محيّاه تاريخ عصر العذابْ ... وبسمته للمصابيح بابْ
وجبهتُه قبلةُ الشمس لو لا ... ترحّلها بليالي الضباب
على لوح خفق القلوب الندي ... تُصوَّر منه الغضون الغضاب
ومن خلف سور المشيب الهزوء ... يعاشر في الوهم عنف الشباب
ولو لا ثلوج نواصيه ما ... جرى فمه بسواقي اطَّراب
تنادم عيناه جمر المحال ... وتسكر رؤياه شوق المصاب
لقد وهب النظرُ المستديمَ ... منه التأوهَ فرجاتِ غاب
يعالج فيه الشعور الكسير ... ويرسمه في الدياجي سراب
سبات ملامحه يقظةٌ ... لاحساسه المستفيض التهاب
واسفار افكاره مهرجان ... لعقد قران المدى والغياب
تلمَّسُ طرف رداء الاصيل ... يداه فتمتلئان ارتهاب
وتطرد هجس اقتراب السحاب ... لفتتهُ فتسيل ارتعاب
فهل حنيةٌ طوقت جيدهُ ... ظلال لذله غرّ الرقاب
ام ان انكساراً باحداقه ... يعّبر عن كسر كفّ العباب
ورجفةَ الفاظه الحائرات ... ربيبةُ صفرة ورد الشعاب
هل الحظُّ راهن فيه الهناء ... واضحى ضحية زهوٍ كذاب
ام احتكمت عنه سلوى الخطوب ... وزعم اليقين لكبر اغتصاب
واصبح لائحة للذنوب ... وللصفح من دون ايّ احتساب
فوار حمتاه لدعوى الاقاحي ... إذا ما ارتوى صوتها سمع آب
وواخجلتاه لنقاء اللآلي ... إذا عاهر الفحم فيها استراب
ويا رفعة الشجن المستغرّ ... بان تكتسيه المآسي خضاب
ا إن عريت شجرات المنى ... تلفع ثوبَ السرور اليباب
ولو كان للعار حُّس يثوب ... لعادت مغاني الجنان الهضاب
ولو وعت الريح أصواتها ... لما شاكست همسات الرباب
ولو غضبةُ المنتهى عاقبت ... جنايتها لتسّلى العذاب
فمذ صَّرحت بشفاه الوجود ... وجوه تترجم روح التراب
لتشنق في كبد المستحيل ... محافل تأبين ضوء الصواب
ومذ زيَّن الأفق جدرانه ... بأبصار خلق ودفن احتجاب
تبرّع عّش الضلال الأشَّر ... بأن يمنح الحُلم جنح الغراب
وأن يتصدى لسّر النسيم ... فيمنح قبلته لأكتئاب
ولو لم تزكّ نقاب الجحيم ... عيون النقاء سباها نقاب
ولم يغش ايمانك المشرئبّ ... الى المستحيل لغدر ثقاب
ولم ينحت البؤس أقدامه ... على وجنتيك رسوم ارتياب
فيغدو عطاؤك عن لطف نفس ... أنوف لطيش الرزايا عتاب
هو الدهر الحانه إن حبتْ ... شراباً ففي كل غدر مشاب
أرى الآنَ زحف السنين الخوالي ... بتعس رؤاك الوضاء يثاب
وإن تجاهلك المتخلي ... عن السير للصبر أغلى متاب
ولكن عينيك غفرانه ... ووجهك للحِّق أسمى كتاب
ذريعة صمتك انّ الحديث ... غدا لأظافر نارٍ جواب
وان تفاؤلك المستبدّ ... تفرّس في قعر صوت فخاب
أراني اذا ماوعيت الملال ... ولامس عقم صفائك ذاب
واما دعوتُ جلال الهروب ... تورّع عن جهله فاستجاب
لكيمايجاوز خط العقوق ... وألمس الممغريات أغتراب
فكلّ شذاةٍ تعرّى صفاها ... وهبت لها من شذاك الثياب ...؟؟؟