الوزارة النقيبية الثانية
تألفت في 12 ايلول 1921 م .
واستقالت في 19 اب 1922 م .
رئيس الوزراء عبد الرحمن الكيلاني نقيب اشراف بغداد
صدرت الارادة الملكية التالية
بناء على ما عرضه رئيس الوزراء علينا :
الحاج رمزي بك ( وزير الداخلية )
ساسون افندي حسقيل ( وزير المالية )
ناجي بك السويدي ( وزير العدل )
جعفر باشا العسكري ( وزير الدفاع الوطني )
د . حنا خياط ( وزير الصحة )
عزت باشا الكركولي ( وزير الاشغال والمواصلات )
عبد اللطيف باشا منديل ( وزير التجارة )
عبد الكريم الجزائري ( وزير المعارف )
السيد محمد علي فاضل ( وزير الاوقاف )
كتب في اليوم الثامن من شهر محرم الحرام سنة 1340 هـ .
آية الله العلامة عبد الكريم الجزائري
اعتذر العلامة الشيخ عبد الكريم الجزائري عن قبول هذا المنصب
لمركزه الروحي
وترفعه عن الاشتراك في الحكم .
فاختير العلامة السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني .
في عهد هذه الوزارة ....
( العربية لغة البلاد الرسمية
في اجراء كافة معاملات دواوين الحكومة
بعد ان كانت باللغة الانكليزية . )
( اعادة كافة الضباط العراقيين من سوريا
وعلى حساب حكومة العراق )
( تحول الاحتلال من الانتداب الفعلي الى الاستقلال اللفظي )
( مفاوضات مع سلطان نجد عبد العزيز ال سعود لوقف الهجمات على العراق )
وبسبب هذه المشكلة ...
صدرت الارادة الملكية المرقمة 81
بقبول استقالة ....... ناجي السويدي
والحاج رمزي
وعبد اللطيف منديل
وعزت باشا و د. حنا خياط
وتم تعيين ....
توفيق الخالدي محافظ بغداد ( وزيرا للداخلية )
صبيح بك نشأت ( وزير الاشغال والمواصلات )
محمد جعفر جلبي ابو التمن ( وزير التجارة )
عبد المحسن بك فهد السعدون ( وزير العدل )
اما ساسون افندي
فرفضت استقالته بالاجماع
وأصر على رفضها
بالرغم ان اصرار الوزير على التخلي عن منصبه .
وبخصوص وزارة الصحة
تم الغائها
وجعلها مديرية عامة
تابعة لوزارة الداخلية .
( التعجيل في عقد مؤتمر المحمرة )
( عقد مؤتمر كربلاء الخطير بسبب المشكلة مع نجد السعودية )
( تأسيس جامعة ال البيت )
وبسبب خطورة الازمة التي نشبت بين الملك فيصل الاول والمعتمد البريطاني في العراق .
قدم رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب استقالته .
والتي قالت عنه المس بل في احدى رسائلها ........
(( وكان يتمنى
ان لا يتخلى عن منصبه
كرئيس للوزراء قط
ما لم يحمل من منصبه حملا
ورجله في المقدمة ))
إلى وزارة أخرى
__________________
[FONT=arial][B](( الوزارة الثالثة ))
وقلنا في الوزارة الثانية
إن السيد عبد الرحمن النقيب اضطر للاستقالة .
تحت ضغط الرأي العام العراقي
وانسحب أكثر الوزراء ...
الملك فيصل حاول إن يغيرها .
لكن إرادة المندوب السامي البريطاني
تغلبت على إرادة الملك .
ولم يكن في وسع الملك إن يقف بوجه المندوب السامي ...
وهو مازال في بدء حياته السياسية في العراق
وكان التهديد البريطاني صريحا وقويا .
( كما يحدث اليوم في العراق بالضبط )
طلب الملك من عبد الرحمن النقيب إن يوضح سياسته المستقبلية .
وكان الرد من النقيب مبهم وغامض .
اتبعه الملك فيصل وقال له :
( حالة البلاد الراهنة تستدعي
إن يكون للوزارة الجديدة منهاج واضح
يزيل الشكوك ويلبي طموح الشعب ..
فإذا كان التضامن بين الوزراء
غير مبني على مبادئ واضحة
ومؤيد ببرنامج متفق عليه فلا شك إن العمل يتعذر تنظيمه ...
ومصلحة البلاد أولا )
وتدخل المندوب السامي البريطاني
على الخط مرة أخرى .
وطلب من الملك فيصل التعاون مع النقيب عبد الرحمن
أو ترك البلاد .
بعد إن رفض طلب الملك
تعيين السيد إبراهيم الحيدري رئيسا للوزراء .
والرجل الحيدري رفض المنصب ...
لان قبوله لها يعني انه متعاون مع قوات الاحتلال .
وتشكلت الوزارة .
(( الوزارة النقيبية الثالثة ))
في 20 أيلول 1922 م الموافق 7 صفر 1341 هـ
واستقالت في 16 تشرين الثاني 1922 م
الموافق 26 ربيع الأول 1341 هـ .
السيد عبد الرحمن النقيب ( رئيسا لمجلس الوزراء )
الوزراء
عبد المحسن السعدون ( وزير الداخلية )
ساســــــــون حســـقيل ( وزيـر الماليـة )
توفيـــــق الخالــــــــدي ( وزير العدليـة )
جعفــــر العســــــــكري ( وزير الدفـــاع )
صبيـــــــــح نشــــــــأت ( وزير الإشغال والمواصلات )
محمــــد علي فاضـــــل ( وزير الأوقاف )
وبقي منصب وزارة المعارف شاغرا ..
وكان القرار تكليف الحاج عبد المحسن شلاش
ولكن الرجل اعتذر عن قبول المنصب
لكثرة إعماله التجارية .
وبقي هذا المنصب شاغرا إلى إن استقالت الوزارة .
المثير في الأمر
إن السيد عبد الرحمن النقيب
أرسل رسالة إلى الملك ومنها ...
انه تفهم طلب الملك
في رغبته إن تكون وزارته فاعلة في خدمة الشعب .
والملك فيصل الأول من جانبه
ابدي ارتياحا شديدا وأرسل رسالة ....
إلى ( برسي كوكس ) وهو يعلم إن هذا الرجل يريد منه
إن يكون ملك بالاسم فقط .
وشاء الملك إن يلعب اللعبة السياسية
بطريقته الخاصة وقال له :
(( أما أنتم يا عزيزي
فنظرا لما عانيتموه من المشاق
وما بذلتموه من الجهود في سبيل هذه التسوية ...
فأني لا أعلم كيف أشكركم ..
على كل حال نحمد الله الذي جعل النهاية
خيرا ونسأله إن يأخذ بيدنا
فيما يستقبلنا من الإعمال الجليلة
وهو ولي الجميع ))
وكأني أرى رد الرئيس اليوم ... المحبوب الطالباني .
والغريب في الأمر ...
مثلما تسعى الإدارة الأمريكية اليوم
لتمرير قانون النفط والغاز !!!!
كان الانكليز يفعلون الأمر نفسه خصوصا
( امتياز شركة النفط الانكليزية الفارسية ) .
طبعا كان رئيس الديوان الملكي
في ذلك العهد ( رستم حيدر )
وكان التماطل في منح الامتياز ...
عن طريق المراسلات المتبادلة .
وفي عهد الوزارة الثالثة تم التصديق على المعاهدة العراقية البريطانية
وبالتحديد 13 تشرين الأول 1922 م
بعد اقل من شهر واحد من تشكيل الوزارة ......
وهذا يعني حجم الضغوط
التي مورست على الوزارة من اجل تصديقها .
وكان خطاب فيصل للشعب العراقي ...
(( المعاهدة بنيت على أسس المنافع
والمصالح المتبادلة
وكما إننا أخذنا على انفسنا إن نحترم
عهود بريطانيا العظمى
ومصالحها الدولية فإنها تعهدت بمعاونتنا
واعترفت باستقلالنا السياسي
وباحترام سيادتنا الوطنية ))
وقال أيضا .....
(( وألان وقد عقدت المعاهدة
فالإدارة الداخلية أصبحت منوطة بي
وبحكومتي وبشعبي
فنحن جميعا والحمد لله كتلة واحدة
يشدها شعورنا القوي بالمسؤولية عن مستقبل البلاد
وسعادتها والقوات البريطانية
التي كانت مشتركة معنا في المسؤولية ....
هي اليوم قوة حليف مخلص مؤازر لنا
ضمن شروط المعاهدة
ضد كل كل من يريد العبث باستقلالنا ))
وهذا هو نفس الكلام المتداول اليوم
( تسليم الملف الأمني ) !!!؟
المهم وزير الداخلية عبد المحسن السعدون
استقال من وزارته
احتجاجا على عدم إقرار زملائه سياسة الشدة
التي قرر انتهاجها
لتسيير الانتخابات العامة .
لأنه كان متحمس
للشروع في الانتخابات العامة للمجلس التأسيسي .
وكان يود من صميم قلبه تذليل كل الصعوبات .
والوقوف في وجه كل من يدعو إلى مقاطعتها ...
لكنه فشل في تحقيق هدفه .
وحل محله المستر ( كورنواليس ) المستشار البريطاني للداخلية .
حينها أدرك برسي كوكس ...
إن لا فائدة من هذه الوزارة .
وقال يمكن وزارة جديدة .........
غير نقيبية تحل المشكلة
وتستطيع جمع المجلس التأسيسي لإبرام المعاهدة وتنفيذها .
وكان ينظر إلى عبد المحسن السعدون نظرة إعجاب ...
لكنه أبدا لا يعرف سر هذا الرجل .
ويبدو إن السيد النقيب أدرك الأمر ... مبكرا .
والرجل تعب ...
خصوصا إمام مطالبة تركيا بولاية الموصل ....
على أساس إن الانكليز لم يحتلوها حربا .
((( ونرى اليوم تهديدات تركيا في اجتياح الشمال
بحجة تحركات حزب أوجلان )))
والرجل ... قرر ترك السياسة وأهلها نهائيا ....
وقال للملك .....
( بناء على ما أحسه من التعب
في وجودي بصورة تمنعني عن الاستمرار
في رؤية أمور رئاسة الوزارة ...
تجاسرت بتقديم هذه العريضة راجيا إسعاف طلبي
بالانسحاب والأمر والإرادة لجلالتكم
أولا وأخيرا )
وكان رد الملك فيصل الأول ....
(( فان كنتم اعتزلتم عملكم رسميا
فاني كلي أمل إن تبقى نصائحكم المفيدة وإرشاداتكم الخيرية
عونا دائما لنا ولحكومتنا في المستقبل ))
وكان استقالة الوزارة .
إلى وزارة أخرى
(( الوزارة الرابعة ))
تشكلت في 18 تشرين الثاني 1922 م
الموافق 28 ربيع الأول 1341 هـ
رئيس مجلس الوزراء
(( عبد المحسن السعدون ))
(( الوزارة السعدونية الاولى ))
ولد في ناصرية المنتفق سنة 1880 م
وانتحر في بغداد مساء 13 تشرين الثاني عام 1929 م
الموافق 1348 هـ وعمره 49 سنة .
بعد إن أدرك المندوب السامي
إن لا فائدة من عبد الرحمن النقيب
كانت أنظاره صوب عبد المحسن السعدون
ومنحه ثقته الكاملة .
والرجل كان يؤمن بسياسة التعاون مع بريطانيا العظمى .
وكان الهدف تصديق المعاهدة العراقية البريطانية
وإقرارها من قبل المجلس التأسيسي .
والأسباب التي أستند عليها السعدون ...
تخوفه من إطماع الدول المجاورة للعراق
وعدم قدرة العراق أصلا على حماية حدوده بمفرده .
( لاحظ عزيزي القارئ الكريم )
نفس السيناريو عام 2003 م والأعوام اللاحقة ...!!!
وصدرت الإرادة الملكية ويحمل توقيع الملك فيصل الأول .
عبد المحسن السعدون ( رئيس مجلس الوزراء )
ناجي السويدي ( وزير الداخلية )
ساسون حسقيل ( وزير المالية )
عبد الحسين الجلبي ( وزير المعارف )
ياسين الهاشمي ( وزير الإشغال والمواصلات )
عبد اللطيف باشا المنديل ( وزير الأوقاف )
نوري السعيد ( وكيل وزير الدفاع )
يوم 21 تشرين الثاني 1922 م
رئيس الوزراء يعين ( وكيل وزارة العدلية )
يوم 25 تشرين الثاني 1922 م تعيين ياسين الهاشمي إضافة إلى وزارته ( وكيل وزارة الأوقاف )
يوم 9 كانون الأول 1923 م
إعفاء ناجي السويدي من ( وزارة الداخلية )
وتعينه .... ( وزير العدلية )
ناجي السويدي
يوم 10 كانون الثاني 1923 م
تعيين عبد المحسن السعدون
إضافة إلى رئاسته لمجلس الوزراء ( وزير الداخلية )
( الحدث التاريخي الحاسم )
يوم 25 تشرين الأول 1923 م
تعيين نوري السعيد ( وزير الدفاع )
استقالت الوزارة في 22 تشرين الثاني 1923 م
الموافق 13 ربيع الثاني 1342 هـ
إلى وزارة أخرى
(( الوزارة الخامسة ))
تشكلت في 22 تشرين الثاني 1923 م
الموافق 13 ربيع الثاني 1342 هـ
( الوزارة العسكرية الاولى )
جعفر العسكري ( رئيس الوزراء )
ولد في بغداد سنة 1885 م و اغتيل يوم 29 تشرين الثاني 1936م
يحمل رتبة فريق في الجيش العراقي
أستدعي من الموصل إلى بغداد .
من قبل الملك فيصل الأول
( فقد عهدنا اليكم برئاسة الوزارة الجديدة )
بناءا على استقالة السيد عبد المحسن السعدون
الرقم 211
جعفر العسكري ( رئيسا لمجلس الوزراء )
علي جودت الأيوبي ( وزير الداخلية )
الحاج عبدالمحسن شلاش ( وزير المالية )
السيد احمد الفخري ( وزير العدلية )
نوري السعيد ( وزير الدفاع )
صبيح نشأة ( وزير الإشغال والموصلات )
يوم 27 تشرين الثاني 1923 م
صدرت الإرادة الملكية بتعيين الشيخ صالح باش أعيان ( وزير الأوقاف )
يوم 3 كانون الأول من نفس العام
صدرت الإرادة الملكية بتعيين الشيخ محمد حسن أبو المحاسن ....
وهو من كرام أهل كربلاء الوطنيين ( وزارة المعارف )
( قضية شمر )
ويبدو إن قضية شمر .... سبب مؤتمر الكويت
اقتراح المندوب السامي البريطاني
الكتاب المرقم أ . أو / 221 المؤرخ 11 تشرين الثاني 1923 م
لحسم الخلاف بين المملكتين .. العراقية والسعودية .
وفشل المؤتمر فشلا ذريعا .
والسبب ... انه قبل انعقاد المؤتمر في الوقت المحدد .
قامت العشائر النجدية بغارة جديدة على القبائل العراقية .
يوم 14 آذار 1924 م
وكانت الخسائر في الجانب العراقي
180 قتيل و 26000 رأس غنم و 3700 بعير
إما خسائر العشائر النجدية
100 قتيل و 9 جمال وفرس واحد .
ومن الإحداث الأخرى :
( مشكلة قبيلتا الصفران والبركات في قضاء السماوة )
يوم 4 كانون الأول 1923 م
( أزيح الستار عن تمثال الجنرال مود الذي أحتل العراق
وموقعه إمام بوابة السفارة البريطانية في جانب الكرخ من بغداد )
( صورة نادرة )
تمثال الجنرال مود يوم الافتتاح
تمثال الجنرال مود تسقطه الجماهير يوم 14 تموز عام 1958م
وما أشبه اليوم بالبارحة
الحكومة التركية ترفض مندوب بغداد للتفاوض على لواء الموصل .
لأنها تعتبر بريطانية غازية للعراق ... ولا تعترف بحكومة بغداد .
ورغم كل الجهود البريطانية .... تركيا رفضت .
مثلما ترفض اليوم مندوب كردستان .. لأنها لا تعترف بهم
بل تعترف بحكومة بغداد رغم انه تحت الوصاية الأمريكية !!!!!!!
ورغم كل الجهود الأمريكية ... تركيا رفضت .
في 22 تموز 1924 م
( عدم الاعتراف بالقنصليات الإيرانية في العراق ...
ما لم تعترف حكومة إيران بالحكومة العراقية )
لكن إيران لم تعترف بها ....
إلا أواخر شهر نيسان 1929 م
اغتيال وزير الداخلية السابق ( توفيق بك الخالدي )
يوم الجمعة 22 شباط 1924 م
(( بينما كان ذاهبا إلى داره في محلة ( جديد حسن باشا ) وعلى يد آثمة
أطلقت عليه 4 عيارات نارية فاردته قتيل في الحال ))
وتلك قصة اغرب من الخيال
تحكي قصة الصراع على السلطة .. كما يحدث اليوم
وهناك الكثير من الإحداث الرهيبة التي حدثت
تحمل بصماتها الأيدي الخفية الخبيثة .... خبث الاحتلال البريطاني
الذي زرع الفتنة في كل مكان .
كما تفعلها ألان قوات الاحتلال الأمريكي القذر .
استقالت الوزارة في 2 أب 1924 م
الموافق 1 محرم 1343 هـ
(( الوزارة السادسة ))
تشكلت الوزارة في 2 آب 1924م
الموافق 1 محرم 1343هـ
( الوزارة الهاشمية الأولى )
ياسين الهاشمي
ولد في بغداد 1884م
وتوفي في بيروت يوم 21 كانون الثاني 1937م .
ودفن إلى جانب القائد العربي صلاح الدين الايوبي في دمشق
( الجامع الأموي ) الذي بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان
هذا الرجل مات من الحسرة عام 1937م
ضريح صلاح الدين الايوبي
إلف وزارتين فقط :
الأولى بتاريخ 2 آب 1924م
واستقالت في 21 حزيران 1925م .
الثانية بتاريخ 17 آذار 1935م
واستقالت في 29 تشرين الأول 1936م مكرهة .
ورد في الإرادة الملكية
الموقعة من قبل الملك فيصل الأول :
(( ونظرا لاعتمادنا على مقدرتكم وإخلاصكم
فقد عهدنا إليكم برئاسة الوزارة الجديدة
على أن تنتخبوا زملائكم وتعرضوا أسماءهم علينا
والله ولي التوفيق ))
وتروي المس بيل في مذكراتها ص 348
(( كان المعتمد السامي السر هنري دوبس
بدأ يعد العدة لتأليف وزارة جديدة تخلف وزارة العسكري
التي بدأت تتهاوى
فوقع اختياره على ياسين الهاشمي
وكان ياسين من أكفأ الرجال هنا
بيد إني لم أكن مرتاحة
لإسناد منصب رئاسة الوزراء إليه
ولكن عزائي الوحيد
هو إيمان السر هنري دوبس
الذي هو بلا شك أصوب رأيا مني ))
كانت العلاقات العراقية ـــ البريطانية تتطلب وجود شخصية قوية
فيها نزعة المعارضة
وفيها الرغبة في انتزاع الحقوق وتأمين رغبات الشعب
وهذا الرجل هو الذي ينشده الملك فيصل الأول
رئيس للوزراء قادر على مواجهة رغبات الانكليز ..........
وكانت المس بيل منتبهة لذلك الرجل
ولم تكن مرتاحة له قط ..
وكانت على حق
وقدم ياسين الهاشمي قائمته الوزارية
ياسين الهاشمي رئيسا لمجلس الوزراء ووزيرا للدفاع بالوكالة
عبد المحسن الفهد السعدون ....... وزيرا للداخلية
ساسون حزقيل .......... وزيرا للمالية
أبراهيم الحيدري ......... وزيرا للأوقاف
رشيد عالي الكيلاني ..... وزيرا للعدلية
مزاحم الأمين الباجه جي ..... وزيرا للإشغال والمواصلات
مزاحم امين الباجه جي
الشيخ محمد رضا الشبيبي .... وزيرا للمعارف
محمد رضا الشبيبي
ومن أبرز الإحداث :
وفاة الشيخ مهدي ألخالصي يوم 10 نيسان 1925م
وكانت الوزارة السعدونية الأولى
قد أبعدته عن العراق في آخر حزيران 1923م
فكان لنعيه رنة حزن عميق في الأوساط الوطنية والعلمية كافة .
وعاد الى العراق السيد طالب النقيب في أول أيار 1925م
وكان المندوب السامي البريطاني قد اعتقله
لما كان وزيرا للداخلية في الوزارة النقيبية الأولى
مساء 16 نيسان 1921م وأبعده إلى الهند
ثم سمح له بالذهاب إلى أوربا
وقد تصالح مع الملك فيصل الأول
فتناسى الملك منافسته إياه على عرش العراق .
صدرت الإرادة الملكية في يوم 28 أيار 1925م
بأحدث ممثليه للعراق في لندن
وكان جعفر العسكري أول ممثل للعراق في العاصمة البريطانية
وحدثت قلاقل واختل الأمن في شمال العراق
بسبب تدخل قوات غير نظامية تركية
والتي كانت تطالب بضم لواء الموصل إلى تركيا
ونتيجة الضغوط السياسية البريطانية
على تركيا انسحبت القوات غير النظامية من زاخو والعمادية
في حين أوعزت الحكومة بعدم التدخل
فيما يحدث في منطقة عربستان
من تدخل القوات الإيرانية لقمع الثائرين من العرب
ضد حكومة طهران
بناء على توصية شديدة اللهجة
من قبل قوات الاحتلال البريطاني .
وفي ظل هذه الحكومة
وصل إلى بغداد الأمير غازي
ولي عهد المملكة العراقية
واختير العميد الركن طه الهاشمي مرافقا لسموه
ملحق الوزارة السادسة ( 1 )
لم تكن المس بيل مرتاحة منه ... لماذا ؟
لأنه كان رئيس لجنة تدقيق المعاهدة العراقية ــ البريطانية عام 1924م
والرجل كان وطني مخلص وتصدى للسياسة البريطانية في العراق
ولم يكن محبوبا من قبل الكثير من السياسيين البريطانيين
لكن هنري دوبس كان يرى من الصواب استمالته حين يمنح رئاسة الوزارة
لكن ياسين الهاشمي كان لا يبالي بهذه المنصب .. ولهذا قلت أن المس بيل كانت على صواب
ثم من هي ( المس بيل ) !!! ؟
حتى تكون لولب السياسة في العراق .. هذا موضوع مستقل
(( المعاهدة العراقية ـــ البريطانية عام 1924م ))
في 2 نيسان 1924م
قدم رئيس الوزراء ( جعفر العسكري ) المعاهدة العراقية ــ البريطانية
مع الملحقات والاتفاقيات المتفرعة عنها .. إلى أين ؟
إلى المجلس التأسيسي طالبا منه إقرارها .
حاول رئيس الوزراء تبرير ضرورة إقرار المعاهدة بصورة مستعجلة
بحجة تمكين بريطانيا من إدخال العراق إلى عصبة الأمم
حتى يتمتع العراق بالاستقلال الرسمي
وحسم مسألة الحدود العراقية ـــ التركية وحسم قضية ولاية الموصل
التي سعت تركيا بكل جهدها لضمها إليها
ومن ضمنها عدم الاعتراف بالدولة العراقية
واستخدمت بريطانيا هذه المشكلة وسيلة ضغط على الحكومة العراقية
لقبول المعاهدة المفروضة على العراق
وهذا ما أعلن عنه بصراحة أمام أعضاء المجلس
( عبد المحسن السعدون ) رئيس المجلس
رداً على اعتراضات النواب الوطنيين والرجل قال بكل صراحة
(( أيها السادة .... إن الإنكليز
مصرون على ربط قضية الموصل
بتوقيع المعاهدة .....
فإما المعاهدة ... وإما خسارة ولاية الموصل ))
حاول رئيس الوزراء جعفر العسكري تمرير المعاهدة بأسرع ما يمكن
بسبب إلحاح المندوب السامي البريطاني
لكن المعارضة طلبت توزيع لائحة المعاهدة على أعضاء المجلس لدراستها ومناقشتها
ولكي تعلن للشعب تفاصيلها
هذا الاقتراح كان من قبل ( ناجي السويدي ) وجرى تصويت على اقتراحه
وكانت النتيجة الموافقة وتم توزيع نسخ هذه المعاهدة على الأعضاء
وطلب السيد ناجي السويدي تشكيل لجنة لتدقيق المعاهدة
على أن تضم عضواً عن كل لواء
وبالفعل تم تشكيل اللجنة التي تألفت من النواب وهم :
1 ـ ياسين الهاشمي
2 ـ عمر العلوان
3 ـ زامل المناع
4 ـ فالح الصيهود
5 ـ داود الجلبي
6 ـ حبيب الخيزران
7 ـ المرزا فرج
8 ـ شريف أغا
9 ـ عداي الجريان
10 ـ أصف اغا
11 ـ صالح شكارة
12 ـ عبد الواحد الحاج سكر
13 ـ حبيب الطالباني
14 ـ فهد الهذال
15 ـ محمد زكي
باشرت اللجنة اجتماعاتها لمناقشة بنود المعاهدة
وكان تقريرها في النهاية من 65 صفحة
والواقع إن الشارع العراقي لم يكن راضيا ويطالب بتعديل بنود المعاهدة
هذا الموقف جعل الملك فيصل الأول في قلق شديد
سرعان ما كان قلق المندوب السامي البريطاني أكثر قلقا ....
بعد محاولة اغتيال ( عداي الجريان ) وعضو المجلس التأسيسي ( سلمان البراك )
هذا الوضع .. خلق جوا من الرعب
وكان السبب أن الكثير من أعضاء المجلس كانت لهم استقالة جماعية
وبطبيعة الحال .. الشائعة سرت في المجتمع العراقي
وقيل أنها مدبرة من الحكومة للتنكيل بالمعارضة وقمع من يقف ضد هذه المعاهدة
وأن الذي يقف ورائها ( شاكر القرغولي ) وهو قريب من نوري السعيد
وعل أثر هذه الإحداث تم غلق صحف المعارضة
ومع اشتداد المعارضة .. أجبرت الحكومة على تقديم استقالتها
لكن الملك فيصل على مضض والمندوب السامي البريطاني
كان لهم ضغوط سياسية على جعفر العسكري لكي يبقى في الحكم لحين إقرار المعاهدة
تأخير التصديق على المعاهدة .. جعل المندوب السامي في غضب شديد
بعث رسالة إلى الملك فيصل الأول هذا نصها الكامل
26 نيسان 1924م
(( حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم دام ملكه
يا صاحب الجلالة :
كثيراً ما اقُترح في أثناء المباحثات
بخصوص معاهدة التحالف بين بريطانيا العظمى والعراق
والاتفاقيات المتفرعة أن يُطلب من الحكومة البريطانية أن توافق على تعديلات في بعض الأمور التي يداخل المجلس شك بخصوصها
فلي الشرف أن أبلغ جلالتكم أن الحكومة البريطانية لا يسعها الموافقة على أي تعديلات
لا في المعاهدة ولا في البروتوكولات
ولا في الاتفاقيات
والأمر متروك للمجلس التأسيسي في أن يقبلها
أو يرفضها برمتها على نحو ما يراه الأفضل لمصلحة العراق .
إن السبب في قرار الحكومة البريطانية هذا
هو أن إجراء التعديلات في المعاهدة والاتفاقيات بين توقيعها وإبرامها
مخالف كل المخالفة للتعامل الدولي المقرر من أزمنة بعيدة في التاريخ
ويؤدي إلى جعل إتمام المعاهدات إتماماً نهائياً
من المستحيلات تقريباً ))
مذكرة المندوب السامي هذه بمثابة إنذار للملك فيصل
بضرورة إقرار المعاهدة دون تغير أوتأخير .
وفي 16 أيار 1924 بعث المندوب السامي
بمذكرة أخرى للملك فيصل الأول
جاء فيها :
(( يا صاحب الجلالة :
لقد قمت بإيقاف حكومة صاحب الجلالة البريطانية تمام الوقوف
على ما قد بدا حديثاً في العراق من الآراء والرغائب
فيما يتعلق بمعاهدة التحالف بين بريطانيا العظمى والعراق
والاتفاقيات المتفرعة عنها
وقد فوضتني الآن
حكومة صاحب الجلالة البريطانية
بأن أبلغ جلالتكم رسمياً ما يلي :
إن حكومة صاحب الجلالة البريطانية
لا يسعها أن تقبل قبل الإبرام
أي تعديلات ما في المعاهدة والاتفاقيات التي سبق توقيعها بالنيابة عن الحكومتين
ولكن ستكون بعد الإبرام مستعدة
لأن تبحث بروح الاعتدال
في كل ما قد يُرغب فيه من تعديلات في الاتفاقية المالية
هذا ولاشك في أن جلالتكم ستتخذون الوسائل لنشر هذا الكتاب ))
صديق جلالتكم هنري. دوبس
والواقع أن ياسين الهاشمي كان من المعارضين لهذه المعاهدة
لكنه كان صاحب مرونة سياسية
ملحق الوزارة السادسة ( 2 )
مشكلة الزبير
وفي ظل هذه الحكومة حلت مشكلة الزبير
والحديث عنها يطول ولكن في اختصار شديد .....
كانت الزبير مشيخة شبه مستقلة
يتوارث حكمها الشيخ إبراهيم العبد أبا عن جد
ولما حدث الغزو البريطاني للعراق ساعدها حاكم الزبير
وبعد تشكيل الحكومة في 23 آب 1921م
تقرر جعل الزبير ناحية ملحقة بالبصرة
ولكن هذا القرار
بقي حبرا على ورق
فلما لمس حاكمها حسنات الحكم
بعثوا برسائل كثيرة لتشملهم برعايتها وتمنحهم حكمها
وتم استدعاء الشيخ إبراهيم إلى بغداد
وكلفته بالإقامة فيها إلى حين تنظيم أمورها
وسمحت للشيخ بالعودة إلى الزبير عام 1925 م
إحداث سنجار
وفي ظل هذه الحكومة
حدثت إحداث سنجار
وتقطن قصبة سنجار جماعتان متنافرتان من الطائفة اليزيدية
وهما (( جماعة حمو شيرو ))
وجماعة (( داود آغا الداود ))
فكانت كل جماعة تسعى لنيل الرئاسة
ولما حاولت الحكومة العراقية
أن تصلح بين الجماعتين
رفض داود وساطتها ورفض طلبها في الحضور
وتدخل سلاح الطيران البريطاني
في قصف قريته في 18 نيسان 1925م
فقابل اليزيديون الطائرات
وأسقطوا أحدى الطائرات المهاجمة
وكان رد فعل سلاح الجو البريطاني غارة أخرى
في يوم 20 نيسان انتقاما على سقوط إحدى طائراتها
وأحدثت الإضرار بهم
ومن ثم كانت هناك هدنة وبعد عشر سنوات
وفي ظل الوزارة الهاشمية الثانية
قاموا بعصيان مسلح اجبر الحكومة على إخضاعهم بالقوة .
غارات القبائل النجدية
وفي ظل هذه الحكومة
استمرت القبائل النجدية في غاراتها
على قبائل العراق والأردن والحجاز في أوقات مختلفة
ولما وصل الملك الشريف حسين والد الملك فيصل الأول إلى عمان
وبويع بالخلافة الإسلامية
غضب السعوديون
واعتبروا هذه المبايعة غلوا في رفع شأن الهاشميين
ولما رفض الملك حسين المعاهدة التي عرضتها بريطانية عليه
ورفض السماح بإعطاء فلسطين العربية للصهاينة
وإضافة على تصريحات عدتها بريطانية تحديا لها .......
في الوقت نفسه عقد علماء نجد
اجتماعا في الرياض وكان اجتماع خطير
ودعوا فيه أبن سعود أن يسمح لهم بحج بيت الله الحرام
رضاء أو عنوة
وكان الملك حسين يحول دون ذلك من قبل
وتحركت الجيوش النجدية
من الجنوب ومن الشمال في آب 1924م
واحتلت الطائف
وكان تصميمها التقدم نحو مكة المكرمة لتقويض حكم الهاشميين في الحجاز
وكان الملك فيصل الأول يتابع الإحداث الجارية في الحجاز بدقة
وكان يدرك حراجة الموقف
فلم يجد بدا من أن ينصح أخاه الملك علي التفاهم مع الانكليز
وعسى أن يؤدي مثل هذا التفاهم
إلى وقف الزحف السعودي
والمحافظة على ما تبقى للهاشميين في الحجاز
وكانت برقية الملك فيصل الشهيرة
ومن ضمنها :
(( وترسلوا إلى ابن سعود نفسه
تكفلونه بالصلح بطريقة التحكيم
حرمة للاماكن المقدسة
وحقنا لدماء المسلمين .....
وتخبروا بريطانيا بذلك وتطلبوا توسطها
وتكاتبوا ملوك العرب بالحسنى
وتعاملوهم معاملة طيبة وتطمنوهم عن عزم الحجاز
على انتهاج خطة المسالمة
والمحبة معهم .......... ))
وأبرق الملك علي إلى الملك فيصل
قبول الرأي
ماذا حصل ؟
الواقع لو أن الشريف حسين وافق على الشروط البريطانية
لتغير الواقع السياسي برمته !!!!؟
الشريف حسين فعل مثلما فعل السلطان عبد الحميد
حين رفض منح فلسطين للصهاينة
ويجب التفريق بين اليهودية والصهيونية العالمية
ليس كل يهودي
بالضرورة يكون صهيوني متشدد ومتزمت ومتطرف
لا نستغرب أبدا ...
من وقع صك بيع فلسطين للصهاينة
لكي تدعمه بريطانيا بكل قوتها
والشريف حسين دفع الثمن غاليا جدا
نتيجة موقفه المشرف
لكن ( الوثيقة )الشهيرة على من باع فلسطين
بثمن بخس
وكانت له السلطة في بسط نفوذه
وتلك هي المصيبة الكبرى
ملحق الوزارة السادسة ( 3 )
وفي 7 تشرين الأول عام 1924م
وصلت هذه البرقية للملك فيصل الأول
(( جلالة الملك فيصل ــ بغداد
غدا سأبعث نجابا ـــ رسولا ـــ لابن سعود
أرجوكم أعلام ذلك بواسطة المندوب السامي
أو بالواسطة التي ترونها موافقة
لعله يأمر بوقف الحركة لحين المفاوضات ...
هذا أن استحسنتموه .
التوقيع : علي ))
فإذا كانت البرقيات المتبادلة تمثل وجهة نظر البلاط الملكي
كان للحكومة العراقية وجهة نظر أخرى
وجه رئيس الديوان الملكي العراقي
كتابا إلى رئاسة مجلس الوزراء
برقم س 4 / 530 بتاريخ 17 أيلول 1924م
حول الحركات الدائرة في الحجاز
وكان قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 18 أيلول 1924م
(( تلي كتاب رئيس الديوان الملكي
المرقم س 4 / 530 والمؤرخ في 17 أيلول 1924م
المتعلق بتجاوزات القوات الوهابية
على مدينة الطائف
فالحكومة العراقية ترى أن الغزوات المستمرة
التي تقوم بها قوات ابن سعود لتوسيع نفوذ الوهابية في مناطق عظمة
ابن سعود على الحرمين الشريفين
مما يأتي بأضرار بالغة
من الوجهة الدينية والسياسية والاقتصادية على العراق
وعليه قرر مجلس الوزراء
إن يطلب إلى فخامة المعتمد السامي
بيان التدابير المتخذة لإزالة هذه الإضرار ألان
وفي المستقبل ليتمكن مجلس الوزراء
من اتخاذ قرار نهائي في هذه المسالة ))
وعلى أثر ذلك
وجه رئيس الوزراء ياسين الهاشمي
خطابا إلى المعتمد السامي وطلب منه :
(( أرجو من فخامتكم
أن تطلعونا على ما يبدو لفخامتكم في الأمر
لتكون الحكومة على بينة من أمرها ))
ورد المعتمد السامي على كتاب رئيس الوزراء
برقم 184 بتاريخ 3 تشرين الأول 1924 م
وكان ردا تافها
لا يسمن ولا يغني من جوع
مما حمل مجلس الوزراء على اتخاذ القرار
في جلسته المنعقدة في 7 تشرين الأول 1924م
وكان من ضمن القرار :
(( فلم يجد مجلس الوزراء في الكتاب المذكور
ما يزيل قلقه من الإضرار التي ستصيب مصالح العراق
من جراء استيلاء ابن سعود على الحرمين الشريفين
أو من غارات قواته على البلدان المجاورة
وهذا من جهة ومن جهة أخرى يرى مجلس الوزراء
إن سياسة حكومة جلالة ملك بريطانيا في شأن هذا الحاكم العربي
لم تزل غير صريحة بالنظر إلى العراق
ووجود قواته داخل حدود العراق
المحدد بموجب المعاهدة العراقية ـــ النجدية
وتربصهم للهجوم على عشائر العراق في كل حين
وهو أمر مخل بحقوق الحكومة العراقية
وبراحة سكان العراق
وعليه فوض مجلس الوزراء إلى فخامة رئيس الوزراء
المفاوضة مع فخامة المعتمد السامي
في النقاط الأربعة الأنفة الذكر ))
وفي الوقت الذي كان الملك فيصل وشقيقه الملك علي
يبذلان كل المساعي لوقف الزحف السعودي على الحجاز
وحل الخلافات القائمة بين الأسرتين الهاشمية والسعودية بطريقة سلمية وودية
وفي نفس الوقت الذي كان فخامة رئيس الوزراء ياسين الهاشمي
يوالي اجتماعاته مع المعتمد البريطاني
لإيجاد مخرج لهذه الأزمة ........
في هذا الوقت أتخذ السلطان عبد العزيز آل سعود قرارا في برقية من البحرين
إلى مدينة جدة ونقلها الملك علي إلى أخيه الملك فيصل
(( جلالة أخينا الملك فيصل ـــ بغداد
رقم 77 البرقية الواردة أمس من البحرين إلى جده :
طاهر الدباغ سكرتير الجمعية الحجازية :
وصل تلغرافكم العمومي
أما رسالتكم الرسمية الخاصة والمتعلقة بالصلح
فلم تصل ولا يمكن نشر روح السلام في الجزيرة
ما دام الحسين وأولاده حاكمين في الحجاز
ولا نقصد الطمع في ملك الحجاز
أو التسلط عليه
ولذا فهي تترك للعالم الإسلامي
وهذا ما يراه من الندامة لترك البلاد المقدسة
وإذا خرج الحسين وأولاده من الحجاز
فأنتم آمنون في بلادكم وقد أرسلنا التعليمات بذلك لرؤساء جيشنا
السكرتير الخصوصي لسلطان نجد .. انتهت
التوقيع : علي ))
وفي الوقت نفسه فأن السلطان عبد العزيز آل سعود
أبرق برقية خاصة
إلى الملك علي في مدينة جدة
وهذا نصها :
(( الشريف علي بن الشريف حسين ـــ جدة
أني احترم شخصكم احتراما عظيما
ولكن معاملة والدكم لأهل نجد وسائر المسلمين
هي التي جعلتنا نقف هذا الموقف
فأن كنتم تحبون السلام
وحقن الدماء أخلوا الحجاز وانتظروا حكم العالم الإسلامي
فان اختاركم أو اختار غيركم
فنحن نقبل حكمه بكل ارتياح
وأما إذا بقيتم في أرض الحجاز فأن مسؤولية ما يقع
من الحوادث تقع على عاتق غيرنا
التوقيع : سلطان نجد ))
ولم يكن غريبا أبدا
إن يكون في هاتين البرقيتين
وقوع الصاعقة على رأس الملك فيصل الأول
إن لم تكونا أشد تأثيرا
وهرع إلى المعتمد السياسي
يطلعه على هاتين البرقيتين ويبدي قلقه على مصيره في العراق
فطيب المعتمد خاطره
وهدأ أعصابه
واتفقا على أن يوجه الملك رسالة إليه
يشرح فيها ما يقلقه وما يخشى منه !!!!؟
وحرر الملك فيصل خطابه
وكان خطاب في غاية الأهمية
إلى ملحق آخر
ملحق الوزارة السادسة ( 4 )
صورة طبق الأصل
لنص الخطاب لأهميته التاريخية :
(( بغداد 29 ربيع الأول 1343 ــ 28 تشرين الأول 1924م
عزيزي السر هنري :
حسب وعدي أمس إلى فخامتكم
أقدم في طيه صورة البرقية الواردة إلي من أخي الملك علي
وهي مرسلة في الأصل
من سكرتير عظمة سلطان نجد وموجهة إلى أهالي جده .
أني لا أظن بأن جلالة ملك بريطانيا
يرضى لهذه العائلة التي إنا احد إفرادها
بمثل هذه الحقارة العلنية
بل إني لا اعتقد بأنه يرضى
ولن ترضى حكومة جلالته
بأن أطأطئ الرأس أمام هذه الأهانة الشخصية
ولو فرضنا أن الشريف حسين
كان مخطئا أو معتديا ــ كما يدعي عظمته ــ فها هو قد زال
وما هو جرم أخي علي
وهو يتضرع إليه طالبا منه السلم ؟
وما هو جرم بقية أفراد عائلتي
حتى يضغط على الشعب الحجازي
مستندا إلى شراذم همجية
لا تعرف غير سلب ونهب كل آمن
وينذره بأن لا أمان له
حتى يخرج أفراد أسرتي من وطنهم
ومقر ملكهم الموروث من مئات السنين
في الوقت الذي اختار لنفسه ملكا
وحكومة مدنية
والتجأ إلى عظمته والى الأمم كافة
طالبا وضع حد لسفك الدماء ؟
إن تمادي عظمته على هذه الإعمال
يثبت بأنه لا يرمي بسياسته هذه إلا إلى امتلاك البلاد
وضمها إلى بلاده المنكودة الحظ
والتي تئن تحت جور حكمه الفردي
وهو إنما يرغب في التنكيل بعائلتنا ليصفو له الجو
ولكي لا يبقى أحد ينازعه الحكم في أرض الحجاز ......
وهكذا كان قد فعل مع أهل حائل
عندما طلب أليهم جلاء ابن رشيد وان عظمة السلطان قد رفع الستار
عن مقاصده الخفية
وأظهر العداء جليا نحو جميع أفراد عائلتي بلا استثناء
وهو يصر اليوم على أبعاد من هو منها في الحجاز
وإلا فلا أمان لأهل الحجاز ؟
ولا يستبعد أن يجمع قواه ــ بعد أن ينال مرغوبة ــ في الحجاز
ويطلب خروجي من العراق عاجلا أم آجلا
متذرعا بعين الأساليب ونفس المغالطات التي يتذرع فيها اليوم
تجاه حكام وأمراء الجزيرة
الذين سعى إلى استئصالهم
مرتديا برداء العصمة
والدفاع عن حقوقه
ولا يصعب عليه أن يتخذ نفس الخطة التي نجحت معه حتى الآن
تجاه العراق فيجيش جيوشه عاجلا أم آجلا
ويشن فيها الغارات
على أطراف هذه البلاد ليلجئ الأهالي إلى إخراجي من بين ظهرانيهم
لأني في نظره احد إفراد تلك الأسرة
التي يجب إن لا تعيش على ظهر البسيطة
ولأنه يتخيل إن يكون العالم بأمره
وان لا يكون في البلاد العربية جميعها من يتجرأ على منازعة عظمته .
وألان بالنظر لهذه التصريحات العدائية المعلنة لنواياه السيئة
وأطماعه الواسعة
التي لا أشك فيها ....
أن سيكون لها تأثير عظيم على مستقبل العراق
وبلاد العرب كافة
فأني أرى أن أعرض القضية
برمتها على أنظار حكومة جلالة الملك
قبل أن أقوم بأي عمل ماديا كان أم معنويا
وأنني أنتظر الجواب بأسرع ما يكون
محبكم فيصل ))
وما أشبه اليوم من البارحة
سبحان الله !!!!!
كان الملك فيصل الأول وكأنه يقرأ المستقبل
وهذا ما تحقق في ظل الغلو والتشدد
ولعل في مذكرات ( همفي ) بعض كثير من الحقائق
والحكم للتاريخ
ملحق الوزارة السادسة ( 5 )
الشيخ سالم آل خيون
هو رئيس قبيلة بني أسد
ويعتبر من كبار رؤساء القبائل المشهورين في العراق
وكان معروفا عنه مولاته للانكليز
أثناء الاحتلال البريطاني للعراق وسرعان ما انقلب عليهم
بسبب ربط العراق بمعاهدة طويلة الأجل مع المحتل الغازي
ولم يكتفي بذلك بل واستخف بالحكم الوطني القائم
فثارت القبيلة في وجه الحكومة
وقتلت إفرادا من الشرطة
(( عبد المحسن السعدون وزير الداخلية ) )
وكان عبد المحسن السعدون وزيرا للداخلية في تلك الحكومة
وطلب العون الجوي من القوات البريطانية
لقصف المتمردين
ولكن القوات البريطانية رفضت طلبه
بحجة أنها لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية في العراق
ما جعل وزير الداخلية عبد المحسن
إلى تشكيل قوة كبيرة من الشرطة وهاجمت المتمردين
ونجحوا في ذلك من باب التأديب
والقي القبض على الشيخ سالم .
وفي 17 كانون الأول من عام 1924م
صدر بلاغ رسمي من الحكومة العراقية
ومن ضمن الكلام الوارد في نص البلاغ مل يلي :
(( أن الشيخ سالم الخيون وبرغم نصائح الحكومة وإرشاداتها له
أظهر تمرده على السلطة
وشق عصا الطاعة وأخذ يحرض العشائر التي يتصل بها على التمرد
ويحبب أليها عصيان الحكومة
ولقد لقيت تحريضه ومفاسده التي زرعها بين العشائر
رواجا بين البعض منهم
ففجر الخلاف بينهم وتكبدوا خسائر في النفوس والأموال
وفوق ذلك فقد كان ديدانه إيواء المجرمين الفارين من وجه العدالة
ونخص منهم المتهمين باغتيال عبد الكريم السبتي
وكان يظهر استهتاره بسلطة الحكومة ))
و (( ورغبة في حقن الدماء
وإقرار الأمن والسلام
إلا أن تؤدب الشيخ المذكور فاتخذت ما يلزم من التدابير التأديبية
وأنزلت فيه العقاب الواجب
ولم يكن منه بعد أن لقي جزاء إعماله
ألا أن التجأ إلى الحكومة
وتدخل عليها وساد في تلك الربوع الأمن والسكينة ))
نشر هذا البلاغ في جريدة ( العالم العربي )
العدد 228 بتاريخ 18 كانون الأول سنة 1924م .
وفي رسالة خاصة إلى السيد عبد الرزاق الحسني كتب له حقيقة ما جرى من وقائع
وهذه نسخة من نص الرسالة كما هي :
رئيس عشيرة بني أسد : سالم الخيون
في 28 نيسان عام 1925م
الوثيقة 1
الوثيقة 2
حوكم الشيخ سالم أمام المحكمة الكبرى في البصرة
فحكمت عليه بالحبس الشديد لمدة ثلاث سنوات
بتاريخ 5 تشرين الأول عام 1925م
وبعد مدة توسط أمره لدى الملك فيصل الأول بعض رؤساء العشائر
فعفي عنه على أن يقيم في الموصل
ويقضي مدة الحكم الصادر في حقه في ربوعها .
وفي جلسة مجلس الوزراء
المنعقدة في 31 آب عام 1927م صدر القرار التالي :
(( تلي كتاب وزارة الداخلية
المرقم س 3057 والمؤرخ في 28 آب سنة 1927م
المقترح فيه منح الشيخ سالم الخيون راتبا شهريا قدره 500 روبية
ليستعين به على إدارة معيشته
فقرر مجلس الوزراء قبول هذا الاقتراح
على شرط
أن يسلك الشيخ سالم سلوكا حسنا ترضى عنه الحكومة
أما أذا سلك مسلكا بخلاف ذلك
فمن حق وزارة الداخلية أن تقطع عنه هذا الراتب ))
ويبدو أن أحوال الشيخ سالم المادية متدهورة في تلك المدة
وأنه فقد الكثير من النفوذ حتى تجعل له الدولة راتبا شهريا !!!!
وهو زعيم كبرى العشائر العراقية
وهذا المبلغ يعني في ذلك الوقت حياة معيشية لائقة .
خالص احترامي
ملحق الوزارة السادسة ( 6 )
الشيخ محمود الحفيدوهو من أسرة عالية المقاممعروفة وعريقة وهي
( أسرة كاكا أحمد )
والتي يرتقي تاريخها إلى زمن البابانيين
( إلى نحو 180 سنة ) مضتولها شعائر وآداب تخصهاوعميد هذه الأسرة هو( كاكا أحمد بن الشيخ معروف النودهي )وله مقامه الرفيع
بين الطبقات الكردية كافةوله كلمته التي لا تردوبلغ من احترام حاشيته وإتباعه لهأن رفعوا منزلته إلى
مقام الأولياء فأصبح ولياوعظم قدره وشأنهحتى انقادت جميع الطبقات الكردية الساكنة في تلك الإطراف إلىتعاليمهفلما توفي الشيخ أحمدخلفه حفيده الشيخ سعيد
ومن بعده الشيخ محمود الذي سمي بالحفيدوهو شخصية في غاية الكياسة والرقيوله شعبية واسعة
ليس في السليمانية فقط
بل في كل إنحاء كردستان عامة .
هذا النفوذ الواسع
والذي كان يتضاعف كل يوممع تكاثر إتباعه بين القبائل الكردية المجاورة للسليمانية وكركوكجعله في موقف قوي جداحتى نال ثقة السلطان العثماني عبد الحميدوكان الشيخ سعيد من المقربين لهوصار يغدق عليه بالهدايا والنعموهذا ما جلب للشيخ سعيد
الكثير من الخصوم والحساد ....... وحين أطاح الاتحاديون بعرش السلطانبعد إعلان الدستور في عام1908متغيرت المعاملة معه
من قبل حكومة ( الأستانة )
فأمرت بإبعاده وولديه أحمد ومحمود
وسائر خدمه إلى الموصلوكان الشيخ يأمل
في أن يعيش حياة هادئة في الموصلولكن حدث ما لا يحدث في الحسبانففي اليوم الثاني
لعيد الأضحى كانون الأول 1908مخرج الشيخ سعيد
وولداه أحمد ومحمود
وخادم لهم أسمه بهاء عبد اللهفي
نزهة العيدوكان مسيرهم في منطقة ( باب الطوب )
وسط الموصلويظهر أن بهاء كان ثملا أو غير ذلكوتعرض إلى أحدى النساءويبدو أن المرأة استنجدت بالناسوتحول الأمر إلى الاشتباك والقتال
وقتل بهاءوهجم الناس على دار الشيخ سعيدوحسب المعلومات المتوفرةأن الشيخ سعيد
قتل بطريقة بشعة
وهو في طريقه إلى دار الحكومةوقتل ولده أحمد
وخادمه الشخصيالذي كان يحمل القرآن أمامهوكل ظنه أن حمله لكتاب الله عز وجلسيردع الناس
من قتل الشاب احمد بن الشيخ سعيدوقيل أنه ضرب وصاحبه
بدون شفقة ولا رحمة حتى فارقا الحياةأما محمود فأنه نجي بأعجوبةوهرب من الموصلوعاد إلى السليمانية ليصبح ......
زعيم القضية الكردية بعد حين . ولكن العداء
وصل بين معظم العائلات الكردية العريقة والعربإلى درجة حتى رفض التزاوج بينهمابعكس الكوردالفيليةويروي شاهد عربي على ذلكأنه تقدم للزواج من فتاة
إحدى الأسر التي تنحدر من السليمانية
ورفض طلبه !!!
لا لشخصه
ولكن خوفا من تبرأ تلك العشيرة منهموهم أن قالوا ( نا ) وتعني ( لا )
هو ( نا ) في نهاية المطاف .
من هنا نرى أن شخصا
وفي حالة غير مستقرةسبب عداوة لم تمحى من الذاكرة الكردية
حتى يومنا هذاومن يتعمق في هذا المشكل
يجد أن الطرف الكرديوجد أن الحادث لا يستوجب ما حدثويجب أن يعاقب المتسبب فقطوليس قتل شخصية لها مكانة اجتماعية مرموقة في منطقتهاوالشيخ سعيد والده في نظر أهله
من أولياء الله الصالحين !!!!!؟والطرف الأخر صنفها
ردة فعل غير منضبطةعلى اعتداء سافر
من شخص هم ضيوف عليهموعلى الغريب أن يكون أديب .
فإذا كان عرب الموصل
تناسوا هذه الجريمة المروعةفأن الأكراد لم ينسوا ما حدث أبداولهم الحق في ذلكبل أن حقدهم شمل العرب كلهممن مبدأ أن العرب
لا يراعون حرمة الضيف
والدفاع عنه ...
واعتبروها جريمة كبرى لا تغتفروسنرى ما حدثفي الملحق القادم
[SIZE=4]ملحق الوزارة السادسة ( 7 )
الشيخ محمود الحفيد
نعود إلى القضية الكردية
والشيخ محمود الحفيد
فعندما أندحر الجيش العثماني التركي في العراق
وترك بغداد في أوائل عام 1917م
أراد علي إحسان باشا القائد التركي المشهور أن يستفيد من نفوذ الشيخ محمود
وقدم له مبلغ 5000 ليرة عثمانية ذهبا
ليصرفها في مشاغلة القوات البريطانية في إطراف مدينة كركوك
التي استولت عليها القوات البريطانية في عام 1918م
فلما عقدت معاهدة ( مدروس )
وهي الهدنة التي استسلمت تركيا بموجبها
ابرق علي إحسان باشا إلى حامية السليمانية
بتسليم زمام أمور هذا اللواء إلى الشيخ محمود الحفيد
فيحكم فيه باسم الدولة العثمانية
ويبقى الفوج التركي المرابط هناك تحت إمرته وتصرفه .
ومرت الأيام والشيخ محمود لا ينسى غدر الأتراك
الذين كانوا السبب الرئيسي في مقتل والده وأخيه وقرر الغدر بهم
واخذ يتقرب من الانكليز
وأعلن استعداده التام لتسليم لواء السليمانية لهم دون قيد أو شرط
وتداول مع إتباعه ورجاله
وأرسل رسالة سرية إلى القائد البريطاني ولسن حاكم لواء كركوك
وعرض عليه تشكيل حكومة في منطقة السليمانية
يقوم هو بتشكيلها ويترأسها باسمهم وفي ظل انتدابهم
فرحبت السلطات البريطانية بهذا العرض
وهي تعرف جيدا
أن الشيخ محمود له مزايا القائد المحنك
وفي شهر تشرين الثاني عام 1918م
تم احتلال السليمانية واسر رجال الفوج التركي
وقررت تنصيب الشيخ محمود حاكما للواء السليمانية
وجعلت الميجر ( نوئيل ) مستشارا ملكيا له
والميجر ( دانليس ) مستشارا عسكريا
وهكذا أصبح الشيخ محمود السيد المطاع
المرهوب الجانب على تلك الإطراف .......
وكانت حكومته نواة لحكومة كردستان
التي أشارت إليها معاهدة سيفر في المادة 62 و63 و 64
وذكر ذلك الأستاذ رفيق حلمي في ص1 إلى ص55 من مذكراته .
ولكن الانكليز سرعان ما أدركوا خطورة هذا الرجل
في رغبته في التوسع
فوجدت من الأفضل أن تقلل من نفوذه
وأخذت المعونة المالية التي كانت تقدمها للشيخ محمود الحفيد تتقلص تدريجيا
وأخذ الانكليز بخبثهم المعروف بتحريض رؤساء العشائر الكردية عليه
وعلى تفتيت أنصاره والتقليل من شأنه
وتشويه سمعته
وكانوا على وشك الانقضاض عليه .
لكن الشيخ محمود شعر بالخطر يتربص من حوله
وخشي من عواقب غدر الانكليز
قرر بسرعة ضرورة أن يتغذى بهم قبل أن يكون عشاء لهم
كان يعرف أن معظم الشعب العراقي كان مستاء من السياسة البريطانية
ووجد أن الفرصة متاحة له لكي ينقض على الانكليز
فأعلن ثورته عليهم في شهر أيار عام 1919م
واحتل السليمانية في 21 أيار
بعد أن دحر قوات التيارين من ( الليفي ) التي استعان بهم الانكليز
شتت شملها والقي القبض على الموظفين البريطانيين فأسرهم
واستولى على الخزينة والكتب والسجلات
وقطع أسلاك البرق بين السليمانية وكركوك
ووضع علما خاصا مكونا من هلال احمر في أرضية خضراء
شرع في إصدار طوابع بريدية خاصة .
هذا الانتصار الساحق جعله يتمادى أكثر في استغلال الفرصة
وسرعان ما تقدم مع إتباعه المخلصين
إلى مضيق ( طاسلوجة ) وهجم على الجيش البريطاني المرابط هناك
في هجوم عنيف فدمره شر تدمير وأسر الضباط والجنود
واستولى على كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد
واستغل تراجع القوات البريطانية أفضل استغلال
زحف إلى مضيق ( دربند ) وكان الانكليز في وضع نفسي متأزم
وقد هالهم ما فعله الشيخ محمود الحفيد بهم
حتى قامت قوات الاحتلال البريطاني بتوجيه الفرقة العسكرية 18
العاملة بقيادة الجنرال ( فريزر )
بالتوجه لقمع ثورة الشيخ محمود
وفي 28 أيار من عام 1919م كان البيان التالي
من القيادة العسكرية البريطانية :
(( أن الشيخ محمود
قبض على زمام الحكم في السليمانية بغتة يوم 21 أيار
وأخذ بعض الضباط والإفراد البريطانيين هناك بصفة أسرى
لذلك سارت قوة من جنودنا حالا إلى ( جم جمال )
وأن قوة من جنودنا مجهزة بكل أنواع المعدات الحربية
تحتشد ألان في كركوك ))
هذا البيان المتسرع
يعطي صورة واضحة لحالة التخبط
التي كانت تعاني منها السلطات العسكرية البريطانية
وأصبح وبالا عليها
مع انتصار الشيخ محمود عليهم
وبسبب هذا البيان توسعت الثورة
وثارت ( رانية ) و ( حلبجة ) و ( كويسنجق )
في وجه السلطة العسكرية البريطانية
وأحرجت موقفها المتأزم أصلا
كان لا بد من عمل عسكري واسع
لاحتواء الثورة في أسرع وقت ممكن .
ترى ماذا حصل ؟
وللمرة الثالثة
يتعرض الشيخ محمود الحفيد للغدر والخيانة