صفحة 19 من 146 الأولىالأولى ... 91718 1920212969119 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 181 إلى 190 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 19

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322135 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #181
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    البيض (وضع ـ)

    تتضمن كلمة البيض معنيين اثنين: الأول هو إلقاء الأنثى بيوضها Oviposition، والثاني هو مجموع البيوض التي تضعهاالأنثى. ويختلف البيض، بهذين المعنيين، عن البيض المبيضي (الإباضة) ovulation الذي يعني انطلاق البيضة Ovule من المبيض إثر تمزق الجُرَيْب الناضج.
    وتبدي الحيوانات المختلفة ثلاثة مظاهر من البيض (وضع البيض) تتباين بحسب نمط تطورها. فهناك حيوانات تبدأ مراحل التشكل الجنيني لديها، كلها أو معظمها، في البييضة بعد أن تضعها الأنثى، ويدعى هذا التكاثر بالبَيُوضِيّة oviparity، كما في معظم الأسماك[ر] والبرمائيات[ر] وبعض الزواحف[ر] والطيور[ر] وبعض الثدييات الأوالي prototheria. وتسمى هذه بالحيوانات البَيُوضة.
    وهناك حيوانات تحتفظ إناثها بالبيض، في المجاري التناسلية بعد تحرره من المبيض، مما يسمح بإنجاز المراحل العظمى من التشكل الجنيني داخل جسم الأم؛ ويتحقق ذلك من دون أن تتكوَّن علاقات نسيجية بين الجنين وأمه، ومن دون أن تقدِّم الأم لجنينها أي مواد غذائية سوى السائل الرحمي؛ وتنقف الصغار من البيوض بعد البيض مباشرة. ويسمى نمط التكاثر هذا بالبَيُوضية الوَلودية ovoiviparity. مثال ذلك الزواحف وقنفذ النمل (من الثدييات الأوالي) والأسماك الكهربائية، وتسمى هذه بالحيوانات البيوضة الولود.
    وهنالك حيوانات يتم التشكل الجنيني لديها بكامله داخل الأم، ويرافق ذلك تكوّن علاقة نسيجية بين الجنين وأمه، عبر عضو خاص يسمى المشيمة، يوفر للجنين كل المواد الغذائية التي يحتاج إليها، ويخلصه من فضلاته المختلفة؛ ويسمى نمطالتكاثر هذا بالوَلودية viviparity، وتدعى هذه المجموعة بالحيوانات الوَلود.
    تحاط البييْضات غير الملقحة عادة بغشاء بلازمي فقط، كما في الإسفنجيات وبعض معائيات الجوف Coelenterata، في حين يضاف إلى البييضات في بعض الزمر الحيوانية، أغشية أخرى مختلفة المنشأ، تصنف في مجموعتين هما: الأغشية الأولية والأغشية الثانوية. تتشكل الأغشية الأولية حول البييضات في أثناء وجودها في المبيض، في الفراغ الذي تشغله الزغيبات الصادرة عن الغشاء البلازمي للبييضة. ويطلق على الأغشية الأولية أسماء تختلف باختلاف الزمر الحيوانية. ففي الرخوياتوالضفادع والطيور يطلق عليها اسم الغشاء المحي؛ وفي القِرْبِيات Ascidiacea والأسماك والحشرات تسمى الكورْيون chorion؛ ويعد الغشاء الشفيف في بييضات الثدييات، والطبقة الهلامية في بييضات قنفذ البحر، في هذه المجموعة.
    أما الأغشية الثانوية فتفرزها القناة الناقلة للبيوض وملحقات الأعضاء التناسلية الأخرى، لدى مرور البييضة غير الملقحة فيها في أثناء عملية البيض. وهي تأخذ إما شكل غلاف متخثر، كما في بييضات البرمائيات والرخويات رأسيات الأرجل، وإما شكل محفظة متصلبة مغلفة لبيوض الرخويات بطنيات الأرجل، أو شكل محفظة متكلسة كما في بيوض الرخويات الأكاتينيةAchatinidae، أو شكل حبل أو شريط متخثر كما في الرخويات العاريات الغلاصم Nudibranchiata، أو شكل شرنقة كما في المهتزاتTurbellaria وقليلات الأشعار، أو شكل محفظة كما في الشفنين ray وكلب البحر dog fishes، أو هيئة تشكلات مركبة من بياض بيضة وغشاءين قشريين وقشرة كلسية، كما في بيوض الزواحف والطيور. وتحاط بييضات الديدان المنبسطة في أثناء مرورها في القالب البيضي ootype بكتلة من الخلايا المحيّة تأتي من الغدة المحية (أو الغدتين المحيتين) التي تحرر جسيمات قشرية يندمج بعضها ببعض فتشكل قشرة البيضة. وتتراكم المفرزات حول البييضات في حالات أخرى على شكل كتلة رغوية غزيرة تكتسب فيما بعد قواماً صلباً مُكَوِّنة بذلك كيس البيوض ootheca، كما في الحشرات المستقيمات الأجنحة. وعند دودة الأرض يُجمع البيض في حلقة مخاطية، تنتجها منطقة من جدار جسم الدودة تسمى السرج clitellum، تشكل شرنقة لدى انغلاق حواف تلك الحلقة. وتُنْسَج حول البيوض نماذج مختلفة من الأكياس الكروية أو القرصية، كما في العناكب.

    محمد عثمان

  2. #182
    الوَلودِية

    الوَلودِية viviparité هي الطريقة التي تتوالد بها الأنواع التي تتنامى (تتطور جنينياً) développe فيها الأجنة داخل رحم الأم، وتستمد غذاءها من الأم عن طريق الحبل السري، وتلد الأم صغاراً أو يرقاتٍ بالغة تستطيع العيش مستقلة، ومن ثم لا تظهر للعين مرحلة البيض، وإنما يبقى البيض داخلَ المجاري التناسلية حيث يُخْصَب، ثم يتنامى (يتطور جنينياً) بشكل كامل داخل الرحم. ويلاحظ هذا النمط من التوالد عند الثدييات[ر] مثل الإنسان، وعند بعض الزواحف[ر] reptiles وبعض البرمائيات[ر] batraciens وبعض الأسماك[ر] poissons والعقارب scorpions.
    أنماط الوَلودِية
    الشكل (1) تغذي جنين بعض الحيتان من الكيس المحي
    الشكل (2) أنثى برغوث الماء تحضن بيوضها في جيبها الظهري
    الشكل (3) حصان البحر
    الشكل (4) القنغر
    الشكل (5) فقس بيضة الزواحف وخروج الصغير من البيضة
    الشكل (6)
    الشكل (7) السمندل الأسود S. atra
    الشكل (8) حامل الجذور الأسلي
    يحتاج تطور الجنين إلى إمدادات دائمة من الغذاء والأكسجين، وإلى وسيلة للتخلص من الفضلات. وتُلَبى هذه الاحتياجات بطرائق مختلفة: فقد يبقى البيض المُخْصَب داخل جسم الأم، وتستمد الأجنة غذاءها عن طريق المشيمةplacenta لتعطي صغاراً قادرة على الحياة على نحو مستقل، وهذا ما يسمى بالوَلُودِية الحقيقية viviparité proprement dite، أو يبقى البيض داخل جسم الأم حيث يتطور الجنين الذي لا يكون له أيّ اتصال مع الأم. تسمى هذه الطريقة من التوالد البَيُوضِِية الوُلودِِية ovoviviparité، أو تتطور الأجنة داخل رحم الأم، ثم تتابع تناميها (تطورها الجنيني) خارج جسم الأم، ولكن داخل جراب أو كيس عند الذكر أو الأنثى، وهذا ما يسمى الولودية الكاذبة paraviviparité، أو يُطْرَح البيض خارج جسم الأم ويجري التنامي الجنيني هناك، وتسمى هذه الطريقة بالبيوضية oviparité أو وضع البيض. يضاف إلى ذلك نمط آخر غريب يسمى الولودية المبيدة للأخوة viviparité fratricide.
    1ـ الوَلودِية الحقيقية: تكون الوَلودِية حقيقية عندما يُحفَظ البيض أو الأجنة داخل المجاري التناسلية للأنثى مع وجود علاقات تبادل مع الأم؛ أي الحالة التي تتشكل فيها المشيمة التي تميز الثدييات.
    يصادف مثل هذا النوع من الولودية عند بعض أسماك القرش، إذ يطرأ على الغشاء الكوريوني chorion المحيط بالجنين تعديلات يزداد معها عدد الأوعية الصادرة عن السِّقَاء allantoïde، وتتشكل مشيمة جنينية تخترق ظِهارة الرحم التي لا تستجيب دائماً على نحو واضح، وعلى الرغم من ذلك غالباً ما تتضخم وتتوسع، ويزداد عدد الأوعية الدموية فيها، فتتشكل مشـيمة «أمومية» maternel قبالة المشيمة الجنينية. وغالباً ما يطرأ على كلتيهما تعديلات تميز الأنواع. فقد تكون المشيمة منتشرة diffusé أو قرنية cornoidأو قرصية discoid. فالولودية الحقيقية تتطلب وجود مجموعة من الأعضاء تسمح بتطور الجنين داخل جسم الأم. وتتكون هذه المجموعة من الأعضاء عند الثدييات (باستثناء وحيدات الثقب[ر] ذات التوالد البَيْوضي ovipares) من الرحم والملحقات الجنينية (السلى amnios والسِّقاء allantoïde).
    2ـ البَيُوضية الولودية: يسمى النوع بَيوضاً وَلوداًovovivipare عندما تَحْضُن الأمُّ بيضَها داخل جسمها، ولا تطرحه إلى الخارج، فيبقى داخل قناة المبيض أو في الرحم أو حتى في المقذرة cloaque، حيث تستقر البيوض، وتتطور الأجنة من دون وجود أيّ علاقة تغذية مع الأم حتى مراحل متقدمة، فتضمن بذلك حمايةً أفضل، كما في بعض الأسماك(السمك الرعاد torpédo وسمك القرش) والبرمائيات والزواحفوالحيتان وبعض اللافقاريات. فعلى سبيل المثال يحتوي بيضالعظايا lézards والثعابين serpents كمية كبيرة من المح تفوق ما يحتويه بيض الزواحف الأخرى البَيوضة، تحيط بها قشرة رقيقة مقاومة للوسط المحيط، فتستفيد البيضة التي تبقى داخل جسم الأم من درجة حرارته التي تختلف قليلاً عن درجة الحرارة الخارجية. يستقر البيض في قناة المبيض فترة التنامي بكاملها، وتنقف هناك، وتخرج الصغار مترافقة مع بقايا قشرة البيضة كما في الأفعى vipère، أو تتخلص الصغار من بقايا القشرة قبل خروجها إلى خارج جسم الأم.
    وتتوالد بعض الحيتان بهذه الطريقة أيضاً، إذ يتنامى البيض المُخْصَب داخل الرحم ويستمد كل جنين غذاءه من الكيس المحي المرتبط به (الشكل 1). وبعد أن يستهلك كامل المدخرات الغذائية يصبح الجنين قادراً على التحرر من الأم.
    3ـ الولودية الكاذبة: وتتعلق بحالات متباينة إلى حد كبير، حيث تدخل البيضة في هذا النمط من التوالد مباشرة داخل تجويف للأنثى أو الذكر لتتابع تطورها فيه. ويمكن أن يكون هذا التجويف التجويف الغلصومي عند الأسماك من شائكات الزعانف Cichlidés، أو الكيس الصوتي عند ذكرالضفدع Rhinoderma، أو داخل تجويف تطور للقيام بهذه الوظيفة خصوصاً مثل الكيس الحامل للبيض الظهري عند إناث بعض القشريات (الشكل 2)، أو جيب الحَضْن البطني عند ذكور بعض الأسماك التي يمكن أن تكون دائمة كما هي الحال عند حصان البحر hippocampe (الشكل 3) أو مؤقتة عند زمارة البحر syngnathe. وعند الثدييات ذات الجراب (الجرابيات) (الشكل 4) يتم التنامي داخل الرحم في مدة قصيرة. فالتنامي الجنيني في هذه الحالات يتم في مرحلتين متتاليتين، الأولى حالة بيوضية والثانية ولودية غير حقيقية.
    4ـ البيوضية: وفيها تطرح الإناث بيضها مُخْصَباً خارج جسمها ليُتِم التنامي الجنيني خارج جسم الأم كما في معظم البرمائيات والأسماك والزواحف (الشكل 5) والطيور.
    وتختلف آلية وضع البيض في هذا النمط من التوالد حسب النوع. فقد تضع الإناث بيضها على التربة أو على الأشجار أو في الماء. وغالباً ما تهجر الأنثى البيض بعد وضعها إيّاه، كما في الحيوانات متبدلة الحرارةpoikilothermes كالأسماك والبرمائيات والزواحف وفي غالبية اللافقاريات، وتترك الحضن لتتولاه عناية الطبيعة. وفي حالات أخرى يسهم الأبوان في حضن البيض لتوفير الحرارة المناسبة لنقفه، كما هي الحال في الحيوانات ثابتة درجة الحرارة homéotherme مثل الطيور وبعض الزواحف كالتمساحياتcrocodiliens وبعض البرمائيات وبعض اللافقاريات مثل «أبو مقص» forficules (حشرة من مستقيمات الأجنحة) والعناكبالذئبية lycoses. علماً أن إناث بعض الحيتان تطرح بيضها خارج الجسم داخل محفظة، وتتطور الأجنة داخلها، وتستهلك جميع المدخرات المحية فيها لتعطي في النهاية صغاراً وسائلها الدفاعية ضعيفة في الوسط الذي تعيش فيه (الشكل 6).
    5ـ الولودية المبيدة للإخوة: يمتاز بيض بعضالبرمائيات التي لا تحاط مطلقاً بقشرةٍ قاسية مقاومة بطريقة توالد خاصة تسمى بالولودية المبيدة للإخوة. ففي هذا النوع من التوالد يبقى البيض على اتصال مع محتويات قناة المبيض التي تسهم في تغذية الجنين، وتتطور في النهاية بيضة واحدة فقط، ويشكل البيض الذي يتراجع تطوره لِيُفيد الجنين الذي تطور في البداية غذاءً ليتابع تناميه، فيبدو وكأن هذا الجنين يفترس الأجنة الأخرى (إخوته وأخواته) الأقل تطوراً. وهذا ما يسمى الولودية المبيدة للإخوة. ويعزى هذا السلوك إلى عملية اصطفاء طبيعي يتم في المراحل الأولى من الحياة، فتبقى فقط الأفراد القادرة على التكيف على نحو أفضل. فعلى سبيل المثال يحتفظ السَمَنْدَل المبقع Salamandra maculosa والسَمَنْدَل الأسود S. atra (الشكل 7) ببيضه داخل قناة المبيض، وتولد صغار السمندل المبقع مشابهة تماماً لأبويها، في حين تولد صغار السمندل الأسود على شكل يرقات يتوجب على الأم نقلها إلى الماء.
    كذلك تُلاحَظ ـ عند الأجناس البرية من الرخويات بطنيات الأرجل[ر] - حالات ولودية متكيفة تترافق بتناقص مهم في عدد الصغار.
    وتستطيع البرمائيات والرخويات بطنيات الأرجل ـ بفضل حياتها الولودية ـ أن تغير مكان حياتها. فالصغار التي تترك جسم الأم تستطيع العيش مباشرة على اليابسة متجاوزة الطور اليرقاني المائي، كما يمكنها العيش على المرتفعات.
    الولودية عند النبات
    الولودية عند النبات ـ كما في الحيوان ـ هي تَكَوُّن الجنين داخل عضو خاص يعرف باسم البذرة المزودة بالأغذية الضرورية لنمو الجنين مستقلاً عن النبات الذي وَلَّده. وتعدّ جميع النباتات مغلفات البذور ولودية.
    من الأشجار ما تُمَكِّن بذورها من الإنتاش وهي محمولة على أمها، مثل أشجار المنغروف mangrove. وتظهر الولودية واضحة في أشجار الفصيلة حاملة الجذور Rhizophoraceae وفي نوع حامل الجذور الأسَلي Rhizophora mucronata (الشكل 8) وفي فصيلة نبات الشَّوْرى Avicenna maritima الذي تنمو بذوره وهي محمولة على أشجارها متحولةً إلى شتلة قوية قادرة على الانفصال عن النبتة الأم، ثم تسقط في وحل المنغروف لتشكل شجيرة جديدة.
    أهمية الحضن في الولودية
    يمثل الحضن أفضل أشكال الرعاية في العالم الحيواني، إذ إنه يوفر درجة حرارة منتظمة للتنامي الجنيني، وهذه هي حال الحضن في الطيور والحمل عند الثدييات. ويبدو أن لهذه الرعاية الوالدية أهمية بيولوجية. فالحضن عند الطيور والحمل عند الثديياتيُنْتِجُ صغاراً ذات تطور سوي. ويبدو أن درجات الحرارة الثابتة والمرتفعة قليلاً تحرض التنامي الجنيني، وتكون التشوهات في الصغار الناتجة أقل كثيراً عن تلك التي تظهر في الصغار التي تولد في ظروف متغيرة. مع أن للرعاية الوالدية ـ كما يبدو ـ فوائد تعود على الصغار، فإنها ليست ضرورية في بعض المجموعات الحيوانية، وقد يعود ذلك إلى أن عملية الحضن والحمل تتطلب الوقت والطاقة وبقاء الوالدين على قيد الحياة، في حين تعطي الأنواع التي تتخلص بسرعة من بيضها عدداً أكبر من الأجيال.
    سعاد العقلة

  3. #183
    التأبير

    التأبير pollinisation هو انتقال حب الطلع pollen من السداة etamine إلى المدقة pistil أو من المآبر الذكرية antheres إلى المياسم الأنثوية igmates بطرق تختلف باختلاف الأنواع النباتية.
    يلي التأبير الإخصاب fertilisation وهما عمليتان متعاقبتان تؤديان إلى تكوين الأجنة والبذور ضمن غلف الثمار في النباتات الزهرية.
    للتأبير نموذجان هما: التأبير المباشر والتأبير غير المباشر أو التأبير المتصالب.
    التأبير المباشر:
    هو انتقال الطلع مباشرة من المئبر إلى ميسم الزهرة نفسها أو إلى ميسم زهرة أخرى ضمن النبات نفسه، ويتم ذلك بانطباق السداة المتفتحة مباشرة على الميسم أو بوساطة الريح أو الحشرات التي تساعد على انتقال الطلع. وهذا أمر نادر الحدوث إلا في الأزهار الخنثى التي لا تتفتح قبل انتهاء عملية التأبير، كما في بعض أزهار البنفسج، أو في حالة الأزهار التي ترتبط مآبرها بالمياسم، إذ يتوافق نضج الأسدية مع نضج المدقة، مما يسمح بانتقال الطلع من الأسدية إلى مياسم الزهرة نفسها.
    التأبير غير المباشر:
    هو انتقال الطلع من مئبر زهرة إلى ميسم زهرة أخرى متفتحة على فرد آخر من النوع نفسه، وهو أمر كثير الشيوع، يولّد أجنة أكثر حيوية من الأجنة الناتجة بطرق التأبير المباشر، كما يكون بذوراً قادرة على إنتاش بادرات قوية البنيان.
    الصفات المرجحة للتأبير غير المباشر
    1ـ اختلاف مدّة نضج المآبر والمياسم في حالة الأزهار الخنثى، فمن الأزهار ما تبكر مآبرها بالنضج كما هي الحال في أزهار نباتات الفصائل الوردية Rosaceae، واللاميناسية Laminaceae، والغرنوقية Geraniaceae. ومن الأزهار ما تبكر مياسمها بالنضج كما هي الحال في أزهار الفريز والتين وأزهار الفصيلة الآراسية Araceae.
    2ـ تباين طول الأسدية وأقلام المدقات، وتوضعها في مستويات مختلفة في الزهرة الواحدة مما يؤدي إلى صعوبة تأبيرالزهرة بطلع مآبرها، كما في بريمولة الحقلPrimula arvensis المزوّدة بنمطين من الأزهار:
    أزهار قصيرة الأسدية وطويلة أقلام المدقات،
    وأزهار طويلة الأسدية وقصيرة أقلام المدقات.
    3ـ وجود ظاهرة العقم الذاتي، أي عدم إنتاش الطلع على مياسم الزهرة نفسها أو على مياسم زهرة أخرى من النبات نفسه، أو عدم تمكن الأنبوب الطلعي من الدخول في قلم الزهرة نفسها لأسباب فيزيولوجية ووراثية، كما هي الحال في كثير من أزهار الخوخ والتفاح والعنب التي يُستحسن زراعة أصناف متجاورة منها لتحسين مردود المحصول.
    4ـ تحور بعض أعضاء الزهرة، وتلونها بألوان زاهية واصدارها عطوراً فوّاحة تجذب إليها أصنافاً محددة من الحشرات التي تقوم بعملية التأبير غير المباشر أو المتصالب.
    5ـ ثنائية مسكن الأزهار، كما في الحور والنخيل والسبانخ، إذ يوجد نبات مذكر وآخر مؤنث.
    6ـ أحادية مسكن الأزهار. كما في الذرة والسنديان والجوز، إذ يحمل النبات الواحد أزهاراً مذكرة وأخرى مؤنثة.
    عوامل التأبير
    توجد عدة عوامل تساعد على حدوث التأبير في النباتات، يمكن إجمالها فيما يلي:
    1ـ التأبير بوساطة عوامل داخلية: تزود بعض الأزهار في النباتات ذات التأبير المباشر بوسائط داعمة لهذا التأبير، من أبرزها:
    آ ـ انطباق الأسدية الناضجة على ميسم الزهرة نفسها، كما هي الحال في نبات البَرْبَرِيس Berberis.
    ب ـ انقباض الأسدية إلى داخل الزهرة، مكوّنة نابضاً ينبسط فجأة عن نضج المدقة، قاذفاً بطلعه فوق ميسمها النجمي، كما هي الحال في الحبارية Paritaria.
    ج ـ تسهيل نسج القلم مرور الأنبوب الطلعي الناتج عن انتاش طلع الزهرة نفسها لإدراك البيضونة الناضجة المعدة للإلقاح في المبيض.
    2ـ التأبير بوساطة عوامل خارجية: تقوم بعض العوامل الخارجية بدور كبير ليكون التأبير فعّالاً والخصوبة جيدة، ومن أكثر تلك العوامل تأثيراً: الهواء والماء والحشرات والإنسان.
    آ ـ التأبير بوساطة الرياح: يجري التأبير الهوائي، غالباً، في النباتات التي تنتج كميات كبيرة من حب الطلع الخفيف الوزن، الأملس، والمزوّد بأكياس هوائية تضمن حمله بالهواء مسافات بعيدة.
    وتتصف الأزهار الهوائية التأبير عادة بصغر حجمها وقتامة ألوانها وانعدام عطورها، وتدعى بالأزهار أليفة الهواءanemophiles كأزهار الفصيلة البواسية Poaceae التي لمآبرها خيوطٌ تتطاول كثيراً حين النضج، فتخرج من الزهرة مدلاةً تهتز مع حركة الرياح التي تحمل طلعها وتنقله إلى المياسم الريشية اللاقطة للطلع. ويغلب التأبير بوساطة الرياح في الصفصاف Salixوالحور Populus والسنديان Quercus.
    ب ـ التأبير بوساطة الحشرات: يجري التأبير الحشري، غالباً، في النباتات التي تجتذب إليها الحشرات، طلباً للرحيق أو للطلع أو لكليهما معاً. وتتصف الأزهار الحشرية التأبير، عادة، بكبر حجمها وبألوانها الزاهية وروائحها العطرة وطلعها الشائك الذي يلتصق أو يُحمل على بعض الحشرات الزائرة كالفراشات والنحل والخنافس والذباب وغيرها... وتدعى تلك الأزهار بالأزهار أليفة الحشرات entomophiles.
    وتساعد الألوان الزاهية والجذابة لبتلات الأزهار وسبلاتها على اجتذاب الحشرات التي تنتقل من زهرة إلى أخرى، حاملة الطلع على جسمها الموبر أو أجزاء فمها المتحورة لارتشاف الرحيق. وتفرز بعض الأزهار رائحة، قد تكون كريهة أحياناً، لكنها تجتذب بعض الحشرات الخاصة، كما هي الحال في بعض أفراد الفصيلة الآراسية Araceae التي تجتذب إليها بعض الحشراتالثنائية الأجنحة بفضل رائحة كرائحة اللحم الفاسد. كما يساعد على التأبير الحشري، الرحيق الذي تفرزه غدد رحيقية خاصة متوضعة على أجزاء متعددة من النبات، إذ تتغذى الحشرات ويرقاتها على هذا الرحيق، كما في جنس البراسيكة Brassica المعروف بالملفوف والذي يجتذب حشرات مختلفة مكَّنت من تكوين ضروب الملفوف المختلفة الألوان والطعوم، ومنها الكرنب والملفوف الأبيض والأصفر والأحمر والزهرة أو ما يُعرف بالقرنبيط. ويؤدي اختزان الرحيق في أماكن خاصة ضمن الزهرة إلى تباين خراطيمالحشرات الزائرة للأزهار بتباين عمق توضع الرحيق الزهري فيها.
    وغالباً ما تزور أنواع معينة من الحشرات أزهار أنواع معينة من النباتات، كما هي الحال في بعض أنواع النفل الأسترالي الذي يؤبَّر عادة بوساطة الحشرة الطنانة Bourdon وكذلك نبات الفانيليا الذي يؤبَّر طبيعياً في موطنه الأصلي (المكسيك) بوساطة نوع معين من النحل.
    ج ـ التأبير بوساطة الطيور: تساعد الطيور التي تتغذى على رحيق الأزهار في تأبير العديد من الأنواع النباتية. وهي تحصل على الرحيق بفضل مناقيرها الطويلة والدقيقة والتي تدخلها في أعماق الزهرة، وكذلك بفضل لسانها الملتف الذي يأخذ هيئة ملعقة في كثير من الأحيان.
    وتؤدي الحيوانات القانصة دوراً كبيراً في تأبير بعض النباتات أيضاً، كما يساهم البزَّاق والحلزون في ذلك حين ينتقل من زهرة إلى أخرى ناقلاً معه حب الطلع. وقد تساعد بعض الجرابيات في تأبير بعض الأنواع النباتية كالمشمش الهندي. وتبدو أزهار الأنواع التي ترتادها تلك الحيوانات متكيفة مع تلك الطريقة في التأبير.
    د ـ التأبير بوساطة الماء: يجري التأبير في الأنواع النباتية التي تعيش في الوسط المائي إما تحت سطح الماء حين تكون كثافة الطلع مساوية لكثافة الماء أو على سطح الماء حين تكون كثافة الطلع أقل من كثافة الماء.
    وتنفصل المآبر، في بعض الأنواع النباتية، عن الأزهار المذكرة المغمورة في الماء وتصعد إلى الأعلى حيث تتفتح ويخرج منها حب الطلع الذي يغطس ثانية في الماء ليستقر فوق مياسم الأزهار المؤنثة المغمورة. ويلاحظ في وشع الماء Vallisneriaالذي يعيش في الماء العذب، أن الأزهار المؤنثة الحاملة سويقات طويلة تتفتح على سطح الماء، كما تطفو الأزهار المذكرة على السطح أيضاً. وحين تصل إحداها إلى الزهرة المؤنثة، يؤبَّر بوساطة الاحتكاك، ثم تعود الأزهار المؤنثة الملقحة إلى أعماق الماء بانقباض أو التفاف سويقاتها.
    تُنتج الأزهار المائية التأبير، التي تدعى بأليفة الماء hydrophiles كميات كبيرة من حب الطلع الخفيف الوزن، المتحرك مع التيارات المائية ليصل إلى مياسم الأزهار، ولهذا الطلع القدرة على التبلل بالماء.
    هـ ـ التأبير بوساطة الإنسان: أسهم الإنسان، منذ القدم، في تأبير كثير من النباتات المزروعة، كالنخيل التمري الهوائي التأبير، ويسهم في وقتنا الحاضر، في تأبير النباتات بإجراء تجارب التهجين الكثيرة بغرض تحسين السلالات النباتية إذ يغدو التأبير الاصطناعي أمراً لابد منه لإنجاح مثل تلك التجارب.
    وتتطلب زراعة بعض النباتات الحشرية التأبير في غير مواطنها الأصلية، تدخل الإنسان في تأبيرها، كالفانيليا المزروعة خارج موطنها الأصلي (المكسيك) والتي تحتاج، من اجل إتمام تأبيرها، إلى الضغط على اللسينة التي تفصل الأسدية عن المدقة.

    شفيقة بوبس

  4. #184
    التأقلم

    التأقلم الحيوي acclimatization مجموعة التغيّرات الخاصّة بالتفاعلات الفيزيولوجية المساعدة على حياة الكائنات الحيّة خارج مهودها أو موائلها الطبيعية والممثلة بمعاودة الجفاف أو الصقيع والبرودة مثلاً. أمّا التكيّف فهو مجموعة التغيرات التطورية الشكلية المتلائمة مع العوامل البيئة الطبيعية. فالتأقلم عملية حيوية خبريّة قائمة على الممارسة العملية الممثلة في زيادة تحمّل الأنواع للتغيرات البيئية عبر عدّة سلالات.
    تاريخ التأقلم
    مارس الإنسان أقلمة الكائنات الحية منذ أقدم العصور في الحضارات الزراعية القديمة لبلاد الرافدين، ومصر القديمة، وفي القصص القرآني لسفينة نوح والطوفان، التي جمع فيها من كل فاكهة زوجين. وأقلمت اليونان الأرانب والدجاج الفرعوني المعروف بديك الحبش، وبعض حيوانات الصيد، وبعض الطيور المائية. وأدخل الرومان الإبل السمر إلى إنكلترة، ونقلت سلالات من هذه الإبل إلى فرنسة في القرن الثالث عشر. كما أقلم العرب المسلمون إبان الفتوحات الأموية الجمال وحيدة السنام والجواميس ودود القز أو الحرير.
    وحمل العرب الديك الرومي والبط المسكي وبعض ضروب العصافير والخرنوب من إفريقية إلى الأندلس، التي حملها الإسبان بدورهم إلى العالم الجديد.
    أخذت الأقلمة في عام 1854 منهجية جديدة بتأسيس الحديقة النباتية الفرنسية في باريس، التي أوكلت دراسة التأقلم إلى«جمعية الأقلمة الفرنسية» التي عملت على أقلمة اللامه المعروفة بجمل أمريكة، والياك yack حيوان مجتر يشبه الثور مستورد من التيبت، وبعض الأسماك والعصافير وسلالات من دود القز.
    وتقدمت دراسات الأقلمة بتقدم العلوم والتكنولوجية، فشملت دراسة نظم التغذية المتوازنة، وطرق المحافظة على الحيوانات المستوردة ورعايتها في الشروط الحرجة، وإطالة متوسطات أعمارها، وتذليل العقبات التي تهدد انقراض بعض الحيوانات. وهكذا أسهمت الأقلمة في حماية الموارد الطبيعية من الإنقراض، وصار لها دور رئيس في تنظيم الاقتصاد الزراعي واستثمار الحيوانات المدجنة.
    التأقلم النباتي: اعتمدت الأقلمة القديمة للنبات على موجات الهجرات الإنسانية في العصور الغابرة معتمدة طرق عشوائية غير منظمة. وفي دراسة نباتية مشهورة قدمها فافيلوف Vavilov أرجعت أصول النبات الأوربي الزراعي إلى ثمان مناطق جغرافية نباتية طبيعة فالقمح والرز وقصب السكر آسيوية المنشأ، والبطاطا والبندورة والتبغ والذرة أمريكية المنشأ، وكثير من النباتات الرعوية الأوربية متوسطية المنشأ وغيرها.
    أما عن محاولات الأقلمة النباتية المعاصرة، فقد أمسكت بها العديد من الدول الصناعية المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وأسترالية، وكندا، وروسية، ومنظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة F.A.O، ومركز البحوث الدولية للأراضي الجافة (ايكاردا) حلب، سورية. فقد دأبت هذه الدول والمنظمات على جمع الأصول النباتية من أنحاء العالم في هدف تحسين الإنتاجية الزراعية، معتمدة التدابير الآتية:
    ـ إغناء المجموعة النباتية أو الأفلورة المعاصرة عن طريق تكوين أنواع جديدة، أو ضروب أو أصناف مستحصلة من برامج الاصطفاء النباتي[ر] التي شاع انتشارها في البرامج الزراعية المعاصرة للقمح والذرة وعباد الشمس التي توسع انتشارها في أقاليم مغايرة لمواقعها الطبيعية، كما حاولت نشر زراعة الشمندر السكري في دول الشمال الإفريقي، وعملت على إدخال زراعة النباتات الرعوية المتوسطية من الفصيلة الفولية في مزارع جوز الهند في بولينيزية.
    ـ الاستفادة من رصيد النباتات البرية، أو من رصيد الضروب والأشكال الزراعية التي تدخر صفات تكوينية هامة من النواحي الاقتصادية: كمقاومة الجفاف أو الصقيع أو البرودة، أو التمتع بغزارة المحاصيل أوبكورية الإثمار في سبيل تكوين ضروب جديدة متلائمة مع النباتات المحلية مثل ذلك تكوين ضروب جديدة من القمح الأسترالي انطلاقا من أقماح هندية أوكندية أو أسترالية.
    ـ الاحتفاظ بالأصول النباتية المحسنة في حالة خضرية إعاشية، أو في حالة حيوية بذرية قادرة على التجدد واستمرارية العطاء وهذا ما يعرف ببنك الجينات.
    ـ الالتزام بالسلامة الصحية وبتجنب التلوث بالطفيليات، وبإطالة فترة الإنبات الخضري، وبتجنب المؤثرات المناخية السلبية في هدف الحفاظ على المصادر النباتية المتلائمة، مع الأوساط الطبيعية من ناحية أولى، وامتلاك إنتاجية واقتصادية متلائمة مع الزراعات الواسعة من ناحية ثانية.
    التأقلم الحيواني: تهدف الأقلمة الحيوانية إلى زيادة المردود الاقتصادي الممثل بزيادة إنتاج اللحم والحليب في حالات أقلمة الأبقار، وزيادة إنتاج الصوف في حالات أقلمة الأغنام على سبيل المثال.
    ترتبط الخصائص الفزيولوجية للأنواع الحيوانية ارتباطاً وثيقاً بالمواقع البيئية الطبيعية التي تعيش فيها: فالرنّـة الحيوان اللبون المجتر، والكلب الحيوان اللاحم في أوربة مدجنان من أصول بيئية تندرية أو غابات قطبية. والجمال مدجّنة في أصول صحراوية. والماعز والأغنام مدجّنة في أصول شبه صحراوية. والأبقار والخيول مدجّنة من أصول سافانية. فإذا مانقلت أبقار السافانة وأغنامها للرعي في المرتفعات الجبلية تأثرت أكثر من تأثر الجمل الأمريكي أو اللامه التي تعيش عادة في المرتفعات الجبلية في الحالات الطبيعية حتى ارتفاع 6000م فوق مستوى سطح البحر. ومرد ذلك يعود إلى انخفاض الضغط الجوي، وانخفاض نسبة الأُكسجين، وانخفاض المتوسطات الحرارية. تتطلب مثل هذه الأمور تعديلات في الوظائف الفيزيولوجية لتتآلف مع الشروط الجديدة، الأمر الذي يتطلب وضعها لبضعة أسابيع في محطات انتقالية تخفف من تأثر تلك الحيوانات بالمناخات الجبلية.
    ولكي يتأقلم الحيوان بصورة ناجحة لابد من اتخاذ التدابير الآتية:
    ـ اصطفاء الأفراد المناسبة للتأقلم المتميزة بالفتوة والسلامة الصحية والقوة البدنية والنظافة من الطفيليات.
    ـ اصطفاء الأفراد التي أحسنت تغذيتها المدعمة تغذيتها في حالات الأنواع العاشبة بالعناصر المعدنية كالكالسيوم والفسفور والفيتامينات المناسبة.
    ـ وقاية الأفراد من التقلبات المناخية الجديدة باستقبالها في الربيع، أو في الفصول التي تكون فيها التباينات الحرارية في أضيق مجالاتها.
    ـ استبعاد الأفراد البطيئة النمو أو المصابة بعاهات.
    ـ توخي السلامة الصحية التامة، واستبعاد الأفراد المصابة بأمراض محلية أو خارجية.
    إن الأقلمة الناجحة هي التي تمكن من الحصول بسهولة على أفراد مطلوبة أو مرغوبة من النواحي الاقتصادية.
    تنجح أقلمة الحيوان بصورة عامة حين ينقل من المناطق الحارة إلى المناطق المعتدلة، مثلها أقلمة الحصان العربي للعيش في الأقاليم الأوربية الباردة. أما أقلمة الحيوان أليف البرودة للعيش في الأقاليم الحارة فغالباً ما تعترضها صعوبات ممثلة بإصابة جلودها بطفيليات خارجية، وإصابة أجهزتها الهضمية بطفيليات معوية.

    أنور الخطيب

  5. #185
    التبرعم الحيواني

    التبرعم الحيواني طريقة تكاثر غير جنسية، تؤدي إلى تكوين متعضية مماثلة للكائن الأصل، أو إلى مستعمرة جديدة، انطلاقاً من مجموعة من الخلايا أو النسج المختلفة.
    ويمكن تمييز ثلاثة أنماط من التبرعم: تبرعم النمو، وتبرعم التكاثر، وتبرعم المقاومة.
    تبرعم النمو: تبقى البراعم في هذه الحالة متشبثة بالفرد الأصل، مؤدية إلى تشكل المستعمرات. والحالة الشائعة هي حالة اللاسعات cnidaria. وتعد هِدْرَة الماء العذب Hydra مثالاً جيداً لبرعمة النمو، فقد دُرِس هذا الحيوان بعناية فائقة منذ القرن الثامن عشر. فحين يتوافر لها الغذاء تنتج الهِدْرة 20 برعماً في الشهر، ويتم ذلك في المنطقة السفلية من الحيوان حيث يرسل الجسم بروزاً يشتمل على طبقتين خلويتين هما الأدمة الخارجية والأدمة الداخلية، ينفتح فم في قمته وينمو حوله حلقة من المجسات. وعندما تكون المياه هادئة والغذاء غزيراً والحرارة مناسبة (18ْ-20ْس) فإن البراعم لا تنفصل عن أمها، بل تشكل على هذا النحو مستعمرة موقتة تتصل أفرادها بعضها ببعض عن طريق التجويف المعوي. ويظهر أن بعض الخلايا تؤدي دوراً كبيراً في تكوين البرعم، وهي عبارة عن خلايا غير متمايزة، تبدأ، في مستوى البرعم، بالتقسم السريع والتمايز التدريجي أثناء الانقسامات الخيطية المتتابعة.


    وفي حالة مستعمرة الأوبِلْية obelia من الهِدْريات يتوقف نمو البَوْلَبْ polyp باستثناء نقطة يرتفع فيها جدار الجسم ليشكل برعماً مجوفاً فيغدو بَوْلَباً جديداً. وتتكرر على هذ البَوْلَب الظاهرة السابقة نفسها (الشكل 1). وهكذا تنمو المستعمرة بالبرعمة المتتالية وتتفرع حسب قانون محدَّد. والمِدوسات medusae ليست سوى براعم للأوبلية تحمل العناصر التناسلية للمستعمرة، وتتحرر لتنطلق في الماء ناشرة النوع الذي تنتمي إليه.
    برعمة التكاثر: وتتم حين تنفصل البراعم المتشكلة عن الفرد الأصل. وتصادَف هذه الطريقة لدى الحيوانات الأوالي[ر]protozoa والعديد من اللافقاريات. ويعدُّ هذا النمط من التكاثر أساسياً لدى أنواع صفيف المحصيات suctoria من الهدبيات Ciliata. وحسب توضع وتطور البراعم ويمكن تمييز نمطين من البرعمة في ضوء توضعها وتطورها: برعمة خارجية وأخرى داخلية. ففي النمط الأول ترتفع السيتوبلاسمة على الوجه العلوي للحيوان، وترسل النواة الكبيرة استطالة في هذا البروز، وتهاجر إليه أيضاً نواة صغيرة ناشئة عن الانقسام الخيطي. ويتشكل على سطح البرعم عدة حلقات من الأهداب. ولا يلبث البرعم بعدها أن ينفصل عن الفرد الأصل ليكمل نموه بشكل حر. هذا ويمكن أن تتشكل عدة براعم خارجية في وقت واحد.
    أما البراعم الداخلية فتتشكل بانخماص الوجه العلوي للحيوان على شكل تجويف تتشكل في داخله البراعم التي لا تلبث أن تترك الفرد الأصل لتعيش حياة حرة (الشكل ـ2)

    وتتكاثر اللاسعات بالبرعمة أيضاً. ففي مثال الهِدْرَة الذي ذُكِرَ سابقاً تنفصل البراعم المتشكلة عن الهدرة الأم حينما يكون الغذاء قليلاً وتستقر في مكان جديد بواسطة قدمٍ تكوَّنت في مكان انفصالها عن الأم.
    وكذلك يرسل الاسفنج اللَّقْصَلِينَة leucosolenia براعم مجوفة من نقاط مختلفة من سطحه، تحمل نهاياتها الحرة أشواكاً كبيرة تتجه بعكس أشواك الأم. وحين تتحرر هذه البراعم فإن الفتحة التي تحدد منطقة الانفصال تصبح فوهة زفيرية للاسفنج الجديد.
    وتتكاثر بعض المتعضيات بالبرعمة وهي في الحالة اليرقية. ومثال ذلك الدودة المشوكة الحبيبية Echinococcus granulosusالتي تتطفل بالفتها على معي الكلب، أما يرقتها المسماة العُدارِيّ Hydatid فتتطور في كبد الإنسان، حيث تُكَوِّن بالبرعمة الداخلية والخارجية آلافاً من الحويصلات البنات، التي تعطي بدورها آلافاً من الحويصلات المنتشة يشتمل كل منها على نحو 20 رُؤَيساً scolex. ويذكر أيضاً تبرعم يرقة قنديل البحر المُذَهَّب Aurelia (والتي تسمى قدحية الفم Schiphistona) التي تتقطع عرضياً مؤدية إلى تشكيل ما يسمى المخاريط الهدرية strobila. إن هذا التكاثر المفرط لعدد من الأشكال اليرقية يزيد من فرصة بقاءالنوع ويعوِّض عن السيئة المتمثلة بضرورة وجود عدة متعضيات مضيفة.
    تبرعم المقاومة: وفي حالات أخرى تتشكل براعم قادرة على مقاومة البرد أو الجفاف. وهذا ما يصادف في اسفنج الماء العذب (إسبونْجِل) Spongilla، حيث تتشكل الدُرَيْرات (البُرَيْهمات) Gemmules خاصة حين اقتراب فصل الشتاء ( في مناخنا) أو حين اقتراب فصل الجفاف (في مناخ خط الاستواء). وبينما يموت الإسفنج تقاوم الدريرات وتشكل فرداً جديداً حين تغدو الشروط ملائمة. والدريرة مجموعة من الخلايا المتحولة تنشأ عن النسيج المتوسط، وتكون غنية بالسكريات البروتينية والشحميات، وهي تحاط بغلاف ثخين له فتحة صغيرة تدعى النقير. ويحيط بهذا الغلاف عددٌ من الأشواك الطرفية الأقراص Anphidiscs. وحين تكون الشروط ملائمة (حرارة أعلى من 16ْس) تنتش الدريرة وتخرج خلاياها من النقير وتشكل كتلة خلوية عديمة الشكل، تتمايز فيما بعد لتعطي مختلف المجموعات الخلوية التي تتطور، كما في اليرقات الناتجة عن التكاثر الجنسي، ليتشكل إسفنج جديد (الشكل 3).
    وتشتمل الأفراد الجديدة الناتجة عن التبرعم، سواء أكانت جنسية أم غير جنسية، على كل الإمكانات الوراثية للنوع. فلدى الحيوانات الأوالي يمكن ملاحظة انقسام الجهاز النووي إلى اثنين وتوزع الصبغيات (الجينات) بالتساوي بين الفرد الأصل والبرعم. أما لدى الحيوانات التوالي فإن كل الأدَمات تسهم في تكوين البرعم إضافة إلى عددٍ من الخلايا غير المتمايزة ذات المظهر الجنيني. وتلعب هذه الأخيرة دوراً أساسياً لأنها ذات إمكانات شاملة totipotents أي قادرة على تشكيل مختلف أنسجة الجسم من أدمة خارجية وأدمة داخلية ونسيج عضلي ونسيج عصبي وخلايا منشئة. ولا يمكن دون هذه الخلايا تشكيل البرعم، بل لا يمكن حتى أن يعيش حياة طبيعية، لأن الحيوان يفقد قدرته على تجديد الأنسجة التالفة أو المريضة. ومع ذلك يمكن لبعض الخلايا الجسمية لبرعمٍ ما أن تعود عن تمايزها وتصبح شاملة الإمكانات من جديد وتعطي خلايا تناسلية.

    محمد نعمة

  6. #186
    التبيُّؤ (الإيكولوجية)

    التبيُّؤ Ecology هو العلم الذي يدرس علاقات الكائنات الحية بعضها مع بعض، والعلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية والوسط الذي تعيش فيه. اشتقت كلمة البيئة من الكلمتين Oikos بمعنى البيت وlogos وتعني العلم أو الدراسة. وقد وضع هذا المصطلح أوّل مرة عالم الحياة الألماني أرنست هيكل Ernst Heinrich Heackel عام 1860.
    بدأ الاهتمام بالبيئة في الستينات من القرن العشرين، إذ كان من نتائج التقدم الصناعي، والثورة الزراعية، وزيادة عدد السكان، وما يترتب على ذلك من زيادة في وتيرة استغلال الإنسان للموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة، أن ظهر العديد من التغيرات التي تنذر بأخطار كبيرة، والتي أحالت أجزاء كبيرة من الأرض، إلى بيئة ملوثة وغير صالحة لحياة الكائنات الحية والإنسان نفسه. وترتب على الإخفاقات في إدارة البيئة زيادة وتيرة التصحر، وقطع الغابات وتدهور التربة وتملُّحها، وتهديد التنوع الحيوي Biodiversity، وتآكل طبقة الأوزون الستراتوسفيري Stratospheric Ozone وارتفاع درجة حرارة الأرض، وحصول الأمطار الحمضية، وتلوث الهواء والماء والتربة.

    أقسام التبيُّؤ
    توجد عدة مستويات من التنظيم في العالم الحي على سطح الكرة الأرضية، يُطلق عليها اسم الطيف الحيوي Biological Spectrum. ويهتم علم البيئة بالمستويات العليا من الطيف الحيوي وهي الجماعة Population، وهي مجموعة من الأفراد من أي نوع من الكائنات الحية، والمجتمع Community، والنظام البيئي Ecosystem، والمحيط الحيوي Biosphere. ويقسم علم البيئة إلى قسمين رئيسين هما: علم البيئة الفردية أو الذاتية Au toecology الذي يدرس العلاقات بين النوع وعوامل الوسط المحيط، كدرجة الحرارة والرطوبة والضوء والملوحة وغيرها، وتُتعرَّف هذه العلاقات بدراسات تجريبية مخبرية أو حقلية. ولهذا يرتبط علم البيئة الفردية ارتباطاً وثيقاً بعلم الفيزيولوجية، حتّى يصعب إيجاد حد فاصل واضح بين هذين المعلمين. أما القسم الثاني فهو علمالبيئة الجماعية Synecology، وهو يدرس العلاقات المتبادلة بين المجتمعات (أو الوحدات الأعلى كالغابة مثلاً) والوسط المحيط، ولعلم البيئة الجماعي ارتباط وثيق بعلم المناخ والتربة والجيولوجية وغيرها. ويُقسَّم علم البيئة الجماعية إلى فروع مثل علم بيئة الجماعة Population Ecology، وعلم بيئة المجتمعاتCommunity Ecology، وعلم بيئة النظم البيئية Ecosystem Ecology، كما يوجد فروع أخرى في علم البيئة أهمها علم بيئة البحار Marine Ecology، وعلم بيئة المياه العذبة Freshwater Ecology، وعلم البيئةالأرضية Terrestrial Ecology.
    النظم البيئية الرئيسية في العالم
    يوجد نمطان رئيسيان للنظم البيئية على سطح الكرة الأرضية هما:
    ـ النظم البيئية المائية: Aquatic Ecosystems وتشمل النظام البيئي البحري، الذي يختص بدراسة البحار ومصبات الأنهار Estuaries، والنظام البيئي للمياه العذبة الذي يختص بدراسة البحيرات العذبة والأنهار والجداول.
    ـ النظم البيئية الأرضية: Terrestrial Ecosystems تختص بدراسة الأنظمة البيئية على اليابسة، وهي أكثر تنوعاً من الأنظمة البيئية المائية، وذلك بسبب تنوع عوامل الوسط وخاصة درجات الحرارة وكمية الهطول. وتُحَدَّدُ الأنظمةُ البيئية الأرضية الرئيسية تبعاً لنمط الغطاء النباتي السائد، ويُطلق عليها أسماء متعددة منها المجموع الحيوي Biome أو منطقة الحياة الرئيسية Major Life Zone. والمنطقة الحيوية هي التشكيلات النباتية Plant Formations والكائنات الحيوانية التي تعيش فيها، وتتميز بمظهر مميز وبصورة حياة متشابهة، وتنتشر على مساحات واسعة من سطح الأرض، وهي انعكاس لظروف الوسط، وخاصة المناخ السائد في المناطق التي تنتشر فيها. وأهم المناطق الحيوية الأرضية ابتداءً من خط الاستواء حتى القطبين هي:
    1ـ الغابات الاستوائية المطيرة: Equatorial Rain Forests: وتسود في المناطق الاستوائية غزيرة الهطل السنوي (2000-4000مم)، ومتوسط درجة الحرارة السنوية نحو 25 درجة مئوية. تتميز بغناها بالأشجار الباسقة التي يبلغ متوسط ارتفاعها بين 50 و60 متراً، إلى جانب النباتات السطحية Epiphytes.
    2ـ الغابات المدارية ساقطة الأوراق: Decidious Tropical Forests وتوجد في المناطق المدارية التي يسود فيها فصل ماطر طويل وفصل جاف قصير، وسطية الهطل السنوي (1000-2500مم)، معظمها من الغابات الموسمية Monsoon Forests، التي تتميز بغناها بالحياة الحيوانية حيث يعيش فيها الفيل ووحيد القرن والظباء والحمر الوحشية، إلى جانب الحيوانات اللاحمة كالأسود والنمور والذئاب والقطط الوحشية.
    3ـ السافانا: Savana توجد في المناطق التي يزيد فيها الهطل السنوي على 600مم، وتراوح فترة الجفاف بين 4 و6 أشهر، وهي منطقة انتقالية بين الغابات المدارية والصحارى، وتسود فيها الحشائش التي يزيد طولها على المتر، إضافة إلى الأشجار المتناثرة مثل أنواع السنط والطلح والسيال والسلم والتبلدي والأدنسونيا Adansonia وغيرها. والسافانا من مناطق الوفرة الحيوانية، وهي موطن لكثير من الحيوانات العاشبة واللاحمة، وأهم الحيوانات العاشبة الجاموس والحمر الوحشية ووحيد القرن والزرافة والغزال والكنغر والفيل، كما توجد فيها الأسود والنمور والفهود والضباع وغيرها.
    4ـ الصحارى: Deserts وتتميز بندرة أمطارها، التي نادراً ما تتجاوز الـ 250 مم في السنة، وارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز الـ 45 درجة مئوية في الفترة الحارة، وتسود فيها النباتات العشبية الحولية والمعمرة قصيرة العمر، التي تنتهي دورة حياتها في أشهر عدة تلي سقوط الأمطار، إلى جانب الشجيرات الجفافية. أما الحياة الحيوانية في الصحارى ففقيرة بأعدادها وقليلة في كثافتها، وأهمها الغزلان والوعول والمها والقوارض والسحالي وغيرها.
    5ـ الغابات قاسية الأوراق: Sclerophyllous Forests وتنتشر في شواطئ البحر المتوسط والمناطق المشابهة، ذات الصيف الحار والجاف والشتاء المعتدل والرطب. وأهم الأنواع في هذه الغابات هي السنديان Quereus calliprinos والغار Laurus nobilis والبطم Pistacia lentiscus والقطلب Arbutus unedo وأنواع الصنوبر Pinus وغيرها. ومعظم حيوانات هذه المنطقة ليست أصلية بل تنتسب إلى المناطق المجاورة، وأهمها الماعز الجبلي والذئاب والظباء والسناجب والخنازير البرية إلى جانب الطيوروبعض القوارض.
    6ـ السهوب: Steppes تسود في المناطق التي تقع بين الصحارى والغابات المعتدلة ساقطة الأوراق، ولها أسماء متعددة: السهوب في آسيا، والبراري Prarie في أمريكة الشمالية، والبامبا Pampa في أمريكة الجنوبية. يسود في مناطق السهوب المناخ الحار صيفاً والبارد شتاءً، يراوح الهطل السنوي فيها بين 300 و500 مم، وتنتشر فيها الحشائش والأعشاب، كما تتنوع الحياة الحيوانية فيها، فهي موطن للعديد من الحيوانات كبعض أنواع الغزلان والظباء وابن آوى والسنجاب والأرانب، إضافة إلى الأفاعي والطيور والحشرات.
    7ـ الغابات المعتدلة ساقطة الأوراق: Temperate Forests وتوجد في المناطق المعتدلة حيث يراوح الهطل السنوي فيها بين 750 و1000 مم، وتسقط الأمطار على مدار السنة مع زيادة واضحة في فصل الصيف الدافئ. ومعظم أشجار هذه الغابات عريضة الأوراق وغير متحملة للجفاف. وتتمثل الحياة الحيوانية فيها بالدببة والخنازير البرية والسناجب والقطط البرية والثعالب والعديد من الطيور، ومعظم الحيوانات من ذوات الفراء.
    8ـ التايغا: Taiga توجد في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وهي كبرى المناطق الحيوية اتساعاً، وتمتد من أقصى غرب أمريكة الشمالية إلى أقصى شرق آسيا، وتتميز بمناخ شديد القارية، إذ تصل درجة الحرارة الدنيا إلى أقل من 50 درجة مئوية تحت الصفر، ولا يزيد متوسط درجة الحرارة صيفاً على10 درجات مئوية. تسود فيها الغابات المخروطية Conferous Forestsإبرية الأوراق ودائمة الخضرة، كالصنوبر Pinus والتنوب Apies واللارِكس Larex وغيرها، أما الحياة الحيوانية فيها فمحدودة وتقتصر على الحيوانات ذات الفراء كالدببة والذئاب والأيائل والسناجب وبنات عرس وغيرها.
    9ـ التندرة: Tundra يوجد معظمها ضمن الدائرة القطبية الشمالية حيث الصيف قصير، ولا يتجاوز متوسط درجة حرارة تموز الـ 10 درجات مئوية، والشتاء طويل وشديد البرودة حيث تنخفض فيه درجة الحرارة الدنيا إلى ما دون الـ 50 درجة مئوية تحت الصفر، كما يراوح الهطل السنوي بين 200 و250 مم. وتسود في الغطاء النباتي الأشن Lichens والنباتات البريوية[ر]Bryophyta وقليل من الشجيرات والأعشاب. وأهم حيوانات التندرة هي الرنَّة Reindeer وثور المسك Musk Ox والدب القطبي والذئب القطبي والثعلب القطبي، ومعظمها ذات فراء بيضاء. وتكثر في مياهها الساحلية حيوانات بحرية أهمها عجول البحر Sealsوالأسماك المتنوعة.
    المحيط الحيوي
    تعيش الكائنات الحية في طبقة رقيقة من الكرة الأرضية تسمى المحيط الحيوي Biosphere، وقد وضع مصطلح المحيط الحيويالعالم النمسوي سويس Suess عام 1875، وشاع استعماله بعد دراسات فيرنادسكي Vernadsky بين عامي 1926 و1929. ويمتد المحيط الحيوي على مسافات صغيرة تحت سطح الأرض، وعلى مسافات أكبر فوق سطح الأرض، ويشكل طبقة رقيقة من الكرة الأرضية بما فيها اليابسة والماء والغلاف الجوي المتاخم لسطح الأرض. والمحيط الحيوي ليس متجانساً ويمكن تقسيمه إلى مجامع حيوية (بيومات) ومشاعات ونظم بيئية وغيرها، أي يتكون من مناطق كبيرة وأخرى صغيرة، ويعرف كل من هذه المناطق بالنظام البيئي Ecosystem، أي إنَّ المحيط الحيوي هو مجموع النظم البيئية الموجودة على سطح الكرة الأرضية. وللمحيط الحيوي أهمية خاصة، ليس فقط لكونه المكان الذي تعيش وتتكاثر فيه الكائنات الحية، وإنما بوصفه المكان الذي تجري فيه التغيرات الأساسية، الفيزيائية والكيمياوية التي تصيب المكونات غير الحية من الكرة الأرضية.
    النظام البيئي
    هو أي مساحة من الطبيعة وما تحويه من كائنات حية، نباتية وحيوانية وكائنات دقيقة، ومن مواد غير حية، وتكون الكائنات الحية والمواد غير الحية في أي نظام بيئي في تفاعل بعضها مع بعض، وكل التفاعلات المتبادلة بين مكونات النظام البيئي مبنية على تبادل المواد والطاقة فيما بينها، ومن أمثلة الأنظمة البيئية الطبيعية الغابة والبحر والنهر والبركة وغيرها.
    مكونات النظام البيئي: يتكون النظام البيئي من:
    1ـ مكونات غير حية Abiotic Components وتتمثل بالمركبات الأساسية غير العضوية والعضوية في الطبيعة، كالكربون والأكسجين والماء والعناصر المعدنية والتربة وغيرها.
    2ـ مكونات حيّة Biotic Components وتشمل:
    أ ـ الكائنات المنتجة: Producers، وهي النباتات الخضراء التي تصنع غذاءها بنفسها (الكائنات ذاتية التغذية Autotrophic) من مواد غير عضوية بسيطة، بعملية التمثيل الضوئي. وهي تمثل صلة الوصل بين المكونات غير الحية والمكونات الحية للنظام البيئي.
    ب ـ الكائنات المستهلكة: Cunsumers وهي الكائنات الحية غير ذاتية التغذية، وتشمل الحيوانات العاشبة التي تتغذى بالنباتات، والحيوانات اللاحمة التي تقتات بالحيوانات العاشبة.
    ج ـ الكائنات المفككة: Decomposers كالفطريات والبكتريا وبعض الحيوانات الأولية وغيرها، التي تقوم بتفكيك جثث الكائنات الحية النباتية والحيوانية وبقاياها، وتحولها إلى مركبات بسيطة تستفيد منها النباتات في تغذيتها. وبذلك تمثل الكائنات المفككة صلة الوصل بين المكونات الحية والمكونات غير الحية للنظام البيئي.
    العلاقات بين مكونات النظام البيئي
    تتفاعل مكونات النظام البيئي الحية وغير الحية فيما بينها تفاعلاً متبادلاً، بحيث تشكل كلاً متوازناً ومستقراً، فالنباتات الخضراء تصنع المواد السكرية بعملية التمثيل الضوئي، من ثنائي أكسيد الكربون والماء والطاقة الشمسية، وبذلك تدخل هذه المواد الأولية في الحلقة الحياتية. وتتغذى الحيوانات العاشبة بالنباتات، وتصير الحيوانات العاشبة غذاء للحيوانات اللاحمة. وتقوم الكائنات المفككة بتفكيك بقايا الكائنات الحية وجثثها جميعاً، وتحولها إلى مواد بسيطة تستعملها النباتات في غذائها وفي تكوين أجسامها. وهكذا يتميز النظام البيئي بوجود سلسلة غذائية Food Chain بين مكوناته المختلفة (الشكل -2). وتتداخل السلاسل الغذائية بعضها مع بعض في صورة شبكة غذائية Food Web (الشكل -3)، ذلك أن الكائنات المستهلكة لا تتخصص بنوع واحد من الغذاء، مما يؤدي إلى تداخل السلاسل الغذائية بعضها مع بعض، وتأخذ عندها العلاقات الغذائية صورة شبكة غذائية، يكون فيها أمام الكائنات المستهلكة الكثير من فرص الاختيار، مما يحفظ للشبكة الغذائية، ومن ثمَّ للنظام البيئي، التوازن والاستقرار.
    اختلال توازن الأنظمة البيئية:
    تمتاز البيئة باستتباب يلفت النظر، من حيث مكوناتها الحية وغير الحية. لكن البيئة تتعرض إلى كوارث غالبيتها من صنع الإنسان المتمدن. وأهم مسببات اختلال التوازن البيئي هي:
    1ـ تغير الظروف الطبيعية كدرجة الحرارة وكمية الهطل وانجراف التربة وغيرها، فحين تصاب مناطق معينة بالجفاف، كما حدث في جنوب الصحراء الكبرى مثلاً، يتدمر الغطاء النباتي، ويتبع ذلك انجراف للتربة، وموت عدد كبير من الكائنات الحية، وهجرة الإنسان إلى المدن، الأمر الذي يقود إلى تفاقم مشكلات المدن، وتدهور البنية الأساسية فيها وزيادة سكان الأحياء الفقيرة وتفشي الأمراض.
    2ـ يؤدي إدخال كائن حي جديد إلى بيئة تتوافر فيها ظروف صالحة لحياته، وتقل فيها أعداؤه الطبيعية، إلى اختلال التوازن في هذه البيئة، ويكفي أن نتذكر أن إدخال الأرانب إلى المراعي الأسترالية، التي تكاثرت بصورة كبيرة بسبب توفر الظروف المناسبة لحياتها وتكاثرها، وعدم وجود أعداء طبيعية لها، حوَّلت ملايين الهكتارات من المراعي الخصبة إلى صحارى عارية وأراضٍ متآكلة. ويوجد كثير من الآفات الزراعية في بلادنا بسبب نقلها من موطنها الأصلي دون قصد، وبسبب انحسار عوامل المقاومة البيئية، أو توفر ظروف أكثر ملاءمة، أو بسبب غياب الأعداء الطبيعية لها، تكاثرت هذه الآفات حتى وصلت إلى المستوى الضار اقتصادياً. فالبومة الواحدة مثلاً تقضي على أكثر من 300 فأرة في العام، وتُوَفّر بذلك أكثر من 500 كغ من الحبوب في العام، وهكذا تقوم الحيوانات المفترسة بدور الرقيب على الحيوانات العاشبة وتَحُولُ دون زيادة أعدادها، وتعد بذلك عنصراً مهماً في توازن النظام البيئي.
    3ـ تدخل الإنسان: ازدادت قدرة الإنسان على التأثير في الأنظمة البيئية الطبيعية، لتطور التقانات التي وَضَعَت بين يديه آلات ومواد شديدة الفعالية. ويؤدي التدخل غير الرشيد للإنسان في البيئة إلى اختلال في توازنها، وخلق مشكلات بيئية انعكست على الإنسان نفسه. فازداد التصحر الذي يعد واحداً من أخطر المشكلات البيئية التي صنعها الإنسان، وخاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة التي تتسم أنظمتها البيئية بالهشاشة والحساسية. وتشير المعطيات إلى أن نحو 29٪ من مساحة اليابسة تعاني تصحُّراً خفيفاً أو معتدلاً أو شديداً. كما أدَّت الأنشطة البشرية إلى تدهور التربة وزيادة تآكلها، إذ يقدر ما يقطع من الغابات في دول العالم النامي بأكثر من 14 مليون هكتار، ونتج من ذلك إزالة الغابات، فانجرفت التربة وفقدت خصوبتها ونقصت تغذية المياه الجوفية وزادت الفيضانات.
    ويشهد العالم بسبب النشاطات البشرية، زيادة عدد الأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض، بمعدلات تزيد مئات المرات على المعدل الذي كان سائداً في عصور ما قبل التاريخ، وتقتل الأمطار الحامضية (التي تتشكل من اتحاد بخار الماء الموجود في الهواء مع أكاسيد النتروجين وثنائي أكسيد الكبريت التي تطلقها المصانع ومحطات توليد الطاقة التي تحرق المنتجات النفطية) الغابات وأشكال الغطاء النباتي الأخرى، وينتج من ذلك موت أسماك البحيرات وتلوث مياه الشرب وفقدان المركبات الكلسية من التربة، الأمر الذي يضر بالأحراج والمحاصيل وخصوبة التربة وتدمر التراث الفني والمعماري. كما يؤدي حرق الوقود الأحفوري إلى زيادة تركيز ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يتسبب في رفع درجة حرارة الأرض، إضافة إلى تآكل الأوزون الستراتوسفيري.


    ولم تقتصر تأثيرات الإنسان في الأنظمة البيئية، وإنما تعدتها لتشمل المحيط الحيوي والغلاف الجوي للكرة الأرضية، كتأثيره في الحلقات البيوجيوكيميائية Biogeochemical Cycles، مثل دورة الكربون والنتروجين والفسفور، التي تحدث بشكل يفوق التصورات وبكيفيات لم تكن متوقعة، ومن أمثلة ذلك تأثير الإنسان في دورة الكربون (الشكل -4). فقد بدأت الصورة تتغير منذ بداية القرن العشرين، وأخذ تركيز ثنائي أكسيد الكربون يزداد في الغلاف الجوي بنحو 0.5 ٪ سنوياً في الوقت الحالي، بسبب انبعاثاته الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، لتبلغ نحو 24 ألف مليون طن من ثنائي أكسيد الكربون، إضافة إلى مقدار يزيد على 7آلاف مليون طن بسبب إزالة الغابات. ويبقى من مجموع انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون في الجو ما بين 40 إلى 60٪ على الأقل في الأجل القصير، ولهذا فقد ارتفع تركيز هذا الغاز في الهواء، منذ الثورة الصناعية وإلى وقتنا الراهن بنحو 25٪ (من 280 إلى 353 جزء في المليون) ومن المتوقع أن يزداد في نهاية القرن الواحد والعشرين ليصل إلى 460 - 560 جزء في المليون. وصار معروفاً أن زيادة تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون هي المسؤولة، بدرجة كبيرة، عن ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، الذي إذا استمر، فسيؤدي إلى تغير في نظام الأمطار وتوزيعها وذوبان الجليديات وارتفاع مستوى سطح البحر الذي سيغمر مساحات واسعة من الأراضي الساحلية التي تُعدُّ من أفضل الأراضي الزراعية في العالم.
    تهدد الإخفاقات في إدارة البيئة والمحافظة على التنمية البيئة في جميع البلدان، فالبيئة والتنمية ليستا تحديين منفصلين بل متلازمين لا فكاك بينهما ولا يمكن للتنمية أن تقوم على قاعدة من موارد بيئية متداعية، كما لا يمكن حماية البيئة حين تُسقطُ التنميةُ من حسابها الحفاظ على هذه البيئة، وهذه المشكلات لا يمكن معالجتها بصورة منفصلة عن طريق مؤسسات وسياسات مجزأة، لأنها تتشابك في منظومة معقدة من الأسباب والآثار، لذا فإن تجنب مشكلات البيئة والتنمية يتطلب مساراً جديداً للتنمية هو التنمية المستديمة التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها، كما ينبغي أن تدخل الاقتصاديات والبيئة بصورة مترابطة في عمليات صنع القرار وسن القوانين، ليس بهدف حماية البيئة فحسب بل لحماية التنمية وتعزيزها، ذلك أن التنمية والبيئة مرتبطتان بصورة متساوية في تحسين مستقبل الإنسان. وتتطلب التنمية المستديمة مدخلاً جديداً تتوجه الشعوب عن طريقه نحو نمط من التنمية يجمع بين الإنتاج وحماية المصادر الطبيعية وتعزيزها. إن هذا التوجه مطلوب في بلادنا أكثر منه في البلدان الأخرى، لأنَّ الموارد الطبيعية في بلادنا تعرضت لفترة طويلة من الاستغلال غير المنظم الذي نتج منه تدمير الجزء الأعظم من الغابات والمراعي الطبيعية وانقراض كثير من الأنواع الحيوانية وانخفاض أعدادها انخفاضاً بالغاً.

    محمد العودات

  7. #187
    تحت المهاد

    تحت المهاد hypothalamus ( وتسمى أيضاً الوِطاء) غدة توجد على الوجه البطني للمخ[ر] في قاعدة الدماغ المهاديthalamencephalon بين التصالب البصري في الأمام والجسم الحلمي في الخلف. وتبدي في مركزها بروزاً قمعياً هو الحدبة الرمادية. ولتحت المهاد علاقة وثيقة جداً مع الغدة النخامية hypophysis التي تقع تحته معلّقة بالساق النخامية. وتضم المنطقة تحت المهادية العديد من العصبونات التي تزداد كثافتها في بعض المناطق مشكّلة النوى تحت المهادية: الأمامية والوسطى والجانبية والخلفية. كما تصل إلى تحت المهاد فروع جانبية من المسالك الحسية والحواسية.
    وظائف تحت المهاد
    أطلق شيرينغتون Sherrington منذ زمن بعيد على تحت المهاد اسم «العقدة الرأسية للجملة العصبية المستقلة»، فهو يمثل المركز الرئيسي لتنظيم الفاعليات الحشوية، إذ يقوم بتنظيم عمل الجملة العصبية المستقلة بشطريها الودّي sympathetic (الأجزاء الخلفية والجانبية منه) ونظير الودّي parasympathetic (الأجزاء الأمامية والوسطى منه).
    ويمكن تصنيف وظائف تحت المهاد عموماً في: الوظائف الإعاشية والوظائف السلوكية، إضافة إلى الإشراف على وظائف الغدة النخامية:
    1ـ الوظائف الإعاشية لتحت المهاد: وتضم ما يلي:
    أ ـ تحت المهاد والدوران الدموي: مَكَّنَت تجارب التنبيه من تمييز ثلاث مناطق هـي:
    1ـ المنطقة الرافعة للضغط: وتتدخّل في حالات التوتر العاطفية أو الانفعالية (تنبيهات ضارة، جنسية، انفعالات، وغير ذلك).
    2ـ المنطقة الخافضة للضغط الدموي: ويؤدي تنبيهها إلى تثبيط قوي لعمليات التفريغ الودية المسرعة للقلب والمضيقة للأوعية.
    3ـ المنطقة الموسعة للأوعية: ويؤدي تنبيهها إلى حدوث مجموعة من التعديلات التي تضع الوظيفة الدورانية في خدمة العضلية الهيكلية على نحو أفضل. وتصادف هذه الاستجابة القلبية الوعائية الدفاعية في الظروف المُوَلِّدة للقلق والاضطراب عند الإنسان.
    ب ـ تحت المهاد والتنظيم الحراري: إن تحت المهاد حسّاس جداً للتغيرات الحرارية، فهو كاشف للسخونة وللبرودة، فهناك آليات لتوليد الحرارة (كالتقبض الوعائي السطحي والقشعريرة) في تحت المهاد الأوسط، وآليات مبددة للحرارة (كالتوسع الوعائي الجلدي والتعرق) في تحت المهاد الأمامي.
    ج ـ تحت المهاد وحركة الماء: تقوم عصبونات النواة فوق البصريةsupraoptic nucleus بإعداد الهرمون المضاد لطرح البول (المضاد للبوال)AntiDiuretic Hormone (A.D.H)، الذي يهاجر عبر محاورها الأسطوانية إلى الفص النخامي الخلفي. فتخريب هذه النواة عند الإنسان يؤدي إلى حصول مرض سكـري خـاص يعرف باسم «البُوال التَفِهَ» diabetes insipidus، يزداد معه حجم البول ويخف تركيزه، علاوة على العُطاش.
    2ـ الوظائف السلوكية لتحت المهاد: وتضم ما يلي:
    أ ـ سلوك اليقظة والنوم: إذ يؤدي تخريب المنطقة تحت المهادية الخلفية إلى نوم عميق غير متواصل تتخلله لحظات من اليقظة، في حين يؤدي تخريب المنطقة تحت المهادية الأمامية إلى أرق غير متواصل تتخلله لحظات من النوم. ويُستنتج مما تقدم أن تحت المهاد الخلفي والأمامي لا يتضمنان الآليات الضرورية الكافية للحفاظ على حالتي اليقظة والنوم، وإنما يمارسان عليهما تأثيرات ميسّرة.
    ب ـ تنظيم تناول الطعام: لقد تم استناداً إلى نتائج التنبيه والتخريب افتراض وجود مركزين منظّمين لتناول الطعام في تحت المهاد: مركز الشبع satiety center ويتوضع في النواة تحت المهادية البطنية المتوسطة، إذ يؤدي تنبيهه إلى فقدان الرغبة في الطعام، وتخريبه إلى الإفراط في تناول الطعام والسمنة والشراسة، ومركز الإطعام feeding center ويتوضع في المنطقة تحت المهادية الجانبية، ويؤدي تنبيهه إلى الجوع الشديد والشهية والنهم والرغبة الشديدة في البحث عن الطعام، ويؤدي تخريبه إلى فقدان الشهية. وتنجم الإشارات المنذرة لسلوك تناول الطعام عن تبدلات نسبة سكر الدم.
    ج ـ سلوك تناول الماء: يصدر الإحساس بالعطش إما عن فقدان الماء الخلوي وإمّا عن نقص حجم الدم الإجمالي. وتتجلّى الإشارة المنذرة للحاجة العامة للماء في نقص حجوم جميع الخلايا، وخاصة خلايا المنطقة تحت المهادية الأمامية، حيث تتوضع المستقبِلات الحلولية osmoreceptors. ويؤدي تنبيه هذه المنطقة إلى الشرب، أمّا تخريبها فيؤدي إلى عدم الإحساس بالعطش.
    د ـ ضبط السلوك الانفعالي: فهو معني بالتعبير عن الغيظ والخوف والرعب والإحساسات العاطفية كالسرور.
    هـ ـ ضبط الوظائف الجنسية: يمكن لعمليات الأذى لمنطقة أمامية من تحت المهاد (فوق بصرية وقبل بصرية) أن تقضي على كل فاعلية جنسية عند الجرذ. وينظم تحت المهاد الوظائف الجنسية من خلال تأثيره في الفص الأمامي للغدة النخامية. فالوداق oestrus وسلوك الأمومة والعناية بالصغير في الحيوانات الدنيا تخضع كلها لضبط تحت المهاد المباشر.
    3ـ الإشراف على وظائف الغدة النخامية: يمثل تحت المهاد مكان السيطرة على الوظيفة الصماء الأكثر شهرة للفص النخامي الخلفي (إفراز ADH)، كما يشرف على إفراز الفص النخامي الأوسط للهرمون المنبه للخلايا الميلانينيةMelanocyte Stimulating Hormone (M.S.H).
    كما يؤثر تحت المهاد في الفاعلية الصماء للفص النخامي الأمامي. فإذ يكون إفراز الهرمون المنبه للجريب Follicle Stimulating Hormone (F.S.H) مستقلاً نسبياً عن تحت المهاد، يُلاحظ أن إفراز الهرمون المُلَوْتِن (H.L) والهرمون المنشّط للجسم الأصفرLuteo Tropic Hormone (L.T.H) يكونان على علاقة وثيقة معه.
    ويشرف تحت المهاد على إفراز هرمون النمو Growth Hormone (G.H) بإفرازه العامل المحرِّر لهرمون النمو Growth Hormone Releasing Factor (G.H.R.F)، وتثبيطه العامل المحرر لهرمون النمو Growth Hormone Inhibiting Factor (G.H.I.F)، وعلى إفراز الهرمون المنشّط لقشرة الكظر Adrenocorticotropic Hormone (A.C.T.H)، بإفرازه العامل المحرر للمنشّط القشري Corticotropic Releasing Factor (C.R.F)، وعلى إفراز الهرمون المنشّط للدرق Thyroid Stimulating Hormone (T.S.H)، بإفرازه العامل المحرر للمنشّط الدرقي Thyroid Releasing Factor (T.R.F).

    مصطفى بصل

  8. #188
    التحول الشكلي

    التحول الشكلي metamorphosis عملية نضج بعد جنيني تتجلى في تبدلات تحدث عند انتقال بعض الحيوانات من شكل يرقي إلى شكل يرقي آخر، أو إلى مرحلة البلوغ، مثل تحوُّل أسـروع[ر] الفراشة وتحوُّل شرغوف الضفدع.
    وهو يحدث لدى الكثير من الحيوانات، وبخاصة اللاسعات والمثقوبات والشريطيات وكثيرات الأهلاب والرخويات[ر] والحشرات[ر] والقشريات[ر] والبرمائيات[ر] والأسماك[ر]. وتتم أثناء هذه العملية تبدلات بنيوية ووظيفية تهيء المتعضية لحياة المرحلة التالية (يرقية كانت أم بالغة) في وسط أو مأوى جديد مزودةٍ بأجهزة مختلفة.
    وأكثر مادُرِس من حالات التحول الشكلي ما يحدث لدى الحشرات والبرمائيات.
    التحول الشكلي لدى الحشرات
    تنقف بيضة الجراد عادة لتخرج حورية nymph تشبه الحيوان الأم، لكنها ذات رأس كبير مقارنة مع بقية الجسم، وبدون أجنحة. وكلما تقدم العمر بالحورية، بعد عدة انسلاخات، يكبر الجسم فتطرح القشيرة القديمة عن جسمها، وتظهر أجنحة صغيرة من براعم جناحية صغيرة، تكبر بالتدريج. وهكذا تنسلخ الحورية الأولى أربع مرات تنسلخ بعدها الحورية الخامسة متحولة إلى طور البلوغ. يطلق على أمثال الجراد اسم الحشرات نصفية التحول الشكلي hemimetabola (الشكل -1).


    أما فراشة الحرير فتنقف بيضتها عن يرقة larva دودية الشكل تسمى الأسروع caterpillar يتألف جسمها من قطع متتالية تتغذى بأوراق التوت، تنسلخ أربع مرات طارحة قشيرتها التي تغطي جسمها. أما اليرقة الخامسة فتنسج حول نفسها شبكة من الخيوط الحريرية مشكلة شرنقة cocoon تحيط نفسها بها، كما تفرز اليرقة حول نفسها قشيرة شمعية تتحول بداخلها إلى مرحلة يرقية أخرى تختلف عن الأولى تسمى العذراء pupa، ينخفض فيها النشاط الاستقلابي (الأيض) إلى حده الأدنى، فتبقى العذراء ساكنة شبه ميتة. حتى إذا ما ارتفعت الحرارة تدب الحياة فيها وتنشط ثانية وتتحول إلى حشرة بالغة تشق طريقها إلى حياتها الجديدة بتمزيق قشيرتها الشمعية والشرنقة الحريرية. ويطلق على أمثال فراشة الحرير اسم الحشرات كاملة التحول الشكليholometabola.
    درست أسباب هذه التغيرات فوجد تدخل بعض الهرمونات فيها. ففي الجراد مثلاً يفرز نصفا الكرتين المخيتين هرموناً يسمى هرمون عقدة الصدر الأمامي المغذيprothoracic trophic hormone الذي يخزَن ضمن شفع من الغدد تسميان غدتي الجسم القلبي corpora cardiata تتوضعان خلف الدماغ مباشرة. وإذا مر هذا الهرمون إلى غدة توجد في القطعة الصدرية الأولى تسمى غدة الصدر الأمامي فإنها تحرر هرمون الإكدايسون الذي ينبه خلايا البشرة لإنتاج قشيرة جديدة.
    تبين أيضاً وجود منطقة في الرأس تسمى الجسم المجهول corpora allata تفرز هرموناً آخر يسمى هرمون الفتوة neotenineيحض على إبقاء مرحلة الحورية، مانعاً بذلك التحول إلى طور البلوغ ومحافظاً على شكل الحورية.
    وهكذا يستنتج أن في كثير من الحشرات هرمونين هما هرمون الانسلاخ وهرمون الفتوة. ويُرى الآن أن النمو والتحول الشكلي محكومين بالتفاعل المتبادل بين هذين الهرمونين. ففي غياب هرمون الفتوة يثير هرمون الانسلاخ التحول إلى شكل الحشرة البالغة، وبوجود هذا الهرمون يُثَبَّطُ تأثير هرمون الانسلاخ وتبقى المتعضية في مرحلة ما دون النضج.
    أما لدى الحشرات كاملة التحول الشكلي فتبلغ الحشرة مرحلة العذراء بسبب وجود مستويات منخفضة جداً من هرمون الفتوة، في حين يؤدي غياب هذا الهرمون إلى تحول شكلي مباشرة إلى الشكل البالغ. فإذا استأصلنا الجسم المجهول من الحوريات في المرحلة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لحشرة نصفية التحول الشكلي فإنها تنسلخ متحولة إلى شكل بالغ مصغر.
    وحالما يتحقق الوصول إلى الشكل البالغ لدى الحشرات المجنحة يتراجع نمو غدد الصدر الأمامـي وتختفي، مانعة بذلك حدوث انسلاخات لاحقة. ولا يحدث هذا التراجـع لدى الحشرات عديمات الجناح، إذ يعود الجسم المجهول لدى الحشرات البالغة فعالاً مرة ثانية ويفرز هرمون الفتوة. ويعد هذا الأمر ضرورياً من أجل تراكم المح في الخلايا البيضية عند الإناث ومن أجل الوظيفة الطبيعية للغدد الملحقة التي تُكَوِّن حاملات النطاف عند الذكور.
    التحول الشكلي لدى البرمائيات
    يتضمن التحول الشكلي لدى البرمائيات تحول يرقاتها المائية (شراغيف الضفادع) إلى متعضيات بالغة نصف أرضية المعيشة.
    ويعكس هذا التحول لدى البرمائيات عدم تأقلم هذه الحيوانات تماماً مع الحياة على اليابسة. فالبالغة منها تستطيع الحياة على اليابسة وتستمد غذاءها بتناولها الحشرات الطائرة. أما الجنينية فعليها أن تعيش في الماء أو في أماكن خاصة مثل جيوبٍ على ظهور أمَّهاتها، لأن البيوض لا تتحمل التعرض للهواء الجوي. لذلك فإن كل البرمائيات تقريباً التي تبيض في الماء لها مراحل يرقية تبقى بعد الفقس في الماء متغذية بالطحالب المائية. ويتضمن نمو هذه الحيوانات تحولها من التغذي العشبي في الماء إلى التغذي اللحمي على اليابسة، الأمر الذي يقتضي حدوث تغيرات جذرية في تشريح الحيوان ووظائف أعضائه. من هذه التغيرات اختفاء الذيل من اليرقات وتَكَوُّن الأطراف بدلاً منها، واختفاء الغلاصم (الخياشيم) الخارجية وتَكَوُّن الرئتين للتنفس (مع مساعدة من الجلد في ذلك)، واختفاء الفم الماص، وتَكَوُّن الفكوك واللسان اللاصق، وقصر أنبوب الهضم الطويل الملائم للغذاء النباتي، إلى أنبوب قصير يلائم الغذاء اللحمي، وتغير مادة الإطراح البولية النتروجينية من النشادر (الأمونيا) إلى البولة.
    وكما في الحشرات، تضبط آليات التحول الشكلي لدى البرمائيات إفرازات غدد صم أيضاً. فقد أكدت تجارب كثيرة أن وجود هرمون الدرقين (التيروكسين) thyroxin، الذي تفرزه الغدة الدرقية للحيوان، يسبب التحول الشكلي وتحول النسج ليتلاءم الحيوان مع الحالة الجديدة، في حين يُبقي غيابه الحيوان على شكله السابق.
    ويعتقد أن المنبه الأساسي اللازم للتحول الشكلي هو تبدل ظروف الوسط المحيط، مثل ارتفاع الحرارة أو استطالة النهار. فتنتقل هذه المنبهات الخارجية إلى الدماغ، فتتفَعَّل منطقة الوطاء hypothalamus التي تفرز الهرمون المحَرِّر للمغذي الدرقيthyrotrophin releasing hormone (TRH) الذي يمر، عبر الأوعية الدموية، إلى الغدة النخامية التي تفرز الهرمون منبه الدرقthyroid stimulating hormone (TSH) الذي يحض الغدة الدرقية لتحرير الدرقين، وهذان الهرمونان يعملان مباشرة في النسج المتحولة فتَحدث الاستجابات المتنوعة مثل تراجع ذيل اليرقة وغلاصمها وتَسَرُّع نمو الأطراف واللسان وتمايز الجلد لتكوين الخلايا الغدية وحاملات الصبغ.
    التحول الشكلي لدى الأسماك
    تبدي الأسماك المنبسطة والحنكليس تحولاً شكلياً حقيقياً. فبيوض الأسماك المنبسطة تنقف لتخرج منها يرقات سابحة متناسقة، تنضغط جانبياً بالتدريج، ويطرأ على رأسها تغير واضح يتجلى في هجرة إحدى العينين إلى الجانب الآخر من جسم الحيوان الذي يواجـه الضوء في حالة البلوغ. وفي الوقت نفسه يصير الحيوان «قاعياً benthic» ويحط على قاع البحر بحيث ينطبق سطحه المجرد من العيون على قاع البحر، الذي يمثل، مثلاً، الجانب الأيسر من سمك موسى sole، والجانب الأيمن من سمك الترس (التربوت) turbot.
    وفي أثناء هجرة اليرقات، التي تستغرق سنتين ونصف تقريباً من بحر السرغس إلى شواطئ أوربة، يبقى الحنكليس الفتي على شكله اليرقي الذي يسمى «اليرقة رفيعة الرأس leptocephalus» المسطحة ذات الشكل الورقي، التي تكبر بالتدريج مندفعة مع تيار الخليج. وعندما تصل اليرقة إلى الرصيف القاري لأوربة يبدأ تحولها الشكلي فتصير أسطوانية الشكل وتفقد نحو 20٪ من طولها و80٪ من وزنها. وهكذا تصير ما يسـمى «فرخ الحنكليس» الذي يدخل مصبات الأنهار والنطاقات الساحلية. ويطابق الانخفاض الكبير في وزن اليرقة تجفاف حقيقي سببه دون شك الغدة الدرقية. ويعد دخول المياه العذبة ضرورياً لإزالة التجفاف عن نسج «الفرخ».
    التحول الشكلي لدى مفصليات الأرجل
    تبدي القراديات Acarina تحولاً شكلياً معقداً، إذ تمر في مراحل مختلفة شكلياً وحياتياً. فتخرج من البيضة يرقة لها ثلاثة أشفاع من الأرجل، تنسلخ لتصبح حورية ذات أربعة أشفاع من الأرجل ولكنها تبقى دون فوهة تناسلية. وتنسلخ هذه الحورية ليظهر الحيوان البالغ بأربعة أشفاع من الأرجل مجهزاً بفوهة تناسلية.
    أما بقية العنكبيات، العقارب والعناكب Aranea، فإنها لا تمر في تحول شكلي، فاليرقات والأشكال البالغة لا يختلف بعضها عن بعضها الآخر من الناحية الشكلية، والتغيرات التي تطرأ على بعض الأعضاء أو البنى فيها يمثل تغيرات فيزيولوجية فحسب.
    ومن القشريات مجموعات تنقف بيوضها لتظهر أفراد تشبه الأفراد البالغـة، ويبدو أنها لا تمر في تحول شكلي، وبعضها الآخر يخرج من البيضة يرقات أهمها النوبليوس Nauplius التي يتقطع جسمها عند كل انسلاخ لتصل بالتدريج إلى مرحلـة البلوغ، ويبدي بعضها أنواعاً مختلفة من التحول الشكلي إذ يمر بمراحل يرقية مختلفة. فالقريديس (الأربيان، الجمبري) Penaeusيمر في مراحل النوبليوس، ثم النوبليوس التالية metanaupliu، ثم الزوئية zoea، ثم المايسيس mysis، قبل أن يصل إلى الحيوان البالغ. أما السرطان فله يرقة تشبه السرطان لكن بطنها كبير وممتد. والجدير بالذكر أن هذه التحولات تتحكم فيها هرمونات تشبه إلى حد كبير هرمونات الحشرات.

    حسن حلمي خاروف

  9. #189
    التركيب الضوئي

    التركيب الضوئي مجموعة من العمليات الحيوية، تستطيع بها النباتات الراقية والطحالب الحاوية على اليخضور اصطناع موادها العضوية المختلفة، بدءاً من الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون. ويشترط لحدوث هذه الحادثة توافر الضوء. ويرافق هذه الحادثة تحرير الأكسجين، ويمكن إيجاز ما تقدم بالمعادلة التالية:
    وتتضح أهمية التركيب الضوئي إذا عُلِم أن جميع الكائنات التي تعيش على سطح الأرض تعتمد في تنفسها على الأكسجين الناتج عن هذه الحادثة، كما تعتمد في غذائها على المواد العضوية المتكونة بفعل التركيب الضوئي، إذ تمثل هذه المواد المصدر الرئيس للطاقة والغذاء وأساس الاستمرار في الحياة لمعظم الكائنات الحية على سطح الأرض.
    تنظيم التركيب الضوئي
    تجري عملية التركيب الضوئي بخطواتها المختلفة ضمن خلايا الأقسام الخضر في النباتات الراقية، وتحديداً ضمن الصانعات الخضر chloroplasts التي هي عضيات خلوية صغيرة، كروية أو عدسية أو بيضية الشكل، تحتوي على صباغاليخضور chlorophyll الذي يُمكِّنها من اقتناص الطاقة الضوئية والتصرف بها.
    أما في النباتات الدنيا ـ كالطحالب Algae مثلاً ـ فإن عملية التركيب الضوئي تجري ضمن عضيات خلوية أخرى، تدعى حوامل الأصبغة chromatophores التي تختلف عن الصانعات الخضر في الشكل والبنية.
    بنية الصانعات الخضر
    الصانعات الخضر مصنع يتم فيه إنتاج الأكسجين والمادة العضوية في خلايا النباتات الراقية. يحيط بالصانعة الخضراء غشاءان، أحدهما خارجي يفصلها عن سيتوبلاسما الخلية، والآخر داخلي، ينخفض في أقسام منه نحو الداخل مشكلاً كيسات أو حويصلات قرصية تدعى تيلاكوئيدات Thylakoides، تبدأ بالانضغاط على نفسها تاركة في داخلها حيزاً ضيقاً يدعى الحويصل loculus، ولا تلبث فيما بعد أن تنفصل عن الغشاء الداخلي متحررة ضمن سردة stromaالصانعة. وهكذا يُميز ضمن الصانعات الخضر ثلاث مناطق: الحويصل وغشاء الحويصل وسردة الصانعة الخضراء. ويمكن للحويصلات أن تتكدس فوق بعضها في مناطق من الصانعة مشكلة حبيبات grana، أو تستمر متوازية ضمن سردة الصانعة مشكلة مناطق بين حبيبية intergrana (الشكل-1).
    تنشأ الصانعات الخضراء من أجسام صغيرة قابلة للانقسام والتمايز، تعرف بالأجسام البدئية initial-bodies التي توجد ضمن الخلايا الفتية، ولا تلبث هذه الأجسام إذا ما توافر الضوء، أن تتوسع وتزداد حجماً معطية صانعات خضر وظيفية.
    أصبغة التركيب الضوئي
    أصبغة التركيب الضوئي هي جزيئات عضوية، ذات تركيب كيمياوي محدد، تتناوب فيه غالباً الروابط المضاعفة مع الروابط البسيطة، مما يكسب هذه الجزيئات خواص لونية تمكنها من امتصاص أمواج ضوئية محددة، والاستفادة منها في تفاعلات التركيب الضوئي. توجد هذه الأصبغة في الصانعات الخضراء لدى النباتات الراقية، وفي حوامل الأصبغة لدى النباتات الدنيا، وتقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية.
    الأصبغة اليخضورية
    بيّن العالم الألماني فيشر H.Fischer منذ عام 1930 البنية الكيمياوية لجزيئة اليخضور، المؤلفة من هيكل بورفيرين porphyrine(هيكل رباعي البيرول tetrapyrole) وجذر فيتول phytile (كحول طويل السلسلة) مرتبط به، (الشكل-2). يحتوي هيكل البروفيرين شاردة المغنزيوم في منتصفه، وتتناوب فيه الروابط البسيطة والروابط المضاعفة، مما يكسب جزيئة اليخضور خاصية التلون وامتصاص الضوء، كما تقدم. أما جذر الفيتول فإنه يمثل مركباً كارهاً للماء، يكسب جزيئة اليخضور خاصية دهنية، ويحول دون تجمدها في درجات الحرارة المنخفضة، إضافة إلى أنه يقوم بدور مهم في تثبيت جزيئة اليخضور ضمن أغشية الصانعات الخضر.
    تمثل الأصبغة اليخضورية اللاقط الرئيسي لضوء الشمس أو للضوء بوجه عام، وتقسم إلى عدة أنماط من أهمها:
    ـ اليخضور (أ) chlorophyll a الذي يعد أهم أصبغة التركيب الضوئي على الإطلاق، ويوجد في جميع النباتات التي تقوم بهذه الحادثة؛ عدا الجراثيم ذات التركيب الضوئي، إذ يحلّ بدلاً منه اليخضور آ ـ الجرثومي bacterio chlorophyII a.
    ـ اليخضور (ب) chlorophyll b الذي يوجد مرافقاً اليخضور (أ) ومساعداً له، لكن كميته أقل من اليخضور (أ).
    الطيف الامتصاصي لليخضور
    يتحدد مجال الضوء الأبيض من مجمل الطيف الكهرمغنطيسي الصادر عن الشمس، ما بين 390 و760 نانومتر(نانومتر = 10-9متر). يبدي اليخضور ضمن هذا المجال امتصاصاً أعظمياً للإشعاعات الزرق (430-470 نانومتر) وللإشعاعات الحمر (640-675 نانومتر)، ويتضاءل أو ينعدمالامتصاص في مجال الإشعاعات الخضر (470-560 نانومتر). لهذا تبدو الأصبغة اليخضورية خضراء اللون، أي إنها لا تمتص الضوء الأخضر، الذي ينعكس أو ينفذ من المحلول اليخضوري. استناداً إلى ما تقدم ظهر مفهوم الفجوة الخضراء green gap ضمن طيف الضوء المرئي لعملية التركيب الضوئي.
    الأصبغة الجزرينية
    توجد الأصبغة الجزرينية carotinoides مرافقة اليخضور ضمن الصانعات الخضر في النباتات ذات التركيب الضوئي، وغالباً ما تكون مقنعة باللون الأخضر لليخضور، ولكن عند زوال هذا الأخير تظهر ألوانها التي تتدرج بين الأحمر والأصفر وهي التي تكسب الأوراق النباتية ألوانها المميزة في فصل الخريف. يتجلى دور هذه الأصبغة في عملية التركيب الضوئي في إحاطتها لجزيئات اليخضور موفرة لها الحماية والوقاية، لاسيما تجاه الشدات الضوئية العالية، كما تقوم بتحويل الإشعاعات الضوئية الممتصة من قبلها إلى اليخضور للتصرف بها.
    تعد هذه الأصبغة من الناحية الكيمياوية مركبات كربونية مهدرجة، تحتوي على 40 ذرة كربون، وتكوِّن سلسلة خطية ذات روابط مضاعفة متناوبة مع روابط بسيطة. وتحمل السلسلة في أحد طرفيها أو في كليهما حلقة عضوية مغلقة أو مفتوحة، (الشكل-3). لا تنحل هذه الأصبغة في الماء ـ بسبب السلسلة الكربونية ـ بل تنحلّ في المذيبات العضوية (كالكحول)، وتقسم إلى مجموعتين:
    ـ الجزرينات carotens: وهي أصبغة لا يدخل الأكسجين في تركيبها الكيمياوي، ومثالها الجزرين بيتا b-caroten، الذي يمثل المصدر الرئيس لفيتامين أ في الطبيعة.
    ـ الكزانتوفيلات xanthophylls: يدخل الأكسجين في تركيب هذه الأصبغة، ويتبدل تركيبها الكيمياوي بحسب نوع الزمرة الكربونية ـ الأكسجينية، ومنها صباغ الليوتين lutein مثل الذي يوجد بكثرة في الأزهار والثمار الناضجة، كما يوجد أيضاً مادة ملونة ضمن ريش الطيور إذ يأتي عن طريق تناولها له مع الغذاء النباتي.
    أصبغةالآحيات الصفراوية
    توجد أصبغة الآحيات الصفراوية في النباتات الراقية، وكذلك في بعضالطحالب ضمن حوامل الأصبغةchromatophores وفي الجراثيم ذات التركيب الضوئي. تبدو هذه الأصبغة زرقاء مخضرة أو حمراء بنفسجية ودورها في عملية التركيب الضوئي مشابه لدور الأصبغة الجزرينية، فهي أصبغة ملحقة تقوم بتحويل الطاقة الممتصة من قبلها إلى اليخضور.
    تتألف هذه الأصبغة من أربع حلقات بيرول tetrapyrol مرتبطة بعضها ببعض، وترتبط بسلسلة بروتينية. وتعد هذه الأصبغة مركبات قابلة للانحلال في الماء، فهي لا تحتوي في بنيتها على جذر فيتول أو على شاردة مغنزيوم كما في اليخضور(الشكل -4).
    تقسم الآحيات الصفراوية إلى ثلاث مجموعات صباغية هي: أصبغة الفيكوارترين phycoerytherin الحمر، وكل من أصبغة الفيكوسيانين phycocyanin والألوفيكوسيانين allophycocyanin ذات اللون الأزرق.
    آلية التركيب الضوئي
    لا تجري عملية التركيب الضوئي دفعة واحدة وبتفاعل كيمياوي بسيط بل على عدة مراحل. وكان العالم واربورغ Warburgأول من أشار إلى وجود نمطين من التفاعلات: الأول هو مجموعة من تفاعلات أكسدة وإرجاع وإنتاج للطاقة، وتتأثر بالضوء الذي يحض على سيرها، والثاني هو مجموعة تفاعلات كيمياوية أنزيمية تؤدي إلى إنتاج الكربوهيدرات، وتتأثر أيضاً بالضوء (كما وجد حديثاً). استناداً إلى ذلك سميت المجموعة الأولى بالتفاعلات الكيمياوية الضوئية photochemical reactions والثانية بالتفاعلات الأنزيمية enzymatic reactions.
    ـ التفاعلات الكيمياوية ـ الضوئية: تجري هذه التفاعلات ضمن الكيَيْسات أو الحويصلات القرصية thylakoides ضمن الصانعات الخضر، وهي تتضمن تفاعلات شطر جزيئات الماء وتحرير الأكسجين، وانتقال الإلكترونات في سلسلة من النواقل الإلكترونية، واستخدام فرق الكمون الناجم عن النقل الإلكتروني في إنتاج جزيئات حيوية غنية بالطاقة (الأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP).
    ـ النظامان الضوئيان في عملية التركيب الضوئي: لقد وجد أنه من أجل شطر جزيئات الماء وانتقال الإلكترونات في سلسلة النقل الإلكتروني الضوئي، لابد من توافر أصبغة تركيب ضوئي ونواقل إلكترونية محددة ترتبط جميعاً وفق ترتيب محدد في مجموعتين من البروتينات المتخصصة ضمن الأغشية الثلاكوئيدية مشكلة ما يعرف بنظامي التركيب الضوئي الثاني ثم الأول photosystem ll,l المعروفين بالاختصارين PSI وPSII.
    ـ النظام الضوئي الثاني في عملية التركيب الضوئي: يتم ضمن النظام الضوئي الثاني PSII في البدء شطر جزيئات الماء وتحرير الأكسجين بوساطة معقد أنزيمي يدعى معقد تحرير الأكسجين oxygen evoulving complex أو اختصاراًOEC، وتتحرر أيضاً الإلكترونات التي تنتقل أشفاعاً في مجموعة من النواقل (الشكل-5) هي مركبات كيمياوية (كينونات، سيتوكرومات) ذات خواص أكسدة وإرجاع، ترتبط بمجموعة من البروتينات البنيوية ضمن الغشاء التيلاكوئيدي.
    إن هذا النقل لم يكن ليجري لولا وجود اليخضور والأصبغة الأخرى الملحقة التي تترتب ضمن هذا النظام على هيئة معقدات لاقتناص الضوء light harvesting complex، تقوم باقتناص الطاقة الضوئية، وتحويلها تدريجياً إلى جزيئتين محددتين مناليخضور (أ) ذي الموجة الامتصاصية 680 نانومتر (CHI.680) التي تشكل المركز التفاعلي لهذا النظام reaction centre ii أوRCII. يقوم عندها هذا المركز التفاعلي بالاستفادة من الطاقة التي تصل إليه في تحريض الإلكترونات ودفعها للانتقال بعكس مسارها التلقائي مدة قصيرة. تتابع الإلكترونات بعد ذلك انتقالها تلقائياً حتى تصل إلى الناقل الإلكتروني بلاستوسيانينPlastocyanin أو PC، الذي يتمتع بكثافة إلكترونية منخفضة (كمون أكسدة موجب E =+400mV)
    النظام الضوئي الأول في عملية التركيب الضوئي: تتم ضمن هذا النظام متابعة نقل الإلكترونات الواصلة إليه من النظام الضوئي الثاني، لكن البلاستوسيانين مركب ذو كمون موجب ولا يمكنه تلقائياً إعطاء الإلكترونات إلى النواقل التي تليه ذات الكمون السالب. وهنا يبرز دور معقد اقتناص الضوء الأول light harvesting complex I أو LHCI، الذي يشبه إلى حد بعيد من حيث البنية والوظيفة ذاك المعقد ضمن النظام الضوئي الثاني. يتمثل المركز التفاعلي لدى النظام الضوئي الأول بجزيئتين من اليخضور (أ) ذي امتصاص الموجة 700 نانومتر، يُرمز لهما بـ Chl.a700 أو RCI. يقوم هذا المركز بدفع الإلكترونات، بعكس سلم التراكيز، التي تتابع بعد ذلك الانتقال حتى تصل إلى مركب النيكوتين أميد ثنائي النيكليوتيد المفسفر NADP. يتوضع هذا المركب إلى الجهة الخارجية من الأغشية التيلاكوئيدية (جهة سردة الصانعة) ويتحول بفعل الإلكترونات الواصلة إليه في نهاية النقل الإلكتروني الضوئي وبفعل الهيدروجين إلى الشكل المرجع (NADPH2)، الذي سيفيد فيما بعد في إرجاع غاز ثاني أكسيد الكربون وتشكيل الكربوهيدرات.
    الفسفرة الضوئية: إن المانح الأولي للإلكترونات (وهو جزيئة الماء) يمتلك كموناً موجباً (E = + 800 mV) ويمتلك المستقبل النهائي لها كموناً سالباً (E = -700 mV)، أي إن الإلكترونات تجتاز عتبة من فرق الكمون تساوي 1.2 فولت. تجري بفعل حادثة الفسفرة الضوئية photo- phosphorylation، الاستفادة من فرق الكمون هذا في إنتاج جزيئات كيمياوية غنية بالطاقةATP بدءاً من الفوسفات اللاعضوي Pi ومركب ADP وذلك بوساطة معقد بروتيني خاص بإنتاج الطاقة ومنخمص ضمن الغشاء التيلاكوئيدي، يدعى بمعقد الأتيبازATP-ase.
    التفاعلات الأنزيمية: تجري هذه التفاعلات ضمن سردة الصانعة الخضراء stroma ويتم بها تثبيت غاز ثاني أكسيد الكربون وإرجاعه لتشكيل سكريات بسيطة، وذلك في حلقة كيمياوية تتضمن 13 تفاعلاً أنزيمياً، ويشترك فيها عدد كبير من السكريات الثلاثية والرباعية والخماسية والسداسية والسباعية الكربون، تدعى هذه الحلقة حلقة كالفن Calvin-cycle نسبة إلى مكتشفها.
    إن الناتج النهائي لحلقة كالفن يمثل سكراً سداسياً هو الغلوكوز المفسفر، يتبيّن أنه من أجل إنتاج جزيئة واحدة من هذا السكر لابد لهذه الحلقة من الدوران ست مرات. لقد وجد أنه من الممكن أحياناً أن تغادر بعض السكاكر الثلاثية المسهمة في حلقة كالفن الصانعة الخضراء باتجاه سيتوبلاسما الخلية، حيث تفيد هناك في تشكيل سكريات مختلفة (كسكر القصب مثلاً) إضافة إلى بعض المركبات العضوية الأخرى.
    كما يمكن لسكر الغلوكوز المتشكل بفعل حلقة كالفن أن يتحول داخل سردة الصانعة أو في مناطق أخرى من الخلية إلى كثير من المركبات العضوية (سكريات وأحماض دسمة وأحماض أمينية).
    لابد هنا من الإشارة أيضاً أنه لا يمكن لحلقة كالفن الدوران وإنتاج الكربوهيدرات إلا إذا توافرت لها نواتج التفاعلات الكيمياضوئية المتمثلة بـ ATP وNADPH2. وهكذا تتضح صلة الوصل الوثيقة بين التفاعلات الكيمياوية الضوئية الجارية ضمن الأغشية التيلاكوئيدية، والتفاعلات الأنزيمية الجارية ضمن سردة الصانعة، كما يتبيّن التأثير غير المباشر للضوء أيضاً في هذه التفاعلات. إضافة إلى ما تقدم فقد تبيّن حديثاً أن الضوء يقوم بدور مباشر ومنظم لحلقة كالفن عن طريق تحريضه عدداً من أنزيماتها (كأنزيم روبيسكو) على العمل، إذ تكون هذه الإنزيمات خاملة في الظلام.
    العوامل الخارجية المؤثرة في التركيب الضوئي
    تتأثر عملية التركيب الضوئي، كأية عملية حيوية، بمجموعة من العوامل الداخلية (التشريحية) والعوامل الخارجية (ضوء وثاني أكسيد الكربون وحرارة ورطوبة ومثبطات وعناصر معدنية...). لا يستطيع المرء دراسة أثر كل هذه العوامل مجتمعة، بل يعمد إلى دراسة أثر كل عامل على انفراد، ومن أكثر العوامل الخارجية تأثيراً:
    أثر الضوء: تتوقف عملية التركيب الضوئي تماماً في الظلام، ولكن شدتها تبدأ بالازدياد مع شدة الضوء الأبيض ما لم يتدخل أحد العوامل المحددة الأخرى (ثاني أكسيد الكربون والحرارة والماء...) حتى تصل إلى حدٍ معين لا تزداد بعده، إذ تكون هذه العملية قد وصلت حد الإشباع الضوئي عندها. وتتعلق قيمة حد الإشباع هذا بنوعية النبات، فهي تبلغ نحو 1000 لوكس lux (واحدة قياس الشدة الضوئية) في النباتات المحبة للظل، وتصل إلى 5000 لوكس في النباتات المحبة للضوء، وتدعى الشدة الضوئية التي تتساوى عندها شدة التركيب الضوئي (انطلاق الأكسجين) مع شدة التنفس (استهلاك الأكسجين) بنقطة التعادل الضوئي، (الشكل-6).
    يؤدي ارتفاع الشدات الضوئية، إلى مجالات أعلى من حد الإشباع، إلى الإضرار بجهاز التركيب الضوئي، وينعكس ذلك سلباً على العملية ذاتها، التي تبدأ بالتناقص. ويمكن في الشروط الطبيعية ملاحظة هذا الأثر عند النقل الفجائي لأحد نباتات الظل المتأقلمة إلى منطقة أخرى معرضة لضوء الشمس المباشر، إذ يبدأ النبات عندها بالاصفرار التدريجي نتيجة تخرب اليخضور، ومن ثم موت النبات.
    ثاني أكسيد الكربون: تتعدد مصادر غاز ثاني أكسيد الكربون في الطبيعة (تنفس كائنات حية ودخان وتفسخ مواد عضوية وبراكين...) ومع ذلك فإن نسبة هذا الغاز في الجو لا تزيد على 0.03٪. وتعد هذه النسبة دون حد الإشباع لحادثة التركيب الضوئي، لذلك، ومع ازدياد هذه النسبة ضمن المجال 0.03-0.20٪، ومع توافر الشروط الأخرى الملائمة (ضوء وحرارة ورطوبة...)، فإن شدة التركيب الضوئي تزداد باطراد. ويجري استغلال الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون ضمن البيوت البلاستيكية والزجاجية المغلقة حيث يصل تركيزه ضمنها حتى 0.1٪، الأمر الذي يقود إلى رفع إنتاجية النباتات الباكورية ضمن هذه البيوت بمعدل ثلاث مرات.
    إلا أن ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون إلى حدودٍ أعلى من 0.2٪ ينعكس سلباً، بصورة غير مباشرة، على عملية التركيب الضوئي، حيث تتثبط حادثة التنفس ويموت النبات، ويؤدي انخفاض تركيز هذا الغاز دون 0.01٪ إلى توقف عملية التركيب الضوئي أيضا،ً نتيجة نقصان الركيزة اللازمة لاصطناع الكربوهيدرات.
    الحرارة: تشتمل عملية التركيب الضوئي على طور من التفاعلات الأنزيمية التي تتأثر تأثراً كبيراً بالتبدلات الحرارية خارج الحدود الفيزيولوجية للنوع النباتي.
    يعد المجال الحراري 10ْ-30ْم هو الأمثل لقيام معظم النباتات بالتركيب الضوئي. ويؤدي ارتفاع درجة الحرارة خارج هذا المجال إلى تثبيط فعالية أنزيمات حلقة كالفن، كما يترافق ذلك مع إحداث تلف في البنى البروتينية للأغشية التيلاوئيدية ضمن الصانعات الخضر، كما يقود الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة إلى توقف الفعاليات الأنزيمية ضمن هذه الصانعات. وعلى الرغم مما تقدم، توجد في الطبيعة بعض الأنواع النباتية المتأقلمة التي تشذ عن هذه القاعدة، فهناك مجموعات من الجراثيم الزرقاء Cyanobacteria تقوم بالتركيب الضوئي، مع أنها تعيش في ينابيع حارة تصل درجة حرارتها إلى + 60ْم، وبالمقابل هناك أنواع نباتية أخرى (أقماح شتوية وسبانخ وشيبيات المناطق القطبية) تتحمل البرد الشديد وتقوم بالتركيب الضوئي في درجات حرارية دون الصفر.
    الماء: يعد الماء ضرورياً لقيام النبات بالتركيب الضوئي، ويتضح ذلك من إلقاء نظرة إلى معادلة التركيب الضوئي، إذ يمثل الماء إحدى الركائز التي تدخل في تفاعلات التركيب الضوئي وتؤثر في سير معادلته. لكن كمية الماء هذه لا تمثل إلا جزءاً يسيراً جداً، وبالتالي فإن نقصان الماء ذو تأثير غير مباشر على معادلة التركيب الضوئي ذاتها، إلا أن نقصان الماء يقود إلى إغلاق النبات لمساماته للتقليل من النتح المائي، وبما أن المسامات هي الطريق الوحيدة لدخول غاز ثاني أكسيد الكربون إلى داخل الخلية النباتية، فإن إغلاقها سيقود بالنتيجة إلى تباطؤ أو توقف حادثة التركيب الضوئي.

    عبد الكريم شريف عيّاش

  10. #190
    التريديات

    التريديات Pteridophyta مجموعة كبيرة من النباتات الراقية غير البذرية الموغلة في القدم، تمتد أصولها إلى ما قبل 400 مليون سنة، وقد بلغت درجة ملحوظة من التنوع والتطور. وانقرضت غالبية أنواعها، فلم يبق منها سوى عدد محدود، تربطه بأسلافه سلسلة متصلة الحلقات من العلاقات المعقدة، إلى أن استقرت التريديات على ما هي عليه اليوم من تعضٍّ وشكلٍ ووظيفة.
    النبات المتعضي والمتمايز إلى جذر وساق وأوراق في التريديات هو نبات بوغي ضعفاني الصيغة الصبغية، خلافاً للبريويات Bryophytes، التي لأجسامها النباتية الصيغة الفردانية، ممثلة بالنبات العرسي. يشير هذا الأمر إلى وجود انقلاب ملحوظ في دورة حياة التريديات، التي يتعاقب فيها الجيل البوغي غير الجنسي المستقل والمسيطر في دورة الحياة، والجيل العرسي الجنسي القصير الأجل.
    تعرض النبات العرسي في التريديات إلى ضمور كبير، رافقه ضمور عام أصاب الجيل الجنسي في النباتات الراقية. وهكذا تَمثَّل هذا النبات بمَشَرَّة متفاوتة التطور. تحمل النباتات العرسية أعضاء التكاثر الذكرية والأنثوية. وبتلاقي الأعراس تتكون البيضة الملقحة (2n) التي تعد الخلية الأولى في النبات البوغي الجديد.
    أثارت ظاهرة تكون الأوعية الناقلة والأسطوانات المركزية في التريديات اهتمام الباحثين. فرصدوا بدء ظهور النسيج الوعائي، الذي كان مفقوداً في البريويات، وتابعوا مسيرته من الأبسط إلى الأعقد، ضمن أنواع التريديات، حتى الأوعية الكاملة أو القصبات trachea في البذريات.
    انتشرت التريديات القديمة في العصر الكربوني، وكان بعضها أشجاراً عملاقة، كونت جذوعها الغابات الكربونية للفحوم الحجرية المهمة. ومع تنوع التصانيف التي اقترحت للتريديات، فإن الدراسات المعمقة للأعضاء الإعاشية والتكاثرية للنباتات المستحاثية والمعاصرة أجمعت على وضعها في خمس شعب هي: الجرداوات Psilophyta، والذئبيات Lycophyta، والإسفينياتSphenophyta، والنيغريات Noeggerathiophyta، والسرخسيات Filicophyta.
    1 ـ شعبة الجرداوات
    تعرف هذه المجموعة أيضاً بالرنات أو الريِنوفيتا Rhyniophyta. وينضوي تحت هذا الاسم جميع الأنواع التي عاشت في العصرين السيلوري والديفوني منذ نحو 400 مليون سنة، وانقرضت كلها. وهي أول النباتات الوعائية الراقية التي عاشت على سطح اليابسة.
    تضم النباتات الجرداوات أو البسيلوفيتا أكثر من 20 جنساً، تكون بداية اكتشاف النباتات الوعائية التي تميزت سوقها بوجود أقدم أسطوانة مركزية ناقلة، وهي الدعامة الأولية Protostele، التي لفتت انتباه الباحثين واستأثرت باهتمامهم الواسع. لقد تكونت أجسام هذه النباتات من قطع محورية بدائية ثنائية التفرع عارية، عرفت باسم النُهاءات أو «التيلومات» Telomes، وقد انطلقت من هذه البنية المبسطة الجرداوية مفاهيم النظرية النُهائية أو التيلوميةTelome theory التي قدمها المورفولوجي الشهير ولتر زيمرمان Walter Zimmermann والتي تحاول شرح تطور النباتات الوعائية الأولى.
    تتمثل شعبة الجرداوات بنبات الرينيا (الشكل 1) الذي كان يشبه القصب بطول 50سم وقطر 5-6مم. حفظت آثار سيقانه الجرداء ومغلفات أبواغه المتطاولة حفظاً جيداً في الأحجار الصوانية (السيليكا) الأمر الذي سهل على الدارسين متابعة تفاصيله الدقيقة.
    2ـ شعبة الذئبيات
    تمثلت الليكوفيتا قديماً بأنواع عشبية وشجرية، كان لها على الغالب سوق وأوراق وجذور، وشكلت أحد الفروع القديمة للتريديات. وقد عُرفت بقاياها في العصر السيلوري وازدهرت في الكربوني حيث انتشرت البنية العشبية، كما تشكلت أكثر الأشجار العملاقة، التي انقرضت كلها ولم يبق منها اليوم سوى بعض الأنواع العشبية الصغيرة، وخاصة أجناس: ليكوبوديومLycopodium، وسيلاجينلا Selaginella، وإيزوتيس Isoetes.
    يعد جنس ليبيدودندرون Lepiodendron (الشجرة الحرشفية) من أحسن ما عرف من أجناس الذئبيات. ولهذا الجنس هيئة شجرة طولها 30-40م وقطرها 1-2م. أظهرت الأجزاء العلوية لجذع الشجرة المستقيم تفرعات ثنائية على هيئة «التاج» كما غُطيت فروعها الشديدة التشعب أوراق غزيرة توضعت حلزونياً. وتفاوتت أطوال الأوراق بحسب الأنواع من 1-50سم وتميزت بوجود اللسينات ligules. أما الأجزاء السفلية لجذع شجرة الليبيدودندرون فقد شابهت «التاج» بتفرعاتها الثنائية وبدت كأنها امتداد للساق، وبذلك شكلت حاملات جذور Rhizophores ضخمة سميت ستيغماريا Stigmaria ولوحظت عليها بوضوح آثار جذور ناتجة منها (الشكل ـ 2).
    اشتقت تسمية ليبيدودندرون من الآثار التي حملتها قشرة جذع الشجرة، إذ بدا غنياً بالتزيينات المنتظمة صفوفاً حلزونية. هذه التزيينات نجمت عن سقوط الأوراق التي تركت آثارها بشكل وسيدات ورقية coussinetes. وأخذت كل وُسَيدة شكل المعين، وبدت محدبة مرتفعة على سطح الجذع ثم تابعت نموها معه بشكل أو بآخر، الأمر الذي سمح بتحديد الأنواع النباتية لهذا الجنس.
    تحمل الوُسَيدة الواحدة بكل وضوح أثر اللُّسينة الساقطة، وأثراً من ضلع الورقة وأثرين شفعيين من النسج الرخوة التي تسهم، على ما يبدو، في تهوية النسج العميقة لجذع الشجرة.

    وتمايزت على النهايات العلوية المتفرعة لساق «ليبيدودندرون» مخاريط بوغية تفاوتت قياساتها بحسب الأنواع: من 2.5 إلى 30سم طولاً ومن 1 إلى 7.5سم قطراً. وعلى محور المخروط انتظمت الأوراق البوغية المتماثلة، وغير الأبواغ المتماثلة، بترتيب حلزوني. وهكذا توضعت مغلفات البوغ الصغيرة في الجزء العلوي من المخروط، والمغلفات الكبيرة في الجزء السفلي منه، وحملت معظم الأوراق البوغية لسينات. كما لوحظت في بعض الأنواع مخاريط وحيدة الجنس.
    وعاشت أشجار السيجيلاريا (الشكل 3)، التي ترتفع جذوعها حتى 30م، مع الليبيدودندرون في العصر الكربوني وشكلت آنذاك غابات ضخمة، ولوحظت أبواغهما بكميات لا تحصى مدفونة في الفحوم الحجرية العالية الجودة.
    3ـ شعبة الإسفينيات:
    أهم ما يميز النباتات الإسفينية تمايز الساق إلى عقد وسلاميات، لذلك سميت المفصليات Articulatae، وتَوضُّع الأوراق الصغيرة على الساق بشكل «إسفين». (الشكل 4)
    لم يبق في الإفلورة المعاصرة من الإسفينيات سوى الجنس الوحيد الإيكويستوم أو أذناب الخيل[ر] Equisetum، الذي يشكل بقايا زهيدة لأنواع نباتية كثيرة ظهرت في الديفوني وانتشرت في الكربوني، ثم بدأت بالانطفاء في بداية العصر الترياسي. وعلى الأرجح يرتبط منشأ الإسفينيات بالجرداوات، وخاصة من نمط الجرداوي «بسيلوفيتون» Psilophytum. ويتمثل أذناب الخيل في سورية ولبنان بالأنواع التالية: ذنب الخيل الأقصى E.maximum، ذنب الخيل الأقرع E.ramosissimum، ذنب الخيل المستنقعي E.paslustre.
    4ـ شعبة النغريات:
    تضم هذه الشعبة صفاً واحداً هو نيغرتيوبسيدا Noeggerathiopsida، وثلاث رتب مستحاثية.
    5ـ شعبة السرخسيات (الفيليكوفيت):
    تتميز نباتات هذه الشعبة بتكرر الأوراق الضخمة مقارنة بالذئبيات والإسفينيات، وخاصة في الأجناس المعاصرة من السراخس[ر] الحديثة.

    غسان عياش

صفحة 19 من 146 الأولىالأولى ... 91718 1920212969119 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال