يتم تصنيف الحراك الاجتماعي ومبدأ تكافؤ الفرص كاثنين من أبرز آليات تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في أي مجتمع ما، الذي لا يتحقق إلا بآليات ينشئها المجتمع بعدما يسأم الاستبداد وسوء توزيع الدخل والفقر والفساد.


ويدور مفهوم العدالة الاجتماعية حول المساواة في عضوية المجتمع المدنيّ والدّولة السياسية، وتعزيز حقوق الشعوب، وإزالة الحواجز التي تواجهها. فهو يعني إعطاء كل فرد ما يستحقه وتوزيع المنافع المادية في المجتمع، و توفير متساوي للاحتياجات الأساسية. كما أنها تعني المساواة في الفرص؛ أي أن كل فرد لديه الفرصة في الصعود الاجتماعي.


أما الحراك الاجتماعي، فهو يشير حسب "بتريم سوركين"، إلى: "انتقال الفرد أو الجماعة مِنْ طبقةٍ أو مستوى اجتماعي اقتصادي مُعَيَّن إلى طبقة أخرى أو مستوى اجتماعي اقتصادي آخر؛ بحيث يرتبط بهذا الانتقال تغيُّر في مستوى وظيفة ودخل الفَرْد، وقد يكون هذا الانتقال إلى أعلى أو إلى أسفل". كما يطلق على كل نزوع يسعى إلى الاهتمام بالحاضر وتعقُّله في مواجهة الماضي، في هرم التدرج الاجتماعي. وطالما تردد على أذهاننا ارتباطه الوثيق بالحداثة والعقلانية والتغير والانتقال من الفكر التقليدي إلى الوعي الحديث، الذي بدوره يولّد صراعا محتدمًا بين أنصار الحداثة والتنوير وأنصار الأصالة الذاتية والخصوصية الحضارية في أي مجال من المجالات،‏ حيث يتطلب نوعًا من الوعي التاريخي باختلاف المرحلة الحالية عن سابقتها، أو كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي "رولان بارت":‏ "الانفصال عن الذي لم يعد ممكنًا‏".


وهناك ثمة توافق كبير بين مفهوم الحداثة والحراك الاجتماعي؛ حيث نستطيع اعتبار الحراك الاجتماعي هو الذي يجعل التحديث واقعا، وقد يأخذنا التفسير الماركسي للحداثة، إلى التقريب الشديد بينها وبين معنى الحراك الاجتماعي، الذي يمثل مقاربة منهجية متماسكة لتفسير هذه الظاهرة، ويقوم على أن العامل الأساسي في التغيير الاجتماعي أو التحديث ليس أفكار الفلاسفة والمفكرين ولا رغبات القادة السياسيين‏،‏ وإنما تبلور القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في التحديث‏.‏


وتعد ثورة الخامس والعشرين من يناير - التي فاجأ بها الشعب المصري العالم بخروجه عن الصمت طالبا العدالة الاجتماعية - تصورا تطبيقيا لمفهوم الحراك الاجتماعي الجديد والمتصاعد داخل المجتمع المصري، الذي أزاح أجواء خانقة وبائسة كانت توصد الأبواب أمام التعبير والتغيير. حيث استطاعت المجموعات الشبابية الثورية أن تنقل أنشطتها التكنولوجية "الافتراضية" التي تستخدم أحدث أدوات التواصل الاجتماعي الإلكتروني، إلى ثورة واقعية أسقطت نظام مبارك في غضون 18 يوما، حتى أضحت ثورة 25 يناير هي أكبر ثورة شعبية في عصر ما بعد الإنترنت والفضائيات.


وتعد الثورات عاملا فعالا في الحراك الاجتماعي، لأنها تضع نظامًا سياسيًّا محل غيره، وتأتي بأناس كانوا من الدرجة الثانية أو الثالثة وتضعهم على رؤوس الأمم، فيصبحوا من قادتها وزعمائها، كما تعمل الحروب والانتفاضات الاجتماعية على سرعة الحراك، حيث تساعد هذه العوامل على ظهور قيادات وطنية جديدة لتحل محل القيادات التقليدية القديمة، وما يرتبط بذلك من حدوث حراك اجتماعي، كما هو مشاهد في مجالس قيادات الثورات التي حدثت في غالبية دول العالم الثالث.


وقد وضع "لويد وارنر"- أستاذ علم الاجتماع بجامعة شيكاغو- مقياسًا للحراك الاجتماعي يحتوي على ستِّ خصائص؛ وهي: الثَّروة، والدَّخل، والمِهْنة، والتَّعليم، ونوع السَّكَن، ومصدر الدَّخْل، وهناك مَيْل لدى بعضِ دارسي "الحِرَاك الاجتماعي" إلى اعتبار المهنة وحدها دليلاً كافيًا للمُستوى الاجتماعي الاقتصادي، ومَحَكًّا للحِرَاك الاجتماعي؛ بل إنَّ الكثيرَ منهم أصبحوا يستخدمون الحِرَاك المهني والحراك الاجتماعي بنفس المعنى.