في الأفلام والمسلسلات يظهرون كرجال عصابات شديدي المراس، ولكن من هم حقاً مقاتلو "النينجا"؟ يجيب عن هذا السؤال المؤرخ وكاتب الرحلات البريطاني الشهير "جون مان" في كتابه الشهير (Ninja: 1,000 Years of the Shadow Warrior).
أذكى محاربي النينجا لا يرتدون الأسود
يعود تاريخ النينجا إلى القرون الوسطى، تحديداً القرن الـ16، حيث أسس كلاً من أهالي منطقة "إيغا" و"كوكا" مبدأ النينجا، والتدريبات القتالية المبهرة التي يتدربون عليها وضموا إليهم العديد من المرتزقة للوقوف في وجه أمراء الحرب في تلك الفترة، كما ساعدتهم طبيعة المنطقة من حيث الجبال والتلال ليبتعدوا عن سطوة أمراء الحرب، على الرغم من كون المنطقة تقع على بعد ساعات قليلة من مدينة "كيوتو" والتي تعتبر مدينة مركزية في اليابان، وقد بقيت النينجا وفنونها حركة خاصة بصفوة المقاتلين، إلى أن كتب بعض النينجا اللذين انفصلوا عن التكتل الرئيسي لهذا المجتمع ما بين ثلاثة إلى أربعة كتيبات ليشرحوا بها فنون النينجا للجميع، ولكن الحقيقة الأكثر غرابة هي أن النينجا الحقيقي لم يكن يرتدي الأسود، كما يعتقد أغلبنا، بل رداء من الأزرق الداكن، وكان أفضل النينجا هم من يرتدون الرداء الأزرق، كما أنهم تاريخياً لا يقاتلون كجماعات متماسكة، بل بشكل فردي.
النينجا هو الشخص الذي يبقى
بعد أن انتهت فترة تقاتل أمراء الحرب في ذلك الوقت، تحول من بقي من رجال النينجا إلى مجموعة من العملاء السريين، وجواسيس كذلك، في العصور الوسطى، وتعني كلمة "نينجا" باللغة اليابانية "الشخص الذي يبقى".
النينجا والساموراي لا يلتقيان
قد يعتقد البعض أن "النينجا" و"الساموراي" معنى واحد، ولكن العكس هو الصحيح، فمفاهيم الاثنين لا تلتقي في الغالب، فبينما يعيش "النينجا" حياة سرية وعمله ليلي ولا يفصح عن هويته، بل ويأتي غالباً من الطبقات الشعبية أو المتوسطة، نجد أن "الساموراي" مقاتل يعتمد على العلنية فهو يتحدى خصومه على الملأ، ويعلن عن نفسه بفخر، ويستنكر سرية القتال ويعتبر الإفصاح عنه شرف، كما أن أغلب "الساموراي" ينحدرون من عائلات كبيرة وأصول عريقة.
لتكون نينجا عليك أن تجلس أسفل الشلال
تختلف جماعات النينجا عن أي جماعات سرية في التاريخ والتي انطلقت أغلبها من عقيدة دينية جهادية مثل حركة "الحشاشين" أو فرسان المعبد في الحملات الصليبية، فالنينجا لم يكونوا في الأساس حركة دينية بل بدأوا كمقاتلين يسعون للحفاظ على قراهم وحمايتها من قتال أمراء الحرب، ورغم هذا فإن تدريبات النينجا تعتمد في الأساس على الجانب الروحي ويقوم بالتدريبات الأولية لتهيئة المقاتلين كهان لا رجال قتال، حيث يؤهلون المقاتل المحتمل، نفسياً وهو لا يزال طفلاً صغيراً، فتكون التدريبات بأن يسير مئات الأميال في ظروف جوية شديدة الصعوبة، وأن يجلس تحت الشلالات الجبلية ليال تتساقط فوقه المياه دون أن يغادر مقعده، وهذه التدريبات على التحمل والصبر تهيئ الطفل لأن يتلقى بعد ذلك تدريباته كمقاتل "نينجا" حقيقي.
عائلات كاملة تنضم لنينجا
فرد "النينجا" أيضاً مهتم بالحفاظ على مدينته، وعلى أرضه، وهكذا ينشئ جيل بعد جيل من الأبناء لديهم نفس الهدف في الحفاظ على الأرض وحماية الأسرة، فينشأ الطفل مثل أبيه ومثل عمه ومثل كافة أفراد أسرته، عضواً في مجموعة متكاملة من النينجا، ليحمل السر فرد بعد فرد في الأسرة ويصبح هذا نوعاً من الشرف تتوارثه الأجيال.
ربما كون النينجا جيشاً في يوم ما
لم تظهر أدلة قاطعة على تعاون النينجا سوياً مكونين جيوشاً، بل أغلبهم كان يعمل بشكل فردي صرف، ولكن لم يستبعد المؤرخون فكرة جيوش "النينجا" وربما جاء ذلك بسبب الآثار التي تشبه القلاع البدائية والتي مازالت حتى اليوم تعتبر من الآثار السياحية في اليابان، هذه القلاع هي سواتر ترابية ومناطق تدريب للـ "نينجا" وتحمل لمحات بأنهم ربما تعاونوا يوماً مكونين جيوشاً صغيرة.
جيمس بوند أكثر من ظلم النينجا وتسبب في شهرتهم كذلك
في القرن الـ19 بدأت الأساطير تتكون حول "النينجا" وتنتشر في آسيا، ثم انتقلت إلى الغرب، لتتكون صورة غير حقيقية عن مقاتلي "النينجا" الدمويين الذين يقاتلون في جماعات ويرتدون الأسود، ثم جاءت أفلام "جيمس بوند" على وجه التحديد لترسخ هذه الحقيقة خاصة فيلم You Only Live Twice، إلا أن الوثائق القديمة النادرة هي التي تحكي حقيقة "النينجا" وتكوينها، ويعتقد البعض أن بعض أفراد "النينجا" الأصليين يتخفون جيداً في مجتمعاتنا الحديثة ويخفون وثائق أصلية عن هذه الحقبة لم يرها أحد.
هيرو أونودا النينجا الأخير
ينفي تماماً الكاتب والمؤرخ "جون مان" أن "النينجا" كان لديهم أسلحة خاصة كما تعرض بعض المتاحف، ويؤكد أنها آلات زراعية معدلة لغرض القتال، وقد صنعت في اليابان في عصور ما بعد "النينجا". ويوضح أن آخر من يمكن اعتباره من مقاتلي "النينجا" هو الجاسوس الياباني في الحرب العالمية الثانية "هيرو أونودا" الذي اختفى في الفلبين لمدة 30 عاماً وكان صاحب مدرسة متخصصة في التجسس أثناء الحرب، وقد درب الكثيرين وخرجهم من مدرسته هذه التي كانت تعلم تلاميذها كراهية الغرب وكيفية تقليده والتجسس عليه ظاهرياً، ويمكن اعتبار الرجل بسبب الفنون التي كان يدرسها هو "النينجا الأخير".