مرض الذئب الاحمر (يسمى علميا لوبوس ويختصر اس ال اي) هو مرض يتميز بالتهاب مزمن لانسجة الجسم تسبب به امراض الجهاز المناعي. وتظهر امراض الجهاز المناعي عندما تتم مهاجمة انسجة الجسم من قبل جهازه المناعي الخاص به
هذا الجهاز مصمم لمحاربة عوامل العدوى كالبكتيريا وذلك من خلال انتاج الاجسام المضادة. ينتج الاشخاص المصابون باللوبوس اجساما مضادة غير اعتيادية في الدم تستهدف انسجة الجسم وليس مسببات العدوى. ولأن الاجسام المضادة وخلايا الالتهاب المصاحبة لها يمكن ان تطال الانسجة في كل مكان من الجسم، فأن لوبوس يمتلك احتمالية التأثير على مختلف مناطق الجسم كالجلد والقلب والكلى والمفاصل والجهاز العصبي. وعندما يكون الجلد هو المنطقة المصابة فان المرض يسمى ديسكويد لوبوس، اما اذا كانت الاصابة في الاعضاء الداخلية للجسم فانه يطلق عليه سيستميك لوبوس ايريثيماتوسوس.
- أكثر شيوعا بين النساء
ومرض لوبوس اكثر شيوعا في النساء عنه في الرجال ويمكن ان يصيب مختلف الاعمار لكنه اكثر شيوعا في الاعمار التي تتراوح بين 20-45 عاما ويكثر في الاميركان من اصل افريقي والذين ينحدرون من اصل صيني او ياباني.
لا يعرف السبب الدقيق وراء انتاج الاجسام المضادة غير الطبيعية حيث يتوقع ان تلعب كل من الجينات الوراثية والفيروسات والوزن المفرط والعقاقير الطبية، دورا في ذلك. فالعوامل الجينية تزيد من الميل باتجاه ظهور الامراض الخاصة بالجهاز المناعي حيث تكون اكثر شيوعا في اوساط اقارب الاشخاص المصابين بها. ويتوقع بعض العلماء ان مرض لوبوس يمكن اثارته بسهولة من خلال العوامل الخارجية مثل الفيروسات والوزن الزائد او من خلال التعرض للشمس.
ومن المعروف ان بعض النساء المصابات بالمرض يعانين من تفاقم اعراض المرض قبل فترة الطمث. هذا الامر بالاضافة الى شيوع المرض عند الأناث تشير الى ان الهرمونات الانثوية تلعب دورا مهما في ظهور المرض.
مؤخرا اظهرت الابحاث وجود ادلةعلى ان فشل انزيمي رئيس في التخلص من الخلايا الميتة قد يكون عاملا مشاركا في تطور المرض. فالانزيم دي ان اي اس اي 1 الذي يزيل في العادة ما يطلق عليه” نفاية الدي ان اي” والمخلفات الخلوية الاخرى من خلال تفتيتها الى اجزاء صغيرة جدا للقضاء عليها. قام الباحثون بتعطيل هذا الانزيم لدى الفئران فظهرت على غالبية الفئران بعد ستة الى ثمانية اشهر، عوارض المرض.
اشارت التقارير الى ان العشرات من العقاقير الطبية تثير السي ال اي حيث ان 90 بالمئة من حالات اللوبوس المستحث بالعقاقير هي عوارض جانبية لواحد من ستة من العقاقير التالية: الهيدرالايزين المستخدم لمعالجة ضغط الدم المرتفع، غوينيدين و بروكاينمايد المستخدمان لمعالجة تسارع ضربات القلب، الفينيتوين المستخدم للصرع، اسونيازايد المستخدم لمعالجة السل و البينسيلاماين . ان عوارض المرض التي تستحثها هذه العقاقير ليست منتظمة حيث تمثل فقط نسبة 5 بالمئة من عددالمرضى المصابين بهذا المرض وغالبا ما تختفي عند التوقف عن استخدام تلك الادوية.
في الديسكويد لوبوس يتعرض الجلد فقط للاصابة وخصوصا في منطقة الوجه وقشرة الرأس حيث يكون احمر اللون وذا حواف مرتفعة. ويكون هذا الطفح غير مصحوب بألم ولا يستدعي الحك، لكن الندب التي يتسبب بها قد تؤدي الى فقدان دائم للشعر.
ويمكن ان تظهر انواع مختلفة من الاعراض عند المصابين بالمرض في الاحشاء الداخلية كالاعياء وحمى خفيفة وفقدان للشهية والم في العضلات وتقرح في الفم والانف والطفح الجلدي في منطقة الوجه وحساسية غير طبيعية لضوء الشمس والتهاب لبطانة ومحيط الرئة والقلب.والالتهاب الاكثر خطرا يظهر في الدماغ والكبد والكلية حيث يصاحبها تناقص في الخلايا الدموية البيضاء والعوامل المساعدة على تخثر الدم. وقد يؤدي العلاج الى خطر زيادة الالتهاب والنزيف.
- طفح الفراشة
وغالبية المرضى المصابين بالاس ال اي يظهر لديهم طفح جلدي عند منطقة جسر الانف يطلق عليه نتيجة لشكله” طفح الفراشة” . هذا الطفح والاعراض الاخرى يمكن ان تسوء نتيجة التعرض للشمس وهي ظاهرة تسمى الحساسية الضوئية التي قد تؤدي الى التهاب في كل الجسم يسمى ” انتشار” المرض.
ويظهر التهاب المفاصل عند اغلب المرضى خلال فترة اصابتهم. من اعراض ذلك التورم والالم والتصلب وحتى تشوه المفاصل الصغيرة في اليد والمعصم والقدم. ويؤدي التهاب العضلات نتيجة المرض الى ألم في العضلات وضعف فيها، اما التهاب الاوعية الدموية الى جروح في الاعصاب او البشرة او الاعضاء الداخلية. يتميز التهاب الاوعية الدموية بتضرر جدرانها ما يعيق تدوير الدم عبرها ما يسبب جروحاً في الانسجة التي تزودها تلك الاوعية بالدم. التهاب البطانة الداخلية للرئة والقلب يؤدي الى ألم حاد في الصدر يصاحبه سعال وضيق في التنفس بالاضافة الى تغيرات في حالة الجسم. نادرا ما تلتهب عضلة القلب بسبب المرض، لكن النسوة المصابات بالمرض كثيرا ما يتعرضن لنوبات قلبية مردها مرض الشريان التاجي. ويمكن ان يتسبب التهاب الكلية نتيجة للوبوس الى تسرب البروتينات الى البول واحتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم وحتى عجز في الكلية. اصابة الدماغ تتسبب بتغيرات في الشخصية من قبيل الاضطراب والنوبات العصبية والغيبوبة. ويمكن ان يتسبب تضرر العصب الى الخدر والوخز والضعف في اجزاء من الجسم.
يعاني الكثير من المرضى ايضا من تساقط الشعر وغالبا ما يكون ذلك مصاحبا لزيادة نشاط المرض، كما يتناقص امداد الدم الى اصابع اليد والقدم عند بعض المرضى المصابين في حالة التعرض للبرد ما يؤدي الى تبيض هذه المناطق وآلم فيها.
- معايير لتشخيص المرض
لا يوجد اختبار محدد لتشخيص مرض الذئب الاحمر، لكن الجمعية الاميركية للروماتيزم قد وضعت 11 معيارا للتشخيص. بعض المرضى المصابين قد لا تظهر لديهم ما يكفي من هذه المعايير للتشخيص، كما ان بعضهم يجمع ما يكفي من العوارض بعد اشهر او سنوات من الاصابة. وعندما تنطبق اربعة او اكثر من هذه المعايير فان السي ال اي يتم تشخيصه وفقا لهذه المعايير:
1. طفح ” الفراشة” في الوجه.
2. احمرار مرقع في البشرة يمكن ان يتسبب بالحكاك.
3. الحساسية للشمس يتمثل بطفح جلدي كرد فعل للتعرض لضوء الشمس.
4. تقرح بطانة الفم والانف والحنجرة.
5. التهاب المفاصل يتمثل بتورمين او اكثر واصابة المفاصل الرقيقية في الاطراف.
6. التهاب الانسجة المبطنة حول القلب والرئتين يرافقه آلم في الصدر يصاحب التنفس.
7. ضعف عمل الكلية من خلال ظهور كميات غير اعتيادية من البروتين في البول.
8. التهيج الدماغي المصحوب بنوبات عصبية وتغير في الشخصية.
9. تغير في تعداد الخلايا الدموية يتجسد بانخفاض اعداد الخلايا الدموية البيضاء والحمراء.
10. عدم انتظام في عمل الجهاز المناعي.
11. عدم انتظام في عمل الاجسام المضادة.
- العلاجات الممكنة
ليس هنالك من علاج دائمي للاس ال اي حيث ان هدف العلاج هو التخفيف من الاعراض وحماية اعضاء الجسم من خلال التقليل من الالتهاب او النشاط المناعي في الجسم.
ولا يحتاج بعض المصابين باصابة خفيفة الى علاج عدا جلسات علاج قصيرة بعقاقير مضادة للالتهاب، لكن الاصابات التي يصاحبها ضرر في الاعضاء الداخلية قد تتطلب جرعات عالية من عقاقير الكورتيكوستيراويد بمصاحبة عقاقير تقمع النظام المناعي للجسم.
ويحتاج المرضى الى المزيد من الراحة اثناء فترة المرض النشطة حيث يقول العلماء ان النوم غير الكافي هو عامل مهم في تفاقم الاعياء لدى المصابين. ويرى الباحثون ان التمارين الرياضية الموصوفة بحذر تبقى عاملا مهما في المحافظة على ايقاع عمل العضلات ومستوى الحركة في المفاصل.
من الجدير بالملاحظة ان اغلب المصابين باللوبوس يعيشون حياة كاملة وفاعلة وان فترات الزيادة في نشاط المرض عادة ما يتم السيطرة عليه بمختلف العقاقير.ويتوجب على المرضى تفادي التعرض للشمس وان الملابس التي تغطي الاطراف يمكن ان تكون عاملا مساعدا لذلك. والتوقف عن تعاطي العقاقير التي وبالاخص الكورتيكوستيراويد يمكن ان يتسبب في هيجان المرض.
ويجب الانتباه الى حمى غير متوقعة ومعالجتها لان الاشخاص الذين يستخدمون عقاقير الكورتيكوستيراويد يكونون عرضة للاصابة بالعدوى.ويوصى الباحثون بزيارات منتظمة للاطباء ومراقبة الاعراض ونشاط المرض ومعالجة عوارضه الجانبية.
وتعتبر النساء المصابات بالمرض واللواتي يصبحن حوامل عرضة لخطر شديد ما يتطلب مراقبة دقيقة لهن خلال فترة الحمل والوضع. فهولاء النسوة قد يتعرضن للاجهاض ويعانين من انتشارات للمرض خلال الحمل.واستخدام العقاقير المضادة للمرض قد يسبب الاجهاض.ويمكن ان تنتقل الاجسام المضادة المسببة لمرض اللوبوس من الأم الى الجنين ما يتسبب بظهور المرض لدى المولود الجديد.وتجدر الاشارة الى ان المصابين ايضا يتعرضون لخطر ظهور السرطان لديهم من قبيل سرطان الدم اللوكيميا وسرطان الثدي. ووجدت الابحاث التي اجريت مؤخرا ان النساء المصابات يتعرضن لخطر اكبر بالاصابة بامراض القلب مما يتوجب عليهن مراقبة ارتفاع الكليسترول في الدم والامتناع عن التدخين ومراقبة ارتفاع ضغط الدم والبدانة.