الاول على الصف
للفوز لذة كما للخسارة غصة. والنجاح فرحة والسقوط خيبة. من البديهي ان يشعر الفائز او الناجح بالزهو وبالفرح. هذا بالطبع عند الاسوياء من البشر. لكن ان تجد فائزا يبكي وناجحا يلطم، فهذا الذي اراه علة ولا ادري “شتحطلها وتطيب” كما يقول المثل. الغريب في العراق اليوم ان الخاسرين في الانتخابات مرتاحون والفائزين فيها حائرون لا بل مهمومون.
نعم للفوز او النجاح درجات، اعلاها المرتبة الاولى. ونعم قد يتمنى الناجح لو كان اولا على الناجحين لكني لا اظن ان انسانا سويا يقلب الدنيا نكدا لانه فاز بالانتخابات لكنه لم يكن اولا. العاقل يراجع نفسه ومن حقه ان يزيد فرحته درجة اعلى. ودعوني ابالغ بالقول لحد اعطاء الحق لمن لم يكن اولا ان يحزن. لكني مهما بالغت لا اجد مبررا لمن يحزن الشعب باجمعه لانه ماكان الاول في قائمة النتائج.
انا من بين الكثيرين الذين فرحوا لاجتياز شعبنا “محنة” الانتخابات باقل الخسائر البشرية. لكني اصبحت مرغما ان اكون من بين الحزانى لا بل ومن الخائفين “بفضل” من استكثر علينا وعلى اهلنا الفرحة. ومن اتعس ممن يقلب فرحة الناس نكدا؟
وفي الاثناء يقتل مئات وتتهدم عشرات من البيوت وتترمل نساء ويتيتم اطفال. ورغم ان الذكريات احيانا ، كما الامثال، تضرب ولا تقاس، تذكرت النكديين ايام الدراسة في الصبا. وافراحنا، منذ الصغر، كانت بسيطة وهينة مثل مطامحنا التي وصفها الجواهري الكبير في “يا دجلة الخير”. فنحن نفرح حد العظم لو كانت هناك لعبة كرة قدم ننتظرها. ونحزن حد البكاء لو كان يوم اللعبة يقترن بيوم امتحان. كنا ببساطة وعفوية نتفق على الغياب الجماعي او تأجيل الامتحان. لكننا “نمسك” قلوبنا لان “حمد الله” الاول على صفنا قد لا يوافق. وفعلا يصر حمد الله حين نغيب جميعا على الحضور فنسجل غيابا ويحضر هو وحده ليؤدي الامتحان فنحصل على صفر جميعنا.
كبرت لكن لحد الآن لم تفارقني مرارة الحسرة التي كان يجتهد “صاحبنا” حمد الله لغرسها في قلوبنا. تذكرتها اليوم وكنت آمل ان يبدأ العد والفرز حالما بمغادرة المربع الاول على طريق تأسيس الحكومة والبرلمان، بعد ان انتصرت قائمة القانون علينا كما كان ينتصر “حمد الله” علينا دائما. لكن القائمة ذاتها عادت واعترضت في اليوم الاول من خضوع المفوضية لارادتها. آه لو اعرف ماذا تريد هذه القائمة الفائزة فوزا عظيما؟
نعم كان “حمد الله” هو الاول على الصف لكننا كرهناه، وهل تستحق المرتبة الاولى ثمن ان يكرهك الناس؟
هاشم العقابي