الناصرة ـ «القدس العربي»: بعد أيام من وقف إطلاق النار بدأ الإسرائيليون يتنبهون إلى انهم سيسددون ثمن العدوان على غزة من ميزانيات المدارس والخدمات الصحية والاجتماعية.
وصادقت حكومة إسرائيل في اجتماعها الاسبوعي أمس على اقتطاع ملياري شيكل (نحو 600 مليون دولار) من ميزانية الوزارات المختلفة لتحويلها لوزارة الحرب وسد الناقص الناجم عن العدوان على غزة ومساعدة مستوطنات «غلاف غزة»
وقال بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية في مستهل الجلسة الأسبوعية التي عقدت في المجلس الإقليمي «ساحل عسقلان» ان الأمن فوق كل شيء مؤكدا انه كله آذان صاغية لمطالب وزارة الحرب الراغبة بزيادة ميزانيتها بتسعة مليارات دولار (نحو 2.5 مليارد دولار) لتغطية نفقات عدوان « الجرف الصامد « وبزيادة ميزانيتها للعام 2015 بـ 11 مليار شيكل. كما وعد نتنياهو بتحويل مليار ونصف المليار شيكل لمستوطنات غلاف غزة(38 مستوطنة) سنويا خلال السنوات الخمس المقبلة وهي مستوطنات تعرضت لأضرار فادحة نتيجة صواريخ المقاومة التي شلت الحياة الاعتيادية فيها وتسببت بهجرة سكانها للمرة الأولى منذ عام 1948. وأعرب نتنياهو عن أمله في ان يستعاد الهدوء في جنوب البلاد لفترة طويلة منوها في المقابل ان إسرائيل مستعدة لكل الاحتمالات في منطقة غزة وفي بقية الحدود.
ويعي الإسرائيليون ان الحرب المكلفة تعني اقتطاع الميزانيات المعدة للتربية والتعليم والرفاه والصحة ولذا عنونت صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية على صفحتها الأولى «مدافع بدلا من الكتب» مشيرة إلى ان 50% من الإضافات للأمن ستأتي على حساب ميزانية التربية.
وكال موظفون كبار في وزارة المالية اتهامات للجيش الإسرائيلي بصرف موازنات أكبر من تلك التي خصصت له. ووجهت انتقادات للجيش بانه تصرف بشكل «مسرف جدًا» ولم يأخذ بالحسبان أي اعتبارات مالية أو اقتصادية.
وارتفع عدد قتلى إسرائيل خلال العدوان على غزة أمس إلى 73 قتيلا أغلبيتهم الساحقة جنود بموت شاحر شيلو جندي بجيش الاحتلال أصيب في خان يونس بجراح بالغة.
وخلال ذلك تواصل أوساط الرأي العام في إسرائيل قراءة نتائج العدوان على غزة وهي بمعظمها تتفق ان الحرب فشلت بتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة وتعبر عن خيبة الأمل والشعور بالإحباط وتفويت الفرصة حيال ذلك.
في إطار هذه الأوساط عبّر وزير الحرب الأسبق موشيه أرنس عن ذلك بالقول ان إسرائيل أخطأت في حربها على حماس والجهاد الإسلامي ثلاث مرات منوها ان من يخطأ بلعبة «البيسبول» ثلاث مرات يخرج من المباراة.
وفي مقال نشرته صحيفة «هآرتس» أمس بعنوان «فوتنا الفرصة» اعتبر أرنس ان إسرائيل لم تخرج من اللعبة لان الحرب لم تنته بعد. وقال ان بوسع الإسرائيليين الرهان على حياتهم مجددا لان حماس ستأتي للمرة الرابعة وستحظى إسرائيل بفرصة رابعة فهذه مسألة وقت فقط». وتابع «في العملية الأخيرة كان بمقدور إسرائيل تحقيق ضربة الانتصار. بدلا من ذلك «نجحت» حكومتها بتخليص هزيمة من بين فكّي الانتصار».
ويمضي أرنس بما يشبه الرثاء على ما جرى فيشير إلى ان ذلك تم رغم الثمن الباهظ ورغم استخدام الجيش الإسرائيلي قوة مفرطة ضد جيش صغير من «الإرهابيين» من جهة ومن جهة أخرى قبل بحرب استنزاف متوقعا ان توافق حماس والجهاد على وقف النار.
ويواصل أرنس توجيه انتقاداته المريرة ويقول انه لابد من الاستعانة بأخصائي نفسي من أجل فهم كيف سمح أعضاء كنيست ومعلقون كثر بان يغرر بهم وتضليلهم طيلة الطريق بشعارات غبية؟. وربما كواحد من دروس الحرب يوصي الجهاز الأمني بتخفيف الضغط الاقتصادي على غزة وينقل المعلق العسكري عاموس هرئيل عن ضابط كبير قوله ان لإسرائيل مصلحة بألا يكون القطاع تحت وطأة ضغط اقتصادي- اجتماعي ثقيل جدا. ويتابع الضابط «ان استطعنا توسيع المساحة البحرية المسموح بها الصيد وبتوفير تسهيلات في حركة البضائع في معبري بيت حانون وكرم أبو سالم فهذا سيساعدنا في إدامة الهدوء».
ويوضح ان جيش الاحتلال سيوصي أمام الحكومة بإبداء كرم في المفاوضات مع حماس والجهاد حول وقف النار الدائم بهدف تحاشي تجديدها نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الحالي. ويدعو الضابط إلى جهاز رقابة فعالة بمشاركة عدة أطراف بموازاة هذه التسهيلات كي لا يتم تهريب وسائل قتالية.
في سياق الحرب أمر المستشار القضائي للحكومة بالتحقيق مع زهدي صهيب (32) فلسطيني من الخليل تمنى لقائد وحدة «جولاني» غسان عثمان الذهاب لجهنم.
وكان الشاب الفلسطيني قد حمل خلال الحرب في حسابه بالفيسبوك على «المتعاونين مع الجيش الإسرائيلي خاصة من غير اليهود وهذه المرة الأولى التي يتم فيها التحقيق مع فلسطيني بشبهة التحريض.
وكشف في إسرائيل أمس عن ان لجنة تحقيق داخلية شكلها الجيش للتحقيق بتجاوزات وخروقات ستصب جل اهتمامها بما حصل في رفح بعد تفعيل نظام «حنيبعل» عقب أسر جندي إسرائيلي. وكان جيش الاحتلال قد قصف رفح وقتها بشكل عشوائي وتسبب بقتل وجرح مئات المدنيين في محاولة لمنع أسر الجندي حيا.
وكان الجيش والحكومة بادرا لهذا التحقيق الداخلي لفحص عشرات الجرائم كعمل استباقي لمواجهة دعاوى حقوقية وأممية حول جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب على غزة هذه المرة أيضا.