"عملاء المخابرات الأميركية والفرنسية يفضحون بعضهم"....ليبانون تاور...."هكذا تم اغتيال رفيق الحريري" -
الكاتب - "ليبانون تاورز"
في برنامج “مع الحدث”، الذي بثته قناة "المنار" مساء اليوم الجمعة الماضي،عرض النائب والوزير اللبناني السابق "وئام وهاب" كتابا بعنوان (النفاق الأميركي)لمؤلفه "الدكتور عمران أدهم"،مشيرا إلى أنه حصل على نسخة من الكتاب من أدهم نفسه عبر التراسل الخاص معه،بالنظر لأن الكتاب لن يوزع في الأسواق قبل أسبوع من الآن، حيث جرت طباعة نصف مليون نسخة منه في فرنسا. وقد قرأ وهاب مقاطع من الكتاب تتعلق بملابسات اغتيال رفيق الحريري من قبل (إسرائيل)، وبمعرفة الولايات المتحدة، بوساطة صاروخ صغير مشحون باليورانيوم المنضب، بينما استخدمت السيارة المفخخة التي فجرت بالتزامن مع مرور موكب الحريري لغرض التضليل وحسب.كان لافتا أن وهاب تجنب التعريف بشخصية “عمران عبد الرزاق أدهم”، وهذا اسمه الكامل، سوى القول إنه “رجل أعمال كبير من أصل عربي يعيش في الولايات المتحدة دون أن يذكر أية معلومات أخرى بشأنه! ذلك رغم أن تسعة أعشار من كانوا يسمعونه، وربما كلهم تقريبا، كما أستطيع الجزم، لا يعرفون هذا الرجل ولم يسمعوا به من قبل. بل أستطيع الجزم أنه من ما حرف موجود عنه على شبكة الإنترنت إلا الذي كتبته أنا شخصيا منذ سنوات طويلة، قبل 14 عاما، ثم في العام 2008 وما بعد، بسبب ارتباط اسمه بوقائع ومناسبات ذات صلة كنت أتابعها.
عمران أدهم ، رجل أعمال سوري الأصل يعيش في الخارج (لاسيما في فرنسا والولايات المتحدة) منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، وهو حصل لاحقا على الجنسيتين الفرنسية والأمريكية، وأصبح منذ حوالي 30 عاما أحد أكبر تجار السلاح في العالم، وأحد أكبر عملاء وكالة المخابرات المركزية الأميركية والمخابرات الفرنسية، فضلا عن علاقته الوثيقة بإسرائيل ، قبل ذلك وبعده. وكان لعب أواسط الثمانينيات الماضية دورا سريا بطلب من المخابرات الفرنسية والرئيس فرانسوا ميتيران لإطلاق سراح الرهائن الفرنسيين في لبنان، حيث كانت تتهم مجموعات تابعة لإيران بالوقوف وراء اختطافهم. وقد حصلت إيران ، جراء وساطته، على أسلحة أميركية وفرنسية( لاسيما صواريخ مضادة للدبابات والسفن البحرية من طراز “إكزوسيتEXOLET ” التي جرى بيعها ـ صوريا وعلى الورق فقط ـ إلى دولة في أمريكا الجنوبية، بينما جرى نقلها عمليا إلى إيران).
أن مشغّل "عمران أدهم" لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية هو المدعو” ديفيد وين David Wayne”. وهو كان إلى حين تقاعده قبل بضعة أشهر أحد أبرز ضباط وكالة المخابرات المركزية من الصف أو النسق الثاني، أي الضباط الذين يشرفون على التنفيذ الميداني لمخططات وكالة المخابرات المركزية كالاغتيالات وتوريد الأسلحة للعصابات السرية وتنفيذ الانقلابات وصناعة الثورات (الربيعية) و(الملونة)، وما إلى ذلك من أعمال إجرامية دولية ليس لدى الوكالة ما تفخر به سواها!!!!
من هنا، أي من الموقع الاستخباري والمافيوزي الذي شغله ويشغله "عمران أدهم" منذ حوالي أربعين عاما، ومن معرفته بكبار صانعي القرار في الغرب وفي الشرق الأوسط، تأتي أهمية كتابه بشأن اغتيال الحريري، وقضيا ذات صلة بالإجرام الأمريكي في المنطقة.
ما هو أهم من ذلك هو أن الكتاب يعتمد على شهادات مسلجة بالصوت لكل من "ديفيد وين"، المذكور أعلاه، ولشخص أكثر شهرة يدعى "جون بيركنز" صاحب كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي مأجور" الذي صدر في العام 2004. وكان "جون بيركنز" يتعاون مع “وكالة الأمن القومي الأميركية” في عملية تنفيذ "اغتيالات اقتصادية" عبر العالم لصالح وكالةالأمن القومي المريكي"..
وتقوم هذه الاغتيالات على فكرة توريط بلدان معينة بالديون حتى الاختناق، من خلال الاعتماد على عملاء مثل رفيق الحريري وفؤاد السنيورة والجاسوس الأمريكي عبد الله الدردري، ثم تصفيتهم لاحقا. ويسرد "جون بيكنز" في كتابه تجربته الإجرامية عبر العالم، فضلا عن تجربة زملاء سابقين له ، اعتمادا على وثائق الأمن القومي الأمريكية، والتي تطال طيفا واسعا من العمليات، بدءا من تصفية رئيس الوزراء الإيراني “محمد مصدق” في خمسينيات القرن الماضي، وصولا إلى تصفية زعماء ورجال أعمال في أمريكا اللاتينية، مرورا باغتيال الملك السعود فيصل بن عبد العزيز!.
وطبقا لشهادتي "ديفيد أوين" و"جون بيركنز"، فإن القرار باغتيال رفيق الحريري اتخذه آرييل شارون شخصيا في العام 2004 خلال فترة رئاسته للحكومة (الإسرائيلية), وكانت عملية الاغتيال مخططة من قبل “الموساد” لتنفذ وفق أحد اثنين من السيناريوهات، أولهما في إحدى الدول الأوربية، والثاني في إحدى الدول العربية. إلا أن شارون حسم الأمر وقرر تنفيذ العملية داخل بيروت.
_
وطبقا لإفادتي الرجلين، فإن اللجنة الأمنية السياسة (الإسرائيلية) التي أعدت تقريرا حول “خطر الحريري” على إسرائيل، رأت أن “خطره” يكمن في مجالين: أولهما المجال الاقتصادي المرتبط بالنفط والغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، التي كانت إسرائيل أعدت دراسات جدوى بشأنها منذ وقت مبكر. وقد تضمن التقرير معطيات تفيد بأن تمكن لبنان من وضع يده على حقول النفط والغاز الواقعة ما بين لبنان وقبرص سيمكن هذا الأخير من منافسة (إسرائيل) والتسبب لها بأذى بالغ، لاسيما في ظل وجود رئيس حكومة مثل الحريري يتمتع بعلاقات واسعة مع الغرب، لاسيما فرنسا.
_
وما لا يذكره الكتاب في هذا السياق هو أن لبنان كان منذ العام 2000على علم، من خلال جهات فرنسية سياسية وعلمية، بأن مياهه الإقليمية والاقتصادية تحتوي على كميات هائلة من النفط والغاز. ومن المعلوم أن لبنان، ورغم قيام (إسرائيل) باستثمار حقولها الغازية البحرية عمليا، لا يزال “ممنوعا”عليه القيام بالمثل،بسبب “الفيتو” السعودي الذي يضعه النظام الصهيوني في السعودية على الحكومة اللبنانية بطلب من من (إسرائيل) والولايات المتحدة وفرنسا، حيث لا يستطيع أي رئيس وزراء لبناني الخروج على طاعة السعودية ،على اعتبار أن العرف السائد في لبنان هو أن”رئيس الحكومة مسلم سني يجري تعيينه من قبل السعودية”!.
السبب الثاني الذي دفع شارون لاتخاذ قرار بتصفية الحريري،وفق إفادتي “ديفيد وين” و”جون بيركينز”، هو علاقته العضوية بحزب الله وأمينه العام ,فقد رأى شارون أن الحريري يقدم غطاء سياسيا لمنظمة “إرهابية” في المحافل الدولية، واستطاع أن يقنع العديد من صانعي القرار في الغرب بأن حزب الله “هو حركة تحرر وطني وليس منظمة إرهابية”.
(الإسرائيليون)،وطبقا للإفادتين،عمدوا إلى إبلاغ "كوندوليزا رايس"،مستشارة الأمن القومي الأميركي في حينه، بقرارهم ومن خلالها الرئيس الأميركي "جورج بوش" وقد سارع "بوش" إلى استشارة أبيه،الرئيس السابق،حول ما إذا كان مناسبا تورط الولايات المتحدة بعملية من هذا النوع. لكن رأي "بوش الأب" كان سلبيا،بالنظر لما يمكن أن تخلفه العملية من تداعيات على العلاقات مع فرنسا / شيراك ومع السعودية،فضلا عن تداعياتها الأمنية.
وبناء على ذلك قرر "بوش الأب" عدم التورط في الجريمة.لكن "رايس" تمكنت لاحقا من انتزاع موافقة الرئيس على ذلك، بعد أن شرحت له عوائدها السياسية الكبيرة،لاسيما بعد أن يجري إلصاقها بحزب الله وسوريا وإقناع الرئيس "جاك شيراك" والسعودية بهذا “الإخراج”،والتي ليس أقلها اتهام الشيعة بقتل رئيس حكومة سني،وهو ما سيفجر الصراع بين الطائفتين،ويؤدي إلى ضعضعة مكانة حزب الله والنظام السوري،وانسحاب هذا الأخير من لبنان تحت ضغط الشارع .
_
حين جرى الاتفاق بين (الإسرائيليين) والأمريكيين على السيناريو، طلبت (إسرائيل) من الولايات المتحدة خدمة تقنية، وهي تعطيل أجهزة التنصت والمراقبة الأجنبية في منطقة الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، للحيلولة دون اكتشاف أمر الطائرة الإسرائيلية من دون طيار التي ستقوم بالعملية.
تصل الإفادتان في النهاية إلى أن عملية الاغتيال نفذت من خلال طائرة بدون طيار أطلقت قذيفة واحدة صغيرة مشحونة باليورانيوم المنضب على سيارة الحريري ، بينما جرى تفجير سيارة شاحنة “ميتسوبيشي” في الموكب في اللحظة نفسها من أجل التضليل ,,,, هذا بينما كانت طائرة أواكس أميركية تحلق في المنطقة وتقوم بتعطيل أجهزة التنصت الأجنبية , ومن المعلوم أن الأمين العام لحزب الله كان أول من كشف في متؤتمره الصحفي "التقني"الشهير حول القضيةبشهر آب 2010. وقد عرض فيه شريطا خاصا يؤكد أن طائرة (إسرائيلية) بدون طيار كانت تراقب مسار موكب الحريري قبل اغتياله.
ما يسرده الكتاب، المرتقب صدوره الأسبوع القادم، يتضمن تفاصيل كثيرة حول القضية، سياسية وأمنية وتقنية. إلا أن ما تقدم يشكل زبدتها. والواقع ، وبحكم تعاوني مع “لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري” و “مكتب المدعي العام في المحكمة” التي ورثت عمل اللجنة، لمدة ثلاث سنوات تقريبا(2007 ـ 2010)، يجعلني أصدق هذا السيناريو. فالأسرار التي تحصلت عليها خلال عملي، سواء بشكل شرعي أو بشكل “غير شرعي” و”بطرق ملتوية”، وهو ما دفعني صيف العام 2010 إلى مغادرتها بعد أن ثبت لي أنها مجرد “ائتلاف عصابات مخابرات دولية”، بما فيها الاستخبارات (الإسرائيلية)، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن (إسرائيل) هي التي قامت بالعملية، بالاشتراك مع مأجورين على الأرض، لاسيما "العميد وسام الحسن"، الذي جرت تصفيته لاحقا بهدف إغلاق “الثغرات الأمنية” في الجريمة. فقد علمت أن جميع الكاميرات التي كانت مثبتة على أحد البنوك في المنطقة، جرى إخفاؤها من قبل مدير الأمن الداخلي “أشرف ريفي” و شريكه “وسام الحسن”.
كما أن “لجنة التحقيق الدولية” ، وحين انتهى عملها في لبنان، عمدت إلى نقل جميع ملفات عملها المتراكمة على مدى أربع سنوات، وهي صناديق تزن مئات الكيلوغرامات من الأوراق والتسجيلات، إلى “لاهاي” في هولندا، ليس عبر مطار بيروت كما يفترض، ولكن برا إلى (إسرائيل)، ومن هناك عبر مطار بن غوريون إلى أمستردام. وهناك “بوليصة شحن” تؤكد ذلك، فهي عبارة عن الرسوم المالية المستحقة على “لجنة التحقيق” لصالح وزارة المالية (الإسرائيلية) في القدس!.
هذا فضلا عن قضايا وتفاصيل أخرى لا أتجرأ على البوح بها الأن، إما لسبب “قانوني”، حيث أقسمت على الاحتفاظ بسرية ما أعرفه خلال عملي، وبالتالي ملاحقتي قضائيا في حال إفشائه( والآن يلاحقون “الأخبار” و”الجديد” لمجرد تشر تقارير عن المحكمة)، أو لأسباب أمنية بحتة. فأنا لا زلت بحاجة لرأسي، ولست مستعدا للاستغناء عنه!.
1ـ كشف لي سمير قصير في أيار من العام 2005، في رسالة بالبريد الإلكتروني أن جميع الشعارات والملصقات التي رفعتها مظاهرات “14 آذار” عقب اغتيال الحريري، ضد النظام السوري وضباط الأمن اللبنانيين الأربعة، جرى تصميمها من قبل شركة تعمل مع وكالة المخابرات الأميركية. وقد جرى تكليف هذه الشركة بذلك من قبل السفارة الأميركية في بيروت!
2 ـ ما تجب إضافته من معلومات خاصة حول عمران أدهم أنه ملاحق قضائيا في لبنان، ومحكوم بالسجن غيابيا منذ العام 2010، على خلفية إدانته بعملية مافيوزية كبرى تهدف إلى حصوله على مبلغ 50 مليون فرنسي من “بنك المشرق” العام 1988، بالاشتراك مع مدير البنك “روجيه تمرز”. ومن المعلوم ، والأرجح غير معلوم، أن تمرز ينحدر من عائلة لبنانية “متمورنة”، أي أصبحت مارونية بالانتساب. إذ إنها عائلة يهودية الأصل جاءت إلى لبنان من فلسطين المحتلة عبر المغرب ومصر. وكان روجيه تمرز، وهو مافيوزي دولي كبير، أحد أبرز أصدقاء عبد الحليم خدام. لكن هذا لم يشفع له، إذ أقدم خدام على اختطافه( من خلال إيلي حبيقة) بهدف الفدية وتشليحه أمواله, وقد روى لي منفذ العملية ( روبير حاتم الملقب "كوبر" ـ المسؤول الأمني السابق في القوات اللبنانية) تفاصيل العملية في المقابلة التي أجريتها معه.