هل سيدخل الاسلام سورية على الطريقة العربية ؟؟؟






بدر الدين الكاهية

أثبتت صفحات التاريخ أن أغلب الأمم دخلت طوعا في الاسلام، باستثناء العرب
فالحملات المسلحة و مفهوم حد السيف بدأ مع مكة “معقل الأعراب” بعد رفضهم للدعوة المحمدية، و لولا الغزوات المنطلقة من المدينة لما خضعت قبائل العرب
في المقابل فإن قوميات أخرى استحسنت ما جاء به الدين الجديد فسعت في فهمه و التبصر في مقاصده مما أدى إلى دخولها في دين الله أفواجا عن طواعية و اقتناع
من هذه الأمم نجد أندونيسيا و ماليزيا و بلاد الحبشة و بعض قبائل شمال أفريقيا.

أما بالنسبة لسورية، فقد دخلت الاسلام طوعا بل و استقبلت مبشريه تهليلا ” باستثناء بضع مناطق ” ذلك أن البلاد كانت ترزح تحت أحكام الامبراطورية البيزنطية،
و كانت سهولة الفتح الاسلامي دون حروب طويلة مبررة، فبخلاف أن الشاميين سئموا مظالم البيزنطيين، فإن تركيبتهم الاجتماعية و العقائدية سهلت لهم القبول بالاسلام، يعود ذلك لتعود هذه الأمة على معايشة الاختلافات و امكانية تقبلهم للمتغيرات، و هو ما يبرز في كون الشام كانت أول دولة يحرر لها الفاتحون الجدد عهد أمان يتم بموجبه ضمان الأمن و الحرية و الاختلاف لسكان البلاد، و جاء فيه:
” هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق، إذا دخل أعطاهم أمانًا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيء من دورهم، لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله والخلفاء والمؤمنين، لا يعرض لهم إلا بالخير، إذا أعطوا الجزية.”

والمعروف عن أهل الشام أنهم إذا مارسوا فعلا أتقنوه، و إن أحبوا شيئا أبدعوا فيه، فكان نتيجة لذلك أن أصبحت البلاد منارة للاسلام فتفنن أهلها في تشييد المساجد و دور العبادة، و مرجعا للدراسات الفكرية و الدينية و التي أثرت و ساعدت على سهولة تفسير الخطاب الإلاهي و سنة رسوله…
و رغم المتغيرات التي طبعت التاريخ الاسلامي، و الحروب و الفتن، فقد حافظت الشام على ميزتها المتمثلة في الفسيفساء المجتمعية التي بقيت تتقبل الآخر على اختلافه، فازدهرت البلاد في العهد الأموي، و ترسخت الدولة المستقلة بذاتها في العهد العباسي دون تخل عن الموروث الأموي ” المسجد الأموي و الجامع العمري…” و ضمنت موقعا سياديا في الدولة العثمانية….

يعود هذا الهدوء كما أسلفنا إلى طبيعة أهلها المتقبلين للمتغيرات، المنصرفين عن القتال و الفتن إلى الابداع و العلم و الفكر، المختلفين أطيافا و مذاهب و عرقيات، و المتقبلين لهذا الاختلاف. و بقيت كذلك إلى حين..
بعد هذا السرد لحقبة تاريخية، الظاهر أن الملاك الأصليين للدين، و أصحاب صكوك الغفران، لم يقبلوا أن تكون سورية مسلمة اسلاما مختلفا عنهم، بعيدا عن معتقدهم، مستقلا عن سلطانهم…

راعهم أن الاسلام المتأصل في الشام، يقبل الآخر و لو اختلف معه دينيا
اشمأزوا من التسامح و التظامن و التكافل الذي طبع علاقة أهل الشام فيما بينهم
فالأعراب الذين قبلوا الاسلام خوفا من حد السيف لم يستوعبوا أن تكون الشام حاضنة للاسلام بكل طوائفه بحد المحبة…
و عليه فقد قرروا فتحها من جديد، و إراقة الدماء التي لم تهدر منذ أكثر من ألف عام…
و عليه فقد بدأ الفتح الأعرابي يشحذ الطائفية المتأصلة فيه
و عليه فقد بدؤوا في بث الفتنة و الكراهية و تكفير الملل و النحل
و عليه فقد بدأ القتل و شرع النحر و استطاب السحل
و لأن الأعراب أشد كفرا و نفاقا،
فبحلولهم بالشام حل معهم الدمار، و بدأت عوامل التصحر تضرب العقول و الأرض، في بلد كان عنوانها فكر مستنير و أرض تنبت الزهر و الياسمين…
نعم يا سادة لقد اكتشف الأعراب أن اسلام الشام ليس باسلام طالما فيه حب و إخاء و بناء
و عليه فقد قرروا فتحها من جديد، على الطريقة العربية….





..