بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إنَّ أكثر ما يجعل الفرد منَّا حائرًا متعجِّبًا مستغرِبًا هو أنَّه يرى ما يخالف العقل والمنطق السَّليم واقعًا تُبنى عليه الأمور، وهذا ما يجعله يشكِّك في معرفته، وفي القواعد العقليَّة التي تعلَّمها، والتي يحكم بها عقله، ويتساءل: أين يكمن موضع الخَلل، في عقلي، أم في واقعي؟!
مثلًا: لماذا يجب أنْ يموت المئات من النَّاس دون جُرم، وبطريقة بشعة في بعض الأحيان، فقط كي يستقرَّ كرسيُّ فلان؟!
هل أصبح الدَّم رخيصًا لهذه الدَّرجة بحيث يبذل ثمنًا؛ لتحقيق رغبة فلان، وتنتشي نفسه؟!
لماذا حين تُسفك دماء الأبرياء، يخرج القبيح وبكلِّ وقاحة؛ لكي يبرِّر أفعاله بأقبح منها، ويُعتبر مُحقَّا فيما قام به؟!
لماذا يصفِّق البعض لقتل إخوانهم، ويعتبرون قتلهم حقًّا ودينًا؟!
متى كانت القُربة لله بسفك الدِّماء؟!
أليس لهذه الضَّحايا قِيمة!
أليست لهم حرمة؟!
أليس لهم أهل سيفتقدونهم؟!
أليس لهم أبناء يريدون عطفهم؟!
وهناك مَن لازال يلمِّع قتلهم وذبحهم وسَحْلهم؛ لأجل عيون مخلوق مثله!
ثُمَّ لماذا هو فقط دون غيره؟!
ما الذي يميِّزه بحيث يصبح كلُّ شيئ رخيصًا أمام سعادته؟!
هل أتى من كوكب آخر، ويعلم من العلم ما لا نعلم؟!
هل له ارتباط بالسَّماء، ويوحى إليه، ويكلمه الله سبحانه دون غيره؟!
كلا، نحن نراه كأحدنا، بل هناك مَن شهد ولادته ونشأته بيننا!، ولا نعتقد بأنَّه يتَّصل بالسَّماء؛ لأنَّه يقوم بما يغضبها!
الله سبحانه وتعالى وضَّح لنا قيمة النَّاس عنده، وبماذا يتفاضلون، حين قال في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات:13)، و﴿… قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ (الزمر:9)، و﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾. (فاطر:28)
وصاحبنا ليس عالمًا، وليس تقيًّا، وهل يقوم بمثل هذا مَن يعلم أنَّ وراءَه الله (عزَّ وجلَّ) وحسابه العسير؟!، أم هل يسترخص الدَّم الذي حرَّمه الله تعالى من يخافه؟!
وكما يسلب عقولنا التَّفكير فيه، كذلك يسلب عقولنا أكثر التَّفكير في أتباعه، فلماذا يتَّبعونه مع وضوح سوءاته لهم – وبلا شكٍّ – أكثر ممَّا هي واضحة لنا؟!
ألا يرون أنَّه واحد من أمثالهم؟!، لا يميِّزه عنهم شيئ أبدًا سوى أنَّه من عائلة، أو قبيلة، أو عشيرة أخرى، وهذا ليس له قيمة أبدًا، يقول الرَّسول الأعظم (صلَّى الله عليه وآله): "أَلَا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلَّا بالتَّقوى".
لم يقل: بالعشيرة!
لم يقل: بالدَّم!
لم يقل: باللَّون!
وقد فهمنا أنَّ صاحبنا ليس على علم ولا تقوى، فلماذا كلُّ هذا التَّقديس، والطَّاعة المُطلقة التي يفترض أنْ تكون لله سبحانه وحدَه؟!
وهل مِنَ المُنصف أنْ يشقونَ لراحته، وراحته لا تنفعهم أبدًا في شيئ؟!
(لماذا) ستبقى بدون إجابة!
و(لماذا) أخرى سيبرّر لها!
و(لماذا) ثالثة قد تأخذك وراء الشَّمس!
ولكن سيبقى هناك مَن يسأل، ويومًا ما ستكون الإجابة واضحة: ﴿يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ (غافر:16)، و﴿وَللهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾. (الجاثية:27