حرق خيام الحسين عليه السلام
لقد تجلى الظلم بأبشع صورة له يوم عاشوراء ، فالإمام الحسين عليه السلام لم يكن يقاتل أناس بل كان يقاتل مجموعة من الوحوش التي سحقت منها الضمائر الإنسانية ونزعت من قلوبهم أبسط معاني الرحمة والإيمان ، فلم يكفهم ما فعلوا بالإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه من قتل وسلب ، حتى أغار هؤلاء الوحوش على مخيم الإمام الحسين لسلبهم ، وترويعهم وإرهابهم ، وجلدهم بالسياط ، وحرق خيامهم بالنار .
وأوعزت القيادة العامة إلى الجند بحرق خيام آل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فحملوا أقبسة من النار وهم ينادون: احرقوا بيوت الظالمين - سيرة أعلام النبلاء 204:3.
قال الراوي : ثم أخرجوا النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار ، فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة .
وحينما التهبت النار في خيم آل النبيّ فررن بنات الرسالة وعقائل الوحي من خباء إلى خباء، أمّا اليتامى فقد علا صراخهم وتعلّق بعضهم بأذيال عمّته الحوراء لتحميه من النار، وهام بعضهم على وجهه لا يلوي على شيء.
ويصف إمامنا السجاد عليه السلام هذا المنظر بحزن ولوعة ويقول :
(والله ما نظرت إلى عماتي وأخواتي إلاّ وحنقتني العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة ومن خباء إلى خباء، ومنادي القوم ينادي: احرقوا بيوت الظالمين..).
قال الراوي :
فوالله لا أنسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : وا محمداه ، صلى عليك مليك السماء ، هذا حسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الأعضاء ، وا ثكلاه ، وبناتك سبايا ، إلى الله المشتكى وإلى محمد المصطفى وإلى علي المرتضى وإلى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيد الشهداء .
وا محمداه ، وهذا حسين بالعراء ، تسفي عليه ريح الصباء ، قتيل أولاد البغايا .
واحزناه ، واكرباه عليك يا أبا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله صلى الله عليه وآله .
يا أصحاب محمد ، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا .
قال الراوي (164) : فأبكت والله كل عدو وصديق .
يقول الشاعر على لسان حال زينب :
بالأسى والحزن نادت
زينب والدمع جاري
سيدي أفديك مطروحاً
على الرمضاء عاري
هدم الأعداء مذ
فارقت رجواي داري
أضرموا وسط فؤادي
بلهيب الحزن ناري
جمر قلبي في إتقاد
حق لي لبس السواد
والسلام عليك يا أبا عبد الله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا ، والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .