الغد برس/ ذي قار: عند أطراف مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار 380 كم جنوب العاصمة بغداد، منطقة العويل الكالحة ألوان بيوتِها، تحدث شاهد جديد من مجزرة قاعدة سبايكر، شاكر ذبيان جندي عراقي في عملياتِ صلاح الدين، عن تفاصيل التحاقه بصفوف الجيشِ في قاعدة طليل في محافظة ذي قار ومن ثم نقله الى مدينة تكريت والى قاعدة سبايكر وكيفية نجاته منها، متهما قادة امنيون وعشائر بالاتفاق على قتلهم. ويقول ذبيان (28 عاما) "بعد أن فتح باب التطوع للجيش العراقي التحق 1300 متطوع من مختلف المحافظات العراقية للتدريب في قاعدة طليل العسكرية، غرب مدينة الناصرية، في منتصف شهر أيار من العام الجاري 2014، وبعد خمسة عشر يوما من التدريبات التقى بنا العقيد فؤاد أبو رغيف، وقال لنا تم نقلكم الى عمليات صلاح الدين وقد هنئنا حينها"، مؤكدا أن "المكان الذي سيتم نقلنا إليه أمن، وكذلك أخبرنا بأننا مجازين لمدة سبعة أيام لنلتحق بعدها الى مقرنا الجديد في مدينة تكريت". مقاتلةُ تنظيم داعش التكفيري من قبل جنود قاعدة سبايكر بما يمتلكون من آليات مدرعة وأسلحة واعتدة كافية لمقاومة شهر كامل بحسب شهادة ذبيان، إلا ان أوامر عسكرية فرضت عليهم النزول الإجباري بعد إقناعهم بان الطريق مؤمن مع العشائر لنقلهم الى مدينة سامراء. يتحدث ذبيان، "بعد أن وصلنا الى مقر عمليات صلاح الدين في مدينة تكريت بقينا يوم واحد ومن ثم تسلمنا الراتب الشهري مقداره 800 الف دينار عراقي مع إجازة لمدة أسبوع وبعد أن قضينا الإجازة رجعنا الى مقر العمليات في تكريت، وفي أول يوم من تواجدنا بمقر العمليات استعرضت على مسافة من مقرنا عجلة عسكرية نوع همر عائدة للفرقة الذهبية وضربت مقرنا بقاذفتين، وبعد ان استفسرنا عن الجهة التي تقود العجلة تبين أنها تعود لتنظيم داعش بعد أن استولى عليها من الجيش العراقي في مدينة الموصل". ويضيف "لم ننتظر وقتا طويلا حتى قمنا بالرد عليها بثلاث صواريخ قاذفة هاون فلاذت بالفرار، وبعد هذه الحادثة طلب منا العقيد فؤاد أبو غريف بالانسحاب من مقر العمليات الى قاعدة سبايكر ومن ثم ننتقل الى سامراء". ويشير الى أن "أبو رغيف أكد لنا ان الطريق سالك وبعيد عن سيطرة تنظيم داعش، لكننا قلنا في وقتها له أننا نمتلك أسلحة كافيه من آليات وأسلحة واعتدة لمقاومة داعش لمدة أكثر من شهر، لكنه رفض، وقال لا نستطيع المقاومة هنا وحدنا ففي قاعدة سبايكر تتواجد الفرقة الذهبية التي ستكون أمامنا لحمياتنا في مواجهة أي خطر". ويتابع ذبيان "بالفعل ذهبنا بجميع آلياتنا الى قاعدة سبايكر ولم يبقى في مقر العمليات سوى بعض الأرزاق من المواد الغذائية، وعند وصولنا الى قاعدة سبايكر قرابة الساعة الثانية عشر ليلاً لم نرى في طريقنا أي مسلحين ووجدنا في سبايكر قرابة المائتي جندي من الفرقة الرابعة بعد هيكلتها من قبل وزارة الدفاع ولم نجد الفرقة الذهبية التي تحدث عنها أبو رغيف، لكن كانت الأمور تسير بشكل طبيعي ولم نشاهد أي تهديد بمهاجمتنا، فضلا عن كون قواتنا العسكرية تمتلك الأسلحة الكافية في مواجهة أي خطر". محاصرة جنود سبايكر عند سيطرة القادسية في مدينة تكريت من قبل تنظيم داعش بمساندة ابناء العشائر كشفت ملامح الخيانة لقتلهم ما دفع ذبيان وعدد من رفاقه بالهرب نحو البساتين لكن رصاصات الموت قتلت بعضهم والبعض الأخر نجا بحثا عن ملاذ امن. ويؤكد "في تمام الساعة الثامنة صباحا التقى بنا القائد علي الفريجي الذي كان متواجدا في قاعدة سبايكر واكد لنا اننا مجازون لمدة 15 عشر يوما وبعدها نلتحق الى معسكر التاجي في بغداد"، مبيناً أنه "اشترط في نزولنا بأن نخلع الملابس العسكرية ونترك السلاح في القاعدة، حينها اخبرناه بأن الطريق غير مؤمن فنحن في الأيام الاعتيادية هناك من يتعرض لنا فكيف اليوم نذهب والوضع فيه خطورة الا أن الفريجي قال لا عليكم نحن اتفقنا مع العشائر والثوار المسلحين وسيستقبلونكم عند سيطرة القادسية وسيؤمنون الطريق لكم ليتم بعدها نقلكم الى سامراء ومن ثم تتوجهون الى مدنكم". ويضيف "بالفعل ذهبنا بملابسنا المدنية سيرا على الإقدام قرابة الـ 15 كم وعند وصولنا الى سيطرة القادسية شاهدنا عجلة عسكرية نوع همر عليها علم الدولة الإسلامية توقفنا عندها وتحدث معنا شاب عراقي، قال لنا بالحرف الواحد الرافضة أين ذاهبون ضعوا أيدكم على رؤوسكم واجلسوا حتى ننقلكم الى سامراء، ويشير الى أنه "رغم كلامه السيئ لكننا شعرنا بالاطمئنان لان ما قاله لنا القائد الفريجي وجدناه فألزمنا الصمت خوفا من المواجهة التي ربما تفسد ما مخطط له لنقلنا الى سامراء". ويتابع "بعد ان توقفنا بدأنا نشاهد عجلات عسكرية ومدنية تتوافد حولنا يلوح فيها رجال برايات الدولة الإسلامية يكبرون بصوت واحد (الله اكبر .. الله اكبر)، وبعد أن توقفوا طلبوا منا ان نضع أجهزة الموبايل ومستمسكاتنا وأموالنا في سيارة صفراء نوع اوبترا، حينها شعرنا بأن هناك مؤامرة لكن كنا نتحدث مع بعضنا البعض انه ليس من المعقول أن يقتلون هذه الإعداد الهائلة، وفي هذا الوقت جاءت ثلاث سيارات كبيرة نوع حمل، قالوا اصعدوا جميعكم فيها، قلنا لهم لن تكفي لنا، اجابونا اصعدوا أيها الروافض". ويقول ذبيان "حينها ترجلت في الصعود الى احد السيارات لكنني بقيت عند إطراف السيارة في المؤخرة، لكن عندما شاهدت عريف حامد وهو احد إفراد قوتنا بسيارة مدنية نوع يوكن ضرب سيطرتهم هاربا بدوا بإطلاق النار عليه حتى لم ننتظر طويلا سوى اقل من 15 دقيقة وإذا بهم يمسكون عريف حامد يضعونه أمام الجميع ليقتلوه دون رحمة أو إنسانية، فحينها شعرت بأن مصيرنا سيكون مصير عريف حامد". ويلفت "نحن قرابة المائة جندي هربنا في وقتها بعضنا ذهب شرقا والأخر غربا وبدا اطلاق النار علينا بشكل كثيف من قبل رجال داعش وأبناء العشائر وهم يكبرون الله اكبر لا ترحموا الروافض"، ويؤكد "ركضنا مسافة قرابة الـ 15 كم وكلما نصل الى بيت فإذا بصاحب البيت يقول أنا لا أحمي الروافض يستقبلنا بالرصاص فنلوذ هربا وعند الساعة الثانية ظهرا تقريبا لم استطع المسير لا أكمل المشوار مع رفاقي لأنني كدت أموت من العطش فجلست في احد انهر البساتين مستلقيا دون ان أشعر بنفسي". ويكمل حديثه "بعد ان صحوت في وقت الغروب تقريبا على ما أتذكر نظرت في وقتها الى الطرقات فرأيت رجال داعش قاطعين الطريق بسيطرات وكانوا يرتدون ملابس سوداء ويبدو من وجههم أنهم عرب، لكن الذين أطلقوا النار علينا اثناء هروبنا أتذكر جيدا أنهم عراقيون من ابناء العشائر وليس عرب، وفي هذه الاثناء شاهدت بيت على بعد 100 متر فقررت الذهاب إليه واستنجد به، وبالفعل وصلت إليه وقلت له أنا دخيل، قال وصلت". ويبين أن "الرجل صاحب الدار وهو من عشيرة العزواي قال لي كيف نجوت وكل رفاقك قتلوهم المسلحين، قلت له لا اعرف لكنني هربت منهم، فأجابني إذا جاء المسلحون ومسكوا بك فقل لهم انني دخلت البيت دون علم صاحبه فان عاهدتني أمنتك وأن لم تعاهدني فغادر البيت حالا، فقلت له "عهدا مني لك ما تريد، وبعده نصف ساعة بعد ان وضعني الرجل في احد غرف الطابق الثاني من البيت، وإذا بي اسمع بصوت رجال افتح لنا الباب فتصورت حينها ان رجال داعش جاؤوا ليقتلوني، لكنني حينما نظرت من شباك الغرفة رأيت رفاقي من الجنود، وحينما دخلوا الى البيت أشترط صاحب الدار عليهم ما اشترط فيه علي". ويوضح ذبيان "كان لنا حديث في بعض الوقت مع صاحب الدار، وقال لنا انتم تم بيعكم قبل يومين من وصولكم الى قاعدة سبايكر من بعض قياداتكم العسكرية، وأكد لنا انه يمتلك معلومات بان اتفاقا عقد مع بين ثلاث عشائر البوعلون والبوعجيل وابن زيد على قتلنا جميعا"، مستدركاً بالقول "وبعد ان بقينا ثمانية أيام نأكل ونشرب وننام في بيت الرجل العزاوي، اخبرنا باننا لابد ان نرحل من منزله فخيرنا بين الذهاب سيرا على الإقدام أو يستأجر لنا سيارة، قلنا له استأجر لنا سيارة، قال طيب لدي صديق سأتصل به واخبره بالموضوع وإذا قبل سأتفق معه على نقلكم، وبعد أن اتصل به واتفق معه، اخبرنا بأن الرجل لامانع لديه لكنه طلب على أجرة الشخص الواحد مليون دينار عراقي". ويؤكد "نحن كنا 13 فطلب منا 13 مليون دينار عراقي فوافقنا جمعينا لأنه ليس لدينا خيار أخر، فقال صاحب الدار أذا اخبروا أهلكم ليحضروا المبلغ الى شخص في بغداد، قلنا ماذا يقولون له، فأجابنا ليس لكم علاقة أنا سأخبره ان هذه الأموال هي سلفه لي عند بعض الأصدقاء"، ويتابع "بالفعل اتصلت بأختي الوحيدة لي بعد وفاة والدي ووالدتي فضلا عن انه ليس لدي أي أخ سوأها وبعد ان جهزت المبلغ من بعض الأقارب والأصدقاء، جلبته الى بغداد وتم تسليمه الى شخص في منطقة باب الشرجي وسط العاصمة، وبحسب شهادتها، انه رجل اسمر ذو لحية سوداء عمره يناهز الأربعين عاما ويبدو انه من أهالي بغداد أو المناطق الجنوبية". ويتابع ذياب "في صباح اليوم العاشر بعد أن وصلت جميع المبالغ الى الشخص المحدد في بغداد، جاء صاحب السيارة نوع حمل تنكر ماء وركبنا جميعنا في الحوض الذي ملؤوه ماء قرابة الثلثين، وطلب منا سائق السيارة في حال وصلنا الى سيطرة بان ندخل جميعنا داخل المياه دون إي نفس وإلا انكشف أمرنا، وبعد ان ودعنا صاحب الدار وشكرناه ذهبنا نحو سامراء في سيارة المياه ولم نشاهد أي سيطرة، ربما الرجل اتخذ طريقا بعيدا عن السيطرات أو انه كان على اتفاق مع المسلحين لكن مايهمنا أننا وصلنا على مسافة 3 كم عن مدينة سامراء". ويلفت "بعدها توقف صاحب السيارة وقال لنا ترجلوا سيرا هذه اقرب مسافة يمكن ان أوصلكم فيها الى مدينة سامراء وبعده شكرنا الرجل وسرنا لقطع هذه المسافة حتى شاهدنا قوة عسكرية فرفعنا أيدينا وقلنا لهم نحن دخلاء، وبعد ان سردنا لهم القصة الكاملة استقبلونا وأطعمونا ، وبعد ذلك قالوا لنا نحن الفرقة الذهبية من الجيش العراقي ومجموعة من عصائب آهل الحق وبعد يوم واحد أرسلونا الى بغداد ومن ثم كل منا الى مدينته". يذكر أن محافظ ذي قار يحيى الناصري كشف بإحصائية رسمية أن عدد الضحايا المفقودين من ابناء محافظته في قاعدة سبايكر بلغ 597 عسكرياً.

http://alghadpress.com/ar/news/19606...84%D9%87%D9%85