عندما كانت ظاهرة التغير والحركة ، ظاهرة ملموسة ، ودائمة ومستمرة دون توقف ؛ فنجدها قد أخذت مكان الصدارة من التفكير البشري ، وذلك منذ فجر الحضارات الإنسانية بصفة عامة وحتى يومنا هذا ، وعلى الرغم من هذا الاهتمام المبكر والمستمر من قبل المفكرين، فإن مفهوم التغير قد عولج من قبل أولئك المفكرين من منظورات وتصورات مختلفة ، وذلك تبعاً للاتجاهات الفكرية ولأيديولوجيات السائدة في كل مجتمع ، وفي كل عصر من العصور . وما يجمع عليه المفكرون هو أن التغير الاجتماعي ظاهرة اجتماعية(Social phenomenon) ، وحقيقة لا تقبل الشك ، فالمجتمع بطبيعته متغير , فهو يأخذ من الجيل السابق جوانب ثقافية ويضيف عليها تمشياً مع واقعه الاجتماعي ومتطلباته المستجدة .

وتعتبر ظاهرة التغير في الوقت الماثل من أهم المسائل التي تشغل الفكر الاجتماعي الحديث , وخاصة بعد الحربين العالميتين , فقد أخذت الجهود تتجه نحو التغيير المخطط من أجل إحداث تنمية حقيقية هادفة ، وهكذا فلم يعد حدوث التغير يسير تلقائياً دون توجيه واع , وإنما يتم وفق خطة مدروسة ، فهو إذا تغيير مقصود وإرادي وأصبحت المجتمعات في العصر الحاضر تستحدث المناهج والوسائل من أجل توجيه عملية التغير نحو إحداث وتحقيق التنمية بوجه عام ، وهذا يستدعي تحديد مفهومه تحديداً موضوعياً دقيقاً ، ومعرفة آلياته وأنماطه واتجاهاته وعوامله وموجهاته وعوائقـه ، إلى غير ذلك من الجوانب التي من شأنها تعميق الفهم اللازم لهذه الظاهرة الهامة

والتغير يشير إلى الاختلاف الكمي أو الكيفي ما بين الحالة الجديدة والحالة القديمة أو اختلاف الشيء عما كان عليه ، في خلال فترة محددة من الزمن . وعندما تضاف كلمة الاجتماعي يصبح " التغير الاجتماعي Social Change " هو : التغير الذي يحدث داخل المجتمع أو التحول الذي يطرأ على أي من جوانب المجتمع خلال فترة زمنية محددة . إلا أنه ليست كل التغيرات التي تطرأ على المجتمع هي تغيرات اجتماعية ، فهناك تغيرات عديدة في المجتمع في جانبي الثقافة : المادي والمعنـوي . وهناك اختلاف في أنماط العلاقات بين الأفراد والجماعات ، واختلاف في الوظائف والأدوار الاجتماعية وفي الأنظمة والقيم والعادات والتقاليد وفي الأدوات المستخدمة والخبرات ..