عقدة المحافظات العراقية الستة تعيق الإعلان عن الحكومة الجديدة



سنة العراق يرون أنه آن الأوان ليكونوا شركاء حقيقيين في السلطة التنفيذية لبلادهم بعد سنوات من الاقصاء والتهميش، وأن الحكومة الجديدة لا بد أن تراعي ذلك في تشكيلها.

عادت عقدة المحافظات العراقية السنية الست إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أن رفعت سقف مطالبها للحد الأعلى، متسببة في تأخير الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة لحكومة حيدر العبادي.

ويتهم بعض العراقيين سنة بلادهم بتشتيت وتعطيل مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، رغم أنهم أبدوا مرونة عالية وتقبلا لشخص العبادي على رأس أعلى سلطة تنفيذية في العراق، وهي رئاسة الحكومة.


وفي المقابل يرى السنة أنه آن الآوان ليكونوا شركاء حقيقيين في السلطة التنفيذية لبلادهم بعد سنوات من الاقصاء والتهميش، وأن الحكومة الجديدة لا بد أن تراعي ذلك في تشكيلها.

وفي موازاة ذلك تستمر عجلة المفاوضات بين الغريمين التقليديين، السنة والشيعة، مما يلقي بظلاله على مجمل الحياة الاجتماعية في العراق، وبخاصة مايتعلق بالوضع الطائفي الحرج الذي لم تسهم مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة بالتخفيف من حدته، بل زادته تعقيدا برفع المطالب السنية إلى سقفها الأعلى، في مقابل المطالبات الشيعية بعدم الاستجابة لهذه المطالب والتمسك بما يعتبره شيعة العراق استحقاقات انتخابية.



المحافظات الست ووزنها



تشمل المحافظات الست (السنية) الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى وأجزاء واسعة من العاصمة بغداد، وكركوك النفطية والتي تشكل أكثر من ثلث مساحة العراق، والتي يبلغ عدد سكانها بحسب معظم التقديرات بنحو 41% من سكان العراق، البالغ تعداده أكثر من 32 مليون نسمة، والتي تتشكل في الأساس من مجالس وعشائرية خاصة بها.




ويرى الدكتور صفد حسام، أستاذ الإعلام في جامعة بغداد والمحلل السياسي العراقي أن هذه المحافظات تمثل الرقم الصعب في أي حكومة عراقية مستقبلية، وأنها حجر الزاوية في المصالحة الوطنية العراقية، لاسيما لو أخذنا في الاعتبار، حجم الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في تلك المحافظات.



ما هي مطالب السنة



تتلخص مطالب ممثلي سنة العراق في مفاوضاتهم لتشكيل الحكومة الجديدة في 18 نقطة تم رفع سقفها خلال المفاوضات إلى أكثر من 21 بندا، أهمها الغاءُ قانون المساءلة والعدالة الذي يشمل البعثيين السابقين وتشريعُ قانون العفو العام باعتبارهِما الحدَ الأدنى من حقوق هذه المحافظات، إلى جانب زيادة تمثيل المحافظات الست في الحكومة والأجهزة الأمنية ومشاركة أبنائها في القرارات الأمنية والإستراتيجية لاسيما ما يتعلق بتصدير النفط.



وترفض قوى شيعية فائزة في الانتخابات الآليات المقترحة لتنفيذ تلك المطالب خشية من عودة رموز وأعضاء في نضام صدام حسن السابق إلى السلطة، كنتيجة طبيعية لتخفيف الضوابط الخاصة بمشاركتهم ضمن الأجهزة الحكومية والإدارية العراقية، حال الاستجابة للمطالب.



ومن جانبه يقول الإعلامي سعد عبد الغني إن الاستخاف بمطالب سنة العراق في مفاوضات تشكيل حكومة العبادي أو أي حكومة عراقية يهدد الوحدة الوطنية في العراق، ويتسبب في إراقة المزيد من الدماء، كما يهدد بتقسيم البلد إلى أقاليم على أسس طائفية وعرقة.



ويشير إلى أن احتواء مطالب السنة "المشروعة" في مجملها يعيد انجاز العملية السياسية وفق أسس ناجحة، تضمن ديمومة الاستقرار السياسي والذي يترتب عليه استقرار أمني في عموم العراق.



ويرى مراقبون للشأن العراقي أن ممثلي سنة العراق في مفاوضات تشكيل الحكومة المرتقبة، وهم أعضاء "اتحاد القوى العراقية" الفائزون بالانتخابات عن المحافظات الـ 6 التي توصف بالمنتفضة على سياسات حكومة المالكي المنتهية ولايته، يسجلون يوميا على مدار وقت المفاوضات اخفاقا في تمثيل ناخبيهم العرب (السنة).



وفي خطوة جاءت كأنها رد على تلك الاتهامات، دعا ائتلاف العربية بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، السبت، إلى التحرك "الجدي" للاستجابة إلى مطالب المحافظات الست (السنية) والكف عن "المزايدات"، مطالباً التحالف الوطني ممثل الشيعة في الحكومة الجديدة بالاستجابة إلى هذه المطالب.



الائتلاف طالب في بيان اطلعت عليه "إرم"، ، "إلى الكف عن المزايدات، بحسب تعبير البيان، والتحرك الجدي للاستجابة إلى مطالب المحافظات الست وفتح آفاق جديدة للمصالحة والاصلاح".



وأضاف البيان "أنه مع تصاعد وتيرة الأحداث السياسية في البلاد، واقتراب إعلان الكابينة الوزارية التي شهدت الكثير من الشد والجذب والتنافس المحموم، عادة ما تظهر بعض المواقف والخلافات التي يحاول البعض تسويقها باتجاه تعقيد المشهد السياسي أكثر مما هو معقد أصلاً".

وأكد الائتلاف أنه ما يزال ثابتاً على موقفه ويعطي الأولوية في مفاوضات تشكيل الحكومة المرتقبة لمطالب جمهوره والعراقيين جميعاً، مضيفاً: "لم نتوان عن التصريح لوسائل الإعلام عن عزمنا على الإصرار على تنفيذ جميع المطالب التي تمثل جوهر مشروعنا الوطني والاصلاحي وأخذ ضمانات حقيقية تفضي إلى تحقيق أمل الناس في العيش بكرامة وسلام".

المصدر من هنا