صفحة 56 من 146 الأولىالأولى ... 6465455 56575866106 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 551 إلى 560 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 56

الزوار من محركات البحث: 64845 المشاهدات : 322027 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #551
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,243 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44359
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 5 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    التسمم الوشيقي

    التسمم الوشيقي Botulism انسمام غذائي خطير يحدث للإنسان عند تناوله منتجات غذائية تحوي المادة السامة التي تدعى الذيفان الوشيقي toxin botulinum الذي تفرزه جراثيم تسمى المطثية الوشيقية Clostridium Botulinum.
    المطثيات الوشيقية جراثيم واسعة الانتشار في الطبيعة، تتميز بقدرتها على التحول من الشكل العادي للجرثوم إلى شكل خاص يدعى البوغ spore مقاوم جداً للعوامل المختلفة التي تؤدي عادةً إلى قتل الجراثيم (كالحرارة المرتفعة والجفاف والمواد الكيمياوية المطهرة). ويحدث هذا التحوّل عادةً عند تعرض هذه الجراثيم إلى ظروف محيطة غير مؤاتية لبقائها. وتصادف أبواغ المطثيات الوشيقية على نطاق واسع في التراب والمياه الآسنة والرواسب المائية (الطين)، وقد تلوّث الخضار والفواكه والنباتات أو الأعلاف المعدة لإطعام الحيوانات، وعندما تأكل الحيوانات هذه الأعلاف الملوثة يتكاثر الجرثوم في أمعائها وتطرحه مع روثها بكميات كبيرة تلوث التربة والوسط المحيط. وتتحول الأبواغ من جديد إلى جراثيم نشيطة استقلابياً عند توافر الظروف المناسبة.
    الذيفان الوشيقي مادة بروتينية شديدة السمية للجهاز العصبي للإنسان، ويتصف بمقاومته لحموضة المعدة وعدم تخربه بإنظيمات الجهاز الهضمي المختلفة، لكن يمكن إبطال مفعوله السمي إذا سُخِّنَ للدرجة 80ْ لمدة 15 دقيقة، أو للدرجة 100ْ لمدة عشر دقائق. والمطثيات الوشيقية النشيطة استقلابياً هي التي تفرز الذيفان وليس الأبواغ.
    لابد لحدوث الانسمام الوشيقي من توافر ثلاثة أمور أساسية هي:
    1ـ وصول الجرثوم المفرز للذيفان أو أبواغه ـ وهو الأغلب ـ إلى مواد غذائية كالخضار والفواكه أو اللحوم أو غيرها، وحفظ هذه المواد أوتعليبها دون التخلص من الأبواغ الجرثومية بشكل تام.
    2ـ توافر ظروف مناسبة لتحول أبواغ المطثيات إلى جراثيم نشيطة استقلابياً وقادرة على إفراز الذيفان السام.
    3ـ تناول الإنسان لهذه الأطعمة التي أصبحت ملوثة بالذيفان دون تعريضها لدرجة حرارة مناسبة وبزمن كاف للقضاء على الذيفان.
    الأعراض
    ومن الجدير بالذكر أن تناول الجرثوم بحد ذاته، أو تناول أبواغه لا يؤدي إلى التسمم، بل لابد من تناول الذيفان الذي أنتجه الجرثوم مسبقاً في أثناء وجوده في الأغذية الملوثة به أو بأبواغه. والأطعمة التي تحمل خطورة التلوث بالذيفان الوشيقي وتتسبب في حدوث التسمم الوشيقي هي في الأغلب اللحوم والأسماك والفطر والفواكه المعلبة في علب محكمة الإغلاق ومفرغة من الهواء، وإن حفظ هذه المواد الغذائية دون تعقيمها بشكل مناسب للقضاء على أبواغ المطثيات الوشيقية، وتوافر ظروف مناسبة فيما بعد يؤدي إلى تحول الأبواغ إلى جراثيم نشيطة استقلابياً ومفرزة للذيفان ضمن هذه الأغذية. وأهم الظروف والعوامل التي تساعد على تحول الأبواغ إلى جراثيم نشيطة وقادرة على إفراز الذيفان هي حفظ المادة الغذائية الملوثة بالأبواغ بطريقة مفرغة من الهواء كما في الأغذية المعلبة (المعلبات) بأنواعها، أو الأغذية المرصوصة بشكل جيد كالنقانق، أو المغلفة بغلاف محكم، أو المحاطة بطبقة كثيفة من الدهن. كما يسهم في ذلك أيضاً وجود المواد السكرية بكميات كافية في الأغذية المحفوظة كمربيات الفواكه أو بعض أنواع الفطور المعلبة. ومن العوامل المهمة أيضاً بقاء المواد الغذائية الملوثة بالأبواغ في درجة حرارة مناسبة تراوح بين 20ْ-40ْ، ولابد من مرور مدّة تفصل بين حفظ المادة الغذائية الملوثة بالأبواغ وبين استهلاكها، وهي على الأقل أسبوع واحد عندما تكون درجة الحرارة نحو25ْ وهي المدة اللازمة لتحول الأبواغ إلى جراثيم مفرزة وإفرازها الذيفان السام.
    عندما يتناول الإنسان مادة غذائية ملوثة بالذيفان الوشيقي فإن الذيفان يجتاز المعدة دون أن يتخرب بحموضتها، وسرعان ما يتم امتصاصه من قبل الزغابات المعوية إلى الأوعية الدموية مما يؤدي إلى انتشاره بوساطة الأوعية الدموية المختلفة إلى معظم أجهزة الجسم وخاصة الجهاز العصبي المركزي حيث يقوم الذيفان بالتأثير في آلية مادة مهمة للنقل العصبي تدعى الأستيل كولين مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في نقل الأدوار العصبية من الجهاز العصبي المركزي إلى العضلات تتظاهر غالباً على شكل شلول عضلية مختلفة.
    من الناحية السريرية يبدأ المرض عادة بشكل فجائي بعد 24-36 ساعة من تناول الغذاء الملوث بالذيفان (معلبات أو نقانق أو غيرها) والذي لم يتم تعريضه لدرجات حرارة كافية للقضاء على التأثير السمي للذيفان، وكلما كانت المدة بين تناول الطعام وحدوث الأعراض أقصر كان ذلك دليلاً على أن كمية الذيفان الموجودة في الطعام أكبر وكان المرض أشد وأخطر. ويشكو الشخص المتسمم في البداية من آلام بطنية مختلفة الشدة، وغثيان وإقياء وأحياناً دوار وإحساس بالإنهاك والتعب، يرافق ذلك شعور بالتوتر وصداع مع جفاف الفم وإحساس بالعطش، وبعد ذلك بساعات أو أيام قليلة (يومين إلى ثلاثة أيام) تبدأ بالظهور عند معظم المرضى أعراض وعلامات عصبية مختلفة أهمها اضطرابات الرؤية التي تتظاهر على شكل رؤية ضبابية أو رؤية مزدوجة (الشفع) وقد يحدث توسع في حدقة العين أو ارتخاء في الأجفان مع عدم قدرة المريض على رفعها أو إبقائها مرفوعة. وتحدث بشكل متزامن مع الأعراض العينية أو بشكل متأخر عنها قليلاً صعوبة وألم البلع تدعى (عسرة البلع المؤلمة) يرافقها غالباً اضطرابات في النطق والتصويت قد تصل أحياناً إلى فقدان القدرة على النطق والكلام، ويصاب المريض أيضاً بالإمساك بسبب الشلل الذي يصيب الأمعاء أو احتباس البول بسبب شلل المثانة وعدم قدرتها على التفريغ. كما قد يشتكي الشخص المصاب بالتسمم الوشيقي في كثير من الأحيان من صعوبة في التنفس يعبرعنها بعدم وجود هواء كاف للتنفس ويتوقف بين الفينة والأخرى بشكل مفاجئ لالتقاط الأنفاس في أثناء تحدثه. ولا يندر الشعور بحس ضغط على الصدر. وفي أثناء فحص المريض يكون القلب متسرعاً لكن الحرارة تبقى طبيعية في أغلب الحالات.
    ولوحظ شكل آخر من التسمم الوشيقي يحدث عند بعض الأطفال الصغار (بعمر شهر حتى ستة أشهر عادةً)، ويتظاهر في أغلب الأحيان في البداية على شكل إمساك وارتخاء في الجسم وعدم قدرة الطفل على البكاء، وقد تتطور هذه الأعراض بعد ذلك إلى شلول مختلفة أخطرها الشلل التنفسي الذي قد يؤدي إلى توقف التنفس وموت الرضيع في بعض الأحيان. ويعتقد أن سبب هذا التسمم ليس تناول أغذية ملوثة بالذيفان الوشيقي وإنما وصول جراثيم المطثيات الوشيقية بشكل ما إلى أمعاء الرضيعوتكاثرها بشدة فيها وإفراز الذيفان الوشيقي داخل الأمعاء، أما لماذا لا يحدث هذا الشكل من التسمم الوشيقي عند الكبار فسببه على الأغلب هو أن جراثيم المطثيات الوشيقية التي قد تصل إلى أمعائهم لا تستطيع الاستقرار والتكاثر بعكس ما يحدث عندالرضيع.
    التشخيص
    يتم تشخيص الإصابة بالانسمام الوشيقي من خلال الأعراض السريرية التي تظهر عند المريض وترافقها مع قصة تناول المريض لطعام معلب أو محفوظ مشتبه بتلوثه بذيفان المطثيات الوشيقية، ومن المؤشرات على إمكانية التلوث بالذيفان المظهر والرائحة غير الطبيعيين للطعام. إذ تفقد بعض أجزاء الغذاء كاللحوم والنقانق مثلاً قوامها ولونها الطبيعيين وتطلق رائحة واخزة تشبه رائحة الزبدة المتفسخة، كما أن المعلبات التي تحوي على جراثيم مفرزة للذيفان تصبح منتفخة نتيجة تراكم الغازات الناجمة عن استقلاب الجراثيم الموجودة في الطعام بداخلها.
    ويمكن التأكد إذا لزم الأمر من وجود الذيفان الوشيقي في مادة غذائية ما بإجراء اختبارات كيماوية أو مناعية مختلفة تؤكد بشكل نهائي وجود الذيفان أو عدم وجوده، كما يمكن لبعض المخابر المتخصصة أن تجري بعض الفحوص التي يمكنها الكشف عن وجود الذيفان في دم الشخص المشكوك بإصابته بالتسمم الوشيقي أو حتى في القيء أو البراز إذا اقتضى الأمر.
    الوقاية
    تتضمن الوقاية من الإصابة بالتسمم الوشيقي الالتزام بتعقيم اللحوم والأسماك والفواكه والخضار قبل حفظها وتعليبها بشكل محكم الإغلاق، وذلك من أجل القضاء على الجراثيم التي قد تكون ملوثة بها خاصة جراثيم المطثية الوشيقية أو أبواغها. ويتم ذلك عادة بتعريضها إلى درجات حرارة مرتفعة (نحو120ْ ومدة لا تقل عن ربع ساعة) وهي الطريقة الأنسب للقضاء على الأبواغ المقاومة جداً للحرارة وللأسف فإن هذا غالباً غير ممكن في الظروف المنزلية، لذا يفضل عدم حفظ الأغذية منزلياً بشكل معلب وخالٍ من الهواء إنما حفظها بطرق أخرى. كما يجب وضع المواد الغذائية المعلبة والمحفوظة كالنقانق والسمك المدخن وغيرها في أماكن جافة وبدرجة حرارة لا تزيد عن 15ْ إن أمكن ذلك طيلة مدة الاحتفاظ بها قبل استخدامها، كما يجب وقاية اللحوم من التلوث بمحتويات أمعاء الحيوان التي قد تكون حاوية على جراثيم المطثيات أو أبواغها في أثناء ذبحه وسلخه وتقطيعه، كما يفضل ذبح الحيوانات وهي في حالة الراحة بعد منعها لعدة ساعات من الطعام (وسبب ذلك أن بعضاً من الجراثيمالتي قد توجد بشكل طبيعي في أمعاء الحيوان قد يتسرب إلى الدم بشكل مؤقت وعارض عند وجود مجهود حركي أو بعد تناول الطعام وبدء الهضم مباشرة). ولا يجوز تناول أي مادة غذائية مشتبه بتلوثها (كمعلبات منتفخة أو لحوم أو أسماك أو مربيات متغيرة القوام والرائحة) ولو كان ذلك من قبيل التذوق لأن كمية قليلة جداً من الذيفان كافية لحدوث التسمم، مع العلم أنه يمكن القضاء على الذيفان في الأغذية المشتبه بتلوثها به بتسخينها إلى درجة حرارة 100ْ لمدة عشر دقائق على الأقل. ويوجد لقاح خاص يعطى للوقاية من حدوث التسمم الوشيقي لكن استخدامه محدود جداً ولا يعطى عادة إلا للعاملين بالمخابر التي تتعامل مع الذيفان الوشيقي، وقد يعطى اللقاح في بعض البلدان للحيوانات كالأبقار.
    عند ظهور أعراض عند شخص ما تشير إلى حدوث التسمم الوشيقي وخاصة عند ظهور هذه الأعراض بعد تناول أغذية معلبة أو محفوظة يشك بفسادها، فإنه يجب البدء بعلاجه بأسرع ما يمكن، ويفضل أن يتم العلاج في المستشفى؛ إذ تعد معالجة المريض المصاب بالتسمم الوشيقي معالجة إسعافية وتتضمن إعطاء المريض مادة نوعية مضادة للذيفان (الترياق) ويجب إعطاؤها بشكل مبكر قبل استفحال المرض إذ تصبح عندها عديمة الجدوى، كما قد يحتاج مرضى التسمم الوشيقي إلى بعض إجراءات الإنعاش الطبي التي تعالج اضطرابات البلع أو التنفس وتعد الأخيرة خطرة على حياة المريض.
    وتتراجع أعراض المرض عند المرضى الذين يبقون على قيد الحياة بعد حدوث التسمم الوشيقي بالترتيب العكسي لظهورها مع العلم أن بعض الأعراض كاضطرابات الرؤية قد تستمر مدة طويلة بعد زوال أعراض التسمم الأخرى. وتختلف نسبة الوفيات في حالات التسمم الوشيقي حسب كمية الذيفان المتناولة وبحسب مقاومة الشخص وسرعة البدء بالعلاج؛ إذ قد تبلغ نسباً عالية عند تناول كمية كبيرة من الذيفان أو عند تأخر العلاج أو عدم إعطائه مطلقاً. وتحدث حالات التسمم الوشيقي في معظم دول العالم ومناطقه، ولكنها أكثر حدوثاً في البلدان التي يكثر فيها حفظ اللحوم والأسماك والفطر وغيرها أو تعليبها بطرق منزلية بدائية وبسيطة لا تؤمن تعقيمها من الجراثيم أو أبواغها.

    صلاح الدين شحادة

  2. #552
    التشريح (تاريخ علم ـ)

    علم التشريح هو دراسة شكل جسم الإنسان وتركيبه. وقد تركزت دراسة التشريح في البداية على وصف الأعضاء والأجهزة (التشريح الوصفي) استناداً إلى تشريح الجثث، ثم انتقل هذا العلم إلى دراسة العلاقات الناظمة لتركيب الجسم وتطوره وعمل الأعضاء والأجهزة (التشريح الوظيفي).
    تزود التقانات الحديثة علم التشريح بوسائل دراسة جديدة مثل علم التصوير الطبي الذي جعل البنى العميقة في الجسم الحي شفافة.
    ليس التشريح علماً حديث العهد، فقد اهتم الإنسان به منذ القدم، ولكنه لم يصبح علماً واضحاً حتى زمن الحضارة الإغريقية ومن ثم الحضارة الرومانية، قبل أن ينتقل لواء تقدمه إلى الحضارة العربية الإسلامية التي مهدت الطريق إلى عصر النهضة. تتضمن هذه الدراسة أهم المنجزات في تاريخ التشريح history of anatomy من خلال تسليط الضوء على أبرز علمائه في العصور آنفة الذكر.
    التشريح في زمن الإغريق القدماء
    بدأ التشريح علماً في عصر الإغريق القدماء:
    ـ فقد كتب ألكميون الكروناتي (500ق.م) Alcmeon of Cronata كتاباً في التشريح، وكان أول من تعرف على الدماغ كمركز للفعالية العقلية.
    ـ وأتى أبقراط[ر] (460- 377ق.م) Hippocratus ليفصل الطب عن الآلهة، واعتقد أن تركيب الجسم يستند إلى نظرية الأخلاط الأربعة: الدم والبلغم والصفراء والسوداء.
    ثمة أخطاء في المعلومات التشريحية التي قدمها أبقراط. وقد بدا له مثلاً أن الشرايين تحوي هواءً لأنها كانت فارغة في الجثث. ويعود النقص في خبرة أبقراط في تشريح الأعضاء غير المرئية إلى حظر تشريح الجثث في عصره. وكان الأطباء العرب أول من تجرؤوا على تصحيح أخطائه.
    وبعد انحسار امبراطورية الاسكندر المقدوني انتقل مركز الثقافة الإغريقية إلى الإسكندرية، وبرز في هذا العهد هيروفيل وإراسيستراتوس.
    ـ كان هيروفيل (304ق.م) Herophilus أول من جعل من التشريح علماً مستقلاً بعد أن كان يعد قسماً من الجراحة، وهو أول من قام بتشريح الجثث البشرية تشريحاً منهجياً، وأطلق مصطلح التشريح anatomia، وقدم وصفاً للدماغ والسحايا والشبكة الوعائية والجيوب السحائية الوريدية والأعصاب والشرايين والأوعية الكيلوسية chyliferous على أنه لم يدرك دلالتها. واكتشف أيضاً الموثة (البروستات) والعفج، وقد سمى العفج الاثنى عشري لطوله البالغ اثنتي عشرة إصبعاً. أضاف هيروفيل المعلومات التشريحية التي اكتشفها إلى المعلومات السابقة لعصره وجمعها في كتاب في التشريح. ويعد هيروفيل «أبا التشريح».
    ـ شرّح إراسيستراتوس (350- 300ق.م) Erasistratus جثث الإنسان والحيوان وأسس علم التفاغرات الوعائية، وعرف البطينات الدماغية والدسامات السينية ومثلثة الشرف وكان أول من ميز بين الأعصاب الحركية والأعصاب الحسية.
    التشريح فى رومة القديمة
    من أبرز علماء هذه الحقبة كلوديوس جالينوس[ر] (130-200م) Claudius Galen. ولد جالينوس في برغاموس (في اليونان)، وتوفي في صقلية. كان جالينوس يعتقد مثل بلاتو Plato أن الجسم محكوم بثلاثة أعضاء: الكبد الذي تركب فيه «الروح الفيزيائية» والقلب الذي تنبع منه «الروح الحيوية» والدماغ الذي تتركز فيه «الروح النفسية».
    أضاف جالينوس اكتشافات كبيرة إلى علم التشريح، فقد اقترح تصنيفاً للعظام والمفاصل لا يزال يستفاد منه حتى اليوم، ووصف أقساماً مختلفة من الدماغ بما فى ذلك الوريد الدماغي الكبير الذي يحمل اسم جالينوس.
    ثمة أخطاء كثيرة في وصف جالينوس لتركيب الجسم بسبب اضطراره إلى الاقتصار على تشريح الحيوانات. وقد استند الطب في أثناء العصور الوسطى إلى معطيات جالينوس في التشريح والفيزيولوجية، وكان الأطباء العرب هم الوحيدين الذين تجرؤوا على تصحيح كثير من أخطاء جالينوس التشريحية قبل أن تصير هذه الأخطاء جلية في عصر النهضة.
    التشريح عند العرب فى العصور الوسطى
    تمتد هذه العصور من القرن الخامس إلى القرن السادس عشر حيث أعقبها عصر النهضة.
    فحين بدأت العلوم بالانحدار في الغرب بسبب معارضة الكنيسة لها، وجدت مناخاً خصباً للتقدم في ظل الحضارة العربية الإسلامية.
    يقصد بالتشريح عند العرب أعمال التشريح التي كتبت باللغة العربية في فترة الحكم العربي الإسلامي الذي شمل أرجاء شاسعة امتدت بين تركمانستان والمحيط الأطلسي في زمن دام خمسة قرون تركت بصماتها في تاريخ الإنسانية. لم يقتصر أثر العرب على نقل مؤلفات العلماء الإغريق والرومان والهنود إلى اللغة العربية وحفظ هذه العلوم إلى الأجيال اللاحقة، بل أغنوا هذه العلوم بمكتشفات رائعة في كل الفروع ومنها التشريح. ومن أبرز علماء التشريح في هذه الفترة:
    ـ يوحنا بن ماسويه[ر] Jean Mésué (ت 243هـ/857م): من أطباء مدرسة جنديسابور، هاجر إلى بغداد في أوائل القرن الثالث الهجري. كان يشرح القرود في قاعة تشريح خاصة، وكان الخليفة المعتصم يساعده في الحصول على القرود من بلاد النوبة، وألف كتاباً في التشريح.
    ـ علي بن عباس المجوسي (ت نحو 400هـ/ نحو 1010م): عالم بالطب، من أهل الأهواز. له كتاب «كامل الصناعة الطبية الضرورية» ويسمى الكتاب الملكي، كانوا يدرِّسونه حتى ظهور قانون ابن سينا. ترجم للاتينية سنة 1492 بفينيسية وسنة 1523 في مدينة ليون. والكتاب مقسم إلى عشرين مقالة تحتوي على أبواب عدة، والمقالتان الأوليان قاصرتان على فصول في التشريح كانت المرجع الرئيسي لعلم التشريح في سالرنو بإيطالية.
    ـ ابن الهيثم[ر] Alhazen محمد بن الحسن (نحو 354-430هـ/ نحو 965-1038م): ولد في البصرة وتوفي في القاهرة. يعد أول من كتب عن أقسام العين ورسمها بوضوح تام ووضع أسماء لبعض أقسام العين أخذها عنه الإفرنج وترجموها إلى لغاتهم ومنها الشبكية والقرنية والسائل الزجاجي والسائل المائي.
    ـ ابن سينا[ر] Avicenna الحسين بن عبد الله (370-428هـ/980-1037م): ولد في أفشنه وتوفي في همذان. كان عالماً في اختصاصات متنوعة، وقد ألف أكثر من مئة عمل من أهمها كتاب «القانون في الطب» الذي يحوي مما يحوي معلومات تشريحية وفيزيولوجية قيمة استمدها ابن سينا من علوم الإغريق والرومان وأضاف إليها إضافات أصيلة فى تشريح العين مثلاً. خصص للتشريح كتاب «التصريح في فن التشريح». وقد اعتقد أن الجسم ليس محكوماً بثلاثة أعضاء فحسب بل بأربعة هي القلب والدماغ والكبد والخصية0
    ـ ابن رشد[ر] Averroes محمد بن أحمد (520-595هـ/1126-1198م): فقيه وطبيب وفيلسوف، ولد في قرطبة وتوفي في مراكش. وصف عمل شبكية العين. من أقواله: «من اشتغل بعلم التشريح ازداد إيماناً بالله».
    ـ عبد اللطيف البغدادي[ر] (557-628هـ/1162-1231م): ولد في بغداد. جال بلداناً كثيرة وقد مارس في القاهرة التشريح العملي وعلمه لتلاميذه. له مؤلفات كثيرة منها كتاب «الكفاية في التشريح».
    ـ ابن النفيس[ر]علي بن أبي الحزم (نحو597-687هـ/نحو1200-1288م): طبيب دمشقي كان من العلماء القلائل الذين كانت لديهم الخبرة الكافية لانتقاد جالينوس أو ابن سينا. يعد أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى وفهم تركيب الرئةوالأوعية الشعرية الكائنة بين الشرايين والأوردة الرئوية، وضمّن ذلك في كتابه «شرح تشريح القانون». يرى بريفس Prives وسورنياSournia أن سرفيتوس Servitus وكولومبو Colombo وهارفي Harvey لم يكونوا على علم باكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية الصغرى قبلهم بقرون.
    التشريح في عصر النهضة
    صار التشريح علماً حقيقياً نتيجة للتطور الذى حصل في عصر النهضة الممتد في القرنين السادس عشر والسابع عشر. كان دافنشي أول من بدأ بالتطوير الذي تابعه فيزال وفالوب وأوستاش وهارفي وغيرهم، حيث تجسد هذا التطور في وضوح الدورة الدموية واكتشاف المجهر، ومن ثم الانتقال إلى تطور التشريح على الصعيد المجهري ونشوء علم النسج.
    ـ ليوناردو دافنشي[ر] (1452-1519م) Leonardo Davinci: رسام وعالم في اختصاصات علمية متنوعة. وكان أول من اهتم بالتشريح كفن (التشريح الفني) قبل انتقاله إلى الاهتمام به كعلم. ولم يقتصر دافنشي على دراسة المعالم الخارجية لجسم الإنسان بل شرح جثث الإنسان والحيوانات، ودرس العظام ووضع صوراً مجسمة للأعضاء.
    ـ أندره فيزال (1514-1565م) André Vesalius: طبيب بلجيكي عمل في المدرسة الطبية في بادوا في البندقية التي أنشئت جامعتها عام 1222م، وحصلت على عدد كبير من كتب العرب. شرّح فيزال الجثث، وكان أول من درس تركيب جسم الإنسان دراسة منهجية مستنداً إلى طرق موضوعية في المشاهدة؛ وقد صحح أخطاء جالينوس في التشريح التي تجاوزت 200 خطأ. جمع فيزال مشاهداته في كتابه «تركيب جسم الإنسان»De humani corpori fabrica، وهو كتاب واضح ومفصل مكون من 7 مجلدات نشره عام 1543م محدثاً ثورة حقيقية في المفهومات التشريحية في عصره. لاقى فيزال عداءً وتعرض إلى الاضطهاد، ولفقت له تهمة تشريح جسم إمرأة نبيلة كان قلبها لا يزال ينبض؛ وعوقب بإرساله في رحلة حج إلى القدس يقال إنه توفي في طريق العودة منها. يرى بريفيس أن أول مختبر تشريح في أوربة كان في جامعة بادوا في القرن الثالث عشر ويبدو أنه يغفل ما أوضحه جول لا بوم Jules La Baumeفي كتابه «تحليل القرآن» في أن المدارس العربية كانت في القرن العاشر الميلادي تعلّم التشريح العملي في قاعات مدرَّجة خُصصت لتدريس التشريح في أماكن متعددة ولاسيما في صقلية.
    ـ غابرييل فالوب (1523-1562م) Gabriel Fallopio: مشرّح وجراح إيطالي، من تلامذة فيزال. وهو أول من قدّم شرحاً مفصّلاً لتطور العظام وتركيبها، وكذلك العضلات والأعضاء التناسلية وأعضاء السمع والبصر وغيرها. وقد وصف مكتشفاته في كتابه «مشاهدات تشريحية» Observations anatomicae. حملت الكثير من الأعضاء اسم فالوب ولا يزال اسم فالوب يستخدم للإشارة إلى النفير الرحمي.
    ـ بارتولوميو أوستاش Bartelommeo Eustachio (نحو 1524-1574م): مشرّح وطبيب إيطالي، كان أستاذاً في جامعة رومة وطبيباً للبابا. وصف الأسنان والكلى والأوردة وأعضاء السمع. وقد اكتشف القناة الصدرية عند الحصان. وإضافة إلى أعماله في التشريح الوصفي، درس تطور الكائنات. ونشر عام 1714م معارفه التشريحية في كتاب أسماه: «الوجيز في التشريح«. حملت الكثير من التراكيب التشريحية اسمه ومنها مثلاً نفير أوستاش الذي يشير إلى النفير السمعي.
    ـ وليم هارفي (1578-1657م) William Harvey: طبيب ومشرّح وفيزيولوجي إنكليزي، استند في عمله إلى المشاهدة والتجريب. ولم يقتصر في دراسته للتشريح على وصف الأعضاء بل ربط تحرياته بمعطيات التشريح المقارن وعلم الجنين والفيزيولوجية. وكان أول من أطلق فرضية أن الحيوان في مراحل تكونه ontogenesis يكرر مراحل تطوره السلالي phylogenesis. اكتشف هارفي أن القرص الجنيني يمثل الجنين، ووصف سير المخاض والمشيمة والحبل السري مما جعله يعد مؤسس علم الجنين. ولأن تشريح الجثث لايستطيع تقديم معلومات عن الوظائف الحيوية فقد قام هارفي بأعمال تجريبية على الحيوانات إضافة إلى ممارسته التشريح، مما مكنه من تحري إحدى أهم الوظائف حيوية وهي عمل الدورة الدموية؛ فتمكن من تقديم أول صورة متكاملة للدورة الدموية على سبق ابن النفيس باكتشاف الدورة الدموية الصغرى قبل هارفي بعدة قرون. وقد نشر هارفي نتائج أبحاثه في الدوران الدموي عام 1628م في كتاب صغير شهير أسماه: «مقالة تشريحية في حركة القلب والدمفي الحيوانات» Anatomical Treatise on the Movement of the Heart and Blood in Animals.
    ـ غاسبار أسيلي (1581-1626م) Gaspare Aselli: مشرّح وجراح إيطالي، اكتشف الأوعية «اللمفية» عام 1622م، ويعد رائد دراسة الجهاز اللمفي التي سهلت فهم الدوران الدموي.
    ـ مارسيل مالبيكي (1628-1694م) Marcello Malpighi: مشرّح وعالم نسج إيطالي، كان أستاذاً في الفيزياء قبل أن يصير طبيباً للبابا. وهو أول من وصف الدوران الدموي على مستوى الشعريات، وأثبت التركيب النسيجي للرئتين. ويعد مؤسس علم النسج. وقد استخدم المجهر، وبدأ باكتشاف التركيب المجهري للأعضاء.
    ـ فريدريك رويش (1638-1731م) Frederic Ruysch: مشرِّح ألماني شهير، كان أستاذاً للتشريح وعلم النبات في أمستردام. طوّر طريقة جديدة في حقن المواد ضمن الأوعية فاتسعت معرفة الجهاز الوعائي الدموي، وقد أنشأ متحفاً تشريحياً رائعاً عُدَّ «ثامن عجائب الدنيا».

    يوسف مخلوف

  3. #553
    التصلب اللويحي (التصلب المتعدد)

    التصلب اللويحي sclérose en plaques أو التصلب المتعدد multiple sclerosis هو أكثر الأمراض العصبية مصادفة في مرحلتي الشباب والكهولة. وهو داء مزمن غامض السبب، يتصف من الناحية المرضية بظهور لويحات plaques زائلة النخاعينdemyelination في المادة البيضاء للجملة العصبية المركزية central nervous system، أي في الدماغ والحبل الشوكي spiral cord، أما من الناحية السريرية، فيتصف بمظاهر عصبية كثيرة، يعتمد شكلها السريري وشدتها على المكان التشريحي لهذه الآفات.
    هناك ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص مصاب بهذا الداء في العالم. وتتأثر به كل الأعراق والأجناس، وخاصة المنتمون لأصول أوربية شمالية. ويتفاوت معدل الحدوث incidence rate كثيراً، حتى ضمن البلد الواحد. فقد ينخفض إلى 10 من كل مئة ألف في بعض المجتمعات ويرتفع إلى 250 من كل مائة ألف في مجتمعات أخرى. وتبدأ الأعراض بين 16-50 عاماً من العمر، ولاسيما بين 20-40 عاماً. والإناث أكثر عرضة للإصابة من الذكور بنسبة الضعف.
    دلت دراسات متعددة على وجود عوامل جينية وأخرى بيئية تؤهب للإصابة: فهناك سيرة أسرية في 10٪ من الحالات. وترتفع إمكانية الإصابة بين الأقرباء من الدرجة الأولى لمريض ما إلى 5٪، أي إلى 20-40 ضعفاً عما هي عليه بين الناس عامة. ويكثر وجود الأليل Allele المعروف بـ HLA-DR2، والأليل HLA-DR3، والموجود على الصبغي رقم 6، وتصل نسبة الإصابة بين توأمي البيضة الواحدة monozygotic twins إلى 25-30٪، على حين هي أقل من ذلك بكثير (2-5٪) في توأمي البيضتينdizygotic.
    لا يعد هذا الداء وراثيا،ً بالرغم مما ذكر، إذ تؤثر عوامل بيئية غامضة في الإمراض، حسب ما أوحت به دراسات الهجرة السكانية من بلد لآخر، تتفاوت نسب الإصابة فيما بينها. فمن المعتقد أن هذه العوامل البيئية تفعل فعلها قبل سن البلوغلدى من كان لديه الاستعداد الجيني للإصابة، ويؤدي هذا التضافر لتحريض الجهاز المناعي على مهاجمة الغمد النخاعينيmyelin sheath للمحاوير العصبية axons، وذلك بين حين وآخر. ومن المعروف أن هذا الغمد يقوم بحماية المحاوير وعزلها كهربائياً بعضها عن بعض، وتتجلى الأعراض العصبية لتلف هذه الطبقة العازلة وللارتكاس الالتهابي المرافق. وفي مرحلة الشفاء من الهجمة، يستعاض عن النخاعين السوي بنسيج ندبي صلب يبدو تشريحياً على هيئة لويحات. ومن هنا جاءت تسمية المرض: التصلب (نسبة إلى النسيج الندبي الصلب) اللويحي (نسبة إلى تلك اللويحات الندبية) أو المتعدد (نسبة إلى البقع المؤوفة المبعثرة).
    للتصلب المتعدد مظاهر سريرية كثيرة، تتفاوت من حيث الشكل والشدة، من هجمة لأخرى، ومن مريض لآخر، وحتى في المريض ذاته. تبدأ الأعراض فجاءة أو أنها قد تزداد ببطء في أسابيع أو أشهر، وتشمل مظهراً واحداً أو أكثر. فقد يشتكي المريض من تعب شديد أو من شلل أو اضطراب حركي في طرف أو أكثر (في 40٪ من الحالات). وقد يصاب بعضهم بالتهاب العصب البصري، ومنه حدوث فقد الرؤية المؤقت في عين واحدة غالباً (في 22٪). وقد تحدث اضطرابات حسية (21٪) أو شفع diplopia (رؤية مزدوجة في 12٪) أو دوار (في 8٪)، أو خلل في التبول (5٪). كما قد يتغير المزاج، ومنه حدوث الكآبة أو المرح euphoria أحياناً. وتضطرب الذاكرة القريبة أيضاً.
    لا يمكن التكهن مسبقاً بنمط سير الداء، لا من حيث المظاهر المختلفة ولا من حيث الشدة أو الترقي. فيعيش المريض وذووه في قلق خوفاً مما ستحمله الأيام معها، الأمر الذي يزيد من التأثيرات المدمرة للداء.
    يكون الشكل السريري واحداً مما يأتي، وقد تتداخل فيما بينها:
    1ـ الشكل الحميد benign form: يصادف في 55٪ من الحالات تبدأ الأعراض فجاءة. وغالباً ما تكون حسية أو بصرية، وتتحسن تحسناً كاملاً. يكون الفاصل بين الهجمة والأخرى طويلاً. ولكن يتحول هذا النمط إلى الشكل المترقي في نهاية المطاف.
    2ـ شكل السورات والهوادات relapsing/remitting: ويصادف في 25٪ من الحالات. يتصف بحدوث هجمات أو بتزايد الأعراض السابقة، وذلك بمعدل مرة بالسنة.
    ويتحسن المريض تحسناً ناقصاً تاركاً بعض العجز الوظيفي. وبتكرار الهجمات، يتراكم هذا العجز، ويدخل الداء في مرحلة الترقي.
    3ـ الشكل المترقي بطيء السير منذ البدء: ويصادف في 5٪ من الحالات وخاصة متى بدأ في الكهولة. لا تختلف سرعة الترقي في هذا النموذج عما يصادف في الأشكال السابقة الأخرى التي تدخل مرحلة الترقي. وفي نهاية المطاف، يصبح المريض مقعداً، ومن ثم عاجزاً طريح الفراش. يبلغ متوسط توقع الحياة في التصلب اللويحي 25 عاماً منذ البدء بشكل عام. ويكون سبب الوفاة خمجاً في قروح الاضطجاع، أو التهاب رئة استنشاقي، أو صمة رئوية، أو الانتحار في الغرب أحياناً.
    4ـ الشكل الحاد: ويصادف في 15٪ من الحالات. تكون الأعراض عاصفة منذ البدء، ويتطور الداء بسرعة لينتهي بالوفاة خلال أشهر، على نمط مغاير للأشكال الأخرى.
    يعتمد تشخيص التصلب المتعدد على السريريات، ويركز على وجود معيارين يدلان على تبعثر الإصابة في الزمان والمكان، أي:
    ـ حدوث هجمتين من الإصابة، تفصل بينهما مدة لا تقل عن الشهر.
    ـ تأذي أكثر من مكان واحد من الجملة العصبية المركزية مع غياب الأمراض الأخرى.
    لا يوجد اختبار واسم لتأكيد التشخيص. ولعل التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ والحبل الشوكي هو أفضل وسيلة موجودة حالياً. فقد تظهر بقع مبعثرة من تأذي المادة البيضاء في الجملة العصبية المركزية. إلا أنه قد يكون سوياً في بعض المصابين ولاسيما في المراحل الباكرة. وقد يساعد في التشخيص كل من فحص السائل الدماغي الشوكي، بحثاً عن دلائل لاضطراب مناعي في الجملة العصبية، وقياس الكوامن المنارة بصرياً، لتحري بطء النقل الكهربائي في العصب البصري حتى في الذين لم يصابوا بأعراض بصرية سريرية.
    لا يوجد علاج ناجع للتصلب المتعدد. تفيد الستيروئيدات في التخفيف من حدة الهجمة، وتسرع من شفائها، ولكن دون أن تؤثر في سير الداء على المدى الطويل. وقد يفيد التعديل المناعي immune modulation بإعطاء الإنترفرون بيتا beta interferon أوglatiramer acetate في التخفيف من شدة الهجمات وتواترها بنحو30٪ من الحالات. ويركن للعلاج العرضي للتخفيف من الشعور بالتعب، والتشنج، والألم، والضعف واضطراب التبول.

    أنس سـبح

  4. #554
    التصوير الطبي

    التصوير الطبي medical imaging هو من التقانات التي تستعمل لتأكيد التشخيص السريري ويعد من الفحوص المتممة.
    وأهم الوسائل المعتمدة:
    1ـ التصوير الشعاعي: يعتمد على الأشعة السينية واختلاف اختراقها لأحشاء الجسم من شحم أو عضلات أو عظم أو هواء، ثم استقبالها على أفلام حساسة خاصة [ر.الأشعة السينية].
    أنواع التصوير الشعاعي
    أـ التصوير البسيط: دون استعمال مواد ظليلة مساعدة، وأهم استعمالاته:
    ـ تصوير العظام والمفاصل لتحري آفات رضية أو مرضية أو تشوهات خلقية أو انصبابات مفصلية.
    ـ النسيج الرخو للبحث عن تكلسات أو أجسام غريبة.
    ـ الصدر لدراسة أمراض الرئة والقلب والمنصف.
    ـ البطن للبحث عن حصيات بولية أو صفراوية، ودراسة توزع الظلال الحشوية لتحري انسداد أو انثقاب هضمي.
    ـ الجمجمة لدراسة الجيوب الوجهية والخشاءات والسرج التركي والبحث عن تكلسات مرضية ضمن الجمجمة.
    ب ـ التصوير الظليل: ويجرى بمساعدة مواد كثيفة على الأشعة تظلل المنطقة المراد تصويرها، تسمى بالمواد الظليلة وتعطى حسب الحاجة:
    ـ اللقمة الباريتية وتتم بإعطاء المادة الظليلة عن طريق الفم سلفات الباريوم sulfate barium لتصوير المريء والمعدة والعفج والأمعاء الدقيقة ودراسة أمراضها.
    ـ الحقنة الباريتية وتتم بحقن الباريوم عن طريق الشرج لتظليل المستقيم والأمعاء الغليظة (القولونات)، ودراسة أمراضها.
    ـ تصوير الرحم والملحقات بحقن مادة زيتية أو مائية يودية الأساس لتصوير جوف الرحم ودراسة نفوذية البوقين.
    ـ تصوير الإحليل أو المثانة المباشر (بالطريق الراجع) بعد حقن المادة الظليلة.
    ـ حقن المادة الظليلة ضمن المفصل لدراسة مفاصل الركبة بشكل خاص، أو بدرجة أقل مفاصل الكتف أو عنق القدم أو المعصم.
    ـ تصوير ظليل لأقنية بعض الغدد اللعابية أو أقنية غدد الثدي اللبنية وذلك بالحقن المباشر.
    ـ حقن المادة الظليلة ضمن القناة الشوكية وتصويرها لتحري أمراض القناة والانضغاطات الخارجية وخاصة الفقرية المنشأ.
    ـ حقن المادة الظليلة وريدياً لتصوير الجهاز البولي أو الطرق الصفراوية أو الأوردة الدموية.
    ـ حقن المادة الظليلة شريانياً لتصوير الشرايين بشكل عام أو لتصوير شرايين رقميdigital angiography عالي الدقة، وذلك بمساعدة قثطرة تدخل حتى الشريان المطلوب تصويره حيث يتم حقن المادة، وبمساعدة حاسوب خاص يمكن الحصول على صور منتقاة عالية الدقة.
    ج ـ أجهزة تصوير خاصة:
    ـ تصوير الأسنان البانورامي panoramic radiography تصوير شامل للفكين والأسنان.
    ـ تصور الثدي الشعاعي mammography لدراسة أمراض وأورام الثدي والتحري المبكر عن السرطان.
    2ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتية Ultrasound Imaging (US) له عدة مرادفات مثل: التصوير بالصدى (الإيكو)echography والسونار sonar.
    هو بث أمواج صوتية عالية التواتر عبر الجسم. تعكس أنسجة الجسم هذه الأمواج بنسب متفاوتة على شكل صدى يستقبل ويحول ضمن حاسوب خاص إلى صور ترددية تظهر متحركة وبشكل آني على شاشة الجهاز، ويمكن تثبيتها على الشاشة أو طباعتها كصور.
    الأمواج الصوتية المستعملة في التصوير ناتجة عن اهتزاز سريع لنوع من الكريستال يعطي ترددات صوتية عالية جداً (2-15ميغاهرتز) تتجاوز عتبة سمع الأذن البشرية. ترسل الأمواج الصوتية ويستقبل صداها بوساطة قطعة تسمى المسبارprob، هذا المسبار يجب أن يكون بتماس لصيق مع الجلد مما يستوجب استعمال سائل هلامي gel على جلد المنطقة المدروسة.
    استعمالات التصوير بالأمواج فوق الصوتية:
    ـ تصوير أحشاء البطن والجهاز البولي التناسلي: لكشف ودراسة الحصيات البولية أوالمرارية والكتل الورمية والأكياس السائلة المحتوى وتأكيد أو نفي وجود سائل حر ضمن الصفاق (البريتوان) وتحري نزف أو تمزق حشوي في الإصابات الرضية.
    ـ تصوير دماغ الأطفال حديثي الولادة: وذلك عبر اليافوخ لتحري وجود نزف أو استسقاء دماغي أو كتل أو أكياس دماغية أو تشوهات خلقية.
    ـ دراسة الأوعية الدموية: تتم دراسة أمراض الشرايين والأوردة من قصور أو تضيقات أو انسدادات بوساطة الدوبلر الملونDopler وهو نوع متطور من أجهزة الصدى يستعمل لدراسة الضخ الدموي بالصوت والصورة، وتلوين محتوى الأوعية بالأحمر أو الأزرق بحسب اتجاه الجريان الدموي.
    ـ تصوير الجنين: يستعمل الصدى خلال مدة الحمل لمراقبة نمو الجنين وتطوره وحالته العامة، وهو على عكس الأشعة السينية يعد آمناً بشكل عام للأم الحامل والجنين. ويمكن بقياس قطر رأس الجنين أو محيطه أو طول عظم الفخذ تحديد عمر الحمل وتاريخ الولادة التقريبي وتحديد عدد الأجنة ودراسة كمية السائل الأمنيوسي وبعض التشوهات الخلقية كالشوك المشقوق واستسقاء الرأس والتشوهات البولية والتناسلية وأخيراً دراسة معدل التروية الدموية ووضع الحبل السري بالدوبلر الملون.
    ـ تصوير القلب: دراسة التشوهات الخلقية وأمراض الشرايين الإكليلية وأورام القلب وانصباب سائل حول القلب، كما يتم إجراء دراسة وظيفية بالدوبلر الملون.
    ـ الخزعات الموجهة: إجراء خزعة نسيجية بإبرة موجهة بمساعدة الصدى (كخزعة الموثة مثلاً).
    ـ العظم والهواء: وغيره من النسج المتكلسة تمتصها الأمواج الصوتية بشكل شبه تام مما يعيق دراسة الأمراض العظمية أو الرئوية أو الأجواف الهضمية المحتوية على هواء كالمعدة والقولون. وعلى نقيضها السوائل التي تعد ناقلاً جيداً تظهر أهميتها في تصوير الأكياس والمثانة والطرق الصفراوية ودراسة الجنين داخل كيس الحمل.
    ـ الميزات والاحتياطات: سهولة إجراء الفحص لتدني التكلفة وإمكانية تكرار الفحص للمراقبة لفقدان المحاذير.
    يتطلب التصوير بالأمواج فوق الصوتية اختصاصاً خاصاً مع الخبرة اللازمة كما يقضي الفحص أحياناً إجراءات تحضيرية كالصيام لعدة ساعات أو امتلاء المثانة.
    3ـ التصوير الطبقي المحوري المحوسب: Computed Tomography (CT) scan تظهر الصورة الشعاعية العادية إذا كانت المحتويات من شحم أو هواء أو ماء أو نسج رخوة أو عظم، ولكن النسج المتراكبة أو النسج القريب بعضها من بعض والتي لها الكثافة نفسها مثل أورام الدماغ لا تظهر على هذه الصورالعادية، لذلك فإن أهمية التصوير الطبقي المحوري تتجلى في التفريق بين الأنسجة المتقاربة الكثافة، فتميّز الورم مثلاً من مجاوراته وتبين كثافته وحدوده، إضافة إلى إظهار التوزع التشريحي الطبيعي. فهو جهاز للتصوير الشعاعي، يعطي صوراً مقطعية تشريحية للجسم باستعمال الأشعة السينية وحاسوب خاص، ويمكن من قياس الكثافات النسيجية.
    يعود فضل هذا الاختراع إلى الفيزيائي الأمريكي كورماك Cormack والمهندس البريطاني هونسفيلد Hounsfield. ولا يقل هذا الاختراع أهمية عن اكتشاف رونتغن Roentgen للأشعة السينية عام 1895، وقد نالا عليه جائزة نوبل للطب عام 1979.
    في عام 1963 أثبت كورماك إمكانية تحديد عامل الامتصاص لجسم ما وقياسه بتمرير حزم من أشعة غاماGamma بعدة اتجاهات عبر الجسم ثم استقبال الحزمة النافذة منه ويقاس شدّتها بجهاز غايغر ـ موللر Geiger-Muller، وأشار إلى إمكانية استعمال هذه الخاصة في التصوير الشعاعي. وفي عام 1967 بدأ هونسفيلد أبحاثه معتمداً على استخدام حزم من الأشعة السينيةعبر مقطع من الجسم واستقبال هذه الحزم بوساطة كريستال معين، ثمّ باستعمال حاسوب خاص إنشاء صورة مقطعية تشريحية متباينة الكثافات معتمدة على اختلاف عامل الامتصاص لأنسجة هذا المقطع. والأجهزة المستعملة حالياً تمكن من التحكم بسماكة المقطع (1ـ10مم)، وبتعريض شعاعي مقطعي متقطع أو متواصل (حلزوني) spiral، واستبدل المستقبل الكريستالي بمستقبل غازي مثل الكزينون xenon. والصور المقطعية الناتجة يمكن رؤيتها بشكل مباشر على شاشة الجهاز وإمكانية معالجتها وإجراء القياسات اللازمة ومنها قياس الكثافة (هونسفيلد) أو إنشاء صورة ثلاثية الأبعاد، ومن ثم طباعتها على أفلام شعاعية أو حفظها في الذاكرة أو على أقراص ليزرية.
    استعمالات التصوير الطبقي المحوري المحوسب:
    ـ الجهاز العصبي المركزي: حالات الحوادث الرضية الدماغية والأورام الدماغية، وتفريق الكتل الصلبة عن الأكياس والتجمعات الدموية أو التقيحية، والأمراض الوعائية الاحتشائية والنزفية والتشوهات الخلقية والاستسقاء الدماغي والأمراض التنكسية الشيخية والإصابات النسيجية المرضية الأخرى.
    ـ العمود الفقري: دراسة الفقرات وأمراضها وفتوق النواة اللبية وانضغاطات النخاع الشوكي.
    ـ الصدر: آفات وأورام المنصف والرئة والجنب وجدار الصدر، كما يمكن إجراء خزعات موجهة بالطبقي المحوري.
    ـ البطن والحوض: تصوير أحشاء البطن لتحري وجود كتل أو أكياس حشوية وتجمعات دموية أو قيحية وسائل حر مصلي أو التهابي أو نزفي داخل أو خلف الصفاق (البريتوان).
    ـ العظام والمفاصل والنسج الرخوة: الآفات الالتهابية والورمية وإجراء القياسات العظمية.
    ـ استعمال المواد الظليلة: حقن مادة ظليلة وريدياً لتمييز الأوعية الدموية وزيادة التباين النسيجي وتظليل الأنبوب الهضمي لتفريقه عن مجاوراته، وفي بعض الحالات الخاصة ولدراسة أدق يتم حقن المادة الظليلة ضمن المفصل أو القناة الشوكية.
    ـ الصور ثلاثية الأبعاد: ناتجة عن تجميع وإعادة إنشاء للصور المقطعية ضمن الحاسوب.
    المحاذير: تعد كمية التعرض للأشعة قليلة نسبياً في التصوير الطبقي المحوري. تؤثر الأشعة السينية بشكل عام في الخلايا سريعة التكاثر مثل الخلايا اللمفاوية والأنسجة الجنينية وخاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، لذا يتوجب استجواب المريضة بشكل دقيق قبل إجراء التصوير لنفي وجود حمل. يعاني بعض الأشخاص من تحسس متباين الشدة تجاه المادة الظليلة المحقونة وريدياً يراوح بين الارتكاس البسيط إلى الصدمة التحسسية نادرة الحدوث لحسن الحظ.
    4ـ التصوير بالرنين المغنطيسي (المرنان): magnetic resonance imaging (MRI) إحدى طرق التصوير الطبي التشخيصي، ويعتمد على الرنين المغنطيسي للذرة. صور المرنان مستعملة منذ أكثر من عشرين سنة، ولكن بين عامي 1930و1940 بدأت الدراسات لبحث الترابط بين النواة الذرية والمجال المغنطيسي. وفي عام 1950 تم فهم القواعد الفيزيائية للرنين المغنطيسي وتبقى ثلاثة شروط لإتمام العمل:
    1ـ حاسب متطور سريع المعالج.
    2ـ تطوير آلة للتصوير تتسع للجسم البشري, مزودة بمولد للمجال المغنطيسي وجهاز لبث الإشارات اللاسلكية radio waves.
    3ـ تخيل الاستعمالات والاستطبابات لهذه التقنية.
    أكد داماديان Damadian و مانسفيلدMansfield إمكانية استعمال الرنين المغنطيسي في التصوير الطبي وظهرت أول الصور في أوائل السبعينيات، ولكن الاستعمالات تطورت على نحو واسع وبدأت بالانتشار في المخابر والمشافي في العالم بين عامي 1983-1993.
    ـ مبدأ العمل: يعتمد التصوير بالرنين المغنطيسي على وجود كمية كبيرة من النويات الممغنطة في جسم الإنسان وأهمها هو بروتون نواة ذرة الهيدروجين، هذه البروتونات منتشرة في جسم الإنسان بشكل عشوائي ويتم التصوير على ثلاث مراحل، في المرحلة الأولى يوضع الجسم داخل جهاز المرنان ضمن مجال مغنطيسي شديد جداً ومستقر (30000 مرة أشد من المجال المغنطيسي للأرض) فيستقر وضع البروتونات. في المرحلة الثانية يحرض الجسم بأمواج لاسلكية لتغير وضعية البروتونات حسب الاختلاف التشريحي للنسيج. ويتم في المرحلة الثالثة وقف مفاجئ للتحريض ثم استقبال الإشارات الكهرطيسية الناتجة عن الجسم (الرنين) بوساطة هوائي استقبال خاص. بتحليل هذه الإشارات ضمن الحاسوب يمكن وضع صور مقطعية لأعضاء الجسم مشابهة للتصوير بالطبقي المحوري.
    ـ استعمالات التصوير بالرنين المغنطيسي (المرنان): للتصوير بالرنين المغنطيسي استعمالات عديدة. وقد أجمع الخبراء على أنه أقوى وأدق أنواع التصوير الموجودة حالياً. إذ يمكنه إجراء مقاطع تشريحية للجسم بأي اتجاه مطلوب بالإضافة إلى مقاطع مشابهة لمقاطع الطبقي المحوري ولكن بتمايز نسيجي ودقة أعلى. وهو متميز بدراسة الدماغ والجهاز العصبي المركزي ودراسة النسيج الرخو لإمكانية التفريق بين الأنسجة السليمة والأنسجة المرضية. وطوّر الجيل الجديد من الأجهزة دراسة أحشاء البطن والطرق الصفراوية والأوعية الدموية، ويمكن الاستعانة في بعض الأحيان بحقن مادة ظليلة وريدياً لرفع عتبة تمايز الصور وتوضيح مدى تروية الأنسجة المدروسة.
    ـ المحاذير: يعد التصوير بالرنين المغنطيسي من الفحوص الآمنة نسبياً، عدا للأشخاص الحاملين للمواد المعدنية الاصطناعية الممغنطة كناظم الخطى القلبي pace makers، أو أذن داخلية اصطناعية أو ملاقط معدنية جراحية clips وخاصة دماغية أو مفاصل اصطناعية. كما أن رهاب الأماكن المغلقة claustrophobia يعد من مضادات الاستطبابات الثانوية، ويوجد حالياً أجهزة حديثة مفتوحة يمكن أن يتقبلها هؤلاء المرضى بشكل أفضل.

    رشاد شبيب

  5. #555
    التعقيم عند الرجل والمرأة

    تستعمل كلمة التعقيم sterilization في الطب بمعنيين: الأول في مجال الطهارة والنظافة والوقاية من الأمراض[ر]، والثاني في مجال الحد من النسل والإنجاب عند كل من الرجل والمرأة.
    ففي المجال الأول يقال مثلا تعقيم الحليب أو تعقيم الماء أو تعقيم الأدوات الجراحية أي جعلها عقيمة خالية من أي عنصر حيوي ضار ومؤذٍ وناقل للأمراض.
    أما في المجال الثاني فهو تثبيط وظيفة الإنجاب عند كل من الرجل والمرأة، بمعنى أن تصبح المرأة أو الرجل عقيماً غير قادر على الإنجاب.
    التعقيم عند الرجل male sterilization
    الغاية منه تثبيط وظيفة الإنجاب عند الرجل، وقد يكون هذا التعقيم دائماً أو مؤقتاً temporary-permanent-reversible وغالباً عند الحديث عن التعقيم يقصد به التعقيم الدائم permanent، ويتم ذلك إما عن طريق استعمال الأدوية والهرمونات التي تنهي عمل الخلايا المنوية في الخصية في تكوين وتوليد النطف (الحيوانات المنوية) sperm اللازمة لتلقيح البيضة الأنثوية الناضجة وهي من الطرق القليلة الاستعمال، وتؤخذ هذه الأدوية إما عن طريق العضل أو عن طريق الفم. وهناك بعض النباتات التي يعتقد أنها تؤدي إلى النتيجة نفسها كبذر النبات المسمى gossyfol الذي يستعمل في الصين ويؤدي إلى التعقيم المؤقت وليس الدائم، أما الطريقة المعتمدة في الوقت الحاضر فهي طريقة جراحية تهدف إلى قطع الأسهرين اللذين ينقلان الحيوانات المنوية من الخصية إلى الحويصل المنوي ومنها إلى القضيب، وهي من العمليات الجراحية البسيطة وتتم تحت التخدير الموضعي بمدة لا تتجاوز 15 دقيقة ولا تعطل عن العمل، وقد استعملت هذه الطريقة على نحو واسع في كل من الهند واليابان وكورية وغيرها وهي من طرق التعقيم النهائي غالباً، وقد يعاد وصل القناتين لإعادة الوظيفة الإنجابية إلى سابق عهدها، ولكن نسبة نجاح هذه المداخلة ضئيلة.
    أما الإخصاء castration فهو استئصال الخصيتين عند الذكر، قبل سن البلوغ، وعلى هذا تنعدم الصفات الجنسية الثانوية للرجل (أشعار العانة، أشعار الذقن والشاربين، عدم نمو العضو الذكري الجنسي) مع كبر في حجم الثديين. وكان يجرى ذلك في بلاط بعض الحكام للذكور المكلفين تقديم الخدمات والرعاية لنساء البلاط.
    التعقيم عند المرأة female sterilization
    الغاية منه تثبيط الوظيفة الإنجابية عند المرأة وقد يكون هذا التعقيم تعقيماً مؤقتاً أو دائماً.
    أما التعقيم المؤقت (حبوب منع الحمل الهرمونية ولوالب داخل الرحم) يلجأ إليه بهدف تنظيم الأسرة والمباعدة ما بين الحمول والإقلال من عدد الأولاد، علماً بأن الطرق الدوائية لهذا التعقيم المؤقت قد تحمل في طياتها بعض الخطورة على صحة المرأة، وعلى هذا وجب أن لا تستعمل إلا باستشارة الطبيب.
    أما التعقيم الدائم permanent sterilization فيهدف إلى لجم وظيفة الإخصاب نهائياً لأن الحمل والولادة يضران بصحة الحامل أو يهددان حياتها بالخطر. وقد لجأت بعض الأنظمة والحكومات إلى تعقيم الرجال والنساء قصداً بغاية التطهير والتمييز العرقي للوصول إلى العرق والجنس المميز.
    ويتم التعقيم الدائم بعدة طرق:
    ـ التعقيم عن طريق تنظير البطن trans abd. sterilization laparoscopy: ويتم بإدخال منظار البطن داخل الجوف البرتواني لقطع وربط الأنابيب tubes التي تنقل البيضات الناضجة ovum من المبيض إلى البوق ومن ثم إلى الرحم، وبذلك ينعدم الاتصال ما بين المبيض والرحم، ويلجأ إما إلى القطع الجراحي أو القطع بالتخثير الحراري cautery أو الكهربائي electrosurgery أو بوضع حلقات spring-clips أو موانع حول البوق أو داخله falop-rings تؤدي إلى انسداد لمعة هذه الأنابيب وتثبيط وظيفتها في نقل البيضة الناضجة من المبيض إلى الرحم.
    ـ التعقيم عن طريق تنظير باطن الرحم hysteroscopy: ويتم بإدخال منظار الرحم إلى جوف باطن الرحم وتخثير صماخ البوق (وهي الفتحة النهائية الإنسية للبوق) تخثيراً حرارياً بهدف تشكيل نسيج ندبي ليفي يسد لمعة صماخ البوق ومنه عدم قدرة الحيوان المنوي على الصعود من باطن الرحم إلى الثلث الوحشي للبوق ليلتقي البيضة الناضجة الآتية من المبيض، وهي من طرق التعقيم الدائمة، وقد يلجأ في بعض الأحيان إلى إدخال بعض المواد التركيبية (لدائن) في صماخ البوق للهدف نفسه في منع الحيوان المنوي من الصعود من باطن الرحم عبر البوق لتلقيح البيضة الناضجة، ويمكن رفعها إذا ما أريد العودة إلى الوظيفة الإنجابية الطبيعية.
    ـ التعقيم عن طريق فتح البطن mini laparotomy: ويتم بفتح البطن الجراحي المدرسي تحت التخدير العام بشق صغير والدخول إلى الجوف البرتواني ومن ثم قطع وربط كل من البوقين وإلغاء وظيفتهما الناقلة.
    وهي غالباً من العمليات التي تهدف إلى التعقيم الدائم ونادراً ما يلجأ إلى إعادة الوصل رغبة في عودة وظيفة الإنجاب.

    أنور الفرا

  6. #556
    التعقيم والتطهير

    التعقيم stérilisation هو الطريقة التي تقضي على الكائنات الحية المجهرية (كالجراثيم وأبواغها والطفيليات وبيوضها، والفيروسات والفطور) سواءً أكانت تلك الأحياء ممرضة أم مفيدة أم رَمَّامة.
    أما التطهير désinfection فهو خلو مادة أو أداة أو مكان من الأحياء المجهرية الضارة وحدها؛ لذا فإن التطهير يستعمل للقضاء على معظم الأحياء العيوشة وليس عليها كلها.
    التعقيم
    تختلف الآلية المفضلة لقتل الأحياء المجهرية كلها باختلاف التقنية المستعملة في التعقيم، لكن التأثير الواضح عليها متماثل فيها جميعاً، إذ إنها تؤثر في المركّبات الأساسية للخلية الحية، أي على الحموض النووية أو البروتينات فتعطلها.
    طرق التعقيم: هناك عدة طرق لإجراء التعقيم هي:
    ـ الحرارة.
    ـ التشعيع (أشعة غاما والأشعة فوق البنفسجية).
    ـ التعقيم بالقضاء على الدنا DNA.
    ـ الترشيح.
    ـ المواد الكيمياوية في مرحلتها السائلة أو الغازية.
    ويشترط حين انتقاء الطريقة ألا يغيّر التعقيم من الخصائص الفيزيائية والكيمياوية للمادة التي تُعقَّم.
    1ـ التعقيم بالحرارة: وهو أفضل وسيلة للتعقيم من حيث سهولته واستعماله وكلفته والجدوى التي يمكن الحصول عليها. ولكن لا يمكن تطبيق الحرارة على الأنسجة الحية أو الأدوات التي تتأثر بالحرارة العالية كالقثاطر المطاطية وغيرها المصنوعة من المواد اللدنة.
    يتم التعقيم بالحرارة بإحدى طريقتين: الحرارة الجافة والحرارة الرطبة.
    أ ـ الحرارة الجافة: تتركز آلية التعقيم بالحرارة الجافة على أكسدة مركبات الخلية، وتتم بتعريض المواد أو الأدوات التي يُراد تعقيمها حتى درجة حرارة تمتد من 160-180 سلسيوس مدة ساعة واحدة. وتصلح هذه الطريقة لتعقيم الأدوات الزجاجية والمعدنية غير الحادة والمساحيق والزيوت.
    ب ـ الحرارة الرطبة: إن أفضل عامل للتعقيم هو بخار الماء تحت الضغط، كما يتم في الموصدة autoclave.
    يساعد بخار الماء تحت الضغط على نفوذ الحرارة في الأشياء التي تُعقم كالثياب، وهناك علاقة مباشرة بين الحرارة وضغط البخار، فارتفاع الحرارة لدرجة 121 سلسيوس مدة 15 دقيقة كافية للقضاء على أبواغ المطثية الوشيقية Clostridium botulinum، ومع هذا فإن أبواغ بعض الجراثيم، ولاسيما تلك التي تعيش في التربة تستطيع مقاومة هذه الحرارة أحياناً، ولذا يفضل أن يمتد الزمن إلى 20 دقيقة.
    تستعمل الحرراة الرطبة لتعقيم الأدوات الجراحية والثياب والمواد الصيدلانية التي تصمد للحرارة ولا تغير من تركيبها الكيمياوي. أما تعقيم الأدوات الحساسة للحرارة كالمناظير الداخلية، فيستعمل لتعقيمها مزيج من بخار الحرارة والفورمالدهيد.
    2ـ التشعيع: يعد التشعيع بأشعة غاما حالياً الوسيلة المنتقاة لتعقيم عدد كبير من الأدوات صغيرة الحجم كالإبر والمحاقن والقثاطر والقفازات وغيرها. ويمكن استعمال هذه الطريقة أيضاً لتعقيم اللقاحات كما يمكن اللجوء إليها لحفظ بعض الأطعمة؛ لكن تكلفة الأجهزة اللازمة لتطبيق التشعيع مرتفعة جداً.
    إن هذه الطريقة مجدية بنسبة مئة بالمئة، ولابد أن يكون المبنى الذي يحوي أجهزتها مستقلاً عن المستشفى.
    تقضي طريقة التشعيع على الأبواغ ولو كانت هذه بكميات كبيرة وينصح باستعمال مقدار 4.5 ميغاغراد.
    3ـ التعقيم بالقضاء على الدنا DNA: أساس الطريقة القضاء على دنا DNAالأحياء المجهرية بوساطة تصادم الأيونات الموجبة والسالبة الناجمة عن تفكيك ذرة الماء الأكسجيني H2O2 غير المستقرة بتسليط تيار كهربائي عليها.
    يتألف جهاز التعقيم بهذه الوسيلة من وعاء توضع فيه الأدوات المراد تعقيمها، مع علبة خاصة تحتوي الـ H2O2. يُخلّى الجهاز من الهواء لتسهيل انتشار الأيونات الناجمة حين تشغيل الجهاز من جهة وللإقلال من كمية الأحياء المجهرية الموجودة أصلاً في الهواء من جهة ثانية.
    تمرر شرارة كهربائية فيتفكك الـ H2O2 وتنتشر الأيونات الناجمة عن ذلك بشكل ضبابي، وفي البدء تنتج أشعة فوق البنفسجية تعقم تعقيماً جزئياً، ثم تؤثر هذه الأيونات المتصادمة فتفكك دنا DNA الأحياء المجهرية وتقضي عليها نهائياً.
    ميزات هذه الطريقة: إن درجة التعقيم فيها تفوق درجة التعقيم في كل الطرائق الأخرى. ويمكن بوساطتها تعقيم كل أنواع الأدوات على اختلاف تركيبها معدنية كانت أم مطاطية أم لدنة حتى إنها تعقم أجهزة التنظير المختلفة، وكذلك الأدوات التي انتهت مدة تعقيمها الأصلية وصلاحية استعمالها كالقثاطر والقفازات والمحاقن، وهي لا تؤذي المواد المراد تعقيمها ويمكن استعمال الأدوات المعقمة فور انتهاء التعقيم الذي يستمر ساعة واحدة فقط.
    4ـ الترشيح: هو فصل الملوثات عن السوائل وهو طريقة تستعمل منذ زمن بعيد ولاسيما تنقية الماء والسوائل الأخرى الشروبة.
    تتألف المراشح الحديثة من النيتروسيللوز، وتعمل عن طريق الكهربائية الساكنة والمسامات الدقيقة التي توقف العضويات، في حين كانت المراشح القديمة تصنع من المالقي. وما زالت بلاد كثيرة تستعمل الترشيح لتنقية ماء الشرب.
    5ـ المواد الكيمياوية: قل كثيراً استعمال الغازات في التعقيم بإدخال التشعيع بأشعة غاما، ولكن هناك غازان ما زالا يستعملان هما أكسيد الإتيلين والفورمالدهيد، وكلاهما يُعقَّم بتأثيرهما في بروتينات الأحياء المجهرية وحموضها النووية.
    يستعمل أكسيد الإتيلين في بعض المراكز لتعقيم الأدوات الطبية التي تستعمل مرة واحدة كدسامات القلب. ومع هذا فإن أكسيد الإتيلين سام ويُخشى من حدوث انفجار في أثناء عملية التعقيم. أما الفورمالدهيد فهو غير متفجر لكن رائحته كريهة كما أنه يخرش المخاطيات وغالباً ما يُلجأ إليه لتطهير الغرف التي يُعزل بها المرضى المصابون ببعض الآفات المعدية، وكذلك في بعض غرف المخابر. ولكي تكون فعالية هذه المادة جيدة في قتل الأحياء المجهرية يجب أن تكون نسبة الرطوبة عالية.
    التطهير
    عملية غايتها تخليص الأيدي وساحة العمليات وجدر القاعات (قاعات المستشفيات وغرف العمليات والشقق السكنية) والثياب والسجاد والسُّجف وغيرها من الأحياء الممرضة العالقة بها. ولتطبيق ذلك يُلجأ إلى وسائل ميكانيكية كالغسيل والفرجنة بالصابون، أو بوسائل فيزيائية كالحرارة، أو بوسائل كيمياوية كالمطهرات.
    ويعرف المطهِّر على أنه المادة التي تقضي على الأحياء المجهرية وتمنع نموها. وهناك مطهرات تتصف بهذه الخاصة تستعمل في الأنسجة الحية كما أن هناك مطهرات مضادة للجراثيم تُعطى عن طريق الفم ذات تأثير موضعي في الأنبوب الهضمي ولا تُمتص.
    والمطهر الجلدي يُستعمل لتقليل عدد الكائنات الحية العيوشة الموجودة على سطح الجلد لأن تعقيم الجلد أمر لا يتم إلا بحرقه، لكن تنظيفه بصابون مطهر يخفف من عدد الأحياء المجهرية الموجودة على سطحه؛ ومع هذا يمكن الجراثيم التي تختبىء في جريبات الأشعار وقنوات الغدد العرقية أن تعود فتستولي على سطح الجلد.
    كما أن غطس الأدوات في ماء غالٍ مدة عدة دقائق يقتل الجراثيم الناشطة لكنه لا يقضي على الأبواغ كلها. ويمكن استعمال هذه الطريقة في حالات الاضطرار كوسيلة سريعة. وإضافة 2٪ من كربونات الصوديوم إلى الماء يزيد من إمكانية قضائه على الأبواغ.
    تقضي المطهرات الكيمياوية على بعض الأحياء الممرضة، لكنها لا تقضي عليها كلها كالفيروسات والأبواغ. ويمكن تحقيق ذلك بالتعريض إلى بعض المطهرات الكيمياوية مدة 20 دقيقة على الأقل بتراكيز خاصة فمثلاً 2٪ للغلولترالدهيد، 6٪هيدروجين بيروكسيد، 1٪ حمض البير أستيك. وهناك ما يسمى التطهير المتوسط المستوى الذي لا يقتل الأبواغ ويمكن تحقيقه بالبسترة[ر].
    كما أن هناك ما يطلق عليه اسم التطهير المرافق، ويقصد به القيام بالأعمال التطهيرية بأسرع ما يمكن على جميع الأدوات الخاصة بالمصاب أو المحيطة به التي يمكن أن تتلوث، وذلك قبل أن يمسها أحد.
    ويوصف التطهير بأنه نهائي أو ختامي إذا طُبقت الإجراءات التطهيرية بعد مغادرة المريض المكان الذي كان يقيم فيه؛ وهذا الضرب من التطهير ضروري في الأمراض التي تنتشر بالتماس اللامباشر، ولا يقتصر في الأمراض الشديدة الإعداء كالإصابة بحمة لاسا أو أمثالها بتطهير المواد الخاصة بالعليل بل لابد من تعقيمها بالبخار أو حرقها.

    عدنان تكريتي

  7. #557
    التناسلي، الجهاز عند الإناث (أعراض وأمراض ـ)

    وأهم الأعراض التي تراجع المرأة الطبيب من أجلها وتدل على آفة في جهازها التناسلي هي:
    النـزف
    الذي قد يكون قليلاً أو غزيراً، عفوياً أو محدثاً، يرافق الطمث أو لا يرافقه، مؤلماً أو غير مؤلم، متقطعاً أو مستمراً، في سن النشاط التناسلي أو قبل البلوغ أو بعد الإياس[ر]، ولكل من هذه الصفات دلالات خاصة، وأسوأ النزوف ما كان غير مرافق للطمث أو متقطعاً أو محدثاً برض أو بمناسبة تناسلية أو كان خارج سن النشاط التناسلي.
    اضطراب الطمث
    الطمث كما هو معلوم سيلان كمية من الدم من الأعضاء التناسلية دورياً في سن النشاط التناسلي أياماً معدودة وبكمية محدودة، وقد يضطرب نظم الطمث فتطول المسافات بين الطموث أو تقصر أو تضطرب بفقد دوريتها، وقد تطول أيام الطمثنفسه أو تقصر، وقد تزداد كميته أو تنقص، ولكل من هذه الاضطرابات دلالات خاصة.
    النجيج (الضائعات) discharge
    هي غزارة المفرزات الطبيعية التي يفرزها المهبل أو عنق الرحم وتغير صفاتها، وتكون سائلة أو لزجة أو رغوية أو قيحية أو مدماة، بلا لون أو بلون أبيض أو مصفر أو مخضر أو محمر، ويستدل بصفات هذه الضائعات المختلفة على العامل المحدِث والمرض المحدث الذي غالباً ما يكون خمجياً وقد يكون ورمياً.
    الألـم
    يتوضع في المنطقة الخثلية hypogastric أو في إحدى الحفرتين الحرقفيتين أو في كليهما، أو في الناحية القطنية lumbarأو في الأعضاء التناسلية الظاهرة تبعاً للعضو المصاب، ويكون الألم مستمراً أو مؤقتاً أو نوبياً يرافق البيض أو يرافق الطمث أو يسبقه أو يتبعه، ويكون خفيفاً أو شديداً أو متوسط الشدة، ويكون عفوياً أو محدثاً بالضغط أو الحركة أو التعب أو بعد اتصال جنسي، ولكل من صفات الألم هذه دلائل خاصة تفيد في تشخيص المرض.
    وقد تشكو المريضة أعراضاً أخرى كالحكة أو حس الحرق في الأعضاء التناسلية أو الهبوات أو التعرق أو لا تشكو شيئاً من هذه الأعراض جميعها وإنما تراجع لعقم أو اضطرابات وظيفة الجهاز التناسلي ويكشف الفحص سبب هذه الاضطرابات.
    إن الأمراض التي تصيب جهاز المرأة التناسلي مختلفة وهي: الأخماج (الالتهابات) والأورام والانحرافات وأسواء الشكل والاضطرابات الوظيفية.
    الأخماج
    تصيب ملحقات الرحم (البوقين والمبيضين والأنسجة المحيطة بها) وتكون حادة سببها وصول العوامل الممرضة (المكورات العقدية أو العنقودية أو البنية..) عن الطريق السفلي غالباً عقب ولادة أو إسقاط أو مناسبة تناسلية، وتتظاهر بألم في إحدى الحفرتين الحرقفيتين أو في كليهما وبارتفاع الحرارة والضائعات. وتشخص بالفحص السريري وبعض الفحوص المخبرية الدموية، وقد تؤدي إن لم تعالج معالجة جيدة لانسداد البوقين وحدوث العقم.
    وقد يكون التهاب الملحقات مزمناً، وغالباً ما ينتقل العامل الممرض فيه (عصيات كوخ أو الكلاميديا) بطريق الدم أو يكون تالياً لالتهاب حاد لم يعالج معالجة صحيحة، وتكون الحرارة فيه متموجة والآلام خفيفة، ولكنها معاودة وترافقها أعراض هضمية أو بولية وأعراض عامة، وتكشف بالفحص السريري وببعض الفحوص الدموية المخبرية بتنظير أحشاء البطن.
    ويصيب الخمج جسم الرحم غالباً بعد ولادة أو إسقاط غير طاهرين وأكثر الجراثيم المحدثة المكورات العقدية والعنقودية والبنية وسلبيات الغرام، ويتجلى بألم عفوي ومحدث في المنطقة الخثلية وارتفاع حرارة والضائعات النتنة وسوء الحالة العامة أحياناً.
    كما يصيب الخمج عنق الرحم باطنه وظاهره بالجراثيم الممرضة السابقة نفسها والأعراض فيه قليلة تقتصر غالباً على الضائعات، وقد تكون الأعراض معدومة ولا يكشف الخمج إلا بالفحص المجرى لشكوى بعيدة.
    ويصيب الخمج أخيراً الأعضاء التناسلية الظاهرة أي الفرج والمهبل، ويتجلى ذلك بالضائعات الغزيرة والحكة وحس الحرق وبأعراض بولية سفلية مرافقة، وتحدث هذه الالتهابات بالعدوى بمقاربة جنسية من مصاب بالتهاب بولي أو تناسلي، لذلك تكثر بعيد الزواج ولاسيما حين إصابة الزوج بالسيلان الناجم عن المكورات البنية، وعقابيل هذا الالتهاب خطرة إن لم يعالج بسرعة لأنالجراثيم قد تصعد لعنق الرحم والرحم والبوقين وتسبب خمج هذه الأعضاء جميعها وما تؤدي إليه من عقابيل خطرة، وقد تحدث أخماج الطرق السفلية عن إصابتها ببعض الطفيليات (كالدويبات المشعرة «التريكوموناس») أو الفطور (كالمبيضات البيض).
    الأورام
    تصيب الأورام كل أعضاء الجهاز التناسلي وهي نوعان: سليمة وخبيثة.
    1ـ من الأورام السليمة الكثيرة المشاهدة:
    ـ في المبيض (كيسات المبيض): وهي أورام كيسية يختلف حجمها بين بضعة سنتمترات مكعبة وبضعة ألتار، تنمو غالباً على أحد المبيضين وتكون مؤلفة من مسكن واحد أو أكثر من مسكن، ويكون جدارها رقيقاً شافاً ومحتواها مصلياً (الكيسات المصلية) أو يكون جدارها ثخيناً ومحتواها لزجاً (الكيسات المخاطية) أو يكون الجدار ثخيناً قليل القساوة ومحتواها دهنياً فيه أشعار وأجزاء من أعضاء أو أعضاء كاملة كالسن مثلاً (الكيسات الجلدانية أو العجائبية) تكون الكيسات لاطئة على المبيض أو متصلة به بذنب مختلف الثخن والطول.
    ليس للكيسات الصغيرة الموجودة في الحوض أعراض إلا إذا اختلطت، وتكشف اتفاقاً بالفحص السريري أو بالصدى الذي يحدد موضعها وحجمها ونوعها، أما الكيسات الكبيرة التي تصعد لجوف البطن فتظهر فيها أعراض ضغط الأعضاء المجاورة كالمثانة والحالب والأمعاء والمعدة والأوعية وحتى ضغط القلب والرئتين. وتختلط الكيسات بالانفتال أو بالانفجار، وقد تتحول نادراً إلى أورام سرطانية سريعة السير.
    الكيسات الصغيرة التي يقل قطرها عن 5-6سم لا تحيج لمعالجة ولكن يجب مراقبتها أما الكيسات الكبيرة أو المختلطة فتستأصل جراحياً.
    ـ في الرحم (الورم الليفي): يكاد الورم الليفي يكون الورم السليم الشائع الوحيد في جسم الرحم، لا يرى قبل البلوغ وتكثر مشاهدته في سن النشاط التناسلي (20٪ من كل النساء في هذه السن) ويزداد حول الخامسة والثلاثين ويضمر بعد سن الإياسإن كان موجوداً من قبل.
    وهو تكاثر ألياف عضلات الرحم الملس تكاثراً سليماً بشكل كتلة وحيدة أو كتلاً كثيرة قد تبلغ العشرات، يختلف حجمها بين أصغر من فلقة الحمصة وأكبر من البرتقالة الكبيرة، تتوضع هذه الكتل أو النويَّات في ثخن العضلة الرحمية أو قرب بطانة الرحم أو قرب مصلية الرحم، والنوعان الأخيران قد يكونا لاطئين يبرز الورم فيهما في جوف الرحم أو على سطحها الخارجي في جوف الحوض أو جوف البطن وقد يكونا مذنبين بأذناب مختلفة الطول والثخن ويدعى الورم حينئذ مرجلاً أو سليلة.
    تختلف أعراض الأورام الليفية حسب حجمها وموضعها ونوعها فقد لا يكون لها أعراض مطلقاً وتكشف اتفاقاً كالأورامالصغيرة الخلالية أو تحت المصلية، أو يكون العرض الوحيد فيها النزف الطمثي الذي تختلف كميته باختلاف حجم الورم وقربه من بطانة الرحم أو بعده عنها، وقد تضاف أعراض أخرى ناجمة عن كبر الورم وعن ضغط الأعضاء المجاورة أو عن شدة النزف، وقد تؤدي حسب موقعها إلى العقم أو إلى الإسقاطات المكررة.
    تطرأ على الأورام الليفية بعض المضاعفات أهمها انفتال الأورام المذنبة والنخر والاستحالة الكلسية، وأشدها الاستحالة الخبيثة.
    الأورام الصغيرة اللاعرضية لا لزوم لمعالجتها، أما الأورام الكبيرة العرضية أو المختلطة فتعالج جراحياً.
    2ـ والأورام الخبيثة الأكثر مشاهدة:
    ـ في المبيض: سرطان المبيض الذي زادت الإصابة به في العقود الأخيرة في البلاد الصناعية مما يوحي بتأثير المنتجات الكيمياوية الصناعية المختلفة في إحداثه، وهناك عوامل أخرى من المؤكد أن لها أثراً في إحداثه منها عوامل إرثية وهرمونية وبيئية.
    لسرطان المبيض أنواع كثيرة حسب الأنسجة التي تكونه، ولكن سيرها وأعراضها كلها متشابهة ويتميز بعضها من بعض بالمنظر العياني وبالتحليل النسيجي، بعضها كيسي وبعضها صلب وبعضها مختلط وتحوي الكيسة في داخلها أو على سطحها الخارجي تنبتات تميزها من الكيسات السليمة.
    تسير سرطانات المبيض بمراحل متدرجة بأربع درجات حسب وجود الآفة في مبيض واحد أو في المبيضين أو امتداده للحوض أو لخارج الحوض في الأعضاء البعيدة.
    معظم أورام المبيض الخبيثة لا تكشف إلا في وقت متأخر تصبح المعالجة فيه غير مجدية أبداً أو قليلة الجدوى، لأن الأعراض البدئية التي قد تشكوها المصابة كالانزعاج المبهم في البطن والتخمة والاضطرابات الهضمية لا توجه نحو إصابة الجهاز التناسلي، أما متى استفحل الداء فتظهر الأعراض السريعة السير ككبر حجم البطن ـ لوجود الاستسقاء ـ وسوء الحالة العامة والشعور أحياناً بكتلة الورم الصلبة غير المنتظمة ويوضع عندها تشخيص الورم، وتحدد درجته باللجوء إلى الصدى أو التصوير الطبقي المحوري أو الرنين المغناطيسي أو تحري الخلايا الخبيثة ببزل البطن..
    المعالجة: إذا شخص الورم في وقت مبكر يستأصل جراحياً، أما إذا شخص في المراحل المتأخرة فالمعالجة جراحية تكمل بمعالجة كيمياوية طويلة الأمد والأمل بالشفاء عندها ضعيف.
    ـ في جسم الرحم: أكثر أنواع سرطان جسم الرحم مشاهدة السرطان الغدي الذي يصيب المرأة نحو سن اليأس وبعده، ونادراً ما يصيبها في سن مبكرة. من الأسباب المؤهبة له البدانة والسكري وتناول بعض الهرمونات دون مراقبة ولاسيماالإستروجينات. العرض الأول والوحيد فيه النزف بين الطموث أو النزف بعد انقطاع الطمث أي بعد سن الإياس، ويبدو هذا العرض مبكراً قبل الإصابة الصريحة بالسرطان، لذلك ينبه المرأة ويدعو الطبيب لإجراء الاستقصاءات التي تثبت الإصابة أو تنفيها، وهو ما يسمى مرحلة قبل السرطان أو السرطان درجة صفر، ويبدو في هذه المرحلة فرط تنسج بطانة الرحم. ولكبر حجم الرحمقيمة في التشخيص إذا كشف بعد سن الإياس، وتزداد قيمته كلما كانت فترة الإياس أطول.
    يصنف سرطان باطن الرحم في أربع درجات بحسب درجة انتشاره في الرحم نفسها أو في الأعضاء المجاورة، وتشخص 75% من حالاته في المرحلة الأولى لذلك يعالج باكراً وتكون نسبة الشفاء التام فيه كبيرة.
    المعالجة في الحالات البدئية جراحية فحسب أما في المراحل المتقدمة فجراحية وشعاعية، ومعالجة النقائل ملطفة هرمونية أو كيمياوية.
    ـ سرطان عنق الرحم: يمتاز هذا السرطان بإمكان كشفه باكراً ـ ولاسيما فيمن تجري فحصاً نسائياً دورياً ـ قبل مرحلة الغزو والانتشار والانتقال، وهو ما يسمى مرحلة السرطان الموضع أو السرطان من الدرجة صفر، ومع أن هذه المرحلة لا عرضية فمن الممكن كشفها ومعالجتها وتتقي بذلك الإصابة بالسرطان الغازي الشديد الخطورة لسيره السريع وانتشاره للجوار وانتقاله حتى الأعضاء البعيدة، ويتظاهر سرطان عنق الرحم في مراحله الأولى بنزف رحمي رضي يحدث بعد مناسبة جنسية أو استعمال حقنة مهبلية...
    وهناك عوامل خطورة للإصابة بسرطان عنق الرحم هي العلاقات الجنسية المبكرة والكثيرة وتعدد الشركاء وتعدد الشريكات وكبر السن والتدخين والإصابة بالعوامل المنتقلة بالجنس ولاسيما حمة الحلموم الإنساني human papilloma virus (HPV) والعرق وانخفاض المستوى الاجتماعي.
    لسرطان عنق الرحم أربع مراحل، حسب وجوده في العنق فقط أو انتشاره للمهبل والجوار وانتقاله للبعيد. وتختلف الأعراض باختلاف مرحلة الآفة فتبدأ بالنزف الرضي ثم يحدث النزف العفوي بين الطموث وفي أثناء الطمث حتى يصير مستمراً، ثم تظهر الآلام الناجمة عن امتداد الآفة وإصابة الحالبين أو جدر الحوض أو العصب الوركي أو إصابتها جميعاً وتظهر كذلك الأعراض البولية كعسرة التبول أو تبول الدم، والأعراض الهضمية كالنزف الشرجي، ومن ثم تظهر الوذمات وعلامات القصور الكلوي لضغط الحالبين بامتداد الورم للحوض أو بالعقد البلغمية الحوضية المصابة بالنقائل.
    يشخص المرض سريرياً وتحدد مرحلته ويستعان بالتصوير الطبقي المحوري أو بالرنين لتحديد درجة الانتشار والعقد اللمفية المصابة، وتكون الوقاية من سرطان عنق الرحم بتجنب أسباب الإصابة وبالمسح الدوري باللطاخات لكشف الدرجة صفر ومعالجتها والشفاء فيها كامل ونهائي، وتعالج المرحلة الأولى بالجراحة أما بعد ذلك فالمعالجة جراحية وشعاعية أو شعاعية فقط، وتنقص نسبة الشفاء ومدة البقيا مع تقدم الآفة والتأخر في معالجتها، وحوادث النكس كثيرة.
    تبدلات وضع الرحم ومكانه
    من المعلوم أن جسم الرحم يشكل مع عنقه زاوية منفرجة مفتوحة للأمام، وأنه معلق بأربطة تثبته بهذا الوضع وعلى ارتفاع معين في الحوض، وتتبدل وضعية الرحم هذه أحياناً نتيجة تمطط الأربطة المثبتة للرحم بسبب الولادات الكثيرة أو النهوض الباكر بعد الولادة أو عدم ترميم تمزقات العجان الحادثة في أثناء الولادة ترميماً جيداً أو لوجود كتلة في الحوض تدفع الرحم للجهة المعاكسة أو لوجود ارتشاح التهابي في إحدى جهتي الحوض يؤدي إلى التصاقات تجر الرحم لجهتها. ونادراً ما يكون سبب بعض الأوضاع السيئة خلقياً.
    تتبدل أوضاع الرحم نسبة لمحوره المعترض الأفقي المار من منطقة المضيق أو لمحوره العمودي المار من المنطقة نفسها، وهي:
    ـ الانعطاف الأمامي والانقلاب الأمامي.
    ـ الانعطاف الخلفي والانقلاب الخلفي.
    ـ الانحراف الجانبي الأيمن أو الأيسر.
    ـ الهبوط بنزول جسم الرحم وعنقها إلى الأسفل في المهبل، ويرافق ذلك هبوط جدر المهبل والمثانة، وتختلف درجات هذا الهبوط حتى يصير جسم الرحم خارج الأعضاء التناسلية في الدرجات الشديدة.
    ليس لبعض هذه التبدلات أعراض ما، وتكشف اتفاقاً في أثناء فحص نسائي، ويؤدي بعضها إلى أعراض بسيطة أو مزعجة أحياناً.
    بعض هذه الانحرافات لا تحيج للمعالجة، ومعالجة بعضها جراحية ولاسيما الهبوط بإرجاع الرحم إلى مكانها الطبيعي وترميم جدر المهبل.
    أسواء الشكل
    تحدث في أعضاء الجهاز التناسلي تشوهات مختلفة نتيجة عوامل إرثية أو هرمونية أو بسبب تناول الأم المصابة في أثناء الحمل بها بعض الأدوية المشوهة أو تعرضها للأشعة وغير ذلك من العوامل. من هذه التشوهات:
    ـ ضمور الأعضاء التناسلية الظاهرة أو مظاهر الخنوثة الكاذبة (فرط تصنع البظر).
    ـ عدم انثقاب غشاء البكارة.
    ـ غياب أحد الأعضاء أو أكثر من عضو كغياب المهبل أو الرحم أو المبيضين.
    ـ تشوهات الرحم كالرحم ذات الحجاب أو ذات القرنين أو المضاعفة أو وحيدة القرن.
    ترافق بعض هذه التشوهات أحياناً تشوهات في جهاز البول تدل على وجودها، وقد لا تتظاهر هذه التشوهات بعرض ما أو تبدو أعراض تختلف باختلاف التشوه.. وهي وإن كانت لا تؤثر في الحياة، ولكنها تؤثر في وظيفة الجهاز التناسلي فقد تؤدي إلى العقم أو إلى الإسقاطات المكررة. وتكشف في أثناء دراسة شعاعية أو تنظيرية للرحم لمعرفة أسباب هذه الحالات.
    بعض أسواء الشكل هذه تعالج جراحياً وليس لبعضها علاج.
    الاضطرابات الوظيفية
    تشكو المرأة أحياناً أعراضاً لا تكشف الفحوص المختلفة فيها آفة عضوية في أي من أعضاء الجهاز التناسلي، وإنما تنجم عن خلل في وظيفة بعض هذه الأعضاء، وهذا ما يسمى الاضطراب الوظيفي.
    مثل ذلك اضطرابات الطمث، سواء في انتظامها أو في مدتها وتنجم كل هذه الاضطرابات عن فقد التوازن بين الهرمونات التي تفرزها النخامى والمبيض أو بين إحدى هذه الهرمونات وهرمونات أخرى تؤثر فيها أو تتأثر بها كهرمونات الدرق والكظر وغيرهما.
    ومن الاضطرابات الوظيفية الألم الذي يرافق الطمث أو يرافق الجماع أو يرافق البيض، وتنجم هذه العسرات عن تقلصالرحم أو تشنج عنق الرحم في الأولى وعن تشنج المهبل في الثانية وعن اضطراب المفرزات الهرمونية في الثالثة.
    والحد بين الأمراض الوظيفية والعضوية إذا كان واضحاً في بعض الحالات فإنه مختلط في حالات أخرى، وقد تؤدي بعض الاضطرابات الوظيفية إذا طالت إلى أمراض عضوية، أو قد يكون سبب الاضطرابات الوظيفية آفة عضوية غير ظاهرة.

    إبراهيم حقي

  8. #558
    التناسلي، الجهاز عند الإناث (تشريح وفيزيولوجية ـ)

    يتألف جهاز المرأة التناسلي من غدتين هما المبيضان ovaries ومن مجرى طويل يبدأ من جوار المبيضين بالبوقين tubesفالرحم uterus فالمهبل vagina، وينتهي على الجلد بتشكلات تسمى الأعضاء التناسلية الظاهرة أو الفرج.
    يضم بعض هذه الأعضاء جوف عظمي يدعى الحوض pelvis، وهناك بعضها في جزء من الأقسام الرخوة التي تستر هذا الجوف العظمي يسمى العجان perineum.
    الأعضاء التناسلية الباطنة
    المبيضان: غدتان يمنى ويسرى تقعان في القسم الجانبي من تقعير الحوض.
    شكل المبيض بيضي أو لوزي متطاول عرضاً وقليل التسطح لونه أبيض يميّزه من لون الأعضاء الوردية المجاورة، يصبح بنفسجياً في أثناء الطمث وصدفياً بعد الضهي، أملس في الطفولة تظهر عليه بعد البلوغ[ر] حدبات صغيرة تزداد كلما تقدمت السن، ويعود فيصبح أملس بعد سن الإياس[ر]. وهو مرتبط بالرباط العريض وبالرحم وبالبوق وبما تحت صفاق المنطقة القطنية بأربطة مرنة تسمح له بحرية الحركة.
    ـ البوقان: قناتان مرنتان تصلان المبيضين بالرحم وظيفتهما نقل البويضات من المبيض إلى الرحم ونقل النطف من الرحم باتجاه المبيض، طول كل منهما 10-12سم، ويختلف قطره من منطقة اتصاله بالرحم (0.2-0.4ملم) ومنطقة انفتاحه على المبيض(2-4ملم)، وشكلها هنا كالقمع (وتسمى الصيوان) تشبه قاعدته تويج زهرة القرنفل، على طرفها أثلام مختلفة العدد تقسم الفوهة لسينات تسمى الأهداب يراوح عددها بين عشرٍ وخمسة عشر، واحد منها طويل يسمى الهدب المبيضي تعزى إليه وظيفة توجيه البيضة نحو جوف البوق.
    على سطح البوق الداخلي ثنيات طولانية تنمو باطراد كلما اقتربت من الصيوان، القسم الإنسي من البوق مكتنف في الجنيح العلوي للرباط العريض، أما قسمه الوحشي فحر، ومع وجود أربطة تربط البوق بالقولون والحوض والمبيض فإنه يتحرك بحرية.
    الرحم: عضو مفرد مجوف جدرانه مؤلفة من عضلة ثخينة متقلصة وظيفته إمرار النطف الصاعدة من المهبل في طريقها إلى البوق للاجتماع هناك بالبيضة وتلقيحها ثم حضن البيضة الملقحة وتأمين نموها في أثناء الحمل ثم قذفها بعد نضجها.
    تقسم الرحم بتضيق يسمى مضيق الرحم قسمين: جسم الرحم في الأعلى وهو الأكبر وعنق الرحم في الأسفل وهو الأصغر.
    أما الجسم فشبه مخروطي مسطح من الأمام إلى الخلف قاعدته في الأعلى وذروته في الأسفل متصلة بعنق الرحم، أما العنق فأسطواني الشكل منتفخ قليلاً في قسمه المتوسط، يرتكز المهبل على جداره الخارجي بشكل دائري فيقسمه قسمين قسم فوق ارتكاز المهبل وقسم تحته يرى بالعين حين تنظير المهبل ويشعر به بالمس، وهو مفتوح على المهبل بفوهة تسمى فوهة العنق دائرية في الخروسات وعليها في الولودات ثلمان جانبيان يصبح معها العنق مؤلفاً من شفتين أمامية وخلفية.
    وبين جسم الرحم وعنقها زاوية منفرجة مفتوحة نحو الأمام والأعلى تعطي الرحم اتجاهها الطبيعي، وقد تختلف أبعاد هذه الزاوية واتجاهها فتتغير بذلك وضعية الرحم مما قد يكون له شأن في بعض الاضطرابات أو الأمراض التي تصيب المرأة.
    تبرز الرحم في منتصف التقعير الحوضي فوق المهبل خلف المثانة وأمام المستقيم، وهي ترتبط بثلاثة أزواج من الأربطة هي الرباطان العريضان والربطان المدوران والربطان الرحميان العجزيان، ولما كانت هذه الأربطة مرنة ولينة كان جسم الرحميتحرك بحرية بحسب درجة امتلاء المثانة أو المستقيم وبحسب حركة الأمعاء وحركة جدار البطن وغيرها. أما عنق الرحم فيغطس في النسج الخلوي الحوضي تحت الصفاق بينه وبين المثانة والمستقيم وجداري الحوض الجانبيين مسافة تسمى المسافة حول عنقالرحم.
    يبلغ طول الرحم بمجموعها 6-7سم وعرضها 4سم وثخانتها 3سم، وتزيد هذه الأبعاد قليلاً في الولودات وتزيد كثيراً في أثناء الحمل حتى يبلغ طولها 30سم في نهايته، ووزن الرحم خمسين غراماً في الخروسات وسبعين غراماً في الولودات ويصير نحو 1000غرام في نهاية الحمل، وتبلغ سعة الرحم 4سم3 في الخروسات و5سم3 في الولودات وتصير بضعة ليترات في نهاية الحمل.
    يبطن الرحم غشاء يسمى بطانة الرحم تؤثر فيه الهرمونات التي يفرزها المبيض فينمو ثم يتوسف دورياً، فيحدث بذلك الطمثما لم يحدث في الحمل.
    المهبل: مجرى عضلي غشائي مفرد متوسط ينفتح عليه عنق الرحم في الأعلى، وينتهي بالفرج في الأسفل، وهو عضو الجماع في المرأة، يمر منه دم الطمث إذا لم تكن المرأة حاملاً ويمر منه الجنين وملحقاته في أثناء الولادة.
    يقع المهبل خلف المثانة والإحليل أمام المستقيم، تحت الرحم، وفوق الفرج ويوجد معظمه في التقعير الحوضي وتنفتح فوهته السفلية في العجان، وهو أسطواني مسطح من الأمام للخلف ينطبق جداراه الأمامي والخلفي أحدهما على الآخر إلا في قسمه العلوي حيث ينطبقان على عنق الرحم تاركين بينهما جوفاً صغيراً.
    المهبل عمودي تقريباً يشكل مع الرحم زاوية تسمى الزاوية الرحمية المهبلية تنظر فتحتها نحو وصل العانة وتختلف سعتها باختلاف درجة انحراف الرحم للأمام ويمنع هذا الاختلاف في اتجاهي الرحم والمهبل انغلاف الرحم داخل المهبل.
    طول المهبل وسطياً 7-8سم وعرضه 2.5سم يضيق عند الفرج، وهو مرن قابل للتمدد متحرك بمجموعه، ويدعمه في موضعه تماديه مع عنق الرحم من جهة واتصالاته بالجوار (العجان والفرج والمثانة والمستقيم) من جهة أخرى.
    الأعضاء التناسلية الظاهرة (الفرج)
    تضم هذه الأعضاء الأشفار labia في الجانبين والمسافة بين الأشفار (أو الشق الفرجي) في الوسط والجهاز الناعظerectile في العمق، ويلحق بالفرج غدتان تسميان غدتي بارتولان Bartholin.
    1ـ الأشفار: انثناءات جلدية فيها ألياف عضلية ملس وطبقة شحمية وطبقة ليفية، تحيط بالشق الفرجي من الجانبين يعلوها ناتىء مثلث يسمى جبل الزهرة، وهي أربعة اثنان في كل جانب يسمى أحدها الشفر الكبير (في الوحشي) والثاني الشفر الصغير (في الإنسي).
    ـ الشفر الكبير: حوية مثلثة طوله 7سم وعرضه 2-3سم قاس مقاوم في الصغيرات والشابات رقيق رخو في المسنات والنحيلات له وجهان: وحشي (مفصول عن الوجه الإنسي للفخذ بثلم) وإنسي (مفصول عن الوجه الوحشي للشفر الصغير المرافق بثلم) وحافتان علوية ملتصقة وسفلية حرة مشعرة، ونهايتان أمامية (تلتقي مع نظيرتها في الشفر الكبير المقابل وتشكلان الملتقى الأمامي الذي يتمادى مع جبل الزهرة) وخلفية (تشكل مع النهاية الخلفية في الشفر الكبير المقابل الملتقى الخلفي أو العويكشة).
    ـ الشفر الصغير: يقع إنسي الشفر الكبير الذي يغطيه طوله 3سم وعرضه 1.5سم، وهو مثلث الشكل له كذلك وجهان، وحشي (يفصله الثلم بين الشفرين عن الشفر الكبير الموافق) وإنسي (يجاور الوجه الإنسي للشفر الصغير المقابل) وحافتان علوية (متصلة ببصلة المهبل) وسفلية حرة، ونهايتان أمامية (تقسم وريقتين تحيطان بوجهيالبظر الأمامي والخلفي وتشكلان في الأمام قلنسوة البظر وقلفته وفي الخلف لجامه) وخلفية (تلتصق بالنهاية الخلفية للشفر الصغير المقابل وتشكلان الملتقى الخلفي الذي يحد الحفرة الزورقية ويزول هذا الملتقى في الولودات).
    ـ جبل الزهرة: بارزة تتألف من الجلد المستور بأشعار كثيفة وقاسية، وتحته نسيج خلوي تمر فيه كثير من الأوعية والأعصاب السطحية والرباط المعلق للبظر والانتشارات النهائية للرباط المدور (أحد أربطة الرحم)، وتحت هذه الطبقة طبقة صفاقية عضلية مؤلفة من ألياف وترية متصالبة لعدد من عضلات البطن والفخذ التي ترتكز على ارتفاق العانة.
    2ـ الشق الفرجي: شق متوسط مستطيل من الأمام للخلف، تختلف درجة انفتاحه، وإذا أبعد الشفران الكبيران صار شكله قمعياً يرى في قاعة الدهليز وصماخ البول وفوهة المهبل السفلية المسدودة جزئياً بغشاء البكارة.
    وغشاء البكارة انثناء مخاطي فيه فتحة دائرية الشكل غالباً، وله أشكال مختلفة منها الغشاء الهلالي والغشاء المشرشر والغشاء ذو المصراعين والغشاء ذو الفتحتين والغشاء الغربالي، وقد لا يكون مثقوباً البتة، وهي حالة نادرة تؤدي لانحباس دمالطمث بعد البلوغ. يتمزق غشاء البكارة عند الجماع الأول ويزول بعد الولادات المتكررة، ويبقى له بقايا تسمى الحليمات الآسية.
    3ـ الأعضاء الناعظة: هي البظر في الوسط والبصلتان الدهليزيتان في الجانبين:
    يقع البظر في القسم العلوي من الفرج وهو نظير القضيب في الرجل، يتألف من جذرين يسميان الجسمين الكهفيين يتحدان أمام ارتفاق العانة مشكلين جسم البظر الذي ينتهي بانتفاخ يسمى الحشفة المغطاة بمخاطية تحوي نهايات عصبية كثيرة جداً منها جسيمات تعرف باسم جسيمات اللذة.
    أما البصلتان الدهليزيتان فتحيطان بفوهة الفرج المهبلية بشكل نعل الفرس، طول كل منهما 3سم شكلها بيضوي قاعدته في الخلف وتحوي هاتان البصلتان نسيجاً ناعظاً.
    4ـ غدتا بارتولان: غدتان تلحقان بالفرج إحداهما يمنى والثانية يسرى تقعان عند نهاية الشفر الكبير الخلفية، لكل منهما شكل نواة المشمش وقوامها، لها قناة مفرغة تتفتح في الثلم الذي يفصل الشفر الصغير عن غشاء البكارة أو بقاياه.
    فيزيولوجية جهاز المرأة التناسلي
    وظيفة الجهاز التناسلي حفظ النوع، ومبيض المرأة ـ كمبيض إناث كل الحيوانات اللبونة ـ يهيئ البيضة أحد العنصرين الأساسيين ـ النطفة والبيضة ـ اللذين يشكلان باتحادهما المخلوق الجديد، ثم يحتضن رحمها هذا المخلوق مدة يكتمل فيها تخلقه، ويخرج بعدها ليكمل نموه خارج الرحم في ظروف البيئة التي يعيش فيها.
    ولا يقوم جهاز المرأة التناسلي بهذه الوظيفة إلا في فترة محدودة من حياتها تسمى مرحلة النشاط التناسلي تتميّز بفاعلية غدية دورية لها مظاهر خاصة في أعضاء الجهاز التناسلي وفي الجسم كله، وتقع بين مرحلتين: مرحلة الطفولة التي تنتهي بالبلوغ، ومرحلة سن الإياس.
    أما مرحلة الطفولة فيكاد يكون جهاز التناسل فيها دون فاعلية إلا في آخر هذه المرحلة حين تبدأ التبدلات المهيئة لحوادث البلوغ.
    ومرحلة سن الإياس كذلك ينعدم فيها نشاط المبيض تقريباً ويستمر عمل الغدة النخامية للقيام بوظائفها المتعددة الموكولة إليها.
    أما مرحلة النشاط التناسلي فهي المرحلة المهمة في حياة المرأة، ففي هذه المرحلة يحدث الإنجاب إن توفرت الشروط الملائمة، ذلك أن أحد المبيضين الطبيعيين يهيىء بيضة مستعدة للإلقاح وتتهيأ بطانة الرحم لتلقي محصول الإلقاح واحتضانه، فإن توفرت النطفة الملقحة للبيضة احتضنت الرحم محصول الإلقاح وتتالت مراحل الحمل حتى الولادة، وحدثت في أعضاء المرأة التناسلية وبقية أجهزتها في أثناء ذلك تبدلات مختلفة يعود البحث فيها لفن التوليد [ر. الحمل]. أما إذا لم تتوفر النطفة في الوقت المناسب أو كان هناك ما يحول دون وصولها إلى البيضة أو دون تلقيحها حدثت في جهاز المرأة التناسلي وفي بقية أعضائها تبدلات مغايرة، وانتهى الأمر بحدوث نزف رحمي يسمى «الطمث»، وبدأ أحد المبيضين من جديد بتهيئة بيضة أخرى.
    وهكذا تتتابع هذه الحادثة مرة كل شهر تقريباً، ويسمى تتابعها هذا «الدورات الطمثية» التي تقف مؤقتاً ـ حين تتلقح إحدى البيوض ـ طوال مدة الحمل وفي فترة الإرضاع أحياناً، أو تقف نهائياً في المرأة الطبيعية بعد سن معينة تبلغها هي (سن الإياس).
    يحدث كل ما ذكر بتأثير حوادث معقدة عصبية وهرمونية وكيمياوية وحيوية وإنظيمية تشترك فيها عدة أعضاء تبدأ منالدماغ بالوطاء والنخامى وتستمر في المبيضين والرحم إلى أن تنتهي في المهبل والأثداء وبقية أعضاء الجهاز التناسلي وغيره.
    تمتد الدورة الطمثية بين بدء ظهور أحد الطموث وبدء ظهور الطمث التالي، ويحدث البيض حوالي منتصف هذه الدورات، ولذلك تقسم كل دورة مرحلتين: مرحلة قبل البيض ومرحلة بعد البيض وبينها حادثة البيض وفي نهايتهما الطمث.

    إبراهيم حقي

  9. #559
    التناسلي، الجهاز عند الذكور (تشريح وفيزيولوجية ـ)

    يتألف جهاز الذكر التناسلي من الخصيتين testis والبربخين epidydimes والحويصلين المنويين seminal vesicles والموثةprostate والقضيب penis. ومعظم الأعضاء التناسلية ظاهرة ما عدا الموثة والحويصلين المنويين التي تقع في الحوض.
    الخصية
    توجد ضمن الصفن scrotum الذي يتدلى أسفل البطن، ويتألف جداره من الجلد وطبقة عضلية وأربع طبقات لفافية. وهو مقسم بحجاب إلى قسمين يحوي كلّ منهما الخصية والبربخ والحبل المنوي، وجدار الصفن يحمي ما فيه من أعضاء، ويفيد تقلص عضلاته وارتخاؤها تبعاً لحرارة المحيط في توفير الحرارة المناسبة لتكوّن النطاف.
    شكل كلّ من الخصيتين بيضوي تقيس 2.5 × 3 ×4سم وسطياً، وتغلف كلّ خصية محفظة ليفية تسمى الغلالة البيضاء، تتكثف في الخلف لتشكّل المنصف الخصوي الذي يبعث إلى داخل الخصية حجباً ليفية تقسمها إلى نحو 250 فصيصاً، يتألف كلّ فصيص من أنبوب إلى أربعة أنابيب منوية طول كلّ منها نحو 60سم شديدة التعرج، تتجه هذه الأنابيب نحو المنصّف الخصوي حيث يتفاغر بعضها ببعض لتشكّل الشبكة الخصوية التي تصدر عنها الأنابيب الصادرة من الخصيةالتي تصب في رأس البربخ. يملأ المسافة بين الأنابيب الخصوية نسيج ضام يحوي خلايا لايديغ Leidig المفرزة للتستوستيرونtestosterone. أما الأنبوب المنوي فيتألف من غشاء قاعدي تتوضع فوقه خلايا سرتولي Sertoli والخلايا المولدة للنطفspermatogonium.
    تنشأ الخصية في الحياة الجنينية أسفل الكلية، ثم تهجر مكانها نحو الصفن حيث تبلغه في الشهر السابع من الحمل عادة، وتجر كل خصية معها في أثناء نزولها الأوعية الدموية واللمفاوية والأعصاب الخاصة بها عبر القناة الأربية، وقد تبقى إحدى الخصيتين أو كلاهما فوق القناة الأربية بعد الولادة، وهو ما يسمى اختفاء الخصية cryptorchidism.
    البربخ
    يقع خلف الخصية، ويراوح طوله بين 3 و5سم مؤلف من قسم علوي (الرأس) وقسم متوسط (الجسم) وقسم سفلي (الذيل). يرتبط رأس البربخ بالخصية بوساطة الأنابيب الصادرة عنها كما يرتبط بها بمحاذاة ذيله برباط ضام.
    يتألف البربخ من أنبوب ملتو كالوشيعة طوله 6-10 أمتار يحيط به نسيج ضام وأوعية دموية، ويتصل البربخ حذاء ذنبه بالأسهر.
    الحويصل المنوي
    يتوضع خلف الموثة وأعلاها تحت قاعدة المثانة أمام المستقيم، طوله 6سم يتحد مع نهاية الأسهر المجاور لـه من الأنسي ليؤلف القناة الدافقة ejaculatory duct. يحوي كلّ حويصل حجيرات صغيرة متصلة مغطاة ببشرة مفرزة لمواد عديدة أهمها الفروكتوز. وهذه المواد تغذي النطف وتساعد في إنضاجها وحمايتها، وتشكل هذه المفرزات نحو نصف كمية السائل المنوي.
    تنتهي القناة الدافقة تحت المثانة بقليل في الإحليل الموثيurethra prostatic حيث يصب السائل المنوي أثناء الدفق ضمن الإحليل.
    الموثة
    غدة صغيرة تقع تحت المثانة خلف العانة أمام المستقيم، وزنها نحو عشرين غراماً، يخترقها في مركزها القسم الأول من الإحليل الذي يسمى الإحليل الموثي، يوجد على جداره الخلفي تبارز اسمه الشنخوب تصب على جانبه 25 قنية موثية كما تنفتح عليه القناتان الدافقتان اللتان تخترقان الموثة بصورة منحرفة من الخلف إلى الأمام. إنّ إحاطة الموثة بالإحليل يجعله عرضة للإصابة بكل ما يصيب هذه الغدة كتعرضه للانسداد حين إصابتها بالضخامة.
    تفرز الموثة في أثناء الجماع قبل دفق السائل المنوي مفرزات تؤلف نحو ربع حجم هذا السائل، وظيفتها طلي الإحليل لتسهيل تزلق ونزول السائل المنوي كما أنّ تفاعلها القلوي يحمي النطف من التأثر بحموضة المهبل حين انتقالها إليه.
    القضيب
    وهو عضو الجماع والتبويل يتألف من الجسمين الكهفيينcorporea cavernosa المشكلين من أسطوانتين إسفنجيتين في الظهر والجانبين ومن الجسم الإسفنجي spongiosum corpus في بطن القضيب، يمر فيه الإحليل الذي ينقل البول والسائل المنوي، ويبدأ بتوسع بصلي الشكل في العجان، وينتهي في ذروة القضيب بكتلة مخروطية الشكل تسمى الحشفة glans التي تغطيها القلفة prepuce.
    فيزيولوجية الجهاز التناسلي عند الذكر
    فيزيولوجية الخصية: للخصية وظيفتان: الوظيفة الهرمونية ووظيفة تصنيع النطاف.
    1ـ الوظيفة الهرمونية: يبقى الجهاز التناسلي المذكر هاجعاً أو بطيء التطور تشريحياً ووظيفياً حتى سن البلوغ، في هذا السن الذي يراوح بين 11-16سنة حسب الشفرة الوراثية «الجينية» التي يتمتع بها الفرد، يتكامل نضج المنطقة تحت المهاد hypothalamus الكائنة في المخ المتوسط حيث ينتج من ذلك إفرازها لمفرزات تحث الغدة النخامية على إفراز الحاثة المحرضة للجريبات التي تُعرف اختصــاراً بـ F.S.H والحاثة الملوتنة L.Hتقوم الحاثة الأولى أي F.S.H بالتأثير في خلايا سرتولي الخصوية لتقوم بدورها الأساسي في تنظيم وتطور انقسام الخلايا المنوية الابتدائية انقسامات عدة بغية تشكيل الحيوانات المنوية إضافةً لإفرازها مواد عدة مثل: الإنهبين inhibine وسواه من المواد التي لها شأن مهم في إتمام عملية تصنيع النطف ونضجها وفي التثبيط الراجع لإفراز الـ F.S.H.
    أما الحاثة الثانية L.H فتؤثر في خلايا لايديغ لتفرز التستوستيرون الذي يسهم في عملية تصنيع الحيوانات المنوية بتأثيره في خلايا سرتولي كما أن له أثراً في تثبيط إفراز الحاثة L.H بغية المحافظة على مقداره بالحدود الطبيعية.
    تتظاهر هذه التحولات في إفراز الهرمونات المختلفة الحاصلة في سن البلوغ في الجسم بتبدلات واضحة منها: النمو الواضح للخصيتين والصفن، والقضيب، وغدة الموثة، وظهور الصفات الجنسية الثانوية عند الذكر وهي: الأشعار التناسلية وأشعار الوجه والنمو العضلي والجسمي والميل إلى الجنس الآخر ونعوظ القضيب وتشكل المني وتدفقه. وهذه التبدلات تبقى كلها لدى الذكر ماعدا النمو الجسمي ولاسيما طوله الذي يقف بعد البلوغ بـ 2-4 سنوات بسبب تعظم المشاشات العظمية بتأثير التستوستيرون.
    2ـ وظيفة تصنيع النطاف spermatogenesis: تستغرق عملية تكوين الحيوان المنوي في الخصية نحو سبعين يوماً. أما مراحل هذا التشكل فهي: تنقسم كل خلية منوية أصلية إلى خليتين واحدة تشكل مثيلة لها، والأخرى تتطور وتنقسم مشكلةً خلايا منوية تمر بمراحل عديدة هي الخلية المنوية الابتدائية primary spermatocyte والثانوية والأخيرة تنقسم انقساماً منصفاً تفقد الخلايا الناتجة عنه نصف صبغياتها ليصير في كل خلية 22 صبغياً جسمياً وصبغياً جنسياً واحداً من نمط X (أنثوي) أو من نمط Y (ذكري) يطلق على هذه الخلايا اسم أرومة النطفة spermatide، وهذه تنقسم انقساماً عادياً لتكون الحيوانات المنوية. وجدير بالذكر أن حصيلة انقسام كل خلية منتشة هو 64 حيواناً منوياً. تتجمع هذه النطاف في الأنابيب المنوية وفي الشبكة الخصوية لتصب في رأس البربخ بوساطة الأنابيب الصادرة عن الخصية.
    ومن المهم معرفة أن عملية تصنيع النطف لدى الذكر عملية مستمرة منذ البلوغ حتى نهاية العمر ولو أنه يصيبها نوع من التباطؤ بعد سن الستين.
    فيزيولوجية البربخ: أثبتت الدراسات الحديثة أن الأنبوب البربخي ليس هو صلة وصل فقط بين الأنابيب الخصوية الصادرة عن الخصية وبين الأسهر الذي يتمادى مع ذيل البربخ، بل إن لهذا العضو وظيفة مهمة جداً لنقل الحيوانات المنوية وإنضاجها في أثناء سيرها فيه الذي يستغرق نحو ثلاثة أسابيع كما أن ذنب البربخ يعد المخزن الرئيسي لها. لذا فإن إصابته تؤدي للعقم إذا كانت الإصابة مزدوجة.
    فيزيولوجية القضيب: للقضيب وظيفتان الأولى: نقل البول والمني للوسط الخارجي بوساطة الإحليل، والثانية: هي الوظيفة الجنسية المتمثلة بالانتصاب أو النعوظ. وإن آلية الانتصاب معقدة نوعاً ما، ويدخل فيها عناصر عدة، ويمكن تبسيطها بما يأتي:
    تتم عملية الانتصاب بتمدد شديد للجسمين الكهفيين وتوترهما من جراء احتقان الدم فيهما بحيث يكون مقدار الوارد الدموي للجسمين عالياً خاصة في مرحلة بدء الانتصاب. وكلما ازداد امتلاء الجسمين الكهفيين وتوترت المحفظة الليفية المحيطة بهما خمصت الأوردة التي تحمل الدم الصادر من الجسمين الكهفيين، وتعيق خروجه مدة قصيرة هي مدة دوام الانتصاب. ومما يحافظ على دوام الانتصاب أثناء الجماع تقلص العضلات الوركية الكهفية والوركية الإسفنجية بآلية عصبية انعكاسية نتيجة تنبه القضيب الآلي في أثناء الجماع.
    أما بعد القذف فيحدث تنبيه ودي يؤدي إلى تقلص الشرايين الواردة للقضيب من جهة، كما أن المواد المفرزة من النهايات العصبية والمؤدية لاسترخاء عضلات كُهيفات الجسم الكهفي تستنفذ، وكلتا الآليتين تؤدي لتقلص هذه العضلات مفرغة الدم من الكُهيفات ومنقصة التوتر ضمن الجسم الكهفي مما يؤدي إلى انفتاح طرق العود الوريدي للجسم الكهفي التي كانت مضغوطة في مرحلة الانتصاب، ومن ثم عودة الدم إلى الأوردة القضيبية الراجعة وزوال الانتصاب.

    وليد النحاس

  10. #560
    التنظير الطبي

    التنظير الطبي endoscopy وسيلة استقصائية الغاية منها رؤية الآفات الموجودة ضمن أجواف الجسم رؤية مباشرة وتعرُّف صفاتها وتحديد طبيعتها. وإذا كانت هذه الواسطة الاستقصائية ابتدعت في البدء للتشخيص فقد صارت بعد مدة من استعمالها المرحلة الأولى لبعض الاستقصاءات الأخرى المتممة كأخذ الخزعات من الآفات المشاهدة، ثم تطورت فصارت المرحلة الأولى لإجراء كثير من المداخلات الجراحية في معظم أجهزة الجسم.
    كان بوزيني Bozzini في عام 1805 أول من استعمل المنظار لاستقصاء أحشاء البطن، أما كيلنغ Kelling فكان أول من نظر أحشاء الكلب بعد حقن الغاز في جوف بطنه عام 1901، وأعاد العمل نفسه على الإنسان عام 1910، وأجرى كل من ديشر Decher وشيري Cherey أول مرة تنظير أحشاء الحوض بإدخال المنظار عن طريق رتج دوغلاس عام 1944.
    كانت المناظير المستعملة حتى ذاك التاريخ مؤلفة من أنابيب معدنية صلبة، وكانت الإنارة بوساطة حبابة كهرباء صغيرة، وفي عام 1952 استعمل كلادو Clado الإضاءة الباردة التي تنتقل من مصدر خارجي لنهاية المنظار القاصية بقضيب من الكوارتز، واستطاع بالمر Palmer بوساطتها تصوير أول فلم عن التنظير النسائي عام 1955، وكان له الفضل في دفع التنظير خطوات كبيرة إلى الأمام، فهو أول من فتح طريق الجراحة التنظيرية منذ عام 1956، بتحرير الالتصاقات وأخذ الخزعات ثم التعقيم بتخثير البوقين أو قطعهما بطريق المنظار.
    وفي عام 1956 استعمل فرنغنهايم Frangenheim أول مرة الألياف الزجاجية fiberglass لنقل الإضاءة الباردة، واستبدلت المناظير اللينة بالمناظير الصلبة مما سهل إجراء الفحوص والمداخلات التنظيرية لدرجة كبيرة.
    وفي عام 1972 حقَّق سيم Semm جهاز نفخ غاز CO2 الآلي ووسع الجراحة التنظيرية النسائية ثم استعملها كثيرون غيره في الجراحات البطنية عامة.
    وظهرت في منتصف الثمانينات من القرن العشرين أجهزة للتنظير تستخدم نظام الفيديو الإلكتروني video endoscopy أحدثت تطوراً كبيراً في ممارسة التنظير اليومية، فقد تحسنت نوعية الصورة المشاهدة تنظيرياً بفضل إدخال أجهزة تصوير (كاميرات) ذات حجم صغير جداً من نمط (CCD) charge-couple-device. يعتمد مبدأ هذه التقنية على استخدام مجس capteur يحول الطاقة الضوئية المنعكسة من النسج المشاهدة إلى طاقة كهربائية تنقل إلى معالج إلكتروني خاص يسمح بإعادة تشكيل الصورة بدقة متناهية على شاشة تلفزيونية ملونة.
    يمتاز نظام الفيديو الإلكتروني بإعطائه صوراً أكثر وضوحاً من المناظير الليفية الضوئية العادية وبإمكان تثبيت الصورة وتسجيلها لمشاهدتها من قبل عدة مراقبين في آن واحد وتسجيل كامل الفحص التنظيري والمعالجات المجراة على أجهزة أفلام فيديو. أما مساوئها فثمنها المرتفع وقطر أنبوب الفحص الذي يزيد قليلاً على قطر المناظير الليفية الضوئية العادية.
    كما ظهر في آخر القرن الماضي أجهزة تشارك بين مسبار لأمواج تخطيط الصدى وجهاز تنظير داخلي في آن واحدecho-endoscopy، يمكن بوساطتها دراسة الطبقات الجدارية للأجواف والأحشاء الداخلية بدقة كبيرة بالأمواج فوق الصوتية بعد الوصول إلى هذه الأماكن بسهولة بوساطة التنظير، وتسمح بتشخيص الآفة ودرجة ارتشاحها في جدار العضو إضافة لإمكانية أخذ خزعات موجهة بالصدى من الآفات الجدارية مما يؤدي إلى وضع تشخيص دقيق نسيجي للطبيعة المرضية لهذه الآفات.
    وتستخدم هذه الطريقة في تقويم مدى انتشار أورام الأنبوب الهضمي والبولي، وفي تشخيص أورام غدة المعثكلة (البنكرياس) والتهاباتها ومضاعفاتها، وفي تشخيص آفات الطرق الصفراوية، كما تعد من أفضل الوسائل التشخيصية لبعض الأمراض القلبية.
    تختلف أشكال المناظير باختلاف العضو المراد تنظيره ولكنها جميعها تتألف من أقسام أساسية وأقسام ملحقة.
    أمّا الأقسام الأساسية فهي جسم المنظار الذي قد يكون صلباً أو مرناً طويلاً أو قصيراً بأقطار مختلفة، والعدسات المكبرة العينية والجسمية، والمنبع الضوئي الذي صار في معظم الأجهزة خارجياً ينقل منه النور بوساطة الخيوط الزجاجية، وتخرج الأشعة من فوهة المنظار الباطنة مستقيمة أو مائلة بدرجات مختلفة حسب المكان المفحوص.
    أمّا الأقسام الملحقة فتختلف بحسب الحاجة وقد يستعمل منها واحد أو أكثر من واحد كملقط الخزعة أو حلقة التخثير.
    يجري التنظير أحياناً من دون تهيئة، في حين يتطلب أحياناً أخرى حقن غاز أو سائل في العضو المراد فحصه كجوف الصفاقأو جوف الرحم. أو يتطلب تهيئة العضو نفسه ببعض المواد المساعدة على جودة الفحص كما في تنظير عنق الرحم، ويجرى تنظير بعض الأجواف بلا تخدير في حين يتطلب تخديراً موضعياً أو عاماً في تنظير أجواف أخرى.
    يستخدم التنظير في جميع أجهزة الجسم تقريباً، مثال ذلك:
    ـ التنظير الهضمي: وهو:
    أ ـ علوي يدخل فيه المنظار عبر الفم والبلعوم وترى بوساطته حالة المريء والمعدة والعفج والطرق الصفراوية والبنكرياس والأمعاء الدقيقة.
    ب ـ سفلي ويدرس به المستقيم والسين الحرقفي والقولونات والقسم الأخير من الأمعاء الدقيقة.
    ـ تنظير القصبات: bronchoscopy يدخل فيه المنظار عبر الحنجرة إلى الرغامى والقصبات والقصبات الرئيسية فتكشف آفات هذه المناطق.
    ـ تنظير جهازالبول: بإدخال المنظار عبر فوهة الإحليل إلىالمثانة لدراستها ومنها إلى الحالبين عبر الفوهتين الحالبيتين المثانيتين بعد توسيعهما وتكشف بذلك آفات هذه الأقسام التي لم تتمكن الوسائل الاستقصائية الأخرى من الجزم بطبيعتها ويمكن أخذ الخزعات كما في كل أنواع التنظير.
    ـ تنظير قعر العين: ophtalmoscopy يتم بأجهزة صغيرة لا يتجاوز حجمها حجم قلم الكتابة تحوي عدسات ضوئية وضوءاً بارداً، تُري بالتنظير قعر العين والأوعية الشبكية والآفات الوعائية كالتصلب البصري.
    ـ تنظير الأذن: otoscopy ويتم كذلك بأجهزة صغيرة يمكن بوساطتها مشاهدة غشاء الطبل عبر مجرى السمع الظاهر وتشخيص التهابات الأذن الوسطى وانثقاب غشاء الطبل.
    ـ تنظير المفاصل: arthroscopy الذي ترى به معظم مفاصل الجسم وتشاهد بوساطته سطوح المفاصل وتحدد آفاتها.
    ـ تنظير الجهاز التناسلي في الإناث:
    أ ـ تنظير المهبل وعنق الرحم colposcopy يستعمل لهذا منظار خاص يكبر العنق بدرجات متفاوتة أفضلها ×14وترى بذلك الآفات الخمجية والورمية، ويفيد في التوجيه نحو المناطق التي يجب أن تؤخذ منها الخزعات لوضع التشخيص والتأكد منه.
    ب ـ تنظير باطن الرحم hysteroscopy ويجرى مباشرة (التنظير بالتماس) أو بعد تمديد جوف الرحم بغاز CO2 أو ببعض السوائل (التنظير الشامل)، تفحص به بطانة الرحم وتكشف آفاتها ولاسيما الورمية منها.
    ج ـ تنظير الملحقات والسطح الخارجي للرحم والحوض ويجرى كتنظير الأحشاء بوجه عام.
    ـ تنظير الأحشاء: endoscopy هو أكثر ما ينصرف إليه التنظير الطبي وهو السائد حالياً مقدمة لإجراء كثير من المداخلات الجراحية ويُخص لذلك بشيء من التفصيل.
    يتألف جهاز تنظير الأحشاء من قبضة تحوي أزرار التحكم يليها أنبوب لين يختلف قطره بين 7 و12ملم نهايته قابلة للتحريك باتجاهات مختلفة بوساطة أسلاك معدنية داخل المنظار وتسير في الأنبوب حزمة الخيوط الزجاجية الناقلة للنور من منبع خارجي إلى ساحة العمل، وفي نهاية الأنبوب العدسة الجسمية وفي بدايته العدسة العينية، ويحوي أنبوب المنظار عدا هذا قناتين لا يتعدى قطر كل منها 2 ـ 3ملم تستخدم إحداهما لتمرير الأدوات اللينة التي تستعمل لأخذ الخزعات أو المسحات أو إجراء التخثير. وتستخدم الثانية لسحب المفرزات أو الغازات أو ضخ الهواء أو الماء على العدسة الجسمية لغسلها من المفرزات التي قد تتوضع عليها في أثناء العمل.
    يعد تنظير الأحشاء عملية ككل العمليات الجراحية لذلك يجب تهيئة المريض الذي سيجرى له التنظير كما يهيأ كل مريض لأية مداخلة جراحية، ولاسيما أن التنظير يجرى تحت التخدير العام.
    يبدأ العمل بإملاء جوف الصفاق بكمية محدودة من غاز CO2 لإبعاد جدار البطن عن الأحشاء. وسهولة حركة الأدوات ضمن الجوف واختير هذا الغاز لعدم تخريشه وسرعة امتصاصه وعدم قابليته للاشتعال مما يمكن معه استعمال التخثير إذا احتيج إليه. يدخل هذا الغاز بوساطة إبرة تدخل في الثنية السفلية للسرة متصلة بجهاز نفخ آلي يحتفظ بضغط الغاز ثابتاً في البطن. ثم يجرى شق صغير بطول 1سم في المنطقة نفسها يدخل فيه مبزل محاط بغمد لجوف البطن المتمدد بالغاز، وحين التأكد من أن المبزل في جوف الصفاق يسحب من غمده الذي يبقى في مكانه لإدخال جهاز التنظير، يحرك الجهاز باتجاهات مختلفة في أثناء الفحص لرؤية كل الأحشاء واحداً بعد الآخر. ولما كانت الأحشاء متراكبة بعضها فوق بعض ويصعب لذلك رؤية كل وجوهها بسهولة فإنه لابد من استعمال مجس خاص وهو قضيب رفيع وطويل يدخل جوف البطن من فوهة أخرى تُحدث في المكان المناسب من جدار البطن يفيد في تحريك العضو المراد فحصه باتجاهات مختلفة أو إبعاده عن بقية الأعضاء لرؤيته بصورة جيدة، وإذا أريد أخذ خزعة أو إجراء تخثير أو سوى ذلك تدخل الأدوات الخاصة بذلك عن طريق ثقب آخر يجرى على جدار البطن.
    بعد جني المعلومات المطلوبة من التنظير وإنهاء العمل يسحب المنظار ويفرغ جوف البطن من الغاز عن طريق غمد المنظار نفسه، كما يسحب المرود وما قد يكون أدخل من أدوات، وتخاط أمكنة إدخالها بقطبة أو قطبتين لكل منها ويوضع عليها ضماد طاهر، يرتاح المريض بعد ذلك بضع ساعات ويمكن خروجه من المستشفى بعد صحوه من التخدير ببضع ساعات أو بعد 24 ساعة على أكثر تقدير إن لم تحدث مضاعفة توجب بقاءه مدة أطول. ذلك أن عملية التنظير لا تخلو أحياناً من مضاعفات قد تكون خطرة كتوقف القلب واضطراب التنفس والنزف الناجم عن إصابة المبزل لأحد الأعضاء أو الأوعية الكبيرة أو الصغيرة وكلها مضاعفات نادرة في التنظير المتقن، وهناك عوارض عامة أو موضعية أقل خطراً كاضطراب نظم القلب وزرقة الوجه ودخول الغاز في أثناء الحقن في النسيج الخلوي أو في سمك عضلات جدار البطن ونزف ندبة السرة وحدوث ورم دموي في جدار البطن، وغيرها من العوارض التي يجب الانتباه إليها مباشرة لمعالجتها خشية تطورها تطوراً خطراً.

    رائد أبو حرب

صفحة 56 من 146 الأولىالأولى ... 6465455 56575866106 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال