Saturday, december 10, 2011
في بحث جديد يقوم على آلية النشوء والتطور الطبيعية
لا دماغ «سوبر»... لأن لذكاء العقل البشري سقفاً يجب ألا يتعداه
الإنسان أفضل حالا بمحدودية ذكائه
مَن منا لا يتمنى لو كان أكثر ذكاء مرات ومرات؟ لكن ربما كانت هذه أمنية في غير محلها. فآخر البحوث العلمية يقول إن الطبيعة وضعت سقفا لا يتعداه العقل البشري رأفة بنا من مخاطر جمة ترتبط بالدماغ «السوبر».
تتعدد مساعي الإنسان إلى تحسين ذاكرته وقدرته على التركيز أو، بعبارة أخرى، مستوى ذكائه. بل إن ثمة عقاقير نلجأ إليها في هذا المسعى من ضمنها الكفائين الذي يذخر به فنجان من القهوة.ومع ذلك فقد يكون إخفاقنا في الوصول إلى نوع الذكاء الذي قد نقرأ عنه في قصص الخيال العلمي شيئا «مقصودا» حدث خلال عملية النشوء والتطور التي خضع لها العقل البشري.
ويقول بحث جديد الآن إن وجود «سقف» لذكائنا أشبه ما يكون بـ«عملية دفاعية» اقتضتها حقيقة أن هذه المحدودية وضع أفضل كثيرا بالنسبة لنا.ويمضي البحث ليقول إن أي عقاقير أو تكنولوجيا جديدة من شأنها رفع مستوى ذكائنا فجأة ربما كانت ذات ضرر علينا تجنّبه بأي ثمن.فقد جاء في ورقة نشرتها «رابطة العلوم السيكولوجية» الأميركية في العدد الأخير من جورنالها أن للذكاء البشري سقفا طبيعيا يمنع الإنسان من الارتفاع فوقه وإلا دخل في إشكالية خطيرة.
وأتى الباحثون بنتيجتهم هذه بعد دراسة لعملية النشوء والتطور الطبيعية التي مر بها والسبب الذي جعل ذكاءه على مستواه الحالي وليس على آخر أعلى منه.ونقلت «ديلي ميل» عن توماس هيلز، من جامعة واريك، الذي قاد فريق البحث مع رالف هيرتويغ، من جامعة بازيل، قوله: «العديد من الناس يسعون للحصول على عقارات من شأنها رفع مستوى تركيزهم وقواهم العقلية. وهذا يستدعي سؤلا منطقيا هو: لماذا نحتاج لمزيد من الذكاء في المقام الأول»؟
ويجيب على هذا السؤال بآخر هو: «لماذا لا يكون طول الإنسان ثمانية أقدام في المتوسط»؟ ثم يجيب: «لأن معظم القلوب لا تقوى على رفع الدم إلى هذا الطول ولهذا تجد معظم الناس دون ستة أقدام. هذه هي نتيجة النشوء والتطور والطبيعيين، وهي تنطبق أيضا على الذكاء».
ويشرح مكمن الخطورة في مزيد من الذكاء قائلا: «نعتقد أن حجم دماغ الطفل يصبح محدودا بحجم حوض والدته. فإذا كان الدماغ كبيرا، تعرّض الوليد لخطر الوفاة. وإذا كان للطبيعة أن تضع كبر الدماغ فوق بقية الاعتبارات، جعلت من الحوض نفسه كبيرا. لكن هذا يعني تغيير الطريقة التي تقف وتمشي بها المرأة... وهكذا دواليك».ويضيف هيلز قوله إن عقاقير مثل الامفيتامين قد تساعد أولئك الذين يعانون من العجز عن التركيز بشكل مَرَضي. لكن الشخص العادي الذي لا يشكو شيئا كهذا قد يصيب نتائج عكسية في حال لجأ إلى تلك العقاقير، فيصبح عاجزا هو أيضا عن التركيز على ما يجب أن يركز عليه.. مثل سائق سيارة يصرف انتباهه من الطريق تماما لأنه يركز على نشرة الأخبار المنبعثة من المذياع أو على التمعّن في ملصق إعلاني مثير على جانب الطريق.ويضرب مثالا على مضار الذكاء العالي التي تتضح بشكل خاص وسط أطفال اليهود الاشكيناز.فبينما يعتبر هؤلاء - لأسباب تتعلق بالنشوء والتطور وسط الأعراق - من بين الأذكى وسط الشعوب الأوروبية، فهم أيضا - ولهذا السبب نفسه - الأكثر عرضة لمرض Tay-Sachs «البله المميت» الذي يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي إلى فقدان السمع والبصر والضعف العضلي والعقلي.
ويختتم هذا العالم حديثه بالقول إن الطبيعة لم تضع سقفا لذكائنا اعتباطا وإنما لأسباب القصد الأول والأخير هو رفاهنا في الحياة، وإذا كان الدماغ «السوبر» هو الذي يناسبنا لمنحتنا إياه.