ولد رودان في باريس ونشأ فيها. ومنذ صغره كان يريد أن يصبح فنّانا. غير أن مدرسة الفنون في باريس رفضت قبوله كطالب، فعمل كحرفي وقاطع أحجار قبل أن يلتحق للعمل بأحد الأديرة.
وهناك لاحظ رئيس الدير ميله للنحت وشجّعه على أن يصبح نحّاتا. فتعلم طريقة شقّ الحجر وصبّ الفولاذ في الفجوات وغيرها من المهارات الفنية اللازمة في النحت.
هذه المنحوته الرائعة هي إحدى إبداعات الفنان ( أوغوست رودين ) والتي يخلّد بواسطتها الحادثة التي وقعت في حربِ المائة عام، تلك الحرب التي حدثت في سنة 1347 م، عندما وقعت ( كالايس ) - إحدى الموانئ الفرنسية المهمة الواقعة على القناة الإنجليزية- تحت حصار الإنجليز بقيادة الملك ( إدوارد الثالث ).
أصرَّ ملك فرنسا ( فيليب ) على أن لا تستلم المدينة، وتبقَ صامدةً أمامَ الحصار. لكن الجوع أوقع الكثير من الضحايا داخل الأسوار، وأجبر المدينة الفرنسية على الاستسلام.
عرض ( إدوارد ) على أهل المدينة أن يبقيَ على حياتهم إذا قام ستة من قادة المدينة بتسليم نفسهم للقتل، خارجينَ من البوابةِ شبه عراة، وعلى أعناقهم قيود تقيدهم، وحاملين بين أيديهم مفاتيح المدينة. لو رفض أهل المدينة الإمتثال لهذا الأمر، فسوفَ يقوم بحصدِ أرواح جميع أهل الدينة!
تطوعَ أحد أغنى أغنياء المدينة بتسليم نفسه ( Eustache de Saint Pierre ) وتبعهُ خمسةٌ من شرفاء المدينة. نزعَ الستة ملابسهم ليبقوا بملابسهم الداخلية، وخرجوا من البوابة مضحينَ بحياتهم في سبيل أهل المدينة.
(أوغست رودين ) التقطَ هذه اللحظة التي كانت خليطاً من الهزيمة والتضحية والشجاعة والوقوف في وجه الموت، ليخلدَ هذا المشهد إلى الأبد في منحوتته الرائعة
وهذا التمثال الرائع الذي يمثل المفكر
المفكر (بالفرنسية:Le Penseur). تمثال من الرخام والبرونز لأوغوست رودان النحات الفرنسي. التمثال موجود في متحف رودين في باريس. يصور التمثال رجلا متأملا يتصارع في دخيلة نفسه مع افكار عميقة. غالبا مايمثل التمثال الفلسفة.
يعتبر هذا التمثال الشهير أفضل تحفة فنية تعبّر عن عملية التفكير عند الإنسان وتجسّد قوّة العقل ودوره في إبداع الأفكار.
أنجز اوغست رودان تمثال المفكّر في نهايات القرن التاسع عشر واستغرق العمل عليه عشر سنوات. ومنذ ذلك الحين يُنظر إلى التمثال باعتباره أحد أفضل الأعمال النحتية على مرّ العصور.
تمثال المفكّر عمل نحتي عظيم. وقد قصد رودان ألا يطلق عليه اسم مفكّر أو فيلسوف محدّد، بل فضّل أن يمثّل الإنسان، كلّ إنسان، من حيث كونه عقلا يفكّر ويتأمّل ويبدع.
ويكمن نجاح رودان في انه تمكّن من تمثيل عملية التفكير، وهي شيء لا يمكن رؤيته أو لمسه.
والتمثال يظهر رجلا ضخم الجثّة ومسندا رأسه إلى يده وهو مستغرق في التفكير العميق. بل إن أصابع قدميه منغرسة في الأرض من فرط تركيزه واستغراقه.
تأثر رودان بواقعية مايكل انجيلو لكنه كان أيضا مهتمّا بأعمال الانطباعيين الذين كانوا يعيشون في باريس آنذاك.
وتمثال المفكّر لـ رودان هو اليوم من مقتنيات متحف بوليتان في نيويورك