شذى الجنابي جريدة الصباح
يؤثر العنف على حياة الملايين من النساء في مختلف ارجاء العالم وفي مختلف الشرائح الاجتماعية والثقافية، ويعيق حقوق النساء للمساهمة الفعالة في المجتمع، يأخذ العنف ضد النساء اشكالا متعددة من العنف الاسري والاغتصاب الى الزواج المبكر وزواج الاكراه وغير ذلك التي فيها انتهاك للحقوق الانسانية.أكدت سناء ملك قاضي تحقيق الرصافة الثانية في بغداد ومسؤولة قضايا مديرية حماية الأسرة، استطاعت المرأة أن تجد لها مكانة متميزة في هذا المجال. وهي تسعى الآن إلى تأكيد حضورها ومكانتها كعنصر لا غنى عنه في السلك القضائي.
وأن لا يتركز نشاط المرأة القضائي ضمن المحاكم ذات العلاقة بالأسرة والأحداث وما شابه ذلك، وإنما يمتد بنفس الكثافة والثقل في معظم المحاكم العراقية كمحاكم التمييز والاستئناف والتحقيق وأيضا المحكمة الاتحادية العليا. ان عمل المرأة في مجال القضاء يجعل النساء والاطفال الذين يواجهون مشاكل قضائية اكثر اطمئنانا الى نيل البراءة من التهم الموجهة اليهم لانها اي المرأة اقدر على معرفة الانطباعات العقلية الفكرية لدى النساء والاطفال بعكس الرجال. وعندما أسهم في إكمال التحقيق في قضية أو أتخذ قرارا حاسما في الدعاوى لأعيد من خلاله الحقوق لأصحابها أشعر بالرضا عن نفسي. ويمنحني رضا الناس بالمقابل حافزا قويا على المثابرة والجد في العمل".
قوانين تمنع العنف
واضافت ملك باشرت مديريتنا باعمالها بعد ان اكتمل ملاك مراكز شرطة حماية الاسرة وقد تم الايعاز الينا بموجب الكتاب المرقم بالعدد 1275 بتاريخ 5 ايار عام 2011. مهمتها حماية الاسرة من العنف خاصة الزوجة التي تعتبر الضحية الاولى ويأتي بعدها الابناء والبنات كضحايا واسبابها تعاطي الكحول والمخدرات وكذلك الامراض النفسية والاجتماعية لدى احد الزوجين او كلاهما وتتسبب في اضطراب العلاقة بين الزوجين.
وتضيف ملك هناك قوانين تمنع العنف منها المادة 29 الفقرة (4) من الدستور العراقي كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع، الا ان ذلك لا يقف حائلاً أمام تزايد العنف الموجه ضد المرأة العراقية، وغالباً ما تتركز حوادث العنف بين النساء غير المتعلمات
اشكال العنف
يشكل العنف ضد النساء في العراق ظاهرة اجتماعية ما زالت منسحبة ولو أن الحديث العلني عنها خاصة من قبل المعنفات غير محبذ ومحاط بمخاوف متشعبة
يأتي في مقدمة أسباب التعنيف الشك الذكوري بالزوجة أو الأخت والمشاكل الاقتصادية بالاضافة الى تناول الخمر والكبسلة، وفي كثير من الحالات تلجأ المرأة إلى الانتحار بسبب اليأس واستفحال الخلافات الزوجية.ويشمل العنف ضد النساء على العنف الجسدي، والنفسي، والجنسي يحدث داخل الاسرة ويشمل الضرب، والاساءة الجنسية، والاغتصاب الزوجي، والمتاجرة بالمرأة.. وفي ذلك من العادات المضرة بالنساء. والعنف تجاه النساء يخلق تاثيرات سلبية في الاطفال والمراهقين ما يدفع البعض خاصة البنات الى كراهية الرجال وكراهية الحياة الزوجية وبالتالي ارباك النسيج الاجتماعي، ومن هنا نؤكد على اهمية الحوار الاسري لحل المشكلات وحسم كل الخلافات سواء بين الزوجين او بين الاباء والابناء، فالحوار هو افضل وسيلة لحياة اسرية هادئة وناجحة. واستعرض جوانب من العنف الاسري وقصص المعنفات، ابتداء من احدى المعنفات التي تشكو من ضرب زوجها المفرط اليها وبشكل يومي عند عودته ليلا واحتساءه الخمر، حيث توجهت إلى مركز الشرطة المجتمعية في قاطع الرصافة محاولة لمنع تكرار ضرب زوجها لها في كل مرة، ولأسباب واهية..
ورغم أن كثيرين نصحوها بعدم فعل ذلك، لأنها مشكلة خاصة، إلا أنها أصرّت على ذلك، في تحدٍّ واضح لعادات وتقاليد اجتماعية تحول دون عرض المشاكل الأسرية على المؤسسات المختصة.
تعزيز مكانة المرأة
في هذا الصدد تقول الزوجة المعنفة عندما رأيناها امام القاضية لتشكو قضيتها بألم :المجتمع يمنعني عن فعل ذلك، وفي الوقت نفسه، فإن لا أحد يقدم لي المساعدة، حتى الأهل والأقرباء اعتبروا الأمر مسألة شخصية بيني وبين زوجي، وان الأمر لا يستدعي التدخل، فإن زوجها المدمن على الكحول لم يتوقف عن ضربها كل يوم، لا سيما في الليل، حين يدبّ مفعول الكحول في جسده وعقله.
واكدت ملك من التحديات التي واجهتني و زملائي القضاة و زميلاتي القاضيات الظروف الأمنية السائدة في العراق وانعكاسها على الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، والذي خفف من وطأتها تعاضد ومساندة مجلس القضاء الأعلى وعلى رأسه رئيس المجلس مدحت المحمود ورئيس الادعاء العام غضنفر حمود اللذين كانا المعين الأول في تعزيز مكانة المرأة (القاضية و عضو الادعاء العام) على أساس أن الرجل و المرأة متماثلان في الحقوق و الواجبات كما إنهما متماثلان في الذات و الشعور و العقل و بقية الصفات الإنسانية على وفق الكفاءة القانونية و القضائية و ضرورة توفر عناصر الاستقلال و النزاهة و الحياد في عمل القاضي و عضو الادعاء العام.
جولة
وتوجهنا الى مديرية حماية الاسرة في مركز شرطة القاهرة في جانب الرصافة والتقينا بعدد من الضابطات في الشرطة العراقية من حملة شهادة البكلوريوس في القانون والاداب وعلم النفس ومختلف العلوم الانسانية... ولم يكن غريباً علي موقف الكل بان يكون التحقيق الذي سانجزه بدون اسماء وصور ولكن بمساعدة مدير الحركات في وكالة شؤون الشرطة اللواء نهاد علي حسين قد سمح لي أن اتجول بكامرتي في المديرية وواجهت رفضاً قاطعاً من الجميع على التقاط الصور.. والكل اجمع على ان المجتمع سيتقبل هذا الواقع بشكل تدريجي والتصوير سابق لاوانه،
استحداث اقسام جديدة
وقالت الانسة ( بتول ناصر) ملازم في مديرية حماية الاسرة غير متزوجة من مواليد 1984 قالت: لا شك ان اختصاصي يلائم عملي الجديد كضابطة في الشرطة العراقية، فانا احمل شهادة البكلوريوس في علم النفس وهذا يؤهلني لاداء واجبي بشكل صحيح بالأضافة الى العلوم التي تلقيناها في المعهد العالي من علوم اجتماعية وفلسفية وجنائية وغير ذلك لمدة 9 اشهر وبعدها تبعتها دورات اخرى وضمت اكثر من 85 ضابطة، واعتقد ان جهاز الشرطة يحتاج لوجود المرأة بين مؤسساته فهي قادرة على ان تقوم بالمهام التحقيقية مع النساء وتحتل وظائف ادارية وحسابية وقانونية أخرى، وان كان للمجتمع نظرة ضيقة على بعض المهام التي تقوم بها المرأة الا ان دخولنا الى هذا المجال سيصحح الكثير من المفاهيم وسيكون حافزاً للاخريات للعمل في اجهزة الشرطة العراقية...
واكدت ناصر بان غالبيتهن يزاولن أعمالهن بملابس مدنية متخصصات في حماية الأسرة لا يرتدين الملابس العسكرية بسبب الاوضاع الامنية والاخر بسبب تخوف العديد من المشتكيات وتعاملهن مع ضابطات بالزي ذاته ولاحظنا تجاوبا كبيرا من النساء المعنفات وتعاملا جديا معنا ونحن نرتدي الزي المدني.
وتابعت الأمر نفسه يحدث في مراكز الشرطة فلجوء المرأة المعنفة الى المركز أمر صعب جدا لعلمها بأن من تلتقيهم في المركز ذكورا وقد لا تدخل أصلا، وهي لا تتحدث في امور خاصة أمام رجل وتحتاج الى امرأة تبوح لها بما في داخلها، وكل هذا سيقلل كثيرا من نسب ظاهرة العنف المنزلي وتدارك السلبيات.
اما قرار الحكومة العراقية الجديد جاء من ضمن توصيات الإجتماع الأول الذي عقدته اللجنة المعنية بالنظر في محضر اللقاء بممثلي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمتمثلة بضرورة أن يكون المنتسبون الى المراكز المستحدثة في وزارة الداخلية بأقسامها, ومهامها حسب الهيكلية التنظيمية الجديدة لحماية الأسرة من العنصر النسائي. وضرورة إستحداث قسم لشرطة حماية الأسرة, إلى جانب ادراج عن القسم المذكور ضمن هيكلية وزارة الداخلية لحماية الأسرة، وتفعيل آلية الحد من ظاهرة العنف الأسري واستحداث دور لإيواء النساء اللواتي يتعرضن للعنف.
جهاز امني نسائي
وعن دخول المرأة سلك الشرطة وتحديدا الضابطة، قالت الضابطة اسراء البدن متزوجة ولديها طفل من مواليد 1980: إن دورة الضابطات تحصل لأول مرة في تاريخ الشرطة العراقية بإشراف المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري التابع لمديرية التدريب والتأهيل برعاية وزارة الداخلية لتشكيل جهاز شرطوي نسائي وهذه الدورة التي تخرجت قبل أيام ستكون اساساً لجهاز أمني نسائي، وسنعمل كضابطات في التحقيق والاجهزة التابعة للوزارة خصوصاً الشرطة المجتمعية، وهو جهاز حديث، وقد لا تدخل المرأة كمتهم بل ربما كشاهد وهنا تتفاعل أكثر مع محققة داخل مركز الشرطة، وقد يستهجن الضباط دخول امرأة تشكو زوجها أو ابن يشكو والده، لكن الضابطة المتدربة ستعرف كيف تتصرف. ولدينا حاليا اكثر من 98 دعوى خاصة بالعنف الاسري، وتنقل لنا الضابطة قصة عالجت قضية امرأة وتعمل معلمة ولديها طفلان ضربها زوجها الشرطي بالنطاق الذي يرتديه حيث اصيبت بكدمات خطيرة على وجهها وجسمها ولاسباب بسيطة وسوء أخلاقه معها تعرضت للعنف الجسدي بشكل يومي.
وطالبت اسراء باستقلال مديرية حماية الاسرة في بناية متخصصة بدلا من انضمامنا الى مراكز الشرطة حيث تضم مديريتنا 3 ضابطات و5 موظفات مدنيات منهن حقوقيات و4 شرطيات متخصصات في دعاوى العنف الاسري.