شكّك علماء في دقة إعلان فيزيائيين أميركيين قبل أشهر رصد موجات تعود إلى نشوء الكون، في ما اعتُبر حينها تقدماً فيزيائياً كبيراً كونه يتوافق مع نظرية الانفجار الكوني الهائل.
ولو صح ما أعلنه هؤلاء، فإن تلك الموجات الأولى التي أشارت إليها نظرية الألماني ألبرت أينشتاين، كانت لتعد بمثابة الشاهد على التوسع السريع للكون في اللحظات الأولى من تكونه قبل 13 بليوناً و800 مليون عام، وهي الحقبة التي يطلق عليها العلماء اسم «التضخم الكوني».
وكان ذلك الاكتشاف ثمرة أعمال مراقبة حثيثة بواسطة التلسكوب «بايسيب 2» في القطب الجنوبي، لبقايا الأشعة الصادرة عن الانفجار الكوني الهائل (بيغ بانغ)، وهي تعزز الفرضية التي أطلقها عالم الفيزياء الأميركي آلن غوت عام 1979.
وقال أستاذ علم الفلك والفيزياء من معهد هارفرد سميثسونيان للفيزياء الفلكية جون كوفاك المشرف على فريق العمل، إن رصد هذه الموجات هو «أحد أهم الأهداف في علم الفلك اليوم، وهو ثمرة عمل كبير يشارك فيه عدد كبير من الباحثين».
ولتبسيط طريقة رصد هذه الموجات العائدة إلى 14 بليون سنة، أوضح العلماء أنها تولّد ضغطاً يؤدي إلى تكوين «بصمة» مميزة في عمق الكون يمكن رصدها.
لكن هذه الخلاصات باتت محل شك في صفوف كثير من العلماء وعلى مواقع ومدونات عملية ومجلات أميركية مثل «ساينس» و»نيو ساينتست».
وفي الرابع من حزيران (يونيو) الجاري، نـــشر بول شتينهادرد مدير مركز الفيزياء النظرية في جامعة برنستون تقريراً في مجلة «نيتشر» البريطانية شكك فيها بتلك الخلاصات، وأكّد أن فريق جامعة هارفرد وقع في أخطاء حسابية وتحليلية أدت إلى نتيجة مغلوطة.
ولفت إلى أنه لا يمكن التثبت من أن الإشعاعات التي رصدها فريق جامعة هارفرد بواسطة التلسكوب الجنوبي تعود فعلاً إلى اللحظات الأولى من عمر الكون. وقال: «أعتقد أنه من غير الممكن التثبت من انبعاثات الضوء تلك مصدرها الغبار الكوني لمجرّة درب التبانة، أو أنها تعود إلى فجر تاريخ الكون».
وأضاف: «نعلم أن الغبار الكوني يبث موجات مضيئة يمكن رصدها في اتجاهات مختلفة، وخصائص الموجات التي رصدوها تنطبق على الغبار الكوني كما تنطبق على الموجات الصادرة من نشوء الكون».
ورأى أن القول الفصل في هذا الموضوع قد يتبين الخريف المقبل عندما ينشر فريق علمي آخر يعكف حالياً على عمليات مراقبة جديدة مستعيناً بالتلسكوب الفضائي «بلانك» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، نتيجة أعماله. فهذا التلسكوب يجري مسحاً شاملاً للفضاء بخلاف التلسكوب الجنوبي الذي لم يحظَ سوى بما نسبته 2 في المئة من فضاء الأرض، وفقاً للفيزيائي ديفيد شبيرغل.
منقول