صفحة 21 من 146 الأولىالأولى ... 111920 2122233171121 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 201 إلى 210 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 21

الزوار من محركات البحث: 64845 المشاهدات : 322027 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #201
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,243 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44359
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ 8 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    النتح

    النتح transpiration آخر مرحلة من مراحل حركة الماء في النبات إذ تطرح الأوراق، خاصة، جزءاً من الماء الذي امتصته الجذور إلى الوسط الخارجي. وتخضع كميات الماء المطروحة ـ إلى حد ما ـ لسيطرة النبات، الأمر الذي يميزها من حادثة التبخر evaporation الفيزيائية البحتة.
    قياس النتح
    يقاس نتح نبات ما، إما بتقدير كمية الماء الضائعة منه في وسط معزول، وامتصاصها بوساطة مادة ماصة للماء مثل كلوريد الكلسيوم CaCl2 أو خامس أكسيد الفوسفور P2O5 أو حمض الكبريت الكثيف H2SO4، وإما بقياس نقصان وزن النبات في زمن محدد، مع أخذ الاحتياطات الضرورية لعزل التربة في الوعاء بإحكام إغلاقها في أثناء القياس. وتفضل عادة الطريقة الثانية لتركها النبات في وسطه الطبيعي، أما التبدلات الطفيفة الناتجة من المبادلات الغازية للتنفس والتركيب الضوئي فيمكن عدّها ضئيلة مقارنة بعملية النتح، ومن ثمّ يمكن إهمالها. ويكتفى في بعض الحالات بعزل ورقة أو غصن، على سبيل المثال، ووزنها عند فصلها، وإعادة وزنها بعد دقيقتين أو أكثر لمعرفة كمية الماء التي فقدتها العينة المدروسة. ويمكن قياس شدة النتح في بعض الحالات باستخدام مقياس الشرب أو المشرب potometer الذي يقيس كمية الماء التي يمتصها غصن مقطوع في فترة زمنية معينة، مع افتراض ثبات المحتوى المائي للغصن في فترة التجربة.
    يراوح متوسط قيم النتح ـ التي تم التوصل إليها بالطرق السابقة ـ بين 0.1 و0.5 مغ ماء في الساعة لكل دم2 من سطح الأوراق النباتية، ويمكن لهذه القيم أن تصل في بعض الحالات إلى 5 غ/سا/دم2. وقد تم حساب كمية الماء التي تضيع بعملية النتح من شجرة قيقب érable ارتفاعها 15م وتحمل/170/ألف ورقة أو ما يعادل 60م2، فوجد أنها تعادل 300 لتر ماء بالساعة، وذلك في ساعات بعد الظهر الحارة، وأن هكتاراً من الأرض المزروعة بنباتات الفصيلة النجيلية Graminacées ينتح 250 طناً من الماء في السنة، وعندما تقل معدلات النتح فإنها تصل إلى 0.01غ/سا/دم2 أو أقل من ذلك في النباتات أليفة الجفاف Xérophytes. والواقع أن إنتاج غرام واحد من المادة النباتية الحية يتطلب مرور 300غ ماء داخل النبات، وهو ما يعرف بمعامل النتح coefficient de transpiration، وعموماً فإن الأمطار الطبيعية والثلوج والندى هي التي توفر حاجة النباتات الطبيعية من الماء، أما الأراضي المزروعة والزراعات المائية فإن الأمر يتطلب في بعض الظروف المناخية إجراء عمليات رش أو ري التربة مباشرة، وبذلك يسهم الماء في خلق مناخات دقيقة microclimats. ولابد هنا من الإشارة إلى أن العمل في الحقل أو البيوت الزجاجية يتطلب الانتباه إلى تنافس عوامل عديدة لتحرير الماء في الجو المحيط بدءاً من عمليات التبخر الفيزيائية البسيطة في التربة الرطبة وانتهاء بعمليات النتح التي يمكن عدّها عمليات تتم على مستوى النبات وتتحكم بها آليات فيزيولوجية. ويمكن قياس النوعين من عمليات التبخر حيث يعبر عنهما في مجال العلوم الزراعية والغابات بالمصطلح العلمي بخر النتح évapotranspiration. يتم قياس بخر النتح باستخدام مكعبات تربة مشربية cases lysimétriques معزولة بعضها عن بعض، ويمكن جمع كل الماء الذي يرشح منها، وتمثل كمية الماء التي ضاعت عن طريق بخر النتح بالفرق بين كمية الماء التي تمسك في المكعبات والماء الذي يُجمَع في قاعدة المكعب.
    مسارات voies طرح الماء النباتي
    الشكل (1) إلى اليمين المسام في منظر جبهي يوضح الفوهة السمية محاطة بخليتين سميتين كلويتي الشكل، جدرانها الأنسية سميكة والوحشية رقيقة، إلى اليسار مقطع عرضي يوضح السم والخلايا المحيطة به
    يتحقق طرح الماء النباتي عبر المسام stomates على هيئة بخار عبر الغرفة تحت السمية المتصلة مع الفضوات الهوائية والأصمخة meats التي تشكل الجو الداخلي المحيط بالخلايا النباتية. يتألف السم من خليتين كلويتي الشكل تشكل أجزاؤها المقعرة فتحة السم أو فوهتهostiole (الشكل1) ويمكن لهذه الفوهة حسب الشروط الخاصة لهذه الخلايا أن تكون مغلقة كلياً أو مفتوحة للغاية وبنحو 3 حتى 12 ميكرون عرضاً و 20 حتى 40 ميكرون طولاً.
    يتفاوت عدد المسام حسب الأنواع فمن عدد محدود من المسام في الأنواع الجفافية، إلى نحو 50000 مسام وجدت على الوجه السفلي لورقة السنديان أو البلوط chêne في كل سنتمتر مربع. وتتوزع هذه المسام بشكل متجانس عادة على وجهي الورقةفي النباتات أحادية الفلقة Monocotylidéones كالشوفان إذ يوجد على الوجه العلوي 25 سُماً و23 على الوجه السفلي. ويتميز نبات الشوفان بصفائح أوراقه المنتصبة، ومسامه العديدة المتوضعة على السطح السفلي للأوراق أفقية النصل, وهناك حالات يكون فيها السطح العلوي خالياً كلياً من المسام، ففي أوراق الجوز تكون النسبة صفراً للسطح العلوي إلى 460 للسطح السفلي، وفي الفاصولياء تكون النسبة 40 إلى 280، وفي حالات نادرة جداً يمكن أن تصادف المسام على السطح العلوي للأوراق العائمة في النباتات المائية على سبيل المثال، ومع هذا لا تتجاوز فوهات المسام 3% من السطح الكلي للأوراق نظراً لأبعادها الصغيرة للغاية، غير أنها كافية لضمان المبادلات بين الجو الداخلي للنبات الذي لا يصل إلى حد الإشباع إلا عندما يكون العجز في الضغط الانتثاري للخلايا مساوياً الصفر.
    تمثل الخلايا السُمية جزءاً من خلايا البشرة، وهي تحوي صانعات خضر chloroplastes في أغلب النباتات الزهرية، وتكون هذه الخلايا محاطة بمجموعة خلايا البشرة التي تفصل الجو الداخلي للنبات والجو الخارجي متغير ضغط بخار الماء.
    ويتم التأكد من طرح بخار الماء عبر الفوهة السمية بوضع ورقة مبللة بأزرق الكوبلت على الوجه السفلي للورقة وتحسس انطلاق بخار الماء من السم بتحويل أزرق الكوبلت إلى اللون الوردي في مواضع التماس مع هذه المسام. وتتبين خريطة توزع المسام باستعمال المجهر.
    أما في النباتات رقيقة القشيرة cuticule فتتم عملية النتح جزئياً عبر كامل سطح الورقة. أما الأعضاء ذات القشرة المتفلنة كالسوق والجذور فإنها تحوي فتحات خاصة داخل نسج الفلين تسمح بالصلة بين الجو الداخلي للنبات والجو الخارجي ويطلق على هذه الفتحات اسم العديساتlenticelles غير أن عملية النتح عبر العديسات أضعف من مثيلاتها في الأوراق.
    تغيرات شدة النتح
    الشكل (2) إلى اليمين مقطع عرضي في ورقة الدفلى يوضح المسام ضمن تجويف غزير الأوبار. إلى اليسار، مقطع عرضي في ورقة الفيستوكا يوضح التفاف الورقة على نفسها
    تتغير حدة النتح بتبدل العديد من العوامل الداخلية والعوامل الخارجية.
    العوامل الداخلية المؤثرة في شدة النتح: ترتبط العوامل الداخلية المؤثرة في شدة النتح بنوع النبات وبنية أعضائه ووضع مسامه وعددها ونظام سقوط أوراقه، فالأشجار ساقطة الأوراق تتوقف، كلياً أو جزئياً عن النتح في فصل الشتاء. كما تتميز أغلب النباتات أليفة الجفاف بسمك القشيرة، وتحول الأوراق إلى أشواك أو حراشف يقلل كميات النتح إلى حد كبير. وتستطيع الأوراق ـ إضافة إلى ما تقدم ـ الالتفاف حول نفسها لتضع مسامها في منأى عن الوسط الخارجي كما في أوراق الفستوكا Festuca من الفصيلة النجيلية، أو أنها تكوِّن المسام داخل جوف خاص مزود بأوبار لتقليل النتح كما في أوراق الدفلى (الشكل 2).
    يمكن أن يصل سمك القشيرة في الصنوبر والزيتون إلى 10 مكرون، وقد يتجاوز ذلك في النباتات أليفة الملوحة halophyteكما في الرغل Atriplex. ويؤدي وجود الطبقات الشمعية المغطية لخلايا بشرة أوراق النخيل والملفوف إلى تباطؤ عمليات النتح بطبيعة الحال، إضافة إلى وجود نسيج حباكي tissue palissadique متماسك يقلل إلى حد كبير من فقدان الماء من النبات إضافة إلى التخشب والتفلن التي تضاف إلى العوامل الداخلية المخفِّفة من شدة النتح.
    العوامل الخارجية المؤثرة في شدة النتح: تتمثل برطوبة التربة وحركة الهواء ورطوبة الجو وارتفاع حرارته إضافة إلى شدة الإنارة.
    أ ـ أثر رطوبة التربة في شدة النتح: تؤثر رطوبة التربة مباشرة في النتح، فالتربة الجافة تؤدي إلى إغلاق المسام، كما أن وجود أيون (شاردة) البوتاسيوم في الوسط يحد من النتح، في حين تنشط شاردة الكلسيوم هذه العملية. كما يحد انخفاض حرارة التربة من شدة النتح.
    ب ـ حركة الهواء: تنشط حركة الهواء شدة النتح لأنها تجدد الهواء المجاور للنسج النباتية، وتؤدي شدة الرياح، على العكس، إلى إغلاق المسام. كما تقوم مصدات الرياح المعدة في بعض الحقول بالحد من عمليات النتح الناجمة عن الرياح القوية.
    ج ـ أثر رطوبة الهواء في شدة النتح: تؤدي رطوبة الهواء دوراً أساسياً في عمليات النتح، فكلما كان الجو الخارجي جافاً مقارنة بالجو الداخلي للنبات زادت حدة النتح ما دامت المسام مفتوحة، ولكن مقاومة الجفاف تؤدي إلى إغلاق المسام.
    د ـ أثر حرارة الهواء في شدة النتح: يزيد ارتفاع درجة الحرارة في شدة النتح التي تأخذ مداها بين 25ـ30 ْس تقريباً وتتراجع بعد ذلك، كما هي حال أغلب الظواهر البيولوجية. وينطلق النتح من جديد عندما تصل درجة الحرارة إلى 45 ْس وتنهار عمليات الدفاع الذاتية للنبات (مثل الانتباج وإغلاق المسام وزيادة الامتصاص الجذري)، ويؤدي ذلك إلى موت الخلايا، وقرابة الدرجة 50 ْس تتأثر السيتوبلاسما إلى حد كبير ويذبل النبات بشكل غير قابل للعودة. وفي درجات الحرارة المنخفضة من 4 ْس تحت الصفر إلى ـ10 ْس يكون النتح محدوداً للغاية كما في نباتات جبال الألب من المناطق الباردة.
    هـ ـ أثر الضوء في شدة النتح: ينشط الضوء عملية النتح، وفعلياً تكون عمليات النتح ـ إجمالاً ـ في النهار أشد بكثير مما هي عليه في الليل. غير أن كثيراً من النباتات في أيام الصيف الحارة والمشمسة تغلق مسامها في ساعات الظهيرة.
    الآلية الناظمة للنتح
    تقوم القشيرة و العديسات بعملية بخر بسيط، في حين يتحكم بالنتح فتح المسام وإغلاقها. تفتح الخلايا السُمية بارتفاع الضغط الانتباجي turgescence لفجواتها بسبب سمك جدرانها المجاورة للفوهة السُمية ورقة جدرانها الوحشية، وتغلق بارتفاع الضغط الانتباجي لفجوات خلايا البشرة. وقد تم شرح هذه الآلية بعدد من النظريات منها ما يأتي:
    تعتمد النظرية الأولى لانفتاح المسام على حقيقة احتواء الخلايا السمية على صانعات يخضورية غير موجودة في الخلايا المجاورة للخلايا السُمية الأمر الذي دعا إلى التفكير بارتفاع الضغط الانتباجي لفجوات الخلايا السمية بسبب زيادة السكر فيها نتيجة عملية التركيب الضوئي photosynthèse.
    وتعتمد النظرية الثانية على إماهة نشاء الخلايا السُمية بوساطة الضوء وزيادة كمية السكاكر في فجوات الخلايا السُمية المؤدية إلى زيادة الضغط الانتباجي وانفتاح المسام. تشرح هذه النظرية ظاهرة انفتاح المسام أثناء الليل وانغلاقها في الأيام المشمسة الشديدة الحرارة كما في سلوك نباتات الفصيلة الصبارية Cactacées. ويعتقد بعض الدارسين أن ظاهرة تفتح المسام أكثر تعقيداً مما تم عرضه في النظريتين.
    الدور الحيوي للنتح
    الشكل (3) إلى اليمين الطريق المائية ممثلة بنهايات أوعية محاطة ببرنشيم طارح للماء، إلى اليسار خروج ماء التعرق على هيئة قطرات سائلة
    يعد النتح من المظاهر الفيزيولوجية المفيدة الضرورية للنبات فهو ينشط صعود النسغوحركته داخل الأوعية الخشبية، ويساعد على صعود الماء، كما يسهل امتصاص الأملاح المعدنية ونقلها، ويمنع ارتفاع حرارة الأوراق، ويسهل المبادلات الغازية عبر الفتحة السمية أياً كانت درجة انفتاحها، وقد يضر النتح بالنبات إذا لم يعوض الماء المفقود محدثاً ذبولاً مؤقتاً أو دائماً.
    التعرق Sudation
    هو فقدان الماء على هيئة قطرات سائلة تلاحظ بسهولة في الصباح على حواف الأوراق (الشكل 3) أو في نهاياتها. يتم خروج الماء عبر مسارات مائية hydathodes، تمثل فتحات تتصل بالوسط الخارجي بوساطة نهايات أوعية محاطة ببَرَنْشيم ضعيف ومخلخل يدعى بالطارح Épithème. والتعرق هو غير الندى rosée الناتج من تكاثف قطرات بخار الماء في أثناء الليل.
    يجري التعرق نتيجة زيادة ضغط الماء داخل النسج النباتية في أمسيات الصيف، إذ تكون التربة دافئة والامتصاص شديداً، ويكون الهواء قليل البرودة الأمر الذي يؤدي إلى نقصان النتح. وكذلك يجري التعرق أيضاً في جو مشبع بالرطوبة، عديم النتح، مستمر الامتصاص الفعال كما هي الحال من النباتات المزروعة في بيوت زجاجية، وفي نباتات المناطق الاستوائية وبعض المناطق المدارية الرطبة، والتعرق ظاهرة غير سلبية Passive لأنه لا يجري إلا في الأعضاء الحية مع توفر الطاقة والأكسجين، وكما أن التعرق هو عملية طرح للماء ناتجة من عملية الدفع الجذري Poussée radiculaire التي تحول دون زيادة انتباج النسج عن حد معين.
    عبد الجبار الضح

  2. #202
    التغيرية

    يعكس مفهوم التغيرية variation الحيوية اختلاف الأبناء عن الآباء في عالم الأحياء. إذ من الأمور المألوفة تغير صفات الأفراد: فلون الشعر والعين يتغير من فرد إلى فرد ومن جمهرة إلى جمهرة. وكذلك تتغير أشكال الأوراق من نبات إلى نبات, كما تتغير بين الشتاء والصيف من غصن إلى غصن ومن شجرة إلى شجرة. وهكذا تسبح الكائنات الحية فوق دفق من أمواج التغيرية.
    تدرس التغيرية من النواحي الآتية: التغيرية ضمن حدود التكوين الذاتي ontogeny للنوع، والتغيرية ضمن حدود الطفراتmutation، والتغيرية الناتجة عن تعددية الصيغ الصبغية polyploidy، والتغيرية البلاسمونية plasmone، والتغيرية الناتجة عن طرائق انتقال الجينات genome.
    التغيرية ضمن حدود التكوين الذاتي للنوع
    ترتبط التغيرية بالتكوين الذاتي للنوع. فبعض أنواع النبات تتغير أشكال أفرادها باختلاف البيئات المحيطة بها وهكذا تساعد الرطوبة على اتساع سطح أوراق نبات الهندباء، مثلاً، التي تصبح أبعادها في الأوساط الدافئة والرطبة عشرة أضعاف أبعادها في الأوساط الباردة والجافة. ويختلف شكل أوراق أفراد الحوذان Ranunculus المائي من شريطية مغمورة إلى تامة مفصصة عائمة على سطح الماء. تصنف التغيرية المرتبطة بالتكوين الذاتي ضمن النماذج الآتية:
    1ـ التغيرية المحددة بالأنماط التكونية: تُحدد الأنماط التكونية نماذج التغيرية في الأنماط الوراثية genotype والأنماط الظاهرية phenotype والأنماط البيئية ecotype وهي تغيرية قليلة التأثر بعوامل الوسط الخارجي.
    2ـ التغيرية المرتبطة بالأعضاء الإعاشية: تتمتع الأعضاء الإعاشية بوسعة تغيرية ممثلة بأبعاد الأوراق، وطول سلاميات السوق، وعدد الأزهار والثمار والبذور، وهي تغيرية شديدة التأثر بعوامل الوسط الخارجي.
    3ـ التغيرية المرتبطة بالأعضاء التكاثرية: تتمتع الأعضاء التكاثرية بحدود تغيرية ضيقة ممثلة بأبعاد البذور وحبات الطلع التي تكون وحدات الانتشار، وهي تغيرية عديمة التأثر بالعوامل البيئية المحلية.
    التغيرية ضمن حدود الطفرات
    الطفرة هي تغيير فجائي في الجينوم تحدثه عوامل داخلية أو خارجية. تحدث الطفرات في جميع العضويات المزودة بالحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين المعروف اختصاراً بالدنا DNA الذي يتوضع في الخلية في ثلاث منظومات هي: جينوم النواة، وبلاستوم الصانعات، وبلاسمون الكوندريوم. من الطفرات ما تحدث تغيرية كبيرة في البنية الأساسية مكونة صفات جديدة تعرِّض العضويات الجديدة إلى الاصطدام بمكونات الوسط الخارجي. ومنها ما تحدث تغيرية طفيفة في البنية الأساسية مكونة صفات جديدة واسعة القدرة على التكيف مع عوامل الوسط الخارجي.
    تتمثل التغيرية الكبيرة بتحول النبات من أحادي الفلقة إلى ثنائي الفلقة، وتغيرية شكل الأوراق أو الأذنات، أو تغيرية فصل الإزهار. مكنت تجارب التهجين من تحديد مواقع بعض الجينات المكونة لصفة من الصفات على الخرائط الصبغية الحاملة للصفات في بعض النباتات الاقتصادية كالبزاليا والذرة وفي الجينوم البشري الواعد بالتخلص من بعض الأمراض الوراثية.
    أما التغيرية الطفيفة فتتمثل بعض نماذج الجراثيم من الحياة الهوائية إلى الحياة اللاهوائية، وباصطناع بعض الحموض الأمينية, وبتغيرية بنية السياط في زمر السوطيات والنطاف السوطية، وبتغيرية بنية المشرات في عالم المشريات، وبتغيرية ذكورة وأنوثة المشرات كما في الكبدية ماركانتيا Marchantia، وتغيرية شكل الأزهار من جانبية التناظر إلى شعاعية التناظر، وتغيرية مراقبة عمل المنظومات الأنزيمية مثل: الايستيراز والكتلاز والبيروكسيداز، والتغيرية المرتبطة بالتحول من ذاتية التغذية إلى غيرية التغذية، أوالتغيرية المرتبطة باستبدال قلوئيد بقلوئيد آخر.
    التغيرية في مستوى تعددية الصيغ الصبغية
    تحدث التغيرية المرتبطة بتعددية الصيغ الصبغية في جميع الزمر الحيوية بعد انقسام خيطي ميتوزي غير منتظم تتعذر فيه هجرة الصبغيات إلى النوى الجديدة الأمر الذي يمكن النواة الأم من الاحتفاظ بعدد مضاعف من الصبغيات. وتتحقق التغيرية الناتجة عن التعددية الصبغية بوساطة محرضات كيميائية في طليعتها الكولشيسين.
    التغيرية ضمن حدود البلاسمون
    ما زالت الدراسات التغيرية في مستويات الطفرات البلاسمونية الصنعية والبلاستومية الكوندرية في مراحلها الابتدائية على الاعتقاد بالدور المؤكد للتغيرية الناتجة عن طفرات الصانعات والميتوكوندريات والجسيمات المركزية.
    التغيرية الناتجة عن طرائق انتقال الجينات من جيل إلى جيل أو من خلية إلى خلية
    تتدرج التغيرية الناتجة عن طرائق انتقال الجينات من جيل إلى جيل أو من خلية إلى خلية من البساطة إلى التعقيد, ومن الفوضوية إلى الانضباطية ممثلة بالنماذج التغيرية الآتية:
    1ـ التغيرية بالإحالة transformation: الممثلة بإحالة جزء من دنا DNA خلية معطية وربطه بدنا خلية مستقبلة تغير طريقة عملها، ومثالها إحالة دنا صنع الأنسولين في الخلايا الكبدية البشرية المعطية وربطه بدنا خلية جرثومية تصير قادرة على صنع الأنسولين.
    2ـ التغيرية بالإيلاج transduction: الممثلة بإدخال الدنا الفيروسي في الخلايا الجرثومية التي تغير طريقة عملها، ومثالها إدخال دنا عاثيات الجراثيم في خلية جرثومية تتحول إلى خاية مكونة للفيروس المولج في الخلية الجرثومية.
    3ـ التغيرية بالإقران conjufation: الممثلة بالتنسيق بين دنا الأبوين وتكوين الأبناء، وهي تغيرية شائعة في الكائنات الحقيقيات النوى، ونادرة في عالم الجراثيم.
    4ـ التغيرية بالإفتال mitosis: أو بما يعرف بالانقسام النووي الخيطي الخاص بحققيات النوى، المكونة من صنع فتيل أوخيط دقيق مطابق لفتيل الأبوين ينظم بناء الأبناء الأمر.
    5ـ التغيرية بالضعفانية diploidy: المكونة من وجود عدد مضاعف من المعلومات التكونية الوراثية في الخلايا الجسمية لحققيات النوى المتميزة بكثرة عدد الخلايا، وتنوع الوظائف، وطول العمر. تساعد التغيرية الضعفانية على تحمل تغيرات الأوساط الخارجية.
    6ـ التغيرية بالفردانية haploidy: المكونة من وجود عدد فردي من المعلومات التكونية الوراثية في الخلايا الجرمية الجنسية لحققيات النوى ممثلة بوحدانية عدد الخلايا، ومحدودية الوظائف، وقصر العمر. تساعد التغيرية الفردانية على حفظ المعلومات التكوينية الوراثية، وعلى عدم تحمل تغيرات الأوساط الخارجية.
    7ـ التغيرية الجناسية: الممثلة بما يعرف بالاستتباب homeostasis المعتمد على إقامة التجانس بين المعلومات المحفوظة في المكونات الوراثية والشروط المرتبطة بالوسط الخارجي.
    8ـ التغيرية الإلالية allelism: الممثلة بوجود صفات مقهورة مدخرة لظهورها عند الحاجة.
    9ـ التغيرية المرتبطة بالمكونات الوراثية العملاقة المعروفة بالسوبرجينات supergenes: تجري هذه التغيرية بوساطة طواقم الجينات، أو بمساعدة شدف صبغية المحددة الوظائف، والقادرة على الانتقال من عضوية إلى أخرى.
    فقدان التغيرية
    تفقد التغيرية بالاستنساخ cloning الذي يؤدي إلى ثبات المكونات الوراثية للأفرد المستنسخة، التي تصبح عاجزه عن التلاؤم مع متغيرات الوسط الخارجي في العالم الحيواني. بينما ينتشر الاستتنساخ بالتكاثر اللاجنسي الواسع الانتشار، والعديد الأنماط، في العالم النباتي بفقد الإلقاح وتكوين الثمار العادمة البذور كما في الموز والبرتقال أبو صرة. وبالتكاثر اللاجنسي بالأقلام كما في الحور والصفصاف والكرمة والزيتون, وبالعيون كما في البطاطا، وبالفصوص كما في الثوم، وبالأبصال كما في البصل والزنبق، وبالكورمات كما في الزعفران.

    أنور الخطيب

  3. #203
    التكاثُر

    التكاثر reproduction هو مجموع الحادثات التي تحدث في الكائن الحي وتؤدي إلى تشكل فرد جديد ينتمي للنوع نفسه.
    تتم هذه الوظيفة الحياتية في الخلية الواحدة، عند المتحول Amiba مثلاً، بالانقسام إلى خليتين متماثلتين أساسيتين تستطيعان بعد نضجهما تكرار هذه العملية. إلا أنه كلما ارتقينا في السلم النوعي تصبح عملية التكاثر أكثر تعقيداً لتأمين استمرار الحياة للخلايا الأصلية germ cells، بسبب البيئة العدائية أو قساوة نموذج الحياة للأبوين. ويميز من التكاثر نوعان:
    التكاثر اللاجنسي
    يعرَّف بأنه مجموع الحادثات التي تؤدي إلى تشكل فرد جديد من دون أن تسهم الأعراس في أية مرحلة من مراحل هذا التشكل، ومن دون أن تمر الخلايا بالانقسام المنصف. وطبقاً لهذا التعريف فإن التكاثر اللاجنسي يعني، فيما يتعلق بكثيرات الخلايا الحيوانية، تشكل أفراد جديدة على حساب الخلايا الجسمية.
    يمكن تصنيف طرق التكاثر اللاجنسي التي تصادف في الطبيعة في الأنماط الثلاثة الآتية:
    1ـ الانشطار: وهو أبسط أشكال التكاثر اللاجنسي، ويتم بانشطار المتعضية إلى قسمين متساويين تقريباً. ويلاحظ هذا النمط عادة في وحيدات الخلية الحيوانية، كما يصادف في معائيات الجوف والديدان.
    2ـ التبرعم: يتم بتشكُّل انتفاخ صغير يبرز من السطح الجانبي للمتعضية الأم، وسرعان ما ينمو ويحقق شكل المتعضية الأم. ويمكن أن ينفصل هذا الفرد الجديد كلياً عن المتعضية الأم أو يبقى متصلاً بها، فتبدأ المستعمرة عندئذ بالتشكل. وتعد معائيات الجوف والكأسيات أمثلة نموذجية لهذا النمط من التكاثر.
    3ـ تشكل الدُرَيرات: يتم في بعض أنواع إسفنجيات الماء العذب بتشكل بنية خاصة هي الدُرَيرة gemmule التي تستطيع أن تظل حية إثر موت أفراد المستعمرة الأم في ظروف غير ملائمة كانخفاض درجة الحرارة في الشتاء أو جفاف الماء في الصيف. وهي تتشكل داخل جسم الأم بدءاً من مجموعة من الخلايا غير المتمايزة التي تحاط بقشرة تحوي شويكات مميزة. تتحرر الدريرات من جسم الأم إثر موتها وتحللها، وتظل هاجعة إلى أن تعود شروط الوسط السوية من جديد فتتمزق القشرة وتنطلق الخلايا لتشكل متعضية جديدة.
    التكاثر الجنسي
    يشكل التكاثر الجنسي الطريقة الأولى والأساسية في استمرار كثيرات الخلايا، وتشكل هذه الطريقة ما يسمى بالتشكل الفردي ontogeny، وتميز فيه مراحل محددة تبدأ بتشكل الأعراس وتنتهي بتشكل فرد يشبه المتعضيتين الأبوين. ويشتمل التكاثر الجنسي على المراحل الآتية:
    ـ تشكل الأعراس: تتشكل الأعراس في أعضاء تسمى المناسل gonads، تتألف من خلايا مشابهة في الأصل لخلايا الجسم الأخرى إنما لا تنجز أية وظيفة إعاشية، ويطلق عليها اسم الخلايا المنشئة germ cells. تمر هذه الخلايا في تشكيلها للأعراس الوظيفية في أدوار ثلاثة هي: دور التكثير (الانقسام)، ودور النمو، ودور النضج.
    تسمى الخلايا الجنسية في طور التكثير، المنسليات المنوية spermatogonia أو المنسليات البيضية oogonia طبقاً للجنس. وهي تعطي، بحادثات الانقسام الخلوي، عدداً كبيراً من الخلايا، تدخل في دور النمو، فتسمى عندئذ الخلايا المنويةspermatocytes أو الخلايا البيضية oocytes. ويختلف هذا الدور في الجنسين اختلافاً كبيراً، تكون مدته عند الذكور قصيرة نسبياً، وزيادة الحجم محدودة جداً، في حين تكون مدتها طويلة جداً عند الخلايا البيضية (تمتد 3 سنوات عند الضفدع عديم الذنب) وزيادة الحجم هائلة أحياناً.
    أما في دورالنضج فيتم التنصيف الصبغي ويصبح كل عروس محتوياً على مجموعة صبغية أحادية haploid. وفي حين تعطي الخلية المنوية الواحدة إثر الانقسامين المنصفين أربع منويات spermatides تتمايز إلى أربع نطاف وظيفية، فإن الخليةالبيضية لا تعطي إلا بيضة وظيفية واحدة.
    ـ الإلقاح: fertilization يتضمّن الإلقاح أيضاً تفعيل البيضة، ويتم ذلك إما خارج جسم الأنثى أو في أقنيتها التناسلية، وتنتهي هذه المرحلة عادة بتأهب البيضة الملقحة للانقسام.
    ـ الانقسام: cleavage تؤدي هذه المرحلة إلى تحول البيضة الملقحة إلى جسم كثير الخلايا. وتكون الخلايا في هذه المرحلة منهمكة في حادثات الانقسام وتأمين الصيغة الصبغية الثنائية لنوى الخلايا الناشئة من التقسم.
    أصل الخلايا في التكاثر اللاجنسي
    يعتمد التكاثر اللاجنسي على خلايا احتياطية تبقى في المتعضية بحالة جنينية غير متمايزة، وتكون قادرة على أن تعطي أنماطاً خلوية مختلفة. فمعائيات الجوف مثلاً، تحوي خلايا جنينية غير متمايزة توجد بين الأدمتين الخارجية والداخلية يطلق عليها اسم الخلايا البينية interstitial cells تكون صغيرة ولا تؤدي ظاهرياً أية وظيفة إعاشية أو جنسية، يبدو أنها تتجمع لسبب أو لآخر في منطقة معينة ويزداد عددها تدريجياً ويبدأ البرعم بالتشكل، وما أن يصل إلى حجمه النهائي حتى تكون الخلايا في طريق تمايزها.
    أصل الخلايا الجنسية عند الجنس البشري
    تكون البيضة عند الإنسان (الزيجوت zygote)، في نهاية الأسبوع الثالث من التطور الجنيني، مكونة من قرص جنيني ثلاثي الوريقات وكيس محي توجد على جداره خلايا تعرف باسم الخلايا المنشئة primordial germ cells، تهاجر إلى منطقة الحافة البولية التناسلية، لتستقر في المناسل بين الأسبوع الرابع والسادس حيث تدخل ضمن الحبال الجنسية الأولية مشكلة بذلك أمهات الأعراس.
    وعند الجنين ذي الجنس الوراثي الذكري تبدأ المناسل تحولها إلى خصى ابتداء من الأسبوع السابع، إذ تتحول الحبال الجنسية الأولية إلى حبال خصيوية، كما تتمايز الخلايا المنشئة الابتدائية إلى منسليات نطفية.
    وعند الجنين ذي الجنس الوراثي الأنثوي تبدأ المناسل تحولها إلى مبيض خلال الأسبوع العاشر، وتدخل الخلايا المنشئة الابتدائية ضمن الحبال الجنسية الثانوية (حيث تتلاشى الحبال الجنسية الأولية) لتتحول بعد ذلك إلى منسليات بيضية تحاط بخلايا جريبية لتشكل الجريبات الابتدائية.
    انتقال المورثات في التكاثر اللاجنسي
    في المتحولات ذات التكاثر اللاجنسي يتكون الفرد من خلية تحوي نواتها عدداً محدداً من الصبغيات، ويتكون كل صبغي من جزيئة DNA هي نفسها مكونة من تتابع عدد من المورثات genes. ويشكل مجموع مورثات النواة الذخيرة الوراثية genomeحامل الصفات الوراثية المسؤولة عن الصفات الشكلية والوظيفية للفرد وللنوع الذي تنتمي إليه.
    تتضمن المرحلة الأولى من التكاثر للمتحول تضاعف جزيئات الـDNA إذ تستبدل كل جزيئة بجزيئتين متماثلتين تحوي كل منهما نصف جزيئات الأم. تنقسم الخلية بعدها إلى خليتين جديدتين بالانقسام المتساوي mitosis. وهكذا تملك كل خلية بنت نفس الذخيرة الوراثية تماماً كالخلية الأم.
    فالتكاثر اللاجنسي يتم بانقسام خلوي يؤمن إعطاء الهوية الوراثية الصحيحة لكل الأفراد من جيل لآخر، من ثمّ استمرار صفات النوع، وتؤدي كافة التحولات العرضية للذخيرة (طفرات mutation) إلى تغيرات صفات الأفراد والنوع لأنها تنتقل من جيل لآخر.
    انتقال المورثات في خلايا التكاثر الجنسي
    يتكون الأفراد في الجنس البشري من ملايين المليارات من الخلايا. ويشكل أغلبها الخلايا الجسمية المشكلة للأنسجة والأعضاء والأجهزة، وهناك مجموعة صغيرة من الخلايا تشكل الخلايا التناسلية المسؤولة وحدها عن التكاثر. تحتوي نوى الخلايا الجسمية على 46 صبغياً تصنف في 23 زوجاً، منها 22 زوجاً متماثلة مسؤولة عن الصفات الجسمية، وزوج واحد من الصبغيات المتغايرة الجنسية مسؤول عن الصفات الجنسية وتحديد الجنس الوراثي للفرد.
    الصبغيان الجنسيان عند الأنثى متماثلان، ويشار إليهما بحرف X، وهكذا تكتب الصيغة الصبغية للخلايا الجسيمة الأنثوية (46 XX)، أما عند الذكر فإن أحد الصبغييين الجنسيين قصير ويدعىY، لذلك تكتب الصيغة الصبغية للخلايا الجسمية الذكرية 46XY.
    إن الصبغي X أطول بكثير من الصبغي Y ويملك العديد من المورثات ذات الوظيفة الذاتية الجسمية، أي إنّها مسؤولة عن العديد من الصفات الجسمية. وهناك بعض التوافق في تتالي الـ DNA بين الصبغيان X وY، وهذا التوافق يدعو إلى التفكير بالأصل القديم المشترك لنموذجي الصبغيات. كما أنّ الذكر لدى بعض اللافقاريات، والطيور والعظائيات Saurian، متجانس الصيغة الصبغية XX، أمّا البيوض فمختلفة الصبغيات الجنسية.
    يتم تطور الخلايا التناسلية في المناسل، ويؤدي ذلك إلى تشكل النطاف عند الذكر والبيوض عند الإناث، وعند تطورها بالانقسام المنصف ينخفض عدد الصبغيات المضاعفة إلى النصف لتصبح أحادية n=23. فالبويضات تملك كلهاالصيغة 23X وتشكل النطاف مجموعتين صيغتهما 23 X و23 X. ولا يتم في الانقسام المنصف تخفيض عدد الصبغيات للنصف فقط، وإنّما توزيع جديد للمورثات بين الصبغيات المتماثلة بحيث أنّ كلّ واحد منها يختلف فيما بعد عن الصبغي الأصلي.
    وهكذا يتحدد الجنس الوراثي للفرد ابتداء من الإلقاح، وذلك بحسب الصبغي الجنسي X أو X المحمول من قبل النطفة. فوجودY يعني ذكراً وغيابه يعني أنثى. يتم عند الجنين توضع البداءات المتماثلة في جميع الأجنة مهما كان الجنس المورثي، ولهذا السبب تعرف هذه المرحلة بمرحلة عدم التمايز undiffrentiated phase. يتطابق التحول الشكلي للجنين إلى جنين متطور مع بداية التمايز الجنسي بتشكل المناسل والطرق التناسلية الداخلية والأعضاء التناسلية الخارجية التي تتطور بالاتجاه الذكري أوالأنثوي. ويتحدد تمايز الجهاز التناسلي عند الثدييات بالاتجاه الذكري نتيجة تأثير مباشر للهرمونات التي تفرزها الخصية الجنينية، في حين يتم التمايز عفوياً بالاتجاه الأنثوي بغياب المناسل الذكرية أو الأنثوية.
    وخلال الطفولة يتم نضج وتمايز جنسيان للجهاز العصبي المركزي. وعند البلوغ تنهي الأجهزة التناسلية تحولاتها، وتصبح وظيفية في نفس الوقت الذي يتم فيه التمايز الجسمي بتأثير الهرمونات الجنسية التي تفرزها المناسل.
    تحديد جنس المناسل
    إن تحوّل المناسل غيرالمتمايزة إلى خصية يرتبط بالصبغي X. ويعرف المكان المسؤول عن ذلك بالعامل المحدّد الخصيوي (TDF) testis determining factor وهو موجود قرب نهاية الذراع القصير، وتم في هذه المنطقة عزل مورثة تدعى (ZFY) Zinc Finger Y Coded يمكن أن تكون مورثة منظمة للتطور النطفي. كما تم منذ مدة قريبة اكتشاف مورثة تعرف بـ(SRY) Sex Determing Region Y التي تمثل عاملاً أولياً لتحديد الجنس.
    وعلى الرغم من عدم وضوح الأمور، إلا أنه يمكن القول إنّ تحديد الجنس المنسلي الذكري ناتج عن إشارة أولية مرسلة من المورثة SRY المحمولة على الذراع القصير للصبغيY، وهذه الإشارة المتتابعة التي تصل للخلايا المتوسطية للحبال الجنسية تحدد تحولها إلى خلايا سيرتولي Sertoly التي هي ذاتها مسؤولة عن تمايز الخلايا الجنسية gonocytes إلى خلايا نطفية أمspermatogonia. وبغياب المورثة SRY فإن التمايز المنسلي يتم متأخراً قليلاً في الاتجاه الأنثوي تحت مراقبة المورثات الموجودة في الصبغي X، ويكفي صبغي واحد لبدء التمايز لكن الاثنين ضروريان للمحافظة على المناسل gonade.

    محمد علي السطلي

  4. #204
    التكاثر الإعاشي

    التكاثر الإعاشي multiplication végétative إنتاج ذرية من جزء من الجهاز الإعاشي (أو الخضري) لمتعضية واحدة دون تدخل للظواهر الجنسية الممثلة بتكون الأعراس والإلقاح، وهو يعطي أفراداً كاملة ومتماثلة من الناحية الوراثية مع أصولها.
    ينتشر التكاثر الإعاشي في الحالات الطبيعية بكثرة لدى النباتات، سواء الدنيا أو الراقية، حتى إنه يكون النمط المفضل للتكاثر لدى بعض الأنواع، ويتمتع بأهمية بالغة في توسيع انتشار النبات كجذامير النجيليات وأرآد الفريز وعيون درنات البطاطا وفصوص الثوم. واستثمر الإنسان القدرات الكامنة المتنوعة للنباتات، وقام بتطوير طرائق اصطناعية لإكثار النباتات إعاشياً كالتطعيم والافتسال والترقيد والزراعة في الزجاج. ويصادف التكاثر الإعاشي في بعض الزمر الحيوانية الدنيا كالأواليProtozoaires واللافقاريات كمعائيات الجوف والإسفنجيات وقناديل البحر.
    أنماط التكاثر الإعاشي
    تجمع أنماط التكاثر الإعاشي في ثلاثة أنماط هي التجزؤ وتكوين خلايا متخصصة وتكوين أعضاء متخصصة.
    1ـ التكاثر الإعاشي بالتجزؤ: التجزؤ هو تقسم المتعضية إلى جزأين أو أكثر، ينمو كل منها ليكون فرداً جديداً. النموذج الأكثر بساطة هو الانشطار الثنائي للخلية لدى الكائنات وحيدة الخلية (بكتريا، طحالب زرقاء، مشطورات)، حيث تنقسم محتويات الخلية الأم بين الخليتين البنتين. يفضي الانشطار الثنائي في حال توفر الظروف المناسبة إلى زيادة سريعة في عدد الأفراد كما هو الحال لدى البكتريا أو البلانكتون النباتي. يشاهد لدى بعض الزمر انشطاراً متعدداً إذ تنقسم النواة الأم انقسامات متكررة يتبعها انقسام إلى خلايا بنات كثيرة، كما يلاحظ لدى طفيلي الملاريا Plasmodium (من الأوليات) الذي يحرر نحو 100 خلية بنت بعد دخوله الكبد، تهاجم الكريات الحمراء، وينتج كل منها بدوره بالإنسال الانشطاري Schizogony عدداً من الخلايا البنات يصل إلى 24 خلية. والبرعمة شكل آخر من التجزؤ، وهو يصادف بخاصة لدى الخمائر (من الفطريات)، وهو يختلف عن الانشطار الثنائي بعدم تساوي الجزأين الناتجين واحتفاظ الخلية الأم بالغلاف القديم.
    ويصادف التكاثر الإعاشي بالتجزؤ لدى المشريات، فطحلب السرغاس Sargassum من الطحالب السمراء يجتاح مياه البحر الكاريبي بتقسم مشرته إلى العديد من الأجزاء، يتنامى كل منها إلى مشرات جديدة. كما يسهل جفاف مشرة الأشن[ر] Lichensتقسمها ونقلها إلى أماكن بعيدة مولدة أفراداً جديدة كلما واتتها ظروف النمو.
    ويجري التكاثر الإعاشي لدى النباتات الراقية بتجزؤ الجذامير، التي تمثل سوقاً ترابية ادخارية، كما في النجيل والسوسن والسرخس، إذ تشكل جمهرات واسعة الانتشار مكونة من أرومة واحدة تمتد في مهود جديدة مجاورة.
    وتتمتع بعض الحيوانات الدنيا بقدرة على التكاثر إعاشياً بالتجزؤ، فالديدان الشريطية تتقسم إلى العديد من القطع، يعطي كل منها فرداً جديداً. والدودة المنبسطة البلاناريا نموذج شائع لدراسة ظاهرة التجدد هذه.
    2ـ التكاثر الإعاشي بوساطة خلايا متخصصة: تعد الأبواغ من أبرز الخلايا المتخصصة بالتكاثر الإعاشي. تتكون البوغة من خلية وحيدة مجهرية ضامرة السيتوبلاسما. تنشأ نواة البوغة بالانقسامات الخيطية، وهكذا تتكون الأبواغ الفردانية إذا كانت العضوية المولدة للأبواغ فردانية الصيغة الصبغية، بينما تتكون الأبواغ الضعفانية إذا كانت العضوية المولدة للأبواغ ضعفانية الصيغة الصبغية. تلاحظ الأبواغ الفردانية والضعفانية في الطحالب[ر]، والفطريات[ر]، وتأخذ أشكالاً مختلفة بعضها ساكن وبعضها متمور أو متحرك بوساطة السياط. ومن الأبواغ ما تتكون داخل الخلايا الأمهات، ومنها ما تتكون خارجها، وفي كل الحالات تتكون الأبواغ بأعداد كبيرة. تنتشر الأبواغ بوساطة الهواء أو الحيوانات، وتحقق الانتشار السريع للأنواع. وعلى أننا نتحدث عن التكاثر الإعاشي إلا أننا نشير إلى وجود أبواغ جنسية تشارك في التكاثر الجنسي.
    3ـ التكاثر الإعاشي بوساطة أعضاء متخصصة: تعد المناثر propagules في البريويات، والأرآد stolons والبصلاتbulbes والبصيلات bulbilles في النباتات الراقية من الأعضاء المتخصصة بالتكاثر الإعاشي.
    تتكون المناثر من عدد من الخلايا المجتمعة فوق قمم المحاور أو على أشباه الأوراق أو على الخيط الأول قابلة للانفصال عن النبات الأم والانتقال بوساطة الرياح لتستقر في مكان ملائم لنموها مكونة أفراداً جديدة.
    والأرآد سوق زاحفة، طويلة السلاميات، حرشفية الأوراق، قادرة على غرس براعمها الانتهائية في التربة، لتكون فارعاً هوائياً منتصباً يثبت نفسه على سطح التربة بفضل جذور عارضة، وتنتج رئداً جديدة، تعيد سيرة النبات الذي ولده. المثال النموذجي لهذا النمط من التكاثر يقدمه الفريز.
    والأبصال أعضاء ترابية مكونة من ساق قرصية مسطحة قزمة محاطة بقواعد أوراق لحمية بدينة ممتلئة بالمدخرات، وهذه محاطة بأوراق حرشفية جافة. تولد الساق القرصية برعماً انتهائياً يعطي فيما بعد فارعاً هوائياً، ويتكون على جزئها السفلي جذور عارضة ليفية. تتكون الأبصال عادة في النباتات الخفية cryptophytes، ُتمكن النبات من اجتياز الفصل الحرج بإخفاء أعضاء تكاثره الإعاشية في التربة خلال الصيف.
    أما البصيلات فهي براعم جانبية محمولة على بصلة أم. تتألف البصيلة من ساق قرصية مقنعة بورقة ادخارية ثخينة محاطة بعدد من القواعد الورقية الحرشفية الجافة التي تشكل غلافاً مستمراً حول القرص. تأخذ هذه البصيلات أشكالاً خاصة كالفصوص أو الأسنان المعروفة في نبات الثوم الزراعي Allium sativa إذ يمكن لكل بصيلة (أوسن) أن تعطي نباتاً جديداً.
    من البصيلات ما يكون زائفاً إذ تتكون على السوق الهوائية في آباط الأوراق أو بين الأزهار. تتميز هذه البصيلات بقلة مدخراتها، وبقدرتها على النمو مباشرة إثر سقوطها دون أن تمر بحالة سبات، كما في بعض أنواع جنس البصل Allium الذي يُكون بصيلات بين الأزهار، تتثبت بشمراخ ضعيف يسهل انفصالها، وتؤمن بذلك بعثرة الأفراد. وفي سرخس الأسبيلينيوم حامل البصيلات Asplenium bulbiferum تتكون البصيلات في قاعدة الوريقات، وتتحول إلى بادرات صغيرة تنفصل عن النبات الأم، وتعطي نباتاً جديداً. ونشاهد الحادثة ذاتها لدى نبات الزينة بريوفيلوم Bryophyllum من الفصيلة الكرسولاسيه Crassulaceae.
    والدرنات أعضاء ترابية مكتنزة ناتجة عن تضخم جزء من الساق أو الجذر أو المحور تحت الفلقي والجذر. تعد درنة البطاطا مثالاً دارجاً للشرح. ينطلق تكون درنات البطاطا بعد توقف النمو القمي للسوق الهوائية وتحوله إلى نمو في السوق الترابية (الأرآد) التي تتحول إلى درنات. تحمل الدرنة برعماً قمياً وحيداً وعدداً من البراعم الجانبية (العيون) التي تمر في سبات لتعود وتنتش في الفصل القادم، معطية سوقاً جديدة وجذوراً عارضة. تولد نبتة البطاطا العديد من الدرنات يعبر عددها عن قدرة الصنف على التكاثر الإعاشي.
    التكاثر الإعاشي الصنعي
    يتمثل بعدد من الطرائق الصنعية المستخدمة في الزراعة والبستنة المعتمدة على القدرات الكامنة للنباتات على تحقيق التكاثر الإعاشي، كالافتسال والترقيد والتطعيم والزراعة في الزجاج.
    1ـ الافتسال والترقيد marcotage & bouturage: الافتسال غرس جزء من النبات عديم الجذور في تربة رطبة. يولد الفَسْلُ نباتاً كاملاً عبر تكوين جذور عارضة تحقق للفرد الجديد حياة مستقلة. ويمكننا، حسب الأنواع، فسل الأغصان، السوق، الأوراق، أو حتى الجذور في بعض الحالات. تعود قدرة النبات على تشكيل جذور عارضة إلى قدرة الخلية النباتية المتمايزة على فقدان التمايز والعودة إلى خلية قسومة، تعطي نتيجة انقسامات خيطية كثيفة ومنظمة نقاط نمو جديدة. بهذه الطريقة نكاثر بسهولة الجيرانيوم، القرنفل، الورد، البيغونيا، الصفصاف. ويصعب عادة افتسال النباتات الخشبية، إلا عندما نأخذ السوق الفتية الناتجة عن براعم عارضة للجذور كأشطاء نبات الحور Populus.
    أمّا الترقيد فهو نمط خاص من الافتسال، حيث نبقي الفسل في هذه الحالة مرتبطاً بالنبات الأم حتى تتشكل لديه جذوره الخاصة.
    2ـ التطعيم greffage: تقليد زراعي قديم، يتمثل بزرع برعم أو جزء من عضو يحمل براعم (الطعم) في نسج نبات آخر (الأصل أو حامل الطعم) مشابه له في خصائصه العضوية والفيزيولوجية والكيماوية، بحيث تتلامس النسج القسومة المولدة للنسيج الوعائي الناقل بين الشريكين وتندغم بعضها مع بعض محققة استمرارية للبنية التشريحية الدقيقة بينهما، وتبادلاً للنسغ، ويكونان نباتاً واحداً جديداً مؤلفاً من جذور وساق النبات حامل الطعم، وأغصان وأوراق وأزهار الطعم، ويجمع خصائص النباتين.
    يتم التطعيم عادة بين صنفين ينتميان للنوع ذاته، أو بين نوعين من جنس واحد كأن نطعم الإجاص البري مثلاً ببعض أنواع الإجاص الجيدة، والبطم بالفستق. وأحياناً يتم التطعيم بين جنسين قريبين ينتميان للفصيلة ذاتها، كما يلاحظ لدى بعض أجناس الفصيلة الوردية Rosaceae إذ ينجح تطعيم الإجاص على السفرجل، وكذلك ينجح تطعيم التبغ على البنج في الفصيلة الباذنجانية Solanaceae.
    يعد مفهوم القرابة معقد جداً، لأنه لا يمكننا دائماً عكس الأدوار، فعلى نجاح تطعيم الإجاص على السفرجل، فإن تطعيم السفرجل على الإجاص يفشل غالباً. وكون نوعين متقاربين في الجنس بالنسبة لعلماء النبات لا يعني بالضرورة أن نتمكن من تطعيمهما، وهكذا على سبيل المثال لا ينجح التطعيم إجاص - تفاح.
    تتم عملية التطعيم عادة على الأشجار أو الشجيرات، ونادراً على النباتات العشبية، وهي تهدف إلى نشر الجهاز الهوائي لأنواع أو أصناف مهمة زراعياً لكن يستعصي إكثارها بطرق أخرى كأصناف البرتقال عديم البذور، أو لاستثمار فوائد بعض الأنظمة الجذرية الجيدة، فيمكن على سبيل المثال تسريع إكثار بعض النباتات الفتية، بزرعها على أشجار أقدم وقوية ومتأقلمة مع ظروف الموقع سواء المناخية أو الحيوية.
    لكي ينجح التطعيم يجب توفر مجموعة من الشروط من أهمها: أن يكون كل من الطعم وحامله بحالة جيدة، وأن يتم في فصل يكون فيه نشاط النسيج القسوم المولد للنسج الوعائية في أوجه، وأن يؤخذ الطعم بأدوات نظيفة، مع إبقائه أقل ما يمكن في الهواء لنتجنب كل عدوى موضعية فيروسية أو جرثومية أو فطرية، ويستحسن طلي الجروح والشقوق الحاصلة بمعجون لمنع دخول الطفيليات، وتجنب جفاف نسيج الالتئام.
    ينتج عن التطعيم الذي يتم بين نوعين مختلفين أنواعاً ندعوها أنواع شومرية Chimere تتألف نسجها من مزيج إعاشي من نسج الطعم وأصله، والاندغام الحاصل بين نسجهما يتم دون أن يفقد أي منهما إمكانياته التوريثية الخاصة، وهكذا فإن تطعيم القلقاس (زهر الشمس الدرني) Helianthus tuberosus المدخر لسكر الأنولين على نبات زهر الشمس الحولي Helianthus annuusالذي لا يدخر سكر الأنولين، يوضح أن كلاً من النباتين يحتفظ بصفاته الشكلية والكيميائية والحيوية، إذ يبقى زهر الشمس الحولي عديم الأنولين وكذا القلقاس غزيره.
    3ـ الإكثار الإعاشي الدقيق عبر الزراعة في الزجاج: طريقة حديثة ترتكز على تحريض تشكيل نسج قسومة ساقية ثم جذرية انطلاقاً من أجزاء صغيرة من العضوية يمكن أن تكون نسيجاً أو خلية منعزلة أو حتى بروتوبلاست، وذلك على وسط زرع يلبي الحاجات الغذائية الأساسية للأنسجة وتحت تأثير منظمات نمو. يتطلب نجاح هذه الطريقة شروطاً أهمها: تعقيم وسط الزرع لكي نمنع نمو المتعضيات الدقيقة من فطور وبكتريا التي يؤثر وجودها في نمو أنسجة النبات، والسيطرة الدقيقة على عوامل الوسط المختلفة من حرارة، وضوء ورطوبة (غرفة نمو)، وتأمين وسط زرع مناسب إذ يعد تركيبه المعقد نسبياً من العوامل المهمة وهو يتضمن أملاحاً معدنية، مركبات عضوية (سكاكر، فيتامينات، حموض أمينية، منظمات نمو..) تضاف بكميات محددة بدقة، وخلائط طبيعية معقدة. وأخيراً فإن للعوامل الوراثية الخاصة بالنبات أثراً هاماً في نجاح الزراعة، فهناك فصائل تبدي قدرة كبيرة على التجدد كالوردية والباذنجانية والقرنفلية.
    تعد هذه الطريقة أداة فعالة ورائعة لتحقيق التكاثر الإعاشي، ولها تطبيقات بالغة الفوائد الاقتصادية والزراعية لا يمكن إنجازها بوساطة الطرائق التقليدية. وهكذا تعطي هذه الطريقة من 200000-400000 نبات في سنة واحدة انطلاقاً من برعم واحد من الورد، بينما لا تنتج الطريقة التقليدية المعتمدة على التطعيم أكثر من 30-50 نباتاً خلال سنتين.
    وتجدر الإشارة إلى أن الأبحاث الحديثة نجحت في استنساخ[ر] الفقاريات انطلاقاً من خلية جسمية.
    محاسن التكاثر الإعاشي
    ـ يحافظ على التكوين الوراثي لأصناف مختارة لصفاتها التجارية، أو لنباتات متكيفة مع شروط الموقع ويسهم في احتلالها لمهود جديدة وتوسيع رقعة انتشارها.
    ـ وسيلة تكيفية تجاه الشروط الخارجية، مماثلاً للدور الذي تقوم به البذور، ولاسيما حين يتم التكاثر الإعاشي بوساطة أعضاء مقاومة تسمح بتجاوز الفصول الحرجة أو عندما تكون الشروط البيئية غير ملائمة للتكاثر الجنسي.
    ـ وسيلة هامة في الحفاظ على النباتات التي لا تستطيع أن تتكاثر جنسياً كالنباتات ثلاثية الصيغة الصبغية، أو الهجائن غير الخصبة، أو إكثار أفراد من جنس واحد لنوع ثنائي المسكن كالايلوديا.
    ـ أسرع وأكثر أمناً من التكاثر الجنسي، فلدى نوع ما وضمن نفس الشروط ينمو النبات الناتج عن درنة أو بصلة أو جذمور بشكل أسرع من ذلك الناتج عن بذرة، لأنه يتخطى مرحلة (الطفولة) الحرجة والهشة والبطيئة والناتجة عن نمو البذرة. فبعض أنواع الزنبق تنمو ببطء عند زراعتها بالبذرة ولا تزهر إلا بعد 4-7 أعوام، بينما لدى إكثارها بالأبصال تزهر بعد عام أو عامين.
    ـ يُمكن التكاثر الإعاشي من عزل الاختلافات الوظيفية التي قد يبديها التكوين الوراثي ذاته والحفاظ عليها.
    ـ إسراع إنتاج بعض النباتات لأهداف اقتصادية.
    ـ يمثل نقطة انطلاق لصنف جديد، وذلك في حال تعرض الخلايا التي تستخدم في التكاثر الإعاشي لطفرة ما.
    مساوئ التكاثر الإعاشي
    تحيط بالتكاثر الإعاشي مجوعة من المساوئ أبرزها:
    ـ يسهل نقل العوامل الممرضة (فيروس، فطر..) من الآباء إلى الذرية.
    ـ يمثل تجانس النمط الوراثي لمجتمع ما، والناتج عن الفرد ذاته clone خطراً من الناحية البيئية قد يدفع الإنسان ثمنه غالياً، إذ يجعل هذا المجتمع تحت رحمة العديد من العوامل الاستثنائية المناخية منها أو الحيوية التي قد تصيب الموقع. كما حدث مع الفطر Phytophtora infestans الذي قضى في نهاية القرن الماضي على كل حقول البطاطا في إيرلندة.
    ـ هناك أيضاً خطر الهرم السريع للكلون، ولاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالنباتات الزراعية. فبينما تعيش كرمة على جذورها الأصلية وتنتج عنباً خلال 200 سنة، نجد أن الكرمة المطعمة تعيش من 25-60 سنة فقط.

    عماد القاضي

  5. #205
    التكون البكري

    التكون البكري parthenogenesis لفظ مترجم من كلمتين يونانيتين: parthenos أي البكر أو العذراء، وgenesis أي التكوين. ويسمى أيضاً التوالد العذري virgiral reproduction، وهو تنامي الفرد بدءاً من بيضة غير ملقحة، وبمعنى آخر هو تكاثر الأنثىدون إسهام الذكر.
    وقد اكتشف هذه الظاهرة الغريبة تشارلز بونيت Ch.Bonnet عام 1740 في الأرقة aphids.
    ولفهم آلية التكون البكري لابد من الإلمام بالحادثات التي تتم عند الإلقاح[ر]، ثم البحث عما يقابلها في التكون البكري، ذلك لأن هذا التكون هو خروج عن التكاثر الجنسي النمطي، وهو طبيعي وصنعي وتجريبي.

  6. #206
    التكيف

    التكيف adaptation هو تلاؤم الكائن الحي مع كل ظروف الوسط الذي يعيش فيه، بحيث يستطيع التعامل مع هذه الظروف بنجاح، واستغلال الموارد الموجودة فيه، والعيش بتناغم مع كل المؤثرات فيه، وزيادة القدرة على البقاء والتكاثر فيه. فالسمك متكيف للعيش في الماء بفضل أعضاء تنفسه الغلصمية وشكل جسمه الانسيابي الذي تدفعه زعانفه المختلفة. والبرمائي يملك بعض هذه المزايا، لكنه قادر أيضاً على الحياة على الأرض بفضل رطوبة جلده ووجود أطراف تساعده في السير أو القفز أو السباحة ووجود رئتين تتنفسان الهواء الجوي. والصباريات التي تعيش في المناطق الصحراوية ليس لها الأوراق التقليدية وإنما تحولت إلى أشـواك، ولها سوق متكتلة تسترها بشرة سميكة، يسهم كل ذلك في التخفيف من التعرق والمحافظة على كميات كبيرة من الماء لاستخدامها عند الحاجة.
    يشير التكيف إذن إلى المزايا التي تكتسبها الكائنات الحية للتعامل مع أوساطها الخارجية مستخدمة البنى المتخصصة التي تساعدها في العيش في الوسط الذي توجد فيه، بينما اكتسبت كائنات أخرى صفاتٍ تمكنها من العيش في أوساط مختلفة إذ تستطيع استغلال وسطها واستثماره إلى الحد الأقصى.
    التكيف لدى الحيوانات
    تُمَيَّز، في عالم الحيوان، عدة أنماط من التكيف: بعضها بنيوي وشكلي، ومنها ما هو سلوكي فيزيولوجي، وبعضها الآخر تمويهي لوني.
    فالحيوانات العاشبة تأكل النباتات عادة، لذلك فإن لها أسناناً غير قاطعة لسحق الأوراق النباتية، بينما آكلات اللحوم أسنانها كبيرة وحادة تقبض بها على فرائسها وتمزقها. ولآكل النمل لسان طويل لزج متخصص لولوج أعشاش النمل والأَرَضَة[ر] لالتقاط فرائسها، وكذلك الضفادع والحرابي التي تستطيع مد لسانها بسرعة كبيرة لاصطياد الحشرات ولصقها على سطحه اللاصق. ولبعض الطيور منقار قصير ثخين يُمَكِّنها من كسر البذور الصلبة. كما أن المنقار الأنبوبي للطائر الطنان يُمَكِّنه من الوصول إلى الغدد الرحيقية في الأزهار، ومناقير النسور والبواشق المدببة متخصصة لتمزيق اللحوم.
    وقد تكيفت معظم الحيوانات لتتمكن من الدفاع عن نفسها أو الهرب من المهاجمين. فكثير منها تجهزت بأسلحة دفاعية، مثل المخالب أو الإفرازات السامة، ولبعضها أصداف أو جلد قاس لحمايتها تقلل من إمكانية أكلها من المفترسات، وبعضها الآخر يهرب من مهاجميه بمزية الركض أو الطيران.
    وبسبب حاجة الحيوانات للتحرك، فإنها تكيفت للتنقل من مكان لآخر بصور مختلفة. فالحيوانات المائية الصغيرة تتحرك بأهداب دقيقة أو بسياط خيطية طويلة تساعدها في دفع جسمها في الماء أو سحبها له، أما الحيوانات الأكبر فإنها تتحرك بالزعانف أو الأرجل، بينما تتحرك الخفافيش والحشرات البالغة ومعظم الطيور بالأجنحة. وللطائر الطنان أجنحة تساعده في أن يحوم فوق الأزهار لكي يتمكن من الحصول على الرحيق بسهولة. والبطريق[ر] له أجنحة مجدافية الشكل من أجل السباحة تحت الماء، والضواري آكلات الجيف تساعدها أجنحتها في الحومان في الهواء مدد طويلة قبل الانقضاض على فرائسها.
    ويبدي الغزال الفتي والحشرات تكيفاً سلوكياً يتجلى ببقائها ساكنة طالما الخطر قائماً، متفادية بذلك لفت انتباه مفترساتها ولا تكشف عن مواقعها بسكونها الذي يدوم أحياناً مدة طويلة.
    وكثير من الحيوانات تحمي نفسها بأشكال مختلفة من التمويه. فالألوان الفاتحة لا تميز عادة من الأرضية ذات اللون الفاتح، وكذلك يصعب تمييز الألوان الغامقة من الأرضية ذات اللون الداكن، لذلك تكتسب الحيوانات ألواناً تناسب ما يحيطها بحيث يصعب تمييزها في وسطها. فالطيور والأسماك مثلاً ذات وجوه بطنية فاتحة وجوه ظهرية داكنة. ولا يُرى كثيرٌ من الحشراتمن أعدائها بسبب ذلك، وكذلك بسبب أشكالها التي تشبه جذوع الأشجار أو قشورها أو أغصانها أو أوراقها. وللغزال الفتي جلد مبرقع يطابق لونُه وسطَه في الغابة.
    ولكثير من الطيور رياش فاتحة لتجذب الإناث إليها، في حين أن بعضها الآخر يغازل أقرانه بالغناء. كما تكيفت الحشراتوالعناكب ومعظم الأسماك، لإنجاح تكاثرها، بإنتاج كميات كبيرة من البيض، لأن القليل منه ينجو من الافتراس. أما الطيوروالثدييات فتنتج صغاراً أقل عدداً تقوم بحمايتها وإطعامها إلى أن تتمكن من الاعتماد على نفسها.
    وتجدر الإشارة إلى أن بعض التكيفات تكون مؤقتة، وتُمَكِّن الكائن من التلاؤم مع تغير أوساطها بسرعة، مثل تغير لون سمك موسى flounder ليطابق لونه ما يحيطه. وتكون بعض التكيفات فصلية وتتغير بحسب ظروف الطقس. ففي الشتاء تكتسب بعض الكلاب شعراً غزيراً تخسره في الصيف. ولأرنب الثلج الذي يقطن المناطق الشمالية المثلجة فراء أبيض كثيف في الشتاء، يصير أقل كثافة في الصيف وبلون بني.
    التكيف لدى النباتات
    كثير من الصباريات في المناطق الصحراوية لها خلايا لحمية تمَكِّنها من امتصاص الماء واختزانه لحين الحاجة. ولتين صبار الساغارو Saguaro الذي له شكل الأشجار، ساق ذات طيات يمكن أن تتمدد مثل «الأكورديون» لدى امتلائها بالماء، وبذلك يستطيع النبات أن يستخدم الماء المخزون في الساق وتَحَمُّـل الجفاف لحين موسم الأمطار التالي الذي يمكن أن يأتي بعد سنتين. وأشجار الصنوبر والغار وبعض نباتات المناطق الجافة الأخرى لها أوراق صغيرة مغطاة بطبقة شمعية تحافظ بها على الرطوبة وتمنع البخر. ولكثير من النباتات أشواك تحميها من أن تؤكل من الحيوانات.
    وتكيفت النباتات، كما في الحيوانات، بأنماط مختلفة من أجل تكاثرها. فبتلات وسبلات الأزهار ما هي إلا أوراق متخصصة لحماية أعضاء التكاثر. وبألوانها الزاهية تجتذب كثيراً من الحشـرات والحيوانات الأخرى التي تسهم في نقل حب الطلع من زهرة لأخرى. ويختلط في البذور التي تنتج من التأبير المتصالب، كثيرٌ من الصفات الوراثية، ويحتمل أنها تنمو وتصل إلى مرحلة النضج أكثر من البذور التي تنتج دون مساعدة حيوانات التأبير مثل النحل والفراشات.
    وتبدي الثمار أيضاً كثيراً من التكيفات. فبعض النباتات لها ثمار مجهزة بكلاليب تتعلق بها على فراء الحيوانات العابرة، فتُحْمَل بذلك إلى مواقع جديدة لا تتنافس فيها البذرات مع النبات الأم، وثمار الهندباء لها باقة من الأشعار تحملها الرياح بعيداً عن المواقع التي تشكلت فيها. حتى الجزء اللحمي من ثمار الكرز أو التفاح ما هي إلا تكيف يساعد النبات على تناثـر بذوره. فالحيوانات تأكل الثمرة لحلاوتها وترمي البذور في أثناء سيرها.
    أصل التكيف
    يتوقف بقاء كل نوع، سواء كان حيواناً أم نباتاً، على قدرة أفراده على الحصول على الغذاء وحماية نفسه وإنتاج ذرية له. وهكذا فإن أي صفة وراثية تزيد من إمكانية أيٍ من هذه الوظائف ستحسن فرصة استمرار هذا النوع وبقائه.
    والصفات الوراثية الجديدة التكيفية تظهر بفعل الاصطفاء الطبيعي، الذي يميل إلى حفظ الصفات المفيدة بالنسبة للكائنات، ومن ثم تنتقل إلى الأجيال التالية، لتنتشر، بعد أن تكون قد تهيأت الظروف لانطباعها في السجل الوراثي للكائن، في الجماعات التي تليها.
    إلا أن ظهور بعض الصفات، مثل قابلية قبض يد الإنسان للأشياء ومعالجتها لها، لا يظهر إلا نتيجة طفرات mutationsعدة، يمكن أن تتطور عبر ملايين السنين، لكن هذا لا يمنع أن تظهر بعض الصفات التكيفية بسبب طفرة واحدة، أو عدد قليل منها، ظهر في مرحلة قصيرة نسبياً.
    من التكيفات التي ظهرت في مدة قصيرة من الزمن يذكر العتة الفلفلية peppered moth الإنكليزيـة (Biston betularia). كانت هذه العتة، في الأصل، فاتحة اللون، وتعيش على جذوع أشجار غطتها طحالب فاتحة اللون ولهذا كانت لا ترى من أعدائها. لكن جذوع الأشجار، في المناطق الصناعية صارت مغطاة، بفعل دخان المصانع الأسود، بطبقة قاتمة فصارتالحشرات مرئية بالنسبة لمفترساتها، فبدأت بالاختفاء.
    كان ظهور العتة الإنكليزية غامقة اللون أول مرة عام 1948 في مدينة إنكليزية صناعية. وبما أنها كانت مموهة مقابل جذع الشجر، فإنها استطاعت الاستمرار والتكاثر بنجاح أكثر، في هذه المنطقة، من العت فاتح اللون. وقد نُقِلَ اللون الغامق، وهو ناتج عن طفرة واحدة، إلى الجيل التالي، فوصلت نسبة العتات الغامقة عام 1953 إلى 90٪ في المنطقة الصناعية وبقي من العت الفاتح اللون فقط 10٪.

    حسن حلمي خاروف

  7. #207
    التمايز الجنسي

    يظهر التمايز الجنسي sexualization في الكائنات الحية وفق مستويات مختلفة، هي:
    1 ـ التمايز الجنسي المنشيء، ويتحدد بحسب طبيعة المناسل gonads، حيث تتمايز الخلايا المنشئة الأولية إلى أعراس ذكرية أو أنثوية وفقاً لتموضعها داخل المنسل الجنيني.
    2 ـ والتمايز الجنسي الأولي الذي يتضمن تشكل المسالك التناسلية التي تقوم بنقل الأعراس وتشكل الأعضاء التناسلية الخارجية، ويرتبط هذا النمط من التمايز بالصبغيات.
    3 ـ والتمايز الجنسي الثانوي الذي يضم كل التفاصيل الشكلية للجسم التي تميز الجنسين بعضهما عن بعض، إذ يمتلك ذكر الثدييات مثلاً القضيب والحويصلات المنوية وغدة البروستات وزيادة في نمو الغضروف الصوتي وحجم العضلات وقوتها، وفي نمو الشعر في أماكن خاصة من الجسم، وتمتلك الأنثى المهبل والرحم والغدد الثديية. ويخضع ظهور هذه الصفات لتأثير الهرمونات المفرزة من المناسل.
    وتلاحظ الصفات الجنسية الثانوية لدى الحيوانات المختلفة أيضاً، التي منها ما يخص الذكورة مثل لبدة الأسد وقرون الأيل وقرون الكبش وخشونة مؤخرة بعض القرود، والأنياب الناتئة لفيل البحر والرياش براقة الألوان لبعض الطيور وخشونة الأصابع لذكور بعض الضفادع وأكياسها الصوتية وجيب الحضن الموجود لدى ذكر حصان البحر.
    ويجب التنويه بأن الصفات الجنسية الثانوية لا تكون واضحة بشكل دائم، فهي لا تكون بادية للعيان لدى الفأر، مثلاً، ولا تسمح بتحديد الجنس حسب المظهر الخارجي. وكذلك الحال لدى بعض الطيور (الحمام).
    إن مجمل هذه الصفات الجنسية المنشئة والجسدية الأولية والجسدية الثانوية هي التي تحدد الجنس التناسلي للفرد. ويتم ذلك بشكل تدريجي، يبدأ خلال الحياة الجنينية، ويأخذ شكله النهائي بعد البلوغ.
    تطور جهاز التوالد لدى الفقاريات
    الفقاريات حيوانات منفصلة الجنس، ولا تبدي حالة الخنوثة إلا بشكل نادر جداً. ويبدأ تطور المناسل لديها من حالة جنينية غير متمايزة، لكنها تنمو فيما بعد في أحد اتجاهين: إما أن تتطور إلى مبيض وإما إلى خصية، مما يؤدي إلى تحديد الجنس. كما أنه خلال الحياة الجنينية، وقبل التمايز إلى ذكر أو أنثى، يمتلك الجنين نظامين للأقنية، أحدهما قناة مولَّر ductus mullerian والآخر هو قناة فولف ductus wolffian. يحرض هرمون الإستروجين المنتج من المبيض، تطورَ قناة مولَّر إلى قناتي المبيض والرحم والمهبل، ويؤدي تشكل الخصى إلى إفراز هرمونين: الهرمون المضاد لهرمون قناة مولَّر، ووظيفته تخريب النسج المشتقة من هذه القناة، وهرمون التستوسترون الذي يمنح الجنين الذكورة، وذلك بتحريضة تطور قناة فولف لتُشَكِل القضيب والصفن وأجزاء أخرى من جسم الذكر (الشكل -1).

    يتكون المنسل اللامتمايز لدى الثدييات، من مكونين اثنين، هما (الشكل -2):
    1ـ الأَديمُ المُتَوَسِّط للحافة التناسلية genital ridge التي تتطور إلى قشرة خارجية ولب داخلي. تمتلك القشـرة إمكانـاً أنثوياً، في حين يبدي اللب إمكاناً ذكرياً، ويرسخ التمايز الجنسي إحدى البداءتين، ويعمل على تراجع البداءة الأخرى. فحين يبدأ التركيب الوراثي الجنسي للفرد (XX للأنثى، XY للذكر) بالتأثير في الشكل الظاهري للمنسل، توجه الصبغيات الجنسية المنسل اللامتمايز، ليتطور في اتجاهين مختلفين: التمايز إلى خصية بنمو اللب وتضاعفه المترافق مع ضمور في القشرة، والتمايز إلى مبيض بتمايز خلايا القشرة ونموها وضمور اللب.
    2ـ الخلايا الجنسية الأولية: وهي الخلايا التي تتطور إلى نطاف في الذكور وإلى بيوض في الإناث.
    الجنس الجيني: يتحدد الجنس الجيني لدى الحيوانات منذ الإخصاب الذي يتم باتحاد العروس الذكرية بالعروس الأنثوية، إذ تحمل هذه الأعراس طابعين نوويين (جينومين genome) مختلفين مكـوَّنين من الصبغيات الجسدية المتماثلة في كل من الأعراس الذكرية والأنثوية، والصبغيات الجنسية التي تختلف في كل من هذين النمطين من الأعراس.
    يتكون الطابع النووي للإنسان من 44 صبغياً جسدياً، إضافة للصبغي X والصبغي Y لدى الذكر، و44 صبغياً جسدياً والصبغيين X لدى الأنثى. لذلك يشكل الذكرنمطين من النطاف: أحدهما يمتلك 22 صبغياً جسدياً والصبغي الجنسي X، والآخر 22 صبغياً جسدياً والصبغي الجنسي Y، في حين تشكل الإناث نمطاً واحداً من البيوض تمثل 22 صبغياً جسدياً و الصبغي الجنسي X.
    وهكذا يتـم الإخصاب وفق احتمالين: إخصاب بيضة تحتوي 22 صبغياً جسدياً +X، بنطفة تمتلك 22 صبغياً جسدياً +X وتتشكل بيضة ذات 44 صبغياً جسدياً +2X، تتطور لتعطي أنثى؛ وإخصاب بيضة تحتوي 22 صبغياً جسدياً +X، بنطفة تمتلك 22 صبغياً جسدياً +Y وتتشكل بيضة ذات 44 صبغياً جسدياً +YX، وهذه البيضة سوف تتطور إلى ذكر. وهكذا نرى أن تحديد الجنس الجيني يتم عند الإخصاب، ويؤكد ذلك حجج خلوية وأخرى فيزيولوجية.
    ترتبط الحجج الخلوية باكتشاف الصبغيات المتخالفة المتمثلة بالصبغيين X وY عند الذكـر (الحشرات وعدد من القشرياتومعظم الثدييات)، أو Z وW عند الأنثى (عدد من الحشرات والبرمائيات والزواحف والطيور)، في حين ترتبط الحجج الفزيولوجية بتعدد الأجنة وتعدد الإباضة. فالأجنة المتعددة الناتجة من بيضة مخصبة واحدة تعطي أفراداً متماثلة الجنس، بينما تعدد الإباضة يمكن أن تنتج عنه أفراد يمكن أن تكون مختلفة الجنس.
    آلية التمايز الجنسي
    يتوافق التمايز الجنسي، عموماً، مع التمايز الجيني، كما رأينا سابقاً. إلا أن بعض حالات الانقلاب الجنسي الكاملة أو الجزئية، الطبيعية أو التجريبية، تبرهن على تأثر الجنس التناسلي ببعض المواد، فقد تبين أن خصية الضفادع المذنبة تلغي تنامي مبيض الشريك المؤنث وتحوله إلى منسل عقيم، وكذلك الأمر بالنسبة للضفادع عديمة الذنب، لكن هنا يكون الأمر منوط بالمسافة الفاصلة بين مناسل الشريكين. وهذا يشير إلى أنه أثناء تمايز المناسل يتم إرسال مادة جنينية أو مُحَرِّض جنيني من الشريك الذكر إلى داخل الأنثى، يكون انتشارها مرتفعاً لدى الضفادع المذنبة وقادراً على تثبيط تنامي المناسل لديها، حتى على تحريض انقلاب الجنس التناسلي، في حين يكون منخفضاً لدى الضفدع ومعدوماً لدى ضفدع العلجوم. وقد كُشف عن هرمونات جنينية مماثلة لدى الطيور.
    وتمارس الهرمونات الستيروئيدية دوراً في تمايز المنسل الجنيني، وهي تختلف عن المواد الجنينية التي ذكرت سابقاً. كما يتوقف تأثير هذه الهرمونات في درجة التمايز الجنيني، فلا تمارس الهرمونات الجنسية أي تأثير في التمايز الجنسي لمناسلالفقاريات العليا ذات التمايز الجنيني الواضح، بينما يسمح التمايز الجنيني الضعيف لدى الفقاريات الدنيا، للهرمونات الجنسية بتوجيه التمايز الجنسي إلى الجنس المعاكس للجنس الجيني.
    التمايز الجنسي لدى اللافقاريات
    قدمت اللافقاريات إيضاحات قيمة في ما يتعلق بفيزيولوجيا التمايز الجنسي، وذلك من خلال الكشف عن حالات مختلفة من الخنوثة الجنسية. فلدى محار المياه العذبة، والحلقيات كثيرات الأشعار، يكون الحيوان الفتي ذكراً، ثم يتحول إلى أنثى حين يشيخ، وهذه هي حالة الخنوثة المتعاقبة.
    ولدى الحلقيات تقدم قليلات الأشعار حالة مختلفة من الخنوثة. فقد بُرهن تجريبياً على أن المناسل لا تمارس أي تأثير في ظهور الصفات الجنسية الثانوية، التي يشترط ظهورها إفراز هرمون البلوغ الذي يتم بوجود تغذية وافرة. يؤدي الصيام المطول لدى بعض أنواع دودة الأرض إلى تنكس المناسل. واستبدال هذا الصيام بتغذية كاملة، يعيد للمناسل القدرة على تكون الأعراس، مع إمكانية تحول الخصية إلى مبيض.
    التمايز الجنسي لدى الحشرات: تتشابه الثدييات والحشرات في كونها تستعمل نظام XX/XY للتمايز الجنسي. ومع ذلك تختلف آليات التمايز الجنسي في كلتا المجموعتين اختلافاً كبيراً. لدى الثدييات يقوم الصبغي Y بدور أساسي في تحديد جنس الذكر، ولذلك تكون الأفراد XO إناثاً عقيمةً. أما لدى ذبابة الفاكهة فيتحقق التمايز الجنسي بالتوازن بين المحدِّدات الموجودة على الصبغي الجنسي X والمحدِّدات الذكرية الموجودة على الصبغيات الجسدية. فإذا امتلكت الحشرة صبغياً X واحداً في الخليةمضاعفة الصيغة الصبغية (1X:2A) يكون الفرد ذكراً. أما إذا امتلكت صبغيين X في الخلية مضاعفة الصيغة الصبغية (2X:2A) فالفرد يكون أنثى، وبذلك تكون الأفراد XO ذكوراً عقيمةً.
    يلاحظ، لدى ذبابة الفاكهة والحشرات أحياناً أفراد يتكون جسمها من مناطق مؤنثة وأخرى مذكرة، وذلك بسبب فقدان الصبغي X من نواة إحدى الخلايا الجنينية. وبالنتيجة فإن جميع الخلايا الناتجة عن هذه الخلية هي مذكرة (XO) بدلاً من أن تكون مؤنثة (XX). وبسبب عدم وجود الهرمونات الجنسية لدى الحشرات لتعدل من هذه الظواهر، فإن كل خلية تميل لتصنع مصيرها الجنسي الخاص بها، فتصنع الخلايا XO الصفات الذكرية، في حين تصنع الخلايا XX الصفات المؤنثة. وتقدم هذه الحالة مثالاً جيداً على الارتباط بين الصبغي X والجنس. إن الصبغي Y لدى الحشرات لا يؤدي أي دور في التمايز الجنسي، وهو ضروري فقط من أجل تحقيق الخصوبة لدى الذكور. لذلك يكون هذا الصبغي فعالاً فقط خلال مرحلة تشكل النطاف.
    التمايز الجنسي لدى القشريات
    يمتلك كل من ذكر القشريات Crustacea وأنثاها البنية الجينية ذاتها التي تسمح بالتمايز الذاتي إلى أنثى، إلا أن امتلاك الذكرللغدة المُذَكِّـرة androgen gland وعدم وجودها لدى الأنثى، يؤدي إلى تثبيط تطور المبيض وتحريض تطور الخصية. فاغتراس الغدة المذَكِّرة داخل التجويف التاموري لأنثى النوع أوركستيا غاماريله Orchestia gammarella من طرفيات الأرجل Amphipoda يؤدي إلى تحولها إلى ذكر حيث تتحول المبايض إلى خصى، أما اغتراس مبيض داخل ذكر مجرد من الغدة المذَكِّرة، فيؤدي إلى توقف تطور الخصى داخل هذا الحيوان مع محافظة المبيض على بنيته وعلى وظيفته. وعند اغتراس المبيض داخل ذكر طبيعي، يتحول المبيض إلى خصية، وهذا يشير إلى أن الغدة المذكرة تمارس دوراً كبيراً على المنسل لتحوله إلى خصية، إضافة إلى تأثيرها في الصفات الجنسية الثانوية.

    سعاد العقلة

  8. #208
    التمثل

    التمثل assimilation مجموعة العمليات التي تجري في الخلية لتحويل الأغذية المستمدة من الوسط الخارجي إلى مركبات مماثلة لمركبات مكوناتها الحيوية بطريقة متخصصة تميز الكائنات الحية، يتضمن الامتصاص[ر] وآليات الابتناء anabolismالمختلفة، وهذا يعني ارتباطه بالتحولات الكيميائية المادية وبالتحولات المتعلقة بالطاقة: فالمواد غير العضوية الداخلة في عمليات التمثل تكون منخفضة الكمون الطاقي، بينما تكون المركبات العضوية مرتفعتها.
    تقسم الكائنات الحية بالنسبة إلى طرائق تمثلها للمواد الغذائية إلى زمرتين (الشكل-1):
    ـ زمرة الكائنات الحية الذاتية التغذية autotrophe.
    ـ زمرة الكائنات الحية الغيرية التغذية hetrotrophe.
    ويُميز في المجموعة الأولى الذاتية التغذية قسمان:
    أ ـ الكائنات الحية الذاتية التغذية الكربونية التي تضم وحيدات الخلايا النباتية وكثيرات الخلايا المزودة بخلايا التغذية الذاتية.
    ب ـ الكائنات الحية الذاتية التغذية النتروجينية وغيرية التغذية الكربونية التي تضم الجراثيم النتروجينية التي تحول النتروجين المعدني إلى نتروجين عضوي ممثلا بالحموض الأمينية المميزة بالجذر الأميني NH2 بعملية تركيب كيميائيchimiosynthese يتوجه نحو اصطناع البروتينات فقط.
    وتشمل الكائنات الحية الغيرية التغذية: العالم الحيواني وبعض الكائنات النباتية العديمة اليخضور كالفطريات. تستخدم هذه الكائنات لبناء مكوناتها العضوية مركبات عضوية غريبة مرتفعة الكمون الطاقي لتحولها إلى مركبات عضوية مماثلة لبنيتها الذاتية.
    طرائق تمثل الكربون غير العضوي وتحويله إلى كربون عضوي
    يتحقق تمثل الكربون غير العضوي وتحويله إلى كربون عضوي باستخدام مركبات معدنية منخفضة الكمون الطاقي مثل ثاني أكسيد الكربون المتوفر في الهواء وتحويله بعملية التركيب الضوئي[ر]، التي تستخدم فوتونات الأشعة الشمسية وبوساطة اليخضور، مكونة السكاكر البسيطة والسكاكر المركبة (غلوسيدات) والشحوم والبروتينات.
    طرائق تمثل الكربون العضوي الغريب وتحويله إلى كربون عضوي مناسب
    يتحقق تمثل الكربون العضوي وتحويله إلى كربون عضوي مناسب بوساطة عمليات الاستقلاب[ر]، الذي يفكك المركبات الغريبة إلى جزيئاتها الأساسية، ويعيد بناءها لتكون المركبات العضوية المناسبة من بروتينات وسكريات وشحوم.
    طرائق تمثل النتروجين غير العضوي وتحويله إلى نتروجين عضوي
    يتحول النتروجين الجوي الجزيئي N2 والنتروجين النشادري (الأمونيا) المكون لأملاح NH3 إلى نتروجين عضوي إما بطريقة مباشرة بالأكسدة، وإما بطريقة غير مباشرة بإرجاع النتروجين الجوي وتحويله إلى نتروجين نشادري بوساطة بعض الجراثيم والفطريات البدائية القادرة وحدها على تمثل النتروجين غير العضوي.
    1ـ تمثل النتروجين الجوي غير العضوي وتحوله إلى نتروجين عضوي: يجري تمثل النتروجين الجوي غير العضوي وتحوله إلى نتروجين عضوي بوساطة الجراثيم المثبتة للنتروجين المتعايشة مع العقد الجذرية للفصيلة القرنية Leguminoses من أنواع جنس الريزوبيوم Rhizobium والعصوي الجذري Bacillus radicicola ومن بعض الجراثيم الهوائية الحياة aerobie من أنواع جنس الآزوتوباكتر Azotobacter وبعض الجراثيم اللاهوائية الحياة anaerobie من أنواع جنس الكلوستريديوم Clostridium وبعض الفطريات البدائية الحرة أو المتعايشة. تستمد الطاقة اللازمة لتمثل النتروجين الجوي من الطاقة الناتجة عن أكسدة السكريات التي تقوم بدور مزدوج: إمداد الطاقة من الناحية الفيزيائية، واستقبال الجذور الأمينية NH2ـ لتكوين البروتينات من الناحية الكيميائية بربط حموضها الأمينية بترتيب نوعي.
    2ـ تمثل النتروجين النشادري وتحوله إلى نتروجين عضوي: يجري تمثل النتروجين النشادري وتحوله إلى نتروجين عضوي بوساطة الخلايا النباتية القادرة علىتحويل النشادر غير العضوي إلى جذور أمينية عضوية تستقبلها مركبات كربونية ممثلة بالحموض غير المشبعة كالحمض الفوماري وحمض الحماض الخلّي الذي يعطي، بتثبيت الجذر الأميني، حمض الأسبارتي وحمض السيتوغلوتري الذي يعطي بتثبيت الجذر الأميني حمض الغلوتامي. وتشتق من هذين الحمضين الأخيرين بطريقة نقل الأمين transamination بقية الحموض الأمينية. وتقدر كميات النتروجين غير العضوي التي تتحول سنوياً إلى نتروجين عضوي بملياري طن.
    طرائق تمثل النتروجين العضوي وتحويله إلى نتروجين عضوي ملائم
    يتعرض النتروجين العضوي الغريب إلى تبدلات تحول متواليات حموضه الأمينية إلى متواليات حموض أمينية مكونة البروتينات اللازمة لمتطلبات بناء العضويات الجديدة.
    تدل التفاعلات المتعددة المرتبطة بالتمثل الكربوني والتمثل النتروجيني، واستخدام الطاقة الناتجة عن تفكك السكريات والشحوم، على تشابك التفاعلات التمثلية.
    الحتمية النوعية للتركيب العضوي: إن تجدد المركبات العضوية وغير العضوية باستمرار بالعمليات الاستقلابية المختلفة من هدم وبناء، واستمرار تدفق وتبادل الهدروجين والأكسجين والكربون والنتروجين بسرعات مختلفة بين المحيط الحيوي والمركبات العضوية الخلوية المختلفة، يدعوان إلى التساؤل عن الآلية التي تحافظ فيها المادة الحية على تركيبها النوعي؟
    تفسر آلية المحافظة على التركيب النوعي للمادة الحية بآلية اصطناع البروتينات ودور الحموض الريبية النووية في ضبط التفاعلات وفق المتوالية الآتية:
    دنا ــ رنا ــ بروتين نوعي
    كما تفسر آلية استخدام السكاكر والشحوم في عمليات التمثل بالوساطة الأنزيمية ذات الطبيعة البروتينية النوعية الموجهة من قبل الحموض النووية وفق المخطط رقم 1.

    عبد الجبار الضحاك

  9. #209
    التمساحيات

    التمساحيات Crocodiliens رتبة زواحف ذوات تنفسين، مفترسات ذات نظام غذائي انتقائي دقيق قوامه التغذي بالأسماك[ر] والبرمائيات[ر] والطيور[ر] والزواحف المائية والثدييات[ر]، تعيش في المستنقعات والأنهار، تسبح بسهولة باهتزاز جسمها جانبياً، والذيل هو عضو الدفع في الماء.
    أما على اليابسة فتكون تحركاتها ضعيفة، معتمدة في ذلك على جر البطن والذيل على الأرض، ومع ذلك فهي قادرة على الجري السريع إذا ما رفعت جسمها على أطرافها. تمسك فرائسها بسرعة ثم تسحبها إلى الماء لإغراقها ثم تقطيعها. وقد تتركها بعض الوقت كي تتحلل ثم تبدأ بتقطيعها فيما بعد.
    تعيش التمساحيات جماعاتٍ يصل عددها إلى بضع عشرات من الأفراد. وتخضع هذه الجماعات لنظام قيادي دقيق يسيطر فيه ذكر ضخم يفوز بعد معارك ضارية، نادراً ما تكون مميتة، تدور بين الذكور البالغة.
    صفاتها الرئيسية
    مظهرها العام يشبه كثيراً الزواحف الأخرى، ولاسيما الوَرَل Uaran والعظايا، إلا أن حجمها يجعلها أكبر المفترسات المعاصرة التي تعيش في الماء العذب وعلى اليابسة.
    في جمجمتها شفعان من الحفر الصدغية، والمنخران الخارجيان وحجاجا العينين ظهريان، مما يسمح لها بالتنفس وتفحص السطح عندما تكون تحت الماء.
    التمساحيات ثلاثة أشكال: أشكال ذات خرطوم طويل ضيق، وأخرى ذات خرطوم قصير عريض، مستطيلة الرأس، وثالثة متوسطة الخرطوم مثلثية الرأس.
    ولجمجمة التماسيح صفات لا يوجد ما يماثلها لدى الزواحف الأخرى. فأسنانها مخروطية مدببة تنغرس في الأسناخ ولاتلتحم في عظم الفك كما هي الحال لدى الزواحف الحالية الأخرى، فهي لذا تتجدد دورياً. ولا تدوم السن أكثر من ثلاث سنوات. ويؤلف الحنك الثانوي سقف التجويف الفموي. ويوجد المنخران الداخليان في النهاية الخلفية للتجويف الفموي وينفتحان مباشرة فوق القصبة، وهذا التكيف للحياة البرمائية، يسمح للحيوان بالتغذي تحت الماء دون أن يمر السائل في المجاري التنفسية. ويكتمل هذا الجهاز بصمامات قَلُوْص تغلق المنخرين الخارجيين عند الغوص. وتزين سطح العظام الأدمية للجمجمة والفك السفلي كؤيسات دائرية وحزوز تفصلها عن بعضها شبكة من الأعراف. علماً أن مثل هذه الكؤيسات والتزينيات لا توجد بوضوح في بقية الزواحف.
    كما تتصف التمساحيات بدرع من الصفائح العظمية المزينة، تغطي الظهر، وأحياناً البطن، وببنية متطورة للجهاز القلبي الوعائي.
    تصنيفها وتوزعها
    تنتسب رتبة التمساحيات إلى فوق رتبة العظايا الأساسية Archosauriens، التي تضم، إضافة إلى رتبة التمساحيات الحية الحالية، أربع رتب مستحاثة. وهي مجموعة شديدة التشابه ظهرت في الكريتاسي وحافظت على أشكالها حتى عصرنا الحالي، ويعد هذا الثبات شاهداً على تكيف التمساحيات مع البيئة التي ألفتها منذ نشأتها.
    تضم التمساحيات الحالية 21 نوعاً موزعة في ثمانية أجناس وثلاث فصائل، تتوزع في جميع أنحاء العالم على جانبي خط الاستواء:
    1ـ فصيلة الغافياليدات Gavialidae: تشتمل اليوم على نوع واحد هو تمساح الغانج (غافيال الغانج) Gavialis Gangeticus(الهند). وهو أكبر التماسيح (7 أمتار). خرطومه طويل أسطواني دقيق، وأسنانه إبرية، ونادراً ما يرتاد اليابسة على نقيض التمساحيات الأخرى.
    2ـ فصيلة التماسيح الحقيقية (الكركديلات) Crocodylidae: وهي تمتاز عن تماسيح العالم الحديث (الألغاتوريدات)Alligatoridae بأن أكبر سن في فكها العلوي هي السن الخامسة، وأكبر سن في الفك العلوي في تماسيح العالم الحديث هي السن الرابعة.
    تضم هذه الفصيلة 13 نوعاً تتوزع في 3 أجناس، تسكن المناطق الاستوائية في كل أنحاء العالم.
    يضم الجنس الكركديل 11نوعاً Crocodylus، يعيش أربعة منها في أمريكة الوسطى والجنوبية هي:
    التمساح الأمريكي (الكركديل مدبب الخرطوم) C.acutus متوسط طول الخرطوم، طول الذكر الكهل 6 أمتار، ويعيش في سواحل كولومبية والإكوادور والبيرو، وفي خليج المكسيك. وهو مفترس قوي ونشيط، وتستطيع أفراده المسنة مهاجمة فرائس ضخمة.
    وتمساح أورينوك Orenoque (الكركديل المتوسط) C.intermedius، وتمساح موريليه Morelet (كركديل موريليه) C.moreletus، وتمساح كوبة (الكركديل المعيني) C.rhonbifer.
    أما في إفريقية فتعيش ثلاثة أنواع من التماسيح: تمساح النيل (كركديل النيل) C.niloticus الذي يراوح طوله بين 3.5-4م، ويمكن أن يصل إلى 6 أمتار. ويوجد جنوب خط العرض 20 شمالاً وقد اجتاز قناة موزنبيق ليستعمر جزر القمر ومدغشقر. ويهاجم الإنسان أحياناً لافتراسه.
    والنوعان الآخران من التماسيح الإفريقية هما: التمساح السفلي الدرع (الكركديل سفلي الدرع) C.cataphractus ذو الخرطوم الطويل، والتمساح القزم (الكركديل المدرع) Osteolaemus Tetraspis القصير الخرطوم الخامل الذي لا يتجاوز طوله متراً واحداً.
    أما في الجزء الشرقي من العالم القديم فتعيش ستة أنواع، يعد التمساح البحري (الكركديل المسامي) C.porosus أكثرها انتشاراً، وثم تمساح المستنقعات C.palustris (باكستان وسيلان) والتمساح السيامي C.siamensis، وينحصر وجودهما في المياه العذبة، وتمساح غينية الجديدة C.novae-guinae وتمساح جونستون C.johnstoni (أسترالية) وتمساح غافيال الكاذب Tomistoma shlegeli (أندونيسية) الذي صار نادراً اليوم.
    3ـ فصيلة تماسيح العالم الجديد (الألغاتوريدات) Alligatoridae: وتضم أربعة أجناس وسبعة أنواع، ستةٌ منها تستوطن العالم الجديد. والنوع غير الأمريكي الوحيد هو تمساح الصين (ألغاتور الصين) Alligator sinensis القصير (1.20-1.50م) النادر الذي أخضع الآن للحماية. أما التماسيح الأمريكية فهي ألغاتور المسيسيبي A.mississipiensis (أمريكة الشمالية حصراً) وتمساح كامان Caimans crocadilus (المكسيك حتى باراغواي) وتمساح كامان العريض المنقار C.latirostris (البرازيل) والتمساح اللامسي Paleosuclus palpebrosus وتمساح كامان المثلثي C.trigonatus (الأمازون) وتمساح كامان الأسود (مالانكوس الأسود)Melanosuchus niger (الأمازون).
    تكاثر التماسيح
    التماسيح حيوانات بيوضة. تضع الأنثى بيوضاً ذات قشرة كلسية على حافة الماء، أو في أعشاش تبنيها من بقايا النباتات، والحرارة المنتشرة من تفسخ البقايا النباتية تساعد على حضن البيوض. وفي نهاية خطم التمساح الصغير سن صغيرة يكسر بوساطتها القشرة قبل خروجه. وتنمو الصغار بسرعة كبيرة، إذ يصبح طولها في نهاية سنتها الأولى ضعف طولها بعد الفقس مباشرة. وسلوك تكاثر تمساح النيل معروف جيداً، إذ يبدأ بالتكاثر من عمر يراوح بين 5 و15 سنة، حسب الجماعات والوسط. وهي وحيدة الزوجات ويتقاسم القرينان المهمات التي يفرضها التكاثر. تتكاثر في الماء بعد عرس زفافي. وتضع الأنثى15-80 بيضة زنة الواحدة 100غ، تحتاج لكي تفقس، إلى نحو 3 أشهر، تبقى الأنثى في أثنائها قريبة لحراستها والدفاع عنها. وبعد الفقس تنقل الأنثى صغارها إلى الماء بوساطة خطمها. وقد تعيش التماسيح أربعين سنة إذا كانت الشروط ملائمة.

    محمد النعمة

  10. #210
    التنشيط

    التنشيط Activation (أو التفعيل) هو سلسلة الحالات التي تمر بها الجملة إثر اكتسابها قدراً معيناً من الطاقة. تنتقل الجملة إثر ذلك من الحالة الأولية initial state إلى حالة الاستثارة exitation، وذلك نتيجة تركز الطاقة المكتسَبَة في نقطة الصدمimpact، يتم بعدها انتشار هذه الطاقة في الجملة بكاملها، فترفعها إلى مستوٍ طاقيٍّ أعلى. وهذه هي الحالة الانتقالية transitional state التي تعاني فيها الجملة تغيرات محدودة موروثة في الخصائص الفيزيائية للجسيمات وفي الخصائص الفيزيائية والكيميائية للجزيئات وفي الخصائص الفيزيائية والكيميائية والحيوية للخلية والنسيج والكائن الحي. وما إن تنتهي الحالة الانتقالية حتى تصير الجملة ذات بنية فيزيائية وكيميائية جديدة. وهذه هي الحالة النهائية final state التي تتمثل بانتهاء تفكُّك أو اضمحلال decay النظير المشع مثلاً، أو بنشوء نوع جديد من الجزيئات، أو بموت الكائن الحي.
    ولأن مفهوم التنشيط قد ارتبط تقليدياً بتشكل جزيئات كيميائية جديدة نتيجة فعل الوساطة catalysis من جهة، وببدء حادثات تنامي development الجنين نتيجة إلقاح البيضة بالنطفة من جهة أخرى، فإن البحث سيقتصر على التنشيط الوسيطي وتنشيط العروسين الذكري والأنثوي دون التعرض لتنشيط الجمل الخلوية الأخرى كخلايا الجهاز المناعي مثلاً.
    1ـ التنشيط الوظيفي:
    تصنف التفاعلات الكيميائية في صنفين اثنين وفقاً لتغير الطاقة الحرة Free energy فيهما والتي تُعَرَّف بأنها الكمية القصوى للعمل الذي يمكن الحصول عليه من تفاعل يتم في درجة حرارة واحدة (متدرج). ويشمل الصنف الأول التفاعلات التي تمتص الحرارة endergonic(حيث يكون التغير في الطاقة الحرة ΔG موجباً)، أي إنّ التفاعل يؤدي إلى ازدياد في الطاقة الحرة للجملة، وهذه هي حالة التركيب الضوئي مثلاً، وكذلك كل تفاعلات الاصطناع الحيوي التي تحدث في الجملة الحية. ويشمل الصنف الثاني التفاعلات التي تطلق الحرارة exorgonic(حيث يكون التغير في الطاقة الحرة ΔG سالباً) أي إنّ التفاعل يؤدي إلى نقصان في الطاقة الحرة للجملة، وهذه هي حالة أكسدة الغليكوز مثلاً. وفي كلا الصنفين يحتاج التفاعل إلى حدٍ أدنى من الطاقة حتى يتسنى للجزيئات المتفاعِلة اجتياز ما يعرف بالحاجز الطاقي energy barrier، وتعرف هذه الطاقة بطاقة التنشيط، وهي الطاقة اللازمة لانتقال الجزيئات من مستو طاقي أدنى إلى مستوٍ طاقي أعلى لتمر ذرات الجزيئات بحالة الاستثارة.
    وتزوّد الطاقة الحرة في التفاعلات اللاوسيطية من مصدر خارجي، وتحدث في درجة حرارة مرتفعة نسبياً. أما في التفاعلات الوسيطية فإن الوسيط اللاحيوي، كإسفنج البلاتين مثلاً، يُنقص طاقة التنشيط بآلية معقدة يمكن تبسيطها بالقول إن الوسيط يمتز إلى سطحه الجزيئات المتفاعلة منقصاً بذلك طاقة التنشيط. وتقوم في التفاعلات الحيوية بفعل الوساطة جزيئات ضخمة ذات بنية ثالثية محددة، يحوي الجزيء منها تشكيلاً configuration يعرف بالمقر الفعال active site، وتكون هذه الجزيئات الوسيطة إما من طبيعة بروتينية، وهذه هي الأنزيمات، وإمّا من طبيعة ريبية نووية (تتألف من الحمض النووي الريبي الـ رنا R.N.A)، وهذه هي الريبوظيمات Rhibozymes، ومن المعلوم أن هذه الجزيئات الضخمة تُنجز في الحي in vivo وفي الزجاجin vitro في الدرجة 36 سلزيوس مثلاً، تفاعلات لو رُغِبَ في إجرائها بمنأى عن هذه الجزيئات الحيوية لاحتاجت إلى كمية كبيرة من الحرارة وإلى ضغط مرتفع جداً. والمثال على الوسطاء الحيوية أحد أنظيمات الحلمهة (التي تحل في الماء) Hydrolysis،أو ما يعرف بأنظيمات السيرين serine لاحتواء المقر الفعال لهذه الأنظيمات كلّها على زمرة الهدروكسيل للحمض الأميني السيرين، كالأسيتيل كولين إستراز مثلاً acetylcholine esterase الذي يحلمه الأستيل كولين إلى حمض الخل والكولين


    إذا أخذنا هذا الأنزيم كمثال فإن تنشيط الأسيتيل كولين يتم بارتباط هذا الجزيء مع المقر الفعال للأنزيم بتشكل روابط لاتكافؤية (كالرابطة الهدروجينية والرابطة الكهربائية الساكنة والرابطة الكارهة للماء ورابطة فان درفالس). ويسبب هذا الارتباط، بخصائصه الفيزيائية انثناء الرابطة بين جذر الأسيتيل والأكسجين (-CONO-)، مما يجعل الجزيء يجتاز الحاجز الطاقي ويصبح، بعد حالة الاستثارة هذه، في الحالة الانتقالية. وتنخفض بذلك طاقة التنشيط إلى أدنى حد ممكن، مما يؤدي إلى انفصام الرابطة، فينفصل عندئذٍ حمض الخل بعد أن يأخذ جذر الهدروكسيل من السيرين، كما ينفصل الكولين الذي يأخذ الهدروجين من الماء، في حين أن جذر هدروكسيل الماء يحل محل هدروكسيل السيرين، الذي كان مُنح لجذر الأسيتيل. وتعود على هذا النحو الجملة إلى حالة الاستقرار من جديد أو إلى الحالة النهائية.


    أمّا في تفاعلات الاصطناع الحيوي فإن مصدر الطاقة تفاعل يطلق الحرارة، كحلمهة الأدينوزين ثلاثي الفسفات (أتبA.T.P)، ويتم عادة قرن هذا التفاعل الذي يطلق الحرارة إلى تفاعل يمتص الحرارة، كتركيب الغوانوزين ثلاثي الفسفات (P.T.G) بدءاً من الغوانوزين أحادي الفسفات (G.M.P) والفسفات النارية الغنية بالطاقة، وذلك وفقاً للتفاعلين الآتيين:


    وتجدر الإشارة هنا إلى أن مردود هذا التفاعل يزيد على 50%، وهو أعلى من مردود أيّة آلة استطاع الإنسان أن يصممها حتى الآن.
    2ـ تنشيط العروسين الذكري والأنثوي:
    استطاعت المعطيات الحديثة في بيولوجية التنامي developmental biology أن تقدم صورة واضحة لما يحدث أثناء الإلقاحمن تبدلات، اتضح أنها تعكس تطابقاً واسعاً بين تنشيط النطفة وتنشيط البييضة، مزيلة بذلك الغموض الذي كان يكتنف بعض الجوانب الأساسية لظاهرة التنشيط تلك.
    ففي حالة الإلقاح في الفأر مثلاً، يصطدم رأس النطفة بالباحة الشفيفة Zana pellucida المحيطة بالبييضة، وتتنشط بتأثير أحد السكاكر البروتينية التي تُكَوِّن هلام هذه الباحة. وتعرف هذه المادة بالبروتين P.Z-3. وينجم عن هذا التنشيط تمزق الغشاء البلازمي لرأس النطفة، وكذلك تمزق ما يقع تحته، وهو الغشاء الخارجي للجسيم الطرفي Acrosome. وتتحد قطع الغشاءين المتمزقين لتكوّن حويصلات هجينية المنشأ وغنية بالأنزيمات الحالّة للبروتينات التي أتت من حويصل الجسيم الطرفي. كما تتحرر نتيجة هذا التمزق بقية أنظيمات الجسيم الطرفي، التي تحلمه الطبقات العميقة من الباحة الشفيفة، وتسمح بذلك لنُبَيْب الجسيم الطرفي (الآخذ بالتشكل بدءاً من الغشاء الداخلي لهذا الجسيم) بملامسة الغشاء البلازمي للبييضة. ويحمل سطح هذا النبيب مستقبلات نوعية، تسمح (في حالة النوع الواحد) بالتصاق النبيب بالغشاء البلازمي للبييضة والاتحاد به، ومن ثم يتمزق الغشاء الهجين المزدوج المنشأ، ومن هنا تأتي نوعية الإلقاح التي تضمن بقاء النوع.
    أما فيما يتعلق بالبييضة، فما إن تصل أنزيمات الجسيم الطرفي سطح البييضة، حتى تستثار، فيشكل غشاؤها البلازمي استطالات (أرجلاً كاذبة) يطلق على أضخمها اسم مخروط الإلقاح الذي يتحد بمقدمة نبيب الجسيم الطرفي، ويتم في اللحظة نفسها تمزق الحبيبات القشرية cortical granules التي تقع تحت الغشاء البلازمي للبييضة، والغنية بالأنزيمات الحالة للبروتينات. وتتحد أغشية هذه الحبيبات بالغشاء البلازمي للبييضة مشكلة، هي الأخرى، حويصلات هجينة تذكر كثيراً بالحويصلات الهجينة التي تتشكل عند تنشيط النطفة. وتنفتح هذه الحويصلات على سطح البيضة بما يسمح لأنزيماتها بالتوضع في الغشاء البلازمي للبييضة، أو ما يعرف بالفضوة حول المح perivitelline space.
    إن الانتشار السريع لهذه الأنزيمات بين الغشاءين (البلازمي والمحي) هو المسؤول عن الإنطاف الأحادي monospermyفي الزمر الحيوانية كلّها، ما عدا زمراً قليلة تأتي الزواحف والطيور في مقدمتها بسبب ضخامة بيوضها. ويسبب وجود هذه الأنزيمات في الفضوة حول المح ارتفاع الضغط الحلولي osmotic pressure، مما يستدعي نفوذ قسم من ماء البييضة إلى هذه الفضوة، مؤدّياً إلى ازدياد سعتها وإلى ارتفاع غشاء ثخين نسبياً يتألف أساساً من الغشاء المحي الذي تبلمرت polymeriesمكوناته مسببة قساوة هذا الغشاء، وهذا هو غشاء الإلقاح fertilization membrane المنيع تجاه فعل النطاف، وتعد البييضة التي عانت كل هذه التبدلات، وطرحت الكرية القطبية الثانية، بييضةً مُنَشَّطة، فتبدأ عندئذٍ في هذه البييضة مضخة الهدروجين بالعمل، مفرغةً بذلك إيونات الهدروجين خارج البييضة، كما يتم في الوقت نفسه دخول كمية كبيرة نسبياً من إيونات الكالسيوم إلى البييضة المنشطة، ويعقب هذا التنشيط استئناف عمليات استنساخ replication أنواع الـ (رنا R.N.A) الثلاثة واستئناف عمل آلة اصطناع البروتين، وبطبيعة الحال تنسخ المادة الوراثية، أو الـ (رنا R.N.A) والتَقَسُّم cleavage. وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما يحدث أثناء الإلقاح في الفأر يماثل، بصورة عامة، ما يحدث في الزمر الحيوانية كلّها.
    وإذا ما أثَّرنا في قشرة البييضة بعوامل فيزيائية (الضغط، الحرارة، الوخز...)، أو بعوامل كيميائية (حموض، أسس، أملاح، أو سوائل غير مستقطبة....) فإن رد فعل البييضة يكون دائماً هو نفسه، أي التنشيط. فالمؤثر هو غير نوعي على الإطلاق، في حين أن استجابة البييضة هو الفعل النوعي الثابت الموروث في خصائصها الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية. إن البييضة المنشطة صنعياً تتنامى إلى جنين ضعفاني (أي إن خلايا الجنين تحوي عدداً مضاعفاً من الصبغيات، أتت كلها من الأم، ويعد هذا تكاثراً لا جنسياً غير عادي)، وهذا هو التكون البكري[ر] الصنعي artificial parthenogenesis، الذي يماثل التكون البكري الطبيعيnatural parthenogenesis الواسع الانتشار في اللافقاريات ولاسيما الحشرات كما في النحل مثلاً، الذي يصادف في بعض الفقارياتولاسيما في الزواحف. وبطبيعة الحال فإن العامل المسبب للتكون البكري الطبيعي هو نتاج البيئة التي توجد فيها هذه البيوض التي وَرِثت، عبر التطور، إمكان التكاثر بهذه الطريقة المحافظة.

    هاني رزق

صفحة 21 من 146 الأولىالأولى ... 111920 2122233171121 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال