مرحباا
هنالك اسماء مشهورة وواسعة الانتشار وذات مدلولات عديدة فتاتي احيانا بصيغة ثنائية او ثلاثية التركيب
والادماج والاقتران والاضافة ،
فمنها ذات علاقة بالزمان والمكان (أي تجمع بين التاريخ والجغرافية) للتاشير على عمل خالد ، او منجز حضاري معين، ومنها ذات ارتباط بالحب والغرام والهيام ، ومنها ما لها صلة بتاريخ العلوم والفنون والمخترعات والاعمال العمرانية او تمجيد الاشخاص (كالملوك والحكام)
او ابراز مكانة الرموز المقدسة في حياة الانسان الاعتقادية واتجاهاته الروحية،
مثل بيعة الرضوان وقضاء علي ومصحف عثمان وطريق زبيدة وبرج بابل وذي قار ومنارة الاسكندرية
وعدالة عمر وكرم حاتم وقيس وليلى والبصرة الفيحاء وسيف الله المسلول وثمر يرعش ، وجميل و بثينة ،
وعنترة وعبلة ، وقوس قزح وباب المندب ،
وقاضي الحاجات وتاج محل وام المساكين والمعلم الثاني ..الخ
ونسوق للقارئ من تلك النماذج على سبيل الاختيار لا الحصر واحدة من تلك الاسماء اللامعة راجين الله ان نسهم جميعاً بالكتابة عن تلك المجاميع المستفاضة الذكر ،
وموضوعنا هو الحديث عن طريق زبيدة خالد الذكر في صفحات التاريخ لحد هذا اليوم الذي يحوي في مغزاه بين التاريخ والجغرافية
أي المكان والزمان ،مضافٌ اليهما فضائل السيدة الهاشمية زبيدة ام الخليفة الامين ذات الشهرة في صفحات التاريخ ،
فيجيبنا التاريخ وبمعونة شواهد الجغرافية من تضاريس ومناخ وبيئة
،ان السيدة زبيدة لما ورد الى سمعها صعوبة انتقال قوافل الحجاج الى الديار المقدسة،
فقامت باعظم مشروع خيري في تاريخ العرب بانجازها لهذا العمل الخالد وهو ما سمي بطريق زبيدة ،
فما هو هذا الطريق ؟
فالجواب : هي عبارة عن برك وابار حفرت قديماً بامر السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد
لاسعاف القوافل الخاصة بالحجاج خلال موسم الحج وتجهيزهم بمياه الشرب اللازمة ، وتامين كافة احتياجاتهم ،وكذلك للمسافرين بين العراق والحجاز وتحديداً بين مدينة النجف الاشرف والشبكة والجميمة وحتى المدينة المنورة ، وبموجب ما جاء من دراسات علمية تاريخية ان سبب حفر تلك الابار والبرك
هو لاجل خزن مياه السيول والامطار وعلى مسافات قريبة من بعضها البعض،
وقد تم اختيار مواقعها في المحلات المناسبة والتي يسهل معها جمع مياه السيول نتيجة الامطار التي تنساب اليها من الوديان والمسايل القريبة منها لتكون مخزناً يستوعب تلك المياه ..
( وهي عبارة عن برك عبر طول طريق الحج الذي يربط العراق بالحجاز في البوادي ،
وهي من صنع الانسان العربي الذي استطاع بخبرته الهندسية في ذلك الزمان من تعمير الصحراء بهذه الصورة العملاقة من الانجاز الاروائي ، وقد شيدت بالايادي العربية بدقة بارعة وليس كما هو الان بالطرق الميكانيكية والالات الحديثة ،
هذا وقد تم تشييد وبناء بالقرب منها محلات تصلح لارواء الحيوانات
والتي يطلق عليها (بالجابيات) وهي جمع جابية ..
وقد شيدت البرك من رخام ابيض ممزوج بحمرة طبيعية وقد جلبت من اماكن بعيدة، كما وتم حفر بعض الابار بالقرب من تلك البرك وبمحلات قريبة منها
لتتسرب اليها مياه البرك الكائنة بجوارها ،وقد تم تبطين تلك الابار بالاحجار وبنظام هندسي متقن وتقدر اعماقها بين 40 ـ 50 متراً ،وتتراوح اقطارها بين 3 ـ 4 امتار وهي على هيئة مستديرة او مربعة ..وتلك البرك المائية شيدت على هيئة احواض ارضية مستطيلة الشكل تتراوح اطوالها بين 30 ـ 50 متراً وباعماق تتراوح بين 3 ـ 4 امتار وسمك جدرانها بين 1ـ2 متراً مرصوفة بالحجر الرخام وقد تم عمل درجين متقابلين في كل بركة للنزول بهما الى قاعها ويتراوح عرض المدرج الواحد بين 3ـ4 امتار.
وقد تم عمل فتحة لايصال المياه بين كل بركتين متجاورتين .
وتبدأ هذه الابار والبرك بعد منطقة الرحبة (خان الرحبة) والتي تقع جنوب غرب النجف الاشرف بمقدار 35 كيلو مترا وعلى امتداد الطريق العام الذي يربط النجف الاشرف بالمدينة المنورة وفيما يلي اسماؤها ومواقعها بالترتيب:
1- بركة زبيدة وتبعد 16 كم عن الرحبة وهي بركة مستديرة قطرها 30 متراً.
2- بركة ام كرون :وهذه تبعد حوالي 6 كيلومترات عن بركة زبيدة ويبلغ طولها حوالي 60 متراً وعرضها حوالي 50 متراً .
3- بركة البوير : وتبعد 11كيلومتراً عن ام كرون .
4- بركة مغيثة وهذه تبعد حوالي 33 كيلو متراً عن بركة البوير ، وتبعد عن ام كرون بـ 24 كيلو متراً وهي عبارة عن حوضين متجاورين الاول منها على هيئة مستطيل ابعاده 60×50 متراً والثاني على هيئة مربع ضلعه 50 متراً.
5- بركة حمد : وتبعد عن بركة مغيثة بحوالي 13 كيلو متراً وهي بركة مستديرة الشكل وقد طمرتها الاتربة.
6- بركة الحمام : وهي تبعد عن بركة مغيثة بحوالي 26 كيلو مترا وعن بركة حمد بمقدار 13 كيلو متراً ويبلغ طولها حوالي 30 متراً وعرضها 15 متراً وقد تم عملها نحتاً في موقعها وذلك في الاراضي الصخرية ،ويوجد حوضان مستطيلان في جهتيها الشمالية والجنوبية عرض كل منها 3 امتار.
7- بركة الطليحات :وهذه تبعد بمقدار 30 كيلو متراً عن الحمام وفيما يلي البرك والابار الموجودة في تلك المنطقة:
أ:بركتان كبيرتان متجاورتان مربعتا الشكل ضلع كل واحدة منها حوالي 50 متراً.
ب.ثلاث برك صغيرة واحدة منها مستديرة الشكل قطرها حوالي 20 متراً وهي مطمورة والاثنتان الاخريان مستطيلتا الشكل طول وابعاد كل واحدة منها25×10 امتار.
جـ.بئران بالقرب من البركتين المسطيلتين ،كما توجد قناة لكل بئر تتصل بالبركة المستطيلة المجاورة لها وفوهة هاتين البئرين على شكل مربع ضلعها حوالي 5 امتار.
د.بئران اخريان في الناحية الشمالية من البركتين الرئيسيتين .
8- بركة اشبيجة :تبعد بمسافة 34 كيلو متراً عن بركة طليحات.
9- ابار شراف وتبعد عن اشبيجة بمسافة 63 كيو متراً
10- ابار واكصة وتبعد عن شراف بمسافة 6 كيلو متران.
11- بئر عيدها وتقع على بعد 108 كيلو مترات عن واكصة.
12- بئر جميمة :وتبعد عن بئر عيدها بمسافة 47 كيلو متراً.
وفيما يلي اسماء مواقع البرك والابار والمسافات بالكيلومترات اعتباراً من جميمة وحتى المدينة المنورة
(باعتبار جميمة اخر نقطة داخل الحدود العراقية) .
الجميمة عبارة عن بركة ومنها المنطلق تليها زبالة 65كم عن جميمة ولينة وهي مجموعة ابار 117 كم عن جميمة وبركة العشار 179كم عن جميمة والتربة
وهي بئر 303كم عن جميمة وشعيبة وهي مجموعة ابار وتبعد 385 كم عن جميمة والبقعة (وهي ابار)
وتبعد 453كم عن جميمة وحائل (وهي بلدة) وتبعد 556كم عن جميمة ..وغزالة (وهي قرية وابار) وتبعد 649 كم عن جميمة ..
وحليفة (وهي قرية وابار ) وتبعد 757 كم عن جميمة ..وفاتوذة (وهي ابار) وتبعد 834 كم عن جميمة وحناكية (قرية وابار) وتبعد 910كم عن جميمة ..
والمدينة المنورة (بلدة وعيون غزيرة) وتبعد 1017 كم عن جميمة ، بقي علينا ان نزود القارئ واستكمالاً للموضوع باسماء المراكز الواقعة بين النجف الاشرف والمدينة المنورة محسوبة بالكيلومترات ايضا فهي من النجف الى الرحبة 35كم ومن الرحبة الى الحمام 38كم ومن الحمام الى شبيجة 60كم
ومن شبيجة الى شراف 63كم ومن شراف الى واكصة 108كم
ومن عيدها الى جميمة (الحدود العراقية) 47كم ومن جميمة الى شيحة 102 كم ومن شيحة الى بركة العشار 41كم ومن بركة العشار الى تربة 92كم ومن تربة الى عرك المظهر 18كم ومن عرك المظهر الى شيبة 60كم ومن شيبة الى لبكة 73 ومن لبكة الى حائل 94كم ومن حائل الى الهامش 83كم ومن الهامش الى النزالة 4كم ومن النزالة الى حليقة 113كم ومن حليقة الى فانوذة 66كم ومن فانوذة الى خاكية76كم ومن خاكية الى المدينة المنورة 115 كم وبذا يكون المجموع للمسافة 1294 كيلو متراً.
وقد عملت السيدة زبيدة هذا المشروع الخيري تنفيذاً لقوله تعالى
" (( وجعلنا من الماء كل شيء حي))
حيث يكاد يكون الماء هو اساس الحياة في كل مكان وان انعدامه او قلته يحول المنطقة الى ارض قفراء لاحياة فيها وبالاخص في منطقة البوادي فالقاطنون فيها يعانون مشاكل عديدة للحصول على المياه في تلك الارجاء ، وبالاخص حجاج بيت الله الذين يجتازون هذه المناطق فقد اوعزت السيدة زبيدة بالاهتمام لسلامة الحجاج وضمان وصولهم الى المدينة ومكة بعد وضع العلامات والاشارات الدالة لمناطقها للاهتداء بها
فضلاً عن حفر البرك والابار بمسافات مرتبطة بعضها ببعض فيما يسمى بطريق السيدة زبيدة بعدئذ او طريق الحج البري القديم ..
ولابد من القول بان هناك اسماء عديدة متداولة وكثيرة بعضها مركب ثنائي مثل مرج راهط وبعضها ثلاثي مثل سيف الله المسلول ،وبعضها مضاف ومضاف اليه مثل زين العابدين،
وغيرها من الاسماء وفي التراث العراقي والادبيات الاجتماعية والتاريخية الكثير الكثير من هذه الشواهد سواء عند العرب او القوميات الاخرى المتآخية المتعايشة عبر قرون عديدة على ثرى بلادنا العزيز من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب
رد مع اقتباس
