النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

مصطلحات البلاغة العربية

الزوار من محركات البحث: 1850 المشاهدات : 4849 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    اناقة♡الرؤؤح
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: بصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 5,471 المواضيع: 312
    التقييم: 4472
    مزاجي: أفتقد كثيراً
    المهنة: Wife
    أكلتي المفضلة: امممممم
    موبايلي: Infinix hot8
    آخر نشاط: 23/February/2024
    مقالات المدونة: 3

    1 مصطلحات البلاغة العربية

    ساعد بقسم اللغة العربية - كلية الآداب

    جامعة الإمارات العربية المتحدة



    -1-

    يحاول هذا البحث الاقتراب من معجمين مختصّين بالبلاغة العربية، والنظر إليهما من خلال مشكلة، جادّة، وقائمة، يرى الباحث أنّها ذات شقّين: يتلخّص أولهما في مقولة تشيع بين جمهرة من الدارسين مفادها أنَّ البلاغة قد استنفدت أغراضها، ولم يعد بوسعها تقديم شيء يذكر للدراسات النقدية التي تجاوزتها إلى اتجاهات، ومناهج هي أقدر منها على تحليل النصّ، وتشريحه، والدخول إلى عوالمه المعقّدة. وهنا يبزغ السؤال، في الأقلّ من منظور القائلين بتلك المقولة، وهو إذا كان الأمر كذلك، فما حاجتنا إلى معجم لعلم، أو فنّ يزول ويتلاشي؟ أمّا الشقّ الثاني من المشكلة فنابع من البلاغة نفسها التي ننظر إليها بشكل محايد، فنراها قد وقفت، أو أوقفها مَنْ عالج مباحثها عند حدود معينة، ورسوم معلومة، وظلّت الدراسات بعد ذلك الوقوف أو الإيقاف تعيد ما قُرّر سابقاً، وتحاول تفصيل المجمل، وتشقيق الشعرة بغية الوصول إلى جزئية جديدة، وهي ليست كذلك بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكنّه الدوران حول الموضوع بلا دخول فاعل إليه، وهنا يأتي السؤال مرّة أخرى، كيف عالج صاحبا المعجمين هذا الشق، وهو قائم فعلاً؟ وهل قدّما من الحلول ما يتيح للبلاغة أن تأخذ دوراً في مجال الدراسات الأدبية عموماً؟، وهذا بطبيعة الحال من خلال المعجم، ومحاولة التوقف عند جانب أو جوانب من المشكلة تتعلّق بمصطلح مثلاً، أو المنهج بوجه عام.

    إنَّ هذا البحث يبغي دراسة هذين المعجمين من خلال تلك المشكلة، ويطمح إلى اقتراح حلّ لها يكون أساسَه المعجمان ذاتهما، ولن يتحقّق هذان الأمران: المشكلة، والحلّ المقترح، بغير تحليل هذين المعجمين، وتبيان محتواهما، ومنهجمهما، والنتائج التي توصّلا إليهما.

    ونرى أنّ السبيل القويم للدخول إلى هذا الموضوع هو التوقف عند قضيتين لهما علاقة وثقى بموضوعنا وهما: المعجم المختص، والمصطلح، على اعتبار أنّ مادة الدراسة معجمان مختصّان هما [معجم البلاغة العربية] للدكتور بدوي طبانة، و[معجم المصطلحات البلاغية، وتطورها] للدكتور أحمد مطلوب، كما أنَّ المصطلح هو المادة الرئيسية الجوهرية التي تشكّل مادَّتهما، ولذلك ستكون هاتان القضيتان بمثابة المداخل التي تساعد في الدخول إلى صلب الموضوع، ودراسته، وتلمّس نتائجه.

    -2-

    من المعلوم أنَّ المعجم المختصّ نوع من أنواع المعاجم التي كثرت كثرة ملحوظة، وتفاوتت أحجامها وتنوّعت موادها بتنوّع أهدافها، وغاياتها. ولن نقف هنا عند هذه الأنواع الكثيرة لأنَّ هذا يخرجنا عن موضوع البحث، كما أنَّ دراسات قد سبقتنا، شغلت نفسها بالحديث عن هذه الأنواع بشكل تفصيلي مما قدم صورة واضحة عن كلّ نوع، وسنكتفي بالحديث عن المعجم المختصّ وحده.

    حاول بعض الدارسين تقديم تعريف لهذا النّوع من المعاجم، فنرى الدكتور محمود فهمي حجازي يقول: "المعجمات التخصّصية هي المعجمات التي تقدّم الألفاظ الخاصة بفرع من فروع العلم"، ويسمّيها الدكتور حسن ظاظا معاجم المصطلحات لأنّها "تهتم بحصر مصطلحات علم معيّن، أو فنّ قائم بذاته، وتشرح مدلول كلّ مصطلح حسب استعمال أهله والمختصّين به"، ولذلك "فهي في حلّ من استعمال المصطلحات المغلقة الدائرة بين أرباب المهنة فقط"، ويقترب الدكتور المسدّي من هذا التعريف حين يتحدث عن القاموس المختصّ، إذ "يرتكز القاموس المختصّ – أو ما يسمىّ بالقاموس الفنيّ - على محاولة إحصاء المنظومة الاصطلاحية التي يقوم عليها علم من العلوم، ومصطلحات العلوم أيّاً كان – إنّما هي نظام من الدّوال مشتقّ من دوالّ اللغة التي يتداوله بها أهله، فالثبت المصطلحي هو مجموعة الألفاظ التي حُوِّلت عن دلالتها الأولى لتختصّ بها دلالات فنية تدرك بسياقها العلمي"، ولا يخرج الدكتور القاسمي عن هذه التعريفات كثيراً حين يقول عن المعجم المختص إنّه ذلك الكتاب الذي "يعالج قسماً واحداً من مفردات اللغة يختصّ بأحد فروع المعرفة ... وهدفه مساعدة القارئ على معرفة معاني لغة حقل معيّن من حقول المعرفة، ومصطلحاته، مثل ذلك معجم حتّي للمصطلحات الطبية".

    وبناءً على ما تقدم كلّه، فإنّ المعجم المختص يُعنى بعلم واحد، أو فنّ معين، يتتبّع مصطلحاته، ويرتّبها الترتيب الذي يرتضيه صاحب المعجم وفق منهج معين، وهو بذلك يختلف اختلافاً جوهرياً عن غيره من أنواع المعجم من حيث تخصّصه، وانفرداه بعلم، أو فنّ بعينه.

    ومن المؤكد أنّ تحرير معجم، أو معاجم مختصّة ظاهرة حضارية تنبع من أمرين مهمّين: أولهما غزارة مصطلحات علم، أو فنّ ما بحيث لا يستطاع الوصول إليها بسهولة، وعدم استقرار بعض هذه المصطلحات، عند ذلك يلبّي المعجم هاتين الحاجتين من حيث الجمع، والاستقرار على مفهوم واحد، أمّا الأمر الثاني فهو عدم تحقيق المعجم العام لرغبات المختصين في الاستدلال على ما يريدونه من مصطلحات تتعلّق بالعلم، أو العلوم التي يشتغلون بها، وافتقاره إلى المعنى الاصطلاحي الذي ينفرد به هذا العلم، ونحن نعلم أنّه ليست من مهمات المعجم العام التوقف بدقة عند كلّ مصطلح في علوم متباينة، ولذلك يأتي هذا المعجم جامعاً للمصطلحات من جهة، ومحدّداً معانيها الدقيقة المستخدمة في ذلك العلم من جهة أخرى. ولهذا فإنَّ تحرير معجم مختصّ يقتضي حضوراً قوياً، وفاعلاً لثقافتين في آن واحد: ثقافة لغوية معجمية، وثقافة عميقة في التخصص الذي يراد صنع المعجم له، تتولّى الأولى، قديم النظرية، وتهيئة المنهج، والترتيب، وتتكفّل الثانية بالمادة العلمية التي تتطلّب الجمع، والاستقصاء، والإحاطة، ويكمل هذا كلّه إحساس صادق، نابع عن دراسة وتأمل من أنّ المعاجم الموجودة لم تستطع تحقيق الغرض، وجاء هذا المعجم، أو ذاك سدّاً لحاجة، ورأباً لصدع.

    ونجد في العصر الحديث اهتماماً متزايداً، لافتاً للنظر بالمعجم المختصّ، وحسبنا ذلك المقال المهم الذي نُشر منجّماً في عددين من أعداد مجلة اللسان العربي، لندرك ذلك الاهتمام الواسع، ونعني به [ببليوغرافية المعاجم المتخصّصة] للدكتور علي القاسمي، وجواد حسني عبدالرحيم، فقد أحصيا فيه عدداً كبيراً من هذه المعاجم، جعلاها تحت تسعة وثلاثين موضوعاً ضمت: المكتبات، والإحصاء، والعلوم العسكرية، والإدارة، والحيوان، والنبات، والفلك، والفيزياء، والآداب، وغيرها. وليس هذا سوى تأكيد لما أشرنا إليه سابقاً من الحاجة الحقيقية لأمثال تلك المعاجم بسبب كثرة المصطلحات، وضرورة جمعها وضبطها، كما نشير إلى كتاب [المعجمات العربية] من إعداد وجدي رزق غالي الذي صنّف كتابه على الموضوعات، وقدّم به صورة جيّدة عن واقع التأليف في المعاجم المختصة وغيرها. ويبقى المعجم المختصّ، وسعة التأليف فيه علامة من علامات غنى العربية، وقدرتها على التجدّد والحياة.

    -3-

    ويرتبط المعجم المختصّ ارتباطاً وثيقاً بالمصطلح فهو مادته الجوهرية، وقد رأينا فيما سبق تسمية المعجم المختصّ بمعجم المصطلحات، فلتحديد مصطلحات علم ما يُبنى ذلك المعجم، وترتّب مواده. وقد وقف بعض الدارسين عند لفظة [المصطلح] أو [الاصطلاح] محاولين تعريفها، ونحن نورد هنا جانباً من هذه التعريفات مسترشدين بها في عملنا.

    يقول الشريف الجرجاني عن الاصطلاح: "هو إخراج الشيء عن معنى لغوي إلى معنى آخر لبيان المراد، وقيل: هو لفظ معين بين قوم معيّنين"، ويورد أبو البقاء هذا التعريف، ويضيف إليه قائلاً: ".... ويستعمل الاصطلاح غالباً في العلم الذي تُحصّل معلوماته بالنظر والاستدلال"، ويعرّفه الدكتور القاسمي بقوله: "المصطلح كلّ وحدة (لغوية) دالّة مؤلفة من كلمة (مصطلح بسيط)، أو من كلمات متعدّدة (مصطلح مركّب)، وتسمّي مفهوماً محدّداً بشكل وحيد الوجهة داخل ميدان ما"، فهو إذن كلمة، أو كلمات اكتسبت معنى خاصاً في مجال علم معين، "وليس من الضرورة أن تنقطع تلك الألفاظ عن معانيها الأولية، بل كثيراً ما تظل دالّة في نفس الوقت على معناها العادي، وعلى معناها العلمي بحسب سياقها في الاستعمال"، فهذه الألفاظ تستقرّ على المعنى الجديد من خلال استعمالها في علم ما، واستعمال أهل ذلك العلم لها بهذا المعنى الجديد، وتواضعهم عليه.

    وقد اهتدى الجاحظ منذ وقت مبكر بذكائه النادر، واستقصائه الواسع إلى هذا الأمر حين قال: "ولكلّ صناعة ألفاظ قد حصلت لأهلها بعد امتحان سواها، فلم تلزق بصناعتهم إلاّ بعد أن كانت مُشاكَلاً بينها وبين تلك الصناعة"، فهو يشير إلى المعنى الجديد المكتسب الذي قرّر للّفظ بعد اختبار غيره، وصار من ألفاظ تلك الصناعة على حدّ قوله. ويؤكد القشيري هذا الأمر حين يتصدّى لتفسير ألفاظ الصوفية، فيقول: "اعلم أنّ من المعلوم أنّ كلّ طائفة من العلماء لهم ألفاظ يستعملونها فيما بينهم انفردوا بها عمّن سواهم، تواطأوا عليها لأغراض لهم فيها: من تقريب الفهم على المخاطبين بها، أو تسهيل على أهل تلك الصنعة في الوقوف على معانيهم بإطلاقها، وهذه الطائفة يستعملون ألفاظاً فيما بينهم، قصدوا بها الكشف عن معانيهم لأنفسهم، والإجمال والستر على مَنْ باينهم في طريقتهم؛ لتكون معاني ألفاظهم مستبهمة على الأجانب، غيرة منهم على أسراراهم أن تشيع في غير أهلها"، ولا يخرج هذا الكلام عن كلام الجاحظ المتقدّم في كثير، سوى ذلك الإجمال، والستر والاستبهام الذي يولع به المتصوفة، وهو غير داخل في موضوعنا.

    ويجمع دارسو المصطلح، والمؤلفون فيه على ضرورة وضوح المصطلحات، وتحديد مجالات استعمالها، ودقّة المفاهيم التي تُشير إليها، فهذا أدعى لتحقيق الغرض منها من حيث الوضع والضبط. ويقف الدكتور تمام حسّان عند هذه المشكلة، ويطالب صاحب المصطلح "بتوضيح معناه وقيمته حتى لا يوجد حيرة القارئ في تطبيقه واستعماله"، وينقل عن أحد الدارسين قوله: "للحيرة في تطبيق الاصطلاح من الأثر على البحث العلمي ما للضباب على الملاحة، بل هي أكثر خطراً، لأنّ النّاس قلّما يحسّون بوجودها"، ويدعو الدكتور القاسمي إلى التوحيد المعياري للمصطلحات الذي "يعني ... بصورة عامة تخصيص مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد، وذلك بالتخلص من الترادف والاشتراك اللفظي، وكلّ ما يؤدي إلى الغموض، أو الالتباس في اللغة العلمية والتقنية". ويسعى الدكتور رشاد الحمزاوي جاهداً لوضع الحلول لهذه المشكلة القديمة الحديثة، وذلك باصطناع وسائل لتوحيد المصطلح، وإبعاده عن الاضطراب، والتداخل، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى أنّ الباحث ذاته قد رصد ظاهرة عامة تتلخّص في "شعور الاختصاصيين العرب من لغويين وعلميين بأزمة في أنّ المصطلحات العربية الحديثة في شتّى العلوم متنوعة متخالفة، فيها من الاضطراب والتناقض ما يؤول إلى الفوضى المعجمية". ولعلّ هذه [الأزمة] تشكّل حافزاً قويّاً للعاملين في فروع المعاجم إلى شحذ هممهم، واستمرار جهودهم في درء خطرها والعمل على حلّها، والأخذ بما قُرّر سلفاً من ضرورة وضوح المصطلح، ودقّته، وتحديده، ولا يبتعد قدر من مصطلحات البلاغة عن هذا الذي ذكر سابقاً مثلما سنرى، ولذلك يدخل هذا المصطلح في نطاق تلك الدعوة، وقد جاء الحديث عن المعجم المختص، والمصطلح بمثابة المدخل لصلب البحث، فهو جزء لا ينفصل عنهما.

    -4-

    من الضروري أن نؤكد بداية أنّ هذين المعجمين جاءا ليلبّيا حاجة حقيقية، كانت الدراسات الأدبية تفتقدها، ومردّ هذا إلى خلوّ المكتبة العربية قبلهما من معجم خاص للبلاغة العربية ومصطلحاتها، ونذكّر هنا بما أشرنا إليه سابقاً من كثرة المعاجم المختصة في علوم وفنون متنوعة تلك التي حاولت الفهارس حصرها، والإشارة إليها، ولكنّ تلك الفهارس تخلو خلواً تاماً من إشارة إلى معجم للبلاغة العربية، ويشير الدكتور بدوي طبانة نفسه إلى هذا الأمر بعد أن يقف عند معاجم كثيرة، بعضها مختصّ، والآخر عام، فيقول: "وبقيت بعد ذلك البلاغة العربية من غير معجم يلمّ شمل فنونها، ويضمّ شتات مصطلحاتها ... نعم بقيت البلاغة العربية من غير معجم حتى هذا الزمان، مع أنّ علم البلاغة كان في طليعة العلوم المرموقة بين العلوم اللسانية والعلوم الأدبية"، وربّما بدا الوضع أفضل بقليل بالنسبة للمصطلحات الأدبية، إذ نقع على معاجم قليلة تحاول رصد بعض المصطلحات الأدبية، وهي تتفاوت فيما بينها من حيث قلّة المداخل وكثرتها، وكثافة المادة أو ندرتها، وربما وقف بعضها عند شيء من مصطلحات البلاغة العربية، ولكنّه الانتقاء فحسب، أمّا الاستقصاء، والتفرغ لها، فهو أمر بعيد المنال ولذلك يبقى الأمر قائماً في افتقار المكتبة العربية إلى معجم خاص للبلاغة العربية، فجاء هذان المعجمان جديدين في بابهما، قدّما فوائد، وسدّا خللاً، ومنحا مصطلحات البلاغة وضعاً مختلفاً بعد أن كانت مبعثرة في بطون الكتب، يلاقي الباحث عنتاً، وجهداً شديدين في الوصول إليهما، وإدراك معانيها.

    وتأسيساً على ما تقدّم فنحن ملزمون بالوقوف عند رأي للدكتور عبدالعزيز قلقيلة ضمنّه في كتابه الذي أفرده لمعجم الدكتور بدوي طبانة، وأسماه [معجم البلاغة العربية، نقد ونقض]، إذ ذهب إلى استحالة تصنيف معجم للبلاغة العربية، لأسباب أوردها، وصاغ ملخّص هذه القضية في سؤال هو: [هل صحيح أنّ البلاغة العربية يمكن أن تبرمج في معجم؟]، راح بعدها يقدّم تصوّره للمعجم، محاولاً الإجابة عن ذلك السؤال، يقول: "إنّ طبيعة المعجم تقتضي التحديد والتركيز الشديد، تفسير المصطلح بإزائه في سطر واحد أو في سطرين وبعض السطر، بينهما نقطتان رأسيتان، ويمكن أن يأتي المصطلح عنواناً رئيسياً أو في أول السطر فوق خطّ، عنواناً فرعياً وتحته أو إزاءه شرحه في وقار وحزم وبلا ترخّص أو تبذل ثم – وهو الأهم - دون توثيق ما، فبحسب هذا الشرح انتماؤه إلى العلم موضوع المصطلح ولن ينظر إليه إلاّ على أنّه حقيقة علمية مفروغ منها، ومسلّم بها والكلمة النهائية أو شبه النهائية في القضية. ويقوم المعجم على الإحصاء الدقيق للمصطلح العلمي في نطاق موضوعه بلا تزيّد يتمثّل في مصطلحات غريبة عن العلم الذي يعالجه المعجم بل بلا تزيّد يتمثّل في مصلح واحد غريب عن العلم الذي يعالجه المعجم، طبيعة المعجم لا تسمح بتكرار مصطلح ما ليقال فيه كلام لم يقل فيما سبق من المعجم. دونك المصطلح ولك معه فرصة واحدة لكنّها تسمح لك بأن تقول كلّ ما عندك وتمضي بلا عودة للمصطلح ولا لك مع هذا المصطلح، وإلاّ كنت ثقيلاً ومملاً وبدون منهج. فهل التزم الدكتور طبانة في معجمه بذلك؟ ونخفّف عنه فنقول: هل علوم البلاغة العربية تسمح بذلك؟ أي هل تتحمّل أن تخضع أو أن نخضع نحن في شرحها لذلك؟ أتصور أنّ الإجابة بالنفي لا بالإثبات. فمصطلحات البلاغة كثيرة ومتداخلة، وهي مرّة مزدوجة ومرّة مركبّة ومرّة كوكبة، وقد يكون بعضها محمولاً على بعض أو تطويراً لبعض"، وقد أثبتنا النصّ – على طوله - لأنّه يتطرّق إلى مسألة في غاية الأهمية، ولئلا يؤثر الحذف على كلام صاحبه بالتغيير وما شابه. وبعيداً عن هذا الثقل والملل، والبعد عن المنهج، وما سواها من نعوت تلك التي يستخدمها الباحث، نقول بعيداً عن ذلك كلّه فإنّنا نتَّفق معه في جوانب، ونختلف في أخرى، نتَّفق معه على ضرورة الإحصاء الدقيق الذي طالب به، وعدم التكرار، وتحديد المصطلح، فهذه شروط لا بدّ من توفرها في أيّ معجم مختص، وقد أشرنا إلى أمر قريب من هذا فيما سبق، ولن نعيد الحديث عنه مرّة أخرى، ولكننا نختلف معه في هذا التّصور [الخاص] للمعجم المقترح، من حيث تعيين الأشكال من نقاط، وسطور، وعنوانات رئيسة، فهذه كلّها أمور لاحقة للمادة الجوهرية، تتحدّد بتحدّدها، تطول بطولها، وتقصر بقصرها، ونختلف معه في هذا التركيز الذي يطالب به، وإغفال التوثيق، ونحن نعلم أنّ كثيراً من المعاجم لا تلجأ إلى هذا الذي طلبه، فبعضها يوثّق مادته، ويطيل فيها، ويرى في معجمه مفتاحاً لمن يريد دخول رحاب ذلك العلم الواسعة. ونختلف معه ثالثة في النتيجة التي توصّل اليها وهي أنَّ علوم البلاغة لا تسمح بصنع معجم لها بسبب ازدواجها، وتركيبها، واختلاطها، وأخشى أنّ هذه النتيجة التي وصل إليها قد وجدها في معجم الدكتور طبانة فآثر تعميمها على البلاغة كلّها، فهو من منطلق رأيه الشخصي أنّ الدكتور طبانة لم يلتزم في معجمه بما قرّره سلفاً، فهذان أمران لا يجوز الخلط بينهما؛ لأنّ إخفاق باحث في عمل لا يعني إخفاق الآخرين، وخصوصاً أنني أعتقد أنّ الدكتور طبانة لم يخفق ذلك الإخفاق الذي حاول الدكتور قلقيلة تصويره، فيصبح تعميم الإخفاق عند ذلك قضية غير ذات موضوع، وهو أشبه بالمصادرة على ما هو موجود كمعجم الدكتور طبانة، ومعجم الدكتور مطلوب، وما يمكن أن يكون في المستقبل من أعمال ربّما أكملت ما بدأه المعجمان، ولا يمكن تقويمها الآن لأنّها غير موجودة، كما أنَّ ما أثاره من مشاكل تعترض سبيل معجم البلاغة هي مشاكل معروفة يواجهها المشتغلون بصناعة المعاجم عامّة، وليست معاجم البلاغة بدعاً في هذا، وحسب مَنْ صنع معجماً أنّه أحسّ بفجوة في موضع ما فحاول سدّها، وتتكفل المحاولات الأخرى بعد هذا بالتهذيب، والتجويد، أمّا الاستسلام لهذه المشاكل، والرضا بها، فهو مجافٍ لروح البحث، والرغبة في التطور.



    -5-

    ويجدر بنا بعد ما تقدّم أن نقف عند المعجمين ونقوم بتحليل مادّتهما، ومنهجيهما لنخلص من هذا إلى النتائج التي سنتوصل إليها، ومن ضمنها تقديم الاقتراح لحلّ تلك المشكلة التي افتتحنا البحث بها، وسنعمد إلى التركيز على بعض القضايا التي تنتظم المعجمين، ويوليها دارسو المعاجم اهتماماً خاصاً، وهي:

    1- الهدف.
    2- المداخل.
    3- الشروح، أنواعها: المقتبضة والموسوعية، الشواهد.
    4- المصادر والتوثيق.
    ونعتقد أنّ هذه القضايا كافية لتبيان معالم المعجمين من حيث الطريقة، والمادة، كما أنّها ستساعد إلى مدى بعيد – بعد عرضها بشكل تفصيلي - على تقوية اقتراح الحلّ الذي نطمح إليه.

    وأوّل ما نعالجه هنا هو الهدف، ويراد به "طبيعة مَنْ يوجّه إليهم العمل وتوقعاتهم منه"، وواضح أنّ العمل في المعاجم المختصّة يتوجه إلى المختصين أنفسهم، أو المهتمين بذلك الفرع من المعرفة، ونرى الدكتور طبانة يتحدث عن هذا الأمر، فيقول: "... ولم أرد أن يكون لهذا المعجم الجفاف الذي يحسّ به قارئ المعجمات المتخصّصة، ولذلك بذلت الجهد في التوضيح الكافي الذي يجد فيه القارئ بغيته من التعرّف الواضح على المفاهيم الحقيقية لكلّ مصطلح من المصطلحات ..."، فهل يوجّه الدكتور طبانة معجمه إلى القارئ العام؟ هذا ما يشير إليه فقه النصّ، ولكنّ هذا يوقعنا في إشكال، فالمعاجم المختصة لا توجّه أصلاً لكلّ قارئ، ورأينا فيما سقناه من تعريفات للمعاجم المختصة أنّها تتعامل مع قراءة مخصوصين، ولذلك فهي في "حِلَّ من استعمال المصطلحات المغلقة الدائرة بين أرباب المهنة فقط"، أمّا قضية الجفاف الذي يحسّ به قارئ المعجمات المختصة على حدّ قوله، فهذه مسألة نسبية، فما يراه القارئ العادي جافاً يراه المختصّ ضرورة من ضروروات العلم نفسه لا يمكن التخلّي عنه، أو الانحراف إلى مستوى آخر في العرض، ويبقى الأمر قائماً، وسنرى تأثيره على بقية القضايا فيما بعد.

    أمّا الدكتور مطلوب فيوجّه معجمه إلى "مؤرخ البلاغة، ومَنْ تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الأقوام كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إنّ لهم أثراً كبيراً في نشأة البلاغة وتطورها، وما هو بالأثر الكبير حينما يرجع الباحث إلى هذا المعجم، ويرى نشأة الفنّ وتطوّره خلال القرون، وارتباط مصطلحات البلاغة بالمتقدمين منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم واللغويين والنحاة الأوائل ... ويذهب هذا المعجم إلى أبعد من ذلك، فهو يقدّم للدارسين معرفة الجديد عند البلاغيين ويذكر مدى تأثر اللاحقين بالسابقين، وتقريب فنون البلاغة ... ولن يكون نفعه للمحقّقين بأقلّ من ذلك لأنّه يقدّم الفنّ البلاغي خلال العصور المختلفة، ويرصد التطور التاريخي، وبذلك تسهل المراجعة، وتكثر الفائدة من المصادر التي استقى منها مادّته، وهي مصادر كثيرة...". فقد حدّد الدكتور مطلوب أولئك الذين يوجّه إليهم عمله وهم ثلاث فئات: مؤرخو البلاغة ومَنْ تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وعند غيرهم، ودارسو البلاغة عموماً، والمحقّقون، وهي فئات متخصّصة ستعنى بهذا العمل، وتستفيد منه، خصوصاً إذا ذكّرنا بذلك التشابك الشديد بين علوم العربية عامة، وارتباط الواحد بالآخر، واعتماده عليه.

    ولم نعمد إلى الوقوف عند هذا الأمر لغاية في نفسه فحسب. وإن كان واحداً من القضايا التي تدرس المعاجم بموجبها، ولكنّنا أردناه وسيلة من جهة أخرى لتبيان تأثيره على المعجم كلّه فيما بعد، لأنّ هذه النظرة، أو قُل هذا الهدف كان ذا تأثير واضح على ترتيب المعجم، ومداخله، وكثافة هذه المداخل، فكأنّ الهدف هو الذي حدّد طريقة العمل في المعجمين، ورسم الصُّوى لهما مما سنراه مفصّلاً.



    -6-

    وننتقل إلى القضية الثانية، وهي المداخل، وأول ما يستوقفنا فيها هو الترتيب، أي ترتيب المداخل في المعجم، وقد اتّخذ كلٌّ من الباحثَـين منهجاً مختلفاً عن صاحبه في هذا الترتيب، فنرى الدكتور طبانة يصطنع الترتيب الهجائي في تصنيف المواد بعد تجريدها من أحرف الزيادة، ويوضّح هذا الأمر بقوله: " ... قسمنا هذا المعجم إلى أبواب مرتّبة على حسب ترتيب حروف الهجاء أيضاً، فالهمزة أولاً، ثم الهمزة مع الألف ثم الهمزة مع الباء ... وهكذا حتى الهمزة مع الياء، وهكذا كان الضبط والتنظيم في جميع الأبواب التي جُعلت حروف الهجاء عناوين لها، وعمدنا في هذا الترتيب إلى الأصول اللغوية في كلّ مادة من مواد المعجم بعد تجريدها من حروف الزيادة، كما هو متبع في معاجم اللغة التي تراعي الحرف الأول في الكلمات وتجعله الأساس في الترتيب"، أمّا الدكتور مطلوب فقد آثر منهجاً آخر في الترتيب، وهو النظر إلى المصطلح نفسه بلا اعتبار للزيادات التي دخلت على أصل الكلمة، فنراه يقول: " ... وبدأت حروف الهجاء تأخذ سبيلها في الترتيب من غير التفات إلى أصل مادة المصطلح، أو ارتباط بالمعجم القديم؛ لأنّ في ذلك شيئاً من العسر لا يخدم الهدف، ولا يحقّق الغاية عند المراجعة السريعة، ولذلك وضع الاستفهام قبل الإسجال والارتقاء قبل الإرداف، والاعتراض قبل الإعجاز، فالأساس هو ترتيب الحروف في المصطلح كما يفعل المعاصرون حين ينسّقون الألفاظ والمصطلحات"، ولا شكّ أن الطريقتين كلتيهما معروفتان في ترتيب مواد المعجم، ولكنّنا نعتقد أنّ الطريقة الثانية هي الأقرب إلى تحقيق أهداف المعجم المختصّ: فالغرض منه هو التعريف بالمصطلح الشائع في العلم الذي يُعقد المعجم لأجله، ولا اعتبار ذا شأن بأصله اللغوي، أو جذره فالاستفهام مثلاً هو المصطلح المقصود، أما أصله (فهم) فلا وجود له في هذا المعجم، والتشبيه يحتاج إلى فضل وقوف وبيان، أمّا (شبه) فهو الجذر، ولكنّ (التشبيه) فارق جذره إلى مدلول خاص بعلم البلاغة ذلك الذي تكفّل صاحب المعجم بالحديث عنه، وقد أشار الدكتور مطلوب إلى شيء قريب من هذا في بعض المصطلحات، فحين عقد للإنشاء عنواناً قال عنه: "الإنشاء: أنشأ الله الخلق: ابتدأ خلقهم، والإنشاء هو الابتداء أو الخلق، أو الابتداع. وليس بين هذه المعاني وما ذهب إليه البلاغيون صلة، لأنّ الإنشاء عندهم كل كلام لا يحتمل الصدق والكذب لذاته لأنَّه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به واقع خارجي يطابقه أو لا يطابقه"، فما استقر عليه المصطلح شيء، وأصله اللغوي شيء آخر. ومّما يقّوي هذا الذي ذهبنا إليه أنّ الدكتور طبانة لا يولي هذا الجذر الذي جعله العمدة في الترتيب أدنى اهتمام، فهو يفتتح حديثه عن المصطلح بمعناه البلاغي، وهذا حقّ، فإليه يقصد، ولم يتوقّف البتّة عند أصله اللغوي، بينما نرى الدكتور مطلوب من جهة أخرى يفرد فقرة لكلّ مصطلح يتحدّث فيها عن جذره، وموقعه في المعجم، مع أنّه لم يتخذ من ذلك الجذر أساساً في الترتيب، فكأنّه أراد أن يقدّم صورة متكاملة عن المصطلح وهذا ما سنقف عنده بعد قليل.

    وقد ارتضت كثير من المعاجم المختصّة هذا النهج في الترتيب، أي النظر إلى المصطلح بنفسه، قديماً وحديثاً؛ لأنّها وجدته محقّقاً للغاية التي تسعى إليها، بالإضافة إلى إدراكها أنّها تتعامل مع المصطلح كوحدة لغوية متكاملة ذات دلالة خاصة، ولذلك يكون وضعها كما هي في السياق المعجمي أفضل بكثير من تجريدها من حروف الزيادة، ووضعها في مادتها الأصلية.

    ونسوق هنا بعض النماذج من المعجمين لمدخل واحد وضع في بابين مختلفين:

    المدخل

    طبانة

    مطلوب

    الاستفهام

    الفاء

    الهمزة

    التجنيس

    الشين

    التاء

    المتوازن

    الواو

    الميم

    التطريز

    الطاء

    التاء

    المزاوجة

    الزاي

    الميم

    التورية

    الواو

    التاء

    الالتفات

    اللام

    الهمزة

    الاكتفاء

    الكاف

    الهمزة

    ويتبّن من الجدول السابق الصعوبة التي تواجه الباحث، أو القارئ في معجم الدكتور طبانة، وهو يحاول البحث عن المصطلح، إذ من الضروري أن يردّه إلى أصله الثلاثي، ويعتمد على الحرف الأول من هذا الثلاثي ليجده في باب ذلك الحرف، بينما أضفي الدكتور مطلوب سهولة واضحة على ترتيبه تساعد الباحث في الوصول إلى المصطلح، وذلك باحتفاظه بلفظ المصطلح كاملاً بلا تغيير، ووضعه في الباب الخاص اعتماداً على حرفه الأول. ومعلوم أنّ مصطلحات البلاغة تدور في الكتب القديمة والحديثة كما هي بلا تغيير، فلا حاجة عندئذٍ لإحداث تغيير، وإضافة عقبة جديدة أمام الباحث، وهو يبغي الوصول إلى المصطلح، وتحصيل مدلوله.

    -7-

    أدى ترتيب المداخل الذي وقفنا عنده سابقاً، واصطناع النهجين المختلفين فيهما إلى ثلاثة إشكاليات تتعلّق جميعها بالمصطلح، وهي: المصطلح المركب والمصطلح المتكرّر، والمصطلح المتداخل، وسنعالج هذه الإشكاليات، تفصيلاً باعتبارها جزءاً من قضية المداخل بشكل عام.

    ولعلّ الإشكال الأول يشيع في معجم الدكتور طبانة وحده، إذ حاول الدكتور مطلوب تجنّبه، وقد نجح في هذا نجاحاً واضحاً، ونريد بالمصطلح المركّب ذلك المصطلح المكّون من لفظتين أو أكثر، وهو كثير، متداول في مصطلحات البلاغة، فنرى الدكتور طبانة يفصل بين لفظي المصطلح ليضعهما في بابين مختلفين اعتماداً على اختلاف أصلهما الثلاثي، وفي هذا تفتيت واضح للمصطلح، وإضافة عقبة جديدة أمام القارئ غير ما ذُكر سابقاً، ولعلّ بعض النماذج توضح هذا الأمر، من ذلك أنّ الدكتور طبانة أفرد رقماً لمصطلح هو (الأصلية)، وقال عنه: الأصلية: تنقسم الاستعارة باعتبار لفظها إلى استعارة أصلية، واستعارة تبعية فيطلق عليها الاستعارة الأصلية إذا كان المستعار اسم جنس غير مشتق سواء أكان اسم ذات كأسد، أم اسم معنى، كالقتل للإذلال، وسواء أكان اسم جنس حقيقة، أم تأويلاً في الأعلام التي اشتهرت بنوع من الوصف كحاتم في قولك: رأيت اليوم حاتماً، تريد رجلاً كامل الجود ... وانظر التبعية وستأتي في باب التاء"، وواضح أنّ الحديث ينصبّ هنا على أحد أقسام الاستعارة التي سترد في باب العين؛ لأنّه وضع [الأصلية] في باب الهمزة، ولا قيمة للأصلية كمصطلح بغير الاستعارة، فالمصطلح هو [الاستعارة الأصلية] في مقابل [الاستعارة التبعية] التي وضعها في باب ثالث هو التاء، وهكذا نرى الاستعارة في باب، والأصلية في باب، والتبعية في باب، ومن الممكن أن يوضع هذا كلّه تحت مصطلح الاستعارة، فهو به ألصق، كما أنّه أحكم من ناحية المنهج، ومما يزيد الأمر صعوبة أنّه في حديثه عن مصطلح الاستعارة يذكر تقسيماتها المختلفة، ويحيل إلى أبواب متباعدة، يقول: "وتـنقسم الاستعارة من حيث ذكر أحد طرفيها إلى قسمين:

    أ‌- الاستعارة التصريحية: وقد تقدّمت في باب الصاد.
    ب‌- الاستعارة المكنية: وستأتي في باب الكاف.
    وتنقسم الاستعارة باعتبار لفظها قسمين:

    1- الاستعارة الأصلية: وقد سبقت في باب الهمزة.
    2- الاستعارة التبعية: وقد سبقت في باب التاء.
    وانظر [غير الطلبي] وسيأتي في باب الغين، ومع ملاحظة هذا التوزيع لأنواع [الطلبي] في خمسة أبواب متباعدة، فإنّ هذا الطلبي هو أحد قسمي الإنشاء، والثاني هو الإنشاء غير الطلبي، وبهذه الصورة يعرف في كتب البلاغة، وغيرها، ولهذا نجد الدكتور مطلوب يقف عند القسمين وأنواعهما تحت مصطلح واحد هو الإنشاء، فقدّم بذلك مبحثاً متكاملاً لذلك المصطلح وما يتفرّع عنه.

    -8-

    ويواجهنا الإشكال الثاني المتعلّق بالمصطلح، وهو التكرار والإحالة، أو المصطلح المتكرّر، وفي البداية نقول إنّ الدكتور طبانة قدّم في معجمه تسعمئة وثلاثة مصطلحات، أضاف إليها ثلاثة وعشرين مصطلحاً آخر في طبعته الثانية، وقدّم الدكتور مطلوب ألف مصطلح ومئة، ولا ريب في ضخامة الجهد المبذول في رصد هذا العدد الكبير من المصطلحات، وترتيبها، وتقديم التعريفات والشروح عنها، ولكنّنا نعود إلى ما بدأنا به، وهو التكرار، إذ لاحظنا تلك الإحالات الكثيرة التي يعمد إليها الباحثان لمصطلحات سابقة، مع الاكتفاء فيها بوضع العنوان فحسب، وقد أخذت هذه الإحالات أرقاماً، وصارت مصطلحات جديدة، وهي في حقيقة الأمر تسمية أخرى لمصطلح قد سبق، وكان، من الممكن، أن يوضع هذا المصطلح [الجديد] في الموضع الذي بُحث فيه المصطلح الأول بتفصيل بغير إفراد رقم لمصطلح آخر. وقد أحصى الدكتور قلقيلة في معجم الدكتور طبانة مئة وسبعة وعشرين موضعاً أحيل فيها إلى ما تقدّم، وأحصيت في معجم الدكتور مطلوب مئة موضع ونيّف، فمن معجم الدكتور طبانة:

    10- التاريخ الحرفي: وهو التاريخ الشعري وسيأتي.

    60- التبديل: انظر العكس وسيأتي في باب العين.

    101- التوابع: انظر الإرداف والتوابع، وسيأتي في باب الرّاء.

    105- التمام: عند بعض البلاغيين هو التتميم، وقد سبق في هذا الباب.

    130- جمع الأوصاف: انظر التقسيم، وسيأتي في باب القاف.

    وغير ذلك كثير، ومن معجم الدكتور مطلوب:

    1- الأحجية: الأحجية مفرد الأحاجي وقد تقدمت، والأحجية اللغز المعمى، وهذا قريب من التورية.
    2- الاستعارة المجردة: هي الاستعارة التجريدية، وقد تقدّمت.
    3- الإيضاح بعد الإبهام: هو أحد أنواع الإطناب، وقد تقدّم.
    4- إيهام الطباق: هو إيهام التضاد، وقد تقدّم.
    5- التجزيء: هو التجزئة، وهذه تسمية ابن قيم الجوزية. وقد تقدّم.
    وغير هذا كثير، وقد لاحظنا اقتصار الباحثين على المصطلح وحده في الموضع الجديد الذي يحيلان فيه على ما تقدّم، مّما يشير إلى أنّ الحديث عنه قد استوفي هناك، فلا داعي لإعادته في مكان آخر، ووضع رقم جديد، ويكفي الإشارة إلى التسمية الأخرى في مبحث المصطلح الأصلي.

    -9-

    أمّا الإشكال الثالث فهو المصطلح المتداخل، ونعني به تلك المصطلحات التي دخلت المعجمين وهي ليست في مصطلحات البلاغة، ولعلَّ للتداخل أسباباً خاصة ذات صلة بكل معجم على حدة، وأسباباً عامة تنتظم المعجمين على حدّ سواء. ونرى الخاصة نابعة من عنواني المعجمين، فمعجم الدكتور مطلوب هو [معجم المصطلحات البلاغية وتطورها]، وهو يلتزم به التزاماً كبيراً، فهو للمصطلح وحده، أمّا الأدوات، والأغراض البلاغية، والتفريعات فلا يفرد لها مصطلحاً خاصاً، لأنّها ليست مصطلحات أصلاً، وربّما أتت في سياق الحديث عن المصطلح إذا كانت ذات علاقة وثقى به، مثال ذلك حديثه عن [النهي]، فهو يقول: "وللنهي صيغة واحدة هي المضارع المقرون بلا الناهية الجازمة ... وقد تخرج هذه الصيغة إلى معانٍ مجازية كثيرة منها: الدعاء ... والالتماس ... والتمني ... والنصح ... والتوبيخ ..."، فالوقوف عند [لا] الناهية استلزمه الحديث عن مصطلح [النهي] حيث جاءت سياقاً فيه مع معانيها المختلفة، ومثاله أيضاً إفراده مصطلحاً لـ[إيجاز الحذف]، ووقوفه عند واحد من أنواعه، وهو حذف المفردات، ومن صوره حذف بعض الأدوات التي تتضمّن معنى الشرط، أو جوابها، فيقول: "حذف لو أو جوابها ... حذف جواب لولا ... حذف جواب لما ... حذف جواب أما ... حذف جواب إذا ..."، فالمصطلح هو [إيجاز الحذف]، واقتضت طبيعة البحث فيه التوقف عند هذه الأدوات فهي جزء أصيل منه، هذا عن معجم الدكتور مطلوب، أمّا الدكتور طبانة فقد اختار عنواناً لمعجمه هو [معجم البلاغة العربية]، وهو عنوان واسع يحتمل أموراً كثيرة: المصطلح، والأغراض والأدوات، التفريعات، ورأينا هذا كلّه في معجمه، فهو يفرد عنوانات للهمزة، وإذا، وأل الجنسية، وأل العهدية، وألا بالفتح والتخفيف، وألاّ بالفتح والتشديد، وإلاّ بالكسر والتشديد، وأم المتصلة والمنقطعة، وإن، وأنّ، ولام الجنس، ولام الحقيقة، ولو، وليت، وما، وهل، ويا، كما يقف عند العبارة، والعرفي، وتقديم المسند، وتقديم المسند إليه، وتقديم بعض المعمولات على بعض، وتقييد المسند واللائق بالخطاب، وتنكير المسند، والجملة الاسمية، والجملة الشرطية، وتخصيص المسند إليه، وصون المسند إليه عن اللسان، وغيرها، فقد أطال الوقوف عند الأدوات، والتفريعات وهو يتناسب مع عنوان المعجم ذلك التناسب الذي رأيناه في عنوان معجم الدكتور مطلوب مع محتواه، ولا يعني هذا الكلام أنّ المعجمين خلصا من المصطلحات غير البلاغية فهي موجودة فيهما بكثرة، ولكنّنا أردنا إيضاح أثر العنوان على مادة المعجمين، ومن هنا تأتي الأسباب العامة التي انتظمت المعجمين على حدّ سواء. فقد أحصى الدكتور قلقيلة في كتابه عن معجم الدكتور طبانة ثلاثمئة وثمانية وثلاثين مصطلحاً رآها غير ذات علاقة بالبلاغة، وردّها إلى الفنون والعلوم الآتية: النقد الأدبي، والأدب، والنحو واللغة، والعروض، والقافية، والمنطق، والتفسير، وأحصيت في معجم الدكتور مطلوب ثلاثمئة وثمانية عشر مصطلحاً تداخلت في هذا المعجم مع معجمه الآخر [معجم النقد العربي القديم]، وهناك أمران حول هذه المسألة يقتضينا الوقوف عندهما. أولهما اعتقادي أنّ الدكتور قلقيلة قد شقّق الشعرة إلى مدى بعيد، ووضع حدوداً فاصلة بين علوم العربية لا يجوز للدارس تجاوزها، ولذلك جعل كثيراً من الأدوات، والأغراض في معجم الدكتور طبانة بعيدة عن البلاغة، وهي ذات مساس قريب بها، وفرضه المنهج والعنوان الذي أشرنا إليه فيما سبق، فالأداة تنتقل بين حقول مختلفة: البلاغة، والنحو، وما إليهما، وقد اختار الدكتور طبانة منها ما يريد، ولا يعني هذا أنّ ملاحظة الدكتور قلقيلة غير قائمة، ولكنّه أسرف فيها بعض الشيء، يضاف إلى هذا عبارات التعريض، والهجوم التي تكثر في الكتاب، مثال ذلك قوله: " ... ولو كان للمعجم منهج، أي لو كانت الأمور فيه منضطة، ما استقلّ مثال من القسم بفقرة"، كما يورد أسباباً لكثرة الفقرات اللغوية والنحوية في المعجم، وهي "عدم الإخلاص للبلاغة، وفقدان الوعي بحدودها، وليكون الكتاب كبيراً والمفردات كثيرة"، ولا نرى موجباً لأمثال هذه الكلمات، والأحكام القاسية في كتاب بذل فيه صاحبه جهداً واضحاً في قراءة المعجم، وتتبّع موادّه، وكانت الإشارة تكفيه إلى ما يراه خروجاً على البلاغة للوصول إلى النتائج، أمّا ما أورده فلا علاقة له بالبلاغة ومباحثها، والمنهج العلمي. وثاني الأمرين يتعلّق بمعجمي الدكتور مطلوب، ولست في حاجة إلى التنويه بالفوائد الكثيرة التي قدّمها معجمه الثاني [معجم النقد العربي القديم] فهي ظاهرة، واضحة، إذ سدّ به فراغاً كبيراً في المكتبة العربية كانت بحاجة قصوى إليه، لا يعلمها إلاّ مَنْ كابد البحث عن النصّ النقدي، والمصطلح النقدي في كتب النقد المتخصّصة، وغير المتخصّصة، وهو يشيع فيها بلا نظام، أو ترتيب، وجاء هذا المعجم ليجمع هذا كلّه بين دفّتي كتاب، يضاف إلى هذا أنّ الدكتور مطلوب أراده خطوة تعقبها خطوات لاستكمال التأليف في المعجم النقدي الحديث، فهذا واضح لا مراء فيه، ولكنّ إشكال التداخل لا يزال قائماً، ونرى الدكتور مطلوب يصرّح به، فقد ضمّ معجم النقد العربي القديم ثمانية عشر وثمانمئة مصطلح "ورد بعضها في المعجم الأول لارتباطها بكتب البلاغة ... كما لم يكن بدّ من التعرّض لبعض مصطلحات العروض الكبيرة وبعض عيوب القافية لصلتها بنقد الشعر، ومن الوقوف عند مصطلحات الأدب لإكمال الصورة، ومن ذكر بعض ما جاء في معجم المصطلحات البلاغية وتطورها لأنّها مشتركة بين الفنّين، ولا يصحّ إغفالها ..."، وما يهمّنا منها ذلك العدد وهو ثلاثمئة وثمانية عشر مصطلحاً تلك التي وردت في هذا المعجم، وهي موجودة في معجم المصطلحات البلاغية مثل: الائتلاف، والابتداء، والإبهام، واتساق البناء، والاجتلاب، وإرسال المثل، والاستعانة، والذم في معرض المدح، والرمز، والمذهب الكلامي، وغيرها، ولعلّ استعمال الدارسين لتلك المصطلحات هو الذي دعا إلى ذلك، يوم لم يكن ذلك الفصل الواضح بين النقد والبلاغة، ومعلوم أنّ الناقد يستخدم طاقات البلاغة في نقده، ويستثمر رؤيتها في الكشف عن مكامن الإبداع، أو القصور في النصّ، وبعد أن استقرت البلاغة في علومها الثلاثة المعروفة: المعاني، والبيان، والبديع، أصبحت مباحثها محدودة المعالم، ومصطلحاتها مقتصرة على تلك العلوم، ولكنّ لَحْظَ البدايات، ورَصْدَ التّطور هو الذي دعا إلى ذلك التداخل، وهو ليس اعتداءً على رسوم البلاغة وحدودها بالمعنى الدقيق حين ننظر بعين نافذة إلى تشابك علوم العربية، واستفادة الواحدة من الأخرى. وأعتقد أنَّ المعجم النقدي الحديث هو الكفيل بحلّ هذا الإشكال من خلال نظرة شاملة تجمع الفنّين: البلاغة، والنقد، وتوظّف مصطلحاتهما في خدمة النصّ.

    -10-

    حاول الباحثان تقديم تعريف وافٍ للمصطلح الذي يرصدانه، مستعنين بالشواهد في توضيحه، وتقريب معناه، وكانت لكلّ منهما طريقته الخاصة في التعريف، وإيراد الشواهد، فالدكتور طبانة يرمي إلى تقريب مدلول واحد للمصطلح بلا دخول في التفاصيل، أو إشارة إلى المعاني الأخرى التي حملها المصطلح في مسيرته الطويلة، فغايته "التوضيح الكافي الذي يجد فيه القارئ بغيته من التعرّف الواضح على المفاهيم الحقيقية لكلّ مصطلح من المصطلحات حتى يستطيع أن يستغني بهذا المعجم عن الرجوع إلى المصادر المتباينة"، وهذا مرتبط بالهدف الذي أشير إليه فيما سبق وقد أدى هذا إلى تكرار المصطلح، ووضع عنوانات له يتضمّن تعريفها مدلولاً واحداً فحسب، وهي طريقة معروفة في معالجة مواد المعجم، بينما نرى الدكتور مطلوب يورد المدلولات المختلفة للمصطلح من خلال نظرته التاريخية له، وكيفية دوران هذا المدلول المختلف في المصادر، وهذا ذو علاقة هو الآخر بالهدف فكأنَّه يقترب من أن يكون موسوعياً في هذه التعريفات، إذ يقدّم جميع ما أوردته المصادر من تعريفات عن المصطلح الواحد، وقد نتج عن هاتين الطريقتين ثلاثة أمور هي: قِصر التعريف عند الدكتور طبانة، وطوله عند الدكتور مطلوب، والاكتفاء بشواهد قليلة عند الأول، والإفاضة في إيراد الشواهد عند الثاني ما دام المعنى المتغير للمصطلح بحاجة إليها، ومن الضروري أن نشير هنا إلى أنّ الشواهد عندهما منقولة في الأغلب من المصادر التي يعوّلان عليها، أمّا الأمر الثالث فهو اكتفاء الدكتور طبانة بنقل مضمون النصوص من المصادر، أو اقتطاع جزء منها، بينما يعمد الدكتور مطلوب إلى إيراد النصوص المتعلّقة بالمصطلح مثلما وردتْ في المصادر بشواهدها، يضاف إلى ما تقدّم ما لحظناه في معجم الدكتور طبانة وهو الإحالة على مصطلح متقدّم، أو متأخر على ذاك الذي يشرحه، وهو ما وقفنا عنده تحت أشكال المصطلح المركّب.

    وسنكتفي بالوقوف عند مصطلح واحد هو: تجاهل العارف، نورده بتمامه مثلما ورد في المعجمين؛ لتبيان الملاحظات السابقة والاستفادة منه في تقريب طريقة التعريف واستعمال الشواهد.


    طبانــــة

    147- تجاهل العارف

    من محاسن الكلام عند ابن المعتز. قال: ومنها تجاهل العارف، كقول زهير:

    وما أدري ولستُ إخالُ أدري أقومٌ آلُ حصنٍ أم نساءُ

    وقال ابن أبي أميّة:

    فديتُك لم تشبعْ ولم تَـرْوَ من هجري أتستحسِنُ الهجرانَ أكثرَ من شهرِ؟

    أراني سأسْلو عنكَ إنْ دام ما ترى بلا ثقةٍ، لكنْ أظنُّ ولا أدري!

    وسمّاه أبو هلال العكسري (تجاهل العارف ومزج الشك باليقين) وعرّفه بأنّه إخراج ما تعرف صحته مخرج ما يشكّ فيه، ليزيد بذلك تأكيداً.

    قال: ومثاله من النثر ما كتبته إلى بعض أهل الأدب: "سمعت بورود كتابك، فاستفزّني الفرح قبل رؤيته، وهزّ عطفي المرح أمام مشاهدته. فما أدري أسمعتُ بورود كتاب، أم ظفرتُ بروجوع شباب؟ ولم أدْرِ ما رأيت: أخطّ مسطور، أم روض ممطور؟ وكلامٌ منثور، أمْ وشي منشور؟ ولم أَدْرِ ما أبصرتُ في أثنائه: أأبيات شعر، أم عقودُ درّ؟ ولم أدرِ ما حَمَّلْتَهُ: أغَيثُ حلّ بوادي ظمآن، أم غَوْثٌ سبق إلى لهفان"؟.

    قال: ونوع منه، ما كتب كافي الكفاة:

    كتبــــت إليك والأحشــــــــــاء تهفُــــــــــــو وقلبـــــــــــي ما يقـــــــــــــرّ له قــــــــــــــــــرارُ

    عن سلامة، إن كان السّالمين من اتصل سُهادُه، وطال رُقادُه، ففؤاده يجفُ، ودمُعه يكِف، ونهارُه للفِكَر، وليلُه للسهر.

    ومن المنظوم قول بعض العرب:

    باللـــه يا ظبيــــات القـــــاع قلـــن لنــا ليـلايَ منكــــنَّ أمْ ليلـــى من البشــر؟

    وقول آخر:

    أأنتِ ديارُ الحيّ أيْتها الرّبا الْـ

    ـلأنيقةُ أم دار المها والنعائم؟





    وسِرْبُ ظباء الوحش هذا الذي أرى

    برَبْعِك أم سرب الظباء النّواعم؟





    وأدمعنا اللّاتي عفاك انسجامُها

    وأبلاك أم صوبُ الغمام السّواجم؟





    وأيامنا فيك اللواتي تصرّمت

    مع الوصل أمْ أضغاث أحلام نائم






    وانظر (سوق المعلوم مساق غيره) وسيأتي في باب السين.

    وانظر (التشكك) وسيأتي في باب الشين.

    مطلـــوب

    تجاهل العارف

    الجهل نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلاً وجهَالةً، وجَهِل عليه. وتجاهل: أظهر الجهل، وتجاهل: أرى من نفسه الجهل وليس به.

    ذكره ابن المعتز في محاسن الكلام، ولم يعرفه، ومثّـــل له بقول زهير:

    وما أدري ولســـتُ إخـــــالُ أدري أقـــــومٌ آلُ حصــــنٍ أم نســـاءُ؟

    وسمّاه العسكري: "تجاهل العارف ومزج الشك باليقين" وقال: "وهو إخراج ما يعرف صحته مخرج ما يشك فيه ليزيد بذلك تأكيداً". ومنه قول العرجي:

    باللــــه يا ظبيــــاتِ القــــاع قلـــن لنـــا ليلايَ منكـــــنَّ أمْ ليلــــى من البشـــــر

    وقول الآخر:

    أيا شبْه ليلى ما لليلى مريضةٌ

    وأنت صحيحٌ إنّ ذا لمحالُ





    أقولُ لظبيٍ مرَّ بي وهو راتع

    أأنت أخو ليلى؟ فقال يُقالُ






    وذكر التبريزي والبغدادي بعض الأمثلة السابقة ولم يعرّفاه.

    ورجع ابن منقذ إلى ما ذكره العسكري وأضاف إليه أمثلة كثيرة، ولم يعرّفه الرازي، ومثّل له بقوله تعالى: ﴿وإنَّا وإيَّاكُم لَعَلى هُدًى أو في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، وقول المتنبي:

    أريقُك أم ماءُ الغمامة أم خمرُ بِفِيَّ بَرودٌ وهو في كبدي جَمْرُ

    وتحدّث السكاكي عنه في تنكير المسند إليه وذكر التجاهل في البلاغة، ومثّــل له بقول الخارجية:

    أيا شجرَ الخابور مالَك مُورِقاً كأنّك لم تَجْزَعْ على ابْنِ طَريفِ

    ثمّ أدخله بعد ذلك في التحسين المعنوي وسمّاه "سوق المعلوم مساق غيره" وقال: "ولا أحب تسميته بالتجاهل"، ومثّــل له بقول الخارجية : "أيا شجرَ الخابور..."، وبالآية السابقة. ولعلّ الدافع إلى ذلك هو تعظيم كتاب الله واحترامه، وقد أشار ابن الأثير الحلبي إلى ذلك حينما تكلّم على هذا الفنّ، وقال: "وهذا الباب له اسمان: أحدهما: تجاهل العارف، والآخر: يقال له الإعنات، فأمّا الأول فيطلق على ما يأتي من نوعه في النظم والنثر، وأمّا الثاني فيطلق على ما يأتي من هذا النّوع في الكتاب العزيز أدباً مع الآيات الكريمة إذ لا يصح إطلاق تسمية "تجاهل العارف" على شيء من آيات الكتاب العزيز"، وتسمية السكاكي أدق وأكثر أدباً من الإعنات الذي هو لزوم ما لا يلزم عند كثير من البلاغيين كما تقدّم.

    وقال ابن الزملكاني: "هو أن تسأل عن شيء تعرفه موهماً أنك لا تعرفه وإنه مما خالجك فيه الشك لقوة شبه حصل بين المذكورين".

    وقال المصري: "وقد سمّاه من بعد ابن المعتز الإعنات"، والإعنات لزوم ما لا يلزم وتجاهل العارف شيء آخر كما يتضح من التعريفات السابقة.

    وعرّفه المصري بقوله: "هو سؤال المتكلّم عمّا يعلمه حقيقة تجاهلاً منه به ليخرج كلامه مخرج المدح أو الذم أو ليدل على شدة التدله في الحب أو لقصد التعجب أو التقرير أو التوبيخ"، ونقل الحلبي والنويري هذا التعريف.

    وقسمه المصري إلى قسمين: الأول موجب، كقوله تعالى: ﴿أبَشَراً منّا واحِداً نتّبِعه﴾، وهذا خارج مخرج التعجب. وقوله: ﴿أصلـٰوتُكَ تأمُركَ أن نترُكَ ما يَعْبُدُ آباؤنا أوْ أنْ نَفْعَل في أمْوالِنا ما نَشاءُ﴾، وهذا خارج مخرج التوبيخ. وقوله: ﴿أأنت قلت للنّاس اتخذوني وأمي إلهين من دوُن الله﴾، وهذا خارج مخرج التقرير:

    ومّما جاء في المدح قول بعضهم:

    بدا فراعَ فؤادي حُسْنُ صورته

    فقلْت هل مَلِكٌ ذا الشخص أم مَلَكُ






    وأمّا ما جاء منه للذم، فكقول زهير:

    وما أدري ولستُ إخال أدري

    أقومٌ آلُ حُصْنٍ أمْ نساءُ؟






    وأمّا ما دلّ منه على التدله في الحب، فكقول العرجي:

    بالله ياظبياتِ القاع قلن لنا ليلايّ منكنَّ أمْ ليلى من البَشَرِ

    والثاني: منفي، كقوله تعالى: ﴿مَا هَذا بَشَراً إِنْ هَذا إلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾([70]).

    وقال المظفر العلوي: "ومعنى تجاهل العارف أنّ الشاعر أو الناثر يسأل عن شيء يعرفه سؤال من لا يعرفه ليعلم أنّ شدّة الشبه بالمشبّه به قد أحدثت عنده ذلك، وهو كثير في أشعار العرب وخطبهم"([71]).

    وعرفه القزويني بتسمية السكاكي، قال: "وهو كما سمّاه السكاكي سوق المعلوم مساق غيره لنكتة"([72])، كالتوبيخ والمبالغة في المدح والتدله في الحبّ والتحقير والتعريض، وتبعه في ذل شراح التلخيص والسيوطي([73]).

    وسمّاه العلوي "التجاهل" وقال: "هو أن تسأل عن شيء تعلمه موهماً أنك لا تعرفه وإنه مما خالجك فيه الشكّ والريبة، وشبهة عرضت بين المذكورين، وهو مقصد من مقاصد الاستعارة يبلغ به الكلام الذروة العليا ويجعله في الفصاحة المحلّ الأعلى"([74]).

    وهذا تعريف ابن الزملكاني، وإن أضاف إليه العبارة الأخيرة فعدّه مقصداً من مقاصد الاستعارة لأنّه يقوم على التشبيه والتباس المشبّه بالمشبّه به.

    وعاد الحموي والمدني إلى ما ذكره السابقون وأشارا إلى تسمية ابن المعتز وتسمية السكاكي وذكرا النكت التي ذكرها القزويني وغيره([75]).

    وظلّ مصطلح "تجاهل العارف" دائراً في الكتب، في حين أنّ الإعنات وسوق المعلوم مساق غيره لم يحتلا مكاناً، وإن كانت تسمية السكاكي أكثر تأدباً عند التعرّض لآيات الكتاب العزيز.

    يكتفي الدكتور طبانة من هذا العنوان بابن المعتز، وأبي هلال العسكري، إذ مثّــل الأول له فقط، وعرّفه الثاني تعريفاً مقتضياً، وساق شواهدهما بعد ذلك، وأحال إلى عنوانين في نهاية الشرح، وهما [سوق المعلوم مساق غيره]، وهي تسمية السكاكي، و[التشكّك] وهي تسمية ابن رشيق، ويجمع الدكتور مطلوب هذه التعريفات جميعها تحت عنوان واحد هو [تجاهل العارف] ويضيف إليها ما قاله عنه علماء البلاغة على مرّ العصور مثل :التبريزي، والبغدادي، وابن منقذ، وابن الأثير، وغيرهم، ومن الملاحظ أنّه لا يكرّر تعريفاتهم إذا كانت موافقة لما تقدّمهم من تعريفات، بل يكتفي بالإشارة، وإيراد الشواهد، ويختلط هذا المصطلح بمصطلحين هما [التشكّك] الذي جعله الدكتور طبانة تسمية أخرى له، ومصطلح [الإعنات] الذي أورده ابن أبي الأصبع المصري، ولم يقف الدكتور مطلوب عند المصطلح الأول مع [تجاهل العارف]، بل أفرد له له عنواناً خاصاً في موضع آخر، ومردّ هذا إلى أنّ له مدلولاً مختلفاً عن مدلول [تجاهل العارف] هذا، فالتشكّك هو "أن يأتي المتكلم في كلامه بلفظة تشكّك المخاطب هل هي حشو أو أصلية لا غنى للكلام عنها ..."([76])، وهذا غير ما عرفناه عن تجاهل العارف، ويورد تحفّظ المصري على هذا المصطلح حين يذكر صراحة أنّ بعض المؤلفين التبس عليهم الأمر حتى أدخلوه في باب تجاهل العارف وهي إشارة مهمة، ولعلّه قد وضح لنا سبب استبعاد الدكتور مطلوب له من هذا المبحث، أمّا تسمية ابن رشيق فلا خلاف عليها، إذ إنّ معناه عنده، وشواهده تدخل تحت [تجاهل العارف]، ويبدو أنّ ميل البلاغيين إلى التدقيق، والتحديد في وقت متأخر قد أخرج التشكّك من حيّز [تجاهل العارف] ليكتسب مدلولاً خاصاً به، والمصطلح الثاني الذي اختلط به [تجاهل العارف] هو [الإعنات]، وهو لزوم ما لا يلزم، وله تسميات أخرى مثل: التضييق، التشديد، والالتزام، وعقد له الدكتور مطلوب عنواناً وحده([77])، وبحثه مفصّلاً، وأشار إلى التباسه بتجاهل العارف، وهما مختلفان، وصنع الدكتور طبانة كذلك صنيعاً مشابهاً حين أفرد له عنواناً([78])، أحال فيه إلى مصطلح آخر هو لزوم ما لا يلزم([79])، وأغفل الإشارة إلى الالتباس بينه وبين تجاهل العارف، ولن نعيد هنا الحديث عن الطول والقصر فهما جليان كما أن الشواهد من حيث الكثرة والقلّة واضحة في كلا المبحثين.

    ويبقى أمر أخير نودّ الوقوف عنده وهو أنواع الشواهد التي استخدمها كلاهما، وآثرنا تأخيرها لأنّها منتشرة في النموذجين المتقدمين، ولنبتعد عن تكرار الإشارة إليها في كلّ نموذج.

    ومن المعلوم أنّ الشواهد لون آخر من التعريف يعمد إليه الباحث بغية الإيضاح، وتقريب المدلول الخاص، إذ يوضح الشاهد كيفية استعمال هذا المدلول مطبّقاً على النصوص، ومن الملاحظ أنّهما يستعملان الشواهد المتداولة في كتب البلاغة، ويقف في مقدمتها القرآن الكريم، والحديث الشريف، يأتي الشعر بعد هذا في المرتبة التالية بلا تحديد لعصر معيّن، فالشعر العربي منذ عصره الجاهلي حتى وقت متأخر مفتوح أمامهما يختاران منه ما يشاءان، ويأتي النثر في مرتبة ثالثة، وهو أنواع: الأمثال، والرسائل، والخطب، والقطع الإنشائية، وقد ساعدت هذه الأنواع جميعها: القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر، والنثر، على توضيح الشرح، وتقريب معناه، وربط التنظير بالتطبيق بشكل مباشر، كما فتحت آفافاً أمام القارئ، والدارس لربط هذه المصطلحات بتلك الأنواع، وخصوصاً التي لم يستشهد بها المؤلفون في البلاغة، وهذا من مهمات البلاغة عموماً، والمصطلح البلاغي خصوصاً، وهو الاقتراب من أشكال الإبداع، ومحاولة كشف جوانب الجمال، والقبح فيها على حدّ سواء، ورأينا أنّ غالب الشواهد، إن لم تكن كلّها أجزاء أصيلة من النصوص التي يقتطعها الباحثان من المصادر، وتغزر هذه الشواهد أو تندر تبعاً لما ورد في تلك المصادر، وقد أتاحت هذه الطريقة، وخصوصاً في معجم الدكتور مطلوب، معرفة ما نقلته تلك المصادر من شواهد، ومدى إضافة اللاحق للسابق، وعدم التقيّد بزمن معيّن تقف عنده، وهو وجه من وجوه الموسوعية التي أشرنا إليها سابقاً، ولا شكّ أنّ هذا سيساعد كثيراً في نخل تلك المصطلحات، وشواهدها، واختيار ما هو صالح، متجدّد، داخل في صميم العمل الأدبي، وهذا جانب من الاقتراح الذي سنقف عنده بعد قليل.

    -11-

    سلك الباحثان سبيلين مختلفين في توثيق النصوص التي يأخذانها من المصادر، فبينما نرى الدكتور مطلوب يتخذ منهجاً وحيداً في هذا الأمر، نلحظ الدكتور طبانة يلجأ إلى أشكال متفاوتة فيه. فالدكتور مطلوب يعمد إلى توثيق نصوصه جميعاً مع استخدام الأقواس ليشير بوضوح إلى النصّ المقتبس، وقد انتظم التوثيق والإحالة المعجم كلّه، ثم صنع في آخر الجزء الثالث فهرساً شاملاً لمصادره التي اعتمد عليها يحوي معلومات تفصيلية عن المصدر من حيث العنوان، والمؤلف، والمحقّق، ومكان الطبع، وسنته. أمّا الدكتور طبانة فقد تنوّع التوثيق عنده، فهو تارة يأخذ به، وأخرى يدعه، وثالثة يشير إلى صاحب النص ويغفل ذكر المصدر، ولا نعلم السبب الذي حدا به إلى انتهاج هذه الأشكال الثلاثة، ولعل سؤالا نراه خليقاً أن يرد هنا مفاده أنّ ما لم يُوثَّـق في معجم الدكتور طبانة هو من عنده، فلا حاجة به بعد هذا إلى التوثيق، وهذه قضية جديرة بالتوقف، لا عند الدكتور طبانة وحده، بل عند كليهما جميعاً.

    رأينا في النموذجين السابقين عملية التوثيق، والإحالة في معجم الدكتور مطلوب واضحة، بيّنة، فهو لا ينقل نصاً إلاّ أشار إلى مصدره، واعتمد هذا النهج في المعجم كلّه مثلما ذكرنا سابقاً، ولا حاجة بنا إلى إيراد نماذج أخرى، فالمعجم كلّه دليل عليه، ولكنّنا نترّيث قليلاً عند الأشكال الثلاثة التي لحظناها في معجم الدكتور طبانة لنبيّن التفاوت بينها، وعدم سلوكه طريقاً واحداً في هذه العملية.

    1- التوثيق والإحالة، ويتبع الدكتور طبانة في هذا الشكل عملية التوثيق والإحالة، فيذكر صاحب النصّ، ويشير إلى مصدره مع ذكر الجزء والصفحة، فهو يقترب بذلك من صنيع الدكتور مطلوب وإن كنّا نجد هذا الشكل قليلاً في سائر المعجم. ففي مصطلح [البسط] يقول: "قال ابن أبي الأصبع: وهو ضدّ الإيجاز، وغير الإطناب، وهو أن يأتي المتكلم ..."([80])، ويستمر النصّ بعد هذا ليشير إلى مصدره وهو بديع القرآن، ص257، وفي مصطلح [الإبهام والتفسير] يقول: "قال العلوي في الطراز: إنَّ المعنى المقصود إذا ورد في الكلام مبهماً فإنّه يفيد بلاغة، ويكسبه إعجاباً وفخامة ..."([81])، ثمّ يحيل إلى الطراز ج2 ص88، وفي مصطلح [العبارة] يقول: "العبارة أو بيان اللسان، من وجود البيان عند صاحب البرهان، قال: لمّا كان ما يعتقده الإنسان من بيان الاعتقاد يحصل في نفسه غير متعدّ له إلى غيره ..."([82])، يحيل بعدها إلى كتاب البرهان، ص44، وهي طريقة سليمة ما دام ينقل النصّ بحروفه بلا تغيير، ولكنّه لم يصطنعها في المعجم كلّه مثلما قلنا.

    2- التوثيق بغير إحالة، وفي هذا الشكل يقوم الدكتور طبانة بإسناد النصّ إلى صاحبه مع إغفال الإشارة إلى المصدر، فهو يقول عن مصطلح [الإشارة] مثلاً: "الإشارة عند قدامة، هي إيجاز القِصَر عند غيره، وهي من نعوت ائتلاف اللفظ والمعنى ..."([83])، والنصّ طويل ينقله عن كتابه نقد الشعر، ص174، ولكنّه يضنّ بالإشارة إليه، ويقول عن [ردّ أعجاز الكلام على ما تقدّمها] ما يأتي: "هو الباب الرابع من البديع عند عبدالله بن المعتز، قال: وهذا الباب ينقسم على ثلاثة أقسام: فمن هذا الباب ما يوافق آخر كلمة فيه ..."([84])، وهو من كتابه البديع، ص47، ولم يذكره الدكتور طبانة، ونرى الشيء نفسه في مصطلح [المعاظلة] حين يقول: "قال ابن الأثير: والمعاظلة معاظلتان: لفظية ومعنوية ..."([85])، ويثبت نصاً طويلاً جداً لابن الأثير من كتابه المثل السائر، 1/294 بلا ذكر له، ويحار القارئ أمام هذه الطريقة لا سيما أنَّه رأى التوثيق والإحالة في الشكل الأول، وهذا يدخل شيئاً من الاضطراب على بناء المعجم، ويجعله يتّخذ سبلاً متباينة.

    3- الأخذ من المصادر بلا إشارة أو توثيق، ويشيع هذا الشكل في المعجم كثيراً، ولعلّنا نقول إنّه السمة العامة عليه، وفيه يعمد الدكتور طبانة إلى اقتطاع نصوص كثيرة، ووضعها تحت المصطلح بلا نسبتها إلى أصحابها، أو إشارة إلى المصادر التي نُقلت عنها، فمن ذلك مصطلح [المزواجة] حين يقول عنه: "هي أن يزواج المتكلّم بين معنيين في الشرط والجزاء، بأن يرتّب على منهما معنى رتِّب على الآخر ..." ([86])، فهذا قريب من كلام عبد القاهر الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز، ص 93، نقله الدكتور طبانة بشواهده بلا إيراد له، ومثله مصطلح [الطيّ والنشر]، حيث قال: "الطيّ والنشر أن يُذكر متعدّد، ثم يذكر ما لكلّ من أفراده شائعاً من غير تعيين، اعتماداً على تصرّف السامع في تمييز ما لكلّ واحد منهما، وردّه إلى ما هو له، وهو نوعان ..."([87])، وهو ينقل كلام القزويني في الإيضاح، 4/34 بلا إشارة إليه، ويصنع الصنيع نفسه مع مصطلح [الإيهام] الذي ينقل فيه كلام الحلبي من كتابه حسن التوسّل، ص 250، وهو "أن يذكر المتكلّم ألفاظاً قريبة وبعيدة، فإذا سمعها الإنسان سبق إلى فهمه القريب، ومراد المتكلّم البعيد، ومثاله ..."([88])، ولكنّه يغفل الإشارة إليه، وإلى كتابه.

    ونرانا بعد الذي تقدّم ملزمين بالوقوف عند ذلك الذي أثير في مفتتح الحديث وهو: أَنَّ ترك التوثيق ربّما عاد إلى أنَّ الكلام الموجود من عند الدكتور طبانة نفسه، فلا يحتاج فيه إلى التوثيق عندئذ، بَيْد أنّنا رأينا أن تـتبّع الشرح يومئ إلى أنَّ النقل من المصادر هو الأصل، وما عداه هو الفرع، يضاف إلى هذا أنَّ الدكتور طبانة نفسه قد صرَّح في مقدمة المعجم بأنَّه قد استعان "في تأليف هذا المعجم بجميع ما استطاع الوصول إليه أصول البلاغة ومراجعها المعتمدة"([89])، وأضاف قائلاً : "وقد كان لي في بعض فصول هذا المعجم ملاحظات استدركت بها على بعض علماء البلاغة، ولم يسعني إلا أن أسجّلها مسبوقة بعبارة: قلت: فحيثما وجد القارئ هذه العبارة، فليعلم أنَّ ما بعدها من تعقيبات مؤلف هذا المعجم"([90]) فهذا قول صريح ينبئ بالأخذ، ويدل على مواضع الإضافة، ولسنا في معرض النيل من عملية النقل من المصادر، فهذا هو السبيل القويم، ولكنّ المأخذ هو عدم اطّراد تلك العملية، وسيرها على نظام متناسق، وقد أحصى الدكتور قلقيلة مواضع [قلت] هذه في معجم الدكتور طبانة فوجدها ستة وعشرين موضعاً فحسب في معجم بلغت موادّه تسعمئة وثلاثة مداخل مثلما ذكرنا سابقاً، ويختلف معجم الدكتور مطلوب في هذا الأمر أيضاً، وهذا الاختلاف نابع من الهدف أيضاً، فالمدقّق فيه يخرج بنتيجة مفادها أنَّ صاحبه أراده بحثاً شاملاً للمصطلحات البلاغية، فهو بالإضافة إلى حشد أقوال العلماء في المصطلح الواحد، يرتّبها ترتيباً تاريخياً، القديم، فالحديث، ويتحرّك بين هذه الأقوال ليبدي رأيه، ويشير إلى ما استقرّ عليه مدلول المصطلح، أو الاختلاف الذي وقع فيه، ويرجّح بعض الآراء على بعض، ويقدّم الرأي النهائي فيها، فكأنّ تلك الآراء التي كان ينقلها كانت لبنة في المعجم، وجاء الترتيب، ومناقشة الآراء، والرأي الشخصي لبنات أخرى فيه، زادته إحكاماً، وأضاءت الطريق لمن يريد أن يكمله، ويصل إلى غايته، ولا يذهب الظنّ إلى أنَّ جميع المصطلحات جاءت على هذا المنوال، فبعضها كان يُكتفي فيه بالنقل، والترتيب، ولكنّ السمة الغالبة كانت تلك التي أشرنا إليها قبل قليل.

    -12-

    نعود إلى المشكلة التي بدأنا بها هذه الدراسة سعياً وراء الاقتراح الذي نتوسمّه بعد دراستنا المعجمين السابقين، وإشارتنا إلى مجموعة من الإشكالات التي كانت تكتنفهما من خلال المداخل، والمصطلحات، والشروح، والتوثيق، ممّا رأينا فيما سبق.

    تبيّن من خلال المادة الغزيرة التي قدّمها المعجمان أنّ استثمار إمكانيات البلاغة، وطاقاتها المتنوعة، أمر يرد بقوة، وأنَّ مقولة استنفاد البلاغة أغراضها فيها نظر شديد، فقد رأينا الوجهين: النظري، والتطبيقي يترافقان في جهود البلاغيين، وسعي هذين الوجهين الدؤوب إلى اكتشاف مكامن الجمال في النصوص من خلال الأدوات المتاحة، أمّا الجانب الآخر منها وهو الوقوف والجمود، فهذا من الممكن صرف النظر عنه، والاهتمام بالجوانب المضيئة فحسب، إذ إنّ القدرة على الانتقاء يجب أن تكون عالية، وذات حساسية مفرطة، ومّما يؤيد هذا الكلام ما نراه في بعض معاجم المصطلحات الأدبية الحديثة من اتفاق مضمون مصطلحاتها مع ما كانت المصطلحات البلاغية تقدّمه من مضامين، وحسبنا معجم واحد هو [معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة] للدكتور سعيد علوش، وهو من المعاجم التي تعتمد في استقاء معلوماتها على المراجع العربية الحديثة، والأجنبية [الإنكليزية، والفرنسية] بمعنى أنّه لم يأخذ من المصادر البلاغية، أو الأدبية العربية القديمة، ومع هذا نجد اتفاقاً في مضامين كثير من مصطلحاته مع مصطلحات البلاغية والنقد العربيين، مثال ذلك مصطلح [الاقتباس] الذي يقول عنه:

    1- أخذ حرفي أو مضموني أو بالفكرة.

    2- تحويل خطابي، عبر إعادة سبك العمل الأدبي، وتكييفه مع وسط اجتماعي أو أدبي ما.

    3- والاقتباس، اقتباس حرفي ومضموني، ويزدهر خلال نهضات الشعوب خاصة([91]). ولا يخرج هذا المفهوم كثيراً عمّا قرّر في البلاغة العربية سوى ذلك التخصيص الذي رأيناه مقترناً بالقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وهذا من خصوصيات ذلك الفكر الذي يُحلّ القرآن الكريم والحديث مكانهما اللائق بهما، ويفسح المجال أمام الاستفادة من جمهرة النصوص لتنضوي تحت شكل آخر.

    ونقف أيضاً عند مصطلح [الغموض] عندهما، يقول الدكتور علوش: "الغموض":

    1- طبيعة خطاب (لغوي أو أيّ نظام دالّ) يملك عند متلقّيه، أكثر من معنى، ويستحيل عليه تأويله بدقة.

    2- ويفترض إعلان خبر من قبل باعثه، وضوحه، ما دام يبلغ معنى واحداً، إلاّ إذا كان باعث الخبر، يرغب في توصيل معانٍ مختلفة.

    3- ويعود (الغموض)، إلى تعدّد القراءات/ التأويلات/ المقاصد.

    4- كما يعزى (الغموض) إلى تعدّد المعاني القاموسية.

    5- وتساهم البنية السطحية للخطاب، في تمثيلاتها سيميائية متعدّدة، بإنتاج (الغموض) التركيبي([92])، ويقول الدكتور مطلوب: "الغموض" الغامض من الكلام خلاف الواضح ... وذهب ابن سنان إلى الوضوح، وعدّه من شروط الفصاحة ... وكان أبو إسحاق الصابي قد ذهب غير هذا المذهب، وزعم أنَّ الحَسَن من الشعر ما أعطاك معناه بعد مطاولة، ومماطلة، والحسن من النثر ما سبق معناه لفظه ... ورفض ابن سنان هذا الفرق، وقال: إنَّ الشعر والنثر سواء في هذه المسألة ... وأرجع الغموض إلى ستة أسباب: اثنان في اللفظ بانفراده، واثنان في تأليف الألفاظ بعضها مع بعض، واثنان في المعنى، فأمّا اللذان في اللفظ بانفراده فأحدهما أن تكون الكلمة غريبة، والآخر أن تكون الكلمة من الأسماء المشتركة مثل: الصدى الذي هو العطش والطائر والصوت، وأمّا اللذان في تأليف الألفاظ، فأحدهما فرط الإيجاز، والآخر إغلاق النظم، وأمّا اللذان في المعنى فأحدهما أن يكون في نفسه دقيقاً، والآخر أن يحتاج في فهمه إلى مقدمات إذا تصوّرت بُني بذلك المعنى عليها ... وقد يكون سبب الغموض المجازُ ... وقد يكون الغموض من التركيب لا من اللفظ المنفرد الذي قد يكون واضحاً ..."([93])، ويلاحظ التشابه في المضمونَين، واقترابهما من طرح أفكار متماثلة، تشير إلى التجاور، والمتح من بئرين ليسا بذلك البعد الذي يعتقده الكثير، ومن الضروري أن نؤكد هنا أنّنا لم نرمِ إلى القول بالتطابق بن مضامين تلك المصطلحات، وشروحها ولكنّنا أردنا الإلماح إلى التشابه الكائن مّما يشير إلى اشتغالهما في منطقة واحدة، أمّا الاختلاف في طريقة الشرح، والتعبير عنه فراجع إلى اختلاف الثقافات، ونوعية الأدوات، ومناهج التفكير، ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا، أو يتجاوزه.

    ولعلّنا بعد العرض السابق نستطيع مقاربة الاقتراح الذي نراه يتفرّع إلى محورين، أولهما يدعو إلى ما يأتي:

    1- إعادة قراءة مباحث البلاغة العربية، وما قدّمته من أفكار، وتطبيقات وفق نظرة تقوم على الاحترام، والثقة بإمكاناتها، وقدراتها.

    2- سدّ الفجوة [المصطنعة] بين مصطلحات البلاغة والنقد العربي القديم، وتوجيه النظر إلى استثمار تلك المصطلحات بعقلية تكاملية تزيد من فاعليتها على تحليل النصوص، وتراها كلاً واحداً ملتحماً، الغاية منه مقاربة النصوص، لا الترف العقلي المضلّل.

    3- إغفال التفريعات الكثيرة، والتحديدات العقلية، والمباحث المنطقية التي انتشرت في كتب البلاغة المتأخرة، والاكتفاء بما يضيء النصّ، ويكشف عوالمه المختلفة.

    4- الاقتصار على مصطلح واحد للمفهوم، بحيث يساق ذلك المصطلح بتنظيره، وتطبيقه، ويشار إلى الترادف إشارات مقتضبة، وبذلك نتجاوز عن الإشكاليات التي أشرنا إليها فيما سبق مثل المصطلح المركب، أو المتداخل، أو المتكرر.

    5- توسيع النظرة إلى المصادر المعتمدة بحيث لا تقف عند حدود المصادر المتداولة في البلاغة وحدها، تلك التي اقتصرت على علومها المستقرّة: المعاني، والبيان، والبديع، بل تشمل أيضاً مصادر الأدب الأصيلة، وجهود النقاد المتخصّصين، وغير المتخصّصين، وما انتشر في تلك الكتب من مصطلحات، أو شروح لمصطلحات متداولة.

    6- نخل معاجم المصطلحات الأدبية الحديثة، وهي ليست بكثيرة، ومحاولة معرفة نقاط الالتقاء بينها وبين المصطلحات العربية القديمة، ورصد الجديد الذي قدّمته مستفيدة من المناهج الحديثة، كي تتضّح الصورة، فيبقي القديم النافع، ويمزج بالجديد النافع أيضاً، ويُهمل ما عدا هذين، ممّا هو داخل في التفريع، والتحديد، والبُعد عن تحليل العمل الأدبي.

    7- النظر المتكامل إلى مصطلحات الأدب بقسميه: الشعر والنثر، وعدم الاقتصار على مصطلحات الشعر وحدها، وقد صحّح الدكتور مطلوب مقولة شائعة من أنّ البلاغة والنقد العربيين أوليا الشعر همَّهما، وأهملا النثر، ويشير إلى نتائج عمله في معجميه حيث تبيّن أنَّ المصطلح "لم يكن خاصاً بالشعر، وإنَّما شمل النثر بألوانه المعروفة في ذلك العهد"([94])، ويضاف إلى هذا ما قدّمته المناهج الحديثة من مصطلحات الفنون، وألوان لم يكن للعرب عهد بها، سعياً وراء التكامل، والإفادة من الجديد الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

    ولتحقيق النقاط السابقة، وهو المحور الثاني، نرى أن يُعمد إلى تحرير معجمين مختصّين، يسمّيان: معجم المصطلحات الأدبية العربية، يمثّل الأول المرحلة الأولى، وهو يعتمد اعتماداً مباشراً على المعاجم الثلاثة السابقة: معجم البلاغة العربية، د. طبانة، ومعجمي الدكتور مطلوب: معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ومعجم النقد العربي القديم. وذلك باستخلاص المادة البلاغية، والنقدية منها وفق ما تقدّم، وتقديم صورة عن المصطلح البلاغي النقدي بثوبه العربي الصرف، وتجنّب الإشكاليات التي مرّت الإشارة إليها، وهو معجم صغير، غايته الرصد، والشرح الموجز، وهدفه دارسو اللغة العربية، والمشتغلون بعلومها على اختلاف أصنافهم، أمّا المرحلة الثانية فتتمثّل في تحرير معجم آخر يقوم على المزاوجة بين مصطلحات المعجم الصغير وما اصطنعته المناهج الحديثة من مصطلحات مع ملاحظة ما ورد في النقطتين السادسة والسابعة السابقتين، والأخذ بما ذكر سابقاً من الوضوح، والدقّة التي يجب أن يتميّز بها المصطلح وشرحه، مع وضع اسمه بإحدى اللغات الأجنبية: الإنكليزية أو الفرنسية، وسيؤدي هذا المعجم ثلاثة أغراض مهمة:

    1- تقديم تصوّر واضح لجهود البلاغيين والنقاد العرب في مجال وضع المصطلح الأدبي، وسعيهم الدؤوب لإبعاد لغة النقد عن الفوضى، والإبهام، واقترابها من الموضوعية القائمة على التذوق السليم، والتعليل.

    2- رصد المصطلحات الجديدة التي أصبحت جزءاً حيوياً في لغة النقد العربي الحديث، ومحاولة توحيدها، والاستقرار على مصطلح مستقرّ واحد.

    3- التواصل المستمر مع جديد المناهج الأدبية من حيث اختيار مصطلحاتها، وترجمتها أو تعريبها بما يتلاءم مع الأدب العربي، وجذوره الفكرية، وخصوصيته القومية.

    ومن الواضح أنَّ هدف هذا المعجم هو القارئ العربي المهتمّ بالاطلاع على تراثه الحافل، والإفادة من المناهج على حدٍّ سواء، ولن تقف حدود هذا المعجم عند قارئ الأدب وحده، بل ستتعدّى إلى قارئ التاريخ، والفن، وعلم النفس، والفلسفة، على اعتبار أنَّ النقد الحديث يفيد من هذه الحقول الثقافية، ويستعمل الكثير من مصطلحاتها على أنَّها أجزاء أصيلة منه يعوّل عليها في تحليله العمل الأدبي، ومقارنته.

    ونحن نرى أنَّ هذين المعجمين في مرحلتيهما: الصغير، والكبير حاجة أدبية، وحضارية في الوقت نفسه، فهي حاجة أدبية لأنَّها تسدّ النقص الذي تعانيه المعاجم الموجودة الآن، فهي بهذا المعنى تقدّم البديل لما هو موجود من حيث بدايتها من مواضع انتهاء تلك الأعمال، فهي تبني عليها وتأخذ منها؛ لتجعل البناء أكثر طولاً، وأشدَّ إحكاماً، وهي حاجة حضارية لأنّها دعوة للتواصل، وحوار الثقافات المبني على الرصد الدقيق، والاستقصاء الشامل، ومعرفة الذات، واكتشاف ما لدى الآخرين. وهما – أي المعجمان - يسعيان بعد ذلك كلّه إلى أن يكونا لبنتين قويّتين في صرح تأسيس نظرية نقدية عربية حديثة، وهو مطلب ما فتئ المختصّون، والمثقفون يتحدّثون عنه، ويدلون بآرائهم في وسائل تحقيقه، والسعي نحوه. ولا ريب أنّ هذا مطلب جليل، ولعلّ هذه الدراسة، والمعجمين المرتقبين يحقّقان شيئاً من ذلك الأمل الذي كثر الحديث عنه، وطال انتظارنا له، وترقّبنا في نقله من عالم الخيال والتمنِّي إلى عالم الحيقيقة، والملموس.


    « المصادر والمراجع »

    1- الاتجاهات الحديثة في صناعة المعجمات. د. محمود فهمي حجازي. مقال نشر بمجلة مجمع اللغة العربية. القاهرة، الجزء الأربعون. سنة 1977م.

    2- البحث البلاغي عند العرب. د. أحمد مطلوب، منشورات دار الجاحظ للنشر. بغداد. الجمهورية العراقية. سنة 1982م.

    3- الحيوان. الجاحظ. تحقيق وشرح عبدالسلام محمد هارون، منشورات المجمع العلمي العربي الإسلامي. بيروت. لبنان. الطبعة الثالثة. سنة 1969م.

    4- الرسالة القشيرية، للإمام أبي القاسم عبدالكريم القشيري. تحقيق د. عبدالحليم محمود، ومحمود بن الشريف. دار الكتب الحديثة. القاهرة. سنة 1972م.

    5- العربية والحداثة، د. محمد رشاد الحمزاوي. دار الغرب الإسلامي. بيروت. لبنان. الطبعة الثانية. سنة 1986م.

    6- علم اللغة وصناعة المعجم. د. علي القاسمي. عمادة شؤون المكتبات. جامعة الملك سعود. الرياض. الطبعة الثانية. سنة 1991م.

    7- فلسفة الأدب والفن. د. كمال عيد. الدار العربية للكتاب. ليبيا. تونس. سنة 1978م.

    8- قاموس اللسانيات. د. عبدالسلام المسدي. الدار العربية للكتاب، سنة 1984م.

    9- كلام العرب. د. حسن الظاظا. دار المعارف بمصر. سنة 1971م.

    10- الكليات، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي. قابله على نسخة خطية وأعدّه للطبع ووضع فهارسه د. عدنان درويش، ومحمد المصري. منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي. دمشق. سنة 1981م.

    11- مجلة اللسان العربي. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. مكتب تنسيق التعريب. العدد العشرون، العدد الحادي والعشرون، سنة 1983م.

    12- مصطلحات بلاغية. د. أحمد مطلوب. مطبعة العاني، بغداد. الطبعة الأولى. سنة 1972م.

    13- المصطلحات العلمية قبل النهصة الحديثة. ضاحي عبدالباقي. الناشر: عالم الكتب. الطبعة الأولى. القاهرة. سنة 1979م.

    14- معجم البلاغة العربية. د. بدوي طبانة. منشورات جامعة طرابلس. كلية التربية. الطبعة الأولى. سنة 1975م. جزءان.

    15- معجم البلاغة العربية. نقد ونقض. د/ عبده عبدالعزيز قلقيلة. دار الفكر العربي. الطبعة الأولى، القاهرة. سنة 1991م.

    16- معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة. د. سعيد علوش. دار الكتاب اللبناني. بيروت. الطبعة الأولى. سنة 1985م.

    17- معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، د. أحمد مطلوب، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، بغداد. سنة 1983م، ثلاثة أجزاء.

    18- معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة وكامل المهندس مكتبة لبنان، لبنان. الطبعة الثانية. سنة 1984م.

    19- معجم النقد العربي القديم. د. أحمد مطلوب. دار الشؤون الثقافية العامة. وزارة الثقافة والإعلام. الجمهورية العراقية. جزءان. الطبعة الأولى. سنة 1989م.

    20- المعجم الأدبي. جبّور عبدالنّور. دار العلم للملايين. بيروت. الطبعة الأولى. سنة 1979م.

    21- المعجمات العربية، إعداد وجدي رزق غالي. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر. القاهرة. سنة 1971م.

    22- مقدمة في علم المصطلح. د. علي القاسمي. مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، سنة 1987م.

    23- مناهج البحث في اللغة. د. تمام حسان. دار الثقافة. الدار البيضاء. المغرب سنة 1979م.

    24- المنهجية العامة لترجمة المصطلحات وتوحيدها وتنميطها، د. محمد رشاد الحمزاوي. دار المغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1986م.


    ([1]) يقول الدكتور أحمد مطلوب: "... اتضح أنَّ البحث البلاغي نشأ كغيره من البحوث اللغوية، ونما، وازدهر، ثمّ أصيب بنكسة بعد القرن السابع"، البحث البلاغي عند العرب، ص108.

    ([2]) ينظر على سبيل المثال: علم اللغة وصناعة المعجم، د. علي القاسمي، ص21، وما بعدها، وبحث الدكتور محمود فهمي حجازي عن [الاتجاهات الحديثة في صناعة المعجمات]، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، الجزء الأربعون، سنة 1977، وكلام العرب، د. حسن ظاظا، والمعجمات العربية، إعداد وجدي رزق غالي، وغيرها.

    ([3]) الاتجاهات الحديثة في صناعة المعجمات، ص105.

    ([4]) كلام العرب، ص125.

    ([5]) المصدر السابق، ص147.

    ([6]) قاموس اللسانيات، ص87.

    ([7]) علم اللغة وصناعة المعجم، ص46.

    (1) مجلة اللسان العربي، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. مكتب تنسيق التعريب. العدد العشرون، والعدد الحادي والعشرون، سنة 1983م.

    ([9]) التعريفات، ص22-23.

    ([10]) الكليات، 1/202.

    ([11]) مقدّمة في علم المصطلح، ص215.

    ([12]) قاموس اللسانيات، د. المسدي، ص87.

    ([13]) الحيوان، 3/368.

    ([14]) الرسالة القشيرية، 1/200.

    ([15]) مناهج البحث في اللغة، ص16.

    ([16]) المرجع نفسه، ص16.

    ([17]) مقدمة في علم المصطلح، ص35.

    ([18]) ينظر كتابه المنهجية العامة لترجمة المصطلحات وتوحيدها وتنميطها، مع الاعتناء بتوصيات ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي العربي واقتراحاتها التي أثبتت في هذا الكتاب، ص121، وما بعدها.

    ([19]) العربية والحداثة، ص99.

    ([20]) مثال ذلك مقال الدكتور علي القاسمي وجواد حسني عبد الرحيم عن [ببليوغرافية المعاجم المتخصصة]، وكتاب وجدي رزق غالي عن [المعجمات العربية].

    ([21]) معجم البلاغة العربية، 1/11.

    ([22]) نذكرها هنا على سبيل المثال: معجم المصطلحات الأدبية، مجدي وهبة. معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مجدي وهبة وكامل المهندس. المعجم الأدبي، جبور عبدالنّور. معجم مصطلحات النقد الحديث، حمدي صمود. معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، د. سعيد علوش. فلسفة الأدب والفن، د. كمال عيد، وغيرها.

    ([23]) من الضروري أن نشير هنا إلى أنّ الدكتور أحمد مطلوب كان قد أصدر كتاباً سنة 1972 عنوانه [مصطلحات بلاغية] كسره على خمسة مصطلحات فقط هي: الفصاحة- البلاغة- المعاني- البيان- البديع، بحث مدلولاتها، وتطوّر هذه المدلولات التاريخي بشكل تفصيلي، ولم "يقف عند موضوعات كلّ مصطلح وأمثلته لأنّ ذلك ليس ممّا سعينا إليه"، كما يقول، ولعلّ ذلك الكتاب يمثل البذرة الأولى، والبداية الجادّة في رصد مصطلحات البلاغة، ووضعها في معجم خاص ممّا تهيّأ له بعد سنين، ينظر مصطلحات بلاغية، ص8.

    ([24]) معجم البلاغة العربية، نقد ونقض، ص11.

    ([25]) الاتجاهات الحديثة في صناعة المعجمات. د. محمود فهمي حجازي، ص89.

    ([26]) معجم البلاغة العربية، 1/15.

    ([27]) كلام العرب، د. حسن ظاظا، ص147.

    ([28]) معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 1/8-9.

    ([29]) معجم البلاغة العربية، 1/14.

    ([30]) معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 1/6.

    ([31]) ينظر كتاب المصطلحات العلمية قبل النهضة الحديثة، ضاحي عبدالباقي، ص109 وما بعدها، إذ يتحدّث عن كثير من المعجمات المتخصصة التي اتبعت هذا الترتيب.

    ([32]) معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 1/332.

    ([33]) معجم البلاغة العربية، 1/29-30.

    ([34]) معجم البلاغة العربية، 1/473.

    ([35]) ينظر معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 1/332، وما بعدها.

    ([36]) معجم البلاغة العربية، 1/26، والأرقام المثبتة هي أرقام المصطلحات مثلما وردت في المعجم.

    ([37]) 1/73.

    ([38]) 1/123.

    ([39]) 1/126.

    ([40]) 1/149.

    ([41]) معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 1/66.

    ([42]) 1/169.

    ([43]) 1/368.

    ([44]) 1/376.

    ([45]) 2/49.

    ([46]) معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، 3/344 - 345.

    ([47]) المصدر نفسه، 1/354-356.

    ([48]) و(2) معجم البلاغة العربية، نقد ونقض، ص66 وص155.



    ([50]) معجم النقد العربي القديم، 1/6.

    ([51]) معجم البلاغة العربية، 1/15.

    ([52]) أنوار الربيع ج5 ص342 وينظر كفاية الطالب، ص154.

    ([53]) اللسان (جهل).

    ([54]) البديع ص62.

    ([55]) كتاب الصناعتين ص 396.

    ([56]) الوافي ص 295، قانون البلاغة ص 459.

    ([57]) البديع في نقد الشعر ص 93.

    ([58]) نهاية الإيجاز ص 114.

    ([59]) سورة سبأ 24.

    ([60]) مفتاح العلوم ص92.

    ([61]) المصدر نفسه ص202.

    ([62]) جوهر الكنز ص208.

    ([63]) التبيان ص188.

    ([64]) تحرير التحبير ص135، بديع القرآن ص50.

    ([65]) تحرير ص135، بديع القرآن ص50.

    ([66]) حسن التوسل ص231، نهاية الأرب ص123.

    ([67]) سورة القمر 24.

    ([68]) سورة هود 87.

    ([69]) سورة المائدة 116.

    ([70]) سورة يوسف 31.

    ([71]) نضرة الإغريض ص192.

    ([72]) الإيضاح ص378، التلخيص ص385.

    ([73]) شروح التلخيص ج4 ص403، المطول ص443، الأطول ج2 ص219، شرح عقود الجمان ص130، وينظر الروض المريع ص131.

    ([74]) الطراز ج3 ص80.

    ([75]) خزانة الأدب ص122، أنوار الربيع ج5 ص119، المنزع البديع ص277.

    ([76]) معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها، 2/225.

    ([77]) المصدر نفسه، 1/253، وما بعدها.

    ([78]) معجم البلاغة العربية، 2/580.

    ([79]) المصدر نفسه، 2/792، وما بعدها.

    ([80]) المصدر نفسه، 1/78.

    ([81]) المصدر نفسه، 1/106.

    ([82]) المصدر نفسه، 2/511، وينظر كذلك: 1/133، 2/516، 2/529، 2/531، 2/561، 2/573، وغيره.

    ([83]) المصدر نفسه، 1/389.

    ([84]) المصدر نفسه، 1/290.

    ([85]) المصدر نفسه، 2/549، وينظر كذلك، 2/513، وغيرها.

    ([86]) المصدر نفسه، 1/325.

    ([87]) المصدر نفسه، 1/487.

    ([88]) المصدر نفسه، 2/976.

    ([89]) المصدر نفسه، 1/12.

    ([90]) المصدر نفسه، 1/15.

    ([91]) معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، ص172.

    ([92]) المصدر نفسه، ص158.

    ([93]) معجم النقد العربي القديم، 1/151-153.

    ([94]) المصدر نفسه، 1/30.

  2. #2
    لبيك ياحسين
    in my haert
    تاريخ التسجيل: September-2013
    الدولة: واسط _العزيزية
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,323 المواضيع: 480
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 1213
    مزاجي: جيد
    المهنة: خريج/قسم علوم حاسبات
    أكلتي المفضلة: برياني
    موبايلي: 7Jكلاكسي
    آخر نشاط: 18/December/2023
    مقالات المدونة: 1
    يسلمؤؤؤؤ

  3. #3
    من المريخ
    KOREAN GIRL
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الدولة: البصرة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,083 المواضيع: 165
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 613
    مزاجي: كيوت
    المهنة: طالبة جامعيه/ كليه علوم
    أكلتي المفضلة: سمك مشوي
    موبايلي: Nokia 6
    آخر نشاط: 19/October/2017
    مقالات المدونة: 5
    يسلموووووووووووووووووو

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال