صفحة 51 من 146 الأولىالأولى ... 414950 51525361101 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 501 إلى 510 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 51

الزوار من محركات البحث: 64658 المشاهدات : 319984 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #501
    مراقب
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 40,772 المواضيع: 3,592
    صوتيات: 131 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 43112
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ أسبوع واحد
    مقالات المدونة: 19
    أعصاب الإنسان
    الأعصاب nerves هي الجهاز الناقل للسيالة العصبية باتجاهين: من الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والنخاع الشوكي) إلى جميع أنسجة الجسم، ومن هذه الأنسجة جميعاً إلى الجهاز العصبي المركزي، ويتم بذلك تنظيم وظائف الجسم المختلفة.
    تقسم الأعصاب تبعاً لوظائفها ومكان منشئها من الجملة العصبية المركزية إلى أعصاب قحفية تصدر من قاعدة الدماغ، وأعصاب شوكية تنشأ من النخاع الشوكي، وأعصاب الجهاز العصبي الذاتي التي تتشابك مع كل من الأعصاب القحفية والشوكية ولكنها تختلف عنها بوظائفها وبنيتها وتوزعها.
    الأعصاب القحفية
    تنشأ من الدماغ وتعصّب الرأس والأحشاء تعصيباً حسياً وحركياً ونباتياً ودّياً ولا وديّاً عددها اثنا عشر زوجاً تعرف بأسمائها وأرقامها: 1- 2- 3- .... 12
    الزوج الأول: العصب الشمي nervi olfactorii: عصب حسي ينقل الشم من أعلى مخاطية الحفرة الأنفية إلى البصلة الشمية ومنها إلى المراكز العصبية.
    الزوج الثاني: العصب البصري n.opticus: عصب حسي ينشأ من الخلايا العقدية للشبكية، وتتجمع أليافه في حلمة العصب البصري، ويخرج من كرة العين إلى جوف الحَجاج ثمّ إلى جوف القحف عبر النفق البصري حتى التقاطع البصري وينتهي في الجسم الركبي الوحشي.
    الزوج الثالث: العصب المحرك للعين n.oculomotorius: عصب حركي تقع نواته في قلنسوة الساق المخية ويخرج من إنسيها، يعصب عضلات العين عدا المائلة العلوية والمستقيمة الوحشية، ويحوي أليافاً لا ودية مضيقة للحدقة وللقسم الحلقي من العضلة الهدبية فيقوم بالمطابقة.
    الزوج الرابع: العصب البَكَري n.trochlearis: عصب حركي يعصب العضلة المنحرفة العلوية. ينشأ من نواة تقع أسفل الساق المخية ويجتاز قاعدة القحف ماراً في الجدار الوحشي للجيب الكهفي ثم جوف الحجاج ثم يدخل العضلة.
    الزوج الخامس: العصب الثلاثي التوائم n.trigemins: عصب مختلط له جذران حسي وحركي يعصب العضلات الماضغة تعصيباً حركياً، ويعصب الوجه وجوف الحجاج والحفرة الأنفية والفم تعصيباً حسياً ويعد طريقاً تسلكه ألياف حركية وإفرازية.
    ينشأ جذره الحسي من الألياف الحسية الواردة من الرأس إلى «عقدة غاسر» عن طريق العصب الفكي العلوي والعصب الفكي السفلي والعصب العيني، وتخرج الألياف من العقدة إلى النواة الهلامية في البصلة والجسر. وينشأ جذره الحركي من نواتيه في الجسر.
    وتقع «عقدة غاسر» التي تخرج منها شعب العصب الثلاث في الطابق المتوسط لقاعدة القحف في القسم الأمامي العلوي للصخرة. وينشأ من حافتها الأمامية المحدبة، من الإنسي إلى الوحشي، العصب العيني، فالفكي العلوي، فالفكي السفلي.
    ـ العصب العيني n.ophtalmicus: عصب حسي ينشأ من القسم الأمامي الإنسي للعقدة، يسير نحو الأمام ضمن الجدار الوحشي للجيب الكهفي حتى نهايته الأمامية حيث ينقسم إلى شعبه الانتهائية ويعطي شعبة جانبية للعصبين الثالث والرابع.
    أما شعبه الانتهائية فثلاث: العصب الأنفي، والعصب الجبهي، والعصب الدمعي.
    يدخل العصب الأنفي الحجاج ويعطي شعبتين انتهائيتين: الأنفي الإنسي، والأنفي الوحشي، يعصبان جلد الحاجبين والطرق الدمعية ولحف جذر الأنف. وله ثلاث شعب جانبية: شعبة للعقدة الهدابية وهي جذرها الحسي، والعصبان الهدابيان الطويلان اللذان يدخلان كرة العين، والعصب الوتدي الغربالي.
    ويجتاز العصب الجبهي n.frontalis جوف الحجاج ويعصب لحف الجبهة والجفن العلوي وجذر الأنف. أما العصب الدمعي فيتوزع في الغدة الدمعية والجفن العلوي ويأخذ من عصب الفك العلوي الشعب المفرزة اللاودية والعصب الصدغي الوجني.
    والعصب العيني حسي ينقل الحس من الناحية القفوية الجبهية والحاجبين والجفنين العلويين ومِشْوَل (مِنجل) المخيخ والجيوب الثلاثة الوتدي والجبهي والغربالي، ويعصب كرة العين والملتحمة والقرنية.
    ـ العصب الفكي العلوي n.maxillaris: عصب حسي ينشأ من «عقدة غاسر» ويسير داخل القحف ثم يجتاز الثقبة المدورة الكبيرة ثم الحفرة الجناحية الفكية وينتهي في الناحية النابية بعدة شعب وعلى مسيره العقدة الوتدية الحنكية، وله عدة شعب جانبية هي:
    الشعبة السحائية الراجعة.
    والشعبة الحجاجية، وتعطي الدمعي الجفني الذي يحمل أليافاً لا ودية مفرزة للغدة الدمعية عن طريق العصب الدمعي.
    والشعبة الوتدية الحنكية وفيها ألياف واردة من العقدة وصادرة إليها.
    والشعب السنية الأمامية والمتوسطة والخلفية.
    يعصب الفكي العلوي الجلدَ الذي يستر الشفة العلوية والأنف والقسم الأمامي من الخد ومخاطيتها واللوزة وعظم الفك العلوي ويحمل أليافاً حركية مستعارة من الزوج التاسع تعصب عضلات شراع الحنك.
    ـ العصب الفكي السفلي n.mandibularis: عصب مختلط حسي وحركي يتألف من جذرين حسي وحركي، ينشأ الجذر الحسي من عقدة العصب وينتهي في العمود الرمادي الموجود في البصلة والجسر، وينشأ الجذر الحركي من نواته في الجسر.
    ينشأ هذان الجذران من عقدة الزوج الخامس، ويسير وحشيُ العصب الفكي العلوي داخل القحف ثم يجتاز الثقبة البيضية ثم يدخل الناحية الجناحية الفكية ويلتصق وجهه الإنسي بالعقدة الأذنية، وله شعبة جانبية واحدة هي السحائي الراجع، ثم ينقسم إلى جذعين أمامي وخلفي يعطيان شعبه الانتهائية.
    فالجذع الأمامي يعطي العصب الصدغي الفمي، والعصب الصدغي العميق المتوسط، والعصب الصدغي الماضغ.
    أما الجذع الخلفي، فيعطي العصب السني السفلي، والعصب اللساني، والعصب الأذني الصدغي، أو الصدغي السطحي، والجذع العضلي.
    يأخذ هذا العصب الحس من الصدغ والخد والذقن ومخاطية الفم واللثة والشفة السفلى والقسم الأمامي من اللسان وعظم الفك السفلي. أما القسم الحركي فيعصب العضلات الماضغة وتنضم إليه ألياف لاودية مفرزة للغدة النكفية آتية عن طريق الزوج التاسع من النواة اللعابية السفلية وألياف لا ودية للغدتين تحت الفك وتحت اللسان آتية عن طريق عصب حبل الطبل من النواة اللعابية العلوية.
    الزوج السادس: العصب المبعِّد (المحرك الوحشي للعين) n.oculomotorius: ينشأ من نواته في الجسر من قاع البطين الرابع ويخرج من التلم البصلي الجسري جانب الخط المتوسط ثم يدخل الجيب الكهفي فالشق الحجاجي العلوي فجوف الحجاج وينتهي في العضلة المستقيمة الوحشية.
    الزوج السابع: العصب الوجهي n.facialis: يعصب عضلات الوجه حركياً ويعطيه الأمارات المختلفة من فرح وحزن وتعجب. وهو عصب حركي وحسي وفيه ألياف لاودية مفرزة للغدة الدمعية والأنف والغدتين تحت الفك وتحت اللسان والغدد اللسانية المنتشرة عليه.
    ينشأ الجذر الحركي من نواته في الجسر. وينشأ الجذر الحسي من الثلثين الأماميين للسان حتى السبعة اللسانية ثم يسير إلى العقدة الركبية ومنها إلى البطين الرابع، ثم إلى الحزمة المفردة فالملحقات المركزية في البطين الرابع ثم إلى المهاد فمركز الذوق الواقع في التلفيف الصدغي الخامس.
    أما الجذر النباتي فينشأ من:
    ـ النواة الدمعية الأنفية اللاودية خلف النواة الحركية ثم ينتهي إلى العقدة الوتدية الحنكية ومنها يسير بالثقبة الحجاجية للفك العلوي ليلتحق بالعصب الدمعي، شعبة العصب العيني.
    ـ ومن النواة اللعابية العلوية التي تنشأ من الجسر وتسير مع العصب الوجهي وتمر بعصب حبل الطبل إلى العقدتين تحت الفك وتحت اللسان.
    ينشأ العصب الوجهي من التلم البصلي الجسري ويجتاز قاعدة القحف ثم مجرى السمع الباطن ثم نفقه حيث يلتقي بالعقدة الركبية ثم يخرج من الثقبة الإبرية الخشائية إلى النكفة وينقسم إلى شعبتيه الانتهائيتين الصدغي الوجهي والرقبي الوجهي اللذين يعصبان عضلات الوجه وعضلات جلد العنق.
    ويعطي العصب الوجهي في أثناء سيره شعباً جانبية هي: العصب الصخري الكبير السطحي. وعصب عضلة المطرقة. وعصب حبل الطبل الذي يلتقي بالعصب اللساني ويحمل إليه الألياف اللاودية إلى العقدة تحت الفك وتحت اللسان آتية من النواة المفردة، والألياف المفرزة من النواة اللعابية العلوية. ويعصب حبل الطبل أيضاً الثلثين الأماميين للسان ذوقياً.
    الزوج الثامن: العصب الدهليزي القوقعي n.vestibulocochlearis: يتألف من عصبين الدهليزي والقوقعي. يأخذ العصب القوقعي السمع من أعضاء القوقعة. ويخرج من التلم البصلي الجسري وينتهي إلى النواتين الظهرية والبطنية ومنهما إلى الجسم الركبي الإنسي. أما العصب الدهليزي فتنشأ أليافه من الدهليز والأقنية نصف الدائرية ويسير إلى العقدة الدهليزية بعد دخوله الأخدود البصلي الجسري، وبعد أن يتحد مع العصب القوقعي ينتهي إلى الجسم الركبي الإنسي ومنه إلى مراكز السمع والتوازن في الفص الصدغي.
    ينقل العصب الدهليزي إحساسات التوازن السكوني من القريبة والكييس، والتوازن الحركي من الأقنية نصف الدائرية.
    الزوج التاسع: العصب اللساني البلعومي n.glosso pharyngeus: عصب حركي وحسي ونباتي، حركي لأنه يشترك مع العصب العاشر بتعصيب عضلات شراع الحنك، وحسي لأنه يعصب مخاطية البلعوم والسبعة اللسانية فينقل منها حسها العام وحاسة الذوق لمختلف الطعوم.
    ينشأ العصب التاسع من التلم الجانبي الخلفي ويدخل القحف ثم يخرج منه بالثقبة الوداجية حيث يلتقي عقدتيه الصخريتين العلوية والسفلية ثم يسير خارج القحف في المسافة تحت النكفة الخلفية ثم يقطع المسافة اللوزية أفقياً ويصل أخيراً إلى اللسان، وينتهي تحت الغشاء المخاطي لقاعدة اللسان. يعطي العصب التاسع الشعب الجانبية التالية: العصب الطبلي الذي يكوّن العصب الصخري الكبير «فيديوس» وينتهي في العقدة الوتدية الحنكية، والعصب الصخري العميق الذي يكون العصب الصخري الصغير «ارنولد» وينتهي في العقدة الأذنية ويحمل الألياف المفرزة للنكفة. والشعب البلعومية.
    الزوج العاشر: العصب الرئوي المعدي أو المبهم n.vagus: عصب مختلط حسي وحركي ونباتي لا ودي. ينشأ من:
    ـ النواة الحركية وهي النواة المبهمة التي تعصب شراع الحنك والحنجرة والبلعوم.
    ـ والألياف الحسية التي تنشأ من عقدتين: العقدة العلوية أو الوداجية التي تحمل الحس من المحيط إلى النواة المفردة، والعقدة السفلية أو الضفيرية التي تحمل الحس من الأعضاء إلى نواته أمام الجنيح الرمادي.
    ـ النواة النباتية الحركية وهي النواة القلبية الرئوية المعدية المعوية وتقع أمام القناة المركزية وهي لا ودية.
    ـ النواة النباتية الحسية، وتنتهي إليها الألياف الحسية النباتية التي تسمى النواة المدورة والظهرية الحسية.
    أما المنشأ الظاهر للعصب فهو التلم الجانبي الخلفي للبصلة، يسير في الطابق الخلفي من قاعدة القحف، ثم في القسم الإنسي من الثقبة الوداجية بين العصبين البلعومي اللساني، والشوكي، ثم في الناحية تحت النكفة الخلفية، ثم في العنق يدخل بعدها الصدر ويجتازه إلى البطن.
    يعطي في أثناء سيره شعباً عنقية وصدرية أهمها: الراجع أو الحنجري السفلي، وشعباً رئوية ومريئية ، وشعباً بطنية.
    العصب المبهم عصب حسي، وحركي، ونباتي.
    فهو ينقل الذوق من قاعدة اللسان خلف السبعة اللسانية حتى الفلكة (لسان المزمار) وتنتهي أليافه الحسية بالنواة المفردة وهي مركز حسي، وهو حركي إذ يعصب مع العصبين التاسع والحادي عشر عضلات شراع الحنك والبلعوم والحنجرة مما يجعل له شأناً في التصويت والمحافظة على الطرق الهوائية العلوية. وهو بالدرجة الأولى عصب حشوي يعصب تعصيباً نباتياً إفرازياً وحسياً وحركياً أحشاء العنق والصدر والبطن وغددها وينتهي إلى النواة النباتية الحسية، وهي النواة الظهرية والمدورة، للعصب العاشر، وهو القائم على نظم القلب والمؤدي إلى بطئه ويعصب الجيب السباتي مع العصب التاسع وتتم عن طريقه مراقبة ارتفاع التوتر الشرياني حسياً وحركياً ونباتياً والحالة الكيمياوية لأخلاط الدم.
    الزوج الحادي عشر: العصب اللاحق القحفي أو الشوكي: عصب محرك يتألف من جذرين: جذر قحفي ينشأ من البصلة وجذر نخاعي ينشأ من النخاع الرقبي، يتحد الجذران في مسير قصير ثم يفترقان إلى شعبتين متباعدتين: شعبة إنسية تنتهي بالعقد السفلية للعصب العاشر وهو الجذر البصلي الذي تنتهي معظم أليافه بتعصيب الحنجرة، وجذر وحشي يؤلف الجذر النخاعي وينتهي بالعضلة القترائية (القصبة الترقوية الخشائية) وشبه المنحرفة. ويعد الجذر البصلي جذراً ضالاً، والجذر الشوكي جذراً منحرفاً داخل القحف، في حين إنه جذر نخاعي كان عليه أن يخرج من ثقب الانضمام مع الجذور الشوكية الأخرى.
    المنشأ الظاهر للعصب من التلم الجانبي الخلفي، وبعد أن يتّحد الجذران يسيران داخل القناة السيسائية ثم في الطابق الخلفي لقاعدة القحف خلف العصب التاسع وأسفل العصب العاشر ثم يمر في الثقبة الوداجية خلف العصب العاشر ثم ينتهي إلى الناحية تحت النكفة الخلفية وينقسم إلى شعبة إنسية تنتهي إلى العقدة السفلية للعصب العاشر وشعبة وحشية لا تحوي إلا أليافاً شوكية تنتهي إلى العضلتين القترائية وشبه المنحرفة فتعصبهما تعصيباً حركياً.
    إن الشعب الإنسية للعصب الحادي عشر تؤلف عصب التصويت لأنها تعصب عضلات الحنجرة وعضلات الشهيق وتنظم عملية الزفير فهي تدخل العقدة السفلية للمبهم وتكوّن معظم ألياف العصب الحنجري العلوي الذي يعصب العضلة الحلقية الدرقية.
    الزوج الثاني عشر: العصب تحت اللسان n.hypoglossus: عصب حركي يعصب عضلات اللسان وترافقه في مسيره ألياف من الضفيرة الرقبية تعصب العضلات تحت اللامي والذقنية اللامية.
    ينشأ من البصلة، من التلم أمام الزيتونة، ويسير في الطابق الخلفي لقاعدة الجمجمة ثم يمر بالنفق اللقمي إلى خارج القحف ويسير في المسافة فوق اللامية الجانبية ثم في الناحية تحت اللسانية حيث ينقسم شعباً عدة تعصب كل عضلات اللسان. وله شعبة جانبية سحائية ووعائية وشعبة نازلة تكوِّن عروة بتفاغرها مع شعب من الضفيرتين الرقبيتين العميقتين الثانية والثالثة وتعصب العضلات تحت اللامية.
    الأعصاب الشوكية
    عددها واحد وثلاثون زوجاً موزعة على نحو متناظر، وينشأ كل عصب منها من النخاع الشوكي بجذرين أحدهما حسي خلفي، والآخر حركي أمامي، وتقسم، بحسب توزعها ، إلى (8) أزواج رقبية و(12) زوجاً صدرياً و(5) أزواج قطنية و(5) أزواج عجزية وزوج عصعصي واحد.
    ويتألف كل عصب من ألياف حركية وألياف حسية وألياف ودّية في القسم الظهري والقطني، وألياف لا ودية في القسم المتوسط للأعصاب العجزية.
    الأعصاب الرقبية: تنشأ من أقسام النخاع الشوكي بين مستوى الثقبة الكبيرة وأوسط الفقرة الرقبية السابعة، وتصدر من العمود الشوكي من خلال الثقب بين الفقرية الجانبية. يتلقى كل عصب شعبة رمادية موصلة من الجذع الودي.
    تؤلف الأقسام الأولية الخلفية من العصب الرقبي الأول العصب الأوحد تحت القفا وهو حركي يعصب عضلات المثلث تحت القفا مع بعض شعب حسية.
    وتؤلف الأقسام الأولية الأمامية للأعصاب الرقبية الأربعة الأولى الضفيرة الرقبية وتشكل الأقسام الأربعة الأخيرة مع العصب الصدري الأول الضفيرة العضدية.
    الضفيرة الرقبية (ر1ـ ر4): ولها شعب حسية وشعب حركية أما الشعب الحسية فهي:
    ـ العصب القفوي الصغير: (ر2ـ ر3) يعصب القسم الوحشي لفروة الرأس والقسم الإنسي العلوي لصيوان الأذن والجلد فوق الناتيء الخشائي.
    ـ العصب الأذني الكبير: (ر2ـ ر3) يعصب الوجه الخلفي لصيوان الأذن والجلد فوق الخشاء وفوق الغدة النكفية.
    ـ العصب الرقبي الجلدي: (ر2ـ ر3) يعصب القسم الأمامي للعنق.
    ـ الشعب فوق الترقوة: تعصب جلد فوق الترقوة والقسم العلوي فوق الدالية والصدرية حتى الضلع الثالثة.
    وأما الشعب الحركية فهي:


    ـ الشعبة النازلة الرقبية: (ر2ـ ر3) تعصب بطني العضلة ذات البطنين وتعطي شعبة للعصب تحت اللسان لتشكل العروة تحت اللسان.
    ـ شعبة للعضلة القصية الترقوية الخشائية (ر2).
    ـ شعب لشبه المنحرفة (ر3ـ ر4).
    ـ عصب الحجاب الحاجز (ر3ـ ر5) يمر مائلاً فوق الأخمعية الأمامية ثم بين الشريان تحت الترقوة ووريده، ويدخل الصدر خلف المفصل القصي الترقوي ثم ينزل عمودياً في القسم العلوي والمتوسط للمنصف حتى يدخل عضلة الحجاب الحاجز وهو العصب التنفسي الرئيس ويعطي هذا العصب شعباً للتأمور والحجاب الحاجز والقسم الضلعي لغشاء الجنب.

    الضفيرة العضدية: وتعصب الطرف العلوي حسياً وحركياً، وهي تتألف من الأقسام الأمامية للأعصاب الرقبية الأربعة الأخيرة والعصب الصدري الأول. ويؤلف جذرا العصب الرقبي الخامس والسادس باتحادهما الجذع العلوي، ويؤلف الجذر الرقبي السابع الجذع المتوسط، ويؤلف الجذران الرقبي الثامن والصدري الأول الجذع السفلي.
    تقسم الجذوع الثلاثة المذكورة إلى أقسام أمامية وخلفية، ويؤلف القسمان الأماميان للجذع العلوي المتوسط الحبل الوحشي، ويؤلف القسم الأمامي للجذع السفلي الحبل الإنسي، وتؤلف الأقسام الخلفية للجذوع الثلاثة الحبل الخلفي.
    يتألف من قسم من الحبلين الإنسي والوحشي العصبُ المتوسط وتصبح بقية الحبل الوحشي العصب العضلي الجلدي، وبقية الحبل الإنسي العصبَ الزندي، أما الحبل الخلفي فينقسم ليعطي العصب الكعبري والعصب الإبطي.
    الأعصاب الصدرية: تتألف من اثني عشر زوجاً من الأعصاب الشوكية الناشئة من الحبل الشوكي بين الفقرتين الرقبية السابعة والظهرية التاسعة، وينقسم كل عصب إلى شعبتين: أمامية وخلفية. تقسم الشعبة الخلفية إلى عصب إنسي يتوزع في عضلات الظهر وجلد الظهر، وعصب وحشي يعصب العضلات العجزية الشوكية ويعطي الأعصاب الصدرية الستة السفلية.
    وتصبح الشعب الأمامية الأعصاب بين الوربية وتعصب الشعب العصبية الستة السفلية عضلاتِ جدار البطن.
    الأعصاب القطنية: هي خمسة أزواج من الأعصاب الشوكية تنشأ من النخاع الشوكي بين الفقرة الظهرية التاسعة والقسم السفلي للفقرة الظهرية الحادية عشرة. وتؤلف معظم الضفيرة القطنية.
    الضفيرة القطنية: تعصب حسياً وحركياً القسم العلوي والأمامي للطرف السفلي. تقع ضمن عضلة البسواس وتتألف من الأقسام الأولية الأمامية للأعصاب القطنية الثلاثة العلوية، وجزء من العصب الرابع، ومن شعبة من العصب الصدري الأخير، وتعطي الأعصاب الآتية:
    ـ العصب الحرقفي الخثلي: يتألف من الصدري (12) والقطني الأول.
    ـ العصب الحرقفي الاربي: يتألف من القطني الأول.
    ـ العصب الفخذي التناسلي: يتألف من القطنيين الأول والثاني.
    ـ العصب الفخذي: يتألف من الأعصاب القطنية الثاني والثالث والرابع ويبرز من الوجه الأمامي لعضلة البسواس.
    ـ العصب الفخذي الجلدي الوحشي: ويتألف من القطنيين الثاني والثالث.
    ـ العصب الساد ويتألف من الأعصاب القطنية الثاني والثالث والرابع.
    ـ يتألف الجذع القطني العجزي من القطنيين الرابع والخامس ويدخل في تكوين الضفيرة العجزية.
    الأعصاب العجزية: خمسة أزواج تنشأ من قطع النخاع الشوكي أمام الفقرة الظهرية الأخيرة والقطنية الأولى، وتمر الأقسام الأربعة العلوية الخلفية من الثقب العجزية الخلفية ويمر الخامس بين العجز والعصعص.
    تظهر الأقسام الأمامية الأولية على الوجه الأمامي للثقب العجزية وتسهم في تكوّن الضفيرة القطنية العجزية. تعصب الضفيرة العجزية القسم السفلي للطرف السفلي.
    تتألف الضفيرة العجزية، التي تنشأ من خمسة جذور، من الأقسام الأمامية للعصب القطني الخامس وجزء من العصب القطني الرابع ومن الأعصاب العجزية الأول والثاني والثالث وتعطي شعبة نهائية هي العصب الوركي، وشعباً جانبية.
    ينقسم كل من الجذور الخمسة للضفيرة إلى قسمين: أمامي وخلفي، تتحد الأقسام الخلفية الأربعة العلوية وتعطي العصب الشظوي المشترك، وتتحد الأقسام الخمسة الأمامية وتعطي العصب الظنبوبي، ويتحد العصب الشظوي المشترك بالظنبوبي ويعطيان العصب الوركي.
    الشعب الجانبية للضفيرة العجزية هي الأليوي العلوي والأليوي السفلي والفخذي الجلدي الخلفي.
    الضفيرة الاستحيائية والعصعصية: هي الأقسام الأخيرة للضفيرة القطنية العجزية وتعصب أنسجة العجان وتتألف من الأقسام الأولية الأمامية للأعصاب العجزية الأربعة السفلية والعصب العصعصي.
    أبو الخير الخطيب

  2. #502
    الأغذية والتغذي



    الأغذية aliments هي جملة المواد العضوية واللاعضوية التي تستهلكها الكائنات الحية للاستفادة من الطاقة الكامنة فيها أو من الجزيئات المكونة لها لضمان حياتها ونموها وحركتها. ومع أن الماء والأكسجين يدخلان في هذا التعريف إلا أنهما لا يسميان غذاءين.


    وأما التغذي alimentation فهو جملة العمليات التي يقوم بها الجسم لتناول الغذاء وامتصاصه والإفادة منه وفق حاجاته.


    وتُصنف الأغذية كيمياوياً في مواد عضوية (بروتينات وسكريات وشحميات) ولاعضوية (معدنية)، كما تصنف بحسب كمية الحاجة إليها إلى مواد رئيسة وعناصر زهيدة oligo-elements كالفيتامينات والمعادن.


    الحاجة الغذائية


    هي المزيج المتوازن من الغذاء الذي يفي كماً ونوعاً بحاجات الجسم الاستقلابية في مختلف الحالات من دون زيادة ولانقص، والأمر الأساسي من الناحية الطبية هو التوازن الغذائي واضطراباته الناجمة إما عن العوز الغذائي أو عن اضطراب النسبة بين مكونات الوارد الغذائي ذاتها، أو عن عوز بعض العناصر الزهيدة، أو عن فرط استهلاك الغذاء وماينجم عنه من زيادة وزن وبدانة. فالغذاء في نظر الإنسان العادي هو ما يدفع الجوع ويقيم الأود ويشبع الرغبة كماً ونوعاً، وهو في نظر الطب ما يوفر الاستقلاب الأمثل للجسم من النواحي الحرورية والبروتينية وغيرها. وقد جرت العادة على أن تقدر كفاية الطعام وعدمها، والحاجة اليومية من الطعام، ومحتوى غذاء ما من الطاقة، بواحدة قياس هي الكيلو كالوري وأحياناً الجول. فالكالوري (الحريرة أو السعر) هو كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة ليتر واحد من الماء من الدرجة 14.5 إلى الدرجة 15.5 سلسيوس في الشروط النظامية.


    وأما الكيلو كالوري فيساوي ألف كالوري. وأما الجول فهو الطاقة اللازمة لرفع كيلو غرامٍ واحدٍ إلى ارتفاع متر واحد، والكيلو جول يساوي ألف جول، وبذلك يكون الكيلو كالوري معادلاً 4.2 كيلو جول.


    وهذا التقدير الكمي للحاجة والوارد الغذائي هو الذي يحدد توازن الغذاء أو نقصه أو زيادته إضافة إلى ضرورة وجود تنوع معين في مصدر هذه الطاقة وإلى وجود بعض المواد النوعية المطلوبة لبعض الوظائف كالفيتامينات والمعادن.


    نُظُم التغذي


    تقسم الكائنات الحية بحسب المواد الأولية الضرورية في غذائها وبحسب مصدر استمدادها للطاقة إلى:


    كائنات ذاتية الاغتذاء autotrophs وكائنات غيرية الاغتذاء heterotrophs، وتنحصر الحاجة الغذائية للكائنات الذاتية الاغتذاء في الماء والمواد اللاعضوية في حين تحتاج الكائنات الغيرية الاغتذاء، إضافة إلى ذلك، إلى المواد العضوية لعجزها عن تركيبها أو لتستفيد من الطاقة الكامنة فيها.


    وتقسم الكائنات الحية أيضاً إلى كائنات الاغتذاء الضوئي phototrophy وكائنات الاغتذاء الكيمياوي chemotrophy. وتستفيد كائنات الاغتذاء الضوئي (النباتات) من الطاقة الموجودة في الضوء فتحولها إلى طاقة كامنة ضمن روابط كيمياوية عالية الطاقة، في حين تستفيد كائنات الاغتذاء الكيمياوي (الحيوانات) من الطاقة الموجودة في الروابط الكيمياوية للمواد الغذائية.


    وهكذا يتشكل هرم غذائي ترتكز قاعدته على الكائنات التي تقوم بعملية التركيب الضوئي، وهي أدناها مرتبة، ويلي ذلك الحيوانات العاشبة، وفي القمة توجد الحيوانات اللاحمة والكائنات ذات الغذاء المختلط كالإنسان. ويعتمد توازن البيئة وانتظام دورة الحياة على سلامة هذه النظم وتوازنها وعدم طغيان أي من مراحلها على الأخرى.


    وظائف الغذاء


    للغذاء وظائف عدة في الكائنات الحية، فهو مصدر الطاقة اللازمة للحركة وغيرها من مظاهر الحياة، ومصدر العناصر المرجعة reducing agents أو مانحات الإلكترون [ر. الاستقلاب] ومصدر العناصر اللازمة لبناء الجسم ونموه أو ترميم ما يتقوض منه.


    ولا يعمل الغذاء في أي من هذه المجالات عملاً مباشراً لكنه يخضع لعمليات كثيرة ليتحول من شكله البسيط إلى الشكل الملائم لهذه الوظائف، وتبدأ هذه العمليات خارج الجسم بإعداد الطعام وطهوه، ثم تناوله ومضغه فهضمه وامتصاصه وتمثله ويدخل بعد ذلك في دورات الاستقلاب ليقوم بالوظائف المذكورة.


    الطاقة واستهلاكها


    يخضع سلوك المتعضية تجاه المادة والطاقة للمفهوم النسبي الذي تُعَدُّ فيه المادة والطاقة وجهين لحقيقة واحدة. ويمكن تبديل أحدهما بالآخر، فالطاقة مصدر المادة والمادة مخزن الطاقة وتستمر الحياة بسلسلة لامتناهية من تقلب الطاقة والمادة.


    وأما الاستقلاب فهو جملة التحولات والتبدلات التي تطرأ على الأغذية ضمن الخلايا من تفكيكٍ وتركيبٍ وتعديلٍ في البنية الكيمياوية، وتبديل في المحتوى من الطاقة، واستهلاكٍ أو تحويلٍ إلى مدخرات أو استعمالٍ في بناء الخلايا وترميمها، أو تقويضٍ لاستعمال الطاقة الكامنة فيها واللازمة للقيام بعمليات مستهلكة للطاقة كالحركة وإطلاق الحرارة.


    ويتألف الاستقلاب من شطرين متكاملين: البناء anabolism والتقويض catabolism. والتقويض مُصدِر للطاقة، والبناءُ مستهلك لها.


    وفي حالة التوازن الغذائي يتناسب الوارد الغذائي مع الاستهلاك سواء أكان ذلك في الاستقلاب الأساسي والاستعمال للبناء أم لملء المدخرات الأساسية والتقويض. واختلال هذا التوازن مضر بالجسم، فإذا زاد الوارد حدث ما يسمى فرط التغذي الذي يتظاهر بزيادة الوزن والبدانة، وإذا نقص الوارد عن الاستهلاك نقصاً شديداً حدث ما يسمى بالمسغبة أو العوز البروتيني الحروري الذي يتظاهر سريرياً بنقص الوزن إضافة إلى أعراض أخرى.


    وقد يكون الغذاء كافياً عموماً لكن ينقصه إحدى المواد الخاصة أو بعضها كالفيتامينات فتظهر علامات نقص هذه المركبات. كما قد يكون الغذاء كافياً إجمالاً إلا أن تنوع مواده ومكوناته غير ملائم كزيادة وارد الشحميات على حساب البروتينات أو العكس فيختل نظام الغذاء.


    أما الطاقة الحيوية والتأكسدات الحيوية: [ر. الأكسدة والإرجاع] فهما من مجالات علم الطاقة الحيوية bioenergetic الذي يهتم بتبدلات الطاقة المرافقة للتفاعلات الحيوية. ولا يتم إطلاق الطاقة مباشرة في التفاعلات الحيوية، لأن هذا يؤدي إلى تحول الطاقة الكامنة فجأة إلى حرارة منتشرة تؤدي إلى إتلاف الخلايا.


    أما ما يتم في الخلايا الحية فهو سلسلة من تفاعلات حيوية تؤدي إلى تحرير الطاقة تدريجياً وعلى مراحل، فينطلق جزء من الطاقة في كل مرحلة من تلك المراحل على هيئة حرارة، ويعود جزء آخر منها ليتحول إلى طاقة كامنة ذات مستوى أخفض من الأول.


    وأما التأكسدات الحيوية فهي تفاعلات يتم عن طريقها تناقل الإلكترونات وإطلاق الطاقة، وتقترن الأكسدة الحيوية دوماً بالإرجاع الحيوي مع تبدل في محتوى الطاقة المنطلقة.


    ويسمى خسران الإلكترونات أكسدة واكتسابها إرجاعاً، وتترافق الأكسدة في المركبات العضوية بنزع الهدروجين. أما تخزين الطاقة الناتجة عن تفاعلات الأكسدة فيتم في مركبات ذات طاقة عالية كامنة أهمها الأدينوزين الثلاثي الفوسفاتadenosinetriphosphate (ATP) ليتم استخدامها فيما بعد في تفاعلات مستهلكة للطاقة، فيتحول الأدينوزين الثلاثي الفوسفات إلى الأدينوزين الثنائي الفوسفات adenosinediphosphate (ADP) مطلقاً الطاقة المختزنة في الرابطة الفوسفورية ذات الطاقة العالية. وتتم هذه التفاعلات ضمن الحبيبات الكوندرية metochondria وتؤدي الأكسدة الحيوية إلى إنتاج الطاقة وفق مايلي:


    يؤدي غرام واحد من السكريات أو البروتينات إلى إطلاق 4 كيلو كالوري، ويؤدي غرام واحد من الشحميات إلى إنتاج 9 كيلو كالوري.


    وفي تفاعلات الأكسدة الحيوية ضمن الخلايا تكوِّن العناصر الغذائية من سكريات وشحميات وغيرها «وقوداً» يغذي عمليات الأكسدة المستمرة المؤدية إلى تحرير الطاقة الكيمياوية من الأغذية وتخزينها في مستودعات خاصة مناسبة وجاهزة لاستعمالات الخلية هي الـ ATP الآنف الذكر، وتُعَدُّ العناصر الغذائية على هذا النحو الركيزة التي تتم عليها عمليات الأكسدة، فهي إذاً عناصر مُرجَعة تتم أكسدتها بإطلاقها إلالكترونات وشوارد الهدروجين عن طريق عدة وسائط ولذا تعد عناصر مانحة للإلكترونات. والأكسجين في الأكسدة الهوائية هو المتقبل (الآخذ) الختامي للإلكترونات والهدروجين.


    وأما الوسائط فهي جملة من الإنظيمات، وهي بروتينات متخصصة بتنظيم التفاعلات الكيمياوية وتسهيلها، تتفاعل فيما بينها ويترجح كل منها بين شكل مرجَع وشكل مؤكسَد مع إطلاق جزء من الطاقة.


    تصنيف الأغذية


    تقسم الأغذية بحسب تصنيفها الكيمياوي إلى مواد عضوية تشمل: البروتينات والسكريات والشحميات وغيرها ومواد لا عضوية: كالمعادن وأشباهها والفيتامينات.


    البروتينات: وهي مواد عضوية تتكون من كثيرات الببتيد polypeptide المؤلفة من حموض أمينية متتالية متصلة بروابط ببتيدية. والحموض الأمينية مركبات ذات زمرة أمينية NH2 وزمرة كربوكسيل COOH وفق الصيغة الإجمالية التالية:

    وفي الطبيعة عدد كبير من الحموض الأمينية، ولايسهم إلاعشرون منها في بناء البروتينات، وهي من النموذج المياسر ألفا Lα بحسب البنية الفراغية للجزيء. ومع أن الوظيفة الرئيسية للحموض الأمينية هي دخولها في تركيب البروتينات، فإن لبعض الحموض الأمينية ومشتقاتها وظائف مهمة حيوياً في دارات الاستقلاب وفي بناء بعض الهرمونات.


    وهكذا تتألف البروتينات من حموض أمينية تربطها روابط ببتيدية كالتالي:

    وتدخل البروتينات في تركيب الخلايا وبنائها ومكوناتها، وفي البُنى داخل الخلايا، وفي النواة والمكونات النووية والإنظيمات والخضاب والخضاب العضلي وبروتينات الدم.


    ويحتاج الإنسان إلى ثمانية أنواع من الحموض الأمينية التي لا يستطيع اصطناعها، وانطلاقاً منها يستطيع أن يصطنع باقي الحموض العشرين ومن ثم يصطنع البروتينات. ويحصل الإنسان على حاجته من الحموض الأمينية من مصادر نباتية وحيوانية، ولاتكفي النباتية وحدها لافتقارها إلى بعض الحموض. ولا يستفيد الجسم مباشرة من البروتينات الخارجية المصدر لبناء خلاياه بل لابد من أن تخضع هذه البروتينات لعمليات هضمٍ وتجزئةٍ وامتصاصٍ وتحللٍ إلى أجزاء صغيرة أو حموض أمينية ثم تدخل في دارات الاستقلاب، ويعاد بناؤها على شكل بروتينات مميزة للجسم أو تستهلك في الاستقلاب.


    والبروتينات مكون أساسي للغذاء. إذ يجب أن يحوي الغذاء المتوازن نسبة 35% من قيمته الحرورية من بروتينات. وتختلف القيمة الغذائية للطعام بمدى تحقيقه لهذه النسبة إضافة إلى قيمة هذه البروتينات وقابليتها للهضم والامتصاص والاستعمال في البناء الخلوي.


    وتختلف حاجة الإنسان اليومية من البروتينات باختلاف العمر والحالة الفيزيولوجية والمرضية والجهد الفيزيائي ووجود وارد كاف من الطاقة، وبحسب نوعية البروتين المقدم في التغذية. وتقدر هذه الحاجة عموماً بثلاثة أرباع الغرام لكل كيلو غرام واحد من وزن الإنسان البالغ، وتزيد على ذلك في الأطفال والحوامل والمرضى شريطة أن تكوِّن 35% من الوارد الحروري للغذاء، فإن نقصت عن ذلك حدثت الإصابة بالعوز البروتيني الحروري، أو السغل (الهزال) marasmus، أو الكواشيوركورkwashiorkor، أو العوز البروتيني الحروري الجزئي.


    فالعوز البروتيني الحروري هو نقص الوارد الغذائي من بروتينات أو من مواد تستخدم طاقة حرورية (سكريات، شحميات)، وغالباً مايشمل العوز النوعين معاً ويترافق هذا العوز بتأخر شديد في النمو وظهور اضطرابات مرضية التهابية وهضمية تزيد من شدة المشكلة.


    وأما السغل فينجم عن نقص شديد ومديد في الوارد من الحريرات إضافة إلى نقص في الوارد البروتيني. ويؤدي في الأطفال الصغار والرضع إلى تأخر شديد في النمو، ونقص كبير في الوزن، وضمور شديد في بنية العضلات، وغياب النسج الشحمية تحت الجلد ولاسيما في الوجنتين. ويتفاقم المرض بحدوث التهابات وأخماج مختلفة، وتكون شهوة الطعام موجودة وقوية. وعند اشتداد الأعراض تحدث نزوف وهبوط في درجة حرارة الجسم وجفاف الجلد والأغشية المخاطية. وأكثر مايشاهد هذا الداء في المناطق الجافة وفي أثناء المجاعات وخاصة في إفريقية والهند.


    وأما الكواشيوركور، وهي كلمة من لغة محلية في غانة وتعني مرضَ طفلٍ أُهمل عندما ولد طفل آخر، فهو داء يصيب الأطفال وينجم عن نقص الوارد البروتيني مع زيادة الوارد من النشويات والسكريات، وقد يكون بسبب الفقر أو الجهل. ويتظاهر بزيادة الوزن ووجود وذمات وضمور في العضلات، وتبدلات مَرَضية في الجلد والشعر، وضخامة الكبد، وفقر الدم، ونقص ألبومين الدم. وتكون شهوة الطعام ضعيفة، ويرافق المرضَ تخلفٌ عقلي.


    وأما العوز البروتيني الحروري الجزئي فهو أكثر حدوثاً من النوعين السابقين الواضحين من العوز وهو يصيب أكثر من 50% من أطفال الدول النامية قبل سن السابعة من العمر.


    السكريات: وهي مواد عضوية مكونة أساساً من الكربون والهدروجين والأكسجين وصيغتها العامة:
    وبحسب عدد ذرات الكربون في الجزيء تسمى هذه السكريات سكريات ثلاثية trioses أو رباعية tetroses أو خماسيةpentoses أو سداسية hexoses وتقسم السكريات أيضاً إلى سكريات بسيطة مؤلفة من جزيء واحد وسكريات ثنائية مؤلفة من جزيئين من السكريات البسيطة، وسكريات مركبة أو متعددة مؤلفة من عدد كبير من الجزيئات السكرية المتبلمرة بشكل سلاسل متفرعة أو غير متفرعة. والسكريات مهمة للخلايا الحية، فهي الشكل الأساسي للغذاء المولد للطاقة أو المدَّخِر لها، إضافة إلى دورها في مراحل كثيرة من الاستقلاب أو لدخولها في تركيب مواد ومستقلبات ضرورية أو لمشاركتها في بنية بعض الأجزاء والمكونات الخلوية.


    ومن السكريات المهمة الغليسرألدهيد وهو سكر ثلاثي يحوي زمرة ألدهيد، والريبوز وهو سكر خماسي يدخل في تركيب الرناRNA (الحمض النووي الريبي)، والريبوز منقوص الأكسجين وهو سكر خماسي يدخل في تركيب الدنا DNA، والغلوكوز وهو سكر سداسي والشكل الأساسي للسكريات في الدم، والغليكوجين وهو متعدد السكر ويؤلف الشكل الادخاري في الحيوانات، والنشاء، وهو متعدد السكريات يكوِّن أهم نموذج للادخار في الخلايا النباتية، والسليلوز، وهو أيضاً متعدد السكر، يسهم في بنية هيكل الخلايا النباتية.


    وهنالك مواد تتألف من جزء سكري وجزء لا سكري مثل متعددات السكريد المخاطية والكبريتات المخاطية كالهبارين المميع للدم والغالكتوزأمين الموجود في الغضاريف.


    تستقلب السكريات في الخلية عن طريق دارة كريبس (دارة حمض الليمون) إذ يؤدي الاستقلاب إما إلى إطلاق الطاقة الكامنة في السكريات لتدخر بشكل وحدات من الطاقة الجاهزة للاستعمال في الروابط الفوسفورية العالية الطاقة كمركب الأدينوزين الثلاثي الفوسفات أو يؤدي الاستقلاب إلى تشكل مركب مهم هو أستيل التميم acetyl-co A:A وهو نقطة الالتقاء في استقلاب السكريات والبروتينات والشحميات.


    وتتم المراحل المهمة لهذا الاستقلاب في الحبيبات الكوندرية. والسكريات متوافرة في الطبيعة، ويجب أن يحوي الغذاء المتوازن مايعادل 50% من قيمته الحرورية سكريات، وفي حال نقص هذه النسبة تقوم الخلية باستهلاك مخزون السكريات في الجسم كالغليكوجين، أو تقوم باستحداث السكر من مركبات لاسكرية كالبروتينات والشحميات.


    وهنالك وظيفة ثالثة مهمة لبعض السكريات وهي أنها تكوّن الألياف (السليلوز) وهي مكونات أساسية في الغذاء الأمثل لتسهيل عمل الجهاز الهضمي.


    الشحميات: وهي مواد غير ذوّابة في الماء تتألف من استرات الحموض الدسمة. والحموض الدسمة مواد هدروكربونية ذات سلاسل مستقيمة مختلفة الطول تشدها روابط كيمياوية مشبعة أو غير مشبعة والصيغة الإجمالية للحموض الدسمة المشبعة هي:


    CnH2n+1COOH


    أما الصيغة الإجمالية للحموض الدسمة اللامشبعة فهي:


    CnH2n –(2K -1)
    حيث n عدد ذرات الكربون


    K عدد الروابط اللامشبعة


    وتدعى الحموض الدسمة الحاوية على أكثر من رباط لامشبع واحد الحموض الدسمة الضرورية أو الأساسية، لأن خلايا الحيوانات لا تستطيع بناءها ولابد لها من الحصول عليها من النباتات، ولذا لابد من أن يحوي غذاء الإنسان الحموض الدسمة التي تحوي رباطين لا مشبعين أو أكثر، والمواد الدسمة مكوِّن مهم من مكونات الغذاء وهي أهم أنواع الادخار.


    وتُختزن في الشحميات كميات كبيرة من الطاقة الكامنة. كما يولّد استقلاب الشحميات طاقة كبيرة.


    كذلك تدخل الشحميات في بنية الأغشية الخلوية وأغشية الجسيمات داخل الخلايا. وهنالك عدد من الهرمونات تشتق من المواد الدسمة كالهرمونات القشرية الستيروئيدية التي تفرزها الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية والهرمونات الجنسية الذكرية والأنثية. ومن المواد الدسمة المهمة الكولسترول ومشتقاته، كما أن البروستاغلاندينات [ر] (المواد الغدية البروستاتية) تشتق من الحموض الدسمة اللامشبعة، وهي حاثات (هرمونات) تراقب تقلص العضلات الملس، والإفرازات الغدية، وارتشاف الماء ثانيةً، والمتحللات بالكهرباء (إلكتروليت)، والنقل العصبي، وتَجمّع الصفيحات الدموية.


    ولكل ما تقدم لابد من أن يحوي الغذاء المواد الدسمة، والنسبة المثلى هي مايكافئ 15% من القيمة الحرورية للغذاء، ولابد من أن يكوّن المصدر النباتي جزءاً مهماً منها.


    وللشحميات أهمية إمراضية شديدة عند زيادتها أو نقصها. وزيادتها أكثر أهمية، وتتظاهر بالبدانة أو بفرط شحوم الدم أو فرط كولسترول الدم، وهي المشكلة الطبية التي تؤدي إلى تطور سريع لتصلب الشرايين، وتعد من أهم عوامل الخطورة في أمراض القلب والأوعية. أما نقص الشحميات فهو أكثر ندرة وأقل خطورة إذ إن الجسم يستطيع أن يكوّن الشحميات والكولسترول من استقلاب المواد السكرية.


    ومن أبرز حالات نقص الشحميات نقصان حمض زيت الكتان linoleic acid ذي الرابطتين اللامشبعتين، أو نقصان الحموض الدسمة ذوات الروابط اللامشبعة الثلاث أو الأربع ومصدر هذه المواد الوحيد هو الشحميات النباتية. ويؤدي نقص هذه الشحميات في الطفولة إلى اضطرابات في وظيفة الحس وفي المشي وتشويش في الرؤية، وتزول هذه الاضطرابات بإضافة حمض زيت الكتان «اللامشبع» إلى الطعام. أما نقص حمض زيت الكتان فيؤدي إلى التهابات جلدية وتساقط الأشعار وتأخر الاندمال. ويوصى اليوم بأن لاتقل نسبة الحموض الدسمة اللامشبعة في الطعام عن 2% من طاقة الطعام الإجمالية.


    وكما ذكر فإن البدانة [ر. السمنة] وفرط شحميات الدم hyperlipidemia هما أهم نتائج زيادة الوارد من الشحميات أو من السكريات، أو بالإجمال من زيادة الوارد الحروري.


    وفرط شحميات الدم هو اضطراب شائع متعدد الأسباب ترافقه زيادة مستويات الكولسترول أو الشحميات الثلاثية في المصل أو زيادتها معاً، وللداء عدة نماذج بحسب المادة الدسمة التي ترتفع مستوياتها (الشحميات الثلاثية ـ البروتينات الشحمية ـ الكولسترول ـ البروتينات الشحمية بيتا وغير ذلك) ويرافق معظمهَا إصابة الأوعية بالتصلب العصيدي.


    يعالج فرط شحميات الدم باتباع حميات خاصة وبخافضات شحوم الدم المختلفة بحسب نموذجها، وتبقى الحمية الناقصة الحريرات والجهد الفيزيائي الوسيلتين الأساسيتين لعلاج مشكلتي البدانة وفرط شحميات الدم وتأتي فائدة الأدْوية في المرتبة الثانية.


    المعادن وأشباه المعادن: يدخل في تركيب الجسم عدد كبير من المعادن. بل إن المعادن المعروفة كلها موجودة ولو بنسب ضئيلة في الجسم، وهي تقسم بحسب حاجة الجسم اليومية إلى عناصر معدنية رئيسة وعناصر معدنية زهيدة تقل حاجة الإنسان اليومية إليها عن 100 ملغ/ يوم وتصعب معرفة الوظائف الكاملة لهذه المعادن حتى إن بعضها لا تُعرف وظيفته أساساً، مع وجوده. ويتعلق امتصاص المعادن الموجودة في الغذاء بمكونات الغذاء الأخرى كالبروتينات والفيتامينات، كما يتوقف على التركيب الكيمياوي للمعدن (شوارد أو أملاح مختلفة). وامتصاص بعض المعادن مرهون بوجود مركبات حاملة خاصة به كالحديد والنحاس في حين ينتقل غيرها مرتبطاً بالألبومين.


    أـ المعادن الرئيسة: وتشتمل على مايلي:


    ـ الكلسيوم: وهو أكثر المعادن وجوداً في جسم الإنسان إذ يحوي جسم الكهل وسطياً 1200غ من الكلسيوم، ويدخل 99% من هذا المقدار في بنية العظام، كما تحوي سوائل الجسم نحو 10غ من الكلسيوم. ولهذا المقدار على ضآلته أهمية قصوى في استقلاب الكلسيوم وفي تنظيم الكثير من العمليات الحيوية في الخلايا وفي تنظيم الاستقلاب والتفاعلات الكيمياوية وفي التبدلات المستمرة للكلسيوم الموجود في العظام. ويبلغ تركيز كلسيوم المصورة المثالي 9 ـ 11ملغ/100مل ويتعلق امتصاصه وتحركه واستقلابه واطّراحه بعوامل عدة أهمها مشتقات الفيتامين د(دال) وحاثة الغدة المجاورة الدرقية parathyroidالتي ترفع كلسيوم الدم، والكالسيتونين calcitonin وهي حاثة تفرزها الغدة الدرقية فتخفض كلسيوم الدم، كما يتعلق امتصاص الكلسيوم كذلك بوظيفة الكلية ومستوى الفوسفور، ويؤدي نقص كلسيوم الدم إلى التكزز tetany، وحدوث تبدلات في وظيفة العضلات والأعصاب. وفي حال اشتداد العوز إلى الكلس يحدث نقص في تكلس العظام (تلين العظام osteomalacia) وتراوح الحاجة اليومية الوسطية من الكلسيوم بين 800 ـ 1200ملغ، وهو يوجد في الحليب ومشتقاته وفي الخضراوات.


    ـ الفوسفور: يحوي الجسم نحو 600-700غ من الفوسفور، وهو يدخل في بنية العظام والخلايا والبنى داخل الخلية، كما أن أنواعه العضوية موجودة في المكونات النووية، ويبلغ تركيزه في المصل نحو 3.5ملغ/100مل. وللفوسفور علاقة شديدة باستقلاب الكلسيوم وامتصاصه واطراحه، وتبلغ الحاجة اليومية منه نحو غرام واحد ويؤدي نقص الفوسفور إلى تلين العظام وشذوذ في كريات الدم الحمر والبيض والصفيحات الدموية وتبدل في وظيفة الكبد. وإذا نقص اطراح الفوسفور فإنه يتراكم في الجسم كما هو الحال في قصور الكلية.


    ـ المغنزيوم: وهو شاردة مهمة في الاستقلاب والتفاعلات الكيمياوية التي تتطلب وجود الأدينوزين الثلاثي الفوسفات ATPكما أنه يتدخل في الوظائف العصبية والعضلية.


    والمغنزيوم متوافر في الطعام بكميات كافية وأهم مصادره الخضراوات، ويحوي جسم الإنسان 25غ من المغنزيوم، أما الحاجة الوسطية اليومية منه فهي 300 - 400ملغ. وينقص المغنزيوم في سوء الامتصاص وفي الإسهالات، ويتراكم في القصور الكلوي.


    ـ الصوديوم: هو الشاردة الإيجابية الأساسية في السوائل خارج الخلايا، ويرتبط توازنه بالكلور والبوتاسيوم والبيكربونات، وبالتوازن القلوي ـ الحامضي، وله شأن كبير في ضبط الحلولية والأسمولية osmolarity وضغط الدم ومصدره الأساسي ملح الطعام.


    يحوي الطعام العادي 5 -10غ من كلور الصوديوم بحسب العادات، والحاجة الحقيقية من الصوديوم أقل من ذلك بكثير، إذ يطرح الجسم 95% من هذا الوارد الزائد في البول. وترتبط تأثيرات نقصه وزيادته بتوازن الماء. إذ يزداد الماء الموجود في الجسم مع زيادة الصوديوم مؤدياً إلى الوذمة، أو ينقصان معاً مما يؤدي إلى التجفاف.


    ـ البوتاسيوم: وهو الشاردة الإيجابية الأساسية داخل الخلايا. وله وظيفة في كهربائية الخلايا (حالة زوال الاستقطابdepolarization) وهو موجود في معظم الأطعمة النباتية والحيوانية، وتتدخل في توازن البوتاسيوم شواردُ الدم الأخرى والتوازن الحامضي ـ الأساسي وبعض الهرمونات كالألدسترون، وأما الحاجة اليومية اللازمة لتعويض مايفقد منه فتبلغ 160ملغ تقريباً، ويؤدي نقص البوتاسيوم إلى ضعف عقلي واضطراب خطير في نظم القلب كما يحدث في المجاعات أو عند الإسهال أو عند استعمال المدرات، كما تؤدي زيادة البوتاسيوم بسبب تراكمه في القصور الكلوي إلى اضطراب خطير أيضاً في نظم القلب.


    ب ـ العناصر المعدنية الزهيدة: وهي كثيرة جداً وأكبرها شأناً أو التي يعرف تأثيرها الحيوي أو مظاهر عوزها هي ما يلي:


    ـ الحديد: يحوي جسم الإنسان البالغ المعتدل 3ـ4 غرامات من الحديد ووظيفته الرئيسة نقل الأكسجين بوساطة خضابالدم إلى الأنسجة حيث تكون شوارد الحديد المركز الفعال في الخضاب. وللحديد وظائف أخرى أيضاً فهو يدخل في تركيب الكثير من أنظيمات الأكسدة كالسيتوكرومات. وينقل الحديد في المصل على شكل مركب هو الترانسفرين ويدخر على شكل هيموسيدرين وفِرّيتين ferritin. وإن 70% من حديد الجسم موجود في الخضاب.


    يوجد الحديد في الأغذية الحيوانية، ولاسيما اللحوم الحمراء والكبد والطحال، كما يوجد في النباتات الخضراء وخاصة البقدونس، ويحوي القوت المعتدل اليومي على 10-20 ملغ من الحديد، وتختلف حاجة الجسم اليومية للحديد، فهي لا تتجاوز 1ملغ في الرجل، وتبلغ أضعاف ذلك لدى المرأة بسبب الضياع (الطمث) أو زيادة الحاجة (الحمل والإرضاع).


    ونقص الحديد في الوارد الغذائي قليل الحدوث، ولكن ما يحدث غالباً هو نقص حديد الجسم، ومن ثم فقر الدم، بسبب الضياع الدموي (الطمث والنزف الهضمي الخفي) وغير ذلك أو بسبب سوء الامتصاص.


    وهنالك آلية في الجدار المعوي تنظم امتصاص الحديد بحسب الحاجة، وإذا ما اختلت هذه الآلية يمكن أن يتراكم الحديد في الجسم ويبقى معدل امتصاصه مرتفعاً فيظهر مرض يسمى الصُباغ الدموي hemochromatosis ويصل مقدار حديد الجسم فيه إلى نحو 40غراماً، وقد يتوضع هذا الحديد في الكبد أو المعثكلة (البنكرياس) أو الجلد أو نسج القلب مؤدياً إلى إصابات في هذه الأعضاء.


    ـ اليود: يحوي الجسم نحو 50ملغ من اليود، وتبلغ الحاجة اليومية منه 150-200 ميكروغرام، وترتبط وظيفته الأساسية بتركيب الهرمونات الدرقية التي تتكون من جزيئات من التيروزين ومن اليود، ويؤدي نقص اليود إلى تضخم في الغدة الدرقية مع قصور في وظيفتها، ويحدث نقصه في المناطق التي تكون المياه فيها فقيرة إلى اليود وتقوم بعض الدول بإضافته إلى الخبز أو ملح الطعام لتفادي هذا العوز.


    ـ النحاس: يحوي الجسم نحو 10ملغ من النحاس ويتركز في الجسم تركزاً رئيسياً ضمن بروتين سكري هو السيرولوبلازمين ceruloplasmin. ودوره الرئيس تحويل Fe++ إلى Fe+++ كما أن النحاس يدخل في تركيب بعض الإنظيمات.


    يختل امتصاص النحاس في متلازمة منك Menkes' syndrome التي يرافق فيها نقص النحاس تنكس مخي degeneration، كما يتراكم النحاس في الجسم بسبب اضطراب اتحاد النحاس بالسيرولوبلازمين في داء ويلسون.


    ـ المنغنيز: شوارد المنغنيز Mg++ ضرورية لتنشيط إنظيمات اصطناع السكريات والبروتينات السكرية، وتوجد هذه الشوارد بكمية كبيرة في الحبيبات الكوندرية، ويؤدي نقصها إلى بطء عمليات اصطناع سلاسل السكريات.


    وتكثر شوارد المنغنيز في الحبوب غير المقشرة والجوز والبندق والشاي.


    ـ الزنك (التوتياء): يدخل الزنك في تركيب عدد من الإنظيمات ويؤدي نقصه إلى سوء النمو واضطرابات جلدية وعينية وهضمية... ويسمى المرض الناجم عن عوز التوتياء أو اضطراب امتصاصه التهاب جلد الأطراف الاعتلالي المعويacroderma titis-enteropathica، ويوجد الزنك خاصة في الأغذية الحيوانية المنشأ.


    ـ السيلينيوم: ويكون "تميماً" لبعض الإنظيمات المضادة للتأكسد. ويشاهد نقصه في بعض مناطق الصين ذوات التربة الفقيرة إلى السيلينيوم ويؤدي إلى قصور القلب.


    ـ الكوبالت: عنصر ضروري لحياة الخلايا وخاصة لتكوين الدم، ويدخل في تركيب الفيتامين B12 أوالسيانوكوبالامينcyanocobalamin e.


    ـ الكروم: وله شأن مهم في تنشيط وظيفة الأنسولين الاستقلابية وفي استقلاب الشحوم وهو متوافر في معظم الحبوب، كما أن استعمال الأواني الحاوية على الكروم stainless steel يزيد من وارده الغذائي. والحاجة اليومية منه 25-50ملغ.


    ـ الفلور: له أهمية في بنية الأسنان ومقاومتها للنخر عند الأطفال ويوجد في الأغذية البحرية وقد يضاف في بعض الدول إلى ماء الشرب ويفضل أن لا يقل الوارد منه عن 0.25 ملغ عند الأطفال تحت عمر 4 سنوات. يؤدي نقص الفلور إلى تخرب ميناء الأسنان وتؤدي زيادته إلى تبدلات عظمية.


    ـ المولِبْدن: له شأن في تركيب خميرة الكزانتين أوكسيداز والحاجة اليومية منه 140ملغ تقريباً.


    وما يزال وجود عدد من المعادن الأخرى في جسم الإنسان بكميات زهيدة قيد البحث لمعرفة أهميتها ووجود وظيفة استقلابية لها أو أن وجودها عابر ناجم عن توافرها في البيئة والغذاء. وقد أدى تطور نظم حياة الإنسان والتلوثات التي تلحق البيئة واستعمال أنواع جديدة من المعادن في الاستخدام المنزلي أو المهني إلى ظهور عناصر معدنية زهيدة أخرى في جسم الإنسان لا يعرف بعد مدى تأثيرها في الجسم.


    ج ـ الفيتامينات: هي جملة مواد كيمياوية ترجع إلى عدد كبير من الزمر الكيمياوية ولايتم الاستقلاب السوي إلا بوجودها، والكميات المطلوبة من الفيتامينات للجسم قليلة المقدار عادة، ولايستطيع الجسم اصطناعها، في حين يؤدي نقص كل فيتامين إلى أعراض ومظاهر خاصة تزول بإعطاء هذا الفيتامين [ر. الفيتامينات].


    الحمية وتنظيم الغذاء


    اعتاد الناس قديماً على أن الحمية رأس كل دواء، وقرنوا بين التغذية غير المناسبة وعدد من الأمراض، وقد استقرت هذه القاعدة واتسع معناها وأصبح يشمل المريض والصحيح، فلا ينبغي أن يكون الغذاء تبعاً للرغبة وانقياداً للمتعة بلا ضوابط، وأصبح موضوع الوقاية من بعض الأمراض بالحمية فضلاً عن علاجها بها أمراً معلوماً للجميع، لذا ظهرت آراء ووضعت جداول كثيرة تتعلق بالتغذية وتنظيم الحمية، يهتم بعضها بالتركيب الكيمياوي للأغذية البسيطة أو المركبة، وبعضها يهتم بالطاقة الموجودة في الأغذية، في حين يهتم بعضها الآخر بالبحث عن المصادر الغنية لبعض المغذيات المهمة كالفيتاميناتوالعناصر الزهيدة.


    ولابد من التأكد أن الحمية لا تعني التقيّد بغذاء معين أو منعه، بل هي تنظيمُ الوارد الغذائي وفق الحاجة [ر. السِمْنة]. وفيما يلي جدول يبين مكونات المواد الغذائية الأساسية من العناصر المختلفة:



    أحمد تقي الدين

  3. #503
    الإغماء

    الإغماء أو الغشي syncope عرض شائع يفقد فيه الشخص وعيه لمدة قصيرة يتهاوى فيها إلى الأرض، وما إن يتمدد مستلقياً حتى يصحو. ويصاب بالإغماء نحو 25% من البالغين الأصحاء، ويجب أن يفرق الإغماء عن اضطرابات الوعي العابرة الأخرى كالصرع epilepsy والسكتات العابرة والدوار vertigo.
    الآلية الإمراضية
    ينتج الإغماء من نقص مفاجئ في دوران الدم الدماغي. وعلى عكس الاعتقاد الشعبي، قلما ينجم الإغماء عن مرض قلبي، وإنما ينتج غالباً من توسع الأوعية المحيطية الانعكاسي (الوهط الوعائي) الذي يؤدي إلى تجمع الدم في عضلات الطرفين السفليين والجذع، فيقل بذلك العود الوريدي وينقص نتاج القلب ويهبط الضغط الشرياني، فينقص وصول الدم إلى الدماغ ويحدث الإغماء. وهذا إضافة إلى عوامل أخرى انعكاسية عصبية تؤدي إثارتها إلى توقف عابر في القلب ستذكر في سياق البحث.
    إغماء الوَهَط الوعائي الانعكاسي بتنبه العصب المبهم: وهو الإغماء الشائع الذي يعانيه الأشخاص الأسوياء كلما تعرضوا لاستثارة انفعالية مفاجئة كالخوف والألم والقلق والخمود والتقزز. ومن أسبابه الغالبة مشاهدة حادث عنيف أو منظر مخيف، كرؤية الدم النازف من جرح أو من إبرة وريدية، أو مشهد مقزز، أو سماع خبر مرعب ومؤثر. ويؤهب لهذا الإغماء الجو الحار المغلق والجوع والوقوف المديد.
    يحدث إغماء الوهط collapse الدوراني دوماً والشخص واقف أو جالس ولا يحدث أبداً والشخص مستلق، ويشعر قبيل الإغماء بأنه «ليس على ما يرام» وأنه مصاب بالدوار تميد به الأرض وتهتز حوله الأشياء وتتراقص أمام عينيه بقع وسمادير (ذبابات طائرة). ويشحب وجهه ويغشى بصره ويشعر بطنين في أذنيه كما يشعر بالغثيان، ويغطي جسده عرق بارد، وترتخي عضلاته ويتداعى إلى الأرض ببطء يسمح له باتقاء الأذى عند سقوطه على عكس النوبَة الصرعية، ويفقد الوعي لثوان أو دقائق وأحياناً أكثر. وإذا طال الإغماء ظهرت بعض النفضات العضلية في الوجه والأطراف، ولكن المصرتين sphincters لا تنفلتان.
    يكون النبض في أثناء هجمة الإغماء ضعيفاً أو معدوماً وضغط الدم منخفضاً والتنفس بطيئاً وخافتاً، ويبدو الشخص بشحوبه ولونه الترابي واتساع حدقتيه ونقص وظائفه الحياتية كالميت. ولكنه حالما يستلقي أفقياً على الأرض تزول مقاومة الجاذبية للدوران الصاعد إلى الرأس فيندفع الدم إلى الدماغ فيقوى النبض ويرتفع الضغط ويرتد لون الوجه ويصبح التنفس أسرع وأعمق ويعود الوعي سريعاً ويبدأ المريض بإدراك ما يجري حوله ولكنه يبقى ضعيفاً رخو العضلات لمدة قصيرة إذا حاول في أثنائها النهوض عاوده الإغماء.
    إن إنذار هجمة اشتداد العصب المبهم سليم. ويكفي لمعالجتها استلقاء الشخص مستوياً على الأرض ورفع ساقيه على وسادة، والتنبيه السطحي برش وجهه ورأسه بالماء البارد، وإنشاقه روح الأمونيوم أو غيره من العطور النفاذة. وعلى الشخص الذي لديه استعداد للإغماء تحاشي المناظر المخيفة، وتجنب الجوع والأماكن الحارة المغلقة الفاسدة الهواء.
    إغماء هبوط التوتر القيامي أو إغماء الوضعة: يصيب هذا النوع من الإغماء المصابين بقصور مزمن في المنعكسات الوعائية الحركية. ولا تختلف نوبة الإغماء فيه عن إغماء الوهط الوعائي إلا بحدوثها في النهوض السريع من وضعية الاستلقاء إلى وضعية القيام. ويحدث في قصور الجملة العصبية المستقلة s.n.autonomicum المزمن، وفي اعتلال أعصاب الجملة المستقلة المرافق لاعتلال الأعصاب، ولاسيما السكري منها. كما يحدث بعد قطع الودي sympathic الواسع وفي المعالجة بمحصرات blocking الودي أو شالاّت العقد أو المركِّنات sedatives أو مضادات الخمود. ويحدث أيضاً في الناقهين من مرض مضن طويل مقعد ولاسيما في المسنين منهم.
    وتكون المعالجة في هذا النوع من الإغماء بأن يوصى الشخص بألا ينهض فجأة من وضعية الاستلقاء، وأن يحرك ساقيه قليلاً قبل النهوض ثم يجلس قليلاً على حافة السرير، فإذا لم يشعر بخفة الرأس أو بدوار يمكنه عندئذ أن يقف ويمشي. ويفيد فيه المشد والجوارب المطاطية كما يمكن أن يستفيد من المركبات الافدرينية والقشرية إذا لم يكن هنالك موانع.
    إغماء التبول: ويصاب به المسنون عندما ينهضون ليلاً للتبول، والذين يتبولون وهم وقوف. وهو نوع من أنواع إغماء الوضعة. وقد يكون لمنعكسات التقبض الوعائي الآتية من المثانة دور فيه. ويكون فقد الوعي فيه قصيراً ولا يتلوه تخليطconfusion أو ضعف عضلي. ويحدث هذا الإغماء أحياناً عقب قثطرة المثانة واستخراج كمية كبيرة من البول في انحباسات البول.
    إغماء السعال: ويحدث في نوبات السعال القوي الفجائي عند المصابين بأمراض رئوية أو قصبية مزمنة. ويصيب الرجال ويندر في النساء ويحدث في الأطفال المصابين بالشاهوق pertussis. كما يحدث عقب نوبات البكاء الشديد عند الأطفال فيصابون بإغماء قصير الأمد، وقد يزْرقّ فيه الطفل ويغيب حتى ليظن أنه مصاب بالصرع، ويحدث إغماء يشبه إغماء السعال بعد الضحك الشديد عند بعض الأشخاص. تنجم كل هذه الأنواع من الإغماء عن ارتفاع الضغط داخل الصدر وتأخر العود الوريدي.
    إغماء الجيب السباتي: ويحدث أحياناً بلمس منطقة الجيب السباتي carotide أو تمسيدها. كما قد يحدث حين دوران الرأس للجانب أو بضغط ياقة القميص الصلبة الضيقة. يؤدي لمس الجيب السباتي إلى بطء انعكاسي في القلب وهبوط في الضغطالشرياني وإلى إغماء لا تسبقه بوادر كالشحوب والتعرق والغثيان.
    إغماء توقف القلب الانعكاسي: يحدث هذا النوع من الإغماء من دون مرض ظاهر في القلب، وإنما يحدث بامتلاء رتج مريئي بالطعام أو بنفخ بالون في المري مما يؤدي إلى تنبه العصب المبهم فيسبب إحصاراً أذينياً بطينياً. ويحدث ذلك أيضاً بالشد على العفج أو الجنب أو القصبات، ولذا يمكن أن يحدث في أثناء بزل الجنب أو تنظير القصبات أو ألم العصب البلعومي اللساني.
    الإغماء من منشأ قلبي: وينشأ عن نقص فجائي في نتاج output القلب ويحدث بصورة خاصة في اللانظميات كتسرع القلب فوق 150 في الدقيقة وبطئه دون 40ـ 35 ضربة في الدقيقة مما يخل بدوران الدماغ ووظائفه (متلازمة ستوكس ـ أدامس).
    ويعدّ الإحصار الأذيني ـ البطيني التام أكثر اللانظميات إحداثاً للإغماء. ويتصف بضعف عضلي يعقبه فقد وعي فجائي.ويحدث في أي وقت من الليل أو النهار سواء كان المريض جالساً أو مستلقياً. ويعالج عرضياً بالأتروبين ولكن العلاج الأساسي فيه وضع ناظمة للقلب pacemaker.
    يحدث الإغماء القلبي أيضاً في احتشاء العضلة القلبية الواسع الحاد ولاسيما المترافق بصدمة. وقد يشارك في إحداثه الخوف والألم واللانظمية.
    ويهيّىء تضيق الأبهر للغشي الجهدي بإنقاصه نتاج القلب ويحدث حين المشي أو الجهد، وعلاجه تحاشي الجهد والمعالجة الجراحية.
    الإغماء الهُرَاعي (الهستريائي): وهو كثير المصادفة ويصيب الشابات المصابات باضطرابات انفعالية خاصة، ولا يحدث إلا بوجود متفرجين تسقط فيه المريضة برشاقة وعلى نحو درامي، كما كان يشاهد في مخادع النساء في العصر السابق، أو الإغماء المشاهد اليوم على نحو جماعي عند مشاهدة نجوم السينما أو التلفزيون المحببين عندهنّ. لا يتغير في الإغماء الهراعي لون المريضة ولا نبضها ولا ضغطها. ويدوم هذا الإغماء دقائق وأحياناً ساعة أو أكثر.
    فيصل الصباغ

  4. #504
    الإفرنجي

    الإفرنجي أو السفلس syphilis مرض خمجي مديد السير، يصيب الجلد وسائر الأعضاء، ينجم عن عامل نوعي هو «اللولبية الشاحبة» Treponema pallidum، وهو مُعدٍ، وتنتقل عدواه غالباً بالاتصالات الجنسية.
    انتشرت جائحات الإفرنجي في القرن الخامس عشر الميلادي في أوربة وسمّي بالسفْلس، وقد أشار إليه الأطباء العرب يومئذ فذكره داود الأنطاكي (المتوفى عام 1008هـ/ 1599م) في تذكرته ودعاه «الحبّ الإفرنجي».
    ومايزال الإفرنجي منتشراً في معظم بقاع العالم، وماتزال الجهود العالمية والمحلية تبذل في مكافحته، ولا يوجد إحصاء دقيق متاح لحوادثه في الوطن العربي، وقد بلغت حوادثه المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981 نحو 799، 72 حادثة. يعدّ الإفرنجي في طليعة الأمراض الزهرية التي أصبحت تدعى حديثاً «الأمراض المنتقلة جنسياً»، ولا ينافسه من أمراضها في إثارة الرهبة والهلع سوى «متلازمة عوز المناعة المكتسب» [ر] (الإيدز).
    تحدث العدوى بالإفرنجي في معظم الحالات بالاتصالات الجنسية بشتى أشكالها، ولا بدّ من الإشارة إلى شيوع اللواطة (الجنسية المثلية) في العقدين الأخيرين وأثرها في نشر الداء الإفرنجي بين الذكور. وقد تحدث العدوى بطرق غير جنسية، كنقلالدم وتلوث الجلد المتسحج (المتقشر)، ويطلق على الإصابة الإفرنجية بالطرق السابقة اسم «الإفرنجي المكتسب».
    وقد تنتقل الإصابة من أم حامل مصابة بالإفرنجي المكتسب إلى جنينها، ويأتي الطفل مصاباً «بالإفرنجي الولادي».
    العامل الممرض ومسيرة الإفرنجي
    العامل الممرض: هو «اللولبية الشاحبة»، من زمرة اللولبيات، وهي لولبية دقيقة تبلغ مابين 5-20 مكرومتر (مكرون) طولاً، و0.1-0.2 مكرومتر عرضاً، ويراوح عدد التواءاتها مابين 4 و14 التواءً، وتبدي بنيتها المستدقة بالمجهر الإلكترونيأسطوانة وليفاً محورياً وغشاءً خارجياً وتحوي حبيبات وسياطاً جانبية. وهي ذات حركة بطيئة إلا أنها مستمرة وعلى ثلاثة أنماط: حركة دورانية حول محورها، وحركة التوائية على جانبيها، وحركة تقدمية طولية. وهي تتكاثر «بالانشطار»، وقد أخفق زرع اللولبية الشاحبة في الزجاج.
    مسيرة الإفرنجي: يتميز الإفرنجي بسير مديد يعدّ بالسنوات إذا لم يعالج، تتخلله سورات للداء وهدآت، وقد يتوقف لذاته أحياناً.
    تبلغ «مدة الحضانة» في الإفرنجي ـ وهي مابين بدء العدوى وظهور أول عرض مرئي ـ وسطياً ثلاثة أسابيع، وقد تقلّ عن ذلك أو تزيد (من 9 إلى 90 يوماً). وقد وضع التصنيف التالي تسهيلاً للإحاطة بمراحل داء الإفرنجي وسير الإصابة:
    أ ـ الإفرنجي الباكر: ومدّته دون السنتين، وتظاهراته الرئيسة آفات جلدية. وتشمل مراحله بالتتابع ما يلي: الإفرنجي الأولي ـ وفيه القَرْح ويظهر بعد ثلاثة أسابيع ثم يغيب. والإفرنجي الثانوي ـ وفيه الطفحات الإفرنجية المنتشرة، وتظهر بعد تسعة أسابيع من العدوى، وتدوم بضعة أشهر. والإفرنجي الكامن الباكرـ وتزول فيه جميع الأعراض الظاهرة.
    ب ـ الإفرنجي الآجل أو المتأخر: ويتلو الإفرنجي الباكر وقد يمتد سنين عدة. وهو يشمل الإفرنجي الكامن الآجل، وهو امتداد للإفرنجي الكامن الباكر والإفرنجي الثالثي، ويتميز بتوضع الإصابة الإفرنجية في أحد الأعضاء كالجلد وجهاز الدوران والجهاز العصبي، وبأن هذه الإصابات عادة غير معدية.
    المظاهر السريرية
    عُرف الإفرنجي «بالمقلِّد الأكبر» لكثرة أعراضه ومشابهتها لكثير من الأعراض الجلدية والحشوية. وفيما يلي الأعراض الرئيسة وتشخيصها التفريقي بحسب المراحل المذكورة آنفاً.
    طفحات إفرنجية في الساقين
    الإفرنجي الأولي: وفيه عرضان أساسيان: القرح، وضخامة العقد اللمفية. أما القرح الإفرنجي فيبدو بشكل لطخة احمرارية مرتشحة مستديرة، سطحها متسحج، ويتميز بالصلابة (القرح الصلب) وبأنه غير مؤلم، يظهر في النواحي التناسلية غالباً (90% من الحالات)، تليها الناحية الشرجية فالناحية الفموية فالنواحي الأخرى، وقد يتوضع القرْح في مكان خفي كعنقالرحم أو باطن الشرج. يبقى القرح بضعة أسابيع ثم يأخذ بالزوال. وينبغي في التشخيص التفريقي للقرح أن يفرق عن: الحلأ التناسلي الناجم عن فيروسات الحلأ herpes والقروح الأخرى كالقُريح الذي تسببه مستدميات دوكري Ducrey والقروح الرضحية traumatic والجرب[ر].
    وأما ضخامة العقد اللمفية المرافقة للقرح فتتوضع في ناحيته وتكون متعددة ومتفاوتة الحجم وغير مؤلمة.
    الإفرنجي الثانوي: وهو يتميز بالبوادر العامة وبالطفحات الجلدية.
    أما البوادر العامة فتشمل ارتفاع الحرارة البسيط وفرط التعرق والصداعوالآلام المفصلية والعظمية، كما ترافقها ضخامة العقد اللمفية المنتشرة.
    وأما الطفحات الإفرنجية الثانوية فتتميز بانتشارها، وبإصابتها الجلد والأغشية المخاطية، وبشدة عدواها، وبتتابع سوراتها، وتكون هذه الطفحات عادة غير حاكة ولا مؤلمة إلا بالضغط أحياناً، كما أنها قد تأخذ أشكال معظم الآفات الجلدية ماعدا الفقاعية منها. وأهم أشكال الطفحات الثانوية هي: الطفحات البقعية macular وتأخذ شكلاً حصبوياً وتعرف «بالوردية الإفرنجية» وتنتشر على الجذع والأطراف ولاترافقها حكة أو وسوف. والطفحات المخاطية ـ وتصيب الأغشية المخاطية الفموية والتناسلية وتبدو بشكل لطخات مؤتكلة وهي شديدة العدوى. والطفحات الحطاطية papular وهي من الأشكال الرئيسة وتبدو كحطاطات مرتشحة ووسفية، صدافية الشكل psoriasiform وأحياناً متحلّقة وتظهر في أماكن متعددة ولاسيما في الراحتين والأخمصين، وإذا ماظهرت في الأماكن الرطبة كالثنيات والنواحي التناسلية والشرجية فإنها تأخذ أشكالاً متنبتة يطلق عليها اسم «الورم اللقمي المنبسط» condyloma.
    طفحات إفرنجية في أسفل القدم
    يعقب الطفحات الثانوية أو يرافقها اضطراب في التصبغ يُسمى «الوَضَح الإفرنجي»، وإصابة في الأظافر والأشعار (الحاصّة الخلالية alopecia).
    أما التشخيص التفريقي للطفحات الثانوية فيشمل عدداً كبيراً من الأمراض الجلدية منها: الصدف وهو مرض جلدي مجهول السبب سيره مزمن ويتصف بسطح حُمامي erythema تغطيه وسوف متراكم بعضها فوق بعض. والنخالية الوردية pityriasis rosea: وهو مرض جلدي حاد أكثر مايصيب الأطفال والشباب واندفاعاته حمر دائرية عليها وسوف خفيفة ودقيقة والفطارات الجلدية والآفات والأخماج الجلدية والمخاطية المختلفة.
    الإفرنجي الكامن: وهو إفرنجي لاعرضي مختبئ، يشخص بإيجابية الفحوص المصلية والمخبرية الخاصة وبسلبية فحص السائل الدماغي الشوكي وبسلامة الأحشاء. ويقسم الإفرنجي الكامن إلى باكر فيما دون السنتين وآجل فيما بعدهما. والإفرنجيالكامن ولاسيما الباكر قابل للعدوى بنقل الدم وبالحمل.
    الإفرنجي الثالثي: وهو من الإفرنجي الآجل ويظهر عادة بعد سنوات من بدء الإصابة، تميل الإصابة الإفرنجية في هذا الدور إلى التوضع في أماكن محدّدة ومحصورة، وإلى تخريب الأنسجة التي تصيبها. وأهم توضعاتها الآفات الدورانية، وأهمها إصابة الأبهر فيسبب قصور الأبهر وأم الدم الأبهرية، والآفات العصبية، كالآفات السحائية والدماغية (التابس tabes والخَزَلparesis، وإصابة الأعصاب القحفية والصمم والاضطرابات العينية والشلول)، والآفات الجلدية كالصمغة الإفرنجية في الجلد والأغشية المخاطية، وآفات مرتشحة وتقرحية في الجلد، وآفات في الأغشية المخاطية.
    الإفرنجي الولادي: تنتقل اللولبيّات الشاحبة من الأم الحامل المصابة بالإفرنجي المكتسب الباكر إلى الجنين، عبر المشيمة، وذلك بعد الشهر الرابع من الحمل. تظهر أعراض الإفرنجي الولادي إما باكراً في الوليد وفي أشهره الأولى، أو تتأخر شهوراً وسنوات لتظهر في الطفولة الباكرة أو المتأخرة.
    وتكون أعراض الإفرنجي الولادي مشابهة في مراحلها ومظاهرها السريرية لأعراض الإفرنجي المكتسب ماعدا أعراض الإفرنجي الأولي فلا تشاهد عادة.
    منظر اللولبية الشاحبة في المجهر ذي الساحة المظلمة
    يكون الوليد المصاب ضعيفاً وتبدو عليه بعض الأعراض الخاصة كسيلان الأنف الإفرنجي، وبعض الطفحات الجلدية النوعية كالفُقاع الإفرنجي pemphigus في اليدين والقدمين، والطفحات الجلدية المخاطية التي تصيب الفوهات وقد تؤدي إلى حدوث ندبات وتغضنات فيها.
    ويُحدث الخمج الإفرنجي الولادي آفاتٍ مختلفة في الأحشاء ولاسيما في الكبد والطحال والعظام والمفاصل، على أنه لا يصيب عادة القلب والدوران.
    تنجم عن الإصابات الإفرنجية الولادية أحياناً تشوهات دائمة تعرف «بالسِمات الإفرنجية» منها: التشوهات السنّية (أسنان هتشتسون)، والإصابات العينية (التهاب القرنية الخلالي)، والإصابات العصبية (الشلول والصمم والتخلف العقلي)، والإصابات العظمية (الأنف السرجي والظنبوب بشكل نصل السيف وضخامة النهاية الإنسية للترقوة)، والإصابات المفصلية (مفاصل كلاتون) وغيرها.
    التشخيص المخبري
    يشمل فحوصاً مخبرية كثيرة، أهمها مايلي:
    كشف اللولبية الشاحبة: ويجرى عادة في الإفرنجي الأولي، وتستخدم فيه عدة طرائق منها: الفحص المباشر بالمجهر ذي الساحة المظلمة وترى فيه اللولبية الشاحبة بشكلها وحركاتها الوصفية، وبطريقة التألق المناعي بالمجهر ذي الإشعاع فوق البنفسجي، وبطرائق التلوينات الخاصة. وينبغي في هذه الفحوص تمييز اللولبية الشاحبة من اللولبيات الكثيرة المشابهة، ولعل أفضل الطرائق في كشف اللولبية الشاحبة هو تحريها في بزالة العقد اللمفية المتضخمة.
    الدراسات المصلية: تبدأ إيجابيتها عادة بعد الأسبوع السادس من بدء العدوى، وتفيد في تشخيص الإفرنجي الثانوي وفي متابعة المرض وتطوره واستجابته للمعالجة وذلك باتباع المعايرات الكمية فيها. والاختبارات المصلية على نوعين:
    أ ـ اختبارات لانوعية: وهي تعتمد على وجود «الرواجن» reagin ونحوها في مصل المرضى، وتستخدم فيها طرائق التحوصب flocculation وطرائق تثبيت المتممة، ومن هذه الاختبارات الشائعة والمتعارف عليها: اختبارات واسرمان وكان وكلاين، واختبار مخبر أبحاث الأمراض الزهرية VDRL، وهذه الاختبارات جيدة واقتصادية. على أنه ينبغي الإشارة إلى «الاختبارات الحيوية ذات الإيجابية الكاذبة» التي قد تصادف في هذه الاختبارات فهي تعطي نتائج إيجابية من دون أن يكون لدى المريض إصابة لولبية ما وإنما قد يكون مصاباً ببعض الآفات الأخرى كأمراض المناعة الذاتية أو بعض الأخماج الحادة والمزمنة الأخرى.
    ب ـ اختبارات نوعية: وهي اختبارات تقوم أسسها على تفاعل اللولبيات تجاه الأضداد الموجودة في المصل المصاب، وأهم هذه الاختبارات: اختبار تثبيت اللولبية الشاحبة TPI واختبار نلسون، وهو اختبار دقيق إلا أنه صعب الإجراء وباهظ التكاليف، واختبارات التألق المناعي مثل FTA وهي دقيقة وسهلة الإجراء عند توافر الأجهزة، واختبار تراص الحمر تجاه اللولبية الشاحبةTPHA وهو دقيق وسهل وقليل التكلفة.
    فحص السائل الشوكي: وهو مهم في الإفرنجي الآجل ولا سيما في الإفرنجي العصبي والإفرنجي الولادي الآجل.
    تُجرى فيه الاختبارات المصلية ومعايراتها الكمية ويجري فيه تعداد الخلايا ومعايرة البروتين.
    المعالجة
    العلاج الأمثل والمنتخب لمعالجة الإفرنجي هو «البنسلين»، ولم تعرف بعد مقاومة تذكر للولبيات الشاحبة تجاهه. يوصى بإعطاء البنسلين زرقاً داخلياً وبمقادير تضمن وجوده في الدم، وينتخب لهذا الغرض عادة البنسلين المديد (بانزاتين البنسلين) أو نصف المديد (بروكائين البنسلين).
    أما المقادير فيحددها الطبيب بحسب مرحلة الإصابة وتوضعها، وفي الحالات التي تحول دون استعمال البنسلين، كما في حال التحسس المؤكد تجاهه، يُعْدَل عن استعمال البنسلين إلى صادّات أخرى كالتتراسكلين والإريتروميسين، ويُعطيان بطريق الفم.
    ينبغي أن يشرف الطبيب على المعالجة لما قد يرافقها من تفاعلات جانبية، وللتأكد من كفايتها، ولمتابعة المريض بالفحوص السريرية والمخبرية لمدة سنة في الإفرنجي الباكر، ولمدة سنتين في الإفرنجي الآجل.
    الإفرنجي المتوطن أو «البَجَل»
    البجل هو إفرنجي متوطن غير زهري، عامله لولبية مماثلة تماماً للولبية الشاحبة ولا يمكن تفريقها عنها مخبرياً.
    عُرف البجل بانتشاره في عدد من الأقطار العربية ولاسيما في بلاد الشام والعراق (حوضي الفرات ودجلة) وفي شبه الجزيرة العربية، وكان انتشاره واسعاً بين أفراد القبائل (90% من الأفراد) إلا أن حوادثه أصبحت نادرة بفضل انتشار استعمال البنسلين ومكافحة الحكومات ومنظمة الصحة العالمية للبجل.
    للبجل الصفات والخصائص التي وردت في الإفرنجي ذاتها ماعدا بعض الصفات التي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
    ـ تتم العدوى بالبجل بالتماس العادي والمعايشة، ويساعد على ذلك تدني المستوى الحياتي والمعيشي.
    ـ لايشاهد في البجل القرحُ الأولي أو إنه قل أن ينتبه إليه.
    ـ تكثر في البجل الباكر الآفات المخاطية والآفات التنبتية وهي شديدة العدوى.
    ـ تكثر في البجل الآجل الصمغة وتخريباتها الواسعة في الفم والوجه والأطراف.
    ـ الإصابات الآجلة للبجل في الأحشاء نادرة ولاسيما إصابات الجهاز الدوراني والعصبي، وكذلك الإصابات الولادية فهي نادرة أيضاً.
    يعالج البجل بالبنسلين أيضاً، ولكن بمقادير تختلف عن المقادير التي تعطى للإفرنجي.
    مأمون الجلاد

  5. #505
    من أهل الدار
    Remooo
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: بـغـداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,745 المواضيع: 45
    التقييم: 1855
    مزاجي: No Thing
    المهنة: طـالبة
    أكلتي المفضلة: اي شي طيب
    موبايلي: iphone
    آخر نشاط: 30/July/2024
    مقالات المدونة: 4
    الكروموسوم :هو تركيب خيطي الشكل مركب من
    جزئ الDNA المدعم بالحامض النووي الرايبوزي
    والبروتين والذي يحتوي على المعلومات الوراثية المرتبة بتسلسل شريطي وبالامكان مشاهدته خلال عملية انقسام الخلية

  6. #506
    من أهل الدار
    Remooo
    الخلايا الجذعية :هي خلايا غير متخصصة تمتلك القدرة
    على الانقسام والتجدد وانتاج خلايا متخصصة جديدة تستطيع اصلاح وتعويض خلايا الجسم التالفة.يتم الحصول على الخلايا الجذعية من عدة مصادر اهمها المراحل المبكرة من التكوين الجنيني ودم الحبل السري و المشيمة ونخاع العظم
    وانواعها هي: الخلايا الجذعية الجنينية والخلايا الجذعية البالغة وخلايا الحبل السري الجذعية

  7. #507
    صديق مشارك
    حسينية وافتخر
    تاريخ التسجيل: October-2014
    الدولة: العراق - الناصرية
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 67 المواضيع: 4
    التقييم: 26
    مزاجي: الحمد الله بخير
    المهنة: خامس علمي
    أكلتي المفضلة: الدجاج وتمن وروبه احلى اكله
    موبايلي: لاب توب
    آخر نشاط: 20/February/2015
    شكرا لك

  8. #508
    احتشاء القلب وأمراض الشرايين الإكليلية
    احتشاء عضلة القلب cardiac infarction طارئ أساسي ينجم عن قصور دوراني حاد في الشرايين الإكليلية arteria coronaria يؤدي إلى عدم تروية عضلة القلب أو أجزاء محددة منها تروية كافية. ويراد بالاحتشاء اليوم وجود بؤرة محددة من النخر الإقفاري (المقفر من الدم) يسببها انسداد شرياني في مكان ما من الجسم, والاحتشاء أنواع, منها الاحتشاء الأبيض أو الاحتشاء الإقفاري كاحتشاء الكلية, ومنها الاحتشاء الأحمر أو الاحتشاء النزفي كاحتشاء الرئة. أما احتشاء عضلة القلب فيراد به وجود أذيات في أحد جدر القلب من منشأ إقفاري مهما كانت آلية هذا الإقفار. ويسبب هذا الاحتشاء نخراً في عضلة القلب ثم تصلبها, وتمثل هذه الآفة التشريحية معظم حالات الطوارئ الأساسية المترافقة مع التصلب العصيدي الشرياني atherosclerosis, وهي من أهم أسباب الوفيات في العالم الصناعي اليوم. وأما الشرايين الإكليلية فيراد بها الشريانان الإكليليان(التاجيان) المتفرعان عن الأبهر وما يتشعب عنهما من شرايين صغيرة تغذي جدر القلب. ويسمى الشريان الأول منهما الشريان الإكليلي الأيمن أو الخلفي, وهو الأضخم , ويمر في الثلم الأذيني -البطيني ثم في الثلم الخلفي السفلي لما بين البطينين وينتهي هناك. ويسمى الثاني الشريان الإكليلي الأيسر أو الأمامي ويصل إلى الثلم الأمامي بين البطينين وينتهي هناك بعد أن يحيط بقمة القلب, وتتفرع من هذين الشريانين شعب تغذي جدر الأوعية الكبيرة وتفرعات تغذي جدر الأذينين والبطينين. ويعد انسداد الشرايين الإكليلية من أخطر العوامل الممرضة التي تصيب عضلة القلب وتتسبب في الوفاة, وفي مقدمتها التصلب العصيدي الشرياني. التصلب العصيدي الشرياني هو تسمك الأوعية الشريانية المتوسطة والكبيرة وتصلبها وتضيق لمعتها, أي تكوّن ما يعرف بالصفيحة العصيدية, وأسباب التصلب العصيدي الشرياني كثيرة, منها عوامل خطر يمكن تجنبها, ومنها ما لا يمكن تجنبه كالاستعداد الوراثي والعوامل الدينمية الدموية hemodynamic الموضعية وجنس الإنسان(ذكر أو أنثى).

    فإذا تكونت الصفيحة العصيدية في الوعاء الشرياني قد يتقرح سطحها الداخلي أو يتخثر ويسد الوعاء. وغالباً ما تتوضع الصفيحة العصيدية في السنتيمترات الستة الأولى من منشأ الوعاء وفي أماكن التفرع,وتكشف هذه العصائد بتصوير الشرايين الإكليلية,وتنظيرها, ولا يؤدي تضيق اللمعة لأقل من 50٪ إلى نقص الجريان الدموي, في حين يؤدي تضيقها أكثر من ذلك إلى نقص الجريان بدرجة تتناسب طرداً مع شدة الإصابة. هنالك عوامل خطر لا يمكن تغييرها كالجنس, إذ تزداد الإصابات في الذكور تحت سن الخمسين وتتساوى في الجنسين بعد سن الخمسين, وكالعمر إذ تزداد نسبة الإصابة بازدياد العمر, كذلك العامل الوراثي. أما عوامل الخطر الكبيرة التي يمكن السيطرة عليها فهي ارتفاع الضغط الشرياني, وفرط كولسترول الدم والتدخين والسكري. وتتناسب الإصابة طرداً مع ارتفاع جزء الكولسترول, البروتين الشحمي ذي الوزن المنخفض LDL, وتتناسب عكساً مع ارتفاع البروتين الشحمي ذي الوزن العالي HDL. أما الشحوم الثلاثية فلم يثبت حتى اليوم أنها وحدها من عوامل الخطر . وأما عوامل الخطر الصغيرة فهي البدانة, والحياة الساكنة من دون رياضة وارتفاع حمض البول, وكذلك الشخصية من النوع«آ» أي الإنسان المكافح الطموح الذي يعيش في وسط شديد التوتر. وكلما تضافرت هذه العوامل ازدادت نسبة الإصابة.
    أوعية العروق للأبهر الصاعد. تشريح القطعة الأولية للشريان الإكليلي الأيمن الذي تدرك فروع راجعة منه جدار الأبهر الصاعد لتشكل شبكة وعائية

    وهناك أسباب غير عصيدية لانسداد الشرايين الإكليلية, وهي نادرة ,ومنها الصمة الإكليلية والرضوض المفتوحة والمغلقة, والأشكال الكثيرة من التهاب الشرايين كالأفرنجي, والتهاب ما حول الشريان العصيدي, وداء تاكاياشو, والذئبة الحمامية الجهازية المنتشرة والداء الرثواني, ومنها كذلك المتلازمة المخاطية الجلدية العقدية البلغمية (داء كاوازاكي), وتسلخ الأبهر الصاعد وتسلخالشرايين الإكليلية نفسها, والخثار الإكليلي كما في احمرار الدم, وفرط الصفيحات, والخثار داخل الوعائي المنتشر , وشَنَج الشريان الإكليلي كما في خناق الصدر من نموذج برنزميتال Prinzmetal's angina . وثمة عوامل أخرى قد تتسبب في نقص التروية الإكليلية إلا أنها غير سادة للشرايين الإكليلية كارتفاع الضغط داخل البطين الأيسر وزيادة الشد الجداري كما في تضيق مخرج البطين الأيسر وكذلك انخفاض الضغط الانبساطي الإروائي كما في قلس الصمام الأبهري, وزيادة كتلة العضلة القلبية كما في تضيق الأبهر والاعتلالات الضخامية ونقص الوارد الدموي كما في حالات فقر الدم وهبوط الضغط الشرياني والانسمام بأول أكسيد الكربون وعدم تخلي الخضاب عن الأكسجين بسهولة. كذلك تكون الشرايين الإكليلية سوية في 2٪ من حالات احتشاء العضلة القلبية. الفيزيولوجية المرضية في نقص التروية الإكليلية تحدث تظاهرات نقص التروية القلبية عندما يكون متطلب القلب من الأكسجين أكثر ما يصل إليه. وأهم سبب لعدم التوازن هذا وجود عائق ثابت داخلالشرايين الإكليلية, فعندما يصل التضيق فيها إلى 50٪ أو أكثر لا تستطيع هذه الشرايين تزويد القلب بالدم اللازم في حال زيادة المتطلب, وقد يحدث شنج في منطقة التضيق في أثناء الجهد أيضا. أما في خناق برنزميتال فقد يحدث التشنج من دون تضيق سابق. ومن الأسباب الأخرى لزيادة الطلب زيادة كتلة القلب العضلية, وارتفاع الضغط داخل القلب, كما في تضيق الصمام الأبهري. يؤدي نقص التروية القلبية إلى سوء مطاوعة البطين. ويؤدي هذا الاحتشاء إضافة إلى ما سبق إلى تحرير عدد من الإنظميات enzymes (غلوتاميك أو كسالو أسيتيك ترانس أميناز SGOT، والنازعة اللبنية LDH، والكرياتين فوسفوركيناز). كما تؤدي التغيرات الكهربائية الخلوية إلى حدوث عدة لا نظميات arrhythmia ولاسيما تسرع القلب البطيني والرجفان البطيني. ومن المهم معرفة الوقت الذي يمكن أن تُنقذ فيه الخلايا بعد انقطاع الدوران عنها. فعودة الجريان إلى الشريان في مدة 15-20 دقيقة من الانسداد ينقذ النسج الناقصة التروية كافة، أما عودة الجريان بعد مرور 4-6 ساعات فإنه ينقذ قليلاً من النسج من التموت. وقد يحدث في جسم الإنسان دوران جانبي للمعاوضة يصل المناطق المتضيقة، ولكن من المشكوك فيه كفاية هذا الدوران وخاصة في المتطلب الشديد، ولا يحدث مثل هذا الدوران المعاوض إذا حدث الانسداد فجأة من دون تضيق سابق. خناق الصدر (الذبحة الصدرية) خناق الصدر angina pectoris شعور طارئ بعدم الراحة في الصدر يترافق بألم يظهر خلف عظم القص عادة وينتشر إلى الطرف العلوي الأيسر والظهر، مع إحساس عميق بالقلق والخوف من الموت. وخناق الصدر متلازمة syndrome تتصف بنوبات ألم اشتدادية تقع في المنطقة الأمامية من القلب وتنتشر إلى الطرف العلوي الأيسر ويثيرها الجهد والانفعال، وهي تمثل إقفاراً دموياً يصيب عضلة القلب بسبب عدم ملاءمة مؤقتة لجريان الدم في الشرايين الإكليلية. ويُسكن الألم الناجم عنها بالراحة وإعطاء مادة الترينترين.
    سطح القلب الأمامي والفروع الرئيسية للعروق الإكليلية. يقع السهم في الجيب المستعرض للتأمور

    ينجم الخناق الصدري عن نقص تروية عابر من دون تنخر نسجي، ويرتبط في معظم الأحيان بالتصلب العصيدي الذي يصيب الأوعية الإكليلية، كما يرتبط في أحوال نادرة بآفات وعائية إكليلية أخرى. وقد يحدث الخناق من دون آفة إكليلية في أثناء الاضطرابات اللا نظمية الاشتدادية أو باعتلال قلبي أبهري متطور. وينجم الشعور بالألم عن عدم قدرة الشريان المتضيق على زيادة المتطلب من الدم، أو عن حدوث شنج إكليلي مع وجود آفة سابقة أو من دونها. وقد يكون مستقراً عندما يكون مزمناً ويحدث في شروط واحدة، أو غير مستقر إذا زاد تواتره أو طالت مدته أو شدته أو بدأت أعراضه من مدة أقل من شهر. ويسمى هذا النوع أيضاً «الخناق قبل الاحتشاء» أو«الخناق المتسارع» أو «القصور الإكليلي الحاد» أو «المتلازمة الإكليلية المتوسطة». وتتطلب معالجته المكوث في المستشفى لنفي وجود الاحتشاء. يحدث الألم الخناقي عادة في أثناء الجهد والانفعال أو بعد الوجبات الطعامية الثقيلة، ويتوضع خلف عظم القص أو في أيسر الصدر. ويبدأ متدرجاً (يستمر بين 1.5-20 دقيقة) ويزول بالتدريج بعد توقف المريض عن الجهد أو تناول النتروغليسيرين (بعد 0.5 دقيقة إلى عدة دقائق)، ويصفه المريض بحس ضغط أو عصر أو حرق أو شدّ من الطرف العلوي الأيسر أو إلى الطرفين معاً أو إلى بين الكتفين أو إلى العنق أو الفك السفلي. ولا يكون الفحص السريري وصفياً، فقد يسمع صوت رابع ولاسيما في أثناء النوبة، كما تسمع نفخة سوء وظيفة العضلة الحليمية. ويكون تخطيط كهربائية القلب إيجابياً إلى أكثر من 85٪ في تخطيط القلب الجهدي مع استعمال النظائر المشعة (الثاليوم) أو من دون ذلك. ويظهر كذلك في تصوير القلب بجهاز غاما، ولاسيما عند الذين لا يمكن الحكم على تخطيط القلب الجهدي عندهم (استعمال الديجتال أو التغيرات التخطيطية غير الوصفية أو حصار الغصن الأيسر). ويمكن استعمال جهاز الصدى الثنائي البعد في أثناء الجهد لكشف أي تغيرات في حركة جُدُر القلب. ولايجوز إجراء اختبار الجهد عند الاشتباه باحتشاء القلب أو في الخناق غير المستقر. يعتمد الإنذار على عدد الأوعية المصابة وشدة تضيقها وعلى وظيفة البطين الأيسر. وقد تحدث التغيرات التخطيطية الوصفية من دون ألم ولاسيما عند السكريين وهو ما يعرف بالخناق الصامت، أو قد يتظاهر الخناق بزلة جهدية. التدبير الدوائي للخناق: تعتمد معالجة خناق الصدر إما على إنقاص المتطلب من الأكسجين أو زيادة الوارد منه إلى العضلة القلبية مع تجنب الحالات التي تزيد المتطلب من الأكسجين مثل الجو البارد، ووجبات الطعام الثقيلة، والجهد الزائد، مع ضبط ارتفاع الضغط الشرياني، وتصحيح فقر الدم، ومعالجة الأخماج، ومعالجة فرط نشاط الدرق، كما يجب إيقاف التدخين، ومعالجة استرخاء القلب، وتشجيع التمارين الرياضية البدنية تحت المراقبة. بالإضافة إلى العلاجات الملائمة كالنتروغليسيرين وحاصرات مستقبلات بيتا وحاصرات قنيات الكلسيوم. المعالجة غير الدوائية لخناق الصدر: تفيد المجازة bypass الإكليلية في إراحة المريض من الألم الصدري عند إخفاق المعالجة الدوائية، وقد تطيل الحياة عند بعض المرضى. ويجري ذلك باستعمال الوريد الصافن ووصله من الأبهر الصاعد إلى منطقة ما بعد التضيق، أو باستعمال الشريان الثديي الباطن الأيمن أو الأيسر أو كليهما أو باستعمال كلا الطريقتين، ويجب أن لا يقل قطر الوعاء المجرى له المجازة عن 1ـ2مم. وتقدر نسبة الوفيات في هذه العمليات في المراكز المتمرسة بنحو 0.7-2.5٪ بحسب نوع الإصابة وتزداد هذه النسبة بتقدم العمر ونسبة احتشاء العضلة القلبية. ويزول الألم الصدري تماماً عند 65٪ من المرضى ويخف كثيراً عند 25٪ من الآخرين. وتدل الإحصائيات على أن العمل الجراحي لا يطيل العمر إلا في إصابة الجذع الرئيسي الأيسر أو إصابة الأوعية الثلاثة مع سوء وظيفة البطين الأيسر ويعتمد بقاء المجازة سالكة على معدل الجريان فيها (70مل/د) فإن قل عن ذلك كان حظها من الانسداد أكبر، كما يعتمد بقاؤها سالكة على التقنيات المستعملة وقطر الوعاء ونوعية الجريان النهائي فيه.
    صمامات القلب منظورة من الأعلى بعد إزالة الأذينتين وقطع الجذع الرئوي والأبهر الصاعد. ويرى في الأسفل الصمام الأيمن والصمام الأيسر بين الأذنيتين والبطين

    توسيع الشرايين الإكليلية بالبالون: يدخل قثطار في نهايته بالون على شريط دليل خاص حتى منطقة التضيق ثم ينفخ هذا البالون بضغط يعادل الضغط الجوي عدة مرات، ويزداد تدريجياً حتى تتوسع المنطقة المتضيقة. يستطب بهذه الطريقة في العمل الجراحي وعندما تكون الآفة قريبة، ولا يستطب عند إصابة الجذع الرئيسي الأيسر. أما نسبة النجاح فيها فتبلغ 80٪ فإن لم تنجح المحاولة وحدث انسداد في الشريان يلجأ عندها إلى العمل الجراحي إسعافياً، وقد يعود التضيق بنسبة 20٪ في الستة أشهر الأولى عادة ويمكن أن ينجح توسيع الشريان عندهم مرة ثانية. أما نسبة الوفيات فلا تزيد على 0.5 إلى 1٪. الخناق المختلف: ويدعى كذلك خناق برنزميتال نسبة إلى العالم الذي وصفه عام 1959 وهو ألم صدري لا علاقة له بالجهد، ويترافق غالباً مع لا نظمية قلبية بما فيها الرجفان البطيني وإحصارات القلب والموت المفاجئ. ويحدث هذا الخناق عادة بعد منتصف الليل حتى السادسة صباحاً ومن النادر أن يتسبب في احتشاء العضلة القلبية. ويعتقد أنه ينجم عن شنج فيالشرايين الإكليلية. وقد يحدث الشنج في شرايين إكليلية سوية أو في شرايين إكليلية شديدة أو خفيفة التضيق العصيدي. والإنذار أحسن في شنج الشرايين السوية. ويتم التأكد منه بحقن الارغونوفين وريدياً في أثناء تصوير الشرايين الإكليلية.ويعالج بحاصرات قنيات الكلسيوم والنترات. احتشاء العضلة القلبية يشير احتشاء العضلة القلبية إلى تنخر العضلة القلبية غير العكوس. وينجم عن تضيق عصيدي atheromatous في أحدالشرايين الإكليلية المهمة. فتظهر على المريض في البدء أعراض نقص التروية فإذا كان هذا النقص شديداً ومديداً تلاه احتشاء العضلة القلبية, ويتوقف اتساع الاحتشاء على شدة نقص التروية ومساحة العضلة القلبية التي يرويها الشريان المنسد, وعلى الدوران الجانبي, وعلى متطلب النسج المرواة بهذا الشريان من الأكسجين. يمكن أن يكون الاحتشاء شاملاً لسمك العضلة القلبية كله, أو يقتصر الاحتشاء على ما تحت الشغاف endocardium . ولا تتواقت التغيرات التي تظهر في مخطط كهربائية القلب مع شدة التغيرات النسجية,إذ تحدث التغيرات النسجية عادة بعد ست ساعات من الاحتشاء فتبدو العضلة القلبية في البدء شاحبة مع وذمة خفيفة,ويتغير لونها في الأيام التالية عند حدوث النتحات والارتشاح بالعدلات neutrophils .وبعد نحو عشرة أيام تبدو العضلة القلبية المصابة رقيقة بسبب إزالة النسج المتموتة من قبل وحيدات النوى monocytes. ويبدأ النسيج الحبيبي بالتكون ويمتد خلال النسج المتموتة في الأسبوع الثالث إلى الرابع. وبعد ذلك تتكون ندبة رقيقة ثم تصبح متماسكة في الأسبوع السادس.
    مخطط كهربائية القلب لاحتشاء حديث

    ويترافق 90٪ من حالات الاحتشاء الشامل للجدار بانسداد كامل في الشريان الإكليلي تحدثه خثرة متوضعة على آفة شديدة التضيق, في حين تتوضع الخثرة في الاحتشاء تحت الشغاف بعد منطقة التضيق, ولكن الشريان المتضيق يبقى سالكاً. ومن أسباب حدوث الخثرة تغير الطبقة الباطنة للعصيدة الشريانية, أو تقرح الصفيحة العصيدية أو تخثر الصفيحات الدموية, أو حدوث شنج في الشريان الإكليلي مكان العصيدة الشريانية. ويمكن إعادة الجريان إلى الشريان باستعمال المواد الحالّّة للفبرين وريدياً أو حقناً في الشرايين الإكليلية. التظاهرات السريرية: يشكو المريض من ألم صدري غالباً في أثناء الراحة يشبه ألم الخناق ولكنه أشد إيلاماً وأطول مدة, ولايزول إلا بمسكنات الألم. وغالباً ما يشكو المريض من غثيان أو إقياء مع تعرق ووهن وزلة تنفسية. وقد يحدث الاحتشاء من دون ألم, ولاسيما عند السكريين ويبدي تخطيط كهربائية القلب علامات خاصة, أما الصورة الشعاعية للصدر فلا تفيد في تشخيص الاحتشاء, ويزداد عدد الكريات البيض في اليوم الأول ثم تعود إلى حدها الطبيعي في مدى أسبوع, وترتفع سرعة التثفل, ومقدار الخمائر القلبية(الكرياتين كيناز), كما ترتفع النازعة اللبنية LDH وقد يستمر ارتفاعها لمدة عشرة أيام تقريباً, وترتفع كذلك خمائر الـ SGOT وتعود إلى السواء في اليوم الثالث تقريباً. أما سريرياً, فيبدو المريض متهيجاً, وضغطه الشرياني مرتفعاً في غياب الصدمة, ونبضه متسرعاً, وقد يكون بطيئاً في الاحتشاء السفلي, كما قد يظهر اضطراب في وظيفة البطين الأيسر وقد تظهر علامات الصدمة إذا أصاب الاحتشاء أكثر من 40٪ من كتلة البطين الأيسر. التدابير العامة في احتشاء العضلة القلبية: لما كان نصف الوفيات يحدث في الساعات الأولى من الإصابة بالاحتشاء ولاسيما قبل وصول المصاب إلى المستشفى, فمن المفيد وجود سيارات إسعاف مجهزة للمعالجة. ويوضع المريض عند وصوله إلى المستشفى في وحدة العناية المشددة القلبية لمعالجة المضاعفات إن وجدت ولاسيما اللانظميات, ولإعطائه المهدئات ومعالجة الألم, كما يعطى المريض الأكسجين بالقناع أو عن طريق القنيات الأنفية ويبقى المصاب في وضع الراحة المطلقة مدة 24-36 ساعة في غياب المضاعفات ثم يسمح له بالجلوس مدة قصيرة إلى جانب السرير, وينقل من العناية المشددة بعد ثلاثة أيام. وبدءاً من اليوم الرابع يبدأ بتحريك المريض, وتزاد الحركة تدريجاً حتى يصبح في مقدوره صعود درج من طابق واحد. وفي غياب المضاعفات يمكن أن يخرج المريض من المستشفى بعد 7-12 يوماً ويزيد من فعاليته تدريجاً مع تجنب أية فعالية تحتاج إلى جهد عضلي. ويبقى المريض تحت المراقبة مع تخطيط القلب الجهدي العادي بعد ستة أسابيع من الاحتشاء لتحديد خطة العمل المستقبلية. وإن استعمال حاصرات مستقبلات بيتا بعد الاحتشاء بخمسة أيام إلى شهر ولمدة سنتين يقلل من نسبة الوفيات أو عودة الاحتشاء إذا لم يكن هنالك مانع من الاستطباب بها. مضاعفات احتشاء العضلة القلبية: قد تحدث بعد احتشاء العضلة القلبية مضاعفات يمكن معالجة بعضها دوائياً, كاسترخاء القلب المترافق باحتقان رئوي خفيف, أو جراحياَ كأم الدمالبطينية, إلا أن بعضها ذو إنذار سيئ كالصدمة القلبية. كذلك تجب معالجة اللانظميات الحادثة في سياق احتشاء العضلة القلبية, إذا أحدثت تلك اللانظميات تغيرات دينمية دموية سيئة, أو إذا تسببت في زيادة متطلب الأكسجين أو إذا تطورت إلى لانظمية خبيثة مثل تسرع القلب البطيني المتواصل أو الرجفان البطيني.مفيد جوخدار

  9. #509
    الاكتئاب

    الاكتئاب depression هو اضطراب عاطفي له أعراض نفسية وأخرى بدنية سريرية تعكس كلها مزاج الشخص ومعاناته. وتتداخل في حدوث هذا الاضطراب عوامل بيئية وثقافية وكيمياوية حيوية (بيوكيمياوية) ووراثية وتكوينية.
    ويستخدم تعبير «الاكتئاب» في ثلاثة معانٍ على أقل تقدير. يرتبط الأول بالمزاج الذي يختل نتيجةً لتعرض الشخص لسلسلة متلاحقة من الإحباطات والإخفاقات. ويعبر الثاني عن متلازمة syndrome تحوي اضطراب المزاج إضافة إلى جميع أعراض الاكتئاب البدنية الوظيفية المصاحبة له. أما المعنى الثالث فهو الاكتئاب مرضاً وفيه المتلازمة التي ذكرت، إضافة إلى عجز يصيب المريض فيمنعه من أداء واجباته وأعماله اليومية كلياً أو جزئياً.
    عرف مرض الاكتئاب قديماً، وذكرت أعراضه في كتابات المصريين القدماء والإغريق والبابليين والعرب (ابن سينا)، وفي ألوان الشخصيات المكتئبة التي وردت في مسرحيات شكسبير، وأخيراً في القصص الإبداعية (الرومانسية) للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر. أما الأبحاث العلمية التي تناولت هذا الاضطراب النفسي فتعود إلى القرنين المذكورين.
    ويعد مرض الاكتئاب أكثر الأمراض النفسية في نسبة الوفيات انتحاراً. وفي إحصائيات الغرب يموت مريض واحد منتحراً من كل 200 مريض بالاكتئاب. وتأتي البلدان الصناعية في طليعة الأمم التي تتزايد فيها نسبة حالات الاكتئاب ولاسيما في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين، وتذكر الإحصائيات السنوية للمؤسسة الوطنية الأمريكية للصحة النفسية أن 15% من الأفراد البالغين (من عمر 18 إلى 74 سنة) يعانون أعراضاً اكتئابية مهمة تستوجب العلاج.
    أسباب الاكتئاب
    مازالت أسباب الاكتئاب غامضة. ولم تكشف الأبحاث الكثيرة إلا عن بعض جوانبها، على الرغم من تطور أساليب العلاج وتقاناته وظهور الأدوية المضادة للاكتئاب. بيد أن ما عرف من أسباب الاضطراب وعوامله الكثيرة يلاقي قبولاً حسناً في الوسط الطبي والنفسي اليوم.
    ويفترض البحث النظري في أسباب الاكتئاب أن عوامل عدة، ثقافية واجتماعية ووراثية وشخصية تتداخل بدرجات متفاوتة، ولكنها تتكامل ويؤثر بعضها في بعض. وتبعاً لهذه العوامل المتداخلة والمتكاملة يمكن تمييز نوعين من الاكتئاب: الاكتئاب الارتكاسي reactive depression الذي يكون فيه للعوامل الخارجية، أي الشِّدات البيئية، الدور الأساسي وللعوامل الداخلية الدور الثانوي، والاكتئاب الداخلي المنشأ endogenous depression الذي يكون فيه للعوامل الشخصية الداخلية الدور الأساسي وللعوامل البيئية الدور الثانوي. وتؤثر في حدوث الاكتئاب عوامل عضوية وعوامل نفسية.
    1ـ العوامل العضوية: وتقع في فئتين، عامل الوراثة والعوامل الكيمياوية الحيوية.
    أما الوراثة فلها دور مهم في حدوث مرض الاكتئاب، فكلما كانت الإصابة في الأسرة محصورة في الأصول تزايد احتمال حدوث مرض الاكتئاب في أحد أعضاء الأسرة ذاتها وفي نسله. وهناك من يرى أن مورثة (جيناً) مسيطرةً واحدةً موجودةً على صبغي ذاتي (غير جنسي) وذات انتفاذ ناقص incomplete penetrance لها علاقة بالذهان الاكتئابي ـ الهوسيmanic depressive psychosis.
    وهناك من يرى أن الاكتئاب وراثي تنقله جينات عدة. وأن ظهوره الباكر يرجح أن نوعه مشبع بالعامل الوراثي، في حين يكون مثل هذا التشبع الوراثي ضعيفاً إذا ظهر الاكتئاب بعد سن الخمسين. ويرى بعض العلماء، من ناحية أخرى، أنَّ لبنية الشخصية شأناً كبيراً في الإصابة بالاكتئاب وأن الشخصية دورية المزاج cyclothymic تتصف بتربة نفسية مهيأة للإصابة بالذهان الاكتئابي ـ الهوسي.
    وأما العوامل الكيمياوية ـ الحيوية فيذكر منها ما يأتي:
    ـ الأمينات الدماغية cerebral amines: تدل بعض الدراسات على أن النتائج العلاجية المثمرة بالأدوية المضادة للاكتئاب، وبالصدمة الكهربائية، وتأثير بعض الأدوية المبددة للأمينات الدماغية، تؤكد دور العوامل الكيمياوية ـ الحيوية في حدوث الاكتئاب. ويفترض أن يكون للتغيرات التي تطرأ على صنع الأمينات الدماغية، ومستوياتها واستقلاباتها، في مناطق اشتباك الخلايا العصبية شأن كبير في حدوث الاكتئاب.
    ـ الهرمونات: تلاحظ اضطرابات المزاج في خلل وظيفة الغدد الصم، كما في مرض أديسون ومتلازمة كوشنغ Cushingوالوذمة المخاطية myxedema، وكذلك الاضطراب الاكتئابي عقب الولادة نتيجة الهبوط الشديد في مستوى «البروجسترون» المصنوع في المشيمة، كما يلاحظ في الإياس ارتفاع مستوى «الكورتيزول» (الذي يفرز من قشر الكُظْر) ارتفاعاً ملحوظاً في حال الاكتئاب (20.8ميكروغرام في100مم) ويلاحظ انخفاض هذه النسبة بعد الشفاء. ولكن دراسات جرت في السبعينات من القرن العشرين بينت ما يناقض ذلك: فالمستويات الستيروئيدية القشرية corticosteroid كانت سوية أو منخفضة في الاضطراب الاكتئابي. وقد اختلف الباحثون في هذه النتائج، ومع ذلك، فإن معظمهم يقبلون بوجود فرط نشاط قشري ـ كُظْري ـ ستيروئيدي عند مجموعة من مرضى الاكتئاب وارتفاع مستويات الكورتيزول في المصوّرة plasma، واضطراب هرمون الدوبامينبالدماغ.
    ـ الشوارد electrolytes: من المعروف أن كمون العمل والراحة للخلايا العصبية والعضلية يقع تحت سيطرة مستويات تركيز الصوديوم والبوتاسيوم وغيرهما من الشوارد. ولهذه الشوارد أيضاً تأثير في استقلاب مواد النقل العصبيةneurotransmitters. وقد أثبت كوبن Coppen وجماعته (1966) وجود اضطراب في نسبة الصوديوم والبوتاسيوم لدى مرضى الاكتئاب الذهاني، إذ لوحظت زيادة نسبة الصوديوم في خلايا المريض وعودتها إلى الحد الطبيعي بعد شفائه. أما البوتاسيوم فتنخفض نسبته داخل الخلايا إلى ما دون المستوى السوي.
    وأما الكلسيوم فقد لوحظ تناقصه في إفرازات البول عند مرضى الاكتئاب الذين يتماثلون إلى الشفاء.
    2ـ العوامل النفسية: يذهب العاملون في الطب النفسي والعلاج النفسي، والباحثون في الشذوذ النفسي، إلى أن ثمة عوامل نفسية كثيرة ومتنوعة تسبب الاكتئاب وتكون بعضها عوامل رئيسة في نشوئه وتطوره لدى الشخص. ولهؤلاء نظريات كثيرة في شرح هذه العوامل وتفسيرها، وهذه النظريات هي الأساس المرجعي لتحديد اتجاهات المعالجة وأساليبها وتقاناتها. ومن أهم هذه النظريات نظريات التحليل النفسي التي بدأت مع فرويد Freud وأخذت عدة مناحٍ بعده، والنظريات السلوكية، والنظريات الطبية النفسية.
    يرى فرويد أن الاكتئاب يحدث بتأثير تفاعل بين الدوافع والعواطف، وقد وازن بين الحزن والاكتئاب ورأى أن ضعف الأنا واضح في الاكتئاب، أما في الحزن فتكون «الأنا» سليمة. ويرى كارل أبراهام Karl Abraham، وهو من كبار العاملين في التحليل النفسي في الولايات المتحدة الأمريكية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، أن مشاعر العدوان والكراهية المدمرة للقوى العاطفية تنجم عن رغبات جنسية غير مروية ومكبوتة، وأنها هي التي تسبب الاكتئاب. وقد وسع أبراهام نظرية فرويد الجنسية قبل المرحلة التناسلية، وطرح مفهوم المرحلة الجنسية ـ النفسية للنمو، وذكر أن الاكتئاب تثبيت للمرحلة الفموية oral stage (وهي المرحلة التي يرى فرويد أنها تقع في السنتين الأوليين من حياة الطفل) بفعل الاستعداد الوراثي المسبق للشبق الفموي oral erotism وخيبة أمل الطفل في الحب. أما ميلاني كلاين Melanie Klein، وهي من جماعة الفرويدية الجديدة Neo-Freudianism فتعزو الاكتئاب إلى طبيعة العلاقة القائمة بين الأم والولد.
    أما النظريات السلوكية، التي تنطلق من عملية التعلم، والتي غدت واسعة الانتشار في النصف الثاني من القرن العشرين فتنظر إلى الاكتئاب، في مستوياته المتعددة على أنه تعلّم منحرف يفسره الإشراط السلوكي [ر] behavioral conditioningوعملية التعزيز [ر] reinforcement. وهذه النظريات، المنطلقة من القول إن كل سلوك لدى الإنسان هو سلوك متعلّم، لا تقف عند شرح حدوث الاكتئاب نتيجة عملية تعلّم، بل تذهب إلى القول: إن معالجة الاكتئاب تأخذ هي عينها طريق عملية تعلّم تضعف الاكتئاب أو تزيله وتُحل محله سلوكاً جديداً سليماً. أما النظريات الطبية النفسية فتعزوها إلى اضطراب إفراز هرمونالدوبامين بالدماغ وما زالت الأبحاث فيها مستمرة.
    الاكتئاب
    يقصد بها مجموعة الأعراض أو العلامات التي تؤلف معاً صورة سريرية معينة أو كياناً سريرياً لاضطراب معين. يبدي مرضى الاكتئاب تنوعاً كبيراً في الأعراض والعلامات، منها أعراض نفسية رئيسة وأخرى بدنية ثانوية.
    أما الأعراض الرئيسة ففيها ما يلي:
    ـ المزاج السوداوي: وهو عرض مهم يميز الاكتئاب من غيره من الاضطرابات النفسية ويتصف بالشعور بالغم والكدر. ويتبدى المزاج المكتئب أحياناً بالقلق أو الهياج والعجز عن الاستمتاع بمباهج الحياة ومسراتها.
    ـ التثبيط في القدرات العقلية: يشكو المكتئب من بطء التفكير، وصعوبته، وضحالة التخيل، ونضوب الأفكار، وصعوبة تركيز الانتباه، وضعف الذاكرة، وتدني القدرة على اتخاذ القرارات وتتسلط الوساوس على تفكيره وعواطفه، وتسيطر عليه مشاعر العدمية وتبدّد الشخصية depersonalization، وتراود ذهنه فكرة الانتحار نتيجة الشعور بالإثم الضاغط، والضيق الشديد القاتل، والهواجس والمخاوف المرضية بشتى ألوانها.
    ـ التثبيط أو الهياج في النشاط النفسي ـ الحركي: فمن الناحية السريرية، إما أن يكون الاكتئاب «تأخرياً» retarded، يهيمن التثبيط النفسي الحركي على المريض هيمنة شديدة، كما هي الحال في الطور الاكتئابي للذهان (الاكتئابي الهوسي)، فلا يقوى على القيام بأي حركة أو نشاط، ويكون خامداً فكرياً أو سلوكياً، أو يكون بخلاف ذلك متهيجاً غير مستقر (الاكتئاب الهياجي)، وغير مطمئن، فهو يتكلم بصوت متخوف قلق، ويشكو من اضطرابات بدنية غير نموذجية تدل على وسواس مرضي hypochondrial ويكون مثبَّط الدوافع والاهتمامات ولا يقوى على إنجاز شيء مع هياجه وفرط نشاطه.
    ـ اضطرابات النوم: وهي ثلاثة أنواع، أرق أول الليل، وأرق منتصف الليل، وأرق أواخر الليل. ففي الاكتئاب النفسي المنشأ psychogenic لا يكاد المريض يغلبه النوم حتى يستفيق فجأة إثر كوابيس وأحلام مزعجة، خائفاً مذعوراً، ويخاف النوم تحسباً من عودة هذه الكوابيس فيدخل في حلقة الأرق المعيبة أي في أرق منتصف الليل الذي لا يجد المريض فيه صعوبة في الولوج في النوم إلا أن مدته تكون قليلة يستفيق فيها عدة مرات فيشعر كأنه لم ينم. أما أرق آخر الليل، فيستيقظ المريض فيه باكراً جداً (الساعة الثالثة صباحاً) ويصعب عليه النوم ثانية، ويقضي ما تبقى من الليل صاحياً يفكر بما سيجلب له النهار المقبل من معاناة ومتاعب نفسية.
    أما الأعراض البدنية الثانوية المصاحبة فمنها: فقدان الشهية إلى الطعام أو بالعكس الشراهة وزيادة الوزن أو نقصانه (الأخير غالباً)، والألم بأنواعه (الصداع، والألم القطني والآلام العصبية المتعددة الأشكال، والشكاوى المفصلية وغيرها)، والاضطرابات القلبية الدورانية، والاضطرابات التنفسية (عسر التنفس، والشعور بثقل على الصدر)، والاضطرابات الهضمية (سوء الهضم، والألم الشُّرْسُوفي «فوق المعدة»، والإمساك)، واضطرابات الطمث عند النسوة، والاضطرابات الجنسية عند الجنسين. إن الطابع المُراقي الوسواسي هو الذي يغلب على هذه الشكاوى البدنية المذكورة.
    تصنيف الأمراض الاكتئابية
    ما يزال تصنيف الأمراض الاكتئابية، كأسبابها، موضع نقاش وخلاف، إذ لم يجمع الباحثون حتى اليوم على تصنيف واحد مقبول من بين التصنيفات الكثيرة المطروحة منذ عهد الطبيب الألماني إميل كريبلن (1856-1926) Emil Kraeplin الذي وضع تصنيف الأمراض النفسية المعروف باسمه. ومع ذلك، يمكن ذكر التصنيف التالي الأكثر استخداماً وشيوعاً في كتب الطب النفسي وذلك من حيث منشأ المرض الاكتئابي: فهنالك الاكتئاب الخارجي المنشأ exogenous أو الاكتئاب النفسي المنشأ، وهناك الاكتئاب الداخلي المنشأ endogenous.
    أما الاكتئاب الخارجي المنشأ، أو النفسي المنشأ، فتسببه عوامل ومؤثرات بيئية ضاغطة وتتميز فيه ثلاثة أنواع رئيسة:
    ـ الاكتئاب الارتكاسي reactive: وتسببه شدات خارجية راضّة مؤلمة كوفاة عزيز مثلاً أو أزمة مالية، أو رسوب في امتحان، أو طلاق، أو خيبة في الحب. ويبدي المريض ارتكاساً اكتئابياً أطول زمناً مما يبديه شخص آخر سويّ أصابته مثل هذه الشدات.
    ـ اكتئاب الإعياء exhaustion depression: وغالباً ما يأتي نتيجة تعرض الفرد لتعب نفسي وتوترات وشدات متراكمة طويلة، تستنفذ الكثير من طاقاته البدنية والنفسية.
    ـ الاكتئاب العصابي neurotic: ينشأ نتيجة صراعات داخلية نفسية مزمنة لا شعورية مستمرة في إزعاجها. تفجر هذه الصراعات المتوارية أزمة مباشرة تعترض حياة المريض ولا يقوى على التصدي لها فتنهار وسائل دفاعه النفسية، ويصاب بهذا النوع من الاكتئاب الذي يتصف سريرياً بالقلق والتهيج.
    وأما الاكتئاب الداخلي المنشأ فيعد الشكل النموذجي للذهان العاطفي، وللعوامل الوراثية أثر كبير في ظهوره. وهناك تسميات مختلفة له مثل: السوداوية، والذهان الاكتئابي والهوسي، والاكتئاب الحيوي، ودورية المزاج cyclothymia. ويكون هذا الاكتئاب على نوعين وفقاً للصورة السريرية التي يبديها، فإما أن يكون وحيد القطب وإما ثنائي القطب.
    أما الوحيد القطبunipolar: فتكون فيه الهجمة الاكتئابية طورية صرفة مدتها بين أربعة أشهر وستة تقريباً، وتطول هذه المدة مع تقدم العمر عادة، تليها مرحلة شفاء مدتها من سنة إلى سنتين تقريباً، ومن ثم يتعرض إلى هجمة اكتئابية أخرى وهكذا طوال حياته. ويكون عدد النوبات على العموم من 2 إلى 8 طوال حياة المريض.
    وتصادف في هذا الاكتئاب جميع الأعراض التي ذكرت ولاسيما التثبيط النفسي الحركي (الشكل 1).
    وأما الثنائي القطب bipolar: فتنتاب المريض فيه نوبة اكتئابية تليها مباشرة نوبة هوسية manic تخالف الأولى كلياً بالصورة السريرية ومن ثم تأتي نوبة اكتئابية وبعدها نوبة هوسية وهكذا في مدة تشبه بعض الشبه النموذج الوحيد القطب (الشكل 2).
    يكون مزاج المريض في الطور الهوسي متفائلاً، ومعنوياته عالية، ودوافعه متزايدة، ويبدو مفرط النشاط النفسي ـ الحركي، كما يبدو شديد الثقة بنفسه حتى الغرور، وسريع توارد الأفكار، طليق اللسان، ومع ذلك يكون محتوى تفكيره ضحلاً سطحياً. يتكلم عن طموحات وآمال عريضة تتصل بالمستقبل، إلا أنه في واقع الأمر لا ينفذ شيئاً منها، إذ هي أقرب إلى التمني منها إلى الواقع العملي. ويتصرف تصرفات هزلية تدعو للسخرية والضحك لا تتناسب مع الموقف الذي هو فيه. وتقوده هذياناته إلى تبديد الأموال التي بحوزته بلا طائل، وإلى الإقدام على ممارسات لا أخلاقية، كالاحتيال والغش، وسرعان ما ينكشف أمره للناس.
    يدخل في تصنيف الاكتئاب الداخلي المنشأ، السوداوية الانتكاسية أو ما يسمى الاكتئاب الأَوْبي Involutional. ويظهر عند بعض النسوة بعد سن الخمسين وعند بعض الرجال بعد الستين وأسبابه هرمونية (كالإياس). تتصف النوبات الاكتئابية بغلبة الأوهام والأهلاس. مدة النوبة أقصر من نوبة الذهان الاكتئابي الهوسي. ومن الجدير القول هنا إن جميع الأعراض الاكتئابية لا تظهر بالضرورة في كل حال اكتئابية. وهذا ما جعل العلماء يدخلون تصنيفاً جديداً للاكتئاب لم يكن معروفاً ولا مشخصاً من قبل أسموه الاكتئاب المقنعmasked depression الذي يتبدى في أعراض بدنية مسيطرة يختفي وراءها الاكتئاب.
    يتجلى الاضطراب الاكتئابي عند الأطفال في أعراض غير نموذجية، مثل الانفجارات العاطفية، والغضب، والنفور من المدرسة، وفرط النشاط، وسلس البول (بول الفراش) enuresis وأعراض بطنية، والصداع، وحالات الإقياء المتكرر. وغالباً ما يكون سببه شعور المريض بأن الأبوين يرفضانه، أو فقدان أحدهما نتيجة الموت أو الطلاق أو الانفصال.
    أساليب معالجة الاكتئاب
    يعد مرض الاكتئاب من أدق الأمراض النفسية وأحسنها في الاستجابة إلى المعالجة بشرط توفير العلاج المناسب والشامل.
    تبلغ نسبة الشفاء من الهجمة الاكتئابية نحو 80% قبل سن الثلاثين، وتقل هذه النسبة مع تقدم العمر. وعموماً كلما كان التعرض الاكتئابي صرفاً غير مختلط مع اضطراب نفسي آخر كان التوقع أو الإنذار أفضل وأحسن.
    وطرائق العلاج الطبي للاضطراب الاكتئابي أو الاكتئاب الهوسي متعددة وبينها العلاج الدوائي والعلاج بالصدمةالكهربائية.
    أما العلاج النفسي ففيه مناح كثيرة بينها التحليل النفسي، والمعالجة بتعديل السلوك التي تلح على التعزيز الإيجابي لسلوكيات جديدة تكيفية متعلَّمة، والمعالجة المعتمدة على التفاعل العقلاني العاطفي. وكثيراً ما تشمل استراتيجية العلاج أكثر من طريقة كأن تجمع مثلاً بين العلاج الطبي والعلاج النفسي في واحد أو أكثر من أساليبه، أو تجمع بين أكثر من واحدة من طرائق العلاج النفسي. ويكون لشدة الاضطراب والعوامل المؤثرة فيه المكان الرئيسي في تحديد ما يجب أن تشمله استراتيجية المعالجة.
    محمد الحجار

  10. #510
    الإكزيمة

    الإكزيمة eczema تفاعل جلدي التهابي ينجم عن عوامل خارجية أو داخلية، أو عنهما معاً.
    وتتصف الإكزيمة نسجياً بسُفاج (حالة إسفنجية) spongiosis وشُواك acanthosis وبرشاحة لمفية وناسجات histocytesحول الأوعية الأدمية العليا، وتختلف هذه الموجودات النسجية بحسب المرحلة الإكزيمية، إذ تقسم الإكزيمة بحسب سيرها إلى حادة وتحت الحادة ومزمنة. تتصف المرحلة الحادة بظهور الحويصلات على سطح حُمَامي (طفح وردي)، قد تنز نقاطاً صغيرة (الآبار الإكزيمية)، وتتصف المرحلة المزمنة بظاهرة تكون الحزاز lichenification إذ يثخن الجلد وتزداد خطوطه وضوحاً. والإكزيمة مرض حاك والحكة فيه شديدة عادة.
    تؤلف الإكزيمة النسبة الكبيرة بين أمراض الجلد، وهي واسعة الانتشار، وتزداد حالاتها في الوقت الحاضر بسبب كثرة التعرض للمواد الكيمياوية في الحياة الحديثة.
    يعد مصطلح الإكزيمة والتهاب الجلد Dermatitis مترادفين في الوقت الحاضر غير أنه لا يوجد اتفاق عالمي على هذا الرأي، ولكن يمكن الأخذ به لتسهيل دراسة الإكزيمة، وحيثما ورد مصطلح التهاب الجلد أو الإكزيمة فمدلولهما واحد في معظم الحالات.
    تصنيف الإكزيمة
    تقسم الإكزيمة قسمين رئيسين بحسب السبب:
    الإكزيمة بأسباب خارجية: وتضم التهاب الجلد التخريشي والإكزيمة الأرجية بالتماس، والإكزيمة الأرجية الضيائية بالتماس، والإكزيمة الخمجية، والإكزيمة الفطرية (الطفحة الفطرية) والاندفاع الضيائي متعدد الأشكال الإكزيمي.
    الإكزيمة بأسباب داخلية أو بأسباب مجهولة: ومنها الإكزيمة التأتبية (التهاب الجلد التأتبي) atopic dermatitis، والتهاب الجلد الزهمي، والإكزيمة اللازهمية asteatotic eczema والإكزيمة الدرهمية nummular، أو القريصية، والإكزيمة الفقاعانية، والإكزيمة الانجذابية (الركودية) والإكزيمة المفرطة التقرن والطفحة الإكزيمية النخالية (الإكزيماتيد)، وإكزيمة اليد والجلاد الفتوي الأخمصي والاندفاع الدوائي الإكزيمي. وهذا التقسيم صنعي لتسهيل دراسة هذا المرض الواسع الانتشار.
    وفيما يأتي أهم أشكال الإكزيمة
    ـ التهاب الجلد التخريشي: يصيب عادة ربات البيوت، ولذلك يسمى أيضاً إكزيمة ربات البيوت أو إكزيمة اليد العاملة، وينتج من جفاف راحة اليد بتأثير المواد الكيمياوية ولاسيما المنظفات الحديثة. يبدأ بجفاف رؤوس الأصابع، ثم يمتد ليشمل راحة اليد كلها أو معظمها، وقد تظهر شقوق مؤلمة تكون عميقة أحياناً.
    ـ الإكزيمة الأرجية بالتماس وتسمى كذلك التهاب الجلد الأرجي بالتماس: وينجم هذا الالتهاب عن استعداد خاص يؤدي إلى فرط حساسية تجاه مستأرج allergen أو مستأرجات كيمياوية مست الجلد، وتعرضها أكثر من مرة، وتتحد هذه المواد المؤرجة مع بروتينات الجلد وتشكل مستضداً، يتكون له في العضوية ضد بوساطة الخلايا اللمفية. وباتحاد المستضد مع الضد تنطلق وسائط كيمياوية تؤدي إلى تشكل السطوح الإكزيمية. ومن المواد المؤرجة الكروم والنيكل والكوبالت والمواد المطاطية والأدوية وصبغة الملابس ومواد الزينة وعصارة بعض النباتات، ومواد كيمياوية كثيرة تزداد في الوقت الحاضر بسبب تقدم الصناعات الكيمياوية. تتظاهر الإكزيمة الأرجية بالتماس سريرياً بسطوح حمامية عليها حويصلات صغيرة و ذلك في مكان تماس المؤرج مع الجلد، أو تتعدى حدود التماس أحياناً إلى أنحاء أخرى من الجلد. وتوضعها في العنق أو المعصم يشير إلى التماس مع النيكل في الحلي غير الذهبية، وتوضعها على الوجه والأجفان يدل على أنها من مواد التجميل، وإكزيمة اليدين مهنية من الكروم كما في الإسمنت، أو من مواد كيمياوية مختلفة، وإكزيمة القدمين من الأحذية، وتتوضع الإكزيمة الناتجة من التماس مع أصبغة الألبسة في الثنيات عادة. يكشف المؤرج في هذا الشكل من الإكزيمة بالاستجواب الدقيق والفحص السريري وبالاختبارات الرقعية أو اللطخية patch test.
    ـ الإكزيمة الضيائية بالتماس: تنتج من تحسس الجلد بمواد كيمياوية مع وجود الأشعة فوق البنفسجية، ومن هذه المواد مركبات الفينوتيازين والهالوجينات والعطور وغيرها. يمكن أن تُحدِث هذه المواد بوجود الضياء تفاعلاً انسمامياً ضيائياً أو تفاعلاً أرجياً ضيائياً.
    ـ الإكزيمة الخمجية: تنتج من الجراثيم أو مستقلباتها الموجودة في القرحات والنواسير والجروح المتقيحة وتَحْدُث حولها سطوح إكزيمية.
    ـ الإكزيمة الفطرية أو الطفحة الفطرية: تتصف بسطوح إكزيمية تالية لوجود بؤرة فطرية واضحة.
    ـ الإكزيمة التأتبية: تسمى أيضاً التهاب الجلد التأتبي كما ذكر، وهي إكزيمة مزمنة تبدأ معظم حوادثها في الطفولة الأولى، وقد تستمر في الطفولة الثانية حتى بعد البلوغ، وقد تبدأ في أي سن. يرتفع فيها عادة الغلوبولين المناعي (IgE) E مع سوابق تأتبية عند المصابين.
    أما الآلية التي يتم بها هذا النوع من الإكزيمات فغير واضحة حتى اليوم. وتحاول نظريات عدة شرح آليتها الإمراضية. ومن هذه النظريات النظرية المناعية التي ترى أن ارتفاع الغلوبولين المناعي E ونقص في الخلايا التائية T ووظيفتها واختلال التوازن بين أنواع هذه الخلايا )اختلال التوازن بين الجلد والخلايا T المؤازرة والكابتة( يؤدي إلى تفاعل ذاتي موجه ضد الجلد.
    وتعزو النظرية الثانية هذا المرض إلى حصار مستقبلات بيتا الأدرينالية الفعل. وقد يكون للعامل النفسي والاستعداد التأتبي واضطراب استقلاب الحموض الدسمة ونقص في CAMP وخلل في وظيفة العدلات شأن في الإمراض أيضاً.
    والمرض مزمن ويمكن أن يلاحظ في أيّ سن، ويصيب الذكور أكثر من الإناث، وتختلف توضعات السطوح الإكزيمية بحسب السن، والعرض الشخصي هو الحكة الشديدة. ويبدأ هذا المرض في أغلب الحالات في الطفولة بعمر 2 ـ 6 أشهر، ولكن قد يبدأ في أيّ سن كما ذكر، وتسهيلاً لدراسة الإكزيمة التأتبية تقسم إلى إكزيمة الرضَّع وإكزيمة الأطفال وإكزيمة البالغين.
    أ ـ إكزيمة الرضّع: تبدأ إكزيمة الرضع على الوجه عادة وتعف عن مركزه، وقد تشاهد على الفروة، وفي أيّ مكان آخر من الجلد، إذ تصاب الثنيات عندما يكبر الطفل. تتصف هذه الإكزيمة بسطوح حمامية وعليها حويصلات نازة، يمكن أن تغطى بقشور ويمكن أن تختلط بالتقيح، والطفل يحك بشدة. ويمكن أن تتراجع بعد سنتين من عمر الطفل، وبعض حوادثها تستمر إلى عمر أكبر.
    ب ـ الإكزيمة التأتبية عند الأطفال: تصيب الثنيات وخاصة الثنيات المرفقية والمأبضية والعنق والمعصمين، ويمكن أن تصيب الجلد في أيّ مكان آخر، ويحل تكوّن الحزاز محل النز في إكزيمة الرضع ويميل الجلد إلى الجفاف ولكن قد تكون هناك سطوح إكزيمية نازة.
    ج ـ الإكزيمة التأتبية عند البالغين: تشبه الأكزيمة التأتبية عند الأطفال من جهة توضّع السطوح الإكزيمية وخاصة في الثنيات واليدين، وقد تصيب المناطق الأخرى أيضاً. يمكن أن ترتبط الإكزيمة التأتبية بزيادة التحسس من الأدوية وباضطرابات استقلابية، وقد ترافقها الحاصَّة البقعية )تساقط الشعر( alopecia areata والسَّاد العيني، وذُكر حدوث الموت المفاجئ في بعض الحالات. وإذا ما تعرض الطفل المصاب بالإكزيمة التأتبية لفيروس الحلأ البسيط herpes أو لفيروس لقاح الجدري فإنه يمكن أن يصاب بهذين المرضين وتؤدي إلى الإكزيمة الحلئية أو الاندفاع الحماقي الكابوزي، ولذلك يمنع تلقيحه بلقاح الجدري. تمر الإكزيمة التأتبية بفترات هجوع ونكس وتتحسن بتقدم السن.
    ـ الإكزيمة الزهمية )الدهنية( أو التهاب الجلد الزهمي: مرض شائع مزمن يصيب الذكور أكثر من الإناث وسببه مجهول، ويفترض أن للوراثة شأناً في إحداثه، وقد يكون لبعض الفطور على الجلد شأن في إمراضه أيضاً، ويعزوه البعض لأسباب هرمونية، وهو يبدو بأشكال سريرية متنوعة، تتراءى أحياناً بوسوف جافة على الفروة، وأحياناً بشكل سطوح حمامية مع وسوف وزيادة في إفراز الزهم. ويمكن أن يتجلى هذا المرض بسطوح حمامية وسفية في محيط شعر الفروة وقد يصيب زاويتي الأنف والذقن، أو بسطوح حمامية وسفية في منتصف الصدر، أو الظهر والثنيات، والمرض حاكّ.
    يتظاهر التهاب الجلد الزهمي عند الأطفال بطاقية المهد )خبز الرأس( cradle cap، وقد يصيب الثنيات بالمَذحintertrigo، وقد يتشارك بالحُمامى الأَلْيوية.
    ـ الإكزيمة اللازهمية asteatotic eczema: تعزى إلى نقص الطبقة الزهمية الجلدية، وتتصف بجفاف الجلد مع احمرار خفيف وتشققات سطحية عليه )فلوح chapping)، وأكثر ما تشاهد على الأطراف. تزداد شتاء، وتصيب الشيوخ غالباً.
    ـ الإكزيمة الدرهمية nummular eczema: ويفترض في سببها التأتبية أو الأخماج أو الرضوض الفيزيائية والكيمياوية. تظهر على شكل بقع حمامية محدودة تشبه قطع النقد المعدنية وعليها اندفاعات حَطَاطية حويصلية نازة مع قشور، وأكثر توضعها على اليدين والذراعين.
    ـ الإكزيمة الفقاعانية pemphigoid eczema: تسمى أيضاً إكزيمة خلل التعرق وهي مجهولة السبب، ويفترض أن تكون تفاعلاً ثانوياً لآفات فطرية في القدم أو بتماس مع مؤرجات كيمياوية، وقد تكون بسبب نفسي. تتصف باندفاعات حويصلية كبيرة على جانبي الأصابع، وقد تمتد لتصيب الراحتين والأخمصين، وليس لهذه الآفة علاقة بالغدد العرقية، ولها شكل توسفي يسمى التوسف الصفيحي الصيفي.
    ـ الإكزيمة الانجذابية gravitation eczema: وتعزى إلى فرط التوتر الوريدي في الطرفين السفليين، وتسرب ذرات الفبرينوجين إلى السائل ما بين الخلايا، وتتشكل معقدات فبرينية حول الشعيرات تمنع تبادل الأكسجين من خلالها. وقد يكون للرضوض شأن في إحداثها أيضاً. تتصف بظهور سطوح إكزيمية على الساقين المصابتين بالدوالي، وهذه السطوح وذمية، وقد تترافق باندفاعات فرفرية purpura وترسب هيموسيدريني Hemosiderinic، وقد تظهر بعض التقرحات.
    ـ الإكزيمة المفرطة التقرن hyperkeratotic eczema: تتصف بفرط تقرن في راحة اليد والأصابع مع شقوق مختلفة العمق. ويجب تفريقها عن الآفات الفطرية والصُّداف.
    ـ نخالية الوجه البيضاء (الطفحة الإكزيمية النخالية) pityriasis alba: تظهر على شكل بقع قليلة الحمرة مع وسوف دقيقة أو تبدو بشكل بقع بيض مع وسوف ناعمة عليها، وهي مجهولة السبب، وقد تبين وجود نسبة كبيرة من الأتوبية في سوابق المصابين بهذه الآفة، وقد يكون للعوامل الخارجية شأن في إحداثها أيضاً.
    ـ الحزاز البسيط lichen simplex: سببه مجهول، وقد يكون للرض أو العامل النفسي شأن في إحداثه، ويتصف بسطح أو سطوح حزازية حاكة بشدة.
    التشريح المرضي في الإكزيمة
    تعكس الموجودات التشريحية المرضية الحالة السريرية في الإكزيمة وتتغير بتغيرها. ويشاهد في المرحلة الحادة السُّفاج وتشكل الحويصلات في البشرة. يقل السُّفاج وتزداد الأشواك في المرحلة تحت الحادة مع ظهور خطل التقرن parakeratosisوتبدأ الحليمات في التطاول، وفي المرحلة المزمنة يظهر فرط تقرن وخطل التقرن مع أشواك وتظهر رشاحة لمفية خفيفة في الأدمة العليا.
    معالجة الإكزيمة
    لا توجد معالجة واحدة لكل أنواع الإكزيمة ولكن توجد أسس مشتركة وهي إبعاد السبب بعد معرفته إن أمكن أو معالجته، وخاصة إكزيمة الأرجية بالتماس[ر] التي يُعمد فيها إلى إجراء الاختبارات الرقعية أو اللطخية لمعرفة المادة المسؤولة عنها وإبعادها. ويجب إبعاد المخرشات ما أمكن مثل الصوابين والمنظفات الحديثة والثياب الصوفية. ويمنع استعمال الفوَطالمعدة من المواد الصنعية (النايلون) في التهاب الجلد الزهمي خاصة عندما يتشارك بالتهاب جلد المنطقة التي تغطيها الفوطة.
    تطبق الستيروئيدات القشرية على شكل مرهم، أو تعطى داخلاً في الحالات الشديدة والمنتشرة من الإكزيمة، يمكن تخفيف الحكة بمضادات الهستامين، وتطبق الصوابين السائلة الرغوية (شامبو) القطرانية أو الحاوية على الكيتوكونازول في التهاب الجلد الزهمي عند البالغين، وتعالج البؤر الفطرية والجرثومية في الإكزيمات الفطرية والخمجية بالأدوية الملائمة لها.
    صالح داوود

صفحة 51 من 146 الأولىالأولى ... 414950 51525361101 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال