يوم من ايام الغربة - 4
بصراحة ندمت على موقفي المتسرع خلال مقابلتي
في مقر الـ UNHCR
ولكن .... لماذا استعجلت ... او لاقل كيف فعلت ؟
لا اعلم انا ايضا ... فرغم ان خياراتي كانت محدودة
القبول بما طلبوه مني .... وسيمر الموضوع دون ان يثير انتباه احد
او الرفض ... وهذا معناه التشرد في شوارع الغربة الباردة
على كل حال لا ينفع الان الندم
كان اللاجئ الذي تم رفضه وهو من قال لي ما قال ينتظر ويعد الايام لانتهاء
فترة اقامته في تركيا ولكن كان لديه اما ان اخوه لاجئ في اوربا ويبعث له بالمال بشكل منتظم
كما انه ينسق له طريقة للهروب الى اليونان (بالقجغ)قبل انتهاء اقامته في تركيا وتعرضه لتطبيق قانون
(السنور دش ) يعني الابعاد خارج الحدود
قابلته في الشارع وانا ذاهب الى بيت
لاقوم بتبديل مغسلة وصنابير ماء معطلة , ورافقني لنتسلى في الطريق
وهنا اعترف لي ان المحامي ساومه لتقديم معلومات مقابل قبول طلب لجوءه بالامم المتحدة
لكنه بعد الحصول على المعلومات قام برفض طلبه
لا ادري لماذا صدقت كلامه
احسست انه يقول الحقيقة .... وانا من النوع الذي يصدق احساسه
قال لي : سيتم رفض طلبك للجوء خلال ثلاث اسابيع
قلت : مو مشكله امري لله
قال : لا تدير بال اخلي اخوية يطلعنا للخارج على حسابه
لم ترقني الفكرة فانا لم اتعود الاستجداء او قيام الاخرين بالشفقة علي
قلت : ساعمل بجهد واجمع مالا يكفيني للذهاب خارج تركيا
قال : لن تستطيع فالمورد قليل والمصاريف كثيرة
عدت مساء
وكنت قد جنيت مبلغ ثمانية ملايين ليرة
قال لي صاحبي في المطحنة : خوما تبقى تنام بالشوارع ؟
صراحة احسست بالخجل وقلت : علواه الكالي مكان ايجار فد غرفه
قال : اكو دكان فارغ ايجاره خمس ملايين بالشهر اجره واكعد بيه
كان الدكان يقع تحت منزل مكون من طابقين
وتسكن المنزل عائلة غجرية , وفي داخل المحل كان هناك حمام صغير
دفعت لهم مقدمة الايار لمدة شهر
واعطوني الدكان وقمت بلصق الجرائد على الجامخانه
الان اصبح لي بيت مكان انام فيه
ولن اكون فرجة للناس وانا نائم ... شكرا لله
ولكنهم قالوا انهم سيقومون بفتح الدكان خلال الاشهر الثلاث القادمة
لذلك سيكون سكني مؤقتا
قامت الام في هذه العائلة بارسال
يطغ وجرباية الى الدكان وعزمتني على العشا
لقد كانت فعلا عائلة غجرية مرحة .... فهم لا يكفون عن الضحك والعزف والرقص
ضحكت طويلا وانا اتصور(ابو وسيم) وهو صاحبي في السجن
لو رآني وانا اعيش مع الغجر لسخر مني وفضحني فضيحه
عدت في الثانية عشر ليلا الى منزلي (دكاني)
وانا احس بنوع من التغيير
صراحة لقد اعادت لي (الام) وهي هنا رئيس العائلة الغجرية واللآمر والناهي فيها حسب عرفهم
وهي عائلة مكونة من 23 فردا
اعادت بعد اسبوع مبلغ الايجار الي
وقالت : كلش عيب انت خطارنا وناخذ منك فلوس ... وبعدين انت غريب
موقفها اثر بي بشكل كبير
انها المرة الاولى التي اواجه موقفا انسانيا بحتا بعيدا عن المصالح
خلال الشهر الاول كنت قد وطدت علاقتي بالغجر
( بس مو عبالكم كمت ادك واركص وياهم ... لا )
كان الناس ينظرون اليهم بدونية
ولكني اعتقد انهم مجتمع رائع ... لقد تعلمت منهم القناعه
والبساطة
وبعد شهر اخر ابلغتني الام بان ولدها سيفتتح الدكان
وطالبت مني تركه ولكنها قالت ان بيتها مفتوح لي .... وان بامكاني السكن في غرفة خلف الدكان داخل بيتهم
صراحة الفكرة لم تعجبني ... لانني لا استطيع ان اكون عبئا ومصدر احراج
في الصباح ابلغني احد اللاجئين بان المحامي يطلب لقائي
ذهبت الى مقر الامم المتحدة
ولكنهم لم يدخلوني
وطالبني الساعي بالتوقيع على ورقة تبليغ من خلف البوابة الحديدية المشبكة
وسلمني مغلفا لا زلت احتفظ به
واغلق الباب بسرعه
خرجت الى الشارع وفتحت المغلف وكانت رسالة اعتذار من الـ UNHCR
تبلغني برفض طلب لجوئي لعدم انطباق معايير منح اللجوء على قضيتي
وكان المحامي يقف في نافذته ينظر الي وهو مبتسم
ابتسمت له باستهزاء واشرت بيدي DOWN
يتبـــــــــــــع