التداعي
التداعي association استجابة الفرد لمثير ما بإعطاء أول كلمة أو صورة أو مدرك يخطر في باله. وهو أسلوب من أساليب العلاج النفسي التحليلي يستخدم للكشف عن مكنونات اللاشعور. كما أنه من أساليب الإضفائية projective methodsالمستخدمة عيادياً في تشخيص الاضطرابات النفسية.
أساليب التداعي
يرجع تاريخ استخدام هذه الأساليب إلى غالتون Galtone كوسيلة لدراسة العمليات العقلية سنة 1879 و1883. كما استخدمه بعض علماء النفس التجريبي مثل كاتل Cattel وبراينت Bryant سنة 1889.
طبق يونج Jung هذه الأساليب في المجال العيادي عام 1906 في دراسة العقد ومجالات الاضطراب الانفعالي وقد سبقه كريبلين Kreplin في ذلك، واستخدمه في دراسة طبيعة السلوك الشاذ قبل ذلك.
وتنتمي عادة إلى هذه الأساليب اختبارات تداعي الأشكال كاختبار الرورشاخ Rorchach واختبارات تداعي الكلمات كاختبار يونج واختبار كينت وروزانوف Kent and Rosanoff. وفي كلا النوعين من الاختبارات يكون هناك مثير ما ـ إما كلمة أو شكل غير محدد ـ يستجر استجابة ما من الفرد ويتم تحليلها على أبعاد محددة. ويتم عادة التحقق من استجابة المفحوص بأن يطبق الاختبار مرة ثانية ويطلب إليه تذكر استجاباته الأصلية ليستدل من ذلك على مؤشرات تشخيصية استناداً إلى التغيرات في الإجابة.
وتستند أساليب التداعي إلى الافتراض أن الاستجابة المعينة للمفحوص في أثناء التداعي ليست أمراً عشوائياً أو عفوياً. بل هي أثر من آثار العملية التي أدت إليها والتي تعبر عن توافق الفرد أو سوء توافقه.
ولابد من الإشارة إلى وجود نظرتين مختلفتين في تفسير حدوث الاستجابة: النظرة الترابطية القديمة التي تذهب إلى القول إنه إذا ارتبطت فكرتان فإن ظهور إحداهما يستدعي ظهور الأخرى بطريقة آلية. وإن عمل الذاكرة هنا يتحدد بقوة الارتباط وظهور العناصر الفعلية معاً في الشعور. أما النظرة الثانية فقد ارتبطت بما كشفته مدرسة التحليل النفسي من عمل الذاكرة وترى أن الأفكار التي يتذكرها الفرد إنما ترتبط بانفعالاته واتجاهاته وعواطفه، ومن ثم فعملية التداعي أو التذكر ليست عملية آلية بل عملية تحددها الحالات النفسية الداخلية للفرد.
تحدث خلال زمن الرجع ـ المدة الزمنية الفاصلة بين عرض المنبه وإعطاء الاستجابةـ عملية فكرية معقدة ـ غالباً ماتكون لاشعورية ـ يستعرض فيها المفحوص الاستجابة جميعها والتي تمثل ذكريات محددة عن خبرات الماضي وتكون في ساحة ما قبل الشعور، إذ تثار جميعها تلقائياً عن طريق المثير المعروض.
تعد جميع هذه الاستجابات لازمة لاختيار الاستجابة التي يظهرها المفحوص والتي غالباً ماتكون المسيطر عليها شعورياً أقل من غيرها. إذ يحدث خلال هذه العملية الفكرية نوع من التنظيم الإدراكي للذكريات في أثناء البحث عن الاستجابة المناسبة من الأحداث التي خبرها الفرد في الماضي.
خصائص الشكل والمحتوى في استجابات التداعي
ينظر إلى هذه الخصائص كنوع من اضطرابات التداعي التي تعتمد بصورة رئيسية في عملية تشخيص الاضطرابات النفسية. وهي تدور حول:
1ـ زمن الرجع: إذ تشير طول هذا الزمن إلى نوع من المقاومة والكف في إظهار استجابة معينة لدى المفحوص. وتبدو سيطرة الأنا واضحة في ذلك.
2 ـ خصائص الشكل: وينظر إليها من نقطتين: أ ـ قرب الاستجابة من الكلمة المثير أو التصاقها به. ب ـ بعد الاستجابة عن الكلمة المثير إلى حد التطرف.
3ـ خصائص المحتوى: وينظر إليها من ناحيتين: أ ـ من ناحية المثير: حيث يمكن للمفحوص ألا يكون عارفاً بالكلمة أو أنه أخطأ في فهمها وإدراكها فيعطي استجابة تبدو غير مناسبة أو متلائمة مع المثير. ومع ذلك يبقى لها دلالتها التشخيصية. ب ـ من ناحية الاستجابة، إذ تُحلل الاستجابة من حيث الكلمات المستخدمة ومعانيها ودلالاتها وارتباطها بالحالات النفسية التي يعيشها الفرد أو عاشها، وعلاقتها بمكنونات اللاشعور.