بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قوله تعالى: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ في الرِّزْقِ) سورة النحل: الآية 71،
في الدنيا، كلّ منّا يعرف قيمة وثمن الـ(مليون دينار) مثلاً، وقيمة الـ(مليار دينار)، ولكن ما هو الشيء الأكثر قيمة وثمناً في الآخرة؟
إنّ خطّ أهل البيت صلوات الله عليهم هو الأثمن شيء. فعلينا أن نكون مع أهل البيت صلوات الله عليهم في الدنيا وفي الآخرة. واعلموا أنه بمقدار تمسّكنا واتّباعنا لهم في الدنيا سنكون معهم صلوات الله عليهم في الآخرة.
على الإنسان الذي يتبع أهل البيت ويكون معهم صلوات الله عليهم في الدنيا، عليه أن يقنع نفسه بتحمّل المشكلات. فقد ورد في مضمون الحديث الشريف ان رجلاً قال للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله: إنّي أحبّ عليّاً. فقال صلى الله عليه وآله له: إذن استعد لكثرة الأعداء.
بلى إنّ طريق أهل البيت صلوات الله عليه يستحقّ كثيراً أن نتحمّل المشكلات لأجله وفيه.
إنّ أهل البيت صلوات الله عليهم هم خير الناس، ولا يدعون عمل أحد لهم بلا مكافأة أو بلا جزاء. فإذا كان الإنسان همّه أهل البيت، ولسانه أهل البيت، وماله أهل البيت صلوات الله عليهم، وهكذا قلمه وخدمته وأعصابه وتحمّله وحلمه لهم صلوات الله عليهم، فليعلم بأنه قد نال وحصل على أثمن شيء. وتحمّل المشكلات في ذلك هو ثمين أيضاً. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
هناك الكثير من الناس قد عملوا لأهل البيت صلوات الله عليهم وضحّوا لأجلهم. ونحن قد ينتابنا الخجل يوم القيامة عن تقديم ما عملناه وما قدّمناه لأهل البيت صلوات الله عليهم، لأنه قد سنرى أناساً، ممن عاشوا قبلنا وبعدنا، قد قدّموا الكثير في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم، من التضحيات والأعمال.
مثالاً على ذلك : بعد أن استشهد مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه، أراد المأمون العباسي لعنه الله أن يدفن الإمام عند رجلي هارون العباسي لعنه الله، لكن الأرض تصلّبت ولم يتمكّنوا من الحفر في الموضع المذكور، ولذا اضطر وأجبر المأمون لعنه الله على دفن الإمام الرضا صلوات الله عليه في الموضع الحالي، أي صار هارون عند رجلي الإمام الرضا صلوات الله عليه. وبعد أن دفنوا الإمام الرضا صلوات الله عليه، أنشد دعبل الخزاعي شعراً، وقال:
قبران في طوس خير الناس كلّهم وقــــــبر شرّهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قرب الزكيّ وما على الزكيّ بقرب الرجس من ضرر
وبسبب هذين البيتين، شُرّد دعبل، وعاش مشرّداً لمدّة عشرين سنة، بعيداً عن عائلته وأهله وأقربائه وتاركاً لحياته.
إنّ خدمة أهل البيت صلوات الله عليهم هي فضيلة من الله تعالى وأهمّ فضيلة. فلو ان الإنسان في قبال خدمته لأهل البيت صلوات الله عليهم لا يحصّل في الدنيا إلاّ الخبز اليابس والماء لكان ذلك فخراً له وعليه أن يرضى بذلك ولا يزعل، لأن تحمّل العناء في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم هو أمر حسن جدّاً وأثمن شيء.
ورد في إحدى زيارات مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه، التي عدّها الشيخ الصدوق قدّس سرّه بأنها من أصحّ الزيارات عنده، ورد فيها: (وإرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم).
وهذا يعني ان لأهل البيت صلوات الله عليهم عند الله تعالى مقاماً عظيماً جدّاً، بحيث جعل تبارك وتعالى أموره كلّها، أي أمور الكون والخلائق أجمع، بأيديهم صلوات الله عليهم. فها هم أهل البيت صلوات الله عليهم.
إذن فالذي يعمل في سبيل أهل البيت صلوات الله عليهم عليه أن يعلم بأن الله تعالى قد منّ عليه بهذا التوفيق، أي توفيق العمل لأهل البيت صلوات الله عليهم.
.
كما إنّي أرى من الواجب عليَّ أن أدعو لمن يخدمون أهل البيت صلوات الله عليهم، بل إنّي أتقرّب إلى الله تعالى بالدعاء لهم. وأسأل الله عزّ وجلّ أن يعينهم ويعينكم أنتم،وأن يتقبّل أعمالكم، ويوفّقكم في أموركم.
مقتطفات من السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله