صفحة 14 من 146 الأولىالأولى ... 41213 1415162464114 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 131 إلى 140 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 14

الزوار من محركات البحث: 64848 المشاهدات : 322259 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #131
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 4 ساعات
    مقالات المدونة: 19
    الأسَلِيات (رتبة ـ)

    الأسليات Juncales رتبة نباتات أحاديات الفلقة، مُكوَّنة من أعشاب حزمية تدعى أَسَلاً، تنبت في المستنقعات العذبة أو القليلة الملوحة، أو على الشواطئ الرطبة، كُمُّها سداسي الأجزاء، وثمرتها علبيّة.
    والأسَلُ نبات أوراقه أسطوانية دقيقة واحدته أسَلَة، يستعمل لصنع السلال والحُصر والستائر، وقد تُدق الأوراق فيُتخذ منها حبال أو خيوط تستعمل في صنع الغرابيل، ويستعمل لُب أوراق بعض الأنواع فتائل في صناعة الشمع.
    توضع رتبة الأسليات بين رتبتي الزنبقيات Liliales والسُعْدياتCyperales. وهي تتميز من رتبة الزنبقيات بكُمِّها الحرشفي، وببذورها المزودة بسويداء نشوية، كما تشترك مع رتبة السعديات بعدد كبير من الصفات كالهيئة، وانكماش النَّوْرات، والتعضي الزهري الثلاثي الأجزاء، والأكمام الزهرية الحرشفية المصحوبة بضمور البنية، إضافة إلى عدد من الصفات التشريحية والبيئية والحيوية، وتختلف رتبة الأسليات عن رتبة السعديات بثمارها العلبية المتفتحة، وبييضاتها المقلوبة anatropous العلوية الانتحاء.
    تضم رتبة الأسليات الفصائل التالية: الأسَلِيَّة Juncaceae، والمركزية الحراشف Centrolepidiaceae، والسوطية Flagellariaceae، والرَبُوطيةRapotaceae.
    الفصيلة الأسلية
    تضم قرابة 500 نوع، موزعة على 10 أجناس. تنتشر أغلب أفرادها في المناطق المعتدلة والباردة من الكرة الأرضية. وتتمثل في نبات الوطن العربي بجنسين هما: الأسل جنكوس Juncus ولوزولة Luzula.
    وأغلب نباتات الفصيلة الأسلية عشبية ماعدا الجنس بريونيوم Prionium المنتشر في الكاب في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. جذاميرها، أي سوقها الترابية، زاحفة أو كتلية، سوقها الهوائية خضرٌ عُقْدٌ بسيطة، نادرة التفرع، مزودة بمتن (برنشيم) حباكي، أوراقها إما غمدية ضيقة أو أسطوانية حاجزية، منها المتعاقبة، ومنها القاعدية الحزمية. لأوراقها لسينات وأذَنَات stipulesكانت مجال عدد من الدراسات والتفسيرات. وقد تضمر الأوراق في بعض الأنواع حتى يقتصر بناؤها على اللُسينات. الأزهار صغيرة خضرٌ، حرشفية، مكونة من أجزاء رقيقة شافة، تجتمع غالباً في نظام سنمي معقد، وقد تكون أحياناً من نورة وحيدة الزهرة، ثلاثية أجزاء الكم، سداسية الأسدية، ثلاثية الكربلات الملتحمة والمزودة بمشيمة محورية كثيرة البذور في جنكوس وجدارية وحيدة البذرة في لوزولة.
    يمتاز نسيج مخ الأوراق في عدد من أنواع جنكوس ببنية خلوية بالغة التخصص، فهو يتألف من خلايا نجمية واسعة الفضوات الهوائية. يطلق عليها اسم النسيج الهوائي aerenchyma. وتنتشر أغلب أنواع الفصيلة الأسلية في المنابت الرطبة، والمياه الراكدة في المناطق المعتدلة، وفي الرمال الساحلية القريبة من الماء، وقد ينبت بعض أنواعها في المواقع الحصوية المرتفعة البعيدة عن الساحل.
    الأسل (جنكوس): يُعد أكثر الأجناس أهمية إذ يضم قرابة 300 نوع تتمثل في نباتات الوطن العربي بعشرات الأنواع أهمها:
    أسل المصب J.effusus: وهو نبات معمر، مزود بجذمور قصير مائل أو أفقي كثير الفروع. السوق منتصبة أسطوانية، يتفاوت طولها بين 30 و120سم، وقطرها بين 1 و4مم، وهي ملسٌ إذا كانت نضرة، ومخططة إذا كانت جافة، مزودة بمخ مستمر. الأزهار صغيرة. والثمرة علبية مقورة، شبه بيضوية ثلاثية الأضلاع. ينتشر أسل المصب في سورية ولبنان، وشمال إفريقية، وسيبيرية. وتستعمل سوقه أربطة في عمليات البستنة، كما تستخدم السوق في صناعة السلال والحصر ومقاعد الكراسي. ويزرع أسل المصب في الأماكن الرطبة لتثبيت تربة السدود المائية، وقد استُعمل قديماً لصنع مصابيح شمع الأسل بغمس لب الأسل في الدهن.
    الأسل المنحني J.inflexu: وهو نبات معمر، مغبر. يتميز من أسل المصب بسوقه المزودة بمخ داخلي متقطع، وخطوط خارجية واضحة. الثمرة علبية مستدقة النهاية. ينتشر الأسل المنحني في آسيا الغربية وفي شمالي إفريقية وفي أوربة في الأماكن الرطبة.
    الأسل المدبَّب J.acutus: وهو نبات معمر، أخضر قاتم. منتشر في الرمال الساحلية وفي جوار المياه الراكدة في آسيا الغربية، وأوربة، وحول البحر المتوسط، وكاليفورنية، وجنوبي إفريقية، وجنوبي أمريكة.
    أسل البحر J.maritimus: وهو نبات مُعَمِّر يألف المياه المالحة، وينتشر في السواحل الرملية، وفي المناطق المائية الملحية الداخلية في الوطن العربي، وفي أوربة وأسترالية والبرازيل. وقد دلت الدراسات الحديثة على نجاح استعماله مادة أولية للحصول على عجينة صناعة الورق.
    الأسل المفصلي J.articulatus: نبات معمر شبه عالمي الانتشار موجود في جميع أنحاء العالم ماعدا مصر.
    الأسل النَبْعي J.fontanesii: نبات معمر منتشر حول البحر المتوسط وفي آسيا الغربية.
    الأسل البوفوني J.bufonious: نبات حولي طوله من 2ـ 30سم منتشر في الأماكن الرملية الرطبة في جميع بقاع العالم.
    الأسل الدرني J.bulbosus: يزرع في أمريكة نباتاً علفياً، وقد تُدقّ أغصانه لِيُتخذ منها حبال قصيرة تصنع منها الغرابيل. كما يستعمل الأسيل الدرني في بولندة بعد خلطه مع كربونات البوتاسيوم منقوعاً كالشاي في عُسْر البول.
    الأسل (لوزولة): جنس من نباتات عشبية يضم قرابة 100 نوع ممثلة بعدد محدود من الأنواع في الوطن العربي. أبرز أنواعه.
    لوزولة فورستر L.forsteri: نبات عشبي معمر، منتشر في الأحراج الرطبة غير الكلسية في شمالي سورية وفي لبنان وشمالي إفريقية وفي جنوب غربي أوربة.
    اللوزولة البيضاء L.alba: يزرع للاستعمال في تنسيق بعض باقات الزينة.
    اللوزولة الثلجية L.nivea: يزرع للاستعمال في تنسيق بعض باقات الزينة.
    الفصيلة المركزية الحراشف
    فصيلة صغيرة تضم 7 أجناس و40 نوعاً، منتشرة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ماعدا إفريقية. من المصنِّفين من يضع هذه الفصيلة في رتبة الكوميلينات Commelinales.
    الفصيلة السوطية
    تضم ثلاثة أجناس وعشرة أنواع، وهي منتشرة في المناطق المدارية في العالم القديم. من المصنِّفين من يضعها في رتبة الكوميلينات.
    الفصيلة الربوطية
    تضم قرابة 10 أجناس و25 نوعاً، منتشرة في المناطق المدارية من غربي إفريقية وشرقي أمريكة.
    أنور الخطيب

  2. #132
    الآسيات (رتبة ـ)

    رتبة نباتات ثنائيات الفلقة، مُنفصلات التويجيات، سفليات المبيض، تضم 17 فصيلة في التصانيف المُوَسِّعة. وقد يقسمها آخرون إلى رتبتي الآسيات Myrtales التي تضم الفصائل الشجرية، والخثريات Lythrales التي تضم الفصائل العشبية.

    الفصيلة الآسية

    تضم الفصيلة الآسية Myrtaceae 3500 نوع، موزعة على 100 جنس، تنبت في المناطق الحارة من العالم. وُجدِت مستحاثاتها في السينومانيان Cenomanian من الكريتاسي. تضم أشجاراً وجنبات عطرة، متقابلة الأوراق، رباعية الأجزاء الزهرية أو خماسيتها، حرة الكأسيات والتويجات، غزيرة الأسدية، سفلية المبيض الذي يتألف من حجيرتين أو ثلاث حجيرات، المبيض وحيد القلم، والثمرة نووية أو عنبيَّة. الأزهار حشرية التأبير، وقد تُؤَبَّر أزهار بعض الأنواع بوساطة حيوانات جرابية صغيرة. يضم الجنس أوجينية Eugenia قرابة 1000نوع (الشكل 1، 2، 3)، وهذا ما يجعله أغنى أجناس الفصيلة الآسية المنتجة للثمارالغذائية المدارية. ويعد الأوكالبتوس Eucalyptus من أبرز أجناس الفصيلة الآسية من الناحية الاقتصادية.
    الشكل (1) أوجينية جامبولان الشكل (2) أزهار أوجينية وحيدة الزهر الشكل (3) ثمار أوجينية وحيدة الزهر
    يضم الأوكالبتوس قرابة 800 نوع، أغلبها أسترالية الموطن، فيها أشجار سريعة النمو كالأوكالبتوس اللوزي E.amygdalinaالذي يصل ارتفاع أشجاره إلى 150 متراً، ويتجاوز قطر الشجرة الواحدة 10 أمتار، والأوكالبتوس الكروي E.globulus (الشكل 4) الذي يصل ارتفاع أشجاره في موطنها إلى 100 متر، وهكذا يُصَنَّفُ جنس الأوكالبتوس بين أكثر أشجار العالم سَمْقاً وسرعة في النمو. بدأت زراعة الأوكالبتوس في أوربة سنة 1830، وانتقلت هذه الزراعة إلى أقطار البحر المتوسط سنة 1860، وقد لوحظ وجود تهجين طبيعي بين أنواع الأوكالبتوس في الجزائر. وتنتشر زراعة الأوكالبتوس في العالم العربي لتحريج الأراضي المتدهورة من ناحية، ولتجفيف مستنقعات بؤر البُرَداء (الملاريا) من ناحية أخرى، كما يستحصل من هذه الزراعة على مواد عفصية ومواد عطرية كالأقْلَبتول. وأبرز الأنواع المستعملة في هذا المجال هو الأوكالبتوس المنقاري E.rostrata والأوكالبتوس الليموني E.citriodora والأوكالبتوس البوزيستواني E.bosistoana المقاوم للحريق (الشكل 5 ، 6 ، 7) والأكالبتوس الكروي. ويُزرع القَلِّسْطمون Callistemon (جميل الأسدية) الأسترالي الأصل شجرة زينةٍ مدارية في بعض الأقطار العربية، وتُعْرَف نورتها باسم فرشاة القوارير نظراً للشكل الذي تأخذه الأسدية.

    الشكل (4) الأوكالبتوس الكروي

    ويَضُم الجنس بسيديوم Psidium قرابة 100 نوع مداري أمريكي أشهرها بسيديوم الغُوافة P.guajava الذي تحول إلى نوع زراعي مداري، ويزرع في مصر وفي المناطق الحارة من الوطن العربي، وتعد الغوافة بيضاء الثمر من أفضل ضروب الغوافة وهي قابلة للزراعة في سواحل البحر المتوسط.

    ويشمل جنس الآس Myrtus قرابة 100 نوع من الأنواع المنتشرة في المناطق المدارية والمتوسطية. يتمثل أبرز هذه الأنواع في العالم العربي بما يعرف بالآس الشائع M.communis (الشكل 8)، تنبت جنبة الآس الشائع تلقائياً في الأراضي الحرجية غير الكلسية في سورية، وحول البحر المتوسط، وفي تركية وإيران وأفغانستان وباكستان، كما تنتشر في وادي الأردن الأعلى ممثِّلة بقية نباتية من المنطقة المتوسطية القديمة، وهي دائمة الخضرة، يتجاوز ارتفاعها المترين، فروعها ملساء، وأوراقها عطرة متقابلة قصيرة المعلاق، بيضية الصفيحة، سنانية القمة، مزودة بغددٍ عطرية. أزهارها بيض صغيرة. وثمارها ماويّة عنبية شبه كروية، زرق في أفراد النوععامة، وبيض مائلة للصفرة في أفراد الضرب السوري المسمى الآس الشائع أبيض الثمر M.C.leucocarpa

    يسمى «الآس» الشائع أبيض الثمر بأسماء محلية عدة، أبرزها «قفْ وانظرْ» وهي تسمية دمشقية قديمة منسوبة إلى حسن النبات وطيب رائحته، و«الآس» تسمية شائعة في سورية، و«الريحان» تسمية شائعة في لبنان وتونس والجزائر والمغرب، و«المِرْسِين» تسمية شائعة في مصر وتركية.

    ويسمى ثمر الآس «حَبْلاس أو حب الآس» في سورية ولبنان والأردن وفلسطين، و«مِرْسين» في مصر وتركية، و«هَدَس» في اليمن، و«حَلْمُوش أو هَلْموش أو مُرْد أو أحْمام أو فَطْس أو شَلْمون أو تَلْمَام أو عَمَار» في أقطار شمالي إفريقية.
    وكثر استعمال الآس في الطب القديم والحديث، إذ يُستخرج من ورق الآس وزهره ماء مقطر يعرف بماء الملائكة المستعمل مطهراً للأنف. كما يستحصل من ورق الآس وثمره الغض على مادة منعشة مكونة من عطر الميرتول Myrtolوحمض الطرطير وخلاصة قابضة مفيدة في حالات النزلات الصدرية. وتضم الثمار الناضجة مادة عفصية منعشة، وتؤكل الثمار طبيعية أو يصنع منها مربى.

    الشكل (5) أشجار الأوكالبتوس البوزيستواني الشكل (6) أزهار الأوكالبتوس البوزيستاوني الشكل (7) ثمار الاوكالبتوس البوزيستواني
    ويضم جنس الفلفل (بيمنطة Pimenta) خمسة أنواع أمريكية، أبرزها البيمنطة المخزنية P.officinalis التي يستحصل منها على أفاويه حلوة الطعم، معروفة باسم الفلفل الإنكليزي أو فلفل جمايكة أو الفلفل الحلو، وهي ليست الفليفلة المعروفة في بلاد الشام. ويشمل جنس الجمبوزة Jambosa قرابة 150 نوعاً هندياً ماليزياً، أبرزها الجمبوزة القرنفلية J.caryophyllus التي تباع براعمها الزهرية لدى العطارين في سورية باسم القرنفل أو مسامير القرنفل أو «كبوش» القرنفل.
    الشكل (8) أزهار الآس وثماره
    يستحصل من الجمبوزة القرنفلية على عطر الأجينول eugenol، وهو سائل عديم اللون، مستعمل في طب الأسنان مسكناً ومعقماً، كما يدخل مادة أساسية في صناعة عطر الفانيلين vanilline.

    ويضم الجنس ميلالوقة أو البلقاء Melaleuca قرابة 100نوع أسترالي على الأغلب. أبرزها البلقاء المبيضة M.leucodendron الأسترالية الماليزية التي يستحصل منها على عطر يعرف بالكاجيبوت cajeput يستعمل لدهن الجلد في حالات الالتهابات التنفسية. كما يستحصل على عطر النيائولي niaouli (المستعمل للغرض نفسه) من البلقاء خضراء الزهر M.viridiflora التي تنبت في جزر جنوبي المحيط الهادئ.

    الفصيلة الرُّمَّانيَّة
    الفصيلة الرُّمَّانيَّة Punicaceae شديدة الصلة بالفصيلة الآسية، تتميز بانعدام الجيوب العطرية في الأوراق، وبالبنية الخاصَّة للمدقة التي تعطي ثمرة عنبية متميزة تعرف بالرُّمانة. تضم الفصيلة الرمانيّة جنساً واحداً هو الرُّمَّان Punica الذي يضم نوعين: يدعى أحدهما الرمان الأولي P.protopunica الذي ينبت في جزيرة سومطرة، ويدعى ثانيهما الرُمَّان الحَبِّي P.granatum الشائع في منطقة حوض البحر المتوسط (الشكل 9)، والمحتمل أن يكون إيراني الأصل أو هندي الأصل. زهر الرمان أحمر جميل يسمى جُلَّنار، معرباً من الفارسية كُلْنار التي معناها ورد الرمان. والرمانة ثمرة زائفة، مستديرة، جلدية الغلاف، مكونة من عدة كربلاّت متوضعة في مدرجين أو أكثر، يضم المدرج الأول خمس كربلاّت تعرف عادة بجيوب البذور. تحاط بذور الرمان بلحافات ماوية تضم عصارة حلوة الطعم أو مُزَّة أو حامضة. ومن البذور ماتحوي على نواة ومنها عديمات النواة.
    الشكل (9) ثمار الرمان
    عُرف الرمان في الوطن العربي منذ القديم. فقد شوهدت صوره منقوشة على جدران المعابد، وكان مزروعاً في حدائق بابل المعلقة، وقد عرف استعمال قِلف الرمان لدى قدماء المصريين لقتل الدودة الوحيدة، كما ورد ذكرالرمان في التراث العربي. وذكر ابن العوام «أنَّ العرب أدخلوا زراعة الرمان إلى الأندلس، ووصف أكثر من عشرة ضروب منه». ونقل الرمان إلى المكسيك سنة 1521، ونقل بعدها إلى كاليفورنية.

    استُعمل الرمان منذ القديم في الطب والصناعة والتغذية. فقد وصف الرماندواء مقوياً للقلب، قابضاً، طارداً للدودة الشريطية لاحتواء قشور جذوره على قلواني البِلِّترين pelletiérine. كما تستعمل قشور الرمان في صناعة دباغة الجلود، والحبر، وتثبيت الألوان الصباغية. ويصنع من عصير الرمان شراب منعش، كما يجفف عصير الرمان بالشمس أو النار لتحضير ما يعرف غذائياً بدبس الرمان الذي يحفظ لتحميض بعض المآكل.

    الفصيلة الحاملة الجذور

    الفصيلة الحاملة الجذور Rhizophoraceae فصيلة مدارية أو شبه مدارية، مهمة في تكوين المنغروف mangrove، تضم قرابة 20 جنساً موزعة على 100 نوع. وهي تشكيلات شجرية ملتفة شاطئية كثيفة مؤالفة للملوحة البحرية، تنبت في مناطق المد والجزر. أبرز أجناسها حامل الجذور (ريزوفُورة Rhizophora ) الذي يضم ثلاثة أنواع أهمها حامل الجذور الرِهابيR.mucronata الذي ينبت في منغروف جدة وجيزان في المملكة العربية السعودية، وجدت مستحاثاته في كريتاسي جمهورية مصر العربية، ويستحصل منه على مادة نباتية دباغية تُعرف بالغَرَف المستخرج من قشور الساق. تتثبت أشجار المنغروف في الوحل المتراخي، بوساطة نموذجين من الجذور. يتمثل أولهما بجذور عكازية موجهة بالجاذبية الأرضية أي من الأعلى إلى الأسفل، تدعم ثبات الجذع المركزي، ويتمثل ثانيهما بجذور رئيسة أفقية، تصدر عنها جذور ثانوية موجهة عكس الجاذبية الأرضية أي من الأسفل إلى الأعلى، ومزودة بنسج رخوة جامعة للهواء (الأكسجين) ضامنة بذلك تنفس الجذر الأفقي الذي يعيش في وحل استنفد فيه الأكسجين بوساطة تخمرات الرخويات المتعرضة للرطوبة والجفاف في عملية المد والجزر. يدعى هذا النظام الجذري البالغ التخصص باسم حوامل الهواء pneumatophores. وتتميز الأنواع المنغروفية بصفات حيوية أخرى تتمثل بإنتاش بذورها وهي محمولة على أمهاتها من الأشجار، وهكذا تعطي البذور بادرات واسعات الفلقتين، وتديات الجذر الرئيسي، تسقط هذه البادرات في الوحل سابرة جذورُها الرئيسةُ التربةَ الرخوة وهذا ما دعا إلى تسمية الفصيلة بحاملة الجذور، كما دعا إلى تسمية النباتات المنغروفية بالنباتات «الولودة».

    الفصيلة القمبريطية

    تنتشر الفصيلة القمبريطية Combretaceae في المناطق بين المدارين، تضم قرابة 20 جنساً موزعة على 600 نوع. أبرز أجناسها القمبريطوم Combretum الذي يضم 200 نوع، والطرفي Terminalia الذي يضم 300 نوع. يعرف القمبريطوم الرخو C.malle في منغروف المملكة العربية السعودية في منطقة جدة وجيزان باسم اللندلاء، وتستعمل ثمار الطرفي الشيبولى T.chebulaمُلينة وتعرف في سورية باسم الهندي الشعيري، وتعرف في مصر باسم الإهليلج الهندي.

    الفصيلة السوداء الفُغرة

    تضم الفصيلة السوداء الفُغرة Melastomaceae قرابة 150 جنساً موزعة على 4000 نوع، منتشرة في المناطق المدارية وشبه المدارية عامة، وتضم الأمريكية منها خاصة قرابة 3000 نوع.

    للأنواع الأليفة الماء نسج هوائية، كما تتكيف أوراق بعض الأجناس لإقامة النمل.

    الفصيلة الصُّنيراتية

    الفصيلة الصنيراتية Sonneratiaceae فصيلة صغيرة تضم جنسين وعشرة أنواع، منتشرة حول المحيط الهندي، تضم أشجاراً تعطي ثماراًتستعمل توابل، أبرزها جنس الصنيراتية Sonneratia المنغروفي المزود بحوامل هوائية.

    الفصيلة القنِّينيّة

    الفصيلة القنينية Lecythidaceae فصيلة تضم قرابة 24 جنساً و150 نوعاً، منتشرة في المناطق بين المدارين، تضم أشجاراً متعاقبة الأوراق، تحمل ثماراً دورقية الشكل متخشبة الجدار الخارجي.

    الفصيلة الإكربتيرونية

    الفصيلة الإكربتيرونية Crypteroniaceae فصيلة نباتات شجرية ماليزية، تضم جنساً وحيداً فيه أربعة أنواع تمثل آخر النماذج الشجرية للرتبة، قريبة من الفصيلة الخثرية العشبية التالية.

    الفصيلة الخثريّة

    تضم الفصيلة الخثرية Lythraceae 30 جنساً و500 نوع، ممثلة بنباتات عشبية منتشرة في غالبيتها في المناطق الحارة والرطبة الأمريكية. تتمثل بجنسين في العالم العربي هما الخثري Lythrum الذي يضم أربعة أنواع، والبلبيس Pelpis الوحيد النوع. تتميز الفصيلة بأوراقها التامة المتقابلة وبأزهارها الرباعية الأجزاء أو سداسيتها.

    أما اللاجرسترومية الهندية Lagerstroemia indica الصينية الأصل فهي شجرة زينة تتميز بجمال زهرها. وتستحصل الحِنَّاء من أوراق اللوسونية العزلاء Lawsonia inermis المدارية الهندية. تضم أوراق الحناء صبغاً أحمر مائلاً للصفرة يستعمل منذ القديم في صبغ الشعر والأظافر، وفي تحنيط المومياء.

    الفصيلة الأخْدرية

    الفصيلة الأخدرية Onagraceae دعيت كذلك نسبة إلى أوراقها التي تشبه أذن الأخدري وهو حيوان من الفصيلة الخيليّة. تضم 30 جنساً و700 نوع، ينتشر أغلبها في المناطق المعتدلة الأمريكية. تتمثل في العالم العربي بثلاثة أجناس وعشرة أنواع وهي: السنفي (ابيلوبيوم Epilobium) وفيه 7أنواع، واللدويجية Ludwigia وفيها نوعان، والسرسية Circaea وفيها نوع وحيد. تتميز من الفصيلة الخثرية بزيادة صفتها العشبية، وبأنها رباعية الأجزاء الزهرية، وسفلية المبيض، وشعاعية شكل الأزهار، استعملت أخدرية لامارك Oenothera lamarckiana في أبحاث الطفرات من قبل الباحث دوفريس De Vries، والفوشية أو الفكسية Fuchsia التي تضم 50 نوعاً تنبت في جنوبي أمريكة ونيوزيلندة، وهو نبات زينة معمر يتميز بأزهاره الحمراء البنفسجية التي تسمى زهرة الجميل في منطقة دمشق. كما أن الإكلركية الأنيقة Clarkia elegans نبات زينة حولي من أصل أمريكي شمالي.

    الفصيلة البهية الشعر

    الفصيلة البهية الشعرCallitrichaceae فصيلة وحيدة الجنس، عالمية الانتشار، ممثلة في الوطن العربي بثلاثة أنواع أوراقها صغيرة. تألف الأماكن الرطبة.

    فصيلة عنب البحر

    تضم فصيلة عنب البحر (الهالوراجية Halorhagaceae) قرابة 6 أجناس و60 نوعاً. تتمثل في العالم العربي بجنس مائييدعى ألفي الورق Myriophyllum يستعمل نبات زينة في الأحواض المائية.

    فصيلة حبّ الماء

    فصيلة حبّ الماء (الهدروقارية Hydrocaryaceae) وتدعى أيضاً الفصيلة الطُرافية Trapaceae التي تضم نوعاً مائياً وحيداً يسمى الطراف السابح Trapa natans الذي يعطي ثماراً نووية رباعية القرون.

    الفصيلة الغنرية

    تضم الفصيلة الغنرية Gunneraceae جنساً واحداً و30 نوعاً تنبت في أمريكة الجنوبية، فيها أنواع تزينية، أزهارها مجتمعة في سنبلة طويلة متراصة، تضم نسجاً مفرزة مخاطية فيها حواجز من مستعمرات النوستوك Nostoc من المنشطرات الزرق التي كانت تعرف قديماً بالطحالب الزرق.
    أنور الخطيب

  3. #133
    الإشتاء الحيواني
    يقال عن الحيوانات التي تقضي الشتاء في حالة خدر أو سكون إنها في حالة إشتاء hibernation. ولكن الاختصاصيين في الفيزيولوجية يضعون تحديداً أكثر دقة لهذه الحالة إذ يخصصونها بالحيوانات التي تتناقص درجة حرارة الجسم لديها كثيراً، وتقلُّ معدلات استقلابها (أيضها) وتنفسها وضربات قلوبها شتاءً إلى حد كبير. وبناءً على ذلك لا تعد الدببة التي تنام مدة طويلة في الشتاء من حيوانات الإشتاء لأن درجة حرارة الجسم فيها لا تنخفض أكثر من بضع درجات كما أنها تحافظ على معدّل استقلاب[ر] عال نسبياً، ويطلق بعضهم اسم الإسبات أو البيات الشتوي أو الأروز على هذه الظاهرة.
    الإشتاء في الحيوانات الثابتة الحرارة: تُمضي بعض الثدييات[ر] مثل السناجيب والزُغبات dormice وقسم منالخفافيش فصل الشتاء في حالة سبات شتوي، إذ تتخذ مظهر النوم وتنقطع عن تناول الطعام. وهناك قليل من الطيور يغدو خادراً بليداً في درجات الحرارة المنخفضة مثل الطائر الطنّان والسَمامة swift. وتدوم مدة الإشتاء لدى الثدييات بضعة أشهر تعيش فيها هذه الحيوانات على ما لديها من احتياطي غذائي كدّسته في أجسامها قبل الاستغراق في السبات دهناً خاصاً يمكن استقلابه في درجات الحرارة المنخفضة كما في حالة السنجاب. ومن هذه الحيوانات ما يستعيض عن تكديس الدهن في الجسم بتجهيز مستودعات خارجية من مؤن الطعام لاستهلاكها حين الحاجة كما في حالة القدّاد (الهامستر) hamster. ومع أن الدهن المختزن يمكن استهلاكه في أثناء الإشتاء، فإن الكمية التي يستطيع الحيوان اختزانها منه لا تكفي أبداً للإبقاء على حياته كل تلك الشهور الطويلة لو أنه حافظ على معدل استقلابه في المستوى الاعتيادي. فمثلاً يبلغ وزن المرموط Arctomys، الذي يُعَدُّ في هذا المجال أكبر الحيوانات الثابتة الحرارة حجماً، ثلاثة كيلو غرامات تقريباً، وهو يستهلك في الحالة العادية ما يعادل عشرة غرامات من الدهن في كل أربع وعشرين ساعة، وهذا يعني أن كمية الدهن التي يحتاج إليها هذا الحيوان في مئة يوم تعادل كيلو غراماً تقريباً أي ما يقارب ثلث وزن جسمه، وهو أمر لا يتحقق في الواقع. وتجدر الإشارة إلى أن حيوانات الإشتاء تكون صغيرة الحجم، الأمر الذي يعد بلا شك أحد أسباب هذه الظاهرة لأن الثدييات الصغيرة تحرق من الوقود لكل واحدة قياسية من وزنها كمية تفوق كثيراً ما يناظرها لدى الحيوانات الكبيرة. وهكذا فإن نسبة الدهن لا بد أن تكون في باقي حيوانات الإشتاء أعلى مما هي عليه في المرموط، مما يجعل اعتماد هذا الحيوان على مخزون الدهن مع الإبقاء على معدل الاستقلاب العادي أمراً غير عملي على الإطلاق. ومن هنا كان أحد أبرز ملامح الإشتاء يتمثل في تخفيض معدّل الاستقلاب في أثناء الإشتاء إلى حد كبير يظهر الحيوان معه وكأنه من ذوات الحرارة المتغيِّرة poikilothermic. فحرارة جسمه تصبح قريبة من درجة حرارة الوسط المحيط به مع كونها تبقى أعلى بنحو 1-4 درجات مئوية. ويذكر هنا أن درجة الحرارة هذه تختلف باختلاف أعضاء الجسم في الحيوان في أثناء إشتائه، مما يدل على احتمال وجود آلية تنظيم حراري لدى ذلك الحيوان. ولكن هذه الإمكانية لا تكفي للحيلولة دون تجمد الحيوان في الدرجات المنخفضة جداً من حرارة الوسط، وهذا ما يفسر قيام الكثير من حيوانات الإشتاء بحفر مأوى لها تحت الأرض أو باحتلال حفرة سبق لحيوان آخر أن تخلى عنها قبل الإشتاء، وبذلك تبقى فوق مستوى التجمد الذي يصيب سطح الأرض.
    ويتبين مما سبق أن تخفيض معدل الاستقلاب هو بيت القصيد في آلية الإشتاء، إذ يهبط هذا المعدل نحو 20-100مرة دون مستواه الطبيعي في أثناء الإشتاء. فالمرموط مثلاً يُنْتج في الحالة الطبيعية ما مقداره 2.8 كيلو حريرة لكل كيلو غرام من وزنه كل ساعة في الدرجة 10س° (سلسيوس)، ولكن يهبط إنتاجه إلى 0.09 كيلو حريرة /كغ/ ساعة في أثناء إشتائه. ويرافق نقصان الاستقلاب في الإشتاء انخفاض معدل الحركات التنفسية ومعدل ضربات القلب، ويختل انتظامهما. ففي سنجاب الأرض القطبي Citellus يهبط عدد ضربات القلب من 200- 400 ضربة في الدقيقة في الحالة العادية إلى الرقم 7 -10 ضربات في الدقيقة في أثناء الإشتاء. وبالمقابل يقل معدل استهلاك الأكسجين مع انخفاض درجة حرارة الجسم؛ فما أن يبدأ القدّاد إشتاءه حتى يهبط استقلابه في 4-5 ساعات إلى 3% من مستواه العادي. أما تركيز السكر في الدم فلا يهبط إلا قليلاً، مما يشير إلى اعتماد الاستقلاب على الدهن. وكذلك فإن الغدة الدرقية تعاني تبدلات نسيجية متراجعة في أثناء الإشتاء، كما أن الغدة النخامية وغدة الكظر لا تستجيبان لوطأة البرد في أثناء الإشتاء مثلما تستجيبان له في حالة الصحو. وأما تركيز المغنيزيوم في الدم فإنه يكون أعلى من المستوى الطبيعي، الأمر الذي يفسر جانباً من الخدر الذي يظهر على الحيوان في أثناء إشتائه، وذلك من تأثير ارتفاع تركيز المغنيزيوم في الدم على خاصِّية الاستثارة الخلوية (التنبّه الخلوي) وعلى آلية عمل الملتقيات العصبية العضلية (اللوحات المحركة).
    إن الدخول في حالة الإشتاء يمكن أن ينجم ببساطة عن توقف الزيادة الاستقلابية ذات الطابع التنظيمي الحراري لدى هبوط درجة حرارة الجو إلى ما دون درجة حدِّية معينة. فدون هذه الدرجة يكون نقصان معدل الاستقلاب كفيلاً بتخفيض درجة حرارة الجسم دونما حاجة إلى آلية خاصة لتسريع الفقد الحراري. وهكذا فإن درجة حرارة الجسم عندما تشرع بالهبوط يتناقصالاستقلاب ويدخل الحيوان تدريجياً في الخدر ويتعمّق انخفاض الإنتاج الحراري ونقصان درجة حرارة الجسم وصولاً إلى حالة الإشتاء الكامل.
    أما الاستيقاظ من الإشتاء فإنه يحدث عندما ترتفع درجة حرارة الجو فوق 15 درجة سلزيوس، إذ يتحول الحيوان إلى الإنتاج الحراري الأقصى الذي يبلغ عشرة أضعاف الحد الأدنى للاستهلاك الأكسجيني في تلك الدرجة. وهكذا يُعدُّ الاستيقاظ من الإشتاء عملية فاعلة تتطلّب صرفاً كبيراً للطاقة في مدة تطول إلى أن تبلغ درجة حرارة الجسم حدها الطبيعي. وتُبَيِّن الحسابات أن ثمن الاستيقاظ يشكِّل الجانب الأكبر من كلفة طاقة دورة الإشتاء. وبناء على ذلك فإنه لا يجدي الحيوان استيقاظه لمدد قصيرة بعد دخوله في حالة الإشتاء. وعند الاستيقاظ من هذه الحالة ترتفع درجة حرارة الجسم فيزداد استهلاك الأكسجين سريعاً حتى يفوق معدل الاستقلاب العادي مؤقتاً. ويمكن أن يرافق ازدياد التنفس بنشاط حركي غير عادي في الساعات الأولى التي تلي الاستيقاظ من الإشتاء. ويكون ارتفاع درجة حرارة الجسم سريعاً إذ يبلغ 19 درجة مئوية في غضون 42 دقيقة في مثال القنفذلدى استيقاظه من سباته. ولا تتجاوز مدة الاستيقاظ هذه ثلاث ساعات لدى معظم حيوانات الإشتاء. وتجدر الإشارة إلى أن درجة حرارة الجسم لا تكون متماثلة في أجزاء الجسم كافة في أثناء استيقاظ الحيوان من إشتائه، فترتفع حرارة الجزء الأمامي من الجسم، حيث توجد الأعضاء الحيوية المهمة مثل القلب والدماغ، بسرعة تفوق كثيراً سرعة ارتفاع حرارة الجزء الخلفي. وإلى جانب كون ارتفاع حرارة القلب أمراً أساسياً في الاستيقاظ من الإشتاء فإنه يُعدُّ الخطوة الأولى في هذا الاستيقاظ، لأن القلب هو الذي يحرك الدورة الدموية ويضمن وصول الأكسجين إلى مختلف أعضاء الجسم، يضاف إلى ذلك أن الكتل الرئيسة من الدهن البنّي غالباً ما تكون موجودة في الجزء الأمامي من الجسم. وتشير المخططات إلى أن عودة الحرارة إلى الجزء الخلفي من الجسم لا تتم إلا بعد بلوغ حرارة الجزء الأمامي مستواها الطبيعي تقريباً. وعندما يستعيد كامل الجسم درجة حرارته الطبيعية يبلغ الاستهلاك الأكسجيني ذروة متميزة ليبدأ بعدها بالتراجع إلى مستوى طبيعي مستقر. ولقد أثبتت تقنيات اقتفاء العناصر الموسومة إشعاعياً أن التدفق الدموي في أثناء الاستيقاظ يختلف باختلاف أعضاء الجسم، وأن العضلات الهيكلية في الجزء الأمامي من الجسم تتلقى من الدم في أثناء عملية الاستيقاظ ما يزيد ستة عشر ضعفاً على ما تتلقاه نظائرها في الفرد العادي، وهذا ما يؤكد أن العضلات هي المسؤول الأكبر عن زيادة الإنتاج الحراري.
    ولئن كان هبوط درجة حرارة الجو يشكل أكبر عامل في الشروع بالإشتاء، فهناك عوامل موسمية (فصلية) أخرى تؤدي دوراً في ذلك، ولاسيما الضوء. وفي هذا ما يضمن أن يبدأ الحيوان إشتاءه قبل أن تشحّ المواد الغذائية. وبالفعل فإن الشروع في الإشتاء كثيراً ما يتواكب مع زمن من السنة لا يتّسم بالضرورة بهبوط درجة حرارة الجو أو نقص كفاية الغذاء. فالدورة السنوية للإشتاء تتأثر بالدورة الضوئية اليومية كما تتأثر بالدورات الغدية الصماء. فمثلاً قد يستحيل في كثير من الأحيان تحريض أحد حيوانات الإشتاء على الشروع في إشتائه عند بداية الصيف ولاسيما في أثناء زمن التكاثر.
    الإشتاء في الحيوانات المتغيرة الحرارة: لا توجد قائمة كاملة بالحيوانات التي تدخل في الإشتاء، ولكن هناك الكثير من الأمثلة بين الحيوانات ذات الحرارة المتغيرة من فقاريات ولا فقاريات. من بين هذه الأمثلة الكلاسيكية الكثير من زواحف اليابسة، مثل العظايا[ر] والحيات[ر] والسلاحف[ر]، التي تبدي عدة تغيرات مهمة في كيمياء أجسامها، كما تنعدم شهيتها ويتوقف اغتذاؤها. ومع أن معدل استقلابها ينخفض مقداراً قد يبلغ 95%، فإنها تستهلك مع ذلك بعض المواد الغذائية المختزنة في نمطين رئيسين هما: ـ الليبيدات التي تكون بشكل كتل شحمية قاسية في الأحشاء وتحت الجلد وفي بعض العضلات، والغليكوجين الأقل ثباتاً والأسرع استخداماً من الليبيدات، والموجود في أنسجة مثل الكبد والعضلات. وجدير بالذكر أن غليكوجين النسج عند السلاحف يُستهلك في الأيام والأسابيع الأولى من الإشتاء، ومن ثم يتحول الحيوان إلى استخدام الليبيدات. أما التمساحيات[ر] فهي أقل مقدرة على الإشتاء، ولكن التمساح المسيسبي Alligator mississippiensis يدخل في سبات شتوي بضعة أشهر، يتوقف فيها عن الأكل ويهبط تركيز السكر في دمه.
    وتجدر الإشارة هنا إلى احتمال تعرُّض الحيوانات ذوات الحرارة المتغيِّرة أي التي تدخل في حالة الإشتاء، إلى خطر الموت بسبب تكون بلورات من الثلج ناجمة عن تجمد الماء الحر في جبلّة (بروتوبلازمة) الخلايا، مما يؤدي إلى تخرب النسج. أما الضفادع المذنبة[ر] (مثل السلمندر) وكذلك الضفادع العديمة الذنب والسلاحف فإنها كثيراً ما تحاط بالثلج في أثناء إشتائها وتبقى حية مع هبوط درجة حرارة أجسامها إلى درجة الصفر وحتى الدرجة -1سْ، إذ إن المحتوى المائي في أنسجتها تقل نسبته ويزداد تركيز دمائها حال دنو الشتاء. وبالفعل فقد بينت التجارب على السلاحف أن نقطة تجمد الدم تنخفض عندها في أثناء الشتاء. أما في الشتاء القاسي الذي تتدنى فيه درجة الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي كثيراً، فإن الضفادع تموت في أثناء الإشتاء إذا ما اخترق الصقيع ملاجئها داخل الطين، ولكن الأغلب هو أن تتجمد الطبقات العليا من الطين في حين تبقى الضفادع المدفونة في الطبقات الأدنى منها آمنة من التجمد. وعلى هذا، وكما هي الحال عند الأسماك، فإن الضفادع غالباً ما تتجمد حتى الموت في البرك الاصطناعية القليلة العمق والمصنوعة من الخرسانة لافتقارها إلى أرضية طينية.
    وأما الأسماك فإنها لا تدخل في حالة الإشتاء، ولكن الكثير منها يقضي أكثر الشتاء في حالة سكون مع تجمُّد جزئي في الطين والثلج. ولما كانت البرك الضحلة في المناطق القطبية ودون القطبية والمعتدلة غالباً ما تتجمد تماماً في الشتاء، فإن بعض الأسماك مثل الشبوط carp قد يتغطّى بالثلج أو يدفن جزئياً في طين القاع، وبذلك يبقى في حالة إشتاء لمدة طويلة. وجدير بالذكر أن السمك الأسود Dallia pectoralis في ألاسكة، الذي يقال إنه يتجمد إلى درجة الصلابة، لا يتجمّد فعلاً، بل يحاط بمحفظة من الثلج، لأنه لو تجمد مكوناً بلورات ثلج في أنسجته لمات . وينخفض استقلاب الأسماك التي تتعرض للبرد، وتقلُّ لذلك حاجتها من الأكسجين وتتكيّف للقليل الموجود منه في المياه الباردة. ويعدُّ هذا حالاً مشابهاً لما يحدث في السلاحف المائيةكذلك.
    وتجدر الإشارة هنا إلى ظاهرة مشابهة للإشتاء، ولكنها تحدث في أشهر الصيف وقتَ الحر اللافح والجفاف الشديد، ويِصِحُّ أن يطلق عليها لذلك اسم «الإشتاء الصيفي» estivation. وتحدث هذه الظاهرة عند حيوانات من الفقاريات ومن اللافقاريات، ولعل الأسماك الرئوية lung fishes التي تقضي فصل الجفاف في شقوق حفرتها في الطين تحت الماء قبل جفافه تعطي مثالاً واضحاً على حالة الإشتاء الصيفي بدليل سهولة مسكها ونقلها نتيجة للسكون التام الذي يميِّز إشتاءها الصيفي.
    وفيما يتعلق باللافقاريات فإنه يُرى أن التربة في أشهر الشتاء وفي الصيف الحار والجاف تحفل بتشكيلة منوّعة من اللافقاريات التي تدخل في حالة الإشتاء، مثال ديدان الأرض والحلزونات والبزّاقات والديدان الخيطية والحشرات والعناكب وخادراتpupae الكثير من الحشرات إضافة إلى محافظ البيوض والشرانق. فبيوض فراشة الحرير Bombyx mori مثلاً تُوضع في الخريف، ولابد من أن تتعرض لدرجة حرارة الصفر المئوي بضعة أشهر لضمان نقفها (فقسها) في الخريف.كما تقدم الفراشات butterfliesوالعث mothes بعضاً من أكثر الأمثلة شيوعاً على إشتاء اليرقات والخادرات. وكذلك تشتهر رخويات اليابسة مثل الحلزونات والبزّاقات بقدرتها على الإشتاء صيفاً وشتاء. ولعل النوع Physasp. يمثِّل أكثر الحلزونات التي تعيش على اليابسة مقاومة للبرد، إذ يعيش في شمالي سيبرية حتى درجة الحرارة دون -20س*. وكذلك فإن حلزون الحدائق الشائع Helix aspersa والحلزونالصالح للأكل H.pomatia يبديان خصائص الإشتاء المميزة للرخويات البطنيات الأرجل Gastropoda. فهما يتوقفان عن الأكل في الخريف، ويأويان إلى الشقوق وجذوع الخشب في الأرض ليقضيا مدة إشتاء تقارب ستة أشهر منفردين أو في مجموعات، وتنقص عندهما الحركات التنفسية إلى حد كبير، كما يقلّ عدد ضربات القلب من 50-60 ضربة بالدقيقة في الدرجة 30سْإلى 4 -12 ضربة بالدقيقة في حالة الإشتاء.
    وأخيراً لا بد من ذكر ظاهرة التَكَيُّس في الحيوانات الأوالي (وحيدات الخلية) فهي تشبه إلى حد بعيد حالة الإشتاء في الصيف والشتاء، إذ يكون وحيد الخلية المتكيس في حالة ساكنة تماماً ومن دون استقلاب تقريباً. وتعدُّ قدرة الحيوانات الأوالي على التكيُّس أحد أسباب انتشارها في أرجاء المعمورة كافة، وحتى في التوندرة القطبية التي يستمر التجمد فيها 6-8 شهور.
    زياد القطب
    الإشتاء الاصطناعي أو خفض حرارة الإنسان
    لقد حملت دراسة الإشتاء في الحيوانات وما ينطوي عليه من خصائص فيزيولوجية معينة بعض الباحثين على التفكير في إمكان الإفادة من خفض درجة الحرارة في الإنسان hypothermia مع إبقاء فعاليات جسمه محافظة على حيويتها مدة تطول أو تقصر ولا يستهلك من الطاقة إلا أقل قدر لازم منها، وذلك لإجراء عمليات جراحية أو زرع أعضاء أو حفظ خلايا أو غير ذلك.
    إن أول من استخدم التبريد على مستوى عضوي في التخدير[ر] جراح نابوليون بونابرت البارون لاري (1766-1842) Baron Larry ، وذلك ببتر ساق أحد الجنود بعد غمرها بالجليد ساعات في ميدان معركة في بروسية إثر ملاحظته في أثناء الحملة على روسية أن الجنود الذين يظلون متمددين على الثلوج مدة طويلة يفقدون الإحساس بالألم من جراء إصابتهم. أما إدخال التبريد الاصطناعي إلى حقل التداوي فيعود إلى الأربعينات حين قام كل من لورنس سميث وتمبل فاي (Laurence Smith & Tempele Fay (1940 بنشر تقرير عن تخفيض حرارة المرضى وسيلةً لمداوة الأمراض الخبيثة. ولا تكمن أهمية هذا التقرير في اقتراح طريقة أخرى لمداواة السرطان، إذ إنه تبين عدم جدوى ذلك، وإنما في كشف سر تخفيض الحرارة لدى الإنسان، وهو السيطرة على منعكس القشعريرة. وفي عام 1950 لفت كل من بيغلو Bigelow وكالاغان Callaghan وهوبس Hoppsالانتباه إلى فوائد تخفيض حرارة المرضى في جراحة القلب. ومنذ ذلك الحين بدأت طريقة تخفيض الحرارة بالانتشار، وتعددت دواعيه وتقنياته ودرجاته.
    مبدأ تخفيض الحرارة لدى الإنسان ودواعيه: يقوم مبدأ تخفيض الحرارة لدى الإنسان على أساس أن استهلاك الأكسجين يتناسب طرداً مع درجات الحرارة، فبقدر انخفاض حرارة الجسم ينخفض استهلاك الأكسجين، لأن فعاليات الجسم تصاب بهمود وركود مما يساعد الأجهزة الحيوية كالجملة العصبية والقلب على المحافظة على حيويتها مدة تطول أو تقصر طبقاً لدرجة الحرارة بأقل قدر من الطاقة. حتى إن تخفيض حرارة الإنسان إلى عشر درجات مئوية، يجعل في الإمكان التوقف عن مد تلك الأجهزة بأي قدر من الطاقة، عن طريق إيقاف جهازي القلب والرئة إيقافاً تاماً لمدة 30 دقيقة، من دون أن تصاب بأي ضرر. وقد فتح ذلك آفاقآً واسعة في عالم الطب، إذ أصبح في الإمكان إجراء جراحات متطورة على القلب والدماغ، وساعد على حفظ الأعضاء كالكليتين والكبد والقلب إلى حين نقلها لمن هم في حاجة إليها من دون أن تصاب بأي أذى.وبذلك دخلت جراحة نقل الأعضاء مرحلة الاستفادة من الجثث، إضافة إلى حفظ الحيوانات المنوية ونقلها لزرعها في الرحم للتغلب على مشاكل الخصب وحالات العقم. ومن دواعي تخفيض الحرارة لدى الإنسان:
    ـ جراحة المخ ولاسيما أمهات الدم وزرع النخاع الشوكي.
    ـ جراحة القلب بأنواعها: المفتوح والمجازة coronary bypass وأمهات الدم في الأوعية الكبيرة كالأبهر والسباتي.
    ـ زراعة الأعضاء والحيوانات المنوية والخلايا.
    طرائق تخفيض الحرارة لدى الإنسان: يتم تخفيض درجة الحرارة في الإنسان بطريقتين:
    ـ تخفيض الحرارة المعتدل، وفيه تنخفض حرارة الجسم إلى 30 درجة مئوية، وهي أكثر استعمالاً في معظم المداخلات الجراحية على القلب وبعض مداخلات الدماغ.
    ـ تخفيض الحرارة العميقة، وفيه تنخفض الحرارة إلى 10 درجات مئوية، ويستعمل في بعض عمليات القلب المفتوح الكبيرة وبعض عمليات أمهات الدم في الدماغ أو الأوعية السباتية.
    وهناك ثلاث طرائق لتخفيض درجة الحرارة:
    تخفيض الحرارة من سطح الجسم: ويمكن إجراؤه بعدة وسائل منها:
    الشكل (1)
    ـ غمر جسم المريض بالماء البارد، وهو أسهل الطرائق وأسرعها، إلا أن هنالك صعوبة تغطيس المريض في الحوض وإخراجه منه.
    ـ التبخر، وذلك بتعريض جسم المريض لتيارات هوائية بعد ترطيبه باستمرار بالماء أو بمحاليل سريعة التبخر.
    ـ اللحاف المبرد، وهو أحدث الطرائق السطحية، ويتألف من غطاء من اللدائن يحتوي أنابيب مرنة متغلغلة داخله تغلغلاً حلزونياً، يضخ فيها ماء بارد درجة حرارته دون الصفر. ومع أن هذه الطريقة أفضل الطرائق فإنها أقلها فعالية، إذ تصعب المحافظة على ملامسة اللحاف لمختلف أنحاء الجسم مما يترك جيوب هواء عازلة تعوق التبريد وتطيل أمده.
    وأهم مخاطر التبريد السطحي انخفاض الحرارة الإضافي الذي يحدث بعد إيقاف عملية التبريد، ويترجح بين 2و3 درجات مئوية؛ لذا يستحسن إيقاف التبريد قبل درجتين أو ثلاث من الدرجة المطلوبة، ولاسيما في حال التبريد المعتدل، أي إلى 30 درجة مئوية، إذ إن هبوط الحرارة دون ذلك يحدث اضطراباً في النظم فتوقفاً في القلب.
    الشكل (2) تقنية درو Drew للتبريد العميق
    تخفيض الحرارة عن طريق الدم: ويستخدم في جراحة القلب بالاستعانة بالدوران خارج الجسم extracorporal circulation وذلك بدرجة معتدلة في حدود 30° درجة مئوية. أما العمليات الجراحية التي تتطلب إيقاف الدوران تماماً مدة لا تزيد على ثلاثين دقيقة، كجراحة أمهات دم الأوعية الكبيرة كالأبهر والسباتي أو جراحة أمهات الدم في الدماغ، فيجب في مثل هذه الحالات اللجوء إلى تخفيض الحرارة العميق الذي يصل إلى 10 درجات مئوية.
    وهناك طريقتان لضمان ذلك:
    ـ طريقة الصدر المفتوح: ويكون ذلك إما عن طريق جهاز الدوران خارج الجسم الذي يحوي مضخة للأكسجين وجهاز تبادل للحرارة (الشكل1)، أو بطريقة درو Drewوذلك باستخدام رئة المريض نفسها لهذه الغاية (الشكل2).
    ـ طريقة الصدر المغلق: ويقتصر استخدامها على التخدير العميق، وتجنب المريض فتح صدره، وتجري علىمرحلتين: فبعد تبريد المريض بإحدى الطرائق السطحية إلى30ْ درجة مئوية يجري إدخال قثطرة إلى الوريد الأجوف السفلي عن طريق الوريد الفخذي، فتثبيت القثطرة الشريانية على الشريان الفخذي، ومن ثم يجري سحب الدم من الأوعية الوريدية وتبريده فضخه من جديد إلى الأوعية الشريانية (الشكل 3).
    تبريد الدماغ والأعضاء الانتقائي: وهو من الطرائق الحديثة نسبياً، ويقتصر على العضو الذي ستجري عليه الجراحة وأهمها الدماغ. وتتلخص الطريقة بخزع الأوعية التي تغذي العضو، وهي في الدماغ الشريان السباتي، وسحب الدم بقثطرة مثبتة على صنبور ذي ثلاثة اتجاهات إلى شبكة تبريد حلزونية، ثم ضخه من جديد إلى الشريان السباتي بقثطرة مثبتة على الطرف الآخر من الصنبور يندفع الدم منها إلى الدماغ مباشرة.
    الشكل (3) المجازة الداعمة في تبريد الصدر المغلق
    تخفيض حرارة الإنسان بين الانحسار والانتشار: شهد تخفيض حرارة المرضى موجة حماسة شديدة حين إدخاله مجال الممارسة في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين، طريقةً من طرائق المعالجة، ولاسيما في الخمج الحاد والصدمة الإنتانية وارتفاع الحرارة المجهول السبب، وارتفاع الحرارة الخبيث، وجراحة أمهات الدم الدماغية. إلا أنه ما لبث أن شهد انحساراً فيما يتصل بمعالجة الإنتان الحاد وحتى ارتفاع الحرارة المجهول السبب بعد أن تبين أن له بعض التأثيرات الجانبية غير المرغوب فيها من جهة، وبعد التطور الذي حدث في مجال الصادات (مضادات حيوية) ومخفضات الحرارة من جهة أخرى.
    وفي السنوات الأخيرة عاد تخفيض الحرارة، المعتدل والعميق، ليلقى رواجاً في جراحة القلب المفتوح وعمليات المجازة الإكليلية، وعمليات نقل الأعضاء وإعادة زرعها، إضافة إلى جراحة أمهات الدم في الأوعية الكبيرة، وخاصة حين يتطلب الأمر دقة عالية في الجراحة ووقاية الأجهزة الحيوية من أي ضرر يمكن أن ينجم عن عدم كفاية التروية التي يوفرها جهازا القلب والرئة الاصطناعيان. ومن المتوقع أن يحدث تطور كبير في مجالين:
    ـ مجال نقل الأعضاء على نطاق واسع جداً، وذلك بالاستفادة من أعضاء الجثث، ويجري التخطيط لإقامة حاسوب عالميuniversal computer تدرج فيه الهوية النسيجية للبشر جميعاً، لكي يستفاد من عضو أي فرد يصاب في أي منطقة من العالم لفرد آخر يماثله في الهوية النسيجية، لأن الهويات النسيجية لكل البشر محدودة وتؤكد أن البشر يتكررون.
    ـ مجال زرع الخلايا والنسج، والتحكم في الطفرات mutations بهدف إيقاف الهرم، والحصول على الإنسان المتكامل. وفي جميع هذه المجالات سيكون للتبريد شأن كبير في حفظ الأعضاء والخلايا المختارة من الجثث في مكان من العالم إلى أن يتم نقلها إلى مكان الحاجة إليها وكما يحدده الحاسوب العالمي من دون أن تتعرض لأي تغير مرضي.
    طه الجاسر

  4. #134
    الأشلاقيات

    الأشلاقيات Selachii (وتسمى أيضاً جانبيات الثقوب Pleurotremata لأن شقوقها الغلصمية توجد على جانبي الجسم) أسماك [ر] غضروفية بحرية فقط، لاحمة، بعضها شرس لدرجة قد يهاجم معها الإنسان. كان يطلق هذا الاسم على كلالأسماك الغضروفية، أما اليوم فيخصص اسم الأشلاقيات لأسماك القرش الحديثة فقط (رتيبة الأشلاقيات Selachoidei)، من رتبة قرشيات الشكل Selachiformes، صفيف صفيحيات الغلاصم Elasmobranchii، صف الأسماك الغضروفية Chondrychthyes.
    صفاتها وبنيتها
    للأشلاقيات أشكال مميزة، فللقرش Shark شكل انسيابي يعكس رشاقته في السباحة، فهو ينتقل في المحيطات بحثاً عن غذائه مضطراً إلى الحركة الدائمة ليتجنب الغرق، ذلك أنه لا يملك المثانة الهوائية التي تملكها الأسماك العظمية والتي تنظم بوساطتها عملية الغوص. ولبعض أنواع القرش، مثل القرش الملائكي angel shark، شكل مفلطح، فهو في مظهره وسط بين القرش والشِفنين ray.
    أما الشفنين وأقرانه فقد انبسطت زعانفها الصدرية وتوسعت واتحدت مع الرأس وكوّنت معه قرصاً يمتد تحته الجسم إلى ذيل يشبه السوط يزيد طوله أحياناً على قطر الرأس. ويتناسب هذا الشكل المفلطح مع بيئة هذه الحيوانات القاعية التي تدفن نفسها في الرمل. ويصل القطر الأكبر في رأس الشفنين الشيطان manta ray إلى سبعة أمتار. وهذا الحيوان قادر على القفز خارج الماء ورمي نفسه ثانية محدثاً دوياً هائلاً. أما بعض الأنواع فلا يزيد طوله على 14 سم.
    ويتكون هيكل الأشلاقيات من مادة غضروفية (ليس فيه نسيج عظمي) تتألف من خلايا دائرية متوزعة ضمن مادة مرنة تحتوي على مادة سكرية متعددة السُكَّريد، وألياف مولدة للغراء (كولاجينية). وهيكل الأشلاقيات لا يحوي أي أوعية دموية كما يحويها هيكل الأسماك العظمية.
    وأسنان الأشلاقيات حادة وتتبدل بسرعة. وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من الأسنان: أسنان مثلثة، كأسنان القرش الأبيض الكبير great white shark تتلاءم مع عملية القطع التي تقوم بها، وأسنان رفيعة كأسنان القرش الأسقمري scomber shark، وأسنان مسطحة للطحن كما هي الحال في بعض أنواع فصيلة كلاب البحر Triakidae.
    وتغطي جسم الأشلاقيات حراشف منغرسة في الجلد تسمى الحراشف اللوحية placoid لها بنية أسنان الفقاريات [ر]، إذ إنها تتألف من لب يحيط به عاج تغطيه طبقة رقيقة من الميناء.
    وتتميز الأشلاقيات من الأسماك العظمية بأن غلاصمها بدائية، ولكل منها فتحته الخاصة. فالقرش له من 5 إلى 7 فتحات غلصمية على كل جانب خلف الرأس (جانبيات الثقوب)، في حين يوجد صف مزدوج من هذه الفتحات على الوجه السفلي لجسم الشفنين (سفليات الثقوب).
    ولبعض أسماك القرش مُتَنَفَّس spiracle خلف العين مباشرة، هو فوهة تنفسية مُخْتَزلة، لها أهمية خاصة في الشفنين الذي يلازم القاع، وهي توجد على ظهره مزودة بصمام لمنع الرجوع ينفتح وينغلق مع تنفس الحيوان.
    وأمعاء الأشلاقيات قصيرة نسبياً. ولهذا فهي مزودة من الداخل بدسام حلزوني يزيد من المساحة الفعالة في عملية امتصاص الغذاء، إذ يحتوي على 45 لفة متداخلة يمر فيها الطعام.
    وتنعدم المثانة الهوائية في هذه الحيوانات، ولا يحتاج الشفنين وأقرانه لمثل هذه المثانة لأنها حيوانات تلازم القاع. أما القرش الذي يتجول في أعماق مختلفة فلا بد له من وسيلة لتنظيم غوصه، لذلك يقوم بعض أنواعه بابتلاع الهواء، ومن ثم ينظم انطلاقه إلى الخارج بحسب العمق. ولبعض الأنواع الموجودة في أعماق متوسطة كبد كبيرة الحجم تحتوي على كمية كبيرة من الزيت (أخف من الماء)، فهو يعمد إلى تنظيم كمية الزيت في الكبد وفقاً للعمق الذي هو فيه.
    وللقرش حاسة شم قوية. أما حاستا النظر والسمع فضعيفتان. كما توجد على رأسه ووجهه أعضاء حسية صغيرة تساعد الحيوان على استشعار الاهتزازات المائية والتغيرات في جريان الماء، ينتهي كل منها بفتحة دقيقة خارج الجسم، وتؤدي في الداخل إلى أنبوب شعري يمتد تحت الجلد حتى الذيل، وينفتح إلى الخارج بقنوات دقيقة تتفرع على مسافات محدودة على طول الجسم. وهي بذلك تماثل الخط الجانبي في الأسماك العظمية. ولهذه الأعضاء ـ في منطقة الرأس ـ جيوبٌ عميقة تدعى جيوب لورِنْزيني Lorenzini، وهي أقنية ممتلئة بمادة هلامية حساسة بالصدمات الكهربائية وتغيرات الحرارة والضغط.
    الشكل (1) الشفنين الشيطان في شكل تخطيطي
    الشكل (2) الشفنين الشيطان وهو طائر فوق سطح البحر
    وتتصف بعض أنواع الشِفنين بامتلاك أعضاء كهربائية صغيرة تتوضع على جانبي الذيل، يستطيع بعضها إصدار صدمات يصل توترها إلى 220 فولط.
    حياتها
    الأشلاقيات حيوانات لاحمة، فهي تتغذى بالأسماك والرخويات[ر] والقشريات[ر] وقنافذ البحر والحبّار وبعض القاعيات. وبإمكان القرش أيضاً التقاط الطيور البحرية والسلاحف وبعض الحيوانات البرية، ويمكن أن يتغذى بالإنسان. ومن المعروف أن وجود الدم في الماء يدفع القرش إلى «هيجان التغذي feeding frenzy» لدرجة أن جَرْح أحد أفراد القرش يوقعه فريسة أقرانه. كما أن أكبر أنواع القرش (القرش الحوت whale shark والقرش المتشمِّسbasking shark) وكذلك أكبر أنواع الشفنين (الشفنين الشيطان) تتغذى على أصغر الحيوانات المتمثلة بالعوالق الحيوانية (الشكلان 1 و2).
    ويتكاثر القرش بعملية تزاوج يكون الإلقاح فيها داخلياً. فلقد تحول جزء من الزعنفة الحوضية في الذكور إلى مشابك claspers (أو myxopterygia) تحتوي على أخدود تنتقل فيه النطاف. كما يوجد للمشبك عقفة يتثبت بوساطتها على مِذْرق (مقذرة) cloaca الأنثى في أثناء الاقتران، وقد يلف الذكرجسمه على جسم الأنثى كما يفعل كلب البحر، أو يكتفي بالالتصاق المباشر كما تفعل القروش الكبيرة.
    وتُغَطى البيضة بغلاف قرني في الأنواع البيوضة، مثل القرش القرني horn shark والقرش الحوت ومعظم أنواع القرش القطة cat shark. وهذا الغلاف القرني قد يكون له مِحْلاق طويل tendril.
    أما معظم أنواع القرش الأخرى فتغلِّف بيوضها بقشرة رقيقة، وتنتقل بعدها إلى الرحم حيث تفقس ويكمل الجنين تطوره، ثم يولد (الأنواع البيوضة الولودة). أما في حال الأنواع الولودة، مثل بعض أنواع القرش الرمادي gray shark أو المطرقيhammerhead shark فإن الجنين يبقى داخل الرحم مدة طويلة، ولذلك يحتاج إلى تغذية توفرها إفرازات الرحم أو بعض الترتيبات المشيمية.
    فوائدها ومضارها
    الشكل (3) قرش أبو مطرقة
    الشكل (4) القرش الببر
    للأشلاقيات أهمية اقتصادية تتجلى باستعمال لحمها للغذاء في المكسيك واليابان، إذ يحتوي لحمها على 17-23% من وزنه الرطبwet weight بروتيناً. ويدخل لحمها في وجبات "السمك والبطاطا" الشعبية في بريطانية وأسترالية. كما تعد زعانفها غذاء فاخراً في الصين. وقبل أن يتم تركيب الفيتامين آ اصطناعياً كانت كبد هذه الأسماك مصدراً مهماً له. ويستعمل جلد الأشلاقيات لحاجات الإنسان، ويعرف باسم «شغرين shagreen» أو جلد القرش. وأفضل أنواعه مايؤخذ من الشفنين الجَثْل Dasyatis sephen.
    ويهاجم الإنسانَ 27-35 نوعاً (من أصل 250) من أسماك القرش. ويحتل القرش الأبيض الكبير المرتبة الأولى في الخطورة إلى درجة أنه يسمى آكل البشر. وهو ذو حجم هائل، يصل إلى 12م، وطباع شرسة. ويهاجم قرش الـ«ماكو mako» المراكب والقوارب أكثر من غيره. ومن الأنواع الخطرة أيضاً القرش المطرقي (مطراق البحر) والقرش البَبْر tiger shark وبعض أنواع القرش الرمادي (الشكلان 3و4). ويبدو أن حركة السابح من أهم ما يلفت انتباه القرش وأنه ليس للألوان أثر في ذلك. وهو يهاجم في مناطق لاتقل درجة الحرارة فيها عن 21° سلسيوس، ولهذا فإن المناطق الممتدة بين خطي العرض 12* شمالاً و21°جنوباً هي التي تحصل فيها الهجمات على مدى العام، في حين ينعدم الهجوم تماماً بعد خط العرض 42°.
    تطورها
    الأشلاقيات عريقة في القدم، ويعتقد بأن أسلاف الأسماك الحالية قد ظهرت في أعالي الأنهار في العصر السيلوري (قبل 430-495 مليون سنة). وفي أواخر السيلوري ظهرت أسماك مدرعة تسمى لوحيات الأدمة Placodermi تطور عنها فرعان، أحدهما الأسماك العظمية، وبعد حقبة طويلة الأسماك الغضروفية. ولهذا يمكن القول بأن الهيكل الغضروفي هو مرحلة متراجعة وليست مرحلة ابتدائية إذ إن الأسلاف المدرعة كانت على شكل القرش وكان لها هيكل متعظم (تطور محتفظ بالحالة اليرقانيةneotenic evolution).
    أنواع الساحل السوري
    توجد من الأشلاقيات في البحر المتوسط والساحل السوري أنواع كثيرة، منها القرش الأبيض الكبير. وقد أمكن تسمية 36 نوعاً تنتمي إلى 16 رتبة. وينتمي أكثر الأنواع إلى رتبة الغَرَّائيات Scyliorhinidae ورتبة القرشيات الخَطْمية Carcharhinidaeوالقِرشيات Squalidae والرعّادات Torpenidae والشفنِينات Rajidae.
    رغيد نحاس

  5. #135
    الأُشن

    الأشن Lichens (مفردها أشنة) مجموعة فطريات أرضية متعايشة مع طحالب مجهرية وحيدة الخلية أو خيطية تؤلف معها في الظاهر مجموعة ثابتة البنيان تتمثل بمشرات باهتة الألوان معقدة البنية.
    الفطريات الأشنية
    الشكل (1) أشنة زقية مكونة من علب زقية مفتوحة للخارج (بيرتيسيوم): برنولة ثلجية
    الشكل (2) أشنة زقية مكونة من أوعية زقية (أبوتيسيوم): لقنورة خضرية
    هي فطريات راقية دوماً تتمثل إما بفطريات زقية تدعى الفطريات الزقية الأشنيةAscolichens، أوبفطريات دعامية تدعىالفطريات الدعامية الأشنية Basidiolichens.
    الفطريات الزقية الأشنية: وهي تضم أغلب الفطريات الأشنية، وتعدُ قرابة (2000) نوع. ويمثل هذا العدد نصف عدد الفطريات الزقية كلها تقريباً. وهي فطريات عديمة الغطاء operculum، تتكون زقاقها ضمن أغماد conceptacles متمايزة إما إلى قمصان محيطية أو علب زقاقperithecia (الشكل-1) مُكوَّنة من قواريرمفتوحة على الخارج، أو إلى أوعية زقية apothecia (الشكل-2) مكونة من أطباق مفتوحة مزودة بقربة زقاقascocarpous تحمل زقاقاً عارية أو فروعاًحاملة للزقاق كما في أشنة الخطاطةGraphis. ومن الأغماد ما تأخذ شكل قوارير صغيرة تدعى دوارق pycnidia تضم أبواغاً تعرف بالأبواغ الدورقية التي ما تزال طبيعتها الجنسية أو الخضرية بحاجة إلى تحديد.
    يؤلف مجموع رتب الفطريات الزقية الأشنية وحدة متجانسة متميزة من مجموعة الفطريات الزقية غير الأُشنية، ويستثنى من هذه القاعدة رتبتا الكأسيات Calicicales والداذيات Lecanorales، وتتوجه الأبحاث الحديثة لربط الفطريات الزقية الأُشنية بالفطريات الزقيةغير الأشنية وذلك عن طريق اعتماد معايير جديدة ممثلة ببنية الزقاق وطرائق تكوين القرب الزقية. وعلى الرغم من هذا التوجه الحديث فما يزال تصنيف زهلبروكنر Zahlbruckner المعتمد على بناء شكل المشرة وشكل القربة الزقية وطبيعة الطحلب المتعايش مع الفطر، هو الأكثر استعمالاً.
    الشكل (3) أشنة دعامية: عمفلينة مروسة
    الفطريات الدعامية الأشنية: فطريات قليلة الأنواع منتسبة إلى الدعاميات الراقية أي أنها مزودة بحامل الثمار carpophore (الشكل-3) ما عدا جنس القورة Cora الذي يمثل أول الفطريات الدعامية المكتشفة. يُصنف أغلب الفطريات الدعامية الأشنية ضمن الفطريات الدعامية التي من أبرزها رتبة عديمات الحوامل الورقية المزودة بحامل الثمار القشري الأغشيةhymnia كما في جنس القشري Corticum أو المزودة بحامل الثمار القصي كما في جنس القصّي Sternum، أو المزودة بحامل الثمار الدبوس كما في جنس الدبوس Clavaria.
    الوظائف الحيوية للفطريات الأشنية: القاعدة في الفطريات الأُشنية أن توجد في الطبيعة، والأمر النادر وجودها في زراعات صناعية مستقلة عن الطحالب المتعايشة معها. وتتميز الزراعات المخبرية للفطريات الأُشنية بما يلي: نمو بطيء، وبناء مستعمرات مطوية مرتفعة متراصة وتشكيل ثلاث طبقات: الأولى قشرية والثانية فراغية والثالثة مخيّة لا علاقة لها بما يشاهد من طبقات ثلاث في الطحالب، وقدرة على تشكيل غبيرات conidia، وعجز عن تشكيل دوارق ومناسل زقية ascogone تمثل أولى مراحل التكاثر الجنسي الذي لم يعرف له وجود في الفطريات الأشنية إلا في الأشنة المتغصنة (كلادونية Cladonia) ولا تتطلب المزارع الأشنية المخبرية تزويداً بمركبات سكرية أو آزوتية ولكنها تتطلب تزويداً بالفيتامينات كالتيامين thiamine أو البيوتين biotin وبمركبات فسفورية نوعية. وتعجز المزارع الأشنية المخبرية عن إنتاج مركبات الدِبْسيد depside والدِبْسيدون depsidone المنتجة في الحالات الطبيعية.
    الطحالب الأشنية الغونيدية
    الشكل (4) طحالب الأشن
    يتناول البحث هنا تصنيف الطحالبالأشنية gonidia، وحياة الطحالب الأشنية ووظائفها.
    تصنيف الطحالب الأشنية: يجري تحديد طحالب الأشن بعد عزلها وزراعتها مستقلة لأن الاشتراك الأشني يعمل على تغيير الصفات الشكلية والخلوية والتكاثرية للطحالب. ويتمثل أغلب الطحالب الداخلة حرةً في بناء الأشن بـ 20 جنساً و100 نوع، من أبرزها ثلاثة أجناس تدخل في بناء 90% من المشرات الأشنية وهي: النوستوك Nostocمن المنشطرات الزرق الخيطية التي تتمثل في الطبيعة بخيوط سبحية مجتمعة في مستعمرات غروية، والطرِبُقْسِيَة Trebouxia من الطحالب الخضر الوحيدة الخلية المتميزة بوجود صانع يخضوري مركزي، ويضم جنس الطربقسية عدداً من الأنواع التي يندر وجودها حرة، والطرنِطبُهْليَة Trentepohlia (الشكل 4).
    حياة الطحالب الأشنية ووظائفها: تتميز حياة الطحالب الأشنية بعدد من الصفات أبرزها: بطء في النمو، وميل نحو الحياة الرمية كما في الطربقسية، ونشاط حيوي في حرارة منخفضة، وتركيب ضوئي في إنارة ضعيفة، والتلف في الإنارة الشديدة، وسرعة في امتصاص الكربون، وقدرة على الإفراغ التلقائي ممثلة بإفراغ المركبات الآزوتية والفيتامينات والمركبات الناتجة من عملية الاشتراك الأشني كإفراغ الغلوكوز والرِبِتول ribitol.
    الشكل (5) أشنة قشرية المشرة: صغيرة هالية
    الرابطة الأشنية
    تعالج الرابطة الأشنية من النواحي التالية: طبيعة الرابطة الأشنية، وبناء المشرات الأشنية، وتكاثر المشرات الأشنية، وحياة المشرات الأشنية ووظيفتها وبيئتها، والتركيب الكيمياوي للأشن.
    طبيعة الرابطة الأشنية: تعتمد الرابطة الأشنية على الربط بين حياة نوع من الفطريات الأشنية وأحد الطحالب، وهكذا يرتبط أغلب أنواع فطريات رتبة حلقيات الثمارCyclocarpales بطحالب خضر من رتبة المكورات الخضرClorococcales، كما ترتبط فطريات رتبة الملتصقاتCollemales بالنوستوك وترتبط رتبة الأشن الخطاطاتGraphidales بطحلب الطَرَنْطِبهلية وتدعو حالة كثرة الفطريات المشاركة في الارتباط بعدد محدود من الطحالبإلى الاعتقاد بعدم وجود روابط بين عروق محددة من الفطريات وعروق محددة من الطحالب، وهكذا يرتبط النوستوك بنموذجين من الفطريات، أحدهما يكوِّن أشنة الملتصقة Collema والآخر يكوِّن أشنة الدرعية Peltigera. كما يمكن لهذه الفطريات نفسها أن ترتبط بنوع آخر من جنس النوستوك نفسه. وقد تتكون هذه الرابطة الأشنية من ثلاثة شركاء مكوَّنة من فطر وطحلبين كما هي الحالة في بعض أنواع الفصائل الدرعية Peltigeraceae واللزجة Stictaceae وجنس الإسطروقولون Stereocaulon إذ ينتمي الطحلب الرئيسي إلى زمرة الطحالب الخضر وينتمي الطحلب الثانوي إلى زمرة المنشطرات الزرق التي تجتمع في تشكيلات خارجية تدعى الرأسيات cephaloides. وقد تتكون الشركاء من فطرين وطحلب ليشكلا نموذجاً متميزاً من التطفل يدعى نظير التعايش parasymbiosis.
    الشكل (6) أشنة شجيرة المشرة: كلادونية
    بنية المشرة الأشنية وشكلها: تتميز مشرة الأشن بالشكل والبنية المكونة عادة من فطر وطحلب. وتقوم الفطريات بإشادة البناء الأشني الأساسي، ثم يأتي دورالطحالب التي لا يمكن استمرار استكمال البناء من دونها. وهكذا تتألف مشرة الأشن من خيوط فطرية تسكنها خلايا طحلبية. وينطلق بناء المشرة الأشنية من نمو خيوط فطرية محورية حاملة لفروع جانبية محدودة النمو، مكونة أنماطاً مختلفة من نسج زائفة تدعى بأسماء مختلفة منها نظير النسيج المفتول paraplectenchyma، ومنها طليعة النسيج prosenchyma، وهي نسج مختلفة عن المشيجة الفطرية mycelium، قريبة من المشيجة القاسية sclerotium أو الحبيكة البوغية stroma وتذكر غالباً بالنسج الزائفة الموجودة في بعض الطحالب. وتتنوع أشكال المشرات تنوعاً كبيراً، فتدعى المشرة قشرية crustaceous (الشكل 5) إذا كانت منبسطة على الركيزة ومؤلفة معها جسماً متماسكاً، وتدعى المشرة متورقة foliate إذا أخذت شكل صفيحة ورقية ولم تلتحم بالركازة إلا قليلاً، ومثالها أشن الفصيلة المتغصنة .. وهي أشنات أليفة التراب متورقة أو قشرية (شائعة في الفرنلق في الجبال الساحلية السورية)، تحمل أعضاء منتصبة تدعى ودكات podetions مازالت طبيعتها بوصفها مشرة ثانوية أو حبيكة بوغية موضع أخذ ورد. وتدعى المشرة شجيرية frutescent (الشكل 6) إذا كانت من خيوط متشابكة أو مدلاة. ويلاحظ في المشرة القشرية والمتورقة وجود تناظر ظهري بطني، في حين تتمتع البنية الشجيرية بوجود تناظر محوري أو شعاعي. وتدعى المشرة الأشنية متماثلة الأجزاء homeomerous إذا تكونت من نموذج واحد من الطبقات، وهذا ما يظهر في المشرات الغروية لأشن رتبة الملتصقات. كما تدعى المشرة متغايرة الأجزاء heteromerous إذا كانت مكونة من طبقات مختلفة: كالقشرة والطبقة المنسلية التي تحفظ الطحالب والطبقة المخية (الشكل 7).
    الشكل (7) بنية مشرة أشنة متورقة: دريعة رومية (مائلة للحمرة) ـ مقطع في قمة أحد الفصوص
    تحمل المشرات الأشنية نموذجين من الأعضاء التكاثرية، منها ماهو مرتبط بالفطريات ممثلة بالقرب الزقية والدوارق، ومنها ما هو مرتبط بالطحلب كالإيزيدية isidia(المفرد isidium) والصرات soredia (المفرد صرة soredium) (الشكل 8).
    تكاثر المشرات الأشنية: تنشأ الرابطة الأشنية إما مباشرة معتمدة على ذاتها وإما بطريقة غير مباشرة إذ تستولي خيوط المشيجة الفطرية على طحالب حرة مجاورة من نمط مناسب لها.
    أ ـ التكاثر المباشر للمشرات الأشنية: يمثل التكاثر المباشر طريقة دارجة فعالة للأشن، ويتلخص إما بتقطع الأشنة التي يزيد الجفاف قابلية كسرها وبعثرتها بالعوامل الجوية أو بالحيوانات. وإما بإصدار غصينات نوعية تدعى الصرات أو الأيزيدية التي تقوم بدور الفسائل، فالصرة كتلة طحلبية محاطة بغمد. وخيوط المشيجة الفطرية تتشكل في منطقة مغبرة من المشرة تدعى مولدة الصررsorale. والإيزيدية أصيبعيات مشرية طولها بضعة ملمترات مرجانية الشكل ومتفرعة غالباً إلى فِصلات (الشكل 9).

    الشكل (8) مولدة صرر ذرورية

    ب ـ التكاثر غير المباشر للمشرات الأشنية: يجري التكاثر غير المباشر في الأشن عن طريق المصادفة، ويتلخص باجتماع بوغة فطرية وطحلب حر، وهذا أمر نادر قليل الاحتمال، ولكنه مع ذلك يمثل الطريقة الوحيدة لتوالد بعض الأشن، ويتحقق ذلك بعدة أمور أبرزها: غزارة الأبواغ الصادرة عن الثمار الزقية وحياتها التي تدوم عدة سنوات، وكثرة شيوع طحلب النوستوك والطرنطبهلية وتقديم الطحلب في صرات في بعض الحالات كما في تكاثر الطربقسية، وتزوُّد أغشية الفطر بالطحالب في حالة بعض الأشن المنتسبة إلى رتبة الأشن الحبيبية Pyrenolichens كما في جنس داخلي الثمار Endocarpon وجنس الإسطوروطالStaurothele، مشكلة ما يدعى الغونيدية الغشائية hymenial gonidia المبعثرة للطحلب مع الأبواغ الزقية، وأخيراً عدم إنتاش الأبواغ الفطرية إلا بوجود النوستوك في حالة أشنة الدرعية.
    الشكل (9) مثائل أشنة: عمبليق منقط
    وقد حدد فيرنر Werner سنة 1931 طريقة تشكل المشرات الأشنية وفق المراحل التالية: تتمثل المرحلة الأولى بإنتاش الأبواغ المولدة لطبقة من خيوط دقيقة متفرعة لتشكل طليعة مشرية prothallus قادرة على احتباسالطحالب التي تصادفها، وتتمثل المرحلة الثانية بتكوين مشرة ابتدائية متساوية الأبعاد متمايزة إلى طبقة قشرية واقية وطبقة فراغية تضم الطحالب، وتتمثل المرحلة الثالثة بالاكتمال والنضج إذ يستقطب النمو بالاتجاه العمودي مولداً مشرة متفرعة أو بالاتجاه الأفقي مولداً مشرة متورقة.
    تركيب الأشن في المخبر: ترجع المحاولات الأولية لتركيب الأشن في المخبر إلى عدد من الباحثين من أبرزهم اشتال Stahl سنة 1870 وبرتش Bertsch سنة 1967، وقد تمكن الباحثان من الحصول على مشرات مخصبة من أُشنة داخلي الثمر الصغير Endocarpon pusillumبعد ستة أشهر انطلاقاً من تاريخ بزر الأبواغ الزقية من الغونيدية الغشائية المرتبطة بها.
    وقد استعمل بونييه Bonnier سنة 1889 ركيزة طبيعية معقمة إضافة إلى أدوات تضمن وصول هواء نظيف إلى مزرعة مشرة أشنة الصفيراء الجدارية Xanthoria parietina وعدد من أنواع جنس المتغصنة ولكن تجاربه قوبلت بنقد شديد لأنها قدمت نتائج لا يمكن إعادتها. ثم تقدم بعد ذلك الباحثان فيرنر وتوبلر Tobler وأحمد جيان Ahmadejian بنتائج أقل تعقيداً وأكثر دقة لإمكانية إعادتها من قبل غيرهم من الباحثين تتلخص بتقديم معلومات قيمة عن زراعة أشنة المتغصنة المتبلورة Cladonia cristatella، وعن المرحلة الأولى من الاشتراك الأشني وعن التقاط الطحلب، وعن تشكل النسج المفتولة plectenchyma القشرية، وعن الصرر أو الحراشف، كما أمكن الحصول على دوارق وبداءات ودكات poditions في المزرعة المخبرية، مشابهة لما يحصل عليه من زراعة الفطريات المعزولة.
    تقوم طبيعة الركازة بدور أساسي في نمو الأشن، وهكذا ينشط نمو الأشن في الأوساط الفقيرة إلى المواد الغذائية أو الأوساط الفقيرة إلى المواد العضوية أو العناصر المعدنية، ويتأثر نمو الأشن بدورية الجفاف والمطر ودرجة التعرض للإنارة، كما يرتبط نمو الأشن بحداثة عهد عزلها عن أصولها، وهناك عناصر أخرى ضرورية لنمو الأشن ما تزال مجهولة.
    حياة المشرات الأشنية ووظيفتها وبيئتها: تتمثل الصفات الحيوية للمشرات الأشنية بقلة الحاجة إلى المواد الغذائية المتوافقة مع وجود عدد من القابليات الحيوية: كالنمو الضعيف، وتحمل الجفاف، والقدرة على تجديد الحياة، والقدرة على الحياة البطيئة، ومقاومة الحرارة العالية. وهكذا تستطيع المشرات الأشنية اعتماداً على البنية الفيزيائية للجدار الخلوي امتصاص الماء وفقدانه بسرعة كما تستطيع امتصاص المواد المنحلة بسرعة فائقة أيضاً، ويصل التركيب الضوئي بسرعة إلى حدوده القصوى وإلى التعادل مع التنفس، كما يتوقف في حالات المرور بالحياة البطيئة، ويُنشِّط إفراز الإنظيمات enzymes والحموض والخلاباتchelates القدرة على تثبيت المشرة بالركيزة والتصاقها. كما يعمل إفراز مضادات حيوية وصادات الانقسام على منع دخول نباتات سريعة النمو في الأوساط الأشنية، وهذا ما يفسر استعمال الأشن للأوساط الحيوية الفقيرة والقاسية كالصخور وقشور الأشجار والتوندرة القطبية، وتستطيع مشرات كثير من الأشن تركيز معادن وعناصر معدنية موجودة في التربة بكمية ضئيلة وهذا ما يجعل المشرات سامة في بعض الأحيان.
    تتوافق هذه الصفات الحيوية الواسعة الموجودة في المشرات الأشنية مع قابليات حيوية أخرى دقيقة أبرزها : المتطلبات الفسفورية والمتطلبات المناخية، والمتطلبات المرتبطة بالرطوبة أو الأمطار أو درجة تلوث الأوساط بالمركبات الكيمياوية كالآزوت والكلسيوم، التي تحدد توزع المشرات الأشنية على الشواطئ الصخرية توزعاً مرتبطاً بطول مدة الغمر بالماء، كما تؤلف المشرات في بعض الأحيان حزاماً يعبر عن تلوث الهواء.
    التركيب الكيمياوي للأشن: يتماثل أغلب المواد الكيمياوية الأشنية وأغلب المواد الموجودة في النباتات الأخرى، كما ينطبق هذا القول على محتوى الرماد أيضاً. وتتميز بنية الأشن باحتوائها على غلوسيدات أصيلة غير موجودة في الزمر النباتية الأخرى كالأشنين lichenine ونظير الأشنين isolichenine، كما تتميز الأشن بإفراز مواد عضوية عديمة اللون غير منحلة في الماء ومتمركزة في النسيج المخي للمشرة. وقد سجل قرابة 300 مادة أشنية لا توجد في غيرها من زمر العالم النباتي.
    تنتمي هذه المواد إما إلى سلاسل دهنية fat أو إلى سلاسل عطرية أبرزها الدبسيد والدبسيدون من مشتقات الأورسينorcine والبتا أورسين التي تتميز بها المشرات الأشنية. وقد تبين ضرورة وجود الطحلب لتكوين هذه المواد الأشنية، إذ لا يعطي الفطر المعزول في الزراعة إلا طلائع لهذه المواد الكيمياوية، ولكن الدور الذي يقوم به الطحلب ما زال مجهولاً ولا يعرف ما إذا كان تأثير الطحلب يجري مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. وقد أوضحت الدراسات أن تكوين هذه المركبات الكيمياوية مرتبط بعوامل وراثية داخلية مستقلة عن الوسط المحيط بالأشنة، وهذ ما دعا إلى استعمال هذه المواد استعمالاً واسعاً في تصنيف الأشن، من هذه المواد ما تكون زاهية الألوان في الحالة الطبيعية ومنها ما يتلون بألوان مميزة باستعمال الكواشف البسيطة كالبوتاس والهبوكلوريت والبارافنيلين paraphenylene.
    العلاقة الشكلية بين الفطر والطحلب
    تتميز العلاقة الشكلية بين الفطر والطحلب بظهور نموذج من علاقة طبيعية بين خيوط المشيجة الفطرية والخليةالطحلبية، ومن أبسط هذه العلاقة الضاغطات appressoria الممثلة بانطباق خيوط المشيجة الفطرية على الخلية الطحلبية دونما نفوذ إلى داخلها، ويليها الناضحات haustoria الممثلة إما بماصات تتوضع بين الأغشية الخلوية مشكلة بروزاً صغيراً لا يثقب الجدار الخلوي أو بماصات تخترق الجدار الخلوي مغمدة بالصفيحة البلاسمية. والناضحات كثيرة الشيوع: فمنها ما يتكون فصلياً ومنها ما يستمر طيلة حياة الخلية دونما مساس بحيوتها، فإذا ما وصلت الخلية إلى مرحلة التبوغ بقيت الناضحة معلقة بالجدار الخلوي لا تنزع عنه إلا بنزع الخلية.
    العلاقة الوظيفية والحيوية بين الفطر والطحلب
    لقد برهن سميث Smith حديثاً باستعماله الكربون الموسوم على أن منشطرة النوستوك تقدم إلى الفطر سكر الغلوكوز وأن طحلب الطربقسية يقدم إلى الفطر سكر الربتول ribitol ويحول الفطر هذين السكرين إلى مانوز وعديدات سكريد polysaccharidأشنية خاصة من أبرزها الأشنين ونظير الأشنين، كما تقوم السيفالوئيدات cephaloides الفطرية في أشنة درعية الظلمة peltigera aphotica بتثبيت الآزوت الجوي في المشرة. وتفرز بعض أنواع النوستوك التيامين الذي ما يزال استعماله من قبل خيوط المشيجة الفطرية غير واضح. ويمكن في العلاقة الوظيفية بين الفطر والطحلب التأكيد على استفادة الطحلب من الفطر في مجالات عدة: فالفطر يحمي الطحلب من النور الشديد ويزوده بالماء والمواد المنحلة، وتقوم المشيجة الفطرية بدور حاضن لبعض الطحالب التي لم تعرف لها نماذج حرة. ويؤدي الاشتراك الأشني إلى تكور الأشكال الطحلبية وانتفاخ صانعاتها، وإلى فقدان الأغماد الغروية في طحلبي النوستوك والدرعية وانعدام الأبواغ السباحية في طحلب الطربقسية وإلى ارتفاع مستوىالاستقلاب والتركيب الضوئي، ونشاط إفراز السكريات. أما في الفطريات فينعكس تحول الفطر بالقدرة على تكوين الضاغطات والناضحات والمركبات الأشنية. وتتميز هيولى خلايا الفطريات الأشنية باحتوائها أجساماً إهليلجية تدعى إهليلجيات ellipsoidesماتزال من ألغاز علم الخلية ولا يمكن رؤيتها إلا بما فوق المجهر.
    مكانة الأشن في الطبيعة واستعمالاتها
    تحتل الأشن في الطبيعة مكانة مرموقة من الناحية الحيوية فهي قادرة على الحياة فوق ركازات لاينبت فيها غيرها من العضويات. فمن الأشن ما تكون رائدة في مسيرة تعاقب الغطاء النباتي كما هي الحال في نبات البادية ومنها ما يمثل أوجاً نباتياً climax كالأشن التي تنبت في المناطق القطبية على الصخور وقشور الأشجار. والأشن عالمية الانتشار وقد استعملت في غذاء الإنسان ودوائه وصناعته مع قلة أهميتها في إنتاج المادة العضوية. فقد كانت أشنة إيسلندة Cetraria islandica الواسعة الانتشار تستعمل منذ أكثر من مئتي سنة في معالجة الالتهابات الصدرية والكلوية ومرض السكري، وفي السويد تستعمل مقشعات في بعض المحضرات الدوائية، كما استعمل الحمض اليوسيني usnic acid في معالجة الجروح والالتهابات وتجري الاستفادة من أشن الأقروليشية Ochrolechia والرُّكسلَّة Roccella للحصول على صبغة الأرشيل orchil البنفسجية بعد تخمرها بالقلويات، وقد بطل هذا الاستعمال بعد اكتشاف الأنيلين. كما تستخدم أشنة الإيفرنية الخوخية Evernia prunastri واللقنورة Lecanora(التي تنتشر أيضاً في جبال الساحل السوري والبادية) في صناعة العطور ومبطئاتٍ لتطاير العطور المستعملة في صناعة الجلود.
    وترعى العاشبات القطبية الكبيرة كالقربو caribou والرن renne أنواعاً كثيرة من الأشن، كالمتغصنة الألبية Cladonia alpestris والمتغصنة الحرجية C.silvatica مع ما فيها من أخطار ناتجة من تكديس مشراتها لمعادن متميزة بنشاط إشعاعي (السترنسيوم strontium والسيزيوم cesium) قابلة للانتقال في السلاسل الغذائية حتى تدرك الإنسان. وترعى الأغنام في السنين العجاف في البادية السورية أشنة الأسبيسيلية المغذية Aspicilia esculenta وهي تسمية مرادفة للقنورة المغذية Lecanora esculenta. وهي نادرة في الأجزاء الشمالية الشرقية من البادية السورية، ويتزايد وجودها بتزايد تدهور الغطاء النباتي آخذة شكل غُثاءيغطي كلئية سينا Poa sinaica. وينسب إلى الأشن مرض جلدي لا علاقة له بالأشن يدعى الحزاز المسطح lichen planus تتمثل أعراضه ببثرات جلدية مسطحة شمعية المظهر، حمراء قرمزية قطرها -5مم، تتوضع داخل المعصم أو الرسغ أو خلف الساق، أو في أسفل الظهر أو القضيب، وقد تمتد البثرات حتى فروة الرأس مزيلة الشعر، كما تنال الأغشية المخاطية داخل الفم. وماتزال مسببات هذا المرض مجهولة: فمن الدراسات ماترده إلى الفيروسات ومنها ما ترجعه إلى خلل وظيفي ناتج من تمثل بعض العقاقير، أو التعرض إلى بعض المساحيق المستعملة في صناعة أفلام التصوير، ويسبب المرض حكة جلدية إذا كانت الإصابة معتدلة لطيفة أو متوسطة الوطأة إلا أنها يمكن أن تكون قاسية، وتزول الآثار المرضية في نصف الحالات في تسعة شهور، وفي الحالات الأخرى قد تستمر سنين، وتفيد مركبات الكورتيكوسيتروئيد corticosteroid في معالجة المرض.
    تصنيف الأشن الزقية
    تصنف الأشن الزقية اعتماداً على نماذج ثمارها الزقية وتقسم إلى زمرتين:
    1ـ الأشن الحبيبية وثمارها الزقية علبية.
    2ـ الأشن القرصية Discolichens وثمارها الزقية وعائية.
    وتقسم الأشن القرصية اعتماداً على نماذج ثمارها الزقية إلى الرتب التالية:
    ـ رتبة الخطاطات وثمارها الزقية وعائية قيثارية الشكل.
    ـ رتبة مخروطيات الثمر Conicocarpales وثمارها الزقية وعائية مزودة بغشاء ذروري.
    ـ رتبة حلقيات الثمر وثمارها الزقية وعائية مزودة بغشاء غير ذروري.
    الأشن في سورية
    مازال تعرُّف الأشن في العالم العربي في مراحله البدائية. وقد سجل في سورية وجود قرابة 13نوعاً توجد غالبيتها في المناطق الرطبة على الساحل السوري أو في البادية السورية، نذكر من أبرزها: ستيكتا الحرجية Sticta silvatica وأنبتيشية المهدبة Anaptychia ciliaris وإيفرنية الخوخية Evernia prunastri والمتغصنة الحبيبية Cladonia coccifera واللقنورة النوعية Lecanora sp والأسبيسيلية وغيرها.
    وفاء بغدادي

  6. #136
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 1,302 المواضيع: 17
    التقييم: 494
    آخر نشاط: 1/December/2015
    شكراا ع الطرح

  7. #137
    فقيرة احلآم
    eng_zainab
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: 《 Iraq 》
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,643 المواضيع: 103
    التقييم: 2484
    مزاجي: ☻☻
    المهنة: Student
    أكلتي المفضلة: البيتزا ^_~
    موبايلي: بالطريق
    مقالات المدونة: 37
    الطَحَالب الخضراء (الاسم العلمي:Chlorophyta) (بالإنجليزية: green algae) هي شعبة من النباتات [1] [2]. وهي قسم من أقسام الطَحَالب عديدة الخلايا والتي تنتمي الي مملكة النبات. وهي طحالب تحوي صبغات اليخضور ويخزن الغذاء المدخر فيها على شكل نشاء حقيقي في مراكز خاصة لتجميع النشاء في البلاستيدات، وجدرها الخلوية مكونة من السيلولوز.[3]Floridian coral reefالصبغة السائدة هي الكلوروفيل وهناك طحالب خضراء تعيش معيشة تكافلية مع بعض الكائنات الحية الاخرى, مثل الفطريات, وتسمى التراكيب الناتجة من هذا التكافل أشنات. ومن الامثلة على الطحالب الخضراء السبيروجيرا والكلاميدوموناس.تتضمن نحو 7000 نوع[4][5] من غالبية الكائنات المائية التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي والتي تعد حقيقية النواة. وكما هو الحال في نباتات الأرض (النباتات الطحلبية والنباتات الوعائية تحتوي الطحالب الخضراء على خلايا اليخضور أ وب، وتخزّن الطعام على هيئة نشا[4] في الصانعات الخلوية (البلاستيدات) الخاصة بها.أما في التصنيفات الجديدة، فهو يشير إلى أحد الفرعين الحيويينالذيْن يكوّنان النباتات الخضراء وهما النباتات الكارية والنباتات الملتوية وبهذا المعنى، فهو يتضمن نحو 4300 نوع فقط.

  8. #138
    القمعية

    القمعية (ديجيتاليس) Digitalis تسمية علمية مستمدة من اللاتينية بمعنى الإصبع، إشارة إلى كون التويج على شكل قمع الخياطة. من أسمائها المتناقلة: حشيشة الكشتبان، زهر الكشتبان، إصبعية، قمعية.
    قمعية صوفية: غصن مزهر
    وزهرة مكبرة
    القمعية جنس نباتات معمرة، أو ثنائية الحول، متعاقبة الأوراق، من الفصيلة الخنازيرية Scrophulariaceae. الكأس خماسي الأجزاء. التويج أنبوبي إصبعي أو قمعي أسطواني، مدلى، قصير الشفة العليا، مقور الشفة السفلى. لها أربع أسدية ثنائية الطول، داخل التويج. القلم قصير ثنائي الفصوص. الثمرة علبية حاجزية التفتح. البذور عديدة. أبرز أنواعه الطبية والزراعية والتزيينية:
    1ـ القمعية الأرجوانية D.purpurea نبات طبي ينبت تلقائياً في أوربا، أدخلت زراعته حديثاً إلى أمريكا. يستعمل مسحوق أوراقه الجافة وبذوره الناضجة وأوراقه الطرية ـ للسنة الأولى أو السنتين من عمر النبات المجموعة في بداية طور الإزهار ـ للحصول على الغلوكوزيد glucoside المستعمل في علاج أمراض القلب.
    النبات ثنائي الحول، يعطي في السنة الأولى وريدة ورقية، تبرز من وسطهاالساق الزهرية للسنة القادمة. الأزهار حمراء قرمزية مجتمعة في نورة عنقودية، التويج جريسي بطول 4سم. وهو شديد السمية، طعمه مر لاذع ورائحته منفرة. وأوراق القمعية المتوافرة في الأسواق التجارية خليط من أوراق القمعية الأرجوانية والقمعية الصوفية D.lanata الأكثر اعتدالاً. تجمع الأوراق الزهرية في مطلع الخريف، وتجفف في الظل عند درجة حرارة بين 30 و50 درجة مئوية.
    ترجع أولى دراسات القمعية إلى عالم النبات الألماني ليونهارد فوش Leonhard Fuchs عام 1542، وقد استمرت طويلاً حتى كشفت مكوناته الفعالة التي من أبرزها هيتيروزيدات الصابونين التي لا تؤثر في القلب، وغلوكوزيدات عديدة أخرى أبرزها بلورات بلا ماء الديجيتالين والديجيتوكسين الستيروئيدية المنشطة للقلب. كانت الاستعمالات الأولى للقمعية في إيرلندا واسكتلندا وإنكلترا، وانتقل استعماله بعد ذلك إلى أوربا الوسطى لمعالجة القرحة والبثور وأوجاع الرأس والشلل، كما استعمل خارجياً لائماً للجروح. وقد بطلت هذه الاستعمالات وتحول الأمر إلى استعمال الغلوسيدات في مجال قصور عمل القلب، ويندر استعماله من دون مشورة الطبيب.
    2ـ القمعية الصوفية: ينبت في حوض الدانوب ويزرع في النمسا، يحتوي على هيتيروزيدات تحرر جذر الأسيتيل، ويتميز بسرعة التأثير وسرعة الطرح، وبالهامش الضيق بين الفعالية والسمية وعدم التراكم. مكوناته الرئيسة: الديغوكسين digoxineوأسيتيل الديغوكسين acetyl-digoxine.
    3ـ القمعية الحديدية Dgitalis ferruginea: ينبت بصورة تلقائية في المناطق المشجرة من الساحل السوري اللبناني وتركيا وأرمينيا واليونان ورومانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا وإيطاليا. وهو نوع مهدد بالانقراض.
    4ـ القمعية كبيرة الزهر D.grandiflora: من نباتات الزينة يزرع في الحدائق.
    السمية القمعية
    تعد القمعية وجميع مشتقاتها من العقاقير السامة، وترد السمية إلى رفع تركيز الدواء. وتبدأ أعراض التسمم بالاختلاطات الهضمية بفقدان الشهية والقيء والإسهال، تتبعها دوخة وانحطاط في القوى. تتم معالجة التسمم بالقيء وغسل المعدة.
    أنور الخطيب

  9. #139
    الاصطفاء الحيواني

    الاصطفاء الحيواني animal selection هوعلم تزاوج الحيوانات وتقانته للحصول على سلالات تحمل صفات معينة وخواص محسَّنة مرغوب فيها، مثل إنتاج الحليب والبيض ونوعية اللحم وسرعة النمو وغيرها.
    الأساس الوراثي للتحسين
    التحسين هو علم الوراثة التطبيقي الذي يتعامل مع آلية نقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء.
    ويعد علم التحسين اليوم من العلوم الحيوية الرئيسة، وإن الصبغيات[ر] (الكروموزومات) التي توجد في نواة الخلية تكون مسؤولة عن حمل الصفات الوراثية. فانقسام الخلايا يرافقه انشطار الصبغيات. لذا تكون الصبغيات الجديدة مشابهة للصبغيات الأولى وحاملةً الصفات الوراثية نفسها. وتكون هذه الصبغيات مزدوجة في الخلايا الجسمية، أما في الخلايا التناسلية الناضجة فتُختزل الصبغيات إلى النصف. وعند تلقيح البييضة بالنطفة الذكرية فإن نصف الصبغيات في البيضة الملقحة يأتي من النطفة والنصف الثاني من البييضة. وبهذه الطريقة فإن الأبناء يأخذون صفاتهم الوراثية من الأب والأم.
    وتدعى وحدة التوريث بالمورِّثة (جين)، وهي التي تحمل المعلومات الوراثية التي تؤثر في صفة معينة ومحددة. وأصبح الأساس الجزيئي للوراثة في السنوات القليلة الماضية، نتيجة للأبحاث المتعددة، أكثر وضوحاً من ذي قبل، ومعروف اليوم أن أهم المواد الوراثية في نواة الخلية هو الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين deoxyribonucleic acid (ويرمز له اختصاراً بالدنا DNA) ذو الوزن الجزيئي الكبير. وهو يتكون من وحدات مكررة لأربعة أسس عضوية هي الغوانين، والسيتوزين، والأدنين، والتيمين، تكون متحدة مع سكر وحمض الفسفور. وإن تركيب هذه الأسس الأربعة في الدنا هو الدليل أو جهاز الترميز(الشِفْرة) في نقل المعلومات من خلية إلى أخرى في أثناء انشطار الخلايا. وبإمكان الخلية نقل هذه الرموز لصنع بروتينات أو إنظيمات محددة التركيب تقرِّر المظهر الأساسي للخلية وفعالياتها المختلفة. وتتحكم المعلومات الوراثية في تحديد اختصاصات الخلايا المختلفة وتمايزها لتؤلف في النهاية نسجاً وأعضاء مختلفة.
    مفهوم الاصطفاء الحيواني
    الاصطفاء هو اختيار أنسب الحيوانات وأحسنها استجابة لاحتياجات الإنسان، مع استبعاد الحيوانات التي لا تنطبق صفاتها على الصفات النموذجية الجيدة. ويهدف الاصطفاء إلى جَعْلِ الأجيال اللاحقة تماثل الأجيال الحالية أو تفوقها في خصائصها. وهذا يتضمن التحسين المستمر في إنتاج القطيع.
    وبِغَض النظر عن نظام التربية المتبع للحصول على الحيوانات المرغوب فيها فإنه يجب أن يُتخذ القرار المناسب لاصطفاء الأفراد من أجل التربية، لأن الاصطفاء في الوراثة يؤدي إلى اختيار أفضل الحيوانات لتكون آباء الجيل القادم وأمّاته. وللوصول إلى الهدف المتوخى من عملية التربية يجب أن يتم انتخاب الأفراد التي يُتوقع أن تنتج سلالة متفوقة. إذن فإن مفتاح النجاح في أي برنامج تحسين يتوقف على اختيار الأفراد الجيدة.
    والاصطفاء هو الوسيلة الثانية، إلى جانب طرائق التربية، التي يستطيع بها المربي أو الباحث تغيير وراثة حيواناته. وهو من أكثر الوسائل فعالية في هذا السبيل سواء كان الاصطفاء طبيعياً تقوم به الطبيعة أو صناعياً يقوم به الإنسان، وقد كان الطريق الأساسي الذي أمكن به إيجاد سلالات كثيرة من الأغنام المتخصصة في الصوف أو اللحم أو الحليب أو الفراء، وسلالات كثيرة من الماشية لإنتاج اللحم والحليب، وسلالات من دجاج اللحم أو البيض. وقد نشأت السلالات الثنائية الغرض أو المتعددة الأغراض. وكذلك الحال فيما يتصل بالخيل والكلاب وغيرها من الحيوانات.
    إن هدف المربي أو الباحث هو اصطفاء حيوانات ممتازة تماثل دائماً أبويها في الصفات أو تفوقهما، ومتابعة ذلك في كل جيل من الأجيال المتلاحقة، وهذا ما يعرف بالتحسين المستمر. فعلى المربي أن يتحقق أولاً بصورة قاطعة من أن الصفات الممتازة التي يجدها في حيوان ما أو مجموعة من حيواناته هي صفات قابلة للتوريث وليست مكتسبة ترجع لتأثير البيئة، لأن الصفات المكتسبة لا تُوَرَّث عن طريق الخلايا التناسلية، فهي صفات اكتُسبت من عوامل ومؤثرات خارجية وليست وراثية. وعموماً فإن ممارسة الاصطفاء مصحوباً بالتربية الداخلية يساعد على سرعة حدوث التغيرات لأنه في هذه الحالة تَقلُ نسبة الأفراد المختلفة اللواقح heterozygous وتزداد نسبة تشابه اللواقح homozygosity في التركيب الوراثي للصفات المنتخَبة، مما يؤدي في النهاية إلى إنتاج السلالات النقية، وهي الغاية المثلى للاصطفاء.
    لقد اعتمد الإنسان في تحسين السلالات الحيوانية على معايير خاصة وضَعَتْها وحَدَّدتها جمعيات السلالات الحيوانية المختلفة. إلا أن إجراء الاصطفاء صناعياً ليس بالأمر الهين، فهو يتضمن عدة عمليات منظمة ترمي إلى الحصول على حيوانات جيدة.
    طرائق الاصطفاء
    تقسم عمليات الاصطفاء الحيواني إلى قسمين رئيسين، هما:
    الاصطفاء بحسب الشكل الظاهري phenotypic selection: ويقع تحت هذا القسم نوعان:
    ـ الاصطفاء بالجملة mass selection: وهو استبعاد الأفراد غير الجيدة من القطيع.
    وهذه الطريقة سلبية يقتصر فيها عمل المربي على استبعاد الأفراد التي لا تُطابق صفاتُها صفات النموذج المطلوب. ويكون معظم العوامل الوراثية التي تقابل هذه الصفات من النوع المُتَنَحّي. وكثيراً ما تبقى هذه العوامل المتنحية في القطيع، وتنتقل من جيل إلى آخر من دون أن تظهر صفاتها في الأفراد التي تحملها، وتحمل معها في الوقت نفسه عوامل سائدة. وفي هذه الحالة يترك المربي مثل هذه الحيوانات ذات التركيب الوراثي الخليط تتناسل. لذا كانت هذه الطريقة أبطأ طرائق الاصطفاء جميعاً للوصول إلى الغاية المطلوبة.
    ـ الاصطفاء الفردي individual selection: وهو اختيار أفراد جيدة في شكلها الظاهري ثم تربيتها من دون غيرها. وهو يُبنى على أساس أن المظهر المتمثل في إنتاجية فرد ما يعدّ دليلاً على القيمة الوراثية لذلك الفرد.
    إن عملية الاصطفاء هذه تكون بسيطة، وكل ما تحتاج إليه هو تمييز الأفراد التي تحمل بعض الصفات المرغوب فيها. أما الصفات المتعددة، ولاسيما ذات الأهمية الاقتصادية والتي تتأثر بعدة مورثات مختلفة فإن الافتراض السابق لا ينطبق عليها أبداً، وتكون النتيجة غير مضمونة العواقب. وهذا ليس ناتجاً من وجود مورثات متعددة فقط وإنما من تأثير الشروط البيئية في قدرة هذه المورثات على التعبير عن نفسها تعبيراً جلياً. وهذا النوع من الاصطفاء يكون مبنياً على الكفاية الإنتاجية الظاهرة. وقد يكون اصطفاءُ صفةٍ وراثيةٍ معينةٍ فعالاً في المدى المنخفض إلى المتوسط، إلا أنه غير فعال كلياً في المدى العالي. وخير مثال على ذلك هو إنتاج بيض الدجاج، إذ لا يوجد شك في أهمية الاصطفاء الفردي لتحسين إنتاج البيض ليصل معدل إنتاجه إلى 180 أو حتى إلى 200 بيضة سنوياً للدجاجة. ويعتمد مدى الزيادة على نوع السرب، وكذلك على الشروط البيئية التي يتعرض لها هذا السرب. وغالباً ما يؤدي الاعتماد على هذا النوع من الاصطفاء إلى خيبة أمل عند الوصول إلى الحد الذي لا يمكن بعده تجاوز زيادة الإنتاجية. ولقد أحرز تقدم كبير في أسراب كثيرة من الدواجن نتيجة تطبيق هذا النظام على نطاق واسع ومحكم، ولاسيما في التخلص من الأفراد غير المرغوب فيها، مثل البطيئة النمو والقليلة الإنتاج، والتخلص من الأفراد التي يكون مظهرها مغايراً للمظهر العام للسرب.
    وهناك قطعان أو أسراب كثيرة يمكن تطويرها وتحسينها باتباع هذه الطريقة. ولكن عند زيادة معدل إنتاج القطيع أو السرب فإنه يتحتم اتباع طريقة أخرى أكثر فعالية إذا أُريد الاستفادة من الحد الأقصى للقدرة الإنتاجية للقطيع. وهذه الطريقة هي الاصطفاء بحسب التركيب الوراثي.
    الاصطفاء بحسب التركيب الوراثي genotypic selection: ويتم بإحدى الطرائق الآتية:
    ـ الاصطفاء تبعاً لاختيار النسل progeny selection: وهو دراسة التركيب الوراثي للفرد بعد دراسة الصفات الاقتصادية في نسله. فعندما تكون أسلاف الحيوان معروفة فإنه بالإمكان عند برمجة التحسين الوراثي للقطيع إجراء موازنة بين إنتاج الحليب أو إنتاج البيض للآباء والأبناء. ولكن لسوء الحظ لا يمكن الاستدلال مؤكداً على تركيبه الوراثي الصحيح بناء على مظهر الفرد فقط، ولو كانت مظاهر أسلافه معروفة. فمن الناحية الإنتاجية لا يمكن التحقق مثلاً من قدرة نسل دجاجة تستطيع إنتاج 280 بيضة سنوياً. ويصح الشيء نفسه عندما تؤخذ إنتاجية أخوات ذكر ما مقياساً لاختياره لأغراض التحسين ولاختيار النسل بدقة، إذ يلقح الذكر عدداً مناسباً من الإناث ثم يُوازن بين إنتاجها وإنتاج بناتها عندما تصل إلى سن الإنتاج.
    إن هذه الطريقة ذات نفقة وتستغرق وقتاً طويلاً عند الموازنة بينها وبين الطرائق المتبعة، ولاسيما أن القدرة على إنتاج البيض للنسل الناتج لا يمكن تقديرها إلا بعد عدة أشهر من التزاوج، ويجب الاحتفاظ بسجلات الكفاية الإنتاجية لجميع الأفراد في السلالة.
    وعندما ينصب الاهتمام على صفات متعددة قد تصل إلى 8 أو 10 تصبح السجلات الواجب تنظيمها والمعلومات اللازمة كبيرة جداً. ولكن عند معرفة الذكور والإناث العالية الإنتاج نتيجة لتطبيق هذه الطريقة فإن عملية التحسين الوراثي تكون أسرع من الطرائق الأخرى التي قد تكون عقيمة أحياناً. وقد تكون المدة أطول عند تطبيق هذه الطريقة على فروج اللحم. وفي الدجاج البَيَّاض يمكن استخدام البيض المُنتَج لمدة أقل من سنة دليلاً على مقدار الإنتاج. وبهذا يمكن اختصار المدة التي يجب أن تتم فيها عملية الاصطفاء.
    ويعد الاصطفاء تبعاً للنسل إحدى طرائق الاصطفاء المهمة في حقل تربية الحيوان. ويُتّبع عادة لاصطفاء الذكور، ولاسيما فيما يتصل بالصفات المرتبطة بالجنس التي لا يمكن أن تقاس على الآباء مثل إنتاج الحليب أو البيض. وبالطبع تقاس مظاهر تلك الصفات على النسل من الإناث فقط.
    وقد تُجرى طريقة الاصطفاء بالنسل في الإناث التي تعطي عدداً كبيراً من الأفراد كالدجاج والفئران والأرانب والخنازير، ولو أن هذا غير شائع الاستعمال.
    وكلما كان عدد الأبناء لكل ذكر كبيراً كان الحكم دقيقاً على الكفاية الإنتاجية لهذا الذكر. وهناك نقطة مهمة يجب الانتباه إليها في هذا المقام وهي أنه كلما قلَّ عدد الذكور المختبَرة زاد مُعامل التربية الداخلية في القطيع.
    وهذا يؤدي من ثم إلى انخفاض الإنتاج وإلى ظهور العوامل المميتة وشبه المميتة. وعلى العموم يعد اختبار النسل أداة نافعة في تحسين الحيوانات الزراعية، ويتم ذلك الاختبار بإحدى الطريقتين التاليتين :
    ـ طريقة تأخذ بالحسبان وجود الإناث، وفيها يُوَازن بين إنتاج بنات الذكر المختبَر، وإنتاج أمّاتها زوجات ذلك الذكر. فإن فاقت البنات أمّاتها في الإنتاج فالفضل يرجع للذكر نفسه.
    ـ طريقة لا تأخذ بحسبانها الإناث، وفيها إذا ما عُرف عن ذكر أنه أنجب الكثير من الإناث ذات الإنتاج العالي فعلى الأغلب سوف ينتج هذا الذكر دائماً إناثاً إدرارها مثلاً عالٍ إذا ما اختيرت له إناث مناسبة.
    الاصطفاء تبعاً للنَّسَبِ pedigree selection: ويُقصد به انتخاب الأفراد بحسب امتياز آبائها وأجدادها وآباء أجدادها، أي الأجيال الثلاثة السابقة. والفكرة هي أن الفرد يكون ممتازاً في صفاته إذا كانت آباؤه وأجداده ممتازة، ما لم يحدث انعزال في العوامل الوراثية. وعموماً لا يُلتَفَت إلى الأجيال التي تسبق الأجيال الثلاثة المذكورة، وذلك لقلة مساهمتها وقلة تأثيرها في تركيب الفرد الوراثي.
    ولكن يجب أن لايثق المربي في نسب الحيوان ثقة مطلقة. فهو في أقصى حدوده لا يدل إلا على أسلافه، ولا يدل دلالةً قاطعة على جودة الحيوان أو نقاء تركيبه الوراثي. فقد يكون الحيوان ذا نسب ومع ذلك تكون مورثاته خليطة. فلا يمكن أن يكون النسب وحده دليلاً قاطعاً في الكشف عن مورثاته بل مرشداً فقط. وقد أصبحت اليوم قواعد الاصطفاء تعتمد كثيراً على الإنتاج الفعلي للحيوان نفسه ولسلسلة آبائه ونسله، وأصبح معيار الإنتاج دليلاً صادقاً في الكشف عن نقاء التراكيب الوراثية للحيوانات، حتى أصبح اصطفاء الذكور للتربية لا يخرج عن حدود إنتاج آبائها أو نسلها، وأصبحت تُختار هذه الذكور لتكون أمّاتها أعلى إنتاجاً من باقي أفراد القطيع.
    ويستعمل هذا النوع من الاصطفاء على نطاق واسع في حيوانات الحليب ولاسيما الذكور أو الإناث الصغيرة التي لم تنتج الحليب بعد، وقد كانت الفكرة السابقة ـ أي يكون الفرد ممتازاً في صفاته إذا كانت أسلافه ممتازة ـ مدعاةً لارتفاع أسعار بعض الحيوانات نتيجة لانحدار هذه الحيوانات من بقرة مشهورة أو ثور معروف .
    وهناك الكثير من المربين يجرون الاصطفاء في قطعانهم بطرائق أكثر تعقيداً للوصول بحيواناتهم إلى درجة عالية جداً من التحسين. ومن هذه الطرائق :
    1) ـ الاصطفاء المتوالي tandem selection إذ يتم اصطفاء صفة ما حتى تصل، بعد عدة أجيال، إلى مستوى معين، ثم يتم الانتقال إلى صفة أخرى يجري اصطفاؤها. وهكذا باقي الصفات على التوالي. إن هذه الطريقة تستغرق وقتاً طويلاً للوصول بصفات الحيوان إلى المستويات المرجوة.
    2) ـ الاصطفاء باستعمال مستويات الاستبعاد المستقلة independent culling levels: وفيه لا يُنتخب الحيوان إلا إذا بلغ حداً أدنى من جودة الصفات المقصودة. فعند اصطفاء ثلاث صفات مثلاً يحدد مستوى معين لكل صفة، وتستبعد الأفراد التي يقل مستواها عن أي من هذه المستويات الثلاثة مجتمعة. وهذه الطريقة هي طريقة قاسية وجائرة، كاشتراط أن لا يقل وزن الكباش المنتخَبة عن 55كغ عند عمر سنة، وألا يقل وزن جزتها الأولى عن 4كغ من الصوف.
    3) ـ دليل الاصطفاء selection index: وهي أنسب طرائق الاصطفاء جميعاً. وفيها يتم اختيار الحيوان اختياراً يسمح للصفات الممتازة أن تحل محل الصفات التي هي أقل جودة. وهكذا تؤخذ بالحسبان عدة صفات في آن واحد، والارتباط الوراثي بين هذه الصفات والقيمة الاقتصادية لكل صفة تكونان على درجة يمكن معها للصفات الممتازة في الحيوان أن تعوض عن الصفات غير الممتازة في الحيوان نفسه.
    التربية الداخلية أو تربية الأقارب
    هي تزاوج الحيوانات التي تزيد درجة القرابة بينها على متوسط القرابة لحيوانات القطيع كله، وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة المورثات المتماثلة وتقليل نسبة المورثات غير المتماثلة في المجموعة، كتزاوج الشقيق وشقيقته أو تزاوج الأب وابنته أو تزاوج الأم وأبنائها. ويلجأ المربي إلى هذا النوع من التربية لزيادة التماثل في أُسَر معينة من القطيع ورفع قدرة التوريث في بعض الأفراد والاستفادة من ظاهرة قوة الهجين hybrid vigor الناتجة من خلط سلالات مرباة تربية داخلية بعضها مع بعض inbreed lines وذلك فيما يتصل ببعض الصفات. وقد استُخْدِم هذا النظام على نطاق واسع للحصول على بعض الأسراب التجارية في الدجاج.
    إلا أن التربية الداخلية تؤدي أيضاً إلى خفض مظهر الصفات الإنتاجية وذلك لتركيزها للمورثات الجيدة وغير الجيدة في آن واحد.
    إن استمرار خطوط التربية الداخلية ذو نفقة من الناحية الاقتصادية، ويعود ذلك إلى أن قسماً كبيراً منها يتم التخلص منها بعد التجربة، وذلك لعدم توافقها مع الخطوط الأخرى. ويسأل بعضهم عن جدوى تربية الأقارب. فالكل يعرف أن زواج الأقارب عرضة لإنجاب أطفال مشوهة أو يعتريها النقص في الصفات الجيدة، ووجهة النظر هذه معروفة منذ قديم الزمان، وفي الدول المتقدمة اليوم قوانين تحول دون زواج الأقارب.
    وهناك من مربي الحيوانات من يستخدم تربية الأقارب بنجاح. فأحسن مربي الخيل والكلاب وغيرها من الحيوانات المستأنسة يصطفون أجود حيواناتهم بطريقة تربية الأقارب في نظام يشير إليه المربون باسم التربية الخطية line breeding. وكثير من هؤلاء المربين يعرفون جيداً أن إدخال أي دم خارجي على حيواناتهم المنتقاة والمنتخبة انتخاباً فائقاً سوف يقلل من قيمة إنتاجهم بدرجة كبيرة. لذلك لا بد من مراعاة درجة تربية الأقارب المستخدمة في التربية وعلاقاتها في المحافظة على الصفات الجيدة وعدم ضياعها أو فقدها. لذلك تُتَّبَع التربية الداخلية أو تربية الأقارب بدرجة محدودة لإنتاج حيوانات أو صفات مرغوب فيها ولاستبعاد الحيوانات والصفات غير المرغوب فيها.
    وإذا كانت تربية الأقارب تُنتج اختلافات بين الحيوانات مما يؤدي إلى ظهور بعض الحيوانات أو الصفات غير المرغوب فيها فلا بد من الاستمرار في إجراء تربية الأقارب حتى يمكن عزل المجموعة الحيوانية أو مجموعة الصفات وتقليل الاختلافات بين هذه الحيوانات وصفاتها مستقبلاً. ويستدعي ذلك استخدام أجود حيوانات التربية وأحسنها، كما يستدعي أن يكون المربي على درجة كبيرة من المهارة في إجراء الاصطفاء بين حيواناته مع ضرورة توافر الشجاعة الكافية حتى يستبعد بكل جرأة وثبات الصفات غير المرغوب فيها والحيوانات الحاملة لها.
    استعمالات التربية الداخلية: تعدّ التربية الداخلية inbreeding سلاحاً ذا حدين. لذلك يجب تطبيقها في شروط سليمة ولأسباب صحيحة ومدروسة. وفيما يلي بعض الحالات التي تستخدم فيها التربية الداخلية:
    ـ عندما يرغب المربي في زيادة القرابة نحو حيوان ممتاز. فكثيراً ما يحصل على أفراد متفوقة جداً مما يدل على حُسْن تركيبها الوراثي، فيحاول أن يستبقي أكبر نسبة ممكنة من تركيب هذا الفرد في القطيع. ومن دون اتباع التربية الداخلية لا يمكن أن يرتفع مُعامل القرابة بين الحيوانات عن النصف ولذلك يُلْجَأ إلى التربية الداخلية للحصول على أفراد على درجة عالية من القرابة مع الفرد الممتاز.
    ـ عندما يصل المربي بإنتاج قطيعه إلى مستوى أعلى من متوسط السلالة، يبدأ باستخدام ذكور للتربية من داخل القطيع، وهذا يؤدي إلى التربية الداخلية بدلاً من استخدام ذكور للتربية من خارج القطيع التي قد تُخْفِّض من إنتاج قطيعه.
    ـ تُتَّبع التربية الداخلية بغية فصل الجماعة population إلى أنماط types متماثلة ومرباة داخلياً. وإن خلط هذه الأنماط بعضها ببعض ثانية يرفع الإنتاج نتيجة لقوة الهجين. ومن الأمثلة الناجحة في هذا الشأن دجاج الهجين، وإلى حد كبير الخنازير والأغنام.
    ـ تفيد التربية الداخلية في كشف المورثات غير المرغوب فيها أو الضارة في حالة الأفراد الأصيلة فقط، ولكنها طريقة ذات نفقة.
    ـ التربية الداخلية أكثر فاعلية في زيادة نسبة الأفراد الأصيلة. وإن لم يكن لها قيمة اقتصادية في حيوانات المزرعة إلا أنها مرغوب فيها في حيوانات المخبر الصغيرة كالفئران والخنازير فيما يتعلق بتجانسها.
    ـ يلجأ المربي إلى التربية الداخلية لزيادة التباين بين العائلات والمجموعات، وتزداد فاعلية الاصطفاء لوجود أسس جديدة.
    مضار التربية الداخلية: ذُكر سابقاً أن التربية الداخلية سلاح ذو حدين. فهي تُثَبِّت المورثات غير المرغوب فيها في أفراد أصيلة كما تُثبِّت المورثات المرغوب فيها، وذلك بطريقة عشوائية محضة. لذلك يُنصح المربي بعدم التوسع في تطبيق التربية الداخلية، فالقاعدة هي تطبيق التربية الداخلية بقدر يسمح بالتخلص من الأفراد غير المرغوب فيها فقط، ولا يُنْصح باتباعها إلا المربون أصحاب القطعان الكبيرة التي تسمح لهم باستبعاد جزء مناسب من كل جيل. وقد وُجد عملياً أن معدلاً للتربية الداخلية قدره من 5- 6% من كل جيل يُعدّ مناسباً، أي زيادة متوسط مُعامل التربية الداخلية بهذا القدر لكل جيل. والاستعمال الجائر للتربية الداخلية ينتج منه انخفاض مستوى الإنتاج ولاسيما للصفات التي يقع جزء كبير من تباينها الوراثي تحت التباين السيادي أو التفوقي، مثل صفات الخصب والتناسل عامة.
    التربية الخارجية أو تربية الأباعد
    هي إنتاج أفراد من آباء ليس بينها رابطة دم أو قرابة إلى أبعد جيل في سلسلة نسبها. وغالباً ما تكون الأفراد المتزاوجة، كلها أو بعضها، من خارج السلالة الواحدة أو العائلة الواحدة أو الضرب الواحد. والآثار المترتبة على التربية الخارجية out breeding عكس الآثار المترتبة على التربية الداخلية. فهي تعمل أساساً على زيادة نسبة الأفراد الخليطة ونقص نسبة الأفراد الأصيلة النقية في القطيع. وتختلف في أن تأثيرها يقتصر على الجيلين الأول والثاني، أي إن أثرها لا يتراكم كما في التربية الداخلية. وعلى ذلك فالتربية الخارجية تعطي فرصة للمورثات غير المرغوب فيها أن تختبئ، كما أن وجود السيادة أو فوق السيادة سيجعل الأفراد الناتجة تفوق آباءها في صفاتها الإنتاجية. ويسمى ذلك قوة الهجين التي تحدث نتيجة للظاهرة الوراثية المعروفة بقوة الخلط heterosis. ويلاحظ أن الصفات التي تظهر فيها قوة الهجين بوضوح هي نفسها الصفات التي تتدهور تدهوراً ملحوظاً عند تطبيق التربية الداخلية. فالعوامل المسؤولة عن قوة الهجين في الخليط هي نفسها المسؤولة عن انخفاض مستوى الصفة عند تطبيق التربية الداخلية. وتعدّ الصفات التناسلية في الحيوان مثالاً لهذه الصفات.
    وإن الأفراد الناتجة من التربية الخارجية لا تصلح للتربية، لأنها خليطة في تركيبها الوراثي، إذ يؤدي تزاوج هذه الأفراد فيما بينها إلى انعزال العوامل الداخلة في تركيبها.
    أقسام التربية الخارجية: تشمل التربية الخارجية كل أنواع التزاوج التي تهدف إلى زيادة الخلط بين الأفراد. ويصحب ذلك نقص التجانس في مظهر الأفراد. وهي تشمل:
    خلط السلالات: ويقصد بخلط السلالات cross breeding الخلط بين سلالات ناتجة بالتربية الداخلية. وهو يُنْتج أحسن قوة هجين. وفيه تزاوج أنثى من سلالة بذكر من سلالة أخرى. وقد استغل مربو الحيوان هذه الطريقة استغلالاً كبيراً ولاسيما في ماشية اللحم والأغنام والخنازير والدواجن. وقد كان الخلط، وما يزال، يجري لسببين رئيسين: الأول تكوين سلالة جديدة تجمع بين الصفات الجيدة من سلالتين أو أكثر . والثاني إنتاج حيوانات لحم للتسويق لا للتربية، الأمر المطبق بكثرة في بلاد كثيرة.
    والانتفاع بقوة الهجين في هذه الطريقة يعتمد على الاصطفاء، كما يعتمد على التربية الداخلية والخلط. ويطبق الاصطفاء هنا أساساً على الحيوانات الخليطة للحصول على أزواج من السلالات التي تُنْتج أحسن قوة هجين. وهذه السلالات تعدّ مصدراً دائماً لأفراد خليطة للاستعمال التجاري في الحياة العملية.
    التدريج grading: ويقصد به رفع إنتاج مجموعة من الحيوانات التي لا تنتمي إلى عرق معين بتزاوجها هي والجيل الناتج من هذا التزاوج والأجيال التي تليه بذكور لها صفات ممتازة. وتتم عملية التدريج بإدخال مورثات جديدة في الحيوانات مع زيادة نسبة هذه المورثات تدريجياً جيلاً بعد جيل.
    ويكون التدريج إما بحيوانات من السلالة نفسها أو بحيوانات من سلالة مخالفة. ويُطبق التدريج عادة لتحسين الحيوانات المحلية الضعيفة الإنتاج، وذلك باستعمال ذكور للتربية أجنبية ممتازة. ويؤدي هذا التدريج إلى نقــــل هذه المورثات الخاصة بالإنتاج العالي إلى الحيوانات المحلية بمقدار1/2 في الجيل الأول و3/4 في الجيل الثاني و7/8 في الجيل الثالث و15/16 في الجيل الرابع و31/32 في الجيل الخامس، إذ تكون الحيوانات الناتجة من هذا الجيل قد وصلت، في إنتاجها وشكلها الخارجي، إلى النوع المراد الوصول إلى مستواه. ويكون التحسين الناشئ من تطبيق هذه الطريقة ملحوظاً بدرجة كبيرة في أول جيل عما في الأجيال التي تليه وذلك لحدوث ظاهرة قوة الهجين بدرجة أكبر مما في الأجيال التالية.
    وتعدّ طريقة التدريج من أسلم طرائق التربية وأقلها كلفة لتحسين الحيوانات المحلية، لأنها لا تحتاج إلا إلى استيراد الثيران الممتازة فقط، ثم تغيير هذه الثيران مرة كل جيل بطريقة التبادل بين المربين لتغيير الدم. لذا كانت هذه الطريقة من أكثر الطرائق شيوعاً في العالم.
    الخلط الخارجي out crossing: ويقصد به تزاوج أفراد من عرق حيواني تكون القرابة بين أفراده معدومة، أو تكون أقل من متوسط القرابة في العرق الذي تنتمي إليه. ويُلجأ إلى هذه الطريقة لتزاوج بعض الأفراد الناتجة من التربية الداخلية من الدرجة الثانية مع أفراد تتبع أسرة أخرى بغرض التخلص من العيوب التي تظهر نتيجة التربية الداخلية. ويستخدم الخلط الخارجي لإدخال دم جديد في القطيع أو إصلاح بعض العيوب أو الصفات غير المرغوب فيها. فإذا وجد قطيع تعوزه صفة متوافرة في قطيع آخر وكان صاحب القطيع الأول لا يريد استخدام ذكور تربية من القطيع الثاني دائماً لأن فيه صفات أخرى غير مرغوب فيها، فيمكن في هذه الحال استعمال الخلط الخارجي لإصلاح هذه الصفة من دون الإخلال بالصفات الجيدة الأخرى.
    الخلط بين الأنواع الحيوانية الزراعية: ويقصد به تزاوج حيوانين كل منهما أصيل ولكنهما ينتميان إلى عرقين زراعيين مختلفين. وتستعمل هذه الطريقة للاستفادة من قوة الهجين التي تظهر في الجيل الأول من التزاوج، وذلك في إنتاج اللحم من الخنازير وأبقار اللحم والأغنام.
    وتتميز الحيوانات المُنْتَجَةُ بهذه الطريقة بسرعة النمو وكبر الحجم وزيادة الحيوية وارتفاع مستوى الخصب. كما أنها تستخدم لأغراض تجارية فقط لا للتربية.
    التهجين hybridization: وهو التزاوج الذي يتم بين حيوانات من أنواع مختلفة. والتزاوج بين الحمار والفرس الذي يُنْتج البغل يعدّ أشهر مثال لهذه الطريقة. وهي تستعمل أساساً لإنتاج البغال التي تتميز من أبويها في الصفات الفيزيولوجية كالقدرة على العمل وتحمل المشاق ودرجات الحرارة المرتفعة ومقاومة الأمراض ولاسيما في المناطق الحارة. عدا أن حياة البغل أطول من حياة كل من الحصان والحمار. ولما كان عدد أزواج الصبغيات في الأنواع الحيوانية يختلف من نوع إلى آخر (يختلف في الخيول عنه في الحمير) لهذا فإن الهجين الناتج يكون غالباً عقيماً. وهناك أمثلة كثيرة لإجراء مثل هذا التهجين، مثل تلقيح الـ «ياك yak» بالأبقار الأوربية، والجمال ذات السنام الواحد بذات السنامين، وتلقيح الأغنام بالماعز، والرومي بالدجاج العادي، وتلقيح البيزون الأمريكي بالأبقار الأوربية.
    ويتبين مما تقدم أنه يُلْجأ إلى التربية الخارجية للأغراض التالية:
    ـ رفع مستوى إنتاج الحيوانات الضعيفة الإنتاج باستعمال ذكور أصيلة لها قدرة عالية على توريث الصفات المرغوب فيها لنسلها.
    ـ إنشاء سلالات جديدة من الحيوانات الزراعية وتكوينها بإيجاد تراكيب وراثية جديدة لم تكن من قبل، تتميز بالإنتاج المرتفع والقدرة على الحياة في الشروط المحلية غير الملائمة للأنواع الأصيلة الأخرى، ولاسيما في البلاد الحارة وشبة الحارة.
    ـ نقل عوامل وراثية تمتاز بها مجموعة معينة من الحيوانات إلى مجموعة أخرى تنقصها هذه العوامل، كأن تُلقح أبقار «أَبِرْدين أَنْغِس Aberdin Angus » العديمة القرون بأبقار «هِرْفورد Herford» لإنتاج سلالة عديمة القرون، ثم تُختار الذكور عديمة القرون من الجيل الأول لتلقيح أناث من «هِرْفورد»، ثم تعاد العملية في أجيال كثيرة حتى يتم الحصول على السلالة المطلوبة.
    ـ الحصول على حيوانات تتميز بقوة الهجين لاستغلالها تجارياً في إنتاج اللحم من الأبقار أو الأغنام أو الدواجن أو الخنازير.
    ـ تستخدم التربية الخارجية لتغيير الإنتاج من سلالة إلى أخرى، كأن يحول من إنتاج اللحم إلى إنتاج الحليب أو العكس.
    ـ تُمكِّن التربية الخارجية من دراسة الصفات الكمية مثل إنتاج اللحم أو الحليب بإجراء التزاوج بين أبقار الحليب الأصيلة وأبقار اللحم الأصيلة، ودراسة سلوك الصفات في الأجيال الناتجة من هذا التزاوج.
    عيسى حسن

  10. #140
    الاصطفاء النباتي

    الاصطفاء النباتي sélection végétale مجموعة طرائق تستند إلى معالجة النباتات المزروعة معالجات وراثية لتكوين أصناف أو ضروب variétés تستجيب للمتطلبات الكمية والنوعية للإنتاج الزراعي وإكثارها.
    وقد اختلطت أصول الاصطفاء النباتي بأصول الزراعة، إذ كان الإنسان على الدوام ينتقي أفراد التكاثر انتقاء عفوياً وتجريبياً، وظل الانتقاء يجري على هذا النحو حتى منتصف القرن الثامن عشر، حين ظهرت بدايات أعمال المهجِّنين الأوائل مثل ت.آ. نيت T.A.Knight في إنكلترة (1759)، وكُلْروتر Kolreuter في ألمانية (1760).
    وابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر تبدت الطرائق الأولى العلمية والمنطقية في الاصطفاء، وتحددت فكرة الزراعة النقية والاصطفاء النَسَبي sélection généalogique.
    وجميع الأعمال التي سبقت إعادة كشف قوانين مندل (عام 1900) كانت خصبة وجيدة النتائج، وخاصة في نطاق النباتات الذاتية الإلقاح autogames التي كان التعامل فيها أكثر سهولة.
    ولكن أعمال التهجين تطورت بعد عام 1900 تطوراً عظيماً، وساعدتها الكشوف الحديثة في علم الوراثة، كما ساعدها تعزيز المبادلات الدولية في المادة النباتية. ورويداً رويداً أخذت تتجلى الأغراض الجوهرية من تحسين النباتات المزروعة، وهي أغراض يمكن تلخيصها فيما يلي:
    ـ إنتاج ضروب تبقى ثابتة الصفات في الأجيال المتعاقبة (فكرة الثبات الوراثي وتشابه اللواقح).
    ـ الوصول إلى أعظم مردود ممكن ضمن شروط الوسط الزراعي (التربة والمناخ).
    ـ الحصول على ضروب جيدة التكيف مع الوسط المحلي (مقاومة للتغيرات المناخية والأوبئة).
    ـ المحافظة على الصفات الغذائية والتقنية أو تحسينها.
    وبالاختصار يقوم الاصطفاء على اختيار ضرب نباتي «نموذجي» يجمع كل المورثات المعروفة القادرة على أن تضمن له تجاوباً كاملاً مع شروط وسط معين.
    ويشتمل الاصطفاء النباتي على نمطين متكاملين من النشاطات هما اصطفاء التحسين الذي يتيح تكوين أصناف أو ضروب جديدة، واصطفاء المحافظة المخصص لأن ينتج باستمرار بذوراً ونباتات مؤكدة النوعية الوراثية.
    اصطفاء التحسين
    ظل الاصطفاء الذي يقوم به الإنسان، مكملاً الاصطفاء الطبيعي، معتمداً على الخبرة العملية ردحاً من الزمن. ولم يصبح تحسين النباتات علماً إلا في بدء القرن العشرين، مع تطبيق القوانين الأساسية لعلم الوراثة، ويرجع التقدم الذي حصل في العقود الأخيرة من هذا القرن إلى تعاون المؤسسات العلمية المتعددة التخصصات التي ساعدت في تحسين المعرفة في مجال التعضي النباتي وفي مجال أداء الوظائف النباتية المختلفة.
    فقد أتاح علم الوراثة وعلم الخلية معرفة أسباب تكوين الصفات الوراثية وطرائق انتقالها في الأفراد والجماعات. ولقد توصل هذان العلمان إلى إيجاد تقنيات تتعلق بتبديل المادة الوراثية وبتكوين الطفرات.
    ترسيم اصطفاء النسب المحسن
    أما الفيزيولوجية النباتية فتسعى إلى فهم الوظائفالبيولوجية في النبات وتنظيمها. في حين تتيح البيولوجية النباتية التعمق في دراسة البيولوجيةالعادية للأنواع النباتية. ويأتي الاصطفاء ليساعد في البحث عن نظم بيولوجية تكاثرية جديدة كالتعقيم الذكري في أنواع هي عادة ثنائية الجنس مما يسهل عملية التهجين وإدخال التكاثرالجنسي في أنواع خضرية التكاثر مما يتيح الإفادة من قابلية تغيرها الوراثي ومزاوجة الأقارب rep.consanguine المؤقتةفي أنواع هجينية، مما يتيح تجانس المحتوى الوراثي في أخلاف هذه الأنواع (أنسالهاclones). كما تساعد الكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية في انتقاء أفراد التكاثر بما تنطويان عليه من تحريات كمية ونوعية سريعة ودقيقة. ويمكن علم الأمراض النباتي، يمكّن من معرفة بيولوجية الطفيليات وعلاقتها بالنباتات، ويتيح المكافحة البيولوجية ويحسن قدرات مقاومة النباتات. كما يمكن علم الإحصاء والمعلوماتية من إجراء القياس الحيوي التحليلي analyse biometrique للتغيرات الحاصلة بين الأفراد واستثمار المعطيات استثماراً سريعاً.
    ويعد اصطفاء التحسين من المشاريع المتجددة من دون انقطاع للأسباب التالية:
    ـ تحري العوامل الجديدة للإنتاجية تحرياً دائماً ومستمراً.
    ـ تعديل أهداف التحسين باستمرار كي تنسجم مع متطلبات المنتج والمستهلك.
    ـ تقهقر المادة الوراثية الموجودة تقهقراً بيولوجياً ممثلاً بظهور تغيرات وراثية وعروق طفيلية جديدة.
    ـ زوال الأصناف أو الضروب زوالاً سريعاً بسبب التنافس بين المصطفين في نطاقات جغرافية تتزايد في مساحتها.
    وتتلخص أغراض اصطفاء التحسين بالبحث عن أفضل الضروب المتلائمة مع شروط الوسط الخارجي من طرائق استعمال التربة، ومكننة العمليات الزراعية، وتحسين مقاومة الضروب المختارة للتقلبات الجوية، ومن أغراض الاصطفاء أيضاً اختيار أفضل الضروب المتلائمة مع شروط الوسط الداخلي من مقاومة تكاثر الطفيليات، ومقاومة المبيدات التي تسسببها الكثافة الزراعية، وتبدل البنية الريفية، وتغير الطرائق الزراعية. ومن أغراض الاصطفاء أخيراً اختيار الضروب المناسبة للشروط الاقتصادية الممثلة بمتطلبات التسويق وعادات المستهلك وحاجاته وأدواته.
    مبادئ اصطفاء التحسين: يعتمد نجاح اصطفاء التحسين على قابلية التغير الكامنة في النوع النباتي من النواحي الوراثية والزراعية، وعلى الاستجابة للاصطفاء الطبيعي أو الصنعي، وعلى صيانة المخزون الوراثي المعرض للنقص، وهذا ماتتعهده وتديره منظمات دولية تؤلف «البنوك الوراثية» التي يعتمد عليها في مجالات اصطفاء التحسين باختيار أفراد محددة مأخوذة من مجموعة غير متجانسة من الناحية الوراثية، أما الفوارق الناجمة عن شروط الوسط فليس لها من قيمة في هذا المضمار.
    ويتم البحث عن التغيرات الوراثية المفيدة في عملية اصطفاء التحسين بدراسة أنسال الأفراد المصطفاة، وهذا ما يعرف باصطفاء النسب. وتبوح الأنواع بقابلية التغير الكامنة فيها كلما زادت سعة التهجين بين أفرادها أو مجموعاتها المختارة على أساس تكامل صفاتها. وتتحكم طريقة تكاثر النوع النباتي في عملية تثبيت التغير الوراثي المنشود بعد التهجين.
    التهجين بين الأنواع: يعمد إلى الاصطفاء النباتي بالتهجين بين أفراد أنواع تلقائية برية وأفراد أنواع مزروعة كلما غابت المورثات المرغوب فيها في النوع الزراعي المطلوب تحسينه. ولكن تحقيق التوازن الوراثي بين أنواع مختلفة كثيراً ما يؤدي إلى تكوين هجن عقيمة إذا قدر للهجن الاستمرار في الحياة، ومرد ذلك إلى اختلاف في الأنواع الهجينة. وإذا ما كان الهجين قادراً على التكاثر الجنسي فيجب تخليصه من الصفات البرية أو التلقائية غير المرغوب فيها.
    وقد مكّن التقدم في نطاق علم الوراثة الخلوي من إدخال صبغيات في أفراد الضروب المحسنة أو إدخال قطع من صبغيات حاملة للصفات المنشودة.
    وقد يؤدي التهجين بين الأنواع إلى تكوين أنواع جديدة متعددة الأصول كالقمح ـ الشيلم الناتج من تهجين القمح triticumوالشيلم secale، والكولزة colza المقاوم للبرد والقليل التركيز بالحمض اللينوليني.
    الطفرات mutations: يستند تدجين الأنواع النباتية وتحسينها اللاحق استناداً أساسياً إلى استثمار الإنسان طفراتٍ وراثيةً طبيعيةً أو مُسبَّبَةً. وتبقى هذه الطفرات الوسيلة الأخيرة لتكوين قابلية تغير تبدو غير كافية في النوع الواحد. ويمكن أن تكونالطفرة تغيراً في المورثات (طفرة نقطية)، أو في قطع من الصبغيات (طفرة قِطْعية)، أو في المجموع المورثي génome.
    تحدث الطفرت النقطية بعدة طرائق صنعية أكثرها شيوعاً استعمال الأشعة فوق البنفسجية وأشعة x وأشعة y والنترونات والبروتونات والنظائر المشعة وأشباه القلويات والبيروكسيدات. ويؤدي استعمال مولدات الطفرات النقطية إلى إصابة النبات المعالج ببعض الأضرار ولكن استخدام هذه الطرائق قد مكّن من استنباط ضروب من الرز قصيرة القِشة طويلة الحبة، كما حوّل لون بعض الثمار والأزهار إلى ألوان مرغوب فيها من الناحية التسويقية.
    أما طفرات المجموع المورثي فهي كثيرة في الطبيعة في الأنواع المزروعة كالبطاطا وعدد كبير من النباتات الرعويةالمتعددات الصيغة الصبغية التي تؤدي إلى العملقة الناتجة من زيادة قدّ الخلايا، وإبطاء النمو، وانخفاض الضغط الحلولي، وزيادة الحساسية بالبرد، وتناقص عدد البذور، ولذا تستخدم طفرات المجموع المورثي في الأنواع المرغوب فيها في مجال استعمال أجزائها الخضرية كجذور الشمندر، والأغصان والأوراق في النباتات العلفية.
    وتقابل طفرات متعددات الصيغة الصبغية باستخدام أفراد أحادية الصيغة الصبغية haploïdie مكونة من صبغيات وحيدة، يستحصل عليها باستنبات نباتات عِرسية gamétophyte أنثوية من دون إلقاح ناتجة من البييضات، أو من نوى الكيس الجنيني، أو من التأبير بغبار طلع أُخمدت فعاليته باستعمال أشعة x أو N2O، أو تحري أجنة توائم بكرية التكاثر. كما يمكن الحصول على أفراد أحادية الصيغة الصبغية بإكثار خلايا النبات العِرسي الذكري بإكثار حب الطلع وزراعته في الزجاج in-vitro. وقد استخدمت هذه الطريقة في تحسين ضروب البطاطا والتبغ والبندورة والفليفلة، ويمكن أن تعتمد طريقة أحادية الصيغة الصبغية طريقةً أساسيةً في تحسين عملية الاصطفاء النباتي لأنها تمثل وسيطاً قوياً وأساسياً من وسائط التحليل الوراثي ووسيلةً سريعةً مُعتمدةً في الحصول على نباتات متشابهة اللواقح.
    طرائق اصطفاء الأفراد المحسنة: تصطفى الأفراد المُحسنة اعتماداً على طرائق تكاثرها وتقوية هجنها.
    مزارعون في سورية ينتخبون سلالات شعير وفقاً لمعاييرهم الخاصة بالتعاون مع إيكاردا
    فمن طرائق التكاثر ماهي ذاتية الإلقاح كالقمح والشعير والشوفان والكتان والبزلياء والفاصولياء وغيرها. ومن طرائقالتكاثر ما هي غيرية الإلقاحallogames كالشوندر والذرة والشيلم والفصفصة والبرسيم والكرنب والملفوف وغيرها. ومن طرائق التكاثر ماتكون مزيجاً من ذاتية الإلقاح وغيريته أو خضرية التكاثر، كما في البطاطا والكرمة وعدد من الأشجار المثمرة وغيرها.
    ومن طرائق تقوية الهجين ما هو منتشر في أكثر الأنواع الغيرية الإلقاح وبعض النباتات الذاتية الإلقاح جزئياً كالذرة والفول المصري التي يؤدي التهجين إلى زيادة في نشاطاتها الحيوية وتنوع في صفاتها المتغايرة، وهذا ما يعرف بقوة الهجين heterosisالتي تساعد في تقوية الصفات المورفولوجية وتدعيم الصفات الفيزيولوجية المؤدية إلى زيادة المردود.
    اصطفاء الأنواع الذاتية الإلقاح: الغرض المألوف من التحسين هو تكوين ضروب صافية نقية. ويرجع النقاء الوراثي هنا إلى تشابه اللواقح homozygotie الذي يُحصل عليه بالإلقاح الذاتي. وترافق هذا التشابه باللواقح خواص من التجانس والثبات تجعل الضروب الجديدة متكيفة مع متطلبات توحيد المعايير ومتطلبات المكننة في الزراعة الحديثة.
    ويجري الاصطفاء في مرحلتين. أما المرحلة الأولى فهي إحداث التغير الوراثي بالتهجين بين الضروب. فالمصطفي الذي يتصرف بسلالات نقية موجودة من قبل، ويختلف بعضها عن بعض، يحاول جمع الصفات المفيدة في ضروب متكاملة بجمعها في طابع وراثي هجين.
    وانتقاء أفراد التكاثر هو شيء أساسي، ويكون هجين الجيل الأول متجانساً؛ ولكنه يشتمل على التغير كامناً في بنيته التي هي مختلفة اللواقح في الأصل. وقابلية التغير هذه «ستتفجر» في الأجيال التالية التي سيتناولها الاصطفاء.
    باحثون من المغرب وإيكاردا يجمعون أنواعاً رعوية في أحد المواقع بالمغرب
    وأما المرحلة الثانية فهي استخدام التغير ثم حذفه. واستثمار التعدد الذي يظهر في الجيل الثاني، وعزل الأنماط غير المناسبة عزلاً تدريجياً بالاصطفاء النَسَبي أي بانتقاء نباتات ثم بانتقاء أخلاف يُفصَل بعضها عن بعض.
    ويرافق هذا الانتقاءَ المتدرجَ حذفٌ تدريجي آلي للتغير عن طريق التكاثر العادي بالإلقاح الذاتي في النوع النباتي. ذلك أن نسبة المورثات التي تكون في حالة تخالف اللواقح تختزل في كل جيل بنسبة 50%، وسيظهر تشابه اللواقح عملياً على هذا النحو بعد تسعة أجيال أو عشرة.
    ويستدل على الفصائل أو السلالات الجديدة الناتجة من عملية الاصطفاء بدءاً من الجيل السادس بالمقارنة بينها وتخير أحسنها ومقارنته بضروب شاهدة.
    اصطفاء النباتات الغيرية الإلقاح: يتم اصطفاء النباتات الغيرية الإلقاح بإخضاعها إلى إلقاح ذاتي قسري، يتم يدوياً في الغالب، ويعطي ضروباً صافية من الناحية التكوينية الوراثية وضعيفة من الناحية التكاثرية الجنسية. ولتجنب هذا الضعف التكاثري الجنسي، يتم تهجين الضروب الصافية الناتجة أصلاً من الإلقاح الذاتي القسري بعضها ببعض، وهكذا يحصل على تكوينات وراثية جديدة متجانسة الجيل الأول كأبويها، ومتمتعة بقوة تكاثرية جنسية مستمدة من هجونتها، وقادرة على العيش في شروط بيئية جديدة لاختلاف أصول أنماطها البيئية.
    إن مثل هذه العمليات الاصطفائية تكون صعبة التطبيق في النباتات العلفية النجلية والقرنية لصعوبة توفير تشابه اللواقح ولصعوبة خصي الأزهار الخُناث.
    اصطفاء النباتات ذات التكاثر الخضري: التكاثر الخضري هو طريقة تكاثرية محافظة في جوهرها على المكونات الوراثية لأن ضر وبها المزروعة هي نسائل أو مجموعات أفراد متماثلة المكونات الوراثية لعدم تعرضها للتكاثر الجنسي.
    يتم اصطفاء النباتات ذات التكاثر الخضري باخضاعها أولاً إلى التكاثر الجنسي لزيادة رصيد تكوينها الوراثي، ثم بتهجين الأفراد الناتجة من التكاثر الجنسي ثانياً لترسيخ الصفات الملائمة المرتبطة بالمكونات الوراثية، وبإعداد الطفرات لتوسيع قدرات المكونات الوراثية، وبالعودة إلى التكاثر اللاجنسي للحصول على أفراد محافظة على مكوناتها الوراثية. يتطلب إجراء هذه العمليات زمناً طويلاً مرده إلى ضعف التكاثر الجنسي في المرحلة الثانية في الأنواع الحولية كالبطاطا وغيرها من النباتات الزهرية وإلى طول مدة كل جيل من التكاثر في الأشجار المثمرة.
    تسجيل الضروب الجديدة في الجداول الرسمية: تخضع الضروب الجديدة إلى اختبارات محددة في قوانين كل بلد. ومن أبرز هذه الاختبارات تحديد المكونات الوراثية للضرب الجديدة وبيان نقاوة هذه المكونات ومقاومتها للأوبئة والأمراض، وأهميتها الاقتصادية والتسويقية، ثم تسجل في الجداول الرسمية للأنواع والضروب المزروعة وغاية هذه الجداول حماية الضروب النباتية التي تنظم الحصول عليها اليوم اتفاقية التنوع الحيوي الصادرة عن مؤتمر قمة الأرض لعام 1992 والتي تركز على صيانة التنوع الحيوي وعلى سيادة الدول على مواردها الحيوية.
    اصطفاء المحافظة: يهدف اصطفاء المحافظة إلى إنتاج الغراس والبذور اللازمة للزراعة، والمحافظة على نقاوة مكوناتها الوراثية، ووقايتها من الطفيليات والأمراض الفيروسية. إنَّ استبقاء السلالات الصافية يعدُّ أمراً سهلاً في حالات الغراس أو البذور الذاتية الإلقاح، ولكن مثل هذه الأمور تكون عسيرة في حالات النباتات الغيرية الإلقاح، لذا يتطلب الأمر في هذه الحالات سن الضوابط لقواعد الإنتاج والمراقبة، وتكليف لجان رسمية بهذا الأمر، يعمل في هذه اللجان أشخاص أكفياء هدفهم صيانة الهوية الوراثية للضروب وتحاشي تغيير مكوناتها، وتوفير إنتاج الكميات من الغراس والبذور التي تتطلبها الأسواق المحلية والدولية.
    حامد كيال

صفحة 14 من 146 الأولىالأولى ... 41213 1415162464114 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال