صفحة 66 من 146 الأولىالأولى ... 16566465 66676876116 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 651 إلى 660 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 66

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322135 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #651
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    الصدر (تشريح ـ)

    الصدر thorax هو القسم العلوي من الجذع، ويقع بين العنق والبطن. يتكون الصدر من قفص صدري thoracic cage ذي بنية عظمية غضروفية، وجوف داخله يسمى جوف الصدر thoracic cavity. يحوي جوف الصدر أقساماً من أجهزة التنفس والدوران والهضم. تشمل هذه الأقسام الرغامى والرئتين والجَنَبَتين والقلب والتامور والأبهر الصدري وفروع قوس الأبهر والجذعَ الشرياني الرئوي والوريد الأجوف العلوي ونهاية الوريد الأجوف السفلي والمريءَ الصدري والتوتة. يسمى الحيز الواقع بين الرئتين المنصف، وهو يحوي جميع العناصر السابقة عدا الرئتين والجنبتين. يقع الثديان في جدار الصدر الأمامي. يتعلق الطرفان العلويان بالصدر في ما يعرف بالحزام الصدري (حزام الكتف).
    يتألف الصدر من:
    منظر أمامي للقفص الصدري
    ـ القفص الصدري: بُشَكِّلُهُ 12فقرة صدرية و12زوجاً من الأضلاع والغضاريف الضلعية وعظمُ القص، وهو يحيط بجوف الصدر الذي يتصل مع العنق عبر فتحة الصدر العلوية، ومع البطن عبر فتحة الصدر السفلية التي يغلقها الحجاب الحاجز.
    ـ الرغامى trachea:هي قسم من الطريق التنفسية واقع بين الحنجرة والقصبتين الرئيستين. تنـزل الرغامى أمام المريء وتنقسم في المنصف إلى قصبتين رئيستين يمنى ويسرى (قصبة رئيسية لكل رئة).
    ـ الرئتانlungs: هما عضوا التنفس، وهما عضوان خفيفان اسفنجيان ومرنان، وتحويان بعض الهواء دوماً. تدخل القصبة الرئيسة في سرة الرئة الموافقة، وتنقسم داخل نسيجها مشكِّلة سلسلة قنوات متشعبة تسمى الشجرة القصبية. تقود هذه القنوات الهواء حتى الأسناخ حيث تتم المبادلات التنفسية مع الدم. الرئة اليمنى أثقل من الرئةاليسرى وأعرض، لأن القلب يشغل فسحة على حساب الرئة اليسرى. يوصف للرئة قمةٌ تقع في فتحة الصدر العلوية، وقاعدةٌ تستقر على الحجاب، ووجهان: إنسي ووحشي. يجاور الوجه الوحشي الأضلاع، ويجاور الوجه الإنسي المنصف بما فيه القلب. تدخل الوجه الإنسي القصبة الرئيسية والأوعية الدموية. تنقسم الرئة اليسرى إلى فصين: علوي وسفلي، وتنقسم الرئة اليمنى إلى ثلاثة فصوص: علوي ومتوسط وسفلي.
    ـ الجنبتان pleurae: هما غشاءان يتكون كل منهما من وريقتين تحيط إحداهما بالرئة، وتبطن الأخرى جدار الصدر والمنصف. وظيفتهما: السماح بانزلاق سطح الرئة على الجدران المحيطة بغرض تأمين تغير حجم الرئة في أثناء الشهيق والزفير.
    ـ القلب heart: يتوضع القلب بين الرئتين في المنصف. للقلب شكلُ هرم ثلاثي قاعدته في الخلف، وقمته في الأمام، وثلاثةُ وجوه: وجهٌ قصّي ضلعي (أمامي)، ووجه حجابي (سفلي) يستقر الحجاب الحاجز، ووجه رئوي يجاور الوجه الإنسي للرئة اليسرى. يُستند إلى ارتسام القلب وصماماته والأوعية الكبيرة على جدار الصدر في سماع أصوات القلب بالمسمع، وجس نبض قمة القلب. يغذي القلب الشريانان الإكليليان الأيمن والأيسر اللذان يتفرعان من بداية الأبهر الصدري الصاعد.

    منظر أمامي لأحشاء الصدر
    ـ التامورpericardium: هو كيس ليفي مصلي يحيط بالقلب ويضبطه في مكانه ويمنع توسعه.
    ـ الأبهر الصدريthoracic aorta: يعقب الأبهر البطين الأيسر، ويفصل بينهما الصمام الأبهري. يقسم الأبهر إلى قسمين: صدري وبطني. وللأبهر الصدري ثلاثة أقسام هي: الأبهر الصدري الصاعد وقوسُ الأبهرِ والأبهرُ الصدري النازل. يعطي الأبهر الصدري الصاعد الشريانين الإكليليين الأيمن والأيسر إلى القلب. تسير قوس الأبهر من فوق القصبة الرئيسية اليسرى متّجهةً أفقياً نحو الخلف في مستوى الفقرة الصدرية الرابعة، ثم تنعطف نحو الأسفل مشكِّلة الأبهر الصدري النازل الذي يسير على الجانب الأيسر من الفقرات، ويخترق الحجاب الحاجز ليتصل بالأبهر البطني. تتفرع من قوس الأبهر الشرايين التي تغذي الرأس والعنق والطرفين العلويين، وهي: الجذع العضدي الرأسي (إلى الطرف العلوي الأيمن والجانب الأيمن من الرأس والعنق)، والشريان السباتي المشترك الأيسر، والشريان تحت الترقوة الأيسر (إلى الطرف العلوي الأيسر والجانب الأيسر من الرأس والعنق).
    ـ الجذع الشرياني الرئوي pulmonary arterial trunk : يعقب البطينَ الأيمن ويفصل بينهما الصمام الرئوي. ينقسم هذا الجذع إلى شريانين رئويين أيسر وأيمن.
    ـ الوريد الأجوف العلوي superior vena cava: يعود بالدم من الرأس والعنق والطرفين العلويين وجدران الصدر إلى القلب، وهو يتكون من اجتماع وريدين أيسر وأيمن هما الوريدان العضديان الرأسيان. يصب الوريد الأجوف العلوي في الأذينة اليمنى.
    ـ الوريد الأجوف السفلي inferior vena cava: يعود بالدم من الطرفين السفليين والبطن والحوض إلى القلب. يغادر البطنَ إلى الصدر ماراً عبر الحجاب الحاجز؛ وله في الصدر مسار قصير قبل انفتاحه على الأذينة اليمنى.
    ـ المريء الصدري thoracic esophagus: يعقب المريءَ العنقي، ويسير خلف الرغامى فالقلب قبل أن يخترق الحجاب الحاجز ليتصل بالمريء البطني الذي سرعان ما ينفتح على المعدة.
    ـ التوتة thymus: التوتة عضو مناعي مهم له علاقة بالتعرف المناعي. تقع التوتة في الأقسام الأمامية للمنصف خلف قبضة القص وجسمه. تزن عند الولادة 10 إلى 15غ، وتنمو قبل البلوغ ليصل وزنها من 30 إلى 40غ، ثم تضمر لدى الفرد البالغ ولايبقى من نسيجها الغدي سوى أقل من 10غ، حيث يحل محل نسيجها الضامر نسيج دهني. تُستأصل التوتةكعلاج ملطف في مرض الوهن العضلي الوخيم.
    ـ الثديان breasts: هما الغدتان المنتجتان للحليب (اللبن)، وهما الأكثر بروزاً من بين البنى السطحية في جدار الصدر الأمامي، وخاصة عند المرأة. يوجد ثديان لدى كل من الذكر والأنثى، ولكن هذين الثديين لا يتطوران جيداً سوى عند المرأة. يحوي ثديا المرأة الغدد الثديية mammary glands، التي تكون عند الرجل ضامرة ومن دون وظيفة. تتوضع الغدد اللبنية في النسيج تحت الجلد الذي يغطي العضلات الصُدرية. يرتبط حجم الثدي بحجم النسيج الدهني المحيط بالنسيج الغدي، وتوجد الحلمة nipple في ذروة الثدي، محاطة بقرص جلدي مصطبغ يسمى اللعوة areola. تصرِّف النسيجَ الغدي قنوات لبنية تنفتح على الحلمة.
    يوسف مخلوف

  2. #652
    الصدمة

    الصدمة shock حالة مرضية تنتج عن نقص تروية الأنسجة المختلفة بالدم، وهي حالة شائعة وخطيرة إذ يُـقدر عدد الأشخاص الذين يصابون بها بنحو 500ألف كل عام في الولايات المتحدة، وينتهي نصف هذا العدد بالوفاة. يؤدي نقص التروية إلى اضطراب التوازن بين حاجة الأنسجة من الأكسجين والغذيات nutrients وبين الوارد منها، مما يسبب خللاً في عمل الخلايا يفضي إلى موتها.
    تتميز حالة الصدمة بانخفاض الضغط الدموي، إذ يصل الضغط الوسطي إلى 60ملم زئبق أو أقل من ذلك، إلا أن تقبض الأوعية الدموية المرافق قد يحجب هذا الانخفاض في ضغط الدم في الساعات الأولى من الإصابة.
    تنجم المظاهر السريرية للصدمة عن ارتكاس الجملة العصبية الودية sympathetic والجملة الهرمونية، لهبوط الضغط الدموي وما يتلوه من نقص التروية من جهة، وانهيار وظيفة الأعضاء المختلفة التالي لخلل عمل الخلايا من جهة ثانية. ينبه هبوط الضغط الدموي وما ينتج عنه من نقص النتاج القلبي cardiac output مستقبلات الضغط الموجودة في الأوعية الدموية التي تنبه بدورها الجملة العصبية الودية، وتحرض إفراز الكاتيكولامينات (الأدرينالين adrenaline والنورأدرينالين noradrenalin) من لب الكظر. وينتج من ذلك كله تسرع القلب وتقبض الأوعية الذي يتناول الشرينات arterioles بشكل خاص مما يساعد على رفع الضغط الدموي المنخفض وزيادة نتاج القلب. يؤدي نقص تروية الكلية من جهة أخرى إلى تحريض إفراز الرينين renin الذي يعمل على تفعيل جملة الانجيوتنسين angiotensin وانقلابه إلى الشكل الفعال الذي يقبض الأوعية بشدة، ويسهم في رفع الضغط المنخفض، وينبه إفراز الالدوسترون aldosterone من قشر الكظر adrenal cortex الذي يعمل على حبس الصوديوم والماء مما يساعد على استعادة حجم الدم.
    تترافق حالة الصدمة أيضاً بزيادة إفراز بعض الهرمونات النخامية pituitary مثل الهرمون المنشّط لغدّة الكظر ACTH الذي يحرض إفراز الكورتيزول cortisol الحابس للسوائل، وهرمون الفازوبرسين vasopressin المقبض للأوعية والمضاد للإدرار.
    يؤدي الخمج الوخيم أو تموّت جزء كبير من الأنسجة ـ كما يحصل بعد الرضوض الواسعة والعمليات الجراحية الكبيرة ـ إلى تفعيل الكريات البيض بشدة، وإطلاق أنواع متعددة من الوسطاء mediators الكيميائية التي تفيد في مقاومة الخمج ومكافحة الأنسجة المتموتة، أما إذا تجاوز مقدار هذه الوسطاء حداً معيناً وعمَّ تأثيرها سائر نواحي الجسم كان لها فعل سيّئ على عمل الأعضاء المختلفة، مما يزيد من شدة أعراض الصدمة وخطورتها, يذكر من هذه الوسطاء السيتوكينات، وعامل النخر الورميTNF، والعامل المفعل للصفيحات (PAF) platelets والبروستاغلاندينات prostaglandins وغيرها من مشتقات حمض اراكيدونيك arachidonic a. مثل اللوكوترين leukotriene والترومبوكسان thromboxane. ويبقى الذيفان الداخلي endotoxin الذي تفرزهالجراثيم السلبية الغرام أهم العوامل المسببة للصدمة الخمجية.
    يصنف بعض الخبراء الصدمة بحسب آلية حدوثها وفق ثلاثة أنماط:
    ـ صدمة نقص الحجم hypovolumic shock : التي تحدث عندما يفقد الشخص كمية كبيرة من الدم في زمن قصير، ويقع ذلك حينما يصاب بجرح أو رض يمزق أحد الأوعية المهمة، أو عندما تنزف القروح الموجودة في أحد الأعضاء ولاسيما في الأنبوب الهضمي. كما تحدث صدمة نقص الحجم في حالة فقدان الجسم كمية كبيرة من السوائل بسرعة كما هو الأمر في الإسهالات الحادة الوخيم. لا يتلقى القلب في كل هذه الحالات كمية كافية من الدم لذا فهو يضخ كمية قليلة منه في كل دقة، ويحاول البدن التعويض عن هذا النقص في نتاج القلب بزيادة سرعة الضخ وتقبض الأوعية، إلا أن ذلك يبقى دون المستوى المطلوب، ويهبط الضغط الدموي، ولا تصل إلى الأنسجة الكمية الكافية من الاكسجين والغذيات.
    ـ الصدمة القلبية المنشأ cardiogenic shock: تحدث عندما يضطرب عمل القلب ولايستطيع ضخ الدمبشكل سوي. ويحصل ذلك حينما ينسد أحد الشرايين الإكليلية coronary (القلبية) بالخثرة ويتوقف وصول الدم إلى المنطقة التي يغذيها الشريان المسدود مما يجعل القلب عاجزاً عن العمل على نحو سوي. ويحدث الأمر نفسه في حالة اضطراب نظم القلب ـ أي تسرع القلب الشديد أو بطؤه الشديد ـ أو فشل الدسامات القلبية في الانغلاق بإحكام. لا يستطيع القلب في كل هذه الحالات ضخ الكمية التي تحتاج إليها الأنسجة من الدم على الرغم من وجود كمية كافية منه.
    ـ صدمة التوسع الوعائي vasodilatory shock أو صدمة توزيع الدم distributive shock:تحدث عندما تفشل الأوعية الدموية، وخاصة الشرينات arterioles، في التقبض بشكل ملائم استجابة للمنبهات الواردة من الجملة العصبية الودية والهرمونات المختلفة المقبضة للأوعية. يحدث ذلك عند المصابين بصدمة نقص الحجم أو الصدمة القلبية المنشأ إذا طال أمدهما ولم تستجيبا للمعالجة. أما السبب الأكثر مصادفة لصدمة التوسع الوعائي فهو إنتان الدمsepticemiaولاسيما ما كان سببه الجراثيم السلبية الغرام أو الفطور، إلا أنها تحدث أيضاً في بعض الأمراض غير الخمجية مثل التهاب المعثكلة (البنكرياس) الحاد الوخيم والرضوض الواسعة، وفي الصدمة التأقيةanaphylactic shock (أو صدمة فرط التحسس). يقدر في الولايات المتحدة عدد حالات الصدمة ذات المنشأ الخمجي بنحو 250 ألف كل عام, وينتهي نصف هذا العدد بالوفاة. يعمل القلب بشكل سوي في هذا النمط من الصدمة وتتلقى الجملة الدورانية كمية كافية من الدم، إلا أن الشرينات لاتستجيب للإشارات المقبضة للأوعية، ويستمر الضغط الدموي في الانخفاض. ومما يسهم في إحداث الصدمة في هذه الحالات زيادة نفوذية الشعريات وتسرب السوائل من الحيز الوعائي إلى المسافات الخلالية، مما يؤدي إلى مزيد من نقص حجم الدم ولزوجته وتركزه concentration. ويسبب بطء الدوران في الشعريات وزيادة لزوجة الدم إلى زيادة قابليته للتخثر، مما يهيئ لتشكل الخثرات ضمن الأوعية الشعرية، وهو ما يدعى التخثر المنتثر ضمن الأوعية disseminated intravascular coagulation الذي يزيد من نقص اكسجة الخلايا ويفضي إلى موتها. وكثيراً ما يترافق التخثر المنتثر بالنزوف المعممة الناتجة عن زيادة استهلاك عوامل التخثر ونضوبها، وهو ما يسمى: الاعتلال الخثري الاستهلاكي consumption coagulopathy.
    ـ يضيف كثير من المؤلفين إلى الأنماط الثلاثة للصدمة والتي سبق ذكرها نمطاً آخر دعوه: النمط الانسداديobstructive، ينجم عن وجود عائق في أحد أجزاء الجملة الدورانية يعرقل تدفق الدم, وأهم الأسباب المؤدية لذلك الصدمة الرئوية الكبيرة والتهاب التامور pericardium العاصر والسطام (الاندحاس) التاموري tamponadeالتي تقلل تدفق الدم outflow من القلب بسبب نقص امتلاء الأجواف القلبية.
    قد يؤدي نقص تروية الأنسجة ونقص أكسجتها التالي لذلك وما يرافقه من انطلاق الوسطاء الكيماوية إلى تأذي الأعضاء الحياتية، كالرئتين والقلب والكليتين، وخلل وظيفتها وتدعى هذه الحالة: متلازمة خلل وظيفة الأعضاء المتعددmultiple organ dysfunction syndrome (أو قصور الأعضاء المتعدد multiple organ failure). يصيب الخلل الوظيفي بادئ الأمر الرئتين، ويتجلى ذلك بحدوث متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS) acute respiratory distress syndrome ويتلوه بعد ذلك خلل وظيفة بقية الأعضاء كالقلب والكليتين والكبد. تتأذى مخاطية الأنبوب الهضمي في الحالات الوخيمة من الصدمة مما يسمح للجراثيم والذيفان الداخلي endotoxin الموجودة في اللمعة بالمرور إلى الدوران وحدوث الإنتان الدمويsepticemia والحمى. ومن المظاهر الأخرى لتأذي الأنبوب الهضمي النزوف الهضمية، والتهاب القولون الإقفاري، والتهاب المرارة اللاحصوي وانسداد الأمعاءالشللي.
    تدبير الصدمة
    يجب تشخيص حالة الصدمة والمبادرة إلى معالجتها بسرعة، لان التأخر في ذلك يهيئ لحدوث قصور الأعضاء المتعدد MOF. ويعتمد تدبير هذه الحالة على الأسس التالية:
    ـ المحافظة على سلوك المجاري التنفسية واعطاء الاكسجين، وقد يتطلب الأمر وضع مسلك هوائي airways في الفم والبلعوم أو تنبيب الرغامى (وضع أنبوب فيها).
    ـ معالجة السبب الذي أدى للصدمة مثل تعيين مصدر النزف وارقاؤه (جرح نازف، قرحة هضمية نازفة) ومكافحة الخمج في حالة الإنتان الدموي، ويجب في هذه الحالة التفتيش عن مصدر الخمج بكل الوسائل المتاحة، وتعيين الجرثوم المسبب، وتعديل المعالجة بالصادات في ضوء حساسية الجرثوم.
    ـ تعويض نقص الحجم الذي يزيد من نتاج القلبoutput وهو أمر مهم في صدمة نقص الحجم، إلا أنه واجب أيضاً في الصدمة الانتانية والصدمة التأقية بسبب التوسع الوعائي الذي يحدث فيها. يجب أن يتم تعويض نقص الحجم بسرعة (خلال دقائق أو ساعات) تجنباً لحدوث قصور الكلية، إلا أنه يجب الاحتياط من حدوث فرط الحجم volume overloadالذي يهيئ لحدوث وذمة الرئة. يتم تعويض حجم الدم بإعطاء الدم الكامل أو المصول الملحية أو المحاليل الغروانية colloid solutionالتي يستمر تأثيرها في زيادة حجم الدم مدة أطول.
    ـ مقويات العضلة القلبية inotropic agents. يُضعِف نقص الاكسجة قدرة العضلة القلبية على التقلص (القلوصيةcontractibility) مما يستدعي إعطاء مقويات العضلة القلبية مثل الأدرينالين والنورادرينالين، إلا إن أكثر مقويات القلب شيوعاً هي الدوبامينdopamine والدوبكسامين dopexamine والدوبيوتامين dobutamine. وقد يتطلب الأمر إشراك أكثر من دواء واحد من هذه المجموعة مثل إعطاء النورادرينالين مع الدوبامين.
    ـ مقبضات الأوعية vasoconstrictors وبخاصة الفازوبرسين، وهو هرمون تفرزه النخامى، إذ بينت الدراسات الحديثة أن له تأثيراً جيداً في صدمة التوسع الوعائي ورفع الضغط المنخفض.
    زياد درويش

  3. #653
    الصَّرَع

    عرف الصرع epilepsy منذ القدم، وتشتق هذه الكلمة من كلمة يونانية تعني «الاستيلاء» أو «التملك»، ولقد ساد الاعتقاد في ذاك الزمن بأن الصرع هو ضرب من الاستحواذ أو المس، وتجدر الإشارة أن ذلك الانطباع ما زال سائداً لدى بعض الناس حتى اليوم.

  4. #654
    الصمم

    الصمم deafness هو نقص قدرة الأذن على سمع العتبات الطبيعية لشدة الصوت، (وحدة قياس شدة الصوت هي البل Belالذي يساوي10ديسي بل decibel، والصوت القوي يعادل 25ديسي بل)، ويكون الصمم جزئيّاً (نقص السمع) أو كليّاً (الصمم الكامل)، وهو غالباً ما ينشأ عن مشكلة حسية عصبية تتجاوز عتبة السمع فيها عند المريض 91ديسي بل، أي إن المريض لايسمع حتى الأصوات العالية الشدة.
    آلية السمع الطبيعي
    يجمع صيوان الأذن الخارجية الأمواج الصوتية، وتوجَه قناة السمع الخارجية هذه الأمواج نحو غشاء الطبل الذي يهتز لينقل تلك الأمواج إلى النافذة البيضية باهتزاز السلسلة العظمية المؤلفة من المطرقة والسندان والركابة في الأذن الوسطى، وعندما تصطدم الإشارة الصوتية بالنافذة البيضية تنقلها السوائل الموجودة في الأذن الداخلية إلى القوقعة cochlea (الحلزون) حيث تتحول الطاقة الآلية (الميكانيكية) إلى سيالة عصبية، ينقلها العصب السمعي إلى الدماغ الذي يفسر الإشارة السمعية [ر. الأذن].
    ويكون السمع طبيعياً عندما تكون كل عتبات السمع في النقل الهوائي والعظمي في الأذنين ضمن الحدود الطبيعية، أي حين يكون مستوى السمع أقل من 25 ديسي بل.
    يقسم نقص السمع حسب مكان الإصابة إلى: نقص سمع توصيلي conductive hearing loss، ونقص سمع حسي عصبيsensorineural hearing loss، ونقص سمع مختلط mixed hearing loss، ونقص سمع مركزي central hearing loss.
    مقطع طولاني للأذن المتوسطة والباطنة
    1ـ نقص السمع التوصيلي: ينتج عن خلل في الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى، وتكون عتبات السمعبالنقل الهوائي فيه أقل من عتبات السمع بالنقل العظمي التي تكون ضمن الحدود الطبيعية، ولا يتجاوز نقصالسمع التوصيلي 60ديسي بل إذا لم ترافقه مشكلة أخرى. وأسباب هذا النوع:
    ـ انسداد مجرى السمعالظاهر الخلقي أو الناجم عن سدادة صملاخية ear wax، أو وذمة التهابية، أو عرن عظميexostosis، أو جسم غريب.
    ـ انثقاب غشاء الطبل الناجم عن صفعة أو انفجار شديد، أو بعد التهاب الأذن الوسطى.
    ـ انسداد نفير أوستاش Eustachian tube.
    ـ التهاب الأذن الوسطى القيحي الحاد أو المزمن.
    ـ التهاب الأذن الوسطى الالتصاقي adhesive الناجم عن التهاب حاد نخري أو التهاب قيحي، أو مصلي، وليس لهذه الآفة حالياً علاج دوائي أو جراحي ناجع.
    ـ الاستحالة الاسفنجية spongeous degeneration في الأذن الوسطى، وتثبيت قاعدة الركابة otosclerosis.
    ـ أورام الأذن الوسطى.
    ـ متلازمات خلقية يرافقها نقص سمع توصيلي منها:
    أـ متلازمة كروزون :Croson وهي نقص سمع توصيلي بسبب انسداد مجرى السمع الظاهر وتشوهات خلقية في الأذن الوسطى، مع بروز الفك العلوي وضموره.
    ب ـ متلازمة بيير روبن Pierre Robin: وهي نقص سمع توصيلي يرافقه انشقاق قبة الحنك، وضمور الفك السفلي، وتدلي اللسان نحو الأسفل والخلف.
    ج ـ متلازمة مارفان Marfan: وهي نقص سمع، مع نقص المقوية العضلية ورخاوة المفاصل وتشوهات قلبية رئوية.
    ـ التشخيص:
    أـ الفحص السريري باستخدام المنظار الخاص بفحص الأذن الذي يلاحظ به انسداد مجرى السمع الظاهر، أو تشوهات الصيوان والقناة السمعية، أو وجود سدادة صملاخية، أو انثقاب غشاء الطبل.
    ب ـ الفحص بالرنانات: الشوكة الرنانة tuning fork : هي قطعة معدنية مؤلفة من شعبتين متصلتين في إحدى نهايتيهما، إذا نقر بها على سطح صلب اهتزت شعبتاها وأصدرت أمواجاً صوتية تُقَرَّب من أذن المريض لسماع الصوت الحادث منها مباشرة بالطريق الهوائي، أو توضع خلف الأذن (الناحية الخشائية mastoid) لسماع الصوت بالطريق العظمي.
    وتجرى هنا عدة اختبارات:
    ـ اختبار رين Rinne’s test الذي يقارن بين سمع المريض العظمي وسمعه الهوائي، يكون هذا الاختبار سليماً حين وجود نقص سمع توصيلي نحو 25 إلى 30 ديسي بل، ويكون سمع المريض أكثر خلف الأذن على الناتئ الخشائي.
    ـ اختبار ويبر Weber‘s test: يسمع به المريض صوت الرنانة في أذنه المصابة إذا كان نقص السمع وحيد الجانب، وتنحرف نحو الإصابة الأشد إذا كان نقص السمع ثنائي الجانب.
    ـ اختبار شفاباخ Schwabach‘s test: يدل على مدة النقل العظمي، ويكون زائداً حين يكون لدى المريض نقص سمع توصيلي، فيسمع الصوت مدة أطول مما يسمعها الفاحص.
    ج ـ اختبارات المقاومة السمعية والمنعكس الركابي: يطبق في هذه الاختبارات ضغط هوائي على قناة السمع الخارجية، وتدرس المخططات الناجمة عن مقاومة غشاء الطبل هذا الضغط، وتعرف بذلك سلامة غشاء الطبل ووجود سائل في الأذن الوسطى (كما في التهاب الأذن الوسطى)، كما يحدد بهذه الاختبارات مكان الآفة، وما إذا كان عند عظم الركابة أو قبلها.
    د ـ مخطط السمع الكهربائي: تكون عتبات النقل العظمي فيه ضمن الحدود الطبيعية، أما عتبات السمع بالطريق الهوائي فأقل من الحدود الطبيعية، ويوجد فراغ بين الخط الدال على النقل الهوائي والنقل العظمي.
    المعالجة: يختلف علاج نقص السمع التوصيلي باختلاف الآفة المسببة:
    ـ ففي التهاب الأذن الوسطى المصلي يبدأ بالمعالجة الدوائية بالصادات ومضادات الهستامين ومضادات الاحتقان مع تمارين لفتح نفير أوستاش، وإذا استمر وجود السائل في الأذن الوسطى يلجأ للجراحة بخزع غشاء الطبل myringotomyوامتصاص السائل لتفريغ جوف الأذن وتهويته بوضع أنبوب تهوية ventilation tube مصنوع من التفلون teflon.
    ـ أما في التهاب الأذن الوسطى القيحي فيكون العلاج بمص المفرزات القيحية ثم تطبيق الصادات موضعياً ـ بشكل قطرات في الأذن ـ وبالطريق العام، ولا يلجأ للجراحة إلا في حالات الانثقاب الهامشي أو انثقاب غشاء شرابنل Shrapnell’s membrane(وهو القسم العلوي الرخو من غشاء الطبل) مع الورم الكولسترولي، أو الحالات التي حدثت فيها تغيرات غير قابلة للتراجع في الغشاء المخاطي للأذن الوسطى والخشاء، فالعلاج يكون هنا جراحياً بحج الخشاء mastoidectomy.
    ـ وفي التهاب الخشاء الحاد تعطى الصادات، فإن لم يشف شفاءاً تاما،ً أو تكوّن خراج يفرغ الخشاء تفريغاً بسيطاً وهو ما يسمى حج الخشاء القشري cortical mastoidectomy.
    ـ وحين وجود سدادة صملاخية في قناة السمع الخارجية تُزَال بغسيل الأذن بماء حرارته كحرارة الجسم، ويجرَى رأساً حين تشخيص السدادة إذا كانت طرية القوام، أما إذا كانت قاسية فيطلب من المريض تليينها بتقطير الغليسرين البوراتي في الأذن عدة أيام، ثم يجرى الغسيل بعد ذلك.
    ـ وفي تصلب الأذن (الاستحالة الاسفنجية) يكون العلاج جراحياً تحت التخدير العام أو الموضعي بعملية تصنيع الركاب، والتي تستأصل فيها الأقسام العلوية من الركاب واستئصال كامل قاعدة الركاب، أو جزء منها، وقد تفيد المعالجة الدوائية لإيقاف سير الداء باستخدام فلور الصوديوم في حالات تصلب الأذن المترافق بنقص السمع المختلط أو نقص السمع الحسي العصبي الناتج عن امتداد بؤر التصلب إلى القوقعة.
    2ـ نقص السمع الحسي العصبي (الاستقبالي): ينتج عن وجود اضطراب ما في الأذن الداخلية (القوقعة)، أو في العصب الثامن: ويراوح نقص السمع فيه بين نقص سمع حسي عصبي خفيف إلى أكثر من 115ديسي بل أو تحت حدود أداة الاختبار.
    الأسباب: أهمها:
    ـ نقص السمع الولادي: يبدو منذ الطفولة، ويذكر الأهل فيه أن الطفل لا يستجيب لكلامهم ولا يتكلم. إن انعدام السمعالولادي أو في الطفولة المبكرة قبل مرحلة تعلم الكلام من عمر 2 إلى 5سنوات يؤدي إلى الإصابة بالبكم، فيكون الطفل أصم أبكم، ولا بد من المداخلات السمعية السليمة كي يتعلم الطفل التواصل باللغة المنطوقة، أما الطفل المولود أصم فسيكون أصم أبكم حتماً.
    تقسم أسباب هذا النوع من الصمم الولادي إلى أربع مجموعات:
    ـ المجموعة الأولى: تشمل الحالات المسببة عن إصابة وراثية، وإن نحو15% من حالات الصمم البكم الولادي منشؤها وراثي، ونسبة حدوث الصمم الولادي حوالي 1/4000 من الولادات الحية، والجين المسبب قد يكون قاهراً أو مقهوراً أو متعلقاً بالجنس، ولكن 90% من الإصابات تنتج عن الجين المقهورة، والملاحظ أن هذا النوع يزداد في زواج الأقارب.
    ـ المجموعة الثانية: هي التي يكون الصمم فيها ناجماً عن إصابة الجنين في أثناء الحمل، وذلك بعد إصابة الأم بمرضٍ ما، أو تناولها دواءاً ما أو تعرضها لرض. وتكون هذه العوامل أكثر ضرراً إذا حدثت في الأشهر الأولى من الحمل حين يكونالجنين في طور التشكل، وتصاب هنا الأذن الداخلية بشكل خاص. ومن أهم هذه الأسباب إصابة الأم بالحصبة الألمانيةrubella، والإصابة بالنزلة الوافدة (الإنفلونزا)، وتناول الأدوية السامة للأذن من مركبات الأمينوغلكوزيدات وأهمها الستربتوميسين.
    ـ المجموعة الثالثة: ينتج الصمم فيها من أسباب في أثناء الولادة أو بعدها بقليل، وتشمل الولادة العسيرة وما يرافقها من نقص أكسجة لمدة طويلة، وانحلال الدم باختلاف RH بين الوليد وأمه، وحدوث يرقان شديد لم يعالج بالشكل الكافي في الوقت المناسب. كما أن الولادة المبكرة (الخداج prematurity) قد تؤدي إلى الإصابة بالصمم.
    ـ المجموعة الرابعة: تشمل الأسباب التي تحدث في الطفولة المبكرة، وهي في معظمها أمراض خمجية، وفي مقدمتهاالتهاب السحايا meningitis، والحصبة، والحمى القرمزية scarlatina، والنزلة الوافدة، والنكاف mumps، وتناول الأدوية السامة للأذن، وارتفاع الحرارة الشديد، ورضوض الرأس:
    أـ أسباب انسمامية toxic: تؤثر مجموعة كبيرة من الأدوية تأثيراً ضاراً بالسمع، ومن أهمها: الصادات من زمرة الأمينوغليكوزيدات ومنها الستربتومايسين، والنيومايسين، والجنتاميسين، وكذلك الساليسيلات، والمدرات من مركبات الفيروسيمايد وحمض الايتاكرينيك، والكينين المستخدمة في معالجة البرداء (الملاريا)، والأدوية الحاصرة لمستقبلات بيتا B المستخدمة للسيطرة على اضطرابات نظم القلب.
    ب ـ رضوض الجمجمة: التي أدت إلى ارتجاج أو كسر الصخرة.
    ج ــ النكاف: الذي قد يؤدي إلى فقد السمع في أذن واحدة، في جهة الإصابة.
    دـ نقص السمع الفجائي sudden hearing loss: وهو حالة يحدث فيها نقص السمع دفعةً واحدةً، أو خلال فترة قصيرة من الزمن (ساعات إلى 3أيام). وقد تكون درجة نقص السمع خفيفة أو متوسطة أو شديدة جداً، وهو عادة أحادي الجانب ونادراً ما يكون ثنائي الجانب. وأهم الأسباب المؤدية لذلك السبب الوعائي، أو حالة خمجية وغالباً بفيروس، أو ارتكاس مناعي ذاتي.
    هـ ـ ورم العصب السمعي شوانوما vestibular Schwannoma: وهو ورم ينشأ على حساب خلايا شوان المحيطة بالعصب الثامن (السمعي)، سليم نسيجياً، سيئ الإنذار نسبياً بسبب توضعه. وقد يكبر ليصبح ورم الزاوية الجسرية المخيخية، ويبدأ بنقص سمع حسي عصبي تدل علاماته التخطيطية على أنه ناتج من إصابة في العصب السمعي وليس في الأذن الباطنة، وهو عادةً وحيد الجانب، مترقٍ ببطء شديد، ويترافق بطنين مختلف الشدة، ومع كبر الورم يصاب العصب الوجهي وينعدم المنعكس القرني، وفي مرحلة أكثر تقدماً تصاب الأعصاب القحفية الأخرى الموجودة في الزاوية الجسرية المخيخية.
    و ـ نقص السمع النفسي: وهو فجائي ثنائي الجانب، يظهر بعد رض نفسي، وغالباً ما يشفى بالمعالجة النفسية.
    ز ـ نقص السمع الشيخي: وهو ثنائي الجانب، مترقٍ تدريجياً، يشاهد في سن متقدمة، ويعود إلى تنكس في الخلايا المشعرة hair cells في عضو كورتي Corti’s organ، أو في خلايا العصب السمعي، أو الجملة العصبية المركزية. يختلف سن البدء وكيفية التطور كثيراً باختلاف المرضى.
    ح ـ نقص السمع بالرض الصوتي noise trauma: ينتج عن التعرض مرة واحدة لصوت شديد كالانفجار، أو عن التعرض طويل الأمد للضجيج المرتفع كما في المعامل والمطارات. وتتأثر درجة نقص السمع بعدة عوامل منها شدة الضجة، ومدة التعرض.
    ط ـ متلازمات ولادية: تترافق مع نقص سمع حسي عصبي ومنها:
    ـ متلازمة وارد نبرغ Waardenburg’s syndrome: بسبب جين قاهر، وتتألف من: خصلة شعر بيضاء في الرأس، وانحراف الموق نحو الوحشي، ونقص سمع حسي عصبي.
    ـ متلازمة ألبورت Alport’s syndrome: نقص سمع حسي عصبي مع التهاب كلية نزفي وراثي عائلي.
    ـ التشخيص:
    ـ اختبار الرنانات: يكون اختبار رين إيجابياً إذ يسمع المريض بشكل أعلى أمام الأذن، أي بالطريق الهوائي، وعند تطبيق اختبار ويبر يسمع المريض صوت الرنانة في الأذن الأحسن، أي تنحرف علامة ويبر نحو الأذن السليمة، أما علامة شافاخ فتكون ناقصة، إذ يتوقف المريض عن السمع قبل الفاحص.
    ـ مخطط السمع الكهربائي pure tune audiometry: تشير عتبات النقل العظمي إلى وجود نقص سمع، وتكون عتبات النقل الهوائي حوالي عتبات النقل العظمي نفسها.
    ـ تخطيط جذع الدماغ الكهربائي brain stem audiometry: ويعرف به ما إذا كانت المشكلة نقص سمع حسياً (بإصابة القوقعة)، أو نقص سمعٍ عصبياً (بإصابة ما بعد القوقعة).
    ـ العلاج: علاج نقص السمع الحسي العصبي صعب جداً لأن الإصابة إذا كانت في القوقعة التي يحوي عضو مورتي المؤلف من خلايا حسية عصبية، أو إذا كانت الإصابة بعد القوقعة، فإن تعويض هذه الخلايا مستحيل، لأن الخلايا العصبية لاتتجدد. لذا تستخدم المعينات السمعية hearing aid لتحسين درجة نقص السمع سواء كانت ضعيفة أو متوسطة أو شديدة. أما إذا كانت درجة نقص السمع شديدة جداً <19 dB فلابد من إجراء جراحة زرع القوقعة وذلك ضمن شروط معينة مرتبطة بعمر المريض وحالته الصحية وغير ذلك.
    3ـ نقص السمع المختلط: تكون المشكلة في الطريق الهوائي والعظمي معاً، وفي مخطط السمع الكهربائي تشير نقاط النقل العظمي إلى وجود نقص سمع، وكذلك تشير نقاط النقل الهوائي إلى وجود نقص سمع توصيلي، مع وجود فجوة بينهما.
    عتبة السمع درجة نقص السمع
    -10 إلى 25 dB ضمن الحدود الطبيعية
    26 إلى 40 dB نقص سمع خفيف الشدة
    41 إلى 55 dB نقص سمع متوسط الشدة
    56 إلى 70 dB نقص سمع متوسط ـ شديد
    71 إلى 90 dB نقص سمع شديد
    > 91 dB نقص سمع شديد جداً أو عميق
    4ـ نقص السمع المركزي: يكون مكان الإصابة في هذا النوع بعد القوقعة، في أي مكان من النواة القوقعية في جذع الدماغ حتى القشرة السمعية في المخ. ويظهر هؤلاء المرضى مقاييس غير متناسبة من الصعوبة في فهم الكلام ومعالجته، وهي لا تتناسب مع شكل المخطط السمعي، إذ إن شكل المخطط يكون طبيعياً ولا يدل على وجود مشكلة نقص سمع.
    أنواع نقص السمع حسب الدرجات
    يمكن أن يوصف نقص السمع بدرجات متنوعة حسب عتبات السمع للموجات الصافية عند تخطيط السمع الكهربائي كما يأتي:
    جمال قسومة

  5. #655
    الطـاعـون

    الطاعون plague مرض جرثومي وبائي يصيب القوارض rodents وبراغيثها fleas التي تنقل الخمج إلى الإنسان.
    خريطة تبين أوبئة الطاعون في القرون الوسطى
    ابتليت البشرية بأوبئة نجمت عنه استمرت من عام 1346م وحتى عام 1352م، قضت على ربع سكان أوربا وشمالي إفريقيا والمناطق المجاورة لهما من الشرق الأوسط. وقد ذكر الرحالة العربي ابن بطوطة بأنه سمع بأنباء الطاعون حينما وصل إلى مدينة حلب في طريق عودته على درب التوابل عام 1348م، بعد إقامةٍ له في الهند.
    مازال خطر الطاعون قائماً بسبب المناطق الشاسعة التي بها خمج مستمر في القوارض البرية وتماسها مع الجرذان المنزلية. وتعلن منظمة الصحة العالمية عن أكثر من 1000إصابة كل عام. يشاهد طاعون القوارض البرية في الثلث الغربي من الولايات المتحدة؛ فقد أبلغ في عام 1983عن ظهور 40إصابة بشرية، وعلى السنوات العشر التي امتدت من 1987حتى 1996 كان هناك سنوياً في المتوسط 15حالة في تلك المناطق. والطاعون منتشر في أماكن كثيرة من أمريكا الجنوبية مثل بوليفيا والبيرو والإكوادور التي حدثت فيها فاشية outbreak في عام 1998. وهناك بؤر في إفريقيا ولاسيما في أنغولا وكينيا وتنـزانيا وأوغندا، كما يشاهد في آسيا في شمالي إيران وفي أندونيسيا، وهو متوطن في الصين ومنغوليا. وقد ظهرت فاشيات متناثرة من الطاعون الرئوي في ڤييتنام بين عامي 1962و1972، وحدثت فاشية في الهند عام 1994.
    ينجم الطاعون عن جرثوم على هيئة عصية صغيرة سلبية الغرام gram تسمى اليرسينية الطاعونية Yersinia pestis وهي جرثوم مقاوم يستطيع العيش عدة سنوات في جحور الجرذان البرية، والبراغيث هي التي تنشر الداء، فتصيب الإنسان بلدغتها، وأحياناً قليلة بمفرغاتها، وتحتفظ بالجرثوم في الحقب التي تقع بين الفاشيات. وانتقال هذا الجرثوم بين البشر أنفسهم ممكن إما بوساطة البراغيث أو باستنشاق الجرثوم في حالة الطاعون الرئوي.
    تسبب اليرسينية الطاعونية في البشر نوعين سريريين أساسيين هما: الطاعون الدبلي bubonic plague، والطاعون الرئويpneumonic plague.
    الطاعون الدبلي
    طرق العدوى بالطاعون
    يظهر تضخم في العقد اللمفيةadenopathyيسمى الدبلbubo بعد يومين إلى سبعة أيام من لدغة برغوث مصاب بهذا الجرثوم. يشاهد الدبل غالباً في المنطقة الأُربيةinguinalوأحياناً في المنطقة الإبطيةaxillary أو الرقبية وذلك تبعاً لموضع اللدغ. والدبل مؤلم يبلغ حجم الجوزة الصغيرة، ويكون محاطاً بمنطقة التهابية، كما أنه يترافق بمتلازمة خمجية شديدة تظهر فيها سحنة المريض محتقنة، وتصاحبها حمى تبلغ 40 درجة مع تسرع بضربات القلب وأرق وهذيان، وإذا لم يعالج المريض حدثت الوفاة في60 إلى90% من الحالات، لكن المداواة بالصادات شافية، كما أنها تدرأ تنوسر fistulization العقد اللمفية.
    لاينتقل الطاعون الدبلي من شخص إلى آخر ما لم توجد ذات الرئة الطاعونية كمضاعفة من المضاعفات، أو يحدث تماس مع القيح من الأدبال.
    الطاعون الرئوي
    حضانته قصيرة جداً، ويتم باستنشاق الجراثيم. تظهر على المريض أعراض شديدة إثر إصابته بالعدوى بعد 10إلى 15 ساعة تتصف بحرارة عالية وضيق نفس وزراق cyanosis وآلام صدرية وقشع مفعم باليرسينية الطاعونية. وسير الداء سريع ينتهي بالموت بنسبة 100% بعد 3 إلى 4 أيام إن لم يعالج المريض. ولا تؤثر الصادات في هذا النوع إلا إذا أعطيت خلال 8 إلى 15 ساعة من بدء ظهور الأعراض.
    قد يحدث النوع الرئوي أيضاً بعد الإصابة بإنتان دموي septicemia بهذه اليرسينيات، ولكن هذا الإنتان الدموي لايظهر إلا إذا مرت الإصابة العقدية خفية.
    الستربتويسيس هو الدواء المفضل لمعالجة الطاعون بنوعيه ويمكن استعمال الجنتاميسين بدلاً عنه عند تعذر توافره، كما أن مركبات التتراسكلين والكلورامفنيكول تؤلف بدائل فعالة جداً إذا أعطيت في مرحلة مبكرة.
    إن المناعة بعد الشفاء نسبية وقد لاتحمي ضد لقيحة inoculum كبيرة.
    تتم وقاية الأفراد من الطاعون بإبعادهم عن التماس مع الجراثيم بمكافحة الجرذان والقواضم والبراغيث، وأما التلقيح فإن الرأي يميل إلى التخلي عنه ولاسيما في حالة ظهور حالات فردية فقط، وقد حل إعطاء أحد التتراسكلينات بدلاً عنه للوقاية.
    عدنان تكريتي

  6. #656
    الطب (آداب ـ)

    الطب علم قديم قدم الإنسان، حين شعر منذ خلقه بآلام المرض، فدفعه ذلك إلى التقصي عن أسباب الداء وإيجاد الدواء.
    وعرف الطب الفراعنة والبابليون والفرس والإغريق والرومان والعرب، وكانت ممارسته في البدء حصراً على السحرة والكهنة، الذين كانوا يحتكرون المهنة ولا يعلمونها غيرهم. إلى أن جاء اسقلبيوس وكان تلميذ هرمس الثالث المصري، وكان طبيباً فيلسوفاً، سكن أرض الشام، وعهد اسقلبيوس إلى بنيه ألا يعلموا الطب إلا لأولادهم وأهل بيتهم، وأصبح فيما بعد إلهاً للطب تشاد له الهياكل وتنحت التماثيل.
    ثم جاء أبقراط [ر] وهو أول من وضع القسَمَ الطبي، وضمنه واجبات الطبيب وأدب الطب، وطلب من تلاميذه أن يقسموه. ثم جاء العرب فأخذوا الطب عن اليونان والرومان، فشرحوا مؤلفات أبقراط وجالينوس وغيرهما، وترجموها للعربية وعلقوا عليها وزادوا فيها. وكانوا معجبين بأبقراط لذلك تبنى الأطباء الأوائل في العصر الأموي قسم أبقراط.
    وازدهر الطب في العصر العباسي، وأصبحت بغداد كعبة العلم فأسست المدارس الطبية والمستشفيات، وأصبح الطب عند العرب صناعة نبيلة، لا يسمح بتعاطيها إلا لمن حصل على خبرة واسعة، وأعد لذلك إعداداً علمياً وخلقياً، وغدا للأطباء العرب في عصرهم الذهبي قَسمَهُم الطبي الخاص.
    أخلاق الطبيب وصفاته
    الطب مهنة نبيلة، وقد أوجب على الطبيب أن يكون من المؤمنين بالله، القائمين بحقه، العارفين بقدره، من أهل الحكمة والموعظة الحسنة، مبشراً لا منفراً، يوحي بالثقة ويبعث على الاحترام، وقد أوجز الطبيب العربي أبو الحسن علي بن رضوان (ت 1061م) الصفات التي يجب أن يتحلى بها الطبيب، بالفضائل السبع الآتية:
    ـ أن يكون بريئاً من الخطأ في سلوكه، سليماً في صحته، ماهراً في حرفته، حسن المنظر، مجداً وهادئ الأعصاب.
    ـ أن يكون حسن الملبس، وطيب الرائحة، وأن يكون نظيف البدن والملابس.
    ـ أن يكون أميناً على أسرار المرضى، فلا يبوح لأحد مطلقاً بأي شيء يخص مرضهم.
    ـ أن يكون حافزه لشفاء المريض أقوى من رغبته في الحصول على الأجر، وأن تكون رغبته في علاج الفقير أقوى من تحيزه لعلاج الغني.
    ـ أن يكون دائباً على تحصيل العلم، وعلى تقديم المساعدة للناس.
    ـ أن يكون رحيماً ذا عفة، وأن يكون صادقاً في حديثه. وإذا حدث أن رأى من أسرار العائلات، ورؤية نسائها ومظاهر ثرائها أثناء زياراته المنزلية لعلاج المرضى، فلن يجنح إلى استغلال أي من ذلك.
    ـ أن يكون أهلاً للثقة، وألا يصف مطلقاً دواءً قاتلاً، أو أن يعرِّف الآخرين بذلك، وألا يصف دواءً مجهضاً، وأن يعالج عدوه بنية صادقة مثلما يعالج صديقه.
    واجبات الطبيب تجاه زملائه
    تبدأ واجبات الطبيب تجاه زملائه منذ مباشرته دراسة الطب، إذ لا يجوز لطالب طب أن ينتقد آخر إذا وقع في خطأ ما في أثناء المذاكرات أو فحص المريض؛ كما يجب أن لا يتسرع الطلاب بالحكم على بعض عادات أساتذتهم اللفظية أو الحركية، فلكل امرئ عاداته في ذلك.
    ـ على الطبيب حين ابتداء مباشرة عمله المهني في عيادته، أن يقوم بزيارة زملائه المجاورين له في الحي الذي يمارس فيه.
    ـ على الطبيب احترام زملائه وتجنب ما لا يرضيهم بالعمل والقول، كما عليه أن يحترمهم حين التحدث مع المرضى.
    ـ إذا بدل المريض طبيبه المداوي، فعلى الطبيب الجديد أن يحترم، أمام المريض، آراء زميله القديم الذي بدأ المعالجة وألا يسفه رأيه أمامه.
    ـ على الطبيب أن يستقبل زميله في عيادته قبل كل المراجعين الآخرين من مرضى وسواهم.
    ـ إذا طلب طبيب زميلاً له لمعالجته أو معالجة أحد أفراد أسرته عليه أن يلبي ذلك بسرعة وألا يظهر تأففاً، وإذا وجد أن حالة زميله تنبئ بخطر فما عليه أن يظهر أمامه أي إشارة تلمح بذلك إلا إذا كان هذا حافزاً لتناول الدواء، أو الخضوع لمداخلة جراحية أو ما يشبه ذلك من الأوضاع الدقيقة.
    ـ على الطبيب ألا يتقاضى أتعاباً عن عمله الطبي أو الجراحي إذا عالج زميلاً له أو زوجة زميل أو أولاد زميل.
    المسؤولية الطبية وواجبات الطبيب في الفقه والقانون
    ـ المسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية: وضعت الشريعة الأطباء تحت رقابة المحتسب، الذي له أن يمتحن كل طبيب باختصاصه فيجيزه أو يمنعه من العمل.
    وقد ميز الفقهاء بين المتطبب والطبيب الجاهل والطبيب الحاذق.
    فالمتطبب أو الطبيب الجاهل إذا أوهم المريض بعلمه فأذن له بعلاجه، فمات المريض، أو أصابه ضرر من هذا العلاج، فإن كلاً من المتطبب أو الطبيب الجاهل يلزم بدية النفس، أو تعويض الضرر على حسب الأحوال.
    أما الطبيب الحاذق فهو الطبيب الذي أعطى الصناعة حقها، وبذل غاية جهده، ولم يحصل منه تقصير في الاجتهاد وفحص المريض، أو إهمال في المعالجة، وحدث مع ذلك ضرر بالمريض أو وفاته. فإن القاعدة الشرعية تنص «لما كان التطبيب واجباً شرعياً فلا مسؤولية على الطبيب الحاذق في أداء هذا الواجب ولو أدى عمله إلى نتائج ضارة بالمريض».
    وعلى ذلك اتفق الفقهاء على «أن الموت إذا جاء نتيجة لفعل واجب، مع الاحتياط وعدم التقصير فلا ضمان فيه».
    ـ المسؤولية الطبية المدنية والجزائية في القانون: إن مزاولة أي مهنة ومنها المهنة الطبية، توجب على صاحبها نشاطاً خاصاً تكون غايته خدمة المجتمع، لكن قد يصبح هذا النشاط أحياناً ضاراً لغيره تتوجب عليه المسؤولية، ولقد عرفت المسؤولية الطبية منذ عرف الطب وتطورت على مر العصور.
    وبقيت أحكام المسؤولية الطبية في سورية مستمدة من الشرع الإسلامي (مجلة الأحكام العدلية) حتى صدور القانون المدني السوري عام 1949، وفيه عدَّ المسؤولية الطبية المدنية من نوع المسؤولية التقصيرية، التي لا تترتب إلا على أساس وجود خطأ سبب ضرراً مادياً أو معنوياً يوجب التعويض.
    «كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض» (المادة 164 من القانون المدني السوري) ويشترط لترتب هذه المسؤولية أن تكون هناك رابطة سببية بين الخطأ والضرر.
    وتعد مسؤولية الطبيب مسؤولية مهنية من نوع خاص، فهي التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية، فلا يسأل الطبيب في حال عدم شفاء المريض، ما دام أنه بذل العناية اليقظة حسب ما يقتضيه العلم والفن الطبي، بدون أن يصدر عنه أي تقصير أو إهمال أو خطأ.
    أما المسؤولية الجزائية الناجمة عن خطأ الطبيب أو مخالفته للأنظمة والقوانين، فتحكمها قوانين تنظيم مهنة الطب، ونظام واجبات الطبيب وآداب المهنة، وقانون العقوبات السوري.
    ـ التنظيم المهني: الأطباء فرقة في المجتمع، متكافلون فيما بينهم على رعاية صحة الأمة، يتكاملون بتنوع اختصاصاتهم الطبية، وحرصاً منهم على التزام آداب المهنة والحفاظ على كرامتها فقد سعوا إلى التكتل والتجمع، واتخاذ النظم والوسائل والأعراف التي ترمي إلى تحقيق مصالحهم، وأداء رسالتهم المقدسة على خير وجه، لذلك سعوا إلى تأسيس الروابط والنقابات، وأُنشئت أول نقابة للأطباء في سورية في عام 1943. ثم قانون نقابة أطباء سورية لعام 1952. ثم قانون التنظيم النقابي للأطباء البشريين رقم /32/ الصادر بتاريخ 22/7/1974 المتضمن إحداث نقابة واحدة للأطباء تضم فروعاً في معظم المحافظات. ثم القانون رقم /31/ «التنظيم النقابي للأطباء البشريين» الصادر في 16/8/1981.
    وتضمن التعريف بمهنة الطب وأهدافها وأحكام وحق مزاولة المهنة والواجبات المسلكية للطبيب، والمؤتمر العام للنقابة، ومجلس النقابة والانتخابات النقابية وفروع النقابة، ومجالس التأديب النقابية.
    ـ القوانين الناظمة لمزاولة مهنة الطب وآداب المهنة وواجباتها: الطب مهنة إنسانية يراعى في ممتهنيها الشرف والصدق ويقظة الضمير، ولها كأي مهنة أخرى قوانينها وقواعدها وأصولها الفنية، وما أولته لهذه المهنة التشريعات والقوانين الوطنية والدولية.
    وفي سورية صدر أول قانون لتنظيم مزاولة مهنة الطب في عام 1937. وفي عام 1978 صدر عن المؤتمر العام لنقابة الأطباء (نظام واجبات الطبيب وآداب المهنة)، الذي نص على إنسانية وأخلاقية المهنة الطبية، واحترام الشخصية الإنسانية، وأن كل عمل طبي يجب أن يستهدف مصلحة المريض المطلقة، وأن تكون له ضرورة تبرره، وأن يتم برضاء المريض أو وليه. وبين واجبات الطبيب العامة، وما يحظر عليه عمله، وواجبات الطبيب تجاه المرضى، وأفرد فصلاً خاصاً عن سر المهنة وبين حقوق الزمالة بين الأطباء، وصلات الأطباء بأعضاء المهن الطبية الأخرى، وأصول الاستشارة الطبية. وشدد على حرمة الحياة الإنسانية، وعدم جواز إنهاء حياة المريض المصاب بمرض مستعص غير قابل للشفاء مهما رافق ذلك من آلام أو أصبح هذا المريض عبئاً على ذويه ومن يحيط به.
    ثم صدر قانون مزاولة المهن الطبية لعام 1952.
    ثم قانون مزاولة المهن الطبية الصادر عام 1970 بالمرسوم التشريعي رقم /12/ تاريخ 7/1/1970 وهو النافذ حالياً. وتضمن التعريف بالطبيب وذوي المهن الطبية، وشروط مزاولة المهنة، وتسجيل الاختصاص، وواجبات ذوي المهن الطبية، كالمحافظة على أسرار المهنة، والتقيد بالأنظمة والقوانين النافذة، والإخبار عن الأمراض السارية، وبين المحظورات على الطبيب كاتخاذ أكثر من عيادة، أو بيع الأدوية للمرضى، أو الاتفاق مع أي شخص لتشويق المرضى للمداواة في عيادته، أو مزاولة مهنة أخرى بنفسه، أو الاشتراك مع صيدلي أو صاحب مستودع أدوية في تجارته، أو الترويج لبعض الأدوية لقاء نفع خاص. وكذلك الإعلان عن نفسه، أو انتحاله ألقاباً أو اختصاصات لم ينلها قانونياً.
    وكذلك حظر القانون على الطبيب إجراء الإجهاض بأي وسيلة كانت إلا إذا كان استمرار الحمل خطراً على حياة الحامل وبين القانون العقوبات المترتبة لكل مخالفة.
    ويسأل الطبيب عن عدم مراعاته القوانين والأنظمة، وإذا لم يؤد واجباته أو قصر بتأديتها، أو خالف القواعد الفنية، أو قام بعمل يحظر عليه عمله، ويحاسب ويعاقب إذا أهمل أو ارتكب خطأً أو جرماً ألحق الضرر بالمريض.
    ويسأل الطبيب: إذا رفض معالجة مريض في منطقة منعزلة ليس فيها غيره من الأطباء، أو امتنع عن إسعاف جريح نازف بحالة خطر. ويتوجب على الطبيب مهما يكن عمله واختصاصه، أن يقوم بالإسعاف الأولي للمريض المهددة حياته بالخطر وعندما لا يكون بالإمكان توفير العناية اللازمة له من قبل طبيب متخصص.
    وكذلك يسأل الطبيب: في حال تركه معالجة مريضه ما دام هذا المريض في حمى مرضه وبحاجة إلى رعاية طبيبه إلا في حالة إهمال أو تعمد المريض عدم اتباع تعليمات الطبيب أو إذا استعان بطبيب آخر خفية عن الطبيب، مما أساء إلى كرامة الطبيب الأول، أو امتنع المريض عن دفع الأجور الطبية.
    ويسأل الطبيب: عن خطئه في تشخيص المرض الناجم عن تسرعه وعدم دقته، وعدم اللجوء إلى الاستقصاءات والتحاليل المخبرية والفحوص الشعاعية، وغيرها من الوسائل العلمية الحديثة، وعدم استعانته برأي زملائه من ذوي الخبرة والاختصاص فالطبيب إذا احتار استشار فإن دعت الحاجة أحالها إلى المختص فهذا من حق المريض.
    ويسأل الطبيب: عن أخطائه في وصف العلاج، وعدم أخذه الحيطة واليقظة في تقدير نسبة تركيب الدواء والجرعة الدوائية اللازمة للمريض.
    أخطاء الجراحين
    على الرغم من فائدة الجراحة علاجاً جذرياً، غير أنها تنطوي على مخاطر كثيرة، لذلك فهي تقتضي من الجراح عناية دقيقة ويقظة فائقة، وهذا بديهي، لأن شق البطون وقطع الأوعية الدموية وفتح الرؤوس أو القلوب أو بتر الأعضاء ليس بالأمر الهين، لهذا تتشدد المحاكم مع الجراحين، فتحملهم مسؤولية كل ما يحدث للمريض منذ بدء تخديره وحتى تمام صحوه.
    فيسأل الجراح: عن كل خطأ يصدر عنه سواء كان جسيماً أو يسيراً. لذلك يتحتم على الجراح قبل العمل الجراحي فحص المريض، والتأكد من تحمله للتخدير والعملية الجراحية، والتأكد من توفر الأدوات الطبية اللازمة للعمل وسلامة استعمالها، وتوفر الأجهزة اللازمة لإنعاش المريض (كالصادم الكهربائي للقلب والمنفسة وإلى غير ذلك..) في حال حدوث طارئ مفاجئ كتوقف القلب أو التنفس.
    الإجهاض[ر]
    السر الطبي
    حفظ أسرار الناس وستر عوراتهم واجب على كل مؤمن، وعلى الأطباء أوجب، لأن المهنة أباحت لهم الإطلاع على أجسامهم وعوراتهم وأسرارهم. وإفشاء سر المهنة حظرت عليه التشريعات منذ القدم، ولا يقتصر سر المهنة على ما يبوح به المريض لطبيبه بل تتسع دائرته لتشمل كل ما يطلع عليه الطبيب بصورة مباشرة أو غير مباشرة لدى فحصه للمريض أو زيارته المنزلية.
    واعتبرت المادة /565/ من قانون العقوبات السوري «إفشاء السر من قبل من هو عالم بحكم وضعه أو وظيفته أو مهنته بدون سبب مشروع، أو استعماله لمنفعة خاصة لنفسه أو لغيره جريمة يعاقب عليها بالحبس والغرامة».
    والتزام حفظ السر مطلق، فلا يجوز إفشاؤه بأي وسيلة أو صورة كانت، كلياً أو جزئياً لأي كان ولأي سبب كان. فيحظر على الطبيب إطلاع أي طبيب آخر على حالة مريضه أو إخبار حتى أفراد أسرته عن حالته الصحية، إلا إذا أذن له المريض بالبوح بسره أو طلب منه تقريراً طبياً عن حاله.
    ولا يلتزم الطبيب سر المهنة عندما يمارسها بصفته خبيراً لدى القضاء لتقرير حالة طبية معينة، ويستثنى من حفظ سر المهنة في حالة الإخبار عن وقوع جنحة أو جناية أو منع وقوعها على المريض في حالة إسعافه من قبل الطبيب. كذلك في حال الإخبار عن الأمراض السارية المطلوب الإخبار عنها قانوناً.
    ويتحلل الطبيب من حفظ سر المهنة في حالة الدفاع عن نفسه حين مساءلته عن خطأ أو تقصير ينسبه إليه المريض.
    قسم الطبيب في سورية
    تبنته كلية الطب بالجامعة السورية (جامعة دمشق اليوم) منذ تأسيسها ويقسمه خريجو الكلية عند تسلمهم شهاداتهم.
    «أقسم بالله العظيم، أن أكون وفياً لواجبات مهنتي، متبعاً أفضل السبل فيما يفيد المرضى، متحاشياً ما يضرهم أو لا ينفعهم، لن أعطي دواء مجهضاً ولا قتالاً، ولن أقوم بأي عملية بقصد الإجهاض أو الأذى، ولن استنكف عن العمل عند انتشار الأوبئة والأخطار، ولن أسمح للخوف أن يدفعني إلى الفرار من الواجب، وسأظل محافظاً على سر المهنة، منزهاً نفسي عن كل عمل يناقض الفضيلة، سالكاً سبل الطهارة والاستقامة، والله على ما أقول لشهيد».
    عبد الرزاق حمامي

  7. #657
    الطـب البـديـل

    هو الطب الذي لا يعتمد في المعالجة على الأدوية والوسائل الحديثة المعتمدة في التدريس الجامعي، وإنما يعتمد على وسائل وأدوية مستمدة من التراث تناقلها الناس جيلاً عن جيل، وقد يمارس الآن هذا النوع من الطب أو يلجأ إليه أحياناً بعض الأطباء أنفسهم، وكان يمارسه في القديم أناس آخرون لا علاقة لهم بالطب كالعطارين أو الحلاقين أو المتطببين.
    ومن أمثلة هذا النوع من الطب، التداوي بالنباتات وبالحجامة والفصادة، وبالوخز بالإبر الصينية، وبالتدليك، وبالماء البارد أو الساخن أو المعدني، وبالطين.. وبغير هذا من الوسائل المختلفة باختلاف الشعوب وتطور الزمن.
    المعالجة بالنباتات
    علم الإنسان القديم تأثير بعض النباتات ـ وهي الشيء الوحيد الذي كان متاحاً له، في بعض الأمراض وأخذ يستعملها كما هي، أو يستعمل منقوعها أو يابسها، أو يستعمل بعض أقسامها كلحائها أو بذورها أو جذورها، ولما عرف النار واستعملها لإنضاج الطعام، نباتاً كان أم غير نبات، أخذ يغلي هذه النباتات أو أجزاءها لاستخلاص أدوية منها، وهكذا أصبح، مع تقدم معارفه، يتحرى صفات كل نبات وفوائده ونشأت لديه فكرة التجربة والاستقراء، فعرف خواص كثير من النباتات كما ابتدع الطرائق للوصول إلى المواد المؤثرة فيها لاستعمالها دون بقية أجزاء النبات، وتوصل بذلك عبر مئات السنين إلى استخلاص بعض الأدوية التي ثبتت فائدتها في بعض الأمراض ومازالت تستعمل حتى اليوم كالديجيتالين في أمراض القلب والأرغوتين لقطع النزف، والكولشيسين للنقرس، وهي تعد بالمئات.
    وحين ظهر علم الكيمياء وبُدئ بتركيب المواد المختلفة عرف تأثير بعضها في معالجة بعض الأمراض وتطور الأمر بعد ذلك فظهرت مئات التراكيب الكيميائية المستعملة في المعالجات، ولما كان تأثير هذه المواد أكبر ومقاديرها أقل وطرائق استعمالها أسهل وسبل إنتاجها بمقادير كبيرة وتخزينها لفترات طويلة أبسط، فقد عم استعمالها، ولاسيما حين يراها المريض جاهزة في الصيدليات بعد أن كان ينتظر فترات طويلة أحياناً لتحضير الدواء لكل وصفة على حدة، وتقلص بذلك استعمال النباتات الطبية إلى أن زال تماماً إلا على يد العطارين أو الاستعمالات الفردية من المرضى أنفسهم.
    ولكن ظهرت من جهة أخرى أضرار استعمال الأدوية الحديثة، فإن المقادير المكثفة في هذه الأدوية للمواد المؤثرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة كالتسممات القاتلة أو الإصابة ببعض الأمراض أو إحداثها التشوهات في أجنة الأمهات اللواتي يستعملنها، وقد يؤدي تفاعل بعض هذه المواد كيميائياً مع أدوية أخرى تدخل الجسم أو مع سوائل الجسم نفسه إلى حدوث مضاعفات ضارة، ومن يستعرض النشرات التي ترافق الأدوية التي يستعملها يلاحظ كثرة «الأعراض الجانبية» التي قد يسببها كل دواء.
    ومن هنا عاد التفكير في العقود الأخيرة من القرن الماضي لاستعمال النباتات، وبدأت ألمانيا وهولندا بإنشاء مراكز لدراسة النباتات من جديد ومعرفة فوائدها وطرائق الاستفادة منها بالوجه الأفضل والأسلم، ثم انتشرت هذه المراكز في كثير من البلدان وأصبحت النباتات تدرس من قبل علماء متخصصين وتشرف على زراعتها وجنيها وتنظيفها وتعقيمها وتعليبها هيئات متخصصة ليكون استعمالها مفيداً وآمناً، ولم تقصر سورية في هذا المضمار فهناك من يقوم بهذه المهمات على وجه جيد.
    الحِجَامة
    تستعمل الحجامة لإجراء احتقان سطحي موضعي في الجلد لتخفيف احتقان مرضي عميق في المكان نفسه. ويجرى بتطبيق كؤوس مصنوعة من زجاج ثخين ذات حواف كليلة قعرها واسع، تخلى من الهواء وتطبق على المكان المراد وهو في الغالب المنطقة بين الكتفين وعلى جانبي العمود الفقري، ولعملها يجلس المريض مائلاً قليلاً نحو الأمام إذا كانت الحجامة ستطبق في الطرفين، أو يضطجع على الجانب المقابل للجانب الذي ستجري فيه الحجامة إن كانت في طرف واحد، وتحضر عدة كؤوس (حتى 10 أو 12) كما يحضر قضيب معدني تلف على رأسه قطعة قطن مبللة بالكحول يمسك باليد اليمنى وتشعل قطعة القطن وتدخل لجوف الكأس الممسوك باليد اليسرى دون أن تمس حوافه كي لا تحرق جلد المريض حين تطبيقها، تسحب قطعة القطن المشتعلة بعد 3 إلى 4 ثوان فقط وهذه المدة كافية لتسخين هواء الكأس فيتمدد وحين سحب الشعلة يعود الهواء للبرودة فيتقلص حجمه ويحدث ضغطاً سلبياً في جوف الكأس الذي يطبق بسرعة وإحكام على الناحية المرادة، ويؤدي الضغط السلبي في المحجم إلى جذب الجلد وبروزه داخل المحجم وتلونه باللون البنفسجي.
    تكرر العملية في عدد من المحاجم التي تترك في مكانها بضع دقائق ثم تنـزع بالضغط بإصبع إحدى اليدين على الجلد في محيطها فيدخل الهواء لداخلها وترفع باليد الأخرى.
    هذا النوع من الحجامة يسمى الحجامة الجافة، وهناك نوع آخر يسمى الحجامة الدامية التي تجرى كالحجامة الجافة وبعد نزع المحاجم يبزغ الجلد مكانها بمشرط عادي أو بآلة خاصة تدعى المبزغة ذات النابض وهي علبة معدنية مجهزة بـ 16 إلى 20 صفيحة حادة تتحرك بنابض خاص ضمن العلبة، وحين تطبيقها على الجلد يحرك النابض فتندفع الصفيحات الحادة عبر شقوق موجودة على سطح العلبة المطبق على الجلد فتجرحه ويعاد تطبيق المحجم من جديد في المكان نفسه فيندفع الدم ويملأ المحجم تدريجياً، وحين الوصول إلى الكمية المطلوبة ينزع المحجم ويضمد مكان الجروح بضماد جاف عقيم.
    كانت الحجامات الجافة والدامية تستعمل لمعالجة الاحتقانات، ولاسيما في الجهاز التنفسي، كالإصابة بذات القصبات وذات الرئة، كما تستعمل لتسكين بعض الآلام كالآلام القطنية lumbago وغيرها من الأمراض، وقد بطل استعمال الحجامة بنوعيها أو قل جداً بعد انتشار وسائل المعالجة الحديثة، ولكن عاد البحث فيها وبفوائدها أخيراً، وإذا تم تجاوز المبالغات الكبيرة في الموضوع فإنه لا شك بفائدتها في بعض الأمراض.
    الفصادة
    هي إخراج كمية من الدم من الدورة الدموية وتكون موضعية أو عامة.
    الفصادة الموضعية غايتها كالحجامة إزالة احتقان مرضي في إحدى نواحي الجسم العميقة بسحب الدم من هذه المنطقة إلى السطح وإخراجه بفتح الأوعية الشعرية، وكان يتم بالحجامة الدامية أو باستعمال العلق، والعلق يطبق على الناحية فيلتصق بالجلد ويمتص الدم بفمه الذي يشبه المحجم، ويطبق عدد مختلف من العلق يتناسب وكمية الدم التي يراد إخراجها.
    كان يقوم بهذه المهمة الحلاقون الذين يربون العلق في أوان زجاجية خاصة يخرجونها منها حين الحاجة ثم يعيدونها لاستعمالها من جديد لمرضى آخرين مما كان يسبب نقل بعض الأمراض، وكان يستعمل لمعالجة الاحتقانات الرئوية والشقيقةوالشرث وغيرها.
    أما الفصادة العامة فتجرى ببزل أحد الأوردة الكبيرة السطحية في ثنية المرفق بإبرة عادية ثخينة أو بحربة خاصة. يجمع الدم المفصود في وعاء مدرج لمعرفة كميته، ويضمد مكان البزل بضماد طاهر جاف. وكانت الفصادة تجرى لكثير من الأمراض ثم قل استعمالها حتى حصرت - قبل الاستغناء عنها نهائياً - في حالات التسمم بالبولة (يوريمية) uremia وفي الأمراض المرافقة لارتفاع الضغط الشرياني ووذمة الرئة والإرجاج (الارتعاج) eclampsia.
    وشأن الفصادة كشأن الحجامة قد تفيد في بعض الحالات إذا أجريت بطريقة علمية عقيمة وبرقابة طبية خبيرة، أما العلق فلا يجوز استعماله أبداً لما قد يسببه من أمراض ولأن الغاية المرجوة منه يمكن بلوغها بطريقة أكثر سلامة.
    المعالجة بالماء
    اللف بأقمشة مبللة
    الإرذاذ بالماء
    يستعمل الماء البارد أو الحار أو المعدني لمعالجة بعض الأمراض، ويكون ذلك بشكل مغاطس أو إرذاذ.
    لينابيع الماء الطبيعية صفات مختلفة فبعضها صاف معتدل الحرارة لا طعم له ولا لون ولا رائحة وهو الماء الذي يستعمله الإنسان للشرب والنظافة وغيرها من الحاجات، ولبعضها صفات أخرى من حيث الحرارة والتركيب الكيميائي.
    وقد عرف الإنسان فائدة هذه الأنواع من الماء في معالجة بعض الأمراض باستعمالها بطرائق مختلفة، وأنشئت لذلك حول هذه الينابيع مراكز للاستشفاء يعمل فيها أطباء مختصون بمعرفة فائدة كل نوع من أنواعها وطرائق المعالجة بها. واشتهرت بعض البلدان بذلك وفي طليعتها فرنسا والتشيك في أوربا، وفي البلاد العربية بعض هذه المراكز كمركز (ماعين) ومركز الحمة في الأردن ومركز الحمة ومركز حمامات الشيخ عيسى ونبع بقين ودريكيش في سورية.
    ـ أنواع الماء المستعملة:
    ـ المياه المعدنية البسيطة ونسبة المعادن فيها قليلة ولكنها تحوي غالباً كميات كبيرة من المواد المشعة، وينبع بعضها بحرارة شديدة الارتفاع (40ْ إلى 60ْ).
    ـ المياه المعدنية المالحة ( تحوي كلور الصوديوم).
    ـ المياه الكبريتية الصودية والكبريتية الكلسية.
    ـ المياه القلوية.
    ـ المياه الزرنيخية.
    ـ المياه الحديدية.
    وتنبع كل هذه الأنواع بدرجات حرارة مختلفة.
    ـ طرائق الاستعمال: يستعمل الماء بإحدى الطرائق الآتية: المغاطس العامة، والمغاطس الحوضية، والارذاذ العام (كالمطر) أو على بعض النواحي الخاصة كالناحية القطنية أو الناحية البطنية، ولف الجسم بقماش مبلل بالماء، والضمادات البطنية المبللة، والشرب، والحقن المهبلية.
    - طريقة التأثير: تؤثر المعالجة بالماء بطرائق مختلفة حسب تركيبها وطريقة استعمالها:
    فالماء البارد بين درجتي الحرارة (10 ْ و 25 ْ) يؤدي، إذا استعمل بطريقة الارذاذ العام، لتنبيه النهايات العصبية وزيادة مقوية الجملة العصبية ويؤدي في الوقت نفسه لتنظيم وظائف الجملة العصبية فهو مقو ومهدئ، واستعمال الماء البارد المديد بشكل ارذاذ موضعي يؤدي إلى تخدير اللحف، كما يحدث في أرذاذ كلور الاتيل، والماء الفاتر (20 ْ إلى 33 ْ) مهدئ، والماء الحار (34 ْ إلى 37 ْ) يؤدي للشعور بالراحة، والماء الشديد الحرارة (38 ْ إلى 45 ْ) ينقص تنبيهات النهايات العصبية فهو مخدر ومهدئ.
    والمياه المعدنية المالحة تؤدي إلى هجمة احتقانية موضعية وزيادة الكريات البيض، والمياه الكبريتية الصودية تنبه الجلد والدوران العام تنبيهاً شديداً وللمياه الكبريتية الكلسية الفعل نفسه بدرجات أقل.
    وعدا الفعل الآلي لهذه الأنواع من المياه المعدنية هناك التأثير الدوائي للمعادن المحتواة نفسها ولاسيما الكبريت والحديد والزرنيخ وكذلك المواد المشعة. وهناك كذلك التأثير الدوائي كالمياه المستعملة شرباً لتنقية الرمال البولية بما تحويه من المعادن أو المواد المشعة.
    ـ الاستطبابات: تستطب المعالجة بالمياه المعدنية في كثير من الأمراض، ولاسيما بعض الأمراض الرثوية (روماتيزم) والآلام القطنية وبعض أمراض الجملة العصبية لتهدئتها وبعض التشنجات الهضمية وبعض الاضطرابات القلبية الوعائية وبعض الأمراض النسائية.
    وينتقي الطبيب المختص نوع الماء المناسب وطريقة استعماله ومدة الاستعمال (ثلاثة أسابيع في الغالب)، وقد تشرك المعالجة بالمياه بمعالجات أخرى كالتدليك والتمارين الرياضية، ويراقب المريض في مراكز المياه المعدنية مراقبة طبية جيدة خوفاً من المضاعفات التي قد تحدث في أثناء المعالجة.
    في هذا العرض لبعض وسائل ما يسمى الطب البديل، يلاحظ أن هذه التسمية غير دقيقة، وقد يكون العكس هو الصحيح فالإنسان في العصور الموغلة في القدم كانت وسائله محدودة ومعرفته بالأسباب تكاد تكون معدومة، وكان لذلك يعزو المرض إلى قوى خارجة عنه أو يعدّه عقاباً من الآلهة لذنب اقترفه، وبدأت طرائق المعالجة عنده للتغلب على هذه القوى أو استرضاء الآلهة بالتعاويذ والرقى والتمائم وتقديم الأضحيات، ثم عرف الإنسان فوائد بعض النباتات في شفاء عدد من الأمراض فاستعملها لهذا الغرض، ثم تقدمت معارفه وساقته بعض الظروف لمعرفة أشياء أخرى، وساقته تجاربه وتقدم معارفه إلى ابتداع بعض الطرائق الدوائية أو الجراحية لمعالجة أمراضه، وتطورت هذه الطرائق وتنوعت مع مرور الزمن، وثبتت فوائد بعضها وضرر بعضها فطورت لاستعمال النافع وترك الضار.
    فليس هناك إذن طب بديل وطب أصيل وإنما هو طب واحد تتطور وسائله بتطور الإنسان وتقدمه في المعرفة ووسائل البحث، وما كان يعد بديلاً قد يصبح اليوم أصيلاً، وما يعد اليوم أصيلاً قد يصبح غداً بديلاً، والغاية دائماً واحدة هي حفظ صحة الإنسان وشفاؤه من الأمراض التي قد تصيبه أو السعي لوقايته من الإصابة بها إن أمكن.
    سمير النوري

  8. #658
    الطب الشرعي

    الطب الشرعي forensic medicine جزء من العلوم الطبية، يهدف إلى مساعدة الهيئات القضائية على تطبيق القوانين. فالقضاء مؤسسة أوكل إليها المجتمع مهمة تطبيق القوانين التي يضعها المشرع وحل الخلافات التي تنشأ بين الأفراد، إلا أن الخلافات كثيراً ما تتعلق بصحة الإنسان وحياته، ولايستطيع القاضي، وهو المتخصص بالقانون، الفصل في هذه الخلافات دون الاستعانة بخبراء في الشؤون الصحية وهم الأطباء. فقد نصت قوانين جميع الدول على معاقبة الشخص الذي يُلحق الأذى بالآخرين، إلا أن شدة العقوبة التي تُفرض على المعتدي تختلف بحسب طبيعة الأذى الذي سبَّبه ودرجة خطورته، وهو أمر لايستطيع القاضي تقديره، مما يدعو إلى الاستعانة بالأطباء لإيضاح هذا الأمر الذي ستبنى عليه الأحكام التي يصدرها القاضي. يمكن للقاضي الاستعانة بجميع الأطباء على اختلاف اختصاصاتهم لإيضاح الأمور التي تتعلق بالقضية المعروضة عليه، كأن يطلب من طبيب العيون تقدير درجة النقص في الرؤية الذي سببه تعرَّض الشخص لضربة على العين، ويمكن القول في هذه الحالة: إن طبيب العيون يقوم بمهمة طبية شرعية دون أن يطلق عليه اسم الطبيب الشرعي، في حين يطلق هذا الاسم على بعض الأطباء الذين ينحصر عملهم في فحص حالات الاعتداء على الأشخاص وإلحاق الأذى بهم مهما كانت طبيعة الاعتداء، كالجروح بالآلات الحادة أو الأسلحة النارية، أو الاعتداءات الجنسية، أو إعطاء مواد سامة، إلى غير ذلك من أنواع الأذى الذي يلحق بالمعتدى عليه. كما أن من أهم الأمور التي يطلب من الطبيب الشرعي إبداء الرأي فيها هي حالات الوفاة المشبوهة، وهي حالات الوفاة التي تحدث في ظروف معينة تدعو إلى الشك بأن سبب الوفاة قد يكون اعتداء خارجياً، ومثال ذلك، الوفيات التي تحصل فُجاءَة في الأماكن العامة، أو الوفاة التي تصيب الشخص الذي يعيش منفردا،ً ولاسيما إذا لم تعرف السوابق المرضية لهؤلاء الأشخاص. قد يكون الفحص الظاهري للجثة كافياً لتعيين سبب الوفاة، إلا أن إيضاح هذا الأمر يتطلب في معظم الحالات تشريح الجثة، أو ما يسمى فتح الجثة، أي فتح أجواف الجسم المختلفة بحثاً عن الآفات المرضية أو الإصابات الرضية التي أدت إلى الوفاة. وعلى الطبيب في هذه الحالات أن يبدي الرأي فيما إذا كان الدافع إلى الوفاة اعتداء جنائياً أم انتحارياً أو أن الوفاة كانت ناجمة عن إصابة عارضة أو عن مرض طبيعي.
    فالطب الشرعي، كما يدل على ذلك اسمه هو نقطة الالتقاء بين الطب والقانون، وتتطلب ممارسته التوفيق بين مذهبين متباينين في التفكير هما: التفكير الطبي الذي يتصف بشيء من الغموض والتردد ولا غرابة في ذلك، إذ إن موضوعه هو الحياة التي ما تزال في معظم نواحيها سراً غامضاً. والتفكير القانوني الذي يتميز بالدقة والوضوح، لأن موضوعه هو القوانين التي وضعها الإنسان وأوجب على المجتمع تطبيقها، ولا أدل على هذا الفارق بين المذهبين الطبي والقانوني في النظر إلى الأمور من التأمل في موضوع التعطيل عن العمل. فقد نصت معظم القوانين، ومنها القانون السوري، على أن شدة العقوبة التي تفرض على المعتدي الذي يلحق الأذى بالآخرين، تتناسب مع مدة التعطيل عن العمل الذي تنتج منه. وقسم القانون التعطيل عن العمل إلى ثلاث درجات، حدد لكل منها عقوبة معينة. ولكي يستطيع القاضي تطبيق هذا النص القانوني، يطلب من الطبيب الشرعي تحديد مدة التعطيل عن العمل استناداً إلى معلوماته الطبية وخبرته وتجاربه السابقة. إلا أن تحديد مدة التعطيل عن العمل بدقة أمر بالغ الصعوبة وكثيراً ما يختلف الأطباء في تقديره، وهو أمر خطير النتائج لدى المعتدي، ولاسيما عندما يكون التقدير قريباً من الحدود الفاصلة بين هذه الدرجات الثلاث المشار إليها.
    تتطلب ممارسة الطب الشرعي إلماماً واسعاً بمختلف أقسام العلوم الطبية، ولاسيما الأمراض الجراحية والتشريح والباتولوجيا (التشريح المرضي) والأمراض الباطنة وأمراض النساء والولادة والسموميات وعلم المصول، إذ إن بعض الوفيات قد تكون ناجمة عن الانسمام بإحدى المواد الكيمياوية أو الأدوية سواء أكان الدافع إلى ذلك جنائياً أم انتحارياً، أم إنه تسمم عارض، إلا أن الطب النفساني يأخذ مكاناً خاصاً في هذا المجال؛ لأن الاضطراب النفسي قد يكون هو الدافع إلى ارتكاب الجرائم في بعض الحالات، ومن الواجب تمييز الأشخاص المصابين بهذه الاضطرابات من غيرهم حتى يمكن تطبيق النصوص القانونية الخاصة بهذه الحالات. فقد نصت قوانين أكثر الدول، ومنها الجمهورية العربية السورية على إعفاء المجرم المصاب بالجنون من العقاب، كما أَنها خفضت العقوبة التي تفرض على المجرم المصاب باضطرابات نفسية تسيئ إلى قدرته على الإدراك والتمييز. ولاشك أن الكشف عن هذه الاضطرابات النفسية بمختلف درجاتها وأشكالها يتطلب استشارة أحد الأطباء النفسانيين من ذوي الخبرة في هذا المجال الذي دعي باسم «الطب الشرعي النفساني». ومن الأمور المهمة التي يعهد إلى الطبيب الشرعي القيام بها، هي تحديد هوية الجثث، ولاسيما في حالات الكوارث العامة التي تترك العديد من الضحايا في مكان الحادث وتشوه المعالم الخارجية للجثث، مما يجعل تعرّف أصحابها اعتماداً على الفحص الخارجي أمراً متعذراً. يعتمد الطبيب الشرعي في هذه الحالات على نتائج تشريح الجثة التي تعطي معلومات مهمة مهما بلغ التلف الذي أصابها، ومما يفيده في هذا الموضوع خاصة فحص العظام التي تحتفظ بشكلها وصفاتها مدة طويلة، وكذلك فحص الأسنان التي تختلف صفاتها اختلافات كبيرة من شخص لآخر، مما يفيد في استعراف الأشخاص، ولاسيما إذا توافر لدى الطبيب سجل سني سابق يبين الأمراض والمداخلات السنية التي تعرض لها الشخص في سابق حياته.
    يهتم الطب الشرعي أيضاً بالكشف عن الآثار الحيوية التي يتركها الجناة في مكان الحادث، كالأشعار والبقع الدموية والمنوية والتي تفيد بعد التأكد من طبيعتها في تعيين هوية الجاني، وقد كان تعيين الزمرة الدموية للبقع المتروكة في مكان الحادث ومقارنتها مع المشتبه بهم وسيلة لتعرّف مرتكب الجرم، إلا أن الاعتماد على تعيين الزمرة الدموية لهذا الغرض تراجع في الوقت الحاضر إلى حد كبير، وانصرفت الأهمية في هذا المجال إلى كشف الحمض النووي منقوص الأكسجين أو الدنا DNAالموجود في البقع الحيوية، وأمكن بهذه الطريقة تعيين هوية صاحب البقعة على نحو جازم يضاهي في دقته فحص بصمات الأصابع التي يتركها الجناة في مكان الحادث؛ لذلك يطلق على هذه الطريقة اسم «بصمة الدنا» أو البصمة الوراثية.
    تعززت أهمية الطب الشرعي في القرنين الماضيين، بعدما تبين أن الاعترافات التي يدلي بها المتهمون عند التحقيق معهم كثيراً ما تكون غير صحيحة، يدلي بها المتهم عادة بغية التخلص من التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له في أثناء التحقيق، وأخذت البراهين العلمية المستندة إلى الوقائع والحقائق الأهمية الأولى في التحقيق، ومن أهم هذه البراهين تلك التي يقدمها الطبيب الشرعي معتمداً على نتائج الفحص الطبي الذي يجريه على الأحياء والجثث.
    يتضح مما تقدم، أنه على الرغم من كون الطب الشرعي فرعاً مستقلاً من العلوم الطبية، إلا أنه منفتح على جميع الاختصاصات الطبية الأخرى، ومنها الطب النفساني والكيمياء السمومية وعلم المصول وغيرها، إضافة إلى ذلك فهو منفتح على العلوم الجنائية والعلوم القانونية، وتتطلب ممارسته البقاء على اطِّلاع مستمر بكل ما يستجد في هذه الميادين المختلفة مما يعطي هذه الممارسة صفة خاصة مميزة.
    زياد درويش

  9. #659
    الطب الصيني

    إن أصول الطب التقليدي الصيني Chinese traditional medicine متناهية في القدم، ومع ذلك فهي معروفة بدقة؛ فقد كان الإنسان البدائي الصيني الذي دعاه المؤرخون بإنسان بكين (150000سنة قبل الميلاد) يعتقد بأن جسم الإنسان مسكون من قبل نوعين من الجن أحدهما نافع والثاني ضار، وأن الألم والأمراض التي تصيب الإنسان من عمل الجني الضار الذي لاسبيل لمكافحته إلا بالوخز بالأشواك. ومع مرور الزمن استعاض الإنسان عن الأشواك النباتية بأدوات حجرية حادة الرؤوس تشبه المخرز وسيلة لمعالجة الأمراض وتسكين الألم، سمّوها بيان bian. ولم يكتشف التأثير غير المباشر لهذا الوخز إلا فيما بعد، نتيجة للملاحظات الدقيقة المتراكمة خلال قرون عديدة أدت في النهاية إلى اكتشاف فائدة المعالجة بالوخز بالإبر. ولكن هذه الملاحظات لم تنتقل بين الأجيال إلا مشافهة عن طريق السماع ممزوجة بالأساطير والخرافات. ففي عام 3200 قبل الميلاد قام الامبراطور شين نونغ شي Shen Nong Shi، باختراع أشكال ورموز تتألف من خطوط مستقيمة ومنكسرة سجّل بها ما تراكم من هذا الإرث الطبي خوفاً من ضياعه؛ لذلك يعد هذا الإمبراطور مخترع الطب الصيني، وفن الكتابة، ومعلم رعيته الزراعة، وكيفية انتقاء النباتات والثمار والبقول الصالحة للأكل والمفيدة للحفاظ على الصحة.
    أما الكتابة الصينية الحقيقية فلم يتم اختراعها إلا من قبل الامبراطور الأصفر هوانتي Huangdi، الذي اخترع الحياكة وقرْن الدواب (وضع النير في رقابها) وسك النقود، كما قام بتسجيل جميع الملاحظات والممارسات الطبية التي خلفها من سبقه وجعلها علماً مستقلاً.
    كان الامبراطور الأصفر أول من أعدَّ كتاباً عن الوخز بالإبر وصل إلينا، اسمه ني تشين صو وان Nei Jing Shu Wen، فبعد كثير من التصحيح والتغيير والإضافة على مر العصور أخذ هذا الكتاب شكله النهائي الذي وصل إليه في عام 200ق.م في عهد سلالة الهان. ومع ذلك ظل الوخز بالإبر متأثراً بالأساطير حتى بداية القرن الأول الميلادي إذ تخلص منها على يد هوا توو Hua Tuo، الذي أصلح طرق استعمال النبض وعلم الوخز بالإبرة الواحدة والمعالجة بمواد دوائية قليلة المقدار جداً، كما كان هذا الرائد جرَّاحاً كبيراً يستعمل التخدير العام بوساطة القنب الهندي، ويمارس فتح البطن وزرع الأعضاء، وكان يصف الرياضة، وهو الذي اخترع طريقة التمارين الرياضية المسماة Wuqin، التي لاتزال تتمتع بشعبية كبيرة.
    وبعد قرن من الزمن أضيف إلى الوخز بالإبر تقانات جديدة كالحمية والمعالجة الفيزيائية والتمسيد وحفظ الصحة (الخاصة بالأعضاء التناسلية) تحت تأثير البوذية والطاوية. وبالمقابل فإن المحظورات الاجتماعية حالت دون تطور الفحص السريري، فقد كان من الصعب كثيراً فحص النساء بحرية كما يٌفحص الرجال. وربما تكمن هنا أصول علم النبض الصيني غير المألوف، إذ كان فحص النساء ممنوعاً ويعاقب فاعله بحسب قانون وضع لذلك، فلم يكن يسمح إلا بفحص الساعد أو الرسغ من وراء ستار أو حاجز، وهكذا فقد دفعت الضرورة بالصينيين إلى اكتشاف مختلف أنواع النبض وملاحظة تبدل قوته، مما يشكل علامات وأعراضاً ذات دلالات أساسية بالنسبة لتشخيص المرض.
    تطور الطب الصيني وتعليمه
    ظهرت في عصر سلالة الصونغ (960ـ1126م) موسوعة طبية إمبراطورية يمكن عدّها تنقيحاً لكتاب ني تشين صو وان. وفي عام 1070م تأسست في بكين كلية لتعليم الوخز، وفي الوقت نفسه صنع أحد الفنانين تمثالاً نحاسياً بحجم الإنسان الطبيعي وسيلة تعليمية، نقشت على سطحه جميع نقط الوخز وعددها ثلاثمئة وسبعون، وسرعان ما ظهرت نسخ مجوفة لهذا التمثال يمكن ملؤها بالماء، وكانت نقاط الوخز فيها مثقوبة تطلى بطبقة رقيقة من الشمع يؤدي ثقبها إلى خروج الماء.
    وهكذا فقد انتظم الطب وتعليمه، وساسته قوانين أخلاقية وقواعد مسلكية للممارسة تفرض معاقبة الطبيب الجاهل، كما ظهرت أعداد من الكتب كادت تضيع في أثناء الاكتساح المغولي للصين.
    في عهد سلالة المينغ (1126ـ1368م) ازدهرت الفرماكولوجيا على يد طبيب من عائلة أنجبت عدداً من الأطباء، اسمه لي شي تسان Li Shizhen، ألف كتاباً عنوانه Compendium of Materia Medica. يحتوي على أربعة آلاف صورة لنباتات طبية وقد ترجم هذا الكتاب بعد طبعاته التي زادت على الأربعين إلى كثير من اللغات الأجنبية، منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والكورية واللاتينية والروسية.
    في هذه الحقبة ازدهر الوخز ونشط ممارسوه في الثلاثمئة سنة التالية دون أن يدخلوا عليه شيئاً جديداً. فقد طرأ على المجتمع الصيني ما يشبه الثورة الصناعية، إذ كثرت معامل الورق والنسيج وصهر الحديد، كما حظي الوخز بتشجيعٍ كغيره من الفنون والحرف.
    انحدار الوخز وتراجعه
    كان عصر سلالة التشين (1644ـ1912م) Ching عصر فوضى وبداية تأثير الغرب في الامبراطورية الصينية، حيث اشتعلت حرب الأفيون عام 1840، وأخذت البلدان الأوربية تقتطع مناطق نفوذ لها على الأراضي الصينية. في هذه الظروف كان الأباطرة ينظرون إلى الطب التقليدي الصيني بأنه عائق عن التقدم، لذلك أصدرت الدولة عام 1822 مرسوماً يقضي بإلغاء موضوع الوخز من منهاج كلية الطب الامبراطوريه. وقد وفد إلى الصين في هذه الحقبة عدد من الأطباء المبشرين الذين جاؤوا ليُعلِّموا ويشفوا ويبشروا، وقد ثبت أن الطب الذي أُتي به قليل الشبه بالطب الأوربي المألوف؛ لذلك فإنه لم يفد أحداً إلا في الجراحات البدائية البسيطة. وتدل السجلات على أن أهم ما قام به المبشرون من خدمات، هو تأسيس كليات للطب في مدينتي كانتون وتيانجين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان من نتائجها ترجمة الكتب الطبية الأوربية إلى اللغة الصينية وتخريج الأطباء على الطريقة الغربية، مما أدى إلى إهمال الطب التقليدي الصيني وإصدار قانون يمنع ممارسته عام 1929.
    لم تمنع هذه القوانين طبقة الفلاحين الفقراء من الاعتماد على الوخز بالإبر في مكافحة الأمراض، لأنها الوسيلة الوحيدة المتوافرة لهم. وقد اتبع الجيش الصيني الشيوعي هذا النهج في أثناء مسيرته الكبرى وحربه التي امتدت من عام 1928 إلى عام 1949، حينما تم الاستيلاء على الحكم. وبعد قيام الثورة الثقافية عام 1966، حظي الطب التقليدي الصيني بتشجيع كبير من قبل الدولة. وعلى الرغم مما رافق الثورة الثقافية من عداء للعلم والفن، وبالرغم مما تعرضت له المؤسسات التاريخية والمتاحف وأماكن العبادة من عبث الحرس الأحمر، فقد تبنت الثورة الصينية بعث الطب التقليدي الصيني ورعت ممارسيه. وللرئيس ماوتسه تونغ أقوال كثيرة في تمجيد الطب القديم والحث على كشف أسراره ونشر فوائده بين الجماهير. وتكاد تكون فكرة تكوين الأطباء الحفاة تكريساً وتمجيداً لهذا الطب الذي يتصف بالبساطة وسهولة الممارسة وقلة التكاليف، فضلاَ عن تعويضه عن النقص الهائل في عدد الأطباء المؤهلين على الطريقة الحديثة.
    النظريات الأساسية للطب التقليدي الصيني
    الشكل (1)
    تستند المبادئ الأساسية للطب التقليدي الصيني إلى نظريات الين يانغ والعناصر الخمسة والظانك فو والأقنية والشعب
    ـ نظرية الين يانغ: تقول نظرية الين يانغ (الشكل 1) إن كل شيء في هذا الكون يتألف من عنصرين ضدين هما الين واليانغ، وهما دوماً بحالة صراع وخضوع متبادل وتعد العلاقة بينهما القانون العام للعالم المادي والمبدأ والينبوع لوجود الكائنات، وهما أصل خلق المخلوقات وفنائها، وتشرح هذه النظرية التفاهم والاختلاف والإتلاف والبناء والتحويل بين الين واليانغ، وهذه العلاقة مطبقة بصورة لاحدود لها في الطب التقليدي الصيني لتفسير فيزيولوجية وباثولوجية جسم الإنسان وهي التي توجه التشخيص والمعالجة. ويقول الصينيون بأن الين يشبه الماء ببرودته وظلمته واتجاهه نحو الأسفل، أمَّا اليانغ فإنه يشبه النار بحرارتها ولمعانها واتجاهها نحو الأعلى، وتبعاً لذلك يصنف كل ما هو ساكن ولطيف وبارد وهادئ ومؤنث في زمرة الين، وكل ما هو متحرك وحار وسريع ومذكر في زمرة اليانغ. وتطبق هذه النظرية على أنسجة الجسم وأعضائه وأجهزته؛ فالأطراف والجذع والجلد تعد من زمرة اليانغ؛ لأنها خارجية تتحرك بقوة بينما تعد الأحشاء الداخلية من زمرة الين.
    الشكل (2)
    ـ العناصر الخمسة: من النظريات التي يرتكز عليها الطب التقليدي الصيني نظرية العناصر الخمسة وهي : الماء والتراب والخشب والمعدن والنار. وهي المواد التي يتألف منها العالم المادي.
    ويعتقد الصينيون أن بين هذه العناصر ترابطاً وصلة، وهي دوماً بحالة حركة وتحول. وتطبق هذه النظرية في الطب الصيني لتصنيف الحوادث الطبيعية في جسم الإنسان وأعضائه وأنسجته وعواطفه، ولتفسير العلاقة بين ما هو فيزيولوجي وما هو باثولوجي في الوسط الداخلي الذي يخضع لقانون التفاعل والتعاون في البناء، كما يخضع لقانون التضاد بين العناصر الخمسة.
    ـ نظرية الظانك فو: أما تعبير «الظانك فو»، فيعني العناصر التشريحية للأعضاء الداخلية، كما يعني بالوقت نفسه الوظائف الفيزيولوجية لجسم الإنسان بصورة عامة؛ فالقلب والكبد والطحال والرئة والكلية والتامور تؤلف مجموعة تسمى الأعضاء «الظانك الستة»، وظيفتها الفيزيولوجية الرئيسة تصنيع المواد الأساسية واختزانها بما في ذلك الشْيء Q، أي القدرة الحياتية والدم والسوائل العضوية، أما الأمعاء الدقيقة والمرارة والمعدةوالأمعاء الغليظة والمثانة «والصان جياو» (المحارق الثلاثة) أي: الصدر والبطن والحوض فتعرف بمجموعة الأعضاء «الفو الستة» وهي مسؤولة عن استقبال الطعام وهضمه، وتمثل المواد المغذية ونقل الفضلات وطرحها، إضافة إلى عضوين «فو» غَير عاديين هما الدماغ والرحم.
    ـ نظرية الأقنية والشعب: تقول نظرية الأقنية والشعب بوجود أقنية وشعب على سطح الجسم تصل بين أعضاء «الظانك فو» الداخلية وبين أعضاء القسم السطحي من الجسم كالحواس والمفاصل وغيرها، على نحو تجعل الجسم وحدة متكاملة. تقوم هذه الأقنية والشعب بتوفير جريان القدرة الحياتية والدم وتوزيع الدفء والغذاء على النسج ووصل كامل الجسم، بحيث تكون أعضاء الظانك والفو مع الأطراف الأربعة والجلد والعضلات والأوتار والعظام مجموعة متضامنه ووحدة كاملة. وتستعمل نظرية الأقنية والشعب دليلاً لمعالجة الأمراض في مختلف الاختصاصات، وخاصة الوخز بالإبر والكي بالموكسا. وتبدأ المعالجة بالوخز بالتفتيش أولاً عن القناة المصابة أو عضو الظانك أو الفو، ثم تنتقى النقاط من منطقة الآفه ذاتها أو من المنطقة المجاورة أو البعيدة، ولكن دوماً من القناة نفسها. ولايتم الشفاء إلا عندما ينتظم دوران القدرة الحياتية والدم في الأقنية والشعب.
    النبض الصيني
    تهيمن فكرة النبض على الباثولوجية الصينية كلها،لأن النبض هو العنصر الأساسي في موضوع التشخيص، فكل مرض من الأمراض له نبض خاص؛ لذلك يجب على الطبيب أن يجس النبض لمعرفة حالة الأجهزة العميقة. وطقوس الفحص الطبي لاتتبدل أبداً إذ يضع المريض ساعده على وسادة وثيرة، ثم يأتي الطبيب فيجس نبضه، ويغط في تأمل عميق قد يستغرق عدة ساعات يضع في نهايتها تشخيصه، ويصف العلاج حتى دون أن يسأل المريض عن شكايته. وهنالك أكثر من مئتي نوع من النبض، ستة وعشرون منها تنذر بالموت. هكذا تقول موسوعة النبض التي كتبها وانغ تسو هو Wang Chou Ho في القرن الثالث قبل الميلاد.
    فارماكولوجيا غنية جداً
    يستحيل الإحاطة بكل ما في الصيدلية الصينية من أدوية لكثرتها، فمنذ أقدم العصور استعمل الصينيون في طبهم كل ما يطير في الهواء ويسبح في الماء وما تنبته الأرض من أعشاب أو يعيش في باطنها، كما استعملوا كل النباتات المعروفة في أوربا، كالأكونيت وعرق السوس والكافور والراوند والقنب الهندي والأفيون للتخدير والزرنيخ في أمراض الجلد والزئبق علاجاً للإفرنجي والكبريت للجرب. وتستعمل النباتات الطبية غالباً بشكل خلاصات، ومع ذلك فإن الصينين يعرفون الشراب والحبوب والمناقيع، ويتداوون بالتمسيد والحجامة والفصادة.
    الوخز العملي
    تستعمل في الوقت الحاضر إبر لينة من الفولاذ الذي لايصدأ، لها مقبض يسهل المنابلة manipulation، ويختلف طول الإبرة بين سنتمتر واحد وثلاثين سنتمتراً وثخانتها تراوح بين قياس 26 و30 من قياسات الإبر العضلية. يجب تعقيم الإبر ومنطقة الوخز وأيدي من يقوم بالعمل بمحلول معقم كاليود أو الغول. ولتحديد نقاط الوخز يستعمل الصينيون وحدة اسمها تصون Cun، وهي المسافة بين ثنيتي السلامية الثانية من الإصبع الوسطى للمريض. وهناك اصطلاح آخر هو 1/12 من المسافة بين ثنية الرسغ وثنية المرفق وتسمى أوم Aum.
    الأقنية والشعب
    إن وصل النقاط التي لها الوظيفة نفسها ببعضها يشكل الأقنية، وتسمى كل قناة باسم الجهاز الذي تتصل به وتؤثر نقاطها فيه.
    فمنذ أقدم العصور اكتشف الصينيون وجود 365نقطة على سطح الجسم موزعة على اثنتي عشرة قناة مزدوجة ومتناظرة، ثم أضيف إليهما قناتان إحداهما أمامية والثانية خلفية، وإضافة إلى نقاط الأقنية توجد نقاط على سطح الأذن واليد والوجه تعرف من المنعكسات النوعية التي تحدثها في أجهزة معينة. وقد وصل عدد النقاط في العصر الحاضر إلى ما يقارب ألف نقطة.
    تحدد النقاط لمعالم ثابتة على سطح الجسم، كالنتوءات العظمية والثنيات الجلدية وغيرها. وهناك أجهزة تساعد على تعيين أمكنة النقاط بوساطة قياس المقاومة الكهربائية لسطح الجلد التي تعطي إشارات ضوئية أو سمعية عند الضغط على مكان نقاط الوخز. وأما أسماء الأقنية فهي: قناة الرئة وقناة الأمعاء الغليظة وقناة المعدة وقناة الطحال والمثانة والكلية والقلب والتامور والمحارق الثلاثة والمرارة والكبد.
    يتم إدخال الإبرة في نقطة الوخز اعتماداً على وحدة الصون والعناصر التشريحية التي سبق ذكرها، ويمكن أن تتجه هذه الإبرة عمودياً أو أفقياً أو باتجاه مائل ثم تفتل بسرعة وتحرك للأعلى والأسفل، وهذا ما يسمى بالمنابلة، حتى حصول ما يشبه المس الكهربائي أو الامتلاء أو الثقل أو الدفء في العمق المناسب، وتترك في مكانها بين عشرين وثلاثين دقيقة، وهو مقدار زمن جلسة الوخز، ويحتاج المريض عادة من عشر جلسات إلى عشرين جلسة بفاصل يوم أو يومين ولايجوز معاودة الوخز قبل مرور عدة أسابيع.
    الكي بالموكسا moxibustion
    وهو تطبيق الحرارة على نقاط الوخز بوساطة وضع قطع من أوراق الموكسا المجففة (حبق الراعي) artemesia vulgaris، على قبضة الإبرة ثم إشعالها لكي تنتقل الحرارة إلى الأقسام العميقة من النسج.
    ومن الممكن تطبيق الوخز من دون إبر؛ إذ إن استجابة الجسم للضغط اليدوي على نقاط الوخز لاتختلف عن استجابته عند استعمال الوخز، ويجري الضغط بوساطة الإبهام أو غيره من الأصابع بشدة تحدث حساً مؤلماًً منتشراً، ولكنه مقبول من قبل المريض.
    بعض الفوائد التي يمكن أن تجنى من المعالجة بالإبر
    ـ تحسين الدوران المتناهي الصغرmicrocirculation، وخصوصاً التوسع الوعائي للشعيرات.
    ـ تسكين الألم أو تخفيفه أو حدوث تخدير بسبب طرح الأندورفينات والـ ACTH وغيرها من العناصر الخليطة. وتتناول تطبيقاتها العملية الأمراض الرثوية وآلام المفاصل وعرق النسا وآلام الظهر والصداع بجميع أنواعه وخصوصاً الشقيقة.
    ـ استرخاء العضلات المتشنجة.
    ـ معالجة الحساسية في الجلد والأغشية المخاطية (الشرى).
    ـ خفض ارتفاع الضغط الدموي (بسبب التوسع الوعائي) وهي آلية خفض الضغط بالأدوية نفسها.
    ـ معالجة آلام العادة الشهرية.
    ـ التفريج من حالات الهمود والقلق.
    ـ معالجة المدمنين على المخدرات والمدخنين.
    ـ تحسين المناعة في حال ضعف مقاومة الأخماج المتكررة ورفع نسبة الغاماغلوبين.
    ـ تحسين الرؤية في حالة نقصها وتحسين السمع.
    وهناك مجالات أخرى يكتشفها الممارسون في أثناء معالجتهم للمرضى.
    أسباب تأثير الوخز بالإبر وآلياتها
    منذ أوائل الخمسينات، أخذ الصينيون في تكثيف أبحاثهم الهادفة إلى كشف النقاب عن آليات تأثير الوخز والتبدلات الفيزيولوجية والحيوية الكيمياوية التي ترافقها؛ إذ لم يعد أطباؤهم الذين درسوا الطب على الطريقة الغربية يقتنعوا بالنظريات القديمة التي تجمع بين الفلسفة الكونفوشيوسية والعبادة الطاوية والخرافة. ففي العصر الذي دخل فيه المجهر الإلكتروني مخابرهم لم يعد الطبيب الصيني يؤمن إلا بما يرى ويلمس. وبفضل بعض الباحثين الصينيين دبت روح جديدة في مراكز البحث العلمي، وخصوصاً أكاديميات الطب التقليدي في بكين وشنغهاي، وكانت أهم تلك الأبحاث مصالبة الدوران لدى الفئران والأرانب والقطط والكلاب والعجول، فقد كانوا يجرون عملية جراحية للوصل بين جهازي الدوران في الحيوانين، وبعد تطبيق الوخز على أحدهما لاحظوا ارتفاع عتبة الألم في الحيوانين معاً. مما يوحي بشدة بأن تبدلاً ما يحدث في العناصر الخليطة في أثناء الوخز قد يؤدي إلى تكوّن أو إنتاج أو طرح مادة مسكنة في أثناء المنابلة، وهذه المادة يمكن أن تنتقل إلى الحيوان الثاني من خلال الوصل الدوراني. وقد توصلت مخابر في أوبسالا في السويد وأبردين في سكوتلاندا ومونتريال في كندا وريشموند في الولايات المتحدة وفي وقت واحد تقريباً عام 1975 إلى معرفة هوية تلك المادة التي تنبأ الصينيون بوجودها، ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة هويتها أو عزلها أو معايرتها، وهي الأندورفين endorphin، أي: (المورفين الداخلي)، وقد تمكن الباحثون فيما بعد من العثور على سلاسل من الأندورفينات والأنكيفالينات enkephalins التي عدت أعظم اكتشاف في سني السبعينات من القرن الماضي، مما حدا بالعالم Hugh Goldstein إلى القول إن الإنسان يحمل مسكنات ألمه، وإن الوخز بالإبر أبسط طريقة لاستعمال هذا الدواء الطبيعي.
    توالت الأبحاث واستنبطت نظريات قدمت الدليل تلو الآخر على أن الوخز جدير بأن يتبوأ مركزاً مرموقاً بين أسلحة الطب الحديث؛ فنظرية بوابة الألم التي قال بها ميلزاك Melzak وول Wall، أوجدت تفسيراً آخر للطريقة التي يتم بها تسكين الألم المزمن. ويعد الوخز طريقة ناجعة لتسكين الألم المزمن تشترك في كثير من خصائصها مع طريقة استنبطت من نظرية البوابة، وهي الإثارة الكهربائية عبر الجلد لنقاط إطلاقtriggering points تسيطر على العضلات وما يرافقها من ألم. فقد ظهرت دراسة تفيد بأن هناك صلة وثيقة بين نقاط الإطلاق ونقاط الوخز الخاصة بتسكين الألم، وعلى الرغم من أن الوخز بالإبر وإثارة نقاط الإطلاق اكتشفتا بصورة منفصلة فإنهما تمثلان الحادثة نفسها، ويمكن تفسيرها بما لهما من فعل ناه على جهاز بوابة الألم.
    الطب التقليدي الصيني في العصر الحديث
    أصبح لهذا الطب القديم أتباع وممارسون ومدارس في أكثر بلدان العالم الغربي؛ ففي فرنسا وحدها يمارس الوخز بالإبر أكثر من ثلاثة آلاف طبيب، وفي ألمانيا والنمسا يعد ممارسوه بالمئات، وفي روسيا توجد له مؤسسات علمية تدرسه وتُدرِّسه وتُعمِّم فوائده وتعالج به. وفي الولايات المتحدة ينتشر ويتوالى الاعتراف به اختصاصاً يمارس في عيادات الألم التي يديرها الأطباء المخدرون و المختصون بالأمراض العصبية، ويعالجون فيه شتى أنواع الآلام المعندة على المعالجات الكلاسيكية التقليدية. وقد دعت منظمة الصحة العالمية إلى دمجه مع الطب الغربي، وشجعت وموَّلت تأسيس معهد لتدريسه في سريلانكا منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وفي كل سنة تعقد عدة مؤتمرات علمية تلقى فيها مئات الدراسات والأبحاث المتعلقة بالوخز العلمي والوخز العملي.
    وفي بداية خمسينات القرن الماضي أكتشف الصينيون أن الأذن الظاهرة تحتوي على تقزم لكامل جسم الإنسانhomunculus، يضم جميع أعضاء الإنسان وأجهزته، ومن هنا أنطلق الوخز الأذني ear acupuncture والتخدير الأذني في العمليات الجراحية. كما اكتشف الصينيون وخز فروة الرأس acupuncture scalp، وقالوا إنه يفيد في أمراض المخ كالسكتة stroke، ذلك أن ما يصيب الدماغ من أمراض يحدث تنبيهاً سطحياً في منطقة الفروة التي تجاور القسم المصاب من الدماغ.
    ومن أواخر التقانات الجديدة التي اكتشفها الصينيون الوخز الكهربائي، وهو تنبيه لإبر الوخز بوساطة تيار كهربائي خفيف، وقد وجدت له فائدة في التخدير بوساطة الوخز بالإبر في العمليات الطويلة.
    برهان العابد

  10. #660
    الطب الفيزيائي

    الطب الفيزيائيphysical medicine هو أحد الفروع الطبية الذي يهتم بتشخيص المرضى المصابين بضعف وظيفي (حسي أو استعرافي أو حركي) وتقييمهم وتدبيرهم. ويمتاز من باقي الاختصاصات الطبية بأنه يتابع يوميّاً حالة المريض المصاب بعجز وظيفي، ويؤهله بوسائط العلاج الفيزيائي للوصول إلى أفضل مستوى ممكن من المهارة الوظيفية.
    لقد ازدادت أهمية هذا الاختصاص في السنوات الأخيرة، والسبب هو ازدياد معدل العمر الوسطي للأشخاص، وازدياد المشكلات الصحية التي يتعرضون لها، فهم يحتاجون بعد خروجهم من أزمتهم الصحية إلى تقنيات العلاج الفيزيائي لتساعدهم على استرجاع أكبر قدر ممكن من القدرة الوظيفية الضائعة.
    يهتم اختصاص الطب الفيزيائي بتشخيص الاضطرابات الحركية والوظيفية ومعالجتها، ويختلف عن بقية الاختصاصات بكونه يعتني بالمريض، ويقوم بتخفيف درجة إعاقته عن طريق إقامة علاقة وثيقة بين الطبيب المعالج والمريض. وقد تم وضع أسس هذا الاختصاص عام 1919 عقب الحرب العالمية الأولى، حينما برزت الحاجة للتعامل مع إصابات الحرب والإعاقات التالية لها, ولكنه لم يعتمد كاختصاص إلا في عام 1947 بعد الحرب العالمية الثانية.
    يسمى اختصاص الطب الفيزيائي باختصاص الطب الشامل وذلك لكثرة الحالات المرضية التي يتعامل معها وهي:
    ـ الأمراض العصبية والعضلية، ومثالها: الحثول العضلية dystrophia، والضمورات العضلية atrophy، والتهابات العضلات المزمنة المختلفة، وإصابات الأعصاب المحيطية والمركزية كشلل paralysis العصب الوجهي، وشلل الضفيرة العضدية، وشلل العصب الشظوي الأمامي (هبوط القدم)، والحادث الوعائي الدماغي الذي يؤدي إلى الشلل الشقي أو الفالج، وشلل الأطفال، والشلل الدماغي ومتلازمة الألم المزمن.
    ـ أمراض المفاصل والعظام، وأهمها الداء الرثواني rheumatoid، والتهابات المفاصل التنكسية ,degenerative وعقابيل الكسورالتي تؤدي إلى تحدد حركة المفاصل وتثقب العظام بمراحله المتقدمة وما يسببه من ألم و حدب ظهري وتحدَد حركي.
    ـ التشوهات الخلقية والمكتسبة الهيكلية (الحدب الظهري والجنف scoliosis والرَوَح valgus).
    ـ رضوض الرأس ورضوض الحبل الشوكي (الشلل الرباعي وشلل العضلات التنفسية).
    ـ الإصابات الرياضية بمختلف أشكالها كعقابيل تمزقات الأربطة والغضاريف واللَّيْ المتكرر.
    ـ الأمراض القلبية والتنفسية المزمنة كقصور القلب، وتوسع القصبات، والنفاخ الرئوي، وأمراض الأوعية كالدوالي والقرحات الوعائية.
    ـ عقابيل السرطان والحروق (نقص المجال الحركي للمفاصل، ووذمة الطرف العلوي التالية لاستئصال الثدي).
    ـ أمراض الشيخوخة وأهمها: الأمراض المفصلية والعصبية ونقص الحركة، والأمراض القلبية والوعائية.
    يصنّف الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل العجزَ الوظيفي في ثلاث درجات هي: الضعف الناتج من الإصابة المرضيةimpairment كالضعف العضلي الناتج من الفالج الشقي، وعدم القدرة على إنجاز المهارات الوظيفية disability كعدم القدرة على المشي، والإعاقةhandicap وتعني مدى تأثير العجز في تفاعل المريض مع المجتمع, فقد لايستطيع الذهاب بحرية إلى المرافق العامة.
    يمارس العمل في هذا الاختصاص فريق متكامل يقوم بتقييم وتحديد الإعاقة ووضع الخطة العلاجية المناسبة, ويتكون من:
    ـ الطبيب الفيزيائي :physiatrist وهو رئيس الفريق الذي يقيّم المشكلة الصحية وينسق عملية التأهيل بكاملها ويشرف على المعالجين.
    ـ المعالج الفيزيائيphysical therapist : ويهتم بتدريبات المشي والتوازن وتطبيق مختلف تقنيات العلاج الفيزيائي.
    ـ المعالج المهني occupational therapist: ويهتم بمهارات المريض الحركية وتدريبه على فعاليات الحياة اليومية.
    ـ اختصاصي تصميم الأطراف الصناعية: prosthetist والأجهزة الخاصة بالشلل وهبوط اليد والقدم والجبائر والمشدات المناسبة لكل حالة مرضية.
    ـ اختصاصي علم النفس psychologis: الذي يُقيم الحالة النفسية للمريض ويقدّم له النصح والإرشاد.
    ـ اختصاصي يقوم بتفعيل نشاطات الاستجمام recreational therapist وتنشيط تفاعل المريض مع المجتمع.
    ـ ممرضة التأهيل rehabilitation nurse: التي تقوم بالعناية الطبية والدوائية للمريض، وخاصةً المريض المسبوت، ومريضالشلل الرباعي.
    ـ اختصاصي بمرضيات التواصل والكلام واللغة speech-language pathologist، الذي يهتم بتدريب المريض على النطق والبلع ومعالجة الحُبسة aphasia.
    ـ استشاري مهني vocational counselor: يهتم بإعادة المريض بأسرع وقت لعمله أو انتقاء مهنة تناسب وضعه الجديد، وذلك بتقديم التعليمات اللازمة للمعالج المهني.
    ـ خبير التغذية dietician: الذي يقيم حالة المريض الغذائية ويضع نظام الحمية المناسب له.
    ـ عامل اجتماعيsocial worker : يقوم بزيارة المريض وتقييم الوضع الاجتماعي المحيط به، وتقديم المساعدة له.
    ويمكن إيجاز الأهداف الأساسية لاختصاص الطب الفيزيائي بمايلي: مساعدة المريض لبلوغ أقصى كفاءة جسمية في حدود قدرته المرضية، وتأهيل مرضى المشافي لتقليل مكوثهم بالمشفى، ومعالجة الألم الناتج من بعض الأمراض كألم العصب الوجهي والألم التالي لبتر عضو (الألم الشبحي) والآلام التنكسية، وجعل المريض قادراً على رعاية نفسه بأقصى طاقة ممكنة، خاصةً فيما يتعلق بحركة الأطراف، وحماية المرضى المصابين بأمراض حادة أو مزمنة من تأثير أمراضهم في الجهاز الحركي.
    إعادة التأهيل
    يهتم إعادة التأهيل باستعادة القدرة الوظيفية للجزء المصاب بإعاقة، كما يهتم بعودة المريض إلى عمله عضواً فعالاً في المجتمع دون أن تؤثر إعاقته في عمله. وقد عرّفت منظمة الصحة العالمية إعادة التأهيل بأنه الجهد المشترك والمنسّق في استخدام الوسائط المهنية في علاج المرضى المصابين بعجز وظيفي للوصول إلى أفضل مستوى ممكن من المهارة الوظيفية المهنية، وكلما اقترب المريض من هذه الغاية، كان أكثر فعالية واستقلالية في المجتمع. وإن دور إعادة التأهيل هو تكييف المريض مع العجز الوظيفي من خلال تعليمه كيفية الاستفادة من كل امكاناته الوظيفية.
    ويعتمد إعادة التأهيل على فريق طبي يشرف على وضع الخطة العلاجية المناسبة لتأهيل المريض.
    أقسام الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل وهي:
    المعالجة الفيزيائية physical therapy، والمعالجة الوظيفية physiotherapy، والمعالجة المهنية occupational therapy التي تعرف بالمعالجة بالعمل ergotherapy، والمعالجة بالبدائل الصناعية والجبائر prosthetic therapy، والمعالجة بالتعليم الخاصspecial education، والمعالجة الكلامية speech therapy.
    1ـ المعالجة الفيزيائية: وهي المعالجة التي تتم فيها الاستفادة من وسائط العلاج الفيزيائي المختلفة مثل المعالجة بالحرارة والبرودة، والمعالجة المائية، والمعالجة الكهربائية، والمعالجة التنفسية، والمعالجة بالتدليك وغيرها.
    أـ المعالجة بالحرارة thermal therapy : وهي تزيد من التروية الدموية وتخفف الألم وتخفف من التشنج العضلي ويبوسة المفاصل، وتساعد على امتصاص فضلات الاستقلاب وطرحها، وتزيد من تمدد الأنسجة الضامة ومن الليونة.
    تشتمل المعالجة الحرارية على شكلين رئيسين:
    ـ الحرارة السطحية superficial heat: وهي تؤثر في عمق 1 إلى2سم عبر الجلد، وأهم أشكالها: الأشعة تحت الحمراءinfrared وطول موجتها 7700 إلى 120000أنغستروم، وهي وسيلة آمنة لإعطاء حرارة لمساحة كبيرة من الجسم، والكمادات الحرارية hot packs، مثل الكمادة الحارة الرطبة، وكمادات الصوف، وهي تسكّن الألم والتشنج العضلي، وشمع البارافينparaffin، والعلاج بحرارة الماء كالحمام المائي ذي الحرارة المتناوبة ساخنة/باردة وهو شائع في الأمراض الوعائية.
    ـ الحرارة العميقة deep heat وأهم أشكالها: الأمواج القصار short waves ويبلغ ترددها الأكثر شيوعاً 27.12ميغاهرتز وطول موجتها 11متراً، والمويجات micro- waves (الأمواج الميكروية أو الأمواج القصيرة جداً) ويبلغ ترددها الأكثر شيوعاًً 2450ميغاهرتز، وطول موجتها 12سم، والأمواج فوق الصوتيةultrasounds ويبلغ ترددها الأكثر شيوعاً من 1 إلى 3ميغاهرتز وطول موجتها0.15سم، وتستخدم لمعالجة الأمراض المفصلية المزمنة والالتصاقات والالتهابات الوترية كمرفق كرة المضرب (التنس).
    ب ـ المعالجة بالبرودة (المعالجة القريّة) cryotherapy: وتستخدم في الإصابات الحادة، ولها تأثير مسكن ومضاد للوذمة الالتهابية ومثبط للالتهاب، وأهم أشكالها: الماء البارد، والكمادات الثلجيةice packs، والتدليك الثلجي ice massage، والبخار الثلجي evaporants.
    ج ـ المعالجة المائيةhydrotherapy : ولها تأثير مرخٍ للعضلات ومسكن للألم، وتحسّن التروية الدموية، وأهم أشكالها حمام الدوامة المائيwhirlpool، والحوض الخاص بالتمارين العلاجية للمفاصل وتمارين المشي therapeutic pool، ورشاشات الماء showers، والحمامات المتناوبة الحرارة (حمام التضاد) contrast baths، والساونا وحمامات المياه المعدنية الحارة.
    د ـ المعالجة الكهربائية electrotherapy: وتستعمل لتنبيه الأعصاب الحركية والعضلات وذلك بهدف تخفيف الألم وتقوية العضلات وتأخير ضمورها وتنشيط التروية الدموية. وتشتمل أشكالها الأساسية على:
    ـ التيار الفاراديfaradic current : وهو تيار مستمر متقطع (مدة الموجة 0.1ميلي ثانية، وتوترها نحو 50 إلى 100هرتز) ويستخدم في تنبيه الأعصاب الحسية كهربائيّاً عبر الجلد لتسكين الألم transcutaneous electrical nerve stimulation ((T.E.N.S كما يستخدم في تنبيه الأعصاب الحركية لتقوية العضلة ومنع ضمورها.
    ـ التيار الغلفاني galvanic current: وهو تيار مستمر يستعمل في تنبيه العضلات التي أصيب عصبها برض أو التهاب وذلك لمنع ضمورها. كما يستعمل في إصابات الأعصاب المحيطية كقطع العصب الزندي، وشلل العصب الوجهي. وأخيراً يطبق هذا التيار في تشريد الأدوية ionophoresis أي إدخال شوارد المحاليل الكهرلية إلى داخل المفاصل والعضلات والأوتار.
    ـ التيارات المتداخلة :interferential currentsوهي تيارات كهربائية لها ترددان مختلفان (أحدهما 4000هرتز، والآخر يمكن زيادة توتره بالتدريج حتى 4200هرتز أو أكثر), يتم توليدها بزيادة شدة التيار أو إنقاصها. وتستعمل في علاج حالات الألم الحاد والمزمن على اختلاف أسبابها.
    ـ التيارات الديناميكية dynamic currents: وهي مجموعة تيارات تحريضية (تيارات جيبية أحادية الطور) تستعمل لتسكين الألم وتحسين التروية وتخفيف التأثير العصبي الودي واللاودي، ولها أشكال موجية مختلفة حسب هدف استخدامها.
    هـ ـ المعالجة التنفسية pulmonary therapy: إن الهدف من المعالجة التنفسية تنشيط التهوية وتخفيف الاحتقان الرئوي ونزح المفرزات الرئوية والبلغم خاصة لمرضى التهاب القصبات المزمن والربو والنفاخ الرئوي. وأهم تقنياتها هي:
    ـ المداواة الضبوبية aerosol therapy: وهي تعني المعالجة باستنشاق أبخرة أدوية الموسعات القصبية والكورتيزون, وذلك بهدف تخفيف الوذمة القصبية وتنشيط التهوية، خاصة عند مرضى الربو.
    ـ تقنيات التنفس المساعد وأهمها: التنفس الحجابي، والتنفس مع زم الشفاه، والتنفس اللساني البلعومي.
    ـ النزح الموضعي وتفجير مفرزات الصدر postural drainage.
    ـ القرع الصدري الأمامي والخلفي chest percussion.
    ـ تحريض السعال assisted coughing.
    وـ التدليك massage: وهو من أقدم وسائط المعالجة الفيزيائية المعروفة وأكثرها استخداماً. وله أشكال كثيرة أهمها: العجني، والاحتكاكي، والاهتزازي، والقرعي. وأهم استطباباته تخفيف التشنج العضلي، وتحسين المجال الحركي، والتروية الدموية، وتخفيف الالتصاقات والتليفات، وتسكين الألم.
    زـ المعالجة بالأربطة والمشدات: تستعمل الأربطة والمشدات الضاغطة في أمراض الدوالي والوقاية من الخثار الوريدي في الطرفين السفليين، كما تستعمل في الوذمات المحيطية خاصة وذمة الطرف العلوي الناتجة عن الركودة اللمفية التالية لاستئصال الثدي.
    2ـ المعالجة الوظيفية functional therapy: وهي المعالجة التي يتم فيها الاستفادة من تطبيق التمارين العلاجية الملائمة لحالة المريض وتدريبه على استخدام وسائط العناية الذاتية، وتشتمل على:
    ـ معالجة مرضى الآفات القلبية والتنفسية (أمراض القصبات المزمنة والربو وقصور القلب)، ومرضى جراحة الصدر, وذلك بتطبيق التمارين العلاجية للعضلات التنفسية وعضلات جدار الصدر والتمارين التنفسية وتمارين اللياقة بهدف زيادة قدرة الجسم على تحمل الكرب stress.
    ـ معالجة التقفعات العضلية وتقاصر العضلات التالي لاتخاذ وضعيات معيبة، وذلك بتطبيق تمارين التمطيط والإرخاء. وكذلك معالجة ضعف العضلات وضمورها في حالات ما بعد الكسور وتبديل المفاصل. وذلك بتطبيق تمارين حركية نوعية للظهر والأطراف وتمارين المشي والتوازن.
    ـ العلاج اليدوي manual therapy: ويتم عن طريق تنفيذ حركات الأصابع على عضلات الجسم ومفاصله لمساعدة الجسم على تصحيح أوضاعه ذاتياً.
    ـ تدريب المريض على زيادة الإحساس والادراك (تنشيط حس الوضعة).
    ـ تدريب مرضى البتور على التكيف مع البدائل الصناعية، مثل تدريبهم على المشي و استعمال وسائط العناية الذاتية كالعكاز والكرسي المدولب.
    ـ العلاج بالتمارين الحركية والمشي ضمن الماء، وذلك للاستفادة من خاصة التعويم أو الطفوي، خاصة للمرضى الذين يشكون من آفات مفصلية وعضلية مزمنة.
    ـ المعالجة بالتلقيم الحيوي الراجع :biofeedback وذلك بهدف تحريض المراكز العصبية في المحور العصبي الدماغي، وتسمى المعالجة بتحريض المنعكسات، ومنها على سبيل المثال تحريض منعكسات الوضعة في أخمص القدمين وذلك بالمشي ضمن الماء فوق أحجام مختلفة من البحص الأملس لتحريض القشر الدماغي. كما يستفاد من المعالجة بالتلقيم الحيوي الراجع في تحريض مراكز التوازن.
    ـ العلاج الوظيفي الرياضي sportphysiotherapy: وذلك بتنفيذ التمارين الوظيفية المطلوبة ضمن حدود الألم بالمراحل الأولى للإصابة، وتشمل التمارين العلاجية (الرياضية الطبية) أهدافاً وظيفية نوعية. ويتم تطبيقها من قبل المعالج الفيزيائي، وأهدافها: المحافظة على المجال الحركي أو تحسينه، وتقوية العضلات، وتحسين القدرة الوظيفية وقدرة تحمل المريض المصاب بالأمراض المزمنة والمنهكة، وتحسين تناسق العضلات والتوازن والمشي، وإرخاء العضلات المتشنجة، وتحسين الوضعة.
    أما أنواع التمارين العلاجية فتشتمل على تمارين منفعلة يقوم بها المعالج، وتمارين فاعلة مساعدة يقوم بها المريض بمساعدة المعالج، وتمارين فاعلة وتمارين مقاومة يقوم بها المريض مع تطبيق المقاومة من قبل المعالج، إضافة لتمارين التمطيط عمل العضلات التي تطبق في حالات قصر الأوتار والضمور العضلي، ومن التمارين العلاجية الإرخاء relaxation، وتمارين التنفس العميق.
    3ـ المعالجة المهنية occupational therapy أو المعالجة بالعمل ergotherapy: يهتم هذا النوع من العلاج بتقديم وسائط لدعم المريض في مجالات عديدة منها: تدريب المريض على فعاليات الحياة اليومية كتناول الطعام والعناية بالنظافة والصحة، والتدريب على تنفيذ الحركات الدقيقة وتناسق الحركات، وتقديم الاستشارة والدعم لمرضى البتور فيما يتعلق بالبدائل الصناعية وآلية استخدامها، وتنمية مواهب الإبداع وتطويرها عند المريض، وذلك بتطبيق أشكال من نماذج بلاستيكية.
    4ـ المعالجة بالبدائل الصناعية والمشدات والجبائر: يهتم هذا النوع من العلاج بتدبير العجز الناتج عن بتر الأطراف وإعادة تأهيله على مراحل مختلفة قبل استخدام الطرف الصناعي وبعده، كما تستخدم الجبائر splints على نطاق واسع بهدف تخفيف الألم وتحسين الوضعية الوظيفية وحماية المفاصل، ولها أنواع مختلفة حسب الهدف من استخدامها: كجبائر الراحة resting splints وتستخدم فقط عند الراحة والنوم، والجبائر الوظيفية function splints وتستخدم في أثناء العمل، والجبائر المتحركة dynamic splints وتستخدم للاستفادة من تحريك المفاصل وتقوية عضلاتها.
    5ـ المعالجة بالتعليم الخاص special educatio: يقوم اختصاصي علم النفس بدور مهم من خلال الدعم النفسي للمريض وأسرته، خاصة في أثناء هجمات المرض، والتخفيف من العوامل المسببة للكرب stress، وذلك بتطبيق بعض الحركات الوظيفية كتمارين الإرخاء، كما يقوم بتشخيص الاضطرابات الاستعرافية التي تصيب الدماغ كاضطرابات الذاكرة والتوجيه والتركيز ومعالجتها بالتمارين الخاصة، وكذلك تشخيص الاضطرابات البصرية وتحديد حقل الرؤية بمساعدة الحاسب، ومعالجتها بالتمارين الفيزيائية المناسبة.
    6ـ المعالجة الكلامية speech therapy: يقوم اختصاصي المعالجة الكلامية الذي يعمل في مجال عيوب الكلام logopedia بتكريس جهده في تشخيص اضطرابات الكلام ومعالجتها. وتشتمل عيوب الكلام على: اللغة، وفيها يقوم الاختصاصي بتشخيص الحبسة aphasia التي قد تكون حسية (تلقي المعلومة) أو مركزية (إدراكها) أو حركية (نطق الكلمات) ومعالجتها بالتمارين النوعية، والتكلم (الرتة dysarthria)، والصوت (عسر التصويت, البحة, التكلم المجهد)، وعسر البلعdysphagia، وتطور اللغةlanguage development، ومعالجة الاضطرابات التالية للتداخل الجراحي على الحنجرة والحبال الصوتية.
    تقنيات المعالجة الأخرى
    وتشتمل على:
    ـ الحقن الموضعيةlocal injection بمادة مخدرة مسكنة مثل الكزيلوكائين xylocaine، أو بمادة دوائية مثل الكورتيزون.
    ـ التسكين العصبي الحسي بالتيارات الكهربائية الذي يعتمد على حصر الإشارة العصبية الناقلة للألم في مستوى شدفات النخاع الشوكي.
    ـ الإبر الصينية acupuncture وتستخدم على نطاق واسع في تسكين الألم المزمن.
    ـ الشد الفقري traction للفقرات الرقبية والقطنية، والهدف منه تخفيف الانقراص الفقري وتحسين أعراض الانضغاط الجذري خاصة في حالة الألم والمذل.
    ـ المنابلةmanipulation التي تعتمد على تنفيذ حركات وظيفية مفاجئة لمختلف أجزاء العمود الفقري حيث تؤدي لتوقف الألم مباشرة.
    ـ تكييف المحيط :environment modification ويقصد به تعديل المحيط الخاص بالمريض بما يتناسب مع وضعه الوظيفي الصحي الجديد، على نحوٍ يستطيع فيه ممارسة نشاطاته بأسهل قدر ممكن ودون أي جهد زائد وأقل خطورة قد يتعرض لها.
    وأخيراً يعمل فريق الطب الفيزيائي والتأهيل مجتمعين على تحقيق الغاية المنشودة، وهي إعادة المريض لأفضل مستوى وظيفي ممكن، ومساعدته على الحفاظ على هذا المستوى ليكون عنصراً فعالاً في المجتمع لا أن يعيش عالةً عليه.
    هشام الطيان

صفحة 66 من 146 الأولىالأولى ... 16566465 66676876116 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال