صفحة 74 من 146 الأولىالأولى ... 24647273 74757684124 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 731 إلى 740 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 74

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322135 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #731
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    النزف الهضمي

    يقصد بالنزف الهضمي خروج الدم من أوعية أحد أجزاء الأنبوب الهضمي وانسكابه في اللمعة المعدية المعوية.
    يتظاهر النزف الهضمي عادة بقياء دموي أو براز مدمى، لكن كمية الدم النازف تختلف من حالة إلى أخرى.
    يقسم النزف الهضمي بحسب موقع الآفة النازفة إلى قسمين:
    ـ النزف الهضمي العلوي: هو النزف الذي تسببه آفة واقعة في القسم العلوي من أنبوب الهضم، أي في المري أو المعدة أو العفج. يتظاهر النزف العلوي بقياء دموي أحمر اللون أو أسود، أو بتغوط دموي أسود اللون، أو كلا الأمرين معاً. يشير القياء الدموي المنعزل أو المترافق بتغوط أسود إلى حدوث نزف جسيم.
    ـ النزف الهضمي السفلي: هو النزف الناجم عن آفة موضعة في الأمعاء الدقيقة (الصائم أو اللفائفي) أو في القولونات والمستقيم. يتظاهر النزف في هذه الحالة ببراز مدمى يأخذ لوناً أحمر في كثير من الحالات، إلا أنه يميل إلى السواد كلما ابتعد موقع الآفة عن المستقيم.
    قد يتظاهر النزف الغزير أحياناً بالأعراض الدالة على خسارة الدم الحادة فقط، كالزلة والغشي وحالة الصدمة، إلا أن النزف قد يكون خفيفاً مزمناً في بعض الحالات لا يمكن كشفه إلا بتحّري الدم مخبرياً في البراز، ويتظاهر حينئذ بأعراض فقر الدم.
    يصعب تقدير شدة النزف استناداً إلى أقوال المريض أو مرافقيه، لأن الدم الذي يخرجه المريض عن طريق الفم أو الشرج لا يمثل سوى جزء قليل من الدم الذي فقده في الواقع. يساعد الفحص السريري على تقدير شدة النزف، فالشحوب وتسرع النبض وضعفه وهبوط الضغط الشرياني كلها علامات تدل على أن كمية الدم المفقودة كبيرة، كما أن الوهط الدوراني الناشئ من ذلك قد يكون خطيراً يودي بالحياة إذا لم يُعالج المريض بسرعة.
    إن تعويض حجم الدم هو الخطوة الأولى في إنعاش المريض النازف بتسريب أحد السوائل في الوريد. ولا شك أن نقل الدمالكامل هو الحل الأمثل لتعويض الدم النازف، وفي حالة عدم توافر الدم يُحقن أحد السوائل الأولى كالمصل الفيزيولوجي أو البلازما أو موسعات حجم البلازما plasma volume expanders بكميات تتناسب مع حجم الدم المفقود مع مراقبة العلامات الحيوية للمريض ولاسيما سرعة النبض ودرجة الضغط الشرياني.
    بعد أن يقوم الطبيب بإنعاش المريض عليه أن يعمد إلى تعيين مصدر النزف إن كان في الجزء العلوي من أنبوب الهضم، أو في الجزء السفلي منه؛ لما لذلك من أهمية في توجيه الاستقصاءات التالية التي تهدف إلى تشخيص الآفة المسببة، وتحديد موقعها بدقة. يشير القياء الدموي المنعزل أو المترافق بالتغوط الدموي الأسود إلى أن مصدر الدم واقع في الجزء العلوي من أنبوب الهضم. وفي الحالات الغامضة يفيد تنبيب المعدة ورشف محتوياتها في تأكيد المنشأ العلوي للنزف إذا احتوت الرشافة على الدم. إما إذا كانت الرشافة خالية من الدم أمكن نفي المصدر المعدي أو المريئي للدم، ويبقى قائماً احتمال كونه ناجماً عن آفة في العفج.
    في حالة النزف الهضمي العلوي يساعد استجواب المريض وفحصه السريري على توجيه التشخيص نحو آفة معينة سببت النزف، ولكن لا يمكن التأكد من طبيعة هذه الآفة وتحديد مكانها على الضبط، إلا باستخدام التنظير الهضمي العلوي، الذي يجب أن يُجر بعد أن تستقر حالة المريض السريرية. وينطبق الأمر ذاته على حالات النزف الهضمي السفلي، إذ يمكن للفحص السريري والاستجواب توجيه التشخيص نحو آفة معينة. ويتأكد الأمر بإجراء بعض الفحوص المتممة الأخرى ولاسيما تنظير السين الحرقفي والمستقيم، أو تنظير القولون الشامل. كما يفيد تصوير الأمعاء الدقيقة والقولون شعاعياً في تعين الآفة المسببة.
    تتعدد أسباب النزف الهضمي العلوي، لكنّ أكثر الآفات إحداثاً للنزف هي القرحة الهضمية التي يمكن أن تتوضع في المعدةأو في البصلة الاثنى عشرية (أي الجزء الأول من الاثنى عشرية) وتسبب النزف في أكثر من خمسين بالمئة من الحالات. ومن الأسباب المهمة أيضاً تمزق دوالي المري، وهي توسعات في أوردة المري تحدث عند المصابين ببعض الأمراض ولاسيما تشمع الكبد. ويكون النزف في هذه الحالات جسيماً عادة وذا إنذار سيئ. ومن الأسباب الشائعة أيضاً التهاب المعدة التآكلي الذي ينجم في بعض الحالات عن تناول الأدوية ولاسيما مضادات الالتهاب غير الستروئيدية. أما أورام المعدة والمريء الخبيثة والسليمة فقلّ أن تكون السبب في حدوث نزف عياني.
    إن أسباب النزف الهضمي السفلي متعددة يأتي في مقدمتها من حيث ارتفاع النسبة: البواسير والشقوق الشرجية، ومنها رتوج القولون وأورام القولون السليمة والخبيثة (سرطان القولون) والتهاب القولون التقرحي وأورام المعي الدقيق.
    أما فيما يخص المعالجة فإنها تتضمن إنعاش المريض في المرحلة الأولى، ومن ثم معالجة الآفة المسببة للنزف. وإذا لم يتوقف النزف من القرحة الهضمية تلقائياً ـ وهو الغالب ـ يمكن إيقافه حينئذ عن طريق الكي الحراري أو الكهربائي، أو وضع مشابك معدنية حول القرحة النازفة، ويتم ذلك كله عن طريق التنظير الباطن. أما النزف من دوالي المري فيعالج بحقن بعض المواد المصلبة في الدوالي النازفة، أو بربط الدوالي نفسها بحلقات من المطاط، ويتم ذلك عن طريق التنظير الباطن أيضاً. وتعالج الآفات الأخرى المسببة للنزف بحسب الحالة.
    زياد درويش

  2. #732
    النزف السحائي

    المقصود بالنزف السحائي ذلك النزف الذي يحدث بين الطبقات السحائية، وهي ثلاث طبقات تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وتقع بينهما وبين البنى العظمية المحيطة بهما (الجمجمة والقناة الفقرية). والطبقات السحائية من الخارج إلى الداخل هي: الجافية dura، والعنكبوتيةarachnoid، والحنونية pia.
    وعليه تقسم النزوف ضمن هذه الطبقات إلى أنواع رئيسة ثلاثة (وهي من الخارج إلى الداخل): النزف فوق الجافية، والنزف تحت الجافية، والنزف تحت العنكبوتية.
    نزف فوق الجافية
    نزف تحت الجافية «صورة طبقية محورية»
    نزف تحت العنكبوتية «صورة طبقية محورية»
    تصوير شرايين يظهر وجود أم دم قمة الشريان القاعدي
    ـ النزف فوق الجافية: وهو نزف يحصل بين الجمجمة والجافية (الطبقة الخارجية من السحايا).
    يحدث هذا النوع من النزف في نحو 1% من المرضى الذين يدخلون المشفى بسبب رضّ دماغي، وينتج عادة من حدوث كسر في المنطقة الصدغية الجدارية من الجمجمة. مما يؤدي إلى تمزق الشريان السحائي المتوسط وحدوث النزف. وفي قلة من الحالات يكون منشأ النزف من الأوردة (وليس الشرايين) السحائية.
    الأعراض: يحدث في الحالات الوصفية فقدان وعي عابر بعد الرضِّ الدماغي، ومن ثم يستعيد المريض وعيه وتجاوبه مدة عدة ساعات، وبعدها يعود الوعي إلى التدهور مع حدوث ضعف شقي مقابل واتساع في حدقة العين في الجانب الموافق للنزف. وجدير بالذكر أن هذه الأعراض التقليدية تحدث على هذا النحو في 10ـ25% من الحالات فقط. ومن الأعراض الأخرى الصداع والإقياء والاختلاجات. قد تؤدي الحالة إلى الوفاة نتيجة انضغاط مراكز دماغية حساسة (كتلك المسؤولة عن التنفس) إن لم يعالج النزف.
    التشخيص: قد تبدي الصورة البسيطة للجمجمة وجود كسر. لكن الاختبار الأمثل للتشخيص هو التصوير الطبقي المحوري للدماغ CT.scan، فهو يُظهر النزفعلى شكل منطقة عالية الكثافة محدبة من الجهتين ومحاذية للجمجمة.
    العلاج: تستعمل أحياناً الأدوية التي تخفف الوذمة والانضغاط الدماغي (مثل الستيروئيدات) [ر. الوذمة الدماغية]، أما التدبير الأساسي في الحالات الحرجة فهو الجراحة العاجلة، وفيها يتم تفريغ النزف وتخثير المناطق النازفة وغيرها من الإجراءات في أثناء العمل الجراحي، لمنع إعادة تجمع الدم والسوائل.
    الإنذار: تقدر نسبة الوفيات بنحو20ـ 55%. وتنخفض هذه النسبة في حال التشخيص والمعالجة العاجلين إلى 5 ـ10%.
    ـ النزف تحت الجافية: وفيه يتجمع الدم بين الجافية والدماغ. وهو أكثر شيوعاً من النزف فوق الجافية بنحو 10 مرات. ويحدث عادة عندما يؤدي رضّ دماغي إلى تمزق أحد (أو بعض) الأوردة التي تعبر الفراغ تحت الجافية. ومن العوامل المؤهبة لحدوث هذا النوع من النزف وجود ضمور دماغي أو انخفاض الضغط داخل القحف (إذ تؤدي هاتان الحالتان إلى تمطط الأوردة في الفراغ تحت الجافية مما يجعلها أكثر عرضة للتمزق)، ومن العوامل الأخرى اضطرابات التخثر والكحولية.
    الأعراض: تميل الأعراض إلى أن تكون غير نوعية، فهي تتأثر فيما إذا كانالنزف حاداً أو مزمناً. ومن الأعراض: الصداع واضطراب بدرجة الوعي، واضطرابات التركيز والذاكرة، وأعراض موضّعة (كضعف أحد شقي الجسم والاختلاجات البؤرية) وغير ذلك.
    التشخيص: يعتمد رئيساً على تصوير الدماغ (التصوير الطبقي المحوري والرنين المغنطيسي MRI)، وفيه يظهر النزف عادة على شكل تجمع هلالي بين الجمجمة والدماغ.
    العلاج: يختلف العلاج باختلاف حجم النزف وسرعة تشكله والأعراض الناتجة منه. ففي بعض حالات النزف المزمن قد تكفي المعالجة الدوائية (مثل إعطاء مضادات الاختلاج، وإيقاف مميعات الدم)، أما في حالات أخرى مثل النزف تحت الجافية الحاد الذي تزيد سماكته عن سنتمتر واحد فينبغي تفريغه جراحياً.
    ـ النزف تحت العنكبوتية: وفيه يحدث النزف ضمن الطبقة السحائية العنكبوتية. وأكثر الأسباب شيوعاً هو رضوض الدماغ، أما حالات النزف غير الرَّضِّيّ فتنتج عادة من انفجار أم دم aneurysm (وهي توسع كيسي غير طبيعي في شريان أو أكثر). ومن الأسباب الأخرى التشوهات الشريانية الوريدية، والتهاب الأوعية، وتسلخ الشرايين، واعتلالات التخثر، وخثار الجيوب الوريدية، وفقر الدم المنجلي، وتمزق شريان سطحي صغير. ويبقى السبب مجهولاً في نحو 14ـ22% من الحالات. وفيما يأتي نبذة عن النزف تحت العنكبوتية الناتج من أمهات الدم لكونه الأهم بينها.

    الأعراض: أهم الأعراض الصداع، وعادة ما يكون فجائياً وشديداً وكثيراً ما يترافق بالغثيان والإقياء والانزعاج من الضياء، والآلام في العنق. ومن الأعراض الأخرى حدوث إصابات بالأعصاب القحفية (ولاسيما الأعصاب المحركة للعين) وآلام أسفل الظهر.
    التشخيص: يعتمد بصفة رئيسة على تصوير الدماغ، ومن أكثر طرق التصوير استعمالاً التصوير الطبقي المحوري (الشكل3)، وبدرجة أقل المرنان المغنطيسي. وجدير بالذكر أن تصوير الدماغ قد يخفق في إظهار النزف في نحو 5% من المرضى، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى استقصاء آخر هو البزل القطني للسائل الدماغي الشوكي. وتظهر دراسة السائل وجود أعداد كبيرة من الكريات الحمر، مما يثبت حدوث النزف.
    مبدأ العلاج الجراحي لأم الدم الشريانية، تطبيق مايشبه الملقط المعدني Clip الذي يطبق على أمالدم مما يخثر الدم ضمنها ويمنع توسعها وانفجارها معالجة ام الدم بواسطة القثطرة
    كما يتم عادة إجراء تصوير الشرايين (بالقثطرة أو بالمرنان المغنطيسي) لدراسة وجود تشوهات وعائية من أمهات دم وغيرها.
    العلاج: يعدّ النزف تحت العنكبوتية حالة إسعافية، ويؤدي إلى الوفاة في نحو نصف المرضى (وذلك في الحالات الناتجة من أم دم).
    يتم عادة قبول المرضى في وحدة العناية المشددة لمراقبة ضغط الدم، وإعطاء السوائل الوريدية والأدوية المسكنة والمضادة للاختلاجات والمضادة للوذمة الدماغية (حسب الحالة)، وكذلك الأدوية المضادة للتشنج الشرياني (فقد يؤدي النزف إلى حدوث تخريش وتضيق في شرايينالدماغ مما قد يسبب حدوث نقص تروية دماغية)، أما العلاج الأساسي لمنع تكرار النزف فهو معالجة التشوه الوعائي في حال وجوده.
    طارق وزان

  3. #733
    النزف الدماغي

    النزف الدماغي أو النزف داخل المخ intracerebral hemorrhage هو نزف يحصل داخل النسيج الدماغي، ويؤلف نحو 10% من السكتاتstrokes الدماغية. وفيما يأتي لمحة عن النزف الدماغي لدى البالغين.
    يحدث النزف الدماغي بمعدل 12ـ15 حالة في كل مئة ألف شخص سنوياً، ويجري عادةً في أثناء فترة الصحو والحركة، وربما كان لذلك علاقة بارتفاع ضغط الدم الشرياني أو جريان الدم الدماغي. والأسباب كثيرة منها:
    ـ فرط الضغط الشرياني: الحاد والمزمن.
    ـ التحول النزفي للاحتشاءات الدماغية: يؤدي نقص التروية في منطقة ما من الدماغ إلى تخريب الخلايا وموتها في تلك المنطقة، بما فيها الخلايا التي تشكل جدران الأوعية الدموية، مما قد يسبب خروج الدم من الأوعية (في مرحلة لاحقة) وحدوث ما يدعى بالتحول النزفي hemorrhagic transformation.
    ـ التشوهات الوعائية: منها التشوه الشرياني الوريدي، وأمهات الدم، والتشوهات الوريدية.
    ـ اعتلالات الأوعية: منها اعتلال الأوعية النشواني amyloid angiopathy، وهو من الأسباب المهمة لنزوف الدماغ عند المسنين. ومنها أيضاً ما يدعى بالتنكس الشحمي الهياليني lipohyalinosis الذي ينتج عادة من فرط الضغط الشرياني، ويؤدي إلى ضعف في جُدُر الشرايين الدماغية الصغيرة ويجعلها عرضة للنزف.
    ـ أورام الدماغ: خاصة الخبيثة (ومنها الأورام الدماغية البدئية والنقائل).
    ـ اعتلالات التخثر: سواء الناتجة من الأدوية (المميعات) أو من أمراض معينة (كابيضاض الدم ونقص الصفيحات وغيرها).
    ـ الأخماج.
    ـ خثار الأوردة الدماغية.
    ـ بعض الأدوية المخدرة والكحول (إذا تجاوز استهلاكه كميات معينة).
    ـ الرضوض.
    ـ الانسمام الحملي.
    ـ الجراحة: الجراحة الدماغية وتجريف بطانة الشريان السباتي.
    ـ سبب مجهول.
    صور طبقية محورية للدماغ تظهر بعض الأماكن التشريحية التقليدية لحدوث النزف الدماغي
    الأعراض: هناك أعراض تنتج من فرط التوتر داخل القحف (صداع وغثيان وإقياء وتغيم في الوعي واضطرابات التنفس وأحياناً الوفاة)، وأعراض تنجم عن تأذي وظيفة الجزء من الدماغ الذي حدث فيه النزف. وتختلف هذه الأعراض باختلاف مكان النزف، ومنها الخزل الشقي والعمى الشقي واضطراب التوازن والكلام وحركات العينين.
    يكون بدء الأعراض عادةً فجائياً وكثيراً ما تستمر بالترقي على مدى ساعات (وربما بقيت يوماً أو يومين أحياناً).
    التشخيص: يعتمد التشخيص على تصوير الدماغ الطبقي المحوري أو بالمرنان المغنطيسي.
    وبحسب مواصفات النزف في الصورة الدماغية وتبعاً للقصة السريرية ومعطياتها يقوم الطبيب بتحديد سبب حدوث النزف، وقد يحتاج أحياناً إلى استقصاءات أخرى لتحديد السبب (تحاليل دموية أو تصوير شرايين بالقثطرة وغير ذلك).
    العلاج: يتم قبول المريض عادة في وحدة العناية المشددة. وعموماً ينقسم العلاج إلى قسمين: العلاج المحافظ أو المداخلة الجراحية، وذلك حسب عوامل عدة منها عمر المريض وحالته السريرية وتوقيت حدوث النزف ومكانه وحجمه. يُتّبع العلاج المحافظ (الدوائي) في كل من الحالات الميؤوس منها، والحالات التي تكون الإصابة فيها طفيفة أو مستقرة، والحالات التي يكون فيها التدخل الجراحي صعباً من الناحية التقنية نتيجة مكان النزف.
    أهم أسس العلاج المحافظ هو مراقبة العلامات الحيوية والحالة السريرية للمريض ولاسيما معالجة ضغط الدم الشرياني وفق معايير تختلف باختلاف حالة كل مريض وسبب النزف لديه.
    ومن العلاجات الأخرى التي قد يلزم استخدامها: مضادات الوذمة الدماغية ومضادات الاختلاج (وفق الحالة).
    أما إذا كان النزف قابلاً للتدخل الجراحي من الناحية التقنية (أي إنه نزف سطحي) وحالة المريض السريرية في تدهور، إنما غير ميؤوس منها، فينبغي من حيث المبدأ تفريغ النزف جراحياً.
    الإنذار: يختلف تبعاً لحالة المريض السريرية عند دخوله المشفى وحجم النزف ومكانه وعوامل غيرها. ولذا فإن نسبة الوفيات تراوح عموماً من 20ـ90%.
    طارق وزان

  4. #734
    النزف الولادي

    النزوف الولادية obstetrical hemorrhage هي النزوف التي تصيب الحامل بسبب الحمل في أثناء الحمل أو الولادة أو عواقب الولادة.
    لذلك لا تعّد من النزوف الولادية النزوف الحادثة في أثناء الحمل بسبب آخر كالنزف الحادث عن إصابة الحامل بسرطان عنق الرحم مثلاً.
    تختلف أسباب النزوف الولادية باختلاف الزمن الذي يحدث فيه النزف.
    1ـ النزوف الحادثة في الأشهر الأولى من الحمل:
    ـ الإجهاض abortion: هو خروج محصول الحمل قبل بلوغه المرحلة التي يكون فيها قابلاً للحياة (عمر الحمل أقل من 180 يوماً أو وزن الجنين أقل من 500غ).
    أسباب الإجهاض كثيرة بعضها في الحامل (منها الأسباب الخلقية في الرحم وأورام الرحم ونفوذ فوهته الباطنة، والقصور الهرموني النخامي أو المبيضي أو الدرقي، ونقص التغذية والأمراض الخمجية والسكري والرضوض) وبعضها في محصول الحمل (منها الشذوذات الصبغية والحمول المتعددة).
    أول ما يشير إلى بدء حدوث الإجهاض النزف الذي يبدأ بسيطاً ثم يشتد تدريجياً ويرافقه الألم وتسمى هذه المرحلة «التهديد بالإجهاض»، وقد تفيد المعالجة هنا إن كان السبب عارضاً ومحصول الحمل سليماً فتتوقف الأعراض وتتراجع ويكمل الحمل سيره، أو لا تفيد المعالجة ويزداد النزف ويشتد الألم وتسمى هذه المرحلة «الإجهاض الوشيك»، وتؤدي تقلصات الرحم ـ التي يدل عليها الألم ـ إلى فتح عنق الرحم وتسمى هذه المرحلة «الإجهاض في طور الحصول»، ثم يندفع محصول الحمل جميعه خارج الرحمويكون الإجهاض عندها «تاماً»، أو تبقى في الرحم أقسام من محصول الحمل ويكون الإجهاض «ناقصاً» ويستمر النزف والألم في هذه الحالة حتى تُستخرج البقايا صنعياً.
    ـ الرحى العدارية :hydatidiform وهي استحالة الزغابات الكوريونية استحالة كيسية، وإذا استولت هذه الاستحالة على كل الزغابات قيل: إن الرحى كاملة، أما إذا استولت على جزء من الزغابات وبقي قسم من المضغة يكمل سيره فيقال: إن الرحى ناقصة وترافق حينها جنيناً حياً يستمر حتى نهاية الحمل.
    تُرى الرحى الكاملة بشكل كتلة كبيرة رخوة القوام ذات لون وردي، مؤلفة من عدد كبير جداً من الكيسات التي تشبه حبات العنب التي يراوح قطرها بين أقل من ملمتر وبضعة عشر ملمتراً يتصل بعضها ببعض بنبيبات دقيقة فتشبه الكتلة جميعها عنقود العنب، ولذلك يسمي العامة هذه الآفة «الحمل العنقودي».
    أسبابها غير معروفة ويغلب أن تكون ناجمة عن عيب صبغي.
    من أعراض الرحى النزف المختلف الكمية عدا شدة الأعراض الودية في بدء الحمل وزيادة حجم الرحم التي لا تتناسب مع سن الحمل وارتفاع مستوى المنميات التناسلي BHCG ارتفاعاً كبيراً، وما يؤكد الآفة الفحص بالصدى أو انطراح عنبات الرحى الوصفية مع الدم النازف ورؤيتها بالعين المجردة.
    يجب إفراغ الرحم حين تشخيص الرحى العدارية، والتأكد من فراغها الكامل ثم متابعة الحامل بعيار المنميات التناسلية بفترات قصيرة والتأكد من هبوطها إلى الحد الطبيعي. ويدل عدم هبوطها واستمرار النزف على تحول الرحى إلى ورم خبيث هو الورم الكوريوني الظهاري chorioepithelioma.
    ـ الحمل خارج الرحم أو الحمل الهاجر ectopic pregnancy: هو تعشيش البيضة الملقحة في خارج الرحم في أحد أقسام البوق على الأغلب ونادراً على المبيض أو حتى على الثرب epiploon في جوف الصفاق peritoneum العام. يحدث هذا الحمل نتيجة إصابة البوق بآفة تمنع البيضة الملقحة من المرور فيه حتى تصل إلى الرحم وتعشش في مكانها الطبيعي.
    تبدو هذه الآفة بألم في إحدى الحفرتين الحرقفيتين حيث يوجد الحمل ونزف يبدأ قليلاً ثم يزداد، وإذا استمر الحمل لم يستطع البوق salpinx مجاراته في النمو فيتمزق ويحدث عدا النزف الخارجي من المهبل نزف داخلي شديد تسوء معه الحالة وقد يؤدي إلى حدوث صدمة.
    يشخص الحمل خارج الرحم استناداً إلى هذه الأعراض وإلى صغر حجم الرحم عن حجمه في السن المفترض، ووجود كتلة مؤلمة في أحد الرتجين الجانبيين، وامتلاء رتج دوغلاس مع ألم شديد. ويجب التفريق بين هذه الآفة والإجهاض بمراحله المختلفة والرحى العدارية استناداً إلى أعراض كل منها وإلى الفحص بالصدى وعيار المنميات.
    معالجة الحمل خارج الرحم جراحية، بالجراحة التقليدية أو التنظيرية، وإذا شُخِّصت الآفة قبل انفجار البوق يمكن إعطاء الميتوتركسات الذي يوقف محصول الحمل عن النمو ويمتص تدريجياً.
    2ـ النزوف في أشهر الحمل الأخيرة: يحدث النزف لأحد الأسباب الآتية:
    ـ ارتكاز المشيمة المعيب placenta praevia: المكان الطبيعي لارتكاز المشيمة هو قعر الرحم، ولكنها ترتكز أحياناً في منطقة أدنى من ذلك حتى تبلغ القطعة السفلية للرحم فتغطيها بدرجات مختلفة وتوصف لذلك بأنها جدارية، فهامشية، فقرب المركزية، فمركزية، وذلك حين تغطي المشيمة فوهة عنق الرحم الباطنة تغطية كاملة. ولما كانت القطعة السفلية تتمدد سريعاً في الأشهر الأخيرة من الحمل ولا تتمكن المشيمة المرتكزة عليها عن مجاراتها في هذا التمدد فإنها تنفصل عنها ويؤدي هذا الانفصال إلى انفتاح الأوعية الدموية وحدوث النزف:
    يتصف النزف في ارتكاز المشيمة المعيب بأنه عفوي ليلي غير مؤلم يشتد تدريجياً. والنزف بصفاته هذه هو العرض الوحيد لهذه الآفة، ويُؤَكد التشخيص بالفحص بالصدى.
    يُعالج ارتكاز المشيمة المعيب بالراحة لتخفيف النزف مع المراقبة، فإن اشتد النزف وجب إنهاء الحمل بالطريقة المناسبة.
    ـ انفكاك المشيمة المرتكزة ارتكازاً نظامياً باكراً abruptio placentae: تنفك المشيمة عن جدار الرحم في الأحوال الطبيعية بعد ولادة الجنين، ولكنها قد تنفك انفكاكاً جزئياً أو كاملاً قبل ذلك في الأشهر الأخيرة من الحمل، ويؤدي هذا الانفكاك إلى نزف ظاهر إذا كان الانفكاك في محيط المشيمة وإلى نزف يبقى خفياً بين الرحم والمشيمة إذا حدث الانفكاك في مركز المشيمة وهو أقل حدوثاً:
    ينجم الانفكاك نادراً عن رضِّ، ويحدث غالباً في حالات الارجاج eclampsia أو ما قبل الارجاج preeclampsia ويرافقه قساوة الرحم وألمه الشديد وارتفاع الضغط الشرياني والوذمة، وإذا كان الانفكاك كاملاً مات الجنين وغابت دقات قلبه مع سوء حالة الحامل العامة. يفرق الانفكاك الباكر من الارتكاز المعيب بوجود الأعراض المرافقة ويجب حين تشخيصه إنهاء الحمل بالطريقة المناسبة.
    3ـ النزوف في أثناء الولادة: يحدث النزف في أثناء الولادة عن أحد السببين الآتيين:
    ـ انفكاك المشيمة: في أثناء المخاض سواء أكان ارتكازها طبيعياً في قعر الرحم أم منخفضاً على القطعة السفلية، من دون أن يكون ما يدل على وجود إحدى هاتين الآفتين قبل المخاض، وتُشخص الآفتان بالفحص السريري وظروف المخاض وسوابق المريضة وتعالجان بالإسراع بإنهاء الولادة بالطريقة المناسبة.
    ـ تمزق الرحم: في المخاض العسير المهمل أو في أثناء المداخلات الولادية، ويدل عليه عدا النزف: الألم الشديد وتوقفالرحم عن التقلص وموت محصول الحمل. وقد يشمل التمزق كل طبقات الرحم فيخرج الجنين إلى جوف البطن ويُشعر به بجس البطن تحت الجلد مباشرة، أو يكون التمزق ناقصاً يشمل بطانة الرحم فحسب أو البطانة والعضلة ويبقى الجنين داخل الرحم.
    التشخيص سهل سريرياً، والمعالجة بفتح البطن واستخراج الجنين وملحقاته ثم خياطة الرحم إن أمكن أو استئصالها في التمزقات الكبيرة.
    4ــ النزوف بعد الولادة: تنجم النزوف بعد الولادة - وتسمى نزوف الخلاص - عن:
    أـ عطالة الرحم inertia: أي عدم تقبضها فتبقى رخوة لا تضغط الأوعية الدموية لتسدها ويحدث الإرقاء، وتشخص العطالة بالفحص السريري بكبر حجم الرحم ورخاوته بالحس.
    تُعالج العطالة بإعطاء مقبضات الرحم الهرمونية أو الكيميائية بعد التأكد من فراغها وعدم وجود بقايا مشيمية فيها.
    ب ـ انحباس المشيمة كاملة أو انحباس بعض أجزائها: ويشخص هذا بفحص المشيمة أولاً وبإجراء ما يسمى المس المستبطن للرحم فإن وجد شيء من البقايا أُخرج باليد أو بالمجرفة حسب الحالة. وقد يكون النزف ناجماً عمّا يسمى «المشيمةالمندخلة» placenta accreta وهي حالة خطرة قد تحوج إلى استئصال الرحم أحياناً.
    ج ـ تمزقات القسم السفلي من الجهاز التناسلي: أي عنق الرحم فالمهبل وأخيراً العجان وأكثر ما يحدث هذا في الولادات العسيرة التي تُطبّق فيها الأدوات الولادية. ولتشخيصها يجب إجراء المس المستبطن أولاً لنفي تمزق الرحم ثم توسيع المهبل بمبعدين مهبليين لفحص عنق الرحم وجدران المهبل، وأخيراً فحص العجان ولاسيما حين وجود خزع فرج واقٍ امتد في أثناء الولادةإلى منطقة عالية.
    تُعالج كل هذه الحالات بخياطة التمزقات حيثما وجدت خياطة دقيقة.
    ويجدر القول إن النزوف الولادية أيّاً كان سببها قد تكون غزيرة جداً تهدد حياة المريضة، ولاسيما النزوف الباطنة كما في الحمل خارج الرحم وانفكاك المشسيمة الباكر وتمزق الرحم والمشيمة المندخلة، ولذلك يجب الانتباه لهذا الأمر وتعويض الدمالنازف بنقل الدم الموافق، كما يجب مراقبة المريضة فترة كافية من الوقت للتأكد من توقف النزف ورجوع كل أعضاء الجهاز التناسلي إلى طبيعتها. كما يجب أحياناً إعطاء الصادات اللازمة وقاية من حدوث الأخماج النفاسية ولاسيما بعد المداخلات الولادية.
    إبراهيم حقي

  5. #735
    النزف النسائي

    تنزف المرأة الطبيعية نزفاً مهبلياً في سن النشاط التناسلي (بين البلوغ والإياس) مرة كل شهر، وهو نزف فيزيولوجي - يُعرف باسم الحيض menorrhea ـ بكمية محدودة وفواصل معروفة، وكل نزف عدا هذا النزف بصفاته الطبيعية يسمى نزفاً نسائياً.
    وتتميز النزوف النسائية gynecological hemorrhage من النزوف التي تصيب المرأة الحامل في أثناء الحمل أو في أثناءالمخاض والتي تدعى النزوف الولادية obstetrical hemorrhage.
    تحدث النزوف النسائية في كل الأعمار منذ الطفولة الباكرة حتى بعد سن الإياس، وتسببها آفات في مختلف أعضاء الجهاز التناسلي وقد تكون الآفات عضوية (خمجية أو رضية أو ورمية سليمة أو خبيثة) أو تكون وظيفية، ولذلك تختلف صفات النزوف وكميتها وأعراضها باختلاف كل هذه المتغيرات.
    1ـ ففي الأيام الأولى بعد الولادة تُصاب بعض الوليدات بنزف قليل يستمر بضعة أيام ينقطع بعدها من نفسه، وسببه انطراح هرمون الجريبين fllieulin الذي تحمله الوليدة في دمها من أمها في الحياة داخل الرحم.
    2ـ وقد تصاب الفتاة قبيل البلوغ بنزف ينشأ من البلوغ المبكر وهو أمر لا يدعو إلى القلق، أو ينشأ من ورم في المبيضغالباً ما يكون خبيثاً، لذلك يجب تحريه ومعالجته إن أمكن.
    3ـ وحول البلوغ تُصاب الفتاة بنزوف سببها ورمي أو وظيفي لعدم استقرار التوازن الهرموني.
    4ـ وأسباب النزوف في سن النشاط التناسلي كثيرة جداً وقد ترافق الحيض وتسمى النزوف الحيضية أو غزارة الحيضmenorrhagia، أو تكون بين الإحاضات وتسمى النزوف الرحمية metrorrhagia.
    من أهم أسباب النزوف الحيضية الاضطرابات الهرمونية التي تكثر قبيل سن الإياس، وأورام الرحم الليفية وهي أورام سليمة تكثر مشاهدتها بعد سن الثلاثين ولاسيما لدى العانسات، وتتصف الإحاضات فيها بغزارة الكمية وطول المدة وتقارب الفواصل.
    أما النزوف الرحمية فقد يكون منشؤها من:
    ـ ورم مبيضي خبيث: وتختلف غزارتها باختلاف نوع الورم.
    ـ أو ورم خبيث في جسم الرحم: ويكثر حدوث هذا قبيل سن الإياس ولا تكون النزوف فيه غزيرة إلا عند تقدم الآفة.
    ـ أو ورم خبيث في عنق الرحم: وهو سرطان عنق الرحم الذي يُشاهد في كل الأعمار ويكون النزف فيه أولاً قليلاً رضياً فاتحاً مختلطاً بسائل بسيط ثم يغزر تدريجياً مع تقدم الآفة حتى يصبح عفوياً ودائماً وأحمر قانياً.
    ـ أو ورم سليم في عنق الرحم: كالسلائل polypi المتبارزة من العنق والتي تسبب نزفاً رضياً بسيطاً.
    ـ أو التهاب عنق الرحم: ولاسيما المزمن الذي قد يتقرح، ولذلك تحدث فيه نزوف رضية تشتد كلما تقدمت الآفة إن لم تعالج، وترافق هذه النزوف ضائعات (ثر أبيض) leukorrhea مختلفة الكمية والصفات حسب نوع العامل المسبب للالتهاب.
    ـ أو وجود قرحات في الفرج أو المهبل: وتختلف كمية النزف هنا وصفاته باختلاف العامل الممرض ودرجة تقدم الآفة.
    5 ـ وبعد سن الإياس غالباً ما تكون النزوف قليلة متقطعة ثم تغزر تدريجياً وتدل في معظم الأحيان على ورم خبيث فيالمبيض وأكثر من ذلك في جسم الرحم أو في عنقه.
    ولا تدل شدة النزف على خطر الآفة المحدثة له، وقد يكون الأمر نقيض ذلك فالنزوف الخفيفة ولاسيما الرضية المتكررة أشد خطراً من النزوف الغزيرة وتدل في معظم الأحيان على آفة خبيثة في عضو من أعضاء الجهاز التناسلي.
    وعدا كل هذه الأنواع من النزوف النسائية هناك النزوف الناجمة عن الرضوض التي تصيب أحد أعضاء الجهاز التناسلي كمرمى ناري أو طعنة آلة جارحة وهي نادرة جداً، وأكثر منها حدوثاً النزوف الناجمة عن فض غشاء البكارة والتي تكون أحياناً غزيرة جداً.
    المضاعفات
    المضاعفات الحادثة في النزوف هي غالباً مضاعفات الآفة المحدثة لها. والمضاعفة الوحيدة الناجمة عن النزف نفسه هي فقر الدم anemia المزمن الناتج من إهمال معالجة السبب المحدث للنزف، ولذلك يجب الانتباه إلى أعراض فقر الدم في كل مريضة مصابة بنزف ولو بسيط ومعالجته بالطرق المناسبة.
    التشخيص
    يكفي الاستجواب والفحص النسائي الدقيق لكشف سبب النزف النسائي في معظم الحالات، وفي الحالات الغامضة أو في الإصابات الحديثة أو حين غموض التشخيص يُلجأ لوسائل الاستقصاء المعروفة تدريجياً وهي: الفحص بالصدى echographyوتصوير الرحم الظليل hysterography وتنظير الرحم hysteroscopy وتنظير العنق المكبر colposcopy وتنظير الأحشاءlaparoscopy، وقد يضطر إلى إجراء فتح البطن الاستقصائي laparotomy ولاسيما حين الشك في وجود آفات المبيض في مراحلها الأولى. عدا الخزعات biopsy التي تؤخذ من عنق الرحم أو من باطن الرحم أو من الفرج والمهبل أو من المبيض في أثناء إجراء التنظير أو الفتح الاستقصائي، وعدا المعايرات الهرمونية التي تفيد في تشخيص سبب الاضطرابات الوظيفية المختلفة، والفحوص المخبرية الدموية والجرثومية لكشف العامل المرضي المحدث لبعض الآفات.
    المعالجة
    تكون بمعالجة السبب المحدث للنزف، فالاضطرابات الهرمونية تُعالج بإعطاء الهرمون المناسب، والأخماج تعالج بالأدوية المناسبة، والأورام السليمة تُعالج دوائياً أو جراحياً حسب الحالة، والأورام الخبيثة تعالج جراحياً أو بالإشعاع أو بالأدوية الخاصة بكل نوع من أنواع الورم المشخص.
    وإذا كان النزف غزيراً وأدى إلى فقر الدم فيجب معايرة خضاب الدم وتقرير نوع المعالجة حسب النتيجة إما بالأدوية المرقئة ومركبات الحديد وغيرها، وإما بنقل الدم.
    الوقاية
    نشر الوعي الصحي لدى كل السيدات لمراجعة الطبيب المختص حين ظهور اضطراب ما في الحيض أو وجود نزف غير طبيعي خارج أوقات الحيض مهما كان قليل الكمية.
    إبراهيم حقي

  6. #736
    النزف داخل العين

    النزف هو خروج الدم من الأوعية (شرايين وأوردة وأوعية شعرية) تلك الأنابيب التي تنقل الدم من القلب إلى أنحاء الجسم كافة حاملة الغذاء وآخذة الفضلات.
    يكون النزف خارجياً h. externe عندما يخرج الدم خارج الجسم، أو يكون داخلياً h. interne حينما يحدث ضمن الأنسجة أو بين الأعضاء.
    قد يكون النزف صغيراً يتوقف تلقائياً بسبب عوامل التخثر في الدم، أو يكون غزيراً يهدد الحياة ويتطلب علاجاً إسعافياً لإيقافه، وقد يستلزم نقل الدم لإعاضة ما فقد.
    نزف الزجاجي vitréennes hémorragies

    الجسم الزجاجي كتلة هلامية شفافة تملأ كرة العين لا أوعية دموية فيها.
    يشغل الزجاجي المسافة الواقعة بين حليمة العصب البصري في الخلف والجسم البلوري (العدسة) في الأمام، ويعطي العين شكلها وقوامها. والجسم الزجاجي لا يفرز ولا يفرغ وضياعه لا يُعّوض ويؤدي إلى ضمور العين، تحيط به محفظة الزجاجي، ويفصله عن الشبكية طبقة المحددة الباطنية الشبكية.
    بما أن الزجاجي غير موعى فإن النزف يأتيه من تمزق أوعية الشبكية ويندر أن يأتيه من الأمام.
    ـ أسباب نزف الزجاجي: ينجم النزف عن:
    ـ الرضوض والجروح النافذة.
    ـ تمزق أوعية الشبكية rétine مع انفصالها أو من دون انفصالها.
    ـ التهاب حول الأوردة الشبكية كما في داء إيلس والتدرن المسبب للأنزفة المتكررة في الزجاجي.
    ـ الداء السكري ويؤدي إلى اعتلال الشبكية المنمّي وتشكل أوعية جديدة رقيقة تنزف من أبسط سبب.
    ـ أمراض الدم كالناعور hémophilie وارتفاع الضغط الشرياني، وخثرة الوريد الشبكي المركزي، والأمراض العامة.
    الأعراض: يؤدي نزف الزجاجي إذا كان خفيفاً إلى تشوش الرؤية وحدوث رؤية ضبابية. أما إذا كان شديداً فيسبب نقصاً شديداً ومفاجئاً في الرؤية ويحول دون رؤية قعر العين.
    التطور: يُمتص النزف الخفيف في بضعة أيام، وتعود الرؤية إلى حالتها الطبيعية، ولكن قد لا ترجع كما كانت في السابق إذا تكرر النزف. أما إذا كان النزف شديداً فربما يحتاج زواله إلى عدة أشهر، وقد يتليف ويتعضى، ولا يُمتص نهائياً، ويسبب فقد الرؤية.
    التشخيص: فقد الرؤية المفاجئ عرض مشخِص، ويمكن تأكيده بالفحص بالمصباح الشقي، وبالتخطيط بالأمواج فائقةالصوت ultrasons.
    المعالجة: لا تفيد المعالجة الدوائية كثيراً في علاج نزف الزجاجي لوجوده في جوف مغلق. ويُعتمد على الارتشاف الذاتي، ويُنصح بالراحة العينية والجسدية، فإذا مضى على النزف ثلاثة أشهر ولم يرتشف يمكن اللجوء إلى عملية قطع الزجاجي، وهي عملية تعيد الرؤية إذا لم يكن هناك أي إصابة عضوية مرافقة.
    نزف القزحية iriennes hémorragies
    القزحية iris هي حجاب صباغي عضلي غني بالأوعية، تؤلف القسم الأمامي من العنبة وتشكل مع القرنية cornée من الأمام الغرفة الأمامية. وهي صفيحة دائرية قطرها 12مم، كتيمة تمنع نفوذ الضوء إلى داخل العين إلا من ثقب في مركزها هو الحدقة pupille التي تتسع وتتقبض لتحدد كمية الضوء التي تدخل العين.
    ـ أسباب نزف القزحية: يحدث نزف القزحية في الحالات الآتية:
    ـ رضّ مغلق على العين يؤدي إلى تمزق العضلة المعصرة للحدقة، أو انفكاك في جذر القزحية يسبب تمزق الأوعية، وحدوث النزف.
    ـ الرضوض والجروح النافذة في منطقة الحوف أو اللم limbe.
    ـ احمرار القزحية rubéose وينجم عنه تشكل أوعية حديثة في القزحية، كما في اعتلال الشبكية السكري المنمّي، وخثرة الوريد الشبكي المركزي.
    ـ ارتفاع الضغط الشرياني وأمراض الدم (الناعور).
    الأعراض: عندما تنزف القزحية ينصب الدم في الغرفة الأمامية ويسبب تشوش الرؤية إذا كان النزف خفيفاً. أما إذا كانالنزف شديداً فإن الدم يملأ البيت الأمامي، وتزول الرؤية، وقد يرتفع الضغط داخل العين (زرق glaucome ثانوي) ويحدث ألم شديد واحتقان هدبي ووذمة في القرنية، وإذا اندخل الدم في لحمة القرنية تطلب مداخلة إسعافية.
    التشخيص: يُشاهد النزف في الغرفة الأمامية بالعين المجردة، أو بالمصباح الشقي، فُتقّدر كميته ويُراقب ارتشافه كما يُراقب ضغط العين باستمرار.
    المعالجة: إذا كان النزف قليلاً تكفي الراحة مع إعطاء الأدوية المرقئة والمسرعة لارتشاف الدم. أما إذا كان النزف غزيراً، وبدأ ضغط العين بالارتفاع فعندها لابد من التدخل الجراحي بغسل النزف من الغرفة الأمامية لمنع مضاعفات الزرق وارتشاح القزحية.
    النزف تحت الملتحمة hémorragies sous conjonctivales
    ليس النزف تحت الملتحمة في معظم الأحيان نزفاً بالمعنى الصحيح، بل هو ارتشاح دموي في الغشاء المخاطي والأنسجة الملاصقة تحته.
    قد يكون النزف تحت الملتحمة موضّعاً، فيبدو بقعة حمراء قانية في منطقة الملتحمة البصلية، أو يكون غزيراً شاملاً فتبدو العين حمراء قاتمة ضاربة إلى السواد (العين السوداء).
    الأسباب: معظم أسباب النزف تحت الملتحمة رضّيّ: وتحدث إمّا برضّ مباشر على العين والأجفان والأنف (كسور الأنف وجروحه) وإمّا من جروح الملتحمة والأجسام الأجنبية، وإمّا نتيجة رضٍ غير مباشر كما في كسور الرأس وانضغاط الصدر. وقد يحدث النزف تحت الملتحمة بعد تغوط عسير بسبب الإمساك، أو في أثناء السعال والعطاس.
    وهناك أسباب عديدة عامة يجب البحث عنها في غياب الرضِّ، كقصور الكبد وارتفاع الضغط الشرياني والهشاشة الوعائية وفقر الدم وأمراض الدم كالناعور وابيضاض الدم.
    الأعراض: ليس هناك أي شكوى في النزف تحت الملتحمة ويكتشفه الرجل مصادفة صباحاً عند حلاقة الذقن، والسيدات عند التزين الصباحي. وقد يلاحظه أحد المقربين ويلفت الانتباه إليه.
    التطور: يمر النزف عادة بأدوار من الأحمر القاني إلى البنفسجي ثم الأخضر والأصفر ويُمتص أخيراً، أما ما يميز النزفتحت الملتحمة البصلية فهو أنه يبقى بلون أحمر قانٍ؛ لأن الكريات الحمر تأخذ الأكسجين من الجو الخارجي عن طريق الملتحمة. قد يخفي النزف تحت الملتحمة بعض الأذيات في الصلبة في أثناء الجروح أو الرضوض لذلك يجب الاستقصاء في حالة الشك.
    يُمتص النزف تحت الملتحمة في ثمانية أيام، وقد يستمر عشرين يوماً إذا كان غزيراً، ولا يترك مكانه أي أثر في معظم الحالات.
    المعالجة: لا يحتاج النزف تحت الملتحمة إلى أي علاج، ويُمتص تلقائياً إلا إذا كان هناك سبب، حينئذ يُعالج السبب.
    جوزيف فتوح

  7. #737
    النزف عند الوليد والرضيع

    تنقص عوامل التخثر (الثاني، والسابع، والتاسع، والعاشر المعتمدة في تصنيعها الكبدي على الڤيتامين (K نقصاً معتدلاً عابراً عند كل الولدان بعد 48ـ72 ساعة من الولادة، ثم تعود إلى طبيعتها تدريجياً من اليوم السابع حتى العاشر. أما السبب فهو نقص الڤيتامين K الحر عند الأم وغياب النبيت flora المعوي المصنّع لهذا الڤيتامين عند الوليد.
    قد يحدث نزف تلقائي متطاول عند الوليد المعافى وذلك بين اليومين الثاني والسابع من الولادة، وربما قبل ذلك أحياناً، وهذا ما يدعى الداء النزفي عند الوليد Hemorrhagic Disease of the Newborn (HDN). نادراً ما تُرى هذه الإصابة عند الولدان كاملي أشهر الحمل، لكن نسبة وقوعها أكثر عند الخدج الذين لم يُعطوا الڤيتامين K بالعضل بُعيد ولادتهم، ويعتمدون على حليب أمهاتهم، لأن حليب الأم فقير بالڤيتامين K.
    زمن بدء الداء النزفي عند الوليد:
    ـ بدء مبكر (0ـ 24 ساعة): وحدوثه نادر جداً. يظهر النزف منذ اليوم الأول ويكون خطراً يهدد حياة الولدان المصابين باعتلالات التخثر الوراثية، أو الذين تناولت أمهاتهم الأدوية المؤثرة في الڤيتامين K مضادات الاختلاج (الفينوباربيتون، والفنتوئين)، أو مركبات الكومارين (الوارفارين)، أو مضادات التدرن مثل الإيزونيازيد والريفامبيسين. قد يتظاهر الداء بورم دموي رأسي أو هضمي أو سري أو داخل البطن. وتكون الوقاية بإعطاء فيتامين K1 للوليد بالعضل أو للأم قبل الولادة (20 ملغ)، وبتجنب الأدوية الخطرة.
    ـ بدء متوسط (2ـ 7 أيام): وهو الشكل الوصفي الناجم عن نقص الڤيتامين K يحدث بنسبة 2% إن لم يُعط الڤيتامين Kبُعيد الولادة. يتظاهر بنزف هضمي بالدرجة الأولى، أو نزف أذني أنفي بلعومي، أو داخل القحف (دماغي)، أو جلدي في مكان الوخز أو بعد الختان.
    ـ بدء متأخر: ويُرى بعد الأسبوع الأول ما بين 1ـ 6 أشهر، ويغلب أن ينجم عن سوء امتصاص الڤيتامين K كما في الركود الصفراوي (الانسداد الصفراوي، والداء الكيسي الليفي، والتهاب الكبد)، وفي عوز الليبوبروتين بيتا β. وقد يكون مجهول السبب عند ولدان الآسيويات المعتمدين على حليب أمهاتهم، ولهذا فإن نسبة حدوثه تعتمد على المرض الأصلي. تكون الوقاية بإعطاء جرعات من الفيتامين K بالعضل، وجرعات عالية منه بالفم في حالة سوء الامتصاص والركود الصفراوي.
    مخبرياً: يتطاول زمن البروترومبين PT، وزمن الترومبوبلاستين الجزئي PTT، وزمن التخثر، وتنقص عوامل التخثر المعتمدة على الڤيتامين K.
    الوقاية
    تتم بإعطاء 1ملغ من الڤيتامين K بالعضل للوليد المكتمل الحمل، ولكن هذا الإجراء غير فعال عند الخدّج كلهم. إن الإعطاء العضلي المعتاد للڤيتامين K في الوقاية آمن عامة،ً ولم يترافق بزيادة الابيضاض أو السرطان، ويبقى الطريق المختار وإن ذكرت إمكانية إعطائه بالفم (1ـ2 ملغ عند الولادة، وعند الخروج من المستشفى، وبعد 3ـ4 أسابيع).
    العلاج
    يُحظر الحقن العضلي، ويُعتمد على التسريب الوريدي للڤيتامين K1ت(1ـ5) ملغ فتتحسن أعراض الشكل الوصفي في ساعات. تُعطى البلازما الطازجة المجمّدة وربما الدم الكامل لمرضى النزف الخطير، ولاسيما الخدج والمصابون بآفة كبدية. أما أطفال الأمهات اللاتي تناولن مضادات الصرع فيُجرى لهم قياس زمن البروترومبين في دم الحبل السري، ويُبدأ بإعطاء ڤيتامين Kبمقدار 1ـ2 ملغ بالوريد. فإن كان زمن البروترومبين متطاولاً جداً ولا تتحسن الأعراض تُعطى البلازما الطازجة المجمدة بمقدار 10مل لكل كغ من الوزن.
    التشخيص التفريقي
    يُفرَّق الداء النزفي الوصفي المستجيب للڤيتامين K من:
    ـ العوز الخلقي لأحد عوامل التخثر: مثل نقص العامل الثامن (الناعور) أو التاسع (داء كرستماس Christmas)، وتتظاهر 5 ـ35% من الحالات في مرحلة الوليد بأورام دموية، أو تغوط زفتي، أو بنزوف عقب الختان، أو من السّرّة. ويصعب تفريقها سريرياً من غيرها، غير أنها لا تستجيب لإعطاء الڤيتامين K. تعالج بإعطاء العوامل الناقصة أو البلازما الطازجة المجمدة.
    ـ الخُثار المنتشر داخل الأوعية (DIC)، ويُرى في أي عمر عند رضيع مريض مصاب بخمج شديد أو نقص أكسجين، وفيه يحدث نزف معمم ولاسيما من أماكن الوخز. تكون الصفيحات الدموية ناقصة، وزمنا البروترومبين والبروترومبين الجزئي متطاولين، مع نقص مولد الليفين والعامل الخامس، وزيادة منتجات تحطم مولد الليفين. إن إنذار هذه الإصابة سيئ جداً.
    ـ قصور الكبد: شبيه بالخثار المنتشر داخل الأوعية مع علامات التهاب كبد أو مرض استقلابي خلقي، وتكون الصفيحات الدموية ناقصة أو طبيعية.
    ـ قيء الدم المبتلع: يبتلع الدم في أثناء الولادة أو بعدها من الحلمة المتشققة. ويُفرَّق الدم الوالدي من دم الوليد باختبار أبتAPT، وفيه يُمزج مستحلب الدم بالمصل الفيزيولوجي (فيصبح زهري اللون)، وعندما تضاف ماءات الصوديوم يتحول اللون الزهريإلى بني مصفر، أي إنه انحلّ فهو غير مقاوم للقلويات، ومن ثم فهو كهلي.
    ـ كدمات الخدج المنتشرة تحت الجد، وسببها هشاشة الأوعية الدموية، وتزول في مدة 2ـ3 أسابيع.
    ـ فرفرية نقص الصفيحات عند الولدان.
    غالب خلايلي

  8. #738
    النزف والإرقاء

    يتكون الدم من سائل يسمى المصورة (البلاسما) plasma، تسبح فيه عناصر خلوية هي الكريات الحمر والكريات البيضوالصفيحات platelets، ولما كان الدم سائلاً فإنه يتمكن من الدوران في الأوعية الدموية، والقيام بوظائفه في نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع خلايا الجسم، ونقل غاز CO2ونواتج الاستقلاب الأخرى لتطرح عن طريق الرئتين والكليتين.
    يحدث النزف haemorrhage إذا خرج الدم من الأوعية الدموية في أي مكان من الجسم، ويأخذ أشكالاً مختلفة، كالرعاف والنزوف الجلدية مثل النمشات والفرفريات والكدمات، أو النزف الهضمي أو البولي أو المفصلي. وقد يكون خطراً إذا حدث في أعضاء مهمة، مثل النزف الدماغي.
    يقصد بالإرقاء haemostasis الآليات التي تعمل على منع حدوث النزف التلقائي، أو إيقاف النزف والإقلال من كمية الدمالضائع عند تأذي الأوعية الدموية، وذلك بتشكيل خثرة تسد الفتحة المحدثة بجدار الوعاء نتيجة رضّ أو سبب آخر.
    تكمن هذه الآليات في ثلاثة عناصر أساسية، هي الأوعية الدموية والصفيحات وعوامل التخثر.
    1ـ دور الأوعية الدموية: سلامة جدر الأوعية الدموية عامل مهم في الحفاظ على الدم بداخلها ومنع تسربه منها، ولتقلص الطبقة العضلية عند حدوث النزف شأن كبير في الإقلال من كمية الدم الضائع. وأهم أسباب النزف المتعلقة بالأوعية الدموية هي:
    ـ الرضوض والجروح.
    ـ التهاب الأوعيةvasculitis : وله أسباب عديدة: جرثومية وڤيروسية ومناعية ودوائية، ويعالج حسب السبب.
    ـ هشاشة الأوعية: كما هي الحال لدى الشيوخ بسبب ضمور النسج الضامة الداعمة للأوعية الدموية. إذ تكثر لديهم النزوف الجلدية ولاسيما على ظهر اليدين، ولا تحتاج إلى معالجة غالباً. وقد تكون هشاشة الأوعية وراثية كما في داء أوسلرOsler الذي تتوسع فيه الأوعية الشعرية في مناطق مختلفة من الجسم، كالأصابع والوجه والأنف والجهاز الهضمي. ويحدثالنزف في هذا الداء عفوياً أو نتيجة رضٍ طفيف، ويعالج بالمرقئات الموضعية كالكي بالليزر وغيره.
    التصاق الصفيحات وتجمعها
    2ـ دور الصفيحات الدموية: يمتد عدد الصفيحات الدموية في الشخص السوي بين 150ـ450 ألف/ملم3 من الدم.
    تدور الصفيحات مع الدم ولا تلتصق بجدر الأوعية في الحالة الطبيعية، لأن الخلايا المبطّنة للأوعية تمنعها من الاقتراب بتنافر الشحنات الكهربائية، ولكن حين حدوث أذيّة في جدار الوعاء يتعرى النسيج الضام تحت الخلايا البطانية فتصبح الصفيحات قادرة على الالتصاق به. يتم هذا الالتصاق - كما في الشكل ـ عن طريق عامل ڤون ڤلبراند von Willebrand، وهو بروتين يقوم بالارتباط بالصفيحات من جهة (وذلك عن طريق بروتين سكري موجود على سطح الصفيحة الدموية، يرمز بـ Ib) وبألياف النسيج الضام تحت بطانة الأوعية من جهة ثانية.
    تلتصق الصفيحات الدموية بعضها ببعض بوساطة خيوط الفبرينوجينfibrinogen (مولد الليفين) الذي يعمل كجسر يربط كل صفيحة بالأخرى عن طريق أماكن ربط خاصة موجودة على سطح الصفيحات هي البروتينات السكرية IIb-III a. تبدأ سلسلة من التفاعلات الكيمياوية في داخل الصفيحات بعد التصاقها، تؤدي إلى إطلاق مواد عديدة تعمل على تفعيل صفيحات أخرى واستدعائها إلى مكان النزف لتسهم في تشكيل العلقة الدموية. من أهم هذه المواد مادة الثرومبوكسان آـ2 thromboxane A2 التي يثبط تركيبها الأسبرين، وهذا ما يفسّر استخدام الأسبرين في الوقاية من الحوادث الوعائية الخثرية، كاحتشاء العضلة القلبية.
    ـ أهم الاضطرابات النزفية المتعلقة بالصفيحات:
    ـ نقص العدد: له أسباب عديدة، فقد ينجم عن نقص التصنيع التالي لأذية أصابت نقي العظام بخمج أو دواء أو أشعة أو ارتشاح بخلايا غريبة، أو عن تخرب الصفيحات بالدم بعد انطلاقها من النقي بآليات كثيرة أهمها الآلية المناعية بتولد أضداد ذاتية auto-antibodies تؤدي إلى ما يسمى بفرفرية نقص الصفيحات المناعية immune thrombocytopenic purpura (ITP) وتختلف شدة النزف باختلاف شدة نقص العدد، وتعالج بالكورتيزون بصفة أساسية.
    ـ اضطراب وظيفة الصفيحات: وقد تكون وراثية أو مكتسبة. ومنها:
    أ ـ داء برنارد سولييه Bernard Soulier: هو مرض وراثي يحدث فيه خلل أو عوز في البروتين السكري Ib، فلا تتمكن الصفيحات من الالتصاق بعامل ڤون ڤليبراند، ويعالج بنقل الصفيحات من أشخاص أسوياء.
    ب ـ داء غلانزمان Glanzmann: هو مرض وراثي أيضاً، يتصف باعتلال في البروتين السكري المركب II b -III a، فتصبح الصفيحات غير قادرة على التجمع بعضها مع بعض بوساطة خيوط الفبرينوجين، ويعالج هذا الداء بنقل صفيحات طبيعية.
    جـ ـ الإضطرابات الاستقلابية: وفيها لا تستطيع الصفيحات إطلاق المواد اللازمة لتجمعها مثل الأدينوزين ثنائي الفوسفات والثرومبوكسان، ومن أهم الأسباب عوز خميرة السيكلوأوكسي جيناز cyclooxygenase الخلقي أو المكتسب وخاصةً المحدث بالأدوية مثل الأسبرين.
    د ـ داء ڤون ڤليبراند: مرض وراثي ينتقل بصفة جسدية سائدة، ويصيب الإناث والذكور على حد سواء. وينجم عن عوز عامل ڤون ڤليبراند أو خلل في بنية هذا البروتين على نحو يفقد فيه قدرته على ربط الصفيحات بجدر الأوعية. تكثر في هذا الداء النزوف الجلدية والهضمية والرعاف والنزف الطمثي، ويعالج بنقل المصورة (البلاسما) الطازجة لتعويض عامل ڤون ڤلبراند.
    3ـ دور عوامل التخثر: يشارك في عملية التخثر العديد من العوامل، أهمها ثلاثة عشر عاملاً، يرمز لها بالأرقام الرومانية. وهي بروتينات تعمل كخمائر يُفعِّل كل منها الآخر، لتشكل ما يسمى بشلال التخثر الذي ينتهي بتكون خيوط الفيبرين التي تتصالب بوساطة العامل XIII، فتنشأ شبكة دقيقة تربط الصفيحات بعضها ببعض مشكلة علقة دموية ثابتة تسدُّ مكان النزف.
    وهناك آليات عديدة لتفعيل جهاز التخثر، أهمها السبيل الداخلي والسبيل الخارجي. يبدأ السبيل الداخلي بتماس العاملXII مع النسيج الضّام تحت البطانة، أمّا السبيل الخارجي فيبدأ بدخول بروتين من خارج الدوران (لذلك سُمي بالسبيل الخارجي) هو العامل النسجي Tissue Factor (TF) الذي ينتج من الأنسجة المتأذية ويقوم بتفعيل العامل السابع VII، لينطلق بعدها شلال التخثر.
    ـ أهم الاضطرابات النزفية المتعلقة بعوامل التخثر: تنشأ الاضطرابات النزفية المتعلقة بعوامل التخثر نتيجة عوز واحد أو أكثر من هذه العوامل، وقد يكون خلقياً أو مكتسباً.
    أ ـ اضطرابات عوامل التخثر الخلقية:
    ـ الناعور آ :hemophilia A وسببه نقص في العامل الثامن، ينتقل وراثياً مرتبطاً بالجنس، يصيب الذكور وتحمله الإناث، وقد يصيب الإناث إذا كن مولودات من رجل مصاب وأنثى حاملة للمرض. تبدأ أعراض المرض منذ الطفولة الباكرة، وتكثر فيه النزوف المفصلية والعضلية. يُعالج بنقل العامل الثامن كلّما دعت الحاجة إلى ذلك.
    ـ الناعور ب hemophilia B: سببه نقص في العامل التاسع،ويُورّث مرتبطاً بالجنس أيضاً، ويؤدي إلى الأعراض نفسها، لكن نسبة الإصابة به أقل بكثير من الناعور آ.
    ومن الحالات النادرة عوز الفبرينوجين، أو عوز العوامل XI,X,VII,V,II.
    ب ـ اضطرابات عوامل التخثر المكتسبة:
    ـ التخثر المنتشر داخل الأوعية disseminated intravascular coagulation (DIC): وهي حالة مرضية خطرة، تنجم عن أسباب عديدة مثل: الأخماج الشديدة، والسرطانات المنتشرة، والرضوض الكبيرة، والحمل والولادة وغيرها. تتميّز هذه الحالة بتفعيل جهاز التخثر بشدة مما يؤدي إلى استهلاك عوامل التخثر والصفيحات، فتكثر النزوف في مختلف أنحاء الجسم إضافة إلى الخثرات المنتشرة في معظم الأعضاء. تكون المداواة بمعالجة السبب بالدرجة الأولى.
    ـ أمراض الكبد: يصنّع الكبد معظم عوامل التخثر، لذلك تسبب بعض الأمراض الكبدية كالتشمع نقص تركيز هذه العوامل في الدم ويصبح الشخص مؤهباً للنزف.
    ـ الأدوية المميّعة: مثل الوارفارين warfarin الذي يثبط تركيب العوامل X,IX,VII,II في الكبد، والهبارين الذي يثبط الثرومبين. ويستخدم هذان الدواءان في تمييع الدم للوقاية من الخثرات، وزيادة الجرعة تحمل معها خطر النزف، ممّا يستوجب إيقاف الدواء أو تخفيض جرعته.
    ويجدر الذكر أن هناك آليات فيزيولوجية تعاكس آليات الإرقاء التي ذكرت لكي يكون تشكل الخثرة محدداً بمكان النزفوحده ولا يمتد بعيداً عبر الأوعية. من هذه الآليات وجود بروتين C الذي يعاكس العاملينV وVIII، ومضاد الثرومبينantithrombin الذي يثبط العامل II. أمّا البلاسمين plasmin فيقوم بحلّ الخثرة ويمنع امتدادها. قد يترافق أي خلل في هذه الآليات بحدوث خثرات وصمّات.
    موفق نوفل

  9. #739
    النزلة الوافدة

    النزلة الوافدة أو الكريب grippe أو الأنفلونزا influenza خمج ڤيروسي حاد شديد العدوى، يحدث على هيئة جائحاتpandémies أو أوبئة épidémies، وقد يتوضع في بلد واحد أو ينتشر في مناطق كثيرة من العالم، وربما ظهر بحالات فرادية.
    حدث في عدة جائحات ابتداء من عام 1889، ثم تتالت في أعوام 1918 فسببت وفاة أكثر من 20 مليون إنسان في أوربا وحدها، وقُدِّر المصابون بنحو مليار مريض في العالم، وأُطلق عليها يومئذٍ اسم النزلة الوافدة الإسبانية. ثم جائحة في عام 1957 وقُدّر عدد المتوفين بسببها بنحو 4 ملايين إنسان منهم 98.000 في الولايات المتحدة وحدها، وسميت النزلة الوافدة الآسيوية. ثم حدثت جائحة عام 1968 قضت على مليوني شخص منهم 18000 في فرنسا وحدها، ووصفت بأنها النزلة الوافدة لهونغ كونغ. وفي الولايات المتحدة أُبلغ عن حدوث 10.000 وفاة زائدة في كل وافدة فصلية لسبع وافدات من إحدى عشرة وافدة فصلية وقعت بين عامي 1977ـ 1988. وعصف في آسيا عام 2004 نوع من النزلة الوافدة الشديدة الفتك بالطيور، أصابت العدوى بها 400 مليون إنسان في اليابان وتايلند وڤييتنام أدت إلى وفاة أكثر من 30 شخصاً منهم، وأُطلق عليها H5N1.

    يُصاب في أثناء الأوبئة والوافدات نحو 10 إلى 20% من السكان في المجتمعات الكبيرة وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 50% في التجمعات المحصورة كالمدارس والثكنات والمساكن الفقيرة المتقاربة، وأول ما يصاب بها الأطفال غير الملقحين والشيوخ.
    تحدث معظم الأوبئة في المناطق المعتدلة في فصل الشتاء، في حين تظهر في المناطق المدارية في موسم الأمطار، أما الحالات الفرادية فتشاهد على مدار السنة كلها.
    العامل الڤيروسي
    يطلق عليه اسم ڤيروس الأنفلونزا influenza virus حمضه الريبي النووي ribonucleic acid من نوع الرنا RNA، يبلغ قطر الجسيم الڤيروسي (ڤريونه) virion نحو 200 نانومتر (أي 0.0002 سنتيمتر)، وهناك ثلاثة أنماط (أو مجموعات) من ڤيروس النزلة الوافدة يرمز إليها بالأحرف اللاتينية A وB وC، والنمط C هو ثابت التركيب إجمالاً في حين أن النمطين A وB يتغيران. ارتبط النمط A بجائحات وأوبئة كبيرة، والنمط B بأوبئة محددة الانتشار. ولم يظهر النمط C حتى اليوم إلا في حالات فرادية أو فاشيات outbreak صغيرة.
    تم تعيين نمط ڤيروس النزلة الوافدة استناداً إلى خواص مستضدين بروتينين بنيويين ثابتين هما: البروتين النوويnucleoprotein، وبروتين المطرس matrix protein. وتعود التغيرات التي تطرأ على النمطين A و B إلى آليتين تسمى الأولى منهما الانزلاق المستضدي وهي طفرات جينات تؤثر في البروتينات السطحية فتسبب تغيرات طفيفة في الڤيروس. لكن تراكم هذه التغيرات يؤدي إلى عدم إفادة المريض من لقاح صُنع من ذرية سابقة مما يدفع إلى تغيير ذرية اللقاح. والتغيرات المتتالية هذه تفسر ظهور معظم الوافدات المتوسطة الشدة.
    ولكن بالنسبة إلى الڤيروس من نمط A هناك آلية أخرى تسبب تغيراً في تركيب الڤيروس وهي أشد خطراً من الآلية الأولى، إذ تُحدث تغيرات في البروتينات المستضدية فيحل بروتين جديد مكان آخر مما يؤدي إلى ظهور ڤيروس يختلف تمام الاختلاف عن الأول. يُضاف إلى هاتين الآليتين إمكانية انبثاق جديد لڤيروس قديم. فهناك مثلاً نمط اختفى عام 1957 وعاد إلى الظهور عام 1977 فسبَّب وباء يُطلق عليه وباء النزلة الوافدة الروسية.
    وتُصنَّف نميطات subtypes النمط A استناداً إلى صفات الراصّات الدموية H التي تثبت الڤيروس على المستقبلات الخلوية، كما تصنف بالنسبة إلى مستضدات النورأمينيداز N neuraminidase التي تفصل الجسيمات الڤيروسية virionsالجديدة عن الغشاء الخلوي بعد تنسخ الڤيروس. فالبيئة المستضدية لڤيروس النزلة الوافدة تتغير من حقبة إلى أخرى ومن وباء إلى وباء ثانٍ، وهذه الخاصة هي التي تسبب صعوبات الوقاية باللقاح. يشتمل النمط A على ثلاثة نميطات هي H1N1 و H2N2و H3N2.
    إن أكثر الذراري شيوعاً هي H3N2 و H1N1، ومنذ نحو ربع قرن أصبحت ڤيروسات النزلة الوافدة المنتشرة من متغيرات ڤيروس هونغ كونغ الذي سبب جائحة 1968.
    الآلية الإمراضية
    النمط النميط السنة الشدة
    A H3N2?
    H1N1 (خنزيرية)
    ت1889
    ت1918
    متوسطة
    شديدة
    لم يستفردا واعتمد على
    الدراسات المصلية وحدها
    H1N1
    H2N2 (آسيوية)
    H3N2 (هونغ كونغ)
    ت1977ت1957
    ت1968
    خفيفةشديدة
    معتدلة
    A/USSR/77
    A/Japan/57/H2N2
    A/Hong Kong/68/H3N2
    B لا يوجد ت1940 معتدلة B/Lee/40
    C لا يوجد ت1947 خفيفة C/Taylor
    يدخل الڤيروس الجهاز التنفسي للإنسان عن طريق القطيرات المحمولة بالهواء، ويلتصق بمستقبلات في الخلايا الإبتليالية. وبعد يوم إلى ثلاثة أيام من حدوث الخمج تسبب السيتوكينات المنطلقة من الخلايا المصابة ومن الكريات البيضالمتسللة أعراضاً كالدعث malaise والحمى والنوافض chills والآلام العضلية مع أعراض تنفسية كالسعال وسيلان الأنف، ومع كل هذا فإن الڤيروس لا يسبب ڤيروسمية viremia (انتقال الڤيروس إلى الدم).
    إن سبب الأعراض الأولية هي الأذيات التي يسببها الڤيروس والاستجابات الالتهابية، وهذه كافية لإحداث التهاب قصبات وذات رئة خلالية. كما أن إصابة ابتليوم (ظهارة) الخلايا التنفسية يتيح الاستيلاء الجرثومي ولاسيما جراثيم مستدميات النزلة الوافدة hemophilus influenza والعنقوديات والرئويات.
    تسبب إصابة الخلايا الإبتليالية للغشاء المخاطي التنفسي تفاعلاً التهابياً تحت هذا الغشاء مع وذمة خلالية وتدفق البلاعمmacrophages. وتؤدي إصابة الڤيروسات خلايا الأسناخ إلى توسفها ومن ثمّ ظهور نتحة دموية. وتشكل بروتينات النتحة غشاءً يعوق المبادلات الغازية. وتفسر هذه الآلية القصور التنفسي الذي تحدثه الأشكال الرئوية الشديدة والخبيثة للنزلة الوافدة.
    تصيب ڤيروسات النزلة الوافدة الأفراد في جميع الأعمار، والمناعة التي يكتسبها المريض بعد شفائه قصيرة الأمد حتى بالنسبة إلى الذرية التي أُصيب بها.
    الأعراض السريرية
    إن أعراض الشكل المألوف للنزلة الوافدة هي ذاتها في معظم الحالات. فبعد دور حضانة يمتد من يومين إلى خمسة أيام تظهر الأعراض على نحو فجائي وتتسم بثلاث متلازمات تترافق دوماً بعضها مع بعض وهي: متلازمة خمجية وأخرى ألمية وثالثة تنفسية. ترتفع الحرارة لتصل إلى درجة 39 أو 40 سلسيوس، ويكون المريض تعباً منهكاً يشكو من عرواءات وآلام شديدة ومنتشرة تتصف بصداع وآلام عضلية ومفصلية وقطنية. وتترافق الإصابة بظهور نزلات بالطرق التنفسية العلوية مع احتقان ملتحمة العين وألم في البلعوم تصاحبه عسرة في البلع مع بحة في الصوت أحياناً. والسعال علامة ثابتة في الإصابات كلها يدل على تأذي القصبات.
    تسير الإصابة تلقائياً نحو الشفاء بعد 3 إلى 5 أيام، ولكن السعال والوهن يستمران مدة أطول.
    تحدث الأخماج الجرثومية الإضافية superinfection عند الشيوخ والمصابين بقصور تنفسي مزمن، وأكثرها شيوعاً مستدميات النزلة الوافدة والرئويات والعنقوديات. وتتصف هذه الإصابات الجرثومية ببقاء الحرارة مرتفعة وبزيادة عدد الكريات البيضكثيرات النوى وبقشع قيحي واشتداد الأعراض التنفسية. كما أن ظهور أخماج إضافية في الطرق التنفسية العليا قد يسبب التهاب الأذن والجيوب. وتحدث في أحوال نادرة مضاعفات خارج الطرق التنفسية كالتهاب التامورpericarditis، والتهاب عضلة القلب أو السحايا أو جذور الأعصاب radiculoneuritis. تهيئ بعض الآفات كالقصور التنفسي المزمن وإصابة دسامات القلب لظهور حالة تنفسية خطرة تؤدي إلى النزلة الوافدة الخبيثة. ولكن قد تحدث هذه مباشرة في صغار السن، وتتصف بقصور تنفسي حاد يتسم بنزلة وزراق cyanosis الأطراف، واضطرابات قلبية وعائية منها وهط القلب الأيمن مع قصور كلوي ثابت في مثل هذه الحالات.
    المعالجة
    لا توجد حالياً مداواة ذات جدوى كاملة لمعالجة خمج النزلة الوافدة، ومع هذا لا داعي لاتباع مداواة خاصة للأفراد الذين يتمتعون ببنية صحيحة إذ يكفي تطبيق بعض الأمور الأساسية كالراحة التامة وتناول كميات كبيرة من السوائل مع خافضات للحرارة، والصادات الملائمة إن حدث خمج جرثومي إضافي. وهناك بعض مضادات الڤيروسات التي تُعطى في بعض الحالات الخاصة جداً.
    تثبت الأدوية المضادة للڤيروسات على جزء من مركبات الڤيروس التي لا تلحق بها أي تعديل أو تغيير. فهذه الأدوية تعمل على حصر النورأمينيداز وهو إنزيم لابد منه لتحرير الڤيروس، لذا حين إعطاء مثل هذه المواد يبقى الڤيروس حبيس الخلايا المضيفة، مما يحد من الخمج.
    كما أن هذه المركبات الدوائية تخفف أعراض المرض ومدة بقائه إلى درجة أنه لا يستمر أكثر من 36 إلى 60 ساعة، وينجم عن ذلك كله نقصان المضاعفات الشديدة المسؤولة عن معظم حالات الوفيات، ومن هذه الأدوية الأمانتدين amantadine والريمانتدين rimantadine ويلجأ إليهما أحياناً للأفراد الذين لا يستطيعون تناول لقاح النزلة الوافدة الواقي، ولكن الآثار الجانبية والكلفة العالية لهذين الدوائين لا تسمحان بالاستعمال اليومي، ويعطيان ضد النزلة الوافدة A، وهما يخففان من شدة الخمج إذا عولج بهما المريض في اليومين الأولين من الإصابة، أو وقائياً لذوي الخطورة العالية. ويترافق الأمانتدين بآثار جانبية في الجملة العصبية المركزية ولاسيما في المسنين والمصابين بآفة كلوية.
    وهناك الزناميڤير zanamivir ويعطى استنشاقاً وهو مضاد لڤيروسات النزلة الوافدة A وB، فهو يثبط أيضاً الإنزيم الموجود على سطح الڤيروس أي النورأمينيداز الضروري لانتشار الڤيروس. وهناك علاج قيد التجارب السريرية أُعطي الرمز G S 4104.
    اللقاح
    يتألف اللقاح المضاد للنزلة الوافدة من جزيئات ڤيروسية معطلة. ويختلف تركيب هذا اللقاح من عام إلى آخر تبعاً للدراسات الوبائية أي مسايراً للذراري الجديدة. يُعطي اللقاح زرقاً داخل الأدمة ويجدد كل عام. تظهر المناعة بعد 10 إلى 15يوماً من أخذه ولا يلقح به المتحسسون للبيض.
    يُعطى هذا اللقاح لمن تجاوزوا الخامسة والستين من عمرهم، وللمصابين بعوز مناعي، ومن يعانون مرضاً مزمناً، كما يعطى لمن يعملون من الأفراد المعرضين للخطر كالأطباء والممرضات، وللمصابين بآفات قلبية أو رئوية مزمنة.
    وتُجرى حالياً تجارب للقاح يُعطى عن طريق الأنف ويعتقد أن تأثيره سيكون أشد، كما تُجرى تجارب أخرى لتحضير لقاح يُعطى عن طريق الفم.
    عدنان تكريتي

  10. #740
    النفسـية (الأدويـة ـ)

    الأدوية النفسية psychiatric drugs مركبات كيمياوية تستعمل في المعالجة الدوائية للأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية بهدف تخفيف هذه الأمراض أو شفائها وضمان عودة وظائف النفس والعقل لحالتها الطبيعية، وبهذا يعود المريض فرداً منتجاً ونافعاً لأسـرته ومجتمعه، وقد تطورت هذه الأدوية تطوراً كبيراً في النصف الثاني من القرن العشرين وفي هذا القرن، وجعلت الاضطرابات النفسية والعقلية تحت السيطرة، وحسنت من إنذارها المرضي بنسبة كبيرة.
    أنواع الأدوية النفسية
    يمكن تقسيم الأدوية النفسية حسب استعمالها وتأثيرها إلى الأنواع الآتية:
    1ــ مضادات الذهان (النفاس) :anti psychotic drugs وتصنف كمايلي:
    ـ الفينوثيازينات :phenothiazins هي المجموعة الرئيسة من مضادات الذهان وتتألف من جزيئات ثلاثية الحلقات، وتحوي ثلاث مجموعات وهي: مركبات هيدروكربونية دهنية aliphatics كالكلوربرومازين chlorpromazine، ومركبات البيبريدينpiperidines كالتيوريدازين thioridazine، ومركبات البيبرازين piperazines كالبيرفينازين perphenazine والفلوفينازينfluphenazine.
    ـ مركبات ثيوكزانتين thioxanthine تشبه كيميائياً الفينوتيازين phenothiazine.
    ـ مركبات بوتيروفينون butyrophenones وهي مجوعة شديدة التأثير في الذهان psychosis، وأهم مركباتها: مركبات الهالوبيريدول haloperidol، ومركبات دروبيريدول droperidol.
    ـ مركبات البيموزيد pimozides وهو مضاد ذهان قوي له نصف عمر طويل التأثير يصل عدة أيام.
    ـ مركبات الإندول indoles وأهمها الموليندون molindone وثنائي هيدرواندولون dihydroindolon.
    ـ مركبات البنزوديازيبام الثنائية dibenzodiazepams وأهمها مركبات لوكسابين loxapine ومركب كلوزابين clozapine.
    ـ مركبات ريسبردون risperidone وهي مادة جيدة التأثير في الذهان عن طريق تأثيرها في مستقبلات الدوبامين والسيروتونين.
    ـ مركبات أولانزابين olanzapine وتؤثر أيضاً في مستقبلات السيروتونين، ولها أثر حسن في الذهان والفصامschizophrenia خاصة.
    ـ مركبات كويتيابين quetiapine وتؤثر في الذهان عن طريق تأثيرها في مستقبلات الدوبامين والسيروتونين والمستقبلات الأخرى.
    وجميع هذه المركبات مواد جيدة ومؤثرة ضد الفصام والاضطرابات ثنائية القطب كمتلازمة الهوس ـ الهمودي manicـdepressive، وهي مؤثرة أيضاً في القيء ومركنة قبل التخدير للعمليات الجراحية، كما أنها مؤثرة ضد الخرف الشيخي senile dementia والعته idiocy أحياناً.
    2ــ الأدوية المضادة للاكتئابanti depressant drugs : وهي مركبات كيمياوية ذات تأثير أساسي في حالات الاكتئابالمتنوعة وحالات الرهاب phobia والهلع panic والوسواس القهري obsessive compulsive disease ويمكن تقسيمها إلى:
    ـ المثبطات الانتقائية لعودة التقاط السيروتونين SSRIS وهي مواد مؤثرة في حالات الاكتئاب ومطمئنة نفسياً في حالات الوسواس القهري وعسر المزاج ومنها: الفلوكستين fluoxetine وسيرترالين sertraline وباروكستين paroxetin وسيتالوبرامcitalopram وفلوفوكسامين fluvoxamine وهي مضادات اكتئاب حديثة.
    ـ مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات TCRS ورباعية الحلقات اكتشفت في الخمسينات من القرن الماضي ومؤثرة في جميع حالات الاكتئاب، وأهم مركباتها أميتريبتيلين amitriptyline والإيمبرامين imipramine وكلوميبرامين clomipramine وتمتص عن طريق الجهاز الهضمي وتستقلب في الكبد.
    ـ مثبطات خميرة مونوأمينواكسيداز MAOIS وهي مركبات جيدة التأثير ضد الاكتئاب منها مركب فينيلزين phenelzineومركب ترانيل سيبرومين tranylcypromine.
    ـ مركبات أخرى مضادة للاكتئاب كالبوبروبيون bupropion والفينلافاكسين venlafaxine والنيفازودون nefazodoneوالميرتازابين mirtazapine ومادة الترازودون trazodone والريبوكستين reboxetine.
    3ـ الأدوية المعدلة للمزاج mood stabilizer drugs: وهي مجموعة من الأدوية النفسية تستعمل على نحو رئيس في معالجة متلازمة الهوس الهمودي وحالات الهوس الحاد acute mania والاكتئاب الحاد، وتشمل هذه المجموعة من الأدوية مركبات الليتيوم lithium ومضادات الاختلاج anticonvulsive القديمة والحديثة كالفالبروات valproate والكاربامازين carbamazines ومضادات الذهان اللانموذجية atypical antipsychotics مثل الكلوزابين clozapine، كما تبين أن مادة فيراباميل verapamilالحاصرة لقنوات الكلسيوم ومادة كلونازيبام clonazepam ومركبات بنزوديازيبام benzodiazepam هي مؤثرة جيدة في تعديل المزاج.
    4ـ الأدوية المزيلة للقلق anxiolytic drugs: تشمل مزيلات القلق هذه البروميدات bromides والإيتانول ethanol التي ظهرت في الأربعينات من القرن الماضي، والباربيتورات barbiturates والبروبانديول propandiol والميبروبامات meprobamatesالتي ظهرت في الخمسينات، والبنزوديازيبام benzodiazepam ومادة زولبيدم Zolpidem ومادة زاليبلون Zaleplon التي ظهرت في الستينات والمستعملة بنجاح في معالجة القلق والأرق والهياج الصرعي والعقلي، وهذه المركبات تكون إما قصيرة أمد التأثير وإما طويلة أمد التأثير وتطرح عن طريق الكلية وتؤثر في مستقبلات GABA. ومن أهم مركباتها: لورازيبام lorazepamوأوكسازيبام oxazepam وتيمازيبام temazepam المؤثرة ضد الهلع والخوف ورهاب المجتمع والوسواس القهري والاكتئاب البسيط وضد الهياج النفاسي.
    5 ــ الأدوية المضادة للاختلاج anticonvulsants: إن هذه الأدوية مؤثرة جيدة في حالات الأمراض النفسية الوجدانية واضطراب المزاج مثل الهوس والاضطراب الهوسي الهمودي والخوف والهلع، وتشمل هذه الأدوية مادة كاربامازابينcarbamazepin وحمض فالبرويك valproic acid ومادة كلونازيبام clonazepam وتشمل أيضاً مضادات الاختلاج الحديثة مثل لاموتريجين lamotrigine وغابابنتين gabapentin ومادة توبيرامات topiramate.
    6ـ الأدوية النفسية الأخرى وتشمل:
    ـ المنبهات النفسيةpsycho stimulants: كالكافئين caffeine والستركنين strychnine التي تنبه الجملة العصبية المركزية وتنشطها، ومركبات الأمفيتامين amphetamine المقلدة للودي ذات التأثير المنبه والمنشط للجملة العصبية والدماغ والتي هي مؤثرة وفعالة في حالات عجز الانتباه وفرط النشاط وحالات السبخ أو النوم الانتيابي narcolepsy وحالات الاكتئاب الكبير واللامبالاة apathetic states وحالات البدانة obesity كمانع للشهية.
    ـ حاصرات بيتا ـ الأدرنيرجية beta -adrenergic blockers: وتستعمل هذه المركبات أدوية مؤثرة في حالات قلق الأداء النفسي performance anxiety والعنف الاندفاعي واضطراب القلق المعمم والخوف والهلع وحالة ارتعاش الليثيوم، ومن أهم مستحضرات هذه المجموعة بروبانولول propanolol وأتينولول atenolol وميتوبرولول metoprolol ونادولول nadolol.
    ـ مادة كلونيدين clonidin: وهي تستعمل في حالات سحب المخدرات مثل الأفيون وحالات الهوس والقلق الناجم عن ذلك.
    ـ مادة فيراباميل verapamil: وهي مستحضر حاصر لقناة الكلسيوم ويؤثر جيداً في حالات الهوس والوقاية من الاضطراب الهوسي الهمودي.
    ويُذكر ضمن هذه الزمرة أيضاً مادة دونيبزيل donepezil المؤثرة في تخفيف أعراض مرض ألزهايمر Alzheimer’s disease وتلطيفه عن طريق تثبيطها خميرة استيل كولين استيراز، ومادة تاكرين tacrine التي تخفف أيضاً أعراض المرض نفسه وتحسن مهارات المريض المعرفية، ومادة ديسولفيرام disulfiram التي تستعمل في معالجة الأمراض الناجمة عن سحب الكحول لأنها تسبب التحسس من الكحول ونفور المريض وامتناعه عن تناوله بسبب حصول أعراض سمية نتيجة تثبيط خميرة الديهيد ديهيدروجيناز aldehyde dehydrogenase الكبدية وخميرة دوبامين ـ بيتا هيدروكسلاز dopamine beta hydroxylase إذ ينجم عن ذلك هبوط ضغط الدم الشديد والتعب والنعاس وحس الحرارة والوهج في الوجه والجسم والتعرق والغثيان والقيء وأحياناًالإسهال.
    المضاعفات الناجمة عن استعمال الأدوية النفسية والتآثر الدوائي
    تُلخص المضاعفات والآثار السمية والجانبية للأدوية النفسية كما يأتي:
    ـ الآثار الجانبية والسمية لمضادات الذهان: تظهر على نحو رئيس في ازدياد المقوية العضلية في عضلات الوجه والجسم وتكون شديدة أحياناًacute dystonia وتعالج بإعطاء بنزوديازبين والمهدئات النفسية، كما تظهر أحياناً الحالة البركنسونية بظهور أعراض داء بركنسون على المريض وتعالج بمضادات داء بركنسون، ويصاب المريض أحياناً بالزَلزَ (فرط الحركة في الأطراف akathisia) وهو حس الضجر وفرط الحركة، كما قد يظهر على المريض المتلازمة الخبيثة لمضادات الذهان neuroleptic malignant syn. وفيه يصاب المريض بالصلابة العضلية والحرارة وعدم الاستقرار والهذيان ويعالج بتبريد المريض والاماهة والقثطرة البولية ويعطى مادة بروسكربتين broscriptin، كما قد تظهر على المريض أعراض عسر الحركة الآجل tardive dyskinesia وهي حركات لا إرادية تظهر على الوجه والعنق والأطراف وتعالج بمضادات الذهان ومضادات داء بركنسون.
    كما قد تسبب مضادات الذهان تشوش الرؤية وزيادة الوزن واضطراب نظم القلب والعد الشبابي وداء الصدف واندفاعات جلدية وابيضاض كريات الدم النسبي.
    ـ الآثار الجانبية لمزيلات القلق ومضادات الاختلاج: يمكن تلخيص الآثار الجانبية والسمية لمزيلات القلق بأنها قد تسبب نكس المرض النفسي إذا قطعت فجاءة وقد تسبب السرف (سوء الاستعمال) abuse، وتزيد من حالة التركين لدى المريض وضعف الأداء والنسيان وضعف الذاكرة وهجمات الغضب والاكتئاب.
    أما الآثار الجانبية لمضادات الاختلاج فتظهر من خلال الآثار السيئة على الكبد كاليرقان، كما تسبب القمه النفسي ونقص عدد الكريات الحمر والصفيحات الدموية والتهاب المعثكلة النزفي.
    ـ الآثار الجانبية والسمية لمعدلات المزاج والمنبهات النفسية: تسبب معدلات المزاج وخاصة مادة الليثيوم الغثيان والإسهال ونقص تركيز البول وارتفاع الكرياتنين والتعب والرجفان، وارتفاع الضغط في القحف وتبلد الوجدان وتبدد الشخصية وفرط نشاط الدرق، واضطراباً في استقلاب الكلسيوم ونظم القلب وأحياناً العد الشبابي.
    أما المضاعفات الناجمة عن المنبهات النفسية كالكافئين والستركنين ومركبات الامفيتامين المختلفة فقد تسبب الأرق والقلق وعسر المزاج، وفي حال زيادة الجرعات تسبب تسرع القلب وارتفاع ضغط الدم والسرف (سوء الاستعمال) وظهور آثار سحب الدواء وقطعه.
    عبد الحميد غنامة

صفحة 74 من 146 الأولىالأولى ... 24647273 74757684124 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال