مو كلمن صخم وجهه گال آنه حدادبقلم:حسن الفتال
السخام: هو السواد.. أو الفحم
وهو سواد القدر.. إذ أن الطبخ وطهي الطعام في قديم الزمان كان يعمل على الحطب فتسود القدور ولا تسود الوجوه.
ـ وذلك طبعا قبل أن يصل التطور إلى أقصى مدى كما هو اليوم ـ
ومفردة السخام تعني السواد وبما أن حرف السين والخاء حرفان يعدان من حروف الاستعلاء فقد فخمت العامة حرف السين باللفظ أو استبدلته بحرف الصاد فصار السخام ينطق (صخام) وكلمة سخم تلفظ (صخم)
إذ أن الصاد والخاء يشتركان في الاستعلاء لذا فإن السين تنطق بالصاد
وقبل أن يبلغ التطور أوِجَّه كان الحَدّاد يؤسس موقدا أو فرنا للنار يسمى (كورة) ليصهر الحديد أو يلينه في هذه الكورة فيصنع منه ما يشاء من أشكال هندسية أو غير ذلك من الحديد بعد صهره أو تليينه.
وكم كنا نشاهد ألسنة اللهب أو أعمدة الدخان ترتفع من كورة الحداد ويندر أن تجد حدادا لم ينل هذا السخام منه مناله أو لم يترك أثره على ملابسه أو يديه ووجهه على الخصوص. إذ أن الوجه دائما يكون أكثر اقترابا أو ملامسة للكورة فيكون أكثر عرضة للسخام حتى أصبح السخام علامة الاحتراف للحداد أو دليلا للمهارة. يعرف الحداد من سخام الوجه.
ويبدو أن قسما من المتطفلين أو الدخلاء على المهنة كانوا يستخدمون السخام أداة لجلب الزبائن أو وسيلة إعلانية لترويج بضاعته أو إعلانا عن نفسه بأنه حداد ماهر.
فمن أن أجل التحذير والتنويه والإشارة والتحفيز على التمييز بين الصح والخطأ والفصل بين الجيد والرديء راح الحدادون يرفضون غير المتمرسين والمهرة والجاهلين قواعد حرفتهم وصنعتهم وارتأوا أن يطلقوا صيحات التنبيه والتحذير لمنع بعض الناس من الوقوع في شرك الخديعة أو الغش أو التوهم أو غير ذلك وفضلوا أن تكون العبارات التحذيرية عن طريق مثل شعبي مضمونه: (مو كلمن صخم وجهه صار حداد) أي ليس كل من وجد السواد أو السخام على وجهه يعد حدادا ماهرا. وليكون ذلك الشعار أو المصطلح معلما يرشد الناس للتحري وتوخي الدقة في التقييم وفي الاختيار.
إذ أن الكثير ممن عدوا أنفسهم حدادين أو أعلنوا بأنهم كذلك وهم لا يفقهون من حرفة الحدادة شيئا وقد اتلفوا الحديد واتلفوا الأبواب والشبابيك التي طلب منهم الزبائن عملها. وما جذب الزبائن ودلهم عليهم إلا (الصخام) الكثيف القابع على الوجوه.
كم من الشبابيك (تفصخت) وكم من الأبواب تكسرت وتعرعت وتهشمت فصارت مشرعة لتسهل لكل من هدب ودب الولوج إلى رحاب حصون ما كان يمكن أن يلجها إلا من يحمل إذنا للدخول أو شهادات المهارة والحرفية
كل ذلك بسبب الصخام الذي صار قناعا يختفي وراءه البعض من المنتفعين من المحسوبية والمنسوبية والإنفلات وانعدام الضوابط والمقاييس والمعايير والمقتحمين الميادين دون الحصول على أذونات دخول
ولا ننسى أن ثمة من ساعد على وجود الصخام خصوصا في هذا الزمن فما أكثر المصخِمين بكسر الخاء والمصخَمين بفتح الخاء مما أدى إلى تزايد عدد الحدادين المنتفعين من الصخام والنافعين مصخميهم والضارين الناس.
وما أوفر مادة الصخام وما أكثر توفرها وتواجدها لدى أصحاب الشأن من مستلمي زمام الأمور دائما
رحماكم أيها الموزعون الصخام لتصنعوا الحدادين ليقتحموا رحابا هم ليسوا أهلا لاقتحامها. أرحمونا.. رأفة بنا.. وأنتم أيها الحدادون حين تمتلكون زمام قيادة الحدادة انتبهوا إلى أنفسكم.فإن الزمن كفيل بأن يزيل الكثير من الصخام والمصخَمين والمصخِمين بفتح الخاء وكسرها