الدكتور حيدر العبادي بمنتهى الصراحة
هايدة العامري
باديء ذي بدء فأني أدعو الله أن يوفقك في منصبك الجديد الذي هو وفي هذا الظرف بالذات من أصعب المناصب ولان جميع العراقيين يأملون بالخلاص مما حصل لهم خلال الفترة الماضية وانا اعرف جيدا انك تقرأ مقالاتي وتتابعها جيدا ولذلك كتبت موجهة كلامي مباشرة لشخصكم ناصحة أمينة ليس تملقا لشخصكم ولكن كي ننتشل العراق من المستنقع الذي تم وضعنا فيه كشعب وبلد وانت اليوم بأستطاعتك ان تكون رئيس مجلس وزراء كما ورد الوصف الوظيفي لمنصبك في الدستور من الطراز الاول وتنجح على الاقل في تغيير مايمكن تغييره وانا واثقة انك تستطيع ان تنجح ان استثمرت الدعم الدولي الكبير لحكومتك واستثمرت التأييد الشعبي لكم خصوصا بعد موقفكم القوي والذي تلخص بأزاحة المالكي واتخاذكم موقفا سيسجله التاريخ لكم حين قبلتم بالترشيح في هذا الظرف الدقيق والصعب جدا .
هنا أقر انك استلمت تركة ثقيلة لان السيد المالكي لم يترك لكم دولة مؤسسات بل ترك لكم سلطة تعتمد على المال وعلى المؤسسة العسكرية والتي سخرها لهدف تعزيز سلطته الشخصية مستغلا الظرف الامني المعقد الذي نعيش فيه وتحول المجتمع الذي من المفروض ان يكون مجتمعا مدنيا الى مجتمع عسكري زادت في سلطة الجيش والشرطة والعسكر والاجهزة الخاصة والتي كانت كل يوم في أزدياد وتكاثر حتى تعودنا ان نسمع ان الجهاز الفلاني مرتبط بمكتب رئيس الوزراء وان الفوج او اللواء الفلاني مرتبط بمكتب القائد العام وان قوة خاصة جائت من بغداد لمحافظة بعيدة لاعتقال شخص معين وكانه لايوجد في تلك المحافظة اي اجهزة امنية او دائرة شرطة وتحول المواطن العادي الى أسير لدى السيطرات الكثيرة في شوارع بغداد وتعودنا على الوقوف في طوابير الانتظار لكي نمر من الجندي في السيطرة وهو يتكلم بجهاز الموبايل وصار الجميع يتحدث علانية حول الجهاز القضائي وتدخل السلطة التنفيذية في قراراته والمطلوب منك للنجاح السريع في مهمتك الصعبة القيام بما يلي :
من أول القرارات التي من الواجب أتخاذها هو عودة الهيئات المستقلة الى مجلس النواب ولانها مستقلة كما يصفها الدستور وهي تخضع لسلطة ممثلي الشعب لالسلطة مجلس الوزراء ولنعيد ثقة المواطن العراقي بشبكة الاعلام العراقي وتلفزيون العراقية الذي تم تسخيره بالكامل لحزب الدعوة ولائتلاف دولة القانون وهذا القرار سيكون من اول عوامل تعزيز الثقة بحكومتك الوليدة وكذلك فعليك المباشرة بعد التشاور مع الكتل السياسية المباشرة بدراسة أجراء مصالحة وطنية عامة وشاملة تشمل كافة أطياف الشعب العراقي في الداخل والخارج ولاتستثني احدا منهم وعملية المصالحة تشمل ماتشمل حزمة من القرارات التي قسم منها من صلاحية مجلس الوزراء وقسم منها من صلاحية مجلس النواب واهم مافيها هو قانون العفو العام واجراء تعديلات على قانون المسائلة والعدالة والغاء كافة اوامر حجز العقارات والاملاك لكل افراد الشعب العراقي بأستثناء من هو مدين للدولة العراقية او لمواطن عراقي والدعوة لقيام مؤتمر تأسيسي جديد مع مختلف الاطراف السياسية وخصوصا المعارضة للعملية السياسية ودعوتها للمشاركة في العملية السياسية بعد ان يتم أجراء بعض التعديلات الدستورية اللازمة والتي أكتشفنا جميعا اننا بحاجة اليها بعد ان لمسنا عقم بعض المواد الدستورية وعدم وضوحها وعدم ملائمتها للعراق ولكن قبل ذلك كله عليك القيام بتشكيل وزارة لاتحتوي على أناس عليهم شبهة فساد أو أسمائهم ملوثة بالمال الحكومي وانا بصراحة متناهية فرحت كثيرا بعد ان تناهى الى سمعي أنكم رفضتم توزير جمال الكربولي وأشقائه وكذلك محمد تميم وعشرات من الاسماء الاخرى من مختلف الطائفتين واعتمادك معيار النزاهة والكفاءة والخبرة الادارية الكبيرة ولاتنسى يادكتور حيدر العبادي انك جزء من التحالف الوطني وعليه فانك ملزم بالتشاور مع قيادات التحالف في القرارات المهمة ولااشك بان قيادات التحالف ستكون ضد اتخاذ اي قرار يعزز قوة الحكومة ويسهل أجراء المصالحة الوطنية والتي هي مفتاح لحل كافة مشاكلنا الداخلية الاقتصادية والامنية والسياسية وهذه المصالحة هي مصالحة حقيقية وليست مصالحة مؤتمرات مثل التي كان يقوم بعقدها عامر الخزاعي وتصرف عليها مئات الملايين من اجل جمع عدد من شيوخ العشائر المتملقين للسلطة ولشخص المالكي وقبل كل ذلك عليك الاقتناع بقرار مهم جدا وهو ان لاسلاح غير سلاح الدولة ولامليشيات ولاجماعات مسلحة تحمل السلاح لان من سيحمل السلاح لن يجد حاضنة تحميه وتدافع عنه وبذلك ستكون قد سحبت الحجة ممن يحمل السلاح وعليك ايضا ان تتعامل مع أبن الانبار كما تتعامل مع أبن البصرة وميسان ولاتفرق بين احد منهم طائفيا او سياسيا ولاتخطيء الخطأ الذي أرتكبه المالكي حين قرب أليه من كان يدعم سلطته الشخصية ونهجه السياسي والذي بسببه وصلنا الى ماوصلنا اليه وحاول يادكتور حيدر العبادي أيصال فكرة انك مسؤول ولكن لديك شركاء يتحملون المسئولية معك وهم التحالف الوطني وكذلك الاطراف المشكلة للحكومة .
الثقة ثم الثقة ثم الثقة هي يجب ان تكسبها من الشعب وعبر أجراءات وقرارات كثيرة ومنها رفع الظلم الذي لحق بالكثير من الاشخاص لانهم عارضوا نهج السيد المالكي وهولاء قائمتهم طويلة جدا أبتداء من السيد محمد توفيق علاوي والذي تعرف بنفسك كم هو وطني ونزيه وزاهد بحياته وكذلك القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة السابق والذي احيل للقضاء ظلما وعدوانا وانت تعلم علم اليقين السبب الحقيقي لاحالته ومئات الموظفين الذين هربوا خارج العراق لانهم عارضوا سياسة مكتب رئيس الوزراء وحاولوا أصلاح الوضع في دوائرهم الحكومية ولنسمي الاسماء بمسمياتها يجب تخليصنا من العلوية هيام في الاتصالات والحجية ذكرى في حقوق الانسان والعلوية فلانة في وزارة النفط والسيدة فلانة في المالية ومئات النماذج الشبيهة والتي أخذت اماكن لها في دوائر الدولة المختلفة بسبب قربها من احد الكبار في مكتب رئيس الوزراء او بسبب انها كانت تتملق للسيد رئيس الوزراء او لاحد النواب المقربين منه او للنواب الذين يطلق عليهم سنة المالكي والذين كانوا يبيعون منصب المدير العام بمبالغ خيالية .
دكتور حيدر العبادي الملفات الاقتصادية والمالية انت من أعرف الناس بها لكونك كنت رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس النواب وانا اعرف انك كنت غير مقتنع بالموازنات التي كانت الحكومة ترفعها لمجلس النواب وابواب الصرف فيها يشوبها الاخطاء والتأويلات وهناك ملفات مالية تخص ابناء الشعب وهي ملفات ظالمة مثل ملف مصرف الوركاء والذي هو عبارة عن فيلم هندي والذي لااجد له تفسيرا الا انه تم محاربة هذا المصرف لكون رئيس مجلس ادارته من الطائفة السنية علما ان القضاء قد أنصف المصرف وادارته ولكن القوى الكبيرة أوقفت تطبيق القانون فيه واعادة اموال المودعين فيه وفق قانون البنك المركزي ومواده الموجودة فيه وسأبقى أذكرك بملف مصرف الوركاء طيلة فترة ولايتك لاربع سنوات قادمة أن شاء الله .
وأما ملف السياسة الخارجية فهو ملف شائك ومعقد حيث ان العراق يرتبط بعلاقة سيئة مع أغلب محيطه العربي ولاتنسى ان مصر والسعودية هما مفتاح العلاقات العربية والدولتين كانتا يشكلان مع العراق القوة العسكرية والاقتصادية في الامة العربية التي لامجال للخروج منها لان العراق عربي ومسلم وهو سيعود يوما ليؤثر في محيطه العربي والاقليمي وتحسن العلاقة مع هذه الدول سيفتح لنا بابا من ابواب الامل للنهوض بالعراق من جديد .
وقبل ذلك كله يجب عليك أن لاتقع في الخطأ الذي وقع فيه السيد المالكي وهو المستشارين الكفوئين فطاقم المستشارين الذي كان يحيط بالسيد المالكي هو من اسباب الفشل الرئيسية فقد كان العراقيون يتسائلون ماهي فائدة ياسين مجيد وتعصبه الاعمى ومافائدة مريم الريس كمستشارة ومافائدة المستشار الحسيني وغيرهم من المستشارين الذين يكلفون الدولة مبالغ مالية ضخمة من رواتب وأيفادات وحمايات وسيارات وبيوت وغيرها من الامتيازات .
وأما الطامة الكبرى فهي الدوائر الامنية ووزارة الدفاع وهنا يجب القيام بحملة لازاحة الذين تم تعيينهم في دوائر المخابرات والامن والاستخبارات بدون كفاءة علمية وامنية ويجب احالة جميع الذين شملهم الامر رقم 91 الى التقاعد لانهم لن يقدموا شيئا لدوائرهم وهذا الموضوع يجب ان يكون تحت اشراف لجنة مختصة يتابع اعمالها السيد رئيس الوزراء بنفسه وتضم في عضوبتها نائب رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والاجهزة الامنية الاخرى .
وهناك موضوع حقوق الانسان الذي لم يلمس منه المواطن العراقي منه أي شيء بل ويتندر عليه المواطن العراقي بانه لاحقوق له ولااعرف مافائدة وزارة حقوق الانسان التي كانت تغطي جرائم التعذيب التي ترتكب يوميا في المعتقلات والسجون ومراكز التحقيق مستعملة الكهرباء والكيبل والكيس الاسود الذي يحرم المعتقل من الهواء والمضحك هنا ان الدولة لم تكتفي بوزارة حقوق الانسان بل شكلت مفوضية حقوق الانسان والتي أزداد في عهدها كم التجاوزات لحقوق الانسان فعليك اما ان تلغي جميع هذه المسميات والدوائر او تطبق سياسة حقوق الانسان كما جائت في الشرعة الدولية وقرارات الامم المتحدة والاهم في حقوق الانسان هو حق التظاهر والاعتصامات الذي حرم المواطن العراقي منه بمختلف الحجج واعتقد انك عشت طويلا في بريطانيا وتعرف كم هو مصان ومحترم حق التظاهر السلمي للمواطن .
وهناك الكثير الكثير من الملفات التي سوف تتعبك وانا اتوقع ان مهمتك ستكون صعبة جدا لانك ستجد من سيحاربك ويمنعك ويضع في طريقك المعرقلات والمطبات والحفر لكي لاتنجز شيئا مما ذكرته ولكنك تستطيع ان تحتمي بالشعب وعليك الظهور اسبوعيا في خطاب للشعب العراقي تبين فيه الانجازات والمصاعب والمشاكل التي تواجهك وعليك الذهاب كل اسبوعين أو كل شهر الى مجلس النواب وكشف كل من يمنعك وكل من يحاول ان يضع المعرقلات في طريقك حتى لوكان من حزبك ولواني اعتقد انك ستترك حزبك وستشكل تيارا سياسيا جديدا يلائم تطورات العصر لاننا نعيش في عام 2014 وليس في عام 1960 واعتقد انك تفهم المقصود من كلامي .
الدكتور حيدر العبادي عليك فتح باب الاستثمار على مصراعيه والبدء بتنفيذ خطة أقتصادية شاملة ومحاسبة كل من أخذ مشاريع ولم يكمل تنفيذها ولانه خارج نطاق المحاسبة فمشروع ماء الرصافة مضى عليه سبعة سنوات ولم ينجز لحد الان ولم تتم محاسبة الشركة لان صاحب المشروع هو عصام الاسدي وانت تعرف من هو عصام الاسدي ولماذا لم يحاسبه احد واما عبد الله عويز غهو حالة من الحالات التي لم أسمع بها في التاريخ وانا درست ملفاته ومشاريعه ووجدت حجم الفساد والترهل والبلاء الذي ابتلانا الله به وخصوصا مشاريع وزارة الشباب .
الدكتور حيدر العبادي لقد تعبت من الكتابة ولكن هناك الكثير الكثير من القضايا والملفات والتي لن تنتهي ولكنها تحتاج منك لعمل دؤوب وجهد 48 ساعة في اليوم وليس 24 ساعة وكل هذه الملفات مرتبطة ببعضها البعض ونتجتها النهائية هي التحسن السياسي والامني والاقتصادي للشعب العراقي وثق يادكتور حيدر العبادي انك ان عملت بهذا الزخم فان العراقيين شيعة وسنة سيخرجون لك بتظاهرات حقيقية تطالب بمنحك ولاية ثالثة ورابعة وليست تظاهرات كالتي تم اخراجها قبل اسبوعين مدفوعة الاجر والاهم هو عقد جلسات مجلس الوزراء مساء وليس اثناء الدوام الرسمي لان الاسبوع خمسة ايام ويضيع منها يوم الاجتماع لمجلس الوزراء وكذلك يضيع منها يوم لوزراء التحالف الكردستاني والوزراء الذين يسكنون في المحافظات والذين يغادرون يوم الاربعاء الى محافظاتهم وهذه حقيقة ان كنت لاتعلم .
وسأنتظر حالي كحال جميع العراقيين وندعمك وانا سادعمك بالكتابة والنصح والتقويم للاداء الحكومي ولكن ان رأيت انكم تعملون بنفس النهج الفاشل الذي حكم الدولة في السنوات الثماني الماضية فانا ساكون من المعارضين لكم وساكتب فيكم مالم اكتبه في السيد المالكي ولكنني كلي أمل بالله وبكم انكم ستنتشلون العراق من الهاوية التي هو على وشك السقوط فيها وحمى الله العراق والعراقيين .
المصدر
كتابات
رد مع اقتباس
