قصة تأسيس المدرسة الجعفرية
في سنة (1324)هـ، استورد الحاج سلمان ابو التمن سماورات (السماور هو جهاز لغلي ماء للشاي، ويصنع من صفائح الفضة والبرونز الاصفر والابيض)، وكلمة سماور فارسية معناها (ثلاث معطيات)، اذ انه يتألف من ثلاثة اقسام، اعلى لوضع الفحم، وسط للماء، اسفل يتجمع فيه الرماد، متقنة الصنع، جميلة الشكل، حلوة المنظر، نالت اعجاب الناس في ذلك الزمان، وخلال فترة قصيرة نفذت من السوق، ولما علم سلمان بذلك أمر كاتبه اليهودي (شمّيل سوميخ) بان يكتب برقية بطلب كمية اخرى منها، فمرر اليهودي برقية ووقعها سلمان ابو التمن، وذهب بها الكاتب الى البريد ليبرقها.
وبعد اكثر من شهر ظهرت السماورات في حانوت عباس محبوب اغا، تبين بعد ذلك ان (شمّيل) طلب من أحد تجار اليهود استيرادها، فدهش ابو التمن من خيانة كاتبه، وقال له احدهم لو كان كاتبك مسلما لما حدث ذلك.
من هذه الحادثة تولدت فكرة فتح مدرسة لتعليم اللغة الانكليزية والالمانية والفرنسية.
في اول الامر تردد ابو التمن معتبرا ان الفكرة من الكفر، لكن اصحاب الفكرة ألحوا عليه فطلب منهم أخذ فتوى من السيد محمد سعيد الحبوبي، وفي اليوم التالي جاء ابو التمن مع احد اصحاب الفكرة وذهبا الى محطة الترامواي الذي نقلهم الى الكاظمية حيث منزل الحبوبي، وبعد النقاش معه وسرد قصة السماوارات وان اليهود والنصارى يحتكرون المحاماة واللغات الاجنبية، فهل بالامكان فتح مدرسة، فقال الحبوبي انكم تشكرون على الفكرة لانها ضرورية وقال (من تعلم لسان قوم أمن مكرهم).
اجتمع الحبوبي في دار ابي التمن للترويج للفكرة بحضور السيد عبدالكريم السيد حيدر، والشيخ جواد تويج، وبعد فترة اجتمع كل من مهدي الخاصكي، عبدالكريم حيدر، علي السيد مهدي البغدادي، جعفر السيد هاشم، امين الجرجفجي، داود ابو التمن، سلمان ابو التمن، الشيخ شكر الله في مسجد الحاج ابي التمن، وتم تقديم طلب الى الوالي باللغة التركية لاستحصال موافقة باجازة المدرسة، وحصلت الموافقة.
تم اختيار الشيخ شكر الله مديرا للمدرسة، لكن الشيخ المذكور لا يملك اي شهادة مدرسية وانما درس على يد العلامة محمود شكري افندي الآلوسي، وكان الاقتراح ان يحصل على اجازة للتدريس من محمود شكري، وحرر الاخير له الشهادة وقدمت الى مدير المعارف، لكن جواب المعارف (ان هذه الشهادة لا تخول صاحبها ان يكون مديراً لمدرسة رشدية واعدادية)، بعدها تمت الموافقة عن طريق الوالي، وبعد فترة جاء كتاب من مديرية المعارف وجاء فيه (بناءاً على الطلب المتقدم بالعريضة المرقمة (1324) من قبل الشيخ شكر الله والسيد علي البغدادي، قد سمحت الولاية بفتح وتأسيس مكتب (الترقي الجعفري العثماني)، فنرجو تبليغ المستدعين بمراجعة مديرية المعارف لتلقي التعليمات اللازمة ودمتم).
بعد وصول كتاب مديرية المعارف، استأجرت هيئة المدرسة الدار التي كان يسكنها (ارستو) الطبيب المشهور، وهي مجاورة لمسجد الحاج داود ابي التمن بعشرين ليرة عثمانية ذهب في السنة والمتبرعون للمدرسة الجعفرية اول مرة هم:
السيد جعفر السيد هاشم (30) ليرة ذهب.
الحاج داود ابو التمن (50) ليرة ذهب.
أمين الجرجغجي (40) ليرة ذهب.
الحاج مهدي الخاصكي (20) ليرة ذهب.
في 8 / 7 / 1921 آدار الامير فيصل المدرسة الجعفرية، وقد اعدت المدرسة احتفالاً فخماً دعت اليه كثير من الزعماء والعلماء والادباء والشعراء وعليه القوم منهم نوري الياسري، علوان الياسري، محمد الصدر، محمد بحر العلوم، عبد الكريم الحيدري، عبد الواحد سكر، سالم الخيون، جعفر العسكري، باقر الشبيبي، احمد الداود، عبد المجيد الشاوي، ابراهيم ناجي، الشاعر عبد الحسين الازوي، الشاعر جميل صدفي الزهاوي، محمد مهدي البصير، كامل الدجيلي، وغيرهم، وتبرع عدد من الحاضرين للمدرسة، اما الشاعر جميل صدقي الزهاوي فليس لديه ما يتبرع به فقال:
لا خيل عندك تهديها ولا مال فاليسعد النطق ان لم تسعد الحال
فصفق له الجميع وقام جعفر العسكري متبرعاً بدله.
ملاك المدرسة الجعفرية عام (1923):
المدير ـ الحاج كمال.
المدرسون ـ محمدرضا الفتال، ملا مصطفى، عبد الستار الشيخلي، صادق الملائكة، سامي خونده، نوري ثابت، الشيخ جواد الزنجاني، كاظم شكاوه، عزيز البغدادي، احمد مدحت، ناصر عوني.
ومن طلبتها:
عبود زلزلة، حسام الدين الهادي، جعفر الخياط، جميل كبه، حسن الصباغ، عبد الصاحب الملائكة، عبد المجيد محمود، ضياء شكاره، جعفر حبة.
منقول