صفحة 65 من 146 الأولىالأولى ... 15556364 65666775115 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 641 إلى 650 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 65

الزوار من محركات البحث: 64848 المشاهدات : 322212 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #641
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 3 ساعات
    مقالات المدونة: 19
    الشاهوق

    الشاهوق أو السعال الديكي pertussis-whooping cough خمج حاد يعدي الطرق التنفسية بشدة، تدوم الإصابة به نحو أسبوعين على الأقل، وتترافق بنوبات سعال تشنجية spasmodic وشهقة whoop أو بقياء بعد السعال دون سبب آخر ظاهر. وصف منذ القرن السادس عشر، وما زال من أهم أمراض البلدان النامية، وقد قدرت الوفيات بسببه بنحو 28000 حالة عام 2001.
    الأسباب
    العامل الممرض هو البورديتللات الشاهوقية Bordetella pertussis، وهي جراثيم على هيئة عصيّات، سلبية الغرام، شديدة الحساسية، لا تقاوم طويلاً في المحيط، تنمو هوائيّاً في أوساط خاصة، وتفرز الذيفان الشاهوقي وهو البروتين الممرض الرئيس، كما تفرز عدة مواد فعالة حيوياً لها دور في الإمراض والمناعة. الإنسان هو الثوي (المضيف) الوحيد المعروف، ولم يثبت وجود حامل مزمن لهذا الجرثوم. قد تسبب البوردتيللات نظيرة الشاهوقية B . parapertussis عدداً كبيراً من الحالات السريرية، ولاسيما المتوسطة الشدة منها.
    والشاهوق خمج متوطن تحدث فيه دورات وبائية كل 3 ـ 5 سنوات.
    الأعراض
    يحدث الشاهوق في أي سن، وهو مرض مديد ينقسم إلى ثلاثة أطوار: الطور النزلي catarrhal، والطور الاشتداديparoxystic، وطور النقاهة. تستمر فترة الحضانة في الشكل النموذجي وسطياً من 7 أيام إلى10 (يمتد من 4 إلى21 يوماً)، يتلوها أعراض نزلية: من احتقان الأنف وسيلانه، ودماع، وعطاس، وترفع حروري خفيف. ثم تتضاءل الأعراض النزلية ويبدأ سعال جاف متقطع يتصف بأنه تخريشي في البدء، ثم يتطور نحو الاشتداد المميز للشاهوق خلال أسبوع إلى أسبوعين. يكون الطفل في البدء بصحة جيدة، ويصبح فجاءة قلقاً، ويصاب بنوب من السعال غير المتقطع، مع تبارز اللسان وجحوظ العينين واحتقان الوجه. وقد يترافق السعال مع زراق cyanosis، وتعرق وإجهاد، ثم يتوقف وتحدث شهقة عالية. قد تنتهي النوبة بالقيء أو طرح سدادة كثيفة من المفرزات القصبية. يزداد تطور الاشتداد وعدد مرات السعال خلال أيام إلى أسبوع (أسرع تطوراً لدى الصغار) ثم يستمر بالشدة نفسها نحو أسبوعين إلى ثلاثة، ثم يتضاءل. قد تحدث أكثر من نوبة في الساعة في ذروة الطور الاشتدادي. ثم يبدأ طور النقاهة مع تحسن تدريجي تخف فيه شدة مدة النوبات وعددها، وبعد ذلك يختفي السعال في غضون 2 إلى 3 أسابيع (وقد يمتد لأشهر).
    تكون إصابة الرُّضَّع الذين هم دون سن 6 أشهر غير نموذجية، إذ تغيب الشهقة غالباً ويكون توقف التنفس هو التظاهرة الشائعة. قد يشعر الكهل بحس خانق يليه سعال غير متقطع مع شعور بالاختناق، وصداع، ونقص الإدراك والوعي، ثم يعود الهواء إلى الرئتين من دون الشهقة المميزة. ويشيع بين المصابين القيء والشعور بالإرهاق والتعب بعد السعال. تكون الإصابة لدى الأطفال الممنّعين متوسطة الشدة، ويلاحظ لديهم قصر في زمن الأطوار، أما الفحص السريري خارج النوب فيكون طبيعياً.
    التشخيص
    بما أن التشخيص المخبري للشاهوق على جانب من الصعوبة لذا يوضع التشخيص على أساس التظاهرات الوصفية والسعال الاشتدادي المديد مع العلامات الأخرى المرافقة كالقيء والشهقة وارتفاع اللمفاويات lymphocytes.
    الفحوص المخبرية
    ـ يكون تعداد الكريات البيض عالياً يمتد من 20000ـ 30000/مم3) مع 70 إلى80% لمفاويات وذلك بدءاً من نهاية المرحلة النزلية وخلال الطور الاشتدادي. تتوازى درجة زيادة اللمفاويات غالباً مع شدة السعال، لكن ارتفاعها غير وصفي في الرضع إذ قد ينجم عن أخماج أخرى، كما لا يبدي الكهول أو الأطفال الكبار هذا الارتفاع.
    إن حدوث ارتفاع في العدلات neutrophils يوحي بتشخيص آخر أو بخمج ثانوي.
    ـ يؤكد الزرع الجرثومي من اللطاخة الأنفية البلعومية التشخيص، لكنه يحتاج إلى أوساط زرعية خاصة. كما يجب أن يتم نقل العينة مباشرة إلى المخبر. ويكون الزرع إيجابياً من بدء المرحلة النزلية وحتى نهاية الأسبوعين من المرحلة الاشتدادية الباكرة، ونادراً ما يستمر بعد الأسبوع الرابع، إذ تكون اختبارات الزرع سلبية في معظم الحالات بعد 4 أسابيع إلى 5 من بدء الأعراض. يؤكد الزرع الإيجابي التشخيص، لكن الزرع السلبي شائع خاصة في الطور المتأخر من المرض ولدى الممنّعين جزئياً أو الذين تناولوا أموكسيسيللين أو اريتروميسين.
    ـ إن اختبار كشف الأضداد antibodies بالتألق المناعي immunofluorescence المباشر للمفرزات الأنفية البلعومية اختبار سريع ومفيد لدى من تناولوا الصادّات antibiotics، لكن لا يمكن الاعتماد عليه إلا في مخابر خاصة.
    ـ الاختبارات المصلية لكشف أضداد مكونات الجرثوم هي الأكثر حساسية، وهي مفيدة من الناحية الوبائية في الطور الحاد والنقاهه، لكنها ليست متوافرة بشكل عام ويصعب تفسيرها لدى المرضى الممنّعين.
    ـ تزداد حاليّاً الخبرة حول اختبارات التفاعل التسلسلي للبوليمراز PCR (polymerase chain reaction) ومن المعتقد أن تقدم هذه الاختبارات وسائل أكثر حساسية وسرعة لتشخيص الخمج بالبودريتللا الشاهوقية ونظيرة الشاهوقية في المستقبل.
    ـ العلامات الشعاعية: تبدي صورة الصدر تبدلات مرضية بسيطة، كتسمك القصبات، وتغيم حواف القلب، وارتشاح حول السرتين أو انخماصات متغايرة.
    يدخل في التشخيص التفريقي للشاهوق ذوات الرئة بأنواعها والإصابة بالفيروسات الغدية adenovirus والفيروسات المخلوية syncytial التنفسية، إذ قد تسبب هذه الفيروسات سعالاً اشتدادياً مع ارتفاع اللمفاويات مقلدة الشاهوق.
    المضاعفات
    أكثر المضاعفات شيوعاً هو الخمج الثانوي الذي يؤدي إلى ذوات الرئة، والانخماص الرئوي، وكذلك التهاب الأذن الوسطى والرعاف والنزف تحت الملتحمة. وقد تحدث ريح صدرية أو فتق سري أو أربي، أما توقف التنفس والموت المفاجئ خلال نوبة السعال فيحدثان غالباً عند الأطفال الذين لم يبلغوا 6 أشهر.
    ـ قد يسبب الشاهوق الإصابة باختلاجات في 1.5% من الحالات، واعتلال الدماغ في 0.1% منها ويكون مميتاً عادة.
    المعالجة
    قد يحتاج الرضع دون سن 3 أشهر إلى المراقبة في شعبة العناية المشددة، وربما إلى التنفس الاصطناعي. كما قد يحتاج المرضى في الحالات الشديدة إلى الاستشفاء لتدبير السعال الاشتدادي، وتوقف التنفس، والزراق، وصعوبة الإرضاعوالمضاعفات الأخرى.
    يحسن العلاج بالصادات الأخماج الباكرة لكن ليس لها تأثير في الأعراض السريرية في المرحلة الاشتدادية. ويوصى بها مع ذلك للتخفيف من انتقال المرض للآخرين. الدواء المختار هو الاريتروميسين، كما اقترح حديثاً الأزيتروميسين أو الكلاريتروميسين. ويمكن إعطاء الأمبيسيللين للذين لا يتحملون الأريتروميسين وقد تكون الستيروئيدات والسالبوتامول والغلوبولين المناعي النوعي للشاهوق مساعدة في العلاج. كما أن عزل المريض والوقاية من القطيرات التنفسية أمران لابد من التقيد بهما لمدة 5 أيام بعد بدء المعالجة الفعالة، أو لمدة 3 أسابيع بعد بدء الاشتداد إذا لم تعط الصادّات.
    العناية بالأشخاص المعرضين للعدوى:
    ـ تمنيع الأطفال دون 7 سنوات المتماسين مع المريض: يجب البدء بالتلقيح، أو إكماله لمن أعطي أقل من 4 جرعات من اللقاح، ولمن أتموا لقاحهم ولم يأخذوا جرعة داعمة خلال الـ 3 سنوات الأخيرة.
    ـ الوقاية الكيماوية: يعطى الاريتروميسين لكل المتماسين مع المريض، أو الذين يقومون بالاعتناء به لمدة 10 -14 يوماً بغض النظر عن العمر والحالة المناعية.
    ـ مراقبة ذوي التماس المباشر مع المريض لكشف أي عرض تنفسي خلال 20 يوماً.
    ـ العودة إلى المدرسة أو الروضة: يمكن الرجوع بعد 5 أيام من العلاج بالاريتروميسين إذا سمحت الحالة، أما الذين لم يتناولوا علاجاً فيجب إبعادهم لمدة 21 يوماً من بدء الأعراض.
    اللقاح
    خفت شدة الإصابات بعد توافر اللقاح بدءاً من عام 1940 على نحو مثير، وليس هناك لقاح مفرد للشاهوق بل يشرك دوماً مع لقاحي الخناق والكزاز. وللقاح نوعان:
    ـ اللقاح الكامل الخلية (الثلاثي ويشمل: الخناق والكزاز والشاهوق = DTP ويعطى على 4 زرقات بدءاً من الأسبوع 6 إلى 8 من العمر. تعطى الثلاث الأولى بفاصل 4 إلى 8 أسابيع، وتعطى الرابعة بعد 6 إلى 12 شهراً من الثالثة، وهذا يؤمن وقاية تقدر بنحو 70 إلى 90%. ثم تعطى زرقة داعمة خامسة قبل دخول المدرسة. تحدث تفاعلات موضعية مثل الاحمرار والقساوة والألم مكان الحقن في قرابة نصف الحالات مع حمى وقمه. تزداد الأعراض شدة مع تعدد الجرعات.
    من مضادات الاستطباب للقاح الثلاثي اضطراب عصبي متطور، واختلاجات مسيطر عليها بشكل ضعيف، وقصة ارتكاس شديد تتظاهر بحمى أكثر من 40.5 ْم خلال 48 ساعة، وصراخ غير قابل للتهدئة لأكثر من 3 ساعات خلال 48 ساعة، ونعاس أو صدمة خلال 48 ساعة، واختلاج خلال 72 ساعة، واعتلال دماغي، خلال 7 أيام، وارتكاس تأقي مباشر.
    ـ اللقاح الثلاثي اللاخلوي DTaP وفيه مكونات منقاة من العامل الممرض، يمتاز بأن ارتكاساته الموضعية والعامة أقل شدة. وله عدة أنواع، وقد سمح باستخدامه في البدء منذ 1991 فقط للجرعة الرابعة أو الخامسة، لكنه منذ 1996 سمح بإعطائه من الجرعات الأولى.
    ومما يجب ذكره أن الإصابة المرضية الكاملة الأعراض تُكسب مناعة دائمة في معظم الأحيان إن لم يكن الطفل مصاباً بمرض مناعي.
    نسمة كراوي

  2. #642
    الشرى

    الشرى urticaria هو اندفاعات تظهر على هيئة انتبارات أو لطخات وردية حاكة ومتنقلة وسريعة الزوال، تتوضع على الجلد والأغشية المخاطية، وتنجم عن ارتشاح مصلي من الأوعية الشعرية المتوسعة الزائدة نفوذيتها إلى النسيج المجاور.
    يأخذ الطفح الشروي الجلدي أشكالاً مختلفة، فمنه ما يكون عدسياً، ومنه ما يشكل ألواحاً واسعة شاملة قسماً كبيراً من البدن، كما وقد يكون الشرى مهدداً للحياة عند إصابته الحنجرة ولسان المزمار.
    يكون الشرى حاداً أو مزمناً. أما الشرى الحاد فيعرف بأنه الشرى الذي لا تستمر أعراضه أكثر من أربعة أسابيع وسطياً، لكن الشرى المزمن هو ذلك الشرى الذي تعاود اندفاعاته على مدى أكثر من أربعة أسابيع وسطياً، وقد يستمر بضع سنوات.
    الأسباب
    ـ الأسباب المرضية: تنجم الانتبارات الشروية عن توسع الأوعية وزيادة نفوذيتها، مما يسمح للسوائل والبروتينات الموجودة داخلها أن تتسرب إلى النسج المجاورة. أما زيادة النفوذية الوعائية وتوسعها فينجمان عن إفراز مواد متعددة، أهمها الهستامين، وذلك بكميات كبيرة من الخلايا البدينة mast cells الموجودة حول الأوعية نتيجة لتفاعلات فيزيائية أو كيماوية أو أرجية.
    للخلايا البدينة شأن مهم في جميع التفاعلات الشروية، لأن غياب الشرى لبعض الوقت يرتبط بإعادة تشكيل الحبيبات في الخلايا البدينة من جديد، أما الحكة في الشرى فترتبط بزيادة كثافة الهستامين.

    شرى منتشر
    لم يحدد شأن الأخماج المزمنة chronic infectionsالموضعة في إحداث الشرى، على الرغم من أن 2 إلى 5% من حالات الشرى المزمن تترافق ببؤر خمجية، لذا ينصح، في حالات الشرى المزمن، بالتفتيش عن بؤر خمجية موضعة، كالتهاب اللوزتين والتهاب الجيوب والتهاب جذور الأسنان والتهاب المرارة، علماً بأن معالجة تلك البؤر الالتهابية كثيراً ما تؤدي إلى شفاء الشرى.
    وللاضطرابات الهضمية أيضاً أثر في إحداث الشرى، إذ كثيراً ما تكشف التحريات السريرية والشعاعية عند المصابين بشرى مزمن علامات لالتهاب المعدة أو لقرحة معدية، أو علامات لالتهاب أمعاء أو كولون. ويكفي أن تعالج تلك الإضطرابات، ومن ثَم العوامل المرضية المسببة لها، وخاصة الملوية البوابية Helicobacter pylori التي تصيب السبيل المعوي المعدي العلوي، حتى يتم شفاء الشرى المزمن. وكثيراً ما تتهم الديدان المعوية أيضاً، وخاصة الديدان الصفر Ascaris والفطور والمبيضات البيض في الأمعاء على الخصوص في إحداث الشرى.
    ـ الأسباب الأرجية: قد ينجم الشرى أيضاً عن أسباب أرجية، عند أشخاص مستعدين، ذلك أنه افترض وجود استعداد وراثي للإصابة بهذا النوع من الشرى. يتصف الشرى الأرجي بحدوثه في خلال دقائق من دخول المستضد (مواد غريبة عن الجسم يؤدي دخولها إلى حدوث التحسس بعد اتحادها بالأضداد المتشكلة قبلاًً)، كما يمكن أن يترافق هذا النوع من الشرى مع تشنج قصبي، أو وذمة حنجرية أو وذمة لسان المزمار. وتقوم الأدوية والأطعمة ومضافاتها والعوامل الانفعالية بدور كبير في إحداث الشرى الأرجي.
    ـ الأسباب العصبية: للببتيدات العصبية أثر في إطلاق الهستامين المؤدي للشرى، كما قد يسبب الحقن العضلي لمادة دوائية معلقة (كالبنسلين مديد التأثير، أو الستيروئيدات القشرية) إلى إحداث انصمام embolism في الجهاز العصبي المركزي يتظاهر بإزرقاق حاد، وسعال، واضطرابات في الرؤية والوعي، مع الشعور بدوار.
    ـ الأسباب النفسية: ما تزال الأسباب النفسية قيد المناقشة، ولكن مما لا شك فيه أن العامل النفسي يؤدي إلى تفاقم الشرى المزمن ويزيد من الحكة، كما أن الكرب stress الانفعالي يزيد من الشرى بصرف النظر عن سببه.
    ـ الاضطرابات الغدية الصماوية: من الصعب تقييم أثر هذه الاضطرابات في إحداث الشرى المزمن، ويفترض في بعض الأحيان تشكل أضداد ذاتية لبعض الغدد، وخاصة الغدة الدرقية. يتفاقم الشرى في أثناء الحمل، ويعزى ذلك إلى ارتباطه بزيادة البروجسترون، وكذلك فإن الشرى يمكن أن يحدث قبيل الطمث أو في خلال الإياس menopause كما ذكر أيضاً حدوث الشرى المزمن لدى مرضى السكر، وقد يكون الأنسولين هو العامل المسبب.
    أثر الحرارة والطعام والفطور والمواد الدوائية والكيماوية
    ـ أثر الحرارة: تشير الدلائل على أن 10ـ20% من حالات الشرى تنجم عن منبهات فيزيائية يأتي في مقدمتها البرد والحرارة وما تؤدي تأثيرات كل منهما في الجسم.
    أـ شرى البرد: يعد شرى البرد من أكثر أنواع الشرى الفيزيائي شيوعاً. ويظهر هذا النوع بعد التعرض للبرد مباشرة أو بعد مدة من التعرض، إذ يؤدي البرد إلى استجابة الخلايا البدينة لإطلاق الهستامين، ومن ثم حدوث التفاعل الشروي. يتظاهر شرى البرد خاصة في فصل الشتاء، عندما تتعرض بعض أجزاء العضوية غير المغطاة للبرد، وقد يحدث الاغتسال بالماء البارد أيضاً هذا النوع من الشرى. ومما يجدر ذكره إن هناك حالات حدث فيها موت مفاجئ عند السباحين بعد الغطس بالماء البارد، نتيجة انطلاق كمية كبيرة من الهستامين، كما أن لهذا النوع من الشرى شكلاً عائلياً يدعى شرى البرد العائلي.
    ب ـ شرى الحرارة: يعد شرى الحرارة نادراً، ويحدث من جراء تأثير الحرارة والدفء المباشر على الجلد، وينجم عن زيادة تحسس الخلايا البدينة بالحرارة.
    ج ـ شرى إعادة التدفئة: ويحدث هذا النوع من الشرى عند المرضى الذين يدخلون إلى قاعات دافئة بعد بقائهم مدة طويلة في البرد.
    د ـ شرى الشمس: ويحدث عند المرضى بتأثير الأشعة ما فوق البنفسجية أو الضوء المرئي، وذلك في المناطق المكشوفة من الجلد.
    هـ ـ شرى العرق: أو الشرى الكولينرجي أو شرى الجهد. ويحدث نتيجة ارتفاع حرارة الجسم وحدوث التعرق، ويتظاهر بانتبارات وصفية ومميزة، إذ تكون صغيرة الحجم تراوح أقطارها بين 1ـ2 ملم فقط وتظهر غالباً على القسم العلوي للجسم.
    و ـ شرى الطعام والفطور: يظهر الشرى الغذائي عادة بعد دقائق أو ساعات من الهضم، ويبقى بضع ساعات أو بضعة أيام، ويعزى للعديد من الأطعمة، إلا إن أكثر الأطعمة إحداثاً له هي: البيض والجوز والشوكولاته والسمك والصدف والبندورة، ولحم الخنزير والفريز والحليب والجبنة والتوابل والخمائر والشاي والقهوة.
    أما الفطور mycosis فقد يؤدي تناولها لإحداث الشرى، كما أنها، باستعمارها للأمعاء وخاصة المبيضات البيض Candida albicans، تؤدى إلى الشرى، علماً بأن الشرى كثيراً ما يشفى عند معالجة المبيضات البيض المستعمرة للأمعاء، إضافة إلى ذلك فقد تحدث المواد المضافة للأطعمة الشرى أيضاً. ومن أكثر المواد التركيبية المضافة إلى الأطعمة التارتازين، وأصبغة ازو وحمض البنزوئيك ومشتقاته وحامض السوربيك. ومن الأطعمة التي تحتوي على الأصبغة الازوية وحمض البنزويك والسكاكر الملبسة والمشروبات غير الكحولية والمربيات والكاسترد والمايونيز ومعاجين الأسنان الملونة، علماً بأن هنالك كثيراً من الأطعمة الأخرى الحاوية على هذه الأصبغة. ويجب التحري عنها دائماً، كما يمكن أن تسبب مادة السولفيت الحافظة للأطعمة الشرى أيضاً.
    ـ المواد الدوائية والكيماوية: تعد الأدوية من أكثر الأسباب المؤدية للشرى وللوذمة العرقية (وذمة كوينك) شيوعاً، إذ يمكن لكل دواء تقريباً أن يحدث شرى، لكن الدواء المأخوذ زرقاً يؤدي لإحداث شرى أكثر بكثير من الدواء المتناول عن طريق الفم. ومن أكثر الأدوية إحداثاً للشرى الأسبرين والبنسلين، فقد قدرت حالات الشرى المزمن الناجم عن الأسبرين بنحو30 إلى 50% من مجموع حالات الشرى، كما يمكن أن يكون لدى المرضى مفرطي الحساسية تجاه الأسبرين عدم تحمل نحو مضاداتالالتهاب غير الستروئيدية. ويجب الانتباه للأشخاص المفرطي التحسس للبنسلين، لأن إعطاءه لهم قد يؤدي إلى صدمة تأقيةanaphylactic shock مهددة للحياة، تحدث بعد بضع دقائق من تناوله، كما يجب الانتباه للحليب الذي يتناوله الأشخاص المفرطو الحساسية للبنسلين، لأن الأطباء البيطريين كثيراً ما يعالجون أثداء الأبقار بالبنسلين، وهذا ممنوع قانوناً. أما الأدوية الأخرى المحدثة للشرى أيضاً فيذكر منها: السلفاميد والمورفين والفيتامينات والأنسولين والكينين والبروكائين والسالسيلات واللقاحات والمصول .
    وذمة كوينك

    وذمة كوينك
    وذمة كوينك Quincke edema أو الوذمة الوعائية العصبية أو الشرى العملاق. ما هذه الوذمة إلا شكل من أشكال الشرى الموضع في النسيج الخلوي تحت الجلد، وتتظاهر بوذمة عجينية عميقة وحادة محدودة وسريعة الزوال، تزول في خلال 8 ساعات إلى 24. تصيب النسج الرخوة القابلة للتمدد، مثل جلد الأجفان والشفتين وفصيص الأذن والأعضاء التناسلية الظاهرة والغشاء المخاطي للفم واللسان والحنجرة ثم البلعوم، مما قد يؤدي للاختناق عند إصابتها الحنجرة.
    تنجم هذه الوذمة عن عامل مؤرج، لذا فقد يكون سببها بروتينات طعامية أو مضافات الأطعمة أو الأدوية أو مؤرجات بالتماس مع بعض النباتات. وكثيراً ما تترافق هذه الوذمة بالشرى، كما أنها كثيراً ما تصيب النساء. يجب تفريق هذه الوذمة عن وذمة أخرى موضعة تهدد الحياة، لكثرة إصابتها للأغشية المخاطية وخاصة الحنجرة، تدعى وذمة كوينك الوراثية أو الوذمةالعرقية الوراثية hereditary angioedema، أما التفريق بين الوذمة العرقية الوراثية ووذمة كوينك المكتسبة فيقوم على عدم ترافق الأولى بشرى أو حكة، كما يستند على حدوث الإصابات العائلية وظهورها عادة في الطفولة.
    أما سبب وذمة كوينك الوراثية فهو طفرة جينية في الصبغي 11 تؤدي إلى غياب مثبط عامل (C1 استراز) الذي يسبب غيابه حدوث تفاعلات تؤدي للوذمة. علماً بأن معالجة هذه الوذمة تقوم على إعطاء ذلك العامل وريدياً.
    كشف المؤرج
    إن كشف السبب في الشرى الأرجي من أهم التدابير التي يستند عليها في الوقاية والمعالجة من الشرى، ومن أجل ذلك يستعان بالإجراءات الآتية:
    ـ القصة المرضية: تعد القصة المرضية مهمة في كشف السبب (معرفة الأدوية أو الأطعمة أو المنبهات التي تناولها المريض) قبل ظهور الشرى.
    ـ اختبار التحريض: ويقوم على إعطاء المريض كمية زهيدة من المواد المشتبه بإحداثها للشرى، فإذا ما أحدثت الشرى ينصح بالابتعاد عن تناولها مستقبلاً. غير أنه يجب أن لا يغرب عن البال أن هذا الاختبار قد يكون خطراً، إذ يمكن أن يؤدي إلى صدمة، وخاصة عند إعادة إعطاء دواء محسس للمريض كالبنسلين مرة ثانية.
    ـ الاختبارات الجلدية: تعتمد هذه الاختبارات على إدخال المستضدات إلى الأدمة (الطبقة العميقة للجلد) التي تحتوي على عدد كبير من الخلايا البدينة. يؤدي إدخال هذه المستضدات إلى تفاعل عاجل، إذا ما كان المستضد هو المسؤول عن الشرى. لهذا الاختبار قيمة في معرفة المستضد، ومن ثم المادة المسؤولة عن الشرى، وهناك أخطار تنجم عن إدخال المستضدات، من بينها الأدوية، في حدوث صدمة، لذلك يجب تأمين جميع الأدوات الإسعافية قبل اللجوء إلى تلك الاختبارات.
    أـ اختبار الفرك: ويجرى هذا الاختبار بفرك المستضد المتوقع أنه المسؤول عن الشرى على جلد الساعد، وتظهر النتيجة الإيجابية بعد 5 إلى 15 دقيقة على شكل تفاعل شروي.
    ب ـ اختبار الوخز: ويجرى الاختبار بوضع نقطة من المحلول المؤرج على جلد الساعد، ثم يوخز الجلد من خلالها بآلة واخزة، ثم يزال المحلول المؤرج بعد 15 إلى 20 دقيقة. وتكون النتيجة إيجابية إذا ما حدث انتبار شروي في مكان الوخز. تستعمل هذه الطريقة إذا ما توقع أرج للبنسلين.
    ج ـ اختبار الخدش: ويجرى تخديش الجلد بإبرة دونما إدخالها، ثم يوضع مكان الخدش محلول مستضدي، وبعد خمس دقائق يزال هذا المحلول، وفي حال حدوث إيجابية تنشأ حكة وشرى.
    د ـ اختبار الحقن داخل الأدمة: ويقوم على حقن محلول المستضد المتوقع في الأدمة العليا، وكمية المستضد التي تدخل إلى الجلد بهذه الطريقة أكثر بكثير منها في طريقة الفرك أو الوخز أو التخديش. ويجرى هذا الاختبار في الحالات التي تكون فيها الاختبارات السابقة سلبية. كما أن هناك اختبارات مخبرية أخرى.
    لمحة عن معالجة الشرى
    تقوم معالجة الشرى على إبعاد العوامل المسببة له إضافة إلى معالجة الانتبارات والحكة.
    أما التخلص من العوامل المسببة، كالطعام والدواء، التي أخذت عن طريق الفم، فيقوم على إعطاء المريض مسهلات خفيفة، كحليب المانيزا، كما يعطى بعد ذلك وسطاً يمتص بقية المؤرجات، مثل الفحم، إضافة إلى تطبيق حمية غذائية لمدة 1ـ3 أيام يتناول فيها المريض شاياً خفيفاً مع بعض الكعك بدون سمسم. أما إذا كان المريض قد تناول الدواء المؤرج عن طريق العضل أو الوريد، فمن الصعب التخلص من مؤرجاته. إضافة إلى ذلك يحظر على المريض تناول الدواء الذي أثار عنده نوبة شروية مستقبلاً، كما يستحسن منحه هوية طبية يذكر فيها أسماء الأدوية التي تؤدي لإثارة الشرى، وذلك لإبرازها للطبيب فيما إذا اضطر معاودته مستقبلاً لمرض طارئ. ويجب على المريض استبعاد الأطعمة أو مضافاتها التي أدت لظهور الشرى. وتقوم المعالجة على إزالة البؤر الخمجية ومعالجة الديدان والمبيضات البيض (فطور) في السبيل الهضمي عند الإصابة بهما. يعطى المريض أيضاً مضادات الهستامين، التي تعمل على منع ارتباط الهستامين، بمستقبلاته المتوضعة على الأوعية الدموية والخلايا البدينة.
    إضافة إلى ذلك يستعمل الكلسيوم ومركباته، إما عن طريق الفم وإما عن طريق الحقن الوريدي، لتخفيف نفوذية الأوعية عند مرضى الشرى. أما في الحالات الشديدة للشرى فتعطى إضافة لما ذكر الستيروئيدات القشرية، كما يعطى الابينفرين زرقاً عضلياً أو وريدياً في حالات الإسعاف، وذلك عندما يكون المريض مهدداً بالاختناق من جراء إصابته بوذمة حنجرة أو لسان المزمار.
    وأخيراً ينصح أيضاً بتطبيق المعالجة الموضعية الهادفة إلى تخفيف أعراض الشرى، وخاصة الحكة، التي تقوم على إجراء الحمامات أو الدوش بالماء الفاتر أو الماء الفاتر المضاف له بيكربونات الصوديوم، كما تقوم على تطبيق المحاليل المخففة للحكة على الأماكن المصابة بالشرى، كمحاليل الزنك والمحاليل الكحولية المتضمنة على منتول وتيمول، وهناك مستحضرات طبية جاهزة مضادة للحكة يمكن الاستعانة بها.
    عبد الرحمن القادري

  3. #643
    الشقيقة

    الشقيقة migraine أو الصداع الشقي hemicrania هي صداع انتيابي paroxysmal، نابض غالباً، متوسط الشدة إلى شديد، يشمل أحد شقي الرأس غالباً، على نحو غير ثابت. وقد يحدث الصداع عرضاً منفرداً، أو قد ترافقه أعراض عصبية أو هضمية مؤقتة. تستمر النوبة عدة ساعات، وتزول عفوياً ولاسيما بالنوم. ويفصل بين السورة والأخرى فترات متفاوتة من الهجوع التام.
    تصادف الشقيقة في الجنسين، والإناث أكثر عرضة للإصابة بها من الذكور (بنسبة 75%). تبدأ في الشباب غالباً أو في الطفولة أحياناً (25% من الحالات)، وتهجع في الكهولة عادة. ولا تبدأ بعد الخمسين من العمر. تتفاوت شدتها وتواترها من شخص لآخر، ومن حين لآخر.
    لا يعرف الإمراض فيها على وجه الدقة. فثمة خلل أسري كيميائي مؤقت، يرافقه حدوث نقص في السيروتونين[ر]serotonin في الدم وتغيرات كيميائية أخرى، يؤدي إلى تقبض وعائي أو خلل كهربائي عكوس ضمن القحف، يليه توسع مؤقت في أوعية فروة الرأس.
    تمر النوبة النموذجية من الشقيقة بمراحل متعددة، قد لا تكتمل وتتجلى بما يأتي:
    - مرحلة الأعراض المخبرة premonitory symptoms: وهي قليلة المصادفة ولا يعرف عنها الكثير. تسبق الصداع بعدة ساعات قد تصل حتى 24 ساعة. تتظاهر باضطراب المزاج، كالشعور بالكآبة أو النزاقة أو الغبطة الغامرة. ويحدث نهم شديد لدى بعض الناس، ولاسيما للحلويات.
    - مرحلة الإرهاص (الأورة) aura: ويطلق بعضهم لفظ «النسمة» عليها خطأً. فالإرهاص يتقدم النوبة مباشرة ويؤذن بها ويدل عليها؛ فهو يسبق الصداع بدقائق لا تتجاوز العشرين غالباً. ويتظاهر بتشوش البصر غالباً، كرؤية خطوط متكسرة، أو عتمة يتفاوت قطرها من حين لآخر، أو رؤية ومضان نور أبيض. ويشمل هذا التشوش البصري عيناً واحدة أو شقاً مماثلاً من المجال البصري homonymous visual. وقد يتجلى الإرهاص بأعراض أخرى عابرة، كالنمل أو الضعف في شق الجسم أو كصعوبة في النطق أو كدوار نادراً. وليس ثمة ترابط بين شدة الصداع والإرهاص وبزوال هذه المرحلة يبدأ الصداع.
    - مرحلة الصداع: ويشمل أحد جانبي القحف، لا على التعيين (في 2/3 الحالات). وقد ينتشر إلى الجانب الموافق من الوجه وخاصة إلى العين. وقد ينتشر إلى الجانب المقابل من الرأس. له صفة نابضة غالباً، تتفاوت شدته من حين لآخر ضمن النوبة الواحدة أو في النوبات المختلفة، وقد يترافق بالغثيان والقيء وبعدم التحمل للضياء وللأصوات المرتفعة. ويخف بعصب الرأس أو بغسله بماء بارد، حسب التقاليد الشعبية. وقد يكون من الشدة، فيضطر المريض معه لأن يخلد للراحة في غرفة مظلمة هادئة.
    تزول النوبة عفوياً بعد عدة ساعات ما لم يتناول المريض مسكنات، أو بالخلود لنوم طويل، دون ترك أثر جسدي.
    مثيرات النوب
    تحدث النوب عفوياً دون سبب ظاهر غالباً، أو أنها تثار بمحرضات كثيرة، تتفاوت من شخص لآخر.
    وتشتمل على التعب والإجهاد البدني والشدة النفسانية وزوال البأس؛ فمن المطمئن للطالب أنها لا تحدث وهو في غرفة الامتحان، فقد تتأخر حتى الفراغ منه. وقد تصيب بعضهم، ليس في أثناء أيام العمل، بل يوم راحتهم الأسبوعية. وتعرف هذه الظاهرة بظاهرة الخزلان letdown phenomena.
    قد تتأثر الشقيقة أيضاً بعوامل أخرى منها، التقلبات المناخية وقلة النوم والتغيرات الهرمونية في النساء، كالطمث وانقطاعالحيض وتناول حبوب منع الحمل أو الهرمونات النسائية الأخرى. كما قد تُحرّض بتناول بعض الأطعمة كالجبن و«الشنكليش» والشوكولاته والمشروبات الكحولية أو التي تحتوي على الكافئين. ويثيرها الانقطاع عن الكافئين بعد اعتياده أيضاً.
    قد تزداد الشقيقة سوءاً بوجود فرط ضغط شرياني مرافق غير معالج، وفقر الدم، وتناول بعض الأدوية مثل النترات، والانقطاع عن المسكنات بعد اعتيادها، وقد تكون مظهراً لبعض الأدواء نادراً.
    المعالجة
    قد تزول النوبة بالمسكنات البسيطة، مع الخلود للنوم. ويضطر بعض الناس لتناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مع مضاد للقيء أو دونه. كما يحتاج بعضهم إلى مركبات «triptun» مثل مؤزرات 5HT1 agonists.
    يركن للمعالجة الاتقائية بتلافي المثيرات التي سبق ذكرها إن عُرفت أو أمكن ذلك. وتعطى بعض الأدوية على المدى الطويل، متى كانت النوب شديدة، تعاود صاحبها عدة مرات في الشهر.
    أنس سبح

  4. #644
    الشلل

    الشلل paralysis,palsy أو الخَزَل paresis فهو اضطراب حركي، يتصف بفقدان القوة power، وتعرّف القوة سريرياً بأنها المقاومة الإرادية الفاعلة active voluntary resistance التي يستطيع شخص ما أن يبذلها ضد حركة قسرية passive movement، كأن يقوم الفاحص بثني ساعد المريض على العضد، في حين يقاوم المريض تلك الحركة، باذلاً ما يناسبها من جهد إرادي في باسطات العضد، على سبيل المثال.
    قد يكون فقدان القوة كاملاً، وهذا هو الشلل، وقد يكون جزئياً، فيُعرَف حينئذ بالخَزَل. وقد يكون الشلل حركياً صرفاً غالباً، وقد يترافق بمظاهر سريرية أخرى أحياناً، كاضطراب الحس على سبيل المثال. ويعتمد المشهد السريري على مكان الأذية ضمن الجملة العصبية.
    تطلق أسماء خاصة على الشلل أو الخَزَل، حسب توزعه في الجسم. فاللقوة facial palsy هي شلل شق الوجه. والفالجhemiplegia هو شلل شق الجسم، ويشمل الجانب الموافق من الوجه. أما شلل شق البدن مع الجانب المقابل من الوجه فيعرف بالشلل المتصالب crossed hemiplegia.
    ويدعى شلل طرف واحد فقط بالشلل الأحادي monoplegia، ويقال عن شلل الطرفين السفليين أنه شلل نصفي سفليparaplegia، وعن شلل الأطراف الأربعة أنه شلل رباعي tetraplegia. ويطلق الشلل الثنائي diplegia على شلل قطعتين متقابلتين من الجسم، كالشلل في جانبي الوجه، أو في الطرفين العلويين أو السفليين، سواء كان الشلل في أحدهما مشابهاً لنظيره في الجانب المقابل من حيث الشدة والتوزع، أو كان غير ذلك.
    أما الشلل الدماغي cerebral palsy فهو مجموعة من الأذيات الدماغية الولادية congenital، تتصف كلها بوجود اضطراب حركي غير مترقٍ غالباً، يتظاهر من سن الرضاع infancy أو الطفولة الباكرة. وقد يترافق بنوب اختلاجية أو اضطراب فكري، ينجم هذا النموذج من الشلل عن علل وراثية أو مكتسبة، إما داخل الرحم أو في أثناء الولادة أو في خلال الشهر الأول بعدها. وقد يتخذ الشلل الدماغي أشكالاً متعددة منها داء ليتل Little‘s Disease (الذي يعرف بالشلل الدماغي المزدوج التشنجي cerebralspastic diplegia) والفالج الطفلي infantile hemiplegia، والشلل الرباعي quadraplegia، والرقص الكنعي الولادي congenital choresathetosis، والآتاكسيا الولادية congenital ataxia، والشلل الدماغي المزدوج الرخو cerebral atonic diplegia، وغيرها.
    النماذج السريرية للشلل
    الشلل هو مظهر سريري لأدواء عصبية مختلفة تشمل الإصابات الوعائية والرضية والورمية والخمجية والالتهابية والاستقلابية وسواها. ويكون من أحد نموذجين سريريين رئيسيين غالباً.
    يتصف النموذج الأول بإصابة النوى المحركة في قشرة المخ cortical motor nuclei وامتداد محاويرها axons في جذعالدماغ والحبل الشوكي spinal cord. ويعرف أيضاً بأسماء مختلفة، كالشلل المركزي central paralysis وشلل العصبونة المحركة العلوية upper motor neuron وشلل السبيل القشري الشوكي corticospinal tract والشلل التشنجي spastic paralysis.
    يتصف هذا النموذج بشلل الحركة الإرادية voluntary movement، وخاصة الدقيقة منها، كشلل حركة الأنامل، وبزيادة المقوية العضلية tone فتصبح تشنجية spastic، وتشتد منعكسات الشد العضلي myotatic reflexes (المعروفة خطأً بالمنعكسات الوترية tendon reflexes)، ويصبح المنعكس الأخمصي plantar reflex بالانبساط extensor. وهذا هو منعكس بابنسكي Babinski‘s reflex.
    أما النموذج الرئيس الآخر للشلل فهو الذي ينجم عن إصابة في الجملة العصبية المحيطية peripheral nervous system، والذي يحدث بإصابة العصبونات المحركة للأزواج القحفية في جذع الدماغ والأعصاب الشوكية في القرون الأمامية في الحبل الشوكي anterior horns of the spinal cord.
    كما أنه يحدث بأذية محاوير تلك العصبونات التي تتشكل منها الأعصاب المحيطية. وتقع هذه العصبونات تحت إمرة العصبونات المحركة العلوية المسؤولة عن أداء الحركات الإرادية، في حين تقوم العصبونات المحركة السفلية بالسيطرة على عضلات بعينها. ومن هنا كان الاختلاف بين هذين النموذجين من الشلل: شلل الحركة الإراديةparalysis of voluntary movementوشلل العضل paralysis of muscle. إذ يؤدي شلل الحركة الإرادية إلى شلل في مجموعات مختلفة من العضل قد تعصبها أعصاب مختلفة، تتشارك في أداء حركات ما. ولا تتأثر فيه الحركات الانعكاسية reflex movements.
    وعلى نمط مغاير فقد يؤدي شلل العضل إلى إصابة مجموعة واحدة منها، يعصبها جذر عصبي أو عصب محيطي، وتزول فيه جميع أنواع الحركات، من إرادية وغير إرادية وانعكاسية.
    شلل العصبونة المحركة السفلية شلل العصبونة المحركة العلوية
    نموذج الشلل شكل الحركة الإرادية شكل عدد من العضلات
    المقوية tone تزداد: من نموذج التشنج spastic (أو ارتكاس موسى الكباس clasp knife veurtion) تزول: رخاوة
    الخلجان clonus يظهر لا يظهر
    الضمور العضلي لا يحدث (إلا بالأزمان لقلة الاستعمال) يحدث وقد يترافق باضطرابات اغتذائية nutritional في الجلد وملحقاته
    المنعكسات العضلية تشتد تزول
    منعكس بابنسكي تشتد تزول
    الجدول (1) مقارنة بين النمطين الرئيسيين من الشلل
    يعرف شلل العصبونة المحركة السفليةlower motor neuron بأسماء مختلفة، إذ قد يطلق عليه الشلل المحيطي peripheral paralysis، والشلل الرخو flaccid paralysis أيضاً. في الجدول (1) مقارنة بين هذين النمطين من الشلل.
    هناك نموذجان آخران من الشلل يشبهان نظيرهما بإصابة العصبونة المحركة السفلية، ولكنه أقل مصادفة. أحدهما بإصابة الوصل العصبي العضلي neuromuscular junction، كالانسمام بمركبات الفسفور العضوي organophosphate poisoning أو الانسمام الوشيقي botulism. أما الآخر، فينجم عن إصابة العضلات ذاتها، شأن الحال في حثل العضل muscular dystrophies أو اعتلالها myopathies. ولا مجال للتفصيل فيها.
    وأخيراً، فقد يدعو بعضهم داء بركنسون Parkinson‘s disease بالشلل الرعشي paralysis agitans (أو shaking palsy، حسب ما دعاه بركنسون نفسه)، ويؤدي هذا إلى قلة الحركة العفوية، وبطء الحركة الإرادية، إلا أنه لا يسبب شللاً بالمعنى السريري المذكور.
    المعالجة والإنذار
    تعتمد المعالجة والإنذار على سبب الإصابة وشدتها. فمنها ما يكون حاد البدء، قد يشفى شفاء تاماً غالباً، كمعظم حالات اللقوة المحيطية (المعروفة بشلل بل Bell’s Palsy)، ومنها ما يشفى شفاء جزئياً تاركاً عقابيل قد تكون خفيفة أو شديدة، ومنها ما لا تتحسن حالة المصاب به، كالقطع التام للحبل الشوكي على سبيل المثال.
    قد تكون الإصابة مترقية، ذات بدء مخاتل، فتزداد الحالة سوءاً من خزل إلى شلل يقعد العليل أو يقضي عليه.
    أنس سبح

  5. #645
    الشيخوخة

    تحدث في جسم معظم الناس مع تقدم السن ـ والغالب بدءاً من الخامسة والستين وفوق ذلك ـ تبدلات تتراجع فيها أعضاء الجسم تدريجياً وتشمل مظهر الإنسان الخارجي وبنية معظم أعضائه ووظائفها، وحالته النفسية والعقلية، يسمى مجموع هذه التبدلات التشيخ senescence الذي ينتهي بحالة الشيخوخة senility.
    وليس من الضروري أن يرافق التشيخ كل من تتقدم به السن، لأن تقدم السن شيء والتشيخ شيء آخر.
    وقد ارتفع وسطي عمر الإنسان وازداد بالتالي عدد الشيوخ وحوادث التشيخ، نتيجة القضاء على كثير من الأوبئة التي كانت تفتك بالبشر كالطاعون والملاريا، ونتيجة تحسن طرائق كشف بعض الأمراض المزمنة وعلاجها كالسل والإفرنجي، كما ازدادت بسبب انتشار الوقاية من كثير من العلل باللقاحات والمصول كشلل الأطفال والشاهوق، ولتقدم طرائق العلاج الطبي والجراحي لكثير من الإصابات المرضية كالأخماج وأمراض القلب، وزيادة الوعي الصحي مع تقدم العلم. وقد قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الذين تفوق أعمارهم الستين في عام 2000 بنحو 600 مليون إنسان. ويعتقد أن هذا العدد سيبلغ 1.2 بليون في عام 2025 و2 بليون في عام 2050.
    البلد % البلد %
    الأردن 4.8 ألمانيا 24
    الإ/ارات 2.4 أفغانستان 4.7
    البحرين 4 إيطاليا 24.5
    تونس 4.8 بلجيكا 22.2
    الجزائر 6.1 تركيا 8.2
    السودان 5.6 الدانمارك 20.4
    سورية 4.6 سويسرا 22.1
    عُمان 3.5 السويد 22.9
    قطر 3.1 فرنسا 20.5
    الكويت 2.7 كندا 17.1
    لبنان 8.6 هنغاريا 20
    مصر 6.9 اليابان 24.4
    اليمن 3.6 اليونان 23.8
    النسبة المئوية لمن تزيد أعمارهم على ستين عاماً من مجموع السكان في عام 2002
    عن منظمة الصحة العالمية (2002)
    وكان من نتائج الاهتمام بالمسنين وحياتهم أن انبثقت شعبتان علميتان تتعلقان بهما، أطلق على الأولى طب الشيخوخة أو طب الشيوخ geriatrics وتعنى بشؤونهم الطبية المحضة أي بأمراضهم. والثانية علم الشيخوخة أو درس معضلات التشيخ gerontology وتهتم بشروط حياتهم السريرية والبيولوجية والتاريخية والاجتماعية السوية والمرضية.
    وساعد على زيادة حوادث التشيخ كذلك تغير نمط الحياة ولاسيما في بلادنا، فزوال الدور الكبيرة الواسعة التي كان يعيش فيها الإنسان مع أبنائه وأحفاده، وتضم عشرات الأشخاص أحياناً، كان فيها الجد والجدة محاطين بالتكريم والعناية العضوية والنفسية ويمارسان بعض الأعمال البسيطة السهلة، أدى إلى انفصال الأبناء عن آبائهم، وأصبح كبار السن يعيشون منعزلين، حتى إنه يشاهد أحياناً فرد واحد فقط يعيش في منزله. ويعد هذا النمط الجديد من الحياة من أهم أسباب حدوث التشيخ ولاسيما مظاهره النفسية.
    تعرف الشيخوخة بمنظر الإنسان الخارجي الذي تبدو على وجهه تجعدات الجلد الواسعة أو رقته، كما تبدو التصبغات مختلفة الحجوم على وجهه ورأسه.
    يحدث التشيخ نتيجة تأثر خلايا الجسم بتقدم العمر، فيبطؤ تجدد هيولى الخلايا بشدة، وينقص ماؤها، مما يغير العلاقة بين الماء داخل الخلية وخارجها، وقد ثبت أن الخلايا والوسط خارجها تُراكم في الأشخاص المسنين بعض المواد الضارة كالكلسيوم والأصبغة والبروتينات غير الفعالة والشحوم، في حين تتناقص بعض الأنزيمات كالهكسوكيناز hexokinase والألدولازaldolase، والأجسام الغنية بالقدرة كحمض الأدينوزين الثلاثي الفسفور adenosine triphosphoric acid (ATP) وهو مادة تدخل في الاستقلاب الخلوي والانقباض العضلي وتركيب الهرمونات القشرية الكظرية وتؤلف المنبع الأساسي لقدرة العضوية.
    وتختلف هذه التبدلات باختلاف أنسجة الجسم، وأكثرها خطورة في الإنسان تبدلات الخلايا العصبية، وينجم عن كل هذا هبوط قدرة العضوية على التكيف لدعم ثبات الوسط الداخلي والدفاع ضد الشدات (أو الكرب) stress الخارجية كتبدلات الحرارة وغيرها.
    وللوراثة علاقة بزمن ظهور التشيخ، كما لوحظ أن طرائق إنقاص الاستقلاب تؤخر ظهوره كإنقاص الحرارة والحمية، فالحمية المتوازنة كيفياً والناقصة كمياً تطيل العمر في الحيوانات تجريبياً، وقد لوحظ ذلك أيضاً في الإنسان، فالوفيات تزيد بنسبة 20% من مجموع السكان في الأشخاص الذين يزيد وزنهم 10% عن الوزن المثالي.
    الرجال النساء
    البلد العمر البلد العمر
    اليابان 78.4 اليابان 85.3
    أيسلندا 78.4 سان مارينو 84
    سويسرا 77.7 سويسرا 83.3
    أستراليا 77.9
    أعلى الأعغمار ارتفاباً في العالم
    عن منظمة الصحة العالمية (2002)
    ولعل إصابة الشيوخ بالتجفاف dehydration من أكثر الإصابات مصادفة، إذ تظهر حالة تجفاف خطرة بعد انخفاض كمية الماء بمدة قصيرة، وإن الوقاية من حدوث مثل هذه الحالة، بالقدر الذي تسمح به حالة المريض، ضرورية؛ وكشفها ومعالجتها بسرعة واجب أيضاً. لأن إنذارها خطر في مثل هذا العمر؛ فقد تسبب عند المسن طوارئ وعائية شريانية وخثارات thrombosis وريدية وأخماجاً تنفسية وخشكريشات eschar.
    يطلق على اللوحة السريرية للتجفاف عادة اسم التقلص المفرط التوترhypertonic contraction، إذ يؤدي النقصان النسبي أو المطلق للوارد من الماء بالنسبة إلى الكمية المفقودة منه من الجسم إلى نقصه في الوسط خارج الخلايا، وظهور فرط توتر hypertonie داخلها، سواء كانت هذه الكمية طبيعية أو زائدة، لأن الكتلة التناضحية لا تنخفض، وتؤدي إعادة توازن التوتر من طرفي الغشاء الخلوي إلى نقص التوتر داخل الخلايا، وليست العلامات السريرية المألوفة لهذا الاضطراب واضحة عند المتقدمين في السن.
    ـ يؤلف انخفاض الضغط الشرياني، إذا لم يرافقه توسع في الأوعية، علامة واضحة لنقص الوسط خارج الخلايا، ولابد من معرفة مقدار ضغط المريض قبل وقوع الحادث. فانخفاض ضغط المسن من 190 إلى 140 يعني إصابته بوهط collaps، كما أن إصابته بعدم ثبات الضغط تزيد المشكلة تعقيداً.
    لا قيمة في هذا المضمار لتسرع ضربات القلب إذا كان الشيخ مصاباً بحمى، فالحرارة ترتفع في معظم حالات التجفاف، كما أن تقدير العلامات البيولوجية لتركيز الدم hemoconcentration عسير أيضاً، فحينما يرافق التجفاف فقر الدم تكون كمية الهيماتوكريت hematocrit سوية، وكذلك أرقام البروتينات الكلية حينما يشارك التجفاف عوز البروتينات. ويمكن الاعتماد على علاقة بيولوجية، هي ارتفاع مقدار البولة الدموية (اليوريمية) المقترن ببقاء كرياتنين الدم ضمن الحدود الطبيعية. وتشاهد مثل هذه الحالة، على أقل تقدير، حينما لا يكون التجفاف شديداً. ولابد من التذكرة هنا أن كرياتنين البلازما لا يزداد بازدياد العمر.
    إن العلامة الأساسية لحدوث تقلص داخل الخلايا هي العطش، لكنها غالباً لا تظهر، ويرجع عدم ظهورها إلى إصابة المريض باضطراب في الوعي يمنعه من التعبير عنها، أو إصابته بسبات coma، أو أنه، على الرغم من وعيه، لا يبدي رغبة في شرب الماء، أو لا يشعر بحاجته إليه، وهذه الحالة الأخيرة كثيرة المصادفة. ولا يعتمد تقدير جفاف المخاطيات على منظر اللسان بل على التلمة اللثوية الخدية gingivojugal.
    أما بالنسبة إلى اضطرابات الوعي المصحوبة بارتفاع درجة الحرارة، فيمكن أن يكون سببها غير التجفاف.
    وأخيراً تكون العلامة الرئيسة، هي وجود فرط توتر في البلازما يمكن تقديرها بسهولة بارتفاع مقدار صوديوم الدم. ويمكن القول أنه إذا زاد مقدار صوديوم الدم على 145 مليمول في الليتر فهذا يعني نقصاناً في الماء؛ وليس من النادر أن يزيد في التجفاف صوديوم الدم على 160 مليمول، وهذا يدل على نقصان كبير في كمية ماء البدن.
    ينجم التجفاف بلوحته السريرية عن نقص في كمية الماء المتناولة وطرح لمقادير طبيعية منه. وتشاهد هذه الحالة عند الشيوخ المسبوتين، والعجزة الذين لا يستطيعون الحصول على الماء وحدهم، وليس لهم من يعينهم، فيفقدون حس العطش، وفي المصابين بإقياء أو باضطراب في البلع الخ..
    كما ينجم عن عدم ملاءمة الكميات الواردة لتعويض الكميات المفقودة المتزايدة؛ كإصابة المريض ببوال polyuria أو بتعرق غزير ناجم عن ارتفاع شديد في الحرارة، أو بلهث، أو بضياع السوائل عن طريق جهاز الهضم، ومع هذا فإن السبب الغالب هو نقص في كميات السوائل الواردة وزيادة في كمية فقدانها.
    وتظهر في التجفاف لوحة سريرية خطرة بعد زمن يراوح بين عدة ساعات وثلاثة أيام. ويتطلب ظهور خلل الصوديوم زمناً أطول من ذلك بكثير، إلا إذا كان هناك ضياع للسوائل شديد جداً عن طريق جهاز الهضم، أو جهاز البول.
    ويجدر القول إن إعطاء كميات زائدة من السوائل أفضل من إعطاء كميات ناقصة على أن يكون الإفراغ الكلوي جيداً، ووظيفة القلب مقبولة.
    يعد التجفاف حالة إسعاف يجب البدء بمعالجتها قبل ظهور نتائج الفحوص البيولوجية، وتطرح المداواة عدة أمور في مقدمتها، تحديد الخسارة من السوائل، ويؤلف حجم الماء الكلي قرابة 60% من مجموع وزن الجسم، فتقدير كمية الماء الواجب إعطاؤها لتصحيح الاضطراب هو حاصل مجموع كمية الماء الناقصة مضافاً إليها الكمية اللازمة خلال 24 ساعة قادمة. ويقدر ما يحتاج إليه المسن منها في اليوم، إن لم يكن مصاباً بضياع شديد بالسوائل، بمقدار 1.5 إلى 2ليتر. أما إذا كان هناك فقدان كبير بالسوائل فيجب إضافة مقدار 0.3ل لكل درجة حرارة تزيد على 37 ْ، والخطأ الذي يرتكب عادة هو إعطاء المريض كمية الماء الناقصة دون الالتفات إلى حاجته منها خلال 24 ساعة قادمة. وطريق الفم هو الطريق الطبيعي والسهل لإعطاء السوائل الناقصة بتناول المريض الماء العادي، ويسمح هذا الطريق بأخذ الأطعمة ولاسيما البروتينية منها، ولا يتطلب إلا أن يكون المسن قادراً على الشرب بسهولة ومن يرعاه قريباً منه ونشيطاً.
    ويبقى الطريق الوريدي أوثق الطرق في معظم الحالات، واللجوء إليه ضروري حينما يكون المريض مصاباً بالوهط. لذا يلجأ إلى محلول غلوكوزي متساوي التوتر (إسوي التوتر) isotonic إذا كانت الكميات المراد إعطاؤها قليلة، وكان المريض غير مصاب بالداء السكري. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن ارتفاع كمية سكر الدم إلى 1.5غ كثير المشاهدة في التجفاف ولا يدل على إصابة بالسكري.
    قد تكون الصفة المميزة للتشيخ ضعف وظيفة الإنجاب ثم توقفها، ويحدث ذلك في المرأة بانقطاع الطمث نتيجة توقف المبيضين عن إفراز هرموناتهما الخاصة، أما في الرجل فتضعف الوظيفة الجنسية ببطء تدريجياً وفي سن أكثر تقدماً، وينجم الضعف كذلك عن نقص هرموني يشمل في الجنسين، عدا الهرمونات الجنسية، هرمونات أخرى كالأنسولين وهرمونات قشر الكظر.
    تتدنى الوظيفة الجنسية عند الذكور بسبب الاعتلالات الوعائية والداء السكري أو الاعتلال البدئي في وظيفة الجسمين الكهفيين إضافة لتراجع في مقدار الهرمونات المذكرة في هذه السن، كما يتدنى أثر استعمال بعض الأدوية كخافضات الضغط الشرياني أو أدوية القرحة المعدية أو الأدوية النفسية.
    كما يشكو معظم النساء من تدني الوظيفة الجنسية بسبب القصور الاستروجيني في هذه السن، وما ينتج عنه من ضمور في القناة التناسلية، ونقص في الرغبة الجنسية.
    والأخماج البولية كثيرة الحدوث عند المسنين وتؤلف 10% من مجموع الأخماج التي تصيب الإنسان بعد الستين من عمره، وتختلف اللوحات السريرية التي تسببها اختلافاً كبيراً فيما بينها؛ أما المشكلات الأساسية التي تطرحها فهي البحث عن الأسباب، والخطر الناجم عن تأثير الأدوية في عضوية أصبحت ضعيفة في قيامها بوظائفها، والوقاية من حدوث النكس.
    تشاهد الأخماج البولية بصورة أساسية عند المرأة، ويزداد تواترها بازدياد سن المريضة، إذ تصيب 10% إلى 15% من النسوة اللواتي تجاوزن الخامسة والستين من عمرهن. ومما يساعد على الإصابة بها التركيب التشريحي للجهاز التناسلي للمرأة، فجراثيم الفرج vulva تلوث البول كما تلوث الإحليل urethra، ويظهر الخمج البولي عند الرجل في حوالي الخمسين من عمره مرافقاً لبدء اضطرابات الموثة prostate، ويصيب 1% من الأفراد بعد الستين من عمرهم.
    ينشط الخمج البولي بوجود عائق يسد الطرق البولية، كالإصابة بحصيات بولية lithiasis، أو ورم غدي adenoma، أو ورم تناسلي سليم أو خبيث، أو ورم في الكلوة أو الطرق المفرغة، وتزيد الآفات الكلوية من خطورة الإصابة الخمجية ولاسيما إذا تطلبت إجراء استقصاءات. وغالباً ما يكون عدم الحركة سبباً في ظهور الخمج، ولاسيما إذا كان الشيخ يتناول كميات قليلة من السوائل.
    يعد الداء السكري وكبت المناعة immunosuppression المرضي أو الدوائي مع تقدم السن عوامل تزيد من خطورة الأخماج.
    تأتي الاشريكية القولونية Escherichia coli في مقدمة الجراثيم المسببة للخمج البولي عند الشيوخ وترى في 75% من الحالات، والمتقلبات proteus، وترى في 10% من الحالات ولاسيما المتقلبات الرائعة المحصية P.mirabilis lithogène منها. أما الكلبسيلا والزوائف pseudomonas فغالباً ما تظهر بعد استعمال دواء ما. أو وضع أجسام غريبة كالقثاطر لفترة طويلة، وتوجّه الإصابة بالجراثيم العقدية streptococcus الأنظار نحو آفة إحليلية urethra أو تناسلية.
    يمكن أن تقتصر العلامات السريرية عند المتقدمين بالسن على احساس بحرقة في البول، أو ارتفاع حرارة مديدة ومنفردة، وقد تتظاهر الأعراض ببيلة دموية فحسب. ولا تسمح الأعراض عند ظهورها بتحديد موضع الآفة دوماً، فعند الشيوخ لا تتناسب شدة الأعراض مع خطورة الآفة.
    لا يقرر العلاج إلا بعد دراسة هشاشة المريض المسن للتأثيرات العلاجية المنشأ وأخذها في الحسبان، وذلك لانخفاض القدرة الوظيفية لكليتيه لإمكان حدوث تأثيرات متداخلة مع أدوية أخرى.
    لا تعطى الصادات إلا بشكل يناسب خطورة الخمج ووظيفة الكلوة والآفات المرافقة. ويجب الابتعاد قدر المستطاع عن المشاركات بين الصادات خشية تزايد السمية.
    وإصابة الجهاز البولي التناسلي بنصيب وافر من الاعتلالات في سن الشيخوخة يمكن فهمها إذا قسمت إلى الزمر التالية:
    التدني في الوظيفة الكلوية، أي الإصابة بدرجة متفاوتة من القصور الكلوي، وهذا ناتج عن: التدني المتدرج في وظيفة الكليتين الذي يزداد مع تقدم العمر، وهو أمر طبيعي يتبع قانون الاهتراء wear & tear وينصح، لتجنب ظهوره أو تطوره السريع، بـ:
    ـ الإقلال من تناول البروتينات والإكثار من تناول السوائل في الغذاء.
    ـ تجنب أخذ الأدوية جزافاً إلا بمعرفة الطبيب، إذ أن بعض الأدوية تؤثر تأثيراً سيئاً في الوظيفة الكلوية (مثل بعض أنواع الصادات).
    ـ ضرورة معالجة بعض الأمراض الجهازية المؤثرة سلباً على الوظيفة الكلوية كالداء السكري وفرط الضغط الشرياني.
    ـ ضرورة مراجعة الطبيب المتخصص في حال ظهور أعراض بولية مثل تعدد البيلات، وعسرة التبول التي قد تنجم عن إصابات الموثة الورمية أو آفة مثانية، كما أن ظهور البيلة الدموية هو عرض هام جداً يجب مراجعة الطبيب فور ملاحظته لأنه قد يدل على إصابة ورمية في المثانة. ومن المعلوم أن الآفات الورمية المثانية والموثية كثيرة الحدوث في هذه السن.
    أما أكثر اضطرابات التبول مشاهدة في سن الشيخوخة فهي:
    ـ عند الذكور: يشاهد السلس البولي، وهو نقص التحكم بالبول، وأسبابه عديدة: بولية أو عصبية، وتتطلب هذه الشكوى مراجعة الطبيب لتشخيص السبب والمعالجة، كما يشاهد أيضاً الأسر البولي وصعوبة التبول بسبب إصابات الموثة الورمية السليمة والخبيثة.
    ـ عند النساء: كثيرات هنَّ اللواتي يشتكين في هذه السن من أعراض مثانية مزمنة وصعوبة في التبول، ترجع في الغالب للإصابة بالالتهابات البولية السفلية المزمنة التالية لضمور الإحليل وتضيقه، كما تصاب نسبة كبيرة من النسوة بضرب مزعج من السلس البولي، وتستدعي هذه الحالات مراجعة الطبيب المتخصص لأنها في معظمها قابلة للمعالجة والشفاء بإجراءات دوائية أو جراحية حسب الحالة.
    يجب أن يعد كل فقر دم حالة مرضية، على الرغم من أن تعدد أسباب هذا الداء (كسوء التغذية والأخماج وتأثير الأدوية) تتداخل عند المسنين، فتزيد من صعوبة سير التشخيص والمعالجة.
    يسبب فقر الدم بعد سن الستين نسبة وفيات لا يمكن إهمالها. وعلى هذا، يجب أن يكون كشف فقر الدم موضع الاهتمام حتى ولو كان «فقر دم شيخياً بسيطاً»، إذ يجب وضع تشخيص صحيح، كلما أمكن ذلك، لإعطاء العلاج الملائم.
    يرتكز تشخيص فقر الدم على مقدار الهيموغلوبين (الخضاب) (أقل من 13غ/100سم3 عند الرجل، وأقل من 12غ/100سم3 عند المرأة)، وعلى نتائج الهيماتوكريت (أقل من 42% عند الرجل)، مهما تكن الظروف التي تدعو إلى إجراء صيغة الدم hemogram هذه.
    لا يشكل عدد الكريات الحمر محكاً كافياً للتحدث بشكل أكيد عن الإصابة بفقر الدم، فقد يبلغ عدد الكريات الحمر خمسة ملايين، ويكون هناك فقر دم أكيد إذا كانت هذه الكريات الحمر من النوع الصغير microcytaire. وهنالك سبب آخر للوقوع في الخطأ هو التخفيف الدموي hemodilution (أي زيادة المصورة) الذي يسبب انخفاضاً في مقدار الهيموغلوبين والهيماتوكريت وعدد الكريات الحمر، ويجب التفكير بفقر دم كاذب ناجم عن التخفيف الدموي عند كل مريض مستعد للإصابة بفرط حجم المصورة. وهذه الحالة كثيرة المشاهدة بين الأفراد المسنين.
    تقدم معرفة آلية فقر الدم مفتاحاً للتشخيص في معظم الحالات. إن إجراء فحوص بسيطة وعملية يسمح بتصنيف فقر الدمضمن إحدى الفئات الفيزيولوجية المرضية الثلاث الآتية: نقص في تركيب الهيموغلوبين، ونقص في توليد النقي لأرومة الحمرerythroblast، وفقدان كمية من الدم نتيجة لنزيف أو انحلال دموي شديد.
    وهناك وسيلة ملائمة توجه التقصي الذي يهدف إلى معرفة أسباب المرض، وذلك بالبدء بتصنيف فقر دم المصاب، حسب حجم الكرية الوسطي، ضمن أحدى المجموعات الثلاث التالية:
    ـ المجموعة الأولى: فقر دم كبير الكريات macrocytic، ويكون حجم الكرية الوسطي فيه أكبر من 100 مكرون مكعب.
    ـ المجموعة الثانية: فقر دم صغير الكريات microcytic، ويكون حجم الكرية الوسطي فيه أقل من 80 مكرون مكعب.
    ـ المجموعة الثالثة: فقر دم سوي الكريات، ويكون حجم الكرية الوسطي فيه بين 80 و100 مكرون مكعب.
    وعوز الحديد هو أكثر الأسباب حدوثاً، ويدل هذا العوز في معظم الأحيان على نزف هضمي، رغم كثرة وجود اللاكلوريدية، ونقصان امتصاص جهاز الهضم للحديد.
    إن دراسة المري والمعدة والعفج duodenum، من الأمور التي لابد منها للبحث عن قرحة معدية عفجية، أو فتق في الحجاب الحاجز، أو سرطان معدة أو قولون. وقد يظهر أحياناً أن سبب النزف المعدي كامن في تناول حمض الصفصافsalicylic acid، أو مضادات الالتهاب لمدة طويلة. أما معرفة أسباب النزوف المتكررة والناجمة عن البواسير فهي أكثر سهولة.
    وترمي المعالجة، إضافة إلى مداواة السبب، إلى تصحيح عوز الحديد، وذلك بإعطاء أملاحه. ولا فائدة من مشاركة الدواء مع الفيتامينات C، لأن عوز الحديد يترافق بعوز في هذا الفيتامين عند المسنين في معظم الأحيان. ويعود مقدار الهيموغلوبين إلى حالته الطبيعية خلال ثمانية أسابيع تقريباً.
    ويتأثر الجهاز الحركي بوهن العضلات الناجم عن نقص التغذية، وبهشاشة العظام الناجمة عن نقص الكلس، وتعرضها بذلك للكسور لأقل رض، وأكثر ما يحدث ذلك في عنق الفخذ وفي الفقرات، التي ينجم عن نقص الكلس فيها، عدا ذلك، تكدسها الذي يؤدي إلى قصر العمود الفقري وانحنائه وقصر القامة، وتحدث هذه التبدلات في النساء أكثر مما تحدث في الرجال، نتيجة توقف إفراز الاستروجين الذي من وظائفه تثبيت الكلس على العظام. وتزداد هذه التبدلات حدوثاً وخطورة في المدخنين والكحوليين والمصابين بعوز الكلسيوم وفيتامين د، وساكني الأحياء التي لا تتعرض دورهم فيها للشمس، وفي النساء اللواتي ينقطع طمثهن باكراً.
    ينقص صبيب القلب تدريجياً مع تقدم العمر، ويتعلق ذلك بارتفاع الضغط الشرياني وزيادة المقاومة المحيطية الناتجة عن تصلب الأوعية، ويزداد عدد الوفيات بأمراض القلب بعد سن الخامسة والستين وهي عند الرجال أكثر منها عند النساء، ويزيد من حدوثها طريقة التغذية، والتدخين، وتناول الكحول، والبدانة.
    ويتأثر جهاز الهضم بنقص إفراز الأنزيمات فتنقص التغذية بسبب ذلك، ولأسباب أخرى منها نقص المضغ إذا كان الشيخ يعاني من مشكلات في أسنانه، ومنها تأثير بعض الأدوية التي يتناولها المريض لإصابته بأمراض أخرى في إنقاص بعض المواد الضرورية لعملية الهضم، وينجم عن ذلك نقص الحديد وفاقة الدم، وما يتلو ذلك من وهن عضلي وتعب عام.
    ويتأثر جهاز التنفس خاصة عند سكان المدن بسبب تلوث الهواء بالغازات المنبعثة من عوادم السيارات والمعامل، إضافة إلى تعرض هذا الجهاز إلى كثير من المواد المحسسة الزراعية أو الصناعية أو البترولية المنشأ،مما يعرض المسنين إلى مظاهر الربو والقصور التنفسي الانسدادي المزمن.
    وتتأثر الحواس ولاسيما السمع والبصر، فالسمع ينقص بدرجات مختلفة في 50% ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين، وذلك لآفة في الأذن الداخلية، أو لإصابة العصب السمعي، وتزيد حوادثه في المصابين بالداء السكري، وبارتفاع الضغط الشرياني، وبالتعرض المديد للضجيج. ويؤدي نقص السمع إلى تعرض المصاب لحوادث السير، وإلى عدم قدرته على التفاهم مع من يحيط به، مما يشعره بالنقص، وينتهي به الأمر أحياناً إلى الميل للعزلة وما يجره ذلك من مشكلات.
    أما البصر فينقص أيضاً مع تقدم السن لإصابة الشيوخ بالساد أو بالزرق، ويزداد خطر الإصابة في السكريين لإصابتهم باعتلال الشبكية السكري، ومن أهم أسباب نقص البصر كذلك استحالة اللطخة الصفراء التي تنتهي بفقد البصر.
    ومن أكثر مظاهر التشيخ والشيخوخة شأناً المظاهر النفسانية، فالفكر لا يشذ عن القانون الحياتي العام، وهو خاضع لوظائف عصبية شديدة الحساسية لمسيرة تقدم السن، ويميز لتقدم السن من وجهة النظر العصبية النفسانية مظهران مختلفان: الأول هو التشيخ، وهو مسيرة طبيعية ترتبط بالحياة لا يمكن تجنبها أبداً، ولكن زمن ظهورها يختلف من شخص لآخر. والثاني: هو الشيخوخة التي تحدث فيها اضطرابات عصبية ونفسانية مرضية. ويتحول التشيخ في بعض الظروف المرضية من حالة طبيعية إلى شيخوخة مبكرة بدرجات مختلفة، وقد يكون من الصعب تمييز الحدود بين هذين المظهرين، ففي مرحلة التشيخ يطبع تقدم السن الذكاء والنشاط بطابع خاص، إذ يلاحظ المسن ضعفاً تدريجياً في ذاكرته وقدرته على الانتباه، وقدراته العقلية وتخيلاته ونشاطه، وكلل مبادراته وتطلعاته. وأكثر ما يميز عقلية المسن صعوبة اكتساب معارف جديدة، وصعوبة مواجهة الحالات الطارئة وتدبيرها. ويصعب على المسن في الغالب التكيف مع حالته الجديدة ويتعلق ذلك بحالته النفسية وعاداته وطباعه قبل هذه المرحلة التي تتطلب منه إعادة ترتيب اهتماماته لتناسب وسائله وقواه، وعلى الرغم من ضعف الأداء فليس كل شيء سلبياً في هذه السن المتقدمة، والانقطاع عن العمل نهائياً غير محمود، فالتفكير يبقى سليماً جداً لفترة طويلة من الوقت، وعلى نقيض ذلك قد يصبح أحياناً أفضل بما اكتسبه الشخص من خبرات اجتماعية وعملية، وحكمة بعض كبار السن وذكاؤهم وقدرتهم على حل الكثير من المعضلات أمر معروف، أما إذا كانت طبيعة الشخص قبل هذه السن غير مستقرة فتظهر في بداية الأمر المنعكسات الناجمة عن الفراغ كالكآبة والحصر والشعور بالإخفاق وعدم الرضا والانطواء، ويأبى بعضهم الاعتراف بتقدم السن ويرفض الانقطاع عن العمل ولو انه لا يحسنه.
    وتسيطر في الشيخوخة الاضطرابات العقلية بشدة في السلوك الاجتماعي، وتفسر بنقص الخلايا الدماغية باستمرار مع ضمور القشرة والمادة البيضاء، ويُرى هذا في معظم حالات الضعف العقلي المترقي الذي يسمى العته الشيخي senile dementia، وهو تطور أكثر عمقاً من التطور البسيط الذي يُرى في عدد من الشيوخ، وقد تكون الآفات الدماغية في هذا العته الشيخي وحده من نوع التنكس الخلوي، أو تكون وعائية بتصلب الشرايين الدماغية مع عدد من بؤر التلين في الجملة العصبية، أو تكون مختلطة بتنكس الخلايا تنكساً بدئياً تالياً لتصلب الشرايين، ولا توجد معالجة توقف سير هذه الآفات المستمر. يبدأ هذا العته في سن الخامسة والستين أو السبعين، وتزداد حوادثه مع طول عمر الإنسان وتشكل قضية اجتماعية اقتصادية مقلقة، لأن شروط الحياة الحديثة في المدن، وتدني الوضع الاقتصادي، وإعطاء الأولويات في الإنفاق على الأمور الحياتية تجعل الأسر أقل احتمالاً لشيوخها المعتوهين الذين غالباً ما يكونون في حالة هياج شبه مستمر.
    ومن الأمراض النفسية في الشيخوخة الاكتئاب السوداوي melancholia، وحالات المس، والهذيان delirium المزمن من النوع الاضطهادي، والزور paranoia.
    وتشتد الاضطرابات العقلية في الشيخ بالبؤس والارهاق والكحولية والعوز الغذائي أو الإفراط به والعزلة العاطفية والرضوض الجسدية والصدمات العاطفية وحالات الهجر وخيبة الأمل.
    يجب أن توَفَّر لكبار السن شروط مادية محترمة في مسكن لائق، وأن يحاطوا بعناية الأهل والأصدقاء، وأن توفر لهم أعمال تتفق وإمكاناتهم، فالبطالة أكثر إيذاءاً من العمل المضني.
    أما الاضطرابات النفسانية للتشيخ فتتطلب في الغالب الاستشفاء الذي يتجه إلى دراسة حالة المريض دراسة دقيقة، وتقديم العلاج اللازم بعد ذلك، ولو أن هذه المعالجات لا تمنع من تقدم الضعف العقلي بسرعات مختلفة نحو العته النهائي.
    وفي حالات الهياج تستعمل الأدوية الحالة للأعصاب بمقادير قليلة، والمهدئات ضد القلق ومضادات الكآبة (بمقادير قليلة وبحذر) لإصلاح العناصر المؤدية للكآبة، وقد تكون الصدمات الكهربائية ضرورية أحياناً.
    تؤثر هذه المعالجات في المزاج والقلق والهياج، ولكنها قليلة التأثير في اضطرابات الذاكرة والانتباه والإعاقة النفسية، وعلى النقيض، فإن الفيتامينات وموسعات الأوعية قد تقدم بعض الفائدة في تحسن الذكاء والتركيز والانتباه، ولكن بعض هذه الأدوية يسبب الهياج ولا يُجنى منها إلا تحسن مؤقت في مسيرة مرضية غير قابلة للتراجع. أما الهرمونات فتستعمل بمقادير قليلة في استطبابات معينة ومحددة، ولا تعطى إلا بإشراف طبي مباشر.
    وثمة أمر أخير يجب الانتباه إليه بسبب ما يتعرض له الشيوخ من أمراض عضوية كثيرة، وهو معالجة هذه الحالات بصورة مبكرة وصحيحة، لأن تراكمها يزيد من إعاقة المريض وعدم قدرته على التلاؤم مع ظروف الحياة، ويدفع، إضافة إلى إصاباته هذه، إلى زيادة أعراض التشيخ والتي تدخله في مرحلة البؤس واليأس.
    عدنان تكريتي، إبراهيم حقين وليد النحاس

  6. #646
    الصادات

    الصادات أو المضادات الحيوية أو المرديات antibiotics مواد تثبط نمو بعض الأحياء المجهرية التي تدخل فيها، فتسبب اضطراباً في استقلابها metabolism أو تؤدي إلى تلفها.
    اقتصرت حدود الصادات في البدء على مواد من منشأ حيوي تنتجها الفطور mycoses، ثم اتسع هذا المفهوم حتى أصبح يشمل أجساماً تنتج تركيبياً ولها التأثير المضاد للجراثيم نفسه. وتصنف الصادات وفق مجموعات تبعاً لتركيبها الكيماوي، وطريقة تأثيرها في الأحياء المجهرية، وانتشارها في البدن، وآثارها السريرية، وطريقة طرحها: اللكتمينات بتاbeta lactamin وهي أنواع البنسلينات والأمينوزيدات aminosides والفنيكولات phenicols والتتراسكلينات tetracylins وعديدات الببتيد polypeptidesوالمكروليدات macrolides والريفاميسينات rifamycines والببتيدات السكرية glycopeptides والنيتروإميدازول nitroimidazoles ومشتقات الأكسي كينولين oxyquinoleineومضادات التدرن ومضادات الفطريات ومضادات الانقسام الخلوي antimitotics.
    آلية تأثير الصادات
    تؤثر الصادات في الجراثيم في جهة منها أو أكثر، فيمكنها أن تمنع تركيب غشائها الخلوي كما تفعل البنسلينات، في حين يؤثر بعضها الآخر في النواحي الوراثية فيمنعها من تركيب الدنا DNA. ويكون تأثير قسم منها كالمكروليدات والفنيكولات على تركيب البروتينات في حدود الريباسات ribosomes. وتفعل الصادات عديدات الببتيد في الغشاء الهيولي. ويكون تأثير الصادة بتثبتها على جزيء مما يحول دون قيامه بوظيفته. وهناك صادات ذات بنية تماثل بنية أحد العوامل الأساسية في الجرثوم، فتحل مكانها وتنهي عملها الاستقلابي.
    التأثيرات الثانوية للصادات
    تصنف التأثيرات الثانوية التي تنجم عن الصادة نفسها إلى أرجية allergic وسُمّية ومتنوعة، تعود إلى التغير الجرثومي.
    تشاهد التأثيرات الأرجية في الصادات كلها ولاسيما في اللكتمينات بيتا والسلفاميدات. ولتربة المريض دور كبير في ذلك إذ غالباً ما تلاحظ الأرجية في أكثر من صادة من مجموعة واحدة حينما يكون المريض مصاباً بأحدها، وتزداد شدة الأرج في كل معالجة جديدة، وتكون الأعراض إما جلدية تتظاهر بحمامات أو حكة، أو عامة فتسبب صدمة shock خطرة، أو تبدو على هيئة آلام مفصلية أو بيلة بروتينية أو آفة كلوية. وقد تكون هذه التأثيرات الثانوية دموية، فتسبب فقر دم انحلاليّاً بالمناعة الذاتية، أو نقصاً في الكريات البيض.
    وتعود التأثيرات السمية إلى المقادير التي يتناولها المريض كاستمرار المعالجة وحالة تربته ووظائف بعض أجهزته (كالكليتين والكبد وغيرها)؛ فبعضها يسبب نقصاً في الكريات الحمر، وينجم عن بعضها الآخر اضطراب في تكديس الصفيحات الدموية. وهناك الصادات التي تؤثر في قوقعة الأذن ودهليزها، والصادات التي تسبب اختلاجات، والصادات التي تسبب التهاب العصب الصدغي وارتفاع الضغط داخل القحف واضطرابات في النوم.
    ومن النتائج السمّية لبعض الصادات تأثيرها في الكبد والجهاز الهضمي وإحداثها غثياناً وإقياءً وآلاماً معدية.
    ومن التأثيرات المتنوعة: الآلام المفصلية والعضلية، والتحسس للضياء التي أكثر ما تشاهد في التترسكلينات والكينولونات.
    وهناك بعض الطوارئ التي تنشأ عن الجراثيم نفسها بانحلالها بعد أخذ مقادير كبيرة من الصادات دفعة واحدة مما يسبب وهطاً collapse، وهذا ما كان يحصل في الإصابات التيفية الشديدة بعد تناول المريض مركبات الفينيكول. وقد دفع هذا لإعطاء الصادات في مثل هذه الحالات بمقادير متدرجة. ومن الطوارئ الكثيرة المشاهدة إصابة المريض بفطور في الجهاز الهضمي (غالباً ما تصيب الفم والمري) عند المصابين بتدني المناعة، وغالباً ما ترى هذه الحالة حين استعمال اللكتمينات بيتا والسيكلينات، كما يمكن أن تسبب الصادات التهاب الأمعاء ذات الغشاء الكاذب، وتلاحظ هذه في معظم الصادات، وسببها تكاثر جراثيم لا هوائية في لمعة الأمعاء. كما يمكن للصادات أن تسبب ظهور ذراري strains مقاومة لعدة صادات في وقت واحد، وغالباً ما يرى ذلك في المشافي حين إعطاء الصادات بهدف وقائي.
    التأثيرات الجانبية المرتبطة بتربة المريض
    يُفضَّل، إذا كان المريض مصاباً بقصور كلوي، الابتعادُ عن الصادات المعروف عنها أنها ذات تأثير سٌمي على الكليتين كالأمينوزيدات، ولابد للمرأة الحامل أن تبتعد عن تناول بعض الصادات ذات الأثر المشوه للجنين، ولاسيما في الأشهر الثلاثة الأولى. وهناك بعض الصادات التي يجب ألا تتناولها الحامل طوال مدة حملها كالتتراسكلينات والأمينوزيدات والسلفاميدات والكينولونات.
    كما يجب عدم إعطاء بعض الصادات كالبنسلين بروكائين والكلورامفنيكول والسكلينات والكينولونات والريفامبسين والنيوميسين للخُدَّج والولدان. ولابد عند الشيوخ من الابتعاد عن الصادات السامة للكليتين.
    طوارئ تعود إلى طريق إعطاء الصادة
    يمكن للصادات التي تعطى عن طريق الزرق العضلي أن تشكل في موضع الإعطاء لويحة قاسية أو خراجا،ً كما يمكن أن تسبب الصادات التي تعطى عن طريق الوريد تخريشاً موضعياً أو التهاب وريد خثارياً.
    مقاومة الجراثيم للصادات
    لكل مادة طيف action spectrum، ويعني طيف الفعالية الأنواع الجرثومية التي تتحسس بهذه الصادة فتَتَثبط، حينما تكون الصادة بتركيز معين في الجسم الحي in vivo إن أعطيت بالمقادير المعيارية standard.
    وحينما يقال: طيف الفعالية، فإن ذلك يدل على أن الأنواع الجرثومية غير الحساسة تقاوم هذه الصادة مقاومة طبيعية، وترجع هذه المقاومة إلى الصفات الوراثية لنوع الجرثوم.
    إن آليات هذه المقاومة الطبيعية عديدة منها: عدم دخول الصادة إلى الجرثوم، وتعذر وجود هدف جزيئي molecular لفعل الصادة، وإنتاج الجرثوم لأنزيمات تُبطل فعل الصادة.
    ولكن استعمال الصادات قد أسهم في حدوث عملية اختيار لذرار مقاومة تقع ضمن النوع الذي يتحسس بها عادة. وهذا نمط آخر من المقاومة، ويوصف بأنه مقاومة مكتسبة. وهذه المقاومة المكتسبة تدفع إلى معرفة الذراري المقاومة بغية انتقاء الصادة التي تؤثر فيها حين المعالجة.
    من الناحية الجرثومية تصبح الذرية الجرثومية مقاومة حينما تستطيع التكاثر على الرغم من وجود تركيز أعلى من التركيز الذي يثبط عادة الذراري الأخرى التي ما زالت تتحسس بهذه الصادة. وهناك عدة آليات تؤثر في هذه المقاومة المكتسبة منها التوضع الجيني.
    ويمكن تلخيص شروط فعالية صادة ما على النحو التالي:
    دخول الصادة، وإيجادها الجزيء الهدف لفعلها، ووصولها بشكلها الفاعل إليه، وبقاؤها على تماس مع هذا الهدف وبتركيز كاف.
    وقد تعود آليات المقاومة المكتسبة إلى مخالفة أي شرط من الشروط السالفة الذكر؛ كعدم دخول الصادة بسبب نقصان (أو انعدام) نفوذية جدار الجرثوم، أو نقصان نفوذية أغشيته، وتخرب الجزيء الهدف بتغير جهة التثبيت، أو بحدوث تدركdegradation أنزيمي في الهدف. وخروج الصادة بكمية كبيرة من الجرثوم، مما ينتج منه تركيز غير كاف للصادة فلا تؤثر في منطقة الهدف. وقد تتدمر الصادة بالحلمهة hydrolysis كما يفعل إنزيما البنسليناز والسيفالوسبوريناز مع اللكتمينات بيتا، أو تتغير بناها الكيمياوية، وهذه الأنزيمات التي تعطل فعل الصادات عديدة جداً.
    إن الدنا DNA هو الحامل الوراثي للمقاومة، ويشاهد في بنيات عديدة في الجراثيم: في الصبغي chromosome، وفي البلسميدplasmid، والبلسميد هو قطعة دنا تقع خارج الصبغي، وغالباً ما توجد في هيولى الجرثوم وهي تتنسخ ويمكن أن تنتقل لجرثوم آخر.
    كما يمكن أن تُكتسب المقاومة بظهور طفرة صبغية، أو باكتساب معلومات تأمر بمقاومة الصادة عن طريق انتقال بلسميد من جرثومة مقاومة إلى جرثومة حساسة، ويمكن للطفرة أن تصيب الجين gene الذي يراقب دخول الصادة، أو بنية الهدف الذي ترمي إليه الصادة. ولا تصيب الطفرة إلا صفة واحدة، ولكن إذا تعلق الهدف بعدة صادات من فصيلة واحدة، حينئذٍ تشمل المقاومة مختلف مركبات هذه الفصيلة.
    النتائج السريرية
    توجد الجراثيم المقاومة بين الجراثيم المتحسسة قبل تناول أي دواء. وحينما تؤخذ الصادة فإن فعلها هو كفعل عامل انتقاء للجراثيم المقاومة بين المجموعة المتحسسة، أي إنها تقضي على الجراثيم المتحسسة وتُبقي المقاومة. ومن الممكن اتقاء خطر ظهور طافرات مقاومة (أو إنقاص نسب حدوثها على الأقل) بإعطاء معالجة تضم صادتين من فصيلتين مختلفتين.
    المقاومة باكتساب جينات
    تم وصف هذا النوع من المقاومة للمرة الأولى عام 1955 في اليابان أثناء وباء بزحار عصوي bacillus dysentery سببته شيغلات فلكسنري Shigella Flexneri. فظهرت مقاومة في وقت واحد للستربتوميسين والكلورامفنيكول والتتراسكلين والسلفاميدات. ولا تفسر هذه المقاومة بعملية انتخاب للطافرات المقاومة، لأن معالجة المصابين جرت بصادة واحدة فقط. وقد شوهدت في براز المرضى جراثيم الإشريكيات القولونية Escherichia coli التي قاومت الصادات نفسها، مما دعا إلى وضع فرضية إمكان انتقال المقاومة بين الجراثيم ذاتها. وقد تم البرهان العملي على هذه الفرضية مخبرياً. إن المقاومة المتعددة والمكتسبة تنتقل كتلة واحدة (المقاومات جميعها معاً) من جرثوم يتصف بهذه المقاومات إلى جرثوم آخر كان حساساً لها وبوساطة بلسميد.
    إن الجينات التي ترمِّز encode المقاومات المتعددة تتوضع في البلسميد، ولذا فإن صفات هذا النمط مرتبط بالصفات العامة للبلسميد.
    وهكذا تستطيع الجرثومة الواحدة أن تجمع عدة معلومات تأمر بالمقاومة عن طريق آلية اكتساب «دنا» يقع خارج الصبغي (أي بلسميد)، فيصبح من المتعذر معالجتها بالصادات. وتصيب المقاومة الناجمة عن البلسميدات معظم الصادات، كما تستطيع الأنواع الجرثومية كلها أن تُسكن بلسميدات.
    ينتقل البلسميد بين الجراثيم التي هي من أنواع مختلفة، وحتى بين مجموعات جرثومية بعيدة جداً بعضها عن بعض. وللعصيات سلبية الغْرام النسبة الأولى في انتقال البلسميدات، وبهذه الآلية، وعلى مر السنين، اكتسب العديد من الأنواع الجرثومية خواص مقاومة. وهذه الصفة تثير القلق في المستشفيات خاصة لأن الجراثيم المقاومة المقيمة فيها تتبادل العناصر الوراثية بسهولة فائقة.
    هناك جراثيم لم تكتسب ذراريها مقاومة كبيرة، وبقي تحسسها بالصادات على نحو يشبه ما كانت عليه في السابق، كالعقديات المقيحة (العقديات A) والعقديات الرئوية والنيسريات السحائية والبروسيلات. لكنّ هناك أنواعاً أخرى ازدادت فيها نسب الذراري المتعددة المقاومة ازدياداً كبيراً كما هو الأمر في العنقوديات والعصيات السلبية الغرام. لقد سبب هذا التغير تجاه التحسس بالصادات تغيرات في أسباب الأمراض الخمجية وفي مظاهرها السريرية. وتناقصت نسبة الأمراض الخمجية التي كانت الشغل اليومي الشاغل لبعض الأقسام في المستشفيات، كالحمى الرثوية، والحمى القرمزية scarlatina، والخناق diphtheria. وحدث نقيض ذلك في أمراض خمجية أخرى، فقد ازدادت نسبة الإصابات بالجراثيم الانتهازية ذات المنشأ المطاعم commensalوالتي كانت تشكل جزءاً من نبيت flora الجلد والأغشية المخاطية، كالعنقوديات والمكورات المعوية والعصيات السلبية الغْرام. والأسوأ من ذلك مشاهدة أخماج بجراثيم ممرضة انتهازية من منشأ رمّام saprophyte، أي من النبيت الجرثومي للوسط الذي نعيش فيه. فالأمراض الناجمة عن هذه الجراثيم كانت مجهولة في الطب البشري، وهذه الجراثيم قادرة على مقاومة العديد من الصادات. وأكثر ما تشاهد الإصابات بها في المرضى الذين يخضعون لتقنيات معقدة حديثة في مراكز الإنعاش، وتعد تربة هؤلاء وسطاً ملائماً لتكاثر هذه الجراثيم. وقد أصبح اللجوء إلى المخبر لدراسة حساسية الذرية الجرثومية المسببة للمرض ضرورة ملحة.
    طرق دراسة المخابر لفعالية الصادات
    بسبب وجود حوادث «مقاومة مكتسبة» تجري عن طريق الطفرات أو باكتساب بلسميد، لا يمكن انتقاء معالجة بالصادات استناداً إلى الطيف النظري وحده لهذه الصادات، فالاستعانة بالمخبر ضرورة في أحوال عديدة لتوجيه الوصفة الدوائية أو تعديلها. ولا بد للتوصل إلى ذلك من استفراد الذرية الجرثومية التي سببت الحالة الخمجية؛ وباستفرادها يستطيع المخبر أن يحدد بدقة الصادات التي تُحسس الجرثوم المسبب عن طريق زرعه في الزجاج in vitro، والإرشاد إلى المقادير التي تؤثر فيه، ويحول الطبيب ذلك إلى ما يكافئ هذه المقادير حين استعمالها في الحي in vivo. فيتعرف الصادات التي تثبط نمو هذا الجرثوم، أي التأثير الكابح للجراثيم bacteriostatic أو الصادات التي توقف انقسامها وتكاثرها، كما يستطيع أن يتعرف من بين الصادات الفعالة في كبح تكاثر الجراثيم، على الصادات التي تستطيع أن تميت تلك الجراثيم أي ذات التأثير المبيد للجراثيم bactericideالذي يُقدر بدراسة التركيز الأدنى الذي يسبب القضاء النهائي على الجرثوم، كما يمكن تعرف الصادات التي، إن تمت مشاركتها معاً، استطاعت أن تكوِّن تأثيراً مبيداً للجراثيم.
    التفسير السريري
    إن مقابلة التركيز الأدنى المثبط مع خصائص الحرائك الدوائية pharmacokinetics للصادات، يسمح بتصنيف الجرثوم الذي تمت دراسته في أحد الزمر التالية:
    حينما يكون تركيز الصادة، التي تستطيع أن تثبط نمو الجرثوم في الزجاج، عالياً لا يمكن التوصل إليه في الحي مهما يكن طريق إعطاء الصادة، حينئذٍ توصف هذه الذرية الجرثومية بأنها «مقاومة». وتنتهي نتيجة المداواة بهذه الصادة بإخفاق المعالجة. ولكن حينما يكون تركيز الصادة المثبط للنمو في الزجاج أدنى من التركيز الذي يمكن الحصول عليه في الحي حين إعطاء مقادير دوائية مألوفة، فإن هذا الجرثوم «حساس» sensible سريرياً، ويمكن القضاء عليه بمداواته بتلك المقادير. وإذا وقع التركيز الأدنى المثبط بين هاتين الحالتين (القيمتين) وصفت حساسية الجرثوم بأنها «متوسطة». وفي مثل هذه الحالة لا يتم القضاء على الجرثوم إن أعطيت الصادة بالمقادير المألوفة، ولكن يمكن القضاء عليه بإعطاء معالجة بالطريق العام وبمقادير عالية إن أمكن ذلك أو بالطريق الموضعي، أو بالطريق العام، إذا كان الخمج متوضعاً في أجهزة فيها تركيز الصادة مرتفع بصورة فيزيولوجية (البول، الصفراء).
    التقنيات بالانتشار في الأوساط الزرعية الصلبة
    إن طريقة «الأقراص» هي أقدم تقنية، وتجري كما يأتي: تفرش الذرية الجرثومية المراد دراستها على مستنبت غراء agar، ويتألف مصدر الصادات من أقراص من ورق النشاف مشربة كل واحدة منها بمقدار معروف من صادة معينة، وتوضع هذه الأقراص على سطح الغراء المزروع، ثم تحضن العلبة بكاملها بحرارة 37درجة مدة 18ساعة، فتظهر مناطق لا تنمو فيهاالجراثيم حول القرص الذي يحتوي صادة تثبط نمو الجرثوم. وقد تكون هذه المنطقة كبيرة أو صغيرة. والواقع أن تكاثر الجراثيميتوقف حينما تلاقي في الغراء تركيزاً للصادة يساوي التركيز الأدنى المثبط. ولذا فإن قياس قطر المنطقة يعكس قيمة التركيز الأدنى المثبط للصادة، وحسب اتساع القطر أو صغره تصنف الصادة، وتعرف فيما إذا كانت الجراثيم تجاهها متحسسة أو مقاومة أو متوسطة الحساسية.
    التقنيات بالتمديد في وسط سائل
    هناك أجهزة آلية ترتكز على أوساط زرعية سائلة تحوي صادات تسمح بمعرفة التأثير المثبط لصادة في النمو الجرثومي. وقد يجري التقدير مباشرة بقياس العكر turbidimetry أو قياس الكَدَر nephelometry، أو بشكل غير مباشر بقياس النشاط الأنزيمي، أو إنتاج CO2، أو المقاومة الظاهرية الكهربائية impedance. وهناك قارئات آلية متصلة بحاسوب، تستطيع جمع النتائج وطبعها على ورقة. ومن الأجهزة ما يستطيع أن يعطي النتائج بعد عدة ساعات فقط.
    مشاركة الصادات
    هناك عدة أسباب تدعو في بعض الحالات إلى تطبيق مشاركة بين الصادات هي:
    ـ توسيع طيف التأثير: وهي إما حالة مواجهة خمج يرجح أن سببه عدة جراثيم، كبعض الأخماج التنفسية والنسائية والهضمية؛ أو حالة تستدعي فيها الإصابة معالجة إسعافية كما يحدث عند ذوي المناعة المتدنية.
    يضاف إلى ما سبق الحصول على تأثير مبيد أشد (فعل تآزري synergetic بين الصادتين) في الجرثوم المسبب للحالة الخمجية الوخيمة مما لو أعطي صادة واحدة. ويمكن القول إن هذا هو الاستطباب الرئيسي لإعطاء أكثر من صادة واحدة في وقت واحد.
    الطرق الجرثومية لمراقبة المعالجة بالصادات
    إن الشرط اللازم لتكون الصادة فعالة في الحي in vivo هو وصولها إلى بؤرة الخمج بتركيز فعال.
    ومن الممكن للمخبر أن يجري فحوصاً تؤكد جدوى المعالجة المعطاة. يؤخذ النموذج الأول مباشرة قبل إعطاء الجرعة الدوائية، ويؤخذ النموذج الثاني بعد نصف ساعة من إعطائها إذا كانت تعطى وريدياً، وبعد ساعة إذا كانت تعطى عضلياً، وساعتين إذا كانت تعطى فموياً.
    وهناك عدة طرق تقنية جرثومية تستعمل لمعايرة الصادات الحيوية. بيد أن التقنيات غير الجرثومية كالتي تستند إلى الدراسة المناعية الأنزيمية، وإلى الاستشراب chromatography، تعطي نتائج في زمن أقصر، وهذه الطرق سريعة الإنجاز ودقيقة.
    ولا بد من الإشارة إلى أن هناك بؤراً لا تستطيع الصادات أن تدخلها، أو أن فعل الصادات ضعيف فيها كالبؤر المتكيسة، والمجامع القيحية، وغير ذلك.
    طرائق إعطاء الصادات
    تشمل مشكلة إعطاء الصادات ناحيتين: أولاهما معالجة خمج ظاهر، وثانيتهما استعمال الصادات وقائياً. ولا بد من مواجهة المراحل التالية أمام كل حالة خمجية: استطباب المعالجة، واختيار الصادة، وتحديد المقادير الدوائية، وطريق إعطاء الدواء، ومراقبة المعالجة، ومدة بقائها، وزمن إيقافها.
    لاتبيح سميّة بعض الصادات، وإن كانت نسبة الطوارئ الناجمة عنها ضعيفة نسبياً، تعريض المريض لخطر لا فائدة منه. ولذا فإن القرار الذي يتخذ بوصف المعالجة بالصادات يجب أن يرتكز على معلومات توصّل إليها من الفحص السريري والفحوص الجرثومية التي أدت إلى وضع تشخيص دقيق، أو على الأقل فرضية تشخيص مرجحة.
    ويجب أن يستند انتقاء الصادة إلى ثلاثة معطيات هي: نوع الجرثوم المسبب وحساسيته للصادة، وموضع الخمج، وحالة المريض.
    ويكون الاختيار من بين الصادات الأكثر فعالية، تلك التي، بحكم خصائص حرائكها الدوائية، تستطيع أن تصل إلى البؤرة الخمجية بتركيز كاف.
    يختلف انتشار الصادات في النسج والأجهزة اختلافاً كبيراً ويرجع ذلك إلى نوع الصادة نفسها، فبعضها ذات تركيز شديد في البول، وأخرى في الصفراء، وبعضها في السائل الدماغي الشوكي إلى غير ذلك.
    ولكن قد لا تسمح حالة المريض باستعمال بعض الصادات الفعالة نظراً إلى بعض خصائصها السُّمية أو للأخطار السمية التي يمكن أن تتفاقم نتيجة إصابته بقصور في جهازٍ من أجهزته، كأن يكون مصاباً بقصور كلوي أو آفة كبدية أو غير ذلك.
    سبب إخفاق المعالجة بالصادات
    هناك حالات تبدو فيها المعالجة غير مجدية سريرياً، مع أنها فاعلة في الزجاج. وفي مثل هذه الحالات يجب إعادة الفحص الجرثومي للنماذج ومناقشة الحالات الآتية:
    ـ نقص في المقادير المعطاة، مما ينجم عنه قصور في مقدار الصادة في الدم والنسج.
    ـ مثابرة بقاء البؤرة الخمجية نظراً إلى مكان توضعها، أو تبعاً لبنيتها التشريحية اللذين لايسمحان بدخول الصادات بمقادير مجدية.
    ـ خطأ في تقدير الجرثوم المسبب للخمج، أو ظهور مقاومة مكتسبة للجرثوم.
    تقضي الأخطار السمية للصادات القيام بمراقبة شديدة، وعلى الخصوص في حالة إصابة المريض بقصور كلوي أو كبدي. وتجري المراقبة السريرية بتحرّي العلامات الأولى للأعراض الجانبية الخاصة بالصادة التي تم انتقاؤها للمعالجة كالدوار، والأعراض السمعية، والاندفاعات الجلدية، وظهور يرقان خفيف، وما إلى ذلك. ولكن يجب أن تجرَى إلى جانب هذه المراقبة السريرية فحوص مخبرية تتيح كشف العلامات الشاذة الأولى، كتعداد البيض والصيغة، ومعايرة البولة الدموية والكرياتنين، والبليروبين، وناقلات الأمين transaminases، والاختبارات القوقعية الدهليزية، وغيرها.
    يجب أن توقف المعالجة دوماً دفعة واحدة، أي دون تخفيض المقادير تخفيضاً تدريجياً؛ لأن المقادير المستعملة في معظم الأحيان هي المقادير الدوائية التي تكون في حدودها الدنيا. ولذا فإن كل تخفيض يسبب نقصان كمياتها في الدم والنسج إلى حدود تقل عن حدود جدوى الصادة.
    الوقاية بالصادات
    إن الأخطاء التي ترتكب بإعطاء الصادات وقائياً كثيرة. ويجب التمييز بين إعطاء الصادات وقائياً من غير هدف محدد، وهذه الطريقة سيئة، وإعطاء الصادات وقائياً ولاسيما في الأقسام الجراحية ودواعي الإعطاء هنا محددة.
    ولذا فإن إعطاء الصادات غير مسوَّغ إلا في حالات معينة وهي: وجود خطورة محددة بالإصابة بخمج كثير الظهور، وبوخامة الإصابة به، وبحساسيته المعروفة للصادات، وإمكان شفائه بإعطاء صادات معروفة التأثير فيه، فإن دواعي اللجوء إلى هذه الحالة قليلة في المجال الطبي؛ بيد أن نسبة وجود هذه الدواعي تزداد في المجال الجراحي.
    عدنان تكريتي

  7. #647
    الصحة العقلية

    الصحة العقلية mental health هو العلم الذي يبحث في تأمين الرعاية الصحية النفسية والوقاية من الإصابة بالاضطراب العقلي أو النفسي لدى البالغين والأطفال والشيوخ، وكذلك الوقاية من أمراض اضطراب الشخصية والسلوك، ومرض الإدمان والصرع والاضطرابات الجنسية ومعالجتها في حال الإصابة بها دوائياً ونفسياً بمختلف طرق المعالجة الدوائية والنفسية، وتأمين وصول خدمات هذه الرعاية لكل أفراد المجتمع في المدن والأرياف عن طريق مراكز الرعاية الصحية الأولية الجسمية primary health care المنتشرة في كل المناطق ليكون كل فرد مستقراً نفسياً وسعيداً ونافعاً لأسرته ومجتمعه.
    تبين الإحصائيات العالمية أن 1 إلى 2% من السكان يعانون من مرض عقلي خطير، وأن 4 إلى 5% من السكان يعانون مرضاً نفسياً، مما تعد معه هذه الأمراض النفسية والعقلية من معوقات تقدم الفرد والمجتمع اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً.
    شغل الإنسان، منذ القديم، بمشكلة الصحة النفسية، وتشير الدراسات الآثارية الحديثة إلى أن بعض الأمراض العقلية كانت معروفة منذ العصر الحجري، وكان البابليون والمصريون القدماء يميزون الشيخوخة وما فيها من اضطرابات ذهنية ومزاجية من الاكتئاب النفسي، وربطوا هذه الأمراض بالإثم والأرواح الشريرة وعالجوها في المعابد بوسائل السحر والإيحاء والتسلية. وقد اقترح الصينيون عام 2600 ق.م التداوي بتبديل البيئة وممارسة الهوايات، وسار مثلهم الهنود واليونانيون على الطريقة نفسها.
    ـ المرحلة السحرية magic stage: وعدت، في هذه المرحلة، الأرواح الشريرة والجن والشياطين التي تسكن داخل البدن هي المسؤولة عن الإصابة بالمرض العقلي، ولهذا لابد من إخراجها من البدن باستخدام أساليب السحر والتعاويذ والشعائر الكهنوتية والنار والبخور. وقد استخدم البابليون والآشوريون والهنود والمصريون الطريقة ذاتها لفترات طويلة من التاريخ.
    ـ المرحلة الطبيعية ـ الطبية أو اليونانية hellenic stage: أسس اليونانيون الاتجاه الطبي العضوي في تفسير المرض العقلي والنفسي، ووصفوا الصرع، وسموه (المرض المقدس)، وأكد معظم أطباء اليونان، وعلى رأسهم جالينوس وأبقراط، أن لاعلاقة للجن والأرواح الشريرة بالأمراض العقلية والنفسية، وقالوا بأن المسؤول عن ذلك هي الاضطرابات الوظيفية الجسدية functional physical disorders.
    ـ مرحلة العصر الأوروبي الوسيط أو (المرحلة الكنسية): ساءت حالة الصحة النفسية وحالة المرضى العقليين في هذه المرحلة التي اعتمدت على الأساليب الدينية والمشروبات السحرية والغول والوخز بالسكاكين والضرب بمطارق السحرة لطرد العفاريت والأرواح الشريرة من الجسد، وكانوا يعزلون المريض العقلي ويبتعدون عنه، فوضعوه في الملاجئ والأقبية المهجورة والسجون ضمن شروط سيئة جداً، كما اعتقدوا أن المرض العقلي هو رجس من الشيطان، وربطوا بين هذا المرض والشياطين وخطايا المريض وآثامه وذنوبه، وعدوا هذا المرض عقاباً له على الخطايا والآثام التي ارتكبها، ولجؤوا إلى ربط المرضى العقليين بالسلاسل والأغلال وتركهم بلا ماء وغذاء ومارسوا عليهم الضرب الشديد والحرق بالنار كطريقة من طرق عقاب المريض والأرواح الشريرة التي تسكن داخل جسده.
    ـ المرحلة العربية ـ الإسلامية في الطب والعلاج النفسي: للثقافة العربية الإسلامية أثر مهم في تقدم الطب عامة والطب النفسي والصحة النفسية خاصة، فقد منحته قيماً حضارية ومعاني إنسانية، واستعملت وسائل العلاج الإنسانية والرحيمة في معالجة المرضى العقليين. وقد أسست هذه الحضارة المستشفيات وسمتها (بيمارستانات) لاستقبال المرضى ـ ومنهم المرضى العقليين ـ ومعالجتهم بكل طرق العلاج النفسي كالتداوي بالعمل والموسيقى ووسائل الترفيه الأخرى. وكان ابن سينا أول من تكلم عن الطب النفسي الجسدي psychosomatic وطبق مبادئ هذا الطب وأساليبه في المعالجة، كما كان أول من تحدث عن القلق والاكتئاب والميول الانتحارية والانفعالات وتأثيرها في الجسد، وتحدث أيضاً عن تأثير البيئة في المرض العقلي والنفسي، ورأى أن الموسيقا هي أسلوب علاجي مهم ومؤثر في الأمراض العقلية. كما أن الطبيب العربي الرازي أسس علم النفس التجريبي وألف نحو (236) كتاباً في الطب والسلوك والنفس الإنسانية فضلاً عن إنتاجه في سائر العلوم، وأوصى أيضاً بالموسيقى أسلوباً مهماً لعلاج الأمراض العقلية.
    وقد أكدت هذه المرحلة أن العلاج في الأمراض النفسية والعقلية هو علاج نفسي ـ جسدي، كما أن الأطباء ابن رشد والفارابي والكندي قاموا بمعالجة الأمراض العقلية في مستشفيات الأمراض العقلية التي أنشئت في كل مدينة إسلامية كبيرة، كدمشق وبغداد والقاهرة بالأدوية والأعشاب والموسيقى والترويح عن نفس المريض وبكل الطرق الحضارية الأخرى التي فيها الرحمة والإنسانية والفهم لأحوال المريض العقلي.
    ـ مرحلة عصر النهضة والمرحلة العلمية الحديثة: بحثت هذه المرحلة في الأسباب النفسية للأمراض العقلية وبدأ المتخصصون مثل فون هوهنهايم (1541) von Hohenheim وشاركو Charcot في استخدام الإيحاء والتنويم في المعالجات النفسية، وبحث آخرون أيضاً في الهلوسات والتخيلات والشخصية المرضية (السيكوباتية)، ثم نشأت بعد ذلك المدارس النفسية مثل المدرسة القياسية measurement school والمدرسة الحركية dynamic school في علم النفس السريري. ثم تطورت هذه المدارس النفسية وقامت بتطوير طرق المعالجة ووسائلها الدوائية والنفسية الحديثة، وقفزت قفزات كبيرة حتى وصلت إلى الوضع الحديث والمتقدم في المعالجة الدوائية بالعقاقير النفسية المتنوعة وبطرق العلاج النفسي التي تعتمد على هذه المدارس والنظريات الجديدة أيضاً.
    بعض التطبيقات والطرق في الصحة النفسية وتصنيف الأمراض النفسية
    تبحث هذه الطرق والتطبيقات في كيفية إيصال الخدمات الصحية النفسية لكل أفراد المجتمع وكيفية تطويرها لتكون فعالة ومفيدة ومتقدمة وشافية للمريض النفسي أو العقلي. ويمكن إيصال هذه الخدمات النفسية لكل فرد في المجتمع عن طريقين:
    1ـ مراكز الصحة النفسية المنتشرة في كل المناطق، وتقوم هذه المراكز بالمهام الآتية:
    ـ الكشف المبكر للمرضى المصابين بالاضطرابات العقلية الكبرى والصغرى والتخلف العقلي والصرع.
    ـ تقديم العلاج والإرشاد النفسي للحالات النفسية الطارئة ومعالجة البسيط منها.
    ـ تحويل المصابين بالاضطرابات النفسية والعقلية الكبرى (المرضى العقليين) وخاصة الخطيرة منها إلى العيادات النفسية والمستشفيات العقلية.
    ـ تعرف المشكلات النفسية والعقلية السائدة في المجتمع والمساعدة في حلها.
    ـ نشر الوعي الصحي النفسي في المجتمع وتشجيع المشاركة الاجتماعية للارتقاء بمستوى خدمات الصحة النفسية، ومحاربة الإدمان بأنواعه، عن طريق ترشيد الفرد وتوعيته، بمشاركة الجمعيات الخيرية والأندية والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.
    2ـ عيادات الأمراض النفسية والمستشفيات العقلية: إن هذه العيادات النفسية الموجودة في معظم مناطق الريف والمدن والمستشفيات العقلية الموجودة في مراكز المدن الكبيرة هي التي تقوم بمعالجة المرضى العقليين بالأدوية النفسية وبكل طرق المعالجات النفسية الأخرى ومتابعتهم حتى الشفاء، ثم تقوم بتأهيلهم وإعادتهم أفراداً أسوياء منتجين ونافعين لأسرهم ومجتمعهم.
    ويمكن تصنيف الاضطرابات العقلية والنفسية كمايأتي:
    1ـ الاضطرابات العقلية والنفسية الكبرى (الذهان psychosis) وتشمل مجموعتين:
    ـ الذهانات العضوية organic psychosis: ومنها الحادة مثل الهذيان الحاد وتحت الحاد، والمزمن مثل الخرف المبكر والخرف الشيخي.
    ـ الذهانات الوظيفية أو غير العضوية functional psychosis: ومنها الفصام والاكتئاب الذهاني والزور والهوس الدوري ومتلازمة الهوس الهمودي.
    2ـ الاضطرابات العقلية والنفسية الصغرى (أو العصاب neurosis): وتشمل عصاب القلق النفسي والاكتئاب النفسي التفاعلي أو البسيط والهستريا والوساوس القهرية والرهاب وغير ذلك من الأمراض النفسية.
    3ـ الاضطرابات العقلية والنفسية عند الأطفال childhood mental disorders: تؤدي هذه الأمراض إلى اضطراب الطفل وانحراف سلوكه وتشمل: المخاوف الليلية واضطراب الكلام وسلس البول الليلي وبعض الأمراض الأخرى، والسبب الرئيس فيها هو الظروف الأسرية غير المواتية للطفل، أو الضغوط الاجتماعية الأخرى والاستعداد الوراثي لدى العائلة.
    4ـ أمراض نفسية وعقلية أخرى: وتشمل التخلف العقلي البسيط والشديد وأمراض اضطراب الشخصية ومرض الصرعوحالات الإدمان على الكحول والمخدرات والعقاقير النفسية والانحرافات الجنسية المختلفة.
    لمحة عن أسباب الاضطرابات النفسية والمعالجة وطرقها
    إن أسباب معظم الأمراض العقلية والنفسية هي على الأغلب الظروف غير المواتية والمشكلات الصحية والاجتماعية والتفاعلات البيئية، كالشدة (الكرب) stress والاستعداد الوراثي والكوارث الاقتصادية والحروب والهجرة والنزوح والحرمان المادي والعاطفي، وتظهر أعراض هذه الأمراض في مرحلة الطفولة المبكرة أو المراهقة أو في سن العشرين أو الأربعين من العمر بشكل اضطراباً خفيفاً أو شديداً في مجال الإرادة والمزاج والتفكير والعاطفة أو في أحدها فقط. ويكون هذا الاضطراب شديداً في الأمراض العقلية مع تغير كبير في شخصية المريض وسلوكه وتفكيره، ويكون خفيفاً وبسيطاً في الأمراض النفسية وبدون تغير كبير في شخصية المريض.
    تكون المعالجة في الاضطرابات النفسية والعقلية بأنواعها إما دوائية عن طريق العلاجات المركنة المضادة للهلاوس والتخيلات والهذيانات العقلية (المهدئات العقلية الكبرى مثل الهالوبيريدول haloperidol والكلور برومازين promazine ومضاداتالاكتئاب بأنواعها القديمة والحديثة)، والعلاجات المهدئة والمسكنة بأنواعها (المهدئات النفسية الصغرى مثل مركبات الديازيبامdiazepam واللورازيبام lorazepam وأشباهها) التي يصفها الطبيب المعالج النفسي، وقد يضاف إلى المعالجة الدوائية المعالجة الفيزيائية بالصدمات الكهربائية E.C.T، وهي مؤثرة جداً في معالجة مرض الفصام والاكتئاب الذهاني الشديد، أو تستعمل إحدى طرق المعالجة النفسية مثل المعالجة السلوكية behavior therapy والمعالجة البيئية الاجتماعية social therapy,occupational therapy، وكذلك هنالك طرق العلاج النفسي الفردي والجماعي إذا لزم الأمر. والهدف الأساسي لكل هذه المعالجات هو شفاء المريض النفسي وطمأنته وعودته إلى حياته الطبيعية وتأهيله ليكون فرداً سوياً منتجاً ونافعاً لأسرته ومجتمعه.
    عبد الحميد غنامة

  8. #648
    الصحة المهنية

    تكتسب أهمية العمل الاقتصادية والاجتماعية عناية خاصة، أما أهمية العمل للفرد فتمنح في العادة عناية أقل، برغم أن للعمل دوراً نفسياً ومعنوياً. وله قوة فعالة في تكوين إحساس الفرد بذاته وتحقيق هويته.

  9. #649
    الصداع

    ينطبق تعريف الصداع headache لغة واصطلاحاً، على وجع الرأس، سواء شمله كله أو أحد شقيه، أو بعضاً منه، أو تنقل من جهة إلى أخرى. وقد تكون صفة الوجع فيه بما يشبه النبض المتكرر، أو الثقل، أو الشد وكأن الرأس معصوب، أو غير ذلك. وقد يأتي الصداع منفرداً، أو ترافقه أعراض أخرى كالغثيان أو الانزعاج من الضوء أو الأصوات وذلك حسب أنواع الصداع المختلفة.

  10. #650
    الصُّدَاف

    الصدافpsoriasis مرض جلدي شائع، يتصف بالإزمان والمعاودة وعُسرة الشفاء، يصيب الجلد ويبدو بمظاهر سريرية متنوعة، أهمها: الأشكال الحمامية (الاحمرارية) erythematous الوسفية، كما أنه يصيب الأظافر والمفاصل. وللصداف جينات (مورثات) تنتقل في بعض أسر المرضى. أما الآلية الإمراضية فكانت إلى عهد قريب غامضة ومجهولة حتى جلّتها البحوث الحديثة، وأصبح مقبولاً أن الصداف ناجم عن اضطراب في الجهاز المناعي يستهدف عناصر محددة في الجلد والمفاصل.

صفحة 65 من 146 الأولىالأولى ... 15556364 65666775115 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال