يبدو فيديو "داعش" الأخير لقطع رأس الصحفي الأمريكي، ستيفن سوتلوف، أحد مشاهد فيلم الرعب الشهير "The Texas Chainsaw Massacre"، إلا أن التاريخ يحفل بحوادث جزّ للرؤوس على درجة عالية من الفظاعة والبشاعة لدرجة تجعل الشيطان يقف حائراً إزاءها!
يعتبر رجال داعش قطع الرؤوس بهذه الطريقة البشعة طقسا دينيا
يمثل قتل قابيل لأخيه هابيل أول جريمة في تاريخ البشرية، لتنطلق بعد ذلك شرور الإنسان وفنونه في ابتكار أساليب وطرائق متوحشة في القتل يندى لها جبين الإنسانية وفي طليعتها "قطع الرأس" والذي يتم تنفيذه بأي وسيلة، عادة ما تكون حادة، مثل السيف أو السكين أو الفأس، أو حتى بواسطة جهاز مُعد خصيصاً لتنفيذ هذه العملية، مثل المقصلة، التي انتشرت لفترة في العصور الوسطى.
ويمكن أيضاً لكلمة "قطع الرأس" أن تصف كذلك قطع الرأس بعد الوفاة، وهنا لا تكون بغرض القتل، بل عادة ما يكون هدف هذا الاحتفاظ بالرأس كتذكار، وهو ما كان شائعاً في العصور القديمة.
كان بعض الرجال في العصور الوسطى يحتفظون بالرأس المقطوع كتذكار
ولطالما اعتبرت عملية "قطع الرأس" بمثابة عقاب من رأس السلطة مباشرة، وليس من أجهزتها التنفيذية، وكانت تطبق على الجرائم التي تختص بالسلطة، لا غيرها، ولهذا السبب، كان قطع الرأس بمثابة شرف لأولئك الذين ينتمون للطبقات الأرستقراطية، من منطلق أنها تشريف فرسان، فالفارس لم يكن تطبق عليه عقوبة الإعدام، إلا بواسطة قطع رأسه فقط، بدلاً من الوسائل التقليدية للإعدام، مثل الشنق، أو الحرق، والتي انتشرت بالتحديد في إنكلترا القديمة، فالموت بنفس الوسيلة التي كان الفارس يحارب بها في حروبه ومعاركه، اعتبرها الناس في ذلك الوقت، تكريماً حقيقيّاً، وشرفاً عظيماً.
إلا أنه في مناطق أخرى من العالم مثل الصين، لم تكن عقوبة الإعدام مرتبطة بمفهوم الشرف والفخر، بل كانت تعتبر وسيلة أقل في المكانة من وسائل أخرى مثل الحرق بالنار، إذ يرى علماء الأنثروبولوجيا، أن الصينيين اعتقدوا بأن فصل أي جزء من الجسم عنه، يعتبر تقليلاً من الاحترام للأسلاف، الذين أنجبوا هذا الشخص نفسه، وتسببوا في وجوده عبر مئات السنين.
انتشر القتل حرقا في عصور معينة لاعتبارهم أن قطع الرؤوس فيه إهانة للأسلاف
تطورت عملية الإعدام لتأخذ صورةً ميكانيكيةً، وهنا جاءت المقصلة التي اخترعها الفرنسيون بعد الثورة مباشرةً، وكان الهدف من تصميم هذا الجهاز تطوير وسيلة قتل سريعة للإعدام، ولا تتطلّب مهارة من فرد بعينه، لأداء العملية بشكل صحيح، وكان من ضمن الطقوس المعتادة آنذاك، أن يرفع الجلّاد رأس الضحية ليريها إلى الحشود بعد انتهاء عملية الإعدام.
ورغم أن عملية الإعدام كانت تتم أمام حشود غفيرة، إلا أنه كانت هناك مجموعة من البروتوكولات الأخلاقية الخاصة بعملية الإعدام، إذ أوردت سجلات أحد المؤرخين حادثةً تمثلت بأن جلاداً فقد عمله، وسجن لمدة 3 أشهر، لأنه ضرب رأس أحد الضحايا بعد فصلها بقلة احترام!
يقطع الرأس باستخدام المقصلة بشكل علني أمام حشد من الناس
أما في ألمانيا، فقد استخدمت آلة شبيهة بالمقصلة خلال فترات القرنين الـ17 والـ18، وكانت هذه وسيلة الإعدام الرسمية، حتى ألغيت عقوبة الإعدام في ألمانيا الغربية سنة 1949.
رحلة الإعدام عبر التاريخ
تعددت طرق الإعدام عبر التاريخ وشهدت البشرية أساليب متنوعة من ضروب التعذيب والإعدام، وامتازت بعض العصور بابتكار وسائل قاسية ومقززة عمدت إلى التلذذ بتعذيب البشر.
ففي الصين، كانت تُعتمد طريقة في الإعدام يطلق عليها "لينغ تشي" وهي تعني التقطيع البطيء"، أو الموت عن طريق جرح الشخص ألف جرح، وقد استخدمت هذه الطريقة من العام 900 بعد الميلاد حتى العام 1905.
قد يكون تقطيع الأعضاء طريقة إعدام أبشع من قطع الرأس مباشرة
اليونان القديمة ابتكرت "الثور النحاسي"، وهو هيكل مجوّف من الداخل وله باب يدخل منه الضحية ثم يتم إشعال النار أسفل الثور إلى أن يصل إلى درجة الاحمرار كما كان الثور مزوداً بأنابيب سمعية لتضخيم حدة صراخ الضحية.
قد يكون الإعدام على طريقة الثور النحاسي من أسوأ طرق الإعدام
واستخدمت عجلة التكسير في أوروبا بالقرون الوسطى، وهي عبار عن عجلة خشبية يربط بها المحكوم عليه، بحيث تكون أطرافه مشدودة ويتم دورانها لجهة قضيب حديدي حتى تتكسر أطراف الشخص المربوط فيها. وأحياناً، يساعد الجلاد فى عملية التكسير باستخدام مطرقة ضخمة، وبعد تكسير عظام الشخص يترك ليموت ببطء. وقد يستغرق الأمر أياماً من الآلام المبرحة حتى تحدث الوفاة.
الإعدام باستخدام العجلة الخشبية يستغرق أياما حتى تتوفى الضحية
وكان الإعدام بالتعليق والسحل والتقطيع شائعاً في إنكلترا لمعاقبة المذنبين بتهمة الخيانة العظمى. وقد استمر العمل بهذه العقوبة حتى 1814 وكانت هذه العقوبة مخصصة للرجال فقط. في المرحلة الأولى، من عملية الاعدام يتم ربط المذنب بالحصان ويتم سحله إلى موقع تنفيذ العقوبة، بعد ذلك يتم تعليقه من رقبته الى أن يشرف على الموت، ثم يتم فكه من الحصان ووضعه على طاولة، ويقوم الجلاد بقطع بعض أعضائه ويضعها في مجمرة لتحترق أمام نظر الضحية ثم يفتح بطنه واستخراج أمعائه، ويجب أن يكون الجلاّد ماهراً ليبقى الضحية حياً رغم كل ما يفعله به، وفي النهاية يقوم بقطع رأسه وتقطيع جثته إلى أربعة أجزاء ليرسل كل جزء منها إلى مكان مختلف من البلاد حتى يكون عبرة لمن اعتبر.
وانتشرت في أوروبا خلال الألفية الأولى أسلوب القتل بلدغ الثعابين، بإلقاء الشخص فى حفرة عميقة فيها ثعابين سامة، وسادت في روما القديمة طريقة القتل بافتراس الحيوانات، إذ يتم إلقاء الشخص للأسود لتفترسه وعادة ما يحدث هذا في حلبة أمام الجمهور وقد تستخدم الذئاب أوالكلاب المسعورة أو القوارض.
وخلال حكم الملك هنري الثامن، طبق القتل بالغلي، وفيه يتم تجريد المذنب من ثيابه ووضعه فى وعاء ضخم يحتوي على سائل يغلي، ليُربط الضحية ويغمّس في السائل المغلي ثم يُسحب إلى الخارج ويغمّس مرة أخرى لإطالة مدة تعذيبه.
حضارة فارس اعتمدت القتل بالتعفن، إذ يتم ربط الضحية ووضعه داخل جذع شجرة مجوفة ويتم اجباره على تناول اللبن والعسل إلى أن يصاب بإسهال شديد ويترك الضحية بهذا الوضع مع فضلاته المتراكمة الى أن يتعفن وعادة ما يستغرق الامر حوالي 17 يوماً، حتى يموت واحياناً يوضع داخل جلد حيوان ميت ويربط عليه ويترك في الصحراء ليتعفن إضافة إلى تعرضه إلى هجوم الحشرات و الطيور الجارحة.
عودة إلى قطع الرؤوس، حيث أن بعضها غير مبرر مثل الفليبين وشرق آسيا، حيث ارتبطت مسألة قطع الرؤوس، بالشجاعة والزواج، وكان الشاب لا يتزوج إلا إذا أتى برأس بشري، وكانت عمليات القتل تتم بمطاردة الناس الأغراب في الغابات والسهول، ويقوم القاتل بتعليق الرأس على خصره.
أما في غابات الأمازون، فقد اشتهرت بقبائل صائدي الرؤوس ، خاصة قبيلة جيفارو، وقد زاد طلب الأوربيين على هذه الرؤوس في القرن التاسع عشر، إذ اصبح شراؤها و بيعها مكلفاً، وكانت قبيلة جيفارو تبيعها أو تبادلها بالبنادق، وفي العام 1930 بلغ سعر الرأس 25 دولار حتى اضطُرت حكومة البيرو الى فرض قوانين رادعة تجرم تجارة الرؤوس.