ذهبت الى مقر الامم المتحدة
في الموعد المحدد
جلست على الرصيف المقابل للمبنى لثلاث ساعات
كنت اراقب الناس هنا واحاول معرفة كل شئ عنهم
ماذا يضر
فانا متسكع في شارع الغربة
ناداني الساعي قائلا : سيقابلك المدير
دخلت المبنى بعد اجراءات التفتيش الاعتيادية
اجلسوني في الممر اياه
انتظرت ما يقارب نصف ساعه
وادخلني الساعي الى غرفة المدير
كان كالعادة يعبث بجهاز الكومبيوتر خاصته ولم يرفع رأسه بل اشار لي بيده لاجلس
وجلست على كرسي قبالته وانا انتظر ما سيقوله
بعد مرور عشرة دقائق نظر الي وابتسم ابتسامة منتصر
وقال : عدد لي الوحدات العسكرية التي خدمت فيها والتواريخ بالتفصيل
قلت : طبعا سؤال صعب ان اتذكر التواريخ بالضبط
قال : لا بأس ان كان تقريبيا
فبدأت اعدد له الوحدات والتواريخ بالتقريب
وكان ينظر في جهازه ويهز رأسه علامة ايجاب
لقد فاجأني ان لديه خط خدمتي العسكرية كاملا ومفصلا
ولم لا .... ربما حصل على قرص عن ادارة الضباط يبين المعلومات مفصلة
ولكن باي طريقة حصل عليه ؟
قال : والان ... اريدك ان توضح لي مواقع وحدات الفيلق الخامس الذي كنت تعمل فيه قبل هروبك
.... خذ وقتك بالتذكر
كما اريد ان تقول لي هل يوجد في مقر الفيلق مدفع عملاق عيار 210 ملم يعمل بامرة القائد فقط ؟
وما هو موقف الفيلق من الدروع ؟
والعدد التقريبي للعاملين فيه ؟
زودنا باسماء ضباط حاقدين على النظام وعلى استعداد للانقلاب ضده ؟
مع ذكر عناوينهم مفصلة ؟
تذكرت ما قاله لي احد اللاجئين الذين تم رفض طلبهم من قبل هذا المحامي اذ قال :
هذا المحامي يجمع معلومات ويبيعها لاجهزة استخبارات متنوعه مقابل المال !
هل اصبحت قضيتنا تجارة ؟
ربما كان ما قاله هذا اللاجئ صحيحا ... وربما كان يحاول النيل من المحامي لانه كان سبب رفضه
في الحالتين لا علاقة لهذه الاسئلة بقضيتي الاساسية ..... ولست مجبرا على تقديم المعلومات
انها معلومات عن بلدي وجيشه وليست عن النظام
فبالاخر الجيش جيش العراق
قلت : هل الاجابة اجبارية على هذه الاسئلة ؟
هز رأسه بالايجاب وهو ينظر الي نظرة ثاقبة .... اعترف انها اربكتني
قلت : ولكنها لا تمس قضيتي ؟
قال : نحن نعرف الاجابات على وجه الدقة .... ولكننا نريد ان نتأكد من انك فعلا خدمت هناك
.... هل اصدق ما يقول ؟ ربما كانت معلومات متوفرة لديه
وربما يريدني مصدرا لتأكيدها قبل ان يبيعها ؟ ..... وربما انا اهلوس ؟
يجب ان اتخذ قرارا ما ... كانت الاجابات جاهزة عندي ومفصلة
حتى انني رأيت المدفع بام عيني وكان محاطا بسرية تامة وحوله ساتر ترابي لا يتجاوزه احد
وتكلمت مطولا مع احد الضباط المدفعيين من دورتي حوله
قال : اذهب الى الصالة وارتح قليلا ودخن سيكارة
ونادى على الساعي طالبا منه ان يحضر لي شايا في الصالة
جلست على المسطبة الخشبية ادخن واحتسي شايا وعقلي يعمل بشكل سريع
ماذا سأفعل ؟
حسنا هل اللاجئ الذي قال لي ما قال صادق ام كاذب ؟..... الاحتمالان واردان
ربما المعلومات التي ساقدمها لن تقدم او تؤخر شيئا ؟
ماذا لو تم رفض طلبي للجوء اذا لم اجب عن اسئلته ؟
الى اين سأذهب وماذا سأفعل ؟
ارى ان خياراتي محدودة .... وربما معدومه
ولماذا اكترث .... وانا ضحية ظلم النظام ؟
فليسقط النظام وكل من يقف الى جانبه جيشا ام حزبا ام شيطانا ؟
تركيا لا تقبل اللاجئين ولا تمنح اللجوء
اذا تم رفضي وانتهت مدة اقامتي سيعيدونني الى العراق مخفورا وسيسلموني الى النقطة الحدودية
والتي بدورها ستسلمني الى النظام .... الى منظومة الاستخبارات الشمالية تحديدا ....
وانا اعرف المسوخ العاملين فيها وامرها ... سوف لن يرحموني
سرت قشعريرة في بدني لمجرد تفكيري
بانني ساقع بين ايديهم مرة اخرى وتضاف الى قائمة الاتهام تهم جديدة
الهروب من الخدمة العسكرية , تزوير وثيقة سفر , تجاوز الحدودالدولية
واكيد تهمة التعامل مع الامم المتحدة وافشاء الاسرار لها
ترى ماذا سيحكمون علي .... كم اعداما سيحكمني امر المحكمة الخاصة
في جهاز الامن الخاص ؟
الى هذا الحد من التفكير لم اعد قادرا على المقاومة
فتح الباب وناداني المحامي
دخلت
قال : حسبتها زين ؟
قلت : نعم استاذ حسبتها زين
قال : اجلس وجاوب ... وابتسم ابتسامة المنتصر
قلت في نفسي : والله ما اخليك تبتسم يا ابن الكــ ...
قال : انا اسمع
قلت : ارفض
قال : ترفض ماذا ؟
قلت : الاجابة على اسئلتك ؟
قال : ولكنك ستعرض مستقبلك للخطر ؟
قلت : طز
قال : تفضل اطلع بره وروح
استدرت وخرجت
لكنني احسست بعبء كان ينوء به كاهلي ورفع عنه
انطلقت في الشارع وانا ابتسم مع نفسي
سيرفض طلبي
فليرفضه ... ربما حتى لو اجبت عن اسئلته لكان رفضني لانه لم يرتح لي منذ البداية
فلاذهب الى صديقي في المطحنه لاشرب معه شايا ونتكلم في الموضوع
يتبــــــــــــــــــــع
رد مع اقتباس
