تسطع باللون الأصفر عند تسليط الأشعة فوق البنفسجية عليها
تكنولوجيا جديدة لحماية الأشياء الثمينة.. مواد لاصقة شفافة ترش على اللصوص وتكشف الجريمة
تزايد الجريمة دفع العلماء لابتكار هذه الطريقة لكشف اللصوص.
طارق راشد من أبوظبي
تسبب ارتفاع أسعار المعادن خلال السنوات الأخيرة، الذي زاد بسبب الطلب المتزايد في الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة، إلى تحول اهتمام اللصوص إلى أشياء لم تكن لتستحق النظر مسبقاً مثل: صناديق القمامة، وأغطية البواليع، وإشارات المرور، والأنابيب الصناعية، والكابلات الكهربائية، وربما تكون هي الأكثر إثارة للقلق، وخطوط الهاتف، والأسلاك التي تتحكم في إشارات السكك الحديدية.
وفي مقاطعة إنجليزية واحدة فحسب، هي ويست ميدلاندز، وقعت 52 حالة سرقة للمعادن من السكك الحديدية على مدار 18 شهرا، وهو ما تسبب في تأخير أو إلغاء رحلات 1500 قطار، وفقا لتوم واتسون، وهو عضو في البرلمان المحلي. وأفاد بول كروثر، نائب رئيس شرطة النقل البريطانية، وهي الهيئة المسؤولة عن حراسة السكك الحديدية، بأن سرقة المعادن هي أكبر تهديد، بعد الإرهاب، للبنية الأساسية في بريطانيا. وسيكون من المفيد، عندئذ، أن يتم تقديم وسيلة لتجار الخردة الذين تُعرض عليهم القطع المعدنية غير معروفة المصدر، ليتمكنوا من التعرف بسرعة على ما إذا كانت هذه المعادن مسروقة، وإذا كان الأمر كذلك، فمن أين سُرقت، حتى يتمكنوا من إبلاغ الشرطة.
وتعتقد شركتان بريطانيتان صغيرتان، هما SmartWater Technology، ومقرها في تيلفورد، وSelectamark Security Systems في ضاحية لوكسبوتوم، أنهما ابتكرتا وسائل تمكن تجار الخردة من معرفة ذلك تماماً. الاختراع الذي تقدمه شركة SmartWater عبارة عن مادة لاصقة خاصة يمكن طلاؤها على الأجسام التي يمكن أن تتعرض للسرقة. وبرغم أنها تصبح غير مرئية في الضوء العادي عند تماسكها، فإنها تسطع باللون الأصفر عند تسليط الأشعة فوق البنفسجية عليها. وهذا، بحد ذاته، بمثابة تحذير بأن هذه الأغراض يمكن أن تكون مسروقة، ولكن الحيلة الحقيقية هي ما سيحدث بعد ذلك. تحتوي المادة اللاصقة أيضا على نقاط دقيقة بمادة السيليولويد في حجم ذرات الرمل مطبوعة برقم الهاتف الخاص بشركة SmartWater وشفرة لتحديد صاحب القطعة المعدنية. يمكن قراءة الرموز والشفرة تحت المجهر، وستكشف مكالمة هاتفية سريعة عما إذا كانت البضاعة مسروقة بالفعل، أو بيعت بصورة مشروعة من قِبَل المالك الذي نسي تنظيفها في بادئ الأمر.
بطبيعة الحال، فإن اللص الذي يعتقد أن غنيمته تحمل مثل تلك العلامات المميزة سيحاول تنظيفها بنفسه. وأحيانا ما يحاول اللصوص إزالة المادة العازلة الموجودة على الكابلات الكهربائية بالحرق على أي حال. لذا وجدت شركة SmartWater وسيلة أخرى لترميز المعلومات على المواد اللاصقة التي أنتجتها يمكنها، على النقيض من السيليولويد، أن تنجو من النار. وبالإضافة إلى النقاط الدقيقة، تحتوي كل دفعة أيضا على مزيج فريد يصل إلى 30 مركبا من الفلزات الأرضية النادرة. وفحص هذا العدد يُعد نوعا ما أكثر تعقيدا من الفحص باستخدام المجهر. ولكن إذا كان التاجر أو الشرطة لديهم سبب للاشتباه في سرقة قطعة من الخردة، فمن الممكن أن يقوم مختبر SmartWater بإبلاغهم بالشخص الذي قام بشراء المادة اللاصقة محل السؤال. وتستخدم التقنية التي ابتكرتها شركة Selectamark النقاط الدقيقة أيضا، على الرغم من أنه بدلا من مادة السيليولويد، فإنها تستخدم البوليستر أو سبيكة أساسها النيكل، حسب نوع المادة اللاصقة المتضمَّنة.
وبدلا من استخدام خلائط من المركبات الأرضية النادرة، فإن العلامات الكيميائية الفريدة التي أنتجتها عبارة عن امتدادات وجيزة للحمض النووي ''دي إن أيه''، وكل منها تتضمن متوالية مختلفة من الشفرة الوراثية. في الواقع، يبدو أن الحمض النووي ''دي إن أيه'' يتمتع بخاصية ساحرة في مكافحة الجريمة. وتصف شركة SmartWater، التي لا تستخدم الحمض النووي في حقيقة الأمر، المعرِّفات الكيميائية الفريدة الخاصة بها باسم ''الحمض النووي الاصطناعي''. تقول الشركتان إن مجرد الإشارة إلى منتجاتهما كنوع من الحمض النووي يساعد على ردع المجرمين – فقد وُصفت التقنية الأصلية للتعرف على الحمض النووي ''دي إن أيه'' باسم ''بصمة'' الحمض النووي، على الرغم من أنه لا علاقة لهذه التقنية بالبصمة. وقد جسدت الأفلام والبرامج التلفزيونية استخدام الحمض النووي ''دي إن أيه'' من مسرح الجريمة لإدانة المجرمين، بما يؤدي إلى توليد ما أطلق عليه جايسون براون، رئيس شركة Selectamark للمبيعات، اسم ''عامل الخوف من الحمض النووي''. ويتوافق ذلك مع ما تقول به الشرطة من أنه عندما تتم الإشارة التحذيرية إلى الحمض النووي على نحو واضح، تتداعى القضية. أما بالنسبة لأولئك الذين لا تردعهم الكلمات السحرية، فتحتفظ الشركتان لهم بمزيد من المفاجآت؛ حيث تبيع علب رش، يتم تثبيتها فوق الأبواب أو قرب الأشياء الثمينة. ويتم تنبيه علب الرش هذه بواسطة وسائل كشف عن الحركة أو الضغط على زر بواسطة بائع في متجر أو رب الأسرة. وحتى إذا لاحظ اللص الرذاذ، فسيظل موسوما به لعدة أيام؛ حيث يستقر الرذاذ داخل مسام وثنيات الجلد، ويظل موجودا بحيث يلفت نظر رجل الشرطة الفضولي، حيث يميز اللص بنفس فعالية الحمض النووي الخاص به، في حالة تركه أي أثر خلفه في مسرح الجريمة