صفحة 69 من 146 الأولىالأولى ... 19596768 69707179119 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 681 إلى 690 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 69

الزوار من محركات البحث: 64845 المشاهدات : 322027 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #681
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,243 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44359
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 23 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    عوز المناعة المكتسب (متلازمة ـ)

    متلازمة عوز المناعة المكتسب acquired immunodeficiency syndrome (الإيدز AIDS أو السيدا SIDA) حالة سريرية وخيمة تهدد الحياة، وتمثل مرحلة متأخرة من الخمج بفيروس العوز المناعي البشري human immunodeficiency virus (HIV) الذي يسبب تلفاً متزايداً في الجملة المناعية والأعضاء الأخرى بما فيها الجهاز العصبي المركزي. مُيّزت متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز) أول مرة سريرياً متلازمة محددة عام 1981، وتمت معرفة هوية الفيروس المسبب لها عام 1983، وأطلقت عليه الجمعية الدولية للتسميات عام 1986 اسم «فيروس العوز المناعي البشري» وأخذ الرمز العالمي HIV.
    وفيروس العوز المناعي البشري HIV من فصيلة الفيروسات القهقرية retrovirus. والمادة الوراثية للفيروس القهقري هي الرناRNA. ويحمل هذا الفيروس إنزيماً يدعى المنتسخة العكسية reverse transcriptase باستطاعته استعمال الرنا الفيروسي لصنع الدنا.

    بنية الفيروس HIV
    وقد تم تعرف نمطين من الفيروسHIV، النمط الأول ويرمز إليه بالرقم 1 (HIV-1)، والنمط الثاني يعطى الرقم 2 (HIV-2). وهذان النمطان متمايزان نسبياً من الناحيتين المصلية والجغرافية، على الرغم من تماثلهما بالصفات الوبائية والمرضية، لأن كليهما يسبب متلازمة العوز المناعي المكتسب في مرحلة متأخرة من الإصابة. ينتشر النمط الأول منهما في العالم كله في حين أكثر ما يشاهد النمط الثاني في إفريقيا الغربية.
    قدرت منظمة الصحة العالمية أنه في عام 2003 انتشرت نحو 4.8 مليون إصابة جديدة، منها نحو 3 مليون في دول الصحراء الإفريقية الكبرى وحدها، وهذا العدد يفوق أعداد السنوات السابقة كلها. كما قدرت أنه في عام 2003 حمل نحو 37.3 مليون الفيروس منهم 25 مليون في هذه الصحراء، وأن الإيدز كان سبباً في وفاة 20 مليون إنسان في العالم منذ اكتشاف أول حالة.
    لا تعرف بدقة نسبة المصابين بمتلازمة العوز المناعي المكتسب من المخموجين بفيروسHIV، وقد قدرت قبل دخول المعالجة النوعية المضادة للفيروسات بنحو 80 إلى 90% منهم.
    وقد أدت الفروق الشديدة بين البلدان الصناعية والنامية، بالنسبة للحصول على المعالجة المضادة، إلى نقص معدلات وفيات الإيدز السنوية في البلاد الصناعية منذ أواسط التسعينيات مقارنة مع ازدياد الوفيات في البلاد النامية.
    تأثير الفيروس على الكريات البيض
    لفيروسHIV خاصة انجذاب للمفاويات التائية T المساندة helper T4) أو (CD4.
    يبدأ الخمج بحدوث ارتباط وثيق بين البروتين السكري gp120 الموجود على غلاف الفيروس والجزيء CD4 الموجود على سطح اللمفاويات المساندة T4، ويلي ذلك اندماج الفيروس مع الخلية T4 مسبباً اضطراباً في وظيفتها وتلفها. ويتميز الخمجبفيروسHIV بفقدان هذه الخلايا، مما يسبب خللاً وتردّياً متدرجاً في الجهاز المناعي؛ لأنها ذات دور حاسم في الدفاع المناعي.
    وهناك خلايا أخرى لها المستقبل CD4 receptor كالوحيدات monocytes والبالعات macrophages وخلايا لنغرهانس، يمكن للفيروس HIV أن يخمجها. كما يبدو أن بعض الخلايا البائية B، والخلايا الدبقية glial الدماغية، وخلايا مخاطية الأمعاء، لها أيضاً كمية قليلة من CD4، ولذا فهي عرضة لأن تخمج أيضاً.
    يسبب الخمج بفيروسHIV بعد زمن كبتاً مناعياً متقدماً، وما الإيدز إلا واحد من الظواهر المتأخرة لتلك السيرورة المرضية.
    حينما يتم كشف الخمج للمرة الأولى بالفحوص المخبرية يكون تركيز اللمفاويات T4 قريباً من مستواه الطبيعي، أي نحو 800 خلية في كل ملمتر مكعب من الدم، ويظل المريض يشعر بأن حالته الصحية حسنة. ولكن في غضون بضع سنوات (10 سنوات وسطياً) تبدي الاختبارات عيوباً مناعية، فيحدث هبوط في عدد اللمفاويات T4 إلى ما دون 400 خلية في الملمتر المكعب (تصل إلى أقل من 200)، وحينها تظهر أخماج مزمنة تصيب الجلد والأغشية المخاطية، كما تحدث أخماج معممة وجهازية وسرطانات، وتظهر التفاعلات الثانوية لعوز المناعة، وهذه هي مرحلة الإيدز المحض.
    الانتقال والعدوى
    ينتقل فيروسHIV بالمقاربات الجنسية وعن طريق الدم، ومن الأم إلى وليدها خلال الحمل والولادة والإرضاع. ولاتتوافر براهين تثبت أنه ينتقل عن طريق اللعاب، لذا لاخوف من خطورة انتشاره عن طريق التشارك بأدوات الطعام والشراب، كما أنه لاينتقل بالبعوض وحشرات الفراش والقمل والمراحيض وأحواض السباحة. ويزداد تفاقم الخمج وتحوله إلى متلازمة العوز المناعي المكتسب في الذين يصابون بعمر باكر. وتعد المقاربات الجنسية أشيع طريق لانتقال الفيروس في العالم كله، ففي الولايات المتحدة وأوربا تحدث العدوى لكثير منهم بالطرق اللواطية، في حين تنتقل معظم الحالات في البلاد الإفريقية بالمقاربات المهبلية. وتزيد قروح الجهاز التناسلي من خطورة انتقال الفيروس. ومن تقديرات منظمة الصحة العالمية أن 80% من أخماجHIV تمت عن طريق المقاربات المهبلية بدءاً من العام 2000.
    تتحرى معظم الدول فيروسHIV في دم المعطين للدم كي لاينتشر الخمج بنقل الدم أو نقل أحد منتجاته، والعمل ماض في العالم كله للقضاء على طريقة العدوى هذه، ولكن تفشي الفيروس مازال شديداً بين الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الزرق بمحقنة واحدة.
    أما العاملون بالصحة العامة، كالأطباء وأطباء الأسنان والممرضات وغيرهم فكثيراً ما يتعرضون للعدوى بوخز الإبر أو بالتماس بالغشاء المخاطي لمصاب، أو بحدوث سحجات أو قروح في أثناء عملهم. ولكن الدراسات أظهرت أنه لا يصاب بخمج الفيروسHIV بوخز إبرة ملوثة بدم مريض إلا نحو 0.3%، في حين يرتفع هذا الرقم إلى30 وأحياناً إلى40% في التهاب الكبد B.
    أما انتقال الفيروس من الأم إلى ابنها فيحدث في الرحم in utero، وقد يتم حين الولادة أيضاً. وتقدر نسبة العدوى بحواليالولادة Perinatal بنحو 16 إلى30% من الحالات. وللمرحلة السريرية للأم المصابة دور مهم في تحديد خطورة انتقال الخمج إلى وليدها. فالحامل التي تظهر عليها أعراض الإصابة تؤلف خطراً كبيراً. وتقدر حالات العدوى بالإرضاع من أم مخموجة بنصف حالات إصابة الأطفال من أمهاتهم.
    المعالم السريرية
    بعد أسابيع إلى أشهر (3 ـ 12 أسبوعاً) من حدوث العدوى بفيروسHIV تظهر على المصاب أعراض تشبه أعراض داء كثرة الوحيدات mononucleosis. قد تكون الأعراض خفيفة، تشمل التهاب الحلق وارتفاع الحرارة ودعث malaise وآلام عضلية ومفصلية، مع ضخامة في العقد اللمفية الرقبية أو الإبطية ووسن lethargy. تزول هذه الأعراض تلقائياً بعد 8 إلى 10 أيام. ولكن شوهدت حالات أصيب فيها المريض بالتهاب الدماغ encephalitis والتهاب السحايا واعتلال الأعصاب واعتلال عضليmyopathy. والواقع أنه تنقضي مدة 3 إلى 12 أسبوعاً بعد التعرض لفيروسHIV قبل أن تظهر أضداد antibodies الفيروس في مصل المريض، أي ما يسمى حدوث الانقلاب المصلي seroconversion. ولكن خصائص هذه الأضداد ضعيفة لا تقوم بدور فعال في الحد من سيرورة المرض، لذا تظهر على نحو 50 إلى 80% من المرضى الأعراض السالفة حين الانقلاب المصلي.
    تستمر هذه الأعراض مدة أسبوع إلى أسبوعين ثم تتوقف من ذاتها لينتقل بعدها المريض إلى مرحلة لا عرضية، تمتد من عدة أشهر إلى عدة سنوات، لا يظهر فيها المخموج علامات مرضية. ويكون الفحص السريري في هذه المرحلة طبيعياً، والمشعر الوحيد للإصابة هو التفاعل المصلي الإيجابي أي إيجابية وجود أضداد لفيروس HIV. ثم تظهر بعد ذلك العلامات السريرية المميزة لمتلازمة العوز المناعي. (الفترة بين العدوى بالفيروس وبين تشخيص الإيدز تمتد من سنة حتى 15 سنة). تكون علامات بدء الأعراض غير نوعية كاعتلال العقد والقهم والإسهال المزمن والحمى والإعياء وفقدان الوزن، وبصورة عامة تعود خطورة الخمج الانتهازي المرتبط بهذا الفيروس إلى درجة خلل الجهاز المناعي.
    ولا تكفي هذه الأعراض وحدها لتشخيص متلازمة العوز المناعي، وقد أطلق عليها اسم المعقد المرتبط بمتلازمة العوز المناعي المكتسب. وقد وضع مركز مكافحة الأمراض C.D.C في الولايات المتحدة عام 1982، مؤشرات نوعية تدل على نقص المناعة، وهي إصابة المخموج بمرض أو أكثر من الآفات الآتية، بعد نفي الأسباب الأخرى المعروفة التي يمكن أن تكون سبباً في إحداثها، وهي: الالتهاب الرئوي بالمتكيسة الرئوية الكارينية وداء خفيات الأبواغ المزمن cryptosporidiosis، وداء المقوساتtoxoplasmosis العصبي المركزي، وداء المبيضات candidiasis المريئي أو التنفسي السفلي، وداء المتفطرات mycobacteriosis وداء المستخفيات cryptococcosis، والعدوى بالفيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus، وخمج الحلأ البسيط herpes، واعتلال بيضاءالدماغ المترقي، والسرطانات بما فيها ساركوما كابوزي، واللمفوما اللاهدجكينية. وقد عدل هذا التعريف عام 1987 بإضافة علل أخرى، كمتلازمة الهزال (الضمور) wasting والسل خارج الرئة، وأمراض عصبية كالخرف dementia. ثم أعاد مركز مكافحة الأمراض النظر عام 1993، فأضاف السل الرئوي وسرطان عنق الرحم الغازي، والالتهاب الرئوي الراجع. يضاف إلى كل ما سبق جميع المصابين بفيروس عوز المناعة البشري ولديهم تعداد الخلايا CD4 أقل من 200 خلية في الملم3 أو أن نسبة هذه الخلايا أقل من 14% من مجموع اللمفاويات بغض النظر عن حالتهم السريرية. ولم يحظ تعريف مركز مكافحة الأمراض الموضوع عام 1993 بالقبول للعمل به خارج الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في عام 1994 وسعت منظمة الصحة العالمية تعريفها لرصد الإيدز عند الكهول، فدمجت الملامح الرئيسة مع تعريف مكافحة الأمراض لعام 1987، وتشمل ملامح منظمة الصحة العالمية الاختبارات المصلية لفيروس الإيدز مشاركة للسل والاختلال العصبي الشديد وداء المبيضات المريئي أو سرطان عنقالرحم الغازي كعلامات مشخصة للخمج في الإيجابيين مصلياً.
    ومنذ عام 1985 توافرت في الأسواق اختبارات مصلية لكشف أضدادHIV، وأكثرها استخداماً هي المقايسة المناعية الإنزيمية الأليزا ELISA، وحينما يكون هذا الاختبار إيجابياً لابد من دعمه باختبارات أكثر نوعية، كاختبار لطخة وسترن Westernأو اختبار التألق الضدي المناعي اللامباشر IFA، وقد اقترحت منظمة الصحة العالمية استخدام اختبارات مقايسة مناعية إنزيمية خاصة تختلف عما سبق استخدامه.
    وهناك اختبارات يتم إعدادها لتحري خمجHIV في الفترة التي تعقب الإصابة وقبل الانقلاب المصلي، كالاختبارات المصلية لمستضد HIV الدوراني P24، وتفاعل سلسلة البوليميراز R.C.P لكشف متوالية الحمض النووي الفيروسي. ولما كان الزمن المنقضي بين أبكر كشف ممكن للفيروس وبين الانقلاب المصلي قصيراً (يقل عن أسبوعين) فإنه من النادر الاعتماد على هذه الاختبارات، ولكنها مفيدة في تشخيص إصابة الرضع المولودين من أمهات مصابات؛ لأن أضداد الفيروس تنتقل إلى الطفل مسببة إيجابية كاذبة لدى الذين لم يبلغوا 15 شهراً من العمر.
    المعالجات
    مثبطات الإندماج إنفوفيرتيد enfuvirtide
    المثبطات النوكليوزيدية للمنتسخة العكسية إنفوفيرتيد enfuvirtideزيدوفودين zidovudine
    ديدانوزين didanosine
    زالسيتابين zalcitabine
    ستافودين stavudine
    لاميفودين lamivudine
    أباكافير abacavir
    المثبطات اللانوكليزيدية للمنتسخة العكسية نيفيرابين nevirapineإيفافيرانس efavirenz
    المثبطات النزكليوتيدية لمنتسخة العكسية تينوفوفير tenofovir
    مثبطات البورتياز ساكينافير saquinavirريتونافير ritonavir
    أندينافير indinavir
    نلفينافير nelfinavir
    أمبرينافير amprenavir
    أتازانافير atazanavir
    بعض الأدوية المستعملة في معالجة متلازمة عوز المناعةالمكتسب
    مازال الخمج بفيروس عوز المناعة البشري HIV عصياً على الشفاء حتى هذا اليوم، غير أن الأدوية التي تسعى مقاومة تأثيرات المرض يزداد عددها. ويمكن تشبيه الإصابة بفيروس العوز المناعي، من بعض الوجوه، بعدد من الأمراض المزمنة التي تتطلب معالجة مستمرة، كالداء السكري وارتفاع الضغط الشرياني. فاستعمال الأدوية في مثل هذه العلل على نحو مستمر وصحيح يحد من تأثيراتها الجانبية، ويقلل من ظهور المضاعفات أحياناً. تثبط الأدوية التي أصبحت متوافرة حالياً تكاثر الفيروس في الدم، وتسمح لعوامل البدن الدفاعية بأن تعمل على وجه أقل سوءاً، كتوقف تدهور عدد اللمفاويات المؤازرة CD4 وربما زيادة عددها أحياناً، ولذا يصبح المصاب أكثر مقاومة للعوامل المرضية الانتهازية ولبعض أنواع السرطانات، كما تنقص من نسبة التعرض للخرف الناجم عن الخمج. ولابد لهذه المواد الدوائية التي تضعف تنسخ الفيروس في البدن من أن ألا يكون لها تأثير ضار على الاستقلاب.
    إن الأدوية التي تم التوصل إليها هي من مثبطات الاندماج، ومن مثبطات المنتسخة العكسية، أو من مثبطات البروتياز protease. وهناك مجموعة مواد أخرى تحصر تنسج الفيروس في مراحل مختلفة، لكنها ما زالت قيد التجارب السريرية. ومع هذا قد يكون للمعالجة الدوائية المستعملة اليوم بعض المحاذير، لأن لكل المواد المعروفة تأثيرات جانبية، قد يكون بعضها خفيفاً وبعضها الآخر شديداً يؤثر في المريض، فيدفع إلى إيقاف المعالجة. ولكن لتوافر أدوية مختلفة يمكن استبدالها ليتحملها العليل، مما لايجبر على استبعاد المعالجة استبعاداً تاماً.
    من اضطرابات الاستقلاب التي قد تظهر الحثل الشحمي lipodystrophy الذي يحدث في المعالجة المشتركة، ولاسيما فرط شحوم الدم hyperlipidemia، كما يمكن لمثبطات النيكليوزيد للمنتسخة العكسية أن تؤذي المتقدرات mitochondria مما يسبب اضطراباً في الوظائف الكبدية، وزيادة في طرح شحوم الوجه والذراعين والساقين، وارتفاعاً في مقدار الشحميات وحمض اللبن، وآفات في الخلايا العصبية. كما يمكن لمثبطات البروتياز أن ترفع مقدار شحوم الدم بما فيها الكولسترول كما ترفع سكر الدم، وقد يبدو ذلك بظهور ترسبات شحمية في البدن والعنق.
    تؤدي معالجة الحوامل بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، مثل الزيدوفودين Zidovudine إلى نقص ملحوظ في خمج الأطفال، وقد أظهرت دراسة في أوغندا في منتصف 1999 أن استعمال نيفيرابين nevirapine أفضل.
    وحينما يتم اتخاذ القرار بالمعالجة بمضادات الفيروسات القهقرية يبدأ بمعالجة هجومية لإجراء كبت فيروسي. وعموماً يستخدم أولاً أحد مثبطات البروتياز مع دوائين من المثبطات اللانوكليوزيدية لإنزيم المنتسخة العكسية.
    عدنان تكريتي

  2. #682
    العين (تشريح وفيزيولوجية ـ)


    الحجاج والعين والعضلات الخارجية
    تعد العين كرة غير تامة التكور، تسكن الحجاج L’orbite الذي يحميها من الرضوض، وهو جوف عظمي مخروطي الشكل ذروته في الخلف، وفيها الثقبة البصرية التي يمر منها العصب البصري nerf optiqueمن العين إلى الدماغ، وقاعدته في الأمام. تنسدل على العين الأجفان التي تقيها من المؤثرات الخارجية.
    تثبت العين ضمن الحجاج بالعصب البصري وشحم الحجاج والعضلات المحركة، وهي أربع عضلات تكفل حركات العينين على نحوٍ متوازن ومتناسق لجميع جهات الساحة الابصارية.
    تقسم كرة العين قسمين: أمامي ويضم القرنية la cornée، والغرفة الأمامية والخلفية وتحويان الخلط المائي humeur aqueuse والعدسة lentille والجسم البلوريcrystalline، وخلفي يحوي الجسم الزجاجي corps vitré. يبلغ طول قطر كرة العين الأمامي الخلفي عند البالغين نحو 24مم، والقطر العمودي نحو 23مم. وتزن العين عند الكبار نحو 7.5غ، وحجمها نحو 6.5سم3. تحافظ العين على شكلها وقوامها وضغطها الذي هو بين 10ـ20مم زئبق، وذلك لوجود الجدار الخارجي الصلب والجسم الزجاجي والتوازن بين إفراز الخلط المائي وإفراغه.
    لمحة تشريحية وفيزيولوجية للعين

    مقطع محوري في كرة العين
    يتألف جدار كرة العين من ثلاث طبقات: الطبقة الخارجية، وتشمل الصلبة la sclère في الخلف والقرنية في الأمام وبينهما الحوف limbe le، والطبقة المتوسطة أو السبيل العنبي tractus uvéal، وتشمل المشيمية la choroïde في الخلف والجسم الهدبي corps ciliaire في الوسط والقزحيةL’iris في الأمام، أمَّا الطبقة الثالثة الداخلية فتشمل الشبكية التي هي بداية الطريق البصري الذي ينتهي في الدماغ.
    1ـ الطبقة الخارجية:
    ـ الصلبة: تشكل الصلبة خمس أسداس الجدار الخارجي لكرة العين، وتشمل القسم الخلفي منه، وسميت الصلبة لصلابتها الشديدة وهي التي تعطي العين شكلها وقوامها وتحمي محتوياتها من التأثيرات الخارجية، كما ترتكز عليها العضلات المحركة للعين، وهي أربع مستقيمات ومنحرفتان.
    والصلبة مؤلفة من نسيج ليفي أبيض صدفي لماع في الكبار، وتكون ضاربة للزرقة في الصغار لرقتها فتسمح برؤية المشيمية من خلالها.
    تكون الصلبة ثخينة في الخلف بحدود 1ـ 1.25مم وترق في الأمام لتصل إلى 0.05مم عند خط الاستواء، و0.3مم عند ارتكاز العضلات و0.65مم عند الحوف. تتمادى الصلبة في الأمام مع القرنية، أما في الخلف ففيها ثقب يمر فيه العصب البصري والأوعية والأعصاب الهدبية القصيرة والطويلة، وهناك أربعة ثقوب خلف خط الاستواء لخروج الأوردة الدوارة vortex veins، وفي الأمام قرب الحوف تخترق الصلبة الشرايين الهدبية الأمامية. الصلبة غير موعاة وهي مغطاة بطبقة رقيقة من نسيج مرن تحتوي أوعية دموية تغذي الصلبة وتسمى ما فوق الصلبة.

    طبقات القرنية
    ـ القرنية: تشكل القرنية السدس الأمامي من الطبقة الخارجية للعين، وتتصل مع الصلبة في منطقة الحوف le limbe. وهي سطح كروي كاسر وشفاف، قوتها الكاسرة 43 كسيرة، ونصف قطر انحنائها 7.8مم، قطرها 10.5مم عند الأطفال، و11.5مم عند الكبار، وقطرها العمودي 11مم، ثخانتها في المحيط 1مم، وتصل في المركز إلى 0.8مم. تتألف نسيجياً من خمس طبقات هي من الأمام للخلف: طبقة الظهارة (الابتيليوم) وتتمادى مع الملتحمة، وطبقة بومان، وطبقة السدى أو اللحمة stroma وتشكل 90% من ثخانة القرنية وتتمادى مع الصلبة، وطبقة غشاء ديسمية، والبطانة (الاندوتليوم).
    القرنية غير موعاة وتتغذى بالتشرب من الخلط المائي والدمع وهي شفافة، سطحها مصقول لماع يرطِّبه الدمع في أثناء رفيف الأجفان. تعود شفوفية القرنية لنقص التميّه déhydrationلأن البطانة والظهارة لا تسمحان بنفوذ الماء من الدمع والخلط المائي إلا حسب الحاجة. ومن أسباب شفوفية القرنية أيضاً غياب الأوعية فيها، وتوازي ألياف اللحمة وانتظامها.
    القرنية شديدة الحساسية وتتعصب بالعصب العيني شعبة العصب مثلث التوائم (الزوج القحفي الخامس).
    ـ الحوف: هو منطقة الوصل بين الملتحمة والصلبة من جهة، والقرنية من جهة أخرى؛ إذ تتمادى ظهارة القرنية مع ظهارة الملتحمة، ويتداخل نسيج القرنية الشفاف والمنتظم مع ألياف الصلبة الأقل انتظاماً، وضمن هذا الوصل قناة شليم Schlemmالتي تفرغ الخلط المائي من الغرفة الأمامية إلى الأوردة ما فوق الصلبة والدوران العام.
    2ـ السبيل العنبي: يؤلف السبيل العنبي الطبقة المتوسطة لجدار العين، ويقسم ثلاثة أقسام: المشيمية في الخلف والجسم الهدبي في الوسط والقزحية في الأمام.
    ـ المشيمية: تمتد المشيمية من العصب البصري في الخلف حتى الدائرة المنشارية في الأمام، حيث تتمادى مع الجسم الهدبي، وهي طبقة غنية بالأصبغة تضاعف تأثير الظهارة épithelium الصباغية في الشبكية كغرفة مظلمة تمنع انتثار الضوء، وهي غنية بالأعصاب والأوعية، وتغلف الشبكية وتكفل تغذيتها وحمايتها، وتبلغ ثخانتها 0.2 ـ 0.4مم.
    تتألف المشيمية من الداخل إلى الخارج من غشاء بروك Bruch الملتصق بشدة مع الظهارة الصباغية للشبكية، ومن طبقة من الأوعية تجمع بينها لحمة من نسيج ضام صباغي.
    تجتمع الأوردة لتشكل أربعة أوردة تسمى الأوردة الدوارة. أما الشرايين فتأتي من الشرايين الهدبية الخلفية الطويلة والقصيرة. وتتعصب المشيمية بالأعصاب الهدبية الخلفية الطويلة والقصيرة، وتغذي المشيمية الطبقة السطحية للشبكية بوساطة الأوعية الشعرية عبر غشاء بروك، وتغذي العدسة والجسم الزجاجي، وتتأثر وظائفهما بأذيات المشيمية والتهاباتها.
    ـ الجسم الهدبي: يقع الجسم الهدبي في المنطقة المتوسطة من السبيل العنبي بين المشيمية في الخلف والقزحية في الأمام، وهي منطقة عضلية وعائية غدية لها شأن كبير في إفراز الخلط المائي وفي المطابقة وتغذية القسم الأمامي للعين. شكل الجسم الهدبي حلقي، مقطعه الأمامي الخلفي مثلث، قاعدته في الأمام ترتكز عليها القزحية وتدخل في تشكيل الغرفة الأمامية. يحوي الجسم الهدبي أليافاً عضلية ملساً، تشكل العضلة الهدبية التي تتألف من ثلاثة أنواع من الألياف طولانية أو سهمية ودائرية وشعاعية، تشترك بوتر واحد. تتم بتقلص العضلة الهدبية وارتخائها عملية المطابقة التي تقوم بتركيز الأخيلة على البقعة الصفراء، ويتغذى الجسم الهدبي من الشرايين الهدبية الطويلة الخلفية ومن الدائرة الشريانية الكبيرة للقزحية، ويتعصب بالأعصاب الهدبية الطويلة والعصب الهدبي الأنفي والأعصاب الصادرة عن العقدة الهدبية، وهي أعصاب حسية وودية ونظير ودية.

    قزحية مع وحمة
    ـ القزحية: تشكل القزحية النهاية الأمامية للسبيل العنبي، وهي استطالة من الجسم الهدبي تتحول من الاتجاه الزوالي (خط الطول) إلى الاتجاه الجبهي، شكلها دائري في المركز بالحدقة، وتشكل حاجزاً للجهاز البصري لا يسمح بالرؤية ودخول الضوء إلا عبر الحدقة التي تتسع أو تتقبض حسب الحاجة، وتقسم القزحية الجوف بين القرنية والعدسة الذي يملؤه الخلط المائي قسمين: أمامي يسمى الغرفة الأمامية، وخلفي يسمى الغرفة الخلفية، يبلغ قطر القزحية 12ـ 13مم وثخانتها 0.3ـ 0.5مم تحتوي أليافاً عضلية شعاعية توسع الحدقة، وأليافاً دائرية تقبض الحدقة، وتأخذ القزحية لون الظهارة الصباغية وخلايا اللحمة، ويختلف لون القزحية حسب الأعراق والأعمار بين اللون العسلي والأزرق والأخضر.
    منعكسات الحدقة: الحدقة فتحة دائرية في مركز القزحية قطرها بين 5.1 ـ 8مم حسب تفاعلها، تتسع في الظلام وتتقبض لدى التعرض للنور ويسمى «المنعكس المباشر»، ويحدث الأمر نفسه حين تسليط الضوء على العين الثانية ويسمى هذا «المنعكس غير المباشر». وهناك منعكس الحدقة التطابقي الذي تتقبض فيه حين النظر للقرب وتتسع حين النظر للبعد. وتتغذى القزحية من الشرايين الهدبية الأمامية والشريانين الهدبيين الخلفيين الطويلين والدائرة القزحية الكبرى.
    3 ـ الطبقة الداخلية:

    التشريح النسيجي للشبكية
    ـ الشبكية la rétine: تعد الشبكية استطالة من الدماغ، فهي الطبقة العصبية النبيلة التي تبطن المشيمية وتحيط بالجسم الزجاجي، وهي اللوحة التي تنطبع عليها المرئيات وينقلها الطريق البصري للدماغ.
    تتألف الشبكية من وريقتين خارجية هي الطبقة الصباغية، وداخلية هي القسم البصري، ويحدث انفصال الشبكية بين هاتين الوريقتين؛ فهو انفصال شبكي وليس بين الشبكية والمشيمية كما يُفْهَمُ من التسمية، وتمتد الشبكية من حليمة العصب البصري إلى الدائرة المنشارية، وأمام هذه المنطقة تلتحم الوريقتان التحاماً وثيقاً تصبحان معه وريقة واحدة تبطن الجسم الهدبي والوجه الخلفي من القزحية، وليس لها هنا وظيفة بصرية. تتألف الشبكية من الناحية النسيجية من عشرة طبقات هي:
    ـ طبقة الظهارة الصباغية: وهي طبقة مهمة توفر مع السبيل العنبي الغرفة المظلمة التي تمنع انتثار الضوء ولها شأن غدي في تصنيع الأرجوان البصري الضروري للرؤية وإفرازه، وهي تدعم أيضاً الخلايا البصرية (العصيات والمخاريط) بوساطة الاستطالات الهيولية للخلايا الصباغية.
    ـ طبقة الظهارة البصرية: وهي الطبقة التي تتلقى السيالة الضوئية وتتألف بصورة رئيسية من طبقة العصيات والمخاريط والمحددة الظاهرة والنووية الظاهرة.
    المخاريط أكبر حجماً وأقل عدداً من العصيات، يقدر عدد المخاريط في شبكية الإنسان بنحو 6ـ 7مليون مخروط، يقع أكثرها في مركز الشبكية ولاسيما الحفيرة المركزية؛ إذ لايوجد إلا المخاريط، ويقل عددها مع التقدم نحو المحيط، وتزول نهائياً قرب الدائرة المنشارية، وخلاف ذلك بالنسبة للعصيات؛ إذ تكون غزيرة في المحيط ومفقودة في المركز ويقدر عددها بنحو 110ـ 125مليون عصية.
    تقوم العصيات بالرؤية الليلية وهي غنية بالأرجوان البصري أو الرودوبسين rhodopsine الذي يتشكل من اتحاد الكاروتينوئيد carotinoïde والريتينين retinene ومن بروتين يسمى أوبسين opsine، ويتحلل أو يتفكك الرودوبسين سريعاً حين التعرض للضوء، ويعود ويتركب في دقائق عدة إلى نصف ساعة، وهذه العملية الضوئية الكيميائية photochimique تولد سيالة كهربائية عصبية تنتقل بالطريق البصري إلى الدماغ. أما المخاريط فتقوم بالرؤية النهارية ورؤية الأشكال والألوان التي يتركب منها الطيف الضوئي وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي، ويبدو أن هناك ثلاثة أنواع من المخاريط، تتحسس بهذه الألوان والصباغ الذي يقوم بالعملية الكيميائية الضوئية هو اليودوبسين iodopsine ويتفكك ويتركب بالآلية نفسها.
    ـ طبقة الوصل بين الطبقة الظهارية البصرية والطبقة العصبية الدماغية، وتضم الطبقة الصفيرية، وهي منطقة وصل بين العصيات والمخاريط والخلايا العقدية.
    ـ الطبقة العصبية الدماغية، وتضم الطبقة النووية الباطنة والصفيرية الباطنة والخلايا العقدية وطبقة ألياف العصب البصري ثم المحددة الباطنة التي تفرق الشبكية عن الجسم الزجاجي، وتشكل الطبقة النووية الباطنة والصفيرية الباطنة عصبونات وصل بين العصيات والمخاريط من جهة والخلايا العقدية تحتها، وبما أن حدة الرؤية ورؤية الأشكال والألوان تتمركز في البقعة الصفراء، ولاسيما الحفيرة المركزية؛ فإن كل مخروط يتمفصل مع خلية عقدية واحدة، وبالابتعاد عن البقعةالصفراء يجتمع أكثر من مخروط أو عصية ليتمفصل مع خلية عقدية واحدة، وتجتمع المحاور الأسطوانية للخلايا العقدية وتسير في نظام معين لتشكِّل حليمة العصب البصري، وهي قرص دائري قطره 1ـ 1.5مم، حدوده واضحة، لونه أحمر فاتح وردي، في مركزه انخفاض هو التقعر الفيزيولوجي، ومنه تدخل أوعية الشبكية. والقرص البصري منطقة عمياء لا ترى (البقعة العمياء)، وأخيراً هنالك البقعة الصفراء، والحفيرة المركزية في مركز الشبكية على المحور البصري وتقع أسفل القرص البصري بمقدار 0.78مم وإلى الوحشي منه بمقدار 3.92مم.
    تتغذى الطبقات الظاهرة من الشبكية من الطبقة الوعائية الشعرية للمشيمة، أما الطبقات الداخلية فتتغذى من الدوران الشبكي المركزي
    ـ الطريق البصري voie optique: يبدأ الطريق البصري من المحاور الأسطوانية للخلايا العقدية المتجمعة في القرص البصري، وتجتاز الصفيحة المصفوية، وترتدي غمد النخاعين مكونة العصب البصري الذي يسير ضمن المخروط العضلي محدثاً انحناءَين ليسمح بحرية حركة العين، ثم يجتاز القناة البصرية، ويسير في المسافة تحت العنكبوتية داخل القحف، ويلتقي بالعصب المقابل في منطقة التصالب البصري، وهي صفيحة مربعة من مادة بيضاء تستقبل في زاويتيها الأماميتين العصبين البصريين وتعطي في زاويتيها الخلفيتين الشريطين البصريين. يقع التصالب تحت قاعدة الدماغ وفوق الغدة النخامية والسرج التركي، ويتكون الشريط البصري من الألياف الآتية من الجهة الصدغية للعين الموافقة، والتي لا تتصالب مع الألياف المتصالبة الآتية من الجهة الأنفية للعين المقابلة. والشريط البصري هو الجزء الأخير من الطريق البصري خارج الدماغ، ويمتد الشريط البصري من الأمام إلى الخلف ثم ينقسم إلى جذرين وحشي وأنسي يرتكز كل منهما على الجسم الركبي الموافق.
    4ـ الأوساط الشفافة في العين les milieux transparents: الأوساط الشفافة في العين هي العدسة أو الجسم البلوري والجسم الزجاجي والخلط المائي أما القرنية فهي وسط شفاف وكاسر.
    ـ العدسة la lentille ou cristalline: تشكل العدسة مع أربطتها المعلقة zonule حاجزاً يفصل العين إلى قسمين أمامي يحوي الخلط المائي، وخلفي يشغله الجسم الزجاجي.
    يعد الجسم البلوري عدسة شفافة (قد تتكثف في الشيخوخة، أو لسبب ما فيحدث الساد). وهي عدسة مقربة قوتها العاكسة في أثناء الراحة + 18 كسيرة، وهي محدبة الوجهين، وجهها الأمامي أقل تحدباً من الخلفي، ويقع بتماس الحدقة وهو الذي يتبدل في أثناء المطابقة، يبلغ قطر العدسة في خط الاستواء 9ـ 10مم، والمحور الواصل بين مركزي الوجهين 4ـ 5مم، وتزن العدسة 65ملغ عند الولادة، وتصل إلى 265ملغ في الشيخوخة.
    تثبت العدسة في مكانها بوساطة الأربطة المعلقة التي ترتكز على الأخاديد بين الزوائد الهدبية في الجسم الهدبي من جهة، وعلى خط استواء العدسة من جهة أخرى، ولمسافة 5.2مم على الوجهين.
    للعدسة محفظة وقشرة ونواة بالغة ونواة جنينيه، ولا تحتوي أوعية دموية، ويتغذى قسمها الأمامي بوساطة الخلط المائي، في حين يتغذى القسم الخلفي بوساطة الجسم الزجاجي.
    آلية المطابقة: هي عملية مهمة تقوم بها العدسة والعضلة الهدبية لتركيز الأجسام المرئية على الحفيرة المركزية في البقعة الصفراء أينما كان موقعها، وعندما تتقلص العضلة الهدبية تسترخي الأربطة المعلقة للعدسة، مما يؤدي إلى ازدياد تحدب الوجه الأمامي للعدسة، ومن ثم زيادة قوتها الكاسرة بما يتناسب ومسافة الجسم المرئي ليقع خياله على الحفيرة المركزية، وعلى نقيض ذلك في حالة الراحة؛ إذ تسترخي العضلة الهدبية وتشد الأربطة المعلقة، ومن ثم تتوتر العدسة ويتسطح وجهها الأمامي وتضعف قوتها الكاسرة، وتتم هذه العملية بآلية فيزيولوجية مركزية معقدة.

    تشريح الزجاجي
    ـ الجسم الزجاجي corps vitré: هو كتلة هلامية شفافة (يشبه زلال البيض) غير موعاة تشكل ثلثي وزن عين الكهل (5غ)، يعطي للعين شكلها وهو لا يفرز ولا يفرغ وضياعه لا يعوض، لذلك تنخمص العين إذا فُقِدَ ثلثا كميته.
    يشغل الزجاجي الجوف الواقع بين حليمة العصب البصري في الخلف والعدسة والأربطة المعلقة في الأمام، وتحيط به الشبكية وتتكثف الطبقات السطحية منه، وكثافة الزجاجي 1.01، وقرينة انكساره 1.3، ولزوجته 1.5ـ 2.
    يلتصق الزجاجي بشدة حول حليمة العصب البصري وأمام الدائرة المنشارية (قاعدة الزجاجي)، ويلتصق على الوجه الخلفي للعدسة لدى الشباب، ويزول هذا الالتصاق لدى المسنين، مما يسمح بإخراج العدسة مع محفظتها في عمليات الساد دون تمزق محفظة الجسم الزجاجي.
    يتركب الزجاجي من شبكة حزم ليفية متداخلة فيما بينها، ومن مواد ليفية غروية هلامية، وكمية قليلة من البروتينات غير المنحلة والكهرليات وكلور الصوديوم وحمض الهيالوريثيك، ويؤلف الماء 90ـ 95% من تركيبه.
    ـ الخلط المائي L’humeur aqueuse: الخلط المائي سائل شفاف يملأ الغرفة الأمامية (حجمها 2ـ 2.5ملم3) والغرفة الخلفية ويشبه تركيبه إلى حد بعيد المصورة plasma، ثقله النوعي 1.002 – 1.004 وقرنية انكساره 1.34 ولزوجيته 1.025ـ 1.1 بالنسبة للماء بحرارة 22 درجة، ويدخل في تركيبه الماء بنسبة 99%، ويعد مفرط التوتر hypertonique بالنسبة للبلاسما.
    ينصب الخلط المائي في الغرفة الخلفية، ويعبر منها الحدقةَ إلى الغرفة الأمامية لينفرغَ من الزاوية القرنية القزحية عبر قناة شليم إلى الدوران في الأوعية فوق الصلبة أو المسافة فوق المشيمية. ينفرغ الخلط المائي في الحالة الطبيعية بمقدار 0.28 مكروليتر/دقيقة، ويفرز بمقدار 2ـ3 مكروليتر في الدقيقة، وإن التوازن بين الإفراز والإفراغ يحافظ على ضغط العين ضمن الحدود الطبيعية، الذي هو بين 10ـ20ملم زئبق، والخلل في هذا التوازن قد يؤدي إلى انخفاض ضغط العين أو إلى ارتفاعه، وهي الحالة المَرََضِيَّة التي تسمى الزرق أو (الماء الأسود).
    آلية الرؤية
    الرؤية عملية معقدة، وُضِعَتْ نظريات كثيرة لتفسيرها، والمتفق عليه أن آلية الرؤية هي ظاهرة phénomène كيميائية ضوئية، في مستوى الأصبغة في العصيات والمخاريط التي تمتص الأشعة الضوئية، فتتفكك وتعود وتتركب، وهذه العملية العكسيَّة تُحْدِثُ سيالة عصبية بصرية كهربائية تنتقل بالطريق البصري لمركز الرؤية في الدماغ، وهناك في العصيات الصِّباغُ المسمَّى الأرجوان البصري، يُفْرَزُ من الظهارة الصباغية في الشبكية، وهو حساس لأضعف المنبهات الضوئية (5 ـ7 فوتون كما في الرؤية الليلية الضعيفة)، ويتفكك الأرجوان البصري أو الرودوبسين rhodopsine إلى الأوبسين opsine والريتينين retineneإضافة إلى الكاروتينوئيد carotenoïde وهو طليعة الفيتامين A أو الريتينول retinol، ولذلك فإن نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى اضطراب الرؤية الليلية.
    أما في المخاريط فهناك صباغ اليودوبسين iodopsine وهو حساس للضوء الشديد (الرؤية النهارية) وبعض المنبهات اللونية كالأحمر والأخضر والأزرق، ويبدو أن هناك ثلاثة أنواع من المخاريط حساسة لهذه الألوان، ويتفكك اليودوبسين كما هو الحال في الرودوبسين.
    تطلق هذه العملية الضوئية الكيميائية سيالة كهربائية عصبية بصرية بدءاً من الشبكية، من طبقة العصيات والمخاريط إلى الخلايا العقدية فالطريق البصري، حتى تصل إلى قاع وشفتي الثلم المهمازي في الفص القذالي والباحة البصرية الدماغية (الباحة المخططة 19.17.18) حيث منطقة الاستقبال البصري الرئيسية المركزية، ومن هنا تنطلق سيالة عصبية نحو المحيط لتوفير مستلزمات دقة الرؤية، كتفاعل الحدقة، فتتقبض بشدة (2ملم) في الإثارة الشديدة. كما تتفاعل الحدقة بالنسبة للمسافات، فتنقبض للقرب وتتسع للبعد، وتتدخل عملية المطابقة لدى النظر للبعد والقرب، يضاف إلى ذلك بعض أشكال الرؤية التي هي من منشأ مركزي، كرؤية التجسيم والأشكال والحركات وتقدير المسافات والتي تتطلب سلامة الرؤية بالعينين وتوافقاً شبكياً طبيعياً.
    جوزيف فتوح

  3. #683
    الفتوق

    الفتق hernia هو خروج عضو أو جزء من عضو في جسم الإنسان من المكان التشريحي الذي يحويه عادة. ويحدث بسبب ضعف أو خلل تشريحي في المنطقة أو الفوهة الطبيعية التي يخرج منها العضو أو الجزء المفتوق، وقد يكون لزيادة الجهد الفيزيائي أثر في ظهوره.
    يمكن تصنيف الفتوق وفق معايير عدة من حيث كونها خلقية congenital أو مكتسبة acquired، أو تبعاً للناحية التشريحية التي ظهر فيها الفتق، أو حسب اسم الجزء أو العضو المفتوق. كما أن هناك فتوقاً تظهر عيانياً من خلال سطح جسم الإنسان وأخرى لا يمكن رؤيتها من الخارج.
    1- الفتوق الظاهرة على جدار البطن: الفتق الإربي أو المغبني، والفتق الفخذي، والفتق السري، ومنها أيضاً الفتق الشرسوفي، وفتق الخط الأبيض، والفتق القطني.
    ـ الفتق الإربي inguinal hernia: يظهر هذا الفتق من خلال الفوهة الإربية والتي يمر فيها الحبل المنوي عند الذكور والرباط المدور المعلّق للرحم عند الإناث، وقد يكون ولادياً بسبب بقاء ما يُعرف بالاستطالة التناسلية (وهي ممر تعبر من خلاله الخصية من البطن إلى الصفن في نهاية الحياة الجنينية) وذلك عند الذكور أو بقاء قناة نك Neck عند الإناث. هذا الفتق هو الأكثر شيوعاً من حيث نسبة الظهور. ويحدث عند الذكور بنسبة تزيد قليلاً على حدوثه عند الإناث.
    فتق إربي مغبني

    إذا ظهر هذا الفتق بمرحلة متأخرة من العمر يكون سببه ضعف العضلات في منطقة مثلث هسلباخ Hesselbach، وهي تناسب تشريحياً مكان الفوهة الإربية الظاهرة.
    ـ الفتق الفخذي femoral hernia: يظهر كانتباج في منطقة جذر الفخذ أي عند الثنية البطنية الفخذية. وصفه غ.د.شولياك Guy de Chauliac في عام 1361. يمر هذا الفتق من خلال الفوهة الفخذية التي تحتوي الشريان والوريد والعصب الفخذي. ويحدث على نحو خاص عند النساء النحيلات.
    فتق سري
    ـ الفتق السري umbilical hernia: غالباً ما يكون ولادياً بسبب عدم انغلاق ما يعرف بالسرة، وهو المكان الذي يربط الجنين بالحبل السري. وقد يكون مكتسباً خاصة عند السيدات الولودات نتيجة الضغط، الذي يسببه الحمل على جدار البطن.
    التشخيص: يتم تشخيص هذه الفتوق (كما هي الحال بالنسبة للفتق الفخذي) برؤية انتباج صغير أو كبير في المنطقة التشريحية لكل نوع منها. وقد يترافق هذا الانتباج مع ألم يشكو منه المصاب وخاصة إذا أصبح هذا الفتق غير ردود (أي قابل للعودة من الفوهة التي خرج منها)، وهو ما يعرف بالغصص في البداية ومن ثم الاختناق. أما الأعضاء التي قد تخرج من خلال هذه الفتوق فهي إما الثرب epiploon أو الأمعاء الغليظة أو الدقيقة. وأحياناً قد يحوي الفتق جزءاً من المثانة. أما عند الإناث فقد يكون العضو المفتوق في الفتق الإربي هوالمبيض.
    المعالجة: علاج جميع هذه الفتوق هو التداخل الجراحي، ويتمّ من خلاله رد الجزء المفتوق إلى مكانه وإجراء ترميم للعضلات فوقه، وقد يكون من المفيد في كثير من الأحيان الاستعانة برقعة صنعية لتدعيم مكان الترميم وتقويته.
    ويصبح التداخل الجراحي إسعافياً في حالات الاختناق؛ خشية حدوث نقص تروية وتمَوّت في جزء من الأمعاء أو المبيض، مما يستدعي استئصال هذا الجزء المختنق.
    2- الفتوق التي لا تظهر للعيان: أهمها نوعان: الفتق الحجابي بين البطن والصدر، وفتق النواة اللبية في العمود الفقري.
    ـ الفتق الحجابي diaphragmatic hernia: من الناحية التشريحية هو صعود جزء من المعدة (عادة منطقة القاع العلوية) من البطن إلى الصدر عبر الفوهة الطبيعية الموجودة في الحجاب الحاجز، والتي يمر فيها المري من الصدر إلى البطن بسبب اتساعها أو بسبب ضعف في آلية تثبيت المعدة وخاصة منطقة الفؤاد ضمن البطن.
    هذا الفتق كثير الشيوع ولا عرضي في غالب الأحيان. أما إذا ظهرت الأعراض فتتجلى بحس ثقل في منطقة أعلى البطن (الشرسوف) خاصة بعد الطعام يترافق مع جشاءات كثيرة، وقد تظهر أعراضه في أثناء النوم أو الاستلقاء تشبه الأعراض القلبية.
    قد يؤدي وجود الفتق الحجابي إلى حدوث القلس المعدي المريئي؛ وهو صعود مفرزات المعدة الحامضية بشدة إلى المري، وهذا الأخير غير مهيأ لاستقبال هذه الحموضة، فيشكو الإنسان حينئذ من حرقة شديدة خلف القص، وتكرار هذا الأمر يُسبب حدوث التهاب المري بسبب التخريش الكيميائي.
    يوضع التشخيص الأكيد للفتق الحجابي بالتصوير الظليل للمري والمعدة، أو بالتنظير الهضمي عن طريق المنظار الضوئي الليفي المرن.
    المعالجة: لا يتطلب هذا الفتق أي علاج إذا كان لا عرضياً، أما إذا ظهرت أعراض حينئذ توجه المعالجة، في معظم الأحيان، نحو آثارها فإن المعالجة غالباً ما تكون موجهة للآثار المترتبة عليها، فيعطى المريض التعليمات اللازمة المتعلقة بطبيعة الطعام وطريقة تناوله، ومنها:
    ـ عدم تناول وجبات كبيرة دسمة والاستعاضة بوجبات خفيفة متعددة.
    ـ الامتناع عن الطعام مدة ساعتين على الأقل قبل النوم أو الرياضة.
    ـ الامتناع عن التدخين والمخرشات مثل التوابل والحوامض.
    ـ رفع السرير مقدار 15 ْ من جهة الرأس لجعل الصدر أعلى من البطن.
    وتأتي المعالجة الدوائية بمضادات إفراز الحموضة ومعدلات الحموضة في المقام الأول، أما المعالجة الجراحية فتنحصر في الذين لم يستجيبوا للمعالجة الدوائية. وتجرى الجراحة اليوم عن طريق المنظار ونتائجها مشجعة.
    ـ فتق النواة اللبية أو الفتق القرصي discal hernia: هذا القرص موجود بين الفقرات التي تشمل كافة العمود الفقري من الرقبة حتى العجز مروراً بالظهر والقطن.
    يتألف هذا القرص من طبقة خارجية ليفية تحيط بطبقة داخلية غضروفية عادة، ويعمل هذا القرص عمل الوسادة بين الفقرات.
    قد يحدث تمزق بسيط أو شديد في هذه الحلقة المحيطة بالغضروف أو (النواة اللبية)؛ مما يؤدي حسب شدة الحالة إلى بروز فيالغضروف أو الخروج التام من مكانه ليضغط على أحد الجذور العصبية، التي تخرج من طرفي النخاع الشوكي. ومن الأسباب التي تهيّىء لحدوث ذلك الرض، الجهد الفيزيائي الممارس على العمود الفقري، أو التنكس في الحلقة الليفية.
    تتفاوت أعراض هذا الفتق من حيث شدتها ومكان توضعها، وأكثر الأماكن إصابة هي العمود الرقبي والعمود القطني العجزي. وتشمل الأعراض حس الخدر (في الطرفين العلويين أو السفليين حسب مكان الإصابة) في المرحلة الأولى، وقد تشتد لتصبح على شكل ألم مبرح جداً وخاصة في الأطراف وليس في الرقبة أو الظهر.
    وقد يؤدي التأخر في علاج هذه الحالة إلى حدوث أذيات عصبية منها هبوط القدم في فتق النواة اللبية في العمود القطني.
    فتق النواة اللبية


    التشخيص: تشخص هذه الحالة بالفحص السريري، ويؤكد بالتصوير الطبقي المحوري CT Scan أو التصوير بالرنين المغنطيسيM.R.I.
    المعالجة: يبدأ العلاج في الحالات البسيطة بإعطاء المسكنات والراحة بالفراش فترة تطول أو تقصر حسب تحسن الأعراض.
    أما في الحالات الأخرى، والتي يكون فيها التمزق كبيراً مع خروج كامل النواة اللبية من مكانها فلابد من التداخل الجراحي، ويتمّ خلاله استئصال النواة المفتوقة. ونتائج العمل الجراحي جيدة في معظم الحالات ما لم يكن قد حدثت أذية عصبية مسبقاً غير قابلة للتراجع.
    معن المالكي

  4. #684
    الفرفرية

    طفوح فرفرية على الساعد وقد تبدو بلون
    بني مزرق بحسب عمق توضعها وإزمانها
    يطلق اسم الفرفرية purpura على نزوف تتوضع في الجلد والأغشية المخاطية، تتسرب إليه من الشعيرات الدموية المؤوفة في الناحية، وتتظاهر على سطح الجلد بشكل بقع أو لطخات حمراء.
    تدعى البقع التي لا يتجاوز قطرها 3مم بالحَبَر petechiae وتدعى البقع أو اللطخات الأوسع من ذلك بالكدمات ecchymoses أو (bruises)، وقد يتجمع الدمالمتسرب في فجوات بين الأنسجة ويدعى بالورم الدموي hematoma. وإذا توضعت البقع النزفية على مسير خطي فتدعى بالفرفريات الخطية vibices.
    تتميز الفرفرية بثبات لونها وعدم زواله بالضغط الموضّع على سطحها، كأن يجري الضغط برؤوس الأصابع أو المعاينة بالشفوف diascopy، وهي علامة تميزها من آفات مشابهة مثل توسع الشعيرات والحمامى، إذ إن هذه يغيب لونها الأحمر بالضغط الموضّع لانفراغ الدم منها.
    السببيّات والإمراض
    تنشأ النزوف في الفرفرية بسبب أذيات أو تبدلات مرضية تصيب الأوعية الدموية، أو تصيب محتواها، أو تصيب جوارها، وقد تصيب أكثر من موضع من هذه المواضع الثلاثة.
    1- الإصابات الوعائية: وتنجم عن الأسباب التالية:
    ـ الرضح trauma: ويحدث تمزقات دقيقة في جدر الأوعية وبطانتها يمكن أن يتسرب منها الدم إلى الجوار.
    ـ الالتهابات الوعائية vasculitis: وهي تنجم عن أسباب مختلفة أهمها الآتية:
    أ - الأخماج: كالخمج بالمكورات السحائية، والخمج بالمكورات البنية، والأخماج بالفيروسات والبرداء (الملاريا).
    ب - الالتهابات المناعية المنشأ: حيث تتشكل معقدات مناعية تستهدف جدر الأوعية كما في الفرفرية التأقانيةanaphylactoid، أو تتشكل أضداد antibodies تغشي الصفيحات platelets كما في فرفرية قلة الصفيحات الغامضة idiopathic thrombocytopenic.
    ـ العيوب الولادية والآفات الوراثية: وهي آفات متنوعة غير شائعة كداء توسع الشعيرات النزفي الوراثي.
    ـ اضطراب الضغط داخل الأوعية: يؤثر ازدياد الضغط في الجدر الوعائية ويؤدي إلى ازدياد النفوذية الوعائية وخاصة في الحالات المرضية كما في البثع scurvy (عوز الفيتامين C) ومن الأمثلة على ازدياد الضغط هي الفرفريات التي تشاهد على الوجه والعنق وأعلى الصدر في حالات الإقياء الشديد والسعال المتواتر وفي حالات شدة الدفع عند الوضع (الولادة) ومثلها الفرفريات المشاهدة عند رافعي الأثقال. ويذكر في هذا المجال فرفريات الركودة المشاهدة في الساقين، والفرفريات عقب نوبة صرعية أو اختناق رضي. وقد تحدث فرفرية صنعية بالضغط المعاكس كالمصّ المحدث لغايات مختلفة كالحجامة.
    2- اضطرابات محتوى الأوعية: وتشمل اضطرابات الصفيحات الدموية واضطراب عوامل الإرقاء والتخثر.
    ـ اضطراب الصفيحات: تنشأ الصفيحات من نقي العظام وخاصة العظام المسطحة ويخضع تكوينها لعوامل هورمونية، وإن أي اعتلال يصيب النقي من تثبيط أو فرط تنسج يمكن أن ينعكس على تكوين الصفيحات وعددها ووظائفها، وكذلك الأمر في إصابات الجملة الشبكية البطانية وخاصة الطحال فهي تؤدي إلى اضطرابات في الصفيحات.
    وتشمل اضطرابات الصفيحات ما يأتي:
    أ - قلة الصفيحات: إن التعداد الطبيعي للصفيحات هو ما بين (150.000/مم3 إلى 400.000/مم3) ولا تـشاهد الفـرفـريـات عـادة إلا إذا نقص عـددها عن 50.000/مم3، وإذا ما نقص العـدد عن (20.000/مم3) فإن النزوف تحدث لأقل رضح يصيب الجلد، وإذا ما نقص عن (10.000/مم3) فإن المصاب يتعرض إلى نزوف جهازية وحشوية كالنزوف الهضمية والكلوية والمفصلية وغيرها.
    وأما أسباب قلة الصفيحات فهي متعددة ويأتي في طليعتها:
    ـ اضطرابات النقي واضطرابات الجملة الشبكية البطانية reticuloendothelial.
    ـ الأدوية وأهمها المدرّات التيازيدية والسولفاميدات والريفامبيسين والبنسلين والكينين والكينيدين.
    ـ الأخماج ومنها البرداء والأخماج الفيروسية والجرثومية.
    ـ الاضطرابات المناعية: فقد تتشكل الأضداد والمعقدات المناعية.
    ـ فرط استهلاك الصفيحات أو شدة ضياعها: كما في النزوف والحروق الواسعة والتخثر المنتثر داخل الأوعية.
    ب - زيادة الصفيحات: ليس لازدياد الصفيحات الطفيف تأثيرات مهمة، أما إذا قارب تعداد الصفيحات المليون أو زاد عنه فيمكن أن ينجم عن ذلك نزوف وخثارات قد تؤدي إلى انسداد الشرايين في أعضاء مختلفة وإذا ما أصابت الأطراف فقد تبدي مواتاً gangrene في الأصابع.
    ج - اضطراب وظيفة الصفيحات: للصفيحات وظيفتان أساسيتان: أولاهما وظيفة الإرقاء المباشر وثانيتهما وظيفة صنع شحميات فوسفورية تشارك في صنع عوامل التخثر وعمليات شلال التخثر، وهاتان الوظيفتان تتأثران بقلة عدد الصفيحات، وتوجد حالات نزفية يكون تعداد الصفيحات فيها سوياً إلا أن اعتلال الصفيحات يؤدي إلى حدوثها وتشاهد في بعض الأمراض النزفية الوراثية، أو في حالات مكتسبة ترافق القصورات الكبدية والكلوية، وبعض أمراض الدم.
    ـ اضطرابات عوامل التخثر: يهدف الإرقاء الطبيعي إلى تشكيل خثرة أو علقة تسد مكان النزف في الوعاء المؤوف، ويتم ذلك أولاً بانقباض الوعاء، ثم تأتي الصفيحات لتلتصق على جوانبه، ومن ثم تنطلق سلسلة من التفاعلات تعرف (بشلال التخثر) حيث يؤدي كل تفاعل إلى تفعيل آخر يتحول في نهايته بروتين مولد الليف fibrinogen المنحل في البلازما إلى ألياف ليفية غير منحلة تتشابك خيوطها لتشكل شبكة (علقة) تسد الوعاء المؤوف فيتوقف النزف ويلتئم الصدع.
    وفي الدم أيضاً مواد أخرى تعرف بالعوامل المضادة للتجلط تمنعه من التخثر في الأوعية في الحال السوية، أما في الحالات المرضية فتحدث اضطرابات في التخثر ينشأ عنها عدد من الآفات. وفيما يأتي أهم أسباب هذه الاضطرابات:
    أ - وجود عيوب وراثية في عوامل التخثر كما في مرض الناعور hemophilia وهو مرض ينتقل بخلة صاغرة recessiveتحملها النساء وينتقل منهن إلى الأبناء، ويتعرض المصاب بالناعور لنزوف شتى وخاصة في المفاصل.
    ب - عوامل مكتسبة وأهمها:
    ـ عوز الفيتامين K وينجم غالباً عن اضطراب تشكله في الأمعاء، أو عن سوء الامتصاص كما في الآفات المعوية، أو عن حالات سوء التغذية وعوز الغذاء أو عن تأثير بعض الأدوية وخاصة الأدوية المضادة للتخثر anticoagulant. يقوم الكبد بصنع بعض عوامل التخثر المهمة ويؤدي عوز الفيتامين K إلى قصور الكبد عن تكوين هذه العوامل، ومن ثمَّ حدوث حالات نزفية مثل الداء النزفي عند الوليد.
    ـ الأدوية المضادة للتخثر كالورفرين والأسبرين لأنها تثبط عمل الفيتامين K.
    ـ الأدواء الكبدية وخاصة ما ترافق منها بتنخر خلايا الكبد بسبب الأخماج والأدوية والكحول والسموم ونحوها.
    ـ عوامل أخرى: كاضطراب بروتينات الدم (فرفريات الغلوبولينات القرّية) والمعالجة المديدة بالستيروئيدات القشرية، وعوز الفيتامين C.
    3 - اضطرابات جوار الأوعية: وهذه تشمل إصابات الأنسجة الداعمة للأوعية الدموية كضمورات الأنسجة الضامة وتدرك الألياف المرنة الأدمية ويحدث ذلك بسبب التقدم في السن (الشيخوخة) أو بسبب التأثيرات الضيائية (الشمسية) أو بسبب بعض الأدوية (كالستيروئيدات القشرية) وتهيئ تلك التبدلات لنزوف قد تكون واسعة لدى حدوث رضوح طفيفة كما في الفرفرية الشيخوخية.
    الأشكال السريرية
    تصنف الفرفريات من الوجهة السريرية في شكلين:
    1- الفرفريات السطحية: وهي الفرفريات التي يبدو طفحها بشكل بقع في مستوى سطح الجلد، وتكون غير مرتشحة أو مرتفعة، وتشاهد في أشكال عديدة من الفرفريات غير المترافقة بالتهابات وعائية.
    2- الفرفريات المجسوسة palpables: والتي يمكن تحريها بالأنامل لارتشاحها وارتفاعها عن مستوى سطح الجلد، وهي قد تترافق بتنخرات وتشاهد عادة في فرفريات الالتهابات الوعائية كالتهاب الأوعية الناخر.
    ولعل تصنيف الفرفريات القائم على السببيات والإمراض هو الأكثر قبولاً، وفيما يأتي شروحات مقتضبة لنماذج من هذه الفرفريات:
    ـ فرفرية قلة الصفيحات غامضة المنشأ: وهي فرفرية ناجمة عن اضطراب مناعي تتشكل فيها أضداد للصفيحات وتتظاهر بحبر وكدمات في الجلد والأغشية المخاطية ويمكن أن تترافق برعاف ونزوف اللثة وبتغوط أسود.
    لها شكل حاد، يشاهد غالباً في الأطفال واليَفَعَة، ويغلب حدوثه عقب خمج حاد كالخمج الفيروسي، كما أن لها أشكالاً مزمنة تشاهد عادة في البالغين وخاصة في النساء.
    فرفرية هينوك شونلاين وهي فرفرية مجسوسة
    على الأوجه الانبساطية للساقين
    فرفرية التخثر المنتشر
    عند طفل مصاب بخمج الدم بالمكورات السحائية
    الفرفرية الشيخوخية وهي حالة شائعة وحميدة تظهر عند المسنين،
    وتنجم عن أذية في إنتاج الكولاجين وهشاشة الأوعية الشعرية
    ينقص فيها عدد الصفيحات، ومن أسباب هذا النقص نشاط خلايا الشبكة البطانية كالطحال في إزالة الصفيحات المغشاة بالأضداد، تستخدم في معالجتها الستيروئيدات القشرية والأدوية المثبطة للمناعة، وقد يلجأ إلى استئصال الطحال.
    ومن فرفريات قلة الصفيحات: فرفرية قلة الصفيحات العرضية، وتتم بآلية مناعية أيضاً تنجم غالباً عن مؤثرات خارجية، وفي طليعتها الأدوية التي سبق ذكرها كالمدرات التيازيدية.
    ـ الفرفرية التأقانية أو فرفرية هينوك شونلاين Henoch schoenlein purpura: تتميز هذه الفرفرية بالتهاب الأوعية الدموية الناجم عن اضطراب مناعي، تتشكل فيه معقدات مناعية تؤذي البطانة الوعائية. والأطفال هم أكثر المرضى عرضة لهذه الإصابة.
    تتصف فرفرية هينوك شونلاين بما يأتي: فرفريات بقعية وشروية مرتفعة (فرفريات مجسوسة) في الجلد وخاصة على الوجوه الانبساطية للأطراف وعلى الإليتين وقد يتوالى ظهورها بشكل أفواج وعلى مدى أسابيع مع آلام وآفات مفصلية، وآلام ونزوف داخلية هضمية وكلوية وغيرها.
    والأسباب في هذه الإصابة متعددة منها: الأخماج وخاصة التهاب الطرق التنفسية العليا، والأدوية والأطعمة ولدغ الحشرات.
    ـ التخثر المنتثر باطن الأوعيةdissiminated intravascular coagulation (DIC): وتنجم عن اضطرابات في عوامل التخثر تؤدي إلى تشكيل خثارات الفيبرين، وهذه تنتشر باطن الأوعية وتؤدي إلى أعراض جلدية قد تكون هي الظاهرة البدئية وإلى أعراض جهازية شديدة.
    تبدو الأعراض الجلدية بحبر دقيق منتشر وقد يترافق بفقاعات نزفية وموات في الجلد.
    والأعراض الداخلية متنوعة تنهك المريض في شكلها الحاد وتترافق بالحمى ونقص الأكسجة وهبوط الضغط وخاصة في حالة النزوف الداخلية.
    يهيئ لهذه الإصابة الحماض acidosis والمعالجات الكيمياوية للابيضاضات leukemias والخباثات، حيث إنها تثير تفعيل شلال التخثر فتتشكل الخثارات كما أن آلية الانحلال تنشط مستهلكة بذلك الصفيحات وعوامل أخرى، فيزداد معها النزف.
    ومن الأسباب المهيئة أيضاً في هذه الإصابة الوخيمة الأخماج والحروق الواسعة وآفات نسائية (خثار السائل الأمنيوسي) وغيرها.
    ـ الفرفرية الشيخوخية senile purpura: ومثلها الفرفرية السفعية (الضيائية) والفرفرية بالستيروئيدات القشرية، وهذه الفرفريات هي الأكثر مشاهدة، وتتصف بحدوث كدمات حمراء قانية واسعة (1-5سم) تتوضع غالباً على الساعدين وظهر اليدين وقد تشاهد في الوجه والعنق وفي النواحي الفخذية، يكون الجلد فيها ضامراً رقيقاً سهل التكدم بسبب تدرك وتناقص ألياف الكولاجين الداعمة للشعيريات في الجلد.
    ـ الطفوح الفرفرية الصباغية المترقية progressive pigmented purpuric eruptions: وتشمل جلادات عديدة عرفت بأسماء واصفيها، وتتميز بتوضع طفوحها على الأطراف السفلية وفي الساقين عادة، وتشاهد في الكبار، وتبدو بشكل بقع ولطخات نزفية وصباغية بلون بني أو أحمر قاتم ويكون الهيموسيدرين hemosiderin الصباغ الرئيسي في معظمها. تتصف هذه الطفوح بثباتها ولا يعرف لها علاج مجدٍ بعد.
    تضاف إلى هذه الأشكال التي تقدم ذكرها أشكال أخرى عديدة للفرفريات، معظمها نادر أو غير شائع الحدوث، ويرجع إليها في مراجعها المختصة.
    التشخيص
    يقوم في الفرفريات على معرفة العوامل المسببة والاعتلالات المرضية التي قد تصاحبها. ويستعان في وضع التشخيص بالنقاط الآتية:
    ـ القصة المرضية الدقيقة للمصاب: وتشمل بدء المرض وسيره وانتشاره وأعراضه الشخصية والعامة وسوابقه المرضية والوراثية.
    ـ الفحص السريري الشامل للجلد والأجهزة الداخلية وخاصة الطحال والكبد والكليتين.
    ـ الفحوص المخبرية وتشمل: الفحوص المخبرية الأساسية، والتعداد الكامل للدم والكريات البيض والحمر والصفيحات وزمن النزف، والفحوص الأخرى الخاصة بحسب كل إصابة كدراسة لطاخة الدم وكاختبارات عيوب التخثر وزمن الترومبوبلاستين thromboplastin الجزئي وزمن البروترومبين ودراسة النقي والدراسات المناعية وغير ذلك.
    أما التدبير والمعالجة في الفرفريات فيتوقف أيضاً على تحديد الأسباب إن أمكن كإيقاف الأدوية المثيرة ومعالجة الخمجالمحدث، وتعالج الأعراض بحسبها: ففي الفرفريات المناعية قد يستعان بالستيروئيدات القشرية وبأدوية حديثة كابتة للمناعة، وقد يلجأ إلى استئصال الطحال، وفي الفرفريات الحادة والشديدة وخاصة في اضطرابات التخثر قد يلجأ إلى نقل الدم أو بالبلازما ونواتجها، ويستطب بالفيتامين K والفيتامين C في بعض الفرفريات النزفية المرافقة لقصورات كبدية أو آفات عوزية. يضاف إلى ذلك حالات لا تتطلب معالجة ما سوى الوقاية، كما هي الحال في الفرفريات الشيخوخية وحالات لم تعرف لها علاجات مجدية كما ورد في الفرفريات الصباغية المترقية.
    مأمون الجلاد

  5. #685
    الفيتامينات

    الفيتامينات vitamins هي مركبات عضوية يحتاج الجسم إليها بكميات زهيدة جداً لتكون تميمات للأنزيمات coenzymes في عملها في مجالات الاستقلاب والنمو وتنظيم الوظائف الخلوية، ويضطرب عمل الأنزيمات حين نقصها أو غيابها. يتزود الجسم بها عادة من مصادر خارجية غذائية، ولكن يمكن إنشاء بعض الفيتامينات بوساطة الجملة الجرثومية الطبيعية المعوية (النبيت)intestinal flora .
    يحتوي معظم الفيتامينات الجذر الأميني NH2، وجاء اسمها من إضافة كلمة «أمين» amine إلى كلمة vita التي تعني «حياة» باللاتينية أي: الأمين الحيوي. واستمر هذا الاسم دارجاً على الرغم من اكتشاف أنواع من الفيتامينات لا تحوي هذا الجذر.
    تُصنَّف الفيتامينات ضمن زمرتين كبيرتين هما:
    ـ الفيتامينات الذوابة في الماء hydrosolubles، وتشمل مجموعة فيتامين B وهي: ثيامين thiamin (فيتامين B1) وريبوفلافين riboflavin (فيتامين B2) ونياسين niasin (فيتامين B3) وحمض البانتوثينيك pantothenic acid (فيتامين B5) وبيريدوكسين pyridoxine (فيتامين B6) وبيوتين biotin وسيانوكوبالامين cyanocobalamin (فيتامين B12) وحمض الفوليك folic acidإضافة إلى فيتامين C الذي يدعى حمض الأسكوربيك ascorbic acid.
    ـ الفيتامينات الذوابة في الدسم، وتشمل ريتينول retinol (فيتامين A) والمواد الستيرولية (فيتامين D) وتوكوفيرول (فيتامينE)، ومركبات ميناديون menadione (فيتامين K).
    يختلف مقدار الحاجة اليومية الطبيعية من كل فيتامين باختلاف الجنس والعمر والوزن، وفيما إذا كانت هناك حالة حمل أو إرضاع. ينجم نقص الفيتامينات عن نقص الوارد الغذائي المزمن؛ إذ يحتوي الجسم مدخرات من الفيتامينات تكفيه أشهراً أو سنوات عدة، ولذا لا تظهر أعراض نقص فيتامين معين إلا بعد نقص الوارد منه مدة طويلة.
    ومن الناحية العملية؛ قد يظهر عوز الفيتامينات في سوء التغذية المديد، وقد ينجم عن مرض يقلل الامتصاصabsorption من الجهاز الهضمي مع وجود وارد غذائي فموي طبيعي. ويبدو هذا في أمراض سوء الامتصاص malabsorption، أو الإسهالات المزمنة، أو الكحولية المزمنة، أو بعد الاستئصال الجراحي لقسم كبير من المعدة أو الأمعاء، أو حين تناول مركبات دوائية تنقص من امتصاص بعض الفيتامينات أو تنافسها على الامتصاص، أو عند الإصابة بالطفيليات المعوية.
    تظهر أعراض نقص الفيتامينات وتشتد تدريجياً، ويصعب تشخيص الحالة عادة في بدايتها، إذ تكون الأعراض عامة وليست نوعية، ممَّا يؤخر التشخيص.
    تؤدي زيادة الوارد من الفيتامينات الذوابة في الماء إلى طرحها عن طريق الكلية عادة دون مشكلات تُذكر، أما الفيتامينات الذوابة في الدسم فتسبب زيادة الوارد منها مدة طويلة تراكمها، وظهور أعراض الانسمام بها، وقد تكون هذه الأعراض خطيرة، ويحصل ذلك بعد التناول المفرط المديد لأدوية تحوي هذه الفيتامينات دون استطباب لازم، ولا يحدث بسبب زيادة الوارد الغذائي الطبيعي.
    يمكن التأكد من تشخيص عوز فيتامين معين أو الانسمام به عن طريق معايرته أو معايرة مستقلباته في الدم أو البول.
    تزول أعراض نقص الفيتامين بعد إعطائه بالجرعة العلاجية، وتزول أعراض الانسمام به بعد إيقاف تناوله، ويحصل ذلك كلّه في أيام أو أسابيع قليلة.
    تنطبق هذه المعلومات عامة على جميع الفيتامينات مع فوارق طفيفة تتعلق بكل فيتامين على حدة.
    هناك مجموعة من الفيتامينات تدعى مضادات الأكسدة antioxidants، وتشمل فيتامينات A وC وE، ولها دور في حماية الجسم من تأثير بعض العوامل المخربة للخلايا، وتفيد في الوقاية من أمراض الشرايين القلبية الإكليلية وتصلب الشرايين والأورام الخبيثة.
    1- الفيتامينات الذوابة في الماء:
    ـ ثيامين (فيتامين B1): له دور مهم في استقلاب السكاكر والنشويات، وفي الناقلية العصبية للأعصاب المحيطية. يبلغ مقدار الحاجة منه 1-1.5ملغ يومياً. ينقص امتصاصه وتخزينه واستقلابه عند الكحوليين المزمنين، وفي الإسهالات المزمنة وحالات سوء الامتصاص. تشمل أعراض عوزه نقص الشهية، والتشنج العضلي، وشواش الحس (المذل paresthesia)، ومرض بري بري beri-beri الذي يصيب القلب والأعصاب. يشخص عوزه مخبرياً، ويتأكد التشخيص بتحسن الحالة المرضية سريعاً بعد إعطاء فيتامين B1. يوجد هذا الفيتامين في الحبوب الكاملة (غير المقشورة) كالقمح مثلاً، وفي البطاطا والسبانخ والكبد. لا تؤدي زيادة الوارد منه إلى الانسمام، بل تطرح كلوياً.
    ـ ريبوفلافين (فيتامين B2): يتمم الأنزيمات المسؤولة عن عمليات الأكسدة والإرجاع في استقلاب السكاكر والنشويات. تبلغ الحاجة اليومية منه 1-1.5ملغ وينقص امتصاصه في حالات الكحولية المزمنة وسوء الامتصاص، وأمراض الكبد المزمنة. تتظاهر أعراض عوزه بشحوب الوجه وتشقق الشفتين والصوارين وتقرحهما والتهاب اللسان وتشققه والتهاب الجلد وتحرشفه. وقد تحدث اضطرابات عينية كالدماع epiphora والخوف من الضياء photophobia (رهاب الضوء). يشخص نقصه مخبرياً وتتحسن الأعراض سريعاً بعد المعالجة. يوجد فيتامين B2 في الحبوب غير المقشورة، وفي الخضار واللحوم الخالية من الدسم. ولا تحدث حالات انسمام به.
    ـ نياسين (فيتامين B3): له دور في عمليات الأكسدة والإرجاع في استقلاب السكاكر والنشويات. تبلغ الحاجة اليومية منه 10ـ 20ملغ، ويختلف عن معظم الفيتامينات بقدرة الجسم على اصطناعه في الأمعاء بوساطة النبيت المعوي. يظهر عوزه في المناطق التي تعتمد في غذائها على الذرة لأنها فقيرة به، وفي حالات الإسهال المزمن وتشمع الكبد والكحولية المزمنة. وينجم عن عوزه مرض البِلَّغرة pellagra الذي يتصف بأعراض هضمية وجلدية وغشائية مخاطية وعصبية مركزية، وقد تؤدي الأعراض إلى الوفاة إن لم يعالج المريض. يُشخَّص نقص هذا الفيتامين مخبرياً وتزول الأعراض سريعاً بعد المعالجة. وقد يفضي إعطاء كمية كبيرة من النياسين إلى ظهور أعراض انسمام تشمل توهجاً (احمراراً) جلدياً وتهيجاً معدياً وارتفاعاً في الخمائر الكبدية (بسبب تأذي الكبد) وفي سكر الدم. تزول الأعراض بعد إيقاف وارد النياسين عن المريض. يكثر هذا الفيتامين في البقول والحبوب والمكسرات وخميرة البيرة.
    ـ حمض البانتوثينيك (فيتامين B5): ضروري لاستقلاب السكريات والنشويات والدسم والبروتينات. إن الإصابة بعوزه نادرة لأنه متوافر في معظم الأطعمة. تبلغ الحاجة اليومية منه 5-10ملغ، وفي حال حدوث عوزه تكون أعراضه شبيهة بأعراض عوز مركبات فيتامين B الأخرى.
    ـ بيريدوكسين (فيتامين B6): ذو دور في استقلاب الحموض الأمينية. وتبلغ الحاجة اليومية منه 1.5-2ملغ. تندر الإصابة بعوزه، وتحدث بعد استعمال بعض الأدوية التي تنقص امتصاصه مثل الإيزونيازيد isoniazid، أو البنسيلامينpenicillamine، أو في حالة الكحولية المزمنة. وتشمل أعراض عوزه تقرّح الفم والتهاب اللسان والوهن العام وفرط الاستثارة العصبية وفقر الدم واعتلال الأعصاب المحيطية. يُشخَّص عوزه مخبرياً، ويجب إعطاؤه وقائياً على نحوٍ منهجي مع كل دواء قد يُسبّب عوزه. ويؤدي الإفراط في تناوله إلى حدوث أعراض انسمام به أهمها: اعتلال الأعصاب الحسية. يوجد هذا الفيتامين في الحبوب والبطاطا والخضار وينشئه أحياناً النبيت المعوي.
    ـ بيوتين: هو تميم أنزيم ضروري لاستقلاب الدهون والسكريات والنشويات. تتوافر أضداده في آح البيض، ولهذا قد تحدث الإصابة بعوزه عند التناول المفرط للآح النيء، ولكن يندر أن يحدث هذا. وأعراض عوزه هي: ظهور اضطرابات مناعية وصلع والتهاب ملتحمة العين التقرني. تُقدَّر الحاجة اليومية منه بنحو 0.2-0.3ملغ. والبيوتين يوجد في الخضار وخميرة البيرة وأطعمة كثيرة.
    ـ سيانوكوبالامين (فيتامين B12): يتزوَّد الجسم به عن طريق الأغذية، وتُجرى عليه عمليات كيميائية أساسية في المعدةوالأمعاء، إذ يرتبط بمادة تدعى العامل الداخلي intrinsic factor تفرزها المعدة كي يتمكن الجسم من الاستفادة منه واستخدامه في العمليات الحيوية. له عمل مهم في تكوين الكريات الحمر السوية الحجم والشكل, كما أن له دوراً في استقلاب الحموض الدسمة. تبلغ الحاجة اليومية منه 1-2ملغ، ويستطيع الكبد اختزان مدَّخر منه يكفي سنوات عدة، ولذا تندر الإصابة بعوزه بسبب نقص الوارد منه، ويمكن أن يصاب النباتيون به لأنه غير موجود في الأطعمة النباتية. يسبب عوزه فقر الدم الوبيل pernicious anemiaوفيه تكون الكريات الحمر كبيرة الحجم وتنقص فيها كمية الخضاب hemoglobin، كما يسبب عوزه التهاباً في الأعصاب المحيطة. يتوافر هذا الفيتامين في لحم السمك والدجاج والحليب ومشتقاته والبيض.
    ـ حمض الفوليك: يتم امتصاصه من الأمعاء الدقيقة وله دور مهمٌ في تكون الكريات الحمر وفي تكوين الجهاز العصبي عند الجنين. تبلغ الحاجة اليومية منه 100-200ملغ، وتزداد في أثناء الحمل. يحدث عوزه عند الكحوليين المزمنين، وفي الآفات الكبدية، والإسهالات المزمنة، وبعد الاستعمال المديد لبعض الأدوية كمضادات الاختلاج anticonvulsants، ومانعات الحمل الفموية. يسبب عوزه فقر الدم الضخم الكريات megalocytic anemia. وقد يؤدي نقصه الشديد إلى اضطراب في تشكل الجملة العصبية عند الجنين. لا يحدث انسمام به، وأهم مصادره الغذائية الخضار الخضراء كالسبانخ والبقدونس والخس، والحبوب الكاملة غير المقشورة واللحوم قليلة الدسم.
    ـ حمض الأسكوربيك (فيتامين C): له وظيفه في امتصاص الحديد والتئام الجروح واستقلاب الأدوية وإنشاء النسج الضامة في الجسم. تبلغ الحاجة اليومية منه 60-90ملغ. ينجم عوزه عن الكحولية المزمنة، ونقص الوارد المديد، ويصيب المسنين والرضع بين عمر 6-12 شهراً إن لم يضف إلى غذائهم. يسبب عوزه مرض البثع scurvy، فتحدث ضخامة ونزوف لثوية ونزوف مفصلية ونزوف نمشية في الجلد وفقر دم وتأخر في التئام الجروح. وفي النهاية تصاب الكليتان فيظهر شح في البول، واعتلال عصبي ووذمات ونزوف دماغية وينتهي بالموت. يشخص المرض سريرياً وبسهولة إن كان متقدماً. أما عند الاشتباه به في مرحلته الباكرة فيشخص مخبرياً. تتحسن الأعراض بعد أيام عدة من العلاج حتى وإن كان المرض متقدماً. يتوافر هذا الفيتامين في الخضار والفواكه الطازجة والحمضيات.
    2- الفيتامينات الذوابة في الدسم:
    ـ ريتينول (فيتامين A): يتم تركيب هذا الفيتامين واصطناعه من جزيء نباتي هو بيتاـ كاروتينbeta-carotene ، ويدعى طليعة فيتامين A أو قد يحصل عليه الجسم جاهزاً من بعض الأطعمة. يتم امتصاصه من الأمعاء الدقيقة ويخزَّن في الكبد، وهو مادة أساسية ذات أهمية في عملية الإبصار وإنتاج النطاف والنمو والتمايز الخلوي والتئام الجروح الطبيعي. يبلغ مقدار الحاجة اليومية منه 0.5-1ملغ. وتظهر أعراض عوزه عند نقص الوارد منه، كما هو الحال في البلدان التي تعتمد في غذائها على الأرز الفقير بهذا الفيتامين، وتظهر في حالات نقص امتصاصه كما في الإسهالات المزمنة وأمراض سوء الامتصاص وتشمع الكبد والإصابة بالطفيليات المعوية والاستئصال الجراحي لجزء كبير من الأمعاء. أعراض نقصه هي: العشى (العمى الليلي) وجفاف ملتحمة العين وظهور لطاخات بيضاء صغيرة عليها وتقرّح قرنية العين وانثقابها وجفاف الجلد وتقرنه واضطراب حسَّي الذوق والشم واحتمال تعرض المريض للأخماج والأورام الخبيثة. يؤدي الإفراط في تناوله إلى ظهور أعراض انسمام ناجمة عن تراكمه في الجسم. وتشمل هذه الأعراض آلاماً عظمية وصداعاً ووهناً عاماً وغثياناً وإقياء وتضخماً في الكبد والطحال وتلوّن الجلد باللون الأصفر البرتقالي، وخاصة الراحتين والأخمصين، ولكن تبقى صلبة العين بيضاء. تزول أعراض عوزه سريعاً بعد تناوله بمقادير علاجية، ولكن يجب الانتباه إلى أن إعطاءه للحامل مشوّه جداً للجنين. تزول أعراض الانسمام به سريعاً بعد قطع الوارد الدوائي منه. يتوافر فيتامين A أو طليعته بيتا كاروتين في مح البيض والكبد وزيت السمك والزبدة والجزر والبندورة والسبانخ والخس.
    ـ فيتامين D: يتركب كيميائياً من مواد ستيرولية sterols؛ وهي مجموعة طلائع كيميائية يوجد بعضها في النباتات واللحوم وتمتص في الأمعاء في حين يتركب بعضها الآخر بعد تعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية ويختزن في الجلد، ومن ثم يدخل الدوران الدموي. يؤدي الفيتامين D دوراً مهماً في الاستقلاب الطبيعي للكلسيوم والفسفور، وفي عمل هرمون جنيبات الدرق (الدريقات) parathyroid hormone، فهو يزيد امتصاص الكلسيوم والفسفور في الأمعاء، وإن إعطاءه دوائياً يزيد من توضع الكلس في العظام والكليتين. تقدر الحاجة اليومية منه بنحو 5-10ملغ، ويؤدي نقصه إلى اضطراب امتصاص الكلسيوم والفسفور واستقلابهما مما يحدث نقصاً في تمعدن العظام. يتجلى هذا النقص بالإصابة بالرخد (الكساح) rickets عند الأطفال ويبدو ذلك سريرياً بتقوس الساقين وخلل في بزوغ الأسنان وصلابتها، ويفضي نقصه إلى تلين العظام osteomalacia لدى الكهول ويظهر ذلك في سهولة الإصابة بالكسور العظمية التلقائية أو بعد التعرض لرض خفيف. يحدث عوزه في حالة الإسهال الدهني steatorrheaوبعد الاستعمال المديد للمسهلات الحاوية على زيت الخروع وبعد الحرمان المديد من التعرض للشمس. يؤدي تناوله المفرط إلى ظهور أعراض انسمام به وهي: نقص الشهية والغثيان والإقياء والوهن العام والحكة، وقد تتأذى الوظيفة الكلوية فتتشكل حصيات كلوية. أما مصادره الغذائية فهي زيت السمك والبيض واللحوم ويتركب في الجسم بعد التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية.
    ـ توكوفيرول tocopherol (فيتامين E): هو مضاد أكسدة، ولذلك له دور في الوقاية من الأورام الخبيثة ومن أمراض القلب الإكليلية ومن الساد العيني. ويمتص هذا الفيتامين في الأمعاء. تبلغ الحاجة اليومية منه 5-10ملغ. يحدث عوزه في حالات سوء الامتصاص وأمراض الكبد الصفراوية. يتظاهر نقصه بفقد المنعكسات الوترية للعضلات، واضطراب المشية وشلل العضلات المحركة للعين وزيادة هشاشة الكريات الحمر، مما يسبب انحلال الدم. وفي حالات نادرة قد يحدث الانسمام به إن أعطي بإفراط، ولاسيما عند الولدان، ويظهر هذا بالتهاب الأمعاء الدقيقة والقولون. تزول أعراض عوزه بعد إعطائه بالمقادير العلاجية، وتزول أعراض الانسمام به بعد التوقف عن تناوله، ويتم ذلك في غضون أسابيع قليلة. يتوافر هذا الفيتامين في الزيوت النباتية والبيض والحليب والخضار الورقية.
    ـ فيتامين K: له دور في تنظيم عدد من عوامل التخثر الدموية في الكبد. ويتزود الجسم به عن طريق الأغذية، ويرّكبه النبيت المعوي في الأمعاء الدقيقة. تبلغ الحاجة اليومية منه 30-60ملغ. يحصل نقصه عند تناول بعض الصادات عن طريق الفم لأنها تتداخل في إنشائه، وفي بعض أمراض الكبد كتشمع الكبد وإصابة الطرق الصفراوية والأمعاء وسوء الامتصاص أو بعد الإكثار من تناول زيت الخروع. وهناك بعض الأدوية التي تثبط إنشاءه كمضادات التخثر. يتظاهر نقصه بأعراض نزفية كحدوث بيلة دموية أو تغوط دموي أو نزف لثوي أو نزف تحت ملتحمة العين أو رعاف، وقد يبدو ذلك على شكل نزف هضمي علوي يتظاهر بإقياء دموي مترافق بتغوط زفتي. يؤدي إعطاؤه علاجياً إلى انحلال الدم في المصابين بالفوال أي بعوز خميرةG6PD في الدم. يتوافر هذا الفيتامين في المكسرات والخضار والحبوب، ويُصطنع في الأمعاء الدقيقة من طلائعه الكيميائية.
    محمد أسامة هاشم

  6. #686
    الفيروسات (علم -)

    يدلُّ مصطلح فيروسات اليوم، على عوامل مرضية ذات كيان مستقل، لا يمكن زرعها في الأوساط الصنعية، ولا تتكاثر إلا ضمن الخلايا التي تتطفل عليها.
    يعود مفهوم المرض الفيروسي إلى أواخر القرن التاسع عشر حينما برهن باستور ولوفلر وفروش وغيرهم، كل على انفراد، أنه يمكن لعامل ممرض يستطيع اجتياز المراشح، التي لا ترشح منها الجراثيم، ولا يرى في المجهر الضوئي، أن يسبب خمجاً يمكن نقله على التسلسل. إن العديد من هذه الأمراض ليست غريبة على الإنسان فقد عُرِفَ الجدري منذ ألفي عام ووصف الطبيب الإغريقي أبقراط النكاف في كتبه.

    بنية الفيروس
    عرّفت الفيروسات في البدء بالنسبة لحجمها الصغير فالكبيرة منها تقيس بين 200 إلى 300نانومتر كفيروسات الجدري variola والوقس vaccinia (cowpox) والداء الببغائي psittacose، في حين يبلغ حجم الصغيرة 10 نانومتر كفيروس شلل الأطفالوفيروس الحمى القلاعية aphtous. كما صُنِّفت حسب مضيفها الذي تتكاثر فيه، فقيل بفيروسات الفقريات وفيروسات النباتات وفيروسات الجراثيموغيرها. ثم صنِّفت تبعاً للاضطرابات التي تسببها فدعيت فيروسات الجهاز التنفسي وفيروسات الجهاز الهضمي إلى غير ذلك. وصنِّفت أيضاً وفق طريقة انتقالها فيما إذا كانت بمفصليات الأرجل مثلاً أو بغيرها. ولكن اللجنة الدولية لتسمية الفيروسات صنفتها عام 1976 وفق بنيتها ونوع حمضها النووي فيما إذا كان من الدناDNA أو الرنا RNA، وتناظر قفيصتها capsid فيما إذا كانت مكعبة أو حلزونية، وموضعها في الخلية المخموجة فيما إذا كانت تسكن النواة أو الهيولى حيث تتجمع عواملها، ووجود غلاف لها أم لا، وعدد القسيمات القفيصية capsomer، وقطر الحلزون.
    إن المجال المرضي للفيروسات واسع ومتنوع، فبعضها كثير الانتشار وسليم كفيروسات الزكام common cold وفيروسات الثآليل verruca وبعض الفيروسات التي تسبب إسهالاً للأطفال، في حين أن بعضها الآخر يتصف بخطورة مؤكدة كفيروسات التهاب الدماغ encephalitis، والتهابات الكبد وشلل الأطفال وعوز المناعة المكتسب. ومن الفيروسات ما هو شديد الإيذاء حينما يصيبالجنين كفيروس الحصبة الألمانية rubella، أو حينما يخمج الأفراد المنقوصي المناعة كالفيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus، كما يبدو أن لبعض الفيروسات دوراً في ظهور بعض الأورام الخبيثة كفيروس إبشتاين بار Epstein-Barr والفيروسات الحليموميةpapovaviridae والفيروس القهقري retrovirus.
    وضع لفوف Lwoff عام 1935 قبل اللجنة الدولية، أربعة معايير criterions للفيروسات التي تجعل منها كيانات مستقلة وهي:
    ـ لا يضم الفيروس إلا نوعاً واحداً من الحمض النووي أي رنا «RNA» أو دنا «DNA»، وهو الذي يؤلف مجين الفيروس، وهذه الصفة هي التي تميزه من بقية الأجسام الحية التي فيها حمضان نوويان معاً.
    ـ تتكاثر الفيروسات في موادها الجينية بالتنسخ replication وليس بالانقسام كالجراثيم، كما أنها لا تخضع لحوادث انقسام تماثل ما تخضع له حقيقية النواة eukaryote.
    ـ تتصف الفيروسات بتطفلها داخل الخلايا لافتقارها إلى جهاز إنزيمي وجهاز يوفر لها القدرة على تأمين تكاثرها، لذا فهي لا تتنسخ إلا ضمن خلية حيّة؛ يغير فيها الفيروس لمصلحته عمل أجهزة الإنشاء الحيوي biosynthesis، لتلك الخلية كالريباساتribosomes وغيرها، كما أنها لا تستطيع أن تتكاثر في الأوساط الخاملة inerts التي تتكاثر فيها الجراثيم كالمزارع الصنعية، وينجم عن هذه الصفة الفيروسية صعوبة إيجاد مادة كيمياوية نوعية ومجدية وغير خطرة في استعمالها لمعالجة البشر للتماس الشديد بين الفيروس والخلية.
    ـ تمثل الفيروسات بنية تميزها من بدائية النواة prokaryote وحقيقية النواة، ويطلق اسم الجسيم الفيروسي أو الفيريون virionعلى الوحدة الخامجة.
    تنسخ الفيروسات
    بعد دخول الفيروس العضوية تصل، بصورة عامة، عن طريق الدم، ونادراً عن طريق الأعصاب كفيروس الكلب، إلى خلايا الهدف والتي توجد على سطحها مستقبلات receptors نوعية تتعلق بها، ثمَّ تدخل الخلية وتغير من سيرورتها الكيمياوية الحيوية لصالحها بغية تركيب جزيئات فيروسية جديدة، وهذه العملية تشوه الخلية وتؤدي في معظم الحالات إلى حلَّها أو موتها مع إطلاق جزئيات فيروسية جديدة تخمج بدورها خلايا جديدة. ويمكن لبعض الفيروسات أن تدخل في مجين genome الخلية المضيفة وتبقى فيه مدة قبل خروجها من الخلية ودخولها أخرى.
    يتم بصورة عامة تنسخ الدنا DNA الفيروسي داخل نواة الخلية المخموجة، في حين يتمّ تنسخ الرنا RNA الفيروسي ضمن الهيولى، وكل ذلك بعد أن يترك الفيروس قفيصته.
    مدخل الفيروسات إلى الجسم البشري
    هناك عدة مداخل للفيروسات لجسم الإنسان منها: الجلد والسبيل الهضمي وجهاز التنفس، كما أن لملتحمة العين والجهاز التناسلي دوراً مهماً في حدوث العدوى ببعضها.
    يؤلف جهاز التنفس المدخل الأساسي للفيروسات وذلك بالتماس المباشر مع إنسان مصاب عن طريق الاستنشاق، على الرغم من أن وسائل دفاع هذا الجهاز على جانب من الأهمية، لكنها تتناقص بتأثير بعض العوامل كالبرد والدخان والملوثات الجوية، ولبعض الفيروسات كفيروسات النزلة الوافدة (الإنفلونزا)، وفيروسات الحصبة تأثير في فاعلية الغطاء المخاطي الهدبي لجهاز التنفس، ولابد من الإشارة إلى أن بعض الفيروسات، التي تدخل عن طريق هذا السبيل تبقى متوضعة فيه كالفيروسات الأنفيةrhinovirus، وفيروسات النـزلة الوافدة ونظائرها، والفيروسات التنفسية المخلوية syncytial. وعلى نقيض هذه هناك فيروسات تدخل من هذا الطريق لكن الأعراض التنفسية التي تسببها قليلة في حين أن الأعراض العامة هي الأشد، كفيروس الجدري وفيروساتالحماق varicella والحصبة measles والنكاف mumps والحصبة الألمانية.
    أما الأخماج التي تحصل عن طريق الجهاز الهضمي فتتم بتناول الأطعمة والأشربة الملوثة. إن عدداً كبيراً من هذه الفيروسات يتلف بتأثير العصارة المعدية والأملاح الصفراوية قبل أن يبلغ الأمعاء الدقيقة ولا يصلها إلا الفيروسات المقاومة والتي تتكاثر في خلاياها. ومع هذا فإن الأضداد IgA المفرزة موضعياً تؤلف وسيلة دفاع مهمة. وهناك بعض الأخماج التي تبقى موضَّعة في الأمعاء كالفيروسات العَجَلية rotavirus التي تسبب إسهالات عند الرضع. ومن الفيروسات ما يُسبب أخماجاً عامة بعد أن يتكاثر في الأمعاء كمجموعة الفيروسات المعوية enterovirus والتي منها فيروسات شلل الأطفال وفيروسات كوكساكيcoxsackie.
    أما العدوى عن طريق الجلد فلا تحصل إلا إذا كانت هناك أذية فيه مهما كانت دقيقة؛ لأن الجلد يؤلف حاجزاً لا تخترقه الفيروسات إذا كان سليماً، ولكن هناك فيروسات لا تنتقل إلا عن طريق الجلد فتسبب أخماجاً موضعية كفيروسات بابوفاpapovavirus وفيروسات المليساء المعدية molluscum contagiosum. وهناك بعض الفيروسات التي تدخل مباشرة النسيج تحت الجلد ثم تنتشر فيه مسببة أمراضاً عامة، ويتم ذلك إما بعد لدغة أحد مفصليات الأرجل أو بعد إدخال الفيروس بإبرة، كما يحدث أحياناً بعد وخزة بأداة رفيعة ملوثة بفيروسات التهاب الكبد B، أو في أثناء عملية نقل دم، أو بعد عضة حيوان كما هو الأمر بالنسبة لفيروس الكلب.
    إن الفيروسات التي تتوضع على ملتحمة العين بالذباب أو الأصابع أو المناشف أو بماء أحواض السباحة، قد يزيلها الدمع أحياناً لكنها تؤذي الملتحمة في أحيان كثيرة.
    أما الأخماج الفيروسية التي تصيب الجهاز التناسلي فإن معظمها يبقى متوضعاً، كما هو شأن فيروس الحلأ البسيط herpesوالفيروس الحليمومي papilloma، ولكن هناك بعض الفيروسات التي تنتقل بالمقاربات الجنسية كالفيروس المضخم للخلاياcytomegalovirus وفيروس التهاب الكبد B وفيروس عوز المناعة المكتسب HIV.
    وتحدث إصابة الجنين بالخمج بانتقال الفيروس عن طريق الدوران المشيمي، كما هو الأمر بفيروس الحصبة الألمانية والفيروس المضخم للخلايا، ونتائج إصابة الجنين مختلفة فمنها ما يسبب الإجهاض ومنها ما يحدث تشوهات جنينية.
    طرح الفيروسات
    تفيد معرفة أسلوب طرح الفيروسات للاستدلال على طرق العدوى في الوسط الخارجي ومن المصابين. يتمُّ طرح بعض الأنواع بوساطة السبيل التنفسي في أثناء السعال والعطاس كما هو الأمر في الحصبة والنزلة الوافدة. ويؤلف اللعاب وسيلة عدوى حينما تخمج الفيروسات الغدد اللعابية للإنسان كما هو الأمر في داء إبشتاين بار والنكاف، والكلب في الحيوان. وتتم العدوى عن طريق الجلد بانفجار الحويصلات كما في الحماق varicella والحلأ. أما السبيل المعوي فهو وساطة عدوى لكل الفيروسات التي تصيب خلايا الأمعاء، لأنها تطرح عن طريق البراز فتلوث المياه والأغذية كما هو الأمر في الفيروسات المعوية وفيروس التهاب الكبد A والفيروسات العَجَلية. كما أن البول سبيل مهام لطرح الفيروسات في المحيط وحدوث العدوى كما هو شأن فيروس النكاف والحصبة الألمانية والتهاب الكبد B وغيرها.
    التشخيص
    يظهر عدد كبير من الأخماج الفيروسية لوحة سريرية واضحة للإصابة لا تدفع الطبيب السريري إلى اللجوء إلى وسائل التشخيص الفيروسي الخاصة، ولكن هناك على نقيض ذلك عدد من الحالات لا يمكن إجراء تشخيص دقيق إلا بالوسائل المخبرية. وقد أدت زيادة الإصابات في منقوصي المناعة واستعمال الأدوية المضادة للفيروسات على نطاق واسع إلى إيجاد تقانات سريعة.
    يتبع الخمج الفيروسي استجابة مناعية خلطية في غالب الحالات، تتظاهر بوجود أضداد نوعية للفيروس. وهناك تقانات عدة لكشف هذه الأضداد منها:
    ـ تثبيت المتممة fixation of the complement والطريقة المناعية الخمائرية (إليزا ELISA) وتفاعلات التراص hemaglutinationونهي التراص hemagl.inhibition والمقايسة الترسيبية المناعية الشعاعية radioimmunoprecipitation assay (RIPA) وطريقة وسترن بلوت Western Blot لكشف بعض البروتينات وغيرها.
    ـ الكشف المباشر للفيروس أو لأحد مركباته، ويظهر المستضدات الفيروسية داخل الخلايا كالفيروسات المخلوية التنفسية في المفرزات الأنفية أو خارج الخلايا كتحري المستضدات الفيروسية في مصل الدم كما هو في فيروس التهاب الكبد B بتحري مستضد السطح (HBs)، أو المستضد P24 في فيروس عوز المناعة HIV، أو المجين الفيروسي في الفيروسات الحليمية أو الجزيء الفيروسي الكامل في الفيروسات العَجَلية في البراز. وهناك تقانات عدة لكشف ذلك، وهي التشخيص الخلوي المناعي بالتألق المناعي fluorescent antibody وبالبيروكسيداز peroxidase المناعي.
    وهناك تحري المجين، أو دراسة الفيروسات بالمجهر الإلكتروني بالتلوين السلبي، وهذه التقانة أساسية للتأكد من وجود الفيروسات التي لا يمكن زرعها كفيروس نورولك Norwalk في البراز.
    ـ كشف الفيروسات باستفرادها في المزارع، ويُلجأ إلى هذه الطريقة حينما يتعذر وجود طريقة سريعة. ولكن لا يوجد نظام خلوي واحد يصلح للفيروسات جميعها، فلمفاويات الدم المحيطي تسمح باستفراد الفيروس HIV، وهناك مثلاً ذرية خلوية تسمىMRCS تصلح لاستفراد عدد كبير من الفيروسات، منها الفيروس المضخم للخلايا.
    يكسب عدد من الفيروسات مناعة بعد الإصابة، كما هو الأمر بالنسبة للحصبة وشلل الأطفال والحصبة الألمانية، والعوامل المناعية هي اللمفاويات التائية T أو البائية B.
    الوقاية
    أولها المعالجة المصلية ولكن لا يلجأ إليها إلا في حالات استثنائية، ويستعمل فيها الغلوبلين النوعي أو مصول الناقهين في حالة الخوف من عدوى من فيروس مميت، وتُعطى المصول أحياناً مرافقة للقاح. تبقى اللقاحات الطريق الأساسي في الوقاية من الأخماج الفيروسية، ويعود انتقاء اللقاح وزمن إعطائه ومقاديره إلى عوامل تتصل بالأفراد وبيئتهم وبعض خصائص اللقاح ذاته. وقد سمح تعميم بعض اللقاحات بالقضاء على الجدري والتغلب على شلل الأطفال والتهاب الكبد B في بعض البلاد النامية.
    ولابد من الإشارة إلى أن وسيلة واحدة لا تكفي لمكافحة الفيروسات والقضاء عليها، بل يجب التغلب على المرض الفيروسي باللجوء إلى وسائل عدة معاً تتصل بالإنسان ومحيطه في الوقت ذاته.
    المعالجة
    بقيت أدوية معالجة الفيروسات محددة لزمن طويل، وظلَّت مقتصرة على اللقاحات والمصول، ولكن الأمر تطور اليوم، إذ تم التوصل لمضادات فيروسية كالأسيكلوفير acyclovir الذي يؤثر في فيروس الحلأ، كما أن هناك أدوية تثبط بعض الإنزيمات الفاعلة ضد فيروس عوز المناعة المكتسب البشري وضد الفيروسات القهقرية retrovirus. وهناك الربافيرين ribavirine الذي يؤثر في الفيروسات ذات تركيب الرنا RNA أو الدنا DNA، ويعطى عن طريق الضبوب aerosol في معالجة الأخماج التنفسية للفيروسات المخلوية لكنه علاج يسبب تشوهات جنينية للمرأة الحامل ويتراكم في الكريات الحمر.
    عدنان تكريتي

  7. #687
    الفيزيولوجية البشرية

    يُعَدُّ علم الفيزيولوجية physiology أحد العلوم الأساسية الذي يبحث في الآليات الوظيفية للخلايا والأعضاء المختلفة ضمن إطار وحدة العضوية. ويتركَّب جسم الإنسان من نحو 100 تريليون خلية، تُعَدُّ كل منها الوحدة الوظيفية الأساسية في البدن، إذ تقوم بوظائفها بالتآزر مع بقية الخلايا الأخرى، وتشكِّل كلُّ مجموعة من الخلايا المتمايزة نسيجاً خاصاً يكوِّن الأعضاء المختلفة التي تعمل على نحو يؤازر بعضها بعضاً بصورة تحافظ فيه على استمرارية بقاء الإنسان بصحة جيدة، فمثلاً تقوم خلايا الدم الحمراء التي يبلغ عددها نحو 25 تريليون خلية بنقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع خلايا البدن، وعلى الرغم من اختلاف تخصص خلايا البدن إلا أنها تقوم بوظيفة مشتركة هي توفير الطاقة energy، فهي توفرها من أكسدة عناصر الراتب الغذائي اليومي لتستعمل في بناء الخلايا وتجددها واستمرار وظائفها، ويقوم جهاز الدوران والدم بتوزيع الغذيّات والأكسجين اللازم إلى جميع خلايا البدن، وينقل الفضلات الناتجة من استقلاباتها metabolism مثل البولة urea وحمض اللبنlactic acid وغيرهما إلى جهاز الكليتين لطرحها، وتتخلص الخلايا من ثاني أكسيد الكربون بوساطة الرئتين، وتبقى ثوابت البيئة الداخلية internal environment ضمن الحدود السوية. وفيما يأتي بعض الآليات المسؤولة عن ثبات البيئة الداخلية:
    - آليات الاستتباب homeostasis: يستعمل الفيزيولوجيون اصطلاح الاستتباب الذي يعني المحافظة على ثبات البيئة الداخلية في البدن، إذ تقوم جميع خلايا البدن وأعضائه بالمحافظة على ثبات تلك البيئة، فالرئتان مثلاً تعملان على نحو مستمر لتوفير الأكسجين اللازم للسائل خارج الخلايا ليعوِّض حاجة الخلايا منه، وتقوم الكليتان بالمحافظة على تركيز الشوارد بالمصورة (البلازما) ضمن الحدود السوية، ويوفر جهاز الهضم الغذيّات الضرورية لجميع الخلايا.
    يُستنتج ممَّا تقدَّم أنَّ كل عضو في البدن يشارك في عملية الاستتباب بدءاً من الخلايا والأعضاء، وانتهاءً بالجهاز العصبي الذي يقوم بالوظائف العليا في البدن، مثل التفكير والتصرف بسلوكية مناسبة لكلِّ موقف.
    - آليات التلقيم الراجع السلبي negative feedback: وهي إحدى الآليات التي تحافظ على الاستتباب في البيئة الداخلية للجسم، فمثلاً تسبب زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في السائل خارج الخلوي زيادة التهوية الرئوية التي تؤدي إلى خفض تركيزه، وهذه هي آلية التلقيم الراجع السلبي فهو تلقيم سلبي نسبة للمنبه الأول، وبالمقابل يؤدي انخفاضه إلى حدوث تلقيم راجع يزيد في تركيزه، وهي استجابة مغايرة نسبة إلى المنبه الأول، ويؤدي ارتفاع ضغط الـدم الشرياني أيضاً إلى تحـريض مستقبلات الضغط التي تحفز خفضه، ويسبب هبوطه تحريضَ سلسلة من الاستجابات تؤدي إلى ارتفاعه عن طريق زيادة نتاج القلب وزيادة المقاومة الوعائية المحيطية وتحريض مركـز العطش وإفـراز الهرمون المضاد للإبالة (للإدرار) (ADH) antidiuretic hormone.
    يُستنتج ممَّا سبق أن آليات التلقيم الراجع تُصَحِّح أي تغيير يطرأ على الاستتباب الداخلي في البدن.
    - آليات التلاؤم الوظيفي adaptation: وهي تلاؤم وظائف البدن مع البيئة الخارجية، ويذكر منها التلاؤم الجسدي والفيزيولوجي والاجتماعي.
    أ - التلاؤم الجسدي: وهو التغيُّرات التي تحدث في البيئة الداخلية بما يتناسب وتغيُّرات البيئة الخارجية. وتظهر تلك التغيرات على البدن، مثل اختلاف لون الجلد في البيئة الباردة وفي البيئة الحارة، وكذلك تغيُّرات طول الإنسان.
    ب - التلاؤم الفيزيولوجي: وهو التلاؤم الذي يحافظ على وظائف البدن بما يتناسب وتغيرات البيئة الخارجية، مثل زيادة تصنيع خلايا الدم الحمراء وخضاب الدم haemoglobin عند سكان الجبال بهدف العيش في شروط انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين في الأماكن كثيرة الارتفاع. ويؤدي العيش في بيئة باردة إلى فرط نشاط غدة الدرق بهدف زيادة معدل الاستقلابrate of metabolism وزيادة توليد الحرارة لتدفئة البدن.
    أجهزة التحكم في البدن
    يحتوي جسم الإنسان على الآلاف من أجهزة التحكم يُذكر منها:
    - جهاز التحكم الجيني genetic: يتحكم الجهاز الجيني بالوراثة من الوالدين للأبناء، ويتحكم أيضاً بتركيب البروتينات والإنظيمات في الخلايا، وكذلك بوظائف الخلايا ونموها وتكاثرها. ويشرف الجين gene وهو حمض ريبي منقوص الأكسجينdeoxyribonucleic acid (الدناDNA ) على تكوين الحمض الريبي النووي ribonucleic acid (الرناRNA )، ويشرف على تكوين البروتينات النوعية والإنظيمات في الخلايا. وبما أنه يوجد 140000 جين فهذا يعني تكوين عدد كبير من البروتينات والإنظيمات الخلوية المختلفة التي تشرف على جميع التفاعلات الكيميائية الخلوية وتحفز استقلاب السكريات والدهون والبروتينات. وفي كل خلية آلية تلقيم راجع feedback mechanism تنظِّم العمليات الوظيفيـة للخلايا، وتسمى بالتنظيم المورّثيgenetic regulation، وهناك أيضاً آلية تلقيم راجع أخرى تنظِّم عمل الإنظيمات وتسمى بالتنظيم الإنظيمي enzymatic regulation.
    يُستنتج ممَّا تقدَّم أنَّ هناك طريقتين تتحكمان في وظائف الخلايا هما آلية التنظيم الجيني وآلية التنظيم الإنظيمي، وبهما يمكن تنشيط الجينات والإنظيمات أو تثبيطها، وتعمل هذه الآليات كأنظمة تحكم بآلية التلقيم الراجع.
    - جهاز التحكم الهرموني: في البدن ثماني غدد صم تفرز مواد كيميائية هي الهرمونات hormones التي تنتشر في السائل خارج الخلوي لتقوم بوظيفة تنظيم الوظائف الخلوية المختلفة، فهرمون الثيروكسين ـ مثلاً ـ يزيد في سرعة التفاعلات الاستقلابية في الخلايا، ويزيد هرمون الأنسولين في توفير الطاقة اللازمة للخلايا، فيسهِّل دخول الغلوكوز واستقلابه في الخلايا، ويُعَدّ هرمون الكورتيزول ذا نظم متغيّر فيزداد إفرازه صباحاً بين الساعة 6-8 وينخفض مساءً، ولذا يتغير ضغط الدم الشرياني ومستويات سكر الدم طوال الـ 24 ساعة بحسب تغيّرات إفرازه، وهكذا تمارس الهرمونات التحكم بأجهزة البدن بوساطة المستقبلات receptors التي تتوزع في خلايا البدن، وتُعَدّ أعضاء مراقبة حسَّاسة لكلِّ نمط من أنماط الحس الفيزيائي (مستقبلات الضغط baroreceptors) والحسّ الكيميائي (تبدلات تركيز الشوارد والغلوكوز والبولة ودرجة باهاء pH الدم) وحس الحرور وحس الألم وغيرها من مستقبلات الحواس المختلفة التي تُدعى بأجهزة التماس contact systems التي تحافظ على استتباب البيئة الداخلية.
    جهاز التحكم العصبي: يشتمل على ثلاثة أقسام رئيسة:
    - الجهاز العصبي المركزي: وهو مركز التكامل العصبي، ويتكوّن من الدماغ brain والنخاع الشوكي spinal cord، إذ يخزنالدماغ المعلومات ويكوِّن الأفكار ويصدر الأوامر الحركية إلى الأعضاء المنفذة. وفي الدماغ جهاز عصبي مستقل autonomic system يتحكم بوظائف الأعضاء الداخلية على نحو لا إرادي مثل عمل القلب والرئتين وجهاز الهضم والغدد الصم وغيرها.
    - الجهاز الحسي: ويرتبط مع المستقبلات التي تتحسس من جميع تغيرات البيئة الداخلية والخارجية.
    - الجهاز الحركي: ويرتبط مع العضلات والمفاصل ويقوم بوظيفة تنفيذ الأوامر.
    يشرف الجهاز العصبي مع الجهاز الهرموني على ضبط آليات الاستتباب بوساطة إشارات عصبية واردة من المستقبلات، ويقوم بتحليلها ومقارنتها مع القيم المعيارية، ويصدر إشارات عصبية إلى الأجهزة التي تقوم بالتنفيذ كالغدد الصم والكليتين والرئتين والعضلات وغيرها.
    - جهاز الدوران والدم: ينقل جهاز الدوران والدم عوامل تنظيم التحكم إلى جميع أجهزة البدن ويجعلها تلبي جميع حاجاته، كما يضبط أي اضطراب طارئ يمكن أن يتعرض له البدن كتغيرات ضغط الدم الشرياني ونظم القلب والتنفس وغيره، فحينما ينخفض ضغط الدم الشرياني يزداد نتاج القلب output وتزداد المقاومة الوعائية.
    - جهاز التنفس: يشترك جهاز التنفس مع الجهاز العصبي بالتحكم في تنظيم تركيز ثاني أكسيد الكربون في المصوّرة.
    - الجهاز المناعي: يؤدي دخول الجراثيم أو ذيفاناتها للجسم إلى حدوث قصور في الآليات الوظيفية للخلايا تحول دون استقرار الاستتباب، فيستجيب الجهاز المناعي بإفراز السيتوكينات والانترلوكينات والانترفيرونات ضد العوامل المرضية الغريبة عن البدن، ويُتَحَكَّمُ بعمل الجهاز المناعي بوساطة هرمونات الغدد الصم مثل الهرمونات القشرية السكرية وغيرها. ولهذا يلاحظ أن تكامل عمل الأجهزة يؤدي إلى حالة صحية جسمية وفكرية واجتماعية جيدة.
    المنهاج التجريبي في البحث العلمي
    أمكن كشف بعض الحقائق الوظيفية وآلية عملها بوساطة التجارب، ويهدف المنهاج التجريبي لتحويل التصور القَبْلِي a priori المرتكز على البديهيات أو على إحساس غامض بالأشياء إلى تأويل بعدي a posteriori، فهو يعتمد على مجموعة من القواعد المستقاة من البحث اليومي في ميدان علم الفيزيولوجية، الذي بوساطته أمكن كشف كثير من الحقائق العلمية الغامضة، وهذه القواعد هي الملاحظة والفكرة والتجربة.
    - الملاحظة: وتعتمد على الحواس ولاسيما حاسة البصر التي تراقب الأشياء التي في البيئة الخارجية، وتسمى بالملاحظة الساكنة، ويمكن من خلالها ملاحظة الظواهر المحيطة في حدود ضيقة، وأمكن التوصل إلى ملاحظات أعمق باستعمال الأجهزة المتطورة.
    - الفكرة: وتعتمد على العقل. وإن نقطة الانطلاق في كل استدلال علمي هو خضوع الأفكار للتجربة، إذ تبدأ المعرفة من الفكرة القَبْلية (التصور القَبْلي).
    - التجربة: وتعتمد على اليدين، فهي الملاحظة التي تشارك فيها حركة اليدين. وتهدف التجربة إلى بناء النظرية اعتماداً على الفرضية (الفكرة) التي تخضع لنقد التجربة، وهذا هو منهاج العمل البحثي، فالوصول إلى النظرية يعتمد على نتائج التجارب، ويتم التعلم والتطور من نتائج التجارب التي تُعَدُّ المصدر الرئيس للمعارف البشرية، ويعد البحث العلمي أساس التطور في العلوم الطبية، ويُقاس تطور البحث التجريبي بتطور الأجهزة والأدوات التي تُستعمل في مخابر البحث العلمي، ويعتمد الطب التجريبي على ثلاثة أقسام رئيسة هي:
    أ - علم الفيزيولوجية: وهو العلم الذي يتعرَّف أسباب ظواهر الحياة والمحافظة على استمرار الوظائف الحياتية بحالة سوية.
    ب - علم الفيزيولوجية المرضية: وهو العلم الذي يتعرَّف الحالات المرضية الناتجة من الخلل في عمل أجهزة البدن وعلى الآليات المرضية الناتجة من المرض.
    ج - علم المداواة: وهو العلم الذي يكافح الخلل الناتج من الأمراض بوساطة الأدوية والوسائط العلاجية المختلفة.
    الاستقصاءات الوظيفية في البحث العلمي
    يمكن الكشف عن الحقائق الوظيفية وآلية عملها بوساطة الاستقصاءات الوظيفية عند الإنسان، بطرق علمية مختلفة مثلتخطيط كهربائية القلب والدماغ والعضلات والأعصاب، وقياس ضغط الدم الشرياني، والسَّعة التنفسية والصدى echo الذي يستقصي جميع أعضاء البدن وكذلك التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي وغيرها، وذلك لتحديد الآليات الوظيفية المسؤولة عن استمرار حالة الاستتباب الوظيفي وتكامل الوظائف الإيقاعية لمختلف أجهزة البدن.
    وهكذا تستمر حياة الإنسان طالما بقي عمل وظائف الأعضاء في حالة طبيعية، وحينما تميل الوظائف نحو التقهقر نتيجة تقدُّم العمر أو المرض فإنها تؤدي إلى الشيخوخة ثم الموت.
    هشام الطيان

  8. #688
    القدم الولادية (تشوهات ـ)

    القدم القفداء الروحاء talipes equinovarus
    تشوه خلقي تكون فيه القدم بوضعية العطف الأخمصي (القفد) والانقلاب الإنسي (الروح) مع تقريب مقدم القدم.
    ـ الأسباب: لا يعرف سبب هذا التشوه حتى اليوم، وإنما هناك نظريات عدة لتفسيره وهي: الوضعية ضمن الرحم، وعدم التوازن العضلي، وتوقف النمو.
    قد تكون قلة السائل الأمينوسي ووضعية الجنين ضمن الرحم سبباً، ولكنها لا تعلل الحالات الشديدة (غير الردودة) وضمور العضلات في الساق وصغر القدم. وإن ترافق تشوه القدم مع بعض الإصابات العصبية كالشوك المشقوق spina bifida وتشوه المفاصل العديد يوجه نحو الإصابات العصبية. ولكن في بعض الحالات لا تشاهد إصابة عصبية واضحة حينئذ يمكن أن يعزى السبب إلى عوامل وراثية ولاسيما أن الذكور يصابون أكثر من الإناث، وحدوث إصابات عدة في أطفال الأسرة الواحدة. اتجه بعض الباحثين إلى أن السبب يعود إلى درجة من عدم التوازن العضلي في أثناء تطور الجنين في الرحم.
    القدم القفداء الروحاء
    ـ التشريح المرضي: لدراسة التبدلات التشريحية المرضية لابد من دراسة التشوهات العظمية والمفصلية، وعدم التوازن العضلي وضعف حركة العضلات.
    تكون عظام القدم مشوهة، فعنق عظم الكعبي talus يكون قصيراً ومتجهاً نحو الأسفل والإنسي، مع خلع في جسم عظم الكعبي الذي يخرج إلى الأمام. ويكون العظم الزورقي navicularمتوضعاً على الناحية الإنسية لرأس الكعبي والمفصل العقبي النردي cuboid بوضعية تحت خلع نحو الإنسي، ورسغ القدم بوضعية العطف مع تقريب.
    وتكون عضلات الربلة calf ضامرة وقصيرة مع وجود تليف فيها (العضلة الظنبوبية الخلفية tibialis posterior، وقابضة الأصابع المشتركة flexor digitorum communis، وقابضة الإبهام) مع عدم توازن عضلي بين العضلات العاطفة والمبعدة للقدم والعضلات القابضة والمقربة للقدم. وتكون الأربطة الإنسية مع الصفاق الأخمصي قصيرة.
    ـ الفحص السريري: يلاحظ عند ولادة الطفل دوران قدمه نحو الداخل على نحو ينظر أخمص القدم نحو الإنسي مع انقلاب داخلي inversion، أي انفتال القدم نحو الإنسي، مع تقريب مقدم القدم بالنسبة لمؤخرها. وانعطاف أخمصي؛ وهو ما يسمى بالقفد equines. وفي الأطفال الأكبر سناً يلاحظ وجود نقص واضح في نمو عضلات الساق. ويجب فحص كل مولود حديثاً للكشف عن تشوهات القدم والتشوهات المرافقة. ولا يعتمد على منظر القدم وحده؛ لأن قدمي الأطفال الطبيعيين تميلان لأخذ وضعية الانقلاب الخفيف نحو الداخل بعد الولادة، فالعلامة الواسمة هي تعذر إصلاح التشوه أو فرط الإصلاح يدوياً. ففي المولودين حديثاً يمكن قلب القدم نحو الخارج وعطفها الظهري حتى يلامس خنصر القدم القسم السفلي من الساق. ولابد من إجراء الجس لفحص النتوءات العظمية وخاصة رأس الكعبي وإجراء حركة الرد.
    ـ الحدوث: تشاهد القدم القفداء الروحاء عند الذكور أكثر من الإناث بنسبة الضعف، وفي ثلث الحالات تكون الإصابة في القدمين، وتشاهد مرافقة للقيلة السحائية meningocele وتشوه المفاصل العديد.
    ـ المعالجة: يجب بدء المعالجة بعد الولادة مباشرة وتتضمن: تصحيح التشوه، والمحافظة على التصحيح.
    يجرى تصحيح التشوه بوساطة الرد اليدوي من دون تخدير. يصحح أولاً مقدم القدم، ويجب أن يكون مركز الحركة المفصل الكعبي الزورقي. فيجرى الرد اليدوي بتبعيد مقدم القدم ثم تثبيته، وتكرر المحاولة بفاصل أسبوع حتى يستقيم وحشي القدم، ثم تجرى محاولات لتصحيح القفد؛ وذلك بالعطف الظهري مع التبعيد، ومحاولة تحريك عظم الكعبي نحو الخلف لرده لداخل مفصل عنق القدم. والمحافظة على الوضعية بالتثبيت، وتكرر المحاولة بفاصل أسبوع أيضاً.
    المحافظة على الرد: بعد كل جلسة من جلسات الرد يحافظ عليه إما بالجبس، أو بالأربطة، أو باستعمال جبائر معدنية، أو جبائر بلاستيكية، والجراح ينتخب الطريقة المناسبة.
    تجرى تمارين الرد كل أسبوع في البدء، ويمكن أن تمدد حتى أسبوعين أو ثلاثة كلما كبر الطفل. ويوضع بعد كل رد جهاز التثبيت، ويستمر على المعالجة المحافظة أشهراً عدة.
    القدم القفداء الروحاء
    ـ المعالجة الجراحية: هناك طرق للمعالجة الجراحية عدة، وهي: الجراحة على النسج الرخوة، وتجرى عادة بعد الشهر الخامس من العمر، تنقل الأوتار لإعادة التوازن العضلي للقدم كنقل وتر العضلة الظنبوبية الأمامية، والعمليات على النسج الرخوة والعظام، واستطبابات العمل الجراحي هي: فشل المعالجة المحافظة، والنكس، والقفد المؤلم.
    وبعد العمل الجراحي يوضع جهاز جبسي بوضعية التصحيح لفوق الركبة والركبة المعطوفة. وبعد أسبوعين ينزع الجهاز الجبسي، ويتم تصحيح وضعية القدم، ويوضع جهاز جبسي جديد مدة شهرين. وبعد نزع الجهاز الجبسي يُستمر على وضع القدم بالجبائر في أثناء الليل حتى يمشي الطفل. أما المعالجة الجراحية على النسج الرخوة وتطويل الأوتار فتبقى العملية المنتخبة دون عمر 4سنوات، بعد 10سنوات من العمر يجرى الإيثاق الثلاثي للمفاصل الثلاثة الكعبي العقبي والعقبي النردي والكعبي الزورقي مع استئصال مواشير عظمية لتصحيح التشوه.
    القدم المسطحة flat foot
    القدم المسطحة
    وهي إصابة شائعة تكون فيها حافة القدم الإنسية قريبة جداً من الأرض أو بتماسها، وتترافق مع انفتال وحشي في محور القدم الطولاني. وهذا التشوه ولادي، ولكنه قد ينجم عن ضعف بعض العضلات أو شللها. لا تسبب القدم المسطحة أعراضاً عند الأطفال، وإنما يلاحظ الأهل أن القسم العلوي من الحذاء يميل للإنسي وأن كعبه يهترئ في قسمه الإنسي.
    أما في الأعمار المتقدمة فيمكن للألم أن ينجم عن التهاب العظم والمفصل في المفاصل الرسغية وذلك بسبب سوء وضعيتها.
    ـ المعالجة: ليست ضرورية عند الأطفال تحت ثلاث سنوات من العمر أما بعد ذلك فإن الأحذية الطبية مع إجراء التمارين لتقوية عضلات القدم هي المعالجة المفضلة. وفي الكهولة إذا ترافقت القدم المسطحة مع الألم نتيجة التهاب العظموالمفصل تحتاج إلى إيثاق ثلاثي.
    أما التشوهات الولادية الأخرى كالقدم العقبية الفحجاء والقدم المقوسة فإنها أقل حدوثاً وأعراضاً.
    وليد صدقي

  9. #689
    القرحة المعدية والعفجية

    تقع المعدة في المنطقة المسماة بالمراق الأيسر، وهي الزاوية اليسرى العليا من البطن تحت القفص الصدري مباشرة. وتقوم المعدة بوظيفتين أساسيتين: مزج الطعام وتقسيمه إلى أجزاء صغيرة، وإفراز العصارات الهاضمة التي تبدأ بالتدفق حتى من منظر الطعام أو رائحته، إذ يفرز الدماغ مادة الأستيل كولين [ر] التي تحرض المعدة على إفراز نحو نصف غالون إلى ثلاثة أرباع الغالون من عصارات المعدة يومياً. ويعد حمض كلور الماء المركز من أهم مكونات هذه العصارة. وبإمكان هذا الحمض المركز أن يذيب المعدة نفسها لولا المخاط القلوي اللزج mucus الذي يغطي ويحمي جدارها من الداخل. ويساعد حمض دهني يسمى البروستاغلاندين [ر] على ترميم وبناء هذه الطبقة وحمايتها من الجروح الكيميائية والفيزيائية.
    القرحة
    مصطلح طبي يعني الجرح المفتوح، أي تآكل جزء من الأنسجة وتسمى حسب موقعها. فإذا وقعت في الغشاء المخاطي للجهاز الهضمي سميت بالقرحة الهضمية. وتكون عادة دائرية الشكل وبيضاء اللون يرافقها بعض الاحمرار (احتقان) على حوافها. وتقسم القرحة الهضمية إلى قسمين: القرحة العفجية duodenal ulcer (DU) والقرحة المعدية gastric ulcer (GU). والقرحتان متشابهتان من بعض الوجوه.
    القرحة العفجية
    تتوضع عادة في البصلة وهي المنطقة الأولى من العفج. غالباً تكون وحيدة، ولكن قد تكون ثنائية بشكل قرحتين متقابلتين kissing ulcers أو متعددة. وتكون سطحية في الطبقة المخاطية من جدار العفج، أو عميقة في الحالات الأشد تخترق الطبقة العضلية والجدار مؤدية إلى نزف ومن ثم انثقاب كامل في الجدار. وتدل معظم الدراسات أن نسبة إصابة الرجال أكثر من النساء.
    الأسباب: تحدث القرحة بعوامل عدة أهمها:
    ـ جرثومة الملوية البوابية Helicobacter pylori (HP): وقد أصبح معروفاً أن هذه الجرثومة تسبب من 50 إلى 90% من قرحات العفج، حسب البلدان، إذ تزداد نسبة الإصابة بها في البلدان النامية. تعيش الملوية البوابية عادة بشكل كامن ضمن طبقة المخاط القلوي الذي يغطي أنسجة بطانة المعدة ويحميها، إلا أنها تأكل أحياناً الأنسجة الهضمية مسببة قرحة، وخاصة عند الأشخاص الذين أتلفوا مسبقاً بطانة المعدة ببعض المواد كدخان التبغ والكحول مما يسهل على الجرثوم اكتساح الأنسجة التالفة. وتشير الإحصائيات إلى أن شخصاً واحداً من بين كل 6 أشخاص مخموجين بهذه الجرثومة يصابون لاحقاً بالقرحة. ويزداد احتمال إيواء الجسد لها مع التقدم بالعمر بمعدل 1% كل سنة. وتدل الإحصائيات أن 20% من الأمريكيين يلتقطون العدوى في العشرينيات من عمرهم و60% يصابون بها في الستينيات. أما في سورية فإن نسبة إصابة الأصحاء بهذه الجرثومة تقدر بنحو 56.6%. وفي الإمارات بقرابة 88.7%. وعلى الرغم من عدم وضوح كيفية الانتشار لكن يبدو أن الانتقال يتم من شخص إلى آخر بالاحتكاك المباشر أو بالماء الملوث، وخاصة مع وجود عادات غذائية وصحية سيئة. وأهم عوامل الخطر: انخفاض مستوى الحياة الاجتماعي والاقتصادي، والعيش ضمن تجمعات مزدحمة، ووجود طفل في المنزل، والتعرض لقيء شخص مصاب.
    ـ استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية non-steroidal anti-inflammatory: وأهمها الأسبرين، والإيبوبروفين، والنابروكسين، والفولتارين وغيرها، والتي تعاكس عمل البروستاغلاندين الذي من دون حمايته تتآكل بطانة المعدة بفعل حمضالمعدة المركز الموجود في عصارة المعدة، مما يؤدي إلى ظهور القرحات والسحجات والنزوف. وقد وجد أن نحو 20% ممن يتعاطون أدوية مضادات التهاب غير ستيروئيدية بانتظام يصابون لاحقاً بالقرحة.
    ـ التدخين: يزيد النيكوتين الموجود بالتبغ من كمية حمض المعدة ونسبة تركيزه؛ مما يزيد احتمال حدوث القرحة ويُؤخر شفاءها.
    ـ الكحول: قد يعرض الكحول بطانة المعدة للتآكل؛ مما يسبب إتعابها ونزفها.
    ـ وقد لوحظت زيادة بسيطة في نسب حدوث القرحة عند أصحاب زمرة الدم فئة O.
    الأعراض: الشكوى الرئيسة للقرحة العفجية عادة هو الألم الذي ينجم عن تأثير حموضة المعدة العالية على القرحة. ويتوضع عادة بمنطقة الشرسوف epigastric (أعلى ومنتصف البطن)، وقد يكون الألم في أعلى الظهر في المنطقة المقابلة للشرسوف. ويكون بشكل ناخز أو عاصر، وقد يوقظ المريض من نومه لشدته خاصة في الصباح الباكر؛ لأن المعدة تكون فارغة من الطعام ويكون تركيز الحمض فيها عالياً. ومن صفات الألم المميزة أنه يخف بعد الطعام ويزداد على الجوع وبعد تناول حمض من الحموض والبهارات أو الكحول والدخان. ومن صفات ألم القرحة أنه يحدث موسمياً بمعدل مرتين سنوياً، ويكون ذلك غالباً في الخريف والربيع. وقد يتظاهر الألم بشكل عسرة هضم dyspepsia أو غثيان.
    أعراض المضاعفات: قد يحدث نزف من القرحة العميقة في الحالات المتطورة، ويتظاهر بشكل براز (تغوط) أسود بلون الزفت. وفي الحالات الشديدة بشكل إقياءات غامقة اللون مثل طحل القهوة. وقد تتطور إلى انسداد في البواب (مخرج المعدة) في بعض الحالات الشديدة، مؤدية إلى انحباس الطعام في المعدة وإقياءات غزيرة. وأخيراً قد تتظاهر بالانثقاب خاصة بعد تناول أدوية آلام المفاصل فتسبب حالة بطن حادة تحتاج عادة إلى جراحة إسعافية.
    التشخيص: كان التصوير بالباريوم (وهو مادة سائلة بيضاء معدنية يتناولها المريض عن طريق الفم ويظهر انعكاسها بالتصوير بأشعة إكس Xـrays) هو الإجراء المتبع في تشخيص القرحة، إذ يعكس وجود ما يسمى العش القرحي، وهو تجمع للباريوم في حفرة القرحة بشكل دائرة. ولكن في أوائل السبعينيات بدأ استخدام التشخيص بالمنظار الضوئي وهو أنبوب رفيع مرن مؤلف من أكثر من 40ألف ليف زجاجي كلها فائقة النقاوة مع كاميرا في رأس الأنبوب. يدخل المنظار من الفم على الريق بعد صيام عن الطعام يدوم نحو 8ساعات وتتم دراسة المري والمعدة والعفج. وميزة هذه الطريقة، إضافة إلى أنها تجرى بالتخدير الموضعي، أنها تمكن من الرؤية المباشرة للقرحة وأخذ خزعات منها لنفي السرطان ومعالجة بعض مضاعفاتها من خلال المنظار كالنزف والانسداد. وقد بات ممكناً توثيق النتائج documents بالأجهزة المتطورة (منظار فيديو) على شريط فيديو أو أخذ صورة مباشرة. وثمة اختبارات أخرى تستخدم في تحديد وجود جرثومة الملوية البوابية وهي: الفحص بالمجهر لخزعة منالمعدة تؤخذ في أثناء التنظير ورؤية الجرثومة مباشرة، أو فحص هذه الخزعة على وسط جيلاتيني مكون من مادة اليوريا، ففي حال وجود الجرثومة تحلل هذه المادة وتغير لونها وتسمى هذه الطريقة اختبار اليورياurea test. تقدر حساسية sensitivity هذا الفحص بنحو 90%، ويعطي جواباً سريعاً في نصف ساعة. وهناك اختبار النَفَس breath test الذي تقدر حساسيته أيضاً بنحو 90%، وهو يكشف عن وجود الجرثومة بالنفخ في كيس مغلق بعد تناول سائل من دون طعم يحوي على كربون مشع يشكل جزءاً من مادة اليوريا التي تتحلل في حال وجود الجرثوم في المعدة وتخرج ذرة الكربون بشكل ثاني أكسيد الكربون في عينة النفس. وميزة هذا التحليل أنه يجرى من دون حاجة للتنظير ويفيد عادة في المتابعة بعد المعالجة للتأكد من القضاء على الجرثوم. وأخيراً تحليل الدم لكشف أضداد الجرثوم والذي لايميز عادة بين الإصابة السابقة والحالية مما يفقده فعاليته.
    العلاج: تعتمد استراتيجية العلاج على القضاء على الملوية البوابية أولاً، وتخفيض تركيز حموضة المعدة ثانياً مما يساعد على تخفيف الألم ويسرع في شفاء القرحة، وأخيراً على علاج المضاعفات. وقد بات القضاء على الجرثومة سهلاً باستخدام طرائق خاصة لاستعمال الصادات تؤمن القضاء على الجرثومة خلال 10أيام بنسبة قد تصل إلى 93%، وأهم هذه الصادات هو الجمع بين الأموكساسيللين والكلاريثرومايسين مدة عشرة أيام.
    وأما تخفيض الحموضة فقد تطور على مراحل عديدة فقد استخدمت بالسابق المعلقات القلوية مثل المالوكس الذي يساعد على تخفيف الألم سريعاً بتعديله حموضة المعدة مباشرة، إلا أن مفعول هذه المركبات قصير المدة لذلك انحصر استخدامها في الحالات التي يُطلب فيها تخفيف الألم المزعج سريعاً. وبعدها استخدمت مضادات مستقبلات الهيستامين التي تحصر إفراز الحمض في المعدة مثل السيميتيدين (تاغاميت) والرانيتيدين (زانتاك) والفاموتيدين والنيزاتيدين. والأفضل حالياً استخدام مثبطات مضخة البروتونproton pump inhibitors (PPI) الموجودة داخل الخلايا المفرزة للحمض في المعدة مثل الأومبرازول، ولانزوبرازول، وبانتوبرازول، وإيزوبرازول وأخيراً ميزوبرازول. ويبدو أن هذه الأدوية تثبط أيضاً الملوية البوابية. وتزول القرحة عادة خلال أسبوعين، ويتابع العلاج مدة شهر للتأكد من الشفاء التام.
    وقد أصبح بالإمكان حديثاً علاج معظم المضاعفات تنظيرياً، مثل وضع مشابيك (كليبسات) agraffe معدنية على الوعاء النازف عبر المنظار الضوئي أو حقن مواد مصلِّبة تغلق الوعاء النازف. وكذلك يمكن إجراء توسيع للبواب المسدود بوساطة بالون خاص عبر المنظار أيضاً. وعلى الرغم من أنه أصبح من النادر إحالة مريض قرحة العفج إلى الجراحة، إلا أنه لا يمكن الاستغناء عنها لعلاج معظم حالات الانثقاب.
    الإنذار: تزول 90% من قرحات العفج خلال 1 إلى 3أشهر. ويقلل علاج الجرثومة من نسبة عودة القرحة. وعندما يصعب شفاء القرحة، لابد من البحث عن أسباب مثل تناول الأدوية المؤذية أو الإصابة بأمراض أخرى مثل داء كرون Crohn أو متلازمة زولنجر أليسون Zollinger أو السرطان.
    الوقاية ودور المريض: إن أهم وسائل الوقاية هي الابتعاد عن العوامل المخرشة للمعدة كالكحول والتدخين. وفي حال الاضطرار إلى استعمال أدوية الالتهاب غير الستيروئيدية يمكن استخدام أدوية تساعد على حماية الأنسجة المبطنة للمعدة، مثل سولكرات حيث تشكل طبقة غلاف حامية، أو استخدام دواء ميزوبريستول cytotec وهو بروستاغلاندين مصنّع يقوم محلالبروستاغلاندين الأصلي المعطَل بالأدوية الالتهابية. وأخيراً وبالرغم من أنه لم يعد لحمية الطعام والتوتر النفسي الأهمية في حدوث القرحة كما كان يظن بالسابق، إلا أنه ينصح بالابتعاد عن المخرشات مثل الحمض والبهارات للتخفيف من الألم، والتخفيف من التوتر النفسي الذي يبطئ عملية الهضم مما يؤدي إلى بقاء الحمض والطعام فترة أطول في المعدة.
    القرحة المعدية
    ينطبق الحديث عن قرحة المعدة إلى حد بعيد على ما ذكر في قرحة العفج، ولكن يجب تمييز الفروق الآتية:
    ـ من حيث المسببات فإضافة إلى الملوية البوابية، بات معروفاً أن الأدوية (مضادات الالتهاب غير السيتروئيدية)، والشدةstress والقلس (الارتداد) الصفراوي من الإثنى عشري إلى المعدة هي من أهم مسببات قرحة المعدة.
    ـ تقع قرحة المعدة عادة على الانحناء الصغير، وغالباً ما تكون وحيدة وكبيرة.
    ـ على الرغم من أن طبيعة ألم قرحة المعدة يشابه ألم القرحة العفجية، إلا أنه يأتي في العادة بعد الطعام مباشرة على عكس قرحة العفج التي يخف الألم بها بعد الطعام.
    ـ إن علاج قرحة المعدة عادة أطول من علاج القرحة العفجية فهو يتطلب 2 إلى 3أشهر.
    ـ إن لقرحة المعدة قابلية التطور إلى سرطان معدة في حال إهمالها، وخاصة إذا تجاوزت الـ 10مم، لذلك لابد من متابعتها بالتنظير الضوئي المتكرر وأخذ خزعات للتأكد عيانياً من شفاء القرحة على نحو كامل.
    فائز صندوق

  10. #690
    القلب (تخطيط كهربائية ـ)

    تخطيط كهربائية القلب (ECG) Electrocardiography هو تسجيل للإشارات الكهربائية الصادرة عن القلب، وتقاس بالميلي فولت. وأول من سجلها الألماني ف. إينتهوفن W.Einthoven عام 1903. ويعد تخطيط كهربائية القلب من أهم التقانات المساعدة على تشخيص أمراض القلب. ويُجرى من الناحية العملية بوصل المريض بجهاز تخطيط كهربائية القلب عن طريق عشر وصلات كهربائية تُلصق على نقاط مختلفة من جسمه، ست منها على الصدر وواحدة على كل طرف من أطرافه الأربعة. تعطي هذه النقاط اثني عشر منظوراً (اتجاهاً) lead كهربائياً مختلفاً للقلب، وبذلك ترسم صورة كاملة عن حالته الكهربائية، وتُسجل هذه الإشارات على ورق خاص يسمح بقراءة المخطط والحكم إن كان طبيعياً أو مرضياً، وذلك بدراسة أشكال الإشارات الكهربائية المرسومة عليه، وهو إجراء غير مؤلم ولا يؤذي الجنين إذا أجري لامرأة حامل.
    الشكل (1)
    ترسيم يظهر الحزم العصبية الناقلة في القلب
    يبدأ التفعيل الكهربائي الطبيعي للقلب مع كل دورة قلبية، والدورة القلبية هي مجموع أزمنة الانقباض والانبساط والراحة، وينطلق هذا التفعيل في منطقة محددة بالأذينة اليمنى تدعى العقدة الجيبية الأذينية sinoatrial node وهي الناظم الطبيعي للقلب، ولهذا يدعى النظم الطبيعي للقلب النظم الجيبي sinus rhythm.
    ينتقل التفعيل بعدئذ إلى الأذينتين اليمنى واليسرى ثم يصل إلى عقدة أخرى تدعى العقدة الأذينية البطينية atrioventricular node، وهي تقع في مكان آخر من الأذينة اليمنى قرب اتصالها بالبطين الأيمن، ثم ينتقل بعد ذلك إلى حزمة عصبية تدعى حزمة هيسBundle of His التي تتفرع بعد مسافة قصيرة إلى شعبتين: يمنى تتجه نحو البطين الأيمن ويسرى تتجه نحو البطين الأيسر، ومنهما ينتقل التفعيل إلى البطينين.
    تصدر عن القلب إشارات كهربائية مختلفة في كل مرحلة من مراحل التفعيل الكهربائي وانتقاله، وهي ترتسم على ورق تخطيط القلب على شكل موجات، كما يظهرها (الشكل2).
    الشكل (2) مخطط طبيعي لكهربائية القلب
    تبدأ الدورة القلبية بموجة P وهي تشير إلى بدء التفعيل الكهربائي انطلاقاً من العقدة الجيبية الأذينية ومن ثم مروره في الأذينتين، مما يؤدي إلى انفراغ شحنتيهما الكهربائيتين وانقباضهما واندفاع الدممنهما باتجاه البطينين لملئهما.
    تشير المسافة من نهاية موجة P حتى بداية موجة R إلى الزمن اللازم لانتقال التفعيل خلال العقدة الأذينية البطينية ووصوله إلى حزمة هيس، وتشير الموجة R إلى انتقال التفعيل من حزمة هيس وفرعيها ووصوله إلى البطينين الأيمن والأيسر مؤدياً إلى انفراغ شحنتيهما الكهربائيتين وانقباضهما معاً وقذف الدم منهما إلى الشريانين الرئوي والأبهر. وتشير الموجة T إلى عودة الشحن الكهربائي للعضلة القلبية كلها وتهيئتها لدورة قلبية تالية.
    تستغرق الدورة القلبية الكاملة زمناً يمتد من 0.7 إلى 1ثانية وذلك عندما تكون سرعة القلب طبيعية وهي من 60 إلى 90ضربة في الدقيقة.
    يتأثر مخطط كهربائية القلب بجميع الأمراض المؤثرة في القلب، سواء كانت أمراضاً قلبية أم أمراضاً غير قلبية.
    إن أمراض الشرايين الإكليلية coronary artery disease وهي الشرايين المغذية لعضلة القلب ذاتها من أكثر الأمراض القلبية شيوعاً وتأثيراً في مخطط كهربائية القلب، وتسبب نقص التروية القلبية (الإقفار القلبي) ischemia أو ما يدعى خناق الصدرangina pectoris إذا كانت متضيقة، وتسبب احتشاء العضلة القلبية (الجلطة) myocardial infarction إذا كانت مسدودة تماماً. وفي كلتا الحالتين يقل الإرواء الدموي أو ينقطع عن العضلة القلبية مؤدياً إلى نقص تزويدها بالأكسجين، وينجم عن هذا تأذي خلايا القلب الذي يظهر أثره واضحاً في مخطط كهربائية القلب، ويتجلى ذلك بحدوث تزحّل (انحراف) في وصلة S-T نحو الأسفل في حالة نقص التروية القلبية وفيها يكون الشريان الإكليلي متضيقاً بشدة، ونحو الأعلى في حالة احتشاء العضلة القلبية وفيه يكون الشريان الإكليلي مسدوداً تماماً، وتزول هذه التبدلات بعد معالجة الحالة.
    الشكل (3)
    تؤثر أمراض القلب الصمامية في مخطط كهربائية القلب، ويتجلى ذلك بحدوث تضخم في عضلة القلب أو توسع في أجوافها (حسب طبيعة الإصابة ومكانها)، ويظهر كل من التضخم والتوسع على المخطط بازدياد ارتفاع موجة P (الأذينية) أو موجة R(البطينية) مع حدوث بعض التبدل في شكل الموجة.
    يسبب ارتفاع الضغط الشرياني الجهازي systemic hypertensionتضخماً في جدار البطين الأيسر وتوسعاً في جوف الأذينة اليسرى، كما يسبب ارتفاع الضغط الرئوي pulmonary hypertension تضخماً في جدار البطين الأيمن وتوسعاً في جوف الأذينة اليمنى، ويظهر ذلك واضحاً في كلتا الحالتين على مخطط كهربائية القلب.
    يتأثر مخطط كهربائية القلب بالاضطرابات الشاردية وخاصة البوتاسيوم والكلسيوم والصوديوم الناجمة عن بعض الأمراض الغدّية، كأمراض الدُريقات والغدتين الكظريتين أو الاستعمال المزمن للمدرات، ويظهر ذلك التأثير بحدوث تبدل في شكل موجة T أو حدوث خلل في المسافة بين موجات P-R و Q-T.
    إن أكثر الأمراض الغدّية تأثيراً في مخطط كهربائية القلب هو فرط نشاط الدرق. تزول الاضطرابات التخطيطية بعد معالجة الغدة الدرقية.
    تصاب في بعض الحالات العقدتان: الجيبية الأذينية والأذينية البطينية (إحداهما أو كلتاهما) بخلل وظيفي ناجم عن إصابة شريانية إكليلية أو عن تكلس فيهما بسبب تقدم العمر، ويتجلى ذلك على مخطط كهربائية القلب بحدوث بطء شديد في نظم القلب وهذا يسمى إحصار القلب heart block، وهو يسبب خطراً على حياة المريض، ويتطلب علاجاً إسعافياً بتركيب (بطارية) (ناظم خطا pacemaker) للقلب، مؤقتة أو دائمة حسب سبب الإحصار لتحل محل الناظم القلبي المصاب ولإنقاذ حياة المريض.
    الشكل (4) اختبار جهد إيجابي
    ـ تخطيط كهربائية القلب بالجهد (اختبار الجهد) exercise ECG (stress test): وهو مماثل من حيث المبدأ للتخطيط العادي الذي يكون فيه المريض مرتاحاً بوضعية الاستلقاء، ويُجرى والمريض يمشي على بساط متحرك treadmill (أو يركب دراجة ثابتة) وتزداد سرعة البساط وزاوية ميله نحو الأعلى تدريجياً وفق نظام معين.
    إن الهدف من إجراء اختبار الجهد هو إجهاد القلب وتحريضه على استهلاك أكبر للطاقة عن طريق زيادة سرعته على نحو يمكن الكشف فيه عن مرض إكليلي كامن لم يكن ظاهراً عندما كان القلب بحالة الراحة، كما يفيد في تحريض حدوث بعض اضطرابات النظم القلبية المرتبطة بالجهد لكشفها ومن ثم معالجتها، إضافة إلى دوره بعد احتشاء العضلة القلبية في تقييم حالة المريض القلبية. وفي جميع الحالات إذا كشف اختبار الجهد حالة مرضية معينة يجب إجراء تصوير للشرايين الإكليلية (قثطرة قلبية cardiac catheterization) لتحديد العلاج المناسب لها؛ وتقرير فيما إذا كان دوائياً أم جراحياً أم توسيعاً للشريان الإكليلي المصاب ووضع شبكة ضمنه.
    يُجرى اختبار الجهد على البساط المتحرك حسب نظام خاص، ويدعى أكثر الأنظمة شيوعاً نظام بروس Bruce protocol، وفيه يمشي المريض على البساط المتحرك إلى أن تصل سرعة القلب إلى الحد الأقصى المسموح به وفق جدول خاص يتناسب مع عمر المريض، وعندها يوقف الاختبار ويتم تقييم مخطط القلب والحكم عليه. ويوقف الاختبار أيضاً، ولو لم تصل سرعة القلب إلى الحد الأعظمي المطلوب ـ إذا شكا المريض في أثناء الاختبار ألماً صدرياً خناقياً أو ظهرت على المخطط علامات نقص تروية قلبية، أو حدث اضطراب بنظم القلب، أو طلب المريض نفسه إنهاء الاختبار لعدم قدرته على إتمامه.
    يتألف نظام بروس من سبع مراحل مدة كل منها ثلاث دقائق، تكون السرعة في المرحلة الأولى 2.7كم/ساعة وزاوية ميل البساط المتحرك نحو الأعلى 10درجات مئوية، أما السرعة في المرحلة السابعة فهي 9.6كم/ساعة وزاوية ميل البساط المتحرك نحو الأعلى 22درجة مئوية، وبينهما تتدرج السرعة بالازدياد والزاوية بالارتفاع كل ثلاث دقائق، ويعد اختبار الجهد إيجابياً إذا كشف حالة مرضية، وسلبياً إذا كان طبيعياً.
    ـ تخطيط كهربائية القلب مدة 24ساعة متواصلة: ويطلق عليه اختصاراً مرقاب هولترHolter monitor نسبة لرائده، وهو مماثل من حيث المبدأ للتخطيط العادي ويختلف عنه بأن المريض يوصل إلى جهاز تخطيط قلب صغير يحمله معه ويواصل حياته اليومية الاعتيادية لمدة 24ساعة، ويكون تسجيل التخطيط مستمراً على شريط تسجيل صغير (كاسيت)، وبعد انتهاء هذه المدة يتم طبع محتويات الشريط على ورق تخطيط القلب وتحليل محتوياته والتحري عن وجود حالة مرضية فيه.
    يفيد تخطيط القلب المستمر 24ساعة في كشف بعض اضطرابات النظم العابرة التي تبدأ وتنتهي قبل أن يتمكن المريض من مراجعة مركز طبي لإجراء تخطيط لكهربائية القلب في أثناء الحالة المرضية لكشفها وتوثيقها.
    محمد أسامة هاشم

صفحة 69 من 146 الأولىالأولى ... 19596768 69707179119 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال