حين رحلتَ أصبحتُ أنا مدينةً خريفية يملؤها الضباب. دروبها الحزينة خالية من العشاق، بيوتها مهجورة، أبوابها مغلقة لم تُفتح منذ سنين. شبابيكها نسيت وجه الشمس.
كل الورود ذبُلت ، عرائش الياسمين يبست، فهذا السحاب الدائم لم يُمطر منذ عقود.
رياح الغربة تهب فتحمل الأوراق التعبة إلى كل مكان ، إلى كل زاويةٍ في وجداني وكأنها حنّت إليكَ- كما قلبي- وما ملَّت تبحث عنك حتى بعد موتها،
لم يعد للعصافير أعشاشٌ، جدرانها، أغصانها هرمت مثل تلك الوعود التي أعطيتني ،كنت أحبها كما أحببتُك. كانت تشفع لي جنوني وتعلقي بك.
أنا الآن جسدٌ بلا روح، موتٌ بلا رحمة ، ذنبٌ بلا غفران....أنا الآن حبة رملٍ ذرتها يداك لا تعرف لأي صحراءٍ تنتمي.
رحل كل شيءٍ بعدك، رحل الزمان والنسيان الشمس والقمر، البحر والمسافرون، الأمل والفرح
ولم يبقَ إلا كلمات عتابٍ لا معنى لها
لم يبقَ من ذكرانا
إلا ذلك المقعد المهجور
لم يبقَ هنا إلا أنا.......
ووجهك الساكن في كل مكان.