صفحة 15 من 146 الأولىالأولى ... 51314 1516172565115 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 141 إلى 150 من 1457
الموضوع:

( علم الاحياء ) بكل مصطلحاتة ومفاهيمة وتراكيبة العلمية ستجدها هنا - الصفحة 15

الزوار من محركات البحث: 64847 المشاهدات : 322135 الردود: 1456
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #141
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: July-2014
    الدولة: ميسوبوتاميا
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 41,251 المواضيع: 3,594
    صوتيات: 132 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 44361
    المهنة: طالب جامعي
    أكلتي المفضلة: حي الله
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 19
    الأعضاء المضيئة

    قد تفضي تبدلات الطاقة الحرّة في بعض التفاعلات الكيمياوية إلى إصدار الضوء، إذ تهتاج إلكترونات الجزيئات المتفاعلة فترتفع إلى مستوى من الطاقة أعلى، ولدى عودتها إلى حالتها الأصلية تنشر فائض الطاقة على شكل كَمّات quantaضوئية أو فوتونات photons. ويحدث تحرير الطاقة المشعة هذا نتيجةً للاستقلاب في بعض الجراثيم والفطور، وفي أمثلة معينة من جميع الشعب الحيوانية. هناك عدة أنواع مختلفة من الجراثيم ولاسيما الجنسان: الجرثوم الضوئي Photobacteriumوالجرثوم اللاصبغي Achromobacter، تُصْدِر ضوءاً. وهي تنمو على الأسماك الميتة واللحم الفاسد.
    سمك أبو شص يحمل عضواً مضيئاً في نهاية سويقة متحركة فوق خطمها يستخدمه الحيوان شركاً لاصطياد فرائسه
    آلية إصدار الضوء
    يُعرف عن هذه الأنواع المصدرة للضوء أهمية الأكسجين لإضاءتها الحيوية، كما يُعرف اليوم أن التفاعل المؤدي إلى إصدار الضوء فيها ماهو إلا تفاعل تأكسدي يتطلب إضافة نوكليوتيد فلافيني وألدهيد طويل السلسلة، إضافة إلى إنظيم نوعي يحمل اسم لوسيفيراز luciferase. أما ديدان الأرض المضيئة من جنس Eiseniaفإنها تطرح مخاطاً أصفر اللون من ثقوب في ظهرها يتوهج بضوء أخضر مصفر حالما يلامس الهواء، ويبدو أن هذا الصباغ هو الريبو فلافين.
    انتشار الأعضاء المضيئة
    تكثر النماذج المضيئة في الشعب الحيوانية الكبيرة، مثل الحيوانات الأوالي[ر] ومعائيات الجوف والحلقيات[ر] والرخويات[ر] ومفصليات الأرجل[ر] والفقاريات[ر]. وفي المجموع يبلغ عدد الأنواع الحية المصدرة للضوء نحو خمسين نوعاً، تكون في معظمها من الحيوانات البحرية، في حين لايوجد منها في المياه العذبة إلا بعض الجراثيم وأحد أنواع البطلينوس وهو اللاتِية اللاصقة Latia neritoides (وهو واحد من الرخويات التي تلتصق بالصخور) في بحيرات نيوزيلندة وجداولها.
    سمك النيون Cheirodon axelrodi
    أما بين الأنواع الحيوانية التي تعيش على اليابسة فلا يوجد من مُصْدرات الضوء إلا اليراعات والديدان النارية والبق المضيء وبضع رتب أخرى من الحشرات[ر] ومئويات الأرجل وألفيات الأرجل وديدان الأرض، إضافة إلى أحد الحلزونات الأرضية. ولا توجد أعضاء مضيئة لدى فقاريات اليابسة، كمالا توجد لدى النباتات باستثناء الجراثيم والفطور.
    أنماط الأعضاء المضيئة
    توجد ثلاثة طُرُز أساسية للإضاءة الحيوية، تُوجَزُ فيما يلي:
    استخدام الجراثيم المضيئة بأسلوب التعايش: فهناك أنواع من الحبّار وقليل من فصائل الأسماك العظمية ساكنات البحار العميقة تعتمد على جراثيم مصدِرة للضوء تتعايش معها وتنمو في أكياس نسيجية خاصة. وقد تتزود هذه الأكياس بعاكس وعدسة وبساط صباغي لتوفير التحكُّم في إصدار الضوء، كما هي الحال في أسماك من فصيلة الشاذّات Anomalopidae.
    حاملات الضوء لدى القشري (رتبة البوفاوزيات) Meganyctiphanes norvegica
    الإضاءة خارج الخلايا: ويكثر هذا الطراز في اللافقاريات البحرية، في حين يندر في لافقاريات اليابسة وفي الأسماك [ر] فيما عدا الجنس Searsia. وتظهر المفرزات في هذا الطراز إما بشكل مخاط مضيئ يفرش سطح الجسم، أو بشكل نقط مضيئة، أو تُقذف بشكل سحابة ساطعة، كما هي الحال في المحارة الحفّارة الإصبعيةPholas dactylus وفي الدودة النارية السنِّية Odontosyllis. وتكون الإضاءة الحيوية خارج الخلايا متقطعة في العادة وتخضع لإشراف عصبي. وفي بعض الحيوانات، مثل السبرينيدية Cyprinidia من مفصليات الأرجل، يوجد نوعان من الخلايا يُسْهِمان في إصدار الضوء: أحدهما يفرز المادة الركيزة التي هي اللوسيفرين luciferin، والآخر يفرز الإنظيم أو اللوسيفراز. ويطلق كلاهما مادته ليجري امتزاج الركيزة والإنظيم في الماء بوجود الأكسجين.
    الإضاءة داخل الخلايا: تأخذ البُنى المصدرة للضوء في العالم الحيواني أعقد أشكالها فيما يسمى حاملات الضوءphotophores، حيث يجري إنتاج الضوء داخل الخلايا، ثم يتركز الضوء الصادر عن هذه الخلايا عبر جهاز من المرايا والعدسات، فتبدو البُنْيَةُ بمجموعها كالجوهرة المتلألئة في الظلام. ويوحي بعض حاملات الضوء بمظهر عيون حَلَّ فيها السطح المولد للضوء محل السطح المستقبل للضوء في العين أي الشبكية. وتكون الإضاءة في هذا الطراز متقطعة يتحكم فيها الإشراف العصبي بلا استثناء. ونذكر أمثلة عليها كلاً من الليلية الدخنية Noctiluca miliaris من السوطيات Dinoflagellata، والسَّرْغَسْتة Sergestes من القشريات، والأَقْلَةُ النجمية Acholoe astericolaمن الحلقيات، والفموية Stomias من الأسماك العظمية.
    أهمية الإضاءة الحيوية
    قد تهدف الإضاءة الحيوية إلى إغراء الفريسة للنَّيل منها، أو تكون بغرض الدفاع عن الحيوان بتخويفه لأعدائه، أو لتغطية هربه منها تحت ستار من سحابة الضوء، أو بغرض الجمع بين الذكور والإناث بغية الاقتران [ر] والتكاثر، إضافة إلى استكشاف البيئة في ظلام أعماق البحار عن طريق الإبصار.
    زياد القطب

  2. #142
    الاغتذاء الذاتي

    الاغتذاء الذاتي autotrophy هو قدرة بعض الكائنات الحية على تناول مواد غذائية تستمدها فقط من مركبات بسيطة غير عضوية. وهي عكس الاغتذاء الغيري heterotrophy الممثَّل بحاجة بعض الكائنات الحية الأخرى إلى تناول مواد غذائية من أصل عضوي.
    ويسود الاغتذاء الذاتي في جميع النباتات الخضر، وفي بعض الزمر الجرثومية، ويتمثل بالحصول على الغذاء انطلاقاً من مركبات كيمياوية معدنية مستقرة مثل ثاني أكسيد الكربون، والماء، والأملاح المعدنية المنحلة في الماء، والحموض المعدنية كحمض الآزوت وحمض الفسفور وغيرها، في حين يسود الاغتذاء الغيري في جميع أفراد العالم الحيواني، وفي شعبة الفطريات، وقسم كبير من الجراثيم، وفي جميع النباتات المتطفلة والرمية العاجزة عن القيام بعملية التركيب الضوئي لانعدام اليخضورفيها.
    ويُمَيَّز في الاغتذاء الذاتي طريقتان: اغتذاء ذاتي آزوتي، واغتذاء ذاتي كربوني.
    الاغتذاء الذاتي الآزوتي
    ويتمثل بالقدرة على تمثل المركبات الآزوتية البسيطة. ويتم ذلك بثلاث طرائق: الاغتذاء الذاتي الآزوتي بالأملاح المعدنية، والاغتذاء الذاتي الآزوتي بالنتروجين الحر، والاغتذاء الذاتي الآزوتي بالنتروجين النشادري.
    الاغتذاء الذاتي الآزوتي بالأملاح المعدنية: ويتمثل بالحصول على الآزوت من مركبات ملحية، مثل أملاح نترات البوتاسيوم والصوديوم والكلسيوم التي توجد أصلاً في التربة، أو عن طريق محاليل مركبة منسوبة إلى من ركْبها أول مرة، مثل محاليل ساكس Sachx وكنوب Knop ورولان Raulan وهِلَّر Heller وتسود هذه الطريقة في أغلب كائنات العالم النباتي.
    الاغتذاء الذاتي الآزوتي بالنتروجين الحر: ويتمثل بالحصول على عنصر الآزوت في حالته الحرة الجوية الموجودة في الهواء وتثبيته في الخلية حيث يستخدم في بناء الخلايا أو يقدم إلى كائنات أخرى متعايشة. وتسود هذه الطريقة في زمرة خاصة من الجراثيم تعرف باسم الجراثيم الآزوتية Azotobacter التي تعيش حرة في التربة، وتوجد أيضاً في عدد من الجراثيم المتعايشة مع النباتات الراقية التي تعرف باسم الجذريات Rhizobium التي تتعايش مع جذور الفصيلة الفولية Fabiaceae على شكل عقد صغيرة قطرها نحو 1مم.
    الاغتذاء الذاتي الآزوتي بالنتروجين النشادري: ويتمثل بالحصول على الآزوت من مركبات نشادرية، أي شوارد الأمونيوم القاعدية أو الأساسية. وتسود هذه الطريقة في بعض النباتات الراقية، وفي عدد كبير من المتعضيات الدقيقة.
    وتحتل طريقة الاغتذاء الذاتي الآزوتي بالأملاح المعدنية المكانة الأولى قياساً بالطريقتين الأخيرتين، كما تمثل الأملاح المعدنية الآزوتية أفضل موارد الآزوت اللازم للمزارع الطبيعية والمخبرية.
    الاغتذاء الذاتي الكربوني
    ويتمثل بالقدرة على تمثل الكربون انطلاقاً من غاز ثاني أكسيد الكربون أو من شوارد (أيونات) الكربونات الحامضية الناتجة من انحلال هذا الغاز في الماء مكونة شاردة HCO3، وضم هذا الكربون إلى الماء كلما توافرت الطاقة لتكوين جزيئات عضوية كالسكريات مثلاً. ويتم ذلك بطريقتين: الاغتذاء الذاتي الكربوني بالتركيب الكيمياوي chemosynthesis والاغتذاء الذاتي الكربوني بالتركيب الضوئي photosynthesis.
    الاغتذاء الذاتي الكربوني بالتركيب الكيمياوي: وينطوي على الحصول على الطاقة اللازمة للتركيب الكيمياوي للكربون من طاقة متحررة من تفاعلات كيمياوية ناشرة للطاقة كأكسدة بعض المركبات الطبيعية البسيطة. وتسود هذه الطريقة في زمر كثيرة من الجراثيم، فالجراثيم الهدروجينية hydrogen- bacteria تحصل على الطاقة اللازمة للتركيب الكيمياوي للكربون من الطاقة الناتجة من أكسدة الهدروجين، والجراثيم الكبريتية sulfo- bacteria تحصل على الطاقة اللازمة للتركيب من الطاقة المحرَّرة من أكسدة الكبريت أو أكسدة كبريت الهدروجين H2S، والجراثيم الحديدية ferro- bacteria تحصل على الطاقة اللازمة للتركيب الكيمياوي للكربون من الطاقة المنتشرة من أكسدة مركبات حديدية، والجراثيم النترية nitro- bacteria تستمد الطاقة من أكسدة النشادر وأملاح النتريت.
    الاغتذاء الذاتي الكربوني بالتركيب الضوئي: تُستمد الطاقة اللازمة للتركيب الكيمياوي للكربون من الطاقة المتحررة من الضوء التي تثبتها مركبات كيمياوية ملونة أبرزها اليخضور، وفق المعادلة الإجمالية التالية:
    طاقة + ماء + ثاني أكسيد الكربون ← أكسجين + غلوكوز
    6CO2 + 6H2O + 686kilocalories → C6H12O6 + 6O2
    [ر. التركيب الضوئي]
    ـ تثبيت الكربون في النبات: تُقتنص الطاقة الضوئية بوساطة أصبغة موجودة في العالم النباتي، أبرزها اليخضوروالكاروتين، وتختزن في هيئة جزيئات عضوية بمجموعة من التفاعلات الكيمياوية المعروفة باسم التركيب الضوئي. فالتركيب الضوئيهو تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيمياوية عن طريق تثبيت الكربون اللاعضوي في مركبات عضوية من أبرزها السكريات، في حين تتحرر الطاقة في عملية التنفس التي تستهلك الكربون العضوي المحمَّل بالطاقة وتحوله إلى كربون غير عضوي ممثل بثاني أكسيد الكربون وفق التفاعل الإجمالي التالي:
    C6H12O6 → 6CO2 + 6H2O + 686kilocalories
    [ر. التنفس]. ويقوم النبات اليخضوري الحي بالتنفس باستمرار، أي إنه يستهلك السكريات أو يحرقها إلا أنه يقوم بعمليةالتركيب الضوئي للكربون العضوي كلما تعرض للنور عن طريق تثبيت الكربون اللاعضوي.
    وتُقَدَّر كمية الكربون المثبتة في النبات بالطريقة الوزنية التالية: توزن في الصباح عند الشروق أجزاء خضر من أوراق عباد الشمس. ثم توزن الأجزاء نفسها في المساء بعد غروب الشمس، فتحصل زيادة في وزن الأوراق تساوي 0.91غ للمتر المربع من الأوراق في الساعة. وهذه الطريقة تهمل كمية الكربون التي تهاجر من سطوح الأوراق إلى أجزاء النبات الأخرى.فإذا ما أعيدت التجربة بعد قطع الأوراق وغَمْرِ ذيولها في الماء لمنع هجرة السكريات تم الحصول على زيادة في الوزن تساوي 1.64غ للمتر المربع في الساعة.
    ونتيجة لتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الماء بوساطة اليخضور والضوء تتكون جزيئات عضوية كربونية، بعضها يرفع الضغط الحلولي للعصارة الخلوية، وبعضها الآخر يتحول إلى نشاء[ر] يمكن كشفه بالتجربة التالية: تغطى أجزاء من أوراق خضر بورق أسود يمثل شكلاً من الأشكال أو حرفاً من أحرف الأبجدية، ثم تعرض الأوراق لأشعة الشمس مدة كافية من الزمن، ثم تقطع الأوراق وتثبت مباشرة بالماء المغلي، وتُخَلَّص من يخضورها بغسلها بالكحول الساخن، ثم يُكْشَفُ عن النشاء بمحلول مخفف من اليود، فيلاحظ اللون الأزرق على السطوح الورقية التي كانت قد تعرضت للضوء، دلالة على تثبيت النشاء في هذه المناطق فقط، في حين يلاحظ عدم ظهور اللون الأزرق على المناطق التي كانت مغطاة، دلالة على عدم تكون النشاء فيها. كما يلاحظ عدم تكون النشاء في الأوراق الخالية من اليخضور عند استعمال أوراق بلقاء، إضافة إلى عدم تكون النشاء عند حرمان النبات من ثاني أكسيد الكربون اللاعضوي.
    توضح التجربة السابقة ضرورة اشتراك الضوء واليخضور وثاني أكسيد الكربون للحصول على النشاء، علماً أن هناك إمكان تشكل سكريات أخرى غير النشاء في الأوراق، كتركيب السكروز في أوراق بعض الأنواع النباتية من الفصائل الزنبقيةLiliaceae والأَمْرِيلية Amarylliotaceae والسحلبية Orchidaceae والنجيلية Graminaceae. كما كشف استخدام النظائر المشعة كالكربون 14 عن تكون مركبات عضوية أخرى كالحموض الكربوكسيلية وبعض الحموض الأمينية والبروتينات.
    وتؤكد دراسة الطحالب وجود أصبغة أخرى مُقَنِّعَةٍ للأصبغة اليخضورية، تمكنها من الاستفادة من الضوء الراشح داخل الطبقات المائية المختلفة الأعماق. وهكذا تنتشر في السطوح المائية العليا الطحالب الزرقاء التي يُقَّنع يخضورها بأصبغة اليزروق الطحلبي phycocyanin التي تمتص الأشعة تحت الحمراء والأشعة الحمراء الطويلة الموجات، في حين تنتشر في الطبقات المائية التالية الطحالب الحمر التي يُقَنَّعُ يخضورها بأصبغة اليحمور الطحلبي phycoerythrin واليصفور الطحلبي phycoxanthin التي تمتص الأشعة البنفسجية وفوق البنفسجية القصيرة الموجات (4000 -5000 نانو متر).
    ويثبَّتُ الكربون في الأُشَن Lichens (المكونة من تعايش طحلب مع فطر) بوساطة الطحلب الذي يحقق الاغتذاء الذاتي الكربوني، ويثبَّت الآزوت بوساطة الفطر الذي يحقق الاغتذاء الذاتي الآزوتي. وهكذا تستطيع هذه الكائنات الأشنية الحياة في بيئات عالية الجفاف والرطوبة والحرارة، كالصخور والجدران الآجرية والزجاج.
    وأما في الرحميات التي تضم البريونيات Bryophyta والنباتات الجناحية Pterydophyta المسماة الجناحيات أو خفيات الإلقاحالوعائية، وعريانات البذور Gymnospermes وأغلب مغلفات البذور Angiospermes فيُثَبَّت الكربون بالاغتذاء الذاتي الكربوني أيضاً، ويستثنى من ذلك بعض مغلفات البذور نصف الطفيلية كالدبق Viscum، والطفيلية كالجعفيل Orobanche والكشوث Cuscuta، والفطرية التغذية mycotrophy كالمَنْطَروفة Monotropa من الفصيلة البرولية Pyrolaceae. وهكذا يأخذ الدبق مثلاً من مضيفه الماء والمركبات الآزوتية والأملاح المعدنية محققاً بذلك اغتذاءً آزوتياً غيرياً، ومعتمداً على يخضوره في تحقيق اغتذاء ذاتي كربوني بآلية حيوية تعرف بالتعايش. كما تقوم أنواع الجعفيل والكشوث بأخذ حاجاتها الآزوتية والكربونية من النبات المضيف (من مغلفات البذور) محققة بذلك اغتذاءً غيرياً كاملاً آزوتياً وكربونياً. وتعرف هذه الآلية الحيوية بالتطفل. كما تقوم المنطروفة بأخذ حاجتها الآزوتية والكربونية من النبات المضيف (الفطريات)، وتعرف هذه الآلية من الاغتذاء الغيري بالاغتذاء الفطري.
    الدور الحيوي للاغتذاء الذاتي
    يقوم الاغتذاء الذاتي، كربونياً كان أم آزوتياً، بدور حيوي مهم على سطح الكرة الأرضية في الوقت الحاضر، كما قام بمثل هذا الدور في الماضي القريب والماضي البعيد. فدراسة وقائع علم المستحاثات paleontology تدل على انطلاق المسيرة الحيوية الأولى محمولة على جراثيم قريبة من الجراثيم التي تُعرف اليوم، قادرة على اغتذاء ذاتي كربوني كيمياوي واغتذاء ذاتي آزوتي بالأملاح المعدنية وبالآزوت الحر والآزوت النشادري.
    وتدل وقائع علم المستحاثات على تدرج جميع الأشكال الحيوية من وحيدات الخلية إلى كثيرات الخلايا في مسيرات عدة، أبرزها من ناحية الاغتذاء الذاتي المسيرات الخضر التي قادتها زمر نباتية كبرى. ففي العصور الجيولوجية الأولى من عمر الحياة على سطح الكرة الأرضية حُمِلَت المسيرة الخضراء على أجسام متعضيات نباتية وحيدة الخلية، ممثلة بالطحالب التي انطوت أجزاء منها في آبار النفط التي تكونت من نشاط بعض الأحياء الدقيقة وعلى رأسها الطحالب المجهرية.
    ثم حُمِلَت المسيرة الخضراء في مرحلة تالية على أجسام نباتية تدرجت في سلم التعقيد والتمايز، وتمثلت بنباتات سرخسية اعتمدت كلية على اغتذاء ذاتي كربوني أنجزته سراخس شجرية عملاقة طويت في مناجم الفحم الحجري.
    ثم حُمِلَت المسيرة الخضراء في مرحلة ثالثة على أجسام نباتية معاصرة تدرجت في سلم الارتقاء والتمايز حتى حلت مكانها مغلفاتُ بذور تقوم مع غيرها من الزمر النباتية بتحقيق التوازن الطبيعي اللازم للحياة على سطح الكرة الأرضية. وهذه المسيرة الخضراء الأخيرة توفر كتلة المواد الغذائية اللازمة للحياة الغيرية الاغتذاء لجميع الكائنات الأخرى وعلى رأسها الإنسان، هذه المسيرة تمد الإنسان وتمد العالم الحيواني بالسكريات والبروتينات النباتية، كما تمد العالم الحيواني بالأغذية التي تقدم إلى الإنسان كالحليب والزبدة والبيض واللحم.
    وتقوم المسيرة الإنسانية في هذا العصر بزيادة طرح ثاني أكسيد الكربون في الجو عن طريق التنفس وحرق الأشجار والنفط والغاز الطبيعي، وحرق كل شيء، لأن الإنسان يريد أن يأخذ كل شيء ولا يترك للآخرين أي شيء. تلك السياسة التي تهدد عالم الإنسان بالفناء إذا لم تدعم فيه المسيرة الخضراء بما يقيم التوازن بين ما هو عضوي وما هو غير عضوي.

    عبد الجبار الضحاك

  3. #143
    أفعوانيات الأذناب

    أفعوانيات الأذناب Ophiuroida من شوكيات الجلد[ر] تكثر في المياه البحرية العميقة، وقد وُجِدَ بعضها في أعماق فاقت 6000 متر. لكن بعضها يعيش في المناطق الساحلية حيث يختبئ في الرمل أو الوحل وتحت الأجسام المختلفة، في حين يعيش البعض الآخر داخل الإسفنج [ر] أو في مستعمراتٍ لحيوانات أخرى كالمرجان[ر]. وهي واسعة الانتشار، تمتد من المناطق الاستوائية إلى المناطق القطبية.
    شكلها الخارجي
    النجم السلي
    هي حيوانات صغيرة القَدِّ عموماً، يصل قطر القرص المركزي لأكبرها إلى 10سم وامتداد جسمه إلى 60سم، في حين لا يتجاوز قطر قرص البعض الآخر 0.5مم. ويتألف جسمها من قرص مركزي مستدير صغير يضم أجهزة الجسم كافة، ومن خمسة أذرع صلبة أسطوانية رفيعة تتميز من القرص بوضوح. وتبرز من بين صفائح الوجه السفلي للأذرع أقدام أنبوبية أو رجيلات صغيرة، لها في الأصل وظيفة حركية إلا أنها فقدت هذه الوظيفة في هذه الحيوانات وتحولت إلى أعضاء حسِّية. وهذه الرجيلات جزء من جهاز فريد من نوعه بين الحيوانات يُعَدُّ سِمَة مميزة لشعبة شوكيات الجلد، هو الجهاز الوعائي المائي. وتتفرع الأذرع لدى بعض أفعوانيات الأذناب عدة مرات، إلى أن يصبح عدد الفروع النهائية عشرات الألوف. والواقع أنه تُمَيَّزُ، بحسب تفرع الأذرع، رتبتان: رتبة الأفعوانيات Ophiurae وهي ذات أذرع بسيطة، واسمها الشائع النجوم الهَشَّة، ورتبة الـواسعات Euryalae وهي ذات أذرع متشعبة، واسمها الشائع النجوم السَّلِّية.
    الأفراد البالغة من أفعوانيات الأذناب ذات تناظر شعاعي خماسي. ولهذا السبب يُمَيَّز لها سطح سفلي يحوي الفم، ويسمى السطح الفموي بدلاً من السطح البطني، أما السطح العلوي فيسمى السطح البعيد عن الفم بدلاً من السطح الظهري. وينفتح الفم في مركز القرص، وهو محاط بخمسة فكوك مثلثية الشكل.
    تَعَضيّها الداخلي
    النجم الهش
    الهيكل: الهيكل في القرص داخلي. وهو مؤلف من عظيمات تُشَكّل درعاً كاملاً له، في حين يتألف هيكل الأذرع من هيكل خارجي سطحي وهيكل داخلي مؤلف من عظيمات فقرية متمفصلة. ويتيح هذا الترتيب للذراع الصلب القيام بحركات التوائية أفعوانية تمكن الحيوان من الزحف بسرعة والسباحة.
    جهاز الهضم والتغذية: جهاز الهضم في أفعوانيات الأذناب أبسط أجهزة الهضم في شعبة شوكيات الجلد. الفم واسع ومجهز بخمسة فكوك، تكون في أحوال كثيرة مسننة الحواف لتفيد في ترشيح المواد غير القابلة للهضم وليس في سحق الغذاء، والمعدة كيسية الشكل وتقتصر على القرص المركزي، ولا توجد ردوب كبدية ولا معي. وهذه الحيوانات غالباً من دون شرج، وعندها تُطرح الفضلات من الفم.
    يتغذى معظم أفعوانيات الأذناب بالعوالق[ر] النباتية والحيوانية المجهرية وبالدقائق العضوية. فأفعوانيات الأذناب تستعمل الرجيلات والأهداب التي تغطي الأذرع في نقل دقائق الغذاء إلى الفم، وتَسْتخدم أذرعها في جَرْفِ المواد عن سطح قاع البحر. إلا أن بعض النجوم الهشة يتغذى بالديدان والقشريات[ر] الصغيرة التي تلتقطها نهايات أذرعه وتنقلها الأذرع إلى الفم. وتستطيع أفعوانيات الأذناب اكتشاف الغذاء بالحس الكيمياوي.
    التنفس: يَحُوْلُ تَعَظُّم الأذرع دون وجود عناصر تنفسية للتبادل الغازي. فهناك على السطح السفلي عند تمفصل كل ذراع مع القرص المركزي شفع من الشقوق يؤدي كل شق إلى جيب تنفسي، يَدخله الماء ويُضَخُّ خارجاً منه بفعل تمدد القرص المركزي وتقلصه بالتناوب.
    الجهاز العصبي: هذا الجهاز بسيط غير متمركز، وهو يتألف من شبكة من الألياف العصبية تحت البشرة ومن حبال عصبية عُقدِيَّة مرتبة شعاعياً. والأْعضاء الحسية ضعيفة النمو.
    حياتها وسلوكها
    تعد أفعوانيات الأذناب أنجح شوكيات الجلد الحالية. فهي تضم أكبر عدد من أنواع هذه الشعبة (1800 نوع). ويُعْزى ذلك إلى صِغَر قَدِّ أفرادها وإلى خفة حركتها. ويتم تَنَقُّل النجوم الهشة بإحدى طريقتين: في الطريقة الأولى يتولى أحد الأذرع القيادة، ويتبع الذراعان الخلفيان حركته وهما متدليان، في حين يقوم الذراعان المتوسطان بحركات تجديف. وفي الطريقة الثانية تقوم أربعة أذرع بالتجديف في شفعين، وينجر الذراع الخامس خلفها. وتصل سرعة الحيوان إلى 1.5 متر في الدقيقة.
    وتتيح الحركة الجانبية والعمودية لأذرع النجوم السَّلِّية تسلق تفرعات الحيوانات المرجانية. وفي حين تتمسك بوساطة بعض فروع أذرعها فإنها تنشر الأخرى على شكل شبكة تلتقط بها المتعضيات الصغيرة الطافية.
    وتشاهد أفعوانيات الأذناب في المياه الضحلة متجمعة في بُقَعٍ متباعدة تغطي عدة أمتار مربعة من القاع. وتكون البقع مكتظة بالأفراد وقد تشابكت أذرعها.
    ويتألف ذراع هذه الحيوانات من سلسلة من المفاصل ذات ارتباطات رخوة، لذا يستطيع الحيوان التخلي بسهولة عن أجزاء من ذراعه كي ينجو بنفسه من عدوه، ويتجدد الذراع بعد ذلك بسرعة. وتحوي بعض النجوم الهشة خلايا مولدة للضوء في أشواك الأذرع. وعندما يقضم حيوان مفترس أحدَ الأذرع فإن الأذرع الأخرى تُصدرُ وميضاً ضوئياً عند انسحاب النجم الهش، ممايردع المفترس عن متابعة هجومه.
    وترتبط قدرة التجديد لدى أفعوانيات الأذناب بالتكاثر اللاجنسي، إذ ينفصم بعض أنواع النجوم الهشة إلى قسمين، يجدد كل منهما الجزء المفقود. وتتكاثر أفعوانيات الأذناب أيضاً جنسياً. وهي منفصلة الجنسين عموماً، ولكن يستحيل تمييز الذكر منالأنثى استناداً إلى الصفات الخارجية. وتقع المناسل في القرص المركزي ضمن أكياس جوفية. وتتحرر الأعراس من فوهات تناسلية تقع في قاعدة كل ذراع، وتنتقل إلى ماء البحر حيث يتم الإلقاح[ر] والتشكل. وتتشكل يرقة[ر] سابحة مغطاة بأهداب تَحُوْل ضرباتها دون غرقها، وتتحول اليرقة فيما بعد إلى حيوان بالغ، إلا أن الكثير من النجوم الهشة بيوض ـ ولود، فهو يحتضن البيوض في الجيوب التنفسية أو في المبايض، حيث تفقس.
    يوجد في الشاطئ السوري من النجوم الهشة النوعان: «النجم الهش Ophiothrix fragilis» و«الأفعوي طويل الذيلOphioderma longicaudata».
    عادل حموي

  4. #144
    الأُكْسِين

    الأُكْسِين auxin أول هرمون عُزل من النبات، تُنتجُه النسج القِمِّية الشديدة الانقسام. وهو يُنَشِّط استطالة الجدران الخلوية التي تؤدي إلى استطالة الفوارع shoots، وأغماد البريْعمات coleoptiles، وقمم السوق الرئيسية مع تثبيط في نمو البراعم الجانبية. والأكسين كلمة معربة من اليونانية «أُكسن» auksein بمعنى نمّى.
    تختلف ردود أفعال النسج النباتية باختلاف تركيزات الأكسين، فالتركيز الذي ينشّط نمو السوق الرئيسة، على سبيل المثال، يساعد على تكوين بداءات الجذور المعترضة والثانوية، ويُنشّط نمو الغلف الثمرية عندما تفرزه البذور الآخذة بالتشكل، ويُثبط نمو الجذر الرئيسي، ويؤخر سقوط الأوراق والثمار.
    لمحة تاريخية
    كشف أثر الأكسين أول مرة سنة 1881 عالم الأحياء تشارلز داروينCharles Darwin وولده فرنسيس Francis، وأُعلن عنه في نشرةٍ عنوانها «آلية الحركة النباتية» دَرست الانتحاء النباتي الضوئي لبادرة «النجيلي فالاريس كَندا» Phalaris canadensis وحددت مكان الانتحاء الضوئي تحت قمة غمد البريعم (كولِيوبتيل).
    وما بين عامي 1910 و1930 بيّن بويْسِن وجانْسن Boysen-Jensen انتحاء غمد البريعم نحو مصدر الضوء، كما لاحظ عدم ظهور الانتحاء الضوئي في النباتات التي قطعت أغماد براعمها، وعودة الانتحاء الضوئي كلما أعيدت القطع المبتورة من أغماد البريعمات إلى مكانها مباشرة أو بعد وضعها على قطع من الجيلوز الذي يسمح بانتقال المادة المؤثرة إلى الخلايا الواقعة تحت هذه القطع.
    ومابين عامي 1914 و1919 دلَّ أربآد بال (1889-1943) Arpάd Paa’l على وجود علاقة بين مواد تفرزها قمم أغماد البريعمات واستطالة الخلايا التي تليها، وبيّن أن هذه المواد قابلة للانتشار في الماء والجيلوز، وغير قادرة على الانتشار عَبْر صفيحة من الميكا أو القصدير، وأنها قادرة على إحداث انتحاء في الخلايا مشابه للانتحاء الضوئي أو الانتحاء الأرضي.
    ونشطت مابين عامي 1925 و1930 دراسة الأكسين على يد الباحث الهولندي ف. ونت F.Went الذي قام بدراسة عملية قادته إلى تعريف وحدة الاستطالة الخلوية بوحدة أسماها وحدة الشوفان Avena unit. وقد توصل إلى تحديد هذه الوحدة بقطعه قمم عدد من أغماد براعم الشوفان ووضعها على صفيحة من الجيلوز عيار 30% ثم رفعها بعد ساعة من الزمن، ثم قطعت صفيحة الجيلوز إلى كتل صغيرة تساوي أبعادها أبعاد أغماد براعم الشوفان المقطوعة، ووضعت إحدى هذه الكتل على غمد بريعم نُزعت قمته، فتضاعف طول الاستطالة بإضافة كتلتين من الجيلوز. وازدادت حساسية التجربة باستعمال قمم حديثة القطع بعد ضبط شروط التجربة بدقة. فقد أجريت التجربة في الظلمة، وفي درجة حرارة 22 ْس وفي رطوبة نسبية 90%، واستغرقت التجربة مدة 90 دقيقة. وقد أدرك «ونت» بتجاربه هذه الارتباط بين درجة الانعطاف وجرعة الأكسين المطبقة على منطقة الانعطاف. وتوصل إلى تعريف وحدة الاستطالة الخلوية، أي وحدة الشوفان على النحو التالي: هي كمية الأكسين المطبقة في الشروط السابقة والقادرة على إحداث انعطاف قدره10ْ درجات.
    أتاح اختبار «ونت» تحديد أماكن وجود الأكسينات في الطبيعة، فكُشِفَ وجودها في البراعم، وفي الأوراق الفتية، وفي بذور النباتات الراقية، كما كُشِفَ وجودها في الفطريات، وفي العالم الحيواني، وفي بول الإنسان. وقُدِّرت التركيزات الأكسينية بعدد وحدات الشوفان في ملغرام واحد من المادة الجافة بما يلي: 300 وحدة في قمم أغماد البريعمات، و 40 - 110 وحدة في مزرعة الفطر ريزوبوس المنعكس Rhizopus reflexus، و35 وحدة في فطر خميرة الخبز، 2400 وحدة في بول الإنسان.
    وقد تمكن هيغن ـ سميت Haagen-Smit وكول Köl عام 1933 من عزل 400 ملغ من أكسين متبلور سمي حمض تريول الأكسين Auxintriol acid انطلاقاً من 150 لتراً من بول الإنسان، وهو حمض منحل في الإيتر وعديم الانحلال في البنزين، يكوّن مع الرصاص أملاحاً غير منحلة في الماء بينما يكوّن مع الكلسيوم أملاحاً منحلة فيه.
    وفي عام 1934 عُرِف أهم الأكسينات فعالية وأطلق عليه اسم حمض الأندول الخلي indoleacetic acid المعروف اليوم اختصاراً بالرمز IAA والذي كُشِف وجوده بعملية الاستشراب [ر] chromatography في عدد من النباتات الراقية، كما كشف وجوده في عدد من النباتات البدائية من فطريات كالخمائر وطلائعيات النّوى كالجراثيم.
    وقد دلت الدراسات الحديثة على تشكل حمض الأندول الخلي من ألدهيد الأندول الخلي، الذي يشتق من حمض أميني يدعى ترِبتوفان tryptophan، ويتم هذا التحول بوساطة إنظيم نوعي كشف وجوده في عدد من النسج النباتية. ويتطلب الاصطناع الحيوي للتربتوفان توفر معدن التوتياء الذي يؤدي نقصه إلى انخفاض ملحوظ في كمية الأكسين في النبات.
    استخلاص الأكسينات ومعايرتها
    تستعمل المحلات العضوية كالإتير والميتانول في استخلاص الأكسينات، كما تستخدم درجة الصفر المئوية في عملية الاستخلاص تجنباً لكل نشاط إنظيمي، وتُفصل نواتج الاستخلاص بالاستشراب المستخدم لفصل المركبات المعتدلة والمركبات الحمضية، وللتنقية الضرورية لاختبار عمل الأكسين المنشط أو المثبط.
    تُعاير الأكسينات باللجوء إلى عدد من الاختبارات التي من أقدمها اختبار «ونت» في عام 1926، واختبار ونت وتيمن Went & Thimman في عام 1937 المعتمد على استخدام الشوفان، واختبار بونر Bonner المعتمد على قياس استطالة أسطوانة صغيرة من غمد البريعم، واختبار نِتْش Nitch في عام 1956 المعتمد على قياس استطالة السلامى الأولى لبادرة شوفان شُطرت طولياً، واختبار النمو المعتمد على قياس زيادة وزن قطعة من البطاطا مقارنة بعينة شاهدة، واختبار ونت وتيمن المعتمد على قياس استطالة الخلايا البشرية بدل الاعتماد على قياس استطالة الخلايا الداخلية، واختبار الانحناء السطحي epinasty الذي تحدده قياسات زاوية انعطاف صفيحة ورقية محمولة على معلاق دُهِنَ باللانولين lanolin الممزوج بالمادة المراد اختبارها.
    تركيب الأكسينات وهجرتها وترديها
    يرى عدد من الباحثين وعلى رأسهم تيمن تكوّن حمض الأندول الخلي انطلاقاً من الحمض الأميني التربتوفان مروراً بحمض الأندول البيروفي وأسيت ألدهيد الأندول.
    وقد أيدت التجارب هجرة الأكسينات، المصنوعة في قمة الساق، نحو الأسفل غير متأثرة باتجاه العضو، كما أوضحت هجرة هذه الأكسينات نحو الجانب المعرض لإنارة ضعيفة في حالة ورود الضوء من الجانب، ويفسَّر انعطاف الفارع الأفقي إلى الأعلى، والجذر الأفقي إلى الأسفل، بقيام الأكسينات بدور منشط لاستطالة خلايا الساق ودور مثبط لاستطالة الخلايا الجذرية في منطقة الاستطالة. وقد دلت الدراسات الحديثة على وجود عوامل مثبطة أخرى كالإنظيم «فلافو بروتين أكسيداز» والإنظيم «اليروكسيداز» والإنظيم المؤكسد لحمض الأندول الخلي الذي يندر وجوده في النسج الشديدة الانقسام ويغزر وجوده في النسج المكتملة النمو والتمايز.
    دور الأكسينات في توجيه الأفعال الحيوية
    يوجه أكسين حمض الأندول الخلي عدداً من الأفعال الحيوية المهمة؛ ويعَدُ تركيز 10-2 غرام/مليلتر منشطاً للتكاثر الخلوي، وعاملاً على زيادة أبعاد الخلايا كما يحوِّل الخلايا التي لا تنقسم في عباد الشمس إلى خلايا تنقسم، ويعمل على تكوين أورام نباتية غير منتظمة إذا مااستمر تقديم التركيز المذكور مدة طويلة ويعدُّ تركيز10-8 غرام/مليلتر مُوجِهاً لعدد من التفاعلات الحيوية المهمة التي من أبرزها نشاط الحركة البلاسمية الدورانية (سِكْلوز)، وزيادة الشدة التنفسية، وزيادة تركيب البروتينات، ونشاط في تحويل حمض البكتي المذاب إلى مركبات بكتينية أو أملاح بكتات غير منحلة تدخل في بناء الجدار الخلوي، وزيادة مرونة الجدار الخلوي الذي يصبح أكثر قدرة على امتصاص الماء الذي يرفع الضغط الفجوي المطبق على الجدار الخلوي.
    ويوجه الأكسين عدداً من الحادثات الحيوية الأخرى فهو يساعد بوساطة جرثوم الريزوبيوم Rhizobium على تكوين العقيدات الجذرية المثبتّة للآزوت الجوي في الفصيلة القرنية نتيجة لإفراز الأكسين.
    وتقسم النباتات حيال التغذية الأكسينية واعتماداً على زراعة النسج النباتية إلى ثلاث زمر هي: زمرة النباتات غيرية التزويد بالأكسين كالكرمة العذراء خماسية الورق Parthenocissus = Ampelopsis quinquefolia وهي نباتات يتطلب نموها إضافة الأكسين، وزمرة نصفية التزود بالأكسين كالزعرور Crataegus والكرمة Vitis، وهي نباتات يتطلب نموها إضافة قليل من الأكسين، وزمرة كلية التزود بالأكسين كالعليق Rubus والصفصاف Salix والملفوف البقلي الذي يضم ضروب الملفوف والكرنب والزهرة، وهي نباتات قادرة على تركيب الهرمون المذكور في مراحل نموها الخضري ولا تتطلب أي إضافة منه.
    دور الأكسينات في تكوين الجذور الجديدة والبراعم
    تقوم الأكسينات بأدوار مهمة في تنظيم الحياة النباتية من ناحية تشكيل الجذور الجديدة، والبراعم الثانوية، واستمرار بقاء الأوراق على الأشجار أو سقوطها. وهكذا يُنَشِّط بعض التركيزات الأكسينية تكوين الجذور المنضمة على الفسائل، كما يُنَشِّط تركيز آخر تكوين براعم ورقية في منطقة خالية من البراعم في أوراق البَغونية Begonia، كما يحدد تركيز ثالث تشكل أعضاء خاصة أخرى. ففي نبات ذيل الثعلب Alopecurus استخدمت أربعة تركيزات مختلفة فكانت النتائج كالتالي: نَشَّط تركيز 100 ملغ/ليتر من الأكسين نحو البراعم الورقية، ورُفِعَ التركيز تدريجياً في درجة أولى فتكونت بداءات جذور ثانوية وبراعم ورقية، ثم تكونت في مرحلة ثانية بداءات جذور ثانوية فقط وفي مرحلة ثالثة تكونت فقط أوراق غير متمايزة، وتوقف نمو الجذور الثانوية وتشكلت فقط أورام غير متمايزة.
    وتوجه الأكسينات عملية سقوط الأوراق، فكلما ارتفع التركيز الأكسيني دامت الأوراق على الأشجار، وإذا ما هبط هذا التركيز تشكلت الطبقة الفاصلة المؤدية إلى سقوط الأوراق، وهكذا تهبط كمية الأكسين في الأيام قصيرات النهار مُسَرِّعة سقوط الأوراق، وقد توقف سقوط الأوراق في الصفصاف الزاحف Salix repens عندما زيدت مدة الإنارة بطريقة صنعية.
    دور الأكسينات في تكوين الأزهار
    تُنَشِّط تركيزات الأكسين العالية تكوين بداءات البراعم الزهرية، كما تزيد في عدد الأعضاء الأنثوية، وتساعد الأكسينات المتكونة في الأنابيب الطلعية على إثمار بعض الأزهار، وهكذا يتحول مبيض السحلب إلى ثمرة نتيجة لزيادة الأكسينات المتكونة في حبات الطلع النامية فوق المدقة. كما يَزيد عدد الثمار الفقيرة achene في انتفاخ حامل ثمر الفريز fragaria لارتفاع نسبة الأكسين في الثمرة الفقيرة الواحدة.
    دور الأكسينات في الانتحاء
    تُرد الانتحاءات [ر] الأرضية والضوئية إلى اختلاف توزع الأكسين في الأعضاء المعرّضة للجاذبية الأرضية أو لضوءٍ جانبي. وهكذا تنخفض كمية الأكسين في السوق المعرّضة لإنارة جانبية متأثرة بعاملين هما: أثر الضوء الذي يفكك نسبة سدس الأكسين تقريباً، والرحلان الكهربائي للأكسين نتيجة وجود فرق في الكمون الكهربائي على جانبي السوق المعرضة لإنارة جانبية. وتقوم القمة في الساق أوالجذر بدورٍ بارز في توجيه الانتحاءات، فالسوق أو الجذور التي أتلفت قممها لا تستجيب للمنبهات الضوئية أو المنبهات الخاصة بالجاذبية الأرضية.
    تعد الجذور أكثر استجابة للأكسين من السوق، وهكذا يُنَشَّط نمو الجذور بالتركيزات القليلة من الأكسينات ويُثَبَّط بالتركيزات الكبيرة. ويقع التركيز الأنسب لنمو الجذور في حدود قريبة من 10-9 غرام/ليتر. وتتوجه الجذور الممددة أفقياً على سطح التربة متأثرة بالجاذبية الأرضية نتيجة لارتفاع نسب الأكسين بجانب السطوح الخلوية الملامسة للتربة مُثبِّطة نمو جدرانها الخلوية من جهة أولى، في حين تكون نسب الأكسين منخفضة بجانب السطوح الخلوية البعيدة عن سطح التربة منشطة نمو جدرانها الخلوية من ناحية ثانية.
    المواد غير الأكسينية المنشطة للنمو
    أدت دراسات الأكسينات إلى كشف مجموعة من الهرمونات المنشطة للنمو من أبرزها: الجِبرِيلات gibberellins والسيتوكينات cytokinins وحمض الانفصال abscisic acid والإتيلين ethylene وغيرها من المواد.
    1 ـ الجبريلات: تسمية معربة من اللاتينية نسبة إلى الفطر الزقي جِبِّرِيلَّة فوجيكوروا Gibberella fujikuroi الذي يسبب مرضاً يصيب بادرات الرز. والجبريلات مجموعة مواد منظمة للنمو، تنشط نمو الأجنّة والبادرات، وتؤخر تفتح الأزهار أو توقفه، وتَردُّ التشوهات النباتية إلى أوضاعها الطبيعية، وتُنَشِّط عمل إنظيمات التحلل بالماء محولةً نشاء سويداء البذرة endosperm إلى سكريات مغذية.
    تعدّ الجبريلات الثنائيات التربين التي يغزر وجودها في أوساط نمو فطر الجبريلة ونبات الملفوف والفاصولياء، والصنوبر، مواداً مُنشطة لتكاثر خلايا النسج الشديدة الانقسام القمية واستطالتها، ومثبطة لعمل النسج الشديدة الانقسام الثانوية، وعديمة الأثر في نمو الجذور. ويعد تركيز 10-8 غرام/لتر من العوامل المؤدية إلى زيادة استطالة السوق قرابة 500 مرة، إلى تأخير ذبول الأزهار، ويعتقد بوجود نمط من التشابه بين الآثار التي تحدثها البرودة والآثار التي تحدثها الجبريلات.
    2 ـ السيتوكينات: تسمية معربة من اللاتينية بمعنى مقسمات الخلايا. وهي تمثل المجموعة الثالثة من الهرمونات النباتية المستعملة في المزارع الصنعية بتركيزات مُنَسَّقة مع تركيزات الأكسينات لتحديد وجهة سير التمايز النسيجي نحو الإثمار أو الإيراق أو الإزهار. تُنَشِّط السيتوكينات التكاثر الخلوي في حين يعمل حمض الأندول الخلي على تنشيط الاستطالة الخلوية. وإن أبرز السيتوكينات: 6 فورْفوريل أمينو بورين من نواتج تردي الحمض الريبي النووي (دناDNA) والكالينات calines، وهي معقدات هرمونية غير أكسينية بعضها مكونات للجذور rhizocalines، وبعضها مكونات للسوق caulocalines، وبعضها مكونات للأوراق phyllocalines، والذياتين zeatine المستخلص من حبوب الذرة.
    وقد أثبتت التجارب التي أجريت على عدس الماء أن زيادة السيتوكينات بالنسبة إلى الأكسينات تؤدي إلى تمايز النسج الحشوية، وأن نقصانها يؤدي إلى تمايز عروق الأوراق، وأن زيادة نسبتها تؤدي إلى تكاثر عدس الماء في الظلمة.
    3 ـ حمض الانفصال: هرمون مثبط للنمو، يطيل مدة سبات البراعم الخضرية كما ينظم عملية سقوط الأوراق.
    4 ـ الإتلين: غاز منشط لنضج الثمار، ويعد من منظمات النمو الطبيعي تُنْتِجه الثمار في أثناء عملية النضج.
    5 ـ الهرمونات الأخرى: تدل الدراسة العملية للحادثات الحيوية على وجود عدد من الهرمونات النباتية المنظمة للفعاليات الحيوية، من أبرزها الهرمونات المنشطة للإزهار، والهرمونات اللائمة للجروح ممثلة بحمض الرضْح (الرض) traumatie acid والهرمونات المحدثة للنخر necrohormone فهذه الهرمونات لم تعزل بعد عزلاً جيداً، كما لم تحدد صيغها الكيمياوية التي ماتزال تتطلب المزيد من البحث.
    تطبيقات الأكسينات
    تتصف الأكسينات الطبيعية بعدم ثباتها وهذا ما دعا إلى الاستعاضة عنها بعدد من المركبات الثابتة كيمياوياً التي لها الخواص الحيوية ذاتها. ومن أبرز هذه المركبات: حمض الِفنُول الخلّي، وحمض فينوكسي الخلّي، وحمض 2-4 دي كلوروفنوكسي الخل الذي شاع استعماله تحت اسم 2-4d، وحمض ألفا النفتالين الخلي، وحمض بتا النفتالين الخلي، وحمض 3 أندول الزبدة.
    ومن أبرز التطبيقات الزراعية لهذه المركبات هي استعمالها مبيدات أعشاب للقضاء على الأعشاب التي تنبت في مزارع القمح مثل الخشخاش الجداري Papaver rhoeas والقنطريون الأزرق Centaurea cyanus وغيرهما، إذ يرش الحقل بتركيزات هرمونية مثبطة لنمو ثنائيات الفلقة وغير مخلة بدورة حياة النباتات الأحاديات الفلقة، وهذا ما يدعى بالتعشيب الانتقائي. وتستعمل هرمونات النمو منشطة لتشكيل عُقَل فسائل الليمون والزيتون، وأبرزها استعمالاً في هذا المجال: حمض ألفا النفتالين الخلي، وحمض أندول الزبدة، وحمض 2- 4 دي كلوروفِنوكسي الخل. كما تستعمل هذه الهرمونات مانعة لسقوط الثمار، ومساعدة على تكوين ثمار لبيّة عديمة البذور كالعنب والبندورة، ومن أشهرها استعمالاً في هذا المجال: 2- 4 دي كلوروفنوكسي الخل وحمض بتا أُكسي النفتالين الخلي علماً بأن هذا الاستعمال عديم الجدوى في حالة الثمار النووية كالمشمش والدراق. ويمكن استعمال هرمونات النمو المثبطة لتفتح البراعم الزهرية في مناطق التأثر بالصقيع المبكِّر، كما يمكن استعمالها في خزن البطاطا والبصل لمنع تفتح العيون أو البراعم الخضرية.

    دياب أبو خرمة

  5. #145
    الأمانيت

    الأمانيت Amanita جنس فطريات دعامية متنوعة الأشكال والألوان والقيم الغذائية بعضها فاخر الطعم، والآخر سام، والثالث سم زعاف قاتل.
    ينتسب الأمانيت إلى الغاريقُوْنيّات agaricales المتميزة فطورها بسويقة (الشكل 1) تحمل قبعة قابلة للفصل مجهزة بصفيحات بيض أو صفر فاقعة اللون، تحمل أغشية دعامات ترتكز عليها أبواغٌ بيضٌ دوماً في الأمانيت، كروية الشكل أو بيضوية. يتشكل حامل الثمرة(كَرْبوفور carpophore) داخل غطاء عام يتحول بعد النضج إلى جزء قاعدي كأسي الشكل يشكل القلفة، وجزء علوي يتحول إلى حراشف محمولة فوق القبعة. وتحاط صفيحات الأغشية الدعامية بغطاء خاص جانبي يتمزق بعد النضج متحولاً إلى حلقة تُطَوِّق السويقة الحاملة للقبعة في الأعلى، وقد تختفي القلفة مع الحلقة في بعض الأنواع. وجميع الأمانيتات لحمية القوام، قيمتها الغذائية معادلة للقيمة الغذائية لبعض الخضراوات الطازجة، غنية بالفيتامين B وتقل فيها الفيتامينات A D E، تنبت فوق الترب الدِمْنية أو العادية، وتنتشر في المناطق المعتدلة والدافئة وفي بعض المناطق الباردة، كما تنبت في الغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة وفي الغابات المختلطة والساقطة الأوراق، وفي المروج ابتداء من مطلع الصيف حتى أواخر الخريف، بعضها شائع والآخر ينبت في مناطق جغرافية محددة. وتحسن الإشارة إلى وجوب تجنب تناول الفطريات المزودة بقلفة وحلقة ما لم يكن المرء متمكناً من تمييز الأنواع القابلة للأكل من الأنواع السامة، إذ لا يوجد اختبار مبسط موثوق به لتحديد الأنواع المأكولة والأنواع السامة، ولأن الأمانيتات تضم أكثر الأنواع السامة ايذاء وإماتة. وتأتي سمية الفطريات من مواد متعددة الببتيدات، ومن قلوانيات مقاومة للحرارة وللانحلال في المعدة.
    تُقسم الأمانيتات إلى ثلاث زمر هي:
    الأمانيتات القابلة للأكل
    الأمانيت القيصري Amanita caesarea: فطر برتقالي اللون جميل المنظر، قبعته برتقالية ملساء ناصعة الحافة، سويقته وحلقته وصفيحاتهُ ملونة بالأصفر، قلفته بيضاء. يكوِّن مطهوَه طبقاً فاخراً كان يُقَدَّم لأباطرة الرومان وقياصرتهم (الشكل 2).
    الأمانيت البيضي A.ovoidea: فطر برتقالي اللون، ضارب إلى البياض، أو كامل البياض في أغلب أجزائه، متماسك البنية يمثل مطهوه طبقاً شهياً مستساغاً لمحبي الفطريات.
    الأمانيت المُحْمَر A.rubescens: ويسمى «غُلموط»golmotte فطر برتقالي ضارب إلى الحمرة أو خمري، واسع القبعة التي يصل قطرها إلى 15 سنتيمتراً، وهي محدبة سمراء «لحمه» أبيض مرقط بالأحمر الخمري ويصبح شاحباً مع تقدم النمو أو عندما يتعرض للتفكك والتفسّخ، سويقته معلَّمة بخطوط قاعدية قليلة الوضوح، قلفته غير متمايزة بيضاء مشوبة بالحمرة قرب القاعدة وحول الثقوب التي تؤوي الحشرات. لايؤكل هذا الفطر إلا مطبوخاً لأنه يضم حالَّة دموية (هيموليزين) تتخرب بالحرارة، كما يتميز من الأمانيت الأرقط السام بلونه المائل للحمرة.
    الأمانيتوبسيس الغمدي Amanitopsis vaginata: فطر رمادي اللون، سويقته نحيلة ممشوقة عديمة الحلقة وقبعته رقيقة مثلمة الحافة ومختلفة الألوان. القلفة غمديّة، والصفيحات بيض متباعدة. ينبت هذا الفطر في المناطق المرتفعة الأوربية الشمالية المعتدلة المائلة إلى البرودة حيث يستعمل في التغذية.
    الأمانيتات السامة
    أمانيت الذباب A.muscaria: فطر برتقالي اللون ضارب إلى الصفرة، واسع القبعة التي يصل قطرها إلى 15 سنتيمتراً، وهي حمراء قاتمة أو برتقالية مثلمة الحافة، مغطاة بثآليل بيض، «لحمه» أبيض، وسويقته طويلة بيضاء يصل ارتفاعها إلى 25 سنتيمتراً، قاعدتها قلفية ضامرة إلى زوائد حرشفية حلقته عريضة متدلية بيضاء وصفيحاته متجمعة. ينبت هذا الفطر قرب أشجار البتولة في غابات أوربة الشمالية، وهو سام يؤثر في الجملة العصبية خلال ساعة إلى ست ساعات، ويسبب سيلان اللعاب والتعرق والغثيان والإقياء ثم الإسهال واضطراب التنفس والنبض ثم الهذيان، وإذا تناول المصاب كمية كبيرة من الفطر وقع في سبات طويل ينتهي بالوفاة، أما إذا كانت الإصابة خفيفة استسلم المصاب بعد الإقياء إلى نوم عميق يصحو منه بعد يوم ثم تتحسن حاله في يومين أو ثلاثة أيام. يستعمل هذا الفطر بكميات قليلة في سيبيرية والمكسيك للهلوسة في الأعراس والاحتفالات الدينية، كما يستعمل منقوع القبعة في الحليب لقتل الذباب وهذا ما دعا إلى تسميته بالأمانيت القاتل للذباب (الشكل 3).
    الأمانيت الأرقط A.pantherina: ومن أسمائه الغُلموط الزائف. فطر رمادي اللون ضارب إلى السمرة، يشبه أمانيت الذباب وهو أصغر قداً منه، لحمه أبيض، وقاعدته محاطة بثلاث زوائد أو أربع. تُردّ سميته وسمية أمانيت الذباب إلى وجود مركبات الموسكارين muscarine والبوفوتينين bufotenine التي تسبب اضطرابات عصبية معدية ومعوية. يخفف الطهو الطويل سمية هذه الفطريات، وتعالج الإصابة بسمومها بغسل المعدة واستخدام جرع من الأتروبين (الشكل 4).
    الأمانيت الليموني a.citrina: قبعته بدينة، صفراء ليمونية ضاربة إلى البياض، مغطاة برقع بيضاء دائمة، سويقته طويلة نحيلة قاعدتها بصلية (الشكل5).
    يعد هذا الفطر لطعمه الرديء من الأنواع السامة ولكن الخبير بخصائصه يعرفه من رائحته التي تشبه رائحة البطاطا الغضة المقطعة.
    الأمانيتات القاتلة
    الأمانيت القضيبي A.phalloides: فطر ينتشر في أوربة، لونه برتقالي ضارب إلى الخضرة، شائع في أحراج الأشجار الساقطة الأوراق. ينشط وجوده في الصيف والخريف، وهو مسؤول عن 90 - 100% من حادثات الإصابة بالفطريات القاتلة. قبعته دائرية يصل قطرها إلى سبعة سنتيمترات خضراء ملساء لا تلبث أن تصبح مسطحة مغطاة بقشور مصفرة أو سمراء ضاربة إلى البياض، مخططة بأثلام حريرية شعاعية الاتجاه. حلقته بيضاء وكذلك صفيحاته، سويقته طويلة متينة ضاربة إلى الخضرة وقلفته غشائية مطمورة بالتراب، تتغذى به الرخويات من زمرة الحلزون وهي لا تتأثر بسمية هذا الفطر (الشكل 6).

    الأمانيت المَحَلّي a.verna والأمانيت الزعافي a.virosa: نوعان سامان من الفطريات المحدودة الانتشار لونهما أبيض ضارب إلى السمرة. يتميز الأمانيت الزعافي بكبر حجمه وبقبعته النحيلة الممزقة الأطراف والسُرِّيّة المركز. غالباً ما يخلط بين هذين الفطرين السامين والفطور الأخرى من أجناس الأغاريقون Agaricus والبسَلْيوت Psaliota المرغوب فيها ويُتخذ دوام بياض الغلف والصفيحات علامة مميزة لهما.
    تظهر حوادث التسمم بالأمانيت القاتل بعد تناول الفطر بنحو 6 - 48 ساعة، بدءاً بأعراض العطش والتجفاف والمغص ونقص السكر في الدم. وترجع السمية إلى زيفاني الأمانيتين والفَلوئيبرين اللذين ينتشران في الدم ويؤثران انتقائياً في الكليتين والكبد بإحداث تخريب للشحوم، يتبعه نخر خلوي غير مرتد. وهذان الذيفانان لا يتخربان في الماء المالح أو المغلي، والعيار القاتل من فطر طازج يتراوح ما بين 30 - 50 غراماً ويتفاوت بحسب صحة المصاب وعمره.
    تعالج حوادث التسمم هذه بحقن وريدية من مصل سكري أو ملحي مع إعطاء جرع مقويات قلبية. كما يمكن الاستفادة من المصل المضاد للفلوئيدين المحضر في معهد باستور فيما إذا أُخذ مبكراً.
    وفاء بغدادي

    مراجع للاستزادة

    ـ وفاء بغدادي، تصنيف الفطريات (مطبوعات جامعة دمشق 1982).
    - J.WEBSTER, Introduction to Fungi (Cambridge 1970).



    رقم صفحه البحث ضمن المجلد:466

  6. #146
    الامتصاص

    الامتصاص absorption هو عملية دخول الأغذية والغازات التنفسية الكائنات الحية ووصولها إلى الخلايا. ويختلف الامتصاص باختلاف الكائن الحي الذي يقوم به، كما يختلف باختلاف طبيعة المادة الممتصة.
    ويتم الامتصاص في الحيوانات الراقية في ثلاث مراحل هي: دخول المواد الغذائية التجويف الهاضم (المعدة)، ثم وصول المواد المهضومة إلى جهاز الدوران (الدم)، ومن ثم حصول الخلايا المختلفة، العضلية والعظمية والعصبية وغيرها على حاجاتها من الأغذية.
    ويتم الامتصاص في النباتات الراقية على ثلاث مراحل، هي دخول الماء والأملاح المعدنية خلايا الأوبار الماصة في الجذور، ثم انتقال تلك المواد إلى طبقة الأدمة الباطنة، ثم وصولها إلى الخلايا المستفيدة من تلك المواد.
    وهكذا يميز في الامتصاص: امتصاص مباشر، وامتصاص قبل الدوران، وامتصاص خلوي.
    الامتصاص المباشر
    في الحيوانات: يتم الامتصاص المباشر في العالم الحيواني في جهاز هضمي يسمح بالتقاط الطعام وابتلاعه وتحويله من الحالة الصلبة إلى حالة سائلة في عمليات هضم خارج الخلايا تتم في الأجواف الهاضمة، غير أن عدم كفاية الفم أو الجهاز الهضمي يمكن أن يدفع أنواعاً مختلفة جداً مثل نجوم البحر ويرقات العُومة Dytiscus أو يرقانات النملة - الليث (ليث عِفِرِّين، أم عُوَيْف، أم قيس) Fourmi-lion والعنكبوتيات، إلى تحقيق نوع من الهضم «القَبْلي» الخارجي يجعل الفريسة في حالة سائلة، فالعنكبوتيات مثلاً تفرز عصاراتها الهاضمة ضمن فرائسها ثم تمتص السائل الناتج من هذا الهضم الخارجي، فالقطع الفمية في هذه الحيوانات تؤلف محقنة تستخدم لزرق السوائل ثم لامتصاصها. وتجدر الإشارة إلى وجود هضم داخل الخلايا يتيح تفكك المواد الداخلة بالتدريج وتحولها بعد بلعمتها إلى مواد بسيطة.
    في النباتات: يميز في النباتات امتصاص الماء من امتصاص الأملاح المعدنية.
    ـ امتصاص الماء: يتم امتصاص الماء في النباتات الراقية بوساطة الأوبار الماصة التي تكسو الأجزاء قبل النهائية من الجذور الدقيقة.
    وتقاس كمية المياه الممتصة بطرائق مختلفة، منها: جمع الماء المنطلق من جذع شجرة قطعت حديثاً؛ ومنها ما يستخدم ممصاصاً potometer لقياس كمية الماء التي تمتصها نبتةٌ ما.
    وقد دلت قياسات الماء الذي تمتصه النباتات على ما يلي: تمتص كل شجرة من أشجار الدلب، التي يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار، نحو 100 ليتر من الماء في اليوم الواحد، في حين لا تتجاوز هذه الكمية في نبات الكرمة ليتراً واحداً في اليوم الواحد. وتمتص نبتة الشوفان قرابة 22 ليتراً من الماء طوال موسمها الزراعي.
    ويتمتع بعض النباتات بقدرة عجيبة على جمع الماء بوساطة أعضاء بالغة التخصص. فالإسفغنوم Sphagnum نبات «بريوي» ينتشر في مستنقعات الجبال الأوربية والأمريكية، وهو مزود بخلايا ميتة تعمل كالإسفنج قادرة على امتصاص الماء وادخاره لحين الحاجة، وبفضل هذه الخلايا يستطيع الكيلو غرام من المادة الجافة من النبات أن يحمل 2 كيلو غرام من الماء. ونبات السلوى Nepenthes المداري يعيش طوال حياته فوق جذوع الأشجار متغذياً بالحشرات التي تسقط في قُرَبٍ ناتجة من تبدلات ورقية، وهو قادر على الاحتفاظ بالماء مدة طويلة. وبعض أنواع النباتات الأحاديات الفلقة من الفصيلة السحلبيةOrchidaceae والفصيلة القلقاسية Araceae تتدلى منها جذور هوائية محاطة بنسيج خارجي إسفنجي قادر على جمع ندى الرطوبة الخارجية ونقله إلى النسج الأخرى. كما أن نبات السعد Cyperus في صحارى الخليج العربي والربع الخالي (وهي عالية درجات الحرارة والرطوبة الجوية) قادر على العيش من دون مياه الأمطار سنوات عدة لاحتواء جهازه الترابي عدداً من الخلايا الجذرية القادرة على جمع قطرات الندى المتكاثفة فوق أوراقه يومياً. والتيلاديسية Tilladisia نبات مداري أمريكي من الفصيلة البروميلية Bromeliaceae يعيش على الأشجار ويحمل على ساقه أوراقاً مظلية قادرة على جمع الندى الذي يدخل الأوراق والسوق مجتازاً قشيرتها الرقيقة، ويطرح الماء الفائض عن حاجة النبات في جميع الأحوال بوساطة الأوراق أو ما يقوم مقامها في النباتات العديمات الأوراق.
    ـ امتصاص الأملاح المعدنية: تتوافر في التربة الأملاح المعدنية التي يمتصها النبات، وتكون محلولة في الماء أو بحالة صلبة. ولكي تدخل الأملاح المعدنية المنحلة النبات تسلك الطريق نفسه الذي يسلكه الماء. فيقوم الغشاء الخلوي الحي بانتقائها بحسب كتلتها الجزيئية وقابلية انحلالها في الدهون وقابلية تشردها (تأينها)، ومن المعلوم أن نفوذية الخلايا النباتية تتغير بحسب درجات الحرارة وحموضة الوسط وطبيعة الشوارد (الأيونات) المحيطة بها. ومن الأيونات ما يتوافر بكميات كبيرة كالفوسفور والبوتاسيوم والكبريت والمغنزيوم والكالسيوم والكلور والصوديوم والسيليسيوم، وتدعى بالمغذيات الكبرى macro-nutrients. ومن الأيونات ما يستخدم بكميات ضئيلة كالبور والفلور والحديد والمنغنيز والتوتياء والألمنيوم والنحاس، وتدعى العناصر النادرة trace elements.
    أما الأملاح المعدنية غير المنحلة الموجودة في التربة بحالة حبيبات صلبة فيشترط لدخولها النبات أن تتحول إلى أملاح منحلة بوساطة بعض المفرزات الجذرية والكائنات المجهرية التي تعيش في التربة. وهكذا تعمل أيونات الهدروجين H+ التي تفرزها الجذور على سبيل المثال، وبوجود الكلسيوم، على تحرير أيونات البوتاسيوم K+ القابلة للامتصاص من قبل النبات، كما تقوم الشعيرات الجذرية بامتصاص أغلب العناصر المعدنية اللازمة للنبات. وتفسر هذه الطريقة استخدام حبيبات السماد الفسفوري ثلاثية الكلسيوم سماداً للنبات، كما تشرح جدب التربة الملحية المشبعة من أملاح الصوديوم في المناطق الساحلية.
    وأخيراً يمكن امتصاص بعض الشوارد المعدنية من سطوح الأوراق، كما هي الحال فيما يعرف بالسماد الورقي. ومن إيونات الأسمدة الورقية ما ينتشر في جميع أنحاء النبات كأيونات الحديد والزنك والكبريتات والكلور والصوديوم، ومنها ما لا تتجاوز أماكن امتصاصها كأيونات الكلسيوم والمغنزيوم.
    ـ امتصاص المركبات العضوية: تقوم النباتات الخالية من اليخضور، كالنباتات الطفيلية والنباتات العاجزة عن التغذية الذاتية الآزوتية كالنباتات اللاحمة والجراثيم والفطريات، بامتصاص المركبات العضوية البسيطة التي تعجز عن صنعها مباشرة، امتصاصاً أفضل من امتصاص النباتات الراقية المركبات نفسها.
    الامتصاص قبل الدوران
    الامتصاص المعوي في الحيوانات: [ر. الهضم].
    امتصاص الماء في النباتات الراقية: يرتبط امتصاص الماء قبل الدوران في النباتات الراقية بطبيعة التربة، وكمية الأملاح المنحلة، وبالضغط الحلولي للعصارة الفجوية. وهكذا فإن التربة الرملية أقل تمسكاً بالماء من التربة الغضارية أو الدبالية، كما أن الأملاح المنحلة ترفع الضغط الحلولي لمياه التربة، فالضغط الحلولي لماء التربة الزراعية يعادل خمسة ضغوط جوية، وهو من رتبة 30 ضغطاً جوياً في التربة السهوبية، ومن رتبة 100 ضغط جوي في التربة الصحراوية. وكذلك الأمر فيما يتعلق بالضغط الحلولي للعصارة الفجوية للأوبار الماصة الجذرية. فهو من رتبة 2 – 3.5 ضغط جوي في الفاصولياء، و5 ضغوط جوية في البلارغونيوم Pelargonium وأكثر من 20 ضغطاً جوياً في النباتات الملحية، وأكثر من 100 ضغط جوي في النباتات الصحراوية.
    ويعتمد امتصاص الماء قبل الدوران أفقياً من التربة حتى آخر طبقة من القشرة الجذرية، على اختلاف الضغط الحلولي الذي يحقق دخول الماء من التربة ذات التركيز المنخفض إلى خلايا الأوبار الماصة، فالبرنشيم القشري الجذري الذي يزداد تركيز عصارة خلاياه بالتدريج بدءاً من الأوبار الماصة حتى الأدمة الباطنة يمتص الماء اعتماداً على اختلاف الضغط الحلولي وتُعْتَمَدُ آلية ثانية هي النقل الفَعّال (أو النشط) active transport، وهي التي تحتاج إلى طاقة لتحمِّل المادة المنقولة على بروتين خاص يسهِّل انتقالها من الوسط العالي التركيز إلى الوسط المنخفض التركيز، حيث يهبط الضغط الحلولي من طبقة الأدمة الباطنة إلى المحيط الدائر، ليرتفع ثانية في خلايا البرنشيم الوعائي. وتقوم الجدران الشعاعية «المتفلنة» لخلايا الأدمة الباطنة بدور غشاء نصف منفذ، ينظم دخول المواد اللازمة للنبات. ويوضح الجدول 1 قوة الامتصاص الجذري مقدرة بالضغط الجوي في جذر جانبي للفول في مستوى الأوبار الماصة.

    الطبقة الخلوية الضغط الحلولي(ضغط جوي)
    الأوبار الماصة 0.7 ض.ج
    الطبقة القشرية الأولى 1.4 ض.ج
    الطبقة القشرية الثانية 1.5 ض.ج
    الطبقة القشرية الثالثة 2.1 ض.ج
    الطبقة القشرية الرابعة 2.8 ض.ج
    الطبقة القشرية الخامسة 3.0 ض.ج
    طبقة الأدمة الباطنة 1.7 ض.ج
    طبقة المحيط الدائر 0.8 ض.ج
    خلايا البرنشيم الوعائي 0.9 ض.ج
    الجدول 1

    امتصاص الأملاح المعدنية في النباتات الراقية: تقسم آلية امتصاص النباتات الراقية للأملاح المعدنية إلى طورين، هما طور الانتشار وطور الركم فالانتشار عملية لا تتطلب التزود بالطاقة، وبوساطتها تنتقل الجزيئات المنحلة من الأوساط المرتفعة التركيز إلى الأوساط المنخفضة التركيز عبر المسافات الحرة داخل الجذور. أما الركم فهو عملية تتطلب التزود بالطاقة التي يقدمها الجهاز الكوندري الخلوي بوساطة حوامل خلوية تمسك بأيونات الأملاح المرغوب في دخولها وتنقلها إما من الوسط الخارجي إلى داخل الخلية، أو في الوسط الداخلي من خلية إلى أخرى. تتمثل هذه الحوامل بالبروتينات والحموض الأمينية والمركبات الفسفورية وبعض الأنظيمات كالسيتوكرومات. كما تتطلب عملية الركم درجة حرارة مناسبة من رتبة 35ْ درجة سلزيوس، إضافة إلى وجود كميات مناسبة من الأوكسجين. لذا يتعذر امتصاص النبات للأملاح المعدنية من التربة الكتيمة لغياب الأوكسجين. وأخيراً تتطلب عملية الركم مخزوناً مناسباً من المواد العضوية، وإن النباتات المصابة بالهيج أو الاصفرار لا تستطيع امتصاص ما يلزمها من أملاح إذا لم تتوافر في التربة المواد العضوية المناسبة.
    آليات الامتصاص الخلوي
    يميز من هذه الآليات امتصاص مطاوع منفعل passive absorption وامتصاص نشط active absorption.
    الامتصاص المطاوع المنفعل: وهو يتمثل بالحلول osmosis القائم على أساس تباين التركيز في محلولين والاختلاف في الكمون الكهربائي والانسياب في الماء.
    فالحلول مرتبط بأنواع الأغشية التي تفصل بين محلولين أحدهما عالي التركيز والآخر منخفض التركيز. فإذا وجدت الخليةفي محلول عالي التركيز كالدم مثلاً أو النسغ الذي يغذي تلك الخلية وكان جدارها كامل النفوذية، امتصت الجزيئات باتجاه الوسط الداخلي. وإذا كان داخل الخلية أعلى تركيزاً من خارجها وكان الغشاء نصف منفذ فهذا يسمح بمرور الماء ولا يسمح بخروج الجزيئات المنحلة. أما الاختلاف في الكمون الكهربائي فهو عادة يكون بين وجهي الغشاء الخلوي حيث يكون الاستقطاب السلبي متمركزاً على الوجه الداخلي، حيث يراقب بدقة امتصاص الأيونات الحاملة لشحنات كهربائية.
    وإن انجراف المادة مع الماء الذي يدخل خلية ما، هو من عوامل امتصاص المواد المنحلة امتصاصاً مطاوعاً منفعلاً، ويكون الامتصاص كبيراً في حال الأغشية المجهزة بمنافذ.
    الامتصاص النشط: هو الامتصاص الذي يتم بوساطة حوامل بروتينية نوعية تحمل المادة المرغوب في امتصاصها وتنقلها إلى داخل الخلية مستخدمة الطاقة الخلوية الناتجة عن الأدينوزين الثلاثي الفوسفات (أتب ATP). فامتصاص الغالاكتوز من قبل الاشريكية القولونية Escherichia coli مثلاً يتم على أربع مراحل، هي:
    1 ـ ارتباط الحامل بجزيء «أتب» مستمد من داخل الخلية.
    2 ـ ارتباط الحامل بجزيء غالاكتوز مستمد من خارج الخلية.
    3 ـ تحول «الأتب» إلى أدينوزين ثنائي الفسفات «أدب ADP» مع تحرر للطاقة اللازمة لإمساك الحامل بالغالاكتوز.
    4 ـ انتقال الغالاكتوز إلى داخل خلية الاشريكية وعودة الحامل إلى سابق وضعه مستعداً للارتباط ثانية بجزيء «أتب» جديد. وهكذا ينقل الغالاكتوز نقلاً مباشراً، بانفتاح الحامل وانغلاقه، إلى داخل الخلية بما يشبه الباب النقال.
    كما يجري امتصاص الغلوكوز ومعظم الحموض الأمينية بوساطة خلايا جدار الأمعاء وفق المراحل الأربع التالية:
    1 ـ ارتباط الحامل بأيون صوديوم مستمد من خارج الخلية.
    2 ـ ارتباط الحامل بجزيء غلوكوز مستمد من خارج الخلية.
    3 ـ دوران الحامل إلى داخل الخلية.
    4 ـ تحرير الحامل للغلوكوز مع شاردة الصوديوم التي تخرج من الخلية باستخدام طاقة جزيء «أتب». وهكذا ينقل الغلوكوز نقلاً غير مباشر (بدوران الحامل بارتباطه بأيون الصوديوم) إلى داخل الخلية بطريقة الباب الدوار.
    كما يجري امتصاص المواد المعقدة أو الكبيرة الحجم الصلبة بوساطة البلعمة phagocytosis وفق المراحل التالية:
    1 - إحاطة المادة المراد بلعمتها بغشاء بلاسمي.
    2 - إدخال المادة المبلعمة في تجويف بلاسمي.
    3 - انفصال التجويف البلاسمي وتحرره داخل الخلية وخضوعه لعمليات هضم داخلي.
    كما يجري امتصاص المواد المعقدة أو الكبيرة الحجم السائلة بوساطة الاحتساء الخلوي pinocytosis الذي يجري مشابهاً لمراحل البلعمة.
    أنور الخطيب

    مراجع للاستزادة

    ـ ماير وأندرسون، الوجيز في فيزيولوجية النبات، ترجمة محمد جميل عبد الحافظ ورفاقه (القاهرة 1969).



    رقم صفحه البحث ضمن المجلد:478

  7. #147
    دقيق الطرفين

    دقيق الطرفين Amphioxus، ويسمى أيضاً السهيم أو الرميح، واسمه العلمي Branchiostma lanceolatus، حيوان ينتمي لشعبة الحبليات Chordata، شعيبة حبليات الرأس Cephalochordata أو عديمات القحف Acrania، التي تمتاز بثلاث صفات رئيسة هي: الحبل الظهري ممتداً على طول الناحية الظهرية لجسم الحيوان، والحبل العصبي ممتداً فوق الحبل الظهري، وتحوّر الجزء الأمامي من أنبوب الهضم، أي البلعوم، إلى شقوق غلصمية (خيشومية) تنفسية.
    يستمد دقيق الطرفين أهمية علمية خاصة من بنيته الأساسية للحبليات وتعضيها، الأمر الذي دعا إلى دراسته بالتفصيل للوقوف على صفاته وميزاته وعلاقاته بالكائنات الحية الأخرى.
    صفاته الخارجية
    (الشكل -1) دقيق الطرفين
    دقيق الطرفين حيوان صغير الحجم يراوح طوله بين 5-6سم، يشبه السمك في جسمه المغزلي المتطاول المضغوط جانبياً الشاف، ونهايتيه الدقيقتين، تبرز الأمامية منهما بشكل الحيزوم ينفتح الفم على وجهه البطني، بينما تستدق نهايته الخلفية على شكل حربة تفتح قرب قاعدتها فوهة الشرج (الشكل -1). يفتقد دقيق الطرفين للرأس الواضح، وكذلك اللواحق، وتمتد على طول الخط المتوسط للحافة الظهرية للجسم استطالة غشائية تمثل الزعنفة الظهرية، التي تستمر دون انقطاع حتى مؤخرة الجسم، وتتابع امتدادها عريضة حول النهاية الخلفية على شكل الحربة مشكلة الزعنفة الذيلية، التي تستمر ممتدة على الناحية البطنية باتجاه الأمام فتشكل، على الخط المتوسط البطني، الزعنفة البطنية القصيرة، التي تمتد من فوهة الشرج حتى فوهة المنفذ البطني (التي تقع في مقدمة الثلث الخلفي من الجسم). وأمام المنفذ البطني تستمر هذه الزعنفة على جانبي الوجه البطني بانثناءين جانبيين، أي انثناء على كل جانب، يمتدان بدءاً من المنفذ البطني حتى الفم. يمثل هذان الانثناءان الزعنفتين الجانبيتين أو الاستطالتين الجانبيتين.
    بنيته الداخلية
    تسمح شفافية جسم الحيوان بمشاهدة بعض البنى والأعضاء الداخلية، فتظهر تحت اللحافة الجلدية، وعلى جانبي الجسم الطبقة العضلية المتقطعة والمتجزئة، حيث تبدو على هيئة قطع عضلية مرتبة في سلاسل يراوح عددها بين 55-62 شفعاً تسمى القطع العضلية، لكل منها شكل حرف V يتجه رأسه نحو الأمام. وتنفصل هذه القطع العضلية بعضها عن بعض بحواجز من النسيج الضام هي الفواصل العضلية أو الحجب الضامة.
    كما يرى بالشفوف أيضاً الحبل الظهري الذي يمثل الأساس للهيكل الداخلي الداعم للجسم لدى دقيق الطرفين الذي يبدو بشكل حبل أسطواني دقيق النهايتين، يمتد على طول الناحية الظهرية للجسم، يتوضّع فوقه مباشرة الحبل العصبي الممتد أيضاً، وبشكل مواز له، على طول الجسم دون أن يشكل في مقدمته دماغاً متميزاً.
    كما يظهر الأنبوب الهضمي بأجزائه المختلفة ممتداً على طول الناحية البطنية للجسم أسفل الحبل الظهري، فيبدأ بالتجويف الفموي على الوجه البطني للحيزوم، يبدو الفم في قاعه بشكل فوهة بسيطة في مركز غشاء يدعى الشراع، يحمل عدداً من المجسات الشراعية المهدَّبة (الهدابات الشراعية)، كما يحاط التجويف الفموي بأكمله بإكليل من الهدابات الفموية. يلي ذلك بلعوم ضخم يشغل تقريباً نصف طول أنبوب الهضم، يبدو على جدرانه أكثر من 100 شفع من الشقوق البلعومية الغلصمية، تنفتح على تجويف يقع بين جدار الجسم وأنبوب الهضم، يمثل حجرة حول الغلصمة يسمى الجوف حول البلعوم أو البهو الذي ينفتح للخارج بفوهة المنفذ البطني. يلي البلعوم مريء قصير يمتد منه نحو الأمام باستطالة أو امتداد مسدود على شكل ردب جانبي طويل يدعى الردب الكبدي، يتوضع على الجهة اليمنى للبلعوم. ويستمر أنبوب الهضم بمعي مستقيم ضيق، ينتهي في مؤخرة الحيوان بفوهة الشرج التي تنفتح للخارج على الجانب الأيسر من الزعنفة البطنية.
    تظهر بالشفوف أيضاً المناسل، وعددها 26 شفعاً مرتبة بانتظام على جانبي الجسم في منطقة البلعوم مقابل البهو، التي تبدو بشكل أكياس كروية مصطفة الواحدة تلو الأخرى. الجنسان منفصلان في دقيق الطرفين، ولا يمكن تمييز الذكر من الأنثىخارجياً.
    حياته
    تألف حبليات الرأس الشواطىء الرملية، حيث تحفر فيها مخرجة فقط نهاياتها الأمامية خارج الرمل، لذلك فإن لدقيق الطرفين طريقة حياة خاصة جداً، إذ ينتشر في شواطىء البحار الدافئة منطمراً أفقياً في الرمال الشاطئية نهاراً، يُبرز منها خارج الرمل فقط نهايته الأمامية حيث تكون الفوهة الفموية حرة.
    يغادر دقيق الطرفين الرمال ليلاً سابحاً بنشاط وسرعة كبيرة على جانبه البطني، وينام في أعماق المياه مستلقياً على أحد جانبيه.
    يتغذى دقيق الطرفين بالمتعضيات الصغيرة والجزيئات العضوية الدقيقة العالقة في الماء وهو مستقر في حفرته الرملية التي تبرز منها نهايته الأمامية المزودة بالمجسات والهدابات، تحرك تياراً مائياً يدخل من الفم ليخرج من فوهة البهو (المنفذ البطني). وهكذا يدخل الماء عبر التجويف الفموي محمَّلاً بالعناصر الغذائية، مع التيار من الفم إلى البلعوم، حيث يعبر الماء الشقوق الغلصمية إلى التجويف حول البلعوم بعد أن تتم عملية ترشيح مزدوجة، إذ تلتصق الجزيئات الغذائية بالخلايا المهدبة والخلايا المخاطية المبطنة للتجويف الفموي والميازيب البلعومية الموجودة ضمن تجويف البلعوم، وهكذا تتشكل عجينة غذائية
    تُدفع إلى الأمعاء حيث يتم الهضم بمساعدة عصارة الردب الكبدي، ويتم الامتصاص في الأمعاء، كما تتم في الوقت نفسه عملية التبادل الغازي في مستوى الشقوق الغلصمية البلعومية، وبذلك تنجز عملية التنفس ليخرج الماء الذي تم ترشيحه، عبر المنفذ البطني إلى الوسط الخارجي.
    وهكذا يقوم المجموع البلعومي الغلصمي بدور هام في التقاط الجزئيات الغذائية (التغذية) من جهة، وفي التبادل الغازي (التنفس) من جهة أخرى، إذ تنجز في مستواه، وفي آن واحد، عمليتا التغذية والتنفس.
    أهمية دقيق الطرفين من الناحية التطورية وموقعه بين الفقاريات واللافقاريات:
    احتفظ دقيق الطرفين بمخطط بنيوي قديم جداً قريب من البنية النموذجية القديمة للفقاريات. وقد دلت الدراسات على أن طريقة حياته الخاصة لم تعمل على تراجعه تشريحياً وإنما ساعدت على إيقاف تطوره وسمحت له أيضاً بالاحتفاظ بصفاته البدائية. لذلك تكمن الأهمية العلمية الكبيرة لهذا الحيوان في إظهاره بوضوح الصفات الرئيسية الثلاث المميزة للحبليات عامة، إضافة إلى بعض صفات الفقاريات. ففيه صفات الفقاريات الدنيا، التي تتجلى بوجود الحبل الظهري والحبل العصبي الظهري والبلعوم الغلصمي وتطور الوريقة الوسطى التي تشكل جوفاً عاماً وقطعاً عضلية وقطعاً تناسلية، إضافة إلى صفات عدة مختلفة تماماً تجعله أقرب، في تعضيه وبنيته، إلى الحلقيات أكثر من الفقاريات، إضافة إلى الهيكل والأنبوب الهضمي والجملة العصبية البسيطة وفقدان المجاري التناسلية والأعضاء السمعية والعيون المتمايزة ووجود الجوف حول البلعوم، إضافة إلى البشرة غير المطبقة (كما لدى اللافقاريات) مما يقربه من اللافقاريات.
    إن هذه الصفات المختلفة والمتباينة تؤكد أن دقيق الطرفين لا يمثل السلف المباشر للفقاريات، وبالتالي فقد اتفق علماء التصنيف على عدّ المجموعة التي ينتمي إليها دقيق الطرفين (حبليات الرأس) فرعاً اشتقاقياً مستقلاً موازياً لفرع الفقاريات، يقع بينها وبين الحبليات الابتدائية، وينشأ من الجذع السلفي للحبليات دون وجود أي ارتباط مباشر معه.
    لينة زهر الدين
    مراجع للاستزادة:
    ـ أحمد حماد الحسيني ودميان إميل شنودة، بيولوجيا الحيوان العملية (دار المعارف بمصر 1961).
    ـ نجاح بيرقدار وعادل حموي وحسن حلمي خاروف، علم الحيوان العام (مطبوعات جامعة دمشق 1982).
    ـ لينة زهر الدين ومنيف غريب، عملي علم الحيوان العام، الجزء الثاني (مطبوعات جامعة دمشق 1995).
    ـ محمود كروم، الوجيز في تصنيف الحيوان (مطبوعات جامعة حلب 1990).


  8. #148
    الأميبات

    الأميبات (المتحولات) Amoebidae حيوانات أوال[ر] تمثل رتبة من صف جذريات الأرجل[ر]، تتصف بعدم ثبات شكلها، إذ يرسل الفرد الإعاشي trophozoite امتدادات هيولية (سيتوبلاسمية) غير ثابتة الشكل تدعى الأرجل الكاذبة.
    بنية الأميبات
    غشاؤها الهيولي مجرد من أي بناء هيكلي خارجي، لكن قد تغطي سطح الأميبات الخارجي طبقةٌ رقيقة من عديدات السَّكَرَّيْد المخاطية تفيد في تثبيت الحيوان بالوسط أو في تمزز المواد المنحلة لتسهيل دخول هذه الأخيرة إلى هيولى الحيوان. وتتمايز الهيولى عادة إلى هيولى داخلية وهيولى خارجية. تضم الهيولى الداخلية النواة والمتضمَّنات الهيولية المختلفة، كما في الحيوانات الأوالي الأخرى كلها ما عدا بعض الاستثناءات، وتحتوي على فجوات هاضمة وعلى فجوة نابضة واحدة على الأقل لدى أميبات المياه العذبة. وفي الهيولى الداخلية أيضاً بلورات ومُدخرات من مواد مختلفة، في حين أن الهيولى الخارجية متجانسة وتخلو من المتضمنات الهيولية. أما النواة فهي وحيدة على العموم، وعلى الغالب ذات توضع مركزي.
    حركتها الأميبية
    وضع الباحثون في حركة الهيولى عدة نظريات، منها نظرية تمزز السائل الهيولي الداخلي، ونظرية تغيرات الضغط السطحي، ونظرية التقلص الجزيئي للهيولى الداخلية، ونظرية تحوّل الهيولى من شكل هلامي إلى شكل منحل وبالعكس. وتقول النظرية الأخيرة إن الهيولى الداخلية للحيوان تتمايز في أثناء حركة المتحول (الأميبا) إلى جزء مركزي يسمى البلازما الحُلالةplasmo sol يحيط بها جزء «متهلم» يسمى البلازما الهلامية Plasmo gel. أما الهيولى الخارجية فتقتصر على الجزء المحيطي من البلازما الهلامية السابقة الذكر، تحيط به طبقة رقيقة مما يسمى القلنسوة الشفافة hyaline cap تسيل كماء الينبوع، وعندما تمس القلنسوة الشفافة فإنها «تتهلم» وينجم عن ذلك تقلص الجزء الأمامي من المتحول، الأمر الذي يدفع الهيولى، وبالنتيجة المتحول إلى الأمام. ثم ترتد إلى البلازما الحلالة. ثم تتكرر العملية ويستمر تقدم الحيوان.
    تغذيتها
    تتغذى الأميبات عامة بالبلعمة الخلوية. فعندما تمس الفريسةُ (بكتريا مثلاً) سطحَ الحيوان تنخمص منطقة التماس هذه على شكل قمع ينعزل هو ومحتواه داخل الهيولى، فتتشكل بذلك الفجوة الهاضمة. ويكوِّن بعض الأميبات فماً خلوياً مؤقتاً ذا جدران متقلصة، كما لو أنه يشتمل على ألياف عضلية. وتخضع الفريسة التي تم اقتناصها وانحصرت ضمن الفجوة الهاضمة إلى عملية هضم خلوي، تتم بالصورة نفسها التي تتم فيها لدى الحيوانات الأوالي الأخرى، إذ تبدأ بهضم حامضي يتحول إلى هضم قلوي بفعل الإنظيمات الهاضمة المتنوعة. أما الفضلات الصلبة فتطرحها الفجوة التي تحملها، باقترابها من سطح الأميب وإلقائها في الوسط المحيط به، عبر الغشاء الهيولى.
    تكاثرها
    تتكاثر الأميبات تكاثراً لا جنسياً بالانشطار الثنائي، إلا أنها تتكاثر أيضاً بالانشطار المتعدد. كما أنها تتكاثر عن طريق التَكَيُّس، وخاصة عندما تسوء شروط الوسط. ويسبق ذلك عادة طرح المتحول قسماً من مائه ومدخراته، فلا يُبْقي إلا على ما يكفيه ليعيش حياة كامنة ضمن كيس مقاوم (غالباً ما يكون كروياً) يفرزه الحيوان حول نفسه. ويضم الكيس الواحد عدداً معيناً من النوى يختلف بحسب النوع. ويقاوم الكيس المتكون التغيرات الفيزيائية والكيمياوية في الوسط المحيط. وعندما تعود الشروط المناسبة، أو عندما تصل الأكياس إلى مضيفها الجديد، ينفتح الكيس وتتحرر منه أميبات إعاشية جديدة.
    أصلها
    يتحول بعض أنواع الأميبات من الشكل الأميبي الزاحف إلى شكل سوطي سابح يمكن أن يفقد سياطه ثانية ليعود إلى الشكل الأميبي الزاحف. وقد أمكن إرجاع الشكل السوطي السابح إلى الشكل الأميبي الزاحف تجريبياً برفع نسبة الأكسجين المنحل في الوسط، لذلك يرى بعض الباحثين أن الأميبات تنحدر من أرومة سوطية، حتى إنهم مَيَّزوا رتبة قائمة بذاتها هيالسوطيات الجذرية Rhizomastigida عدَّوها إحدى رتب حاملات السياط.
    بيئتها
    تعيش الأميبات في جميع الأوساط المعروفة، فهي توجد في مختلف أنواع المياه: العذبة (مثل الأميبة المتقلِّبَةAmoeba proteus) والقليلة الملوحة والمالحة. كما توجد في التربة الرطبة، وخاصة تلك التي تشتمل على بقايا عضوية آخذة في التفسخ مثل نِغْلِرْيا Naegleria. كما أن بعضها يعيش متطفلاً على بعض الحيوانات وبعضها على الإنسان، ومن هذه ما هو سليم مرضياً كالمتحولة الداخلية اللَثوية Entamoeba gingivalis والمتحولة الداخلية القولونية Entamoeba coli، ومنها ما هو ممرض كالمتحولة الداخلية الحالّة للنسج Entamoeba histolytica التي تسبب داء الأميبات amebiasis.
    عيسى العسافين

    الموضوعات ذات الصلة

    الأميبات (داء ـ).

    مراجع للاستزادة

    ـ عيسى العسافين ومحمد النعمة، علم الحيوان العام، الجزء الأول (مطبوعات جامعة دمشق 1982).
    - P.P.GRASS. Trait de zoologie, tom I, fassicul I, (Massan et cie, Paris 1953).
    - K.G.GRELL, Protozoology (Springer –vertag Berlin, New York 1973).

  9. #149
    الإنتاش

    الإنتاش germination هو جملة الظواهر المؤدية بجنين موجود داخل بزرة ناضجة إلى التخلص من الحياة البطيئة ودخوله في حياة نشطة تعطي البادرة التي تُنْتج النبات الفتيّ. ومن هذه الظواهر ما يرتبط بعوامل داخلية خاصة بالبزور، ومنها ما يرتبط بعوامل خارجية، ومنها ما هو مصحوب بمظاهر شكليّة، ومنها ما هو مصحوب بمظاهر فيزيولوجية.
    العوامل الداخلية الخاصة بإنتاش البزور
    ينتش بعض البزور بمجرد توفير الشروط الخارجية المناسبة، في حين يتعذر إنتاش بزور أخرى لدخولها في حالة هجوع dormancyوهنالك نوعان من الهجوع: الهجوع الابتدائي وهو عدم مقدرة البزور على الإنتاش في زمن ما يتغير بتغير الأنواع المدروسة، والهجوع الثانوي وهو فقدان البزرة القدرة على الإنتاش مؤقتاً ريثما تتوفر لها شروط مناسبة. ويمكن في بعض الحالات مصادفة النوعين من الهجوع في آن واحد. يتم الهجوع الابتدائي بتأثير عدد من العوامل، يُذكر منها على سبيل المثال: المثبطات الآلية والمثبطات الكيمياوية. فالمثبطات الآلية هي المثبطات الناشئة عن غلاف البزرة أوالثمرة، والتي تحول دون تنامي الجنين، كعدم نفوذية الغُلُف للماء كما في النفل Trifoliumأو عدم نفوذية الغُلُف للأكسجين كما في الشُبّيط (الصَفَرة) Xanthium.
    والمثبطات الكيمياوية مثبطات كامنة في غلاف بزور الأجاص والتفاح وفي لحافات بزور الملفوف والخسّ، وهي في أغلب الأحيان حموض عضوية يؤدي زوالها إلى انتقال الجنين من مرحلة إلى أخرى. ومن هذه المثبطات الكيمياوية ما تحرر بتفككها حمض سيان الهدروجين HCN كما في الخوخ Prunus، أو تحرر سكريات غير متجانسة heteroside كما في الخردل الأبيض، أو تحرر لاكتونات كما في الغبيرا Sorbus، أو تحرر ألدهيدات كما في الأقماح الطرية، أو تحرر النشادر كما في الشوندر، أو تحرر الإتيلين كما في التفاح والإجّاص، أو تحرر مركبات عطرية كما في الحمضيات. ومن مثبطات نمو البزور ما يتمثل بعدم اكتمال نضج الجنين كما في الفيكارية Ficaria، أو بحاجة الجنين إلى برودة ورطوبة محددتين يتعرض إليهما في الشتاء كما في إنتاش بزور التفاح والإجّاص والكرمة، أو يتمثل بحاجة الجنين إلى جفاف يوصله إلى مرحلة النضج كما في المِجْزاعة Impatiens.
    يرتبط الهجوع الثانوي بعوامل خارجية تثبط نمو البزور من أبرزها: الضوء، فيما يتصل بنبات الحبة السوداء أو حبة البركةNigella التي تنتش عادة في الظلام، والظلمة فيما يتصل ببزور التبغ التي تُنتش عادة في الضوء، وعامل البرودة، فيما يتصل بنبات السرغومSorghum، ونقص الأكسجين المرافق لزيادة ثاني أكسيد الكربون CO2 في الملفوف الأبيضBarassica alba. وينقطع هجوع البزور بوساطة عدد من العوامل الخارجية من أبرزها تفكك الغُلُف البزرية والبصلية بوساطة العضويات الدقيقة المتوافرة في التربة، أو غسل الغُلُف البزرية بالماء الذي يُخلِّصها من المثبطات الكيمياوية، أو حك البزور بالرمل أو بورق الزجاج، أو استخدام بعض الحموض القوية لمدة 15 دقيقة، أو استخدام الكحول الذي يزيل المواد الدهنية، أو توفير البرودة والرطوبة المتوافقتين مع حاجة الأنواع النياتية. ويتطلب إنتاش بزور العربي الشائك Arabis hispida برودة تُراوح بين 1ـ 10ْ درجات مئوية تستمر من 3 - 4 أشهر، ويتطلب إنتاش بزور تَنُّوب أريزونة Abies arizonica برودة تُراوح بين 1 - 5ْ درجات مئوية تستمر مدة شهر واحد، وهذا ما يوفره شتاء المناطق المعتدلة.
    يقوم الإنسان بتقليد الطبيعة بقطع الهجوع وذلك بوضع البزور التي تهمه على شكل طبقات في رمل رطب داخل غرفة مبردة ومزودة بالأكسجين الكافي، وتحدد درجات الحرارة ومدة المعالجة اللازمة بحسب النوع النباتي. وتسمح هذه الطريقة بإزالة الهجوع الناتج عن الغُلُف والهجوع الجنيني في آن واحد بحيث تصبح البزور بعد هذه المعالجة قادرة على الإنتاش إثر توافر الشروط المناسبة. لقد تمكن بعض الباحثين من إثبات ظهور بعض الحموض الأمينية التي لا غنى عنها للإنتاش كالأرجنينarginine والغليسين glycine بعد عملية المعالجة السابقة. وعلى العكس من ذلك تحتاج بعض البزور إلى التعرض للجفاف كي يزول هجوعها وتُراوح المدة التي تحتاج إليها ما بين أسبوعين في حالة نبات ليبيديوم فرجينية Lepidium virginicum. وعدة أسابيع في نبات المجزاعة وقد تصل إلى سبع سنوات في حالة نبات السُعْذ المستدير Cyperus rotunous ذلك أن موت خلايا الغلف يزيد من نفوذية هذه الخلايا، وفي حالات أخرى يكفي تعريض البزور للضوء أو للظلمة بحسب الحال كي يتم الإنتاش. فالإنارة تؤثر في عمل الإنظيمات وهرمونات النمو، فزيادة الإنارة تعيق الإنتاش وتؤثر إضافة لما سبق في آليات التنفس.
    وأخيراً فإن لبعض المواد أثراً لا يستهان به في نشاط الجنين كحمض الجبَّيريلي gibberellicوالنترات التي تفعل فعل الإنارة، أما المركبات الكبريتية فيمكن أن تحل جزئياً محل فعل البرودة الرطبة.
    العوامل الخارجية الخاصة بإنتاش البزور
    لا تنتش البزور وإن وصلت إلى المرحلة التي تمكنها نظرياً من الإنتاش، إلاَّ إذا توافرت لها العوامل الخارجية المناسبة، كالعوامل الفيزيائية والكيماوية للوسط الذي توجد فيه البزرة وخاصة الماء والأكسجين والحرارة والضوء إضافة إلى العوامل الحيوية في بعض الحالات.
    دور الماء في إنتاش البزور: الماء ضروري للإنتاش، فهو يعمل على استعادة النشاط الخلوي بإماهته للمدخرات الممثلة بحبات الألورون مثلاً، كما يعمل على زيادة النفوذية الخلوية للمواد المستقلبة، وأخيراً يُسهِّلُ الماء المبادلات الغازية التي يتعذر إجراؤها في حالات جفاف الأغشية الخلوية. وهكذا يمكن التحقق من أن البزور تمتص الماء بمقدار يبلغ 40 - 150% من وزنها الجاف، وذلك بحسب نوع النبات والمدخرات الموجودة في بزوره. فالبزور الزيتية كالخروع مثلاً تحتاج إلى كمية من الماء أقل مما تحتاج إليه البزور النشوية كالذرة.

    يختلف إمكان توفير الماء للبزور باختلاف طبيعة التربة، فالتربة الغضارية مثلاً تحتجز الماء في حين تتخلى الترب الرملية عن مائها بسهولة، كما تسهم الحرارة في زيادة التشرب. وأثر الطبيعة الكيمياوية للغُلُف المحيطة بالبزرة كبير في هذا المجال: فالغُلُف المخاطية في بزور الكتان تساعد في جذب الماء في حين تَحُدُّ النسج القاسية المتخشبة من دخول الماء، كما في بزور نبات عروس النيل (وردة النيل) Nelumbo. وأخيراً فإن للضغط الحلولي للوسط أثراً في نسبة امتصاص الماء كما في الترب الملحية مثلاً.
    دور الأكسجين في إنتاش البزور:تحتاج أغلب النباتات إلى الأكسجين في أثناء الإنتاش ولهذا يتحقق الإنتاش جيداً في الشروط المناسبة من حيث التهوية ونسبة الأكسجين في الهواء، أي إذا كان الهواء فقيراً إلى الأكسجين فإنه يؤدي إلى عرقلة الإنتاش، وهذا ما يُلاحظ في الترب الكتيمة جداً وفي طين المستنقعات. غير أن هناك بعض الأنواع التي تشذ عن هذه القاعدة العامة كنبات الرز والنجيلCynodon dactylon والتيفة Typha أو عشبة البرك أو ذنب الهر التي تنمو في المياه الآسنة القليلة الأكسجين.
    دور الحرارة في إنتاش البزور: تختلف درجة الحرارة الفضلى للإنتاش باختلاف نوع النبات، إذ يتطلب الخردل Sinapisمثلاً حرارة لا تقل عن درجة مئوية واحدة ولا تزيد على 36ْم، أما الدرجة الفضلى فتتراوح غالباً بين 28 و30ْم.
    وتختلف سرعة الإنتاش باختلاف درجات الحرارة، فقمح الشتاء مثلاً يحقق في يومين وبدرجة حرارة 12ْم نسبة من الإنتاش يحتاج إلى ستة أيام في تحقيقها عندما تكون درجة الحرارة 4ْم فقط. وفي هاتين الدرجتين من الحرارة تحتاج بزور السبانخ من 4 - 9 أيام لتحقيق نسبة الإنتاش نفسها. وأخيراً فإن للتبدلات الداخلية الدورية للحرارة أثراً إيجابياً في إنتاش بزور البصل وبعض أنواع الحبوب بحيث تكون درجة الحرارة 20ْم نهاراً و5ْم ليلاً.
    دور الضوء في إنتاش البزور: ينتش نحو70% من النباتات جيداً في الضوء، في حين ينتش 25% من النباتات فقط في الظلام، أما النباتات الباقية فيمكن أن تنتش في الضوء وفي الظلام على حد سواء كما في الحبوب والقرنيات.
    دور العوامل الحيوية في إنتاش البزور: يتدخل الوسط بما يحويه من كائنات حية في عملية الإنتاش وسوف يكتفى هنا بالإشارة إلى ثلاثة أدوار هي: مثبطة ومنشطة وتعايشية.
    أ - الدور المثبط: كما هي حال ثمار البزور التي تثبط إنتاش البزور الموجودة بداخلها (الطماطم)، كما تطلق جذور بعض النباتات مواد تثبط إنتاش الأنواع الأخرى بجوارها.
    ب - الدور المنشط: وهو عكس الحالة السابقة إذ تبين أن بعض المفرزات الجذرية تنشط الإنتاش كما في حالة بعض النباتات المتطفلة كالجعبيل Orohanche والأصْطريغة الصفراء Striga lutea حيث ينشط إنتاشها بوجود إفرازات جذور النبات المضيف.
    ج - الدور التعايشي: وتُصادف في بعض السحلبيات، حيث يقوم الفطر المتعايش بتحريض الإنتاش بتقديم بعض العناصر المغذية، وخاصة العناصر النَدْرَة lements oligo الضرورية للنبات كما أن الأريكة Erica والقَلُونُة Calluna تخضعان لعمليات مماثلة.
    المظاهر الشكلية الخاصة بإنتاش البزور
    أول مظاهر الإنتاش انتفاخ اللحافات والبزرة بمجملها نتيجة لامتصاص الماء، وتفتق الغُلُف في بضع ساعات، ويلي ذلك تنامي الجذير، وظهور الأجزاء الهوائية في عدة أيام.
    ويمكن تمييز عدة نماذج للإنتاش بحسب البزرة وأسلوب نمو البادرة، فهناك الإنتاش تحت الأرضيhypogeous إذ تبقى البزرة داخل التربة كما في البَزِلياء. وهناك الإنتاش فوق الأرضيepigeous كما في الفاصولياء والخروع إذ تصعد البزرة فوق سطح التربة، ويعود السبب في ذلك إلى الفرق بين مناطق النمو في البادرة. ففي الإنتاش تحت الأرضي يكون المحور فوق الفلقي هو الذي يتطاول، أما في النموذج فوق الترابي فإن النمو يتم خاصة في المحور تحت الفلقي بحيث تظهر الفلقات، والسويداء تحت سطح التربة في حال وجودها، والبريعم gemmuleمحمولة فوق سطح التربة.
    تتم مظاهر الإنتاش في بعض الفصائل بأسلوب خاص كما في النخيل إذ تتألف البزرة من سويداء عاجية ويتم الإنتاش بخروج الجذير أولاً بحيث تَنْغَرس البادرة في التربة بنمو حبل فلقي وفي مرحلة لاحقة يتحرر البريعم ممزِّقاً الغمد الفلقي.
    وفي النجيليات يكون الجذير محاطاً بغمد يدعى غمد الجذير coleorhiza، أما البريعم فيحاط بغمد يدعى غمد البريعمcoleoptile، ويتم النمو لعدة أيام داخل هذين الغمدين قبل أن يتمزقا ليبرز الجذير الفتي من جهة والسويقة من الجهة الأخرى.
    المظاهر الفيزيولوجية الخاصة بإنتاش البزور
    نفوذ الماء إلى النبات: يبدأ الإنتاش بدخول كميات كبيرة من الماء عبر الغلف التي تصبح نفوذة عندئذ، هذه النفوذية ليست واحدة في كل أجزاء الغُلُف، ففي الشعير والقمح تكون النفوذية في البداية على مستوى الخِلاسَة chalaze، وبدءاً من ذلك فإن التشرب يحيط شيئاً فشيئاً بالجنين ثم يصل إلى السويداء.
    تعود قوة المص (العجز في الضغط الانتثاري) التي تسحب الماء إلى البزرة إلى وجود الغرويات، ففي الحبوب والترمس والبِسِلة pisum أو البزلياء تبين أن قوى العجز في الضغط الانتثاري هي من رتبة 1200 كغ/سم2 وطبيعي أن مثل هذه القيمة لا تتحقق إلا في بدء الظاهرة ثم تميل إلى الانخفاض انخفاضاً واضحاً كلما زاد دخول الماء، مما يؤدي إلى انتفاخ البزور الذي يلاحظ في أثناء عملية الإنتاش.
    إن لمحتوى التربة من الماء أهمية كبيرة، ذلك أن الماء الحر هو الذي يستطيع النفاذ إلى داخل البزرة ولذلك لابد من كمية من الماء أكبر من تلك التي تتشربها البزرة لتحقيق الإنتاش، وتساوي هذه الكمية 3% في حالة الرمل و13% في الترب الغنية بالدُّبال. وتختلف هذه الكميات من نوع نباتي إلى آخر ومن تربة إلى أخرى، وفي كل الأحوال فإن محتوى التربة من الماء يجب ألا يقل عن نقطة الذبول الدائم.
    وأخيراً لابد من الإشارة إلى ضرورة عدم تجاوز كمية الماء الواجب تقديمها للإنتاش حداً معيناً، لأن إغراق البزور يؤدي إلى تعفنها نتيجة سوء التهوية.
    فعل الأكسجين:يتجلى الإنتاش باستئناف النشاط التنفسي الذي يكون ضعيفاً جداً في مرحلة الحياة البطيئة السابقة. وتزداد الشدة التنفسية ازدياداً كبيراً في بداية الإنتاش إذ تقدر شدة التنفس بطرح 500 سم3 من غاز الكربون في الساعة لكل كيلوغرام من بزور القمح. وتبلغ الشدة التنفسية حدها الأقصى بعد أسبوع من بدء الإنتاش ثم تأخذ بالتناقص حتى تصل إلى الحد الطبيعي للنبات، وتجدر الإشارة إلى أن بعض البزور يمكنها البدء بالإنتاش في غياب الأكسجين كما في بزور البيقيةVicisativa والنفل.
    حرارة الإنتاش: تطلق البزور في الإنتاش كمية لا يستهان بها من الحرارة، ويتم إنطلاق الحرارة - غالباً - على مرحلتين: المرحلة الأولى فيزيائية مرتبطة بظاهرة التشرب التي تتم على مستوى المدخرات، ولا تستمر إلا لمدة قصيرة. أما المرحلة الثانية فهي فيزيولوجية أكثر استمراراً من الأولى، وترافق التنفس. وتتبدل حرارة الإنتاش بحسب الشروط الخارجية، وتراوح عادة بين 80 - 2000 كيلو حريرة لكل كيلو غرام من البزور.
    استخدام المدخرات والنشاط الاستقلابي: لا غنى للجنين عن الشروط السابقة كي يعود إلى الحياة النشطة ويعود قادراً على النمو واستهلاك المدخرات الموضوعة بتصرفه. فالعناصر المعدنية المختزنة في الفلقات والسويداء تنتقل نحو الجنين الذي يغتذي بها وخاصة بعناصر الفسفور والبوتاسيوم والصوديوم والكلسيوم والحديد والمغنزيوم. وتتدخل هذه الشوارد وخاصة الفسفور في عمليات تركيب عضوي مختلفة: فمواد الادخار (غلوسيدات، ليبيدات، بروتيدات) الموجودة في الفلقات والسويداءوالبذراء المحيطية perisperm تتعرض لعمليات هضم تستخدمها البادرة في تهيئة خلايا جديدة. وتتحلل المدخرات الغلوسيدية من عديد السكريد إلى سكريات ثنائية وسكريات بسيطة كما في« تدرك» حبات النشاء مثلاً، في حين تنشطر الليبيدات إلى غليسيرول وحموض دسمة، أما تحول المدخرات البروتيدية فيلاحظ بسهولة في أثناء تحول حبات الألورون إلى فجوات إذ تتحرر الحموض الأمينية، ومن ثم، ونتيجة لعدد من المتحولات، تظهر بعض المركبات الآزوتية المختلفة كالأميدات التي تظهر في الترمس Lupinus وعباد الشمس.
    تتدخل الإنظيمات تدخلاً طبيعياًَ. وخاصة إنظيمات الحل بالماء، لتحقيق التحولات السابقة. ويعتقد أن تكوّن هذه الإنظيمات يسبق مرحلة الإنتاش لوجودها بغزارة في مناطق محددة، ففي النجيلية مثلاً تَغْزُر الإنظيمات في منطقة الترس scutellum أما في البلح فتتوضع الإنظيمات بغزارة في منطقة التماس بين الفلقة ومدخرات (هيميسيللوز) البزرة. ترتبط هذه التحولات ارتباطاً وثيقاً بقدرة النباتات على استخدام المستقلبات metalialites المتحررة بحادثة التنفس، ذلك أن الطاقة الناتجة عن عمليات الأكسدة التنفسية، توضع تحت تصرف النبات لاستخدامها في عمليات التركيب. إن دراسة شدة الحاصل التنفسي respiratory quotient تقدم معلومات دقيقة عن النشاط الكيمياوي الذي يتم داخل الخلية. ففي الحبوب مثلاً يلاحظ عند بداية الإنتاش تزايد الشدة التنفسية تزايداً كبيراً وذلك بسبب استخدام الجنين للمدخرات، وبسبب الطاقة الناتجة عن التحلل المائي للسويداء، بعد ذلك تتناقص شدة التنفس بسبب نقص المدخرات النشوية من جهة وبدء استخدام المدخرات البروتيدية من جهة ثانية. وأخيراً تطرأ زيادة طفيفة على الشدة التنفسية إلا أنها أقل أهمية من السابقة، وتتم عندما يبدأ النبات الفتي بالاغتذاء ذاتياً. ومن الطبيعي القول إن هذه المبادلات الغازية بكاملها إنما تتم في الجنين.
    تقدم دراسة الحاصل التنفسي معلومات أفضل عن طبيعة المدخرات المستهلكة؛ فالحاصل التنفسي يكون مساوياً الواحد عندما تُستهلك السكريات استهلاكاً رئيسياً. ويصبح هذا الحاصل 7،0 عند استهلاك الشحوم ويصل إلى 0.8 عند استهلاك البروتيدات. ففي الحبوب يكون الحاصل التنفسي مساوياً الواحد في البداية، وبعد ذلك بوقت لا بأس به، وعند بدء استخدام البروتيدات تصبح قيمة الحاصل التنفسي 0.75 ثم يصعد بعد ذلك.
    عندما تكون المدخرات الشحمية هي المسيطرة فإن الحاصل التنفسي يبقى مدة قصيرة مساوياً الواحد إلا أنه لا يلبث أن يهبط إلى 0.7 وقد يصل أحياناً إلى 0.3 وذلك لأن الشحوم لا تستخدم في عمليات الأكسدة التنفسية وحسب، بل يمكن أن يتحول قسم منها إلى نشاء. ويحدث مثل هذا التطور أيضاً في البزور البروتيدية.
    تؤدي هذه التحولات الكيمياوية التنفسية إلى تحرر الطاقة التي يستخدمها النبات لتصنيع مركبات غنية بالطاقة كالأدينوزين الثلاثي الفوسفات ATP الذي يعد ضرورياً جداً لعمليات التركيب الخلوية المرافقة للنمو، ثم يصرف على هيئة عمل (انتقال الخلايا في أثناء تشكل نسج جديدة، هجرة مواد) وأخيراً تتحرر حرارةً في الوسط المحيط. فعلى سبيل المثال تفقد بزور نبات عباد الشمس في ثمانية أيام نصف محتوياتها من المواد الزيتية فتحولها إلى حرارة.

    عبد الجبار الضحاك
    مراجع للاستزادة

    ـ ماير وأندرسون، الوجيز في فيزيولوجيا النبات، ترجمة محمد جميل عبد الحافظ ورفاقه (القاهرة 1966).
    - P.CHAMPAGNAT & All, Biologie Végétal, T3 (Paris 1969).

  10. #150
    الانتحاء

    الانتحاء tropism هو إحدى الحركات النباتية المرتبطة بالنمو،والمُوجّهُ بمحرِّض خارجي، كالجاذبية الأرضية التي تحرِّض على الانتحاء الأرضي geotropism، والضوء الجانبي الذي يحرِّض على الانتحاء الضوئي phototropism، والرطوبة التي تحرِّض على الانتحاء المائي hydrotropism.
    الانتحاء الأرضي
    يتصف أغلب النباتات باتجاه سوقها الرئيسية نحو الأعلى، محققة انتحاءً أرضياً سالباً، واتجاه جذورها الرئيسية نحو الأسفل محققة انتحاءً أرضياً إيجابياً، واتجاه أغصانها وجذورها الثانوية اتجاهاً مائلاً مُحققة انتحاءً أرضياً بين السالب والموجب يدعى بالانتحاء المائل plagiotropism. ومن الأعضاء النباتية ما يغيِّرُ انتحاءه في أثناء مراحل نموه من الاتجاه الموجب إلى الاتجاه السالب كما في رجيلة أزهار الخشخاش المنثور Papaver rhaeas ذات الانتحاء الأرضي الموجب في مرحلة البراعم الزهرية، والانتحاء الأرضي السالب في مرحلة تفتح الأزهار.
    وتؤدي الجاذبية الأرضية دوراً أساسياً في توجيه الانتحاء الأرضي. ويُوضّح هذا الدور بتطبيق قوة نابذة توجه نمو الأعضاء النباتية على النحو الذي تُوجِّهه الجاذبية الأرضية. فإذا ما ثُبِّتتْ بادراتٌ نباتية على حواف عجلة تدور بسرعة بطيئة دوراناً عمودياً يُحقق انعدام الجاذبية الأرضية، تم نمو البادرات على النحو الذي وُضِعَتْ فيه. وإذا ما دارت العجلة بسرعة تفوق قوة الجاذبية الأرضية توجهت السوق نحو الداخل وتَبِعَت الجذور الرئيسية منحى القوة النابذة، وفق محصلة موازية لمحصلة قوتي الجاذبية الأرضية والقوة النابذة. ويدعى الجهاز المستعمل لهذا الغرض باسم ناظِم الانحناء klinostat.
    ويجري الانحناء في منطقة الاستطالة الخلَوية، الواقعة مباشرة قبل القمة الجذرية، ويتم باستطالة الجدران الخلوية البعيدة عن أثر الجاذبية الأرضية، مما يؤدي إلى انعطاف الجذور إيجابياً نحو مصدر الجاذبية.
    ويتطلب إنجاز الانتحاء ثلاثة أزمنة، هي: زمن العرض، وزمن الكُمُون، وزمن الاستجابة. ويُقدَّر زمن العرضpresentation time بطول مدة عرض البادرة على المنبه الممثل بوضع البادرة أفقياً، أو بتعريضها لقوة نابذة. ويقدر زمن العرض لبادرة فول Vicia faba نامية في حرارة فضلى من مرتبة 30 درجة مئوية، في حُدود خمس ثوان لكل قوة نابذة مقدارها 55 غراماً ثقلياً، وفي حدود مئة ثانية لكل قوة نابذة مقدارها 3 غرامات ثقلية. ويرتفع زمن العرض إلى حدود دقيقتين في بادرة كيس الراعي Capsella bursa-pastoris الموضوعة أفقياً.
    ويُقدر زمن الكمون latent time بالزمن اللازم لظهور الانتحاء بدءاً من تعريض البادرة المثبتة على جهاز ناظم الانحناء للمحرض الخارجي. ويقع زمن الكمون في بادرة الفول في حدود 85 دقيقة، في حين يمتد زمن الكمون في عُقَدِ النجيليات إلى بضع ساعات. ويختزل هذا الزمن إلى 20 دقيقة في الليبيديوم Lepidium، ويراوح ما بين 14 - 49 دقيقة في حالة غمد البريعم (الكوليوبتيل) في الشوفان Avena.
    ويُقَدَّر زمن الاستجابة perception time بأقصر زمن لازم للإحساس بالمنبه المؤثر تأثيراً مستمراً أو متقطعاً لا يتجاوز عتبة انقضاء الأثر. ويرى بعض الباحثين أن الاستجابة تتطلب سلامة منطقة القمة. فالقمة الجذرية أو الساقيّة المقطوعة عاجزة عن الاستجابة للمحرضات الخارجية.
    وتُفسّر استجابة النبات للمنبه، أو إحساسه به، بعدد من النظريات، أبرزها نظرية غبرة التوازن statolith التي تقول بوجود أجسام مُحرِّضة لنمو الجدار الخلوي، وتتمثل في نبات الترادِسْكانسيا Tradescantia بحبات النشاء أو بلورات الأُكْسالات المكدسة في الجزء السفلي من الخلايا؛ ونظرية الجزيئات الهيولية (السيتوبلازمية) التي تقوم مقام الغبرة التوازنية. ويذهب فريق ثالث إلى المناداة بنظرية الاستجابة الكهربائية داعماً وجهة نظره هذه بوجود فرق في الكمون بين سطحي الخلية العلوي والسفلي قدره نحو 15 مِلّي فلط.
    ومهما يكن من أمر هذه النظريات فالموضوع مرتبط بانتقال الأُكسين[ر] auxin وتوزعه توزعاً متبايناً، يتبع ذلك تباين نمو الجدران الخلوية، إذ يُصنع الأكسين في النسج المتقسمة القميَّة وينتقل بالرَحَلان الكهربائي electrophoresis إلى الخلايا الآخذة بالاستطالة والموَجِّهة للانتحاء.
    وتُرَد إيجابية الانتحاء الجذري، وسلبية الانتحاء الساقي فيما يتصل بالجاذبية الأرضية، إلى تباين في حساسية الخلايا الجذريّة من جهة والخلايا الساقيّة من جهة أخرى بالنسبة للأكسين الذي يوجه تباين التفاعلات.
    الانتحاء الضوئي
    هو حركة مرتبطة بالنمو يثيرها ويوجهها مصدر ضوئي وحيد الجانب. ويكون الانتحاء الضوئي إيجابياً إذا ما اتجه عضو آخذ بالنمو نحو مصدر الضوء كما هي الحال في أغلب السوق، وفي جميع أغماد بريعمات الفصيلة النجيلية؛ ويكون سلبياً إذا ما ابتعد عضو آخذ بالنمو عن مصدر ضوئي كما هي الحال في أغلب الجذور والأعضاء تحت التراب، وفي بعض السوق كما في الدبْق الأبيض Viscum album، وفي بعض الرجيلات الثمرية كما في كتانية الشَقوق Linaria cymbalaria.
    ويتطلب إنجاز الانتحاء الضوئي الأمور التالية: أن يتجاوز المنبه عتبة محددة، وأن يستمر مدة من الزمن، وأن تنقضي مدة بين زمن التنبيه وظهور الأثر تُعرف بزمن التفاعل reaction time، وأن يَخْضع العضو المُنَبَّه لفعل التراكمaccumulation effect إذا ما تعرض لنوبات ضوئية.
    ويُفسَّر الانتحاء الضوئي بتكون هرمون الأُكسين في قمة العضو المتأثر بالمنبه الضوئي، ثم يَنْتقل هذا الهرمون أفقياً باتجاه منطقة الظِّل، ثم يَهبِط عمودياً باتجاه الجاذبية الأرضية ويقوم على بُعْد مليمتريْن من سطح بشرة غمد بريعم الشوفانبتنشيط استطالة الجدران الخلوية الظليلة فينحني العضو باتجاه مصدر الضوء. وترتبط فعالية منطقة الاستطالة بأطوال الأمواج الضوئية. فكلما ضَعُفَتْ شدة الإنارة نشطت القدرة على امتصاص الأشعة ذات الموجات القصيرة كالزرقاء والبنفسجية (500 - 400 نانومتر) بوساطة أصبغة الريبوفلافين riboflavin والكاروتين بيتا β carotin أو بوساطة أصبغة أخرى قادرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
    الانتحاء المائي
    يقوم بعض الأعضاء النباتية كالجذور مثلاً بالاتجاه نحو الرطوبة، وهذا ما يُدعى بالانتحاء المائي الإيجابي الذي يمكن إيضاحه بالتجربة التالية: تُزرع بادرات فتية في غربال مائل مفروش بنشارة خشب رطبة، فيلاحظ نمو الجذور عمودياً خارِجَةً من ثقوب الغربال مُوجَّهةً بالجاذبية الأرضية، ثم تنعطف الجذور ثانية نحو ثقوب الغربال منجذبة نحو الرطوبة. وهنالك أجهزة كثيرة أخرى تُوضِّح العلاقة بين الانتحاء الأرضي والانتحاء المائي.
    ويُصَنَّف الانتحاء المائي في زمرة الانتحاءات الكيمياوية chemotropism لعلاقته بالمواد المذابة في الماء. فخيوط الفطريات إيجابية الانتحاء نحو السكروز، والغلوكوز، والببتون، وخلاصة مرق اللحم، وأملاح الفسفات والأمونيوم، وسلبية الانتحاء نحو الحموض العضوية واللاعضوية. وخيوط الكشوث Cuscuta الطفيلي، إيجابية الانتحاء نحو الأنابيب الغربالية.
    ويتضح الانتحاء الكيمياوي في النباتات الذاتية التغذي باتجاه الأنابيب الطلعية نحو المياسم أو البييضات ovule. فإذا ما استُنْبِتَ طَلْعُ العُنصل Scilla patula في آغارٍ مُغَذٍ في طبق زجاجي وُضِعَتْ في وسطه قطعة مَيْسِم، اتجهت الأنابيب الطلعية كيمياوياً نحو الميسم. كما تنفر الأنابيب الطلعية من أكسجين الهواء. ويُفْرِزُ بعض الجذور مركبات كيمياوية تُثَبِّط نمو جذور أخرى أو تمنعه. ولهذا الأمر دور كبير في بناء نُظُم علم الاجتماع النباتي phytosociology.
    وأخيراً يمكن الحديث في مجال الانتحاء عن نماذج أخرى لم تدرس كما درست الانتحاءات السابقة كالانتحاء الغلفانيgalvanotropism المرتبط بالاتجاه نحو منبهٍ كهربائي، والانتحاء الرضّي traumatotropism المرتبط بالرُضُوض أي الجروح، والانتحاء الحراري thermotropism المرتبط بتفاوت درجات الحرارة.

    دياب أبو خرمة

    مراجع للاستزادة

    - P.R.BELL & D.E.COOMBE, Strasburger's Textbook of Botany (Longman, London 1980).
    - B.S.MEYER & D.B.ANDERSON, Introduction to Plant Physiology (New York 1973).

صفحة 15 من 146 الأولىالأولى ... 51314 1516172565115 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال