السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(رضوان الله تعالى عليه) ضمير الانسانية

30/08/2014 02:08



المكتب الخاص / النجف الاشرف
رضّت اضلع الوطن، حوافر المحن، ثم وطأة ارجل الطلقاء ثراه الطيب، فتلاشت من ارجاءه ملامح الطمأنينة، وارتفعت فوق هامته، أكف الطغاة ، لتحجب الشمس، ويطول الليل، ثم ليسودّ وجه النهار، وتصاعدت أغبرة الدمار، وتمر العقود، وتبقى القيود، ليمكث الوطن أسيراً، بين ركام اليأس، وصبر الإنتظار، عتاة ومردة، مسوخ قردة، عبدوا العروش، تواقون لطمس الحضارة، وذرّها في العراء، فتمادوا في غيّهم، ليفنوا العباد، وينشروا الخراب، ثم ليصهروا الكرامة في كؤوس العبودية، وليحطموا الكبرياء، بمعاول الجبروت، لبسوا بملء الإرادة، خزي الدنيا وعارها ، وسعوا لجحيم الاخرة وعذابها، سلبوا الحرية في وضح النهار، ليجعلوا الإنسان رقاً في ملتهم، وطن ينضح سنين الضياع، ليفنى بريقه بين البؤس والاحتضار.
وانتفض ضمير الصدر، لتمتد يده، في عمق الزمن، فارتشفت من شموخ الإيمان، رحيق العدالة، ثم التقت أنامله بجذور الخالدين، فسار بها عرق الأباة، لترسم قيم الانسان، على لوحة الأكفان، ولون الدم، في قلب الماء والقمر، ظهر الاحسان، ثم تألقت يده الاخرى عالياً، كالغمام في الخافقين، لينبثق من أناملها، برق بنور الحقيقة، ينزل منها الغيث، نور تناثرت ذراته، على مواطن ذكر الله، لتحيي الارادة والفريضة ومن قبلها الإنسان.
فأشرق الكفن، ليبزغ من خيوطه البيضاء، فجر الحرية الصادق، فجر محمدي، ونور حسيني، ينير صباحات المستضعفين، براية شامخة، راية السلام والاسلام، توارثتها أيادي المصلحين، لازالت تضيء، في زمن الأولين، راية عصماء، تنبض بالفداء، حفيفها العقيدة الراسخة، تلقي بظل التضحيات، على ربوع الاوطان، حرية بروح الثورة، متألقة بتاج الكرامة، لها هدير كهدير الاحرار، في يوم بدر وكربلاء، عمامة سوداء، تشع بالبهاء، من دم الشهادة، وهيبة الأجداد، ورثها الاحفاد، وكفن أبيض، كقطعة من السماء، كفن حي يحمل رسالة، تجري في عروقه، دماء الأبرار الأتقياء، فيهب الحرية، ويغرس الأمل ، ليصنع الحياة ويعتق العباد، ويعيد مجد الأمة والشعب ليبعثهم من جديد، بدروع أصلب من الحديد، دروع العقيدة، ويصنع التاريخ، تاريخ الخلود، وإنعطافة الشرف، والخطوة السديدة.
ومن بين محراب الأمير، وضريح السفير، انطلق صوت الانسان، بلغة الأديان، ووحي الضمير، صوت جهوري، لازال صداه، يملأ الاجواء، وتلك حروفه اللامعة، كنجوم السماء الساطعة، تنطلق من ثغره العلوي، تنير مسجد كوفان، تهز أركان الطغاة، لتنادي بحق الحياة.
بفقدك يا سيدي، يا مظلوم العصر، لازالت الجمعة كحلها الدمعة، وأنينها الخفي بين الجدران، ولازال العراق، ربيع الشهادة، يشكو ألم الفراق، والدم المراق، بغدر الظالمين. وها هي دموع الأيتام، عادت لتبحث عن الأكف الحنونة، وآهات الثكالى في كل مكان، ووحوش تجاسرت، لتخدش الورود النقية، وعاد الخوف، ليمكث بين الطرقات، ليسلب الأمان، وديار الأحبة هجرت، وأنفس بريئة زهقت، وسلطان تكبّر، وعدو تجبّر، في وطن أرادوه سلعة في اسواقهم الدنيئة، وطن جريح ضماده الكفن، يشكو الظمأ فيسقى دموعه.
رحلت ايها الولي مسرعا نحو السماء، يحدوك شوق اللقاء، على براق الصبر جناحه النجلين، يخطان طريق الشهادة، يلهمان الدروس والعبر، ومهما عظم الجرح واشتد الألم ستبقى أيها الصدر القائد والعلم، وستبقى قلعة التمهيد الحصينة، ونهج الاباء و اللامساومة، وسيبقى أبناؤك على العهد أوفياء ،ومشاريع التضحية والفداء وطلائع الجهاد والمقاومة.
السلام على السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر وعلى نجليه السيد مصطفى الصدر والسيد مؤمل الصدر(رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).





المصدر: http://jawabna.com/index.php/permalink/7545.html