صفحة 45 من 146 الأولىالأولى ... 354344 4546475595145 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 441 إلى 450 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 45

الزوار من محركات البحث: 64845 المشاهدات : 322077 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #441
    من أهل الدار
    بقايا إنسان
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الدولة: احلا وطن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,635 المواضيع: 126
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 2974
    مزاجي: .....
    المهنة: !!!
    أكلتي المفضلة: مركة سبيناغ ^_^
    موبايلي: ﻻيهم
    مقالات المدونة: 5
    مجهود جدا قيم..بارك الله بك
    تقيمي

  2. #442
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,243 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44359
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 35 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    المنكهات

    المنكهات flavors وflavours مواد كيمياوية تنعش حاسة الذوق والطعم والرائحة بوساطة مستخلصات سائلة مكونة من مركبات عطرية تضاف إلى الأطعمة لجعلها طيبة المذاق والرائحة. وهي زيوت عطرية نباتية طبيعية مستخلصة من عصارةالليمون والفانيليا واللوز، أومن بعض الثمار الطازجة كالفريز، أومن بعض الجذامير كالزنجبيل، أو مركبة بالاصطناع الكيمياوي باستعمال الكحول والغليسيرول وبربولين غليكول propylene glycol وحدها أو بربطها بمُحِلاّت وملوِّنات[ر: المادة الملونة] مرخصة الاستعمال.
    أُخِذَ الإنسان منذ فجر التاريخ بالرائحة الطيبة والنكهة الذكية فعمل على الحصول على العطور[ر] والمنكهات من الطبيعة ثم لجأ إلى اصطناعها لسد حاجاته المتزايدة
    تقسم المنكهات إلى الأقسام الآتية:
    - المنكهات الخالصة pure flavours: وهي منكهات مستخلصة من المصادر الطبيعية.
    - المنكهات التركيبية synthetic flavours: وهي منكهات مصنعة كيمياوياً. مثالها: نكهة اللوز مكونة من البنز ألدهيد والبارا ميتيل ألدهيد وصمغ الكثيراء، ونكهة الموز مكونة من أميل أسيتات وبوتيل بوتيرات وإيزو بروبيل كينون، ونكهة البرغموت أوالليمون الأجاصي مكونة من تربينيل أسيتات، ونكهة الكرز مكونة من بيبيرونال سياناميد ألدهيد، ونكهة القرنفل مكونة من الأوجينول، ونكهة الليمون مكونة من سيترال كربألدهيد، ونكهة الدراق مكونة من ألفا اوندولاكتول، ونكهة الخوخ مكونة من نونيل لاكتون، نكهة السكلامن أو بخور مريم مكونة من إيزو بروبيل ألفا ميتيل هيدروسياناميد ألدهيد، ونكهة الغاردينيا مكونة من ميتيل فينيل كربنيل أسيتات، ونكهة الجيرانيوم أو الغرنوقي مكونة من فينيل ايتير وكومارين، ونكهة الهياسنتوس أو الياقوتية مكونة من البروموستيرول، ونكهة الياسمين مكون من بنزيل أسيتات، ونكهة الليلك مكونة من التيربينول، ونكهة النرجس مكونة من بارا كريزيل أسيتات، ونكهة الورد مكونة من فينيل ايتيل ألكول. وهناك نكهة القرفة، ونكهة الأناناس وغيرها.
    - الزيوت العطرية essential oils: وهي مواد معقدة من أصول نباتية مكونة من عدد من المركبات العضوية كالكحولات والألدهيدات والايتيرات والاستيرات ومائيات الفحم والتربينات والكيتونات واللاكتونات والفينولات والفينولات الإيتيرية المتداولة تجارياً والقابلة للاصطناع الكيميائي والداخلة في تصنيع المنكهات التركيبية.
    ومن المنكهات الشائعة الاستعمال يذكر:
    نكهة جوز الطيب Myristica fragrans: جوزة الطيب من نباتات المناطق الحارة كالهند وسيلان، غنية بزيت عطري يسمى ميرستين، مقبول الطعم الحاد، تعطّر به المشروبات المهضمة ومعاجين الأسنان، وهي مضادة للروماتيزم.
    نكهة حبة البركة أو الشونيز من الفارسية، وهي مستخلصة من بذور النجلاء المزروعة Nigella sativa، تستعمل معطرة للجبنة، ومقوية للأعصاب، ومهدئة للنزلات الصدرية.
    نكهة الحصلبان أو إكليل الجبل أو ندى البحر Rosmarinus officinalis رائحته تشبه الكافور، تستعمل أوراقه مطيبة للطعم ومضادة للتشنج والمغص.
    نكهة الخردل تتمثل في غلوسيد السينالبين sinalbin المستعمل في تحضير المخلل والسلطات.
    نكهة الخولتجان Alpinia officnarum الذي يزرع في الصين، والمستعملة طاردة للريح.
    نكهة الصعتر[ر] Thymus الذي له عدة أنواع وضروب، وهي مطهرة للحلق والحنجرة، وفاتحة للشهية.
    نكهة الزنجبيل Zingiber officinale تستحصل من الجذامير، وتستعمل معرقة ومقوية للقلب وموسعة للأوعية والمستخدمة في صناعة تابل الكاري.
    نكهة الطرخون Artemisia dracunculus وهي قاطعة لشهوة الباه وطاردة للديدان.
    نكهة الغار Laurus nobilis وهو ينبت برياً في سواحل بلاد الشام وتستعمل أوراقه في تطييب الأطعمة.
    نكهة الفلفل الأسود Piper nigrum وهو يحوي مادة الفلفلين الضارة بالمعدة إذا كثر استعمالها.
    نكهة الفانيليا vanilla تستحصل من نبات مداري من الفصيلة السحلبية متسلق بوساطة جذوره الهوائية.
    وهناك منكهات كثيرة أخرى منها منكهات الفليفلة والقرفة والقرتفل والكراويا والمردكوش والنعناع والهيل واليانسون وغيرها.
    أنور الخطيب

  3. #443
    النبات (علم ـ)

    علم النبات Botanique علم يدرس الكائنات النباتية دراسة موضوعية، وهو غير الميكروبيولوجيا التي تدرس الجراثيم [ر] والفيروسات [ر] التي قد تلحق بعلم النبات في المؤلفات القديمة.
    علم النبات القديم
    عدّ الفيثاغورسيون منذ 500 سنة قبل ميلاد المسيح النباتات كائنات حية متمتعة ببنية مستقلة. وبيَّن بعضهم أن كرسيالزهرة مركز لأعضاء التأنيث والتذكير مميزين المدقة والأسدية.
    وكتب تيوفراست Théophraste ـ المولود عام 372 قبل الميلاد ـ تسعة كتب (مفقودة اليوم) في تاريخ النبات Histoire des plantes، وستة كتب في الخصائص النباتية les Causes des plantes، وصف فيها قرابة 500 نبات. وقد كانت هذه الكتب خليطاً ضم ملاحظات شخصية حول دور الزهرة، وفكرة الفلقات، وآلية سقوط الأوراق، وأسباب اختلاف جذع النخيل عن غيره من جذوع الأشجار، كما ميَّز الأشجار المذكرة والمؤنثة في الفستق والنخيل بتخصيصه الذكورة للنبات العقيم والأنوثة للنبات الخصب المثمر، وبيَّن دور غبار الطلع في تكوين الثمار. وقد تميزت مؤلفات تيوفراست بسردٍ لبعض التجارب إضافة إلى تقديم تصنيف دقيق لعدد من النباتات التي وُصفت اعتماداً على الشكل العام للأشجار وحيدة الجذع، والأشجار المتفرعة الجذع والجنبات والأعشاب، والنباتات عديمات الجذع التي تظهر أوراقها فوق سطح التربة.
    وقد ترك لنا الشاعر اليوناني نيكندر Nicandre والطبيب كراتوياس Krateuas عدداً من أوصاف النبات التي وردت فيما بعد في مؤلفات ديوسقوريدس Dioscoride الطبيب اليوناني الذي عاش في القرن الأول بعد الميلاد وألّف كتاب العقاقير Matière médicale الذي ضم وصفاً دقيقاً لأشكال سوق قرابة سبعمئة نبات وجذورها وثمارها مع تحديد مناطق انتشارها، وترتيب خصائصها الصيدلانية. وقد اعْتُمد هذا المؤلف في الحضارات الإغريقية والرومانية والعربية حتى القرون الوسطى.
    وقد ألف بلين Pline الأقدم ما بين عام 23ـ79 بعد الميلاد موسوعة عالم الطبيعة De natura rerum في سبعة وثلاثين كتاباً ضمنها معلومات قيمة في البستنة [ر] وزراعة الأشجار.
    علم النبات عند العرب
    انطلقت العلوم العربية في القرن التاسع الميلادي بعد سقوط الامبراطورية الرومانية، مترجمة العلوم التي سبقتها وفي طليعتها مؤلفات ديوسقوريدس التي اعتمدها الطب النباتي العربي.
    وقد أولى السلف الكتابة الموسوعية النباتية باللغة العربية مكانة بارزة، وقدم لها ما تستحقه من جهد وعناية، وأفرد لبحوثها وشؤونها المختلفة كتباً قيمة، كانت رائدة ولا زالت منبع النور ومصدر العرفان في هذا الميدان طوال عدة قرون.
    تصنف الموسوعات النباتية العربية المعالجة لدور الأنواع النباتية المتعددة الأغراض، في ثلاث مجموعات:
    1ـ المجموعة الأولى: المعنية بالنبات من المنظور اللغوي ودقة التسمية، وتضم قرابة 29 كتاباً.
    2ـ المجموعة الثانية: المعنية بالنبات من المنظور النباتي ودقة الوصف، وتضم ثلاثة كتب وهي: «كتاب الصفات» للنصر بن شميل المتوفى سنة 203هـ، وهو يضم تعريف: الزرع والكرم والعنب وأسماء البقول والأشجار. وكتاب «الغريب المصنف» لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة224هـ، وهو يضم فصلاً خاصاً بالنبات والشجر سماه المؤلف «كتاب الشجر والنبات» وكتاباً آخر خاصاً بالنخل سماه «كتاب النخل». و«المخصص» لابن سيده علي بن إسماعيل الأندلسي المتوفى سنة 458هـ، وقد عقد فيه فصلاً مفصلاً أو كتاباً مطولاً، تحدث فيه عن النبات والزراعة وما يتعلق بهما، على نحو شامل ومستوعب.
    3ـ المجموعة الثالثة: المعنية بالنبات من المنظور الاقتصادي الزراعي والدوائي وتضم قرابة 63 كتاباً.
    وإن أول موسوعة نباتية عالمية كُتبت باللغة العربية من قبل عالم النبات الدينوري [ر] (أحمد أبو حنيفة) المتوفى عام 895م، والتي سماها مؤلفها «كتاب النبات»، وقد ترجمت إلى اللغات الأجنبية ثلاث مرات صدرت في الطبعات الآتية:
    - AL-DINAWARI, A.H. A. I. D. (1953) Kitab al Nabat. B. Lewin (ed.), Uppsla.
    - AL-DINAWARI, A.H. A. I. D. (1973) Kitab al Nabat. M. Hamidullah (ed.), Cairo.
    - AL-DINAWARI, A.H. A. I. D. (1974) Kitab al Nabat. B. Lewin (ed.), Beirut.
    وقد ضمت موسوعة ابن سينا (980ـ1037م) عيّنات نباتية عقاقيرية وسامة.
    ووصف البيروني في القرن الحادي عشر، والقزويني في القرن الثالث عشر عدداً كبيراً من الأنواع النباتية. واكتشف البيروني نظم زراعة النباتات الزهرية وأبدع مفهوم المخطط المميز للنوع.
    علم النبات في القرون الوسطى من القرن الثالث عشر حتى نهاية القرن الخامس عشر
    ألّف ألبيرت الكبير Albert le Grand ت(1200ـ1280) موسوعة نباتية حقيقية De vegetabilibus aut plantis وصف فيها مختلف أشكال الأوراق والأزهار والثمار، وقد ميّز بين الأشواك épines والقارصات piquants والكأس والتويج، وشرح بنية البذور ووضع الأجنة في البذور. وبَيَّن العلاقة بين الحرارة والضوء ونضج عناقيد العنب. وقد ظهرت مكبرات الأجزاء النباتية في نهاية هذا القرن، وسمحت باكتشاف دقائق مهمة في البنية النباتية.
    علم النبات في القرن السادس عشر
    بدأ علم النبات في مطلع القرن السادس عشر بالانتقال من العمل الموسوعي إلى العمل الموضوعي، وهكذا قام اوتو برونفيل Otto Brunfels ت(1488ـ1534) وليونهارت فوش Leonhart Fuchs ت(1501ـ1566) و هيرونيموس بوك Hieronymus Bock ت(1498ـ1544) بالبحث في الموضوعات الطبيعية بعيداً عن التوجهات الفلسفية للكتابات القديمة، مبتدئين بجمع المعلومات النباتية العلمية الحقيقية من دون الوصول إلى تصانيف قيمة. وجُمعت في الوقت نفسه مجموعات نباتية محلية توجد بعض نماذجها في متاحف روما وباريس.
    وكشف كونراد غِيسنر Conrad Gessner ت(1516ـ1565) دور الأزهار والثمار في التصنيف النباتي وترجع إليه أولى معلومات تحديد الجنس genre. وقام كارولُس كلوزيوس Carolus Clusius ت(1526ـ1609) بالعديد من الرحلات النباتية في أوربا جمع فيها ملاحظاته في مؤلف عنوانه «تاريخ النباتات النادرة» Rariorum plantarum historia (المطبوع عام 1601م) ضمّ وصفاً دقيقاً لبعض النباتات الراقية والفطريات. وكان كلوزيوس أول من زرع البطاطا المجلوبة من البيرو في عام 1588م.
    وفي عام 1583 طبع الإيطالي أندريا تشيزالبينو Andrea Cesalpino ت(1519ـ1603) ـ الذي درس النبات في الأندلس ـ مرجعاً سمّاه النبات De plantis، بقي لقرنين المرجع الرئيس في تصنيف النبات على الرغم من غياب الصفات الطبيعية معياراً للمقارنة. وإن بعض تقسيماته ما تزال صالحة في التصانيف المعاصرة والخاصة بالفصيلة الخيمية [ر] Ombellifères وبعض زمر النباتات أحاديات الفلقة [ر] كبيرة الأزهار والفصيلة الحمحمية [ر] Borraginacées والشفوية [ر] Labiateae والمركبة [ر]Compositae والتي ميزها بقليل من الكلمات واضعاً قواعد التسمية الثنائية التي عززها لينيوس [ر] فيما بعد.
    وقد أُقيم في القرن السادس عشر العديد من الحدائق النباتية التي كانت أولاها في البندقية في شمالي إيطاليا عام 1533م، وفي بولونيا عام 1566م، وتبعتها حدائق النبات في ألمانيا وفرنسا. وفي عام 1536م أنشأ لويس الثالث عشر الحديقة الملكية للنباتات الطبية في فرنسا.
    علم النبات في القرن السابع عشر
    انطلقت الدراسات التصنيفية والتشريحية والفيزيولوجية النباتية في القرن السابع عشر، إذ بدأت في هذا القرن الدراسات التخصصية المعتمدة على المجهر. ففي التصنيف انطلق مفهوم الزمر الطبيعية الممثل بالفصائل النباتية على يد الفرنسي بيير مانيولPierre Magnol ت(1638ـ1715م)، واستخدمت بعدها الدراسات التشريحية الموضحة لبنية الفلقات والبذور والسويداء، وتم التمييز بين خفيات الإلقاح [ر] وظاهرات الإلقاح. وفي عام 1665م اكتشفت البنية الخلوية على يد الفيزيائي روبيرت هوكRobert Hooke ت(1635ـ1703). وتبعها اكتشاف النسج من قشرة وألياف وحزم لحائية وعائية، وفُسِّر النمو العرضي والطولي للسوق، ودرست البنية الورقية.
    وترجع أولى الدراسات الفيزيولوجية إلى جان باتيست فون هيلمونت Jan Baptist von Helmont ت(1577ـ1644) في مجال التغذية النباتية. ثم دُرست بعده المكوِّنات الكيمياوية للنبات، وبَيَّن كاميراريوس Camerarius ت(1665ـ1721) وجود الجنس المذكر والمؤنث في الأزهار.
    علم النبات في القرن الثامن عشر
    سيطر على علم نبات القرن الثامن عشر اسم وحيد هو كارل ڤون لينيوس[ر] Carl von Linné ت(1707ـ1778) موتلاه الجوسيون Jussieu [ر:جوسيو (أسرة ـ)]، وتعمقت دراسة ظاهرات الإلقاح وخفيات الإلقاح [ر] وتزايدت رحلات بعثات الاستقصاء النباتي في العالم، وتقدمت الدراسات الفيزيولوجية والكيمياوية النباتية والتشريحية والزراعية وانتشرت الحدائق النباتية.
    علم النبات في القرن التاسع عشر
    من أبرز إنجازات القرن التاسع عشر ظهور مفهوم التطور evolution الذي طرحه جان باتيست لامارك [ر] (1744ـ1829م)، وتساءل عن تحولات النوع من جيل إلى آخر. وتقدمت دراسات المجاميع النباتية الوطنية المعروفة بالفلوراflora الخاصة بالنباتات الزهرية واللازهرية. وتقدمت دراسة المستحاثات النباتية Paléobotanique والجغرافيا النباتيةGéographie botanique والتشريح وعلم الخلية (السيتولوجيا) التي توسعت في دراسة المكونات الخلوية وفيزيولوجيا التنفس والتخمر والتركيب اليخضوري، واكتُشف دور الماء في تسيير الأفعال الحيوية والتغذية المعدنية، وتوجهت الأبحاث من المستويات المحلية إلى المستوى العالمي، كما توجهت الأنظار نحو إصدار المجلات المتخصصة في فروع المعرفة النباتية.
    علم النبات في القرن العشرين
    تقدمت دراسة المورفولوجيا والبنية الوعائية في بداية القرن العشرين، واتضحت العلاقات بين السوق والأوراق والجذور، وتم تعرف مراحل الانتقال من البنية الورقية إلى البنية الزهرية، وسادت نظرية التيلوم télome التي تشرح تكون الأعضاء النباتية، وتقدمت دراسات الانتقال من الحياة المائية إلى الحياة الهوائية وتعاقب الأجيال.
    وتطورت دراسات الترتيب الورقي phyllotaxie وظهر مفهوم اللوالب الورقية، ونشأ علم دراسة الأخشاب Xylologie وعلم حب الطلع [ر] Palynologie، وتقدمت تقنيات الدراسات الخلوية النباتية، والوراثة الخلوية Cytogénétique.
    وتقدمت في الوقت نفسه دراسة الأفلورات flora والمجموعات النباتية ممثلة الناحية الأخرى من علوم الحياة النباتية، إذ وصف كثير من الأنواع النباتية المكتشفة في القرن العشرين، ووصل عدد الأنواع الموصوفة 350000 (200000 ظاهرة إلقاح، و 90000 فطريات، 23000 بريويات، 20000 طحالب، 7000 تريديات). وتوسعت إقامة المعاشب herbariumالعالمية المعتمدة مرجعاً لتوثيق المعارف التصنيفية، وفي طليعتها معشب كيو Kew في المتحف البريطاني في إنكلترا، ومعهد كوماروڤ Komarov في لينينغراد التي أصبح اسمها سان بطرسبرغ، ومتحف باريس، والتي يضم كل منها قرابة خمسة ملايين عيّنة نباتية مجففة. وتليها المعاشب الأقل أهمية التي تضم قرابة أربعة ملايين عيّنة مجففة منها معشب برلين دهلم Dahlem على سبيل المثال. وهنالك معاشب في طريق الإنشاء أو التوسع في المناطق المدارية والاستوائية والقطبية.
    وظهرت علوم الإتنولوجيا النباتية [ر] التي تدرس الاستعمالات النباتية في الحضارات القديمة بغية الاستفادة منها في الحضارة الحالية.
    وتحولت المناهج التصنيفية القديمة إلى علوم التاكسونومي Taxonomie التي تطرح عدداً من الأهداف المشتركة وفي طليعتها البحث عن طريقة التواصل بين العلماء، وإقامة تصنيف يعبّر عن العلاقات الطبيعية بين الكائنات الحية ويُوَضِّح المسيرات التطورية. وهكذا تعدّ العلوم التاكسونومية القاعدة الأساسية للعلوم الأخرى معتمدة القواعد اللينيونية القديمة، ومدعمةً بالدراسات المعشبية التي أهملتها القرون الماضية، ومتوجهةً نحو الدراسات التنظيمية الحيوية biosystématique التي تدخل في التصنيف عدداً من الطرائق والمعايير.
    وقد استعملت في التصانيف المعاصرة طرائق رياضية وجهت إليها بعض الانتقادات الذاتية subjective التي أهملت المعايير المورفولوجية والتشريحية ولتُضاف إليها بعض التقويمات الإضافية المستمدة من الدراسات الصبغية الكروموزمية والكيمياء الحيوية وعلم المصول Sérologie.
    دور علم النبات
    لا يُعَدُّ علم النبات اليوم علماً منفرداً، بل أصبح يمثل مجموعة من العلوم الآخذة بالتوسع والانتشار. فعلم النبات شديد الصلة بالحياة الإنسانية عبر القرون المتتابعة، رابطاً بين العلوم الطبية والرياضية. وهو يشهد اليوم منطلقات مرتبطة بمجالات كثيرة مثل الضوء والكيمياء والميكانيك والإلكترونيات في اختصاصات مترابط بعضها ببعض.
    فالتزايد الهائل لعدد سكان الأرض يهدد بنضوب مواردها الغذائية، وتراجع مساحات أراضيها الزراعية، وزيادة أراضيها المتصحرة.هذه البشرية ـ مهما تقدمت تكنولوجياً ـ ليس لها مصدر يمدّها بالحياة غير العالم النباتي القادر على تحويل الكربون المعدني إلى كربون عضوي الذي يمثل المصدر الرئيس لتغذية عالمي الحيوان والإنسان.
    والحق يقال: إن المعرفة المعمقة للنبات وطرائق حياته، وتعرف متطلباته الغذائية، لابدّ أن تقود إلى تحسين مردود الإنتاج الزراعي وإلى الاستفادة من مواقع الصحارى والبوادي. كما أن التوسع في الاستفادة من معطيات التنوع النباتي بما فيه الأنواع الطحلبية، وحماية الموارد الطبيعية، وإقامة المحميات [ر]، وإقامة جمعيات وطنية ودولية تعمل على حفظ الموارد النباتية تصب جميعها في تطور علم النبات. كما أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ومنظمة الزراعة والتغذية (فاو) FAO تتوجهان في برامجهما المختلفة نحو الحفاظ على التوازن الحيوي الهش الذي يهدد وجود الحياة النباتية فوق كرتنا الأرضية.
    أنور الخطيب

  4. #444
    النباتات الفوقية

    النباتات الفوقية epiphytes، وتسمى بالنباتات السطحية، هي نباتات تَغْرِس جذورها فوق جذوع الأشجار أو فوق أغصانها العليا أو على الصخور وسطوح المنازل وأسلاك الهاتف للحصول على الإنارة اللازمة لنموها معتمدة الأشجار ركيزة لنموها، أي تقضي حياتها مثبتة أو محمولة فوق نباتات أخرى أو على سطوحها، تستخدمها مساند أو دعائم، أو مصدراً لتغذيتها المعدنية المكوَّنة من ماء وأملاح معدنية وغاز ثنائي أكسيد الكربون. فالنباتات الفوقية تتطفل على المكان فقط، وهي غير النباتات الطفيلية التي تستمد غذاءها من النبات المضيف.
    تحمل النباتات الفوقية أعضاء بالغة التخصص، قادرة على التغذية الكربونية القائمة على التركيب الضوئي، أما التغذية المعدنية فتتم بامتصاص الأملاح المنحلة في ماء المطر بوساطة جذور هوائية مثبتة على نبات حامل أو على سلك معدني.
    فنبات التيلاندزيا Tillandsia من الفصيلة البروملية [ر] Bromeliaceae تحمل سوقُه وأوراقُه أوباراً ماصة معقدة عديدة الخلايا مغروسة في النسج النباتية، ومنتشرة على سطحه وممتدة في الهواء مغطية غلفها الخارجية بمادة سميكة لزجة جاذبةً ما يلامسها من بخار ماء وندى وأمطار. ونبات الفانيليا من الفصيلة السحلبية[ر]، والمونستيرا Monstera من الفصيلة القلقاسية [ر] (المستعمل نبات زينة في البيوت الزجاجية من أصول مكسيكية تزرع للتغذية بثمارها) يرسل كل منهما في الهواء جذوراً طويلة تغطيها نسج خلوية خارجية ميتة مملوءة بالهواء المُرَطَّب بالندى والضباب ومياه الأمطار، وتتبعها نسج داخلية حية إسفنجية محتفظة بالماء الضروري للنبات تدعى غشاء الجذر velamen radicum. ونبات النيدولاريوم Nidularium من الفصيلة البروميلية له أوراق حمراء محيطة بالأزهار مكونة قدحاً يحتفظ بقرابة نصف لتر من ماء الندى أو المطر الضروري لحياة النبات مدة طويلة.
    تحمل بعض أنواع الفصيلة السحلبية أوباراً ماصة موضوعة في «مخازن» مائية ورقية بصلية الشكل. وكما تستمد بعض النباتات السطحية الماء من الدبال المشبع بمياه الأمطار المتراكم في قاعدة النبات كما في السرخس Platycerium الذي يذوي نباته البوغي إذا ما فُقِدَت المادة الدبالية.
    دلت التحاليل الكيمياوية في نبات التيلانديزيا على عدم اختلاف مكوِّنات رماد النباتات النامية فوق الأسلاك ـ والحاصلة على تغذية معدنية مستمدة من أوبار ماصة ورقية ـ عن محتويات النباتات النامية فوق تربة طبيعية مستمدة التغذية المعدنية بوساطة أوبار ماصة جذرية.
    الشكل (1) الأونسيديوم Oncidium نبات فوقي من الفصيلة السحلبية مكون من جسم درني مختزن للماء وجذور هوائية وهو يعيش فوق فرع شجرة في المناطق المدارية مصغر 16مرة الشكل (2)مقطع طولي في ورقة جامعة للماء Dischidia rafflesiana أ ـ فتحة نحو الداخل في ورقة قربية الشكل ب ـ جذر عارض متفرع داخل التجويف الورقي مصغر إلى النصف
    مواقع انتشار النباتات الفوقية
    يغزر انتشار النباتات الفوقية في الغابات الماطرة المدارية التي تمنع وصول الضوء إلى المستويات الأرضية. وهي تشمل عدداً كبيراً من مغلفات البذور والسراخس والحزاز وكثيراً من النباتات الصغيرة المتكيفة مع العيش على جذوع الأشجار. وتتمثل النباتات الفوقية المنتشرة في المناطق المعتدلة بالأشن [ر] Lichens والحزازيات Mousses من البريويات [ر].
    أنور الخطيب

  5. #445
    النباتات اللاحمة

    النباتات اللاحمة carnivores نباتات قادرة على التغذية بمركّبات آزوتية مستمدة من الأحياء الحيوانية. إذ تستطيع بعض نباتات مغلفات البذور وبعض الفطريات صيد حيوانات وفرائس شديدة الصغر - بطريقة سلبية أو إيجابية - وهضمها.

  6. #446
    النباتات المتسلقة

    النباتات المتسلقة plantes grimpantes هي نباتات تتطلب مساند أو دعائم؛ لينتصب قوامها. وهي تمثل ما يعادل 25% من مجموع النباتات المدارية المتخشبة المسماة عرائش lianes. فمن هذه النباتات المنتشرة في الوطن العربي على سبيل المثال: الظيان Clematis وزهرة الآلام Passiflora (المعروفة في عامية دمشق بالساعة) والعشقة Hedera والجنجل أوحشيشة الدينارHumulus والكشوث Cuscuta واللافConvolvulus وعدد كبير من أنواع الفصيلة الفولية Fabaceae، مثل الجلبان Lathyrus، وهي التي تتسلق بالتعلق بالحوامل الحية أو الميتة، أو بتكوين أعضاء مساعدة على التسلق، أو بالالتفاف بحركات دورانية حول الحامل. يجري التسلق بوساطة تشكيلات بشرية أو جذور عارضة أو بالتعرش أو بالمحاليق التي تلتف حول المساند.
    التسلق بوساطة تشكيلات بشرية أو جذور عارضة
    يتسلق نبات الغاليوم اللصوق Galium aparine بوساطة أوبار صلبة صادرة عن خلايا البشرة، أما الورد Rosa والعليقRubus (أو توت السياج) فيستخدمان للتسلق أشواكاً أو شويكات بشرية. وتستخدم العشقة (أو حبل المساكين) الجذور العارضة أظافرَ تثبت النبات على الجدران أو على النبات الحامل من دون الوصول إلى نسجه القشرية، وهكذا تبدأ العلاقة بسيطة بين العشقة وحاملها النباتي، ثم تصبح العشقة مغذية لنباتها الحامل إذا كان حياً: فالعشقة تعيق النمو العرضي للجذع الحامل وأغصانه، كما تتحول إلى نبات طفيلي عندما تسيطر أوراقها على قمة النبات الحامل حاجبة النور عنه. وتتسلق الخميسةParthenocissus بفروع صغيرة تحولت نهاياتها إلى محاجم تثبيت.
    التسلق بالالتفاف
    يُوَجه التسلق بالالتفاف بتوزع الأكسينات [ر: الأكسين] أو هرمونات النمو التي تعمل على تطاول الجدران الخلوية للسوق الملتفة البعيدة عن حوامل النباتات الملتفة وتقاصر جدران تلك الخلايا الملامسة لحوامل النبات، وتُسمى النهاية الموجهة للحركة الدورانية بالسوط.
    يرى بعض الباحثين وجود علاقة بين النبات وحامله؛ لأن الالتفاف يحدث كلما وجد الحامل، ولا علاقة لذلك بحركات النمو، الأمر الذي يتطلب زيادة في الدراسات. فسرعة مدار السوط تصل إلى20سم في الساعة. وتلتف الفاصولياء وكثير غيرها من النباتات الملتفة بحركة موجهة عكس عقارب الساعة، في حين تتوجه دورانات الجنجل أو حشيشة الدينار والتاموس Tamusباتجاه عقارب الساعة. وهنالك عدد قليل من النباتات غير محددة الوجهة الدورانية كالصلان الحلو المرّ Solanum dulcamara.
    التسلق بالتعريش
    أغلب النباتات الملتفة في المناطق المعتدلة عشبية (مثل اللاف Convolvulus والكشوث وعدد كبير من نباتات الفصيلة الفولية)، تبقى هذه النبتات مستلقية على التربة إذا لم تجد مسنداً، على عكس النباتات الملتفة المدارية التي معظمها متخشب أو عرائشي تحوي في نسجها الثانوية بنيات غير نظامية. وهكذا تُمْكِن مشاهدة - على المقطع العرضي لسوق الفصيلة البغنونيةBignoniaceae - بنيات لحائية محاطة بالخشب؛ لأن النسيج المُوَلِّدَ الثانوي يتوقف عن تكوين البنية النظامية بعد السنة الأولى، ويُوَلِّد بُنية لحائية غزيرة. وتتكون في الفصيلة المينيسبيرمية Menispermaceae بنيات لحائية مسطحة. ويحمل بعض أغصان أجناس الفصيلة الصابونية Sapindaceae كالبولينيا Paullinia كتلاً مستديرة تظهر في بعض جوانبها نتيجة تكوين نسج مولدة إضافية بعد سنواتها الأولى. وتُكَوِّن بعض أنواع الفصيلة المالبيغية Malpighiaceae نسجاً مولدة قوسية.
    تسلق النباتات بالمحاليق المُلْتَفَّة
    من النباتات المتسلقة ما تستخدم محاليق بالغة التخصص، بعضها ناتج من فروع مُحَوَّرة من أصول ساقية البنية التشريحية، إضافة إلى تفرعها وحملها أوراقاً ضامرة، كما في نبات العنب Vitis vinifera، وبعضها الآخر محوَّر من أصول ورقية كاملة أو من تحور بعض الوريقات. ففي الجلبان الأفاكي Lathyrus aphaca تتحور الورقة كلها إلى محلاق، وتنمو أذناتها للقيام بوظيفة التركيب الضوئي. وفي أنواع أخرى من الجلبان والحمص Cicer تتحور الوريقات إلى محاليق، ويتحوَّر معلاقالورقة في النيبانتيسNepenthes [ر. النباتات اللاحمة] والكليماتيس Clematis إلى محلاق، كما تتحور الأذنات إلى محاليق في السميلاكس Smilax.
    يأخذ المحلاق في الحالات جميعها شكل خيط متطاول مزود منذ بداية تكوينه بقدرة دوران تمكنه من الالتفاف كلما وجد مادة صالحة تقرب النبات من مسنده، ويُعَدَّلُ الدوران في الاتجاه الأول بدوران آخر في الاتجاه الآخر.
    وتقوم في كل الحالات ـ كما في جميع الحالات السابقة ـ قمة المحلاق بتوجيه الحركات الالتفافية التي تكون ذاتية الإدارة autonomie. ويعتقد عدد من الباحثين وجود انجذابات أرضية جانبية مماثلة للانجذابات الأرضية النظامية، في حين يعتقد بعضهم الآخر بدور الدعامات أو المساند المجاورة للمحلاق، فحركة محاليق نبات زهرة الآلام تنشط سرعة امتداد النبات. وقد تمكن بعض الباحثين من إظهار وجود بعض الخلايا القادرة على الرد على المنبهات اللمسية الضوئية المنظمة للدوران حول المساند في النبات الأمريكي إقريمي القرب Eccremocarpus. ويَحمل بعض خلايا بشرة الفصيلة القرعية نقاطاً ذات خصائص ضوئية مُتَحسِّسَة لمسية تُوجه الحركة الدورانية للمحلاق في أحد الاتجاهين.
    ويعتقد أخيراً أن الأعضاء ذات النمو السريع هي وحدها التي تحدد هذه الخصائص المختلفة، وأن للجبيريلناتgibberellins دوراً مهماً في تنظيم هذه الحركات.
    أنور الخطيب

  7. #447
    النباتات المُعَمَّرَة

    النبات المعمر plante vivace أو المستمر perennial هو الذي يعيش عدة سنوات، ويقابله النبات الحول أو الحوليannuelle الذي ينجز دورة حياته في أقل من سنة، أو في بضعة أشهر، أو في بضعة أسابيع، أو في أسبوع فقط كما في حوليات المناطق الصحراوية المسماة بالنباتات اليومية éphémérophytes.
    تزهر بعض النباتات المعمرة مرة واحدة في دورتها الحياتية، مثل النباتات الحولية، وتسمى وحيدة الإثمارmonocarpique، الذي يحدث في السنة الثانية من إنباتها وتسمى بالنباتات المحولة أو ثنائية الحول biannuelles، تُكَوِّن هذه النباتات في سنتها الأولى الأجهزة الإعاشية الممثلة بالسوق والجذور والأوراق مُكَدِّسَةً المدخرات في جذورها، وهكذا يجمع جذر نبات الجزر ـ على سبيل المثال ـ في نهاية السنة الأولى من زراعته المدخرات السكرية الغلوسيدية، ويُزهر ويُثمر إذا ترك في التربة بعد ذبول إكليل أوراقه المركبة القاعدية، ماراً في الخريف بحياة تنفسية بطيئة، تتوقف فيها عملية التركيب الضوئي، و ينشط برعم جديد من منتصف العنق، منتفخ بالمدخرات، مكوناً في الربيع القادم ساقاً ورقية منتهية بنورة خيمية حاملة لمجموعة زهرية بيضاء، وعندها يتصلب الجذر فاقداً مدخراته التي ساعدت على تكوين الثمار ويموت النبات كلياً.
    ومن النباتات ما تكون معمرة وحيدة الإثمار أي تعيش عدة سنوات فتصبح متعددة الحول pluriannuelles، بدل كونها ثنائية الحول، حيث تمتد حياتها الإعاشية عدداً من السنوات، بدل السنتين، وتزهر في السنة الأخيرة من حياتها. فالآغافAgave على سبيل المثال يقضي حياة إعاشية تراوح بين 10ـ 100 سنة، ويعطي في سنته الأخيرة شمراخاً hampe زهرياً يرتفع في بعض الأنواع بين 10ـ12 متراً، في نموذج شائع في المناظر الطبيعية المكسيكية.
    تزود أغلب النباتات المعمرة بصفات تشريحية وفيزيولوجية تُمكِّنها من الإزهار والإثمار كل سنة. وتُعد الأشجار من أجود النماذج الممثلة للنباتات المعمرة: فنموها غير محدود، من الناحية النظرية، يتمثل بتعاقب سنوي لزيادة السمك والطول، وبتفرع ناتج من نشاط نمو عدد من البراعم الإبطية مصحوب بسمك السوق والجذور القديمة مع الاحتفاظ بنضارة الأجزاء النهائية وطراوتها.
    فبعد عدد من السنوات (تصل إلى 60 سنة في السنديان القوي Quercus rouvre) تبدأ النباتات المعمرة بتكوين الأزهار، ثم يتجدد هذا الإزهار كل سنة بانتظام. وتتميز هذه الأنواع من النبات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بدورية ربيعية صيفية نشطة النمو، وأخرى خريفية شتوية متباطئة النمو.
    ففي الربيع تنطلق حركية نمو النبات حيث الحرارة الخارجية مناسبة لصعود النسغ الخام في الأوعية الخشبية حاملة المدخرات المتكدسة في السنة الماضية في أنواع برنشيم السوق والجذور: القشرية والمخية والخشبية واللحائية. تقوم هذه المدخرات بتحريك نمو البراعم الخضرية والزهرية التي تشكلت في خريف العام الماضي والتي أحيطت بمجموعة من الحراشف الواقية. وتدعم التغذية العامة للنبات وتنضج البذور، وتتشكل المدخرات الجديدة في الربيع والصيف، مدعمة بعمليات التركيب الضوئي المستمرة.
    من الأشجار والشجيرات والجنبات ما تحمل أوراقاً ساقطة كالحور والصفصاف والجوز، ومنها ما تحمل أوراقاً دائمة كالبرتقال والزيتون والخرنوب. فالأولى تنتشر في المناطق المعتدلة والمدارية تصفر أوراقها في الخريف وتسقط منفصلة عن السوق الحاملة تاركة أثار ندبات ورقية. تقلل مثل هذه العمليات ضياع الماء بصورة واضحة، وتوقف جريان النسغ والتركيب الضوئي، وهكذا يجتاز النبات المعمر الفصول الحرجة الباردة. وتلاحظ مثل هذه الحياة المتباطئة في زمرة الصنوبريات في الشتاء حيث يتوقف النمو بانتظار الربيع حيث يساعد وجود المدخرات على معاودة نمو النبات. وهكذا يتناقص فقدان الماء بالبنية الإبرية للأوراق وثخن القشيرة وعمق أوضاع المسام.
    تسقط أوراق أشجار الغابة الكثيفة الاستوائية - المكونة في غالبيتها من نباتات دائمة الأوراق - في فترة قصيرة في حدود الأسبوعين، وفي فصل من السنة يختلف بين نوع وآخر يمثل فصل الراحة القصيرة بسبب المناخ.
    ومن صفات النباتات المعمرة في المناطق القاحلة أو الصحراوية ظهور الأوراق في الربيع في فترة قصيرة من الزمن، وغيابها في مطلع الصيف، وإزهارها كل سنة وتكوينها البذور، كما في نبات القرصعنة Eryngium والهندباء Cichorium، أو تكوينها جنبات شوكية مقاومة للجفاف كما في الأوفوربيا الشوكية Euphorbia spinosa وفي كثير من أنواع الأستراغالAstragalus، أو تفقد قسماً من أوراقها في فصل الجفاف كما في بعض أنواع الجينيستا Genista. وهنالك عدد من النباتات المعمرة التي زودت أوراقها الدائمة بخصائص مقاومة للجفاف ممثلة بالقشيرة الثخينة كما في نبات الدبق، أو المسام الغائرة في تجاويف كما في نبات الدفلة، أو الوبر المائل إلى البياض كما في نبات ندى البحر Rosmarinus. ومن الجنبات المعمرات ما تأخذ شكلاً خديدياً (مخدة) منطبقاً على سطح التربة، مقاومة بذلك الجفاف المناخي. وللبنية الجذرية دور مهم في تكوين جماعات مغلقة.
    ومن النباتات المعمرة ما تكون عشبية ذات جهاز خضري هوائي دائم وفي طليعتها النباتات نصف المختفيةhemicryptophytes التي تأخذ شكل وريدة ورقية تبرز من منتصفها سارية زهرية كما الهندباء ولسان الحمل Plantago والرنقولRanunculus.
    ومن النباتات المعمرة العشبية ما تحتفظ بأجزاء ترابية بصلية تعطي في الربيع السوق والأوراق والأزهار كما في الزنبق، أو جذمورية كما في النجيل Cynodon dactylon.
    ومن النباتات المعمرة ما تختفي كلياً في الشتاء وتسمى بالنباتات المختفية cryptophytes كما في نبات النعمان Anemoneمولدة في الربيع السوق المورقة والأزهار، ومنها ما تحقق ديمومتها بوساطة أدران ترابية تمثل عيونها براعم تجددها مستعملة المدخرات النشوية التي جمعتها في السنة الماضية.
    أنور الخطيب

  8. #448
    النباتات النسيجية

    احتلت النباتات النسيجية Textile Plants مكانة بارزة في الصناعة النسيجية في الأزمان القديمة، وكان من أكثرها شيوعاً القطن [ر] والكتان[ر] Linum usitatissimum والقنب [ر] Cannabis sativa والجوت المسمى علمياً أبو التيل المنسوب لابن سيناAbutilon avicennae من الفصيلة الخبازية ويزرع في الصين وبلغاريا، والأبَق abaca الذي عرفه العرب منذ مطلع التاريخ وكان أول الألياف النباتية التي استُعملت في صناعة الحبال. يطلق الأبق على ألياف مصدرها أنواع موز النسيج Musa textilis الذي يُدعى تجارياً «قنب مانيليا». وهو نبات يشبه الموز العادي ولكن أوراقه أضيق ومجتمعة بكثافة أشد في نهاية النبات. ثماره لا تؤكل. يحمل النبات من 10ـ 12ورقة غمدية تكوّن الساق التي يراوح طولها بين 100ـ 200سم، وقد يصل ارتفاعها إلى 350سم. تتكون الألياف في الجزء الخارجي من أغماد الأوراق التي تُقطع من أصولها وتُقشر يدوياً أو آلياً للحصول على حزم ألياف يراوح طولها بين 160ـ 360سم، لونها بين الأبيض والأصفر، خفيفة وصلبة ومتينة، مقاومة لتأثير المياه العذبة والمالحة، تستعمل في صناعة الكبلات البحرية ومواد التجليد والتكييس وعجينة الورق مخلوطة بالغراء أو القلفونة. تستورد اليابان كميات كبيرة من ألياف الأبق لاستعمالها في صناعة الحواجز والجدران المتحركة في المنازل. وتدخل أليافها في صناعة قماش لامع يسمى باللغة الدارجة سينامي Sinamay.
    يقع المهد الطبيعي للأبق بين الهند والفيليبين. ويدخل في الدورة الاقتصادية لسكان سومطرة وبورنيو. وقد تعرّف الأوربيون الأبق بوساطة العرب وتجارتهم عبر طريق الحرير في القرن السادس عشر، ووصلت أول شحنة منه إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1818م، إذ كان الأبق الصادر الرئيس للفيليبين بعد السكر وجوز الهند. يزرع الأبق في المناقع وفي الأراضي الدبالية الرطبة والجيدة الصرف في مساحات صغيرة أو كبيرة، وتستثمر أوراقه بعد 18ـ 36 شهراً من بدء زراعته.
    أُدخلت زراعة الأبق إلى أمريكا عام 1925، وعُزّزت هذه الزراعة عام 1940م لحاجة أمريكا إلى الألياف في مجهودها الحربي، فموّلت زراعته في دول أمريكا الوسطى وصنعت آلات تنظيف الأوراق مستخدمة زراعة 26 ألف فدان أنتجت ثلاثة ملايين طن من الألياف. وبعد الحرب العالمية الثانية دعمت زراعة الأبق في كوستاريكا.
    ومن النباتات النسيجية الساف النباتيcrin végétal وهو ألياف نسيج يُحصل عليه من نوع من النخيل اسمه العلميChamaerops humilis أو الأغاڤ Agave، وكذلك الحلفا Stipa tenacissima وهي نبات عشبي من الفصيلة النجيلية ينبت في شمالي إفريقيا وإسبانيا، احتلت زراعته مكانة مهمة في الحرب العالمية الثانية.
    ويُحصل على كتان نيوزيلندا من نبات الفورميوم Phormium tenax من الفصيلة الزنبقية، وهو يزرع في الأرجنتين وشيلي ونيوزيلندا وبلغاريا.
    أنور الخطيب

  9. #449
    النباتي (الغطاء ـ)

    الغطاء النباتي plant cover أو الأُخضورة vegetation مجموعة الأنواع النباتية التي تكوِّن أحد نماذج التجمعات النباتية مثل الغابة أو السهل أو السهبة steppe أو الساڤانا savane أو البراري prairies أو البادية أو الصحراء، وتضم مجموعة من النباتات المترابطة ببعضها ببعض من الناحية البيئية أكثر من ارتباطها ببعضها من الناحية التصنيفية. وهكذا تعكس الأُخضورة أو الغطاء النباتي الشروط البيئية المكوِّنة للموقع كالغابة أو البادية أو الصحراء.
    الفرق بين الأُفلورة والأُخضورة
    تُفَرِّق الدراسات النباتية المعمقة بين الأفلورة flora والأخضورة: فالأفلورة هي جرد بمجموعة النباتات الموجودة في مكان وزمن محددين، كما تمثل الطاقة التكوينية الوراثية (الجينومية) النباتية الطبيعية المميزة لبلد من البلدان، وهنا يجري الحديث عن الأفلورة السورية ـ على سبيل المثال ـ التي تضم جرداً بالأنواع النباتية الطبيعية التي تعكس التاريخ البيولوجي للمنطقة. وترتبط الدراسات الأفلورية بالتصنيف النباتي محدِدَةً الأنواع والفصائل والأجناس والرتب وروابطها التصنيفية، عاكسةً المراحل التاريخية النباتية التي مرّت على الموقع المدروس، في حين تعكس الدراسات الأخضورية الشروط البيئية الحالية المسيطرة على الموقع المدروس، وهكذا تمثل الأفلورة الخلاصة النباتية التاريخية للموقع، في حين تمثل الأخضورة قبل كل شيء المنعكس الحالي للوسط البيئي. وبهذه الطريقة يمكن للأنواع التصنيفية ذاتها أن تكَوِّن غابة رائعة الجمال عالية الأشجار إذا واتتها الشروط البيئية، أو تكَوِّن مجموعة شوكية إذا تعرّض الموقع للرعي الجائر على سبيل المثال. وهذا يعني أن النوع النباتي ليس هو المسؤول عن تكوين الغابة، بل إن ظروف الوسط بالدرجة الأولى هي المحدِّدة لشكل الأخضورة أو الغطاء النباتي.
    يُعدّ مفهوما الأفلورة والأخضورة مفهومين مختلفين من بعض وجهات النظر، فهنالك مواقع غنية بالأفلورة فقيرة بالأخضورة مثل بادية الشام على سبيل المثال، فيها غزارة بالأنواع النباتية مصحوبة بفقر بالغطاء النباتي، وهنالك مواقع فقيرة بالأفلورة غنية بالأخضورة مثل الغابات الاسكندناڤية المكوَّنة من عدد محدود من الأنواع النباتية الشجرية المنتجة لغابة كثيفة الأشجار. وهنالك مواقع غنية بالأفلورة وغنية بالأخضورة مثل المناطق الاستوائية المكوَّنة من عدد كبير من الأنواع الشجرية المكوِّنة لغابة كثيفة الأشجار، يقرب إنتاجها من إنتاج الغابة الاسكندناڤية، وهنالك مواقع فقيرة بالأفلورة وفقيرة بالأخضورة مثل المناطق الصحراوية.
    تعتمد دراسة الأخضورة أو الغطاء النباتي على الأشكال الظاهرية physionomy للتجمعات النباتية (الفيزيونوميا)، وتتوسع هذه الدراسة بالتعمق بدراسة التربة التي تشمل المكان الأرضي المفضّل الذي يمثل منطقة التقاء وسطين متباينين: أولهما يمثل النهاية القاسية للتربة ممثلة بالقشرة الترابية، وثانيهما ممثلاً ببداية الغلاف الجوي. ففي هذه المواقع تتشكل الأخضورات نتيجة لتفاعل الشروط الترابية من جهة مع الشروط المناخية من جهة ثانية. وهذا يعني قبول تشابه المشاهد النباتية كلما توازنت الصفات الترابية مع الظروف المناخية. تعدّ صفات التربة والمناخ ـ على المستوى المحلي ـ مرتبطة بالأشكال الحيوية الممثلة بالأشجار أو الأعشاب. وبالعكس، يحدد تنوع الوسط الترابي تغيّر النماذج الحيوية أكثر من التنوع المناخي، على مستوى الكرة الأرضية. وهكذا تتمركز التشكيلات الخضرية الكبرى في نطاقات مناخية كبرى. فالغابات المدارية الرطبة البرازيلية ـ على سبيل المثال ـ تشبه كثيراً غابات حوض الكونغو وإندونيسيا على الرغم من اختلاف الأنواع النباتية المكوِّنة لهذه المواقع. أي تتكون البنية الأخضورية نفسها في المناطق المناخية الواحدة على الرغم من تباين مكوناتها الأفلورية.

    نماذج الغطاء النباتي أو نماذج الأخضورة
    بدأت دراسة النماذج الأخضورية في مطلع القرن التاسع عشر معتمدة طريقتين: أولاهما ترتكز على درجة تغطية النبات لسطح التربة، وارتفاع الأشجار أو الأعشاب فوق سطح التربة وكثافتهما. وهكذا تُكَوِّن الأشجار المرتفعة والكثيفة الغابات، في حين تُكَوِّن النباتات العشبية السهول والسافانات. وثانيتهما ترتكز على كون الغطاء النباتي مغلقاً أو مفتوحاً، أي متراص المكونات أو متباعدها. وهنالك طريقة ثالثة تعتمد على دوام خضرة الغطاء النباتي المحتفظ بأوراقه أو الذي يسقطها في الفصول الحرجة. وثمة طريقة رابعة تعتمد على تأثر الغطاء النباتي بالغيوم أو رطوبة البحر مكوِّنة غطاءً غيميا nebelwalderأو رطباً humides أوجافاً. لذا يتطلب تنوع نماذج الغطاء النباتي شرح كل منها.
    صفات الغطاء النباتي العشبي والشجري
    تعالج الدراسات الدارجة هذه الموضوعات بيسر، مميزة بين الأشجار والأعشاب مهملة الأغطية النباتية الطبيعية الواقعة بينهما.
    فالعشب herb نبات أخضر ذو ساق رخوة، يعمّر سنة واحدة أو جزءاً من السنة، وينطلق نموه من سطح الأرض كل سنة ولا يرتفع كالأشجار، قليل النسج المتخشبة التراكمية. وهو إما حولي annual أو صيفي therophyte، ينجز دورة حياته الكاملة من البذرة إلى البذرة في أقل من سنة، لا بل في بضعة أسابيع في بعض الأحيان. وهكذا يكون الغطاء النباتي العشبي سريع الزوال مهما بلغت كثافته وهذه صفة مميزة للغطاء النباتي العشبي في البادية.
    أما مناطق البراري والسهوب والمروج فيكون غطاؤها النباتي عشبياً ثنائي الحول biannual أو نصف مختفhémicryptophyte محتفظاً ببراعم استعاضة نائمة واقعة تحت سطح التربة، ومحاطة في أغلب الأحيان بأوراق واقية نشطة أو جافة.
    تُميّز في النباتات العشبية ثلاثة أنماط: النباتات الصيفية، والنباتات المختفية (التي تضم النباتات الأرضية géophytesوالنباتات الغدرانية hélophytes والنباتات المائية hydrophytes)، والنباتات نصف المختفية التي تمكث في الأرض طوال أيام السنة ممثلة ببضعة أوراق لا تحجبها إلا التغطية بالثلوج في بعض الأحيان. وفي كل الأحوال تبقى الكتلة الحيوية biomasseللغطاء النباتي العشبي سريعة الزوال.
    أما الشجرة فهي نبات معمّر، تكوِّن سوقه كل سنة مادة الخشب الصلبة القادرة على حمل عدد كبير من الفروع والأغصان التي يستمر نموها طوال السنة تقريباً، ولا تظهر التغيّرات الفصلية إلا بظهور الأوراق والأزهار والثمار. وتسمى الأشجار في التصانيف البيولوجية بالنباتات الظاهرة phanerophytes التي تمثل أشكالاً نباتية تكون براعم تجددها على ارتفاع يزيد على 25سم فوق سطح التربة. وهكذا تمثل الغابة غطاءً نباتياً دائم الإقامة في المكان على مدار السنة، غير متأثر بالتغيرات المناخية الفصلية إلاّ بغياب الأوراق والأزهار والثمار في الفصول الحرجة من السنة. وقد لا يقتصر بناء الغابة على الأشجار بل قد تضم نباتات عشبية كبيرة الأبعاد، مثل الخيزران أو بعض نباتات الفصيلة الصبارية [ر]Cactaceae أو النباتات العارشةlianes والمتسلقة [ر]، فإذا كانت جميع الأشجار مكوَّنة من نباتات ظاهرة (فانيروفيت) فليست كل النباتات الظاهرة مكوَّنة من الأشجار.
    فغابات الموز تتكون من أعشاب كبيرة غير متخشبة تتوضع براعم استعاضتها فوق سطح التربة، وهكذا ليست كل الغابات مكونة من أشجار متخشبة.
    صفات الغطاء النباتي المفتوح والغطاء النباتي المغلق
    تُطلق تسمية الغطاء النباتي المغلق fermée عندما تغطي أجزاؤه الهوائية سطح التربة على نحو مستمر. مثلها مثل الغابات المدارية التي تنبت تحت أشجارها نباتات أليفات الظل sciaphiles دائمة الخضرة محرومة من الأشعة الشمسية المباشرة. وبالعكس، تُطلق تسمية الغطاء النباتي المفتوح عندما تتمكن حزم من الأشعة الشمسية من الوصول إلى سطح التربة باستمرار، مكوِّنة غابات معرَّضة لانجراف التربة، كما في المناطق الجافة أو مناطق المنحدرات الجبلية.
    صفات الغطاء النباتي دائم الخضرة والغطاء النباتي متساقط الأوراق
    من الأغطية النباتية (أو الأخضورات) ما تحتفظ بأوراقها الخضراء على مدار السنة، ومنها ما تقتصر خضرة أوراقها على الفصول المناسبة. فغالبية أشجار النباتات عريانات البذور دائمة الخضرة، في حين تضم النباتات مغلفات البذور مجموعات شجرية دائمة الخضرة وأخرى تسقط أوراقها في الفصول الحرجة.
    تتميز المناطق الاستوائية بدوام الرطوبة وثبات الحرارة، وهذا ما يساعد على دوام الأوراق على الأشجار عدة سنوات بمعدل سنتين أو ثلاث سنوات. ولكن دوام خضرة الغابات ليس وقفاً على المناطق الاستوائية، فهو متوافر في عدد كبير من النماذج المناخية الحارة والباردة، والجافة والرطبة. وهكذا يمثل دوام الخضرة إرثاً شكلياً لبعض نباتات حوض البحر المتوسط والمناطق القارية والمناطق المرتفعة الجبلية، وهو يمثل تكيّف بعض الأشجار للعيش في الظروف غير الملائمة.
    تصنيف أنماط الغطاء النباتي أو الأخضورة
    تتطلب مقارنة أنماط الأخضورة على الصعيد العالمي - كما تتطلب إقامة الخرائط النباتية - توحيد المصطلحات المستعملة في هذا المجال. ويعدّ تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) unesco من أفضل التصانيف المعتمدة في هذا المجال الذي يضم خمسة صفوف تُقسم هي أيضاً إلى قرابة خمسة عشر صفيفاً، ويقسم كل صفيف منها إلى مجموعات وتشكيلات صغرى، ويقسِّم علماء الأخضورة الكنديون نماذج الغطاء النباتي إلى عشرين صفاً.
    وللتبسيط تُقسم الأغطية النباتية إلى أغطية نباتية مغلقة وأغطية نباتية مفتوحة.
    المجموعة الأولى: مجموعة الأغطية النباتية المغلقة وتضم زمرتين:
    أ ـ زمرة الغابات دائمة الخضرة وتشمل:
    1ـ الغابة الظليلة المدارية: تنتشر هذه الغابة في المنطقة الاستوائية والمدارية في ثلاثة مواقع: في الأمازون جنوب خط الاستواء وفي إفريقيا وفي جنوبي آسيا وإندونيسيا. تُضاف إليها بعض المناطق الساحلية مثل الشاطئ الغربي من الهند، والساحل الشرقي من مدغشقر، والضفاف الشرقية لسيرا دومار serra do Mar في البرازيل.
    2ـ الغابة الشمالية: وهي مكوَّنة غالباً من مخروطيات إبرية ويسميها بعضهم تايغا taiga، وهي منتشرة في أمريكا الشمالية والأوراسيا ما بين خطي عرض 45 -50 درجة شمالاً، وتمثل قرابة 30% من مساحة غابات العالم. تتخللها بعض أنواع الأشجار المورقة: مثل الحور والصفصاف والبتولة Betula والمغث Alnus والغبيراء Sorbus. كما تكثر فيها الغابات أحادية النوع النادرة في المحيط الحيوي [ر] biosphere. تحدها شمالاً التوندرة [ر]، أما حدودها الجنوبية فهي أكثر تعقيداً: ففي أوربا الوسطى والغربية تنتشر غابات الأشجار متساقطة الأوراق، وفي شرق أوربا وسيبيريا الوسطى والشرقية ينتشر غطاء نباتي خليط من المخروطيات [ر] ومتساقطات الأوراق، وفي سيبيريا الغربية تدخل غابة المخروطيات مباشرة مع الغطاء النباتي المكوَّن من البراري (المروج). وفي أمريكا الشمالية تكون الأمور أعقد: فمن الشرق إلى الغرب يتكرر الترتيب السابق، ولكن بطريقة معكوسة مكونة غابة هدسون، تليها غابة خليطة، تليها غابة متساقطة الأوراق والبراري والسهوب الصخرية الأمريكية الشرقية والوسطى.
    3ـ الغابة المتوسطية: تنتشر الغابة المتوسطية في خمس مناطق من العالم: حوض المتوسط، وكاليفورنيا المركزية، وشيلي المركزية، وجنوب غربي إفريقيا الجنوبية، وجنوب غربي أستراليا. وهي غابة أشجارها كثيرة الفروع، أوراقها صغيرة جلدية لامعة ودائمة تسمى الغابة القاسية، وهي متكيفة مع النظام المطري السائد في حوض البحر المتوسط والمتميز بصيفه الحار والجاف وشتائه البارد الماطر. تنتشر الغابات المتوسطية بين خطي عرض 30 ـ 45 درجة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي محتلة الجهات الغربية من القارة. وهي غابة واسعة الانتشار في محيط حوض البحر المتوسط تختلف مكوناتها الأطلسية الغربية البرتغالية عن الغابة الجنوبية، والشرق أوسطية، وغابة شمالي إفريقيا. وقد تأثر هذا الغطاء النباتي بالفعاليات الإنسانية عبر التاريخ وتردت مكوناته، فتحول إلى غابات قزمية مفتوحة بطيئة النمو تُعرف بالفرنسية ماكيmaquis نتيجة الاحتطاب الجائر، و غاريغ garrigue نتيجة الإصابة بالحريق، وتُسمّى شابارال chaparral في كاليفورنيا حيث تنمو أشجار السيكوايا Sequoias، وماتورال matorral في شيلي، وميليسكراب malee-scrub في أستراليا حيث تنمو أشجار الأوكاليبتوس العملاق Eucalyptus regnans المتكيف مع الجفاف والذي يصل ارتفاع أشجاره إلى 120متراً.
    4ـ غابة المحيط الهاديء في كندا: تشبه الغابة المدارية، مكونة من مخروطيات عريضة الإبر، متجانسة ممتدة على طول3500كم من شمالي ألاسكا إلى جنوبيّها.
    5ـ الغابات دائمة الخضرة في المناطق المعتدلة في نصف الكرة الجنوبي: تنتشر هذه الغابة في الشيلي ما بين خطي عرض 38 ـ 53 درجة جنوباً في نيوزيلندا وخط عرض 36 إلى 45 درجة جنوباً في تسمانيا.
    ب ـ زمرة الأغطية النباتية متساقطة الأوراق والغابات المختلطة: تنتشر هذه النماذج من الغابات في مناطق الكرة الأرضية المناخية جميعها، وتتميز بتغيّر مظاهرها الخارجية الممثلة بسقوط أوراقها كل سنة في الفصول الحرجة الممثلة بالجفاف أوشدة البرودة وهي تشمل:
    1ـ الغابات المدارية الفصلية: تنتشر هذه الغابات في المناطق المدارية ذات الفصول الجافة، من أسمائها الغابات أليفة المدار أو المتساقطات أو الموسمية. توجد في زائير وزامبيا في الجنوب من الكرة الأرضية، وفي جنوب شرقي آسيا في برمانيا والهند الصينية والهند، وفي أمريكا شمالي غابات الأمازون في البرازيل وجنوبيّها.
    2ـ الغابات المعتدلة المختلطة متساقطة الأوراق: تنتشر في المناطق المعتدلة المتأثرة بالنشاطات الإنسانية وهي تمتد من غربي أمريكا إلى الصين. تضم الأشجار متساقطة الأوراق وفي طليعتها الزان الحرجي Fagus sylvestris، والكستناء في أوربا وتركيا، والبلوط البواسيري Quercus boissieri، والقيقب Acer في شرق المتوسط، والجنكو ثنائي الفص Ginkgo biloba في الصين، إضافة إلى عدد من الأشجار دائمة الخضرة.
    3ـ الأغطية العشبية المغلقة الصافية أو المشجرة: من نماذجها الساڤانا [ر] حيث الأشجار تتخللها النجيليات، والبراري أو المروج الخالية من الأشجار.
    4ـ العبور من الغابات إلى البراري في المناطق المعتدلة: منتشر في وسط الولايات المتحدة وأوربا وآسيا حيث تحلّ الأعشاب محل الأشجار بتزايد طول الفصول الجافة.
    5 ـ العبور من الغابة إلى الساڤانا في المناطق المدارية: منتشر في المناطق التي سادت فيها الفعاليات الإنسانية.
    6ـ البراري: تتميز بارتفاع أعشابها وبخلوها من الأشجار. تحتل مساحات شاسعة من المناطق المعتدلة. تنتشر في أمريكا الشمالية بسبب ارتفاع الجبال الغربية، وتمتد بعرض 300 إلى 800كم من أواسط كندا إلى تكساس، وهي تتمثل في روسيا بعرض يراوح بين 200 ـ700كم. وفي القسم الجنوبي من الكرة الأرضية ببامبا Pampa في الأرجنتين وجنوبي إفريقيا ونيوزيلندا
    7ـ الساڤانات: ومنها ضروب الساڤانا العشبية حيث تتمركز الأشجار على ضفاف الأنهار. والساڤانات الشجرية المنتشرة من غينيا إلى السودان وفي إفريقيا الجنوبية وفي مدغشقر وفي شرقي أستراليا وغربيها وجنوبي أمريكا.
    المجموعة الثانية: مجموعة الأغطية النباتية المفتوحة
    منتشرة في جميع مناطق الكرة الأرضية ما عدا المنطقة المدارية الرطبة، متأثرة بالجفاف في المناطق الحارة، وبالبرودة في المناطق الرطبة، وبالحرارة والرطوبة في المناطق القارية. الأمر الذي يستدعي وجود غطاء نباتي مفتوح شجري أو عشبي.ومثالها:
    1ـ الأغطية النباتية الشوكية في المناطق الحارة: تنتشر في المناطق الحارة بعد الساڤانات الشجرية أو العشبية وفي المناطق شبه الجافة والصحراوية مُكَوَّنَة من جنبات شوكية، من أسمائها: غابات شوكية، وعيص شوكية، وأحراج شوكية، وهي مكونة من أفراد نباتية متباعدة تتخللها نباتات عشبية. تفقد هذه الأغطية النباتية أوراقها في الفصول الجافة الطويلة، وتجف كل السطوح العشبية، وهي تتمثل بكاكتوس (صبار) أمريكا، وفربيون إفريقيا، وكاتنغا caatinga شمال شرقي البرازيل، وكاكتوس شمال شرقي المكسيك، ودورنفيلد dornveld جنوبي إفريقيا، والسهل Sahel الممتد من موريتانيا إلى الصومال، وأجمات الألوةbrousse a aloe في مدغشقر، وعيص المولغا mulga scrub في أستراليا.
    2ـ السهوب القارية المعتدلة: يحتلها غطاء نباتي مفتوح عشبي يلي البراري أو المروج المتوسطية دائمة الخضرة، وهي منتشرة في روسيا والصين والأرجنتين.
    3ـ الأغطية النباتية المتقطعة شبه الصحراوية: تتميز بتباعد المسافة بين أفراد النبات، وكثرة الأنواع الصيفية سريعة حلقة النمو، وصغر أوراق النباتات المتخشبة، والتزود بجذور عمودية طويلة تصل إلى مستوى المياه الجوفية مكونة النباتات الفراتية phréatophytes. تسيطر على الغطاء النباتي المتقطع العوامل الترابية: ففي المناطق الصخرية تنمو النباتات البدينة المختزنة للماء مع بعض الحوليات، وفي المناطق الرملية تنمو النباتات أليفات الرمال psammophiles المتحركة، وفي الترب الملحية تنمو المعمرات أليفات الملوحة halophiles مع قليل من الحوليات.
    4ـ التوندرة [ر]: تنمو في المناطق القطبية متكيفة مع شدة برد الشتاء وطول مدته وسيطرة النماذج النباتية العشبية.
    الأغطية النباتية المجاورة للضفاف المائية: تتأثر الأغطية النباتية المجاورة للضفاف المائية بفترة الغمر بالماء وبدرجة الملوحة مكونة المجموعات الآتية: المجموعة الأولى تحيط بالشواطئ البحرية، والمجموعة الثانية تحيط بضفاف المياه العذبة، والمجموعة الثالثة تتمثل بالمواقع الجبلية.
    المجموعة الأولى تضم الأغطية النباتية الشطية المرتبطة بتعاقب المد والجزر واختلاف فترة الغمر بماء البحر، وتُميّز فيها الزمر الآتية:
    أولاً: مواقع تُغمر مدة أكثر من ست ساعات في اليوم حيث تسيطر على غطائها النباتي الطحالب التي تتركها مياه المد والجزر، وهي تقسم إلى مواقع دافئة مشمسة قريبة من خط الاستواء، ومواقع شمالية باردة قليلة التعرض للشمس غنية بالمواد المغذية. فالماء البارد في التوندرة القطبية يحوي من العوالق أكثر مما تحويه عوالق المناطق المدارية بعشرين في المئة.
    ثانياً: مواقع تُغمر مدة أقل من ست ساعات في اليوم ويُميّز فيها نموذجان مرتبطان بخطوط العرض: المنغروفmangroves المنتشرة في المناطق المدارية الحارة، والسبخات البحرية marais maritimes المنتشرة في المناطق الباردة.
    المنغروفات: نماذج من الأغطية النباتية الشجرية المتجانسة من الناحية النباتية والمتميزة بالصفات الآتية: جذور عكازية تمكن الأشجار من النمو في الوحل المهلهل، وجذور تنفسية pneumatophores تمكن من الحصول على التهوية المناسبة، وولودية viviparité بذرية ممثلة بنمو الأجنة، وتكوين البادرات قبل انفصالها عن الأشجار الأمهات.
    السبخات البحرية: المكونة من نباتات قصيرة القامة، ملحية بدينة شطية، تتخللها حوليات عشبية قليلة التنوع، منتشرة في المناطق المعتدلة والباردة.
    تدعى المواقع الشديدة ملوحة الماء والتي يغطيها المد والجزر بالسليق slikke، وهي تضم النجيليات من أجناس السبارتينا Spartina والسرمقيات من أجناس قرن الملح Salicornia والسالسولا Salsola والسويدا Soueda.
    وتدعى المواقع الشديدة ملوحة الماء والتي يغطيها المد والجزر بالوحل، وهي تضم لسان الحمل Plantago والتريغلوكينTriglochin من الفصيلة الجونكاجيناسية Juncaginaceae. ويليها القصب والسوسن دليلاً على عذوبة الماء.
    وتنبت في مناطق الكثبان الرملية نجيليات متخصصة من أجناس: حب البر Agropyrum وأليف الرمال Ammophilaواليلموس Elymus المثبتة للرمال المتحركة.
    المجموعة الثانية تضم الأغطية النباتية المرتبطة بالمياه العذبة. ففي المياه الصافية الراكدة ينبت عدس الماء Lemnaوالنيلوفر Nuphar والتيفة Typha والبوط Butomus.
    المجموعة الثالثة تضم الأغطية النباتية الجبلية. تأخذ أشكالاً وسادية (مخدات) شوكية من القتاد (أستراغال) Astragalus
    خرائط الغطاء النباتي
    يمثل الغطاء النباتي صورة أساسية تحدد إمكانات الوسط الطبيعي. ويتوجه العاملون في الجغرافيا النباتية إلى إقامة نموذجين من الخرائط النباتية: خرائط الزمر النباتية، وخرائط الغطاء النباتي أو الأخضورة.
    1ـ خرائط الزمر النباتية: وهي خرائط عالية المقاييس من مرتبة 1/20.000 وما فوق ذلك. وتركز على تحديد المكونات الأفلورية للغطاء النباتي دالة على المجموعات النباتية التي يعيش بعضها مع بعض، ممثلة بالأجناس والأنواع المكونة للغطاء النباتي، دون دراسة درجات التنافس بينها. فهذه الأنواع مرتبطة بالشروط المناخية المحلية ومتأثرة بعوامل عدة مثل درجة حموضة التربة ومحتواها الكلسي. وتقام هذه الخرائط القليلة العدد وفق طريقة مدرسة زوريخ ـ مونبيليه المحددة للأنواع الرئيسة والأنواع الثانوية.
    2ـ خرائط الغطاء النباتي أو الأخضورة: وهي خرائط صغيرة المقاييس من مرتبة 1/10.000 أو أصغر ما دون ذلك. وتركز على تحديد الطوابق النباتية المكونة للغطاء النباتي محددة دوام أوراق الغطاء النباتي أو سقوطها، وهكذا يمثل الغطاء النباتي بالنوع المسيطر مثل قولنا غابة سنديان أو بلوط أو خروب دون ذكر الأنواع الثانوية. ويعد الغطاء النباتي أو الأخضورة أفضل جامع أو معبر عن الشروط الطبيعية القديمة والحالية من ناحية أولى، كما يعدّ أفضل كاشف لآثار الأعمال الإنسانية من ناحية ثانية.
    أنور الخطيب

  10. #450
    النتح

    النتح transpiration آخر مرحلة من مراحل حركة الماء في النبات إذ تطرح الأوراق، خاصة، جزءاً من الماء الذي امتصته الجذور إلى الوسط الخارجي. وتخضع كميات الماء المطروحة ـ إلى حد ما ـ لسيطرة النبات، الأمر الذي يميزها من حادثة التبخر evaporation الفيزيائية البحتة.
    قياس النتح
    يقاس نتح نبات ما، إما بتقدير كمية الماء الضائعة منه في وسط معزول، وامتصاصها بوساطة مادة ماصة للماء مثل كلوريد الكلسيوم CaCl2 أو خامس أكسيد الفوسفور P2O5 أو حمض الكبريت الكثيف H2SO4، وإما بقياس نقصان وزن النبات في زمن محدد، مع أخذ الاحتياطات الضرورية لعزل التربة في الوعاء بإحكام إغلاقها في أثناء القياس. وتفضل عادة الطريقة الثانية لتركها النبات في وسطه الطبيعي، أما التبدلات الطفيفة الناتجة من المبادلات الغازية للتنفس والتركيب الضوئي فيمكن عدّها ضئيلة مقارنة بعملية النتح، ومن ثمّ يمكن إهمالها. ويكتفى في بعض الحالات بعزل ورقة أو غصن، على سبيل المثال، ووزنها عند فصلها، وإعادة وزنها بعد دقيقتين أو أكثر لمعرفة كمية الماء التي فقدتها العينة المدروسة. ويمكن قياس شدة النتح في بعض الحالات باستخدام مقياس الشرب أو المشرب potometer الذي يقيس كمية الماء التي يمتصها غصن مقطوع في فترة زمنية معينة، مع افتراض ثبات المحتوى المائي للغصن في فترة التجربة.
    يراوح متوسط قيم النتح ـ التي تم التوصل إليها بالطرق السابقة ـ بين 0.1 و0.5 مغ ماء في الساعة لكل دم2 من سطح الأوراق النباتية، ويمكن لهذه القيم أن تصل في بعض الحالات إلى 5 غ/سا/دم2. وقد تم حساب كمية الماء التي تضيع بعملية النتح من شجرة قيقب érable ارتفاعها 15م وتحمل/170/ألف ورقة أو ما يعادل 60م2، فوجد أنها تعادل 300 لتر ماء بالساعة، وذلك في ساعات بعد الظهر الحارة، وأن هكتاراً من الأرض المزروعة بنباتات الفصيلة النجيلية Graminacées ينتح 250 طناً من الماء في السنة، وعندما تقل معدلات النتح فإنها تصل إلى 0.01غ/سا/دم2 أو أقل من ذلك في النباتات أليفة الجفاف Xérophytes. والواقع أن إنتاج غرام واحد من المادة النباتية الحية يتطلب مرور 300غ ماء داخل النبات، وهو ما يعرف بمعامل النتح coefficient de transpiration، وعموماً فإن الأمطار الطبيعية والثلوج والندى هي التي توفر حاجة النباتات الطبيعية من الماء، أما الأراضي المزروعة والزراعات المائية فإن الأمر يتطلب في بعض الظروف المناخية إجراء عمليات رش أو ري التربة مباشرة، وبذلك يسهم الماء في خلق مناخات دقيقة microclimats. ولابد هنا من الإشارة إلى أن العمل في الحقل أو البيوت الزجاجية يتطلب الانتباه إلى تنافس عوامل عديدة لتحرير الماء في الجو المحيط بدءاً من عمليات التبخر الفيزيائية البسيطة في التربة الرطبة وانتهاء بعمليات النتح التي يمكن عدّها عمليات تتم على مستوى النبات وتتحكم بها آليات فيزيولوجية. ويمكن قياس النوعين من عمليات التبخر حيث يعبر عنهما في مجال العلوم الزراعية والغابات بالمصطلح العلمي بخر النتح évapotranspiration. يتم قياس بخر النتح باستخدام مكعبات تربة مشربية cases lysimétriques معزولة بعضها عن بعض، ويمكن جمع كل الماء الذي يرشح منها، وتمثل كمية الماء التي ضاعت عن طريق بخر النتح بالفرق بين كمية الماء التي تمسك في المكعبات والماء الذي يُجمَع في قاعدة المكعب.
    مسارات voies طرح الماء النباتي
    الشكل (1) إلى اليمين المسام في منظر جبهي يوضح الفوهة السمية محاطة بخليتين سميتين كلويتي الشكل، جدرانها الأنسية سميكة والوحشية رقيقة، إلى اليسار مقطع عرضي يوضح السم والخلايا المحيطة به
    يتحقق طرح الماء النباتي عبر المسام stomates على هيئة بخار عبر الغرفة تحت السمية المتصلة مع الفضوات الهوائية والأصمخة meats التي تشكل الجو الداخلي المحيط بالخلايا النباتية. يتألف السم من خليتين كلويتي الشكل تشكل أجزاؤها المقعرة فتحة السم أو فوهتهostiole (الشكل1) ويمكن لهذه الفوهة حسب الشروط الخاصة لهذه الخلايا أن تكون مغلقة كلياً أو مفتوحة للغاية وبنحو 3 حتى 12 ميكرون عرضاً و 20 حتى 40 ميكرون طولاً.
    يتفاوت عدد المسام حسب الأنواع فمن عدد محدود من المسام في الأنواع الجفافية، إلى نحو 50000 مسام وجدت على الوجه السفلي لورقة السنديان أو البلوط chêne في كل سنتمتر مربع. وتتوزع هذه المسام بشكل متجانس عادة على وجهي الورقةفي النباتات أحادية الفلقة Monocotylidéones كالشوفان إذ يوجد على الوجه العلوي 25 سُماً و23 على الوجه السفلي. ويتميز نبات الشوفان بصفائح أوراقه المنتصبة، ومسامه العديدة المتوضعة على السطح السفلي للأوراق أفقية النصل, وهناك حالات يكون فيها السطح العلوي خالياً كلياً من المسام، ففي أوراق الجوز تكون النسبة صفراً للسطح العلوي إلى 460 للسطح السفلي، وفي الفاصولياء تكون النسبة 40 إلى 280، وفي حالات نادرة جداً يمكن أن تصادف المسام على السطح العلوي للأوراق العائمة في النباتات المائية على سبيل المثال، ومع هذا لا تتجاوز فوهات المسام 3% من السطح الكلي للأوراق نظراً لأبعادها الصغيرة للغاية، غير أنها كافية لضمان المبادلات بين الجو الداخلي للنبات الذي لا يصل إلى حد الإشباع إلا عندما يكون العجز في الضغط الانتثاري للخلايا مساوياً الصفر.
    تمثل الخلايا السُمية جزءاً من خلايا البشرة، وهي تحوي صانعات خضر chloroplastes في أغلب النباتات الزهرية، وتكون هذه الخلايا محاطة بمجموعة خلايا البشرة التي تفصل الجو الداخلي للنبات والجو الخارجي متغير ضغط بخار الماء.
    ويتم التأكد من طرح بخار الماء عبر الفوهة السمية بوضع ورقة مبللة بأزرق الكوبلت على الوجه السفلي للورقة وتحسس انطلاق بخار الماء من السم بتحويل أزرق الكوبلت إلى اللون الوردي في مواضع التماس مع هذه المسام. وتتبين خريطة توزع المسام باستعمال المجهر.
    أما في النباتات رقيقة القشيرة cuticule فتتم عملية النتح جزئياً عبر كامل سطح الورقة. أما الأعضاء ذات القشرة المتفلنة كالسوق والجذور فإنها تحوي فتحات خاصة داخل نسج الفلين تسمح بالصلة بين الجو الداخلي للنبات والجو الخارجي ويطلق على هذه الفتحات اسم العديساتlenticelles غير أن عملية النتح عبر العديسات أضعف من مثيلاتها في الأوراق.
    تغيرات شدة النتح
    الشكل (2) إلى اليمين مقطع عرضي في ورقة الدفلى يوضح المسام ضمن تجويف غزير الأوبار. إلى اليسار، مقطع عرضي في ورقة الفيستوكا يوضح التفاف الورقة على نفسها
    تتغير حدة النتح بتبدل العديد من العوامل الداخلية والعوامل الخارجية.
    العوامل الداخلية المؤثرة في شدة النتح: ترتبط العوامل الداخلية المؤثرة في شدة النتح بنوع النبات وبنية أعضائه ووضع مسامه وعددها ونظام سقوط أوراقه، فالأشجار ساقطة الأوراق تتوقف، كلياً أو جزئياً عن النتح في فصل الشتاء. كما تتميز أغلب النباتات أليفة الجفاف بسمك القشيرة، وتحول الأوراق إلى أشواك أو حراشف يقلل كميات النتح إلى حد كبير. وتستطيع الأوراق ـ إضافة إلى ما تقدم ـ الالتفاف حول نفسها لتضع مسامها في منأى عن الوسط الخارجي كما في أوراق الفستوكا Festuca من الفصيلة النجيلية، أو أنها تكوِّن المسام داخل جوف خاص مزود بأوبار لتقليل النتح كما في أوراق الدفلى (الشكل 2).
    يمكن أن يصل سمك القشيرة في الصنوبر والزيتون إلى 10 مكرون، وقد يتجاوز ذلك في النباتات أليفة الملوحة halophyteكما في الرغل Atriplex. ويؤدي وجود الطبقات الشمعية المغطية لخلايا بشرة أوراق النخيل والملفوف إلى تباطؤ عمليات النتح بطبيعة الحال، إضافة إلى وجود نسيج حباكي tissue palissadique متماسك يقلل إلى حد كبير من فقدان الماء من النبات إضافة إلى التخشب والتفلن التي تضاف إلى العوامل الداخلية المخفِّفة من شدة النتح.
    العوامل الخارجية المؤثرة في شدة النتح: تتمثل برطوبة التربة وحركة الهواء ورطوبة الجو وارتفاع حرارته إضافة إلى شدة الإنارة.
    أ ـ أثر رطوبة التربة في شدة النتح: تؤثر رطوبة التربة مباشرة في النتح، فالتربة الجافة تؤدي إلى إغلاق المسام، كما أن وجود أيون (شاردة) البوتاسيوم في الوسط يحد من النتح، في حين تنشط شاردة الكلسيوم هذه العملية. كما يحد انخفاض حرارة التربة من شدة النتح.
    ب ـ حركة الهواء: تنشط حركة الهواء شدة النتح لأنها تجدد الهواء المجاور للنسج النباتية، وتؤدي شدة الرياح، على العكس، إلى إغلاق المسام. كما تقوم مصدات الرياح المعدة في بعض الحقول بالحد من عمليات النتح الناجمة عن الرياح القوية.
    ج ـ أثر رطوبة الهواء في شدة النتح: تؤدي رطوبة الهواء دوراً أساسياً في عمليات النتح، فكلما كان الجو الخارجي جافاً مقارنة بالجو الداخلي للنبات زادت حدة النتح ما دامت المسام مفتوحة، ولكن مقاومة الجفاف تؤدي إلى إغلاق المسام.
    د ـ أثر حرارة الهواء في شدة النتح: يزيد ارتفاع درجة الحرارة في شدة النتح التي تأخذ مداها بين 25ـ30 ْس تقريباً وتتراجع بعد ذلك، كما هي حال أغلب الظواهر البيولوجية. وينطلق النتح من جديد عندما تصل درجة الحرارة إلى 45 ْس وتنهار عمليات الدفاع الذاتية للنبات (مثل الانتباج وإغلاق المسام وزيادة الامتصاص الجذري)، ويؤدي ذلك إلى موت الخلايا، وقرابة الدرجة 50 ْس تتأثر السيتوبلاسما إلى حد كبير ويذبل النبات بشكل غير قابل للعودة. وفي درجات الحرارة المنخفضة من 4 ْس تحت الصفر إلى ـ10 ْس يكون النتح محدوداً للغاية كما في نباتات جبال الألب من المناطق الباردة.
    هـ ـ أثر الضوء في شدة النتح: ينشط الضوء عملية النتح، وفعلياً تكون عمليات النتح ـ إجمالاً ـ في النهار أشد بكثير مما هي عليه في الليل. غير أن كثيراً من النباتات في أيام الصيف الحارة والمشمسة تغلق مسامها في ساعات الظهيرة.
    الآلية الناظمة للنتح
    تقوم القشيرة و العديسات بعملية بخر بسيط، في حين يتحكم بالنتح فتح المسام وإغلاقها. تفتح الخلايا السُمية بارتفاع الضغط الانتباجي turgescence لفجواتها بسبب سمك جدرانها المجاورة للفوهة السُمية ورقة جدرانها الوحشية، وتغلق بارتفاع الضغط الانتباجي لفجوات خلايا البشرة. وقد تم شرح هذه الآلية بعدد من النظريات منها ما يأتي:
    تعتمد النظرية الأولى لانفتاح المسام على حقيقة احتواء الخلايا السمية على صانعات يخضورية غير موجودة في الخلايا المجاورة للخلايا السُمية الأمر الذي دعا إلى التفكير بارتفاع الضغط الانتباجي لفجوات الخلايا السمية بسبب زيادة السكر فيها نتيجة عملية التركيب الضوئي photosynthèse.
    وتعتمد النظرية الثانية على إماهة نشاء الخلايا السُمية بوساطة الضوء وزيادة كمية السكاكر في فجوات الخلايا السُمية المؤدية إلى زيادة الضغط الانتباجي وانفتاح المسام. تشرح هذه النظرية ظاهرة انفتاح المسام أثناء الليل وانغلاقها في الأيام المشمسة الشديدة الحرارة كما في سلوك نباتات الفصيلة الصبارية Cactacées. ويعتقد بعض الدارسين أن ظاهرة تفتح المسام أكثر تعقيداً مما تم عرضه في النظريتين.
    الدور الحيوي للنتح
    الشكل (3) إلى اليمين الطريق المائية ممثلة بنهايات أوعية محاطة ببرنشيم طارح للماء، إلى اليسار خروج ماء التعرق على هيئة قطرات سائلة
    يعد النتح من المظاهر الفيزيولوجية المفيدة الضرورية للنبات فهو ينشط صعود النسغوحركته داخل الأوعية الخشبية، ويساعد على صعود الماء، كما يسهل امتصاص الأملاح المعدنية ونقلها، ويمنع ارتفاع حرارة الأوراق، ويسهل المبادلات الغازية عبر الفتحة السمية أياً كانت درجة انفتاحها، وقد يضر النتح بالنبات إذا لم يعوض الماء المفقود محدثاً ذبولاً مؤقتاً أو دائماً.
    التعرق Sudation
    هو فقدان الماء على هيئة قطرات سائلة تلاحظ بسهولة في الصباح على حواف الأوراق (الشكل 3) أو في نهاياتها. يتم خروج الماء عبر مسارات مائية hydathodes، تمثل فتحات تتصل بالوسط الخارجي بوساطة نهايات أوعية محاطة ببَرَنْشيم ضعيف ومخلخل يدعى بالطارح Épithème. والتعرق هو غير الندى rosée الناتج من تكاثف قطرات بخار الماء في أثناء الليل.
    يجري التعرق نتيجة زيادة ضغط الماء داخل النسج النباتية في أمسيات الصيف، إذ تكون التربة دافئة والامتصاص شديداً، ويكون الهواء قليل البرودة الأمر الذي يؤدي إلى نقصان النتح. وكذلك يجري التعرق أيضاً في جو مشبع بالرطوبة، عديم النتح، مستمر الامتصاص الفعال كما هي الحال من النباتات المزروعة في بيوت زجاجية، وفي نباتات المناطق الاستوائية وبعض المناطق المدارية الرطبة، والتعرق ظاهرة غير سلبية Passive لأنه لا يجري إلا في الأعضاء الحية مع توفر الطاقة والأكسجين، وكما أن التعرق هو عملية طرح للماء ناتجة من عملية الدفع الجذري Poussée radiculaire التي تحول دون زيادة انتباج النسج عن حد معين.
    عبد الجبار الضحاك

صفحة 45 من 146 الأولىالأولى ... 354344 4546475595145 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال