صفحة 63 من 146 الأولىالأولى ... 13536162 63646573113 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 621 إلى 630 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 63

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322119 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #621
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 6 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    الرخد

    الرخد rickets خلل تمعدن العظم النامي أو النسيج المشبه بالعظم الذي يشاهد عند الأطفال نتيجة عوز الفيتامين د، في حين يدعى خلل تمعدن العظم الناضج الذي يشاهد عند الكهول بتلين العظام .osteomalacia
    الأسباب
    يحدث الرخد إما لعدم التعرض المباشر الكافي لضوء الشمس، أو لنقص الوارد من فيتامين د في الغذاء، أو لكليهما، أو للإصابة بعلل تتداخل في استقلاب فيتامين د وتحويله وتفعيله كالأمراض الكلوية والكبدية وأسواء الامتصاص وبعض الأدوية.
    - دور الأشعة الشمسية: تؤثر عوامل عديدة في كمية فيتامين د الداخلي المتشكلة، منها: سمت الشمس وخط العرض والفصل السنوي والتلوث الجوي والغبار وطبقات الغيوم... إلى غير ذلك، لهذا يصادف الرخد بكثرة في الأطفال الذين يعيشون في أماكن مظلمة، وفي المدن أكثر من الريف، وفي البلاد الباردة أكثر من الحارة، ومع ذلك فهو غير نادر في المناطق المدارية حيث تسعى النساء والأطفال إلى البقاء داخل البيوت بعيداً عن حر الشمس وأشعتها. وتتداخل مساحة سطح الجلد المعرض للشمس في كمية الأشعة النافذة، ولهذا تكثر مصادفة الرخد في المجتمعات التي يرتدي فيها الناس ملابس ساترة للبدن كله. يحتاج الرضيع إلى 30 دقيقة في الأسبوع لتعرض كامل الجسم للشمس أو ساعتين في الأسبوع لتعرض الرأس وحده للمحافظة على نسبة جيدة لفيتامين د.
    - الغذاء: معظم الحالات المشاهدة للرخد حالياً هي عند الرضع ذوي الإرضاع الوالدي غير المضاف إلى تغذيتهم فيتامين د، ومحدودي التعرض هم وأمهاتهم للشمس.
    - العِرق: يصيب الرخد العروق كلها إلا أن أبناء العرق الأسود (أي ذوي البشرة الداكنة) أكثر عرضة للإصابة ولاسيما حينما يعيشون في الأماكن الباردة حيث يخفف الميلانين الموجود في الجلد من امتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
    سن الإصابة
    تظهر التبدلات العظمية في الرخد بعد عدة أشهر من عوز فيتامين د، وخلال شهرين إذا كان الطفل يرضع من أم مصابة بتلين العظام، لذا، تندر مصادفة هذه الآفة منذ الولادة. تبدأ الأعراض عادة في الفترة الواقعة بين الشهر الرابع والسنة الثانية، ولاسيما بحدود نهاية السنة الأولى وخلال السنة الثانية. ويكون الظهور باكراً كلما نقص وزن الولادة. ويندر حدوث مظاهر الرخد في الطفولة المتأخرة.
    الآلية الإمراضية
    عند عوز أملاح الكلس والفوسفور اللازمة للتمعدن في المصل، تفشل خلايا الغضاريف في إكمال دورتها الطبيعية للتكاثر والتنكس كما تفشل في التمعدن، فيتشكل عظم جديد غير متكلس طري يتسع عرضاً ويكون هشاً وغير منتظم، ينضغط وينتفخ من الجوانب مؤدياً إلى تبارز نهايات العظم، وإذا استمر ذلك أصبح جسم العظم طرياً يتأثر بسهولة بالضغط، فتحدث التشوهات والكسور.
    التظاهرات السريرية
    يكون الطفل نزقاً، متأخر النمو، كثير التعرق في ناحية الرأس، يتأخر في الجلوس والحبو والمشي، ويصاب بفقر دم مع ازدياد الالتهابات القصبية الرئوية.
    - الرأس: من العلامات الباكرة التابس القحفي craniotabes، ويكشف بالضغط بقوة على العظم القفوي أو الجداري الخلفي فيحدث انخفاض يزول برفع الضغط، وهو ما يسمى علامة كرة الطاولة (البينغ بونغ)، قد يغيب التابس القحفي قبل نهاية السنة الأولى من العمر مع استمرار الرخد. يكون اليافوخ الأمامي أوسع من الطبيعي ويتأخر انغلاقه إلى ما بعد السنة الثانية من العمر، ويتبارز العظمان الجبهي والجداري فتتشكل حدبة جبهية فيأخذ الرأس شكل العلبة، ويكون حجمه أكبر من الطبيعي وقد يستمر ذلك مدى الحياة، كما يتأخر بزوغ الأسنان الدائمة مع حدوث خلل في الميناء ونخر سني واسع.
    - الصدر: تجس عقيدات كحبات السبحة ناجمة عن تضخم الغضاريف في مناطق الوصل القصي الضلعي، وقد تكون مرئية للعين أيضاً. يتبارز القص إلى الأمام ويسبب تشوهاً (صدر الحمامة) كما يحدث انخفاض للداخل على طول الحافة السفلية للأضلاع يدعى بتثلم هاريسون مع غؤور الحفرة الخنجرية (أسفل القص).
    - العمود الفقري: من الشائع حدوث درجة خفيفة إلى معتدلة من الجنف scoliosis والحداب kyphosis، وقد يظهر قعسlordosis في الناحية القطنية بوضعية الوقوف.
    - الحوض: يتضيق مدخل الحوض ومخرجه بسبب التشوهات العظمية التي قد تكون دائمة وتؤدي لاحقاً في النساء إلى عسرات الولادة.
    - النهايات: يصبح اتساع المشاش في المعصمين وعنقي القدم (النهايات السفلية للزند والكعبرة وعظم الفخذ والشظية)، واضحاً للعيان باستمرار الحدثية الرخدية، ويؤدي نقص تكلس العظام خاصة بعد بدء الطفل بالوقوف والمشي إلى تقوسات بالطرفين السفليين وتبدلات في الركبتين فيحدث الروح والفحج.
    - الأربطة والعضلات: تظهر الحدبة الرخدية في الناحية الظهرية والقطنية عند الجلوس وتزول بالاضطجاع بسبب رخاوة العضلات والأربطة، كما يتبارز البطن بسبب وهن عضلات الجدار وتتسع حركة المفاصل.
    - التكزز الرخدي: قد يترافق الرخد الشديد بتكزز نقص الكلس الذي يظهر سريرياً بتشنج في اليدين والقدمين والحبال الصوتية، وقد تحدث نوب اختلاجية تالية لنقص الكلس أيضاً.
    التشخيص
    يعتمد التشخيص على قصة عدم تناول كمية كافية من الفيتامين د، أو نقص التعرض للشمس كما يعتمد على المظاهر السريرية. ويتم تأكيدها مخبرياً وشعاعياً.
    - مخبرياً: يكون كلس المصل طبيعياً أو ناقصاً، وينقص فوسفور المصل، وترتفع الفوسفاتاز القلوية، كما ينقص 25 هيدروكسي فيتامين د في المصل.
    - شعاعياً: يكون التشخيص الباكر للرخد الفعال أفضل ما يكون في المعصم، لأن التبدلات المميزة في نهاية الزند والكعبرة تحدث في المراحل الباكرة. تتسمك المنطقة الغضروفية ويزداد عرض النهاية البعيدة لجسم العظم، فتبدو متسعة ومقعرة ومهترئة وتنقص كثافة جسم العظم.
    الوقاية
    تكون الوقاية بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية بشكل كافٍ، وبالمحافظة على غذاء يحوي مشتقات الحليب واللحم، أو بإعطاء فيتامين د. والحاجة اليومية هي 10مكغ = 400 وحدة. يجب إعطاء فيتامين د يومياً لكل الولدان الخُدَّج أو للذين يرضعون من أمهات لا يتعرضن للشمس، كما يجب إعطاؤه للحوامل والمرضعات.
    إن معظم أنواع حليب البقر وأشكال حليب الأطفال المتوافرة تجارياً مقواة بفيتامين د.
    العلاج
    تكون المعالجة بإعطاء فيتامين د بجرعة 50 إلى 150مكغ فيتامين د3 يومياً أو 0.5 إلى 2مكغ من 1 إلى 25 ديهيدروكسي فيتامين د يومياً. يمكن استخدام جرعة عالية وحيدة = 15.000مكغ. تخفض الجرعة بعد الشفاء إلى 10مكغ في اليوم كجرعة داعمة. يستجيب المرضى بسرعة ويبدأ ظهور الشفاء خلال 2 إلى 4 أسابيع على الأشعة. فيتحسن المظهر الشعاعي، ويتجلى ذلك بظهور خط التعظم البدئي الذي ينفصل عن النهاية البعيدة للعظم بمنطقة ناقصة الكثافة هي منطقة النسيج المشبه بالعظم، ومع تطور الشفاء وتكلس هذا الأخير ينمو الجسم نحو خط التكلس إلى أن يتحد به.
    يعود الكلس والفوسفور إلى حدهما السويين بسرعة وتنخفض الفوسفاتاز القلوية عند شفاء العظم، ويمكن عندها إيقاف فيتامين د أو إنقاصه إلى المستوى الداعم الوقائي. قد يحتاج المرضى المصابون برخد تالٍ لسوء الامتصاص أو أمراض كبدية مزمنة إلى جرعات أعلى من فيتامين د أو مستقلباته الفعالة.
    الأشكال الأخرى للرخد
    عندما يفشل المريض في الاستجابة للعلاج بفيتامين د، تبرز الحالات النادرة غير الناجمة عن العوز البسيط لفيتامين د، ومنها:
    ـ الرخد ناقص الفوسفات: وهو خلل وراثي في عَوْد امتصاص الفوسفات من الأنابيب الكلوية.
    ـ الخلل الوراثي في خميرة 1-ألفا هيدروكسيلاز، وهو الرخد المرتبط بفيتامين د نمط I.
    ـ مقاومة الأعضاء النهائية لـ 1-25 ديهيدروكسي فيتامين د، وهو الرخد المرتبط بفيتامين د نمط II.
    ـ العوز الوراثي للفوسفاتاز القلوية.
    الإنذار
    يبدأ الشفاء خلال أيام من استعمال كمية كافية من فيتامين د، ويتطور ببطء حتى يعود التعظم إلى حالة سوية، وفي حالات عديدة يختفي تشوه الأطراف والأضلاع واتساع المشاش والجمجمة بعد أشهر أو سنوات، حتى إن تقوس الساقين قد يزول خلال سنوات بدون جراحة. لكن قد تكون التبدلات دائمة في الحالات المتقدمة.
    ليس الرخد مميتاً بحد ذاته، ولكن المضاعفات والأخماج كذات الرئة والتهاب الأمعاء قد تكون سبب الوفاة.
    نسمة كراوي

  2. #622
    الركبة (تشريح وتعداد أمراض ـ)

    الركبة knee قسم من الطرف السفلي يقع بين الفخذ والساق. وتتكون أساساً من مفصل الركبة knee joint، ومن أقسام رخوة ذات صلة بعمل المفصل. تمثل الركبة أنموذجاً بكرياً من المفاصل الزلالية، غير أن الحركات البكرية يرافقها انزلاق والتفاف مع دوران حول محور قائم. وعلى الرغم من أن مفصل الركبة متين البنية فإن وظيفته تضعف في حالة البسط المفرط (مثلاً في الرياضات التي فيها احتكاك). وتشمل دراسة تشريح مفصل الركبة دراسة السطوح المفصلية والمحفظة والأربطة والحركات والأجربة المحيطة بالمفصل. وهذا المفصل عرضة إلى أذيات وأمراض قابلة للعلاج.
    السطوح المفصلية لمفصل الركبة
    تتصف سطوح مفصل الركبة بكبرها وأشكالها المعقدة؛ وتضم الركبة ثلاثة مفاصل: مفصلاً إنسياً، ومفصلاً وحشياً ما بين الفخذ ولقمتي الظنبوب، ومفصلاً متوسطاً ما بين الرضفة والفخذ، ويسمى أيضاً المفصل الرضفي الفخذي. يطلق على السطحين الأملسين للظنبوب اللذين تتمفصل معهما لقمتا الفخذ الإنسية والوحشية اسم الطبقين الظنبوبيين. ولا دخل للشظية في مفصل الركبة.
    مفصل الركبة ضعيف نسبياً من الناحية الميكانيكية بسبب شكل السطوح المفصلية. ويعتمد ثبات مفصل الركبة على: قوة العضلات المحيطة وأوتارها وأفعالها. والأربطة التي تربط الفخذ بالظنبوب.
    والعضلات هي الأكثر أهمية من بين هذه العوامل الداعمة؛ لذلك يمكن الوقاية من كثير من الأذيات الرياضية فيما لو اتخذت بعض الاحتياطات المناسبة وأجري التدريب اللازم.
    أهم عضلة في ثبات مفصل الركبة هي العضلة مربعة الرؤوس الفخذية quadriceps femoris. ويعود مفصل الركبة للقيام جيداً بعمله بعد تمطط الأربطة إذا مُرِّنت مربعة الرؤوس جيداً.
    المحفظة المفصلية لمفصل الركبة
    المحفظة المفصلية المغلفة للمفصل رقيقة، وهي ناقصة في بعض المناطق. أما المحفظة الليفية fibrous capsule فقوية ترتبط في الأعلى بالفخذ قرب الحواف المفصلية للقمتين، وترتبط في الأسفل بالحافة المفصلية للظنبوب، وتؤدي الرضفة والرباط الرضفي دور المحفظة في الأمام.
    يبطن الغشاء الزليلي synovial membrane الوجه الداخلي للمحفظة الليفية، ويرتبط بمحيط الرضفة وحواف الهلالين اللذين هما قرصان غضروفيان ليفيان متوضعان بين سطوح الفخذ والظنبوب المفصلية. يمتد جوف مفصل الركبة فوق مستوى الرضفة باسم الجراب فوق الرضفي suprapatellar bursa الذي يتوضع إلى العمق من العضلة مربعة الرؤوس الفخذية.
    أربطة مفصل الركبة خارج المحفظة
    تقوي المحفظة الليفية خمسة أربطة من خارجها هي: الرباط الرضفي، والرباط الجانبي الشظوي، والرباط الجانبي الظنبوبي، والرباط المائل المأبضي، والرباط المقوس المأبضي. وتوصف هذه الأربطة بأنها خارجية تمييزاً لها من الأربطة الداخلية مثل الرباطين المتصالبين.
    ـ الرباط الرضفي patellar ligament: هو القسم البعيد من وتر العضلة مربعة الرؤوس الفخذية، وهو شريط ليفي قوي وسميك يمتد من ذروة الرضفة إلى الأحدوبة الظنبوبية، وهو الرباط الأمامي لمفصل الركبة.
    ـ الرباط الجانبي الشظوي fibular collateral ligament: رباط قوي على شكل حبل مدور يمتد نحو الأسفل من اللقمة الفخذية الوحشية إلى الوجه الوحشي لرأس الشظية.
    ـ الرباط الجانبي الظنبوبي tibial collateral ligament: شريط مسطح قوي يمتد من لقمة الفخذ الإنسية إلى لقمة الظنبوب الإنسية. وتكون الألياف العميقة لهذا الرباط في منتصفه مرتبطة ارتباطاً متيناً بالهلال الإنسي. الرباط الجانبي الظنبوبي أضعف من الرباط الجانبي الشظوي وأكثر عرضة للأذية. وينجم عن ذلك أن الرباط الجانبي الظنبوبي والهلال الإنسي يتمزقان كثيراً في رياضات الاحتكاك مثل كرة القدم.
    ـ الرباط المائل المأبضي والرباط المقوس المأبضي: رباطان يقويان المحفظة الليفية من الخلف.
    منظر خلفي للركبة5
    منظر أمامي لمقطع إكليلي في الركبة اليمنى6

    أربطة مفصل الركبة داخل المحفظة
    تتألف الأربطة داخل المحفظة لمفصل الركبة من الرباطين المتصالبين والهلالين.
    يصل الرباطان المتصالبان cruciates ligaments ما بين الفخذ والظنبوب، وهما يتصالبان ضمن المحفظة المفصلية لكن خارج الجوف المفصلي. يقع الرباطان المتصالبان في مركز المفصل ويصالب كل منهما الآخر بشكل مائل على شكل حرفX، ويزيدان بذلك درجة ثبات مفصل الركبة.
    الرباط المتصالب الأمامي هو الأضعف من بين الرباطين المتصالبين، والرباط المتصالب الخلفي هو الأقوى.
    هلال مفصل الركبة menisci of the knee joint صفيحتان هلاليتان من غضروف ليفي واقعتان على السطح المفصلي للظنبوب فيعمقان هذا السطح ويعملان كمخَمِّدين للصدمات. الهلال الإنسي medial meniscus شكله كحرف C، والهلال الوحشي حلقي تقريباً وأصغر من الهلال الإنسي وأكثر قابلية للحركة.
    حركات مفصل الركبة
    القبض والبسط هما الحركتان الرئيستان في الركبة؛ ويحدث بعض الدوران حين تكون الركبة بوضعية القبض. حين تكون الركبة بحالة بسط تام تنعقل الحركة.
    الأجربة حول مفصل الركبة
    توجد حول الركبة أجربة كثيرة (12 أو أكثر) نظراً لأن الأوتار تسير موازية للعظام، مما يجعل الشد الذي تمارسه إبان حركات المفصل طولانياً. يوجد أيضاً تحت الجلد جرابان أمام الرضفة وتحت الرضفة، وهما يمكّنان الجلد من التحرك بحرية في أثناء حركات الركبة. هنالك أربعة أجربة تتصل مع الجوف الزلالي لمفصل الركبة وأهمها الجراب فوق الرضفة suprapatellar bursa وهو جراب كبير، وله أهمية خاصة لأن الخمج فيه يمكن أن ينتشر إلى جوف الركبة.
    أذيات مفصل الركبة
    أذيات مفصل الركبة شائعة لأن الركبة مفصل متحرك وحامل لوزن الجسم ويعتمد ثباته على أربطة المفصل وعضلاته. وهذا المفصل أساسي في الفعاليات اليومية مثل الوقوف والمشي وصعود الدرج. كما أنه مفصل رئيسي في الرياضات التي تتطلب الجري والوثب والتسارع وتغيير الاتجاهات. وهذا يجعله عرضة للإصابات في أشكال مختلفة من الرياضات. أكثر إصابات الركبة شيوعاً في رياضات التماس هي الوثي الرباطي Ligament sprain الذي يحدث عندما تكون القدم مثبتة على الأرض. إذا طُبَّقت القوة على الركبة وكانت القدم غير قادرة على الحركة فمن الممكن حدوث أذيات في الأربطة. إن انقطاع الرباط المتصالب الأمامي، والذي هو أحد أكثر أذيات الركبة مصادفة في حوادث التزلج على سبيل المثال، تسمح للظنبوب بالانزلاق على الفخذ نحو الأمام. أما انقطاع الرباط المتصالب الخلفي فيمكن أن يحدث حين يتكئ اللاعب على الأحدوبة الظنبوبية والركبة مثنية (مثلاً حين الارتطام بالأرض في كرة السلة). يمكن لهذه الإصابات أن تحدث أيضاً في الاصطدامات المباشرة عند عدم استخدام حزام الأمان وارتطام الظنبوب بلوحة السيارة.
    - التهابات الأجربة في منطقة الركبة bursitis in the knee region: التهاب الجراب أمام الرضفي هو التهاب جراب احتكاكي ناجم عن الاحتكاك بين الجلد والرضفة. ومع ذلك يمكن للجراب أن يتأذى بوساطة قوى ضاغطة ناجمة عن صدمة مباشرة أو السقوط على ركبة مثنية. حين يكون الالتهاب مزمناً ينتبج الجراب بالسائل ويشكل تورماً في الركبة.
    ينجم التهاب الجراب تحت الرضفي العميق عن الاستخدام المفرط وبالتالي الاحتكاك بين الوتر الرضفي والبنى الواقعة خلفه ويتظاهر بانتباج بين الرباط الرضفي والظنبوب. يمكن أن تؤدي الجروح الساحجة أو النافذة إلى التهاب الجراب فوق الرضفي suprapatellar bursitis بسبب دخول الجراثيم إلى الجراب من الجلد المصاب.
    - الكيسات المأبضية popliteal cysts: الكيسات المأبضية هي فتوق من الغشاء الزلالي لمفصل الركبة ممتلئة بسائل. وهي شائعة لدى الأطفال لكن نادراً ما تسبب أعراضاً، أما في البالغين فيمكن أن تكون كبيرة، وقد تؤثر في حركات الركبة.
    - تشوهات الركبة knee deformities: إن التلف والتمزق في مفصل الركبة جزء من سياق تقدم العمر الطبيعي، على الرغم من أن التهاب العظم والمفصل يسرعان التلف التنكسي وتمزق الأهلة. ينجم التهاب العظم والمفصل عادة عن عامل مؤهب مثل التشوه أو الأذية.
    تنجم الركبة الروحاء genu valgum والركبة الفحجاء genu varum عن انحراف الظنبوب عن الخط الناصف. ففي الركبة الفحجاء يكون الظنبوب منقلباً نحو الإنسي، وفي الركبة الروحاء يكون الظنبوب منقلباً نحو الوحشي، وتسبب هذه التشوهات توزيعاً غير عادل للوزن، ويمكن لهذه التشوهات أن تصحح جراحياً.

    - تبديل مفصل الركبة knee replacement: إذا شمل المرض كامل مفصل المريض، بسبب التهاب العظم والمفصل على سبيل المثال، يمكن تركيب مفصل ركبة صنعي (استبدال كامل المفصل). تتألف الركبة الصنعية من مكونين معدني ولديني يغرسان في النهايات العظمية. إن ترافق المعدن واللدينة يقلد نعومة غضروف على غضروف ونتائجه جيدة في الأشخاص اللذين يعيشون حياة ساكنة. أما الأشخاص اللذين يمارسون الرياضة فإن الاتصال العظمي الإسمنتي يمكن أن يغور وينكسر.
    تنظير مفصل الركبة arthroscopy of the knee joint
    منظار المفاصل أداة تشخيصية وجراحية تسمح برؤية باطن الجوف المفصلي، وتسمح هذه التقانة باستئصال الأهلة المتمزقة والأجسام المنفصلة في المفصل، مثل التشظيات والبقايا العظمية وكذلك الأجسام الغضروفية المفصلية الميتة في المراحل المتقدمة من التهاب المفصل. ومن الممكن إجراء التنظير المفصلي باستخدام التخدير الموضعي إلا أن التخدير العام أفضل.
    يوسف مخلوف

  3. #623
    الرُهـاب والهلع

    الرهاب أو الخوف المرضي phobia حالة تتجلى بخوف مفرط ملّح لا عقلاني الطابع، تظهر حين مواجهة المرهوب أو مصادفته شيئاً معيناً أو موقفاً حياتياً ليس فيه ما يعرضه للخطر. يتزايد قلق المريض كلما اقترب من الموقف الذي يخيفه، ويتراجع الخوف حينما يبتعد عن الموقف، لذا يلاحظ أن المريض يتجنب دوماً ما يخيفه ويبتعد عن مواجهته.
    تدخل اضطرابات الرُهاب المختلفة في تصنيف اضطرابات القلق anxiety disorders وتتسم السمات المميزة لاضطرابات الرُهاب بأنها موقفية situational، أي لا يظهر الخوف إلا في مواقف معينة من أشياء معينة، ويكون الرهاب مصحوباً باضطراب الهلع (أو الجزع) panic disorder أو من دونه. والهلع هو حدوث فزع طاغ لا يستطيع الفرد السيطرة عليه يصاحبه نشاط شديد في الجملة العصبية المستقلة يتجلى بالدوام (دوار) dizzness، وتسرع القلب، وشحوب الوجه، والرُعاش، والنزوع نحو التقيؤ، والتبوال أو التغوط. يحدث الفزع فجاءة وعلى نحو غير متوقع، وتحُّد عادة نوب الهلع ذاتها بنفسها وتدوم النوبة عدة دقائق أو ساعات. وفي مدة النوبة يصعب على المريض السيطرة على ضبط الذات أو إبعاد الأفكار الكارثية. يجوب المريض في حالة الهلع أحياناً الطرقات تائهاً فاقد التوجه والهدف. ومن أعراضه أيضاً الاحساس بالانقطاع عن المحيط وفقدان الاحساس بالواقعderealisation. ويترك الهلع المصاب به منهكاً وواهناً.
    قد يظهر اضطراب الهلع مع رهاب الخلاء أو الساح، ففي حال ظهوره معه يسمى الهلع المصحوب برهاب الساح panicdisorder with agoraphobia وفي حال عدم ظهوره معه يسمى الهلع غير المصحوب برهاب الساح panic disorder withoutagoraphobia.
    أما معايير تشخيص اضطراب الهلع فهي:
    أ ـ نوبات غير متوقعة. لا تحدث نتيجة تعرض الفرد لموقف يبعث القلق، ولا تتحرض بفعل مواقف يجلب الفرد فيها انتباه الناس إليه.
    ب ـ تحدث عادة أربع نوبات في أربعة أسابيع، يتبعها حدوث نوبة أو أكثر في زمن لا يقل عن شهر واحد أو قد يشعر المريض بخوف مستمر يحرض حدوث نوبة أخرى.
    وتلاحظ على الأقل أربعة من الأعراض الآتية في أثناء نوبة الهلع وهي: زِلة تنفسية (ضيق النفس) أو احساس بالاختناق، ودُوام غير مستقر أو غشي (فقدان الوعي)، وخفقان قلب أو تسرعه tachycardia، ورجفان، وتعرق، وغثيان أو ضائقة بطنية (انزعاج في البطن)، واحساس بالاغتراب عن المحيط أو فقدان الشعور بالواقع derealization، وخدر حسي أو مذل، واحساس بهبات حرارة في الوجه، وألم في الصدر أو انزعاج، وخوف من الموت، وخوف من الإصابة بالجنون أو القيام بأفعال خارجة عن السيطرة الإرادية.
    ج ـ يشترط ألا يكون سبب نوبة الهلع وجود عامل عضوي حرض النوبة أو أبقى استمرار الاضطراب، كتناول الأمفيتامين، والانسمام بالكافيئن، أو وجود فرط أفراز درق.
    د ـ تظهر أعراض الهلع فجاءة في 10 دقائق من بداية أول عرض وتكون مصحوبة بخوف شديد، أو رعب واحساس بحدوث كارثة أو مصيبة وشيكة الوقوع. وتدوم نوبة الهلع عادة عدة دقائق ونادراً ما تستمرعدة ساعات.
    إن الأكثرية العظمى من حالات اضطراب الهلع تلاحظ في بعض أعراض رهاب الساح agoraphobia. ورهاب الساح هو الخوف من أن يكون الفرد المريض في أمكنة أو مواقف اجتماعية يصعب عليه الفرار منها ولا يتوافر في هذه الأمكنة تقديم العون له. ونتيجة للخوف من هذا الأمر، إما أن يفرض هذا الخوف عليه قيوداً حين السفر، أو أن يحتاج إلى من يصاحبه حينما يبتعد عن داره، أو حينما يريد الذهاب لقضاء حاجاته. وليس سبب رهاب الساح اكتظاظ الناس كما هو الأمر في الأسواق وسيارات النقل ولكن السبب هو الخوف من أن تباغته نوبة هلع يصعب عليه الفرار فيها من الزحام طلباً للعون والإسعاف الطبي. لذلك يقترن عند المريض اكتظاظ الناس في الأسواق والساحات مع الخوف من نوبة الهلع. لهذا يتجنب ركوب سيارات النقل العامة والأمكنة المزدحمة.
    إن أعراض الهلع البدنية تصاحبها في رهاب الساح، الأفكار الكارثية (الخوف من توقف القلب، أو الاختناق، أو فقدان الوعي وغيرها من الأعراض البدنية)، وهذه الأفكار هي التي تفجر نوبة الهلع لدى المصاب.
    غالباً ما يشعر المريض في نوبات الهلع بدرجات مختلفة من العصبية، ومن الخوف من شر مرتقب وشيك الوقوع، أي ما يسمى القلق التوقعي expectory anxiety وغالباً ما يترافق الاكتئاب مع الهلع. ولابد من التنويه أن الهلع هو الاضطراب المصحوب برهاب الساح ولا يكون كالاضطراب المستقل غير المرتبط بتحريض خارجي، أي لكيان مرضي مستقل.
    أنواع الرهاب
    هناك ثلاثة أنواع رئيسة للرهاب هي: رهاب الساح غير المصحوب بنوب هلعية، والرهاب الاجتماعي social phobia، والرهاب البسيط simple phobia.
    1ـ رهاب الساح من دون اضطراب هلع سابق: إن الصورة الجوهرية لهذا الاضطراب هي عدم معاناة المريض لقصة هلع سابقة. ويمكن تعريف رهاب الساح بخوف المريض من وجوده في أماكن أو مواقف معينة حيث يجد صعوبة في الهرب من تلك الأماكن أو المواقف، التي قد لا يتوافر فيها العون أو الإسعاف الطبي (العيادات أو المستشفيات) إذا ما تعرض لنوبة هلع غير متوقعه ومفاجئة بأعراضها المثيرة للخوف الشديد والشالة لقدراته البدنية.
    وكنتيجة لمثل هذا الخوف الشال يصبح المريض متخوفاً من السفر أو مغادرة داره وحيداً إلا بصحبة فرد أو أفراد يطمئن إلى قدرتهم على إسعافه إذا تعرض لنوبة هلع في أثناء وجوده في أماكن مزدحمة بالناس، أو ركوب سيارات نقل، أو حين السفر بسيارته الخاصة، أو دخوله في نفق أو وقوفه على جسر. ويخاف المريض عادة من أن يتعرض لنوبة فيها أعراض بدنية محدودة، ولكنها تأخذ بالتعاظم فتحرض عنده الأفكار الكارثية؛ كأن يخاف من فقدانه الوعي أو الجنون، أو التبول أو التغوط بفعل الخوف، أو السقوط، أو فقدان احساسه بالواقع أو اغترابه عن المحيط الذي حوله وانفصاله عنه، أو الموت بتوقف القلب. وفي بعض الحالات يكون المريض قد تعرض لمثل هذه الأعراض في الماضي، وبذلك يصبح مشغولاً بمخاوف حدوثها (الخوف التوقعي). وفي حالات أخرى، لا يكون الفرد قد تعرض لهذه الأعراض، ولكن مع ذلك يخاف من العَرَض الذي يمكن أن يظهر وبالتالي يشله أو يزعجه كثيراً. وفي عدد قليل من الحالات يخاف المريض من العجز، ولكنه يعجز عن تحديد ماهية العَرَض الذي يخيفه.
    ويظهر الاضطراب عموماً في العشرينات أو الثلاثينيات من العمر ويدوم عدة سنوات، أما التأذي فيكون على المستوى السريري شديداً، وتظهر المضاعفات في بعض الأشخاص بعد اضطراب الهلع، ودرجة شيوعه على مستوى النماذج السريرية نادر. أما معدلات الإصابة فيه فهي في النساء أكثر منها في الرجال.
    2ـ الرهاب الاجتماعي social phobia: تظهر الصورة الجوهرية لهذا الاضطراب في خوف مستمر إزاء موقف أو أكثر من المواقف الحياتية التي يتعرض فيها الفرد إلى تقييم وتفحص من قبل الآخرين ويخاف من أن يفعل شيئاً أو يتصرف بطريقة يكون فيها موضع التحقير والانزعاج.
    يتجلى الخوف الرهابي الاجتماعي بمظاهر متعددة؛ كالخوف من عجز المريض عن الاستمرار في الكلام أمام الجمهور، والشعور بالاختناق عندما يأكل أمام الآخرين، والعجز عن التبول في المراحيض العامة، ورجفان يده عند الكتابة بوجود الآخرين (الإحساس بالمراقبة) وفي حالات أخرى قد تتضمن المخاوف الرهابية الاجتماعية مواقف أخرى مثل الخوف من قول أشياء سخيفة، أو العجز عن الإجابة عن أسئلة في مواقف اجتماعية.
    يتم تشخيص الرهاب الاجتماعي إذا تدخل السلوك التجنبي عند الفرد فأعاق الوظيفة المهنية، أو النشاطات الاجتماعية العادية، أو العلاقات بين الأفراد مع الآخرين.
    غالباً ما يبدأ الاضطراب في الظهور في الطفولة المتأخرة أو في بداية المراهقة، ويكون الاضطراب عادة مزمناً، وقد يتأزم إذا سبب القلق إعاقة لأداء الفرد في الموقف المثير للخوف، وإذا لم يكن الاضطراب شديداً، فمن النادر أن يكون محدثاً للعجز على الرغم من حدوث بعض التأذي بالوظيفة المهنية أو في النشاطات الاجتماعية أو في العلاقات مع الآخرين.
    يميل الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب إلى تعاطي الكحول أحياناً أو تعاطي الأدوية المضادة للقلق، أو البربيتورات.
    إن الرهاب الاجتماعي الذي تظهر أعراضه في الخوف من تناول الطعام أمام الناس، والكتابة أمام الآخرين، أو استخدام المراحيض العامة هو نوع نادر نسبياً. أما الرهاب الذي تظهر أعراضه في الخوف من الكلام أمام الجمهور والخوف الاجتماعي الذي يتضمن الخوف المعمم، أو الخوف من معظم المواقف الاجتماعية، فهو النوع الشائع. والخوف الرهابي أكثر شيوعاً عند الذكور منه عند الإناث.
    3ـ الرهاب البسيط simple phobia: تميز هذا النوع من الرهاب بالخوف الموقفي (نسبة إلى الموقف) المستمر من شيء أو موقف وليس الخوف من أن يتعرض لنوبة هلع أو الإحساس بالإذلال أو الانزعاج الشديد في بعض المواقف الاجتماعية (مثل الرهاب الاجتماعي) وأحياناً يسمي الرهاب البسيط بالرهاب النوعي. إن الرهاب البسيط الأكثر شيوعاً عند عامة الناس، هو الخوف من الحيوانات، وبخاصة الكلاب، والأفاعي والحشرات والفئران. وهناك أنواع أخرى من الرهاب البسيط مثل الخوف من مشاهدة الدم أو الإصابات النازفة، والأماكن المغلقة والخوف من الارتفاعات والسفر بالطائرة.
    إن التعرض للرهاب البسيط يثير دوماً استجابة قلق آنية. مثلاً إن اجبار الفرد الذي يخاف من القطط على الاقتراب من القطة سرعان ما يحدث عنده استجابة قلق آنية فيصاب بالتعرق وتسرع قلب، وزلة تنفسية. يتم تشخيص الرهاب البسيط لدى الفرد إذا كان السلوك التجنبي لديه يعيق من وظيفته الحياتية السوية أو يعرقل نشاطاته الاجتماعية وعلاقاته مع الآخرين، أو إذا لوحظ أنه يعاني من كرب.
    يبدأ رهاب الحيوانات غالباً في سن الطفولة، أما الرهاب الناجم عن رؤية الدماء النازفة فيظهر في المراهقة أو في بداية سن الرشد ويظهر رهاب الارتفاعات، والأماكن المغلقة، والسفر بالجو غالباً في العقد الرابع من العمر.
    يزول معظم الرهاب البسيط الذي يظهر في الطفولة من دون معالجة، أما الرهاب الذي يستمر حتى سن الرشد فنادراً مايشفى من دون معالجة.
    ويكون التأذي في حده الأدنى إذا كان الشيء الذي يثير الرهاب نادر الحدوث ويمكن تجنبه بسهولة، مثل الخوف من الأفاعي عند الفرد الذي يعيش في المدينة. يكون التأذي كبيراً إذا كان الشيء المثير للرهاب موجوداً وشائعاً ولا يمكن تجنبه، كالخوف من المصاعد الكهربائية في المدن التي لابد من استخدام المصاعد فيها.
    المعالجة
    على مستوى الطب النفسي تعالج كافة أنواع الرهاب بالأدوية المضادة للاكتئاب والخوف وحصراً الأدوية ذات الحلقة الثلاثية كيمياوياً التي لها تأثير على الناقل العصبي السيروتونين مثل توفرانيل وكلوبيرامين tofranil clopiramine. كما أن مثبطات أحادي الأمينات monoamine oxydase inhibitor (M.A.O.I) يستطب بها في الهلع والرهاب. وتوصف المهدئات الصغرى إضافة إلى تلك الأدوية مثل مركبات البنزوديازيبينات للسيطرة على القلق التوقعي الذي يصاحب هذه المخاوف عادة.
    وحديثاً تستعمل الأدوية التي تسمى SSRI أي مثبطات إعادة اختزان السيروتونين في عصبونات الدماغ ذات الخاصية المضادة للاكتئاب والرهاب والوسواس معاً. ولا يفيد العلاج النفسي التحليلي في هذا النوع من الاضطراب الإفادة المرجوة إضافة إلى مدة العلاج والتكلفة العلاجية الباهظة.
    إن العلاج الحديث المتمثل بالعلاج السلوكي المعرفي هو العلاج الأمثل والفعال في الممارسات السريرية في البلاد الانكلوساكونية. ويتميز بقصر مدة العلاج ونسبة النجاح العالية التي تصل إلى 90% من الحالات وقلة تكلفة المعالجة.
    وغالباً ما تشرك المعالجة الدوائية مع العلاج النفسي السلوكي المعرفي.
    محمد الحجار

  4. #624
    الزائدة الدودية

    تعد الزائدة الدودية appendix vermicularis الجزء القاصي الضامر من الأعور الذي يؤلف بداية الأمعاء الغليظة في البطن. ويختلف طولها بين شخص وآخر، ويراوح في معظم الزوائد بين 6 و 9سم، ويشبه شكلها الدودة. تتألف الزائدة الدودية مثل باقي أقسام الأمعاء من طبقة خارجية مصلية تليها طبقة عضلية، ثم طبقة تحت مخاطية تحوي كمية كبيرة من تجمعات لمفاوية، وبعد ذلك طبقة مخاطية. كان يعتقد خطأ أن ليس للزائدة فائدة تذكر، وسميت لذلك بالزائدة (أي لا ضرورة لها)، ولكن أصبح من المعروف اليوم أنها عضو مناعي يتواسط بشكل فعال في إفراز الغلوبولينات المناعية، والنسيج اللمفاوي الموجود فيها يؤلف جزءاً من النسيج اللمفاوي المرافق لباقي أجزاء المعي، بيد أن وظيفتها ليست ضرورية ولا يؤدي استئصالها إلى تأذي المناعة.
    تتوضع الزائدة الدودية في الحفرة الحرقفية اليمنى (الربع السفلي الأيمن من البطن) في معظم الحالات، ولكن قد تكون لها توضعات معيبة نادرة في المراق الأيمن (الربع العلوي الأيمن من البطن) أو الأيسر أو الحفرة الحرقفية اليسرى وذلك حسب درجة دوران الأعور في أثناء الحياة الجنينية.
    يعد التهاب الزائدة الدودية واحداً من أكثر الأمراض الجراحية الحادة انتشاراً، وتكون نسبة حدوثه لدى الذكور أكثر من الإناث 1.3/1 وخاصة في مرحلة البلوغ وبنسبة تبلغ نحو 52 حالة في كل 100.000 نسمة.
    إن أسباب الالتهاب غير واضحة تماماً ويعد انسداد لمعة الزائدة العامل الرئيسي لحدوث الالتهاب. وقد أظهرت الدراسات عند الأطفال عدم وجود فروق ملحوظة في الزمرة الجرثومية بين الزائدة الطبيعية والملتهبة التهاباً حاداً.
    يتظاهر التهاب الزائدة في البداية بآلام مبهمة متوسطة الشدة غير محددة التوضع في المنطقة حول السرة أو في الشرسوف (القسم العلوي المتوسط من البطن) يتلو ذلك قهم (95% من الحالات) وغثيان (75%) أو حتى قياء صريح. وعندما يتطور الالتهاب تظهر أعراض في الربع السفلي الأيمن من البطن وذلك في 4 إلى 6 ساعات وسطيا،ً حيث يتوضع الألم في الربع السفلي الأيمن من البطن ويصبح ثابتاً ومحدداً على نحو واضح يمكن أن يشير المريض إلى مكانه. يمكن أن يثار الألم بأي حركة للمريض، كما يمكن أن يثار بالسعال لذا يفضل المريض وضعية الاستلقاء مع درجة من انعطاف الفخذ الأيمن، وإذا تحرك فإنه يفعل ذلك ببطء وحذر شديدين تحاشياً لحدوث الألم لديه. أما العلامات التي ترافق التهاب الزائدة فهي المضض (إثارة الألم بالضغط) وأشد المناطق مضضاً هي النقطة التي وصفها ماك بورني والتي تتوضع عند التقاء الثلث الوحشي بالثلثين الأنسيين من الخط الواصل بين الشوك الحرقفي الأمامي العلوي (وهو الناتئ العظمي الذي يمكن جسه في القسم السفلي الوحشي من البطن) والسرة. ويحدث فرط في الحس الجلدي، ويظهر ترفّع حروري بسيط (0.5 إلى 1 درجة مئوية)، ويتلوه مخبرياً ارتفاع في تعداد الكريات البيض.
    إذا لم يشخص التهاب الزائدة الدودية ويعالج بالوقت المناسب فإن الحدثية الالتهابية تتفاقم، وتنثقب الزائدة الدودية مؤدية إلى التهاب صفاق (بريتوان) موضع عندما يقوم الثرب epiploon والعرى المعوية المجاورة للزائدة بتحديد الخمج ومنعه من الانتشار، وقد يتطور ذلك إلى تشكل كتلة في منطقة الزائدة مؤلفة من جدران الأعور والعرى المعوية المتوذمة التي تجمعت للإحاطة بالزائدة الملتهبة والمنثقبة لمنع حدوث التهاب الصفاق المعمم، وتسمى هذه الكتلة بالدرع الزائدي أو الفلغمون، أو يحدث التهاب صفاق معمم عندما لا يتمكن الثرب والعرى المعوية من تحديد الخمج ومنعه من الانتشار لأسباب عدة منها سرعة حدوث الانثقاب.
    تشبه الأعراض والعلامات في التهاب الزائدة تلك التي تشاهد في الكثير من الحالات الإسعافية الجراحية منها والداخلية.
    يصعب تشخيص التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال الصغار لصعوبة أخذ قصة سريرية دقيقة، ولترافق بعض علامات التهاب الزائدة (كالغثيان والقياء والألم البطني والإيلام) مع آفات خارج بطنية (كذات الرئة والتهاب الأذن الوسطى)، كما أن نسبة الوفيات والمراضة من التهاب الزائدة تكون أكبر عند المسنين بسبب تأخر التشخيص والتطور السريع للالتهاب نحو الانثقاب، أما عند الحوامل، ومع تقدم الحمل، يصبح التشخيص أكثر صعوبة بسبب انزياح الزائدة للوحشي والأعلى.
    إن العلاج المثالي في حال الاشتباه بالتهاب الزائدة هو استئصالها، وتعطى الصادات واسعة الطيف قبل الجراحة لتغطية الزمرة الجرثومية الإيجابية والسلبية الغرام واللاهوائيات.
    هناك ما يسمى بالتهاب الزائدة الناكس ويطلق عليه خطأ التهاب زائدة مزمن، وفي هذه الحالات يزول التهاب الزائدة سواء باستخدام الصادات أو دون ذلك ويتكرر هذا الأمر، ويشتكي المرضى الذين يصابون بهذا النوع من الالتهاب من آلام مزمنة أو متقطعة في الربع السفلي الأيمن من البطن.
    الخباثات في الزائدة نادرة وتشكل 0.5 إلى 1% من الزوائد المستأصلة وتكشف الأورام عادة مصادفة في أثناء فتح البطن أو مرافقة لالتهاب حاد في الزائدة الدودية.
    حمزة الأشقر

  5. #625
    الزرق

    تطلق تسمية الزرقglaucoma أو «الماء الأسود باللغة الدارجة» على مجموعة الأمراض العينية التي يرتفع فيها ضغط العين إلى درجة تؤدي إلى تأذي العصب البصري وتبدل الساحة البصرية.
    وينشأ ارتفاع الضغط هذا من إعاقة تصريف الخلط المائي المفرزمن الجسم الهدبي عبرالطرق المفرغة له. وللزرق أنواع ثلاثة:
    الزرق التطوري developmental glaucoma
    وينجم عن سوء تطور الجهاز المفرغ للخلط المائي مما يسبب ارتفاع ضغط العين منذ الولادة أو في أي وقت بعد ذلك.
    ويقسم الزرق التطوري إلى: الزرق الولادي البدئي، وهو الأكثر شيوعاً، والزرق المرافق للتشوهات الولادية العينية أو الجهازية، والزرق الثانوي المكتسب في الطفولة الأولى.
    يؤدي ارتفاع الضغط في السنوات الثلاث الأولى للحياة إلى كبر سريع في كرة العين، وكبر متزايد في القرنية وتغيمها، كما يتشكل تقعر في حليمة العصب البصري يكون قابلاً للتراجع إذا أعيد ضغط العين إلى حده الطبيعي من دون تأخير. وفي حال التأخر بالعلاج تصبح القرنية متكثفة على نحو دائم ويصبح التقعر شاملاً للحليمة.
    الفحص السريري: يجرى الفحص تحت التخدير العام، وفيه يقاس ضغط العين (الحد الأعلى الطبيعي 21ملم ز)، كما تقاس أقطار القرنية بالفرجار، فإذا كان قطر القرنية عند رضيع أكبر من 12مم فإن ذلك يدعو للشك بالإصابة بالزرق الولادي، وفي أثناء الفحص يتم تنظير زاوية الغرفة الأمامية، وفحص حليمة العصب البصري. ويعد تغيم القرنية وتشوهات القرنية والقزحية عوامل مهمة في التقويم.
    وفي الزرق الوحيد الجانب لابد من تحري سوء الانكسار وعلاج تدني القدرة البصرية الذي ينجم عن وجود فرق في خلل الانكسار بين العينين.
    أشكال الزرق التطوري:
    أ ـ الزرق الولادي البدئي: هو أكثر أشكال الزرق التطوري شيوعاً ويتميز بخلل في الجهاز المفرغ للخلط المائي دون مرض عيني أو جهازي مرافق، ويتظاهر بدماع وخوف من الضياء وتشنج الأجفان. ويكون ثنائي الجانب في 75% من الحالات، وتحدث 65% من الإصابات في الذكور، ويكشف أكثر من 80% من الحالات قبل عمر السنة. ولا يكون وراثياً في 90% من الإصابات، أما الباقي فيورث بشكل جسمي قاهر.
    ب ـ الزرق المترافق مع تشوهات ولادية: ويشاهد مرافقاً لأمراض متعددة كانعدام القزحية وبعض المتلازمات والتشوهات الصبغية، وبقاء الزجاجي البدئي، والحصبة، والبلورة الصغيرة الكروية، والقرنية الصغيرة.
    ج ـ الزرق الثانوي في الأطفال: يكون مكتسباً بسبب أمراض عينية أخرى وهي اعتلال الشبكية عند الخدج (خلفي القذال ROP) والأورام والالتهابات والرضوض.
    ويكون العلاج الأساسي للزرق الولادي البدئي والزرق المترافق مع تشوهات ولادية جراحياً .
    الزرق البدئي مفتوح الزاوية primary open angle glaucoma
    هو أشيع نوع للزرق عند البالغين. وهو مرض مكتسب يتسم بالصفات التالية: زاوية غرفة أمامية مفتوحة بتنظير الزاوية، وفقد تدريجي للخلايا العقدية الشبكية يتجلى باعتلال العصب البصري الوصفي للزرق (التقعر الزرقي)، وعتمات وصفية في الساحة البصرية، مع ارتفاع ضغط العين.
    يبدأ الزرق البدئي المفتوح الزاوية عادة بعد سن الأربعين ويصيب العينين. ولا يشكو المريض من أعراض في المراحل الباكرة والمتوسطة. أما التقعر وتبدلات الساحة البصرية فتتطور على نحو تدريجي، ويمكن للمريض في المراحل المتقدمة أن يلاحظ عتمة آخذة في الكبر. ويحدث في حال عدم العلاج فقد كامل للنسيج العصبي للحليمة مع زوال الساحة نهائياً وانعدام الرؤية فيوصف الزرق حينئذ بأنه مطلق absolute glaucoma.
    وهناك نوع آخر من الزرق البدئي مفتوح الزاوية هو الزرق الطبيعي التوتر، ويتميز عن الزرق البدئي المفتوح الزاوية التقليدي بأن ضغط العين يكون فيه طبيعياً.
    عوامل الخطورة: وتتضمن ارتفاع ضغط العين، والأعمار المتقدمة، والعرق الأسود، والقصة العائلية الايجابية للإصابة بالزرق. أما عوامل الخطورة الأقل أهمية فهي: حسر البصر، والداء السكري، وارتفاع الضغط الشرياني، والشقيقة.
    يرمي العلاج إلى تخفيض ضغط العين ويشمل:
    ـ العلاج الدوائي: هناك مجموعات دوائية متعددة لها تأثير خافض لضغط العين تستخدم بشكل قطرات موضعية.
    ـ العلاج بالآرغون ليزر لزيادة تصريف الخلط المائي.
    ـ العلاج الجراحي: ويرمي إلى زيادة تصريف الخلط المائي لخفض ضغط العين، وتزداد نسبة نجاح الجراحة باستخدام الأدوية المضادة للتليف. وفي حال فشل العمل الجراحي التقليدي يتم زرع الصمامات المفرغة للخلط المائي. وحين إخفاق هذه العلاجات كلها يمكن اللجوء لتخريب الجسم الهدبي بالتبريد أو بالكي بالليزر.
    ويجب متابعة مريض الزرق على الأقل من مرتين إلى أربع مرات سنوياً، ويعاد فحص الساحة البصرية كل 4 إلى 12شهراً.
    الزرق البدئي المغلق الزاوية primary closed angle glaucoma
    للزرق البدئي المغلق الزاوية ثلاثة نماذج سريرية هي: الزرق مغلق الزاوية الحاد، وتحت الحاد، والمزمن.
    أما العوامل المسببة لانسداد زاوية الغرفة الأمامية البدئي فتتضمن مايأتي:
    صغر حجم العين، وصغر قطر القرنية، وضحالة الغرفة الأمامية، وازدياد سمك العدسة، وضيق زاوية الغرفة الأمامية، والارتكاز الأمامي لجذر القزحية على الجسم الهدبي.
    تؤهب العوامل التشريحية هذه لانغلاق الزاوية، أما العوامل الأخرى الفيزيولوجية والدوائية فتؤدي إلى حدوث الانغلاق وظهور اتساع الحدقة، وهو من أهم العوامل المساهمة في انغلاق الزاوية في العيون المؤهبة تشريحياً، ويحدث هذا نتيجة الظلام أو الانفعال أو الأدوية الموضعية والجهازية الموسعة للحدقة، والمطابقة التي تؤدي لارتخاء الأربطة المعلقة للعدسة وتقدمها للأمام وتسمكها.
    تشخيص الزرق البدئي المغلق الزاوية وعلاجه:
    أ ـ الزرق الحاد المغلق الزاوية: يبدأ الزرق الحاد بألم حاد ومفاجئ في العين، وقد يمتد على مسير فروع العصب المثلث التوائم، ويمكن أن يترافق مع غثيان وإقياء.
    ويلاحظ بالفحص السريري أن الحدقة نصف متسعة غير متفاعلة مع الضياء، وهناك تدنّ شديد في القدرة البصرية مع خوف من الضياء واحتقان في الملتحمة. ويكون ضغط العين أعلى من 40ملم ز وقد يبلغ 70إلى 80ملم ز.
    ولدى فحص المريض بعد الزوال التلقائي للهجمة الحادة يمكن لضغط العين أن يكون منخفضاً نتيجة نقصان تشكل الخلط المائي. ويعود الضغط للارتفاع حالما يعود الخلط المائي للتشكل خلال ساعات إلى أسابيع بعد انتهاء الهجمة.
    ويجب البدء مباشرة بالعلاج الدوائي للزرق الحاد لخفض ضغط العين ومنع تأذي العصب البصري.
    وحالما يسيطر على الهجمة وينخفض الضغط وتتقبض الحدقة ينبغي الاستمرار بالعلاج الموضعي حتى يتم العلاج النهائي بالليزر أو الجراحة لمنع تكرر الهجمة.
    ب ـ الزرق المغلق الزاوية تحت الحاد: يشكو المرضى من هجمات متكررة من ألم عيني وتشوش رؤية، ورؤية هالات ملونة حول الأنوار تزول تلقائياً. وتظهر الأعراض مساءً عندما تتسع الحدقة نتيجة انخفاض الإضاءة مما يمهد لانغلاق الزاوية.
    إن العلاج الأكثر مناسبة هو خزع القزحية المحيطي بالليزر، كما يمكن تصنيع الزاوية بالآرغون ليزر. وفي حال عدم كفاية الطرائق السابقة على الرغم من قرنها بالأدوية المضادة للزرق، يلجأ للعلاج الجراحي.
    ج ـ الزرق المغلق الزاوية المزمن: يمكن أن يصادف كمرض مزمن صامت يقلد الزرق المفتوح الزاوية ويتطور في مدة طويلة من دون أعراض. ويرتفع فيه ضغط العين تدريجياً بمقدار يتناسب مع مقدار انغلاق الزاوية ، لذا لا تلاحظ أعراض الزرق الحاد كوذمة القرنية وغيرها. أما حليمة العصب البصري فتبدي درجات مختلفة من التقعر وذلك حسب مقدار ارتفاع الضغط والمدة التي انقضت عليه.
    تتبع خطوات العلاج في الزرق المغلق الزاوية المزمن مما تتبع في الزرق المغلق الزاوية تحت الحاد.
    أروى العظمة

  6. #626
    السّاد

    السّاد cataract هو تكثف العدسة وفقد شفافيتها. ويصنّف إلى: سادّ ولادي congenital cataract، وسادّ مكتسبacquiredcataract .
    السّاد الولادي
    هو كثافة منطقة محددة من العدسة تحدث في أثناء الحياة الجنينية أو بعد الولادة بزمن قصير. وتتصف الكثافة هنا بأنها ثابتة لا يزداد حجمها ويبقى ما يحيط بها شفافاً. تؤلف الوراثة 20% من حالات السّاد الولادي، وتنتقل بصفة سائدةdominant.
    مخطط ترسيمي لمقطع أفقي للعين
    يتطوّر السّاد في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل بعد إصابة الأم بالوردية الوافدةrubeol، أو بالتوكسوبلاسموز (داء المقوسات) وهو خمج يسببه طفيلي يصيب الإنسان والحيوان وينتقل إلى الجنين إن أصيبت الحامل به، ومن الأسباب الأخرى التي تسبب الساد الولادي تعرّض الأم في أثناء الحمل إلى الأشعة السينيةX-ray وكذلك التسمم بالنفتالين، والعوز الفيتاميني ولاسيما حمض الفوليك، والاضطرابات الاستقلابية metabolism كاستقلاب الحموض الأمينية واضطراب استقلاب السكاكر، وغالباً ما يكون هذا الساد ثنائي الجانب.
    أنواع الساد الولادي: يتنوع الساد الولادي بحسب توضع منطقة التكثف في العدسة إلى: قطبي أمامي anterior polar، وقطبي خلفي posterior polar، ودائري أو نطاقي zonular، ونقطي punctate، ونووي nuclear، ومغزلي fusiforme، وتاجي coronary، وتام.
    الأعراض: يلاحظ الأهل أو طبيب الأطفال الحدقة البيضاء عند المولود، وقد يلفت انتباه الأهل عدم تركيز الطفل على الأشياء المحيطة به.
    التشخيص: من السهل رؤية الكثافات في العدسة، ويتم ذلك بتوسيع الحدقة ودراسة شكل السّاد وموقعه وفيما إذا كان وحيد الجانب أو ثنائيه.
    ولابدّ من التفريق بين السّاد الولادي والأسباب الأخرى المسببة لحدقة بيضاء عند الطفل كبقاء الزجاجي البدئي، والتليف خلف العدسة، وغيرهما.
    المعالجة: جراحية. ويجب معالجة السّاد الخلقي باكراً ويتم ذلك باستخراج السّاد خارج المحفظة extraction extracapsular، مع خزع المحفظة الأمامية وغسل الكتل أو مصها.
    ويختلف زمن المعالجة باختلاف كثافة السّاد: فالساد التام يحتاج إلى معالجة باكرة ما أمكن لتأمين التطور النفسي الحركي للطفل. أما إذا كان خفيفاً فيعتمد توقيت المداخلة الجراحية على رأي الطبيب وتأقلم الطفل مع محيطه.
    الإنذار: ما زال الإنذار محتفظاً به على الرغم من الطرائق الجراحية المتطورة، وطرائق تصحيح انعدام العدسة aphakiaبزرع العدسات داخل العين، والعدسات اللاصقة، لأن حدوث بعض المضاعفات ممكن وخاصة الغمِش (وهو ضعف الرؤية دون سبب عيني واضح)amblyopia في السّاد وحيد الجانب.
    ويمكن الحصول في السّاد ثنائي الجانب على تحسّن ملحوظ في القدرة البصرية في نحو 60ـ70 من الحالات.
    السّاد المكتسب
    هو كثافة في العدسة تحدث بعد تشكّلها، ويشمل ذلك السّاد الشيخوخي، والسّاد الثانوي، والسّاد الذي يحصل مضاعفة لآفة مرضية في العين، والسّاد الرضحي (الرضي)، والساد الغدي، والسّاد السمّي، والسّاد بأسباب فيزيائية.
    الساد الشيخوخي
    أ ـ السّاد الشيخوخي: وهو أكثر أنواع السّاد شيوعاً يصيب 50% من المسنين بعد سن الستين، ويكون ثنائي الجانب. وغالباً ما تصاب أحد العينين في البدء ثمّ تصاب الثانية، وقد يحدث في العينين في آن واحد. ويصيب الجنسين بنسب متساوية.
    ـ الأشكال السريرية: هناك شكلان رئيسان: الشكل القشري، وفيه يبدأ التكثف في القشرة، والشكل النووي، وفيه يبدأ التكثّف في النواة. وقد يشاهد الشكلان معاً في العدسة نفسها وبدرجات مختلفة، إضافة إلى مشاهدة التبدلات الطارئة على العدسة، مع تقدّم العمر كزيادة حجمها وتبدّل لونها. وهناك الشكل تحت المحفظي الخلفيsubcapsular وهو نادر، وفيه يبدأ التكثف تحت المحفظة الخلفية دون إصابة القشرة.
    ـ المراحل السريرية: يمرّ السّاد الشيخوخي في أربع مراحل هي: مرحلة السّاد البدئي، فمرحلة السّاد المنتبج intumescent cataract، فالسّاد الناضج mature cataract، فالسّاد الشديد النضج hypermature cataract. وتزداد أعراض المرض تدريجياً في هذه المراحل، وتبدو فيها تبدلات تكشف بوسائل التشخيص الخاصة.
    ـ الأعراض:
    ـ نقص حدة البصر التدريجي: ويختلف هذا النقص باختلاف موقع الكثافة وحجمها، إذ يمكن لكثافة مركزية صغيرة أن تكون مزعجة أكثر من كثافة كبيرة محيطية.
    ـ ينزعج المريض نهاراً في الكثافة المركزية ويرتاح للرؤية في الظل. أما إذا كان التكثّف محيطياً فيمكن أن يشكو من صعوبة الرؤية المسائية ويسمّى ذلك العشاوة الليلية nyctalopia.
    ـ رؤية ضبابية ورؤية ذباب طائر وهي نقاط سوداء في الساحة الابصارية ثابتة لا يتغيّر مكانها.
    ـ قد يشكو المريض من شفع (رؤية خيالين لشيء واحد) diplopia أو من تعدّد الرؤية (رؤية عدة أخيلة لشيء واحد)polyopia في عين واحدة وهو ناجم عن تبدّل الانكسار القطاعي.
    ـ حسر بصر (وفيه يرتسم خيال الشيء البعيد قبل الشبكية) myopia ناجم عن زيادة القوة الكاسرة للعدسة وفيه يستطيع المصاب بقصر البصر القراءة بدون نظارات.
    وتتدنّى حدة البصر تدريجياً مع تطوّر السّاد ولا يبقى سوى حسّ الضياء.
    ـ التشخيص: من السهل معرفة وجود السّاد وذلك بالفحص بالمصباح الشقّي وبمنظار قعر العين مع توسيع الحدقة.
    ولابدّ من تفريق السّاد عن بعض الأمراض التي تسبّب تناقصاً تدريجياً في حدة البصر ولاسيما إذا ترافق السّاد مع الزرق[ر] glaucoma المزمن البسيط إذ ينجم هذا التدنّي عن ارتفاع ضغط داخل المقلة وليس عن نضج السّاد. لذلك لابد من قياس الضغط داخل المقلة في أثناء فحص المريض.
    ـ المضاعفات الحادثة في مراحل تطوّر السّاد: يمكن أن يؤدي تطوّر السّاد ونضجه إلى بعض المضاعفات: فقد يسبب السّاد المنتبج هجمة زرق حادة مغلق الزاوية لا يتمّ شفاؤها إلاّ باستخراج العدسة، وقد يحدث زرق تأقي لاندخال بروتينات العدسة عبر المحفظة المترققة إلى الخلط المائي.
    ب ـ السّاد الثانوي: يطلق اسم السّاد الثانوي secondary cataract (السّاد التالي) على الكثافة الحاصلة بعد استخراج السّاد خارج المحفظة مع تنظيف الكتل تنظيفاً جيداً.
    كما يطلق السّاد الثانوي على الاستئصال غير التام للسّاد وعدم ارتشاف قسم من كتل العدسة، إذ يمكن للباقي أن ينمو ويصبح متكثفاً فيسبب تدنياً في حدة البصر.
    ج ـ السّاد كمضاعف complicated cataract: يمكن أن يحصل السّاد المرضي كمضاعفة لآفة مرضية تصيب العين مثل التهاب القزحية iritis والأجسام الهدبية، وانفصال الشبكية[ر] retinal detachment، وغير ذلك. كما يحدث هذا السّاد في اضطراب إفراز الغدد الصم ويكون ثنائي الجانب كما هي الحال في السّاد عند مرضى السكري diabetics، وفي السّاد التكززي tetanie في قصور جارات الدرق parathyroid، وكذلك في السّاد المنغولي mongolisme والسّاد في الضمور العضليmyotonie.
    د ـ السّاد الرضحي: يشاهد السّاد الرضحي traumatic cataract أو الرضي في الحالات الآتية: بعد رضّ مغلق على العين، أو بعد رضّ ثاقب للعين (قد يكون ناجماً عن دخول جسم غريب) يؤدي إلى تمزّق المحفظة وتكثّف العدسة بسرعة، أو أنه ينجم عن دخول جسم غريب للعين دون أن يرضّ العدسة وذلك كما لو كان الجسم الغريب النافذ من النحاس أو الحديدsedrose cataract.
    هـ ـ السّاد السمّي: ويشاهد بعد الاستعمال المديد للكورتيزون بالطريق الموضعي والعام وآليته ما زالت مجهولة، أو بعد الاستعمال المديد للدي نتروفينول dinitrophenol، والكلوربرومازين chlorpromazine، والأرغوتين ergotine، والتريبارانولtriparanol، ومقبضات الحدقة موضعياً.
    و ـ السّاد بعوامل فيزيائية: كالساد الحراري عند الذين يعملون أمام الأفران، والسّاد الكهربائي، والسّاد الشعاعي.
    المعالجة
    جراحية وذلك باستخراج السّاد. ويشترط في عملية السّاد تحقق مايلي: في السّاد الشيخوخي عندما يتمّ نضجه وتتدنّى حدة البصر ويصبح المريض منزعجاً ويكون هذا غالباً في السّاد الناضج. ويمكن استخراج السّاد قبل النضج إذا كان ثنائي الجانب وتدنّت الرؤية إلى درجة لا تسمح للمريض بالقيام بأعماله اليومية. كما يجب عدم ترك السّاد لدرجة ظهور المضاعفات.
    أما بقية أنواع السّاد المكتسب فلابدّ من معالجة السبب وتحسين الحالة العامة واستئصال السّاد جراحياً، ولابدّ من تكوين فكرة عن وضع الشبكية ووظيفة اللطخة الصفراء أو النقطة الصفراء macula (fovea) قبل إجراء العمل الجراحي، فسلامة حسّ العين للضوء من جميع الاتجاهات شرط من شروط إجراء العمل الجراحي، ويمكن اللجوء إلى إجراء فحوص متممة للتأكد من وضع الشبكية والزجاجي كالتصوير بالأمواج فوق الصوتية echographia، وتخطيط الشبكية الكهربي E.R.G، وتخطيط الكمونات المحرّضة بصرياً V.E.p.
    طرق استخراج السّاد
    ـ استخراج السّاد مع محفظته extraction intracapsular: تعتمد هذه الطريقة على استخراج السّاد كاملاً مع محفظته مع خزع قزحية محيطي، وهنا يصحح انعدام العدسة بزرع عدسة في الغرفة الأمامية إذا لم يكن هناك مضاد استطباب.
    ـ استخراج السّاد خارج محفظته extraction extracapsular: وهي الطريقة الشائعة اليوم، ويتم ذلك بخزع المحفظة الأمامية واستخراج النواة وغسل القشر، مع المحافظة على المحفظة الخلفية. وتستخدم في كلّ الأعمار.
    ـ استحلاب العدسة phacoemulsification طريقة متطورة جداً لاستخراج السّاد وفيها تستحلب النواة بالاهتزازات فوق الصوتية، وميزة هذه الطريقة أنّ العملية تتم من خلال فتحة صغيرة.
    ويصحّح انعدام العدسة aphakia في الطريقتين السابقتين بزرع العدسة في الغرفة الخلفية أو ضمن المحفظة وذلك في حال سلامة المحفظة الخلفية.
    أما السّاد الثانوي فيعالج التكثّف بخزع جراحي أو بالياغ لازر YAG.
    الإنذار
    إنّ تطوّر جراحة السّاد المجهرية قد حسّن الإنذار على نحو جيد في حال عدم وجود آفات عينية مرافقة تتطلّب في بعض الأحيان عملاً جراحياً مرافقاً مثل تطعيم قرنية مرافق لعملية السّاد، أو عملية منوسرة لخفض الضغط داخل المقلة.
    يسرى حدة

  7. #627
    السبات

    السبات coma هو حالة من فقد الوعي لا يستجيب المصاب بها للمنبهات الخارجية. ويقال إن الشخص واعٍ عندما يكون يقظاً ومدركاً لذاته ولما يحيط به.
    تنتج حالة الوعي من تآثر عمل الجذع الدماغي brainstem وقشر المخ cortex والجملة الشبكية المنشطة activating reticulum formation وتدعى أيضاً التشكلات الشبكية. يضطرب الوعي عندما يختل عمل أحد هذه الأجزاء الثلاثة من الدماغويحصل ذلك في الحالات الآتية:
    ـ تعطل عمل مجمل أجزاء الدماغ التالي لحدوث اضطراب استقلابي metabolic وخيم مثل الفشل الكلوي (اليوريميا) أو نقص سكر الدم أو زيادته أو تناول أحد السموم الخارجية ولاسيما الأدوية المركنة sedative، ويحدث السبات في هذه الحالات بسبب عدم وجود كمية كافية من المغذيات nutrients والأكسجين في المادة الدماغية كما هو الأمر في عوز الأكسجين anoxiaوالإقفارischemia ونقص سكر الدم، أو بسبب الاضطراب الحاصل في استثارية excitability الخلايا العصبية والتسمم الدوائي، والتسمم الكحولي، والصرع epilepsy. قد تؤدي هذه التبدلات إذا كانت خفيفة إلى حالة مخففة من اضطراب الوعي تدعى التخليط الذهنيconfusionبسبب الخلل الحاصل في عمل القشر الدماغي.
    ـ تخرب جزء كبير من نصفي الكرة المخيين.
    ـ اضطراب عمل الجملة الشبكية المنشطة بسبب وجود آفة موضعة في الجذع الدماغي، أو بسبب وجود آفة كتلية داخل القحف cranium تضغط على الجذع الدماغي وتخل بعمل هذه الجملة.
    يشبه مظهر المسبوت مظهر الشخص النائم ويتميز بأن المسبوت لا يستجيب للمنبهات الخارجية، ولذلك لايمكن إيقاظه. أما الحالات التي يضطرب فيها وعي الشخص بشدة إلا أنه يستجيب قليلاً مع ذلك للمنبهات الخارجية الشديدة أو المتكررة (مثل النداء بصوت عال، أو وخز إحدى نواحي الجسم) فيطلق عليها اسم السبات الجزئي semicoma أو الذهول stupor.
    يلتبس السبات ببعض الحالات المرضية الأخرى التي يجب تفريقه عنها وأهمها:
    ـ الحالة الانباتية vegetative state: يستلقي الشخص في هذه الحالة مفتوح العينين مما يعطي الانطباع باليقظة، إلا أنه لا يستجيب للمنبهات الخارجية ولا يدرك ما يدور حوله. تحدث هذه الحالات بعد الأذيات الواسعة في قشر الدماغ الناجمة عن رضوض الرأس، وكثيرا ما يسبقها وجود الشخص بحالة سبات استمرت مدة طويلة.
    ـ متلازمة الانحباس locked-in syndrome: وفيها يكون الشخص يقظا إلا أنه غير قادر على الكلام أو القيام بحركات إرادية، ويرجع سببها عادة إلى وجود احتشاء infarct واسع في الجذع الدماغي.
    ـ الموت الدماغي brain death: يفقد الشخص في هذه الحالة الوعي، إلا أنه يفقد في الوقت نفسه القدرة على التنفس التلقائي، ويعتمد استمرار العلامات الحياتية حينئذ على التنفس الصنعي.
    أسباب السبات
    تتعدد الأسباب التي تؤدي لسبات وتختلف آلية حدوثه من حالة لأخرى، وأهم هذه الأسباب هي الآتية:
    ـ رضوض الرأس ولاسيما الرضوض المغلقة التي تحدث خللاً هاماً في عمل الدماغ وهي من أكثر أسباب السبات مصادفة.
    ـ التسممات ومن أهمها التسمم الكحولي والتسمم بأكسيد الكربون والتسممات الدوائية ولاسيما تلك الناجمة عن مثبطات الجملة العصبية (المركنات) وهي سبب شائع للسبات.
    ـ الاضطرابات الاستقلابية ومن أكثرها شيوعاً نقص سكر الدم أو فرطه، وقصور الكبد hepatic insufficiency، والفشل الكلوي، والقصور التنفسي، وفرط الكلسمية hypercalcemia أو نقصها، وفرط صوديوم الدم أو نقصه، والحماض الاستقلابي.
    ـ فرط حرارة الجسم أو فرط برودته، انتان الدم septicemia، وإصابة الدماغ بالبرداء (الملاريا).
    ـ الآفات الموضعة داخل القحف: كالنزف أو الاحتشاء الذي يتناول الجذع الدماغي خاصة، والنزوف أو الاحتشاءات أوالأورام أو الخراجات التي تتوضع في أحد نصفي الكرة المخية وتضغط على الجذع الدماغي، والنزوف السحائية كالنزف فوق الجافية (الأم الجافية) dura mater والنزف تحت الجافية التي تضغط على الدماغ وتسبب انزياحه عن موضعه وضغطه على الجذع الدماغي.
    ـ التهابات الدماغ، واعتلال الدماغ بفرط الضغط الشرياني، والنزف تحت العنكبوت (الأم العنكبوتية) arachnoid mater، والسبات التالي للنوب الصرعية epilepsy، والتهابات السحايا الحادة.
    يجب الاستفسار من أهل المصاب أو أصدقائه أو الشهود عن كيفية بدء حالة السبات وما إذا كان البدء حاداً أو متدرجاً.
    يمكن القول عموماً إن السبات الذي يحدث بصورة مفاجئة ينجم عن النزوف الدماغية أو التسممات أو رضوض الرأس أو توقف القلب أو الصرع، أما البدء تحت الحاد فينجم غالباً عن تطور آفة سابقة عصبية أو عامة. ولما كانت رضوض الرأس سبباً شائعاً للسبات وجب التفتيش عن العلامات الدالة على تعرض الشخص للرض مما يساعد على معرفة السبب وتوجيه المعالجة اللاحقة.
    يجب الانتباه أمام كل شخص مسبوت إلى حالة تنفسه، ولابد من تحرير الطرق التنفسية من أي عائق يحول دون وصول الهواء إلى الرئتين، وقد يتطلب الأمر وضع قنية هوائية airway في الفم إذا كان المسبوت يتنفس على نحو طبيعي، أو تنبيب الرغامى وتطبيق التنفس الصنعي إذا كان تنفسه متوقفاً أو مضطرباً بشدة. قد تدل رائحة النفس على سبب السبات كرائحة الكحول في التسمم الكحولي، والرائحة الخلونية في السبات السكري، ورائحة النتن الكبدي في القصور الكبدي. كما يجب جس النبض والإصغاء لدقات القلب لأن غيابها يستدعي البدء بعملية الإنعاش القلبي التنفسي.
    يقوم الطبيب بفحص كامل للمصاب عندما يصل إلى المستشفى مع التركيز على فحص الجملة العصبية بحثاً عن سبب السبات، إلا أنه كثيراً ما تتطلب معرفة السبب اللجوء إلى استقصاءات مخبرية (كعيار سكر الدم والكرياتنين وعيار الشوارد كالصوديوم والكالسيوم، واختبارات وظائف الكبد). وفحص السائل الدماغي الشوكي، إضافة إلى إجراء استقصاءات تصويرية كالتصوير الطبقي المحوري CT والتصوير بالرنين المغنطيسي MRI التي تكشف الآفات العصبية الموضعة داخل القحف.
    يحتاج المسبوت إلى مراقبة دقيقة من قبل الجهاز الطبي بعد دخوله المستشفى والانتباه خاصة إلى الوظائف الحيوية الرئيسية ولاسيما التنفس والدوران، إضافة إلى العناية بالأمور الآتية: حالة الجلد وتغيير وضعية المريض بشكل متكرر تجنباً لحدوث قرحات الضغط أو الشلول التالية لضغط الأعصاب المديد، وتنظيف الفم ومص المفرزات الموجودة فيه، وإغلاق الأجفان تجنباً لحدوث أذيات في القرنية، وإعطاء كمية كافية من السوائل والمغذيات عن طريق أنبوب أنفي معدي أو عن طريق الوريد، وإفراغ المستقيم من المواد البرازية على نحو دوري، وإفراغ المثانة من البول عن طريق وضع قثطرة دائمة.
    أما معالجة السبات فتختلف باختلاف السبب الذي أدى إليه إذ ترمي المعالجة في جميع الحالات إلى تجنب حدوث مزيد من الأذيات الدماغية، لذلك يعمل الطبيب على المحافظة على المستوى الطبيعي للضغط الشرياني وتصحيح الخلل الحاصل في عناصر الدم كنقص سكر الدم، وفرط الكلسمية، وفرط سكر الدم، وفرط صوديوم الدم أو نقصه الشديد، وعوز الأكسجينanoxia. وعندما يكون سبب السبات التسمم بأحد السموم المعروفة يعطى الترياق antitoxin المضاد لذلك السم إن وجد. وتعطى حالاَّت الخثرة في حالات الاحتشاء الدماغي، أو تعطى الصادات الواسعة الطيف إذا كان السبب التهاب السحايا الجرثومي.
    تستطب الجراحة إذا تبين بعد تصوير الرأس وجود آفة ضاغطة داخل القحف، وفي هذه الحال يزال السبب الضاغط على الجملة الشبكية المنشطة، ومن أمثلة ذلك إفراغ ورم دموي فوق الجافية أو تحت الجافية، أو إفراغ خراجة دماغية أو استئصال ورم سحائي.
    يختلف إنذار السبات باختلاف السبب الذي أدى إلى حدوثه، يمكن القول إن الإنذار في السبات الناجم عن الاضطرابات الاستقلابية افضل من ذلك الناجم عن رضوض الرأس. كما أن تقدم سن المريض وإصابته بأحد الأمراض المزمنة تسيء للإنذار، لذلك كان الإنذار افضل عند الأطفال والشبان. وإن لشدة السبات تأثيراً على الإنذار، وقد دعا ذلك الأطباء إلى وضع سلم لتقدير درجته التي تعتمد على مبلغ استجابة المريض للمنبهات الخارجية. ويعتقد بعضهم أن تحديد درجة السبات اعتماداً على هذا السلم يفيد في تعيين الإنذار على نحو خاص في السبات التالي لرضوض الرأس.
    زياد درويش

  8. #628
    السُـــحار الرئوي

    السحار الرئوي أو تغبر الرئة pneumoconiosis هو اسم يطلق على مجموعة أذيات يسببها استنشاق جسيمات صلبة وتثبتها في الرئتين.
    يؤدي استنشاق العديد من الأغبار والأبخرة والمواد اللاعضوية في بعض المهن الخاصة أو التعرض البيئي إلى حدوث تغيرات مرضية خاصة في الرئتين ينجم عنها تليف رئوي مكتسب.
    تنتقل جزيئات الغبار (بقطر0.5 إلى 6ميكرون) بعد استنشاقها عبر مخاطية القصبات إلى بؤر محدودة في النسيج اللمفاوي والأسناخ على امتداد الرئتين حيث يتم بلعمتها من قبل البالعات السنخية الكبيرةmacrophages مُحدثة درجة من السمية في هذه الخلايا تؤدي إلى هلاكها وبالتالي طرح العديد من الأنزيمات الحالّة والسامة للخلايا التي تسبب أذية في البرنشيم (المتن) الرئوي وتليفه.
    لقد عرفت الإصابة بالتغبرات الرئوية منذ القديم لدى عمال مقالع الأحجار ودعيت بداء الجبال نتيجة التعرض لغبار السيليكوز (السحار السيليسي silicosis)، ولدى عمال مناجم الفحم (السحار الفحمي pneumoconiosis)، كما أن تعرض عمال بناء السفن وصناعة المواد العازلة والمقاومة للاحتراق والمراجل لمادة الأسبست (الأميانت) يؤدي إلى داء الأسبست asbestosis، ويتعرض عمال الصناعات الكهربائية والذرية والطائرات لمادة البريليوم مسببةً داء البريليوم berylliosis.
    ومن المعروف أن التعرض للعديد من الأكاسيد المعدنية تسبب تغبرات رئوية حميدة (غير مليفة) وقد ذكر منها:
    ـ تغبر الرئة نتيجة التعرض لأكسيد الحديد لدى عمال اللحام الكهربائي أو ما يسمى السحار الحديدي siderosis.
    ـ تغبر الرئة نتيجة التعرض للباريوم ويسمى السحار الباريتي barytosis.
    ـ تغبر الرئة التالي للتعرض لأكسيد القصدير (السحار القصديري stannosis) لدى عمال مناجم القصدير.
    ـ استنشاق الغازات والأبخرة المختلفة.
    ـ استنشاق الأغبار العضوية التي تسبب التهاب الأسناخ الأرجي allergic وانسداد الطرق التنفسية.
    وعلى الرغم من التقدم الكبير في مجالات الطب الوقائي والعمالي لمخاطر التلوث البيئي والمهني لا زال الملايين من البشر معرضين لهذا التلوث على نحو يكفي لتطور الإصابة الرئوية لدى أعداد كبيرة منهم، ومن الجدير الإشارة إلى أن الأعراض المرضية للسحار الرئوي لا تظهر مباشرة بل بعد عدة أعوام من التعرض المديد للغبار اللاعضوي وبعد ترك العمل بسنوات عديدة، إذ تستمر الإصابة بالترقي والتطور في السنوات اللاحقة على الرغم من الابتعاد عن مصادر التعرض للغبار.
    ويعتمد تأثير الغبار المستنشق المليف على جملة العوامل الآتية:
    ـ الخواص الكيمياوية للغبار (حموضة أو قلوية أو خواص مستضدية).
    ـ الخواص الفيزيائية للغبار (الشكل والحجم والكثافة والخواص من حيث الصلابة أو كونه غازاً وفعاليته الإشعاعية).
    ـ تركيز المادة في الهواء المستنشق ومدة التعرض.
    ـ الاستعداد الشخصي وعوامل الدفاع الذاتي التي تمنع وصول الأغبرة للأسناخ وإزالتها.
    وهذا يعتمد على حالة الغشاء المخاطي وعملية التنظيف الهدبي ودور البالعات في التخلص من الغبار المتوضع في البارنشيم الرئوي، كما للتدخين دور كبير في إضعاف حركة الأهداب وعملية التنظيف.
    أنواع الســـحار الرئوي
    1ـ السحار السيليسي (السيليكوز) silicosis: وهو تغبر رئوي مليف ناجم عن استنشاق غبار ثاني أكسيد السيليكون الكريستالي (المبلور) الحر أو جزيئات الكوارتز البلوري. ويتصف بوجود تليف رئوي عقيدي مترق ويتوضع على الأغلب في الفصوص العلوية للرئتين، وهو من أقدم الأمراض المهنية المعروفة إذ يقدر عدد العمال المعرضين لغبار السيليكات في الولايات المتحدة بين 1.2 إلى 3ملايين شخص. وأهم المهن التي يتعرض العاملون بها لغبار السيليكات هي:
    صورة شعاعية لإصابة بالسحار السليسي
    ـ صناعة تعدين الفحم والحديد والرصاص والقصدير والذهب والنحاس وشحذ المعادن وغيرها.
    ـ صناعة الفخار والسيراميك.
    ـ عمال مقالع الحجارة وشق الأنفاق عبر الصخور الحاوية على الكوارتز.
    ـ صناعة الصوابين الكاشطة وقوالب السيليكا.
    ـ عمال رصف الحجارة الرملية والغرانيت وتنظيف المراجل.
    كما أن السيليكات تشاهد بشكل أقل أذية في الغضار والميكا وأغبرة الإسمنت والتالك التجاري.
    ـ الآلية الإمراضية: بعد استنشاق أغبرة السيليكات الحرة التي لا يتجاوز قطرها 6مكرونات تبتلعها البالعات السنخية. فتحدث فيها انسماماً ثم تتلفها فتتحرر أنزيمات سامة للخلايا الرئوية تحرض حدوث التليف الرئوي. وبتكرر هذه العملية تتشكل عقيدات سيليكونية هيالينية منفصلة حيث يلتحم بعضها مع بعض لتشكل عقيدات أكبر، ويتشكل التليف في الأقسام العلوية ويحدث انكماش فيهما، كما يحدث انتفاخ قاعدي معاوض وارتكاس خلالي منتشر مع امتداد الأسناخ بمادة بروتينية مائية.
    ـ الأعراض والعلامات السريرية: تظهر عادة متأخرة بعد تعرض مديد (15 إلى 20سنة) وتستمر الإصابة بالترقي والتطور برغم ترك العمل، إلا أنه شوهدت حالات من السحار السيليكوزي الحاد لدى بعض العمال بعد التعرض لمدة قصيرة (10أشهر) وأدت للوفاة بسرعة بعد أقل من سنتين على الرغم من إبعاد المريض عن بيئة التعرض.
    وتكون الأعراض في المراحل المبكرة قليلة إذ يعاني المصاب من سعال وقشع بسيط يعزى لالتهاب القصبات المخرش، كما تشاهد عقيدات تليفية بالأخص في الأقسام العلوية من الرئتين تقلد تلك الموجودة لدى عمال الفحم. ويلاحظ عادة تدني قيم حجوم وظائف الرئة وهذه المرحلة تدعى بالسحار السيليكوزي العقدي البسيط simple nodular silicosis. وبتقدم الإصابة يشكو المريض من زلة تنفسية مع سعال وقشع وترتبط شدة الزلة بحجم العقيدات المتراكبة إذ تشاهد على الصورة الشعاعية عقيدات بقطر 1سم في الفصوص العلوية يندمج بعضها مع بعض لتشكل كتلاً كبيرة وانسحاب السرتين الرئويتين إلى الأعلى مع تكلس في العقد السرية في نحو 20% من الحالات.
    تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المعرضين مهنياً للسيليكات يواجهون خطورة التعرض للتدرن بنسبة تقدر بثلاثة أضعاف غيرهم، ويصابون بما يسمى بالتدرن السيليكوزي silico tuberculosis الذي يشخص بتحري عصية كوخ بالقشع بالفحص المباشر والزرع.
    التشخيص: يعتمد على قصة التعرض المهني إضافة للتبدلات الشعاعية المذكورة ويلتبس داء السيليكوز العقدي معالتدرن الدخني، والغرناوية (الساركوئيد)، والسحار الفحمي وغيرها.
    المعالجة عرضية محض إلا أنه يجب معالجة التدرن الفعال لدى تشخيصه، ويقترح بعضهم إعطاء الايزونيازيد وقائياً لمدة سنة للمصابين بالسيليكوز من ذوي التفاعل السليني الإيجابي.
    2ـ السحار بالأسبست (الأميانت) asbestosis: وهو تغبر الرئتين بغبار الأميانت وهي سيليكات معدنية ليفية تدخل في الصناعات العديدة، والتي تقدر بأكثر من ثلاثة آلاف مهنة في أوربا تستخدم ألياف الأسبست التي منها أنواع عديدة:
    ـ الاسبست الأبيض white asbestos أو الكريزوبوتيل chryspotil والذي يتألف من ألياف مرنة قابلة للانثناء ويشكل 90% من الانتاج العالمي من الأميانت.
    ـ ألياف الأمفيبول amphibole وهي قاسية صعبة الانثناء وتشكل 10% من الإنتاج العالمي للأميانت ومنها عدة أنواع: الاسبست الأزرق crocidolite والاسبست الرمادي amosite والتريموليت tremolite.
    وتستخدم ألياف الأسبست على نحو واسع في الصناعة لخواصها الجيدة العازلة للحرارة، ولكونها غير قابلة للاحتراق، وتتحمل الشد والاحتكاك مما دعي لتسميتها بالحرير الصخري.
    وأكثر الصناعات التي تستخدم ألياف الأسبست هي: صناعة العوازل الحرارية وأنظمة الأمان والمراجل، وصناعة السيارات وخاصة في أماكن الاحتكاك كمبطنات المكابح وغيرها، وصناعة بناء السفن كعازل لجدران السفن، وفي البناء: صناعة الإسمنت والقرميد وتبطين المداخن والتمديدات الصحية.
    تحدث الأذية الرئوية نتيجة الاستنشاق المديد لغبار الأسبست (10 إلى 20سنة) وترتبط بشدة التعرض ولا تظهر الأعراض عادة إلا بعد التعرض المديد وخلال فترة طويلة من ترك العمل تتجاوز العشرين سنة أحياناً. ويشكو المصابون زلة تنفسية ويلاحظ تبقرط الأصابع clubbing (أي زيادة عرض السلامة الأخيرة وتحدب الأظافر نحو راحة اليد مما يعطي الأصابع شكل مضرب الطبل) وقد لوحظ أن الإصابة لا تقتصر على الأشخاص الذين هم باحتكاك مباشر مع غبار الأسبست فقد سجلت حالات عديدة لدى تعرضهم تعرضاً معتدلاً كعمال الدهان والكهرباء الذين يعملون جنباً إلى جنب مع عمال العزل في أحواض بناء السفن وحتى لدى زوجات العاملين في تحضير وتصنيع ألياف الاسبست واللواتي يغسلن ثياب أزواجهن، كما شوهدت حالات من الميزوتليوما الجنبية (أورام الوريقة المتوسطة) لدى القاطنين إلى جوار مصنع الأسبست في لندن والقاطنين بجوار مصنع تعدين الأسبست في جنوب أفريقيا.
    إن الإصابة الرئوية التالية لاستنشاق الأسبست تشمل مايلي: حدوث التليف الرئوي الكتلي المترقي progressive massive fibrosis، وسرطان الرئة lung cancer، وورم المتوسطة الجنبية mesothelioma، وانصبابات الجنب pleural effusion، ولويحات الجنب الحميدة أو تليف الجنب pleural fibrosis.
    أ ـ التليف الرئوي الكتلي المترقي P.M.F ويتظاهر بالبدء التدريجي مع ترقي زلة جهديه ونقص في تحمل الجهد إضافة لبعض الأعراض كالسعال والقشع عند غير المدخنين. ويعتمد التشخيص على وجود المظاهر الشعاعية من كثافات عقيدية وارتشاحات خطية غير منتظمة تظهر في الأقسام السفلية من الرئتين في البدء ثم تمتد للساحات الوسطى والعلوية مع تقدم الإصابة. ويتطور التليف الرئوي لدى 12 إلى 15% من الأشخاص المعرضين إذ يشاهد منظر الزجاج المغشى، ومع ترقي الإصابة يلاحظ منظر عش النحل بشكل ارتشاحات عقيدية مع ظلال فراغية هوائية، كما يكشف وجود تبقرط الأصابع في40% من الحالات. ويتطور القلب الرئوي في المراحل المتقدمة من التليف الرئوي كما تلاحظ الزرقة الشديدة.
    يعتمد التشخيص على وجود قصة التعرض المهني المديد وإجراء التصوير الطبقي المحوري المليمتري ويتم تأكيد الإصابة بالخزعة الرئوية.
    ب ـ سرطان الرئة: يظهر بعد فترة تعرض تمتد من 15 إلى20سنة ويزداد خطر الإصابة لدى العمال المعرضين بالمشاركة مع التدخين، وأكثر الأورام مصادفة هو الورم شائك الخلايا الذي ينشأ على القصبات المركزية ضمن لمعتها مما يسهل كشفه المبكر، كما أنه قد ينتقل إلى الأعضاء البعيدة في المراحل المتقدمة.
    تعتمد المظاهر السريرية للورم البدئي على مكان توضعه وانتقالاته وتشمل الأعراض الأكثر مشاهدة وجود النفث الدموي والألم الصدري والزلة التنفسية إضافة إلى بحة الصوت ونقص الوزن. كما يحدث الانخماص الرئوي في الأورام المركزية السادة للقصبات. وقد ينتشر الورم إلى الجنب فيحدث انصباب جنب أو ينتشر إلى العقد اللمفية السرية أو خارج الرئوية كما يلاحظ تبقرط الأصابع.
    يؤكد التشخيص بتنظير القصبات وأخذ الخزع المناسبة إضافة لغسالة القصبات لتحري الخلايا الشاذة أو أخذ خزعات عبر جدار الصدر، كما يفيد إجراء التصوير الطبقي في تحديد مكان الإصابة وانتشارها.
    ج ـ ورم المتوسطة الجنبية: وهي أورام جنبية بدئية تنمو على السطوح المبطنة لوريقات الجنب في 80% من الحالات أو على الصفاق في 20% من الحالات وهي خبيثة غالباً ومنتشرة، في حين يظل ربع الحالات سليما.ً وهي تصيب الرجال أكثر من النساء بنسبة 3 إلى 1.
    تنجم الإصابة في غالبية الحالات عن التعرض لغبار الأسبست الأزرق والرمادي لفترة تتجاوز العشرين سنة، إلا أنه لوحظ أحياناً بعد فترة تعرض قصيرة تمتد من سنة إلى سنتين. ويسبب الغزو الموضعي للورم ألماً شديداً في جدار الصدر، ويرتشح الجنب بشكل واسع بالخلايا الورمية، ويترافق بانصباب جنبي نتحي مدمى بشدة. ويتميز باحتوائه على بلورات الحمض الهيالوريني. ويكون الانصباب محجباً عادة يمنع من انزياح المنصف.
    ويعتمد التشخيص على وجود علامات الانصباب وطبيعته المدماة إضافة إلى تبقرط الأصابع في 40% من الحالات. وتكشف الصورة الشعاعية وجود تسمك جنبي وحيد الجانب معقد وغير منتظم مع درجات متفاوتة في الانصباب. ويفيد التصوير الطبقي المحوري في إظهار انتشار الإصابة ومقدار الانصباب. كما أن إجراء خزعة الجنب المفتوحة تساعد على الحصول على عينة مناسبة للتشخيص النسيجي برغم صعوبة التمييز بين الآفات الخبيثة والحميدة.
    يكون تطور ورم المتوسطة الجنبية سريعاً إذ ينتشر على امتداد سطح الجنب ويمتد إلى التامور والمنصف وإلى الجهة المقابلة. وقد يمتد لخارج الصدر وينتشر إلى العقد البطنية ويبلغ المعدل الوسطي للحياة بعد ظهور الإصابة من 8 إلى 14شهراً ولا توجد معالجة ناجحة عموماً.
    د ـ انصباب الجنب بالأسبست: تتطور الإصابة في نحو 3% من المعرضين إلى انصباب جنب نتحي بعد 5 إلى 20سنة من التعرض، وغالباً ما يزول الانصباب بعد عدة أشهر إلا أنه قد يتطور في نحو 20% من الحالات إلى تليف جنبي وقليلاً ما يتطور إلى ميزوتليوما خبيثة.
    هــ ـ اللويحات الجنبية وتليف الجنب: يؤدي حدوث تليف الجنب المنتشر وتطور الصفيحات الجنبية المتكلسة وتسمك الجنب إلى آفة رئوية حاضرة وأذية دائمة.
    يعتمد التشخيص على قصة التعرض والأعراض السريرية إضافة للموجودات على الصور الشعاعية واختبارات وظائفالرئة.
    تعتمد الوقاية من الإصابة على تخفيف حدة التعرض ومدته وذلك باستخدام المراشح وشافطات الغبار وإيقاف التدخين لدى العاملين، ومعالجة الأخماج التنفسية باكراً إضافة لإعطاء اللقاحات الواقية من النزلة الوافدة والمكورات الرئوية للمعرضين، مع إجراء فحوص دورية ومراقبة شعاعية وقياس وظائف الرئة بغية الكشف المبكر للإصابات ومنع تطورها.
    3ـ السحار بالبريليوم (داء البريليوز) berylliosis: ينجم عن استنشاق الغبار أو الدخان الحاوي على مركبات البريليوم ومشتقاته فهو يسبب ارتكاساً حبيبومياً يتظاهر بالتهاب رئة حاد أو التهاب رئة خلالي مزمن وهو الأكثر شيوعاً ويتميز عن بقية تغبرات الرئة بإمكانية حدوثه بعد تعرض قليل الأمد نسبياً مع تأخر ظهور المرض لما بعد عشر سنوات.
    وأكثر ما يصادف لدى العاملين في الصناعات الرلكترونية والأدوات الكيمياوية والمصابيح المتألقة fluorescent كما يشيع انتشاره لدى العاملين في صناعة الطائرات والصناعات الفضائية.
    يشابه داء البريليوز التهابات الرئة الكيماوية ويترافق مع إصابات في الأنسجة الأخرى كالجلد والملتحمة، ويتصف تشريحياً بارتشاحات التهابية منتشرة في البرنشيم الرئوي مع وذمة غير نوعية داخل الأسناخ، مما يؤدي إلى تشكل حبيبومات مبكرة مع وجود خلايا وحيدة النوى وخلايا عرطلة.
    ـ الأعراض: يشكو المريض في الشكل الحاد من داء البريليوز من زلة تنفسية وسعال مع نقص وزن. وتبدي الصورة الشعاعية للصدر وجود تكثف سنخي منتشر وغالباً ما يكون هذا الشكل الحاد مميتاً إلا أن الإنذار لدى الناجين منه يكون عادة جيداً.
    أما في الشكل المزمن فتكون الزلة التنفسية بشكل تدريجي ومترقية إضافة للسعال والألم الصدري مع الشعور بالوهن ونقص الوزن. وتظهر الصورة الشعاعية ارتشاحات منتشرة مع إصابة العقد اللمفية السرية مقلدة الساركوئيد (الداء الغرواني). وتتطور الإصابة في النهاية إلى حدوث القلب الرئوي والوفاة.
    ـ التشخيص: يعتمد على قصة التعرض مع التظاهرات السريرية والشعاعية إلا أنه يصعب تفريقه عن الداء الغرواني، ويعتمد في ذلك على استخدام التقانات المناعية المتقدمة ومعايرة مستوى البريليوم في الأنسجة.
    ـ العلاج: الأساس فيه الوقاية من التعرض وتخفيف شدة التعرض باستخدام شافطات الغبار الصناعي وكشف الإصابة المبكر وإبعاد المصابين، وقد يحتاج الأمر لدى المصابين بالحالات الحادة إلى التهوية الآلية الداعمة والمعالجة المبكرة تجعل التظاهرات قصيرة الأمد وعكوسة ويكون الإنذار لدى الناجين جيداً.
    4ـ سحار عمال مناجم الفحم coal- workers pneumoconiosis: ينجم هذا الداء عن التعرض المديد لغبار الفحم واستنشاقه وقد دعي بداء الرئة السوداء black lung disease أو السحار الفحمي anthracosis، فهو يصيب نحو 12% من العاملين في تعدين الفحم الحجري ونحو 15% من العاملين في مناجم فحم الانتراسيت بعد التعرض المديد مدة تراوح بين 10 إلى 20سنة، ويتعلق التأهب بكثافة غبار الفحم وما يحويه من سيليكات الكوارتز فإذا زادت هذه النسبة عن 10% من الكوارتز فإنه يتطور إلى تغبر رئوي بعنصر الفحم مشابه للسيليكوز.
    يتصف السحار الفحمي بتوضع عقيدي منتشر لغبار الفحم حول القصبات، كما يحدث النفاخ الرئوي حولها نتيجة عامل الانكماش والتمدد. ويميز نوعان من السحار بغبار الفحم: التغبر الفحمي الرئوي البسيط simple anthracosis، والشكل المعقد المترقي complicated الذي يدعى بالتليف الكتلي المترقي progressive massive fibrosis.
    وبغية تحديد درجة إصابة العمل فإن التشخيص يُبنى على الموجودات الشعاعية وقياس وظائف الرئة وليس على المظاهر السريرية.
    أ ـ السحار الفحمي البسيط: وتكون فيه الأعراض السريرية قليلة من سعال وقشع نتيجة التخريش القصبي، ونادراً ما يترافق باضطرابات وظيفية بالرئتين أو أعراض تنفسية صريحة على الرغم من وجود تبدلات على الصورة الشعاعية للصدر بشكل ارتشاحات خلالية شبكية غير منتظمة، وأحياناً ببعض الارتشاحات العقيدية (1ـ 5ملم). وتتوضع غالباً في النصف العلوي للساحتين الرئويتين ويصنف شعاعياً إلى ثلاث درجات اعتماداً على حجم وانتشار العقد ولا يتطور هذا الشكل عادة إذا ما ترك العامل المهنة وابتعد عن التعرض.
    ب ـ السحار الفحمي الكتلي المترقي: وهو يتطور لدى نسبة قليلة تراوح بين 5 إلى 15% من عمال الفحم بشكل كثافات بارانشمية (متنية) عقيدية دائرية قطرها يتجاوز 10ملم تتوضع في الفصوص العلوية بالأخص وقد تتكهف أحياناً وقد تختلط بالتدرن الرئوي كأحد مضاعفاتها. وعلى الرغم من أن آلية حدوثه غير واضحة إلا أنها تعزى إلى:
    ـ وجود كثافة عالية من السيليكات الحرة من غبار الفحم ومدة تعرض مديدة.
    ـ عدم قدرة آلية التنظيف الرئوي الطبيعية على التخلص من غبار الفحم الزائدة المتراكمة في الرئتين.
    ـ حدوث ارتكاس مناعي ذاتي بين ذرات غبار الفحم و النسيج الرئوي المصاب.
    وتصادف المتفطرات الدرنية اللانموذجية بشكل أكثر لدى عمال تعدين الفحم بالمقارنة مع مرضى السحار السيليسي حيث يتعرضون للإصابة بالمتفطرات العادية أكثر.
    كما أن التليف الكتلي المترقي قد يغزو السرير الوعائي والسبل الهوائية ويخربها.
    ـ الوقاية والمعالجة: الوقاية بتجنب التعرض أو تخفيف شدته بشفط الغبار بساحبات الغبار وعدم تجاوز العمل في المناجم تحت الأرض لأكثر من خمس سنوات. ولا توجد عادة معالجة نوعية وإنما معالجة عرضية ملطفة.
    نديم مميز

  9. #629
    السحايا (تشريح ـ)

    السحايا meninges (مفردها سحاءة) ثلاثة أغشية تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي هي الأم الجافية dura mater والأم العنكبوتية arachnoid mater والأم الحنون pia mater. توجد فوارق كثيرة بين توضّع السحايا المحيطة بالدماغ وتوضع السحايا المحيطة بالنخاع الشوكي، مما يوجب دراستها في قسمين: دماغي وشوكي، قبل الخوض في دلالتها الوظيفية.
    سحايا الدماغ
    شكل مخطط لبنية السحايا القحفية
    ـ الأم الجافية: تتكون من طبقتين ملتحمتين فيما بينهما إلا في أماكن وجود الجيوب الوريدية. هاتان الطبقتان هما: الطبقة السمحاقية endostal layerالتي هي السمحاق المغطي للوجه الداخلي لعظام القحف، والطبقة السحائية meningeal layerالتي هي الأم الجافية بالذات. الطبقة السحائية غشاء ليفي متين يغطي الدماغ ويتواصل عبر الثقبة الكبرى مع الأم الجافية للنخاع الشوكي.
    ترسل الأم الجافية نحو الداخل أربعة استطالات تقسم جوف القحف إلى حجرات متصلة فيما بينها، تُؤوي أقسام الدماغ، وتعمل على الحد من تحرك الدماغ ضمن القحف.
    تعصيب الأم الجافية: تعصب الأمَّ الجافية القحفية فروع من بعض الأعصاب القحفية والشوكية. النهايات العصبية في الأم الجافية حساسة للشد مما يحدث الشعور بألم الرأس، أي الصداع.
    التروية الشريانية للأم الجافية: تغذي الأم الجافية شرايين كثيرة أهمها الشريان السحائي المتوسط middle meningeal arteryالذي تسير فروعه بعد دخوله إلى جوف القحف في أثلام عظمية، مما يجعلها عرضة إلى الأذية والتمزق حين التعرض إلى ضربة على الرأس، ومن ثم يحدث نزف يشكل ورماً دموياً يتطلب المعالجة الجراحية.
    الجيوب الوريدية السحائية: تتوضع بين طبقتي الأم الجافية، وتعمل على تلقي الدم من الدماغ عن طريق الأوردة المخية وتلقّي السائل المخي الشوكي من الحيز تحت العنكبوتي. تنفرغ هذه الجيوب أخيراً في الوريدين الوداجيين الداخليين في العنق.
    ـ الأم العنكبوتية: الأم العنكبوتية غشاء رقيق وكتيم يتوضع بين الأم الحنون في الداخل والأم الجافية في الخارج. يفصلها عن الأم الجافية حيز كامن هو الحيز تحت الجافية subdural space، ويفصلها عن الأم الحنون الحيز تحت العنكبوتيsubarachnoid space الذي يملؤه السائل المخي الشوكي cerebrospinal fluid. تكون الأم العنكبوتية منفصلة في بعض الأماكن عن الأم الحنون بفسحات كبيرة تسمى الصهاريج تحت العنكبوتية subarachnoid cisternae.
    تتبارز الأم العنكبوتية في بعض المناطق ضمن الجيوب الوريدية لتشكل الزغابات العنكبوتية arachnoid velli التي يطلق عليها حين تتجمع اسم التحببات العنكبوتية arachnoid granulations. تعمل هذه الزغابات على إعادة السائل المخي الشوكي (السائل النخاعي) C.S.F إلى المجرى الدموي. ويغلب انطلاق الأورام السحائية إزاء هذه الزغابات.
    ـ الأم الحنون: الأم الحنون غشاء وعائي تغطيه خلايا مسطحة. وهي تغلف الدماغ فتغطي التلافيف وتغوص في عمق الأثلام المخية. وهي تندمج إزاء سقف البطينات بالبطانة العصبية لتشكل الضفائر المسؤولة عن إفراز السائل المخي الشوكي.
    سحايا النخاع الشوكي
    ـ الأم الجافية: هي غشاء ليفي قوي يحيط بالنخاع الشوكي وذيل الفرس. تتواصل في الأعلى عبر الثقبة الكبرى مع الأم الجافية القحفية. تنتهي في الأسفل في مستوى الفقرة العجزية الثانية مشكّلة كيساً ينفصل عن جدار النفق الفقري بحيز يحوي نسيجاً خلالياً وضفائر وريدية.
    ـ الأم العنكبوتية: تتوضع بين الأم الحنون في الداخل والأم الجافية في الخارج: يفصلها عن الأم الحنون الحيز تحت العنكبوتي الذي يملؤه السائل المخي الشوكي. تتواصل في الأعلى عبر الثقبة الكبرى مع الأم العنكبوتية المغطية للدماغ، وتنتهي في الأسفل إزاء الفقرة العجزية الثانية. يجرى البزل القطني lumbar puncture بإدخال إبرة إلى الحيز تحت العنكبوتي ضمن الكيس الجافي من بين الفقرات في الناحية القطنية السفلية. يسمح البزل القطني بسحب السائل المخي الشوكي لأجل التحليل، وبحقن الأدوية أو البنج (المادة المخدرة).
    ـ الأم الحنون: هي غشاء وعائي يغطي النخاع الشوكي.
    الدلالة الوظيفية للسحايا
    تشكل سحايا الدماغ والنخاع الشوكي ثلاثة أغطية غشائية متمركزة. يعمل الغشاء الخارجي، أي الأم الجافية، بفضل متانته على حماية النسيج العصبي المتوضع تحته. تحمي الأم الجافية الأعصاب القحفية بتشكيلها غلافاً يغطي كل عصب قحفي مسافة قصيرة عند مروره عبر ثقبة في القحف. كما تزود الأم الجافية كلاً من جذور الأعصاب الشوكية بغلاف حامٍ.
    وفي داخل القحف، تعمل استطالات الأم الجافية على الحد من الحركات الزائدة للدماغ ضمن القحف. يمنح السائل المخي الشوكي الموجود في الحيز تحت العنكبوتي الدماغ قابلية للطفو ويحميه من القوى الميكانيكية المطبقة على القحف. تعمل الأم الحنون على تغليف الدماغ والنخاع الشوكي تغليفاً وثيقاً وتدعمهما.
    يوسف مخلوف

  10. #630
    السّحايا (التهاب ـ)

    التهابِ السّحايا meningitis (أو الحمّى الشوكية كما تدعى في بعض البلدان) خمج يصيب 5 إلى 10 أشخاص بين كل مائة ألف شخص، أغلبهم من الأطفال، إلا أنّ عواقبَه القريبةَ والبعيدةَ وخيمةٌ إذا ما أهمل، والسحايا meninges هي الأغشية التي تبطّن عظام الرأس (الجمجمة) وتغلف الدماغ وتحميه من عوامل الخطر الكثيرة.
    العامل الممرض
    ينجم التهاب السحايا عن عدد كبير من الجراثيم والفيروسات. وأكثر الزمر الجرثومية التي تصيب الولدان هي العصيّات القولونية والمكورات العقدية ب والليستريا. وبعد الشهر الثاني من العمر وحتى اثنتي عشرة سنة تعد المكوّرات الرئوية والنمط البائي من المستدميات النزلية Hib والمكورات السحائية هي أكثر الجراثيم إحداثاً للمرض، لتأتي بعدها عوامل أخرى قليلة المصادفة مثل اللولبيات الشاحبة (المسببة للإفرنجي) وعصيات كوخ (المسببة للتدرن) وغيرها، كما أن فيروسات متعددة قد تصيب السحايا كفيروس النكاف والحصبة وشلل الأطفال.
    وللمكورات السحائية meningococcus أو النيسريات السحائية شأن خاص في التهاب السحايا. وهي جراثيم مكوّرة تجتمع ثنائيات داخل الخلايا وتأخذ لونا وردياً عند التلوين بطريقة غرام، ولها محفظة (من عديد السكريد) ذات أهمية في تقسيمها إلى زمر. أكثرها إحداثاً للمرض هي الزمر: A,B,C (أ، ب، ج). والزمرة (ب) هي الأكثر سيطرة في العالم خارج أوقات الجائحات، في حين تسيطر الزمرتان (أ) و (ج) في الجائحات، كما هو الحال عند سيطرة الزمرة (أ) عقب موسم الحج عام 1987 في دول عربية وأوربية كثيرة. تنمو السحائيات جيداً في حرارة 37م وتقتلها عوامل الطبيعة سريعاً، وأكثر ما تستعمر البلعوم الأنفي عند الكهول الأصحاء، فيما تبلغ نسبة حملة الجرثوم عند الأطفال الأصحاء من 2 إلى 5%، وترتفع النسبة بشدة في المجمّعات كالمدارس والثكنات حتى 90%، وقد تصل نسبة الحملة في المدن المكتظة إلى 15%.
    ينتقل الجرثوم من شخص إلى آخر غالباً بالتماس المباشر مع المفرزات التنفسية أو قطيرات الهواء والرذاذ المنطلق بالسعال، ونادراً عبر مخاطية العين، ثم يصل بعدها إلى الدم، فالسحايا والدماغ أو الأعضاء الأخرى كالقلب والعظام، أو يتكاثر في الدم محدثاً حالة مأساوية سريعة التطور ذات سير مروّع لاسيما عند ناقصي المناعة.
    تاريخ المرض
    أوّل من كشف السحائيات في السائل الدماغي الشوكي هو فايكسلباوم Weichselbaum عام 1887 وعدت يومئذ سبباً لأوبئة كثيرة سحائية ودماغية، ووصلتْ وفياتها في الماضي حتى 90%، وتميز الوباء الذي أصاب قرابة سبعة آلاف شخص في نيويورك عام 1904 إلى 1905 بالسير الصاعق والوفاة خلال 24 ساعة، أما الوباء الذي أصاب قرابة ألفي وخمسمائة شخص من الجنود الأمريكان في الحرب العالمية الأولى فبلغت نسبة الوفيات فيه 33%.
    وقد شهدت بعض البلاد العربية في عامي 1987 و 1988 وباء عقب موسم الحج، كما حدث وباء في السودان في آذار 1988، وقدر عدد الإصابات في الأسبوع الواحد بثلاثة آلاف إصابة بينها نحو ثمانين حالة انتهت بالوفاة.
    التظاهرات المرضية
    يندر أن يصاب حديثو الولادة بالتهاب السحايا بالسحائيات لوجود مناعة منتقلة من الأم إلى الجنين. وتقع أكثر الإصابات بين 6أشهر إلى 4سنوات، وقد تحدث في أي عمر لكن الوفيات والعقابيل أكثر حدوثاً في الأعمار الصغيرة ولاسيما السنة الأولى من العمر.
    تتشابه أعراض وعلامات التهابات السحايا عموماً (إلا في التهاب السحايا الدرني)، وفيها ترتفع الحرارة ويحدث قيء وصداع وألم في العنق (صلابة نقرة) وفرط استثارة وخوف من الضياء وتغيّم وعي، وإذا تأخر تشخيص الحالة وعلاجها حدثت أذية دماغية مختلفة الشدة واختلاجات (حركات لا إرادية ارتجاجية أو مقويّة تتصلب فيها العضلات أو تتشنج في طرف أو أكثر من الجسم)، وغياب وعي حسب الجزء المتخرب من الدماغ.
    إن إصابات الرضع أصعب تمييزاً، ويكون رفض الرضاعة من العلامات المنبهة، ليتلوَه حمّى وقيء وربما إسهال، وارتخاء عام وأنين وألم عند لمس الجسم، وقد يحدث يرقان، وفي مرحلة متأخرة يمتلئ اليافوخ ويتوتر.
    إن الأخطر في التهاب السحايا السحائي هو ترافقه مع إنتان الدم septicemia، وهنا تسوء حالة المريض كثيراً بسبب حدوث انسمام معمم، فتظهر اندفاعات جلدية فرفرية أو نزفية، وقد تحدث نزوف عضوية أو في مكان الوخز والرض مع مُوات وتنخّر في الجلد والأطراف نتيجة استهلاك العوامل المسؤولة عن تخثير الدم (الخثار المنتشر داخل الأوعية DIC سيئ الإنذار)، وقد تتلاشى قوة المريض ويغيب وعيه ويهبط ضغطه ويدخل في مرحلة الصدمة shock الخطيرة على الحياة والتي تترافق وقصور غدتي الكظر وهذا ما دعي في الماضي (متلازمة ووترهاوس فردركسون) التي تعزى اليوم إلى انطلاق الذيفان الداخليendotoxin للجراثيم، وإنذارها سيئ أيضاً.
    قد يترك التهاب السحايا عند بعض الناجين من المرض عقابيل متعددة منها مشكلات تتصل بالسمع والتعلم والاختلاجات، ومنها الشلول والإعاقات المختلفة ولاسيما الحركية يتبع ذلك القسم المتأذي من الدماغ. وقد يحدث استسقاء (تجمع السائل الدماغي الشوكي) في الدماغ ينجم عن انسداد في داخله.
    التشخيص
    هذه الحالة إسعافية، وفحص السائل الدماغي الشوكي C.S.F وزرعه هو حجر الزاوية في التشخيص الأكيد والدقيق. يسحب السائل المذكور من المسافة بين الفقرتين القطنيتين الرابعة والخامسة بإبرة ناعمة وهذا ما يدعى البزل القطني lumbar puncture الذي يجرى بعد فحص قعر العين والتأكد من غياب تأثر دماغي (فرط التوتر القحفي). تفحص الخلايا في السائل المسحوب، كما يفحص السكر والبروتين، وتجرى بعض الاختبارات المناعية، وتبعاً للنتائج يمكن تقرير نوع التهاب السحايا. تجرى فحوص دموية مثل زرع الدم ومعايرة الشوارد وغيرها، كما يجرى عند الضرورة تصوير طبقي محوري لتقييم وضع الدماغ، علماً أنه لا يستحبّ تعريض دماغ الصغار لكميات زائدة من الأشعة لما تتركه من عطب.
    العلاج
    العلاج الرئيس في ذات السحايا بالسحائيات هو البنسلين بالوريد بكميات كبيرة، ويجب إعطاؤه فور الشكّ لأنّ الساعات أو ربما الدقائق يمكن أن تغيّر إنذار المرض وتنقذ حياة المريض. هناك أدوية حديثة ذات فعالية قوية تنتمي إلى الجيل الثالث من السيفالوسبورينات (مثل السيفترياكسون). مدّة العلاج تمتد من 7 أيام إلى 10، ويجب ألا تهمل العناية التمريضية، من دعم المريض بالسوائل، ومراقبة نبضه وضغطه الشرياني بدقة ومراقبة حجم البول اتقاء لحدوث الصدمة. وفي حال هبوط ضغط المريض، لابد من إعطاء الكورتيزون بوفرة مع رافعات الضغط كالدوبامين، كما تعطى مضادات الاختلاج عند اللزوم. هذا ويعزل المريض مدة 24 ساعة بعد بدء العلاج الفعال.
    التشخيص التفريقي
    يميز التهاب السحايا القيحي عن عدد من الأمراض منها التهاب الدماغ وخراجاته والالتهابات الفطرية والفيروسية والدرنية، ويذكر على الخصوص:
    ـ التهاب السحايا الفيروسي: وهو التهاب تسببه فيروسات كثيرة مثل النكاف وشلل الأطفال وفيروسات إيكو وكوكساكي والحلأ البسيط وداء المنطقة... فتؤدي إلى ظهور أعراضَ وعلاماتِ التهاب السحايا، لكن فحص السائل الدماغي الشوكي لا يبدي علامات التقيح ولا تنمو بزرعه أي جراثيم. قد يشفى المرض تلقائياً في عدة أيام، وقد يحتاج إلى مضادات الفيروسات عندما توجد مسوغات لها.
    ـ التهاب السحايا السلّي: وهو التهاب سحايا بطيء السير عادة، يرافقه دائماً التهاب دماغ، تسببه العصية السلية نتيجة انغراس درنات صغيرة في السحايا عقب مرحلة الانتشار الدموي من الآفة البدئية (وهي الرئة غالباً). يكثر هذا المرض عند صغار الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين ستة أشهر وأربع سنوات، وفي البيئات الفقيرة، وقد يتطور سريعاً في أيام، أو بطيئا (وهو الأغلب) خلال أسابيع ماراً بثلاث مراحل، أولها ذات أعراض عامة من حمّى وقيء وصداع ونعاس وتعب، وثانيها ذات أعراض سحائية دماغية مميزة (خبل، اختلاجات، صلابة نقرة..)، وثالثها مرحلة التأذي الدماغي العميق المتمثل بغياب الوعي التام (السبات) والشلول ووضعية نزع القشر الدماغي (تقفع وتشنج شديد) واضطراب القلب والتنفس، وهذه المرحلة هي الأسوأ ويندر أن ينجو من آثارها أحد، إلا بعقابيل دماغية شديدة.
    الوقاية في التهاب السحايا الجرثومي
    وجدت الدراسات أن نسبة الحمل الجرثومي عند ملامسي المريض بعد الجائحات 50%، وعند الأصدقاء والجيران نحو 30%، وأن خطر إصابة فرد آخر في أسرة المصاب هو 1% (أعلى ألف مرة من مجموع الناس)، و1 بالألف عند الملامسين للمريض خلال العناية به، لهذا لابد من سبيلين مهمين لوقاية المسافرين إلى المناطق الموبوءة، والمتماسين مع المريض (أهله، جهاز التمريض، الأطباء)، وهذان السبيلان هما:
    ـ الصادات: يعطى دواء الريفامبيسين لزمن يختلف باختلاف نوع التهاب السحايا.
    ـ اللقاح تحت الجلد: ويحوي الزمر W135,A,C,Y ويعطى 0.5 مل تحت الجلد. يعطى لقاح الزمرة (ج) للأطفال بدءاً من الشهر الثاني مرافقاً للقاح الرباعي المعروف، ليكرر كل شهرين ثانية وثالثة، ويدعم في الشهر الثامن عشر من العمر. أما اللقاح المضاد للمستدميات النزلية ب فقد أدرجته الحكومات في برامجها منذ عدة سنوات، بعد إضافته إلى اللقاح الثلاثي.
    وأخيراً لابد من ذكر ما للنظافة الشخصية من تأثير كبير مثل غسل الخضار والفواكه، وتجنب الطعام الملوّث أو المشكوك به، والطهو الجيد للطعام، وعدم الشرب من كأس المريض أو ملامسي المريض، وعدم تقبيل الأطفال المرضى، والوقاية من انتشار الرذاذ بالعطاس والسعال باستخدام المناديل الورقية وإتلافها بعد ذلك، وغسل اليدين بعد ملامسة المريض أو العناية به.
    غالب خلايلي

صفحة 63 من 146 الأولىالأولى ... 13536162 63646573113 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال