هذه الحالة لا يمكن استخدام الصادة في المعالجة بمقاديرها المعتادة، وإنما يجب زيادة المقدار إذا كانت الصادة تُعطى بالفم أو الزرق، وفي مثل هذه الحالة يُخشى من الأعراض السُمية للصادة لذا يفضل إعطاؤها موضعياً، وهنا يُخشى أيضاً من تراكمها موضعياً، لذا يفضل في مثل هذه الحالة استبدالها إذا كان ذلك ممكناً.
    2ـ طريقة الانتشار على الغراء: وهي الأكثر انتشاراً وتطبيقاً، وتعرف بطريقة الأقراص، وتعتمد الطريقة على وضع أقراص كل منها مُشَرَّب بتركيز معين لصادة ما، وذلك على سطح مستنبت من الغراء مزروع بالجرثوم المراد دراسته. يُحضن المستنبت بدرجة 37ْ مدة 24 ساعة، وتبعاً لحساسية الجرثوم للصادة، أو عدم حساسيته، يلاحظ بعد فترة الحضن، حول الأقراص وجود هالة مُحيطية خالية من أي نمو جرثومي، ويتوقف النمو الجرثومي عادة حين يكون تركيز الصادة يعادل التركيز الأصغري المثبط للنمو (C.M.I)، ومن قياس قطر هالة عدم النمو حول القرص يمكن أن نحدد المقدار الأصغري المثبط لنمو الجرثوم لكل صادة من الصادات المستخدمة في الاختبار.
    وتعطى النتائج بشكل مماثل لطريقة التمديد السابقة، إما جرثوماً مقاوماً للصادة وإما حساساً وإما متوسط الحساسية، وذلك بالرجوع إلى حركية الصادات في العضوية والتركيز الذي يمكن أن تصل إليه في أخلاط البدن أو أماكن توضع البؤرة الجرثومية.
    3ـ الطرق الآلية: هناك طرق آلية تعتمد على الأجهزة الحديثة يُمكنها تحديد حساسية الجرثوم للصادات المختلفة، وهذه الأجهزة تحدد أولاً هوية الجرثوم اعتماداً على الخصائص الكيميائية الحيوية له، ثم تدرس حساسيته لمجموعة من الصاداتالمختلفة اعتماداً على نموه في أوساط زرعية بوجود الصادات المختلفة وباستخدام الحاسوب.
    أهمية إجراء تحسس الجراثيم للصادات قبل بدء المعالجة
    مازالت المُعالجة بالصادات حتى اليوم المداواة الفعالة في التصدي للأخماج الجرثومية والسيطرة عليها. وعلى أن ظهور الذراري المقاومة من الجراثيم يترافق أحياناً مع اكتشاف صادات جديدة وفعالة في هذه الذراري، تبقى مشكلة الذراري المقاومة للعديد من الصادات قائمة، ولذلك وجب ترشيد استخدام الصادات وأن لا يفرط في استعمالها على نحو عشوائي، وأن لا تعطى إلا عند الحاجة لمدة كافية ووفق طريق طرحها من البدن، وبمقادير فعالة تقضي على الذراري الحساسة وطلائع الذراري المقاومة. ويتم ذلك بعد إجراء اختبار تحسس هذه الجراثيم للصادات المتوافرة تجارياً مما يساعد الطبيب المعالج في اختيار الصادة الملائمة من حيث كلفتها المادية وطريقة طرحها من البدن ومكان تكاثفها مع مراعاة حالة المريض الصحية لتجنب الآثار الجانبية بغية الوصول إلى الشفاء.

    ميخائيل عبيد

  4. #544
    تحسين النسل البشري (علم ـ)

    يدرس علم تحسين النسل البشري eugenics أفضل الشروط لتحسين الجنس البشري نوعياً، ووضع قواعد لتكاثر بشري حسن، كما يعرَّف بأنه الدراسة النظرية والعملية لكل الوسائل التي تستطيع أن تقي أو تحسّن العوامل الأقوى والأفضل للعروق البشرية، أو بقولٍ آخر، حماية الصفات الجينية الحسنة في الأجيال المقبلة. ويهدف تحسين النسل أولاً إلى تفادي ولادات أطفال مصابين بأمراض وراثية. ولا تقتصر غاية هذا العلم على إنشاء أفراد أقوى، بل إنجاب سلالات ذات قدرة متميزة من قوة الاحتمال والذكاء والشجاعة.
    ولا يعد تحسين النسل علماً حديثاً، فقد كانت العادة في إسبرطة القضاء على الأطفال المشوهين، وقد أشاد الفلاسفة الإغريق بقيمة القوانين التي لا تسمح للأطفال المولودين حديثاً بأن يبقوا على قيد الحياة إذا لم تنطبق عليهم بعض القوانين التي وضعتها بعض لجان تحسين النسل. وقد عرض أفلاطون نفسه، عن طريق سقراط، برنامجاً للزواج يهدف إلى تحسين النسل.
    وقد بقي الأمر على هذا النحو غير الدقيق حتى وضع الفيزيولوجي البريطاني فرنسيس غالتون (1822-1911) أسس تحسين النسل العلمي، واستعملَ هذا المصطلح للمرة الأولى، وذلك عام 1865 في مقالة له بعنوان «الموهبة الوراثية والطبع». ففي عام 1904عرّف غالتون هذا العلم بأنه «دراسة العوامل التي يُستطاع أن تُراقب اجتماعياً، ويمكنها أن ترفع الصفات العرقية للأجيال المقبلة أو تخفضها من الناحيتين الجسمية والعقلية». وفي العام نفسه بدأ غالتون بإلقاء محاضرات علمية عن تحسين النسل، وكانت غايته منها: منع تكاثر المعوقين (تحسين النسل السلبي)، وتنشيط تكاثر الأفضل وذلك لتحسين العرق (تحسين النسل الإيجابي).
    وقد اقترح أن تقاس عبقرية فرد ما بالطريقة النسبية أي بعدد أفراد جمهرة ما تقع في التصنيف تحته أو تفوقه ذكاء. وهكذا استعمل أدوات قياس (جداول عشرية) تسمح بمعرفة ما هي نسبة الأفراد الذين يفوقون فرداً ما في ذكائهم. وقد بقي هذا المبدأ وهذه الطريقة مستعملين منذئذ في علم النفس التفاضلي. وفي تطبيقها تُلاحَظُ حادثة فكرية معينة عند عدد من الأفراد ثم يصنف الفرد الذي يُدرس بينهم.
    وقد طبق غالتون الطريقة نفسها على الناحية الجسدية كالطول مثلاً، وربط بين الطول وذكاء الفرد أحياناً وتوصل إلى إيجاد معامل ارتباط، وبهذه الطريقة برهن كيف يمكن الربط بين الحوادث البيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والجسدية وغيرها. وقد حَسَّن معامل الارتباط هذا أحد تلامذته الباحث في الرياضيات بيرسون.
    ويبدو أن غالتون قد أتى مبكراً جداً أو متأخراً جداً بالنسبة لعصره، فهو مبكر جداً لأنه في نهاية القرن التاسع عشر لم تكن مبادىء الوراثة العلمية قد عرفت ولم يقم لمبادىء مندل وزن كبير في ذاك الوقت، وكان لابد من الانتظار حتى سنة 1925 ليأتي الأمريكي مورغان ومساعدوه ويقوموا بدراساتهم على ذبابة الخل drosophila، ليكتشفوا أن الجينات هي وحدات نقل الصفات وهي تشغل مكاناً ثابتاً على الصبغيات.
    لم تستند آراء غالتون إلى المعارف البيولوجية الدقيقة، فالأعمال الأولى التي توصل إليها كانت مبهمة والنتائج التي حصل عليها تدعو للشك، كما أن تطبيقاتها كانت تؤدي إلى مشكلات كبيرة، إذ فرضت التعقيم والإخصاء على بعض الأفراد، ونشأت عن ذلك إيديولوجيات عرقية اعتقدت بهذا التطبيق. كما يمكن القول إن غالتون قد أتى مُتأخراً جداً لأن بعض المجتمعات كانت قد طبقت ما يطلبه قبل ذلك (كالإغريق مثلاً). ومن العلماء القائلين بتحسين النسل الفيزيولوجي الفرنسي شارل ريشيه (1850-1935)، والطبيب ألكسيس كاريل (1873-1944).
    وقد اتخذت معظم الحكومات في أوربة تدابير للحدّ من المعوقين عقلياً وجسدياً نتيجة الكثير من الأمراض الوراثية كمتلازمة داوْن أو (المنغولية أو التثلث الصبغي)، وهي شذوذ وراثي يتصف بوجود صبغي ثالث لاحق على زوج من الصبغيات في حين تكون بقية الصبغيات مزدوجة على نحو طبيعي، وفيها يولد أطفال من أمهات كبيرات السن، ويتزايد احتمال ولادة طفل بمتلازمة داون زيادة سريعة وأسية مع زيادة عمر الأم فيزيد الاحتمال من 1/2300 عند سن العشرين ليصير 1/100عند سن الأربعين. لذا يتخذ إجراء رئيسي هو بزل السائل الأمنيوسي للحوامل الأكبر سناً، لفحص ما إذا كان الجنينيحمل صبغياً إضافياً، ولديه فيما يحتمل أقل عدد من الجينات، ويسبب وجوده اضطراباً في توازن الجينوم البشري بحيث لا يستطيع البدن أن ينمو نمواً سليماً، كما أن وجود جين يؤدي للإصابة بداء رقص هَنْتنغتن Huntington’s Chorea، وهو مرض تظهر أعراض الحاملين لهذه الجينة في نحو الأربعين من عمرهم، وتتصف أعراضه باضطرابات عقلية وحركات رقصية تنتهي بموت المريض بالدنف والخرف.
    يقسم علم تحسين النسل إلى قسمين: تحسين النسل الإيجابي وتحسين النسل السلبي.
    تحسين النسل الإيجابي: هو الإنجاب التفاضلي أو الاصطفائي لمن يطلق عليهم اسم الأفراد المتفوقين على سواهم، وذلك في سبيل تحسين الرصيد الوراثي للجنس البشري.
    ويعد هيرمان. ج. مولر من أهم المتحمسين لهذا النوع من الهندسة البشرية، وهو الذي دعا إلى تأسيس بنوك للنطاف المنوية لجمع مقدار منها من الواهبين الذين تختارهم لجنة مناسبة، وتخزين النطاف مدة حتى تتمكن لجنة الرقابة من التأكد من خصائص الواهبين، من حيث وفرة الصفات الوراثية المرغوبة. ثم يلجأ الباحثون إثر ذلك إلى تلقيح عدد كبير من النساء الراغبات من تلك النطاف المنوية لتحملن بشراً متفوقين وراثياً، والوصول إلى عالم أفضل. ويؤكد أصحاب هذا الخط العناية بخصائص الواهب من حيث الكفاءة العقلية الرفيعة والشخصية المفضَّلة اجتماعياً والخلو من العيوب الجسدية ذات العلاقة بالوراثة.
    تحسين النسل السلبي: يهدف إلى إنقاص تواتر وجود الجينات المرضية في جمهرة ما بطرقٍ غايتها إنقاص نسب ولادات أفراد يحملون أمراضاً وراثية، كالصرع وداء الزهايمر مثلاً. وهو يعني تطبيق الحَجْر، أو إصدار قانون، يمنع الأفراد حاملي الجينات المعطوبة المسببة للأمراض من الإنجاب. ويعتقد أصحاب هذا الاتجاه الشائع بأن بالإمكان تحقيق ذلك بالإرشاد المناسب، وبالإجهاض الاصطفائي أو بالتعقيم إما اختيارياً وإما إجبارياً.
    وقد برهن علم تحسين النسل السلبي الحديث أن بعض العاهات المَوروثة تنتقل من الأبوين إلى الطفل على نحو مؤكد ومنتظم وكأنها تخضع لقواعد الرياضيات، ولذا كان من المنطقي إزالة انتشار هذه العاهات.
    وهناك بعض الطفرات الجينية التي يطلق عليها اسم BCRA2 وهي طفرة جينية حينما تصيب الأم والأب معاً فإن الطفل يولد سليماً ولكنه سيصاب حتماً بأورام متعددة حينما يبلغ السنة الخامسة والثلاثين أو الأربعين.
    ونظرياً فإن القاعدة التي يمكن سلوكها سهلة، يجب أولاً الحؤول دون تكاثر المصابين بعاهات كالمتخلفين عقلياً والحاملين لعاهات جينية سائدة (قاهرة) dominant. وهناك طريقة مجدية وهي أكثر طرق تحسين النسل استعمالاً، ويعمل بها منذ زمن بعيد وهي تنظيم الاقتران بين ذوي القربى.
    إن الطريقة الوحيدة لإيقاف تكاثر الأفراد المصابين بعاهات هي التعقيم، وتضع تشريعاتُ بعض البلاد كالولايات المتحدة وكندا والسويد والدنمارك وسويسرة، شروطاً للتعقيم في سبيل تحسين النسل. وقد نوقش التعقيم في سبيل ذلك من الوجهة القانونية على نطاق واسع وفي مؤتمرات عدة.
    يكون التعقيم مجدياً للقضاء على العاهات التي تحملها جينات سائدة والتي يمكن أن تعود فتظهر ثانية عن طريق الطفرات، أما العاهات في الجينات الصاغرة (المقهورة) recessif فلا يمكن الوصول إليها إلا ببطء وعلى نحو غير كامل لأنها في معظم الأحيان تنتقل عن طريق أفراد أصحاء يحملون هذا الجين. ولذا يجب ألاَّ ننتظر الكثير من التعقيم في سبيل تحسين النسل، كما يخشى خطر الإسراف في تطبيقه.
    هناك وسيلة حسنة وهي تعريف الأفراد بالعوامل الجينية كي يبتعدوا عن الزيجات الخطرة وذلك بإشاعة التثقيف وإيضاح الخطورة التي قد يتعرضون لها، كما يمكن تقديم مساعدات مادية للأسر الكبيرة العدد والسليمة كإعطائهم القروض عند زواجٍ صحيح بغية تحسين النسل والإكثار من أولئك الحاملين لأفضل الصفات الوراثية.
    ولكن ما هو التعريف الدقيق الحالي لعلم تحسين النسل وما أهدافه وما قواعده العلمية الحديثة؟
    علم تحسين النسل البشري: هو التهجين الانتقائي لتطوير الصفات العقلية، واستخدام طرق إجبارية للتخلص من غير المرغوبين اعتماداً على أن الطبيعة تضحي بكثير من الأحياء في سبيل إحياء الأصلح.
    وعلى هذا وفق تحسين النسل لابد من إجهاض الجنين مما يمثل وجهاً حميداً لهذا العلم، وكذا الحال بالنسبة لغيرهم من المعوقين عقلياً الذين يشكلون لآبائهم حملاً كبيراً لا يرغبون فيه.
    وبما أن الاستنساخ البشري سيصير قريباً حقيقة من حقائق الحياة والقوانين التي تحرمه، فإن علم الاستنساخ قد يحيي من جديد حركة تحسين النسل في المجتمعات البشرية.
    إن مشكلة تحسين النسل، مشكلة مهمة في أي مجتمع، لأنها قد تتمخض عن أحداث ذات أثر عظيم في مصير الجنس البشري.
    علم تحسين النسل، والتحول الفجائي للجينات، وتشوهات الأجنة
    قد تنحرف الجينات وتحدث عيوباً وراثية لدى الأجنة، ولكن «انحرافات الجينات» لا تمثل في الواقع سوى واحد من العيوب الوراثية التي يتعرض لها جنين الإنسان، لأن التحول الطفري للجينات الذي يؤدي إلى تشوهات جنينية شديدة ومؤسفة هو أهم من الانحرافات.
    إلا أن التجارب التي استطاعت إحداث تحولات مفاجئة (طفرية) في خلايا الثدييات، والتي تمكنت تعرف الخلايا المتطورة واستفرادها isolation، ودراسة العيوب الكيمياوية الحيوية المرافقة لهذه التغيرات قد أدت خدمات جُلَّى بالنسبة لكثير من الأمور التي كان الإنسان يجهل أثرها مثل: معرفة مفعول بعض الأدوية والعقاقير الحديثة وتأثير المواد المضافة للأغذية وتأثير الملوثات البيئية المختلفة من حيث قدرتها على إحداث التبديل الفجائي في خلايا الثدييات.
    وقد ساعدت مثل هذه الدراسات، في نطاق هندسة الوراثة وتحسين النسل، على التخلص من كثير من الأمراض الوراثية المتأتية عن البيئة التي اصطنعها الإنسان. فقد أمكن للتقني المخبري أن يشخص كثيراً من التطورات المفاجئة بالجينات داخل الرحم، أي ما يتعلق بعيوب الصبغيات.
    أما أهم الأمثلة في هذا المجال، أي المتعلقة بعيب في جين واحد فقد أمكن تمييزه بهذه الوسائل قد يكون:
    ـ مجموعة أعراض كمتلازمة ليش نيهان Lesch Nyhan syndrome وقد كشف بفضل الكيمياء الحيوية، وهو مرض لا يصيب إلا الذكور من الأطفال ويتصف بظهور أعراض الرقص الكنعي وفرط التوتر العضلي وعسر البلع وإقياء وتخلف عقلي وترتبط هذه المتلازمة بفقدان إنظيم ضروري لاستقلاب البورينات. وهنا يتجلى أثر علم تحسين النسل درءاً لمثل هذه الحالات المحزنة.
    وبما أن الأمر مرتبط بالكشف عن الصبغيات وفحصها والتدقيق فيها فإن العاملين في الهندسة الوراثية، أي هندسة الجينات قد عملوا على وضع ما يسمى بـ«خارطة الجينات» والغاية منها معرفة أي جينات تقع على كل صبغي، وتحديد الأنشطة الكيمياوية الحيوية التي تسببها في المرضى، الذين يعانون من انحرافات أو من شذوذ صبغية، ومحاولة تخطيط سبل لعلاج الحالة أو تخفيفها، وإذا ما توافر يوماً اختبار كيمياوي حيوي بسيط أمكن بفضله تعرف وجود زيادة أو نقص في الصبغيات، فإن ذلك يسهل تشخيص الأمراض الصبغية. ومن هنا تهدف خريطة الجينات تحديد موضع الجينات المختلفة على الصبغيات والكشف عن جينات تعمل أحياناً، وتتوقف عن العمل أحياناً أخرى.
    ولكن لابد من وجود طرق معينة تجعل جينات معينة تعمل في الخلايا، بحسب طبيعة نشاطها، دون الجينات الأخرى، فالجينات المسؤولة عن صنع خضاب الدم hémoglobine مثلاً، تنشط فقط في الخلايا التي تصنع الدم. ولكنها تكون سائدة في خلايا باقي أجزاء البدن.
    وقد تمكنت الهندسة الوراثية من الكشف عن الجينات المعيبة والتخلص منها أحياناً، أو تكييفها وذلك بفضل الأساليب الجديدة التي تُوُصِّل إليها لا في نطاق الوراثة البشرية فحسب، بل في الأوساط الحيوانية والزراعية أيضاً.
    هندسة الوراثة قاعدةً موسعة لعلم تحسين النسل
    إن التقدم المذهل في مجال الجينات، ومعرفة موقع 30.000 - 40.000 جين في جسم الإنسان، وإن كان لا يوحي بأن العلم قد عرف كل وظائفها حتى الآن، أو كيف يتداخل عمل بعضها مع بعض ومع البيئة، فإن ذلك يؤلف قاعدة للإسهام كمساعد رئيسي لعلم تحسين النسل حيث يلتقي استيلاد أناس أقوياء خالين من العاهات المرتبطة ببعض الجينات. ويبدو أنه مع تقدم القرن الحادي والعشرين تحوّل التركيز في التقانات الحيوية تدريجياً إلى تحديد طريقة عمل الجينات وتفاعلها بعضها مع بعض، وهو ما يدعى علم وظائف الجينات functional genomics وسيشكل هذا العلم أكبر قاعدة في علم تحسين النسل في المستقبل، وخاصة إذا تمكن العلماء من فصل الجينات التي تتحكم في خصائص معينة متعددة، بصورة منفردة، مثل شكل أجسامنا، ونماء عقلنا وأجهزتنا الغدية والعصبية والسلوكية، كما سيكون بالإمكان التحكم في الجينات التي تتحكم في تطوير أعضاء كاملة، بعد أن يكون العلم قد تجاوز المرحلة الحالية التي لا تستطيع إلا نقل قطع من الدنا DNA من كائن إلى آخر بصعوبة، وذلك بغرض تعديل وظائف البدن والعقل.
    وتركز البحوث الجينية اليوم على تحديد الجينات الخاصة بالتصرف والسلوك والذاكرة، لكن الصعوبة هنا كبيرة جداً لأن بعض أنواع السلوك يتأثر بالجينات، ويرتبط بشبكة معقدة منها كما يرتبط بمؤثرات بيئية، وحدثت اكتشافات مهمة في عام 1996-1997 في أربع جامعات أمريكية حينما أمكن استفراد جين يؤثر في الذاكرة، حتى إن «والتر جيلبرت» يتفاءل بإمكانية تصنيع أدوية تساعد الأشخاص الذين يعانون من ضعف الذاكرة.
    إن التحام علم تحسين النسل البشري، والمعجزات العظيمة في علم الجينات يشكل شيئاً جليلاً ولكنه لا يعادل ما صنع الانتقاء الطبيعي natural selection من معجزات. ومع ذلك فإن هذه الكشوف البيولوجية الرائعة ستطرح مشكلات أخلاقية كثيرة منها:
    سيصير مصير الإنسانية نتيجة لذلك في مهب الريح، لأن الطبيعة سوف ترد على ذلك في زمن غير متوقع وبطريقة غير منظورة.
    إننا بالفعل من خلال علم تحسين النسل والتطورات في المجال الجيني تحت رحمة هذه التوجهات، ذلك أنها ما إن توجد، حتى يصير من الصعب إرجاعها القهقرى.
    وفي الثمانينات دعا الفيزيائي وليام شوكلي، الحاصلين على جوائز نوبل، وهو منهم، إلى الإسهام في بنك للنطف، ويمكن لأي أنثى مؤهلة، أن تؤدي بعد ذلك مهمتها تجاه الإنسانية، في تحسين الجنس البشري، عن طريق تلقيحها من بنك نطف هؤلاء المتفوقين فكرياً.
    إن إحدى المخاطر على المدى البعيد، هو أن الأغنياء سيتمكنون من تحسين خطهم السلالي، في حين لا يستطيع الآخرون ذلك، مما يترك بقية المجتمع في المؤخرة، ويخلق نظاماً بيولوجياً جديداً للطبقات. ويقول غريغوري كافكا: «إن أي حركة كهذه، تهدف إلى التطوير الجيني، يمكنها إرساء عدم المساواة الاجتماعية مجدداً، على أن ذلك سيتم على أسس جديدة، وقد تختفي الأرستقراطيات القديمة حسب المولد أو اللون أو الجنس، لتحل مكانها أرستقراطية جينية جديدة. إن التصدعات العميقة في المجتمع، يمكن أن تتسع لتصير هوة عميقة، إذا توافر للأغنياء فقط، إمكان اختيار خطهم الوراثي».
    تناسل أفضل
    وبين المؤيدين الأكثر تحمساً نجد البيولوجي دافينبورت، وهو مؤسس مخبر سبرنك هاربر ومؤسس مكتب سجلات تحسين النسل البشري، حيث جمع هذا المكتب معلومات عن آلاف العائلات الأمريكية من أجل البحث الوراثي. وبعد البرهان على وراثة لون العين والجلد والشعر، ذهب دافينبورت إلى إثبات وراثة سجايا traits مثل استمراء الصدقة والإجرام والبلاهة. وقد أكد في رسالة له نشرت أن إمكانية أن يصير المرء ضابطاً بحرياً إن هي إلا سجية موروثة ومكونة من سجيات فرعيةsubtraits للتلاسوفيليا thalassophilia (حُبّ البحر)، وفرط الحركة hyperkineticism (التَّسفار أو شهوة التجوال). وبملاحظة قلة الإناث كضابطات بحريات، استنتج دافينبورت أن هذه السجية خاصة بالذكور.
    أسَّس دافينبورت وآخرون الجمعية الأمريكية لتحسين النسل في العشرينات، وقد مولت هذه الجمعية «مسابقات العائلات الأنسب» في معارض الولايات المتحدة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حيث كان المشاركون يُثمِّنون تماماً كما تُثمن الأبقار والنعاج في المعارض. ولكن ما كان أقل إمتاعاً هو مساهمة بعض الاختصاصيين بتحسين النسل البشري في إقناع أكثر من 20 ولاية أمريكية بالسماح بتعقيم الرجال والنساء في السجون والمصحات العقلية وحثهم الحكومة الفيدرالية على الحد من هجرة الأجناس «غير المرغوبة».
    لكن هذا العلم قد يثار من جديد بعد أن اتسعت قاعدته العلمية بفعل تطورات جديدة في علم هندسة الجينات.

    سعيد محمد الحفار

  5. #545
    التخدير

    التخدير anaesthesia هو الحالة التي تنجم عن استعمال عقار يبطل الحس والشعور. والاسم المرادف التبنيج. وتتعدد طرائقه فمن موضعي (تأثيره يقع على مساحة محددة من الجسم) إلى عام أو كلي (تأثيره يقع على كل الجسم ويصحبه فقدان الوعي) ومنه الوريدي (ينجم عن فعل الأدوية التي تعطى عن طريق الوريد، وتتضمن هذه الأدوية المهدئات والمركنات والمنومات والمسكنات مفردة أو مزدوجة). والإنشاقي (ينجم تأثيره عن إعطاء الأبخرة والغازات عن طريق الإنشاق). وكذلك قد يضاف استعمال المرخيات العضلية وهي لا تؤثر في الوعي ولكنها تبطل حركة المريض وتوقف تنفسه التلقائي مما يجبر المبنج على التهوية الصناعية لرئتي المريض.
    لمحة تاريخية عن التخدير عند العرب
    حدثت النهضة الطبية في الدولة العربية الإسلامية ما بين 184 و597هـ/ 800 و1200م. وارتفع عدد ترجمات النصوص الطبية من اللغات اليونانية والسريانية، مما ساعد على تصدر الأطباء المسلمين الساحة في العصور الوسطى، وأصبحت بغداد ودمشق والقاهرة مراكز متقدمة للطب وللصيدلة. وتمرس الأطباء العرب في الجراحة وأجروا عمليات جراحية متعددة، وكان الجرائحيون يعطون المريض الأخلاط المرقدة والمسكنة قبل العملية الجراحية، ففي كتاب «القانون في الطب» لابن سينا[ر] (980-1037م) جاء ذكر استعمال شراب ممزوج من مجموعة الأدوية المنومة قبل إجراء بتر ساق أو ذراع. وبرع الجراح أبو القاسم الزهراوي[ر] (963-1013م) في الأندلس وبقي كتابه «التصريف» شاهداً على براعته بما احتوى من صور الآلات وتفاصيل الجراحات. وفي كتاب أمين الدولة أبو الفرج ابن القف[ر] (1233-1286م) «العمدة في صناعة الجراحة» فصل كامل عن تسكين الألم الجراحي، فرق فيه بين التسكين الحقيقي وغير الحقيقي. وعدَّ أن التسكين الحقيقي هو علاج سبب العلة وإبراء المريض، والتسكين غير الحقيقي هو إعطاء المخدر لإحداث التسكين المؤقت، أو قبل العملية الجراحية لتمكين الجرائحي من العلاج. ويرجع للعرب تطوير الإسفنجة المرقدة التي كانت تغمس في مزيج قوي من الأدوية المخدرة وتجفف، والتي كانوا يعتقدون أنها تحدث تأثيرها بوساطة الإنشاق. وكانت توضع على الغشاء المخاطي للأنف فيحدث الامتصاص إلى الدم، وهي أحد الأصول لفكرة التخدير الإنشاقي.
    التخدير الحديث
    يقصد بهذه التسمية إحداث الغيبوبة الجراحية بوساطة إنشاق المريض غازات وأبخرة تدخل رئتيه بدرجة تركيز مناسب لإحداث تركيز دوائي فعال في الدم والدماغ يحدث التأثير المخدر المطلوب ثم عكسه عند الانتهاء من الجراحة واستعادة المريض وعيه. ويتحقق من جراء ذلك ثلاث مهام رئيسية وهي: السبات والتسكين والارتخاء العضلي التام. وقد يستعان على قضاء هذا الأمر بالأدوية المركنة والمسكنة والمنومة قبيل ذلك أو بصحبته. وقد تطور هذا الموضوع في الوقت الحالي، إذ يمكن الوصول إلى نفس النتائج السريرية باستعمال توازن من ثلاثة أصناف من الأدوية: المنومات والمسكنات والمرخيات العضلية، وهوالتبنيج المتوازن. وهذا النمط من التخدير يعتمد استعمال أنواع مختلفة من الأدوية ذات خواص متباينة: يحقق فقدان الوعي أو النوم، والإرخاء العضلي، والتسكين أو عدم الاستجابة لمنبهات الألم. فيعطي المبنج المريض أدوية منومة مثل مادة الثيوبنتون التي تحدث النوم دون تسكين يذكر للألم، وأدوية مسكنة قوية مثل مادة الفنتانيل fentanyl، وأدوية مرخية للعضلات مثل أحد مشتقات الكورار curare، ويعطي الغازات والأبخرة المبنجة لمداومة حالة التخدير طيلة مدة الجراحة.
    طرائق التخدير
    التخدير العام أو التبنيج هو ما يحدث للجسم بعد إعطاء أدوية التخدير، فتثبط فيها كل الأحاسيس العصبية، ويفقد المريض الانعكاسات العصبية الواقية، وتزول هذه الحالة بزوال مفعول الدواء. أما التخدير الموضعي الذي يستعمل فيه دواء يحدث إحصاراً للنقل العصبي للتنبيهات عبر الأعصاب، فيعطل الحس بالألم، مما يمكن الجراح من المعالجة الجراحية.
    1ـ التخدير العام (التبنيج الكلي): يمكن إحداث حالة التخدير الجراحي العام بوساطة أنواع مختلفة من الأدوية ذات الخواص المتباينة. والهدف من ذلك تأمين بداية تخدير مريحة وغياب الوعي لدى المريض واستمرار ذلك طيلة العملية الجراحية.
    ومن المبنجات الطيارة الايثر سابقاً، والهالوثين والإيزوفلورين حالياً، والمرخيات العضلية الدوائية مثل الكورار والتراكريوم والتي تشل الحركة لكن لا تحدث نوماً ولا تسكيناً برغم سكون حركة المريض. وبعد الانتهاء من الجراحة توقف المبنجات الطيارة وتعكس تأثيرات المرخيات العضلية فيصحو المريض.
    وعلى ذلك فإن المواد المستعملة في التخدير العام تقسم إلى: المهدئات والمركنات والمنومات والمسكنات والمرخيات العضلية أو شالات الأعصاب والمبنجات الإنشاقية.
    أ ـ المهدئات: تعمل المهدئات على تهدئة روع المريض وتخفف قلقه ومخاوفه، ولكن لا تسبب النوم بل تسهل حدوثه نتيجة جرعاتها العادية، ولكن لو زيدت الجرعة فقد يحدث التركين والنوم الصناعي أو الغيبوبة. ومن هذه الأدوية كلور البرومازين والبنزوديازبين.
    ب ـ المركنات: تعمل المركنات على تركين المريض فيبدو نائماً، ولكن يسهل إيقاظه نتيجة مفعول جرعاتها العادية، ولو زيدت الجرعة لحدث النوم أو الغيبوبة ومنها البربيتورات ذات المفعول القصير المدى.
    ج ـ المنومات: تعمل المنومات على حدوث النوم الصناعي أو الغيبوبة في جرعاتها العادية، ولو زيدت جرعاتها لأحدثت تثبيطاً للوظائف الحيوية وربما وصلت بالمرء إلى حد فقدان الحياة. ويقوى تأثيرهذه المنومات إذا أخذت مجتمعة، وقد يسبب الاستعمال المتكرر حدوث الإدمان [ر. إدمان السموم]، والتعود وهو زيادة كمية الجرعة للحصول على نفس المفعول النفسي الذي كان يحدث لدى تعاطي الجرعات العادية، وأكثر المنومات استعمالاً في التخدير المنومات الوريدية ومن أهمها منوم وريدي يستعمل في التنويم البدئي هو الثيوبنتون أو البنتوثال، وهو من البربيتورات الشديدة القصيرة المدى إذ تحدث النوم في ثوان بعد حقنها بالوريد. ومن الأدوية الحديثة جداً في هذا الخصوص مادة البروبوفول.
    هـ ـ المسكنات: تقضي المسكنات على الشعور بالألم وتسبب الراحة وربما النوم إذا كانت من المورفينات أو أشباهها وهي مستعملة منذ قديم الزمان، وكانت تستخرج من الأفيون. أما وقد تطورت الصناعة الكيمياوية الدوائية فقد ظهرت صنوف جديدة. وتقسم إلى المسكنات المخدرة الأفيونية والمسكنات غير الأفيونية.
    ـ المسكنات الأفيونية: وهي أدوية نباتية أو صناعية تسبب الإدمان والتعلق والتعود، ولذلك يسجل استعمالها ويضبط وتعطى قبل الجراحة أو بعدها للتسكين القوي.
    ـ المسكنات الأفيونية الطبيعية: ومن أمثلتها المورفين والأمنوبون والهيرويين.
    ـ المسكنات الأفيونية الصنعية: ومن أمثلتها البيثدين والكودئين والفنتانيل والألفينتانيل والسوفينتانيل وغيرها.
    ـ المسكنات غير الأفيونية: وأهمها المسكنات مضادة الالتهاب غير القشرية، وهي عدة أصناف من المركبات الكيمياوية والتي تعمل كمضادة للالتهاب ولها تسكين محدود القوة. ولذا تستعمل وحيدة في الحالات ذات الألم المتوسط، أو مساندة للأدوية الأفيونية لتقليل جرعاتها في حالات الألم الشديد، ومع ذلك فلها مشاكلها الخاصة فينصح باجتناب استعمالها في حالات قرحةالمعدة وأمراض الكلى. ومنها مركبات البيرازولون مثل الديبيرون، والأكسيكام مثل البيروكسيكام والتونيكسيكام، ومشتقات حمض الكاربوكسيل ومن أمثلتها الصفصافيات (السلسيلات)، والبروبينات مثل أبوبروفين والكيتوبروفين، والأسيتات مثل كيتورولاك والأندوميثاسين.
    ـ المسكنات الأخرى: يمكن استعمال الأنتونوكس في التسكين السريع كما في حالات الحوادث أو الولادة، وهو مزيج مسكن من الأكسجين والنيتروز ممزوج مسبقاً أو قبل الاستعمال بنسبة متساوية.
    وـ المرخيات العضلية: تشل العضلات ولا تشل العصب، فيفضل استعمال اسم المرخي العضلي أو الشال العضلي بدلاً من شال العصب.
    ـ الكورار الطبيعي: وهو مركب قلواني يستخرج من نباتات توجد في أمريكة الجنوبية تُعرف باسم ستركنس توكسيفراStrychnos toxifera ومن نباتات أخرى تدعى كوندرو دندرون chondrodendron. والتيبوكورار tubocurare أهم مكوناته وهو الدواء الأول الذي استخرج واستعمل في الطب. وقد استطاع الصيادلة تركيب أدوية نصف صنعية فيما بعد وهي التي غالباً ما تستعمل اليوم.
    دراسة دوائية: أثبتت التجربة على أن الكورار لا يؤثر في النخاع الشوكي ولا في العصب ولا في العضلة مباشرة. كما أنه لا يؤثر في الشعور. وأثبتت التجربة أن حقن الكورار مباشرة في الدم ضروري ليحدث تأثيره في الوصلة العصبية العضليةneuromuscular junction.
    التطبيقات: في مجال التخدير يستعمل الإرخاء في معظم العمليات الجراحية، والعناية المشددة للمرضى الذين يحتاجون إلى التنفس الصناعي، وفي حالات الكزاز والكَلَب.
    ز ـ المبنجات الإنشاقية inhalational anaesthetics: وهي التي تعطى للمريض عن طريق الرئة فتحدث التخدير العام أو الكلي بحيث يصل لدرجة من غياب الوعي وانعدام الحس بالألم، تسمح بإجراء العمل الجراحي. وإذا زادت جرعاتها فيمكن أن تحدث تثبيطاً للأجهزة الحيوية قد يؤدي لتهديد الحياة والموت. وفي التخدير الجراحي تعطى نسب تركيز استنشاقية كافية لإيصال المريض إلى مستوى التخدير الجراحي. وكان المبنجون الأوائل يستعملون هذه المواد ممزوجة بالهواء أو الأكسجين. أما في الممارسة التخديرية الحديثة فتعطى بوساطة خلط مزيج مناسب من الأكسجين والنيتروز ونسب ضئيلة من الأبخرة المخدرة. وعليه فتضبط الكميات الواردة من خزانات رئيسية للغازات الطبية بوساطة مقياس جريان خاص بكل غاز، ومبخرات مناسبة خاصة بكل واحدة من المبنجات السائلة الطيارة. وتستعمل دارات تنفسية تسمح بالتحكم بما يستنشقه المريض وتسمح أيضاً بالتخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون المطروح من الرئة عن طريق الزفير. وتجرى التهوية الصناعية للرئتين إن استعملت المرخيات العضلية بوساطة منفسة ventilator. وتجمع كل هذه المهمات في جهاز واحد يسمى جهاز التخدير anaesthesia apparatus الذي يضم أيضاً أجهزة المناظرة والمراقبة والقياس. ومن أمثلة الغازات المبنجة النيتروز الذي استعمل أول مرة عام 1844 ومازال قيد الاستعمال إلى اليوم، والسيكلوبروبين الذي بطل استعماله. ومن المبنجات السائلة الطيارة الكلوروفورم والايثر وكلور الإيثيل وثلاثي كلور الإيثيلين والميثوكسفلورين والفلوركسين والتي بطل استعمالها اليوم، والهالوثين والأنفلورين والإيزوفلورين والسيفوفلورين والديسفلورين وهي الحديثة منها.
    2ـ التخدير الموضعي (التخدير بإحصار التوصيل العصبي): اكتشفت الخصائص الدوائية للكوكائين من قبل كولر عام 1884 واستعمل في التخدير الموضعي بعد ذلك إلا أن التخدير الشوكي لم يتحقق إلا في بدايات القرن العشرين. ويعتمد هذا التخدير على خاصية وقف التوصيل العصبي بعد حقنه حول العصب مما يعطل نقل الدفعات العصبية إلى الجملة العصبية المركزية وبالتالي يمكن للجراح إجراء جراحته من دون ألم في منطقة انتشار العصب، ويطلق على ذلك اسم التخدير الناحي regional anaesthesia. وتستخدم الأدوية الصنعية اليوم والتي يشبه فعلها عمل الكوكائين وأهمها الليدوكائين والبوبيفيكائين. ويمكن استعراض أنواع الإجراءات التخديرية الموضعية كما يلي: التخدير السطحي للأغشية المخاطية، والإرشاح البسيط للأنسجة، والإحصار الحقلي ومن أنواعه ما يحصر الأعصاب الحسية التي تعصب مكان العملية، ومثال ذلك الإحصار السني والتخدير الوريدي الناحي. وهناك التخدير النصفي الذي يحصر أعصاب أسفل الجسم كاملة كالإحصار الشوكي والإحصار الجافوي.
    دور التخدير
    يسهل التخدير المعاصر وصول الجراح إلى أي عضو من أعضاء الجسم من الدماغ والأعصاب إلى القلب والصدر والرحم والكلى مما سهل إجراء أعقد العمليات. وامتدت اهتمامات المبنجين إلى المهارات التي اكتسبوها فطوروا في علوم الفيزيولوجية مفهوم وظائف التنفس والرئتين والقلب والأوعية والألم ونظرياته. وفي علوم الأدوية طوروا الأدوية المخدرة الصنعية سواء فيما يقع في صنف المنومات والمسكنات والمرخيات العضلية مما ساعد على تطوير أساليب آمنة أكثر للتبنيج، ونقلوا مهاراتهم إلى خارج غرف العمليات فيما يختص بإجراءات الإنعاش القلبي التنفسي وأساليب الإنعاش والإنقاذ.
    وبسبب تطوير المنومات والأدوية المخدرة واستنباط أدوية ذات مفعول قصير المدى أمكن تطوير وحدات التخدير للجراحات النهارية؛ حيث يذهب المريض لإجراء العملية الجراحية ويمكنه العودة في نفس اليوم إلى بيته من دون أن يقيم مطولاً في المستشفى مقللاً الارتباك الذي قد ينتاب مسيرته اليومية والعائلية. وتقتصر هذه الجراحة على العمليات التي تجرى على مرضى يتم تحضيرهم بوساطة إرشادات شفوية ومكتوبة، وعادة ما يقوم الجراح بهذه العمليات باستعمال التبنيج الموضعي أو التخدير العام الكلي، ويشترط لعودة هؤلاء المرضى إلى منازلهم أن يكونوا قد استعادوا وعيهم كلياً وأن يصطحبهم شخص بالغ مسؤول.
    وتطور الاهتمام برفاهية المرأة من قبل طبيب التخدير فأصبح يقدم معرفته في تسكين الألم للأم عند الولادة من خلال عدة وسائل أهمها التبنيج الجافوي. وامتد نشاط أطباء التخدير إلى وحدات العناية المشددة فيبذلون خبرتهم في خدمة المرضى الحرجين في مجال التهوية الصنعية وتطبيق أدوية الجهاز الدوراني والمسكنات وغيرها مما يدعم فرص إنقاذ حياتهم. كما امتد نشاط أطباء التخدير نتيجة لعلمهم المتخصص في إحصار الأعصاب واستعمال الأدوية المسكنة إلى إدارة عيادات الألم المزمن والتي تعنى بمن عجزت الجراحة والطب عن تسكين آلامهم بالطرق المعتادة فيسهمون في رعايتهم ومتابعتهم وإجراء الإحصارات العصبية المناسبة لإيقاف ألمهم وتقديم العون النفسي المناسب مما يجعل حياتهم أكثر يسراً. وقد يستخدمون في بعض الحالات إجراءات غير طبية مثل الإيحاء والوخز بالإبر على الطريقة الصينية.
    مضاعفات التخدير
    إن مضاعفات التخدير نادرة ولاسيما بعد استعمال المواد الحديثة كالمنطر monitor الذي يظهر الضغط الدموي والنبض ومخطط كهربائية القلب وكثافة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم، فهناك الإغماءات التي تعود إلى تنبيه العصب الرئوي المعدي والإغماءات الأدرينالينيّة والتي تترافق بتوقف القلب ويمكن تخفيفها باختيار المخدر، أما توقف التنفس فلم يَعُد يُشاهد اليوم بفضل التنبيب. وقد أصبحت الإقياءات التي يصاب بها المريض بعد زوال آثار التبنيج نادرة جداً.
    إن المبنجات المألوفة قليلة التأثير على الجملة العصبية الذاتية. أما مركبات الكورار فلها خصائص حالّة للجملة الودية تزداد شدةً أو نقصاناً تبعاً لنوعها وترتبط تأثيرات التبنيج العام على الكبد بطبيعة الدواء المستعمل، أما المبنجات الحديثة فتأثيراتها خفيفة جداً على الكليتين.

    محمد سعيد تكروري

  6. #546
    التخطيط الومضاني

    التخطيط الومضاني scintigraphy مصطلح قديم يقصد به الحصول على رسم تخطيطي لبعض أعضاء الجسم بوساطة جهاز يسمى الماسح الومضاني rectilinear scanner بعد أن يعطى المريض إحدى المواد المشعة.
    كانت الغدة الدرقية أول الأعضاء المدروسة بهذه الطريقة إذ أمكن الحصول على تخطيط ومضاني للدرق بعد إعطاء اليود المشع 131.
    وقد حدث تطور هائل في هذا المجال في العقود الثلاثة الأخيرة بعد اختراع جهاز الغاما كاميرا gamma camera من قبل العالم هول آنغر Hol Anger وربطه مع الحاسب لتسجيل ومعالجة الصور الومضانية، وبذلك ظهر مصطلح التصوير بالنظائر المشعةradionuclide imaging ويمتاز هذا النوع من التصوير من بقية أنواع التصوير الأخرى بإمكانية الكشف عن التغيرات الوظيفية والاستقلابية في مختلف أعضاء الجسم وأجهزته وقبل أن تظهر التغيرات التشريحية فيها وهذا ما يهم الطبيب بالدرجة الأولى.
    ولسعة مجالات هذا العلم وتعددها فقد صار فرعاً طبياًمستقلاً يدعى الطب النووي nuclear medicine، وهو الاختصاص الطبي الذي تستعمل فيه المنابع المشعة المفتوحة على شكل مركبات بقصد تشخيص الحالات المرضية المختلفة ومعالجتها. والمقصود بالمنابع المشعة المفتوحة:
    ـ النظائر المشعة radionuclides: ذرات تحتوي نواتها عدداً فائضاً من النيترونات مما يجعلها غير مستقرة فيزيائياً، ولذلك فهي تخضع لتفكك إشعاعي ويرافق ذلك إصدار نوع واحد أو أكثر من الإشعاعات النووية وهي: ألفا α وبيتا β وغاما γ، وتستخدم النظائر المشعة المصدرة لإشعاعات غاما المنخفضة الطاقة للأغراض التشخيصية وأهمها: عنصر التكنيسيوم المشع 99م الذي يستخدم في معظم أنواع التصوير الومضاني. في حين تستخدم النظائر المشعة المصدرة لإشعاعات بيتا كمنابع مشعة مفتوحة في معالجة بعض الآفات الورمية وغير الورمية. يتم إنتاج النظائر المشعة إما في المفاعلات النووية أو في المسرعات الحلقية cyclotrons.
    ـ المستحضرات الصيدلانية المشعة radiopharmaceuticals: مركبات كيمياوية يتم ربطها مع أحد النظائر المشعة وتسمى هذه العملية بالوسم labeling وتستخدم هذه المستحضرات لتتوضع انتقائياً في أحد الأعضاء المطلوب دراستها وتعطى حقناً أو استنشاقاً أو عن طريق الفم.
    الأجهزة المستخدمة في الطب النووي
    ـ الكاميرا الغاماوية gamma camera: جهاز معقد جداً يتألف من الرأس الكاشف لأشعة غاما وحامل الرأس ويكون الجهاز عادة موصولاً إلى الحاسب لتسجيل الصور الومضانية ومعالجتها، والأجهزة الحديثة مصممة على نحو يسمح بدوران الرأس حول المريض للحصول على صور مقطعية لمختلف أعضاء الجسم وهو ما يسمى التصوير المقطعي الإصداري وحيد الفوتون SPECT كما يمكن أن يكون هناك أكثر من رأس كاشف في الكاميرا.
    ـ الكاميرا البوزيترونية positron emission tomography (PET): تعتمد على أن بعض البوزيترونات عندما تتحد مع الإلكترونات تتحول إلى فوتونين متعاكسين في الاتجاه، وهذه الكاميرا مصممة من مجموعة كواشف متوضعة على التقابل، وهكذا بعد حقن المريض بنظائر مصدرة للبوزيترونات يمكن الحصول على صور فريدة تفيد في دراسة الحالة الاستقلابية والوظيفية على مستوى الخلية. ويستخدم هذا التصوير لدراسة مختلف الأعضاء ولاسيما القلب والدماغ والرئتين والأورام التي يمكن دراسة استهلاكها للأكسجين والغلوكوز واستقلابها لمواد معينة من دون غيرها، وأهم المواد المشعة المستخدمة الغلوكوز الميسر الموسوم بالفلور 18 18FDG والأكسجين المشع والكربون المشع والنتروجين المشع وهي عناصر تدخل أصلاً في تركيب المادة الحية بشكلها المستقر.
    مبدأ التصوير الومضاني
    بعد إعطاء المادة المشعة للمريض تتوضع هذه المادة، بحسب نوعها، في العضو أو الجهاز المستهدف للدراسة الومضانية، فيصبح المنبع المشع من داخل الجسم، ويتم امتصاص إشعاعات غاما الصادرة عن العضو المدروس من قبل البلورة في الرأس الكاشف للكاميرا الغاماوية، ليتم تحويلها إلى ومضات ضوئية وهذه الومضات يتم تضخيمها ثم تحويلها إلى نبضات كهربائية تسجل بوسائط مختلفة أهمها الحاسوب على شكل صور ومضانية. ويقسم التصوير إلى ثلاثة أنواع: سكونيstatic وحركي dynamic ومقطعي SPECT.
    وبوساطة برمجيات خاصة في الحاسوب يمكن توضيح الصور الومضانية كما يمكن الحصول على معطيات رقمية ومنحنيات بيانية أو مقاطع عبر الأعضاء تفيد في تقييم الحالة الوظيفية والاستقلابية والشكلية لمختلف أعضاء الجسم.
    يتضمن الطب النووي الأمور التالية:
    التصوير الومضاني السريري
    1ـ الجهاز القلبي الوعائي:
    ـ دراسة تروية العضلة القلبية myocardial perfusion imaging: هي إحدى أهم الدراسات الومضانية وتتم باستخدام الثاليوم المشع 201 أو مستحضرات صيدلانية موسومة بالتكنيسيوم المشع 99mTc sesta-MIBI تحقن للمريض في أثناء اختبار الجهد ويتلو ذلك أخذ صور للقلب بوساطة الغاما كاميرا ويعاد التصوير بعد 3-4 ساعات أي في حالة الراحة. وباستخدام الحاسب تجرى معالجة الصور حيث نحصل على مقاطع عبر العضلة القلبية وبمقارنة الصور المأخوذة في أثناء الجهد مع الصور في حالة الراحة يمكن تحديد المناطق ناقصة التروية، كما يمكن تشخيص الاحتشاء وتحديد مكانه وحجمه. وتفيد هذه الدراسة أيضاً في متابعة المرضى بعد معالجة نقص التروية القلبية سواءً بالتوسيع بالبالون أو بعد عمليات المجازات الإكليلية وهي تغني في كثير من الحالات عن تصوير الشرايين الإكليلية بالقثطرة القلبية إضافة إلى إمكانية تحديد عيوشية viability العضلة القلبية التي لايمكن تحديدها بالقثطرة القلبية.
    ـ التصوير الومضاني للبطينات radionuclide ventriculography: تهدف إلى تقييم الوظيفة الإجمالية والموضعية للبطينات وتمتاز هذه الطريقة بأنها غير راضة وتمكن من دراسة جميع أجواف القلب على نحو متكرر.
    ـ تشخيص الاحتشاء الحاد: عن طريق حقن مواد مشعة تتوضع في البؤرة المحتشية.
    2ـ الهيكل العظمي: يجري المسح الومضاني للعظام bone scan بعد 2-4 ساعات من الحقن الوريدي لمركبات فوسفاتية موسومة بالتكنيسيوم المشع 99م التي تتوضع انتقائياً في العظام وأهمها 99mTc-MDP، وتمتاز هذه الطريقة بحساسيتها العالية التي تصل إلى 96٪ وتفيد في:
    ـ تحديد مرحلة الآفات الخبيثة وتشخيص الانتقالات الثانوية إلى العظام.
    ـ تقييم الأورام العظمية البدئية.
    ـ التشخيص المبكر للآفات الالتهابية العظمية ومتابعتها.
    ـ تقييم الآلام العظمية المجهولة السبب.
    ـ التقييم في حالة ارتفاع الفوسفاتاز القلوية المجهولة السبب.
    ـ تحديد حيوية العظم في الكسور والطعوم العظمية.
    ـ تقييم الألم المفصلي المصاحب للمفاصل والتركيبات العظمية الصنعية.
    3ـ دراسة الكليتين والطرق البولية بالنظائر المشعةradionuclide renal imaging: يمكن الحصول على صور ومضانية للكليتين التي تتم معالجتها بوساطة برمجيات خاصة في الحاسب الموصول إلى الكاميرا الغاماوية للحصول على منحنى بياني كلوي renogram ومعطيات رقمية تعبر بدقة عن الوظائف الكلوية وتستخدم للدراسات الكلوية الحركية مادتا 99mTc-DTPA أو 99mTc-MAGIII وتستخدم مادة 99mTc-DMSA لدراسة القشر الكلوي وأهم استطبابات هذا التصوير:
    ـ دراسة تروية الكليتين ووظائفهما بدقة وحساب النسبة الوظيفية لكل كلية على حدة وحساب معدل الرشح الكبي GFRومعدل التدفق الفعال للبلاسما في الكليتين ERPF.
    ـ تشخيص الانسداد في الطرق البولية بعد حقن المدر البولي.
    ـ تشخيص الأخماج والتندبات الكلوية ومتابعتها بعد العلاج.
    ـ تشخيص فرط التوتر الشرياني الكلوي المنشأ باختبار الكابتوبريل.
    ـ المتابعة بعد عمليات زرع الكلية.
    ـ دراسة الجذر المثاني الحالبي بما يسمى تصوير المثانة بالنظائر المشعة.
    كما يمكن إجراء تصوير ومضاني للصفن ويفيد بشكل أساسي في تشخيص انفتال الخصية الحاد.
    4ـ الجهاز الغدي endocrine system.
    ـ الغدة الدرقية thyroid: يجرى ومضان الدرق باستخدام التكنيسيوم المشع 99م أو نظائر اليود المشع 131 و123 ويهدف إلى تحديد توضع الدرق وشكلها وحجمها ونسبة قبط uptake المادة المشعة فيها مما يعطي أيضاً فكرة عن وظيفتها كما يمكن الكشف عن العقد الدرقية وتحديد نوعها فيما إذا كانت باردة أو حارة أو فاترة.
    ـ المسح الومضاني لكامل الجسم باليود المشع 131: والغاية منه الكشف عن الانتقالات الثانوية لأورام الدرق المميزة.
    ـ ومضان الدريقات (مجاورات الدرق) parathyroid: لتشخيص الورم الغدي adinoma وتحديد مكانه وهو فحص حساس ونوعي.
    ـ ومضان الكظرين: وخاصة للكشف عن ورم القواتم بعد حقن مادة الـ 131I-MIBG.
    5ـ الجهاز الهضمي وملحقاته:
    ـ الدراسة الومضانية للطرق الصفراوية cholescintigraphy: لتشخيص التهاب المرارة الحاد وللكشف عن الانسداد في الطرق الصفراوية، وللمتابعة بعد العمليات الجراحية على هذه الطرق.
    ـ ومضان الكبد والطحال: ويفيد بصورة أساسية في تشخيص الأورام الوعائية hemangioma.
    ـ ومضان الغدد اللعابية.
    ـ الكشف عن رتج ميكل.
    ـ تشخيص النزف الهضمي وتحديد مكانه.
    ـ الدراسة الومضانية لانفراغ المعدة وتشخيص القلس المعدي المريئي.
    6ـ دراسة تروية وتهوية الرئتين V/Q scan: وتجرى بصورة أساسية لتشخيص الصمات الرئوية وتحديد مكانها ودرجة خطورتها.
    7ـ دراسة الدماغ بالنظائر المشعة: تستخدم مواد مشعة متنوعة تخترق الحاجز الوعائي الدماغي، وذلك للكشف عن النشبات ictus الدماغية والبؤر المسببة للصرع والآفات الرضية والبركنسونية والأورام الدماغية والعته بأنواعه.
    ويعد التصوير المقطعي البوزيتروني PET وسيلة فريدة للتصوير الوظيفي للدماغ ولتشخيص الآفات الدماغية الآنفة الذكر.
    كما يفيد التصوير الومضاني للصهاريج الدماغية في الكشف عن نز السائل الدماغي الشوكي وتحديد مكانه.
    8ـ التصوير الومضاني للأورام tumor imaging: تثبت معظم الأورام البدئية والثانوية النظائر المشعة مما يساعد على كشفها بالتصوير الومضاني، وتقسم النظائر المشعة المستخدمة إلى قسمين:
    ـ قسم يتوضع على نحو اصطفائي في بعض الأورام دون غيرها كما هي الحال بالنسبة لليود المشع في سرطان الدرق والـ131I-MIBG في الأورام الكظرية والأضداد الورمية وحيدة النسيلة الموسومة إشعاعياً.
    ـ قسم يتوضع في عدة أنواع من الأورام بشكل غير نوعي كما هي الحال عند استخدام الغاليوم المشع 67Ga والتاليوم 201201TL و99mTc -sestemibi و18FDG للكشف عن أورام العقد اللمفاوية والدماغ والثدي والعظام.
    9ـ التصوير الومضاني للكشف عن الآفات الخمجية والالتهابية: تستخدم بعض النظائر المشعة مثل الغاليوم 67 والكريات البيض الموسومة radiolabeled WBC وغيرها من المواد المشعة لتشخيص الآفات الالتهابية الحادة والمزمنة والحمى مجهولة السبب.
    10ـ ومضان نقي العظام: لتحديد حجمه وتشخيص الاحتشاءات فيه.
    11ـ التصوير الومضاني للجهاز اللمفاوي: ويفيد في دراسة الدوران اللمفاوي ويمكن باستخدام الغاليوم 67 تشخيصالأورام اللمفاوية ومتابعتها.
    12ـ التصوير الوعائي بالنظائر المشعة: لدراسة التدفق الدموي لمختلف الأعضاء والكشف عن الخثرات الوريدية.
    المعالجة بالمنابع المشعة المفتوحة
    تمتاز بعض النظائر المشعة بإصدارها إشعاعات بيتا ذات طاقة عالية نسبياً وتمتاز هذه الإشعاعات بأنها قاتلة للخلايا وذات مسار قصير في الأنسجة الحية مما يمكّن من استخدامها في معالجة بعض الآفات الورمية وغير الورمية وهي تعطى إما حقناً أو عن طريق الفم.
    وأهم الحالات التي يستخدم فيها هذا النوع من المعالجة:
    ـ معالجة فرط نشاط الدرق وسرطان الدرق المميز باستخدام اليود المشع 131.
    ـ معالجة ورم القواتم الخبيث pheochromocytoma بمادة 131I-MIBG.
    ـ المعالجة الداعمة بالنظائر المشعة للانتقالات البريتوانية وخاصة من سرطان المبيض بالمحلول الغرواني للذهب المشع 198 198Au والفوسفور المشع 32P.
    ـ معالجة الأورام الدماغية الكيسية بالفوسفور المشع 32P.
    ـ معالجة التهاب المفاصل الرثواني والصدفي وغيره بالإيتربيوم 90 90Y-Silicate.
    ـ المعالجة الملطفة للألم العظمي الناجم عن الانتقالات الثانوية وذلك باستخدام السترونسيوم 89Sr والرينينيوم 186Rnوالإتريبيوم 90Y والسماريوم 153Sm.
    ـ ولعل أحدث هذه المعالجات هو المعالجة المناعية الإشعاعية باستخدام أضداد مشعة وحيدة النسيلة وهي نوعية لأورام معينة.
    المقايسات المناعية الإشعاعية radioimmunoassay (RIA)
    طريقة تحليلية دقيقة وممتازة تتم في الزجاج in vitro وتستخدم لمعايرة هرمونات الدرق وهرمون الدريقات والستيروئيدات القشرية وبعض الأدوية والفيتامينات في الدم.
    تتطلب هذه الطريقة توافر أربعة عوامل:
    ـ المادة المطلوب معايرتها ويشار إليها باسم المتحلل analyte ويجب أن تكون متوافرة بشكل نقي لاستخدامها معياراً.
    ـ مماثل المتحلل ويكون موسوماً إشعاعياً.
    ـ المادة المتفاعلة النوعية حيث يتفاعل الجزيء المختار مع المادة المتحللة ومع مماثلها الموسوم إشعاعياً.
    ـ بعض طرق الفصل للمادة المتحللة المتفاعلة عن المادة غير المتفاعلة.
    يعتمد التفاعل الكيمياوي الأساسي في المقايسات المناعية الإشعاعية على مبدأ التنافس بين الأشكال المتماثلة كيمياوياً على مواقع الارتباط في المادة المتفاعلة النوعية والتي توجد بكميات محدودة، يتبع هذا التفاعل عمليات فصل المواد المرتبطة وغير المرتبطة.
    والجهاز المستخدم للقياسات في الزجاج هو عداد غاما gamma counter.

    مجدي الزين

  7. #547
    التدرن

    التدرن tuberculosis مرض جرثومي أصاب الإنسان منذ فجر التاريخ، فقد وجدت آثاره في المومياء المصرية وفي الهياكل العظمية «داء بوت» الفارسية وهذا يعني أن البشرية عانت من هذا المرض ما لا يقل عن خمسة آلاف سنة.
    وقد عرف العرب هذا المرض فوصفه ابن سينا في كتابه «القانون»، كما ذكره الرازي في كتابه «الحاوي»، وقال علي بن عباس المجوسي بانتقاله بالعدوى الأسرية وبالمجالسة.
    وفي آذار عام 1882 اكتشف كوخ (1843-1910) العامل الممرض، وبمعرفته زال كثير من الغموض الذي كان يرافق هذا المرض.
    وقد عرف أن هنالك ثلاثة أنواع من الجراثيم الممرضة للإنسان وللحيوان وهي:
    العصيات السلية البشرية والعصيات السلية البقرية والعصيات الطيرية.
    والسل الرئوي هو الأكثر تصادفاً وتقدر نسبة الإماتة به 90٪ من كل وفيات السل. ومن السل الرئوي تحدث الإصابات الجديدة التي تسبب الخمج السلي واستمرار الداء في المجتمع.
    أسباب التدرن
    يحدث السل عادة بدخول عصية السل إلى جسم الإنسان الصحيح عن طريق العدوى بجراثيم إنسانية وأقل منها بجراثيم بقرية، وتتم العدوى عن طريق مخالطة مريض نافث للعصيات أو بوساطة الأغذية الملوثة وفي مقدمتها حليب البقر الملوث ورذاذ اللعاب والعطاس.
    العصية السلية البشرية: هي جرثوم هوائي غير متحرك طوله 1ـ 4 ميكرون وبعرض 0.3-0.5 ميكرون. والعصيات السلية مقاومة للعوامل الجوية وهي تعيش حية ومؤذية عدة أشهر إذا بقيت في الظلام، وفي المقابل فهي سريعة التلف إذا تعرضت للنور وللأشعة فوق البنفسجية. يجرى تحري العصية بالفحص المباشر للقشع على طريقة التلوين (تسيل نيلسون) وفي حال سلبية الفحص يجرى الزرع في أوساط خاصة ويستغرق التوصل إلى نتائج عملية الزرع مدة تدوم بين 2-4 أسابيع.
    الصفات الكيمياوية للعصيات: تحوي العصيات البشرية والعصيات البقرية كميات كبيرة من الشحوم (اللبيدات)، وتحتوي هذه الشحوم مواد فوسفوليبدية، وتسبب الارتكاس الخلوي والتجبن.
    وأما البروتين فله علاقة بالتفاعل المتعلق بفرط الحساسية. أما المواد المائية الفحمية (كاربوهيدرات) والتي تحوي السكر والبولي ساكاريد فتعتبر مسؤولة عن الارتكاس المناعي réaction immunitaire الذي يظن بأنه مرتبط برد الفعل الخلوي.
    الوحدة التشريحية للتدرن
    إن دخول العصية السلية إلى جسم الإنسان لأول مرة يحدث فيه تبدلات نسيجية وخلطية وتظاهرات سريرية وشعاعية.
    التشريح المرضي
    هنالك ثلاث مراحل للخمج السلي وهي: بؤرة الخمج البدئي (الأولي) والانتشار الدموي والسل المزمن.
    يشكل دخول العصية في النسج غير المعرضة سابقاً لهذا الجرثوم في مكان الدخول ما يسمى بؤرة الخمج البدئي (الأولي) primo infection وهذه البؤرة يمكن أن تتوضع في أي مكان من الجسم، إلا أن مكانها الأكثر تصادفاً هو في الرئتين (طريق الاستنشاق) وفي بعض الأحيان قد يكون في اللوزتين أو في العقد اللمفاوية (الطريق الهضمي) وفي حالات نادرة يمكن أن تدخل عن طريق نسيج مفتوح كالجلد والأذن والنسيج الضام والملتحمة conjunctive ومن النادر دخول العصية عن طريق الأوعية السرية في حالة السل الولادي.
    تتوضع بؤرة الخمج الأولي في الرئتين عادة تحت غشاء الجنب وفي 85% من الحالات تكون هذه البؤرة وحيدة. ويظهر في الأيام الأولى ارتكاس حاد يتظاهر بتبيغ hyperemia ووذمة وكريات بيض من كثيرات النوى وفيبرين وسائل نضحي يتلو ذلك تشكل عقيدة يكون مركزها مؤلفاً من خلايا وحيدة النواة الكبيرة وخلايا لمفاوية سطحية وبعد ذلك يبدو دور التجبن والتخثر ثم تبدأ بعدها الحساسية بالظهور وتكون العصية قد توضعت وخربت أو قد تكون قد تخربت وأتلفت وينتهي أمر البؤرة إما بالارتشاف أو بالتجبن وأحياناً بالتكلس أو التليف وينقلب التفاعل السليني من سلبي إلى إيجابي بعد 4ـ8 أسابيع من تشكل هذه البؤرة.
    السـلين أو التوبركولين واللقاح
    هو خلاصة غليسيرينية لزروع العصية السلية وإذا نزع منها المشتق البروتيني سميت «المشتق البروتيني المنقى»P.P.D.synthetic، هذه المادة صارت مرجعاً أساسياً لكل أنواع التوبركولين.
    يُدخل التوبركولين إلى الجلد بعدة طرق، وكمية التوبركولين اللازمة لعمل ارتكاس هي (2-5 وحدات) وتقرأ النتيجة بعد 48-72 ساعة من الحقن وذلك بقياس التصلب بالمليمتر.
    الـ ب. ث. ج B.C.G (عصية كالميت ـ غيران): في عام 1920 أفلح الفرنسيان كالميت وغيران في إضعاف حمة العصية السلية بتكثيرها على وسط زرعي وبعد تمريرها 30 مرة فقدت حمتها (فوعتها) وعدت لقاحاً للوقاية من مرض السل.
    أنواع السل
    أـ السل الرئوي: ينشأ السل الرئوي في الإنسان عن طريق دخول عصية كوخ من شخص مريض يحمل:
    1ـ آفة رئوية مفتوحة، تنتقل الجراثيم منها بطريق اللعاب أو الرذاذ المتطاير في أثناء السعال أو التكلم أو الغناء.
    2ـ كما تحدث العدوى عن طريق التماس مع وسيلة معدية أو قطعة مستعملة من قبل مريض.
    3ـ وقد تكون الأم مصدر العدوى أو الأب أو أحد أفراد العائلة.
    4ـ كما يحدث السل عن طريق شرب الحليب البقري غير المعقم.
    5ـ أو عن طريق الذين يعملون في الصناعات الغذائية.
    6ـ الخمج المحدث عن طريق الغبار: لعصية السل قدرة كبيرة على مقاومة العوامل البيئية ويمكن أن يعيش هذا الجرثوم في الظلام عدة أشهر.
    7ـ العدوى من الحيوانات: تحدث من الماشية ونادراً من الدجاج والخنازير والكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات الأهلية الأليفة.
    ولعدد كبير من العوامل دور فعال في الإصابة:
    1ـ لعدد العصيات الداخلة إلى جسم المضيف دور في الأعراض وفي إحداث المرض وكلما كان عدد العصيات كبيراً كان التعرض للإصابة أكبر.
    2ـ المضيف والوراثة والجنس لها دور كما أن للسن دوراً فالعدوى عند من هم في سن 1-3 سنوات شديدة الخطورة.
    دور العوامل المساعدة
    1ـ شروط السكن غير الصحية سيئة التهوية سيئة التعرض للشمس.
    2ـ نقص التغذية عامل مهم في التأهيب للإصابة وقد ثبت ذلك خلال الحروب والمجاعات ويبدو أن لنقص البروتين دوراً مهماً في هذا المجال.
    3ـ المهنة: يجب أن لا ننسى دور المهنة في التأهيب للإصابة بالسل، فالأطباء ومساعدوهم والممرضون والممرضات وكل العاملين في الوسط الطبي أكثر تعرضاً للإصابة وكذلك عمال المناجم.
    4ـ عوامل طبية مرافقة: السكري والحمل والإرضاع عوامل الشدة كلها عوامل منشطة لحدوث السل.
    الأعراض السريرية: قد تكون الأعراض معدومة وضئيلة لا يؤبه بها، إلا أن الأعراض المألوفة هي السعال والتقشع والحمى والنحول والوهن والتعرق الليلي، وتزداد هذه الأعراض حدة وشدة مع تطور المرض وقد يرافقها التقشع المدمى بكميات متفاوتة وكثيراً ما يكون هذا العرض هو الذي يدفع المريض لمراجعة الطبيب وعندها تكتشف الإصابة، وإن إثبات التشخيص لا يتم إلا بكشف عصيات كوخ في القشع ووجود ظلال شعاعية مرضية على صورة الصدر الشعاعية.
    وقد تكون الأعراض البنيوية ذات دلالة في بعض الحالات، كالحمى وقلة الشهية للطعام ونقص الوزن والتعرق الليلي.
    ويجب الاستعانة بالأشعة التي تعطي فكرة عن سعة الآفة ومكان توضعها وتطورها، وهل هي وحيدة الجانب أو مزدوجة.
    العلامات المخبرية: أهمها وجود عصيات كوخ في القشع، وفيما عدا هذا الفحص فليس للفحوص المخبرية الأخرى أي علامة واسمة.
    ب ـ السل خارج الرئوي: إن إصابة بعض الأعضاء ـ غير الرئتين ـ بالسل هو دليل انتشار المرض بعصيات شديدة الفوعة عند أشخاص ضعيفي المقاومة للخمج. يستند التشخيص على استفراد العصية من سائل النسيج أو من النسيج نفسه (عن طريق التشريح المرضي).
    والسل خارج الرئوي لا يشفى تلقائياً، ويجب أن تكون المعالجة شديدة ومديدة وتكون نسبة النكس أعلى.
    ومن أشهر أشكال السل خارج الرئوي سل العقد (الخنازير) وقد قلت مصادفته بسبب الوعي الصحي المتنامي بضرورة غلي الحليب قبل تناوله. ويصيب سل العقد مجموعة من العقد، ويغلب ظهوره في عقد العنق (داء الخنازير) والمنصف والعقد المغبنية.
    ج ـ ذات الجنب السلية: ويتظاهر بذات جنب ليفينية موضعة ويظن بأن الانصباب يحدث نتيجة لانفتاح بؤرة متجنبة فيالرئة على الجنب.
    د ـ السل الرئوي الدموي hematogenous pulmonary tuberculosis: وهو يحدث من انفجار البؤرة السلية البدئية إلى الدوران الدموي أو القناة الصدرية أو من بؤرة سلية خارج الرئوية. إن السل الدموي هو شكل خطير من أشكال السل.
    هـ ـ سل المفاصل: ويحدث من انتشار دموي من بؤرة سلية إلى العظام والمفاصل والمحفظة المفصلية وتنتهي الإصابة بتيبس المفصل وفقد الحركة وللتشخيص يمكن الاستعانة بالمرنان.
    و ـ داء بوت: يصيب الفقرات، ويبدو الألم في مكان الإصابة وتتشنج العضلات ليلاً وتتحدد الحركة.
    ز ـ سل الجهاز البولي: ويحدث عادة عن انتشار دموي من بؤرة رئوية، وتصاب الكليتان عادة، ومن أعراضه تظاهرات بولية مترافقة برعشة وحمى وألم واضطراب في التبول وتبول مدمى، ونواسير قيحية في الصفن ويحوي البول كمية من القيح لايزول بالمعالجات بالصادات العادية وقد لا يشخص إلا مصادفة. يتظاهر المرض بعد 10ـ15 سنة من الإصابة الأولية.
    ح ـ سل الجهاز التناسلي عند الذكور: تكون الأعراض حادة ومؤلمة بجس البربخ الذي يمكن أن يتقرح فيما بعد.
    ط ـ سل الجهاز التناسلي عند الإناث: ويصيب أبواق فالوب ويسبب العقم عند النساء ويمتد لباطن الرحم والمبيضين محدثاً ألماً بطنياً وعدم انتظام الدورة الشهرية ومفرزات مهبلية وأعراضاً بنيوية.
    ي ـ السل المعدي المعوي (سل البريتون): لقد انخفضت نسبته كثيراً ويحدث عن طريق عقدة مساريقية أو عن طريق الدم.
    الحمل والسل
    كان الحمل عند مريضة مسلولة وقبل عصر المعالجة الكيمياوية كارثة، وكانت المقولة لا زواج للعازبة ولا حمل للمتزوجة ولا إرضاع للأم، إلا أن ظهور الأدوية الحديثة قلب المفهوم رأساً على عقب ولم يعد السل عائقاً عن الزواج بل على العكس يشجع الزواج الذي يشجع هجوع السل ولم يعد ينصح بإجهاض الحامل. إلا أن زمني الحمل اللذين قد يتصفان بنتائج غير مرغوبة هما الأشهر الأربعة الأولى من الحمل والثلث الأخير منه، ومن الحكمة اعتبار الحامل المصابة بسل هاجع في حالة خطر شديد.
    إذاً لا مانع من الحمل مع السل أو الإرضاع، شريطة المعالجة والمراقبة وينصح بإبعاد الوليد عن أمه.
    معالجة السل
    كانت معالجة السل قبل اكتشاف الأدوية الكيمياوية الحديثة تعتمد على طرق تهدف إلى تقوية دفاع المريض وزيادة مقاومته ضد المرض وذلك بإراحة المريض وتغذيته التغذية الحسنة ووضعه في مكان صحي حيث يستنشق الهواء العليل النقي.
    بقيت الأمور على هذه الحالة حتى عام 1940 سنة اكتشاف الأدوية الكيمياوية الحديثة أولها dapson المعروف تحت اسمpromine التي تهدف إما إلى قتل الجراثيم أو إلى وقف نموها وانقسامها. واعتبر كشف فاعلية الأدوية الكيمياوية ثورة كبيرة في طريق المعالجة الحديثة، تتصف هذه الأدوية الكيمياوية بالفاعلية سواء أكانت موقفة لنمو الجراثيم أم قاتلة لها، وهي تفعل ذلك دونما حاجة للراحة أو لفرط التغذية أو الهواء العليل أو الإقامة في المصح.
    وتستند المبادىء العامة لمعالجة السل على أن:
    1ـ كل أشكال السل تتطلب المعالجة بالأدوية المضادة للسل.
    2ـ إعطاء الأدوية الكيمياوية سهل ويتطلب التطبيق بدقة لأن أي تقصير يؤدي إلى إخفاق المعالجة وظهور مقاومة جرثومية.
    3ـ متابعة المريض بيقظة ويتم من قبل الأطباء ومراكز مكافحة السل.
    4ـ هدف المعالجة:
    ـ شخصي يهدف إلى:
    1ـ تخفيف الأعراض.
    2ـ إيقاف تطور المرض والسير به نحو الشفاء.
    3ـ جعل المريض غير معد.
    4ـ الوقاية من النكس والمضاعفات.
    ـ وقائي (من وجهة نظر الصحة العامة) يهدف إلى:
    1ـ حماية الآخرين من العدوى.
    2ـ هناك شروط لابد من توافرها لنجاح المعالجة الكيمياوية تتعلق بالمريض وبالعائلة وبالإعلام.
    ـ المريض: يجب مصارحته بمرضه وإن هذا المرض قابل للشفاء 100٪ إذا طبقت التعليمات المتعلقة بالدواء ونمط الحياة.
    ـ فحص العائلة والمخالطين: بكشف الحالات المبكرة واتخاذ الإجراءات المناسبة.
    ـ الإعلام: يجب أن يغطي كل المجالات، كما يجب التبليغ عن الحالات الجديدة وتحسين العلاقة بين مراكز مكافحةالسل والمرضى من جهة والأطباء العامين من جهة أخرى.
    وقد كان لنتائج المعالجة الكيمياوية المدهشة المستندة إلى دراسات كثيرة وفي مناطق متعددة من العالم ما دفع منظمة الصحة العالمية والجمعيات العالمية لمكافحة السل والأمراض التنفسية إلى التوصية بعدم الحاجة للمصحات وبذلك وفرت الأموال والجهود، والتوصية بالمعالجة المنزلية التي ثبتت جدواها على الرغم من معارضة المعترضين. ويعتبر هذا الحدث تحولاً مهماً في طرق مكافحة السل شفاءً ووقايةً وثورةً على كل المفاهيم القديمة، وحلت المعالجة المنزلية المتنقلة محل المعالجة في المصح وفتحت الطريق للدول النامية لعمل برنامج وطني للمعالجة قابل للتطبيق على كل المدن. تلا ذلك البرهان على فعالية النظام العلاجي المتقطع هذه المعالجة التي توازي نتائج المعالجة المتواصلة وتسمح باختصار نصف الزمن التقليدي للمعالجة دون الإخلال بالفاعلية العلاجية كما تسمح بتوفير نصف النفقات تقريباً ويجب أن نذكر أنه بفضل المعالجة الدوائية قلت الحاجة للمعالجة الجراحية سواء الرئوية أو خارج الرئوية وخفت آثار السل في الإعاقة.
    دور المضيف في معالجة السل
    لقد أنقصت المعالجة الكيمياوية دور عامل المضيف، إلا أنه يجب أن لا نطلب من المعالجة الكيمياوية فعل المستحيل (الشفاء التام) وعودة النسيج الرئوي إلى وضعه الطبيعي فالنسيج الذي تعرض للتجبن وللتخرب وللتليف لا يستطيع أن يعيد نفسه إلى ما كان عليه. ولابد من وجود ندبات أو تكلسات أو ظلال ليفية مكان الإصابة القديمة وهي دليل الشفاء.
    إن المعالجة الكيمياوية ما هي إلا معالجة ضد الجرثوم فهي تقتل العصيات أو توقف نموها وانقسامها، مما يساعد على تراجع مظاهر التسمم ويقوي الحالة النفسية والعضوية للمريض وفي هذه الحالة فإن العوامل المتعلقة بالمضيف يمكن أن تتدخل لحسابها الخاص وتشفي الإصابة.
    الأدوية المضادة للسل
    من الأدوية المستعملة:
    ـ الستربتومايسين: وهو أول دواء فعال ضد السل البشري. ولكن له آثار جانبية دهليزية سمية تتظاهر بدوار وسوء الحركة والأثر الدهليزي السمي غير قابل للتراجع.
    ـ الباسن P.A.S: يشرك مع الستربتومايسين ومع الايزونيازيد لتأخير ظهور المقاومة عند هذا الأخير؛ وقد أوقف استعماله لكثرة محاذيره الجلدية والمعدية والمعوية.
    ـ تيواستيازون: علاج شديد السمية سيء التحمل.
    ـ الايزونيازيد: وهو علاج نوعي لا يؤثر في أي من الجراثيم الأخرى يدخل في كل الأنسجة والخلايا ولا تتعلق فاعليته بـpH الوسط، وبسبب فعاليته وقلة سميته ولصغر حجمه ولفقد طعمه أصبح الدواء الأكثر استعمالاً في معالجة السل. وآثاره الجانبية قليلة.
    ـ الإيتيوناميد: ويعطى للمرضى المقاومين للأدوية السابقة.
    ـ البيرازين أميد: يحتفظ بهذا العلاج كعلاج احتياطي يقتل العصيات ضمن الخلايا وهذه ميزة للمعالجات قصيرة المدى.
    ـ الإيتامبوتول: علاج تركيبي يفيد في الحالات المقاومة لنمو الجراثيم، سهل الاستعمال عن طريق الفم حسن التحمل يحدث علامات عدم تحمل بصري (اضطراب في الرؤية) قابل للتراجع.
    ـ الريفامبسين: علاج نصف تركيبي شديد الفاعلية في قتل عصيات كوخ بالمشاركة مع الإيزونيازيد. وقد ثبت حتى الآن أن هذا العلاج شديد الفعالية في معالجة السل سواء المعالجة البدئية أو المعالجة الناكسة سواء يومياً أو متقطعة، ولم يستعمل الريفامبسين على سوية روتينية عالمية لسببين: غلاء ثمنه، ولإحداثه تأثيرات جانبية تتطلب مراقبة دقيقة وعناية خاصة.
    الأسباب الرئيسة لإخفاق المعالجة
    ـ انتقاء أنظمة علاجية غير صحيحة.
    ـ عدم الانتظام في تناول العلاج.
    ـ توقيف العلاج الباكر لعدة أسباب.
    ـ عدم تحمل العلاج بسبب سميته.
    مراقبة الشفاء والتأكد منه: يجب اللجوء إلى جميع الوسائل الشعاعية والمخبرية والسريرية ومراقبة الحالة العامة وزيادة الوزن للتأكد من شفاء المريض وسلامته، وهذه الوسائل في متناول اليد علماً بأن الفحص المخبري هو الخيار الأمثل (سلبية عصية كوخ في القشع) والأكثر جدية ذلك لأن المعالجة الكيمياوية ما هي في الأصل إلا معالجة ضد الجراثيم.

    عبد الغني عرفة

  8. #548
    التراخوما

    منشأ كلمة تراخوما trachoma يوناني ومعناها خشن، وقد عرف هذا المرض منذ القديم، ويعد أهمّ أسباب العمى cécité في الدول النامية.
    التراخوما مرض التهابي معدٍ ومزمن يصيب الملتحمة ثم ينتقل إلى القرنية والعامل المحدث لـها هو المتدثرة الحثريةChlamydia trachomatis. يتوضع هذا العامل الممرض داخل خلايا الملتحمة الظهارية، وإن وجوده كمستضد يؤدي لتشكل الجريبات اللمفاوية follicules lymphoides تحت الظهارة كرد فعل مناعي، ولكن هذه المناعة غير كافية لمنع تحول الحالة وتطورها نحو الإزمان. يمكن أن يحدث الخمج من هذا العامل الممرض نفسه، وغالباً ما يترافق مع خمج جرثومي مؤدياً لحدوث التهاب ملتحمة وقرنية مخاطي قيحي، مما يزيد الحالة سوءاً ويساعد على انتشار العدوى وقد يؤدي إلى العمى.
    تحدث العدوى من إنسان لإنسان عن طريق المفرزات العينية والأنفية للمريض، وإن قلة النظافة وانعدام العناية الصحية يساعدان كثيراً على انتشار المرض. والأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض من غيرهم.
    الأعراض
    تتطور التراخوما عادة خلال عدة سنوات، وتكون الإصابة ثنائية الجانب، وتكثر مشاركة هذه الإصابة لالتهابات الملتحمة.
    تظهر التراخوما في ظهارة الملتحمة، والقرنية وتبدو بشكل احتقان متعمم مع حدوث أجربة وحطاطات فيصبح لون الملتحمة أحمر مخملياً.
    إن العنصر الأساسي في التراخوما هو الأجربة التراخومية الكبيرة الحجم والمتوضعة في ملتحمة الجفن العلوي على الأخص.
    تمرّ التراخوما خلال تطورها بأربع مراحل هي:
    ـ مرحلة التراخوما البدئية: قد تكشف في هذه المرحلة عند القيام بفحص دوري، إذ تمرّ خلسة إذا لم تترافق بالتهاب في الملتحمة يدعو المريض لمراجعة الطبيب. ويتّصف الدور البدئي بظهور أجربة على الملتحمة الجفنية خاصة عند مستوى الحافة العلوية للغضروف الجفني العلوي partie supérieure du tarse وفي هذه المرحلة يشكو المريض من حس وخز ودماع خفيفين وثقل في الأجفان.
    ـ مرحلة التراخوما المتعممة: وفيها يحدث ازدياد بثخانة الجفن العلوي، فتزداد الأجربة حتى تشمل الملتحمة الجفنية العلوية، ويشاهد بالفحص حليمات وأجربة كبيرة، فإذا ضغط الجراب انبثق وسالت منه مادة هلامية، وهي علامة واسمة للتراخوما. كما تمتد الإصابة إلى القرنية في قسمها العلوي محدثة السبل القرني pannus وهو ارتشاح لمفاوي في القرنية مع أوعية دقيقة سطحية متجهة نحو مركز القرنية مشكلة شبكة وعائية. ويميز في مكان وجود السبل تشكلات عقدية رمادية تشبه الأجربة. وتكون الآفة في البدء سطحية ثم تمتد إلى لحمة القرنية. إنّ الأعراض التي يشكو منها المريض هي أعراض المرحلة السابقة إلاّ أنها تكون أكثر شدة وقد تتناقص حدة الرؤية بسبب حدوث السبل القرني.
    ـ مرحلة التراخوما قرب الندبي: تتصف بظهور خطوط ندبية بيضاء في ملتحمة الجفن العلوي موازية لحافة الجفن أوعمودية عليها متقاطعة فيما بينها. يؤدي التندب الليفي إلى تشوه الغضروف الجفني مما يسبب شتراً داخلياً entropion، كما تظهر مع مرور الزمن أهداب حاكة في الجفن بسبب انحراف الأهداب عن وضعها الطبيعي، ويؤدي احتكاكها بالقرنية إلى ظهور تقرحات ulcère وكثافات قرنية (غفاءة) leucome.
    ـ مرحلة التراخوما الندبية: تشاهد في هذه المرحلة خطوط ندبية بيضاء عريضة على الملتحمة الجفنية، التي تصبح شديدة الالتصاق بالغضروف.
    السير
    قد تحدث التراخوما دون أن يلاحظها المريض ولا تترك سوى الندبات في ملتحمة الجفن العلوي، والسبل في القسم العلوي للقرنية. وقد تكون الأعراض شديدة يمتد فيها السبل حتى يشمل القرنية مؤدياً إلى حدوث كثافات قرنية دائمة.
    العقابيل والمضاعفات
    ـ الشعرة: تشاهد الشعرة trichiasis عادة في الجفن العلوي بسبب تغير في اتجاه بعض الأهداب نحو كرة العين.
    ـ الشتر الداخلي: بسبب تندب الملتحمة وانكماشها وتقوس ظفر الجفن العلوي مؤدياً إلى تماس الأهداب مع كرة العين.
    ـ انسدال الجفن: لا يتمكن المريض فيه من رفع جفنه العلوي.
    ـ كثافة القرنية: قد تجف القرنية المصابة بالسبل وتتقرح فتصاب بكثافات دائمة وتؤثر في حدة البصر، كما قد تؤدي إلى حدوث حرج بصر astigmatisme غير منتظم.
    ـ جفاف العين: ويحدث عن نقص إفراز الدمع بسبب إصابة الغدة الدمعية الأساسية والغدد الدمعية الثانوية للملتحمة.
    ـ تضيق الطرق الدمعية أو انسدادها: تسبب التراخوما ضموراً في الغشاء المخاطي لكيس الدمع مما يؤدي للدماع ولالتهاب حاد بكيس الدمع أحياناً.
    ـ التصاق الجفن بالمقلة: قد تحدث ندبات تؤدي أحياناً لالتصاق الملتحمة الجفنية بالملتحمة البصلية symblepharon مما يسبب إعاقة حركة العين.
    ـ التهاب الملتحمة: من المضاعفات المهمة حدوث التهابات جرثومية مشاركة مزمنة في الملتحمة.
    التشخيص
    إنّ ما يميز التشخيص وجود أجربة ذات حجم كبير نسبياً وقليلة الشفافية، من تلك التي تشاهد في أمراض أخرى، ويؤكد مخبرياً بفحص كشاطة الملتحمة grattage.
    أما في المراحل المتقدمة فيسهل التشخيص لوجود السبل القرني والندب في الملتحمة الجفنية العليا.
    المعالجة
    تكون المعالجة بالصادات، وأكثرها فعالية التتراسكلين والاريترومايسين، وتقتصر الجراحة على معالجة مضاعفات التراخوما، أما اللقاح فما زال قيد التجربة.
    الوقاية
    تكون بفحص عيون الطلاب والعمال دورياً لمعالجة كلّ حالة كما يجب معالجة جميع الأشخاص المعرضين للإصابة في بيئة ما.
    وإن العلاج الدوائي وحده ليس كافياً وإنّما يجب العناية الصحية بنظافة العين وذلك لقطع الحلقة المعيبة للعدوى.

    يسرى حدة

  9. #549
    التسمّع

    يؤدي تحريك أحد الأجسام بسرعة معينة، مهما كانت طبيعته الفيزيائية (غاز، سائل، جامد)، إلى حدوث اهتزازات في الوسط المحيط به تنتقل إلى الأذن التي تدركها على هيئة أصوات متفاوتة الشدة واللحن، وتزداد هذه الأصوات شدة عندما يصادف الجسم المتحرك أحد العوائق في أثناء حركته. تتحرك بعض أعضاء جسم الإنسان حركة دائمة، كالقلب الذي يتقلص وينبسط باستمرار، والدم الذي يجول ضمن الأوعية بلا توقف، كما أن الحركات التنفسية ترشف الهواء الخارجي إلى داخل الرئتين ثم تنفثه ثانية مما يزود الجسم بالأكسجين اللازم لاستمرار الحياة. تصدر هذه الأجسام المختلفة في أثناء حركتها أصواتاً تختلف صفاتها في حالتي الصحة والمرض، وقد استفاد الأطباء من هذه الاختلافات في تشخيص الأمراض التي تصيب الجسم وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وجهاز الدوران. كما يمكن سماع دقات قلب الجنين بمسمع خاص أو حديثاً بوساطة جهاز يستخدم الأمواج فوق الصوتية (جهاز دوبلر).


    يستطيع الطبيب سماع الأصوات التي تصدر عن هذه الأجسام المتحركة، إذا طبق أذنه مباشرة على أنحاء معينة من جسم المريض. إلا أن عملية التسمع تصبح أسهل لكل من الطبيب والمريض باستعمال السماعة الطبية.
    تسمُّع القلب
    يستطيع الطبيب سماع دقات القلب عندما يطبق صيوان السماعة على الناحية القلبية (ناحية الثدي الأيسر) إلا أن الطبيب يركز الصيوان عادة على عدة نقاط من هذه الناحية تناسب صمامات القلب الأربعة (وهي الصمام التاجي والصمام الأبهري والصمام الرئوي والصمام مثلث الشرف) التي كثيراً ماتكون مقراً لآفات قلبية، وتدعى هذه النقاط البؤر التسمعية.
    تتألف كل دقة من دقات القلب من صوتين متميزين: الصوت الأول الذي يسمع على أشده في البؤرة التاجية وينجم عن تقلص البطينات وانغلاق الصمامين التاجي ومثلث الشرف. والصوت الثاني الذي يسمع على أشده في قاعدة القلب وينجم عن انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي.
    يبلغ عدد دقات القلب (70-80) دقة وسطياً في الدقيقة، وتتميز الدقات بانتظامها ولحنها الخاص. يتجاوز عدد دقات القلب في بعض الحالات الحدود السوية زيادة أو نقصاً أو أنها تفقد انتظامها في حالات أخرى، ويدعى مجمل هذه الاضطرابات بـ «اللانظميات» التي تأخذ أشكالاً متعددة تختلف في أسبابها وخطورتها وطرق معالجتها، ويستطيع الطبيب تشخيص معظم هذه الاضطرابات عن طريق التسمّع.
    يتغير لحن الأصوات القلبية في بعض الحالات المرضية، فقد تعود خافتة في بعض الأحيان أو يصبح أحد الصوتين الأول أو الثاني أو كلاهما أكثر حدة أحياناً أخرى، وقد يضاف إلى الصوتين الطبيعيين صوت ثالث، ويشير ذلك كله إلى وجود آفة مرضية في القلب يسهم التسمّع إلى حد كبير في تحديد طبيعتها وطرق معالجتها.
    يمر الدم في أجواف القلب عادة بكل سهولة ويسر، إلا أن إصابة الصمامات القلبية ببعض الآفات المرضية يؤدي إلى تضيّق الفتحات التي تصل بين أجواف القلب أو إلى اتساعها، وكذلك الحال في بعض الشذوذات الخلقية التي تصيب القلب، وتؤدي هذه الحالات إلى خلل في انسياب الدم داخل الأجواف القلبية أو الانطلاق منها إلى الأوعية الدموية، ويترافق ذلك بظهور أصوات إضافية إلى جانب الأصوات القلبية الطبيعية تأخذ شكل النفخات.
    يختلف توضع النفخات في البؤر القلبية وتوقيتها بالنسبة للأصوات القلبية الطبيعية (نفخات انقباضية ونفخات انبساطية) ولحنها وانتشارها من آفة لأخرى مما يساعد الطبيب على معرفة مكان الآفة المسببة وتعيين طبيعتها. وقد تنجم الأصوات الإضافية في بعض الحالات عن إصابة الغشاء المغلف للقلب (التامور) بالالتهاب واحتكاك وريقتيه ببعضهما مع كل دقة قلبية.
    تسمّع الصدر
    يؤدي مرور الهواء التنفسي عبر القصيبات إلى حدوث اهتزازات تنتقل عبر النسيج الرئوي السليم إلى جدار الصدر حيث يمكن سماعها بتطبيق الأذن أو صيوان السماعة على أي ناحية من جدار الصدر، ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس الحويصلي.
    أما مرور الهواء عبر الحنجرة والرغامى فيؤدي إلى حدوث صوت عال مرتفع الطبقة يسمع بوضع السماعة على الرغامى خارج الصدر ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس المزماري.
    أمّا في الحالات المرضية فقد يغيب التنفس الحويصلي كما يحدث عندما يمتلىء جوف الجنب بأحد السوائل أو بالهواء (الريح الصدرية). كما أن تكثف النسيج الرئوي التالي لإصابته بالالتهاب يسهل وصول التنفس المزماري إلى جدار الصدر بوضوح حيث يسمع مكان التنفس الحويصلي، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم النفخة التي تأخذ لحناً مميزاً في بعض الحالات المرضية مما دعا لوصف عدة أنواع من النفخات منها النفخة الأنبوبية والنفخة الكهفية وغيرها.
    تترافق بعض الحالات المرضية بتضيق في الطرق التنفسية أو توضع مفرزات مخاطية قيحية فيها، فإذا كان التضيق شديداً أدى إلى صدور أصوات جافة ذات لحن موسيقي تدعى الوزيز كما هي الحال عند الإصابة بالربو. أما إذا وقع التضيق على مستوى الرغامى والقصبات الكبيرة كانت الأصوات المسموعة أكثر خشونة وأرطب لحناً ودعيت حينئذ بالغطيط. إذا توضعت التبدلات المرضية على مستوى الأسناخ الرئوية أو القصبات الانتهائية أدت إلى صدور أصوات شاذة يكشفها التسمع تدعى الخراخر، وهي على نوعين خراخر فرقعية ذات لحن جاف ينجم عن انفتاح الأسناخ المصابة بالتوذم أو التليف، وخراخر فقاعية ذات لحن رطب تسمع عند وجود مفرزات سائلة في الطرق الهوائية القاصية.
    ويكشف التسمّع في أمراض الجنب وجود أصوات سطحية مختلفة الشدة تدعى الاحتكاكات تنجم عن تماس وريقتي الجنب المريضتين في أثناء الحركات التنفسية.
    تسمّع الأوعية المحيطية
    تصاب الشرايين في الأعمار المتقدمة بتبدلات في جدرها يطلق عليها اسم العصيدة الشريانية وتزداد هذه التبدلات بفعل بعض العوامل البيئية والوراثة، مما يؤدي إلى تضيق لمعة الشرايين المصابة. يؤدي مرور الدم في هذه المناطق المتضيقة من الشريان إلى صدور نفخات تسمعها الأذن عند تطبيق صيوان السماعة على المنطقة المتضيقة، وتتميز هذه النفخات بكونها مستمرة خلافاً للنفخات الناجمة عن آفات الصمامات القلبية. وأكثر الشرايين تعرضاً للتضيق وإصدار النفخات هي الشرايين السباتية في العنق وفروع الشريان الأبهر البطني كالشرايين الكلوية والجذع الشرياني الزلاقي وتفرعاته. كما أن الاتصال الشاذ بينالشرايين والأوردة المحيطية (النواسير) قد يكون السبب في حدوث نفخات تسمع في مكان توضع الناسور وتتميز هي أيضاً بكونها نفخات مستمرة.

    زياد درويش

  10. #550
    التسمّم الغذائي بالجراثيم

    التسمّم الغذائي بالجراثيم أو التسمّم بالجراثيم المنقولة بالطعام علة تكتسب بتناول طعام أو شراب ملوثين بجرثوم أو بذيفانات toxines تصطنعها الجراثيم في أثناء نموها في تلك الأغذية، وغالباً ما تكون أدوار حضانة هذه التسممات قصيرة الأمد.
    تشمل هذه العلل الطعام الملوث بالسلمونيلات Salmonella، والعنقوديات الذهبية Staphylococcus aureus، وبالضمات نظيرة حالّة الدم Vibrio parahaemolyticus، وبالعصويات الشمعية Bacillus cereus، كما تشمل التسمم بالمطثية الوشيقيةbotulinumClostridium [ر.التسمم الوشيقي].
    الطعام الملوث بالسلمونيلات
    ويسبب أخماجاً انسمامية غذائية تحدث إثر تناول طعام ملوث بالسلمونيلات. وهذا النوع من التسمم غير نادر الحدوث، وأكثر ما يشاهد في البلاد ذات المستوى المعيشي المرتفع. تتجلى الإصابة غالباً بالتهاب معوي قولوني.
    ـ العوامل الخامجة: إن ذراري السلمونيلات المسؤولة عن التسممات الغذائية هي من منشأ بشري أو حيواني ولها أنواع عديدة، كما أن هناك تبايناً كبيراً في انتشار الأنماط من بلد لآخر. وأكثر الإصابات في معظم البلدان تكون بالسلمونيلة التيفية الفأرية S.typhimurium والسلمونيلة الملهبة للأمعاء S.enteritidis. والطعام هو الوسيلة السائدة لنقل الجرثوم، فاستبقاء الغذاء الملوث في الحرارة المحيطية ينشط تكاثر الجرثوم، وهذا التكاثر لا يحدث عادة في درجة حرارة البرادات (الثلاجات).
    ومستودع هذه السلمونيلات هي الحيوانات الأليفة، وتشمل الطيور والماشية والقوارض والكلاب والقطط.
    تتم العدوى بتناول الجراثيم في الطعام المعد من حيوانات مخموجة أو الملوثة ببرازاتها أو ببراز شخص مخموج بها. ويشمل هذا الطعام البيض النيئ ولاسيما المكسور ومنتجاته، والحليب ومنتجاته غير المبسترة كالقشدة والكريما، واللحم ومنتجاته غير المطهية، والأطعمة المهيأة من الطيور الداجنة إذا كانت غير معرضة لحرارة عالية ولمدة كافية، والنقانق النيئة، وكل طعام ناقص الطبخ إذا احتوى على البيض ومنتجاته. إن عدم تعريض الطعام لحرارة كافية في أثناء تحضيره، وانتقال التلوث في أثناء تداوله هما العاملان الأساسيان. ويجب أن يزداد الشك بالتسمم بالسلمونيلات في الحالات التي تصيب مجموعة من الأفراد في وقت متقارب جداً.
    ـ الأعراض: تمتد فترة الحضانة بين 6 ساعات إلى 72 ساعة (نحو 12 إلى 36 ساعة عادة)، وتكون بداية الأعراض صاعقة تتصف بظهور إسهال مائي مصحوب بحمى قد تصل إلى 39 أو 40 درجة، مع صداع وإقياء، وآلام بطنية. وتبلغ الأعراض أوجها بعد2 إلى 3 ساعات من بدئها. تستمر العلامات الهضمية والحرارية نحو يومين ثم تتراجع بسرعة دون أن تحدث مضاعفات، ولكن قد يحمل بعض الأفراد السلمونيلات عدة أشهر. ويؤكد التشخيص بزرع البراز الذي يتيح استفراد الجرثوم. ولا يفيد تفاعل التراص لفيدال في تشخيص التسممات الغذائية.
    إن المظاهر السريرية التي تحدثها هذه السلمونيلات في صغار السن عديدة، وتختلف عما تحدثه في الكبار، فهي تمتد من الأشكال السليمة إلى الأشكال الخطرة، وقد يكون لها توضعات ثانوية أحياناً كإحداثها التهاباً سحائياً أو عظمياً.
    ـ المعالجة: في حالة التسمم الغذائي بالسلمونيلات يفضل عدم معالجة التهاب المعدة والأمعاء (عند الكهول والأطفال)بالصادات حينما تكون الإصابة سليمة. ولكن الأشكال الخطرة تتطلب المداواة بها، ويستعمل فيها الأموكسيلين والكوتريموكسازول والأفضل منهما الفلوروكينولونات.
    ـ الوقاية: وتكون بالمراقبة الجرثومية للحوم في المسالخ والمراقبة الشديدة لطرق تبريد الأغذية وأساليب حفظها ومراقبة الأغذية والألبان والمنتجات اللبنية المستوردة.
    الطعام الملوث بالعنقوديات الذهبية
    إن التسمّم الغذائي بالعنقودية الذهبية هو انسمام وليس خمجاً، ويسببه الذيفان الصامد للحرارة الذي يصطنعه الجرثوم. تفرز أكثر من نصف ذراري العنقوديات الذهبية ذيفاناً معوياً واحداً أو أكثر يصمد للحرارة، وهذا الذيفان هو المسؤول عن التسمم الغذائي الذي يتم تناوله مع الطعام الذي تم إفرازه فيه سابقاً.
    تتلوّث الأغذية بالعنقوديات الذهبية في أثناء تحضيرها من الحاملين لهذا الجرثوم إذا كانوا مصابين به كالدمامل والداحس وغيرها، أو عندما يكون الحليب ملوثاً من ضرع الحيوان المصاب بالعنقودية الذهبية. والأطعمة المسؤولة على وجه الخصوص هي التي تمسها أيدي متداولي الطعام إما دون طبخ بعد التماس، وإما بتعريضها لتسخين أو تبريد أقل مما ينبغي كالفطائر والشطائر وشرائح اللحم، كما يتولد الذيفان أيضاً في الجبن والقشدة والكريما عندما تبقى هذه الأطعمة في حرارة الغرف.
    ـ الأعراض: تمتد فترة الحضانة من نصف ساعة إلى 6 ساعات بمتوسط يبلغ ثلاث ساعات بعد تناول الطعام الملوث. ويكون بدء ظهور الأعراض فجائياً وأحياناً صاعقاً، ويتظاهر بغثيان شديد وإقياء وآلام بطنية وإسهال مائي لا يصاحبه ارتفاع في الحرارة بل انخفاضها دون الحد الطبيعي أحياناً، وقد يتعرض المصاب لتجفاف حاد وهبوط في ضغط الدم مع ظهور وهط وعائي في أحيان قليلة ولاسيما عند الأطفال، ولكن الوفيات نادرة الحدوث، ولا تستمر الأعراض غالباً أكثر من يوم أو يومين.
    لا قيمة لزرع البراز في وضع التشخيص، غير أن التحريات الوبائية تتيح أحياناً التوصل لمعرفة الغذاء الملوث. ومما يدعم التشخيص في الفاشيات استنبات أعداد كبيرة من العنقوديات المنتجة للذيفان المعوي بمعدل 90 أو أكثر من الجراثيم في كل غرام من الطعام. كما أن عدم وجود العنقوديات بعد زرع طعام تم تسخينه لا ينفي التشخيص. ويمكن تمييز الذيفان المعوي أو النوكلياز الحرارية في الطعام حتى في غياب الجراثيم العيوشة.
    ـ المعالجة: وتكون بتعويض السوائل إن اقتضت حالة المريض ولا فائدة من إعطاء الصادات.
    ـ الوقاية: بإعداد الطعام وفق طرق صحية وحفظه في البرادات لمـدة كافية أو تسخينه دوماً لدرجة حرارة وزمن كافيين للقضاء على العنقوديات قبل حفظه.
    الطعام الملوث بالعصوية الشمعية
    العصوية الشمعية جرثوم هوائي يكوِّن أبواغاً تشاهد بكثرة في التربة والأطعمة المجففة والمصنعة. تفرز هذه الجرثومة ذيفانين معويين أحدهما صامد للحرارة، ويسبب الإقياء، والثاني عطوب بالحرارة، ويسبب الإسهال.
    ينتقل هذا الجرثوم بالأطعمة التي تم حفظها بعد طبخها في حرارة الجو التي تسمح بتكاثر الجراثيم وإنتاش الأبواغ. وأكثر الفاشيات التي ظهرت بعد الإصابة بها كانت بتناول الأرز المهيأ على طريقة شرق آسيا والخضراوات واللحوم التي بقيت بعد تحضيرها في الحرارة المحيطية دون أن يعاد تسخينها لدرجة حرارة ومدة كافيين.
    ـ الأعراض: حينما يكون الإقياء هو العرض السائد يمتد دور الحضانة من سـاعة واحدة إلى ست ساعات. أما إذا كان الإسهال هو العرض السائد حينئذٍ يمتد دور الحضانة من 6 ساعات إلى 24 ساعة. وتزول هذه الأعراض بسرعة بعد يوم واحد ونادراً ما تسبب الوفاة.
    ـ المعالجة: لا فائدة من إعطاء الصادات. وقد يحتاج المريض ولاسيما الأطفال منهم لإعاضة السوائل والشوارد.
    ـ الوقاية: وتكون بحفظ الأطعمة في البرادات (الثلاجات) وطهيها جيداً وتسخينها بحرارة كافية قبيل استعمالها.
    الطعام الملوث بالضمة نظيرة حالّة الدم
    الضمة نظيرة حالة الدم جرثوم يألف الملوحة وله 12 زمرة مستضدية جسدية O مختلفة ونحو 60 نمطاً مستضدياً محفظياً، ويمكن للذراري الممرضة أن تحدث تفاعلاً حالاً للدم. يعيش هذا الجرثوم في مياه البحار وطميها وفي الأسماك والمحار. ينتقل إلى الإنسان عن طريق تناول طعام البحر النيئ، أو ناقص الطبخ. ولابد من بقاء الطعام الملوث زمناً كافياً في حرارة الغرفة حتى تتكاثر الجراثيم وتصل إلى المستوى الخامج.
    ـ الأعراض: تمتد فترة الحضانة عادة بين 12 ساعة و24، ولكن قد تقل أحياناً في حالة التلوث الشديد فتنخفض إلى 4 ساعات، ثم تظهر على المريض اضطرابات هضمية تتصف بإسهال مائي ومغص مع غثيان وإقياء، وصداع وحمى. وقد يأخذ الإسهال في بعض الأحيان شكل الزحار فيصبح البراز مدمى، ويترافق حينئذٍ بحمى شديدة وزيادة في عدد الكريات البيض. تتراجع الأعراض بعد زمن يختلف باختلاف شدة الإصابة فقد تزول بعد يوم واحد وقد تبقى نحو أسبوع، دون أن تترك عقابيل، ونادراً ما تؤدي الإصابة إلى حدوث خمج عام ووفاة.
    ـ المعالجة: تكون بتعويض السوائل والشوارد ولا فائدة من إعطاء الصادات.

    عدنان تكريتي

صفحة 55 من 146 الأولىالأولى ... 5455354 55565765105 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال