صفحة 57 من 146 الأولىالأولى ... 7475556 57585967107 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 561 إلى 570 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 57

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322187 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #561
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    التوائم

    أصل الكلمة تأم، والتوأم المولود مع غيره في بطن واحد. والأصل، بحسب قوانين علم الحيوان، أن تحمل إناث الحيوانات اللبون، والإنسان منها، عدداً من الأجنة يساوي نصف عدد أثدائها، ومن المفروض لذلك أن تحمل إناث الإنسان جنيناً واحداً في كل حمل، ولكن يحدث أحياناً أن تحمل بجنينين في بطن واحد، ويسمى الحمل عندها توأمياً أو ثنائياً، ونسبة حدوث هذه الحمول لا تتعدى 10 إلى 11 في كل ألف حمل، وأندر من ذلك أن تحمل المرأة بثلاثة توائم أو أربعة أو خمسة. ويسمى الحمل عندها ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً.
    ينجم الحمل التوأمي الثنائي عن انقسام الكتلة المضغية في البيضة الملقحة قسمين، ينمو كل منها مشكلاً مضغة مستقلة ثم جنيناً مستقلاً، في حين تبقى الكتلة المغذية واحدة وتتطور لتكون المشيمة، وهذا النوع من الحمول الثنائية يسمى الحمل التوأمي الحقيقي أو «وحيد المح»، ويكون الجنينان فيه متماثلين جنساً ومتشابهين شكلاً، وللاثنين مشيمة واحدة فحسب، وقد ينجم الحمل الثنائي عن تلقح بيضتين بنطفتين في مناسبة تناسلية واحدة أو في مناسبتين مختلفتين، ومع أن المرأة تُنضج بيضة واحدة في كل شهر فقد يحدث أن تُنضج بيضتين في الشهر نفسه من جريبين مختلفين أو من جريب واحد، وتتلقح البيضتان فيحدث الحمل الثنائي «ثنائي المح»، ويكون لكل من الجنينين في هذه الحالة مشيمة مستقلة، وقد يكون الجنينان متشابهين أو غير متشابهين، وقد يكونان من جنس واحد أو جنسين مختلفين. أما الحمول المتعددة الثلاثية فتنجم عن انقسام الكتلة المضغية ثلاث مضغ تكوّن كل منها جنيناً مستقلاً أو عن تلقح ثلاث بيوض بثلاث نطف أو عن تلقح بيضتين بنطفتين تنمو إحدى البيضتين الملقحتين نمواً مستقلاً في حين تنقسم مضغة البيضة الملقحة الثانية قسمين ينشأ من كل منهما جنين مستقل. وهكذا الأمر في الحمول المتعددة الرباعية فما فوق.
    وهناك عوامل مؤهبة لحدوث الحمول المتعددة منها الوراثة والعرق وعدد الولادات وبعض التسممات والأخماج المزمنة واستعمال بعض الأدوية ولاسيما المستعملة لتحريض الإباضة. وتشاهد الحمول المتعددة في الحمول في الزجاج (طفل الأنبوب)، إذ تستعمل مقادير كبيرة من الأدوية المحرضة للإباضة، وينضج في المريضة عدد كبير من الأجربة والبيوض قد يزيد على العشر يلقح الجيد منها، ويعاد للرحم أكثر من بيضة ملقحة واحدة عادة بغية ضمان استمرار الحمل لبعضها على الأقل.
    تعد الحمول المتعددة حمولاً عالية الخطورة بالنسبة للحامل والأجنة في كل مراحل الحمل والولادة وعواقب الولادة. فأعراض الحمل الودية تكون عادة أشد، ولما كان حجم الرحم أكبر مما هو في الحمل المفرد كانت أعراض ضغط الأحشاء والأعضاء المجاورة أكبر، وتزداد لذلك الاضطرابات الهضمية والبولية والقلبية والوعائية والرئوية، وتتعرض الحامل لفقر الدمولحدوث أعراض الانسمام الحملي ومضاعفاته كارتفاع الضغط الشرياني والوذمات والبيلة البروتينية والإرجاج، ويتعرض الحمل في بدئه للإسقاط ومشكلاته في الحامل، ونادراً ما يبلغ الحمل تمامه فيحدث الخداج بولادة أجنة ناقصة النمو قد لا تكون قابلة للحياة أو تحتاج لعناية خاصة مدّة طويلة، وتتعرض الأجنة في بعض الحمول للموت داخل الرحم، وقد يكون بعض الأجنة مشوهاً، ويبلغ التشوه أقصاه في الحمول المتعددة الحقيقية بالتوائم الملتصقة أي التوائم السيامية التي يلتصق فيها الجنينان برأسيهما أو صدريهما أو بطنيهما أو مقعديهما، وقد تكون بعض الأعضاء المهمة مشتركة في الجنينين كالقلب والدماغ والكبد .
    ولا تكون مجيئات الأجنة وأوضاعها طبيعية في الرحم مما يعرض لعسرة الولادة ومشكلاتها في الوالدة والمواليد، وقد يحيج استخراج الأجنة لمداخلات ولادية حتى القيصرية، والأجنة المولودة حتى في تمام الحمل غالباً ما تكون أقل حجماً ووزناً من الأجنة المفردة مما يحوج لعناية خاصة بها بعد الولادة. وتتعرض الوالدة في أثناء المخاض للتعب وعطالة الرحم مما يؤدي للمداخلات الولادية، وإذا استمرت العطالة بعد الولادة حدث النزف الرحمي الشديد الذي يعرض حياة الوالدة للخطر أو لإصابتها بفقر الدم أو بالخمج.
    وترتفع نسبة كل ما ذكر من مضاعفات والدية وجنينية باطراد مع زيادة عدد الأجنة في الحمول الثلاثية والرباعية والخماسية، كما ترتفع نسبة المضاعفات حين وجود سبب آخر في الحمل عدا الحمل التوأمي.
    تشخص الحمول التوأمية بالفحص السريري وتشخص باكراً وتراقب بالفحص بالصدى.
    وتنصح الحامل حملاً متعدداً بالراحة ومراقبة الحمل باستمرار والولادة في المستشفى لتجنب الأخطار التي تتعرض لها هي أو وليدها، وللعناية بالمواليد بعد ذلك.

    صلاح شيخة

  2. #562
    التوتة

    التوتة thymus غدّة موجودة في أعلى التجويف الصدري. وعلى الرغم من وصفها منذ زمن بعيد، إلا أن الجدل مازال مستمراً حول وظائفها الفيزيولوجية، ففي السابق كانت أهميتها تتركز على بعض الأمراض التي تترافق مع زيادة حجمها أو غيابها، أو حينما تتكون بها بعض الأورام التي قد تستلزم العمل الجراحي، ولكن ازدادت أهميتها جداً في العقود الأخيرة، مع تطور وتنامي علم المناعة ومعرفة شأنها في هذا المجال الحيوي.
    تتكون التوتة من فصين، وتغطي الجزء العلوي من التامور والأوعية الدموية الكبيرة الخارجة من القلب، وتمتد إلى الأعلى حتى قاعدة الرقبة. تأخذ ترويتها الدموية من الشرايين الثديية الباطنية، ويزداد حجم هذه الغدة في الطفولة، ولكن تبدأ في الضمور بعد ذلك تدريجياً.
    يتكون كل فص في التوتة من عدة فصيصات، كل فصيص يتكون من قشرة خارجية، يحيط بلب داخلي. تحتوي القشرة تجمعات كثيفة من الخلايا اللمفاوية، التي تسمى الخلايا التوتية thymocytes، هي في غالبيتها خلايا لمفاوية تائية في مراحل مختلفة من التطور، ولكن تَوَزُّع الخلايا يكون أقل كثافة في اللب، بجانب ذلك توجد خلايا تسمى (جسيمات هاسلHassal’s corpuscles )، لا تعرف وظيفتها بالضبط، وتتوزع في كامل نسيج التوتة.
    الوظائف الفيزيولوجية
    بعد التطور الكبير في علم المناعة، وجد أن لهذه الغدة تلعب شأناً مهماً في مناعة الجسم، وخاصة بعلاقتها في تنظيم بعض الخلايا اللمفاوية وتنشيطها. ويمكن اختصار شرح هذا الدور كما يأتي:
    1ـ فيزيولوجية التوتة في المناعة ودورها: تُعَرَّفالمناعة على أنها مقدرة الكائن الحي على مقاومة كل جسم غريب يحاول مهاجمة الجسم سواء كان من الجراثيم أو البروتينات الغريبة أو السموم أو الذيفانات والتصدي له، ويتم ذلك بوسيلتين:
    أ ـ المناعة الطبيعية natural immunity: خلقت هذه المناعةمع الإنسان، وهي مناعة غير نوعية، وتحمي الجسم بوجه عام ضد كل العوامل المؤذية، سواء كانت كائنات حية أو مواد غريبة عن الجسم. وتشمل آليات المناعة الطبيعية:
    ـ الجلد والأغشية المخاطية وعملها كحاجز ضد غزو الكائنات الحية الدقيقة.
    ـ إبطال فعالية الجراثيم والسموم والمواد الغريبة عن طريق البلعمة (أي التهامها عن طريق الخلايا البيض، وتحليلها وتفتيتها عن طريق الكثير من الإنظيمات ومواد أخرى...).
    ب ـ المناعة المكتسبة أو المناعة النوعية specific immunity: لا تولد مع الإنسان، ولكن تكتسب مع تعرض الجسم للمادة الغريبة سواء كانت جراثيم أو بروتينات...الخ، وهذه المناعة المكتسبة تنقسم إلى نوعين:
    ـ المناعة الخلطية humoral immunity: تسمى الخلايا المسؤولة عن هذا النوع من المناعة بالخلايا البائية lymphocytes-B، وهذه الخلايا مسؤولة عن تعرف الجسم الغريب، حيث تُفَعَّـل بطريقة معقدة، لتكوين بروتينات تسمى الأضدادantibodies، تتَّحد مع الأجسام الغريبة فتدمِّرها أو تخرِّبها، أو تساعد الخلايا البيض على بلعمتها. تمثل الخلايا اللمفاوية البائية 5-10٪ من مجموع الخلايا اللمفاوية في الدوران.
    ـ المناعة بتوسط الخلايا cell-mediated immunity: تسمى الخلايا المسؤولة عن هذه المناعة بالخلايا التائية lymphocytes-T، وهذه الخلايا تُكَوِّن نسائل كبيرة ومتعددة. يتم تحديد وظائف وتطور، وتَخَصُّص هذه الخلايا في التوتة، ومن أجل ذلك سميت بالخلايا التائية، ومن هنا تأتي أهمية التوتة، لأنها تحدد تكوين أنواع مختلفة من هذه الخلايا التائية، وتحدد لكل مجموعة وظائفها الخاصة بها والتي يمكن اختصارها فيما يلي:
    ـ الوظيفة التنظيمية: وتقوم بتنظيم جميع الخلايا المختلفة المنوطة بالنظام المناعي وإدارتها، وتسمى هذه المجموعة من الخلايا (الخلايا التائية المساعدة helper cells-T).
    ـ الوظيفة الفاعلة: وتقوم بها مجموعة من الخلايا اللمفاوية التائية تسمّى الخلايا الكابتة suppressor cells، أو اللمفاويات السامة للخلايا cytotoxic lymphocytes، وتستطيع هذه الخلايا قتل الخلايا المخموجة بالفيروسات، وكذلك حل الخلايا الورمية، ووظائف أخرى كثيرة.
    تمثِّل الخلايا التائية نحو80٪ من مجموع الخلايا اللمفاوية الموجودة في الدوران، وكما ذكر يقع تنظيم وظائف هذه الخلايا المهمة على عاتق غدة التوتة.
    2ـ فيزيولوجية إفراز بعض الهرمونات من التوتة: دلَّت الدراسات الكثيرة على أن هناك مجموعة من الهرمونات المتكونة في داخل خلايا التوتة مثل؛ التيموزين thymosin، وعامل التوتة thymic factor، والهرمون المحفز للمفاويات lymphocyte-stimulating hormone، ومواد أخرى كثيرة، كلها تفرز من التوتة، ويبدو أن جميع هذه الهرمونات والمواد تقوم بدور مهم في تطور الخلايا التائية، وتخصيص أنواعها، والتحكم في وظائفها، ومن ثمَّ لها دور مهم في مناعة الجسم.
    الأمراض المترافقة مع اضطرابات غدة التوتة
    أمراض التوتة نادرة أو قليلة الحدوث، ويمكن تقسيمها إلى:
    1ـ أمراض تترافق مع غياب كلي أو جزئي للتوتة: وصفت عدة متلازمات أهمها:
    ـ متلازمة دي جورج Di George syndrome: وهي حالة وراثية يحدث فيها غياب كلي أو جزئي للتوتة، مع غياب الدريقاتأيضاً. تنقص جداً في هذه الحالات المناعة المتوسطة بالخلايا، وقد جرب علاجها بالتيموزين، كما يعطى لهؤلاء الأطفال العلاج البديل للدريقات، مثل الكالسيوم، وفيتامين«د»، وهرمون الدريقات.
    ـ متلازمة نيزيلوف Nezelof syndrome: وهي مشابهة للمتلازمة السابقة بدون غياب الدريقات.
    ـ النقص المناعي المشترك الوبيل: severe combined immune deficiency syndrome تظهر أعراض هذه المتلازمة في الشهور الثلاثة الأولى بعد الولادة، ويموت معظم الأطفال قبل أن يبلغوا سن الثانية من نقص المناعة والالتهابات المتكررة.
    2ـ أمراض تترافق مع وجود كتل أو أورام في التوتة: الأورام التي تشاهد في غدة التوتة ليست نادرة، ونحو10-20٪ من هذه الأورام تترافق مع حالة مرضية تسمى الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis ، ومن ناحية أخرى فإن 15٪ ممن يعانون من هذا المرض يكون لديهم أورام في التوتة. تتميز هذه الحالات بضعف عضلي، وخاصة عضلات العين، ولكن يمكن إصابة أي عضلات أخرى. يحدث المرض عادة في ريعان الشباب وهو أكثر ترددا في النساء من الرجال. عادة ما يكون مسار المرض متطوراً، ولكن أحيانا تحدث هدآت أثناء المسار. وتعالج هذه الحالات إما طبياً بإعطاء دواء النيوستغمين، وإما جراحياً إذا لم يستجب المريض للعلاج الدوائي.
    توجد أورام أخرى تصيب التوتة، مثل الأورام المسخية teratoma، وقد تتضخم هذه الأنواع، أو قد يحدث تحول سرطاني بها، وأسلم طريقة للعلاج هي الاستئصال الجراحي.

    علي هاشم

  3. #563
    التيفوس

    التيفوس typhus ويسمى أيضاً التيفوس الوبائي أو الحمى النمشية، وهو مرض خمجي يحدث غالباً على شكل تفشيات أو أوبئة تترافق غالباً مع الحروب والفاقة، ويتظاهر على شكل حمى واندفاعات جلدية بقعية وصفية، ويتميز بأذية بطانة الأوعية الدموية والتهابها وإصابة الجملة العصبية المركزية وغيرها من الأعضاء.
    العامل المسبب للمرض جرثوم يدعى ركتسيا بروفزكي Rickettsiea Prowazekii ينتمي إلى الجنس الجرثومي المسمى بالركتسيات Rickettsiea، وهي جراثيم صغيرة جداً يبلغ قطرها نحو 0.3 ميكرون ولا تستطيع التكاثر إلا داخل الخلايا الحية (إجبارية التطفل داخل الخلوي) لأنها غير قادرة على إنشاء طاقة كافية للتضاعف وحدها، وتتصف بأنها مقاومة للبرودة والجفاف، لكنها تتلف بالمطهرات وعند تعريضها لدرجة حرارة أعلى من 60 ْ. وتتميز الركتسيات عامة بأنها تستمر موجودة في الطبيعة داخل بعض الحشرات (مفصليات الأرجل) كالقمل والقراد والبراغيث.
    الإنسان هو المستودع الرئيسي لريكتسيا بروفزكي المسببة للتيفوس. وتشاهد الركتسيات في دم الشخص المصاب في أثناء المرض، ويقوم القمل -وخاصة قمل الجسد- بدور العامل الناقل لها بين البشر، فعندما تقوم القملة بالتطفل على شخص مريض بالتيفوس وتتغذى من دمه، فإن الدم الذي تمصه يكون حاوياً على عدد كبير من الركتسيات التي تصل إلى أمعائها وتتكاثر فيها. وعندما تقوم القملة نفسها بعد ذلك بلدغ إنسان سليم فإنها تلقي بمفرغاتها على الجلد في مكان العض ويخرج مع برازها عدد كبير من الجراثيم، فإذا ما قام هذا الشخص بعد ذلك بحك مكان العضة فقد تحدث سحجات في الجلد تدخل من خلالها الركتسيات لتصل إلى الدم وتنتشر فيه، ثم تنتشر بوساطته إلى أعضاء الجسم المختلفة. ويؤدي توضعها على الجدر الداخلية للأوعية الدموية إلى التهاب بطانة هذه الأوعية وزيادة في نفوذيتها مما يسبب حدوث النزف والوذمة والطفح الجلدي، كما أن انحلال الركتسيات في الدم يؤدي إلى انطلاق مواد سمية منها تدعى الذيفان الداخلي، والتي تسبب أذيات مختلفة أهمها أذية الأوعية الدموية والجملة العصبية المركزية والقلب. ولا يوجد انتقال للركتسيات من قملة إلى أخرى، لذا فإن إصابة الإنسان مرحلة إلزامية في دورة المرض.
    تمتد مدة الحضانة في التيفوس بين أسبوع وثلاثة أسابيع، ثم تبدأ الأعراض بما يشبه أعراض النزلة الوافدة (الأنفلونزا) بصداع مفاجئ وقوي يترافق بارتفاع تدريجي في درجات الحرارة لتصل في اليوم الثالث أو الرابع من بدء المرض إلى نحو 39 ْ-40 ْ، وتتناوب الحمى والقشعريرة، ويبدو وجه المريض محمراً ومحتقناً، مع وذمة خفيفة وتكون عيناه لامعتين وشفتاه محمرتين، ولا يتناسب سلوك المريض الشخصي مع شدة المرض، إذ يكون المصاب متهيجاً كثير الكلام. ويظهر الطفح الجلدي الوصفي للمرض وخاصة على جلد البطن والصدر في اليوم الخامس تقريباً، وهو اندفاعات لطخية حطاطية بعضها شاحب يزول بالضغط، وبعضها الآخر لامع لا يزول بالضغط. قد يكون الطفح خفيفاً في بعض الأحيان على نحو تصعب ملاحظته. وقد يظهر عند المريض تسرع في دقات القلب وأرق وهذيان قد يتطور إلى السبات. وغالباً ما تنخفض حرارة المريض وتتحسن حالته بعد أسبوعين من بداية المرض. وإنذار التيفوس على الأغلب سليم عند الأطفال، لكنه قد يكون خطيراً عند الكهول، إذ قد يلي المرض حدوث التهاب في السحايا أو الرئتين، وتعد ذات الرئة الجرثومية المضاعفة الأكثر شيوعاً للتيفوس. كما قد تحدث هجمة أو عدة هجمات ناكسة بعد سنوات عديدة من حدوث التيفوس أول مرة، وتدعى الهجمة الناكسة داء بريل-زينسر Brill-Zinsser disease . قد يحدث النكس بعد 40-50 سنة من الإصابة الأولى ويمكن أن يحرضه مرض آخر يترافق معه. والمرض الناكس أقل شدة وأقصر مدة من الإصابة الأولى، ولا يحدث على شكل أوبئة، كما أن ظهوره غير مرتبط بوجود القمل.
    يشخص التيفوس بالأعراض والعلامات السريرية. ويتم تأكيد التشخيص السريري مخبرياً باستفراد الركتسيات من الدم أوالخزعات الجلدية وذلك بزرعها في أوساط خلوية خاصة، أو بإجراء التفاعلات المصلية النوعية -وهي الأكثر استخداماً-للكشف عن الأضداد النوعية الخاصة بالركتسيات كاختبار التألق المناعي غير المباشر أو اختبار تثبيت المتممة.
    تقوم معالجة المريض المصاب بالتيفوس على تأمين الراحة والهدوء، لذا تفضل معالجته في المشفى، كما تعطى الصاداتالمناسبة كمركبات التتراسكلين أو الإريترومايسين أو غيرها. ولوقاية الآخرين من العدوى يجب عزل المصابين بالتيفوس وتطهير أجسادهم وثيابهم وأغطية أسرتهم من القمل (تطهير كيمياوي). كما يجب تخليص الأشخاص المحيطين بالمريض والمتماسين معه من القمل ومراقبتهم سريرياً، وفي حال حدوث ارتفاع في الحرارة عند أحد الأشخاص المحيطين به يفضل إدخاله المشفى وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة للتأكد من العدوى.
    غالباً ما كان التيفوس يحدث في الماضي على شكل وافدات أو أوبئة، وقد ارتبط ظهور هذه الأوبئة في أغلب الأحيان بالحروب والمجاعات والهجرات الكبيرة، والتي تترافق غالباً بتدن كبير في المستوى الاقتصادي والاجتماعي وسوء الظروف الصحية والسكنية والتغذوية لمجموعات كبيرة من الناس، والذي يؤدي بدوره إلى الانتشار الواسع للقمل .
    إن تحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية عامة ومكافحة القمل على نطاق واسع أدت إلى قلة حدوث التيفوس إلا في بعض مناطق العالم ذات الظروف السيئة اجتماعياً وصحياً كبعض مناطق إفريقية وأمريكة الجنوبية. كما يصادف أحياناً في المناطق التي ظهرت فيها سابقاً أوبئة التيفوس (في أثناء الحرب العالمية الثانية مثلاً) حالات من التيفوس الناكس (داء بريل) عند أشخاص أصيبوا بالتيفوس في أثناء تلك الأوبئة.
    صلاح الدين شحادة

  4. #564
    التيفية (الحمى ـ)

    الحمى التيفية typhoid مرض خمجي حاد يتظاهر على شكل حالة انسمامية عامة تشمل الحمى والصداع والضعف العام والشعور بالإنهاك، إضافة إلى بعض الأعراض الهضمية كألم البطن والغثيان وأحياناً الإقياء، كما قد يترافق غالباً بالإمساك.
    العامل المسبب للحمى التيفية جرثوم يسمى السالمونيلة التيفية وهو أحد أفراد جنس كبير من الجراثيم تدعى السالمونيلات يسبب الكثير من أفراده أمراضاً مختلفة للإنسان. ويتصف جرثوم السالمونيلة التيفية بمقاومته النسبية للعديد من العوامل التي تؤثر عادة على الجراثيم وتقتلها كالحموضة والمطهرات المختلفة، وتستطيع جراثيم السالمونيلة البقاء حية في الماء أو التراب أو الرواسب المائية والطينية لأسبوعين أو أكثر أحياناً، كما تستطيع البقاء حية على سطح الخضار والفواكه الملوثة بها بين خمسة أيام وعشرة، ولكنها تبقى في اللحوم والبيض والحليب ومشتقات الألبان كالقشدة والزبدة مدة قد تزيد على ثلاثة أشهر أحياناً. وتقاوم جرثومة السالمونيلة الحرارة بدرجة 50 ْ مدة ساعة تقريباً لكنها تموت بالغليان في عدة دقائق.
    جراثيم السالمونيلة التيفية لا تصيب إلا الإنسان، ويقوم الشخص المريض أو الناقه من المرض أو ما يدعى بحامل الجرثوم بطرحه عن طريق البراز أو البول فترات قد تطول أحياناً. ويمكن للجراثيم عندها أن تلوث المياه والأتربة والخضراوات والأيدي وغيرها إذ يصل الجرثوم إلى الإنسان السليم عندما يشرب ماءً ملوثاً أو يبتلع بعض الماء الملوث في أثناء السباحة وخاصة في البرك الراكدة، أو عندما يتناول حليباً ملوثاً دون غليه أو يتناول مشتقات الحليب الملوث غير المغلية كالقشدة النيئة والجبنة المصنعة دون غلي الحليب. ولا يستبعد وصول الجرثوم إلى الإنسان عن طريق تناول الخضراوات المروية بمياه المجاري وغير المغسولة جيداً أو تناول الأطعمة المحضرة بأيدي أشخاص حملة للجرثوم ولو كانوا لا يشكون من أي أعراض مرضية. وفي حال غياب طرق الصرف الصحي المغلق للمفرغات البشرية يمكن للذباب أن يؤدي دوراً كبيراً في نقل السالمونيلة بعد أن يحط على المفرغات البشرية المكشوفة ويحمل معه جزيئات دقيقة من البراز حاوية على الجراثيم وينقلها إلى الأغذية المكشوفة التي يحط عليها، كما قد تشكل أدوات المريض وحاجياته ذات الاستخدام الشخصي مصدراً إضافياً للعدوى.
    بعد دخول السالمونيلة إلى الجسم مع الغذاء أو الماء الملوثين أو بوساطة الأيدي الملوثة تجتاز المعدة بسبب مقاومتها للحموضة وتصل إلى الأمعاء حيث تتكاثر في العقد اللمفاوية المعدية ثم تنتشر منها إلى الدم، ويموت في هذه الأثناء قسم كبير من الجراثيم وتنحل خلاياها فتنطلق منها مادة سامة تدعى الذيفان الداخلي endotoxin، وهي ذات تأثير رافع للحرارة وسامللكثير من أجهزة الجسم وأعضائه وخاصة القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي. تتكاثر السالمونيلات التيفية في الجسم في بداية المرض دون أعراض واضحة في فترة تدعى فترة الحضانة، وهي تستمر في الحمى التيفية من عشرة أيام إلى أسبوعين يبدأ بعدها المرض غالباً تدريجياً، إذ يشعر المريض بتعب عام وشعور بالإنهاك وارتفاع متدرج في درجات الحرارة،
    ويرافق ذلك صداع يشتد مع الوقت مع إمكانية حدوث أعراض هضمية على شكل غثيان ونقص في الشهية وآلام بطنية مختلفة الشدة مع شعور بانتفاخ البطن وإمساك في معظم الأحيان، ويتأثر نوم المريض عادةً إذ يصبح أرقاً، كما تتأثر قدرته على العمل بسبب الحالة العامة السيئة، وقد تصل درجة حرارة المريض إلى 40 ْ أو 41 ْ في اليوم الرابع أو الخامس للمرض، ومع الوقت تزداد الحالة سوءاً حيث يستلقي المريض منهكاً دون حراك. وفي الحالات الشديدة للمريض قد يظهر عند بعض المرضى فقدان جزئي أو كلي للوعي وهذيان أو هلوسات سمعية أو بصرية ويكون منظر مريض الحمى التيفية في الحالات النموذجية للمرض وصفياً: إعياء شديد ونظرات دون معنى وجفاف في الجلد مع شحوب وسخونة وانتفاخ في البطن. وقد تظهر عند معظم المرضى في الأيام الأولى للمرض بقع صغيرة وردية اللون على الجلد تزول في عدة أيام. كما يلاحظ عند فحص نبض المريض تباطؤ واضح فيه على الرغم من ارتفاع الحرارة.
    إلى جانب هذا الشكل من الحمى التيفية والذي يسببه جرثوم السالمونيلة التيفية هناك شكلان آخران من الحمى التيفية يدعيان الحمى نظيرة التيفية A والحمى نظيرة التيفية B ويسببهما جرثومان شبيهان بالسالمونيلة التيفية يدعيان السالمونيلة نظيرة التيفية A والسالمونيلة نظيرة التيفية B. وتختلف الحمى نظيرة التيفية عن الحمى التيفية قليلاً إذ يكون بدء الأعراض فيها أكثر سرعة، وتكون الأعراض العامة للمرض عامة أخف وطأة مع إمكانية ظهور أعراض تنفسية كالزكام وألم البلعوم أو السعال أحياناً، وتلاحظ أعراض هضمية واضحة كالإسهال في أغلب الحالات، ويحدث الشفاء عادة بشكل أسرع من الحمى التيفية.
    تتراجع الأعراض عند معظم مرضى الحمى التيفية بعد ثلاثة أسابيع أو أربعة على بدايتها إذ يشفى غالبية المرضى دون مضاعفات، إلا أنه يمكن أن يحدث عند بعض المرضى مضاعفات للمرض قد تكون خطرة على الحياة كانثقاب الأمعاء أو نزفها أو القصور القلبي الوعائي أو ما يسمى التهاب العضلة القلبية التيفي، وفي حالات نادرة قد تحدث مضاعفة خطيرة أخرى هي التهاب الدماغ التيفي. ويبدو في السنوات الأخيرة أن حالات الحمى التيفية ونظائرها غير النموذجية والتي لا تظهر فيها أعراض المرض الوصفية التي ذكرت سابقاً آخذة في الازدياد، وقد يكون سبب ذلك تناول الصادات المبكر أو المعالجات الناقصة للمرض.
    بعد شفاء المريض من الحمى التيفية تتخلص أجسام معظم المرضى من جرثوم السالمونيلة التيفية إلا أن 5-10% من المرضى يبقى الجرثوم موجوداً في أجسامهم في فترة النقاهة أو بعدها بفترات مختلفة ويدعى هؤلاء «الحملة المزمنون للجرثوم» وغالباً ما يتوضع الجرثوم عند هؤلاء الأشخاص الحملة في المرارة والأمعاء، ويصبح هؤلاء الحملة المزمنون مصدراً هاماً من مصادر نشر الجرثوم في الوسط المحيط إذ يطرحونه مع البراز لفترات قد تمتد لأشهر وربما لسنوات.
    تُشخص الحمى التيفية من الأعراض التي يشكو منها المريض، وفحص المريض من قبل الطبيب. ويتم تأكيد الإصابة بالحمى التيفية بالكشف عن الجرثوم في دم المريض وخاصة في الأسبوع الأول والثاني للمرض، وذلك بإجراء ما يسمى بزرع الدموهو إجراء مخبري هام للتشخيص، وهناك طريقة أخرى للتشخيص تعتمد على كشف الأجسام المضادة النوعية التي يكونها الجهاز المناعي للمريض تجاه السالمونيلة التيفية، وتدعى هذه الطريقة (تفاعل فيدال)، وهي لا تفيد إلا إذا أجريت بعد عشرة أيام أو أكثر على بدء المرض، كما يمكن التأكد من بقاء الجرثوم في الجسم بعد شفاء المريض أو زواله منه بالبحث عنه في براز المريض أو بوله، وهو إجراء منوالي يُجرى عادة للكشف عن الحملة المزمنين للجرثوم، وخاصة عند الأشخاص الذين يعملون في مجال التغذية وتهيئة الطعام للآخرين كعمال المطاعم وعمال المطابخ في المشافي وغيرها من المؤسسات الكبيرة.
    يجب أن تتم معالجة الحمى التيفية، وخاصة الحالات الشديدة منها، في المشفى إذ يجب عزل المريض ولو جزئياً عن الآخرين وتوفير الراحة والحمية المناسبة له، فتستبعد من أطعمته الأطعمة الدسمة والمقلية والحريفة. ويعطى المريض الأدوية المناسبة كخافضات الحرارة والأدوية المضادة لجرثوم السالمونيلة التيفية (الصادات). وقد استخدمت في السابق ولعشرات السنين مادة الكلورامفنيكول لهذا الغرض لكنها استبدلت في السنوات الأخيرة بمضادات جراثيم أخرى تفيد في القضاء على السالمونيلة التيفية وليس لها تأثيرات الكلورمفنيكول الضارة على الجسم يذكر منها السولفاميتوكزازول والتري ميتوبريم.
    ينصح مرضى الحمى التيفية بعد الشفاء بالابتعاد عن الأعمال المجهدة والمتعبة أو التعرض للحرارة أو البرودة المفرطتين، ويفضل استبقاؤهم لشهر أو أكثر على حمية مناسبة تحوي غذاءً متوازناً سهل الهضم.
    يمكن الوقاية من الحمى التيفية بتشخيص الحالات المرضية جيداً وعزل المرضى وإعطائهم العلاج المناسب مبكراً مدة زمنية كافية من أجل تخليص أجسامهم من الجرثوم تماماً، كما يفضل مراقبة الأشخاص الذين كانوا على تماس مع المريض مدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ومن الإجراءات التي تفيد في الحد من انتشار المرض وتقي من الإصابة به التقيد الصارم بقواعد النظافة الشخصية كغسيل الأيدي جيداً بعد الخروج من المرحاض وقبل تناول أي طعام، وغسل الخضار والفواكه جيداً، وعدم شرب الماء المشكوك بتلوثه قبل غليه، وعدم شرب الحليب النيئ أو المشتقات المصنعة من حليب نيئ غير مغلي، وعدم السباحة في المياه المشكوك بتلوثها، ومراقبة أحواض السباحة وتطهيرها دورياً. وثمة لقاح خاص للحمى التيفية يعطى عادة للأشخاص المعرضين للإصابة، وخاصة في المناطق التي يتوطن فيه المرض بصورة دائمة. وقد كانت الحمى التيفية حتى منتصف القرن العشرين مرضاً منتشراً في معظم بقاع الأرض إلا أن تحسن الظروف الصحية والمعيشية وتطور طرق الصرف الصحي في معظم دول العالم واكتشاف الأدوية القاتلة للسالمونيلة التيفية، كل ذلك جعل معدل الإصابة بهذا المرض ينخفض كثيراً في الدول المتقدمة، إلا أن الحمى التيفية لا زالت مرضاً متوطناً وكثير المشاهدة (وإن كان بنسب مختلفة) في الدول الفقيرة والمتخلفة ولاسيما في المناطق الريفية التي تفتقر إلى مياه الشرب النظيفة وإلى طرق الصرف الصحي السليم، حيث تكثر الإصابات في فصل الصيف، ولاسيما عند الطبقات ذات المستوى الصحي والمعيشي المتدني.
    صلاح الدين شـحادة

  5. #565
    الثدن

    الثدن (خلل التنسج) dysplasia هو تعبير يستخدم لوصف اضطراب الخلايا وعدم انتظامها، ولا يعد تكاثراً ورمياً، وإنما قد يكون مرحلة تسبق حدوث الورم (أو السرطانة). وتحدث هذه الحالة في نسيج بشروي ما في الجسم.
    تكون الخلايا البشروية في حال الإصابة بالثدن ذات أشكال وأحجام مختلفة (عدم انتظام في شكلها وحجمها) وتكون نوى هذه الخلايا كبيرة الحجم مقارنة مع حجم الخلية، مع وجود انقسامات غير طبيعية فيها أحياناً كثيرة. وتبدو النوى كذلك شديدة التلون «عند مشاهدتها بالمجهر الضوئي، بعد تلوينها بالملونات الخاصة لدراستها». ومن جهة ثانية، يكون توضع هذه الخلايا بشكل غير منتظم (أو عشوائي).
    تتوضع الخلايا في البشرة الطبيعية بانتظام من الطبقة القاعدية باتجاه الأعلى حيث تتمايز هذه الخلايا وتنضج، ولأسباب مختلفة قد يحدث عدم تمايز في هذه الخلايا وتضطرب في توضعها وتمايزها ونضجها. وعندما يشمل هذا الاضطراب وعدم الانتظام (مع وجود التبدلات الخلوية التي أُشير إليها) جميع طبقات البشرة يدعى الثدن في هذه الحالة بالسرطانة اللابدة (السرطانة الموضعة) carcinoma in situ وهي مرحلة قبيل سرطانية.
    يقسم الثدن ثلاث درجات: درجة خفيفة ودرجة متوسطة ودرجة شديدة. والدرجات الخفيفة أو المتوسطة غالباً ما تتراجع إلى الحالة الطبيعية بعد المعالجة (أو غياب السبب)، أما الحالات الشديدة وهي السرطانة اللابدة فغالباً ما تتطور إلى سرطانة غازية.
    وكمثال على الثدن ثدن البشرة الثؤلولي في الجلد، ومرض بوفن، وثدن البشرة من عنق الرحم، وثدن البشرة في الرئة أو الجهاز التنفسي والحنجرة، وثدن البشرة في الجهاز الهضمي (من الفم وحتى الشرج)، وغيرها.
    أسباب الثدن كثيرة تتعلق بالمنطقة المصابة، يُذْكر منها: التدخين، والفيروسات التي تنتقل عن طريق الجنس، وبعض أنواع الالتهابات، وأسباب وراثية وغيرها. أما تقرير المعالجة فتتعلق بمنطقة الإصابة ومعرفة السبب، وتبقى الوقاية بالابتعاد عن الأسباب المحدثة.
    وليد الصالح

  6. #566
    ثرّ اللبن

    ثرُّ الحليب أو اللبن galactorrhea هو الإفراز الزائد للحليب، أو هو إفراز الحليب في غير أوقات النفاس أو الإرضاع.
    الأسباب
    ينجم عادة عن فرط في إفراز الإستروجين في الجسم أو فرط في إفراز البرولاكتين prolactin، وهو الهرمون الذي تفرزه الغدة النخامية والذي ينبّه إفراز اللبن. غالباً ما ينجم ثرّ اللبن عن اضطراب في وظيفة النخامى، وبالتحديد الفص الأمامي منها، أو عن ظهور ورم غدي صِغْري microadenoma أو ورم كبير فيها macroadenoma، أو اضطراب في الوطاء (تحت المهاد)hypothalamus وهو المنطقة الواقعة فوق النخامى في قاعدة الدماغ. والوطاء هو المسؤول عن تنظيم إفرازات النخامى بما فيها البرولاكتين. أما ثرّ اللبن في المرأة المرضع فهو غزارة مقداره مع قوام مائي ولون أخضر وفقر بالمواد الغذائية.
    الأعراض
    يغلب أن يترافق ثرّ الحليب مع الضهى (انقطاع الطمث) amenorrhea ولكن تشاهد حالات من ثرّ الحليب من دون مثل هذا الانقطاع، وقد يصيب هذا الإفراز غير الفيزيولوجي ثدياً واحداً أو الثديين معاً. وهناك أسماء عَلَم لكل نمط من أنماطِ الثرِّ، فإذا شوهد في أعقاب فترة الرضاع سمّي متلازمة كياري - فروميلChiarri-Frommel ، وإذا شوهد فيمن لم يسبق لها أن حملت دُعي متلازمة أحُماده ديل كاستيللو Ahumada del Castillo، وقد يترافق ثرّ الحليب مع ضخامة النهايات acromegaly سواء في الرجال أو في النساء وسببه في الأغلب هو تشابه هرمون النمو مع البرولاكتين. كذلك يتلو ثرّ الحليب عدة حالات مرضية مثل التهاب الدماغ أو أذيات الوطاء أو سويقة النخامى أو بعض العمليات الجراحية ولاسيما على الصدر، أو أورام النخامى أو الأورامالقحفية البلعومية أو قصور الدرق hypothyroidism أو تعاطي بعض الأدوية وعلى رأسها مضادات التحسس من الفينوتيازيناتphenothiazines ومضادات حموضة المعدة وغيرها من الأدوية الشائعة الاستعمال مثل الحبوب المانعة للحمل والكلوربرومازينchlorpromazine والريزيربين reserpine. وتؤدي كثير من هذه العوامل غير الورمية إلى تخفيف نهي الوطاء عن إفراز البرولاكتين من النخامى مما يؤدي إلى نقص في العامل الناهي للبرولاكتين Prolactin Inhibitory Factor (PIF) وبالتالي إلى تزايد نشاط الخلايا المفرزة للبرولاكتين Lactotrophs وهي خلايا حَمِضَة تتوضع في القسم الوحشي من الفص الأمامي للنخامى. والمادة المسؤولة عن هذا النهي أو التثبيط هي ناقل عصبي يدعى الدوبامين dopamine، لذا فإن أغلب الأدوية المستعملة في معالجة ثرِّ الحليب هي من مشتقات هذا الدوبامين.
    تأثيراته
    يؤدي ارتفاع البرولاكتين المرضي إلى تثبيط وظائف النخامى الأخرى مما ينجم عنه عقمٌ تالٍ لعدم تمكّن المبيض من الإباضة، وهو ما يحمي المرضع من حدوث حمل طوال فترة الإرضاع أو معظمه، وكذلك ينجم عنه قصور في الغدة الدرقية، لذا يجب تحرّي قصور الدرق في كل هذه الحالات المرضية كما تجب معالجة قصور المبيض أيضاً في حالة العقم. أمّا الحالات الخفيفة من الثرّ والتي لا تترافق بارتفاع مستوى البرولاكتين في الدم فيجوز تركها دون علاج إذا لم ترغب المرأة في الحمل، آملين شفاءها وتراجعها التلقائي. وتبقى أخيراً الأورام التي لا تستجيب للمعالجة بشادّات الدوبامين dopamine agonists فقد تحتاج إلى استئصال جراحي علماً أن كثيراً منها ليست أوراماً بمعنى الكلمة أو أنها أورام بطيئة التطور، بل وقد تتراجع تلقائياً.
    وللثرِّ أنواع منها: ثرّ اللعاب أو الإلعاب sialorrhea، وثرّ الإحليل urethrorrhea وثر المستقيم proctorrhea وغيرها.
    صادق فرعون

  7. #567
    الثفن

    الثفن callosity هو تسمُّك في الجلد مع قساوة مرافقة، ويبدو عادة بشكل بقعة أو نتوء من الجلد وخاصة في أسفل القدم (أخمص القدم) وأحياناً في المرفق. سببه الضغط أو الاحتكاك المستمر في منطقة معينة من الجلد (وينجم ذلك عن استخدام الأحذية الضيقة والأحذية العالية عند النساء، وعن بعض تشوهات القدم كالقدم الروحاء، والتشوهات العظمية وعادات المشي السيئة).
    تكون منطقة الإصابة عادة أسفل القدم إذ تتحمل القدمان ضغط الوزن بشكل متساو؛ فعندما يزداد الضغط والاحتكاك بشكل مستمر يتسمَّك الجلد في تلك المنطقة بسبب ازدياد توضع طبقات القَرْنِين «قِرَاتين» (بروتينات جلدية) كرد فعل من الجلد ضد الاحتكاك والضغط المستمرين. ويكون توضع طبقات القِرَاتين كثيفاً ومنتشراً في منطقة معينة (أسفل القدم) حيث يصير الجلد متسمِّكاً وقاسياً مما يقلِّل من الشعور بحسِّ اللمس في تلك المنطقة، وسمَّاه بعضهم بالشـثن callosity (callus). وبالمقابل فإن توضع طبقات القِرَاتين في منطقة صغيرة محدَّدة (بضعة ميلليمترات) بشكل نتوء يدعى القرن الجلدي أو مسمار القدم cornويطلق عليه أيضاً اسم الثفن.
    يبدأ الثفن (مسمار القدم) بشكل نتوء من منطقة محددة يزداد مع الوقت توضع طبقات الجلد فوقها، وتبدو بشكل مخروط رأسه نحو العمق وقاعدته عريضة متسمّكة في السطح، وحين يكون هذا التوضُّع في منطقة مضغوطة (كإصبع القدم مثلاً) يعاني المصاب من صعوبة في المشي بسبب حسِّ الألم. ومن جهة ثانية، قد يكون للوراثة دور في بعض حالات الثفن فتبدو الإصابة في منطقة واحدة أو عدة مناطق من الجسم. وتتوضع بعض الجراثيم في المنطقة المصابة وتسبِّب التهاباً وألماً.
    تكون الوقاية من هذه الحالات بالابتعاد عن التعرض للاحتكاك والضغط باختيار الأحذية المناسبة غير الضيقة.
    وليد الصالح

  8. #568
    الثؤلول

    الثؤلول wart آفة شائعة سليمة غالباً، تصيب الجلد والأغشية المخاطية. ازداد انتشارها في العالم في العقود الثلاثة الماضية دون معرفة السبب الحقيقي لهذا الانتشار، ينجم الثؤلول عن فيروس الثآليل البشرية human wart virus الحاوية على ال(د.ن.ا) D.N.A تنتقل بالعدوى الذاتية والغيرية، بالتماس المباشر أو غير المباشر، ويهيئ للإصابة بها عوامل مختلفة أهمها فرط التعرق والتعطن والرضوض عند ذوي الاستعداد الخاص. أكثر ما ترى في الأطفال واليفعان، وتترك بعد الشفاء منها في كثير من الأحيان مناعة تقي البالغ من الإصابة مرة أخرى. تراوح فترة الحضانة بين شهر وثمانية أشهر لتبدأ بعدها الاندفاعات بالظهور، ولتبقى غالباً زمناً طويلاً قد يصل إلى سنوات.
    الأشكال السريرية
    للثآليل أشكال متعددة أهمها:
    الثآليل الشائعة verruca vulgaris: تكون وحيدة أو متعددة، تتوضع في النهايات بصورة أكبر بسبب نقص الأكسجة. وتصيب الأطفال أكثر مما تصيب غيرهم. تبدو بشكل أورام مستديرة مرتفعة سطحها رمادي شئز وصفي. تظهر في أي مكان على الجلد أو الأغشية المخاطية كظهورها على اللسان الذي تصل إليه نتيجة عادة قرض الأظافر المصابة.
    يظهر أحياناً ثؤلول وحيد يدعى بالثؤلول الأم mother wart ينمو ببطء لمدة طويلة، ثم تظهر فجأة مجموعة من الثآليل الجديدة حوله. وفي حالات أخرى نادرة يمكن للثآليل أن تنتشر وتعم الجسم. عندما تظهر الآفات على الفروة أو على جلد الأجفان أو حول الفم والذقن والعنق تأخذ شكلاً مفرداً، معنّقاً، رخواً. وتكون معندة ومعاودة وتدعى الثؤلول الخيطي الشكل filiform wart. تقطع هذه الثآليل بسهولة عند الحلاقة عندما تكون متوضعة في ناحية اللحية، وهذا ما يسبب انتشارها بشدة عن طريق العدوى الذاتية. وهناك شكل خاص معند على المعالجة يدعى الثآليل الشائعة حول الظفر periungual warts.
    يُظهر التشريح المرضي أن التبدلات الرئيسة موجودة ضمن البشرة وتبدو بشواك محدد، وتطاول النتوءات بين الحليمات وتسمك الطبقة القرنية بسبب فرط التعرق وخطل التقرن، أما في الأدمة فيرى ارتشاح خلوي.
    الثآليل الفتوية juvenile warts: حطاطات صغيرة مستديرة منبسطة قليلة الارتفاع عن سطح الجلد، بلون الجلد أو غامقة اللون، تتوضع بالخاصة على الوجه وظهر اليدين عند الأطفال واليافعين وأقل من ذلك عند البالغين.


    يتميز الثؤلول الحموي الأخمصي يتسطحه ويتشكل دشبذ فوقه وقد يمتد عمقاً إلى ما تحت الأدمة وتكون مؤلمة
    الثآليل الأخمصية plantar warts: وتعرف عند العامة باسم (المسامير اللحمية الأخمصية)، تشبه الثآليل الشائعة إلا أنها غائرة في سماكة الجلد بدلاً من بروزها على سطحه. تتصف بألمها الشديد حين يضغط عليها بآلة مدببة، أو في أثناء المشي، ولذا فهي تعوق المصاب بها في أثناء المشي والركض. وتكون وحيدة أو متعددة وللثآليل الأخمصية شكل خاص يدعى: الثؤلول الفسيفسائي mosaic wart ينجم عن تجمع عدد كبير من الثآليل الأخمصية بعضها بجانب بعض فتبدو وكأنها اندفاع وحيد واسع يشبه لوحة الفسيفساء.
    الثآليل الزهرية venereal warts: وتعرف أيضاً باسم اللقمومات المؤنفة condylomata acuminata ترى على الجلد والأغشية المخاطية في النواحي التناسلية وحول الشرج، ونادراً في الأماكن الرطبة الأخرى، بشكل ثآليل حليمية صغيرة مفصصة ذات لون وردي أو أسمر، تظهر بأعداد بسيطة ثم تتكاثر متخذة شكل فصوص القنبيط.
    ويغلب أن يكون الداء متعطنا مع مشاركة جرثومية ثانوية تجعله ذا رائحة كريهة وله إفرازات متسخة، تكثر هذه الثآليل خلال الحمل وعند وجود مفرزات مهبلية غزيرة، وهي معدية جداً تنتقل بالعدوى الذاتية والغيرية نتيجة الاتصالات الجنسية الطبيعية والشاذة. تلتبس اللقمومات المؤنفة باللقمومات المسطحة condyloma lata التي ترى في الداء الإفرنجي.
    اللقمومات العملاقة comdylomata gigantea: يتصف هذا الورم النادر بضخامة الحجم والنخر والتخريب والرائحة الكريهة. يظهر الورم غالباً على القلفة بخاصة عند الذكور غير المختونين، ويظهر أيضاً حول الشرج، وقد يصيب المهبل، ونادراً ما تتطور الحالة نحو الخباثة.
    ثدن البشرة الثؤلولي الشكل epidermodyspasis verruciformis: مرض نادر يتصف بثآليل شبيهة بالثآليل الفتوية المنبسطة قابلة للتحول نحو الخباثة. وقد تبين بأن كثيراً من الحالات تترافق بتأخر عقلي مع وجود قصة تزاوج بين الأقارب.


    ثآليل (بروقات) حُمَويَة متعددة على الأصابع . إن مجموعة مزدهرة من الثآليل كهذه المجموعة ينبغي أن تثير الشُبهات باحتمال وجود اعتلال كامن في المناعة متواسطة الخلايا لدى المصاب
    الثآليل المخاطية mucosal warts: تكون منفردة أو منتثرة أو بشكل أورام حليمية حنجرية.
    تغيب معظم الثآليل غياباً تلقائيا دونما معالجة بعد مدة قد تمتد حتى سنوات، وإن بعضها يستجيب لأبسط المعالجات ومنها ما يعند على جميع المعالجات. تختلف طريقة معالجة الثآليل تبعاً لنوع الثآليل أو حجمها، وعددها، وتوزعها. ويجب انتقاء المعالجة المناسبة لكل حالة من الحالات لتكون غير مُشَوِهة وتترك أقل ما يمكن من أثر.
    المعالجة
    - المعالجة بالإيحاء: ناجحة في كثير من الحالات. آليتها غير معروفة تماماً، ويبدو أن الشفاء ناجم عن زيادة المناعة الخلوية المستجيبةللفيروس، ووجد أن المرضى المصابين بنقص المناعة الخلوية يبدون استعداداً خاصاً للإصابة بالثآليل.
    - التجفيف الكهربائي electrodesiccation: وهي من أكثر طرق المعالجة استعمالاً وفيها يجفف الثؤلول كهربائياً ويجرف ويزول تماماً في جلسة واحدة. ويعد الثؤلول الأخمصي الواسع والمتعدد مضاد استطباب لهذه الطريقة.
    - المعالجة القرّية cryotherapy: التي يتم تجميد الثآليل فيها بوساطة ثنائي أكسيد الكربون أو بالآزوت السائل. وتفضل المعالجة بالتجميد عن التجريف الكهربائي من الناحية التجميلية.
    - الحموض acid: تستخدم في المعالجة وخاصة في معالجة الثؤلول الأخمصي الواسع والمتعدد، ومن الحموض المستخدمة حمض الصفصاف salicylic acid، وتستغرق المعالجة عدة أسابيع.
    ويمكن استخدام راتين البودوفيلين resin of podophyllin بنجاح لمعالجة مناطق التنبات الرطبة (القضيب، الفرج، العجان، الشرج وما حوله) وذلك بتطبيق البودوفيلين على الثؤلول فقط بوساطة قضيب زجاجي.
    يستخدم الفورمالين formalin والذراحين cantharidin في بعض الحالات الخاصة. ومن الطرق الأخرى في المعالجة المشاركة بين الخامس فلورويوراسيل 5- fluorouracil، وحمض الصفصاف فالأول مثبط للتكاثر الخلوي والثاني حال للقَرنِين. ويفيد الترتينوئين tretinoin (فيتامين A حمض الريتينوئيك retinoic acid) في معالجة الثآليل الفتوية وفيها يطبق بشكل محلول أو مرهم أو هلام مرة أو مرتين في اليوم. كما أعطت المعالجة بفائق الصوتultra soun نتائج حسنة في بعض الدراسات. أمَّاالأشعة السينية Rontgen Rays فهي غير مستعملة في معالجة الثآليل لأخطارها الجسيمة.
    كما يُستخدم ليزر ثنائي أكسيد الكربون Co2 Laser بنجاح في معالجة الكثير من الأمراض الجلدية ومنها الثآليل (اللقموم المؤنف، الثآليل الشائعة). ويقدر أن عدد طرق المعالجة في الثآليل يتجاوز الألف طريقة، ويغلب أن يكون الإيحاء النفسي سبب الشفاء في معظمها.
    نضر حقي

  9. #569
    الجثة (فتح ـ)

    يقصد بفتح الجثة autopsy فحص جسم المتوفى لجلاء بعض الغوامض التي أحاطت بالوفاة، ويتضمن ذلك الفحص الظاهري للجثة وبيان ما فيها من أذيات ومن ثم فحص الأحشاء الداخلية الذي يتم بعد عملية التشريح.
    تختلف الجهة التي تطلب إجراء فتح الجثة من حالة لأخرى، ويمكن على هذا الأساس تقسيم فتح الجثة إلى نمطين رئيسيين:
    - النمط الأول: فتح الجثة الذي يجري بناء على طلب الأطباء الذين أشرفوا على علاج المتوفى في المستشفى، ويهدف في هذه الحالة إلى معرفة السبب الحقيقي للوفاة إن كان مجهولاً أو مشكوكاً فيه، وتأكيد تشخيص الحالة المرضية وبيان مدى اتساع الآفات المرضية التي انتهت بالوفاة. يضاف إلى ذلك أن فتح الجثة يفيد في معرفة دقة الوسائل المختلفة المستعملة في التشخيص وفي بيان الفوائد المجتناة من المعالجات الطبية والجراحية المختلفة وقد كان فتح جثث المتوفين في المشافي أمراً شائعاً في بعض الدول الأجنبية مثل الولايات المتحدة، ويتناول نحو نصف وفيات المشافي إجمالاً. إلا أن هذه النسبة أخذت بالتراجع منذ منتصف القرن الماضي حتى بلغت نحو عشرين بالمئة من الوفيات في الوقت الحاضر، ويعود ذلك على الأرجح إلى التطور الكبير الذي حدث في وسائل التشخيص المخبرية والتصويرية، الأمر الذي مكن الأطباء من وضع تشخيص صحيح وجازم في أكثر الحالات المرضية، أما في البلدان العربية فإن هذا النمط من فتح الجثة أمر نادر جداً بسبب النظرة السيئة التي يحملها أكثر الناس عن هذا الإجراء. ويتطلب الأمر في هذا النمط من فتح الجثة موافقة أهل المتوفى المسبقة.
    - النمط الثاني: فتح الجثة الذي يجري بناء على طلب السلطات القضائية (قضاة التحقيق، قضاة النيابة العامة، قضاة الحكم) التي تقوم بالتحقيق في حالات الوفاة الناتجة عن تدخل خارجي، أو التي يشتبه أن تكون كذلك، كما هو الأمر في حالات الاعتداء الجنائي أو الانتحار أو الانسمامات أو الغرق وغير ذلك. لا يحتاج الأمر في هذا النمط إلى موافقة أهل المتوفى بل إن هذا الإجراء يتم في كثير من الحالات ضد رغبتهم.
    تنحصر الغاية من فتح الجثة في هذه الحالات الطبية الشرعية في النقاط التالية:
    1- تحديد السبب الحقيقي للوفاة.
    2- تعيين هوية المتوفى الذي قد يكون مجهولاً كما هي الحال في الجثث التي تكتشف في العراء أو على الطرق العامة دون أن يحمل المتوفى ما يشير إلى هويته، ولاسيما عندما تكون الجثة متفسخة فاقدة المعالم.
    3- تعيين زمن حدوث الوفاة. يكتسب هذا الأمر أهمية كبرى في القضايا الجنائية إذ تساعد معرفة زمن الوفاة على حصر الشبهة بالاعتداء في عدد محدود من الأشخاص.
    4- تعيين الشكل الطبي الشرعي للوفاة، أي تحديد الدافع الذي أدى إلى حدوث الأذيات المسببة للوفاة. مثال ذلك الجروح الواسعة التي تشاهد أحياناً في ناحية العنق وتكون السبب المباشر للوفاة، فقد يكون الدافع إليها اعتداء جنائي من قبل شخص آخر، أو أن المتوفى أحدثها بنفسه بغية الانتحار، كما أنها قد تكون ناتجة في أحوال أخرى من حادث عارض. وينطبق الأمر نفسه على الحالات المرضية في الأحشاء التي سببت الوفاة، فقد تكون ناتجة من مرض طبيعي أو من تعرض الشخص لعوامل مؤذية خارجية كيمياوية أو فيزيائية في أثناء ممارسته العمل وانتهت بحدوث هذه الأمراض.
    يتم فحص الجثة على مرحلتين متتاليتين:
    - المرحلة الأولى: وهي الفحص الظاهري للجثة، ويأخذ هذا الفحص أهمية بالغة في القضايا الطبية الشرعية ولاسيما في الوفيات الناجمة من تدخل خارجي، وذلك خلافاً لما هو الأمر في فتح جثث المتوفين في المشافي بسبب إصابتهم بإحدى الحالات المرضية الطبيعية.
    ولما كان أحد الأهداف الرئيسية لفتح الجثة في القضايا الطبية الشرعية هو التعرف على هوية المتوفى وجب أن يتناول الفحص الظاهري ملابس الجثة وما تحويه من أشياء وأوراق قد تساعد على معرفة هوية المتوفى، وما تحمله الثياب من تمزقات تشير إلى دخول المتوفى في عراك مع الآخرين. كما يجب التفتيش في الملابس عن البقع المختلفة ولاسيما البقع الحيوية كبقع الدم والمني. وبعد أن تنزع الملابس يقوم الطبيب بفحص ظاهر الجثة وما فيها من تبدلات تحدث عادة بعد الوفاة كالزرقة الموتية وأماكن توضعها والصمل الموتي وكيفية توزعه ودرجة التفسخ الذي أصاب الجثة، ويسجل المعلومات التي تساعد في التعرف على جنس المتوفى وطول قامته ولون جلده وأشعاره وعينيه، وعمره التقريبي وحالته التغذوية من بدانة أو نحافة، إضافة إلى العلامات الفارقة التي قد توجد على جسمه من وشوم وندبات أو تشوهات خلقية أو مكتسبة. ثم ينتقل الطبيب بعد ذلك إلى وصف علامات العنف الخارجية كالجروح الرضية والجروح القاطعة والكدمات والسحجات والحروق والكسورمبيناً أماكن وجودها وأبعادها وصفاتها الشكلية التي تساعد على تعيين الآلة أو السلاح الذي أحدثها. ومن المستحسن أن يسجل الطبيب مواقع هذه الآفات وقياساتها واتجاهاتها على رسم تخطيطي يمثل الوجه الأمامي وآخر يمثل الوجه الخلفي لجسم الإنسان ويلحق هذه المخططات بتقريره النهائي.
    ويوجه الطبيب عناية خاصة لفحص بعض النواحي ذات الأهمية الطبية الشرعية كفروة الرأس والعنق واليدين والعينين والناحية الشرجية والأعضاء التناسلية الظاهرة والفوهات الطبيعية كالفم والأنف والأذنين التي قد تكون مقراً لأذيات رضية أو تبدلات مرضية بالغة الأهمية في تعرف سبب الوفاة وتدل على طبيعة العنف الذي قد يكون الشخص تعرض له قبيل وفاته.
    - المرحلة الثانية: وهي فتح الجثة بالخاصة، ونعني بذلك فتح الأجواف المختلفة للجثة وفحص الأحشاء التي تضمها بحثاً عن الآفات المرضية والأذيات الرضية التي أصابتها وكانت السبب في حدوث الوفاة.
    يفتح التجويف الصدري البطني بشق على الخط المتوسط يمتد من قبضة القص حتى العانة، ويتناول كامل جدار البطن فتنكشف أمام الفاحص مجمل الأحشاء البطنية التي تفحص وهي في مكانها ثم تفحص بعد استخراجها واحداً بعد آخر. تفحص الأحشاء المصمتة بإجراء شقوق عميقة فيها بحثاً عما فيها من آفات مرضية, أما الأحشاء المجوفة فتفتح ويفتش عما تحويه من بقايا طعامية أو مواد غريبة وتفحص أغشيتها المخاطية بحثاً عما يكون فيها من تبدلات مرضية، أما الأحشاء الصدرية فلا تتكشف للعيان إلا بعد استخراج شريحة تضم القص والجزء الأمامي من الأضلاع فيظهر عندها القلب والرئتان التي تفحص قبل استخراجها وبعده. ويفتش في القلب على نحو خاص عن آفات الشرايين الإكليلية التي تتعرض مع تقدم السن للإصابة بالعصيدة الشريانية التي تضيق هذه الشرايين التي تروي العضلة القلبية وقد تسدها تماماً، مما يؤهب لحدوث الوفيات المفاجئة التي قد تكون مثاراً للشبهة أحياناً مما يستدعي تدخل السلطات القضائية التي تطلب فتح الجثة للتحقق من سبب الوفاة.
    أما جوف القحف فيفتح بعد تسليخ فروة الرأس ونشر عظام الجمجمة دائرياً يسمح باقتلاع قبة القحف فيبدو حينئذ الدماغوالأغشية المحيطة به (السحايا) التي تفحص بعد استخراجها وتحري ما فيها من آفات رضية ولاسيما النزوف أو مرضية كالأورام أو الخراجات. ويسمح استخراج الدماغ والسحايا بفحص عظام قاعدة الجمجمة، وتحري ما فيها من كسور وهو أمر كثير المصادفة في حوادث الطرق.
    يهتم الطبيب الشرعي في هذه المرحلة أيضاً بفحص الأعضاء الداخلية للعنق بحثاً عما قد يكون فيها من علامات رضية كالكدمات والكسور التي تتناول العظم اللامي والغضاريف الحنجرية في حالات العنف الواقع على هذه الناحية كما هو الأمر في حوادث الخنق والشنق. كما تفحص الأعضاء التناسلية للمرأة التي تستخرج بطريقة خاصة عند الشبهة بتعرض المرأة لاعتداء جنسي أو إجهاض جنائي.
    قد لا يكشف الفحص العياني للجثة عن سبب الوفاة وهو الغاية الرئيسية من هذا الإجراء، مما يستدعي اللجوء إلى بعض الفحوص المخبرية المتممة التي تساعد على جلاء الأمر. ولعل أهم هذه الفحوص في القضايا الطبية الشرعية هو الفحص السمي. تؤخذ لهذه الغاية عينات من الدم والبول ومحتويات المعدة إضافة إلى أجزاء من الأحشاء المختلفة ولاسيما الكبد والرئتين والقلب والدماغ والكلى لتحري السموم فيها. كما تؤخذ عينات من الأحشاء آنفة الذكر للفحص النسجي والكشف عما فيها من آفات مرضية مجهرية لا يكشفها الفحص العياني وتكون هي السبب في حدوث الوفاة. أما في حالات الوفاة التي تتم في المستشفيات فكثيراً ما تؤخذ عينات من الدم والرئتين والدماغ وغيرها من الأعضاء للتفتيش عما فيها من آفات خمجية جرثومية أو فيروسية كانت السبب في الوفاة. تصادف أكثر حالات الفشل في كشف سبب الوفاة عند الأطفال والشباب وعلى الطبيب في مثل هذه الحالات أن يعيد فحص الأحشاء ولاسيما القلب ويفتش بدقة عما قد يكون فيها من آفات مرضية خفيفة لم يكشفها الفحص في المرة الأولى وذلك قبل اللجوء إلى الفحوص المتممة آنفة الذكر، وتقدر نسبة الفشل في كشف سبب الوفاة بخمسة بالمئة من الحالات على الرغم من إجراء جميع الفحوص المتممة المشار إليها.
    كثيراً ما يطلب فتح الجثة في القضايا الطبية الشرعية بعد انقضاء مدة طويلة على حدوث الوفاة قد تصل إلى عدة أشهر. تتعرض الجثة خلال هذه الفترة للتفسخ الذي تختلف شدته باختلاف الأحوال البيئية المحيطة بالجثة من حرارة ورطوبة إضافة إلى نوع التربة التي دفنت فيها الجثة وطول المدة التي انقضت على وقوع الوفاة. يؤدي التفسخ إلى تخرب الأنسجة الرخوة في الجثة وانتفاخها بالغازات العفنة التي تنطلق من عملية التفسخ مما يفقد الجثة معالمها الأصلية ويجعل التعرف على هوية المتوفى اعتماداً على المظهر الخارجي صعباً بل مستحيلاً. إلا أن الأحشاء الداخلية كثيراً ما تحتفظ بشكلها في مثل هذه الحالات، لذلك فإن فحص الجثة يكشف عادة مختلف الآفات الرضية التي تعرض لها المتوفى مما يسمح بتحديد سبب الوفاة في أكثر الحالات.
    أما إذا تأخر فحص الجثة مدة طويلة وكان تفسخ الأحشاء شديداً صار من الصعب الحصول على معلومات ذات بال عن الآفات المرضية أو الرضية التي أصابت الأنسجة الرخوة، إلا أن العظام التي تقاوم التفسخ تحتفظ بشكلها وما فيها من آفات قد تكون مفيدة في القضايا الطبية الشرعية، كما يفيد فحص الجثة في التعرف عندما تكون الجثة مجهولة الهوية، وفي كل الأحوال يفيد أخذ العينات من الأحشاء المختلفة المتفسخة في تحري السموم عندما تكون هناك شبهة بأن الانسمام كان السبب في الوفاة.
    زياد درويش

  10. #570
    الجدري

    الجدري variola (smallpox) يعرف باسم الجدري الكبير variola major، أو الجدري الحقيقي variola vera وهو مرض خمجي وبائي اندفاعي معدٍ سببه فيروسة جدرية، من نوع الدنا DNA، وهي كبيرة الحجم وتتكاثر داخل الخلايا ولا تتأثر بالحرارة المحيطية ولا بالتجميد، كما أنها تقاوم الجفاف وبعض العوامل الكيمياوية.
    لمحة تاريخية

    عرف الجدري منذ القديم، ووصفه أعلام الطب اليونانيون والعرب. لكنهم خلطوا بينه وبين الأمراض الجلدية ذات الاندفاعات الحمامية والبثرية المتعممة. غير أن الطبيب العربي أبا بكر محمد بن زكريا الرازي
    (251-313هـ/865-925م) كان أول من فرق بين الجدري والحصبة[ر]، وميزهما، ووصفهما وصفاً دقيقاً في كتابه الشهير «كتاب في الجدري والحصبة».
    والجدري مشهور بعدواه الشديدة، وخطورته الكبيرة، وكان، حتى عهد قريب، يهدد الناس جميعاً، في جميع أنحاء العالم، لذا كان يخضع لرقابة دولية صارمة لمنع انتقاله بوساطة المسافرين، براً أو بحراً أو جواً، من أماكن استيطانه في جنوب شرقي آسيا، إلى شتى أصقاع العالم.
    وقد قضي على الجدري، في الوقت الحاضر، قضاء مبرماً. وآخر جائحة وبائية ظهرت له في العالم كله كانت في الصومال عام 1977. وآخر حالة أخبر عنها كانت في المملكة المتحدة، في برمنغهام، عام 1978، ولكنها كانت حادثة مخبرية فقط.
    وفي عام 1980 أعلنت ثلاث وعشرون هيئة صحية عالمية استئصال الجدري من العالم كله.
    كذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية انقراضه التام، وألغت القيود التي كانت تفرضها بوجوب التلقيح الإجباري ضد الجدري، وصار هذا المرض المخيف من الأمراض التاريخية.
    غير أنه من الضروري أن يشار إليه، باختصار، لتمييز اندفاعاته الجلدية الحويصلية من الاندفاعات المشابهة، وخاصة الحماق[ر] المتعمم، والأمراض الحويصلية أو الفقاعية الأخرى.
    المظاهر السريرية
    يمر الجدري بطور حضانة خفي يقدر باثني عشر يوماً، لا يشعر خلالها المصاب به بأي عرض، ثم تظهر، فجاءة، الأعراض والعلامات السريرية الآتية: توعك شديد وصداع وعرواء وترفع حروري (قد يبلغ 40 ْ) وآلام قطنية وإقياء (في بعض الحالات).
    وبعد ثلاثة أيام أو أربعة، تتحسن الحالة السريرية، وتهبط الحرارة إلى37ْ، ويرافق ذلك، فجاءة، وبهجمة واحدة، اندفاع جلدي غزير جداً يعم البدن كله.
    يتألف هذا الاندفاع من لطاخات حمر، تتحول بسرعة إلى حطاطات papules ثم إلى حويصلات تغطي الوجه والجذع والأطراف، بما في ذلك راحة الكفين وأخمص القدمين (وهذه علامة هامة في التشخيص التفريقي لتمييز الجدري من الحماق).
    وبعد خمسة أيام من ظهور الاندفاع الجلدي، تتحول الحويصلات إلى بثرات مسررة وصفية تطغى على اللحف والأغشية المخاطية كلها، بلا استثناء، ثم تجف البثرات وتتحول إلى جلبات crusts سمر (قشور سمر)، تدوم ما يقارب الشهر، ثم تتساقط مخلفة ندبات عميقة ودائمة، وأهمها ندبات الوجه المعيبة.
    المضاعفات
    كانت مضاعفات الجدري، فيما مضى، مهمة جداً وخطيرة، غير أنها صارت، بفضل الصادات والعناية الصحية، نادرة وتاريخية.
    من هذه المضاعفات ما هي جلدية مخاطية سطحية كالتقيحات الجلدية الواسعة وخراجات الحلق والتهابات القرنية والملتحمة وتقيح العين واضمحلالها (العمى التام). ومنها ما هي حشوية عميقة كخمج الدم والتهاب الرئة والقصبات والتهاب العظام والنقي والتهاب المفاصل والتهاب العضلة القلبية والتهاب الكبد والتهاب الكلية والتهاب الخصية والتهاب السحايا والتهابالدماغ.
    التشخيص
    يتحرى عن الفيروس في البثرات أو الجلبات (القشور) الجلدية أو في المفرزات الأنفية والبلعومية، بالمجهر الإلكتروني، في المختبرات المختصة، كما يمكن زرع الفيروس على الأغشية الحية.
    المعالجة
    لا يوجد علاج نوعي للجدري، غير أن الصادات المختلفة تفيد كثيراً في معالجة التقيحات الجلدية، وفي الوقاية من حدوث المضاعفات العامة الخطيرة.
    كما يمكن استعمال الغاماغلوبولين ومضادات الفيروسات الحديثة (مشتقات التيوسيميكاربازون thiosemicarbazone).
    الوقاية
    يتوقى من هذا المرض الشديد العدوى، باللقاح المضاد للجدري الذي كان إجبارياً، حتى عام 1980 وكانت تطبقه كل دول العالم، وكان ملزماً للناس جميعاً، صغاراً وكباراً، مقيمين في أوطانهم، أو مسافرين خارجها.
    عبد الكريم شحادة

صفحة 57 من 146 الأولىالأولى ... 7475556 57585967107 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال