المقابلة
أسلوب في التعبير يقوم على مبدأ إقامة تضادّ بين الألفاظ والمعاني والأفكار والصور تحقيقاً لغايات بلاغية وقيم فكرية . وهي تُعدّ من الأساليب البارزة التي يجيء الاعتماد عليها عن قصد ، وفي مواضع كثيرة من القرآن العظيم ، كما أنّ الأدب العربي بشعره ونثره قد تميّز بها ، وبخاصّة الشعر الجاهلي . ومع أنّ المقابلة في مذهب أغلب القدماء محسّن بديعيّ ، غير أنّ المتأمّل في دِلالاتها واستخداماتها الكثيرة يرى أنّ لها أغراضاً أبعد من ذلك ، فهي فنّ بلاغيّ ، وطريقة في أداء المعنى لها آثارها وقيَمها البعيدة ، كما أنّها تساهم في إبراز كثير من المعاني بما فيها من ثنائيّة وتضادّ .
وأصل المقابلة من قابل الشيء بالشيء مقابلة وقِبالاً إذا عارضه ، فإذا ضممتَ شيئاً إلى شيء تقول : قابلتُه به . والمقابلة : المواجهة ، والتقابل مثله وهو نقيض التدابر ، وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى في وصف أهل الجنة : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) [الحجر: 47] . قال أهل التفسير : إنّ التقابل في هذه الآية هو التواجه بحيث لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه ، لأنّ الأَسِرَّة تدور بهم حيث داروا فهم في جميع أحوالهم متقابلون .