صفحة 20 من 146 الأولىالأولى ... 101819 2021223070120 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 191 إلى 200 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 20

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322135 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #191
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    التزاوج

    التزاوج copulation هو تقارب ذكر وأنثى ينتميان في العادة إلى النوع نفسه أو إلى نوعين متقاربين جداً لتمكين الخلايا التناسلية الذكرية، وهي النطاف، من ملاقاة الخلايا التناسلية الأنثوية وهي البيوض، وتحقيق اتحاد هذه الخلايا يسمى الإلقاح.
    ولا يحدث التزاوج لدى كل الكائنات الحية، فهو غير موجود في معظم الحيوانات المائية التي يتم الإلقاح عندها، ولاسيما الأنواع البحرية، خارج جسم الحيوان، إذ ترميالأنثى بيوضها في الماء، ويقوم الذكر بنثر نطافه فوقها، أو يطلقها في الماء الذي يقوم بإيصالها إلى البيوض. وهذا يتم لدى كثير من اللافقاريات البحرية كالرخويات ذوات المصراعين[ر] والحلقيات[ر] ومعائيات الجوف[ر] وكثير من الأسماك[ر] والبرمائيات[ر]. وفي هذه الحالات يكون الجهاز التناسلي بسيطاً للغاية، و يتألف من مناسل وقنوات ناقلة تؤدي إلى الخارج مباشرة. ويتوافق في الغالب إطلاق النطاف لدى هذه الحيوانات مع إطلاق البيوض، ذلك أن نضوج الذكور والإناث جنسياً يكون في الوقت نفسه، على نحو يتحقق معه وجود البيوض والنطاف في آن واحد. ففي الضفادع مثلاً يتثبت الذكر على ظهر الأنثى ضمن الماء، وتساعده في ذلك إبهامه المزودة بثفنة callosityخاصة تسمى ثفنة التزاوج، ويساعده كذلك وضع ساعديه الأماميين تحت إبطي قرينته. ثم تُلْقي الأنثى بيوضها في الماء، فيحرض هذا الأمر الذكر انعكاسياً على قذف نطافه ونثرها فوق البيوض. وأغرب ما يعرف عن هذا التوافق في نضج العناصر التناسلية ما يحدث لدى بعض حلقيات المحيط الهادئ قرب جزر سامُوا Samoa، المعروفة باسم ديدان البالولو Palolo التي تتكاثر في مدة يمكن التكهن بها، إذ ترمي الذكورُ نطافَها في ماء البحر في ليالي الربع الأخير من قمر تشرين الأول ـ تشرين الثاني فيتحول ماء البحر عندها إلى سائل حليبي، وتتلقف الإناث هذه النطاف لتتم عملية الإلقاح.
    وينتج من الإلقاح في الماء عادة ضياع كميات كبيرة من العناصر التناسلية، ويُعَوَّض ذلك بإنتاج كميات كبيرة من هذه العناصر، فأنثى سمك الرَّنكة (الهرنغ) مثلاً تطرح 30.000 -70.000 بيضة، وأنثى الشبوط تبيض 700.000 بيضة، في حين تطلق أنثى سمك المورة (غادُس) والحفش [ر.الحفشيات] عدة ملايين من البيوض.
    أما حيوانات المياه العذبة والحيوانات البرية فالإلقاح الخارجي عندها مستحيل، فالماء العذب يخرب النطاف إذا بقيت فيه مدة طويلة، لذلك يكون الإلقاح داخلياً لدى الكثير من الأسماك، وفي جميع الرخويات والخيطيات وفقاريات اليابسة، ولابد عندها من حدوث التزاوج بالمعنى الصحيح، مما يمثل تكيفاً يلائم شروط البيئة التي تعيش فيها الحيوانات. وهكذا يضاف إلى الأجهزة التناسلية للحيوانات غددٌ تفرز مواد تحمي العناصر التناسلية، فالبيوض تحاط بمادة هلامية، وأحياناً بقشرة كلسية، كما في بيوض الطيور. أما الذكور فتفرز سائلاً تسبح فيه النطاف ليسهل نقلها إلى جسم الأنثى.
    ولما كان الإلقاح يتم داخل جسم الأنثى، لذلك لابد من وجود عضو يضمن وصول النطاف إلى داخل جسم الأنثى. ويتمثل هذا العضو عادة بقضيب يولجه الذكر في عضو التزاوج الأنثوي المتمثل بالمهبل. وليس من الضروري أن يكون العضو الذكري جزءاً من المجاري التناسلية للذكر أو أن يكون له ارتباط بها، فقد يكون العضو الذكري شويكات بسيطة تساعد في حدوث تماس مباشر ومحكم بين الفتحة التناسلية الذكرية والفتحة الأنثوية، كما في دودة الصَفَر Ascaris، وكما في ذكر العنكبوت الذي يقوم باغتراف نطافه بلامسته القدمية المزودة بقليْم stylet طويل يولجه الذكر في مهبل الأنثى، وبذلك يتم وضع النطاف في مجاريها التناسلية. أما العَنْقَريطArgonauta، وهو من الرخويات رأسيات الأرجل[ر]، فيضع نطافه في جهاز خاص يسمى حامل النطاف، وعند التزاوج يقوم الذكر بإدخال حامل النطاف هذا في جسم الأنثى بمساعدة مِجَسِّهِ الثامن المتخصص الذي يسمى الذراع المنوية والذي يُبْتَر من قاعدته لكي يتمكن الذكر من وضعه داخل جسم الأنثىثم يبتعد عنها.
    وتتزاوج بعض الحيوانات مرة واحدة في حياتها كلها. فذكر النحل مثلاً يلقح الملكة في أثناء طيرانها الزفافي في الجو، وما إن يعود هذا الذكر إلىالخلية حتى تقضي عليه العاملات التي تنتظر ملكتها الملقحة. إلا أن هنالك، من جهة أخرى، كائنات يستمر فيها التزاوج طوال حياتها، فالإنسان مثلاً يستمر في ذلك بغض النظر عن الزمان دونما ارتباط بوقت معين.
    وتجدر الإشارة إلى أن التزاوج يرتبط ارتباطاً وثيقاً، عند بعض الحيوانات، بمدة ما يتعرض الحيوان له من ضوء النهار لأن ذلك يؤثر في الغدة النخامية في الدماغ. وهذا يفسر اقتصار تكاثر بعض الحيوانات على فصل معين من السنة. فطيور المناطق المعتدلة مثلاً تتكاثر في الربيع بعد راحة تمتد طيلة الخريف والشتاء. وحقيقة الأمر أن مناسل الطيور تخمل بعد انتهاء فصل التكاثر، فتتوقف لديها سلوكية التزاوج، وتبدأ الطيور بالتجمع أسراباً بدلاً من ظهورها في أزواج. وبنتيجة خمول المناسل يتوقف إفرازها للهرمونات الجنسية التي يُعزى إليها السلوك الجنسي. وما إن يقترب الربيع حتى يطول النهار، فتعود المناسل إلى نشاطها من ناحية تكوين الأعراس وإفراز الهرمونات التي تعيد السلوك الجنسي الى ما كان عليه. وهذه هي حال كثير من الثدييات، فآكلات الحشرات[ر] واللواحم والقواضم والحافريات غير المجترة تتكاثر في نصف الكرة الشمالي في نيسان تقريباً، وفي نصف الكرة الجنوبي في أيلول من كل عام. ويصل الأمر إلى درجة أن هذه الحيوانات تغير فصل تكاثرها إذا ما نقلت من أحد نصفي الكرة الأرضية إلى النصف الآخر، فعندما نُقل الأيل الأحمر red deer إلى نيوزيلندة استمر في تكاثره في أثناء خريف نصف الكرة الشمالية الذي يطابق ربيع نصف الكرة الجنوبي، وكذلك الحال في الأغنام التي نُقِلت من بريطانية إلى جنوبي إفريقية.
    أما التزاوج في الحيوانات الخناثى فيتضمن تبادل النطاف بين الفردين المتزاوجين. ويكتفي العَلَق بأن يغرز الفرد حامل فتحة نطافه في أي نقطة من جسم القرين، الذي يقوم بالعمل نفسه، ومن هناك تجد النطاف طريقها إلى البيوض لتلقحها.

    عيسى العسافين

  2. #192
    تشكل الأنواع

    تشكل الأنواع speciation، مصطلح خاص بالعلوم الحيوية (البيولوجية) مرتبط بمفهومات التحول والتطور وظهور الوحدات التصنيفية الجديدة، الممثلة بالضروب والعروق والأصناف وهذا ما يعرف بتكون الأنواع. تتشكل الأنواع الجديدة بعدد من الطرائق أبرزها: التكيف[ر] adaptation، والتميز[ر] differentiation، والتغير[ر]، والتباعد، والإلقاح[ر] fecondation. يؤديالإلقاح إلى خلط المكونات الوراثية أو الجينات وتكوين عدد غير محدود من الأشكال الناتجة عن التباين التاريخي والجغرافي والبيئي. وتكتب الحياة لزمرة صغيرة جدا من الأشكال المتكيفة مع الوسط، والمختارة من آلاف الأشكال المتنحية لعدم تلاؤمها مع الشروط الجديدة للوسط الجديدة.
    طرائق تشكل الأنواع
    تتشكل الأنواع بطرائق عديدة أبرزها:
    ـ تشكل الأنواع بوساطة الإنسان القديم: دأب الإنسان في منطقة الهلال الخصيب، وفي بقاع أخرى من العالم، بالاصطفاء الطبيعي للأنواع الزراعية وفي طليعتها أنواع الأقماح القاسية، والأقماح اللينة، والأقماح مضاعفة الصيغ الصبغية 2ن=14، والأقماح رباعية الصيغ الصبغية 2ن=28، والأقماح سداسية الصيغ الصبغية 2ن=42. كما ولّد الأنواع الزراعية من الملفوف البري ممثلة بـ: الكرنب والزهرة والملفوف الأخضر والأحمر (الشكل1).
    ـ تشكل الأنواع بالتنافس على المكان: يؤدي التنافس على المكان تراجع بعض الأصناف، وتقدم أصناف أخرى كما في القراص المحرق Urtica urens الذي يضم صنفين: صنف قاتم لون الصانعات الخضراء، قصير الأشواك، مزود بالأليلة الجينية AA القاهرة، وصنف نير لون الصانعات الخضراء، طويل الأشواك، مزود بالأليلة الجينية aa الصاغرة. زرع الصنفان في ثلاثة حقول: الحقل الأول خصص للصنف الأول الصافي، والحقل الثاني خصص لخليط من الصنفين الأول والثاني، والحقل الثالث خصص للصنف الثاني الصافي. ثم وزنت المادة الجافة المنتجة في الحقول الثلاثة، فكانت النتائج أن تساوت كميات المادة الجافة في الزراعتين الصافيتين في الحقل الأول والثالث، بينما زادت كمية المادة الجافة في صنف قراص الصنف الأول، ونقصت تلك الكمية في قراص الصنف الثاني. وهكذا فإن التنافس على المكان قد نشّط نمو الصنف الأول وأضعف نمو الصنف الثاني.
    ـ تشكل الأنواع بوساطة الإنسان المعاصر: يؤدي الاصطفاء الموجه من الإنسان إلى تكوين أصناف جديدة متميزة بقيمتها الاقتصادية: فمن الذرة التي معدل المحتوى الزيتي لبذورها من مرتبة 5٪ أمكن اصطفاء صنفين من الذرة، الأول معدل المحتوى الزيتي لبذوره من مرتبة 14٪ والتاني معدل المحتوى الزيتي لبذوره من مرتبة 2٪ وذلك بعد اصطفاء صنعي تكرر خمسين مرة.
    ـ تشكل الأنواع بالرعي الجائر: أدى الرعي الجائر لنبات البوا المرجية Poa pratensis إلى تكون صنفين: الصنف الأول قصير منتشر في السهوب والجبال الآسيوية، والثاني طويل منتشر في السهوب والجبال الأوربية والأمريكية الشمالية.
    ـ تشكل الأنواع المتكيفة مع الجفاف: يتوجه تشكل الأنواع المتكيفة مع الجفاف نحو استخدام عدد من الطرائق أبرزها: ادخار الماء كما في أنواع الفصيلة الصبارية، وإطالة الجذور حتى الوصول إلى المورد المائي المستمر لطيلة العام كما في أنواع الأثل، وإنقاص سطح التعرق الممثل بضمورالسطح التعرقي للأوراق كما في أنواع الطلح والشنان والكزورينة وغيرها.
    ـ تشكل الأنواع بالعزل الكيميائي: يساعد العزل الكيميائي على تشكل العروق الجديدة ضمن الأنواع. وهكذا تشكلت عدة عروق كيميائية متميزة باحتوائها غلوسيدات سيانوجينية سامة تتضح فعاليتها إذا ما جرحت أورقها بالرعي في النفل الزاحفTrifolium repens القاطن لحوض البحر المتوسط، وخلو العروق القاطنة للمواقع الجبلية التي يزيد ارتفاعها على 1900م على سطح البحر. تتزايد السميّة بتزايد المتوسط الحراري لشهر كانون الثاني، وهكذا تخلو العروق من السميّة في متوسط حراري من مرتبة 8- درجة مئوية، وتبلغ السمية أقصى درجاتها السميّة في متوسط حراري من مرتبة 8+ درجة مئوية لشهر كانون الثاني.
    ومن العروق المتشكلة بالعزل الوظيفي الفزيولوجي تذكر الحميضة ثنائية المأنث Oxyria digyna من الفصيلة البطباطية أو العقدية Polygonaceae المكونة من عرقين الأول سيبيري قطبي يبدأ نشاطه التنفسي بدرجة الصفر, والثاني جبلي متوسطي ينبت على ارتفاع 3000م في قمة القرنة السوداء من سلسلة جبال لبنان الغربية يبدأ نشاطه التنفسي بدرجة +10 مئوية.
    ـ تشكل الأنواع بالعزل الجغرافي: يؤدي العزل الجغرافي إلى تشكيل عدد من العروق في أنواع القيصوم Achillea منها: السهلية والجبلية والساحلية والداخلية.
    ـ تشكل الأنواع بالعزل التوالدي: يتمثل العزل التوالدي المكون للأنواع بنموذجين: العزل التوالدي قبل تشكيل الزيغوت، والعزل التوالدي بعد تشكيل الزيغوت.
    1ـ العزل التوالدي قبل تشكيل الزيغوت: من أبرز العوامل المؤدية إلى عزل الأنواع بعضها عن بعضها وتكوين أنواع جديدة قبل تشكيل الزيغوت: اختلاف توقيت الإزهار، واختلاف ساعات انتشار حبات الطلع، وتباين طرائق التأبير، واختلاف أنواع الحشرات المؤبرة، وما إلى ذلك. فالسيكلامن Cyclamen يضم ثلاثة أنواع: يزهر الأول في شهر كانون الثاني، والثاني في آذار، والثالث في نيسان.
    2ـ العزل التوالدي بعد تشكيل الزيغوت: من أبرز العوامل المؤدية إلى عزل الأنواع عن بعضها وتكوين أنواع جديدة بعد تشكيل الزيغوت: اختلاف البنية الصبغية النووية، وقدّم العزل الجغرافي كما في الدلب الشرقي الآسيوي والدلب الغربي الأمريكي المنعزلين بعضهما عن بعض منذ الحقب الجيولوجي الثلاثيtertiary الذي يرجع إلى 60مليون سنة خلت، وقد شكّل تهجين هذين النوعين حديثاً نوعاً جديداً متمتعاً بحيوية مدهشة.
    ـ تشكل الأنواع بالتهجين: من أبرز الأنواع المتشكلة بالتهجين يذكر القمح الرباعي الصيغة الصبغية النووية المسمى القمح ثلاثي النسائل Triticum triunciale المنتشر من إسبانية حتى البحر الأسود، الناتج من هجونة قمحين ضعفانيي الصيغة الصبغى هما القمح الثنائي التسكك T.distachians المنتشر من اليونان إلى تركية، والقمح المتدرن T.tuberculatum المنتشرفي العراق وتركية وشمال سورية.
    ـ تشكل الأنواع بالتعدد الصبغي التبايني: يعد تشكيل نوع الفجل الملفوفي الكربتشنسكيي 2ن= 36 من أبرز الأنواع المكونة بالتعددية الصبغية التباينية allopolyploidy. قد تشكّل هذا النوع الجديد من هجونة فجل زراعي ضعفاني الصيغة الصبغية النووية 2ن= 18 بملفوف بقولي ضعفاني الصيغة الصبغية النووية 2ن= 18، كما سمي بالفجل الملفوفي الكربتشنسكي منسوباً إلى محقق الهجونة.

    أنور الخطيب

  3. #193
    التصنيف والتسمية التصنيفية

    يهدف التصنيف الحيوي، الذي يشمل النبات والحيوان والإنسان، إلى وصف الكائنات الحية التي ظهرت منذ بدء الخليقة حتى اليوم وتسميتها وترتيبها. والإنسان العاقل مصنف بفطرته، يدرك الوقائع، ويسميها، ويرتبها وفق أهدافه المباشرة حيناً، وغير المباشرة حيناً آخر. بدأ الإنسان بتصنيف ما يحيط به من نبات وحيوان، وفقاً لحاجاته اليومية فصنف النبات إلى نافع وضار، وغذائي وكسائي، وشاف وممرض وسام، وتزييني وجمالي، وإلى غير ذلك.
    كانت التصانيف في البداية أشبه بمكتبة فيها مجلدات، والمجلدات صور للأنواع، ترتب وتصنف وفق الحجم وطريقة التجليد، بدلاً من التصنيف وفق الموضوع والمحتوى. وتكشَّف هدف التصنيف بتقدم الحضارة، وبجهود الإنسان المفكر خلال قرون طويلة من الزمن حتى تجسد هذا الهدف في أيامنا الحاضرة بالبحث عن العلاقات الحقيقية بين العضويات وإعطائها أسماء تصنيفية تاكسونومية Taxonomic خاضعة لأصول وقواعد عالمية، وترتيبها في شجرة نسب واسعة.
    تاريخ التصانيف البيولوجية
    تكشف الدراسات التاريخية للتصانيف البيولوجية وجود المسيرات الآتية:
    1ـ مسيرة التصنيف العيني: بدأ معتمداً على الملاحظة العينية المباشرة: فجمع المتشابهات، وباعد المتباينات. وقد سادت هذه المسيرة التي قدمت عناصرها الحضارة الزراعية لمنطقة الرافدين، والنيل، واليونان، والعالم الإسلامي ما بين عام 4000ق.م إلى عام 1700م. برزت في هذه المرحلة أسماء: أرسطو، وتيوفراست، ودسقوريد، وبليني، وجابر بن حيان، وأبو بكر الرازي، وأبو حنيفة الدينوري، وابن سينا، والبغدادي، وابن البيطار، وابن الصوري، وابن بطوطة، وداود الأنطاكي. اعتمدت هذه التصانيف على وصف النباتات وتسميتها وترتيبها اعتماداً على طرائق استعمالها والاستفادة منها من الناحية الغذائية والدوائية والجمالية والنفسية [ر. الاثنولوجية النباتية].
    2ـ مسيرة التصنيف المجهري: القائمة على استخدام المكبرات والمجاهر لكشف البنية الدقيقة للأحياء.انطلقت هذه المسيرة من مطلع الحضارة الصناعية مابين عام 1700-1809م. وبرزت في هذه المرحلة أسماء: جيسنر، ودودونيوس، وسيزلبينو، ولوبيل، وري، ومغنول، وتورنفورت، ولينيووأ، وادنسون. وتميزت في هذه المسيرة زمر نباتية: مثل: الفطريات والطحلبيات والسرخسيات والخيميات والنجيليات والسحلبيات والنخيليات. كما وضحت أهمية الفلقات في تصنيف العالم النباتي، ودور الأجنة في تصنيف العالم الحيواني.
    3ـ مسيرة التصنيف التطوري: سادت في هذه المسيرة مابين عام 1809 ـ 1900م. معتمدة على نظريات التطور[ر]التي أطلقها لامارك وهيلير ودارون، وطُرحت في هذا المجال تصانيف تطورية سادت في مؤلفات: أنطوان لوران دوجوسيو، ودوكاندول، وبنتام، وبرونيار، وبراون، وهوكر، وبايون، وفان تيغن، وإيشلر، وأنغلر، المعتمدة اليوم لتظهر نتائجها في مؤلفات هوتشتسون وفيتشابن وراندل وكليمنس وبول ولام وامبرجيه.
    4ـ مسيرة التصنيف الوراثي: امتدت هذه المسيرة ما بين عام 1900-1960 معتمدة على التجارب التي أوضحت نماذج التكوين الوراثي على يد ماندل ونودان. وشرع التصنيف بطرق باب التجريب، وتبين وجود أنماط تكوينية وراثية genotype وأنماط ظاهرية phenotype في النوع النباتي. كما بينت التصانيف التجريبية أن الوحدة التكوينية للنوع هي وحدة معقدة مكونة من مجموعات متدرجة في الاختلاف كالمطابقات accommodats والمتحدرات clines والنمط البيئي ecotype والنوع البيئي ecospecieوالنوع الجورداني والنمط الحيوي biotype والنوع اللينيوني نسبة إلى لينيه Linnaeus الذي يمثل النوع الدارج.
    5ـ مسيرة التصنيف الكيماوي الحيوي: مازالت هذه المرحلة في بداية عهدها، إذ بدأت في مطلع الستينات من هذا القرن، فاتحة آفاق التصنيف المعتمد على مبادئ الكيمياء الحيوية، وداعية الكيميائيين الحيويين إلى الإسهام في تقدم المعرفة العلمية التصنيفية في مجال البصمة الوراثية[ر].
    6ـ المرحلة المرتقبة للتصنيف: لئن استفاد التصنيف من تطور وسائل البحث، وتنوع طرائق الدراسة لحل مشكلاته المتتالية، إنه متربص اليوم للاستفادة من العلوم المرتقبة التي لابد أن تُصحِّح وتقوِّم المعارف الحالية والمعلومات المصححة لها، فالحاضر خلاصة الماضي ونواة المستقبل، وحقائق اليوم تمثل أخطاء الغد، والحركة كامنة في كل شيء، وبارزة بصورة خاصة في كل ما يتمتع بالحياة... فالتصنيف إبداع مستمر، لانهاية له، دائم بدوام العلم، لا بل بدوام الإنسان العلمي. فالتصانيف القديمة كانت تعتمد على التقسيم إلى أقسام divisions، وهذا مادعا إلى تسمية التصنيف بالتقسيم، ثم تلتها التصانيف التصفيفية التي تعتمد على وضع الأحياء في صفوف classes، هذا مادعا إلى تسمية التصنيف بالتصفيف classification، وعرضت في مرحلة ثالثة التصانيف التنظيمية التي تجمع عالم الأحياء في منظومات systems، وهذا مادعا إلى تسمية التصنيف بالتنظيم sytematic. وعرضت في مرحلة رابعة التصانيف التاكسونومية taxonomic التي تجمع عالم الأحياء في تاكسات (Taxa مفردها تاكسون Taxon وتعني الوحدة) معتمدة في تكوين وحداتها على نظم عالمية في الوصف والترتيب والتسمية، وهذا مادعا إلى تسمية التصنيف في الحاضر بالتاكسونومي المكونة من تركيب مزجي لكلمتين: تكسا بمعنى الوحدة، ونومي بمعنى إدارة على وزن فعالة: فالتاكسونومي Taxonomy هو علم خبري قائم على إدارة عالم الأحياء وفق نظم معرفة علمية عالمية في الوصف والتسمية والترتيب. وهو خلاف التصانيف الجزئية التي تقوم على علم من العلوم.
    التاكسونومي مصطلح من وضع أوغستان بيران دوكاندول Augustan Pyrane De Candolle عام 1813 لمعالجة نظريات التصنيف التي تقسم العالم النباتي إلى قطاعات متشابهة أو قابلة للمقارنة والترتيب الصاعد وفق سلم تسلسلي متجانس معتمد على وحدانية الأصول.
    يُدرك مما تقدم أن التصنيف قد تجاوز أهدافه المباشرة من ترتيب الأحياء ترتيباً طبيعياً معتمداً على صلات القربى الكامنة، وصار أكبر معبرٍ عن المعرفة المرتبطة بالكائنات الحية. وقد صارت تصانيف اليوم تمثل خلاصة النظريات العلمية الحديثة وتعكس مجمل مفهوماتها. فالتصنيف التاكسونومي تنظيم علمي عالمي مدهش رائع، يسعى إلى فهم العلاقات الكامنة بين الكائنات، مهذباً التقارير الجديدة عن عالم الأحياء، ومرتباً الواحد تلو الآخر، مقدماً للفكر وسيلة جديدة للإدراك والاكتشاف، وطارحاً أمامه وصفات جديدة للتقدم.
    الأبعاد التصنيفية التكسانومية
    تتمثل الأبعاد التصنيفية التكسانومية بـ: الزمن، والعدد، والمفهوم. يحدد زمن المسألة التصنيفية بعمر الأرض الذي يُقدر بـ4.5 بليون سنة، ويحدد عمر أثر الحياة في باطن القشرة الأرضية بـ 600 مليون سنة تشكلت خلالها كائنات طلائعية النوىprokaryota وكائنات حقيقيات النوى eukaryota التي ضمت عوالم النبات والحيوان والإنسان التي يقدر عدد أنوعها بين ثمانية ملايين إلى ثمانين مليون وحدة بيولوجية، تبعاً لوسائل البحث الشمولية أو التفصيلية.وتختلف المفهومات التصنيفية مابين سهولة التمييز بين الوحدات الكبرى كأجناس السرو والتنوب والصنوبر، وبين الوحدات الصغرى كأنواع الصنوبر الحلبي والصنوبرالبروتي (المنسوب إلى منطقة إيطالية) والصنوبر الصنوبري الذي تؤكل بزوره.
    مخطط نظري يصور المسيرة التصنيفية في مراحلها الأربع: يمثل المخطط انطلاق المسيرة من فرد أصلي في قاعدة الشكل أشير إليه بإشارة +. تمثل العتبة الأولى مرحلة المجال الممثلة بسيطرة درجات القرابة، وتليها العتبة الثانية مرحلة المرتبة الممثلة بسيطرة التشابه، وفي النهاية تأتي العتبتان الثالثة والرابعة مرحلة التسمية والتجميع منطلقة من الفرد المحسوس إلى النويع فالنوع فالجنس التي تمثل جميعها وحدات تكسونومية مجردة.
    مراحل التصنيف التاكسونومي
    تتمثل مراحل التصنيف التاكسونومي أولاً: بعدم وضوح الفواصل بين الوحدات التصنيفية أو ما يعرف بالمجال أو الرنح range، وثانياً: بوضوح الفواصل بين الوحدات التصنيفية أو ما يعرف بالمرتبة أو الرنق ranke، وثالثاً: بالتسمية naming الممثلة بإطلاق لفظ مجرد على جوهر محسوس، ورابعاً: بالتجميع grouping الممثلة بجمع المتشابهات.
    يوضح الشكل(1) العلاقات القائمة بين المراحل التصنيفية الأربع حيث يمثل المستوى الأول المجال أو درجة القرابةrelationship، ويمثل المستوى الثاني المرتبة أو درجة التشابه resemblance، ويُمثل المستوى الثالث التسمية، ويمثل المستوى الرابع التجميع.
    التسمية العلمية العالمية والتسمية الشعبية المحلية المتناقلة: تخضع التسمية العلمية لأصول أو قواعد دولية عالمية تسهل التفاهم بين أصحاب الاختصاص الموحد. وتخضع التسمية المتناقلة vernaeular لتقاليد الشعوب مستمدة من تراثها اللغوي وأدبها الشعبي فهي سهلة الاستعمال في مواقع أو أقطار محددة ولكنها غالباً ما تكون عديمة الجدوى على الصعد الدولية أو العالمية. أما التسمية العلمية فتقوم قواعد معقدة تسهل مقارنة مختلف الموضوعات التي تعالجها. وعلى الجهود الكبرى التي تقوم بها الهيئات والمؤسسات المختصة بالتسمية فإن الحصول على تسمية يرضى عنها الجميع على مر العصور واختلاف المواقع من الأمور التي يصعب إدراكها، إن لم تكن من الأمور المستحيلة، ويرد ذلك إلى اختلاف وجهات النظر في توجهات مدارس التسمية، إضافة إلى صعوبة شرح المصادر المتباعدة للتسمية، ولتجنب هذه الصعوبات فقد صارت من الأمور البديهية اليوم قرن التسمية الناجحة بتعريف ثابت قد يكون خاصاً بالعلوم البيولوجية أو بالعلوم الأخرى فيزيائية أو كيمائية أو رياضية إلى آخر ما هنالك.
    التسمية التصنيفية التاكسونومية Taxonomic: هي تسمية علمية عالمية خاضعة لضوابط دقيقة تسمى بوساطتها نماذج الحياة النباتية والحيوانية المعاصرة والمستحاثة. وهي تطلق على وحدة بيولوجية أياً كانت أبعادها أو محتواها (الوحدات التي تضمها): فالنوع وحدة تصنيفية تدعى طقسونة taxon وكذا الجنس والفصيلة والرتبة وإلى ما هنالك.
    بعض مبادىء وقواعد التسمية التصنيفية التاكسونومية
    تخضع التسمية التصنيفية التاكسونومية إلى قواعد مسطرة ومدرجة في دليل code عالمي للتسمية النباتية المطبوع في أوترخت لعام 1972 International Code of Botanical Nomenclature Utricht وضح طرائق وصف عالم النبات والحيوان وتسمية وحداته، أهمها:
    ـ التزام كتابة الأسماء التصنيفية بالشكل اللاتيني، وعَدّ أسماء الوحدات التصنيفية التي تشمل الجنس والفصيلة والرتبة والصف أسماءً أعلاماً تكتب حروفها الأولى بحرف كبير، وعَدّ أسماء الوحدات التصنيفية الأدنى من الجنس نعوتاً adjectivalتكتب بحرف صغير.
    ـ يرمز إلى تسمية الهجن بذكر اسم الايوين مع وضع إشارة «×» بينهما على النحو الآتي:
    اسم الهجين = اسم النبات الأول (الأب) × اسم النبات الثاني (الأم).
    ـ تسمى الفصائل والرتب والصفوف والشعب بأبرز أجناسها.
    ـ تسبق تسمية التوبعات والضروب والأشكال بأسماء الأنواع والأجناس المنتسبة إليها على النحو التالي:
    الأخليا ألفيه الورق نويع ألفيه الورق
    ـ التقيد بشرعية legitimate الإرث القديم في مجال التسمية والذي انطلق منذ عام 1753 في كتاب لينوس المسمى «الأنواع النباتية» Species Plantarum.
    ـ المرادفات synonyms هي لتسميات المختلفة الألفاظ والدالة على الوحدة نفسها كقولنا: الدفلى والدفل والدفلة والحبن والحبين للدلالة على التسمية الطقسوتنه Nerium oleander.
    ـ المتجانسات homonyms هي التسمية الواحدة الدالة على نباتات مختلفة كقولنا الرند الدال على نبات الغار Laurus nobilisوالدال على شجر الآس Myrtus communis وعود النّد Aloexylon agallochum وإلى ما هنالك.
    ـ تلحق أسماء الأجناس والأنواع في الكتابات العلمية المتخصصة بأسماء الاختصاصيين الواضعين للتسمية، فالفجل، على سبيل المثال، تُكتب تسميته العلمية على النحو الآتي: «الفجل المزروع لينيه Raphanus sativus Linnaeus».
    ـ يوضع اسم الواضع للتسمية الأولى بين هلالين مباشرة بعد اسم النوع ويليه اسم الباحث الجديد الذي أطلق تسميةً جديدة تختلف عن التسمية القديمة. فالخلة تكتب تسميتها العلمية على النحو الآتي: «آمي فيزغانة (لينيه) لامارك = دوكوس فيزغانة لينيوسAmmi visnaga (Linnoeus) Lamark = Daucus visnaga Linnoeus وهكذا وضعت التسميات التالية للوحدات النباتية والحيوانية مرتبة من الأكبر حتى الأصغر.
    توثيق المعلومات التصنيفية
    يجري توثيق المعلومات التصنيفية بثلاث طرائق هي المونوغرافية monographia والمراجعة revision والأفلورات أو الأزهورات flora.
    المونوغرافية: هي مقالة قصيرة أو مطولة تذكر جميع المعلومات الخاصة لوحدة تصنيفية أو أقطوعة طقسونية كالنوع أو الجنس أو الفصيلة.
    المراجعة: هي مقالة قصيرة أو مطولة تذكر جميع المعلومات الخاصة بمجموعة نباتية أو حيوانية مكونة من زمر أو وحدات أو أقطوعات تصنيفية مختلفة.
    الأزهورة: وهي تضم قائمة الأنواع النباتية التي تنبت في رقعة محددة من العالم كقولنا الأزهورة السورية و الأزهورة العربية.
    دور المعشب (ج: معاشب) في التصنيف النباتي
    المعشب هو المكان الذي تحفظ فيه النباتات المجففة. فمن المعاشب ما هي ملك لأفراد، ومنها ما تكون ملكاً لمنشآت أو مؤسسات. فمعشب متحف التاريخ الطبيعي في باريس، على سبيل المثال، يضم نحو 8 ملايين عينة مجففة، وفي هذا دعوة إلى الدول العربية لإقامة معاشب خاصة بكل دولة ومعاشب خاصة بالدول العربية مجتمعة.
    تشمل العينة المعشبية اسم الجامع ومكان الجمع وتاريخه، وعينة نباتية وحيدة واسم النبات الطقسوني والمتداول، ويمكن أن يضاف إليها بعض المعلومات البيئية أو الاقتصادية أو التاريخية أو الانتولوجية.
    تعد العينات المعشبية المادة الأولية للعمل بالتصنيف النباتي ويرتكز تقدم التصنيف النباتي على أبحاث رئيسة تُقدم المعاشب موادها الأولية، وبذلك يتمكن الباحث من تحديد المهود النباتية، وتاريخ إزهار النبات، وانتشاره على الصعيد الوطني والعالمي ورسم الخرائط النباتية الوطنية والعالمية لانتشار الأنواع.

    أنور الخطيب

  4. #194
    التصويت

    التصويت phonation أحد وسائل الاتصال الحيواني[ر] الذي يتمثل بإصدار إشارات صوتية تتعرَّفُها وتدركها أعضاء متخصصة هي المستقبِلات السمعية.
    ويتم إصدار الإشارات الصوتية بوسائل وآليات مختلفة يمكن وضعها عموماً ضمن مجموعتين رئيسيتين: التصويت الأداتي instrumental والتصويت التنفسي respiratory. ويسود التصويت الأداتي لدى غالبية اللافقاريـات المزودة بأجهـزة تصويت ثنائيـة الجانب (متناظرة)، بينما ينتشر التصويت التنفسي لدى الفقاريات التي تمتلك عموماً أجهزة تصويت فردية.
    التصويت لدى اللافقاريات
    يمكن توصيف خمس طرائق مختلفة لإصدار الصوت لدى اللافقاريات:
    1 ـ التصويت بالطَرق: فيه ينتج الصوت إما جراء طَرق الجسم بشيء ينتمي للوسط الخارجي وتعمل كمرنان، مثل سوسة الخشب من رتبة غمديات الأجنحة، وإما نتيجة طَرق أحد أعضاء الجسم بالأرض، مثل بعض أنواع النمل الأبيض.
    2 ـ التصويت باهتزاز أعضاء غير متخصصة، مثال ذلك الطنين الناتج عن ذبذبة أجنحة الحشرات أثناء الطيران، كالبعوضوذبابة الخل والنمل.
    3 ـ التصويت بالاحتكاك: فيه ينتج الصوت لدى احتكاك بروز خاص من أحد أجزاء الجسم (جناح ـ قرن استشعار ـ رجل ـ وغيرها) بسطح مؤلف من عدد من الأسنان والنتوءات المصطفة بعضها إلى بعض في أي منطقة من غطاء الجسم، أو لدى احتكاك الأجنحة بعضها ببعض، أو احتكاك الأرجل بالأجنحة أو أجزاء مجاورة من البطن والصدر. وينتشر هذا النوع من التصويت عند رتب الحشرات مستقيمات الأجنحة وغمديات الأجنحة والقشريات.
    4 ـ التصويت بذبذبة غشاء خاص بفعل العضلات، فيه يتألف عضو التصويت في هذه الحالة، من غشاء يشبه الطبلة، مرتبط بعضلات قوية. فلدى انقباض العضلة يشد الغشاء إلى الداخل، فإذا استرخت العضلة يعود الغشاء إلى وضعه الطبيعي فيصدر صوتاً مميزاً للحيوان. ويوجد هذا النوع من أعضاء التصويت لدى أنواع الزيز Cicadidae وبعض أنواع الفراش الليلي.
    5 ـ التصويت بضغط الهواء: فيه يصدر الصوت نتيجة دفع الهواء إما من خلال الفم، مثل أنواع الفراش، وإما عبر الثغور التنفسية، مثل ملكة النحل.
    التصويت لدى الفقاريات الدنيا
    تمتلك الفقاريات الدنيا أربعة طرائق رئيسية لإصدار الصوت، ثلاثة منها أداتية:
    1 ـ التصويت باحتكاك أعضاء متخصصة مثل الأسنان الميكعية لدى غالبية الأسماك اللاحمة.
    2 ـ التصويت باستخدام جيب هوائي مرنان كالكيس السباحي (المثانة الهوائية) لدى الأسماك الذي يصدر الصوت لديها إما عن طريق تقلص العضلات المحيطة به (بعض الأسماك من فصيلة البطريخيات) وإما عن طريق طرق الزعانف لبعض الردوب التي توجد على سطح الجسم (مثل أسماك الطبل).
    3 ـ التصويت بوساطة جهاز عظمي مكون من أجزاء متحركة مهتزة تتلاطم باهتزاز العضو، مثل جرس الأفعى الجلجليةCrotallus horridus.
    4 ـ التصويت بدفع الهواء عبر أنبوب كثير أو قليل التمايز، بالضغط على الرئات أو ردوب متصلة بها باتجاه الحنجرة التي تهتز طياتها الصوتية. وينتقل الصوت الناتج من اهتزاز الطيات الصوتية إلى نظام مغلق من الحجرات يحوي ردوباً أو أكياساً صوتية تشكل شفاه المزمار غير الوظيفية. وهذا يميز الضفادع والأسماك ذوات التنفسين.
    التصويت لدى الفقاريات العليا
    تعتمد الفقاريات العليا ثلاث طرائق رئيسية لإصدار الصوت، اثنتان منها أداتية:
    1 ـ التصويت بالطَرق أو الطبطبة باستخدام أعضاء غير متخصصة: وينتج الصوت هنا نتيجة تربيت أو طبطبة جوفٍ مرنانٍ عائدٍ إلى جسم الحيوان، مثل صدر الغوريللا، أو بالطرق على جسم خارجي مثل نقار الخشب الذي يدق ساق شجرة أو جذعها بوساطة منقاره، أو ضرب الأرض بالأطراف الخلفية أو الذيل، كما هو الحال لدى الأرانب والفئران.
    2 ـ التصويت بفرقعة الأعضاء لدى القيام بحركات عنيفة ومباغتة، مثل فتح وانغلاق المنقار لدى البومة الصمعاء واللقلق، أو حركة الأغشية الجناحية أو اللسان لدى الخفاش، أو رياش الأجنحة أو الذيل لدى الحمام البري والطائر الطنان.
    3 ـ التصويت باستخدام أعضاء متخصصة مرتبطة بتحورات جزء من الجملة التنفسية في جهاز تصويت متخصص (تصويت تنفسي): وينتج الصوت هنا جراء دفع الهواء المستنشق أو المخزون عبر مجرى مزود بأغشية أو شـفاه أو عضلات (طيات) أو فوهـة (المزمار).
    فلدى الطيور تقع الحنجرة العليا syrinx (عضو التغريد) في مستوى التشعب الرغامي القصبي، وتحتوي داخلها عدداً من الأغشية المهتزة والعضلات الممتدة كالأوتار، عبر فوهة تشبه الطيات الصوتية الحبال الصوتية) لدى الثدييات. ويدعم المجموع هيكل يشكل الطبل tympanum ترتبط به عضلة خاصة يغير تقلصها وتمددها قطر الفتحة وتوتر الأغشية والأوتار، مما يسبب تبدل النغمات وارتفاع الصوت وانخفاضه.
    وتعد الحنجرة العلوية[ر] larynx التي تقع أسفل العظم اللامي عضو التصويت الرئيس لدى الثدييات، ولها البنية نفسها في الإنسان.

    جرجس ديب

  5. #195
    التطفل الحيواني

    التطفل parasitism ظاهرة ترتبط فيها حياة كائن، يسمى الطفيلي، بحياة كائن حي آخر يدعى المضيف، ارتباطاً حياتياً وبيئياً، في مرحلة قصيرة أو طويلة من دورة حياته. وهناك نمطان من التطفل: التطفل الحيواني والتطفل النباتي[ر].
    التطفل الحيواني
    يشمل التطفل الحيواني أنواعاً مختلفة من الحيوانات ابتداءً من الحيوانات الأوالي مروراً باللافقاريات فالفقاريات. وجل الطفيليات تنتمي إلى الحيوانات الأوالي واللافقاريات، أما الفقاريات فإن أهميتها في حقل التطفل تكمن في كونها وسيطاً أو مخزناً أو ناقلاً للطفيليات.
    وللتطفل الحيواني نمطان، أحدهما خارجي والآخر داخلي، ويشمل التطفل الخارجي الطفيليات التي تعيش على السطح الخارجي لجسم المضيف كالجلد والأشعار والريش وسواها، ومن هذه الطفيليات البراغيث والقمل والقراد والبعوض والبق والعلق، وهي لا تلجأ عادة إلى المضيف إلا وقت تغذيتها. أما التطفل الداخلي فيشمل الطفيليات التي تعيش داخل جسم المضيف، في أعضائه وأجهزته المختلفة. فمنها ما يتطفل على الجهاز الهضمي كالمتحولة Entamaeba والجيارديَّة Giardia والمتوّرقة Fasciolaوالشريطية Taenia والعوساء Diphyllobotrium والصَّفر (الاسكاريس) Ascaris والسُّرمية Enterobius والمسُلكَّة Trichuris والملْقَوةAnkylostoma ومشوَّكة الرأس Acanthocephale، ومنها ما يتطفل على الدم كالمتصورة (البلاسموديوم) Plasmodium والمقَّوسةToxoplasma والمثقبية Trypanosoma والبابسياBabesia، ومنها ما يتطفل على الأوعية اللمفاوية كالفوخرية Wuchereia، أو على العضلات كيرقات الشعرية Trichinella أو على المجاري البولية كمنشقة الجسم Schistosoma، وهكذا.
    تكيف الطفيلي
    حينما يغزو الطفيلي مضيفاً ما فهو إما أن يتمركز في أحد أجهزته أو أعضائه أو أنسجته أو أخلاط جسمه. ومن البديهي أن تؤثر الظروف المتوفرة في هذه المواقع في الطفيلي من نواحٍ كثيرة تتعلق بتحورات مختلفة.
    1ـ التحورات الشكلية: يختلف شكل الطفيلي بحسب طبيعة الوسط الذي يعيش فيه فالديدان الممسودة Nemathelminthesكالصفر مثلاً والسرمية والملقوة، ذات أجسام أسطوانية الشكل انسيابية تُسَهِل عليها الانتقال في وسط الأمعاء. أما الديدان المنبسطةPlatyhelminthes، كالشريطيات Cestoda والمثقوبات Trematodo فقد تحول جسمها إلى شكل منبسط يلتصق على طوله ببطانة الأمعاء الدقيقة أو الأقنية الداخلية أو الأوعية الدموية، فاسحة المجال للمواد الغذائية أو العصارات أو السوائل أو الدم بالمرور.
    كما أن نمو أجهزة التثبت، كالمحاجم والكلاليب والعقائف والفكوك والشفاه وغيرها، أمر طبيعي لدى الطفيليات تمكنها من التثبت على مضيفها. فالمثقوبات، كالمتورقة، مجهزة بمحاجم تساعدها في التثبت على بطانة الأقنية الصفراوية للمضيف، أما الصفر فإن وسيلة تثبتها في مخاطية المعي الدقيق للمضيف تعتمد على ثلاث شفاه قوية.
    وتتصف بعض الحشرات الطفيلية، كالقمل الماص، بأرجل قصيرة تنتهي كل منها برسغ مؤلف من قطعة واحدة تنتهي بمخلب قوي يمكّن الحشرة من الالتصاق بالشعر أو التثبت بملابس المضيف.
    2ـ التحورات البنيوية: تشمل التغيرات التي تطرأ على أجهزة الطفيلي وأعضائه، ويمكن إيضاحها بما يأتي:
    آ ـ الهضم: إن الطفيليات التي تعيش في الوسط الداخلي للمتعضية، كالأمعاء والدم مثلاً، إنما تعيش في وسط متوازن غني بالمواد الغذائية التي تحولت إلى شكل بسيط، كالحموض الأمينية والسكريات الأحادية والفيتامينات.. ولذا لم يعد ثمة حاجة إلى اشتمال هذه الطفيليات على أجهزة هضم معقدة لهضم مواد سبق أن هُضمت وهُيئت لتُقدم لقمة سائغة لها، هذا إن وجدت مثل هذه الأجهزة فعلاً كالديدان الشريطية التي ليس لها جهاز هضم. أما الديدان الممسودة، كالصَّفَر (الإسكاريس)، ذات الشكل الأسطواني والقشيرة الجلدية غير المنفذة للسوائل، فإنها تملك أنبوب هضم بسيط يمتد على طول جسمها ويساعد في تزويد أقسام الجسم بالمواد الغذائية، وهكذا.
    ب ـ التنفس والدوران: يتم التنفس والدوران بطرائق بسيطة دونما حاجة إلى أجهزة معقدة. فأغلب الطفيليات الداخلية تعيش في جو يحتوي على كميات من الأكسجين تكفي لتنفس الطفيليات التي تعيش فيه.
    إن عمليتي التبادل الغازي وتوزع المواد الغذائية تتمان وفقاً لمبدأ الحلول المعروف. أما إذا لم يتوافر الأكسجين في بيئة الطفيلي بالقدر لكافي فإنه يعمد حينذاك إلى التنفس اللاهوائي لتوفير القدرة اللازمة التي يحتاج إليها.
    ج ـ الإطراح: يتم الإطراح بوسائل بسيطة أحياناً كالفجوات الطارحة في الحيوانات الأوالي. أما في الديدان مثلاً فيتألف جهاز الإفراغ من خلايا لهبية تجمع الفضلات السائلة من الجسم وتقودها نبيبات دقيقة إلى أنابيب أضخم فجذع رئيسي يصب في فتحة إفراغية خارج الجسم.
    د ـ التنسيق العصبي والحواس: إن قلة المنبهات التي يتعرض لها الطفيلي الداخلي تنعكس في بساطة جملته العصبية وأعضائه الحسية. وتراجع أعضاء الحس لديه إلى حدودها الدنيا أو ضمورها بسبب قلة استعمالها أو عدمه أو بسبب عدم الحاجة إليها.
    هـ ـ الحركـة: يتسم الجهاز الحركي أيضاً بالبساطة، ويقتصر على حركة محدودة متمورة، كحركة المتحولات. وتساعد السياط في السوطيات Flagellata، والأهداب في الهدبيات Ciliata على الحركة. وتتم تقلصات عضلية بسيطة لدى الديدان تمكنها من الانتقال انتقالاً محدوداً في الوسط الذي تتطفل عليه.
    و ـ التكاثر reproduction: يأخذ التكاثر اللاجنسي لدى الطفيليات مظاهر مختلفة، كالانقسام المباشر البسيط، كما في المتحولات، أو شطائر كما في البوائغ Sporozoa أو تكيسَّاً. أما التكاثر الجنسي فيعتمد على وجود القرينين الذكر والأنثى لإنجاز عملية السفاد (الاقتران) كما في الممسودات. إلا أن الطفيلي قد يكون خنثى، كما في الشريطيات والمثقوبات. كما لوحظت حالات من التوالد البكري لدى بعض الطفيليات.
    ومهما يكن من أمر، فإن الجهاز التناسلي تكيف لدى كثير من الطفيليات لتكوين عدد كبير جداً من الأنسال، مما يفسر محافظتها على بقائها على الرغم مما يحيق بها من إتلاف وأخطار. فالصَّفَر، مثلاً، قادرة على إعطاء نحو 60 مليون بيضة طوال حياتها في معي المضيف.
    3ـ التحورات الاستقلابيــة: وتشمل كل ما ذكر من أنماط تكيف الطفيلي أو يرقاته وقدرته على الاستقلاب اللاهوائي وإفراز الأنزيمات التي تُمكنه من اختراق جسم المضيف، إضافة إلى إفراز مواد مضادة للأنزيمات في الوسط الذي يعيش فيه،وقدرته على موازنة الضغط الحلولي لسوائل جسمه مع سوائل وسطه الحياتي.
    وهكذا يبدي الطفيلي تكيفاً شكلياً وبنيوياً ووظيفياً واستقلابياً رفيع المستوى مع نمط الحياة الطفيلية، مما يؤكد أن الطفيلي لايختص بمضيف محدد فحسب، بل بمكان ونسيج وخلايا محددة من جسم ذلك المضيف أحياناً.
    دورة حياة الطفيليات
    تقتصردورة حياة بعض الطفيليات على مضيف واحد فحسب، كما في الصفر أو السرمية، إذ ينتقل الطفيلي مباشرة إلى المضيف بتناول البيوض عن طريق الطعام أو الشراب أو سوى ذلك. لكن بعضها الآخر يحتاج إلى اكثر من مضيف واحد لإتمام دورة حياته، كما في المتصورة التي تحتاج إلى مضيفين، أحدهما فقاري كالإنسان، والآخر لا فقاري وهو الأنوفيلAnopheles أما العوساء العريضة D.latum فتحتاج إلى ثلاثة مضيفين: الإنسان أو الحيوان اللاحم، والجارف Cyclops، والسمك.
    أثر الطفيلي في المضيف
    ويتجلى في إحداث تأثيرات معينة في المضيف تختلف باختلاف الطفيلي والمنطقة التي يتطفل عليها من الجسم. فقد يتجلى التأثير:
    1ـ باختلاس الغذاء ومشاركة الطفيلي المضيف في خلاصات أغذيته المختلفة، وتؤدي هذه المشاركة إلى إعاقة نمو المصاب وقصور في عمليات الترميم الأمر الذي ينعكس في ضعف الجسم وتهيئته للإصابة بالأمراض.
    2ـ بامتصاص الدم الذي يسبب خسارة كميات كبيرة من الدم يومياً مما يؤدي إلى فقر الدم المصاب ومضاعفات مرضية خطيرة.
    3 ـ بتخريب النسج مما قد يتسبب بتقرحات خطيرة في جسم المضيف، حتى على حياته، كما في المتحولة الحالة للنسج Entamaeba histoltica.
    4ـ بالنمو المرضي للنسيج مما يؤدي إلى نمو غير طبيعي للنسج التي تكون على تماس مع الطفيلي، كما يلاحظ في حالات الإصابة بعامل مرض الكوكسيديا Coccidia والمتورقة الكبدية، أو تشكل تدرنات، كما في حالات الإصابة ببلهارسيا المستقيم.
    5ـ بتأثير الزيفانات والسموم: مثل تأثير زيفانات الطفيليات أو سمومها الخاصة النوعية ذات الأثر الفعال في إثارة النسج وتخريشها أو تخريبها. فخلاصات الديدان الممسودة أو الشريطية تؤثر في نشاط القلب وفعالية الأمعاء، وزيفانات المتصورات تحد من نشاط التنفس الخلوي، ويؤدي لدغ الحشرات إلى رد فعل تحسسي، وهكذا.
    6ـ بالأثر الآلي إذ يؤدي وجود الصفر (الأسكاريس) بأعداد كبيرة في الأمعاء، إلى سدها وحدوث تسمم لدى المصاب لا يمكن تلافيه إلا بعمل جراحي. أما الكيسة العدارية Hydatid cyst (يرقة المشوكة الحبيبية Echinococcus granulosus) فهي تؤلف أكياساً كبيرة في أحشاء المصاب قد تودي بحياته.
    7 ـ بالخصاء التطفلي: يؤدي تطفل بعض القشريات من جنس ساكولينا Sacculina على بعض أنواع السرطانات، إلى حدوث تحول ظاهري من جنس إلى آخر، وإلى تخرب النسج المنسلية وحدوث ظاهرة الخصاء التطفلي، ولكن حالما يُبعد الطفيلي عن المضيف تبدأ التغيرات الطارئة التي ظهرت على المضيف بالتراجع حتى يعود تدريجياً إلى حالته الطبيعية.
    رد فعل المضيف نسيجياً وخلطياً
    يتجلى رد فعل المضيف على الطفيلي بظاهرة خاصة تدعى المناعة immunity وهي قدرة جسم الكائن الحي على مجابهة العضويات الغريبة بوساطة الأضداد النوعية، التي يؤلف المستضد antigen والضد antibody حجر الأساس فيها.
    إن ردود الأفعال الأرجية (الحساسية) التي تبديها أنسجة المضيف نتيجة ولوج الطفيلي فيه تؤدي إلى تخفيف انتشار العدوى أو هجرة الطفيلي في جسمه.
    وتقوم الكريات البيض وخلايا الجهاز الشبكي الشغافي ببلعمة بعض الطفيليات الددقيقة للقضاء عليها، ويسهم الكبد أحياناً في احتجاز بعض هذه الطفيليات أو يرقاتها إذ تتكلس فيه وتموت.
    وقد تلجأ عضوية المضيف، كرد فعل على مهاجمة الطفيلي أو يرقاته لها، إلى توليد مجموعة من الخلايا وإنتاجها تحيط بالطفيلي وتحصر ضرره، فتؤلف ما يسمى الكيس المغلِّف أو الحويصل. إذ حالما تصل يرقات الشعرينة الحلزونية T.spiralisمثلاً إلى النسيج العضلي الذي ستتخذه مسكناً لها، يقوم ذلك النسيج بإحاطة اليرقة بنسيج ضام وحمضات، ويتكوَّن نتيجة ذلك حويصل محيط بتلك اليرقة، يتكلس هذا الحويصل بمرور الزمن بفضل مادة الكلسيوم التي تشتمل عليها أخلاط جسم المضيف.
    أصل التطفل وتطوره
    يعتقد الباحثون أن للتطفل أصولاً حرة. فالطفيليات الداخلية نشأت من أشكال حرة بعد أن لجأت عرضاً إلى المضيف. ففي هذا الوسط البيئي الجديد ظهرت طفرات وراثية لدى بعض الكائنات جعلها تتلاءم مع ذلك الوسط. أما تلك التي حيل بينها وبين الطفرات فقد تلاشت واندثرت وفق القانون الطبيعي:البقاء للأصلح.
    وقد يتطفل الطفيلي على مضيف واحد فقط في دورة حياته، وقد يتطفل على أكثر من مضيف واحد لإتمام هذه الدورة، ويعد الطفيلي في هذه الحالة الأخيرة، أكثر تطوراً من سابقه وذلك بسبب قابليته للتلاؤم مع أوساط مختلفة ومتعددة.

    عبد الرحمن مراد

  6. #196
    التطفل النباتي

    تستمد العضويات غذاءها من الوسط الخارجي بإحدى الطرائق الآتية:
    التنافس competition ويحصل بين أفراد من جمهرة population واحدة، والافتراس predition ويحصل بين أنواع مختلفة، والتعايش بالمؤاكلة commensalism الممثلة بالحصول على الأغذية من مكان خارجي مشترك، والتعايش بالمنافعة mutualismوالتطفل parasitism الذي يقسم إلى تطفل حيواني وآخر نباتي.
    التطفل النباتي phytoparasitism علاقة قائمة بين نباتين مختلفين أحدهما خاسر الغذاء ويدعى بالمضيف، والآخر رابح يستمد غذاءه من مضيفه ويدعى بالطفيلي.
    للتطفل النباتي صور كثيرة أبرزها: تطفل الفطريات والجراثيم والفيروسات على النبات أولاً، وتطفل الحيوان، والحشراتبصورة خاصة، على النبات ثانياً، وتطفل النبات على الحيوان ثالثاً، وتطفل النبات على نبات آخر رابعاً.
    تطفل الفطريات والجراثيم والفيروسات على النبات
    تعد مسألة تطفل الفطريات على النبات الزراعي من أبرز المسائل البيولوجية المؤثرة في الاقتصاد الزراعي. وتوضع في طليعة الطفيليات الفطرية الزراعية فطريات الصدأ والتفحُّم التي يخشاها المزارع ويكافحها.
    ويعد فطر البوكسينيا النجيلي Puccinia graminis من أبرز الفطريات الطفيلية بسبب دورة حياته المعقدة التي تمر بأوساط ثلاثة هي: نبات البِرْبِريس العادي Berberis vulgaris أولاً، ونبات القمح الزراعي Iritieum sativum ثانياً، والتربة الزراعية ثالثاً. كما يُكوِّن فطر البوكسينيا النجيلي في هذه الأوساط خمسة نماذج من الأبواغ: الأبواغ الدعامية basidiospores، والأبواغ القاروريةpycnospores والأبواغ الأيسيّة ecidspores والأبواغ الشقرانية uredos pores والأبواغ النهائية teliospores.
    إن حاجة الفطور الصدئية إلى مضيفين اثنين لإنجاز دورتها الحيوية، تُعد من الأمور البيولوجية الدارجة، كما في أنواع الصدأ الفطري التي تنجز حلقة حياتها ضمن مضيف أول كالفربيون Euphorbia ومضيف آخر كالحمص أو النفل، ومن الفطور الصدئية ما يكون الحور مضيفها الأول والشوفان مضيفها الثاني. ومن الفطريات الطفيلية ما تكتفي دورة حياتها بمضيف واحد، مثل الفطريات التي تتطفل على توت السياج rubus. ومنها ما يصيب أنواعاً مخصصة من النبات كالتفاح أو اللوز.
    من الفطريات الطفيلية التي تصيب الأشجار المثمرة فطر عفونة الكرمة Plasmopara viticola الأمريكي الأصل الذي يصيب الكرمة بمرض الارمداد أو البياض الدقيقي أو عفونة الكرمة Mildiou، ويتطفل في السنوات الماطرة على الأوراق والسوق والعرائش متكاثراً على الكرمة بطريقة جنسية ولا جنسية، مسبباً خسائر في المحصول أمكن تفاديها باكتشاف دورة حياة الفطر التي أوضحت إمكانية القضاء على المرض بإبادة الأبواغ الحيوانية برش النبات بمزيج من لبن الكلس وكبريتات النحاس. ويصنف في الزمرة نفسها الفطر الذي يصيب البطاطا والمسمى فطر عفونة البطاطس Phytophtora infestans. ومن الفطريات الدعامية ما تنجز دورة حياتها الكاملة على الأشجار ومثالها كثير الثقوب Polyporus المعروف بالصوفان.
    تطفل الجراثيم على النبات: يعرف التطفل الجرثومي، كالتطفل الفطري، ببقائه في موضع الإصابة مؤدياً إلى تكوين أدران تصيب الأشجار المثمرة تعرف بالتدرن التاجي، أو تكوين عفصات جرثومية كالعفصات التي تتشكل على أدران البطاطا، أو تفسخ النسج وانحلالها كالتفسخ الذي يصيب مخ نبات الجزر، أو ذبول النبات كذبول التبغ.
    تطفل الفيروسات على النباتات: أما التطفل الفيروسي فينتشر في جميع أجزاء النبات منتقلاً من خلية إلى أخرى، ومن غصن إلى آخر، مسبباً مجموعة من أمراض معروفة بالفسيفساء مثل: فسيفساء التبغ والبطاطا والتوليب التي تعرف بغياب الأصبغة اليخضورية أو الأنتوسيانية في الخلايا المصابة بالفيروس. ومن الأمراض الفيروسية ما يسبب نخراً ناتجاً عن موت موضعي للنسج المصابة. وفي جميع هذه الأحوال تعالج النباتات الزراعية كالبطاطا والتبغ والبندورة والشمندر والفريز ونبات الزينة معالجة وقائية من الإصابة بالأمراض الفيروسية.
    التطفل الحيواني على النبات
    يقدم عالم الحشرات أمثلة نموذجية كثيرة تبرز تطفل الحيوان على النبات من أبرزها: خنفساء البطاطا Leptinotarsa decemlineata المعروفة عامياً باسم زيز البطاطا، ذات اليرقة الوردية الآكلة للأوراق وهي حشرة أمريكية انتقلت إلى أوربة الشرقية ومنها إلى فرنسة وإيطالية والوطن العربي، والمن الأخضر الدراقي Myzodes persicae والمن الأسود الفولي Doralis faba تعيش يرقاتهما على أوراق الشمندر والسبانخ شتاءً مسببة لهذه النباتات خسائر فادحة سواء في هبوط كمية المحصول، أم في انخفاض كمية السكر المختزنة في الجذور. وذبابة الشمندر Pegomyia hyoscyami التي تعيش يرقاتها على الشمندر، وحشرة الشمندرAtomaria linearis من مغمدات الأجنحة والحشرة المجعدة للشمندر Piesma quadrata تعيش يرقاتها على الشمندر ولها برامج مكافحة خاصة لكل واحدة منها. ويتعذر في هذا المجال ذكر الحشرات التي تصيب الأنواع الاقتصادية أو النباتات الطبيعية.
    التطفل النباتي على الحيوان
    تتطفل على الحيوان مجموعة من الفطريات أبرزها الفطر المسبب لمرض السُلاَق thrush الذي يسببه فطر Endomyeces albicans آخذاً شكل صفائح مائلة للبياض منتشرة فوق مخاطية الفم والحنجرة والبلعوم حتى تصل في بعض الحالات إلى بقية أجزاء الأنبوب الهضمي، ومن أنواع الفطريات ما تسبب للحيوان مرض القُلاع، وهو مرض معدٍ يسمى بالتهاب غشاء الفم ويعرف بظهور بقع تميل إلى اللون الأبيض على اللسان واللثة وداخل الخد، وهو يصيب صغار الضأن والبقر خاصة. ومن الفطريات من زمرة الخمائر ما تنمو على مخاطية الفم مشكلة نوعاً من خُنّاق يسببه نمو الفطر على الجلد المتآكل والمتورم حتى يصل إلى الرئة في بعض الحالات. وتتطفل بعض أنواع الأسبرجيلوس Aspergillus على الجلد، وعلى المجاري التنفسية للإنسان والطيور مسببة اختلاطات تتعذر معالجتها في كثير من الأحيان. وتتطفل الفطريات الشعرية Trichophyton على الشعر وتجعله قصوفاً مشكلاً أنموذج صفائح القرعة Favus والسعفة Tinea.
    تطفل نبات زهري على نبات زهري
    كثيرة هي الحالات التي يتطفل فيها نبات زهري على نبات زهري آخر، ومن أبرز الأمثلة في هذا المجال تطفل الدبق الأبيض Viscum album على اللوز والبلوط والحور والصفصاف والتفاح، والدبق الصليبي Viscum cruciatum الشائع في فلسطين الذي يتطفل على زيتون القدس وأريحا ونابلس، يستخدم هذان النوعان الماصات للحصول على الماء والأملاح المعدنية من النبات المضيف.
    ويتطفل الكَشُوث cuscuta الذي يسميه العامة «شعر إبليس» نسبة إلى الضرر الذي يحدثه في حقول النفل والفصفصاء والكرمة والكتان والملوخية مرسلاً ماصاته في النسج الناقلة للمضيف مستمداً منها الماء والأملاح والمواد العضوية. ويتطفل القِطْنوس Cytinus على جذور نبات اللادن Cistus في الغابات الساحلية السورية. ويتطفل الجعفيل Orobanche على جذور الباذنجان والبندورة والبطاطا والفول والعدس مشكلاً ماصات تنفذ إلى الأوبار الماصة الجذرية. ويتطفل الذؤنون Cistancheوالطرثوث Cynomorium على جذور نباتات الفصيلة الرمرامية (السرمقية) Chenopodiaceae مشكلاً نباتات لحمية ثخينة يطلق على الأول منها اسم الذُؤنون ويطلق على الثاني اسم الطُرْثوث.
    مراتب التطفل
    تختلف مراتب التطفل باختلاف متطلبات النبات الطفيلي: فمن أبسط نماذج التطفل وأسلمها عاقبة التطفل بغية الحصول على الضوء أو المكان كما هي الحال في النباتات التي تعيش على سطوح الأشجار والنباتات العرائشية. وتأتي في المرتبة الثانية حاجة الطفيلي إلى الماء والأملاح المعدنية كتطفل الدبق على اللوز. وفي المرتبة الثالثة من التطفل حاجة الطفيلي إلى منتجات التركيب الضوئي التي تدعو الطفيلي إلى الوصول إلى الأنابيب الغربالية طوال حياته الإعاشية وتحرره من المضيف مدة حياته التوالدية. وتأتي في المرحلة الرابعة من التطفل عندما يعتمد الطفيلي طيلة حياته على النبات المضيف فيعيش داخلالخلية مستمداً أغذيتها كما في التطفل الفيروسي وهذه المرحلة أعلى درجات التطفل.
    التغيرات الشكلية للنباتات الطفيلية
    تكتسب النباتات الطفيلية صفات شكلية لا تتوافر في النباتات المتمتعة بالحياة الحرة من أبرزها: فقدان الوظيفة الأساسية للجذور وتحولها إلى أعضاء ماصة للأغذية الجاهزة كما في الدبق والجعفيل، فقدان خضرة اللون وتحولها إلى صفرة مصحوبة بتكوين أزهار زاهية الألوان كما في العربتس والقسطنش وتحول الجهاز الإعاشي الممثل بالسوق والأوراق إلى مشرة ترابية تتغلغل في نسج النبات المضيف كما في القطتوس تحت الكيس Cytinus hypo cistis الذي يعيش ضمن جذور نبات السيستوس Cistusولايبدو للعيان إلا عند تكوين الأزهار وقت التكاثر، وكذلك الأمر في الرفليزية Rafflesia التي ينتشر جهازها الإعاشي داخل جذور النبات المضيف وسوقه آخذاً شكل مشرة كبيرة مولدة لأزهار تصل قطرها إلى المتر في بعض الحالات تنبعث منها رائحة كريهة متفسخة تشهد على تصنيفها مع مغلفات البذور.
    وهكذا يؤدي التطفل النباتي إلى تردي الجهاز الإعاشي، ونماء الجهاز التوالدي وتضخمه حتى يتمكن من العثور على المضيف المناسب. وهنالك حالات كثيرة تشهد على دقة اصطفاء الطفيلي لمضيفه. وهكذا يذوي الكثير من البذور المنتشة إذا لم تجد الظروف المناسبة لاستمرارية انتشارها.
    التغيرات الشكلية للنباتات المضيفة
    تُصاب النباتات المضيفة للطفيليات عادة بوهن عام ولكن منها ما يبدي بعض الأعضاء أو المظاهر الجديدة مثل تشكل العفصات أو التبقع، أو تضخم الأعضاء المصابة، أو تكوين عقيدات جذرية أو تضخم حجم الأزهار، أو إخصاء الجهاز التوالدي إلى آخر ما هنالك من تغيرات معروفة في مجال الأمراض النباتية.

    أنور الخطيب

  7. #197
    التطور الحيوي

    يلاحظ المتأمل في الطبيعة، الترتيب التدريجي المتسلسل بين الكائنات الحية، سواء من النواحي البنيوية أو الوظيفية. وقد تساءل الإنسان منذ القدم عن هذا التسلسل وإمكان نشوء الكائنات بعضها من بعض. إن هذا الموضوع قد عالجه الكثير من الفلاسـفة وعلماء التاريخ الطبيعي، بدءاً من الصينيين القدماء (كونفوشـيوس Confucius)، ومن ثم اليونانييـن في القرون الوسـطى مثل أرسـطو (384- 322 ق م) Aristotle، لكن الحديث آنذاك كان يتطرق إلى أصل الحياة، أما فكرة التطور فكانت مجرد تخمينات وتساؤلات وتلميحات من بعيد.
    شواهد التطور
    لاحظ الكثير من العلماء بعض المشاهدات، وعدّوها شواهد على ما يمكن عدّه تطوراً قد حدث في العصور الغابرة، من هذه ماينتمي إلى علم المستحاثات (الحفريات)، ومنها ماينتمي إلى علم الجنين[ر] أو التشريح المقارن أو الكيمياء الحيوية.
    ـ شواهد علم المستحاثات: لاحظ بعض العلماء تسلسل أشكال الكائنات الحية عبر العصور المختلفة، وارتباط المجموعات الحيوانية بعضها مع بعض بأشكال متوسطة. فعدّوا ذلك شاهداً على حدوث التطور، من أشهر الأمثلة على هذا التسلسل المجنح القديمArcheopteryx (الشكل-1) الذي عدّ جسراً بين الزواحف والطيور، ومثال سلسلة أجداد الحصان الحالي، التي تزودنا بأفضل الأمثلة عن التكون السلالي phylogeny الذي بني بكامله استناداً إلى السجلات المستحاثة في الطبقات الرسوبية في شمالي أمريكة، منذ بدايات حقبة الأيوسين حتى اليوم، إذ تعود أقدم المستحاثات المعروفة الشبيهة بالحصان إلى جنس Hyracotheriumالذي انتشر كثيراً في شمال أمريكة وأوربة في بداية الإيوسين، وقد انقرض في بداية الأوليغوسين، إلا في شمالي أمريكة. وكان صغير الحجم خفيف البنية متكيفاً مع الجري وذا أطراف قصيرة أسطوانية الشكل متطاولة الأقدام، وكانت لـه أربعة أصابع في الطرفين الأماميين وثلاثة في الطرفين الخلفيين.
    تصور علماء المستحاثات أن المسار التطوري للأحصنة من الـ Hyracotherium إلى الحصان الحالــي Equu، يتضمن اثني عشر جنساً وعدة مئات من الأنواع. ويبين الشكل 2جنس واحد، ساد في كل حقبة من الزمن الحديث. ويبدو أن جميع الأحصنة الحديثة قد انحدرت من الـ Pliohyppus. ونشأ الجنس الحالي Equus في شمال أمريكة في عصر البليستوسين، وهاجر إلى أوربة وآسيا وأفريقية، حيث أعطى الحمير وحمير الوحش بالإضافة إلى الحصان الحديث. والغريب في الأمر أن الحصان الذي عاش في شمالي أمريكة ملايين السنين انقرض من هناك منذ آلاف السنين، في وقت تصادف مع وصول الإنسان، حتى أعيد إدخاله من الإسبان منذ 500 سنة تقريباً.
    ـ شواهد علم الجنين: وَضَّح علم الجنين أيضاً كثيراً من الوقائع التي تسهم في تأييد التطور، فقد لوحظ تشابه كبير في مراحل التطور الجنيني التي تمر بها الفقاريات، ويبين الشكل 3 مراحل التشكل الجنيني التي تمر بها ثلاثة صفوف فقارية هيالزواحف والطيور والثدييات، الأمر الذي يعزوه بعضهم إلى أن التكون الجنيني الفردي يكرر التاريخ التطوري للمجموعات الفقارية المختلفة. مثال آخر يستمد التطور شواهده منه، هو تطور قلب الثدييات، فقلب الثدييات له بنية قلب الأسماك؛ إذ يكون أولاً مجهزاً بأذينة واحدة وبطين واحد، ثم تظهر أذينة ثانية ليصبح شبيهاً بقلب الضفادع، ثم يظهر في البطين غشاء يقسمه بشكل غير كامل إلى بطينين، كما في قلب الزواحف، لا يلبث هذا الغشاء الفاصل أن يكتمل لدى الطيور والثدييات، ليتشكل بطينين كاملي الانفصال، بالشكل الذي يشاهد الآن لدى هذه الحيوانات. فكأن قلب الثدييات يمر، قبل وصوله إلى شكله المعروف في الحيوان البالغ، بمرحلة قلب السمك ثم الضفادع ثم الزواحف، مكرراً تاريخ تطور أسلافه في الأزمان الغابرة.
    ويمكن مشاهدة تدرج التشكل الجنيني لمختلف المجموعات ضمن المملكة النباتية أيضاً، لكن الأمثلة هنا أقل توثيقاً مما هي عليه في المملكة الحيوانية، فالنبات العرسي المشيجي gametophyte الأول للطحالب والسراخس، ممثلة بالخيط الابتدائيprotonemaالناتج عن إنتاش البوغة، مماثلة من حيث البنية والفيزيولوجيا ونمط النمو، لما نجده في الطحالب الخضراء الخيطية، التي يعتقد لذلك أنها تشكلت منها، كما يمكن أن يعد مبدأ تعاقب الأجيال في دورات حياة النباتات والتنوعات المتماثلة المتعلقة بها والتي تعكس تكيفات مع ظروف بيئية متنوعة، أمثلة للتماثل، وتقدم شواهد إضافية على العلاقات التطورية بين المجموعات النباتية.
    ـ الشواهد التشريحية: طَرَحَ تشريح الكائنات الحية أمام علماء الحياة عدة مسائل ما كانت لتحل لولا المعطيات التطورية، إذ تَظهر المادة الخلوية في البدء في أجنة الصفوف المختلفة من الحيوانات بأشكال متقاربة. ولكن بعد مرحلة معينة تتطور بأشكال مختلفة، لتقوم بوظائف مختلفة، كجناح الطائر والطرف الأمامي للإنسان، وأطراف الثدييات المختلفة التي يختلف شكلها بحسب الوظيفة التي تنجزها، وعنق الزرافة الطويل المؤلف من سبع فقرات فقط، الذي يماثل عنق فرس النهر الذي يتكون أيضاً من سبع فقرات، الأمر الذي يشير إلى التكيفات لظروف البيئة المختلفة التي تحققها هذه الأعضاء.
    وفي الوقت نفسه يمكن أن نتكلم عن اختفاء بعض الأعضاء أو توقفها عن التشكل أو بقائها بشكل أثري في الفرد البالغ. فعند الحيّات يمكن ذكر الأطراف الأثرية، وغيرها، وكذلك أجنة الحشرات التي تحمل زوائد تُذَكِّر كثيراً بأرجل كثيرات الأرجل وتختفي في الحيوان البالغ.
    ـ شواهد الكيمياء الحيوية: تشترك الكائنات الحية، مهما كان نوعها، بعدد كبير من المركبات الكيميائية كالحموض النووية[ر] والحموض الأمينية والبروتينات والسكريات والأملاح المعدنية وغيرها. وعدّ التماثل الكيميائي في هذه المواد في الكائنات المختلفة شاهداً على تماثل أصلها التطوري. وعدّ بعضهم تشابه البنية الكيميائية شاهداً على وجود صلة قربى بين المتعضيتين المعنيتين، وبالعكس تمثل الفروق الكبيرة في البنية الجزيئية قرابة أقل. وبعد أن تطورت تقنيات التحاليل الكيميائية الحيوية، وُظِّفَت هذه التقنيات لتسليط الأضواء على الأفكار التطورية وشَرحِ مدى تأييدها لها. تضمنت معظم البحوث في هذا المجال تحليل جزيئات الحموض النووية وخاصة الـدنا D.N.A، وبيان مدى التشابه في تسلسل عناصره في المتعضيات المختلفة.
    كما قدمت البحوث المناعية شواهد على إمكانية وجود روابط تطورية سلالية بين الكائنات، من خلال عمل المستضداتantigens والأضداد antibodies. ووَضّحَ ذلك الكثير من نقاط الغموض السلالية الموجودة لدى الثدييات، منها التفريق بين الشعب الحيوانية، مثلاً، بين ذوات الجوف العام التقسمي Schisocoelomata (الحلقيات والرخويات ومفصليات الأرجل) وذوات الجوف العام المعوي Enterocoelomata (شوكيات الجلد والحبليات) بتحليل جزيئات الـ(أ.ت.ب.A.T.P) التي تحوي في ذوات الجوف العام التقسمي فسفات الأرجينين، بينما تحوي في ذوات الجوف العام المعوي فسفات الكرياتين.
    فرضيات التطور
    1ـ التطور بحسب «لامارك» Lamarck: اقترح البيولوجي الفرنسي لامارك عام 1809 فرضيته عن التطور على أساسين اثنين: استخدام الأعضاء وعدم استخدامها، وتوريث الصفات المكتسبة؛ فالتبدلات في الوسط المحيط، بحسب لامارك، يمكن أن تؤدي إلى تبدلات في السلوك، الذي يحتم استخداماً جديداً لبعض الأعضاء أو استخداماً متزايداً لها، أو عدم استخدامها. فالاستخدام المتزايد، يؤدي، بحسب لامارك، إلى زيادة في الحجم والكفاءة، بينما يؤدي عدم الاستخدام إلى الضمور وعدم النمو. واعتقد لامارك أن هذه الصفات المكتسبة في أثناء حياة الفرد يمكن توريثها بحيث تنتقل إلى الذرية.
    وطبقاً للاماركية، كما عرفت الفرضية بهذا الاسم، فإن الرقبة الطويلة للزرافة الحديثة كانت نتيجة أجيال من أسلافٍ قصيرة الرقبة والأطراف، تتغذى بأوراق أشجار تتدرج في الارتفاع، وأن الرقبات والأطراف الأطول بقليل الناتجة في كل جيل انتقلت إلى الجيل التالي، حتى وصل الأمر إلى الحجم الحالي في الزرافة الحالية.
    ومع أن فرضية لامارك ساعدت في تمهيد الطريق لقبول مفهوم التطور، فإن آراءه في آلية التبدل لم تلق قبولاً واسعاً على الإطلاق.
    2ـ«داروين» و«والاس» وأصل الأنواع والانتخاب الطبيعي: جمع «داروين» أثناء رحلته المشهورة بين عامي 1831 و1836 على السفينة H.M.S.Beagle لأمريكة الجنوبية، كمية كبيرة من المعطيات المتعلقة بالتنوع القائم بين الكائنات فيها، أقنعته بأن الأنواع متغيرة وليست ثابتة، وأن التنافس الشديد بين الأفراد هو الذي يُبقي الأصلح ويحذف الأقل تلاؤماً. الأمر الذي يبقي عدد الأفراد ضمن الجماعة ثابتاً نسبياً.
    وفي الوقت نفسه خَلُصَ عالم الطبيعة «والاس»، الذي قام برحلات استطلاعية إلى جنوب أمريكة وأرخبيل الهند الشرقي، إلى استنتاجات داروين نفسها فيما يتعلق بالانتخاب الطبيعي. وفي عام 1859 نشر «داروين» أفكاره وأفكار «والاس» في كتابه «حول أصل الأنواع بالانتخاب الطبيعي» On the Origin of Species by Natural Selection، إذ ذكر فيه أن الانتخاب الطبيعي هو الآلية التي تنشأ بها أنواع جديدة بدءاً من أنواع كانت موجودة سابقاً. وهكذا يعتقد «داروين»:
    1ـ أن الكثير من الأفراد تخفق في البقاء أو التكاثر بسبب وجود «معركة من أجل البقاء» ضمن تلك الجماعة.
    2ـ أن في هذه المعركة لا يبقى إلا الأفراد التي تُبدي تكيفاً مع الوسط أكثر من غيرها، وتنتج ذرية أكثر عدداً من تلك الأقل تكيفاً. بكلمة أخرى إن الحياة، بحسب داروين، يتدخل فيها الوسط، الذي ينتقي الصفات المتلائمة معه ويبقيها، ويُزيل الصفات غير المتلائمة، فالتنافس هو الذي يتدخل ليبقي الأصلح دوماً.
    3ـ وجهات النظر الحديثة في التطور: توسعت فرضية تطور الأنواع التي اقترحها «داروين»، وذلك بشرحها آلية توريث الصفات الجديدة من خلال أعمال ماندل Mendel وملاحظاته حول وراثة الصفات وآلية التوريث. ففي نهاية القرن التاسع عشر درس الراهب النمسوي ماندل نمو ضروب مختلفة من البازلاء، واكتشف، نتيجة ذلك، أسس علم الوراثة، وفسر آلية انتقال الصفات من السلف إلى الخلف.
    وفي عام 1892 قدم عالم النبات الهولندي هوغو دوفريس Hugo De Vries فكرة الطفرات mutations التي تظهر فجأة في الكائنات الحية نتيجة تغير مفاجيء في بعض الجينات (المورثات).
    وهكذا أُدخِلَت الأفكار الوراثية إلى نظرية داروين، فكان مايعرف الآن باسم «الداروينية الحديثة» Neo-Darwinism، التي تعني ضمناً التطور العضوي عن طريق الانتخاب الطبيعي لصفات محددة وراثياً.
    على أي حال تعتمد فرضيات التطور على شواهد تقدمها مجموعة من المصادر والملاحظات غير المباشرة، ويشكِّل ذلك عند الكثير من العلماء أدلة تدعم صحة الفرضيات، وتلاقي قبولاً واسعاً بين العلماء، لكن ما يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لتأكيد هذه الفرضيات. لذلك لامناص من القول إن جميع الروايات والفرضيات والنظريات العلمية الخاصة بتاريخ الحياة ليست قاطعة، إن بعض الحوادث المقدمة دلائل على نظرية التطور يمكن أن تجري مرة واحدة في ظروف تجريبية، ولكن ذلك لا يدل ولا يؤكد حدوث ذلك في الماضي. إنها تشير بكل بساطة إلى أنه من الممكن أن تكون هذه الحوادث قد حدثت بهذه الطريقة، والنقاش الحالي المتعلق بالتطور لا يهتم بأمر حدوث التطور بل يهتم بحدوثه طبقاً لانتخاب طبيعي كطفرات تولدت عشوائياً. يقول داروين في كتابه «أصل الأنواع»: «عندما ننظر إلى الحياة بقواها المختلفة، فإننا نتلمس عظمة لا حدود لها تذكرنا بعظمة صنعة الخالق الذي أنشأها في أشكالها المختلفة. وعلى هذا الكوكب، وهو ماض في دورته حسبما تقتضي قوانين الطبيعة، ومن بداية غاية في البساطة، ظهرت وما تزال تظهر أشكال لا حصر لها ولا حدود لروعتها الأخاذة والمدهشة».

    حسن حلمي خاروف

  8. #198
    تعاقب الأجيال

    تعاقب الأجيالalternation of generation هو تناوب الانتقال بين الطور الصبغي النووي الضعفاني إلى الطور الصبغي النووي الفرداني في دورة حياة الكائنات الحية وتكاثرها الجنسي.
    يتطلب التكاثر الجنسي لجميع الكائنات الحية تكوين خلايا متخصصة تدعى الأعراس، تضم نواها سلسلة مفردة من الصبغيات يرمز لها (ن)، وتسمى هذه الحالة من الصبغيات بفردانية haploidy الصيغة الصبغية النووية.
    يجمع الإلقاح[ر] عروساً ذكرياً وعروساً أنثوياً لتكوين البيضة الملقحة أو الزيغوت. ويضم الزيغوت في نواته مجموعة من الصبغيات المؤلفة من سلسلتين من (ن) من الصبغيات يرمز لها (2ن)، وتسمى هذه الحالة من الصبغيات بضعفانية diploidyالصيغة الصبغية النووية.
    يجري الرجوع إلى الحالة الصبغية الفردانية بانقسامين نوويين متتاليين تنقسم فيهما الصبغيات النووية مرة واحدة، ويعرف هذا بالتنصيف meiosis ويسمى الانتقال من المعادلة الصبغية الضعفانية الصيغة الصبغية (2ن) إلى المعادلة الصبغية الفردانية الصيغة الصبغية (1ن) بالاختزال الصبغي أو الكروماتيني وتسمى الدورة بدورة تعاقب الأجيال.
    نماذج دورات تعاقب الأجيال
    تصنف نماذج دورات تعاقب الأجيال في عالم الأحياء وفق الدورات الآتية:
    1ـ الدورة الوحيدة الطور المكونة من فرد ضعفاني الصيغة الصبغية النووية: ومثالها دورة حياة الفوقس الحويصلي Fieus vesiculosus من الطحالب السمراء، ودورة حياة جميع أفراد العالم الحيواني والإنساني الموضحة في الشكل (1): تبدأ الدورة الوحيدة الطور النووي في الكائنات الضعفانية الصيغة الصبغية النووية بتكاثر الزيغوت الذي يعطي عضوية ضعفانية الصيغة الصبغية, قادرة إذا ما نضجت على إنتاج الأعراس الفردانية الصيغة الصبغية. تدعى دورة الانتقال بالدورة الضعفانية الوحيدة الطور. وتدعى الأفراد وحيدة التكوين الضعفاني diploid monogenetic النووي.


    2ـ الدورة الوحيدة الطور المكونة من فرد فرداني الصيغة الصبغية: ومثالها دورة حياة السبيروجيرا Spirogyra من الطحالبالتزاوجية الخضراء، ودورة حياة بعض الفطريات، الموضحة في الشكل (2): تبدأ الدورة الوحيدة الطور النووي بتكاثر البوغة المنصفة meiospor أو الأبواغ الرباعيةtetraspore التي تعطي عضوية فردانية الصيغة الصبغية النووية، قادرة إذا ما نضجت على إنتاج الأعراس الفردانية الصيغة الصبغية. تدعى دورة الانتقال بالدورة الفردانية الوحيدة الطور، وتدعى الأفراد وحيدة التكوين الفرداني monogenetic haploid النووي.
    3ـ الدورة الثنائية الطور المكونة من تعاقب فردين أحدهما فرداني الصيغة الصبغية النووية وثانيهما ضعفاني الصيغة الصبغية النووية: ومثالها دورة حياة البريويات[ر] والتريديات[ر] والبذريات[ر] الموضحة في الشكل (3). تتكون الدورة الثنائية الطور في البريويات والتريديات والبذريات من تعاقب جيلين: جيل النبات البوغي sporophyte المكون من الخلايا الضعفانية الصيغة الصبغية النووية الناتجة من انقسام الخلايا الزيغوتية والمولد للأبواغ المنصفة, وجيل النبات العرسي gametophyte المكون من الخلايا الفردانية الصيغة الصبغية النووية الناتجة من انقسام الخلايا البوغية المنصفة، والمولد للأعراس الشكل (3)، وتدعى الدورة ثنائية التكوين digenetic الفرداني الضعفاني (متعاقبة الأجيال). يدعى هذا التسلسل (المكون من عضويتين رئيستين مختلفتين بعضهما عن بعض بالصيغة الصبغية: حيث الأولى فردانية الصيغة الصبغية النووية الخلوية والثانية ضعفانيتها) بتعاقب الأطوار phase alternation (المسمى تجاوزاً تعاقب الأجيال).
    4ـ الدورة الثلاثية الأطوار المكونة من تعاقب ثلاثة أجيال أو أطوار: الطور الأول الفرداني الصيغة الصبغية النووية، الاستقلالي التغذية، المولّد للأعراس، والطور الثاني الضعفاني الصيغة الصبغية النووية الأول الناتج عن الزيغوت، والذي يستمد غذاءه من النبات العرسي، والمولّد للأبواغ الضعفانية غير المنصفة، والطور الثالث الضعفاني الصيغة الصبغية الثاني، والناتج عن نمو الأبواغ الضعفانية الصيغة الصبغية النووية، والاستقلالي التغذية، والمولد للأبواغ المنصفة. تتمثل الدورة الثلاثية الأطوار بدورة حياة الطحالب الحمراء الموضحة في الشكل (4): تنفرد الدورة الحيوية في الطحالب الحمراء بتكوينها ثلاثة أطوار متتابعة: نبات ضعفاني الصيغة الصبغية أول ناتج عن الزيغوت، ويستمد غذاءه من النبات العرسي، ويولد الأبواغ الضعفانية غير المنصفة. نبات ضعفاني الصيغة الصبغية ثان ناتج عن تكاثر الأبواغ الضعفانية الصيغة الصبغية، استقلالي التغذية، مولداً أبواغاً منصفة الصيغة الصبغية. نبات فرداني ثالث، استقلالي التغذية، مولّد الأعراس.
    تعاقب الأجيال أو الأطوار في الفطريات الدعامية
    يتكون النبات العرسي في الفطريات الدعامية من خيوط زاحفة متفرعة مكونة ما يعرف بالمشيجة الابتدائية. ويجري الإلقاح في هذة النماذج من الفطريات على مرحلتين متباعدتين زمنيا؛ المرحلة الأولى ويتحقق فيها الإلقاح البلاسمي وتكوين خلايا ثنائية النوى تدعى ديكاريون dicaryon ويكون المجموع الثنائي النوى ما يعرف بالمشيجة الثانوية. تتشابك خيوط المشيجة الثانوية وتتفاغم وتتماسك مكونة ما يعرف بحامل القرب carpophore. يتكون حامل القرب هذا من: قدم وقبعة تعرف عادة بالفطر أو خبزالقاق أو عيش الغراب. يجري الإلقاح النووي للنوى الجنسية، داخل خلية متخصصة تدعى الدعامة المتكونة داخل أغشية القبعة الفطرية، ويتكوّن الزيغوت الذي ينقسم انقساماً منصفاً منتجاً أربع أبواغ منصفة تعرف بالأبواغ الدعامية. تنتش هذه الأبواغ الدعامية مكوّنة نباتاً عرسياً جديداً مكوناً من المشيجة الابتدائية الجديدة.
    تعاقب الأجيال أو الأطوار في البريويات ممثلة بجنس الكثير الأوبار بوليتريكوم Polytricum
    تتميز البريويات من غيرها من النباتات بطول أجل النبات العرسي، وقصر أجل النبات البوغي. ففي البريوي البوليتريكوم، الذي يعيش في الغابات، ينطلق تكون الفرد النباتي من إنتاش بوغة منصفة تضم نواتها 7 صبغيات تولّد خيطاًابتدائياً يخضوري الخلايا مشابهاً لطحلب أخضر. ثم يتكوّن على هذا الخيط محاور منتصبة تحمل في جوانبها أوراقا صغيرة، كما تحمل في نهاياتها أعضاء توالدية: إمّا ذكرية تدعى مناطف (أنتيريدة)، وإمّا أنثوية تدعى (أرحام) تبعا لطبيعة النبات العرسي. وتتكون، في قاعدة هذه السوق المورقة، أوبار ماصّة تثبّت النبات فوق التربة، وتمده بالماء والأملاح المنحلة. وينقسم الزيغوت المتكونة نواته من14 صبغياً (7 صبغيات نطفية توضع ضمن الـ 7 صبغيات النواة الرحمية لتكون نواة جديدة زيغوتية تضم 14 صبغياً) لبناء النبات البوغي.
    يعيش النبات البوغي كنبات سطحي على النبات العرسي مكوناً في قاعدته قدماً ماصة للغذاء، يعلوها محور عديم الأوراق في نهايتها انتفاخ أوعلبة مكونة مغلف الأبواغ أو ما يدعى منسل الأبواغ سبوروغون sporogonium المكون للأبواغ والمساعد على نشرها.
    تعاقب الأجيال في الرحميات
    يضم مصطلح الرحميات Archegoniatae جميع النباتات التي تتكون أعراسها الأنثوية ضمن الأرحام archegonium انطلاقاً من البريويات (الحزازيات، الكبديات، الأنتوسيرات)، فالتريديات (السراخس. أذناب الخيل. أرجل الذئب...)، فبواكر البذريات(السيكاس، الجنكو)، فالبذريات (عريانات البذور، غمديات البذور، مغلفات البذور). يضمر النبات العرسي عبر المسيرة التطورية للرحميات إلى مجموعة من الخلايا الممثلة في البذريات بالكيس الجنيني المكون من 16 خلية فردانية أو 8 خلايا أو 4 خلايا فردانية. تتمثل هذه الخلايا الأربع في نوع التوليب الحرجي Tulipa sylvestris بالرباعية البوغية الأنثوية المنصّفة.
    تعاقب الأجيال وتصنيف الزمر النباتية
    تعتمد حادثة تعاقب الأجيال في تصنيف الزمر النباتية:
    1ـ فالطحالب السمراء التي تتكون أجسامها من خلايا ضعفانية عدد الصبغيات النووية تمثل الدورة الوحيدة الطور الضعفانية الصيغة الصبغية.
    2ـ والطحالب الخضراء وبعض الفطريات التي تتكون أجسامها من خلايا فردانية عدد الصبغيات النووية تمثل الدورة الوحيدة الطور الفردانية الصيغة الصبغية.
    3ـ والرحميات على وجه التحديد تمثل وحدها من عالم الأحياء الدورة الثنائية الطور المكونة من تعاقب جيلين أحدهما فرداني الصيغة الصبغية وثانيهما ضعفاني الصيغة الصبغية النووية: فالأبدان النباتية البريوية مكونة من النبات العرسي الفرداني الصيغة الصبغية، والكثير الخلايا، والطويل العمر، والذاتي التغذية. والأبدان النباتية التريدية مكونة من النبات البوغي الضعفاني الصيغة الصبغية والكثير الخلايا، والطويل العمر، والذاتي التغذية، والأحادي المسكن أو ثنائيه. والأبدان النباتية البذرية الأحادية المسكن مكونة من النبات البوغي الضعفاني الصيغة الصبغية، والكثير الخلايا، والطويل العمر، والذاتي التغذية، والأحادي المسكن كما في اللّوز على سبيل المثال. والأبدان النباتية البذرية الثنائية المسكن مكونة من النباتين البوغيين الضعفانيي الصيغة الصبغية، والكثيري الخلايا، والطويلي العمر، والذاتيي التغذية، والثنائيي المسكن، كما في النخيل والحور والصفصاف، وهي بذلك مماثلة لأبدن العالم الإنساني المتميزة إلى الرجل والمرأة على سبيل المثال.
    النظريات التطورية الخاصة بتعاقب الأطوار
    تطرح في مجال التفسير التطوري للدورات البيولوجية الحيوية نظريتان:
    الأولى وتسمى نظرية بدائية الطور الفرداني وحداثة الطور الضعفاني الممثلة بالشكل (2)، وهكذا تصعد النباتات سلالم الارتقاء كلما زادت أعداد الانقسامات الخيطية الضعفانية في دوراتها الحيوية. فدورات حياة السبيروجيرا، والطحالب والفطريات, التي تسيطر عليها البنية الفردانية تمثل الدورات الحيوية البدائية، الممعنة في العراقة والقدم. ودورات حياة البريويات والحزازيات المكونة من نبات بوغي شعري تكون أكثر تطوراً من الكبديات ضامرات النبات البوغي. ودورات حياة التريديات التي يقوى فيها النبات البوغي ويضعف فيها النبات العرسي تعد أكثر تطوراً من دورات حياة البريويات، وكذلك الأمر في النباتات البذرية التي تشهد نقصاً تدريجيا في عدد خلايا النبات العرسي الذكري والأنثوي التي تُختصر في التوليب الحرجي إلى أربع أبواغ منصفة.
    وتتمثل النظرية الثانية ببدائية الطور الضعفاني وحداثة الطور الفرداني الموضحة بالشكل (3). وهكذا تتجسد الصفات البدائية في عضويات ثنائيات الأطوار, متشابهات من النواحي المرفولوجية، يطول فيها تدريجيا الطور الضعفاني، ويقصر فيها الطور الفرداني. وتعد الطحالب وفقاً لهذه النظرية الأرومة التي اشتقت منها الرحميات.
    النقاط المشتركة بين النظريتين: تشترك نظرية بدائية الطور الفرداني وحداثة الطور الضعفاني مع نظرية بدائية الطور الضعفاني وحداثة الطور الفرداني بإعطائهما أهمية خاصة للظواهر الصبغية النووية المكونة من الإلقاح والتنصيف: فالطحالبوحيدات الطور الضعفاني الممثلة بالفصيلة الكودياسية Codiaceae والفصيلة الفوقسية Fucaceae على سبيل المثال ليست أفضل تعضياً من الطحالب وحيدات الطور الفرداني الممثلة بالفصيلة الكلاميدوموناسية والفصيلة الكارية Characeae. والشكل المرفولوجي للنباتات مغلفات البذور الفردانية المستحصلة بالطرائق التجريبية لا يختلف كثيراً عن الشكل المرفو لوجي الطبيعي لنفس النباتات. وفقدان الإلقاح والتنصيف في عدد من دورات حياة الطحالب والفطريات. والانتقال من المرحلة الخيطية المتفرعة إلى المرحلة الساقية في الحزازيات دونما تغيّر في العدد الصبغي. والانتقال من المرحلة الساقية البسيطة الفتية إلى المرحلة الساقية المكتملة المعقدة في البذريات أيضاً دونما تغيّر في العدد الصبغي. يُستنتج من كل ماتقدم: أن لا علاقة للعدد الصبغي بالبناء والتكوين المرفولوجي التلقائي.

    أنور الخطيب

  9. #199
    التعايش

    التعايش symbiosis هو تبادل المنفعة بين كائنين. تتنوع أنماط التعايش بتنوع الكائنات الحية فهنالك التعايش بين الجراثيم والنبات، والتعايش بين نبات ونبات، كالتعايش بين الطحالب والفطريات كما في الأشن[ر]، والتعايش بين الحيوان والنبات، والتعايش بين الحيوان والحيوان، والتعايش بين الجراثيم والحيوان.
    التعايش بين الجراثيم والنبات
    تعد نباتات الفصيلة القرنية من أبرز أمثلة التعايش بين الجراثيم والنبات. فقد دلت الدراسات التجريبية على تعايش أكثر من 90٪ من أنواع الفصيلة القرنية المدروسة مع الجراثيم المثبتة للآزوت الهوائي، ويشمل هذا الرقم 200 نبات زراعي. يتمثل هذا النمط من التعايش بتكوين عقيدات جذرية غنية بالجراثيم المسماة ريزوبيوم ليغومينوزارم Rhzobium leguminosarumالمتعايشة مع جذور الفول والحمص والعدس. تأخذ العقيدات الجذرية أشكالا مختلفة: منها الضخم الكبير المتكون على الجذر الرئيس كما في الترمس، ومنها الصغير المستدير كما في الحمص، وثالث أشكال العقيدات الجذرية المتطاول كما في النفل، ورابعها المشطور والمتكون غالباً على الجذور الثانوية كما في الفول. تبدو الجراثيم المثبتة للآزوت في المقاطع العرضية للعقيدات الجذرية آخذة شكل X أوY ومشبعة بأصبغة حمراء تدعى ليغيموغلوبين leghemoglobine. كما توجد في العقيدات نسج وعائية تصل العقيدات بالحزم الوعائية اللحائية الجذرية. وتنشط بجوار الجذور الفتية السليمة ذؤابة من الجراثيم عصوية الشكل تتهيأ لدخول الجذور بالقرب من الأوبار الماصة التي تعدل في أشكالها متحولة إلى منحنية وملتوية مكونة «حبلاً جرثومياً» يؤمن الإصابة الجذرية وإيصالها إلى النسج الداخلية حتى تدرك المحيط الدائر في بعض الحالات وتاخذ الجراثيم عندئذ شكلX أو Y في الخلايا المضيفة المتضخمة. وهكذا تتكون العقيدات كما يبدو وفق آلية كيميائية منشطة أوكسينية[ر].
    تعد أنواع جراثيم الريزوبيوم بالغة التخصص للعلاقة الحميمة بين نوع الريزوبيوم ومضيفه: وهكذا فالريزوبيوم الفاصوليRhizobium phaseoli يتعايش مع الفصولياء، والريزوبيوم الترمسي Rhizobium lupini يتعايش مع الترمس وهلم جرا. تصبح الجراثيم قادرة على تثبيت الآزوت الجوي وتحويله إلى مركبات نشادرية أمونياكية، تتحول إلى مركبات أمينية في سيتوبلاسم النبات المضيف، عندما يتم الاتصال بين العقيدة وأوعية المضيف. وتنتقل الحموض الأمينية في النبات الذي يحقق لذاته مورداً من الآزوت الجوي. ولكن جراثيم الريزوبيوم لا تسطيع إنجار هذه العملية إلاّ إذا قدم لها النبات المضيف البقولي السكريات المناسبة التي تتكون في الأجزاء الخضراء في الفصيلة الفولية. وهكذا يقدم النبات الأخضر السكريات إلى الجراثيم مؤمناً لها التغذية الكربونية السكرية، ويقدم الريزوبيوم العديم اليخضور الآزوت الجوي بشكل نشادري وأميني وبروتيني موفراً للنبات البقولي التغذية الذاتية الآزوتية البروتينية. وتمثل هذه المبادلات الغذائية التعايش في أشكاله الحقيقية. فباستطاعة النبات الأخضر، من ناحية أولى، الحياة وحيداً مستغنياً عن الريزوبيوم في نمو بطيء مكتفياً بأملاح النترات الموجودة في التربة. كما باستطاعة الريزوبيوم، من ناحية أخرى، الاستمرار بالحياة في التربة ولكنه يبقى عاجزاً عن تثبيت الآزوت الحر الجوي. إنها المبادلات النفعية الحقيقية!! فمن دون التعايش يضعف الفريقان، وبالتعايش تدب القوة في الفريقين.
    يخضع تثبيت الجراثيم الريزبيومية إلى عدد من الشروط أبرزها: تأمين الموارد السكرية، وخلو التربة من النترات ومن إيونات أو شوارد الأمونياك فالأسمدة الآزوتية للفصيلة الفولية تعد أضرارها أكثر من منافعها، وعدم زيادة الأكسجين التي توصد عمل بعض الوظائف الأنزيمية، فالليغيموغلوبين، (القريب جداً من الهيموغلوبين الدموي، شديد الارتباط بالأكسجين لقيامه بدور ناقل لإلكترونات الأكسدة الإرجاعية المرتبطة باصطناع المركبات الآزوتية) لا يتكون إلا باجتماع المتعايشينن متكدساً في سيتوبلاسما خلايا المضيف. يشيخ الليغيموغلوبين في الخريف في النباتات الحولية، وتتلون العقيدات باللون الأخضر محولة الليغيموغلوبين إلى صبغ أخضر تفقد معه العقيدات فعالياتها.
    تعد نباتات الفصيلة الفولية بحق من النباتات المحسنة للتربة لأنها تثبت من 50-300كغ من النترات في العام في الهكتار الواحد المزروع بأنواع من الفصيلة الفولية. إضافة إلى جذور النبات المضيف، الباقية في التربة التي ترفع نسبة المواد العضوية المفيدة في تنشيط الزراعات اللاحقة الشرهة للمركبات الآزوتية. كما أن زراعة النباتات النجيلية مع نباتات الفصيلة الفولية تحسن مردود النبات النجيلي. ولقد دلّ استعمال الآزوت الموسوم على تغذية النبات النجيلي بجزيئات أمونياكية وحموض أسبرتكية aspartic وغلوتامية glutamic حديثة التكوين. ترتد نظم التغذية هذه على زيادة المحصول بين 25-50 ٪. إن زراعة النفل والفصفصاء في عام 1960 قد زوددت التربة الفرنسية بنحو 250000 طن من الآزوت, في حين قدر الإنتاج الفرنسي للأسمدة الآزوتية في ذلك العام بـ 550000 طن. وعلى برامج الاستصلاح في الوطن العربي وفي الأراضي القاحلة أن تأخذ هذه الظاهرة في الحسبان.
    من الحالات المماثلة لهذه الأنماط من التعايش يطرح تعايش النغث Alnus من الفصيلة البتولية Betulaceae المزودة جذورها بعقيدات جذرية تنمو وتتخشب وتتجاوز عشر سنتيمترات متعايشة مع جرثوم من رتبة القطريات الشعاعية Actinomyces alni، وتجري المبادلات الغازية عبر أنماط من العديسات. يقدر مردود هذا النمط من التعايش قرابة 500 كغ للهكتار في السنة، ويتضح بزيادة نمو الأشجار المجاورة للنغث كالصنوبر على سبيل المثال. يضاف إلى ذلك استفادة التربة من تفكك الموا د العضوية الموجودة في الأوراق الساقطة. وهكذ1 يعد النغث من النباتات الرائدة القادرة على استعمار الأراضي الفقيرة بالآزوت كما هي الحالة في المنحدرات الحجرية الجردية. ومن النباتات المفيدة في تثبيت الكثبان الرملية وزيادة الآزوت في التربة الرملية: اليبوف المعيني Hippophoe rhamnoides واليغنوس النغص الورق Elaeagnus angustifolia واليغنوس الشبردة Elaeagnus sheperdia من الفصيلة اليغنوسية Elaeagnaceae والسيانوتوس Coeanothus من الفصيلة الرمناسية Rhamnaceae والكزوريناCasuarina. ويجري تثبيت الآزوت في المناطق المدارية الرطبة بوساطة عقيدات ورقية في بعض أنواع الفصيلة الفويةRubiaceae.
    التعايش بين نباتين يخضوريين
    يتمثل التعايش بين نباتين يخضوريين بتعايش الطحالب الزرقاء المثبتة للنتروجين مع عدد من النباتات اليخضورية، فالكبدية Peleia تتعايش مع النوستوك، والأزولة Azolla تتعايش مع الأنابينا الأزولية Anaboena azolae، وعريانات البذور والسيكاس تتعايش مع الأنابينا السيكاسية A.cycadae، ومغلفات البذور تتعايش مع النوستوك كما في أنواع الفصيلة الآسية.
    وتعد الأشن[ر] من أبرز أمثلة التعايش بين نباتين أحدهما فطري عديم اليخضور، وثانيهما طحلبي يخضوري، وهكذا يتعذر على أحد الشريكين الحياة وحده حياة حرة طبيعية.
    التعايش بين الحيوان والنبات
    يتمثل التعايش بين الحيوان والنبات في عدد من الأنواع الحيوانية المائية أمثال وحيدات الخلايا الحيوانية والاسفنجيات ومعائيات الجوف التي تضم بين مكوناتها متضمنات نباتية خضراء أو صفراء أوبنية تصنف مع الطحالب من زمرتي الطحالبالصفراء الحيوانية والطحالب الخضراء الحيوانية التي تتوضع في السيتوبلاسما مكونة أحد المتضمنات الخلوية الأساسية. ويمكن فصل الحيوان عن النبات المتعايش معه بوضعه في محلول من أملاح معدنية خاصة، في الظلمة والبرودة، حيث يصاب الحيوان بالشحوب، ويتطلب التخلص من الطحالب المتعايشة مع بعض الحيوانات زمناً طويلاً، وتستطيع هذه الوحيدات الخلايا الحيوانية أن تستقبل بسرعة الإصابة بالطحلب المطلوب باسقباله السريع في الفجوات الهاضمة التي تعجز عصاراتها الهضمية أن تمسه بأذى، وهكذا تعبر الكلوريلاّ بيسر إلى السيتوبلاسما مستعملة CO2 الذي ينتجه الحيوان المستفيد من الأكسجين والنشاء والفيتامينات الناتجة عن عمليات التركيب اليخضوري.
    من الهدريات ما تتعايش مع طحالب الكلوريلا. وبعض أنواع الديدان من زمرة المهتزات البحرية من جنس اللفافيConvoluta تتعايش مع الطحالب السوطية. وبعض وحيدات الخلايا الحيوانية والمرجانية والرخويات مزودة بطحالب يصفورية حيوانية نامية على الفضلات الآزوتية.
    ويعد بعض الكتاب طرائق التأبير[ر] الحشري لبعض النباتات المغلفات البذور نموذجاً من التعايش؛ إذ تتغذى الحشرة بالرحيق الزهري وبالطلع الذي تنقله من سداة إلى أخرى، ومن ميسم إلى آخر محققة بذلك استمرارية الحياة للأنواع حشرية التلقيح. كماأن التخصصية بالغة الدقة بين الحشرة ومضيفها النباتي إلى حد وجود نماذج من التكيف الضيق بين النبات والحشراتالتي يستضيفها: فالمريمية Salvia تزود بدواسة تقلب المحتوى المئبري فوق ظهر الحشرة. و زهرة السحلب تشبه أنثى الحشرة التي تجذب الذكور. وتزور زهرة نبات الفيكتوريا الملكية Victoria regia التي تتفتح ليلاً حشرة من غمديات الأجنحة تطبق الزهرة عليها في النهار وتحررها في المساء محملة بطلع الزهرة لتنقله إلى زهرة أخرى. وهنالك نوع آخر من التأبير بوساطة العصافير والخفافيش والحلزون. وترتاد زهرة اليوكا Yucca حشرة تضع يرقاتها في لزهرة محققة التأبير المختلط. وفي التين تقوم بالتأبير حشرة البلاستوفاغة Blastophaga من نصفيات الأجنحة من زمرة الزنابير الصغيرة.
    وتعد، في بعض الأحيان، العلاقة بين النمل والنبات نموذجا من التعايش. يعيش نموذج من النمل في جنوبي أمريكة الجنوبية في سلاميات جذع السيسروبيا Cecropia من الفصيلة التوتية حامية النبات من اجتياح النمل الآكل للأوراق.
    التعايش بين الحيوان والحيوان
    ومن نماذج التعايش الحيواني تعايش السرطان الناسك وشقائق البحر Adamsia palliata التي تفرز صفيحة غروية تحمي القوقعة التي يعيش فيها السرطان الناسك. وتتعايش الثدييات الكبيرة في السفانة أو السوانة المدارية مع العصافير التي تخلصها من كثير من الطفيليات التي تتغذى بها العصافير كالقراد والحشرات التي تعيش فوق جلد البقر.
    التعايش بين الحيوان والجراثيم
    ومن نماذج التعايش بين الحيوان والجراثيم الحيوانات العاشبات التي تؤوي في المعي الأعور البكتريات ملتهمات الأخشاب xylophage التي تقوم بتفكيك المركبات السللوزية. كما أن بعض يرقات الحشرات مزودة بحجيرة هضمية مملوءة بالجراثيم المفككة السللوز. ومن رأسيات الأرجل وأسماك الأعماق ما تتعايش مع جراثيم الإنارة.

    أنور الخطيب

  10. #200
    صديق فعال
    طبووشه أم لسان
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: العراق_بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 733 المواضيع: 15
    التقييم: 115
    مزاجي: الحمد لله
    المهنة: طالبه اعداديه
    أكلتي المفضلة: كولشي وكلاشي هع
    موبايلي: كلاكسي s .. mini
    آخر نشاط: 13/November/2015

صفحة 20 من 146 الأولىالأولى ... 101819 2021223070120 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال